Professional Documents
Culture Documents
التوابع
التوابع
التوابع جمع التابع ،وهو اللفظ المتأخر الذي يتقيد في نوع إعرابه باللفظ المتقدم عليه
ويسمى (المتبوع) بحيث ال يختلف الالحق عن السابق في الحكم اإلعرابي ،فإذا كان
اللفظ المتقدم مرفوعا ،أو منصوبا ،أو مخفوضا ،أو مجزوما ،وجب على اللفظ المتأخر
أن يسايره في ذلك ،تقول :أقبل أخي الوفي ،ورأيت أخي الوفي ،ونظرت إلى أخي
الوفي ،وتقول :لن أفرح وأطرب برؤية األعداء ،ولم أفرح وأطرب بسماع السوء .
وعددها خمسة هي :النعت ،والتوكيد ،وعطف البيان ،وعطف النسق ،والبدل ،وعدها
بعض النحاة كالزجاجي أربعة بإدراج عطف البيان والنسق تحت مسمى (العطف) وهو
ما اختاره ابن مالك في قوله :
النــــعت :
أوال :تعريفه :ترد كلمة النعت في اللغة العربية لمعنى الوصف ،تقول :نعت فالنا
بكذا إذا وصفته بما هو فيه ،ويقال له أيضا الصفة .
أما في اصطالح النحاة فقد عرف بأنه التابع المشتق أو المؤول به ،المباين للفظ متبوعه
،المتمم له ببيان صفة من صفاته ،أو ما تعلق به .
ثانيا :العامل فيه :ذهب جمهور النحاة إلى أن العامل في النعت هو :نفس العامل
في المنعوت (وهو إما الفعل أو ما يقوم مقامه من المشتقات العاملة أو المؤولة بها) وهو
1
األصح األرجح عندهم ،وبيان ذلك أنك لو قلت مثال :قدم محمد الكريم ،فكل من
المنعوت (محمد) ونعته (الكريم) مرفوع بالفعل (قدم) .
-1توضيح المنعوت المعرفة :والمراد به رفع االشتراك اللفظي الذي يكون في المعارف
،ودفع االحتمال الذي يتجه إلى مدلولها؛ فهو جار مجرى بيان المجمل ،نحو :جاء
خالد الشاعر ،فلفظ (خالد) وإن كان معرفة إال أنه قد يشترك فيه أكثر من شخص
مسمى بهذا االسم ،فإذا وصفته وقلت ( :الشاعر) يخرج بهذا الوصف من ليس شاع ار
.
-2تخصيص المنعوت النكرة :والمراد به تقليل االشتراك في النكرات فهو جار مجرى
تقييد المطلق كما لو قلت :جاء رجل ،حيث يدخل في مسمى (رجل) كل ذكر من بني
آدم ،فإذا نعته وقلت ( :طويل) خرج من ليس طويال ،والمراد بتقليل االشتراك في
النكرة تقليل أفرادها وتضييق عددها فقط ،إذ لفظ (طويل) لم يحدد بالضبط الرجل اآلتي
،ولكنه ضيق دائرة تنكيره ،فعلمنا أن اآلتي واحد من الرجال الطوال ال القصار وال
المربوعين .
-3المدح :وهو الثناء على الممدوح ببيان صفة كماله ،وذلك حينما يكون المنعوت
معلوما عند المخاطب قبل النعت ،نحو :بسم هللا الرحمن الرحيم فـ (الرحمن الرحيم)
نعتان للفظ الجاللة لغرض المدح والتعظيم هلل – تعالى . -
2
-4الذم والتحقير :نحو أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ،فـ (الرجيم) بمعنى المرجوم
نعت لـ (الشيطان) وليس الغرض منه التخصيص أو التوضيح ؛ ألنه معلوم ،بل لمجرد
الذم والتحقير .
-5الترحم :وهو إظهار الرحمة والحنان للغير نحو :اللهم ارحم عبدك المسكين فـ
(المسكين) نعت للعبد ،وليس الغرض منه المدح ،أو الذم ،أو التوضيح ؛ ألن الكل
محتاج إلى هللا ،وإنما هو لالستعطاف واالسترحام .
-6التوكيد :وهو تقوية المعنى المعلوم في المنعوت نحو قوله تعالى ( :فإذا نفخ في
الصور نفخة واحدة) فـ (واحدة) نعت لـ (نفخة) وهو لمجرد التوكيد فقط ؛ ألن معنى
األحادية معلوم من قبل الوصف من صيغة المرة (فعله) ومثله قولهم :مضى أمس
الدابر ،فكلمة (الدابر) نعت لما قبلها ،ولم تذكر للتفريق بين أمسين أحدهما دابر
واآلخر غير داب ر ،ولم تذكر للتحقير أو الثناء ،وإنما ذكرت لتوكيد معنى االنقضاء
المفهوم من (أمس) .
رابعا :أقسامه:
ينقسم النعت باعتبار داللته على موصوفه إلى قسمين نعت حقيقي ،ونعت سببي .
-1النعت الحقيقي :وهو ما دل على معنى في نفس منعوته األصلي ،وعالمته أن
يرفع ضمي ار مستت ار يعود إلى منعوته ،نحو :استمعت إلى خطيب فصيح اللسان ،
فكلمة (فصيح) نعت حقيقي ،ومنعوته األصلي هو (خطيب) .
3
وحكم النعت الحقيقي أنه يتبع منعوته ويطابقه مطابقة تامة في اإلعراب ،والتذكير
والتأنيث واإلفراد والتثنية والجمع والتعريف والتنكير .فمثال التطابق في اإلعراب :
-جاء الرجل الفاضل ،ورأيت الرجل الفاضل ،ومررت بالرجل الفاضل .
-جاء الرجل الفاضل ،وجاء الرجالن الفاضالن ،وجاء الرجال الفضالء .
ويستثنى من ذلك أمور ال تجب فيها المطابقة المتقدمة بين النعت الحقيقي
ومنعوته منها :
-1األلفاظ التي تلزم صيغة واحدة في التذكير والتأنيث كـ (فعول) بمعنى فاعل نحو :
صبور بعنى صابر ،أو (فعيل) بمعنى مفعول نحو :جريح وقتيل بمعنى مجروح ومقتول
،ومنها عجوز ومعطار ،فهذه الصيغ إذا نعت بها ال تحلقها عالمة التأنيث وإنما
تالزم التذكير إفرادا وتثنية وجمعا ،تقول :هذا رجل جريح ،وهذه امرأة جريح ،وهذا
رجل قتيل ،وهذه امرأة قتيل ،وهذا رجل عجوز ،وهذه امرأة عجوز ،وهذان رجالن
عجوزان ،وهاتان امرأتان عجوزان ،وهؤالء رجال عجز ،وهوالء نسوة عجز .
4
-2إذا كان المنعوت جمع تكسير مذكر غير عاقل فيجوز في نعته الحقيقي أن يكون
مفردا مؤنثا ،أو جمعا مؤنثا سالما ،أو جمع تكسير للمؤنث تقول :اقتنيت الكتب
الغالية أو الكتب الغاليات أو الكتب الغوالي .
وقد ورد األوجه الثالثة في القرآن الكريم ،قال تعالى :ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ ،
وقوله تعالى :ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭼ ،وقوله تعالى :ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ.
-3إذا كان المنعوت اسم جنس جمعي (وهو ما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء) نحو :
نخل ونخلة ،فإنه يجوز في نعته اإلفراد مع التذكير أو اإلفراد مع التأنيث قال تعالى :
ﯷ ﯸ ﯹ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﭼ وجاء في موضع آخر :ﭽ ﯶ ﯙ ﯚ ﭽﯘ
ﯺ ﭼ .
