You are on page 1of 39

‫التوابــــــع‬

‫التوابع جمع التابع ‪ ،‬وهو اللفظ المتأخر الذي يتقيد في نوع إعرابه باللفظ المتقدم عليه‬
‫ويسمى (المتبوع) بحيث ال يختلف الالحق عن السابق في الحكم اإلعرابي ‪ ،‬فإذا كان‬
‫اللفظ المتقدم مرفوعا‪ ،‬أو منصوبا‪ ،‬أو مخفوضا‪ ،‬أو مجزوما‪ ،‬وجب على اللفظ المتأخر‬
‫أن يسايره في ذلك ‪ ،‬تقول‪ :‬أقبل أخي الوفي ‪ ،‬ورأيت أخي الوفي ‪ ،‬ونظرت إلى أخي‬
‫الوفي ‪ ،‬وتقول ‪ :‬لن أفرح وأطرب برؤية األعداء ‪ ،‬ولم أفرح وأطرب بسماع السوء ‪.‬‬

‫وعددها خمسة هي ‪ :‬النعت ‪ ،‬والتوكيد‪ ،‬وعطف البيان ‪ ،‬وعطف النسق‪ ،‬والبدل ‪ ،‬وعدها‬
‫بعض النحاة كالزجاجي أربعة بإدراج عطف البيان والنسق تحت مسمى (العطف) وهو‬
‫ما اختاره ابن مالك في قوله ‪:‬‬

‫نعت وتوكيد وعطف وبدل‬ ‫يتبع في اإلعراب األسماء األ ول * **‬

‫وإليك بيانها بالتفصيل ‪:‬‬

‫النــــعت ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعريفه ‪ :‬ترد كلمة النعت في اللغة العربية لمعنى الوصف ‪ ،‬تقول ‪ :‬نعت فالنا‬
‫بكذا إذا وصفته بما هو فيه ‪ ،‬ويقال له أيضا الصفة ‪.‬‬

‫أما في اصطالح النحاة فقد عرف بأنه التابع المشتق أو المؤول به‪ ،‬المباين للفظ متبوعه‬
‫‪ ،‬المتمم له ببيان صفة من صفاته ‪ ،‬أو ما تعلق به ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العامل فيه ‪ :‬ذهب جمهور النحاة إلى أن العامل في النعت هو ‪ :‬نفس العامل‬
‫في المنعوت (وهو إما الفعل أو ما يقوم مقامه من المشتقات العاملة أو المؤولة بها) وهو‬

‫‪1‬‬
‫األصح األرجح عندهم ‪ ،‬وبيان ذلك أنك لو قلت مثال ‪ :‬قدم محمد الكريم ‪ ،‬فكل من‬
‫المنعوت (محمد) ونعته (الكريم) مرفوع بالفعل (قدم) ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬األغراض التي يفيدها النعت‪:‬‬

‫تنحصر فوائد النعت في اآلتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬توضيح المنعوت المعرفة ‪ :‬والمراد به رفع االشتراك اللفظي الذي يكون في المعارف‬
‫‪ ،‬ودفع االحتمال الذي يتجه إلى مدلولها؛ فهو جار مجرى بيان المجمل‪ ،‬نحو ‪ :‬جاء‬
‫خالد الشاعر ‪ ،‬فلفظ (خالد) وإن كان معرفة إال أنه قد يشترك فيه أكثر من شخص‬
‫مسمى بهذا االسم ‪ ،‬فإذا وصفته وقلت ‪( :‬الشاعر) يخرج بهذا الوصف من ليس شاع ار‬
‫‪.‬‬

‫‪ -2‬تخصيص المنعوت النكرة ‪ :‬والمراد به تقليل االشتراك في النكرات فهو جار مجرى‬
‫تقييد المطلق كما لو قلت ‪ :‬جاء رجل ‪ ،‬حيث يدخل في مسمى (رجل) كل ذكر من بني‬
‫آدم ‪ ،‬فإذا نعته وقلت ‪( :‬طويل) خرج من ليس طويال ‪ ،‬والمراد بتقليل االشتراك في‬
‫النكرة تقليل أفرادها وتضييق عددها فقط ‪ ،‬إذ لفظ (طويل) لم يحدد بالضبط الرجل اآلتي‬
‫‪ ،‬ولكنه ضيق دائرة تنكيره ‪ ،‬فعلمنا أن اآلتي واحد من الرجال الطوال ال القصار وال‬
‫المربوعين ‪.‬‬

‫‪ -3‬المدح ‪ :‬وهو الثناء على الممدوح ببيان صفة كماله ‪ ،‬وذلك حينما يكون المنعوت‬
‫معلوما عند المخاطب قبل النعت ‪ ،‬نحو ‪ :‬بسم هللا الرحمن الرحيم فـ (الرحمن الرحيم)‬
‫نعتان للفظ الجاللة لغرض المدح والتعظيم هلل – تعالى ‪. -‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -4‬الذم والتحقير ‪ :‬نحو أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ‪ ،‬فـ (الرجيم) بمعنى المرجوم‬
‫نعت لـ (الشيطان) وليس الغرض منه التخصيص أو التوضيح ؛ ألنه معلوم‪ ،‬بل لمجرد‬
‫الذم والتحقير ‪.‬‬

‫‪ -5‬الترحم ‪ :‬وهو إظهار الرحمة والحنان للغير نحو ‪ :‬اللهم ارحم عبدك المسكين فـ‬
‫(المسكين) نعت للعبد ‪ ،‬وليس الغرض منه المدح‪ ،‬أو الذم‪ ،‬أو التوضيح ؛ ألن الكل‬
‫محتاج إلى هللا ‪ ،‬وإنما هو لالستعطاف واالسترحام ‪.‬‬

‫‪ -6‬التوكيد ‪ :‬وهو تقوية المعنى المعلوم في المنعوت نحو قوله تعالى ‪( :‬فإذا نفخ في‬
‫الصور نفخة واحدة) فـ (واحدة) نعت لـ (نفخة) وهو لمجرد التوكيد فقط ؛ ألن معنى‬
‫األحادية معلوم من قبل الوصف من صيغة المرة (فعله) ومثله قولهم ‪ :‬مضى أمس‬
‫الدابر ‪ ،‬فكلمة (الدابر) نعت لما قبلها ‪ ،‬ولم تذكر للتفريق بين أمسين أحدهما دابر‬
‫واآلخر غير داب ر ‪ ،‬ولم تذكر للتحقير أو الثناء ‪ ،‬وإنما ذكرت لتوكيد معنى االنقضاء‬
‫المفهوم من (أمس) ‪.‬‬

‫‪ - 7‬التفصيل بعد التعميم‪ :‬نحو مررت برجلين عربي وأعجمي ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬أقسامه‪:‬‬

‫ينقسم النعت باعتبار داللته على موصوفه إلى قسمين نعت حقيقي ‪ ،‬ونعت سببي ‪.‬‬

‫‪ -1‬النعت الحقيقي ‪ :‬وهو ما دل على معنى في نفس منعوته األصلي ‪ ،‬وعالمته أن‬
‫يرفع ضمي ار مستت ار يعود إلى منعوته ‪ ،‬نحو ‪ :‬استمعت إلى خطيب فصيح اللسان ‪،‬‬
‫فكلمة (فصيح) نعت حقيقي ‪ ،‬ومنعوته األصلي هو (خطيب) ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وحكم النعت الحقيقي أنه يتبع منعوته ويطابقه مطابقة تامة في اإلعراب ‪ ،‬والتذكير‬
‫والتأنيث واإلفراد والتثنية والجمع والتعريف والتنكير‪ .‬فمثال التطابق في اإلعراب ‪:‬‬

‫‪ -‬جاء الرجل الفاضل ‪ ،‬ورأيت الرجل الفاضل ‪ ،‬ومررت بالرجل الفاضل ‪.‬‬

‫ومثال التطابق في التذكير والتأنيث ‪:‬‬

‫‪ -‬جاء رجل فاضل ‪ ،‬وجاءت امرأة فاضلة ‪.‬‬

‫ومثال التطابق في اإلفراد والتثنية والجمع ‪:‬‬

‫‪ -‬جاء الرجل الفاضل ‪ ،‬وجاء الرجالن الفاضالن‪ ،‬وجاء الرجال الفضالء ‪.‬‬

‫ومثال التطابق في التنكير والتعريف ‪:‬‬

‫‪ -‬جاء رجل فاضل ‪ ،‬وجاء الرجل الفاضل ‪.‬‬

‫ويستثنى من ذلك أمور ال تجب فيها المطابقة المتقدمة بين النعت الحقيقي‬
‫ومنعوته منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬األلفاظ التي تلزم صيغة واحدة في التذكير والتأنيث كـ (فعول) بمعنى فاعل نحو ‪:‬‬
‫صبور بعنى صابر ‪ ،‬أو (فعيل) بمعنى مفعول نحو‪ :‬جريح وقتيل بمعنى مجروح ومقتول‬
‫‪ ،‬ومنها عجوز ومعطار ‪ ،‬فهذه الصيغ إذا نعت بها ال تحلقها عالمة التأنيث وإنما‬
‫تالزم التذكير إفرادا وتثنية وجمعا ‪ ،‬تقول ‪ :‬هذا رجل جريح ‪ ،‬وهذه امرأة جريح ‪ ،‬وهذا‬
‫رجل قتيل ‪ ،‬وهذه امرأة قتيل ‪ ،‬وهذا رجل عجوز ‪ ،‬وهذه امرأة عجوز ‪ ،‬وهذان رجالن‬
‫عجوزان ‪ ،‬وهاتان امرأتان عجوزان ‪ ،‬وهؤالء رجال عجز ‪ ،‬وهوالء نسوة عجز ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -2‬إذا كان المنعوت جمع تكسير مذكر غير عاقل فيجوز في نعته الحقيقي أن يكون‬
‫مفردا مؤنثا ‪ ،‬أو جمعا مؤنثا سالما ‪ ،‬أو جمع تكسير للمؤنث تقول ‪ :‬اقتنيت الكتب‬
‫الغالية أو الكتب الغاليات أو الكتب الغوالي ‪.‬‬

‫وقد ورد األوجه الثالثة في القرآن الكريم ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﭼ ‪،‬‬
‫وقوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭼ ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ‪.‬‬

‫‪ -3‬إذا كان المنعوت اسم جنس جمعي (وهو ما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء) نحو ‪:‬‬
‫نخل ونخلة ‪ ،‬فإنه يجوز في نعته اإلفراد مع التذكير أو اإلفراد مع التأنيث قال تعالى ‪:‬‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ‬ ‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﭼ وجاء في موضع آخر ‪ :‬ﭽ ﯶ‬ ‫ﯙ ﯚ‬ ‫ﭽﯘ‬
‫ﯺ ﭼ ‪.‬‬

‫‪ -4‬إذا كان المنعوت تميي از لألعداد المركبة ‪ ،‬أو المعطوفة ‪ ،‬أو ألفاظ العقود فإنه يجوز‬
‫في النعت اإلفراد مراعاة للفظ المنعوت ‪ ،‬أو الجمع مراعاة لمعنى الجمعية تقول ‪ :‬جاء‬
‫خمسة عشر طالبا ذكيا أو أذكياء ‪ ،‬وحضر عشرون رجال أدبيا أو أدباء ‪ ،‬وقدم خمسة‬
‫وثالثون عالما محنكا أو محنكين ‪.‬‬

