Professional Documents
Culture Documents
مقاصد الاستهلاك وأثرها في توجيه السلوك الاستهلاكي في الاقتصاد الإسلامي، وتطبيقاتها المعاصرة
مقاصد الاستهلاك وأثرها في توجيه السلوك الاستهلاكي في الاقتصاد الإسلامي، وتطبيقاتها المعاصرة
Prepared by :
Dr. Muhammad Ahmed Omer Babiker
Professor, Associate Professor Of Islamic Economic
Department Of Islamic Economic Sharia'a College
Islamic University Of Madinah
Email: hashimo0966@gmail.com
ملخص البحث
يعاجل البحث الغاايت أو املقاصد اليت ينبغي أن يتبعها املسلم عند لتفاقه
واستهالكه ،واليت ًل تُل َفى جمموعةا يف مكان واحد ،وًل هي متناسقة يف وجودها.
ويذكر ما يؤيدها من تطبيقات معاصرة هلا .وأمهية البحث تنشأ من أن العم هبذه
املقاصد حيدث التوازن يف لتفاق املسلم بني ما هو مادي وما هو معنوي ،وما هو
دتيوي وما هو أخروي .وهدف البحث لظهار هذه املقاصد ليعم هبا املسلم ليعدل
سلوكه اًلستهالكي وف اقا هلا .ويفرتض أن العم مبقاصد اًلستهالك يؤدي ل ى
التخصيص الكفؤ للموارد.
ويتبع املنهج اًلستقرائي واًلستنباطي والتحليلي للتوص ل ى ما خيدم أغراض
البحث .وأهم ما تتج عن هذا البحث :أن اتباع املقاصد اًلستهالكية ينتج عنه
التخطيط اًلستهالكي السليم إلتفاق الدخ ،عن طريق التوازن بني أمر الدتيا وأمر
اآلخرة .ويوصي إببراز هذه املقاصد وتشرها ألج العم هبا.
الكلمات املفتاحية( :املقاصد الشرعية -املقاصد القرآتية لالستهالك -أتواع
اًلستهالك -قواعد اًلستهالك -أثر مقاصد اًلستهالك -التطبيقات املعاصرة).
011
Abstract
منهج البحث
التحلي اًلقتصادي.
هيكل البحث:
ويتكون من مقدمة وأربعة مباحث ،على هذا النحو:
املبحث األول :مفهوم املقاصد يف الشريعة اإلسالمية.
املبحث الثاين :الغاية من االستهالك.
املبحث الثالث :املقاصد الشرعية االقتصادية يف القرآن وأتثريها يف
السلوك االستهالكي.
املبحث الرابع :النماذج والتطبيقات املعاصرة ملقاصد االستهالك الشرعية.
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
013
( )1اجلوهري ،لمساعي بن محاد( :معجم الصحاح) ،مرتب ترتيبا ألفبائيا وفق أوائ احلروف،
=
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
011
ويف املعجم الوسيط :قصد الطريق قصدا :استقام .وقصد له ،ولليه :توجه لليه
عامدا ،ويقال قصده .القصد -يقال :هو على القصد وعلى قصد السبي .لذا كان
راشدا والقصد استقامة الطريق .يقال طريق قصد :سه مستقيم(.)1
املطلب الثاني :املدقاصّ يف اصطالح األصوليني
هذا مما اجتهد فيه املعاصرون من علماء املقاصد ملا مل يبلغهم عنها شيء من
تعريفها عند املتقدمني من علماء األصول .ولكنهم استأتسوا بعبارات الشاطيب يف
موافقاته .وبنوا على ما كتبه اإلمام حممد الطاهر بن عاشور يف مقاصده .واختلفت
عباراهتم يف التعريف تبعا ًلختالف مداركهم وفهمهم ،كغريها من علوم الشريعة
الفرعية.
فابن عاشور يقول هي :املعاين واحلكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال
التشريع أو معظمها حبيث ًل ختتص مالحظتها ابلكون يف توع خاص من أحكام
الشريعة(.)4
=
اعتىن به :خلي مأمون شيحا( ، ،ط1211 ،2 :هـ 4114 -م ،بريوت :دار املعرفة ) ،ص
. 861
( )1ابن عاشور ،حممد الطاهر( ،مقاصد الشريعة اإلسالمية) ،حتقيق ومراجعة :الشيخ حممد
احلبيب بن اخلوجة 1248( ،ه – 4112م ،طبعة وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية –
قطر)168 :1 ،
( )4احلسن ،خليفة اببكر( ،فلسفة مقاصد التشريع يف الفقه اإلسالمي وأصوله)1287( ،م ،جملة
كلية الشريعة والقاتون ،اإلمارات العربية املتحدة) ،العدد ،1ص ،8موجود يف قالب يب دي
لف.
011
وقال خليفة اببكر احلسن هي :الروح العامة اليت تسري يف كيان تلك األحكام
واملنطق الذي حيكمها ويربز خصوصياهتا وينبئ عن متيز أسلوهبا وتفرد طريقتها
وارتباطها أبسسها ومنطلقاهتا.
وعرفها يوسف العامل أبهنا :الغاية اليت يرمي لليها التشريع واألسرار اليت وضعها
الشارع احلكيم عند ك حكم من األحكام(.)1
تتلخص التعريفات املتقدمة يف اتفاقها على املكوانت التالية ملقاصد الشريعة:
-املعاين واحلكم واملقاصد اليت يرمي لليها الشرع.
-مشول هذه املعاين والغاايت لعموم أحكام الشريعة وخصوصياهتا.
-حتقيق مصاحل العباد.
-األسرار الكامنة يف أحكام الشرع ومقاصده.
وهي أمور بال شك خادمة حلركة املعاش اليت ميارسها اإلتسان املسلم ،ويتوخى
أن تكون وفق أهدافه احلياتية.
من املمكن صياغة تعريف مما تقدم على هذا النحو:
"املقاصد الشرعية هي :املقاصد واألهداف واحلكم اليت تنطوي عليها مصاحل
اخللق واملبثوثة يف النصوص واألحكام الشرعية ،واليت جتلب املنافع وتدفع املضار،
حتقي اقا لسعادة الدارين".