-4إذا كان المنعوت تميي از لألعداد المركبة ،أو المعطوفة ،أو ألفاظ العقود فإنه يجوز
في النعت اإلفراد مراعاة للفظ المنعوت ،أو الجمع مراعاة لمعنى الجمعية تقول :جاء
خمسة عشر طالبا ذكيا أو أذكياء ،وحضر عشرون رجال أدبيا أو أدباء ،وقدم خمسة
وثالثون عالما محنكا أو محنكين .
-2النعت السببي :وهو ما دل على معنى في شيء بعده له صلة أو ارتباط بالمنعوت
،وعالمته أن يرفع اسما ظاه ار مشتمال على ضمير يعود إلى المنعوت مطابق له في
اإلفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث نحو :أقبل محمد الكريم أبوه ،فـ (الكريم) ليس
نعتا لـ (محمد) وإنما هو وصف لألب ،ولكن األب ليس اسما أجنبيا عن (محمد) بل
يربط بينهما سبب وهو رابط األبوة ،ولذا سمي النعت السببي .
5
وحكم النعت السببي أنه يتبع منعوته ويوافق ما قبله في اإلعراب والتنكير والتعريف ،
ويطابق ما بعده في أمر واحد وهو التذكير والتأنيث ويحتفظ لنفسه باإلفراد فال يثنى وال
يجمع وإن كان منعوته مثنى أو مجموعا على اللغة الفصيحة .
-فمثال مطابقته لما قبله في التنكير :هذا رجل فاضل أبوه فـ (فاضل) نعت سببي لـ
(رجل) وقد تبع منعوته في الرفع والتنكير كما ترى .
-ومثال مطابقته لما قبله في التعريف جاء الرجل الفاضل أبوه فـ (الفاضل) نعت سببي
لـ (الرجل) وقد تبع منعوته في التعريف كما يبدو .
-ومثال مطابقته لما بعده في التذكير :هذه غرفة مفتح أبوابها ،فجاءت (مفتح)
بالتذكير على الرغم من أنها نعت سببي لـ (غرفة) المؤنثة؛ ألن ما بعدها مذكر (أبواب
جمع باب) ومثله في قوله تعالى ( :ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) .
-ومثال مطابقته لما بعده في التأنيث :حفظت صنيع زيد الكريمة أمه فـ (الكريمة)
نعت سببي لـ (زيد) المذكر ،وقد جاءت بالتأنيث تبعا لما بعدها وهو لفظ (األم) المؤنث.
-وتقول :جاء الرجل الفاضل أبوه ،وجاء الرجالن الفاضل أبوهما ،وجاء الرجال
الفاضل أبوهم ،بإفراد النعت السببي في األحوال الثالثة .
-1االسم المشتق :وهو ما دل على حدث وصاحبه ،والمراد بصاحب الحدث من قام
به الفعل أو اتصف به أو وقع عليه أو منه ،ويشمل المشتقات العاملة وهي اسم الفاعل
نحو :جاء الطالب المجتهد ،واسم المفعول نحو :جاء الطالب المحبوب ،والصفة
المشبهة نحو :جاء زيد الكريم ،واسم التفضيل نحو :زيد شاعر أجود منه كاتب .
6
أما المشتقات غير العاملة كاسمي الزمان والمكان واسم اآللة فال ينعت بها؛ ألنها ال تدل
على صاحب الحدث ،فال يقال :رأيت مكانا ملعبا ،يريد وصف المكان بأنه ملعب .
-2الجامد المشبه للمشتق في المعنى :وهو ما كان صالحا للتأويل بالمشتق ويشمل :
أ -اسم اإلشارة :نحو :خذ الكتاب هذا ،والتأويل :خذ الكتاب المشار إليه وهو معرفة
فال يقع إال نعتا للمعرفة .
ب( -ذو) المضافة إلى اسم جنس بمعنى صاحب وفروعها :وهي (ذوا ،وذوي ،
وذووا ،وذوي ،وذات ،وذواتا ،وذوات) وال تكون إال نعتا لنكرة تقول :هذا رجل ذو
فضل ،والتأويل :هذا رجل صاحب فضل ،وتقول :هذه امرأة ذات فضل ،والتأويل :
هذه امرأة صاحبة فضل .
ج -الموصوالت االسمية بشرط أن تكون مقرونة بـ (أل) نحو :الذي والتي والذين
والالتي ،تقول :جاء الطالب الذي فاز بالجائزة ،وجاءت الطالبة التي فازت بالجائزة ،
والتقدير :الفائز أو الفائزة بالجائزة ،كما يجوز النعت بـ (أل) الموصولية أيضا على
نحو ما جاء في قول بعضهم :
من القوم الرسول هللا منهم ** لهم دانت رقاب بني معد
د -االسم الجامد الدال على النسب نحو :هذا رجل شامي ،والتأويل :هذا رجل
منسوب إلى الشام .
هـ -اسم العدد :نحو جاء رجال خمسة ،والتأويل جاء رجال بالغون في العدد خمسة .
7
و -االسم الجامد الدال على التشبيه :نحو :هذا رجل أسد ،والتأويل :هذا رجل شجاع.
ز( -ما) النكرة :نحو :اق أر كتابا ما ،والتأويل :اق أر كتابا مطلقا ،أي غير محدد .
ك -كلمتا (كل وأي) الدالتان على استكمال الموصوف للصفة نحو :أنت رجل كل
الرجل ،والتأويل :أنت رجل كامل في الرجولية ،ونحو :أنت رجل أي رجل ،والتأويل
أيضا :أنت كامل في الرجولية .
أ -أن يكون منعوتها نكرة نحو :أقبل فارس يبتسم ،فجملة (يبتسم) في محل رفع نعت
لـ (فارس) النكرة .
أما إذا كان المنعوت معرفة نحو :أقبل الفارس يبتسم ،فإن الجملة الفعلية (يبتسم) في
محل نصب حال ،والقاعدة النحوية (الجمل وأشباه الجمل بعد النكرات صفات وبعد
المعارف أحوال) .
ب -أن تكون الجملة النعتية خبرية محتملة للصدق والكذب نحو :جاء رجل ثوبه جديد
،وال تصلح الجمل اإلنشائية أن تكون نعتا ،نحو :رأيت مسكينا عاونه ،وشاهدت
محتاجا هل تساعده ؟
ج -أن تكون الجملة مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف كما في قوله تعالى :ﭽ ﯸ
ﯽ ﭼ فجملة (ترجعون) في محل نصب نعت لـ (يوما) النكرة ،والضمير ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ
الرابط هو (فيه) .
أ -أن يكون مالزما لإلفراد والتذكير فال يؤنث وال يثنى وال يجمع تقول :هو رجل ثقة ،
أي :موثوق به ،وهذا رجل عدل أي :عادل .
ﭳ ﭼ أي ج -أن ال يكون مصد ار ميميا كما في قوله تعالى :ﭽ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
:إلى طلوع الفجر .
المراد بقطع النعت جعله على خالف متبوعه في الحركة اإلعرابية على اعتباره طرفا في
جملة مستقلة نحو :جاء زيد الشاعر فـ (الشاعر) لم تعد نعتا لزيد ،وإنما هي مفعول به
في جملة مستقلة فعلها محذوف ،فإن كان الوصف يراد به الثناء يكون تقدير الفعل
المحذوف (أمدح ) كما في المثال السابق ،وإن كان الوصف يراد به التحقير نحو :جاء
زيد الخائن ،يكون تقدير الفعل المحذوف (أذم) أي :أذم الخائن ،وإن كان الوصف يراد
به الترحم نحو :جاء خالد المسكين ،فالفعل المحذوف يقدر بـ (أرحم) أي :أرحم
المسكين ،وإن لم يكن الوصف مشع ار بمدح أو ذم أو ترحم نحو :جاء عمرو العطار ،
فالفعل المحذوف يقدر بـ (أعني) أي :أعني العطار .