‫‪ -2‬النعت السببي ‪ :‬وهو ما دل على معنى في شيء بعده له صلة أو ارتباط بالمنعوت‬
‫‪ ،‬وعالمته أن يرفع اسما ظاه ار مشتمال على ضمير يعود إلى المنعوت مطابق له في‬
‫اإلفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث نحو‪ :‬أقبل محمد الكريم أبوه ‪ ،‬فـ (الكريم) ليس‬
‫نعتا لـ (محمد) وإنما هو وصف لألب ‪ ،‬ولكن األب ليس اسما أجنبيا عن (محمد) بل‬
‫يربط بينهما سبب وهو رابط األبوة ‪ ،‬ولذا سمي النعت السببي ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وحكم النعت السببي أنه يتبع منعوته ويوافق ما قبله في اإلعراب والتنكير والتعريف ‪،‬‬
‫ويطابق ما بعده في أمر واحد وهو التذكير والتأنيث ويحتفظ لنفسه باإلفراد فال يثنى وال‬
‫يجمع وإن كان منعوته مثنى أو مجموعا على اللغة الفصيحة ‪.‬‬

‫‪ -‬فمثال مطابقته لما قبله في التنكير ‪ :‬هذا رجل فاضل أبوه فـ (فاضل) نعت سببي لـ‬
‫(رجل) وقد تبع منعوته في الرفع والتنكير كما ترى ‪.‬‬

‫‪ -‬ومثال مطابقته لما قبله في التعريف جاء الرجل الفاضل أبوه فـ (الفاضل) نعت سببي‬
‫لـ (الرجل) وقد تبع منعوته في التعريف كما يبدو ‪.‬‬

‫‪ -‬ومثال مطابقته لما بعده في التذكير‪ :‬هذه غرفة مفتح أبوابها ‪ ،‬فجاءت (مفتح)‬
‫بالتذكير على الرغم من أنها نعت سببي لـ (غرفة) المؤنثة؛ ألن ما بعدها مذكر (أبواب‬
‫جمع باب) ومثله في قوله تعالى ‪( :‬ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها) ‪.‬‬

‫‪ -‬ومثال مطابقته لما بعده في التأنيث ‪ :‬حفظت صنيع زيد الكريمة أمه فـ (الكريمة)‬
‫نعت سببي لـ (زيد) المذكر‪ ،‬وقد جاءت بالتأنيث تبعا لما بعدها وهو لفظ (األم) المؤنث‪.‬‬

‫‪ -‬وتقول ‪ :‬جاء الرجل الفاضل أبوه ‪ ،‬وجاء الرجالن الفاضل أبوهما ‪ ،‬وجاء الرجال‬
‫الفاضل أبوهم‪ ،‬بإفراد النعت السببي في األحوال الثالثة ‪.‬‬

‫األشياء التي ينعت بها ‪:‬‬

‫‪ -1‬االسم المشتق ‪ :‬وهو ما دل على حدث وصاحبه ‪ ،‬والمراد بصاحب الحدث من قام‬
‫به الفعل أو اتصف به أو وقع عليه أو منه ‪ ،‬ويشمل المشتقات العاملة وهي اسم الفاعل‬
‫نحو ‪ :‬جاء الطالب المجتهد ‪ ،‬واسم المفعول نحو ‪ :‬جاء الطالب المحبوب‪ ،‬والصفة‬
‫المشبهة نحو ‪ :‬جاء زيد الكريم ‪ ،‬واسم التفضيل نحو ‪ :‬زيد شاعر أجود منه كاتب ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫أما المشتقات غير العاملة كاسمي الزمان والمكان واسم اآللة فال ينعت بها؛ ألنها ال تدل‬
‫على صاحب الحدث ‪ ،‬فال يقال‪ :‬رأيت مكانا ملعبا‪ ،‬يريد وصف المكان بأنه ملعب ‪.‬‬

‫‪ -2‬الجامد المشبه للمشتق في المعنى ‪ :‬وهو ما كان صالحا للتأويل بالمشتق ويشمل ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اسم اإلشارة‪ :‬نحو‪ :‬خذ الكتاب هذا ‪ ،‬والتأويل ‪ :‬خذ الكتاب المشار إليه وهو معرفة‬
‫فال يقع إال نعتا للمعرفة ‪.‬‬

‫ب‪( -‬ذو) المضافة إلى اسم جنس بمعنى صاحب وفروعها ‪ :‬وهي (ذوا ‪ ،‬وذوي ‪،‬‬
‫وذووا ‪ ،‬وذوي ‪ ،‬وذات ‪ ،‬وذواتا ‪ ،‬وذوات) وال تكون إال نعتا لنكرة تقول ‪ :‬هذا رجل ذو‬
‫فضل ‪ ،‬والتأويل ‪ :‬هذا رجل صاحب فضل ‪ ،‬وتقول ‪ :‬هذه امرأة ذات فضل ‪ ،‬والتأويل ‪:‬‬
‫هذه امرأة صاحبة فضل ‪.‬‬

‫ج‪ -‬الموصوالت االسمية بشرط أن تكون مقرونة بـ (أل) نحو‪ :‬الذي والتي والذين‬
‫والالتي ‪ ،‬تقول ‪ :‬جاء الطالب الذي فاز بالجائزة ‪ ،‬وجاءت الطالبة التي فازت بالجائزة ‪،‬‬
‫والتقدير ‪ :‬الفائز أو الفائزة بالجائزة ‪ ،‬كما يجوز النعت بـ (أل) الموصولية أيضا على‬
‫نحو ما جاء في قول بعضهم ‪:‬‬

‫من القوم الرسول هللا منهم ** لهم دانت رقاب بني معد‬

‫أي ‪ :‬من القوم الذين رسول هللا منهم ‪.‬‬

‫د‪ -‬االسم الجامد الدال على النسب نحو ‪ :‬هذا رجل شامي ‪ ،‬والتأويل ‪ :‬هذا رجل‬
‫منسوب إلى الشام ‪.‬‬

‫هـ‪ -‬اسم العدد ‪ :‬نحو جاء رجال خمسة ‪ ،‬والتأويل جاء رجال بالغون في العدد خمسة ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫و‪ -‬االسم الجامد الدال على التشبيه‪ :‬نحو‪ :‬هذا رجل أسد ‪ ،‬والتأويل‪ :‬هذا رجل شجاع‪.‬‬

‫ز‪( -‬ما) النكرة ‪ :‬نحو‪ :‬اق أر كتابا ما ‪ ،‬والتأويل ‪ :‬اق أر كتابا مطلقا‪ ،‬أي غير محدد ‪.‬‬

‫ك‪ -‬كلمتا (كل وأي) الدالتان على استكمال الموصوف للصفة نحو ‪ :‬أنت رجل كل‬
‫الرجل ‪ ،‬والتأويل ‪ :‬أنت رجل كامل في الرجولية ‪ ،‬ونحو ‪ :‬أنت رجل أي رجل ‪ ،‬والتأويل‬
‫أيضا‪ :‬أنت كامل في الرجولية ‪.‬‬

‫‪ -3‬الجملة ‪ :‬وللنعت بها ثالثة شروط ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن يكون منعوتها نكرة نحو ‪ :‬أقبل فارس يبتسم ‪ ،‬فجملة (يبتسم) في محل رفع نعت‬
‫لـ (فارس) النكرة ‪.‬‬

‫أما إذا كان المنعوت معرفة نحو ‪ :‬أقبل الفارس يبتسم‪ ،‬فإن الجملة الفعلية (يبتسم) في‬
‫محل نصب حال ‪ ،‬والقاعدة النحوية (الجمل وأشباه الجمل بعد النكرات صفات وبعد‬
‫المعارف أحوال) ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن تكون الجملة النعتية خبرية محتملة للصدق والكذب نحو ‪ :‬جاء رجل ثوبه جديد‬
‫‪ ،‬وال تصلح الجمل اإلنشائية أن تكون نعتا ‪ ،‬نحو ‪ :‬رأيت مسكينا عاونه‪ ،‬وشاهدت‬
‫محتاجا هل تساعده ؟‬

‫ج‪ -‬أن تكون الجملة مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف كما في قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﯸ‬
‫ﯽ ﭼ فجملة (ترجعون) في محل نصب نعت لـ (يوما) النكرة ‪ ،‬والضمير‬ ‫ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫الرابط هو (فيه) ‪.‬‬

‫‪ -4‬شبه الجملة من الجار والمجرور نحو ‪ :‬رأيت عصفو ار على الشجرة‪.‬‬


‫أو الظرف نحو ‪ :‬رأيت عصفو ار فوق الشجرة‪ .‬فالجار والمجرور (على الشجرة) في‬
‫‪8‬‬
‫المثال األول ‪ :‬والظرف (فوق الشجرة) في المثال الثاني في محل نصب نعت لـ‬
‫(عصفو ار) في الموضعين ‪.‬‬

‫‪ -5‬المصدر ‪ :‬ويشترط للنعت به ثالثة شروط أيضا ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن يكون مالزما لإلفراد والتذكير فال يؤنث وال يثنى وال يجمع تقول ‪ :‬هو رجل ثقة ‪،‬‬
‫أي ‪ :‬موثوق به ‪ ،‬وهذا رجل عدل أي ‪ :‬عادل ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أن يكون المصدر من الثالثي كما في األمثلة المتقدمة ‪.‬‬

‫ﭳ ﭼ أي‬ ‫ج‪ -‬أن ال يكون مصد ار ميميا كما في قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫‪ :‬إلى طلوع الفجر ‪.‬‬

‫قطع النعت ‪:‬‬

‫المراد بقطع النعت جعله على خالف متبوعه في الحركة اإلعرابية على اعتباره طرفا في‬
‫جملة مستقلة نحو ‪ :‬جاء زيد الشاعر فـ (الشاعر) لم تعد نعتا لزيد ‪ ،‬وإنما هي مفعول به‬
‫في جملة مستقلة فعلها محذوف ‪ ،‬فإن كان الوصف يراد به الثناء يكون تقدير الفعل‬
‫المحذوف (أمدح ) كما في المثال السابق ‪ ،‬وإن كان الوصف يراد به التحقير نحو ‪ :‬جاء‬
‫زيد الخائن ‪ ،‬يكون تقدير الفعل المحذوف (أذم) أي ‪:‬أذم الخائن ‪ ،‬وإن كان الوصف يراد‬
‫به الترحم نحو ‪ :‬جاء خالد المسكين ‪ ،‬فالفعل المحذوف يقدر بـ (أرحم) أي ‪ :‬أرحم‬
‫المسكين ‪ ،‬وإن لم يكن الوصف مشع ار بمدح أو ذم أو ترحم نحو ‪ :‬جاء عمرو العطار ‪،‬‬
‫فالفعل المحذوف يقدر بـ (أعني) أي ‪ :‬أعني العطار ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ويكون القطع بالنصب ‪ ،‬إذا كان المنعوت مرفوعا كما في األمثلة المتقدمة‪ ،‬ويكون‬
‫بالرفع إذا كان المنعوت منصوبا نحو ‪ :‬رأيت زيدا الشاعر ‪ ،‬ورأيت عم ار الخائن ‪ ،‬ورأيت‬
‫عليا المسكين ‪ ،‬وهكذا‪ ،‬والنعت المقطوع هنا يعرب خب ار لمبتدأ محذوف تقديره هو ‪.‬‬