( )1العامل ،يوسف حامد( ،املقاصد العامة للشريعة اإلسالمية) ( ،ط1214 ،1 :ه1221-م،
هريتد ،فرجينيا ،الوًلايت املتحدة األمريكية ،املعهد العاملي للفكر اإلسالمي) ،ص ،81
موجود على قالب يب دي لف.
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
011
1/2/1أنواع املدقاصّ الشرعية:
قسم اإلمام الشاطيب املقاصد الشرعية ل ى ضربني :مقاصد أصلية ومقاصد
اتبعة.
ًلحظ فيها للمكلف ،ألهنا قيام مبصاحلوعرف املقاصد األصلية أبهنا :اليت َ
عامة مطلقة .وهي تنقسم ل ى ضرورية عينية ول ى ضرورية كفائية .فالدينية على ك
مكلف يف تفسه ،فهو مأمور حبفظ دينه اعتقادا وعمالا ،وحبفظ تفسه قيام ا
بضرورايت حياته ،وحبفظ ماله استعاتة على لقامة تلك األوجه األربعة ،من الدين
والنفس والعق والنس ( .)1ويظهر من هذا ،التعلق اللصيق بني املقاصد الشرعية
واملقاصد الدتيوية اًلستهالكية.
أما الكفائية فيقصد هبا كوهنا منوطة ابلغري أن يقوم هبا على العموم يف مجيع
املكلفني ،لتستقيم األحوال العامة اليت ًل تقوم اخلاصة لًل هبا.
وهو ًلحق ابألول ،لذ ًل يقوم العيين لًل ابلكفائي .والقائم بذلك خليفة هللا
يف عباده على حسب قدرته(.)4
أما املقاصد التابعة فعنده :أهنا اليت روعي فيها حظ املكلف .فمن جهتها
حيص له مقتضى ما جب عليه من تي الشهوات واًلستمتاع ابملباحات وسد
( )1الشاطيب ،لبراهيم بن موسى اللخمي الغرانطي( ،املوافقات يف أصول الشريعة) ،شرحه وخرج
أحاديثه :عبد هللا دراز ،وضع ترامجه :حممد عبد هللا دراز ،خرج آايته وفهرس موضوعاته :عبد
السالم عبد الشايف حممد( ،ط4112 ،4م ،بريوت :دار الكتب العلمية) ،ص 141
( )4ابن عاشور( ،مقاصد الشريعة)168 :1 ،
011
اخلالت .لذ خلق له شهوة الطعام والشراب ليحركه ذلك الباعث ل ى التسبب يف سد
هذه اخللة مبا أمكنه(.)1
ويرى الشاطيب أن املقاصد التابعة خادمة للمقاصد األصلية ومكملة هلا(.)4
2/2/1الصفات الضابطة للمدقاصّ الشرعية:
ذهب ابن عاشور ل ى تقسيم املقاصد الشرعية ل ى توعني َحلي َظ فيه املعاين،
خبالف تقسيم الشاطيب الذي َحلي َظ فيه الطلب من جهة املكلف.
فقسمهما ل ى :معان حقيقية ومعان عرفية عامة .ويرى اتضباط هذه املقاصد
أبربعة شروط هي :الثبوت والظهور واًلتضباط واًلطراد.
ضرا ،حبيث
أما احلقيقية فهي اليت هلا حتقق يف تفسها حبيث جتلب تفعا وتدفع ا
تدرك العقول السليمة مالءمتها أو منافرهتا هلا .والعرفية هي اجملرابت اليت ألفتها تفوس
اجلماعة واستحسنتها استحساانا انشئا عن جتربة مالءمتها لصالح اجلمهور،
كاإلحسان وعقوبة اجلاين(.)1
3/2/1ابتناء مدقاصّ الشريعة اإلسالمية:
يرى ابن عاشور أن ابتناء مقاصد الشريعة على وصف الشريعة اإلسالمية
األعظم وهو الفطرة( .)2وأن السماحة أول أوصاف الشريعة وأكرب مقاصدها ،فإن
العامة(.)1
وأما التحسينات ،فتعىن األخذ مبا يليق مبحاسن العادات ،وجتنب املدتسات
اليت أتتفها العقول الراجحات ،وجيمع ذلك قسم مكارم األخالق(.)4
وهي جترى فيما جترى فيه ،يف العادات ،كآداب األك والشرب وجماتبة املآك
النجسات واملشارب املستخبثات ،واإلسراف واإلقتار يف املتناوًلت .قال الشاطيب:
ك مرتبة من هذه املراتب ينضم لليها ما هو كالتتمة والتكملة ،حبيث لذا فقد مل خي
الشاطيب لتتمات التحسينات ابإلتفاق من طيبات حبكمتها األصلية .وميث
املكاسب( .)1وشرط التكملة أًل يعود اعتبارها على األص ابإلبطال( .)2واملقاصد
الضرورية يف الشريعة أص للحاجية والتحسينية(.)8
واحملافظة على واحد منها يقتضي احملافظة على اآلخر؛ ألن احلاجي خادم
للضروري ،والتحسيين خادم للحاجي ،والضروري هو املطلوب.
االستهالك املعاشي:
أما اًلستهالك املعاشي :فهو اًلستهالك املأمور به لبقاءا للنفس ولحياءا هلا،
لتقوم بوظيفتها من العبادة واًلعمار قال { :ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ } [سورة
األعراف ،]31:وقال :ﭐﭐ { ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ } [سورة األعراف ،]17:واملعايش :مجع
التحرف الذي يؤدي لليه(.)1
معيشة ،وهي لفظة تعم املأكول الذي يعاش به و ُّ
االستهالك الرفاهي:
وأما اًلستهالك الرفاهي :فهو الزائد على أص املعاش حبيث يُ ُّ
عد صاحبه
مسرف ا مبا يتجاوز حدود املعروف .لذلك قال تعا ى يف ضبط اًلستهالك( :وًل
تسرفوا) فيه أن التزام ترك اإلسراف يؤدي ل ى توجيه اًلتفاق ل ى مصاحل أخرى للفرد
واجملتمع ،ويف هذا ختصيص للموارد .قال يزيد بن حبيب :هم الذين ًل يلبسون الثياب
طعاما للذة( .)4وسيأيت بسط الكالم عن اإلسراف.