9
ويكون القطع بالنصب ،إذا كان المنعوت مرفوعا كما في األمثلة المتقدمة ،ويكون
بالرفع إذا كان المنعوت منصوبا نحو :رأيت زيدا الشاعر ،ورأيت عم ار الخائن ،ورأيت
عليا المسكين ،وهكذا ،والنعت المقطوع هنا يعرب خب ار لمبتدأ محذوف تقديره هو .
يجوز أن يتعدد النعت لمنعوت واحد نحو :جاء زيد الشاعر الفقيه الكاتب ،وأن يتعدد
النعت والمنعوت متعدد أيضا نحو :جاء زيد وعمرو الكاتب والشاعر ،ولكل منهما
أحكام تخصه يمكن أن نجملها في اآلتي :
-1إذا لم يتحدد المنعوت إال بذكر جميع النعوت وجب اتباع هذه النعوت جميعا وال
يجوز فيها القطع تقول :جاء زيد الشاعر الفقيه الكاتب ،برفع الجميع على اإلتباع .
-2إذا كان المنعوت متعينا بغير نعوته جاز فيه اإلتباع والقطع ،تقول :جاء زيد
الشاعر الفقيه الكاتب ،باالتباع ،أو جاء زيد الشاعر الفقيه الكاتب ،بالقطع .
-وإنما يجوز ذلك إذا لم يكن هنالك إال زيد واحد يكفي في تعيينه وتحديده مجرد النطق
باسمه .
-1إذا تعددت المنعوتات والنعوت فإن كانت كلها بلفظ واحد فإنها تثنى أو تجمع،
تقول :جاء زيد وعمرو الشاعران ،وجاء زيد وعمرو وخالد الشعراء .
10
-2وإذا كانت النعوت بألفاظ مختلفة وجب التفريق بينهما بالواو ،تقول :جاء زيد وخالد
وعمرو الشاعر والفقيه والكاتب ،فيكون األول للمنعوت األول ،والثاني للثاني ،والثالث
للثالث .
-3وإذا كانت المنعوتات معمولة لعامل واحد وجب االتباع في النعوت رفعا ونصبا وج ار
،تقول :جاء زيد وعمرو وخالد العاقلون ،ورأيت زيدا وعم ار وخالدا العاقلين ،ومررت
بزيد وخالد وعمرو العاقلين .
-4وإذا كانت المنعوتات معمولة لعوامل متعددة وجب القطع نحو ،جاء زيد وذهب
عمرو العاقلين بنصب (العاقلين) على القطع وتكون مفعوال به لفعل محذوف .
يجوز حذف كل من النعت والمنعوت إذا كان في الكالم ما يدل عليهما .
-فأما المنعوت فيكثر حذفه إذا كان نعته غلب عليه في االستعمال نحو :أقمنا في
البطحاء فـ (البطحاء) وصف لألرض ،ولكن لما كان البطحاء ال يوصف بها إال
المكان المتسع استغنت العرب عن ذكره واكتفت بذكر النعت فقط .
ومن هذا القبيل قولهم :ضربت باألبيض أي :السيف األبيض ،وطعنت باألسمر أي
:بالرمح األسمر ،وجاءنا راكب أي :رجل راكب إذ ال يركب إال اإلنسان ،وقولهم :
رأيت األورق ،أي :الجمل األورق ،واألطلس ،أي :الذئب األطلس ،والورقاء أي :
الحمامة الورقاء .
11
-أما إن كانت الصفة غير غالبة على موصوفها فال يجوز حذف منعوتها منعا
لاللتباس فال تقول :رأيت قصي ار ؛ ألن صفة القصر ليست غالبة على شيء معين إذ
القصر يوجد في الثوب والقلم والرجل والباب وغير ذلك من األجناس .
-وأما النعت فحذفه قليل ،وال يحسن حذفه إال إذا قويت داللة الحال عليه ومن ذلك ما
حكاه سيبويه عن العرب (سير عليه ليل) يريدون ليل طويل ،ومن ذلك قوله تعالى :
(يأخذ كل سفينة غصبا) والتقدير :يأخذ كل سفينة صالحة غصبا .
12
التوكيــــد
التوكيد :ويقال له أيضا التأكيد ،إال أن األول هو األفصح واألكثر استعماال ،وبه نزل
القرآن ،قال تعالى :ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ وهو مصدر بمعنى المؤكد أي :من باب
إطالق المصدر لمعنى اسم الفاعل ،ويطق في لسان العرب لمعنى الشد والتقوية ،
تقول :وكدت األمر توكيدا وأكدته تأكيدا ،أي :شددته وقويته ،ومنه والوكاد وهو
الحبل الذي يشد به البقر عند الحلب وهو قسمان :توكيد لفظي وتوكيد معنوي .
تعريفه :وهو تكرار اللفظ وإعادته بعينه نحو :جاء زيد زيد ،وقدم قدم عمرو ،ونعم
نعم ،أو بمرادفه نحو قوله تعالى ( :فجاجا سبال) ألن معنى الفجاج والسبل واحد وإن
اختلفا في اللفظ ،ومثله :حقيق جدير ،وأجل جير ...الخ وال يكرر اللفظ للتوكيد أكثر
من ثالث مرات .
أغراضه :
-4وقد يأتي للتلذذ نحو :هللا هللا أفضل كلمة ينطق بها اللسان .
13
أنواعه :للتوكيد اللفظي أنواع أربعة :
فـ (أخاك) األولى منصوبا على االختصاص و(أخاك) الثانية توكيد لها (وهي اسم) .
فأين إلى أين النجاة ببغلتي ؟ ** أتاك أتاك الالحقون احبس احبس
فـ (أتاك) األولى فعل ماض ،وفاعله (الالحقون) و(أتاك) الثانية توكيد لفظي (وهي
فعل) .
فـ (ال) األولى للنفي ،و(ال) الثانية توكيد لفظي ( ،وهي حرف) .
-4أن يكون اللفظ المكرر جملة كقول مقيم الصالة :قد قامت الصالة قد قامت
الصالة ،فالجملة الخبرية الثانية (قد قامت الصالة) جاءت مؤكدة لألولى .
-1يؤكد االسم الظاهر بتكرار لفظه نحو :جاء زيد زيد ،ومنه قوله صلى هللا عليه
وسلم ( :أيما امرأة نكحت نفسها بغير ولي فنكاحها باطل باطل باطل) أخرجه ابن ماجة
والدارمي .
14
-2ويؤكد اسم الفعل أيضا بتكرير لفظه فقط نحو :هيهات هيهات السفر ،وقوله تعالى
ﭼ . ﯚ :ﭽ ﯗ ﯘ ﯙ
-3ويؤكد الفعل أيضا بإعادة لفظه أو مرادفعه فقط نحو :جاء جاء الحق ،وسكت
صمت الناطق .
-4ويؤكد االسم الموصول بتك ارره مع صلته نحو :جاء الذي فاز الذي فاز .
-5ويؤكد الضمير المنفصل أيضا بإعادة لفظه فقط نحو :أنت أنت ناجح وإياك إياك
واإلهمال ،ومنه قول الشاعر :
-6ويؤكد الضمير المستتر بضمير رفع منفصل مساو له في المعنى نحو :أذهب أنا
إلى الجامعة ،ويذهب هو إلى المنزل ،وتذهب أنت إلى المكتبة ،ومن شواهده في
ﭼ . التنزيل قوله تعالى :ﭽ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
-7ويؤكد الضمير البارز المتصل بأحد أمرين :إما بتك ارره مع تكرار ما اتصل به نحو
:إنك إنك ناجح ،وإما بضمير رفع منفصل سواء أكان المؤكد في محل رفعه نحو :
ذهبت أنا إلى الجامعة ،أو في محل نصب نحو :إنني أنا أحب القراءة ،أو في محل
جر نحو :عندي أنا كتب كثيرة ،ومن شواهده في التنزيل قوله تعالى :ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭼ . ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭛ ﭜ
-8وتؤكد الحروف الجوابية بإعادة ألفاظها فقط نحو ( :نعم نعم) في اإلثبات أو (ال
ال) في النفي جوابا لمن قال :هل جاء زيد ؟
15
-9ويؤكد الحرف غير الجوابي بتك ارره مع تكرار ما دخل عليه ،مع مراعاة الفصل بين
الحرف المؤكد والمؤكد ،نحو ( :في البيت في البيت رجل) ،وإن خالدا إن خالدا
لمسافر ،وعندي رسالة لك لك ،ومن أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى ( :أيعدكم أنكم
إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون) فـ (أن) المفتوحة الثانية مؤكدة لـ (أن) األولى
،وقد فصل بينهما بجملة (إذا متم وكنتم ترابا وعظاما) .