‫تعدد النعت ‪:‬‬

‫يجوز أن يتعدد النعت لمنعوت واحد نحو ‪ :‬جاء زيد الشاعر الفقيه الكاتب ‪ ،‬وأن يتعدد‬
‫النعت والمنعوت متعدد أيضا نحو ‪ :‬جاء زيد وعمرو الكاتب والشاعر ‪ ،‬ولكل منهما‬
‫أحكام تخصه يمكن أن نجملها في اآلتي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬أحكام تعدد النعت لمنعوت واحد‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا لم يتحدد المنعوت إال بذكر جميع النعوت وجب اتباع هذه النعوت جميعا وال‬
‫يجوز فيها القطع تقول ‪ :‬جاء زيد الشاعر الفقيه الكاتب ‪ ،‬برفع الجميع على اإلتباع ‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا كان المنعوت متعينا بغير نعوته جاز فيه اإلتباع والقطع ‪ ،‬تقول ‪ :‬جاء زيد‬
‫الشاعر الفقيه الكاتب ‪ ،‬باالتباع‪ ،‬أو جاء زيد الشاعر الفقيه الكاتب‪ ،‬بالقطع ‪.‬‬

‫‪ -‬وإنما يجوز ذلك إذا لم يكن هنالك إال زيد واحد يكفي في تعيينه وتحديده مجرد النطق‬
‫باسمه ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أحكام تعدد النعت لمنعوت متعدد‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا تعددت المنعوتات والنعوت فإن كانت كلها بلفظ واحد فإنها تثنى أو تجمع‪،‬‬
‫تقول ‪ :‬جاء زيد وعمرو الشاعران ‪ ،‬وجاء زيد وعمرو وخالد الشعراء ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -2‬وإذا كانت النعوت بألفاظ مختلفة وجب التفريق بينهما بالواو ‪ ،‬تقول ‪ :‬جاء زيد وخالد‬
‫وعمرو الشاعر والفقيه والكاتب ‪ ،‬فيكون األول للمنعوت األول‪ ،‬والثاني للثاني‪ ،‬والثالث‬
‫للثالث ‪.‬‬

‫‪ -3‬وإذا كانت المنعوتات معمولة لعامل واحد وجب االتباع في النعوت رفعا ونصبا وج ار‬
‫‪ ،‬تقول ‪ :‬جاء زيد وعمرو وخالد العاقلون ‪ ،‬ورأيت زيدا وعم ار وخالدا العاقلين ‪ ،‬ومررت‬
‫بزيد وخالد وعمرو العاقلين ‪.‬‬

‫‪ -4‬وإذا كانت المنعوتات معمولة لعوامل متعددة وجب القطع نحو ‪ ،‬جاء زيد وذهب‬
‫عمرو العاقلين بنصب (العاقلين) على القطع وتكون مفعوال به لفعل محذوف ‪.‬‬

‫حذف النعت ‪:‬‬

‫يجوز حذف كل من النعت والمنعوت إذا كان في الكالم ما يدل عليهما ‪.‬‬

‫‪ -‬فأما المنعوت فيكثر حذفه إذا كان نعته غلب عليه في االستعمال نحو ‪ :‬أقمنا في‬
‫البطحاء فـ (البطحاء) وصف لألرض ‪ ،‬ولكن لما كان البطحاء ال يوصف بها إال‬
‫المكان المتسع استغنت العرب عن ذكره واكتفت بذكر النعت فقط ‪.‬‬

‫ومن هذا القبيل قولهم ‪ :‬ضربت باألبيض أي ‪ :‬السيف األبيض ‪ ،‬وطعنت باألسمر أي‬
‫‪ :‬بالرمح األسمر ‪ ،‬وجاءنا راكب أي ‪ :‬رجل راكب إذ ال يركب إال اإلنسان ‪ ،‬وقولهم ‪:‬‬
‫رأيت األورق ‪ ،‬أي ‪ :‬الجمل األورق ‪ ،‬واألطلس ‪ ،‬أي ‪ :‬الذئب األطلس ‪ ،‬والورقاء أي ‪:‬‬
‫الحمامة الورقاء ‪.‬‬

‫قال تعالى‪ (:‬أن اعمل سابغات) أي ‪ :‬دروعا سابغات‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬أما إن كانت الصفة غير غالبة على موصوفها فال يجوز حذف منعوتها منعا‬
‫لاللتباس فال تقول ‪ :‬رأيت قصي ار ؛ ألن صفة القصر ليست غالبة على شيء معين إذ‬
‫القصر يوجد في الثوب والقلم والرجل والباب وغير ذلك من األجناس ‪.‬‬

‫‪ -‬وأما النعت فحذفه قليل ‪ ،‬وال يحسن حذفه إال إذا قويت داللة الحال عليه ومن ذلك ما‬
‫حكاه سيبويه عن العرب (سير عليه ليل) يريدون ليل طويل ‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى ‪:‬‬
‫(يأخذ كل سفينة غصبا) والتقدير ‪ :‬يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ‪.‬‬

‫‪ -‬وقوله تعالى ‪( :‬إنه ليس من أهلك) أي ‪ :‬الناجين ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫التوكيــــد‬

‫التوكيد ‪ :‬ويقال له أيضا التأكيد ‪ ،‬إال أن األول هو األفصح واألكثر استعماال ‪ ،‬وبه نزل‬
‫القرآن ‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﭼ وهو مصدر بمعنى المؤكد أي ‪ :‬من باب‬
‫إطالق المصدر لمعنى اسم الفاعل ‪ ،‬ويطق في لسان العرب لمعنى الشد والتقوية ‪،‬‬
‫تقول ‪ :‬وكدت األمر توكيدا وأكدته تأكيدا ‪ ،‬أي ‪ :‬شددته وقويته ‪ ،‬ومنه والوكاد وهو‬
‫الحبل الذي يشد به البقر عند الحلب وهو قسمان ‪ :‬توكيد لفظي وتوكيد معنوي ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التوكيد اللفظي‪:‬‬

‫تعريفه ‪ :‬وهو تكرار اللفظ وإعادته بعينه نحو ‪ :‬جاء زيد زيد ‪ ،‬وقدم قدم عمرو ‪ ،‬ونعم‬
‫نعم ‪ ،‬أو بمرادفه نحو قوله تعالى ‪( :‬فجاجا سبال) ألن معنى الفجاج والسبل واحد وإن‬
‫اختلفا في اللفظ ‪ ،‬ومثله ‪ :‬حقيق جدير ‪ ،‬وأجل جير ‪ ...‬الخ وال يكرر اللفظ للتوكيد أكثر‬
‫من ثالث مرات ‪.‬‬

‫أغراضه ‪:‬‬

‫‪ -1‬تمكين السامع من تدارك لفظ فاته سماعه أو لم يتبينه ‪.‬‬

‫ﭼ‪.‬‬ ‫ﮘ ﮙ‬ ‫‪ -2‬التهديد كقوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬

‫‪ -3‬التهويل كقوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ ‪.‬‬

‫‪ -4‬وقد يأتي للتلذذ نحو ‪ :‬هللا هللا أفضل كلمة ينطق بها اللسان ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫أنواعه ‪ :‬للتوكيد اللفظي أنواع أربعة ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون اللفظ المكرر اسما كقول الشاعر ‪:‬‬

‫أخاك أخاك إن من ال أخاً له ** كساع إلى الهيجا بغير سالح‬

‫فـ (أخاك) األولى منصوبا على االختصاص و(أخاك) الثانية توكيد لها (وهي اسم) ‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يكون اللفظ المكرر فعال كما في قول الشاعر ‪:‬‬

‫فأين إلى أين النجاة ببغلتي ؟ ** أتاك أتاك الالحقون احبس احبس‬

‫فـ (أتاك) األولى فعل ماض ‪ ،‬وفاعله (الالحقون) و(أتاك) الثانية توكيد لفظي (وهي‬
‫فعل) ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يكون اللفظ المكرر حرفا في قول الشاعر ‪:‬‬

‫ال ال أبوح بحب بثنة أنها ** أخذت على مواثق وعهودا‬

‫فـ (ال) األولى للنفي ‪ ،‬و(ال) الثانية توكيد لفظي ‪( ،‬وهي حرف) ‪.‬‬

‫‪ -4‬أن يكون اللفظ المكرر جملة كقول مقيم الصالة ‪ :‬قد قامت الصالة قد قامت‬
‫الصالة ‪ ،‬فالجملة الخبرية الثانية (قد قامت الصالة) جاءت مؤكدة لألولى ‪.‬‬

‫طرق وأساليب التوكيد اللفظي ‪:‬‬

‫‪ -1‬يؤكد االسم الظاهر بتكرار لفظه نحو ‪ :‬جاء زيد زيد ‪ ،‬ومنه قوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪( :‬أيما امرأة نكحت نفسها بغير ولي فنكاحها باطل باطل باطل) أخرجه ابن ماجة‬
‫والدارمي ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -2‬ويؤكد اسم الفعل أيضا بتكرير لفظه فقط نحو ‪ :‬هيهات هيهات السفر ‪ ،‬وقوله تعالى‬
‫ﭼ ‪.‬‬ ‫ﯚ‬ ‫‪:‬ﭽ ﯗ ﯘ ﯙ‬

‫‪ -3‬ويؤكد الفعل أيضا بإعادة لفظه أو مرادفعه فقط نحو ‪ :‬جاء جاء الحق ‪ ،‬وسكت‬
‫صمت الناطق ‪.‬‬

‫‪ -4‬ويؤكد االسم الموصول بتك ارره مع صلته نحو ‪ :‬جاء الذي فاز الذي فاز ‪.‬‬

‫‪ -5‬ويؤكد الضمير المنفصل أيضا بإعادة لفظه فقط نحو ‪ :‬أنت أنت ناجح وإياك إياك‬
‫واإلهمال ‪ ،‬ومنه قول الشاعر ‪:‬‬

‫فإياك إياك المراء فإنه ** إلى الشر دعاء وللشر جالب‬

‫‪ -6‬ويؤكد الضمير المستتر بضمير رفع منفصل مساو له في المعنى نحو ‪ :‬أذهب أنا‬
‫إلى الجامعة ‪ ،‬ويذهب هو إلى المنزل ‪ ،‬وتذهب أنت إلى المكتبة ‪ ،‬ومن شواهده في‬
‫ﭼ ‪.‬‬ ‫التنزيل قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬

‫‪ -7‬ويؤكد الضمير البارز المتصل بأحد أمرين ‪ :‬إما بتك ارره مع تكرار ما اتصل به نحو‬
‫‪ :‬إنك إنك ناجح ‪ ،‬وإما بضمير رفع منفصل سواء أكان المؤكد في محل رفعه نحو ‪:‬‬
‫ذهبت أنا إلى الجامعة ‪ ،‬أو في محل نصب نحو ‪ :‬إنني أنا أحب القراءة ‪ ،‬أو في محل‬
‫جر نحو ‪ :‬عندي أنا كتب كثيرة ‪ ،‬ومن شواهده في التنزيل قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭼ ‪.‬‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫ﭛ ﭜ‬

‫‪ -8‬وتؤكد الحروف الجوابية بإعادة ألفاظها فقط نحو ‪( :‬نعم نعم) في اإلثبات أو (ال‬
‫ال) في النفي جوابا لمن قال ‪ :‬هل جاء زيد ؟‬