للجمال وًل أيكلون ا
االستهالك التعاوني:
وأما اًلستهالك التعاوين أو اًلستبقائي أو التعاوضي :فهو طلب صاحبه
العي َوض األخروي مبا يبذله للمسكني من طعام أو ثياب وحنو ذلك .وبه يقع التعاون
بني الواجد وغري الواجد ،ويستبقي الفاع لذلك من طيباته حلياته األخرى ،كما فع
( )1املنذري ،زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي( ،الرتغيب والرتهيب من احلديث الشريف)،
ضبط أحاديثه وعلق عليها :مصطفى حممد عمارة ،ط1188، 1/هـ ـ 1268م دارلحياء
الرتاث العريب ،دون بلد) . 117، 21 :1 ،رواه الرتمذي وقال :حديث غريب ،وابن ماجة
واحلاكم والبيهقي.
( )4مسلم ،أبو احلسني بن احلجاج( ،صحيح مسلم) ،كتاب الزهد ،ابب فض اإلتفاق على
املساكني وابن السبي ،حديث ( ،7271ط 1241، 4/هـ 4111 -م ،دار السالم –
الرايض) ،ص .1421
( )1اتظر :الباحث( ،معاجلة الكفارات الشرعية ملشكلة الفقر) ،جملة بيت املشورة ،جملة دولية
حمكمة يف اًلقتصاد والصريفة اإلسالمية( ،العدد ، 7أكتوبر 4117م ،دولة قطر) ،ص
. 118 ، 141 ، 116
010
الفقراء ،مث كفارة اإلفطار وخمالفات احلج وكفارة اليمني وكفارة الظهار وكفارة القت .
فهو استهالك ولتفاق جربي لفاع املخالفة من غري اتتفاع له مبا خيرجه من طعام
وحنوه ،ب ليكون استهالكا ملن اتتق لليه الطعام وهم املساكني .فهو بذلك استهالك
تقوميي ،أي لتصحيح خطأ املكلف الذي يقع فيه .والعلماء على خالف يف كوهنا
عقوبة أم عبادة.
يتحص من ذلك تقومي السلوك اًلقتصادي للفرد املسلم ،وتتهذب تفسه،
ويتعدل سلوكه اإلتفاقي ،فيحتاط من الوقوع يف مث هذه املخالفات القولية أو
الفعلية(.)1
املطلب الثاني :الغايات أو املدقاصّ الّنيوية واألخروية لالستهالك
ًل يستهلك املسلم ألغراض دتيوية فحسب ،ب يتعدى ذلك ل ى مزج تيته عند
استهالكه مبقاصد أخروية .وبذلك تتم منفعته الكلية من اًلستهالك .لذ ًل تتعلق
املنفعة بوقت الدتيا فقط ،ب كذلك أبمر اآلخرة وأمدها .وهو ما جيع استهالك
املسلم يف توازن .وهذه املقاصد أو الغاايت اًلستهالكية هي ما يبتغيه املسلم من
سلوك يهذب به لتفاقه ،ويتبع فيه لرشادات الشريعة.
أوالً :املدقاصّ الّنيوية لالستهالك.
هناك مقاصد متعددة يسعى املسلم ل ى حتقيقها من خالل فع اًلستهالك.
( )1اتظر :الباحث( ،معاجلة الكفارات الشرعية ملشكلة الفقر) ،جملة بيت املشورة ،جملة دولية
حمكمة يف اًلقتصاد والصريفة اإلسالمية( ،العدد ، 7أكتوبر 4117م ،دولة قطر) ،ص
118 ، 141 ، 116
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
011
ومجلتها تنحصر يف أربعة مقاصد.
-1مدقصّ استبدقاء احلياة:
مبعىن أته يستهلك لبقاءا حلياته املأمور حبفظها من بني مقاصد الشرع اخلمسة
واليت منها حفظ النفس .وهو مقصد يكاد يتوجه لليه ك اإلتفاق اًلستهالكي،
خاصة عند الفقراء وفئات الدخ املنخفض ،حبكم السلوك الفطري والعفوي .وًل
تكاد تتوجه عناية هؤًلء ل ى اًلدخار ،لقصور دخوهلم عن استيفاء ضروراهتم.
-2مدقصّ مراعاة حظ األجيال الدقادمة:
يدخ يف ذلك توفري فاض اإلتفاق للقريب واجلار وغريمها ،وكذلك مراعاة
عدم استنفاد املوارد مجلة واحدة يف أوقات استخدامها .وهذا ألن للغري ممن أييت بعد
للنيب ذلك ،حق ا يف هذه املوارد .ويف هذا مراعاة أمر الندرة ،وقد أشار عمر
بعدم حنر اإلب ،حَت ًل يق الظهر ،واستبقاءا هلا لألجيال التالية(.)1
وهذا املقصد مطلوب من اجلماعة ،كاحلكومات ،كما هو مطلوب من
األفراد .فيمتنع التبذير يف حقهم أو اإلسراف .وقد قال تعا ى يف حق حفظ مال اليتيم
{ :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ} [سورة النساء ،]6:قال ابن العريب: قال
لسرافاا :يعين جماوزاة من أموالكم اليت تنبغي لكم ل ى ما ًل حي لكم من أمواهلم.
( )1اتظر احلديث يف :البخاري ،حممد بن لمساعي ( ،صحيح البخاري) ،كتاب الشركة ،ابب
الشركة يف الطعام والنهد والعروض ،حديث رقم ، 4282وكتاب اجلهاد والسري ،ابب مح
الزاد يف الغزو ،حديث رقم ( ، 4284ط1212 ،4/ه – 1222م ،دار السالم للنشر
والتوزيع ،الرايض) ،ص .221 ،214
011
( )1ابن العريب ،حممد بن عبد هللا( ،أحكام القرآن) ،حتقيق :مصطفى أبو املعاطي( ،ط،1/
1218ه4112-م ،دار الغد اجلديد -القاهرة).122 :1،
( )4الباحث( ،الوجيز يف علم اًلقتصاد اإلسالمي)( ،ط1246 ،1/ه – 4118م ،مطبعة جي
اتون ،اخلرطوم) ،ص41
( )1الشيباين ،حممد بن احلسن( ،كتاب الكسب) ،ويليه رسالة احلالل واحلرام ًلبن تيمية ،اعتىن
هبما :عبد الفتاح أبو غدة( ،ط1217 ،1ه4116-م ،القاهرة :دار السالم) ،ص .166
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
011
مدفوع ابحلاجة ،مقرتن ابإلمكان.