-وإذا دخل الحرف على االسم الظاهر جاز استعمال ضميره عند التكرار تقول :إن
خالدا إنه لمسافر وهو األولى واألفصح من أعادة لفظه وبه جاء التنزيل قال تعالى :
(ففي رحمة هللا هم فيها خالدون) فـ ( في) الثانية توكيد لـ (في) األولى ،وأعيد مع (في)
الثانية ضمير (رحمة) ال لفظها .
-10وتؤكد الجملة بتكرار جميع أجزائها ،واألكثر اقترانها بحرف عطف (ثم) خاصة
ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ ،وقوله :ﭽ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ نحو :ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ ،وقوله تعالى :ﭽ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ ومن غير
الغالب أن يعاد تكرار الجملة من غير عاطف كما في قول النبي صلى هللا عليه وسلم :
(وهللا ألغزون قريشا ،وهللا ألغزون قريشا ،وهللا ألغزون قريشا كررها ثالث مرات)
أخرجه أبوداؤود في سننه .
وال يترك العطف في غالب االستعمال هنا إال إذا خيف اللبس وإيهام التعدد نحو :
ضربت زيدا ضربت زيدا ،وال يؤتى بالعاطف لئال يتوهم تكرار الضرب .
16
ثانياً :التوكيد المعنوي :
تعريفه :هو التا بع الذي يقرر ويثبت الحكم المسند إلى متبوعه في النسبة ،برفعه توهم
اإلسناد إلى غير المتبوع ،أو في الشمول برفع توهم الخصوص فيما ظاهره العموم .
-1إفادة السامع بأن الكالم محمول على الحقيقة ال على المجاز ،وليس فيه حذف أو
سهو أو نسيان .
-2إفهام السامع بأن التنبيه إذا وقعت في سياق (ما) فإن مدلولها األصلي هو المراد ال
غيره .
أ( -النفس والعين) :وتستعمالن للغرض األول وهو دفع االحتمال عن الذات المسند
إليه الحكم ،فلو لت مثال :جاء الوزير ،فالعبارة في ظاهرها تفيد نسبة المجيء إلى
الوزير ،ومن المحتمل أن يكون الجائي حاشيته ،أو حرسههه أو أمره ،أو كتابه أو من
ينوب عنه ،أو شيء آخر يتعلق به ،فإذا قلت :جاء الوزير نفسه أو عينه ارتبع
االحتمال المجازي وثبت الفعل حقيقهة للمؤكد ،هذا وتتعلق بـ (النفس والعين) بعض
األحكام والشروط يمكن إجمالها في اآلتي :
-1يجب فيهما أن تضافا إلى ضمير يناسب االسم المؤكد تذكي ار وتأنيثا ،تقول :جاء
الوزير نفسه أو عينه ،أو جاءت الوزيرة نفسها أو عينها .
17
-2إذا أكد بهما الجمع وجب جمعهما على وزن (أفعل) تقول :جاء زيد وعمرو وخالد
أنفسههم أو أعينهم .
-3وإذا أكد بهما المثنى فاألفصح في كالمهم أن تجمعا أيضا على وزن (أفعل) نحو :
جاء زيد وعمرو أنفسهما أو أعينهما ،ويجوز إفرادهما نحو :جاء زيد وعمرو نفسهما أو
عينهما ،كما جوز ابن مالك وابنه (ابن الناظم) تثنيتهما فيقال :جاء زيد وعمرو
نفساهما أو عيناهما .
-4يجوز الجمع بينهما في التوكيد ،لكن بغير عطف يقال :جاء زيد نفسه عينه مع
مراعاة تقديم النفس على العين .
-5إذا أريد توكيد ضمير الرفع المتصل بـ (النفس والعين) فاألجود واألفصح توكيده أوال
بضمير مثله منفصل نحو :جئت أنت نفسك ،واذهب أنت عينك ،وذهبوا هم أنفسهم ،
وذهبن هن أعينهن .
-6يجوز جرههما بالباء الزائدة نحو :جاء زيد بنفسه أو بعينه ،ومن شواهده في القرآن
ﭺ ﭼ . الكريم قوله تعالى :ﭽ ﭹ
ب( -كال وكلتا) :وتستعمالن للغرض الثاني وهو لرفع احتمال إراد المجاز في التثنية
نحو :جاء الطالبان كالهما ،وقابلت الطالبتين كلتيهما ،فتأتي بلفظي التوكيد (كال
وكلتا) إذا خشيت على السامع أن يظن أن مراد المتكلم :جاء أحد الرجلين أو إحدى
المرأتين ،وأنه أطلق المثنى وأراد به الواحد على سبيل المجاز المرسل كما في قوله
تعالى ( :يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) والمراد :يخرج من أحدهما (وهو البحر المالح)
وال العذب اللؤلؤ وهو كبار الدر ،والمرجان :وهو صغاره .
18
ويتعلق بـ (كال وكلتا) أمران :
الثاني :يجب إلحاقهما بالمثنى في اإلعراب ،باأللف رفعا وبالياء نصبا وج ار .
ج( -كل – جميع – عامه) :وتستعمل هذه األلفاظ الثالثة (للغرض الثالث) وهو إفادة
التعميم الحقيقي ،وإزالة احتمال عدم إرادة الشمول الكامل نحو :جاء القوم كلهم أو
جميعهم أو عامتهم ،فـ (كل) وأخواتها أفادت أن حدث المجيء قد وقع من كل فرد من
أفراد القوم بدون استثناء ،وإن الكالم على حقيقة الشمول وليس فيه نوع من أنواع
المبالغة أو المجاز .
19
د( -إجمع – جمعاء – أجمعون – جمع) :وتستعمل هذه األفاظ لتقوية التوكيد ،
والغالب فيها أن تأتي رديفة للفظ (كل) وال تستقل وحدها بعملية التوكيد ،يقال :مضى
الشهر كله أجمعه ،وحفظت القصيدة كلها جمعاء ،وجاء القوم كلهم أجمعون ،ورأيت
النسوة كلهن جمع ،ويكون ذلك من قبيل تعدد التوكيد لتقوية الخبر .
ومن غير الغالب أن يؤكد بهن استقالال دون أن يتقدم عليهن (كل) نحو :جاء الجيش
أجمعه ،والقبيلة جمعاء ،والقوم أجمعون ،والنساء جمع ،ومن شواهد ذلك في القرآن
الكريم قوله تعالى :ﭽ ﮌ ﮍ ﮎ ﭼ ،ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ.
هـ( -أكتع – أبصع ،أبتع) :وفروعها وهي ( :كتعاء – بصعاء – بتعاء وأكتعون –
أبتعون – أبصعون – كتع – بتع – بصع) وهذه األلفاظ ال تستعمل إال رديفة للفظ
(أجمع) وفروعه نحو مضى الشهر كله أجمع أكتع أبتع أبصع ،وحفظت القصيدة كلها
جمعاء بصعاء ،ومررت بالقوم كلهم أجمعين أكتعين أبصعين ،وجاءت النسوة كلهن
جمع كتع بصع .