‫‪15‬‬
‫‪ -9‬ويؤكد الحرف غير الجوابي بتك ارره مع تكرار ما دخل عليه ‪ ،‬مع مراعاة الفصل بين‬
‫الحرف المؤكد والمؤكد ‪ ،‬نحو ‪( :‬في البيت في البيت رجل) ‪ ،‬وإن خالدا إن خالدا‬
‫لمسافر ‪ ،‬وعندي رسالة لك لك ‪ ،‬ومن أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى ‪( :‬أيعدكم أنكم‬
‫إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون) فـ (أن) المفتوحة الثانية مؤكدة لـ (أن) األولى‬
‫‪ ،‬وقد فصل بينهما بجملة (إذا متم وكنتم ترابا وعظاما) ‪.‬‬

‫‪ -‬وإذا دخل الحرف على االسم الظاهر جاز استعمال ضميره عند التكرار تقول ‪ :‬إن‬
‫خالدا إنه لمسافر وهو األولى واألفصح من أعادة لفظه وبه جاء التنزيل قال تعالى ‪:‬‬
‫(ففي رحمة هللا هم فيها خالدون) فـ ( في) الثانية توكيد لـ (في) األولى ‪ ،‬وأعيد مع (في)‬
‫الثانية ضمير (رحمة) ال لفظها ‪.‬‬

‫‪ -10‬وتؤكد الجملة بتكرار جميع أجزائها ‪ ،‬واألكثر اقترانها بحرف عطف (ثم) خاصة‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ ‪ ،‬وقوله ‪ :‬ﭽ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬ ‫نحو ‪ :‬ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﭼ ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ ومن غير‬
‫الغالب أن يعاد تكرار الجملة من غير عاطف كما في قول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫(وهللا ألغزون قريشا ‪ ،‬وهللا ألغزون قريشا ‪ ،‬وهللا ألغزون قريشا كررها ثالث مرات)‬
‫أخرجه أبوداؤود في سننه ‪.‬‬

‫وال يترك العطف في غالب االستعمال هنا إال إذا خيف اللبس وإيهام التعدد نحو ‪:‬‬
‫ضربت زيدا ضربت زيدا ‪ ،‬وال يؤتى بالعاطف لئال يتوهم تكرار الضرب ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ثانياً ‪ :‬التوكيد المعنوي ‪:‬‬

‫تعريفه ‪ :‬هو التا بع الذي يقرر ويثبت الحكم المسند إلى متبوعه في النسبة ‪ ،‬برفعه توهم‬
‫اإلسناد إلى غير المتبوع ‪ ،‬أو في الشمول برفع توهم الخصوص فيما ظاهره العموم ‪.‬‬

‫أغراضه ‪ :‬وله ثالثة أغراض ‪:‬‬

‫‪ -1‬إفادة السامع بأن الكالم محمول على الحقيقة ال على المجاز ‪ ،‬وليس فيه حذف أو‬
‫سهو أو نسيان ‪.‬‬

‫‪ -2‬إفهام السامع بأن التنبيه إذا وقعت في سياق (ما) فإن مدلولها األصلي هو المراد ال‬
‫غيره ‪.‬‬

‫‪ -3‬إلفادة التعميم الحقيقي وإزالة االحتمال عن الشمول الكامل ‪.‬‬

‫ألفاظ التوكيد المعنوي ‪ :‬تنحصر ألفاظ التوكيد المعنوي في اآلتي ‪:‬‬

‫أ‪( -‬النفس والعين) ‪ :‬وتستعمالن للغرض األول وهو دفع االحتمال عن الذات المسند‬
‫إليه الحكم ‪ ،‬فلو لت مثال ‪ :‬جاء الوزير ‪ ،‬فالعبارة في ظاهرها تفيد نسبة المجيء إلى‬
‫الوزير ‪ ،‬ومن المحتمل أن يكون الجائي حاشيته ‪ ،‬أو حرسههه أو أمره ‪ ،‬أو كتابه أو من‬
‫ينوب عنه ‪ ،‬أو شيء آخر يتعلق به ‪ ،‬فإذا قلت ‪ :‬جاء الوزير نفسه أو عينه ارتبع‬
‫االحتمال المجازي وثبت الفعل حقيقهة للمؤكد ‪ ،‬هذا وتتعلق بـ (النفس والعين) بعض‬
‫األحكام والشروط يمكن إجمالها في اآلتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬يجب فيهما أن تضافا إلى ضمير يناسب االسم المؤكد تذكي ار وتأنيثا ‪ ،‬تقول ‪ :‬جاء‬
‫الوزير نفسه أو عينه ‪ ،‬أو جاءت الوزيرة نفسها أو عينها ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -2‬إذا أكد بهما الجمع وجب جمعهما على وزن (أفعل) تقول ‪ :‬جاء زيد وعمرو وخالد‬
‫أنفسههم أو أعينهم ‪.‬‬

‫‪ -3‬وإذا أكد بهما المثنى فاألفصح في كالمهم أن تجمعا أيضا على وزن (أفعل) نحو ‪:‬‬
‫جاء زيد وعمرو أنفسهما أو أعينهما ‪ ،‬ويجوز إفرادهما نحو ‪ :‬جاء زيد وعمرو نفسهما أو‬
‫عينهما ‪ ،‬كما جوز ابن مالك وابنه (ابن الناظم) تثنيتهما فيقال ‪ :‬جاء زيد وعمرو‬
‫نفساهما أو عيناهما ‪.‬‬

‫‪ -4‬يجوز الجمع بينهما في التوكيد ‪ ،‬لكن بغير عطف يقال ‪ :‬جاء زيد نفسه عينه مع‬
‫مراعاة تقديم النفس على العين ‪.‬‬

‫‪ -5‬إذا أريد توكيد ضمير الرفع المتصل بـ (النفس والعين) فاألجود واألفصح توكيده أوال‬
‫بضمير مثله منفصل نحو ‪ :‬جئت أنت نفسك ‪ ،‬واذهب أنت عينك ‪ ،‬وذهبوا هم أنفسهم ‪،‬‬
‫وذهبن هن أعينهن ‪.‬‬

‫‪ -6‬يجوز جرههما بالباء الزائدة نحو ‪ :‬جاء زيد بنفسه أو بعينه ‪ ،‬ومن شواهده في القرآن‬
‫ﭺ ﭼ ‪.‬‬ ‫الكريم قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭹ‬

‫ب‪( -‬كال وكلتا) ‪ :‬وتستعمالن للغرض الثاني وهو لرفع احتمال إراد المجاز في التثنية‬
‫نحو ‪ :‬جاء الطالبان كالهما ‪ ،‬وقابلت الطالبتين كلتيهما ‪ ،‬فتأتي بلفظي التوكيد (كال‬
‫وكلتا) إذا خشيت على السامع أن يظن أن مراد المتكلم ‪ :‬جاء أحد الرجلين أو إحدى‬
‫المرأتين ‪ ،‬وأنه أطلق المثنى وأراد به الواحد على سبيل المجاز المرسل كما في قوله‬
‫تعالى ‪( :‬يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) والمراد ‪ :‬يخرج من أحدهما (وهو البحر المالح)‬
‫وال العذب اللؤلؤ وهو كبار الدر ‪ ،‬والمرجان ‪ :‬وهو صغاره ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ويتعلق بـ (كال وكلتا) أمران ‪:‬‬

‫أحدهما ‪ :‬يجب فيهما أن تضافا إلى ضمير يناسب المؤكد ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬يجب إلحاقهما بالمثنى في اإلعراب ‪ ،‬باأللف رفعا وبالياء نصبا وج ار ‪.‬‬

‫ج‪( -‬كل – جميع – عامه) ‪ :‬وتستعمل هذه األلفاظ الثالثة (للغرض الثالث) وهو إفادة‬
‫التعميم الحقيقي ‪ ،‬وإزالة احتمال عدم إرادة الشمول الكامل نحو ‪ :‬جاء القوم كلهم أو‬
‫جميعهم أو عامتهم ‪ ،‬فـ (كل) وأخواتها أفادت أن حدث المجيء قد وقع من كل فرد من‬
‫أفراد القوم بدون استثناء ‪ ،‬وإن الكالم على حقيقة الشمول وليس فيه نوع من أنواع‬
‫المبالغة أو المجاز ‪.‬‬

‫ويشترط فيها وفي مؤكدها شروط هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن تكون مضافة إلى ضمير يعود إلى المؤكد ‪.‬‬

‫‪ -2‬ويشترط في مؤكد هذه األلفاظ أن يكون له أفراد ‪ ،‬كالطالب في قولك ‪ :‬جاء‬


‫الطالب كلهم ‪ ،‬أو جميعهم أو عامتهم ‪ ،‬أو مفردا له أجزاء مستقل بعضها عن بعض‬
‫بحيث يمكن وقوع الحدث على بعضه أجزائه دون بعض ‪ ،‬أو وقوع الحدث من بعضها‬
‫دون بعض ‪ ،‬نحو قرأت الكتاب كله ‪ ،‬واشتريت الدار كلها ‪ ،‬ومضى الشهر كله ‪،‬‬
‫فالكتاب يتألف من أجزاء يمكن إيقاع فعل القراءة على بعضها دون البعض ‪ ،‬وكذا الدار‬
‫تتألف من أجزاء يمكن وقوع الشراء على بعضها دون البعض ‪ ،‬وكذا الشهر يمكن وقوع‬
‫فعل المضي من بعضه دون بعض ‪ ،‬وال يجوز أن يقال ‪ :‬جاء زيد كله ‪ ،‬ألن فعل‬
‫المجيء ال يمكن أن يقع من بعض أجزاء زيد دون بعضها ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫د‪( -‬إجمع – جمعاء – أجمعون – جمع) ‪ :‬وتستعمل هذه األفاظ لتقوية التوكيد ‪،‬‬
‫والغالب فيها أن تأتي رديفة للفظ (كل) وال تستقل وحدها بعملية التوكيد ‪ ،‬يقال ‪ :‬مضى‬
‫الشهر كله أجمعه ‪ ،‬وحفظت القصيدة كلها جمعاء ‪ ،‬وجاء القوم كلهم أجمعون ‪ ،‬ورأيت‬
‫النسوة كلهن جمع ‪ ،‬ويكون ذلك من قبيل تعدد التوكيد لتقوية الخبر ‪.‬‬

‫ومن غير الغالب أن يؤكد بهن استقالال دون أن يتقدم عليهن (كل) نحو ‪ :‬جاء الجيش‬
‫أجمعه ‪ ،‬والقبيلة جمعاء ‪ ،‬والقوم أجمعون ‪ ،‬والنساء جمع ‪ ،‬ومن شواهد ذلك في القرآن‬
‫الكريم قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﮌ ﮍ ﮎ ﭼ ‪ ،‬ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ‪.‬‬

‫هـ‪( -‬أكتع – أبصع ‪ ،‬أبتع) ‪ :‬وفروعها وهي ‪( :‬كتعاء – بصعاء – بتعاء وأكتعون –‬
‫أبتعون – أبصعون – كتع – بتع – بصع) وهذه األلفاظ ال تستعمل إال رديفة للفظ‬
‫(أجمع) وفروعه نحو مضى الشهر كله أجمع أكتع أبتع أبصع ‪ ،‬وحفظت القصيدة كلها‬
‫جمعاء بصعاء ‪ ،‬ومررت بالقوم كلهم أجمعين أكتعين أبصعين ‪ ،‬وجاءت النسوة كلهن‬
‫جمع كتع بصع ‪.‬‬