ثانيا :املدقاصّ األخروية لالستهالك:
استجالاب لثواب اآلخرة ،وتقرااب ل ى هللا
ا وهي مقاصد يلتمس املسلم فعلها
تعا ى .يدخ فيها ما يستهلكه املسلم ألج تفسه ،أو ما ينفقه على غريه على سبي
فرض الكفاية.
-1مدقصّ التعبّ:
مبعىن أن املستهلك املسلم يتعاطى فع اًلستهالك مبختلف احتياجاته ليتمكن
من عبادة هللا وطاعته ،ولًل ضعف عن الطاعة لن مل يتناول القدر املندوب لليه(.)1
اًلستهالك ألج اللذة أو املباهاة؛ ألته مفسد
َ أما لته يتجنب من فعله هذا،
لنيته ،مع يوق لدرك حاجته من تعظيم الثواب.
ويندرج استهالك املسلم حتت عموم األمر بعمارة األرض ،لذ ًل يكون عمارة
وتنمية ولتتاج من غري استهالك ،أو طلب على اإلتفاق .فاًلستهالك واإلتتاج
متداخالن مرتابطانً ،ل ينفك أحدمها عن اآلخر.
-2مدقصّ الدقيام بفرض الكفاية:
قد ًل ينفق الشخص على استهالك تفسه ،ب على استهالك غريه ،فيكون
بذلك مؤدايا لفرض من فروض الكفاية ،املعرب عنها إبطعام املضطرين وكسوة العارين،
وهو مما يثاب على فعله ويعاقب على تركه(.)4
والفقري واملضطر واحملتاج واملسكني ،غري متعيينني ،ب هم على اإلهبام ،وهم
متعني كذلك .لكن يقع فرض أه حاجة .والذي ينفق عليهم أو حيسن لليهم ،غري ي
الكفاية على القادرين من الواجدين وأه اليسار ،ما ُويجد هؤًلء احملتاجون .وقيام
البعض يغين اآلخرين عن اإلتفاق .كما يقول علماء األصول :طلب الكفاية متوجه
على اجلميع ،لكن لذا قام به بعضهم سقط عن الباقني(.)1
املبحث الثالث :قواعّ االستهالك واملدقاصّ الشرعية له يف الدقرآن الكريم
متمثال يف القرآن والسنة -بقواعد عامة وخاصة يف ا جاء اإلسالم -
اًلستهالك ،ولن كان ضبط هذه القواعد مبصطلحاهتا ومفاهيمها مما ُخيتلَف فيه بني
العلماء ،ويتغاير بني جمتمع وآخر ،لًل أن أصول هذه املصطلحات واملفاهيم اليت ي
متكن
لقواعد اًلستهالك ،متفق عليها .وهذه القواعد اًلستهالكية ميكن تصنيفها حبسب
اهلدف منها ،ل ى قسمني :األول" :اًلستهالك التوجيهي" والثاين" :اًلستهالك
املقاصدي" .فعندما يبني القرآن األسس اليت ينبغي على املسلم أن يتبعها يف سلوكه
اًلستهالكي ،فهو بذلك يرشده ويوجهه ل ى ما ينضبط به لتفاقه اًلستهالكي ،فهو
بذلك استهالك توجيهي ،فهو يعين جبملة التوجيهً ،ل بتفاصيله .وعندما يقرتن هذا
التوجيه أبهداف ومقاصد مرشدة ،فعندئذ هو استهالك مقاصدي؛ أي :موجه جتاه
حتقيق مقاصد ترتبط ابلفرد واجملتمع ،والدتيا واآلخرة .وهو بذلك يهتم ابلتفاصي .
=
عليه :طه عبد الرؤوف سعد1188 ( ،هـ 1268-م ،دار الشرق للطباعة ،القاهرة):1 ،
.181
( )1الشاطيب ( ،املوافقات) ،ص .111
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
011
من هذه القواعد العامة اليت يتأسس عليها اًلستهالك عند املسلم :قاعدة
"احلالل واحلرام" ،وقاعدة "القصد واًلعتدال ومدحه" ،وقاعدة "اإلسراف واإلقتار
وذمه" ،فهي مبثابة أصول وقواعد لالستهالك ًل يسع املسلم تركها.
أما القواعد اخلاصة فهي تشتم على ُم َويجهات تفصيلية تتعلق ابإلتفاق
اًلستهالكي ،يدخ يف ذلك :كيفية التصرف يف حلوم األضاحي لذ لن توزيعها،
يكون على ثالثة -على وجه الندب :-استهالك وتوزيع وادخار ،فاألول والثالث
ملالك اللحم وأهله ،والث اين للمجتمع حوله ،من فقراء ومساكني من أه احلاجة
والقرابة.
كما تشم هذه القواعد اخلاصة تقسيم الداخ ل ى معدة اإلتسان لل ثالثة:
طعام وشراب وتفس ،وكذلك تفقة اإلتسان املسلم ،جيع منها جزءاا لنفسه ،وجزءاا
لزوجه ،وجزءاا ألوًلده ،وجزءاا لدابته ،وهكذا يتوجه اإلتفاق اًلستهالكي فينضبط وفق
قواعد توجيهية حتم مقاصد وأهداف ا كلية وجزئية.
كذلك توجيه الشريعة وتدهبا للمسلم لتقسيم لتفاقه بني من يعول من زوجة
وأوًلد ،ودابة ،وصدقات ،لضافة ل ى الواجبات كالزكوات.
يتنزل تفصي ذلك يف ثالثة مطالب:
املطلب األول :قواعد اًلستهالك يف اًلقتصاد اإلسالمي
املطلب الثاين :أهداف اًلستهالك التوجيهي واًلستهالك املقاصدي
املطلب الثالث :مقاصد اًلستهالك يف القرآن وأثرها يف توجيه السلوك
اًلستهالكي للمسلم.