-2ال يكون التوكيد المعنوي إال باأللفاظ المذكورة ،فال يأتي جملة وال شبهها .
-4ال يجوز حذف المؤكد وبقاء التوكيد كما هو الحال في النعت .
20
-6ال يجوز توكيد النكرة إال إذا أفادت ،وذلك إذا كانت محدودة المقدار معروفة
الحدود لها ابتداء وانتهاء ،نحو :يوم ،أسبوع ،وشهر وحول ،ويكن توكيدها بألفاظ
الشمول فقط ،تقول مضى شهر كله ،واشترت دا ار كلها ،وتصدقت بدينار كله ،ومنه
قول الشاعر :
والشاهد فيه (عدة حول كله) حيث أكد النكرة (حول) بلفظ الشمول كله ،لكونه محدودا .
21
الع ـ ـ ـطف
العطف في اللغة :الميل ،ويأتي بمعنى الرجوع إلى الشيء بعد االنصراف عنه يقال :
عطف الفارس إلى قرنه إذا التفت إلى المكافئ له في الشجاعة ليبارزه ،وهو قسمان :
عطف البيان وعطف النسق .
تعريفه :هو التابع الجامد الذي يوضح متبوعه في المعارف ويخصصه في النكرات .
األول :توضيح المعرفة وتحديدها إن كانت غير كاملة التعين والتحديد ،نحو مررت
بأخيك زيد (إذا كان للمخاطب أكثر من أخ) فكلمة (أخ) وإن كانت معرفة بإضافتها إلى
الضمير (كاف) إال أن السامع ال يستطيع أن يحدد أيا منهم الذي مر به ،فإذا عطفت
عليها كلمة زيد تعين المقصود ،وبان المراد ،ومن أمثلته في الشعر قول القائل :
فـ (عمر) عطف بيان على (حفص) جيء به للبيان والتفسير واإليضاح .
الغرض الثاني :تخصيص النكرة بتضييق دائرة تنكيرها ،نحو :عندي متاع ثوب فكلمة
(متاع) تصدقق على كثير من األشياء ،فلما عطفت عليها كلمة (ثوب) ضاقت دائرة
تنكيرها ،ولم تعد تصدق إال على جنس األثواب فقط من بين كل األمتعة ،ومن شواهده
ﭼ فـ (صديد) عطف بيان في القرآن الكريم قوله تعالى :ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ
22
على (ماء) ومنه قوله تعالى ( :كفارة طعام مساكين) على قراءة من نون (كفارة) في
(طعام مساكين) عطف بيان على (كفارة) .
يتفق عطف البيان مع النعت في الوظيفة ،فكالهما يوضح المعرفة ويعينها إن لم تكن
تامة التحديد والتعيين ،وتخصص النكرة بتضييق دائرة تنكيرها ،وقد عرفها البعض بأنه
(التابع المشبه للصفة في توضيح المعرفة ...الخ) .
-1يوافق عطف البيان النعت الحقيقي في التبعية التامة ،فكالهما يطابق متبوعه في
اإلعراب وفي الجنس ،وفي العدد ،وفي التعريف والتنكير ( ،أي :في الرفع والنصب
والخفض ،والتذكير والتأنيث ،واإلفراد والتثنية والجمع والتعريف والتنكير) .
-3عطف البيان كالنعت في كونهما ال يصلحان إال لخدمة الظاهر أما الضمير فال
يصوصف وال يعطف عليه عطف بيان .
-1عطف البيان ال يكون إال جامدا ،والنعت ال يكون إال مشتقا أو مؤوال بالمشتق .
23
يصح في عطف البيان أن يعرب بدل من كل في غالب استعماالتهم ،ويستثنى من ذلك
موضعان يمنتنع فيهما إعراب البدل وهما :
-1إذا كان ذكر عطف البيان واجبا واالستغناء عنه ممتنعا ،نحو (هند قام زيد أخوها)
،فـ (أخوها) عطف بيان على (زيد) وال يصح إعرابه بدال منه :ألن البدل في نية تكرار
العامل فيعتبر جزءا من جملة أخرى فيخلو المبتدأ من رابط .
-2إذا امتنع إحالله محل األول نحو :يا زيد الحارث ،فـ (الحارث) يتعين كونه عطف
البيان على (زيد) ويجوز أن يعرب بدال منه ،ألنه لو قيل :يا الحارث لم يجز ألن (يا)
و(أل) ال يجتمعان هنا ،ومن هذا القبيل قول الشاعر :
فيتعين في (بشر) أن يعرب عطف بيان ال بدل لعدم جواز أن يقال :أنا ابن التارك
بشر؛ ألن الصفة المقرونة بـ (ال) مثل (التارك) ال تضاف إال لما فيه (ال).
هو التابع الذي يتوسط بينه وبين متبوعه أحد هذه الحروف العشرة وهي :
أ -ما يشرك المتعاطفين في اللفظ والمعنى ،وهو السبعة األولى (الواو – إما) وما
بينهما ،والمراد بالتشريك اللفظي االشتراك في اإلعراب ،فما بعدها يتبع ما قبلها في
أوجه اإلعراب المختلفة ،وهو حكم عام في جميع الحروف العاطفة ،أما التشريك في
24
المعنى فالمراد به االشتراك في الحدث والحكم المسند إثباتا ونفيا ،فإذا قلت ( :جاء زيد
وعمرو) ،فإن (عم ار) شارك (زيدا) في الحكم اإلعرابي وهو الرفع ،وفي الحدث هو
المجيء ،وإليك أمثلة لكيفية استعمال هذه الحروف وبيان معانيها :
-1الواو :وهي لمطلق الجمع بين المتعاطفين من غير داللة على ترتيب وعدمه على
الصحيح ،فقولك ( :وصل القطار والسيارة) يفيد أنهما أشتركا في حكم الوصول ،ولكن
ال يعلم أيهما وصل قبل اآلخر .
انفردت الواو من بين جميع حروف العطف ببعض الخصائص أهمها :
ﭼ فـ (إبراهيم) أنها يعطف بها الالحق على السابق نحو قوله تعالى :ﭽ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
معطوف على (نوح) ،وهو متقدم عليه في الرسالة ،ويعطف بها السابق على الالحق
ﭞ ﭟ ﭼ فاسم الموصول (الذين) المراد به ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ نحو :ﭽ ﭕ ﭖ ﭗ
الرسل المتقدمون معطوف على الضمير (كاف) في (إليك) المخاطب به الرسول صلى
هللا عليه وسلم م ن باب عطف المتقدم على المتأخر ،كما يعطف بها المصاحب
ﭗ ﭼ فـ (أصحاب السفينة) للمعطوف عليه في الحكم نحو :ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
معطوف على (الهاء) عطف مصاحب .
-أنها تعطف اسما على اسم ال يكتفي الكالم بدونه نحو اصطف زيد وعمرو ،وجلست
بين زيد وعمرو فاالصطفاف والبينية من المعاني التي ال تقوم إال بين اثنين فصاعدا .
25
-عطف عامل قد حذف وبقى معموله نحو ( :والذين تبوءو الدار واإليمان) ،فـ
(اإليمان) معطوف على (تبوؤا الدار) وهو مفعول به لعامل محذوف تقديره :وألفوا
اإليمان .
-جواز فصلها عن معطوفها بظرف أو الجار والمجرور نحو ( :وجعلنا من بين أيديهم
سدا ومن خلفهم سدا) أي من بين أيديهم سدا ،وسدا من خلفهم ،ففصل بين المعطوف
عليه (سدا) األولى ،والمعطوف (سدا) الثانية بالجار والمجرور
(من خلفهم) .
-أنها تعطف العقد على النيف نحو :جاء ثالثة وثالثون رجال .