‫أحكام عامة في التوكيد المعنوي ‪:‬‬

‫‪ -1‬يتبع التوكيد المعنوي مؤكده في اإلعراب رفعا ونصبا وج ار ‪.‬‬

‫‪ -2‬ال يكون التوكيد المعنوي إال باأللفاظ المذكورة ‪ ،‬فال يأتي جملة وال شبهها ‪.‬‬

‫‪ -3‬يجب أن يتأخر التوكيد عن متبوعه ‪.‬‬

‫‪ -4‬ال يجوز حذف المؤكد وبقاء التوكيد كما هو الحال في النعت ‪.‬‬

‫‪ -5‬ال يقع القطع في التوكيد كما هو الشأن في النعت ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -6‬ال يجوز توكيد النكرة إال إذا أفادت ‪ ،‬وذلك إذا كانت محدودة المقدار معروفة‬
‫الحدود لها ابتداء وانتهاء ‪ ،‬نحو ‪ :‬يوم ‪ ،‬أسبوع ‪ ،‬وشهر وحول ‪ ،‬ويكن توكيدها بألفاظ‬
‫الشمول فقط ‪ ،‬تقول مضى شهر كله ‪ ،‬واشترت دا ار كلها ‪ ،‬وتصدقت بدينار كله ‪ ،‬ومنه‬
‫قول الشاعر ‪:‬‬

‫لكنه شاقه أن قبل ذا رجب ** يا ليت عدة حول كله رجب‬

‫والشاهد فيه (عدة حول كله) حيث أكد النكرة (حول) بلفظ الشمول كله ‪ ،‬لكونه محدودا ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الع ـ ـ ـطف‬

‫العطف في اللغة ‪ :‬الميل ‪ ،‬ويأتي بمعنى الرجوع إلى الشيء بعد االنصراف عنه يقال ‪:‬‬
‫عطف الفارس إلى قرنه إذا التفت إلى المكافئ له في الشجاعة ليبارزه ‪ ،‬وهو قسمان ‪:‬‬
‫عطف البيان وعطف النسق ‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬عطف البيان‬

‫تعريفه ‪ :‬هو التابع الجامد الذي يوضح متبوعه في المعارف ويخصصه في النكرات ‪.‬‬

‫أغراضه ‪ :‬وله غرضان ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬توضيح المعرفة وتحديدها إن كانت غير كاملة التعين والتحديد ‪ ،‬نحو مررت‬
‫بأخيك زيد (إذا كان للمخاطب أكثر من أخ) فكلمة (أخ) وإن كانت معرفة بإضافتها إلى‬
‫الضمير (كاف) إال أن السامع ال يستطيع أن يحدد أيا منهم الذي مر به ‪ ،‬فإذا عطفت‬
‫عليها كلمة زيد تعين المقصود ‪ ،‬وبان المراد ‪ ،‬ومن أمثلته في الشعر قول القائل ‪:‬‬

‫أقسم باهلل أبو حفص عمر ** ما إن بها من نصب وال دبر‬

‫فـ (عمر) عطف بيان على (حفص) جيء به للبيان والتفسير واإليضاح ‪.‬‬

‫الغرض الثاني ‪ :‬تخصيص النكرة بتضييق دائرة تنكيرها ‪ ،‬نحو ‪ :‬عندي متاع ثوب فكلمة‬
‫(متاع) تصدقق على كثير من األشياء ‪ ،‬فلما عطفت عليها كلمة (ثوب) ضاقت دائرة‬
‫تنكيرها ‪ ،‬ولم تعد تصدق إال على جنس األثواب فقط من بين كل األمتعة ‪ ،‬ومن شواهده‬
‫ﭼ فـ (صديد) عطف بيان‬ ‫في القرآن الكريم قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﮩ ﮪ ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ‬

‫‪22‬‬
‫على (ماء) ومنه قوله تعالى ‪( :‬كفارة طعام مساكين) على قراءة من نون (كفارة) في‬
‫(طعام مساكين) عطف بيان على (كفارة) ‪.‬‬

‫أوجه التشابه واالختالف بين النعت وعطف البيان ‪:‬‬

‫يتفق عطف البيان مع النعت في الوظيفة ‪ ،‬فكالهما يوضح المعرفة ويعينها إن لم تكن‬
‫تامة التحديد والتعيين ‪ ،‬وتخصص النكرة بتضييق دائرة تنكيرها ‪ ،‬وقد عرفها البعض بأنه‬
‫(التابع المشبه للصفة في توضيح المعرفة ‪ ...‬الخ) ‪.‬‬

‫ويتفقان أيضا في أمور أخرى منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬يوافق عطف البيان النعت الحقيقي في التبعية التامة ‪ ،‬فكالهما يطابق متبوعه في‬
‫اإلعراب وفي الجنس ‪ ،‬وفي العدد ‪ ،‬وفي التعريف والتنكير ‪( ،‬أي ‪ :‬في الرفع والنصب‬
‫والخفض ‪ ،‬والتذكير والتأنيث ‪ ،‬واإلفراد والتثنية والجمع والتعريف والتنكير) ‪.‬‬

‫‪ -2‬عطف البيان كالنعت في عدم جواز تقدمه على متبوعه ‪.‬‬

‫‪ -3‬عطف البيان كالنعت في كونهما ال يصلحان إال لخدمة الظاهر أما الضمير فال‬
‫يصوصف وال يعطف عليه عطف بيان ‪.‬‬

‫وتختلفان في األمور اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -1‬عطف البيان ال يكون إال جامدا ‪ ،‬والنعت ال يكون إال مشتقا أو مؤوال بالمشتق ‪.‬‬

‫‪ -2‬ال يجوز في عطف البيان القطع كما جاز في النعت ‪.‬‬

‫هل يجوز عطف البيان أن يعرب بدال ؟‬

‫‪23‬‬
‫يصح في عطف البيان أن يعرب بدل من كل في غالب استعماالتهم ‪ ،‬ويستثنى من ذلك‬
‫موضعان يمنتنع فيهما إعراب البدل وهما ‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا كان ذكر عطف البيان واجبا واالستغناء عنه ممتنعا ‪ ،‬نحو (هند قام زيد أخوها)‬
‫‪ ،‬فـ (أخوها) عطف بيان على (زيد) وال يصح إعرابه بدال منه ‪ :‬ألن البدل في نية تكرار‬
‫العامل فيعتبر جزءا من جملة أخرى فيخلو المبتدأ من رابط ‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا امتنع إحالله محل األول نحو ‪ :‬يا زيد الحارث ‪ ،‬فـ (الحارث) يتعين كونه عطف‬
‫البيان على (زيد) ويجوز أن يعرب بدال منه ‪ ،‬ألنه لو قيل ‪ :‬يا الحارث لم يجز ألن (يا)‬
‫و(أل) ال يجتمعان هنا ‪ ،‬ومن هذا القبيل قول الشاعر ‪:‬‬

‫أنا ابن التارك البكري بشر ** عابه الطير ترقبه وقوعاً‬

‫فيتعين في (بشر) أن يعرب عطف بيان ال بدل لعدم جواز أن يقال ‪ :‬أنا ابن التارك‬
‫بشر؛ ألن الصفة المقرونة بـ (ال) مثل (التارك) ال تضاف إال لما فيه (ال)‪.‬‬

‫ثانياً‪:‬عطف النسق ‪:‬‬

‫هو التابع الذي يتوسط بينه وبين متبوعه أحد هذه الحروف العشرة وهي ‪:‬‬

‫(الواو – الفاء – ثم – حتى – أم – أو – إما – بل – ال – لكن) وهي من حيث‬


‫التشريك تنقسم إلى قسمين ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ما يشرك المتعاطفين في اللفظ والمعنى ‪ ،‬وهو السبعة األولى (الواو – إما) وما‬
‫بينهما ‪ ،‬والمراد بالتشريك اللفظي االشتراك في اإلعراب ‪ ،‬فما بعدها يتبع ما قبلها في‬
‫أوجه اإلعراب المختلفة ‪ ،‬وهو حكم عام في جميع الحروف العاطفة ‪ ،‬أما التشريك في‬

‫‪24‬‬
‫المعنى فالمراد به االشتراك في الحدث والحكم المسند إثباتا ونفيا ‪ ،‬فإذا قلت ‪( :‬جاء زيد‬
‫وعمرو) ‪ ،‬فإن (عم ار) شارك (زيدا) في الحكم اإلعرابي وهو الرفع ‪ ،‬وفي الحدث هو‬
‫المجيء ‪ ،‬وإليك أمثلة لكيفية استعمال هذه الحروف وبيان معانيها ‪:‬‬

‫‪ -1‬الواو ‪ :‬وهي لمطلق الجمع بين المتعاطفين من غير داللة على ترتيب وعدمه على‬
‫الصحيح ‪ ،‬فقولك ‪( :‬وصل القطار والسيارة) يفيد أنهما أشتركا في حكم الوصول ‪ ،‬ولكن‬
‫ال يعلم أيهما وصل قبل اآلخر ‪.‬‬

‫خصائص الحرف (الواو) ‪:‬‬

‫انفردت الواو من بين جميع حروف العطف ببعض الخصائص أهمها ‪:‬‬

‫ﭼ فـ (إبراهيم)‬ ‫أنها يعطف بها الالحق على السابق نحو قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫معطوف على (نوح) ‪ ،‬وهو متقدم عليه في الرسالة ‪ ،‬ويعطف بها السابق على الالحق‬
‫ﭞ ﭟ ﭼ فاسم الموصول (الذين) المراد به‬ ‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬ ‫نحو ‪ :‬ﭽ ﭕ ﭖ ﭗ‬
‫الرسل المتقدمون معطوف على الضمير (كاف) في (إليك) المخاطب به الرسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم م ن باب عطف المتقدم على المتأخر ‪ ،‬كما يعطف بها المصاحب‬
‫ﭗ ﭼ فـ (أصحاب السفينة)‬ ‫للمعطوف عليه في الحكم نحو ‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫معطوف على (الهاء) عطف مصاحب ‪.‬‬

‫‪ -‬أنها تعطف اسما على اسم ال يكتفي الكالم بدونه نحو اصطف زيد وعمرو ‪ ،‬وجلست‬
‫بين زيد وعمرو فاالصطفاف والبينية من المعاني التي ال تقوم إال بين اثنين فصاعدا ‪.‬‬

‫‪ -‬عاطف الشيء على مرادفه نحو (شرعة ومنهاجا) ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬عطف عامل قد حذف وبقى معموله نحو ‪( :‬والذين تبوءو الدار واإليمان) ‪ ،‬فـ‬
‫(اإليمان) معطوف على (تبوؤا الدار) وهو مفعول به لعامل محذوف تقديره ‪ :‬وألفوا‬
‫اإليمان ‪.‬‬

‫‪ -‬جواز فصلها عن معطوفها بظرف أو الجار والمجرور نحو ‪( :‬وجعلنا من بين أيديهم‬
‫سدا ومن خلفهم سدا) أي من بين أيديهم سدا ‪ ،‬وسدا من خلفهم ‪ ،‬ففصل بين المعطوف‬
‫عليه (سدا) األولى ‪ ،‬والمعطوف (سدا) الثانية بالجار والمجرور‬
‫(من خلفهم) ‪.‬‬