011
املطلب األوَّل :قواعّ االستهالك يف االقتصاد اإلسالمي
سبق قب ُ أن القرآن جاء بقواعد عامة وقواعد خاصة تضبط استهالك الفرد
املسلم ،وتصرفه يف ماله ،وأن القصد هو توجيهه ولرشاده ل ى ما فيه سعادة الدارين.
ويقع ههنا بياهنا.
ومها قاعداتن من حيث التصنيف اجلُ َملي:
األو ى :القواعد العامة أو الكلية.
الثاتية :القواعد اخلاصة أو اجلزئية.
وهذا ابستقراء آايت القرآن.
1/1/3ماهية قواعّ االستهالك:
يقصد بقواعد اًلستهالك :القواعد الضابطة ًلستهالك أو لتفاق املسلم ،واليت
توجهه ل ى كيفية تنظيم استهالكه وفق األصول اإلسالمية واملقاصد الشرعية ،حتقي اقا
ألهدافه الدتيوية واألخروية.
2/1/3أنواع قواعّ االستهالك:
أوالً :الدقواعّ العامة أو الكلية.
هذه القاعدة العامة تضم الكليات العامة املبيينة لنوع اًلستهالك وكيفيته وكمه،
وهو تقسيم ضابط لألفعال ،موجه للغاايت .وتنقسم ل ى ثالثة.
الدقواعّ الثالث:
-1قاعدة احلالل واحلرام.
-4قاعدة القصد واًلعتدال ومدحه.
-1قاعدة اإلسراف والتبذير واإلقتار وذمه.
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
011
-1قاعّة احلالل واحلرام (النوع):
وحيظر،
حيرم عليه ُ ي ي
وهي قاعدة مبينة لنوع ما َحي ُّ ويُباح للمسلم تعاطيه ،وما ُ
من املآك واملشارب واملساكن واملكاسب واملراكب ،وسائر ما يُتمتع به .وحمصلها
أوامر ومندوابت ،ومناهي ومكروهات ،كلها داعية حلفظ البدن ولقامة النوع البشري
وصياتته.
فهي لذاا قاعدة متعلقة جبنس املستمتَع به ،اأاي كان ،يعم املسلم يف لطارها من
احلالل واحلرام.
قال ابن حزم :وأمجعوا أن اكتساب املرء من الوجوه املباحة ،مباح .واتفقوا أن
كسب القوت من الوجوه املباحة له ولعياله ،فرض ،لذا قدر عليه .وكذلك حكى
ا ًلتفاق على فرضية ما يسترت به املرء من بناء ،أو اكتساب منزل أو مسكن يسرته.
قال :واتفقوا أن اًلتساع يف املكاسب واملباين من يح ،لذا أدى مجيع حقوق هللا ،
مباح(.)1
يعرف الغزايل احلالل املطلق بقوله :هو الذي خال عن ذاته الصفات املوجبة
للتحرمي يف عينه ،واحن عن أسبابه ما تطرق لليه حترمي أو كراهية .قال :واحلرام احملض
هو ما فيه صفة حمرمة ًل يشك فيها ،كالشدة املطربة يف اخلمر ،والنجاسة يف البول،
( )1ابن حزم ،أبو حممد علي بن أمحد بن سعيد األتدلسي( ،مراتب اإلمجاع يف العبادات
واملعامالت واًلعتقادات) ،بعناية :أمحد حسن لسرب( ،ط1218 ،4/ه4112-م ،دار ابن
حزم ،بريوت-لبنان) ص 481؛ الغزايل ،حممد بن حممد بن حممد( ،لحياء علوم الدين)،
ضبط وتوثيق :أمحد عناية – أمحد زهوة( ، ،د.ط1212 ،ه4111-م ،دار الكتاب
العريب) ،ص .862
122
( )1أخرجه أمحد ( 4162والطرباين يف مسند الشاميني ( 28واللفظ هلما والديلمي يف الفردوس
األعلى ( ) 6111ابختالف يسري .الباحث احلديثي .حبث فوري يف املوسوعة احلديثية ابلدرر
السنية.
( )4اتظر :األصفهاين ،احلسني بن حممد بن املفض الراغب( ،مفردات ألفاظ القرآن) ،حتقيق:
صفوان عدانن داوودي ،ط1211 ،8/ه4111-م ،دار القلم -دمشق) ،ص .674
( )1الغزايل ،حممد بن حممد بن حممد( ،ميزان العم ) ،كتب هوامشه :أمحد مشس الدين ،ط،1/
1212ه1282-م ،دار الكتب العلمية ،بريوت-لبنان) ،ص ،118بتصرف.
120
وح يف َظ األص أو الرقبة ،فليس مببذر .ومن أتفق درمهاا يف حرام ،فهو مبذر ُحيجر عليه
َ
يف تفقة درهم يف احلرام ،وًل ُحيجر عليه ببذله يف الشهوات ،لًل لذا خيف عليه
تبذيرا. ()1
النفاد .فينقلب ا
ويف املفردات :التبذير :التفريق ،وأصله للقاء البذر وطرحه ،فاستعري لك مضيع
ملاله ،فتبذير البذر :تضييع يف الظاهر ملن مل يعرف مآل ما يلقيه(.)4
ويف التعريفات :التبذير :هو تفريق املال على وجه اإلسراف( .)1واإلسراف:
ائدا على ما ينبغي ،خبالف التبذير ،فإته صرف الشيء
صرف الشيء فيما ينبغي ز ا
فيما ًل ينبغي(.)2
وأما اإلقتار :قال يف املقاييس :قرت :القاف والتاء والراء ،أص صحيح يدل
على جتميع وتضييق .واإلقتار :التضييق .يقال :قَََرت الرج على أهله يَـ ْق ُرت ،وأقرت وقرت.
وم يقرت(.)8
القرت :تقلي النفقة ،وهو إبزاء اإلسراف ،وكالمها مذموم .ورج قَتور ُ
وقال ابن العريب يف السراج :وأما اإلقتار :فهو حبس املال عن حقوق هللا
تعا ى ،أو عن الصدقة التطوع؛ ًلبتغاء ثواب هللا .فأما التضييق على النفس عن
ﯡ ﯢ} [سورة النحل.]5:
-8الداللة على منافع البحر؛ التجارة والسفر واستخراج احللي :النح .12
{ :ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ قال
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯮ
ﯯ ﯰ} [سورة النحل.]14:
يف اجلملة ،فإن األهداف التوجيهية تعم على توجيه األهداف املقاصدية
بتفصيالهتا .