-2الفاء :وتفيد الترتيب والتعقيب بين المعطوف عليه فيكون األول قبل الثاني ،
والثاني بعدهه بال تأخير نحو :وصلت الطائرة فخرج المسافرون ،فوصول الطائرة عادة
ما يكون قبل الخروج ،وخروج المسافرين يأتي سريعا عقب وصول الطائرة بال تراخ ،
26
ومن شواهدها في التنزيل قوله تعالى ( :ثم أماته فأقبره) فدفن الميت في الغالب يكون
عقب موته فو ار بال تراخ ،كما حث عليه الشرع .
-تختص (الفاء) من بين الحروف العاطفة بأنها على جملة الصلة ما ال يصح كونه
صلة ،لخلوه من العائد نحو ( :اللذان يقومان فيغضب زيد أخواك) ،فـ (اللذان) مبتدأ
وهو اسم موصول ،وجملة (يقومان) صلته ،وجملة (يغضب زيد) معطوفة على جملة
(يقومان) الواقعة صلة ،وكان القياس أن ال يصلح العطف ،لخلوها عن ضمير يعود
على الموصول ألنها رفعت الظاهر (زيد) ولكن لما عطفت بالفاء صح ذلك ،ألن معنى
السببية التي في (الفاء) أغنت عن الضمير العائد .
-ومن أحكامها أيضا أنها تأتي إلفادة العطف والسببية معا ،إال أنها ال تسمى السببية
إال مع الفعل المضارع ،ويغلب ذلك في عطف الجمل والصفات ،فمن األول قوله
تعالى ( :فوكزه موسى فقضى عليه) ،فموت القبطي كان بسبب وكز موسى فالفاء هنا
للسببية ،كما أن الموت حصل بعد الوكز بال مهلة فالفاء عاطفة ،ومن الثاني قوله
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ فامتالء ﭚ ﭛ تعالى :ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ
البطون كان بسبب األكل من شجر الزقوم ،ويحصل االمتالء عقب األكل والشرب بال
مهلة .
-3ثم :وتفيد الترتيب والتراخي عكس (الفاء) فإذا قلت ( :جاء زيد ثم عمرو) فالمعنى
أن زيدا جاء أوال وإن عم ار جاء بعدهه ،وبينهما فترة زمنية ليست بالقصيرة ،ومثله دخل
ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ الطالب الجامعة ،ثم تخرج فيها ،ومن القرآن قوله تعالى :ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ
ﮫ ﭼ فالبعث والنشور يكونان بعد الموت واإلقبار بمدة .
27
-4حتى :وهي حرف غاية وتدريج ،ومعنى كونها للغاية أن المعطوف بها بلغ الغاية
والنهاية في العلو والزيادة ،أو في التسفل والنقص ،أما كونها للتدريج فألن ما قبلها
ينقضي شيئا فشيئا إلى أن يبلغ الغاية والنهاية ،وليس دفعة واحدة ،ومجيء (حتى)
للعطف قليل عند البصريين ،وأنكره الكوفيون بالكلية ،وال تكون عاطفة إال بشروط
أربعة :
ب -أن يكون ظاه ار ،فال يصح قام الناس حتى أنا .
ج -أن يكون جزءا من المعطوف عليه نحو :أكلت السمكة حتى رأسها ،أو فردا من
جمع نحو :قدم الحجاج حتى المشاة ،أو نوعا من جنس نحو :أكلت التمر حتى
البركاوي ،أو كالجزء منه نحو :أعجبني الخطيب حتى كالمه ،فالكالم ليس جزءا من
الخطيب ولكن لشدة اتصاله به صار كالجزء منه ،أو يكون المعطوف جزءا من
المعطوف عليه بالتأويل ،كما في قول الشاعر :
فـ (النعل) ليست جزءا من الصحيفة والزاد في الحقيقة ،ولكنها صارت بعضا منهما بعد
التأويل ،إذ التقدير :ألقى ما يثقله من صحيفة وزاد حتى نعله .
د -أن يكون المعطوف غاية ونهاية للمعطوف عليه في الزيادة ،نحو :مات الناس
حتى األنبياء والملوك ،فالنبوة والملك غاية الناس في الزيادة أو في النقص نحو :
يغلبك الناس حتى الصبيان ،أو نجح الطالب حتى الكسول ،فقوة الصبيان والكسل
غاية الناس في النقص .
28
-5أم المتصلة :وهي المسبوقة بهمزة التسوية أو بهمزة التعيين ،وسميت متصلة ألن
ما قبلها وما بعدها ال يستغني أحدهما عن اآلخر ،وال تكون (أم) المتصلة عاطفة إال
بشرطين :
األول :أن تكون مسبوقة بهمزة التسوية ،وهي الواقعة بعد لفظ (سواء ،أو ما أدري ،
أو ما أبالي ،أو ليت شعري) وتعطف جملتين كل واحدة منهما تصلح للتأويل بالمصدر
نحو قوله تعالى ( :وسواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم ال يؤمنون) فجملة (لم تنذرهم)
معطوفة بـ (أم) على جملة (أنذرتهم) والتقدير بعد التأويل :سواء عليهم اإلنزار وعدم
اإلنزار ،وكقول الشاعر :
فجملة (أم وقوعه اآلن) :معطوفة بـ (أم) المتصلة على جملة (أموتي ناء) والتقدير بعد
التأويل :لست أبالي بعد موتي أم وقوعه اآلن .
الثاني :أن تكون مسبوقة بهمزة يراد بها وبـ (أم) تعيين أحد شيئين بحكم معلوم الثبوت
نحو :أزيد عندك أم عمرو ،فالسائل يدرك تمام اإلدراك أن أحد الشخصين عند
المخاطب ،ولكنه يجهل عينه وتحديده ،وهي ال تقع إال بين مفردتين غالبا نحو قوله
تعالى :ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﭼ فـ (السماء) معطوف بـ (أم) التعيينية على الضمير
(أنتم) ،وهما مفردان ،ومثله قوله تعالى ( :وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون) فـ
(بعيد) معطوف بـ (أم) المسبوقة بهمزة التعيين على (قريب) وهما مفردان .
29
فجملة (عادني حلم) معطوفة بـ (أم) التعيينية على جملة (هي سرت) وهما ليستا في
تأويل مصدرين .
وقد تحذف الهمزتان إذا كان إسقاطهما ال يؤدي إلى خفاء المعنى والوقوع في اللبس –
ﮪ ﮭ ﮮ ومن شواهد حذف همزة التسوية قراءة ابن محيصن :ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ
ﭼ بهزة واحدة ،ومن أمثلة حذف همزة التعيين قول بن عمر أبي ربيعة :لعمرك ما
أدري وإن كنت دارياً ** بسبع رميت الجمر أم بمثان
( -أم) المنقطع ة :وهي الخالية من همزة التسوية ،ومن همزة يطلب بها وبـ (أم)
التعيين ،وسميت منقطعة لوقوعها بين جملتين مستقلتين ،ال يتوقف أداء إحداهما
وتمامها على األخرى ،ومعناها (بل) االبتدائية وهو االنتقال من أمر إلى آخر يخالفه ،
وهي حينئذ ليست عاطفة وإنما هي حرف ابتداء ال تدخل إال على الجمل نحو :ﭽ ﮩ ﮪ
ﭼ أي :بل يقولون افتراه ،وقد تفيد مع االضطراب ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ
المعاني اآلتية :
-1اإلضراب واالستفهام الحقيقي :نحو :إنها إلبل أم شاء ،أي بل أهي شاء ؟ فقد
أخبر أوال أن الذي أمامه إبل ،ثم تبين له خالف ذلك فأضرب عنه وانتقل مستفهما :
أهي شاء ؟ فجمع بين االضطراب واالستفهام الحقيقي .