‫‪ -‬أنها تعطف العقد على النيف نحو ‪ :‬جاء ثالثة وثالثون رجال ‪.‬‬

‫‪ -‬عطف ما حقهه التثنية أو الجمع نحو ‪:‬‬

‫إن الرزية ال زرية مثلها ** فقدان مثل محمد ومحمد‬

‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ‬ ‫‪ -‬عطف العام على الخاص نحو ‪ :‬ﭽ ﰁ ﰂ‬


‫ﰏ ﰐ ﭼ‬ ‫ﰌ ﰍ ﰎ‬ ‫ﰋ‬

‫‪ -‬العطف في التحذير نحو ‪( :‬ناقة هللا وسقياها) ‪.‬‬

‫‪ -‬عطف (أي) على مثلها نحو ‪:‬‬

‫أال تسألون الناس أي وأيكم ** غداة التقينا كان خي اًر وأكرما‬

‫‪ -2‬الفاء ‪ :‬وتفيد الترتيب والتعقيب بين المعطوف عليه فيكون األول قبل الثاني ‪،‬‬
‫والثاني بعدهه بال تأخير نحو ‪ :‬وصلت الطائرة فخرج المسافرون ‪ ،‬فوصول الطائرة عادة‬
‫ما يكون قبل الخروج ‪ ،‬وخروج المسافرين يأتي سريعا عقب وصول الطائرة بال تراخ ‪،‬‬

‫‪26‬‬
‫ومن شواهدها في التنزيل قوله تعالى ‪( :‬ثم أماته فأقبره) فدفن الميت في الغالب يكون‬
‫عقب موته فو ار بال تراخ ‪ ،‬كما حث عليه الشرع ‪.‬‬

‫بعض الخصائص واألحكام المتعلقة بالفاء ‪:‬‬

‫‪ -‬تختص (الفاء) من بين الحروف العاطفة بأنها على جملة الصلة ما ال يصح كونه‬
‫صلة ‪ ،‬لخلوه من العائد نحو ‪( :‬اللذان يقومان فيغضب زيد أخواك) ‪ ،‬فـ (اللذان) مبتدأ‬
‫وهو اسم موصول ‪ ،‬وجملة (يقومان) صلته ‪ ،‬وجملة (يغضب زيد) معطوفة على جملة‬
‫(يقومان) الواقعة صلة ‪ ،‬وكان القياس أن ال يصلح العطف ‪ ،‬لخلوها عن ضمير يعود‬
‫على الموصول ألنها رفعت الظاهر (زيد) ولكن لما عطفت بالفاء صح ذلك ‪ ،‬ألن معنى‬
‫السببية التي في (الفاء) أغنت عن الضمير العائد ‪.‬‬

‫‪ -‬ومن أحكامها أيضا أنها تأتي إلفادة العطف والسببية معا ‪ ،‬إال أنها ال تسمى السببية‬
‫إال مع الفعل المضارع ‪ ،‬ويغلب ذلك في عطف الجمل والصفات ‪ ،‬فمن األول قوله‬
‫تعالى ‪( :‬فوكزه موسى فقضى عليه) ‪ ،‬فموت القبطي كان بسبب وكز موسى فالفاء هنا‬
‫للسببية ‪ ،‬كما أن الموت حصل بعد الوكز بال مهلة فالفاء عاطفة ‪ ،‬ومن الثاني قوله‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭼ فامتالء‬ ‫ﭚ ﭛ‬ ‫تعالى ‪ :‬ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫البطون كان بسبب األكل من شجر الزقوم ‪ ،‬ويحصل االمتالء عقب األكل والشرب بال‬
‫مهلة ‪.‬‬

‫‪ -3‬ثم ‪ :‬وتفيد الترتيب والتراخي عكس (الفاء) فإذا قلت ‪( :‬جاء زيد ثم عمرو) فالمعنى‬
‫أن زيدا جاء أوال وإن عم ار جاء بعدهه ‪ ،‬وبينهما فترة زمنية ليست بالقصيرة ‪ ،‬ومثله دخل‬
‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫الطالب الجامعة ‪ ،‬ثم تخرج فيها ‪ ،‬ومن القرآن قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫ﮫ ﭼ فالبعث والنشور يكونان بعد الموت واإلقبار بمدة ‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ -4‬حتى ‪ :‬وهي حرف غاية وتدريج ‪ ،‬ومعنى كونها للغاية أن المعطوف بها بلغ الغاية‬
‫والنهاية في العلو والزيادة ‪ ،‬أو في التسفل والنقص ‪ ،‬أما كونها للتدريج فألن ما قبلها‬
‫ينقضي شيئا فشيئا إلى أن يبلغ الغاية والنهاية ‪ ،‬وليس دفعة واحدة ‪ ،‬ومجيء (حتى)‬
‫للعطف قليل عند البصريين ‪ ،‬وأنكره الكوفيون بالكلية ‪ ،‬وال تكون عاطفة إال بشروط‬
‫أربعة ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن يكون معطوفها اسما ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أن يكون ظاه ار ‪ ،‬فال يصح قام الناس حتى أنا ‪.‬‬

‫ج‪ -‬أن يكون جزءا من المعطوف عليه نحو ‪ :‬أكلت السمكة حتى رأسها ‪ ،‬أو فردا من‬
‫جمع نحو ‪ :‬قدم الحجاج حتى المشاة ‪ ،‬أو نوعا من جنس نحو ‪ :‬أكلت التمر حتى‬
‫البركاوي ‪ ،‬أو كالجزء منه نحو ‪ :‬أعجبني الخطيب حتى كالمه ‪ ،‬فالكالم ليس جزءا من‬
‫الخطيب ولكن لشدة اتصاله به صار كالجزء منه ‪ ،‬أو يكون المعطوف جزءا من‬
‫المعطوف عليه بالتأويل ‪ ،‬كما في قول الشاعر ‪:‬‬

‫ألقى الصحيفة كي يخفف رحله ** والزاد حتى نعله ألقاها‬

‫فـ (النعل) ليست جزءا من الصحيفة والزاد في الحقيقة ‪ ،‬ولكنها صارت بعضا منهما بعد‬
‫التأويل ‪ ،‬إذ التقدير ‪ :‬ألقى ما يثقله من صحيفة وزاد حتى نعله ‪.‬‬

‫د‪ -‬أن يكون المعطوف غاية ونهاية للمعطوف عليه في الزيادة ‪ ،‬نحو ‪ :‬مات الناس‬
‫حتى األنبياء والملوك ‪ ،‬فالنبوة والملك غاية الناس في الزيادة أو في النقص نحو ‪:‬‬

‫يغلبك الناس حتى الصبيان ‪ ،‬أو نجح الطالب حتى الكسول ‪ ،‬فقوة الصبيان والكسل‬
‫غاية الناس في النقص ‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪ -5‬أم المتصلة ‪ :‬وهي المسبوقة بهمزة التسوية أو بهمزة التعيين ‪ ،‬وسميت متصلة ألن‬
‫ما قبلها وما بعدها ال يستغني أحدهما عن اآلخر ‪ ،‬وال تكون (أم) المتصلة عاطفة إال‬
‫بشرطين ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أن تكون مسبوقة بهمزة التسوية ‪ ،‬وهي الواقعة بعد لفظ (سواء ‪ ،‬أو ما أدري ‪،‬‬
‫أو ما أبالي ‪ ،‬أو ليت شعري) وتعطف جملتين كل واحدة منهما تصلح للتأويل بالمصدر‬
‫نحو قوله تعالى ‪( :‬وسواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم ال يؤمنون) فجملة (لم تنذرهم)‬
‫معطوفة بـ (أم) على جملة (أنذرتهم) والتقدير بعد التأويل ‪ :‬سواء عليهم اإلنزار وعدم‬
‫اإلنزار ‪ ،‬وكقول الشاعر ‪:‬‬

‫ولست أبالي بعد فقدي مالكاً ** أموتي ناء أم وقوعه اآلن‬

‫فجملة (أم وقوعه اآلن) ‪ :‬معطوفة بـ (أم) المتصلة على جملة (أموتي ناء) والتقدير بعد‬
‫التأويل ‪ :‬لست أبالي بعد موتي أم وقوعه اآلن ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬أن تكون مسبوقة بهمزة يراد بها وبـ (أم) تعيين أحد شيئين بحكم معلوم الثبوت‬
‫نحو ‪ :‬أزيد عندك أم عمرو ‪ ،‬فالسائل يدرك تمام اإلدراك أن أحد الشخصين عند‬
‫المخاطب ‪ ،‬ولكنه يجهل عينه وتحديده ‪ ،‬وهي ال تقع إال بين مفردتين غالبا نحو قوله‬
‫تعالى ‪ :‬ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﭼ فـ (السماء) معطوف بـ (أم) التعيينية على الضمير‬
‫(أنتم) ‪ ،‬وهما مفردان ‪ ،‬ومثله قوله تعالى ‪( :‬وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون) فـ‬
‫(بعيد) معطوف بـ (أم) المسبوقة بهمزة التعيين على (قريب) وهما مفردان ‪.‬‬

‫وربما عطفت جملتين ليستا في تأويل مفردين نحو ‪:‬‬

‫فقمت للطيف مرتاعاً فأرقني ** فقلت ‪ :‬أهي سرت أم عادني حلم‬

‫‪29‬‬
‫فجملة (عادني حلم) معطوفة بـ (أم) التعيينية على جملة (هي سرت) وهما ليستا في‬
‫تأويل مصدرين ‪.‬‬

‫وقد تحذف الهمزتان إذا كان إسقاطهما ال يؤدي إلى خفاء المعنى والوقوع في اللبس –‬
‫ﮪ ﮭ ﮮ‬ ‫ومن شواهد حذف همزة التسوية قراءة ابن محيصن ‪ :‬ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫ﭼ بهزة واحدة ‪ ،‬ومن أمثلة حذف همزة التعيين قول بن عمر أبي ربيعة ‪ :‬لعمرك ما‬
‫أدري وإن كنت دارياً ** بسبع رميت الجمر أم بمثان‬

‫والتقدير ‪ :‬أبسبع رميت الجمر أم بمثان ‪.‬‬

‫‪( -‬أم) المنقطع ة ‪ :‬وهي الخالية من همزة التسوية ‪ ،‬ومن همزة يطلب بها وبـ (أم)‬
‫التعيين ‪ ،‬وسميت منقطعة لوقوعها بين جملتين مستقلتين ‪ ،‬ال يتوقف أداء إحداهما‬
‫وتمامها على األخرى ‪ ،‬ومعناها (بل) االبتدائية وهو االنتقال من أمر إلى آخر يخالفه ‪،‬‬
‫وهي حينئذ ليست عاطفة وإنما هي حرف ابتداء ال تدخل إال على الجمل نحو ‪ :‬ﭽ ﮩ ﮪ‬
‫ﭼ أي ‪ :‬بل يقولون افتراه ‪ ،‬وقد تفيد مع االضطراب‬ ‫ﮫ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ‬
‫المعاني اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلضراب واالستفهام الحقيقي ‪ :‬نحو ‪ :‬إنها إلبل أم شاء ‪ ،‬أي بل أهي شاء ؟ فقد‬
‫أخبر أوال أن الذي أمامه إبل ‪ ،‬ثم تبين له خالف ذلك فأضرب عنه وانتقل مستفهما ‪:‬‬
‫أهي شاء ؟ فجمع بين االضطراب واالستفهام الحقيقي ‪.‬‬