2/3/3أثر مدقاصّ االستهالك على السلوك االستهالكي للمسلم:
لن مرتكز سلوك املسلم وتصرفاته ألج الكسب واملعايش ،على اإلميان .فهو
احملرك واملوجه واملرشد والقائد جلميع حركاته وغاايتهً ،ل يصدر لًل عنها .وقد قبح
الشرع لتيان املمنوعات ،وحسن اجتالب املشروعات .كما مدح املأمورات وذم
املنهيات .والك مقصوده اجتالب املصاحل واستدفاع املفاسد ،لييَ ْحيَا املؤمن يف جو
من طمأتينة النفس ،وليتيسر له العبادة من غري اضطراب أو اختالل.
وقد تقدمت املقاصد القرآتية اليت حتفظ الكليات اخلمس ،واليت تعم على
دفع املضار وجلب املنافع ،وتكثري املصاحل وتقلي املفاسد .وهي مناهي وأوامر
ودًلًلت؛ هادية ملصاحل اإلتسان ،ليبلغ ما أراد هللا له من العبادة والطاعة ،وتيسري
الوصول ل ى سعادة الدارين.
من أج ذلك تعلقت أبفعال اإلتسان ممادح ومذام ،حتثه على تعاطي السلوك
القومي .ومن هذا ،السلوك اًلستهالكي الذي هو جزء من السلوك العام للمسلم.
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
133
1/2/3/3الصفات املمّوحة والصفات املذمومة يف إنفاق املال:
ومقصودها مح املسلم على حسن التصرف يف املال ،من جهة اًلستهالك
واإلتفاق ،ومن مث حفظ احلقوق وصياتة املوارد من اإلهدار.
(أ) الصفات املمّوحة يف املال:
وقد بينها القرآن.
{ :ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ} [سورة الفرقان.]61: -1القوام .قال
{ :ﮝ ﮞﮟ ﮠﮡ } [سورة آل عمران.]49: -4اًلدخار .قال
{ :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ } [سورة البقرة.]195: -3اإلتفاق يف سبي هللا .قال
{ :ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ} [سورة -4اإلقراض .قال
البقرة.]245:
{ :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ } [سورة -5العفو؛ املواساة .قال
البقرة.]219:
{ :ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ } [سورة -6اإليثار .قال
احلشر.]9:
(ب) الصفات املذمومة يف املال:
وبياهنا كذلك يف القرآن:
{ :ﭛﭜﭝ } [سورة األعراف.]31: -1اإلسراف .قال
{ :ﯼﯽ} [سورة الفرقان.]61: -2اإلقتار .قال
{ :ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ} [سورة اإلسراء.]26: -3التبذير .قال
{ :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ } [سورة -4الرتف .قال
130
اإلسراء.]16:
{ :ﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇ -5اًلكتناز .قال
ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ} [سورة التوبة.]34:
{ :ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ } [سورة -6البخ .قال
احلديد.]24:
{ :ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ } [سورة البقرة.]219: -1الراب .قال
{ :ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [سورة -9أكله ابلباط .قال
النساء.]29:
{ :ﰏﰐ ﰑ ﰒ } [سورة الشعراء.]193: -9البخس .قال
{ :ﯖ ﯗ ﯘ} [سورة املطففني.]1: -17التطفيف .قال
{ :ﯤﯥﯦﯧﯨ ﯩ -11الرايء واملن واألذى .قال
ﯪﯫ ﯬ ﯭ } [سورة البقرة.]264:
ما تقدم من املمادح املالية ومذامها تعم على تغذية املسلم بسلوكيات انفعة
توعا من
وتبعا ًلمتثال املسلم هلذه املعاين يتولد ا
حلفظ املال وماتعة من لهداره .ا
السلوك يثمر حتقيق األهداف اًلقتصادية واًلجتماعية .فاملمادح تعم على حسن
توزيع املال ومشاركته مع الغري احملروم ،على وجه املواساة أو اإليثار أو اإلقراض ،لخل.
واملذام يضبط صاحبه من اًلسرتسال يف مجع املال بغري وجه حق أو هضم حق غريه،
عن طريق الراب أو ابلباط أو البخس والتطفيف .ابجلملة فهو يعم يف لطار القواعد
ات فعله على الفرد وعلى اجملتمع.
الكلية واجلزئية ،أو العامة واخلاصة ،فيتوزع بذلك مثر ُ
كما يتحقق من هذا السلوك فضيلة العدالة ،بضمان حسن توزيع الدخ وعوائد
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
131
اإلتتاج .فاخلصال املذمومة من ( )6 – 1ماتعة للحق ،وواضعة له يف غري موضعه،
وحابسة له عن مستحقيه .واخلصال من ( )11 – 7آخذة للحق من أهله بغري يحليه،
ومنَـ يقصة له من غري سبب وًل جهد.
ُ
وتعم ،يف اجلاتب اآلخر ،الصفات احملمودة على حسن توجيه لتفاق املال،
فضيليت القوام
َ املستحقة ( .)6 –1ينشأ ذلك من استعمال
َ ووضعه يف مواضعه
واًلدخار (.)4 -1
ابجلملة ،لإلتسان املسلم مقاصد دتيوية يعم من ورائها على لشباع حاجاته
املتعددة ،من خالل النعم اليت آاتها هللا له ،بشرط التخلق ابلفضائ الشريفة
واألخالق الفاضلة ،ويف حدود املقاصد الشرعية واملبادئ اإلسالمية .واهلدف النهائي
حتقيق التعبد والطمأتينة لك أحد ،والعدالة يف حتصي احلاجات لك أفراد اجملتمع.
املبحث الرابع :النماذج والتطبيدقات املعاصرة ملدقاصّ االستهالك الشرعية
.وأما التطبيقات ففي العصر احلديث .والك أما النماذج فمن عهد عمر
دال على لمكاتية تطبيق معاين السلوك اًلستهالكي وتنزيلها وقابليتها للتطبيق .ويف
املبحث مطلبان:
املطلب األول :مناذج عُ َمرِية يف مدقاصّ االستهالك
وهي مناذج وجدت طريقها ل ى التطبيق ،على النطاق اجلزئي وعلى النطاق
من مقاصد تدل على بُعد تظر الكليُ ،متَـ َعلقُهُ اًلستهالك ،وما قصد لليه عمر
يف استشراف املستقب املرتكز على احلاضر ،وادخار الفائض للغري ،أو ل ى وقت
احلاجة.