-2االضطراب واالستفهام اإلنكاري للنفي :نحو ( :أم له البنات) أي بل أله البنات ،
واالستفهام لإلنكار ،بمعنى (ال) وال يصح تقدير االضطراب المحض ألن ذلك يجعل
الكالم إخبا ار ب نسبة البنات إليه ،وهو منزه عن ذلك .
30
( - 6أو) وتأتي بعد الطلب أو الخبر ،فإذا وقعت بعد الطلب دلت على معنيين :
أ -التخيير :وهي ترك المخاطب ح ار في اختيار أحد المتعافين واالقتصار عليه دون
الجمع بينهما لسبب يمنع الجمع نحو :تزوج هندا أو أختها .
ب -اإلباحة :وهي حرية المخاطب في اختيار أحد المتعاطفين أو اختيارهما معا ،وله
الجمع بينهما إذا أراد :نحو :جالس العلماء أو الزهاد ،وتعلم النحو أو الصرف .
أ -الشك :وهو استواء الطرفين دون ترجيح أحدهما على اآلخر ،ويكون من المتكلم
نحو قوله تعالى :ﭽ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﭼ.
-4اإلبهام :ويكون من المتكلم أيضا وهو أن يخفي حقيقة معروفة ويكتمها عن
ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ المخاطب رغبة في إقالقه وإيقاعه في حيرة نحو قوله تعالى :ﭽ ﭶ
ﭼ فالمعنى أن أحد الفريقين منا أو منكم لثابت له أحد األمرين ؛ إما على ﭼ ﭽ ﭾ
هدى أو كونه في ضالل مبي ن وجيء بالكالم على صورة االحتمال مع العلم بأن من
وحد هللا وعبده فهو على هدى ،ومن عبد غيره فهو في ضالل .
-5التفصيل :وهو تبيين األمور المجتمعة في لفظ واحد :قوله تعالى :ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ﭕ ﭼ ،فـ (أو) في اآلية تفصيل لإلجمال في ضمير الجمع (واو) في (قالوا) أي :قالت
:اليهود كونوا هودا ،وقالت النصارى :كونوا نصارى .
-6التقسيم :وهو تبيين أجزاء الشيء الواحد ،وما دخل تحت حقيقة واحدة نحو :
الكلمة :اسم أو فعل أو حرف .
31
-7وقد تأتي لمعنى اإلضراب بمعنى (بل) عند الكفويين وأبي علي الفارسي ،حكى
الفراء عن العرب ،اذهب إلى زيد أو دع ذلك فال تبرح اليوم فـ (أو) بمعنى (بل) .
-8وقد تأتي بمعنى الواو عند أمن اللبس :كقول الشاعر :
( -7إما) المسبوقة بمثلها :وهي من حيث العطف والمعنى مثل (أو) عند أكثر
النحويين ،فتأتي إلفادة المعاني المتقدمة وهي ( :التخيير أو اإلجابة) إذا سبقت بكالم
يشتمل على األمر ،و(الشك أو اإلبهام) إذا سبقت بجملة خبرية .
-فمثال التخيير :تزوج إما هندا أو أختها ،ومن التنزيل قوله تعالى ( :إما أن تعذب
وإما أن تتخذ فيهم حسنا) فـ (أما) األولى حرف تفصيل و(الواو) زائدة ،و(إما) الثانية
حرف عطف بمعنى (أو) ،وجملة (أن تتخذ فيهم حسنا) معطوفة على جملة (تعذب) .
-ومثال الشك :جاءني إما زيد وإما عمرو (إذا لم تعلم الجائي منهما) .
-ومثال اإلبهام :قام إما زيد وإما عمرو (إذا كنت تعلم القائم ،وإنما أردت اإلبهام على
ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ السامع) ومن التنزيل قوله تعالى :ﭽ ﯱ ﯲ ﯳ
ﭼ .
-2وذهب آخرون إلى أنها حرف تفصيل فقط كاألولى يؤتي بها إلفادة معاني (أو)
المذكورة ،وليست عاطفة ،وإنما العطف للواو المالزمة لها ،وتذكر في باب العطف
لمالزمتها لحرفه (وهو الواو) وهو قول أبي علي الفارسي وابن كيسان وابن برهان ،
واختار هذا الرأي من المتأخرين ابن مالك كما في قوله :
ومثل (أو) في القصد (إما) الثانية في نحو ( :إما) ذي و(إما) النائية ،ويحتج هؤالء
بأن حرف العطف ال يدخل على مثله.
-وهناك رأي ثالث وهو أن (إما) عطفت اسما على اسم ،و(الواو) عطفت (إما) على
(إما) وهو أغرب األقوال ؛ ألن الحرف ال يعطف حرفا كما قال ابن هشام .
-8لكن :وهي حرف عطف تفيد معنى االستدراك ،وهو أن يقرر المتكلم حكما (ما)
قبلها ثم يستدرك فيثبت نقيضه بعدها مثل :ال تصاحب األشرار لكن األخيار فـ
(األخيار) معطوف بـ (لكن) على (األشرار) وال تكون (لكن) عاطفة إال بثالثة شروط :
-1أن يكو معطوفها مفردا ال جملة نحو :ال أحب الخائن لكن األمين ،فإذا لم يكن
المعطوف مفردا وجب اعتبار (لكن) حرف ابتداء واستدراك معا وليست عاطفة ،والجملة
بعدها مستقلة في إعرابها عن الجملة التي قبلها ،مثل :ما أهنت المحسن لكن أهنت
المسيء ،ومن الشعر قول القائل :
والشاهد في قوله ( :لكن وقائعه )...فـ (لكن) هنا حرف ابتداء واستدراك ال عاطفة :
ألن الواقع بعدها جملة ال مفرد .
33
-2أن تكون (لكن) مسبوقة بنفي أو نهي نحو :ال أحب الكذاب لكن الصادق ،وال
تجالس األشرار لكن األخيار ،فإذا لم تسبق (لكن) بنفي أو نهي تعين أن تكن حرف
ابتداء واستدراك ال عاطفة ،والجملة بعدها مستقلة ف ي إعرابها مثل :تكثر األمطار شتاء
لكن لكن تزداد الح اررة صيفا .
-3أن ال تكون (لكن) مسبوقة بـ (الواو) نحو :ما صافحت النساء لكن الرجال ،فإذا
سبقتها الواو لم تكن حرف عطف بل هي حرف ابتداء واستدراك .
ووجب أن تكون ما بعدها جملة اسمية أو فعلية تعطف بالواو على الجملة التي قبلها
مثل :ما صافحت النساء ولكن صافحت الرجال ،وإنما وجب كون ما بعدها جملة ال
مفرد ،ألن متعاطفي الواو المفردين ال يختلفان بالسلب واإليجاب .
بل :وهي موضوعة لالضراب ،وتفيد تقرير ما قبلها ،مع إثبات نقيضه لما بعدها نحو
:ال تصاحب األحمق بل الع اقل ،وما زرعت القطن بل القمح ،وال تعطف إال بشرطين
-1أن يكون معطوفها مفردا نحو :ما زرعت القطن بل القمح ،فإذا دخلت (بل) على
جملة كانت حرف ابتداء ،معناها اإلضراب ،وهو نوعان :
أ -اإلضراب اإلبطالي :وهو ما يقتضي نفي الحكم السابق والقطع بأنه غير واقع نحو
( :وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحنه بل عباد مكرمون) .
ب -اإلضراب االنتقالي :وهو ما يفيد االنتقال من غرض إلى غرض آخر مع بقاء
الحكم السابق دون إلغائه نحو قوله ( :بل قالوا أضغاث أحالم بل افتراه بل هو شاعر).
-2أن تسبق بإيجاب ،أو أمر أو نفي أو نهي :فإذا سبقت بإيجاب أو أمر أفادت إزالة
الحكم عما قبلها بحث يصير كالمسكوت عنه ،وجعله لما بعدها نحو :قام زيد بل عمر
34
،وليقم زيد بل عمرو ،فالقيام في المثالين مسكوت عنه بالنسبة لـ (زيد) وثابت لـ
(عمرو) فهو من قبيل اإلضراب االنتقالي .