‫‪ -2‬االضطراب واالستفهام اإلنكاري للنفي ‪ :‬نحو ‪( :‬أم له البنات) أي بل أله البنات ‪،‬‬
‫واالستفهام لإلنكار ‪ ،‬بمعنى (ال) وال يصح تقدير االضطراب المحض ألن ذلك يجعل‬
‫الكالم إخبا ار ب نسبة البنات إليه ‪ ،‬وهو منزه عن ذلك ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪( - 6‬أو) وتأتي بعد الطلب أو الخبر ‪ ،‬فإذا وقعت بعد الطلب دلت على معنيين ‪:‬‬

‫أ‪ -‬التخيير ‪ :‬وهي ترك المخاطب ح ار في اختيار أحد المتعافين واالقتصار عليه دون‬
‫الجمع بينهما لسبب يمنع الجمع نحو ‪ :‬تزوج هندا أو أختها ‪.‬‬

‫ب‪ -‬اإلباحة ‪ :‬وهي حرية المخاطب في اختيار أحد المتعاطفين أو اختيارهما معا ‪ ،‬وله‬
‫الجمع بينهما إذا أراد ‪ :‬نحو ‪ :‬جالس العلماء أو الزهاد ‪ ،‬وتعلم النحو أو الصرف ‪.‬‬

‫وإذا وقعت بعد الخبر دلت على المعاني اآلتية ‪:‬‬

‫أ‪ -‬الشك ‪ :‬وهو استواء الطرفين دون ترجيح أحدهما على اآلخر ‪ ،‬ويكون من المتكلم‬
‫نحو قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﭼ‪.‬‬

‫‪ -4‬اإلبهام ‪ :‬ويكون من المتكلم أيضا وهو أن يخفي حقيقة معروفة ويكتمها عن‬
‫ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬ ‫المخاطب رغبة في إقالقه وإيقاعه في حيرة نحو قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭶ‬
‫ﭼ فالمعنى أن أحد الفريقين منا أو منكم لثابت له أحد األمرين ؛ إما على‬ ‫ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫هدى أو كونه في ضالل مبي ن وجيء بالكالم على صورة االحتمال مع العلم بأن من‬
‫وحد هللا وعبده فهو على هدى ‪ ،‬ومن عبد غيره فهو في ضالل ‪.‬‬

‫‪ -5‬التفصيل ‪ :‬وهو تبيين األمور المجتمعة في لفظ واحد ‪ :‬قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭼ ‪ ،‬فـ (أو) في اآلية تفصيل لإلجمال في ضمير الجمع (واو) في (قالوا) أي ‪ :‬قالت‬
‫‪ :‬اليهود كونوا هودا ‪ ،‬وقالت النصارى ‪ :‬كونوا نصارى ‪.‬‬

‫‪ -6‬التقسيم ‪ :‬وهو تبيين أجزاء الشيء الواحد ‪ ،‬وما دخل تحت حقيقة واحدة نحو ‪:‬‬
‫الكلمة ‪ :‬اسم أو فعل أو حرف ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -7‬وقد تأتي لمعنى اإلضراب بمعنى (بل) عند الكفويين وأبي علي الفارسي ‪ ،‬حكى‬
‫الفراء عن العرب ‪ ،‬اذهب إلى زيد أو دع ذلك فال تبرح اليوم فـ (أو) بمعنى (بل) ‪.‬‬

‫‪ -8‬وقد تأتي بمعنى الواو عند أمن اللبس ‪ :‬كقول الشاعر ‪:‬‬

‫قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم ** ما بين ملجم مهره أو سافع‬

‫فـ (أو) هنا بمعنى واو العاطفة ‪.‬‬

‫‪( -7‬إما) المسبوقة بمثلها ‪ :‬وهي من حيث العطف والمعنى مثل (أو) عند أكثر‬
‫النحويين ‪ ،‬فتأتي إلفادة المعاني المتقدمة وهي ‪( :‬التخيير أو اإلجابة) إذا سبقت بكالم‬
‫يشتمل على األمر ‪ ،‬و(الشك أو اإلبهام) إذا سبقت بجملة خبرية ‪.‬‬

‫‪ -‬فمثال التخيير ‪ :‬تزوج إما هندا أو أختها ‪ ،‬ومن التنزيل قوله تعالى ‪( :‬إما أن تعذب‬
‫وإما أن تتخذ فيهم حسنا) فـ (أما) األولى حرف تفصيل و(الواو) زائدة ‪ ،‬و(إما) الثانية‬
‫حرف عطف بمعنى (أو) ‪ ،‬وجملة (أن تتخذ فيهم حسنا) معطوفة على جملة (تعذب) ‪.‬‬

‫‪ -‬ومثال اإلباحة ‪ :‬اق أر إما نحوا وإما صرفا ‪.‬‬

‫‪ -‬ومثال الشك ‪ :‬جاءني إما زيد وإما عمرو (إذا لم تعلم الجائي منهما) ‪.‬‬

‫‪ -‬ومثال اإلبهام ‪ :‬قام إما زيد وإما عمرو (إذا كنت تعلم القائم ‪ ،‬وإنما أردت اإلبهام على‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ‬ ‫السامع) ومن التنزيل قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﯱ ﯲ ﯳ‬
‫ﭼ ‪.‬‬

‫ﯺ ﭼ ‪.‬‬ ‫‪ -‬ومثال التفصيل ‪ :‬قوله ﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬

‫آراء النحاة في (إما) ‪:‬‬


‫‪32‬‬
‫‪ -1‬يرى البعض أنها مثل (أو) في العطف والمعنى وهو رأى أكثر النحاة ‪.‬‬

‫‪ -2‬وذهب آخرون إلى أنها حرف تفصيل فقط كاألولى يؤتي بها إلفادة معاني (أو)‬
‫المذكورة ‪ ،‬وليست عاطفة ‪ ،‬وإنما العطف للواو المالزمة لها ‪ ،‬وتذكر في باب العطف‬
‫لمالزمتها لحرفه (وهو الواو) وهو قول أبي علي الفارسي وابن كيسان وابن برهان ‪،‬‬
‫واختار هذا الرأي من المتأخرين ابن مالك كما في قوله ‪:‬‬

‫ومثل (أو) في القصد (إما) الثانية في نحو ‪( :‬إما) ذي و(إما) النائية ‪ ،‬ويحتج هؤالء‬
‫بأن حرف العطف ال يدخل على مثله‪.‬‬

‫‪ -‬وهناك رأي ثالث وهو أن (إما) عطفت اسما على اسم ‪ ،‬و(الواو) عطفت (إما) على‬
‫(إما) وهو أغرب األقوال ؛ ألن الحرف ال يعطف حرفا كما قال ابن هشام ‪.‬‬

‫‪ -8‬لكن ‪ :‬وهي حرف عطف تفيد معنى االستدراك ‪ ،‬وهو أن يقرر المتكلم حكما (ما)‬
‫قبلها ثم يستدرك فيثبت نقيضه بعدها مثل ‪ :‬ال تصاحب األشرار لكن األخيار فـ‬
‫(األخيار) معطوف بـ (لكن) على (األشرار) وال تكون (لكن) عاطفة إال بثالثة شروط ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكو معطوفها مفردا ال جملة نحو ‪ :‬ال أحب الخائن لكن األمين ‪ ،‬فإذا لم يكن‬
‫المعطوف مفردا وجب اعتبار (لكن) حرف ابتداء واستدراك معا وليست عاطفة ‪ ،‬والجملة‬
‫بعدها مستقلة في إعرابها عن الجملة التي قبلها ‪ ،‬مثل ‪ :‬ما أهنت المحسن لكن أهنت‬
‫المسيء ‪ ،‬ومن الشعر قول القائل ‪:‬‬

‫لكن وقائعه في الحرب تنتظر‬ ‫إن ابن ورقاء ال تخشى بوادره‬

‫والشاهد في قوله ‪( :‬لكن وقائعه ‪ )...‬فـ (لكن) هنا حرف ابتداء واستدراك ال عاطفة ‪:‬‬
‫ألن الواقع بعدها جملة ال مفرد ‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪ -2‬أن تكون (لكن) مسبوقة بنفي أو نهي نحو ‪ :‬ال أحب الكذاب لكن الصادق ‪ ،‬وال‬
‫تجالس األشرار لكن األخيار ‪ ،‬فإذا لم تسبق (لكن) بنفي أو نهي تعين أن تكن حرف‬
‫ابتداء واستدراك ال عاطفة ‪ ،‬والجملة بعدها مستقلة ف ي إعرابها مثل ‪ :‬تكثر األمطار شتاء‬
‫لكن لكن تزداد الح اررة صيفا ‪.‬‬

‫‪ -3‬أن ال تكون (لكن) مسبوقة بـ (الواو) نحو ‪ :‬ما صافحت النساء لكن الرجال ‪ ،‬فإذا‬
‫سبقتها الواو لم تكن حرف عطف بل هي حرف ابتداء واستدراك ‪.‬‬

‫ووجب أن تكون ما بعدها جملة اسمية أو فعلية تعطف بالواو على الجملة التي قبلها‬
‫مثل ‪ :‬ما صافحت النساء ولكن صافحت الرجال ‪ ،‬وإنما وجب كون ما بعدها جملة ال‬
‫مفرد ‪ ،‬ألن متعاطفي الواو المفردين ال يختلفان بالسلب واإليجاب ‪.‬‬

‫بل ‪ :‬وهي موضوعة لالضراب ‪ ،‬وتفيد تقرير ما قبلها ‪ ،‬مع إثبات نقيضه لما بعدها نحو‬
‫‪ :‬ال تصاحب األحمق بل الع اقل ‪ ،‬وما زرعت القطن بل القمح ‪ ،‬وال تعطف إال بشرطين‬

‫‪ -1‬أن يكون معطوفها مفردا نحو ‪ :‬ما زرعت القطن بل القمح ‪ ،‬فإذا دخلت (بل) على‬
‫جملة كانت حرف ابتداء ‪ ،‬معناها اإلضراب ‪ ،‬وهو نوعان ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإلضراب اإلبطالي ‪ :‬وهو ما يقتضي نفي الحكم السابق والقطع بأنه غير واقع نحو‬
‫‪( :‬وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحنه بل عباد مكرمون) ‪.‬‬

‫ب‪ -‬اإلضراب االنتقالي ‪ :‬وهو ما يفيد االنتقال من غرض إلى غرض آخر مع بقاء‬
‫الحكم السابق دون إلغائه نحو قوله ‪( :‬بل قالوا أضغاث أحالم بل افتراه بل هو شاعر)‪.‬‬

‫‪ -2‬أن تسبق بإيجاب ‪ ،‬أو أمر أو نفي أو نهي ‪ :‬فإذا سبقت بإيجاب أو أمر أفادت إزالة‬
‫الحكم عما قبلها بحث يصير كالمسكوت عنه ‪ ،‬وجعله لما بعدها نحو ‪ :‬قام زيد بل عمر‬
‫‪34‬‬
‫‪ ،‬وليقم زيد بل عمرو ‪ ،‬فالقيام في المثالين مسكوت عنه بالنسبة لـ (زيد) وثابت لـ‬
‫(عمرو) فهو من قبيل اإلضراب االنتقالي ‪.‬‬

‫‪ -‬وإذا سبقت بنفي أو نهي أفادت تقرير الحكم لما قبلها وإثبات نقيضه لما بعدها نحو ‪:‬‬
‫ما جاء زيد بل عمرو ‪ ،‬فأنت قد قررت عدم المجيء لزيد وأثبت نقيضه (وهو المجيء)‬
‫لعمرو ‪ ،‬ومثالها بعد النهي ال تق أر الجريدة بل الكتاب ‪.‬‬