131
-1النطاق اجلزئي:
يف الزهد ،ولرادته مح الناس على هذه الفضيلة، وهو ما يتعلق بسرية عمر
فيما يتعلق بضبط اًلستهالك الشخصي .فقد جاء عنه من غري وجه أته كان يرى
ترك الرتفُّه يف املآك واستبقاء الطيبات ل ى الدار اآلخرة.
روى مالك يف موطئه عن حيىي بن سعيد ،أن عمر بن اخلطاب أدرك جابر بن
عبد هللا ومعه يمحال حلم ،فقال :ما هذا؟ فقال :قَ يرْمنا ل ى اللحم ،فاشرتيت بدرهم
حلما ،فقال عمرَ :أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه عن جاره أو ابن عمه؟ أين تذهب ا
عنكم هذه اآلية{ :ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ} [سورة
األحقاف.)1(]27:
ومن وجه آخر ،وفيه :وكلما اشتهى أحدكم شيئاا أكله ،أًل يطوي بطنه جلاره
وضيفه(.)4
وهو مقصد مدفوع ابملآل ،كما تقدم عن عمر يف منع أك البيض ،استبقاءا له
دجاجا .ففيه أتجي اًلستهالك ل ى وقت احلاجة لتكتم منافع السلعة .أما ا ليكون
اللحم فلما كان من السلع الرفاهية( ،)1فإن استبقاء مثنه لينتفع به الغري من جار أو
( )1ابن عبد الرب( ،اًلستذكار) . 121 :8 ،قال أبو عمر :روي هذا اخلرب عن عمر من وجوه ،مث
شرع يذكرها .رواه مالك بن أتس( ،املوطأ) ،ابب ما جاء يف أك اللحم ،أثر ،217لعداد
وتقدمي :حممد عبد الرمحن املرعشلي( ،ط1241 ،1/ه ،4111-دار لحياء الرتاث العريب،
بريوت-لبنان) ،ص .872
( )4ابن عبد الرب( ،اًلستذكار).121 :8 ،
( )1ابن عبد الرب( ،اًلستذكار).182 :8 ،
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
131
قريب أو مسكني يف الضرورايت من املطعم ،يعظم تفعه وتزداد بركته ،على ما يف ذلك
من حتوي الطلب على سلع رفاهية ل ى سلع ضرورية ،ينتج منها زايدة الطلب على
األخرية .وهذا يبني حقيقة السلوك اًلستهالكي اًلقتصادي اجلزئي للمسلم.
من املقاصد الظاهرة الناشئة عن هذا السلوك:
-1مقصد حفظ الدين؛ حببس اًلستهالك اآلين يف رفاهي عاج ،ولبداله
ابستهالك استبقائي (تعاوين) ،حيفزه رجاء ثواب اآلخرة يف اآلج .
-4مقصد حفظ النفس؛ بتأجي استهالك شخصي يف سلعة رفاهية ،بغرض
استيفاء سلعة ضرورية حملتاج لليها.
-1مقصد حفظ املال؛ كما يُرى ذلك من أتجي أك البيض ،ألج ارتفاع
استثمارا للمال .ففيه حفظ األصول ل ى لابن
ا دجاجا .ألن فيه
ا منفعته بصريورته
اكتمال منافعها .وهو مقصد تثمريي للمال.
-2النطاق الكلي:
تعديال لوضع
ويتعلق حبم احلاكم الناس على فع اقتصادي يتص ابملعاش ،ا
ويضر أتجيله .وهو أمر كلي ،لكن يشرتك فيه أفراد اجملتمع ،ابعتبار
تفعهُّ ،
طارئ ،يَـ ُع ُّم ُ
مجاعية التعاون.
للنيب يوضح ذلك لمالق الناس ومههم بنحر لبلهم ،ولشارة عمر
مبسلك آخر ،لذ روى البخاري يف صحيحه(:)1
يف حنر لبلهم فأذن ت أزواد القوم وأملقوا فأتوا النيب
عن سلمة :قالَ :خف ْ
فقال :اي هلم ،فلقيهم عمر فأخربوه فقال :ما بقاؤكم بعد لبلكم؟ فدخ على النيب
رسول هللا ،ما بقاؤهم بعد لبلهم؟ فقال رسول هللا ِ ( :
اند يف الناس أيتون بفضل
فدعا وبرك عليه، أزوادهم) ،فبُ يسط لذلك تيطَع وجعلوه على النطع فقام رسول هللا
مث دعاهم أبوعيتهم فاحتثى الناس حَت فرغوا مث قال رسول هللا ( :أشهد أن ال إله
إال هللا وأين رسول هللا).
وفيه لشارات اقتصادية ،متعلقها استهالكي:
-1يخفة األزواد :وهي اإلمالق :الفقر ،الذي هو لعواز الطعام( ،)1وميث ذلك
املشكلة أو األزمة اًلقتصادية.
-4ما بقاؤكم بعد لبلكم :وهي تسبُّب اختيار النحر يف اهللكة( )4على املاشي.
وهي تعرب عن آاثر سالبة ملعاجلة مشكلة هلا بدي يآمن.
-1مجع فض األزواد :معاجلة تفضيلية ًل آاثر هلا سالبة ،تقوم على مجع
فائض األقوات (النـ ْهد) ،مث يستهلك ك واحد حبسب حاجته ًل مبقدار ما شارك فيه
من قوت (أصول أو أعيان استهالكية) حَت ًل خترج عن حد املساواة(.)1
-2سياسة أم كرامة (معجزة)؟ :هي كرامة ومعجزة لكنها محلت معىن
له .متعلقها وجود البدي أو اخليار وموافقة النيب السياسة .بدلي لشارة عمر
اخلامتة
تنزيلها على الواقع املعاصر وتعميم تطبيقها حبسب حال ك بلد وأحواله( ،الفرض
الرابع).