-وإذا سبقت بنفي أو نهي أفادت تقرير الحكم لما قبلها وإثبات نقيضه لما بعدها نحو :
ما جاء زيد بل عمرو ،فأنت قد قررت عدم المجيء لزيد وأثبت نقيضه (وهو المجيء)
لعمرو ،ومثالها بعد النهي ال تق أر الجريدة بل الكتاب .
-10ال :وهي حرف عطف ونفي تفيد نفي الحكم عما بعدها (وهي المعطوف) وإثباته
لما قبلها (وهو المعطوف عليه) نحو :صاحب األخيار ال األشرار ،وال تعطف إال
بشرطين :
ب -أن تسبق بإيجاب نحو هذا بكر ال خالد ،أو بأمر نحو :كن متفائال ال متشائما .
البـــــــدل
تعرفه :البدل في اللغة العوض ،واصطالحا :التابع المقصود بالحكم وحده بال واسطة
لفظية تذكر بين التابع والمتبوع ،والمراد بالواسطة حروف العطف وأقسامه أربعة :
-2بل بعض من كل :وضابطه أن يكون البدل جزء من المبدل منه ،سواء أكان هذا
الجزء أكبر من باقي األجزاء أم أصغر منها أم مساويا ،نحو :حفظت القرآن ثلثيه أو
35
ثلثه أو نصفه ،والبد من اتصاله بضمير يرجع إلى المبدل منه كما في المثال المتقدم
ومثله في القرآن الكريم :ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭼ فـ (كثير) بدل بعض من
(الواو) األولى ،و(الواو) الثانية عائدة على (كثير) .
-3بدل االشتمال ،وضابطه :أن يكون بين البدل والمبدل منه ارتباط بغير الكلية
والجزئية ،نحو :أعجبتني الحديقة أزهارها ،فـ (أزهارها) بل اشتمال من (الحديقة) وهي
ليست جزءا أساسيا من الحديثة ،ولكنها مشتملة عليها ومظروفة فيها ،وهي سبب
اإلعجاب بها ،ومثلها :نفعني المدرس عمله ،ويجب في هذا النوع أن يضاف البدل
إلى ضمير عائد إلى المبدل منه كما في المثالين المتقدمين ،وفي قوله تعالى :ﭽ ﭮ
ﭼ فـ (قتال) بدل اشتمال من الشهر ،والرابط بينهما الضمير (هاء) ﭱ ﭯ ﭰ
المجرور بـ (في) .
أ -بدل الغلط :وضابطه أن يقصد المتكلم لفظا (ما) فيسبق لسانه إلى غيره ،فيأتي
بهذا النوع من البدل ليتدارك به الخطأ ويصححه مثل :جاء الطالب المعلم ،إذا أردت
أن تذكر (المعلم) فسبق لسانك إلى التلفظ بـ (الطالب) غلطا .
ب -بدل النسيان :وضابطه أن تبني كالمك على الظم ثم يتبين لك خطؤه ،فتعدل
عنه إلى الصواب ،كما لو أريت شبحا من بعيد فظننته إنسانا فقلت :رأيت إنساناً فلما
اقترب منك وجدته فرسا فقلت :فرسا ،يتبين من هذا الشرح والتقرير أن الغلط متعلق
باللسان ،والنسيان متعلق بالقلب والجنان ،وال ورود لبدل الغلط والنسيان في القرآن
الكريم الستحالتهما على هللا تبارك وتعالى .
36
ج -بدل البداء :ويسمى بدل االضراب ،وضابطه أن تذكر شيئا قتقوله ثم يظهر لك
أن غيره أفضل منه فتعدل إليه مثل :إق أر ديوان حافظ ،ديوان شوقي إذا كنت تريد أمر
المخاطب بقراءة ديوان حافظ ،ثم بدأ لك قراءة ديوان شوقي هو األنفع واألجدي له
فعدلت إليه .
-1البدل بجميع أنواعه يطابق المبدل منه في اإلعراب رفعا ونصبا وج ار ،نحو :جاء
القوم جلهم ،ورأيت القوم جلهم ،ومررت بالقوم جلهم .
-2ليس بمشروط أن يتطابق البدل منه في التنكير والتعريف ،بل لك أن تبدل أي
النوعين من اآلخر ،قال تعالى ( :إلى صراط مستقيم ،صراط هللا) فأبدل (صراط هللا)
ﯤ ﯥ – وهو معرفة – من (صراط مستقيم) وهو نكرة ،وقال تعالى :ﭽ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ
ﯨ ﯪ ﭼ فأبدل (ناصية) – وهي نكرة – من (الناصية) – وهي معرفة – غير ﯦ ﯧ ﯨ
أنه ال يحسن إبدال النكرة من المعرفة إال إذا كانت موصوفة كما رأيت في اآلتية الثانية
.
-3يبدل االسم الظاهر من االسم الظاهر مطلقا كما في األمثلة المتقدمة .
-4ال يبدل المضمر من المضمر لعدم ورود السماع به ،أما قولهم :قمت أنت ،
ومررت بك أنت ،فهو توكيد باالتفاق بين البصريين والكوفيين .
-5يجوز إبدال الظاهر من ضمير الغائب مطلقا في جميع أنواع البدل مثل أكرمه خالدا
،وسلم عليه خالد ،وفي التنزيل ﭽ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭼ فـ (الذين ظلموا) بدل من (الواو) في
(أسروا) بدل كل من كل في أحد األوجه الثالثة .
37
-6ال يأتي الضمير بدال من االسم ،وأما قولهم ( :رأيت زيدا إياه) فمن وضع النحاة
وليس مسموع كما قال ابن هشام .
-7ال يأتي االسم الظاهر بدال من ضمير المتكلم أو المخاطب إال بثالثة شروط :
أ -أن يكون بدل كل داال على اإلحاطة والشمول نحو :ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ فـ (أولنا وآخرنا) بدل من الضمير ﭚ ﭛ
المجرور بالالم فـ (لنا) وهي تقيد اإلحاطة والشمول .
ب -أن يكون البدل بدل اشتمال نحو :أعجبتني حلمك ،فـ (حلمك) بدل اشتمال من
الضمير (تاه) ومن الشعر قول النابغة الجعدي :
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا ** وإنا لنرجو فوق ذلك مظه ار
ج -أن يكون البدل بدل بعض من كل نحو ضربتك رأسك ،فـ (رأسك) بدل من الكاف
في (ضربتك) وهو بل بعض من كل .
-8إذا أبدل اسم من اسم استفهام وجب اقتران البدل بهمزة االستفهام حتى يكون البدل
والمبدل منه متساويين في معنى االستفهام ،نحو :من عندك ؟ أزيد أم عمرو .
-9إذا أبدل اسم من اسم شرط وجب اقتران البدل بحرف الشرط (إن) حتى يتساوى
البدل والمبدل منه في معنى الشرط نحو :من يجتهد ،إن زيد وإن عمر ينجح .
38
ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭼ فـ ﭥ ﭦ -10يجوز إبدال الفعل من الفعل نحو :ﭽ ﭣ ﭤ
(يضاعف) بدل من (يلق) بدل كل من كل ومثله إن تسجد هلل يرحمك ،فـ (تسجد) بدل
من (تصل) بدل بعض من كل .
-1يفترق البدل مقصود بالحكم وحده (والنعت ،والتوكيد ،والبيان) مكمالت المقصود
بالحكم .
-البدل مقصود بالحكم بال واسطة ،وعطف النسق مقصود بالحكم بواسطة .
-3البدل في نية تكرار العامل فقولك :جاء زيد أخوك في نية :جاء زيد جاء أخوك ،
وعطف البيان بخالف ذلك .
39