‫‪ -10‬ال ‪ :‬وهي حرف عطف ونفي تفيد نفي الحكم عما بعدها (وهي المعطوف) وإثباته‬
‫لما قبلها (وهو المعطوف عليه) نحو ‪ :‬صاحب األخيار ال األشرار ‪ ،‬وال تعطف إال‬
‫بشرطين ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن يكون معطوفا مفردا ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أن تسبق بإيجاب نحو هذا بكر ال خالد ‪ ،‬أو بأمر نحو ‪ :‬كن متفائال ال متشائما ‪.‬‬

‫البـــــــدل‬

‫تعرفه ‪ :‬البدل في اللغة العوض ‪ ،‬واصطالحا ‪ :‬التابع المقصود بالحكم وحده بال واسطة‬
‫لفظية تذكر بين التابع والمتبوع ‪ ،‬والمراد بالواسطة حروف العطف وأقسامه أربعة ‪:‬‬

‫‪ -1‬بدل كل من كل ‪ :‬ويسمى بدل المطابقة ‪ ،‬مثل قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭬ‬


‫ﭼ فكلمة (صراط) الثانية بدل كل من كل من (الصراط) األولى ‪ ،‬ألن (صراط‬ ‫ﭭ ﭮ‬
‫الذين أنعمت عليهم) هو عين الصراط المستقيم ‪.‬‬

‫‪ -2‬بل بعض من كل ‪ :‬وضابطه أن يكون البدل جزء من المبدل منه ‪ ،‬سواء أكان هذا‬
‫الجزء أكبر من باقي األجزاء أم أصغر منها أم مساويا ‪ ،‬نحو ‪ :‬حفظت القرآن ثلثيه أو‬

‫‪35‬‬
‫ثلثه أو نصفه ‪ ،‬والبد من اتصاله بضمير يرجع إلى المبدل منه كما في المثال المتقدم‬
‫ومثله في القرآن الكريم ‪ :‬ﭽ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭼ فـ (كثير) بدل بعض من‬
‫(الواو) األولى ‪ ،‬و(الواو) الثانية عائدة على (كثير) ‪.‬‬

‫‪ -3‬بدل االشتمال ‪ ،‬وضابطه ‪ :‬أن يكون بين البدل والمبدل منه ارتباط بغير الكلية‬
‫والجزئية ‪ ،‬نحو ‪ :‬أعجبتني الحديقة أزهارها ‪ ،‬فـ (أزهارها) بل اشتمال من (الحديقة) وهي‬
‫ليست جزءا أساسيا من الحديثة ‪ ،‬ولكنها مشتملة عليها ومظروفة فيها ‪ ،‬وهي سبب‬
‫اإلعجاب بها ‪ ،‬ومثلها ‪ :‬نفعني المدرس عمله ‪ ،‬ويجب في هذا النوع أن يضاف البدل‬
‫إلى ضمير عائد إلى المبدل منه كما في المثالين المتقدمين ‪ ،‬وفي قوله تعالى ‪ :‬ﭽ ﭮ‬
‫ﭼ فـ (قتال) بدل اشتمال من الشهر ‪ ،‬والرابط بينهما الضمير (هاء)‬ ‫ﭱ‬ ‫ﭯ ﭰ‬
‫المجرور بـ (في) ‪.‬‬

‫‪ -4‬بدل المباين ‪ :‬وهو ثالثة أقسام ‪:‬‬

‫أ‪ -‬بدل الغلط ‪ :‬وضابطه أن يقصد المتكلم لفظا (ما) فيسبق لسانه إلى غيره ‪ ،‬فيأتي‬
‫بهذا النوع من البدل ليتدارك به الخطأ ويصححه مثل ‪ :‬جاء الطالب المعلم ‪ ،‬إذا أردت‬
‫أن تذكر (المعلم) فسبق لسانك إلى التلفظ بـ (الطالب) غلطا ‪.‬‬

‫ب‪ -‬بدل النسيان ‪ :‬وضابطه أن تبني كالمك على الظم ثم يتبين لك خطؤه ‪ ،‬فتعدل‬
‫عنه إلى الصواب ‪ ،‬كما لو أريت شبحا من بعيد فظننته إنسانا فقلت ‪ :‬رأيت إنساناً فلما‬
‫اقترب منك وجدته فرسا فقلت ‪ :‬فرسا ‪ ،‬يتبين من هذا الشرح والتقرير أن الغلط متعلق‬
‫باللسان ‪ ،‬والنسيان متعلق بالقلب والجنان ‪ ،‬وال ورود لبدل الغلط والنسيان في القرآن‬
‫الكريم الستحالتهما على هللا تبارك وتعالى ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ج‪ -‬بدل البداء ‪ :‬ويسمى بدل االضراب ‪ ،‬وضابطه أن تذكر شيئا قتقوله ثم يظهر لك‬
‫أن غيره أفضل منه فتعدل إليه مثل ‪ :‬إق أر ديوان حافظ ‪ ،‬ديوان شوقي إذا كنت تريد أمر‬
‫المخاطب بقراءة ديوان حافظ ‪ ،‬ثم بدأ لك قراءة ديوان شوقي هو األنفع واألجدي له‬
‫فعدلت إليه ‪.‬‬

‫أحكام متفرقة في البدل ‪:‬‬

‫‪ -1‬البدل بجميع أنواعه يطابق المبدل منه في اإلعراب رفعا ونصبا وج ار ‪ ،‬نحو ‪ :‬جاء‬
‫القوم جلهم ‪ ،‬ورأيت القوم جلهم ‪ ،‬ومررت بالقوم جلهم ‪.‬‬

‫‪ -2‬ليس بمشروط أن يتطابق البدل منه في التنكير والتعريف ‪ ،‬بل لك أن تبدل أي‬
‫النوعين من اآلخر ‪ ،‬قال تعالى ‪( :‬إلى صراط مستقيم ‪ ،‬صراط هللا) فأبدل (صراط هللا)‬
‫ﯤ ﯥ‬ ‫– وهو معرفة – من (صراط مستقيم) وهو نكرة ‪ ،‬وقال تعالى ‪ :‬ﭽ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯨ ﯪ ﭼ فأبدل (ناصية) – وهي نكرة – من (الناصية) – وهي معرفة – غير‬ ‫ﯦ ﯧ ﯨ‬
‫أنه ال يحسن إبدال النكرة من المعرفة إال إذا كانت موصوفة كما رأيت في اآلتية الثانية‬
‫‪.‬‬

‫‪ -3‬يبدل االسم الظاهر من االسم الظاهر مطلقا كما في األمثلة المتقدمة ‪.‬‬

‫‪ -4‬ال يبدل المضمر من المضمر لعدم ورود السماع به ‪ ،‬أما قولهم ‪ :‬قمت أنت ‪،‬‬
‫ومررت بك أنت ‪ ،‬فهو توكيد باالتفاق بين البصريين والكوفيين ‪.‬‬

‫‪ -5‬يجوز إبدال الظاهر من ضمير الغائب مطلقا في جميع أنواع البدل مثل أكرمه خالدا‬
‫‪ ،‬وسلم عليه خالد ‪ ،‬وفي التنزيل ﭽ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭼ فـ (الذين ظلموا) بدل من (الواو) في‬
‫(أسروا) بدل كل من كل في أحد األوجه الثالثة ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -6‬ال يأتي الضمير بدال من االسم ‪ ،‬وأما قولهم ‪( :‬رأيت زيدا إياه) فمن وضع النحاة‬
‫وليس مسموع كما قال ابن هشام ‪.‬‬

‫‪ -7‬ال يأتي االسم الظاهر بدال من ضمير المتكلم أو المخاطب إال بثالثة شروط ‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن يكون بدل كل داال على اإلحاطة والشمول نحو ‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ فـ (أولنا وآخرنا) بدل من الضمير‬ ‫ﭚ ﭛ‬
‫المجرور بالالم فـ (لنا) وهي تقيد اإلحاطة والشمول ‪.‬‬

‫ب‪ -‬أن يكون البدل بدل اشتمال نحو ‪ :‬أعجبتني حلمك ‪ ،‬فـ (حلمك) بدل اشتمال من‬
‫الضمير (تاه) ومن الشعر قول النابغة الجعدي ‪:‬‬

‫بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا ** وإنا لنرجو فوق ذلك مظه ار‬

‫فـ (مجدنا وسناؤنا) بدل اشتمال من ضمير المتكلم (نا) ‪.‬‬

‫ج‪ -‬أن يكون البدل بدل بعض من كل نحو ضربتك رأسك ‪ ،‬فـ (رأسك) بدل من الكاف‬
‫في (ضربتك) وهو بل بعض من كل ‪.‬‬

‫‪ -8‬إذا أبدل اسم من اسم استفهام وجب اقتران البدل بهمزة االستفهام حتى يكون البدل‬
‫والمبدل منه متساويين في معنى االستفهام ‪ ،‬نحو ‪ :‬من عندك ؟ أزيد أم عمرو ‪.‬‬

‫‪ -9‬إذا أبدل اسم من اسم شرط وجب اقتران البدل بحرف الشرط (إن) حتى يتساوى‬
‫البدل والمبدل منه في معنى الشرط نحو ‪ :‬من يجتهد ‪ ،‬إن زيد وإن عمر ينجح ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫ﭧ ﮢ ﮣ ﭪ ﭫ ﭼ فـ‬ ‫ﭥ ﭦ‬ ‫‪ -10‬يجوز إبدال الفعل من الفعل نحو ‪ :‬ﭽ ﭣ ﭤ‬
‫(يضاعف) بدل من (يلق) بدل كل من كل ومثله إن تسجد هلل يرحمك ‪ ،‬فـ (تسجد) بدل‬
‫من (تصل) بدل بعض من كل ‪.‬‬

‫‪ -11‬يجوز إبدال جملة من جملة نحو ‪ :‬ﭽ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬


‫ﭼ فجملة (أمدكم) أخص من األول باعتبار متعلقيها فتكون داخلة في األولى ‪ ،‬ألن (ما‬
‫تعملون) يشمل األنعام وغيرها فهي بدل بعض من كل ‪.‬‬

‫‪ -12‬يصح في كل موضع أعرب فيه بدل كل من كل أن يعرب عطف بيان الشتراكهما‬


‫في المهمة ‪ ،‬وهي التفسير والبيان لما قبلها ‪ ،‬إال في مواضع تقدم ذكرها ‪.‬‬

‫‪ -13‬يفترق البدل عن بقية التوابع في األمور اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -1‬يفترق البدل مقصود بالحكم وحده (والنعت ‪ ،‬والتوكيد ‪ ،‬والبيان) مكمالت المقصود‬
‫بالحكم ‪.‬‬

‫‪ -‬البدل مقصود بالحكم بال واسطة ‪ ،‬وعطف النسق مقصود بالحكم بواسطة ‪.‬‬

‫‪ -3‬البدل في نية تكرار العامل فقولك ‪ :‬جاء زيد أخوك في نية ‪ :‬جاء زيد جاء أخوك ‪،‬‬
‫وعطف البيان بخالف ذلك ‪.‬‬

‫‪ -4‬البدل في نية استئناف جملة وعطف البيان بخالف ذلك‪.‬‬

‫‪39‬‬

You might also like