-8تعدد أتواع اًلستهالك يعم ،يف حال تعريف الناس هبا وتشرها ،على
تبصريهم أبولوايت اإلتفاق .فيتجنبون ما هو حاجي رفاهي يف حال تزاحم احلاجات،
وًل يقدموته على ما هو ضروري معاشي.
-6أن تطبيق سلوك الصحابة واخللفاء الراشدين مث عمر ،يف اإلتفاق
اًلستهالكي ،من ضرورايت هذا العصر ،الذي اخت فيه ميزان العدل يف اًلستهالك،
وصار األمر منفرطاا غري منضبط ،مما يؤثر سلباا على جمموع لتفاق اجملتمع وعلى
حاجاته املتعددة ،اليت ًل تتسع هلا موارده.
-7تبني دور احلاكم أو احلكومة يف توجيه اًلستهالك العام للناس حنو غاايت
ختدم مقاصد الشرع وأهداف اجملتمع ،ومتنع خروجه عن حد اًلعتدال والتوسط.
منعا أو
يظهر ذلك يف للزام احلاكم أو جهة اًلختصاص بنمط معني من اًلستهالك ،ا
هتذيباا.
اثنيًا :التوصيات.
وبناؤها على ما تقدم من تتائج ،دون متاثلها يف العدد:
-1ضرورة لظهار مقاصد اًلستهالك وتشرها يف اجملتمع ،ألج ختصيص سليم
وكفؤ ملوارد اجملتمع والفرد ،وتوزيع يتسم ابلعدالة فيما يتعلق حبق الفقراء يف أموال
األغنياء والواجدين.
-4هناك حاجة ل ى تعريف الناس مبحاسن ضبط اًلستهالك ،وأمهية ذلك يف
رصد املوارد وادخارها ل ى وقت احلاجة لليها ،مع مراعاة حق األجيال القادمة.
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
101
-1تعريف مجهور الناس من أفراد وجمموعات ،مبا فيها احلكومات ،بيرتَ ي
ب ُ
احلاجات وكيفية تنظيمها ووضعها يف موضعها املرسوم هلا يف الشريعة؛ من ضروري
وحاجي وحتسيين.
-2العم على ليضاح مناذج الصدر األول من اإلسالم ،واملنعكسة يف حسن
لدارة اإلتفاق ولحكام ضبط اًلستهالك ،والبناء عليها بتطبيقها على مؤسسات
خمتارة ،ليتم بعدها التقومي واملراجعة والتعميم ،يف حال النجاح.
-8بظهور التجارب املعاصرة ملقاصد اًلستهالك الشرعية ،فإته ابإلمكان
التمدد يف تشرها والعم هبا ،بعد حصر املواطن اليت حيتاج اجملتمع فيها ل ى ضبط
استهالكه وترشيده.
h
101
ابن العريب ،حممد بن عبد هللا بن حممد" .أحكام القرآن" .حتقيق :مصطفى -1
أبو املعاطي( ،ط ،1/القاهرة :دار الغد اجلديد1218 ،ه4112-م).
ابن العريب ،حممد بن عبد هللا بن حممد" .سراج املريدين يف سبي الدين". -4
ضبط تصه وخرج أحاديثه ووثق تقوله :د .عبد هللا التورايت( ،ط ،1/اململكة
املغربية :دار احلديث الكتاتية1218 ،ه4117-م).
ابن بطال ،علي بن خلف" .شرح ابن بطال على صحيح البخاري" .حققه -1
وخرج أحاديثه :مصطفى عبد القادر عطا( ،ط ،4/بريوت-لبنان :دار
الكتب العلمية1216 ،ه4118-م).
ابن حزم ،علي بن أمحد بن سعيد األتدلسي" .مراتب اإلمجاع يف العبادات -2
واملعامالت واًلعتقادات" .بعناية :أمحد حسن لسرب( ،ط ،4/بريوت -
لبنان :دار ابن حزم1218 ،ه4112-م).
ابن شبه ،عمر بن شبه" .كتاب اتريخ املدينة" .حققه :فهيم حممد -8
شلتوت( ،د .ت ،د .د ،يب دي لف).
ابن عاشور ،حممد الطاهر" .مقاصد الشريعة اإلسالمية" .حتقيق ومراجعة: -6
الشيخ حممد احلبيب بن اخلوجة( ،قطر :وزارة األوقاف والشؤون اًلسالمية،
1248ه – 4112م).
ابن عبد الرب ،يوسف بن عبد هللا" .اًلستذكار" .علق عليه ووضع -7
حواشيه :سامل حممد عطا -حممد علي معوض( ،ط ،1/بريوت لبنان :دار
الكتب العلمية4111 ،م).
ابن عبد السالم ،عبد العزيز السلمي" .قواعد األحكام يف مصاحل األانم". -8
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
101
راجعه وعلق عليه :طه عبد الرؤوف سعد( ،القاهرة :دار الشرق للطباعة،
1188هـ 1268-م).
ابن عطية ،عبد احلق بن غالب" .احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز". -2
حتقيق :عبد السالم عبد الشايف( ،ط ،2/بريوت – لبنان :دار الكتب
العلمية1217 ،ه – 4116م).
ابن فارس ،أمحد بن زكراي" .مقاييس اللغة" .راجعه وعلق عليه :أتس حممد -11
الشامي( ،د.ط ،.القاهرة :دار احلديث1242 ،ه4118-م).
ابن كثري ،لمساعي بن عمر" .تفسري القرآن العظيم" .راجعه وتقحه :الشيخ -11
خالد حممد جمرم( ،د.ط ،.بريوت – لبنان :املكتبة العصرية1218 ،ه -
4112م).
أبوظيب ،صحيفة 48أغسطس 4144م. -14
األصفهاين ،احلسني بن حممد" .مفردات ألفاظ القرآن" .حتقيق :صفوان -11
عدانن داوودي( ،ط ،8/دمشق :دار القلم1211 ،ه4111-م).
الباجي ،سليمان بن خلف" .احلدود يف األصول" .املطبوع مع اإلشارة يف -12
أصول الفقه ،حتقيق :حممد حسن حممد حسن لمساعي ( ،ط ،1/بريوت-
لبنان :دار الكتب العلمية1242 ،ه4111-م).
الباجي ،سليمان بن خلف" .لحكام الفصول يف أحكام األصول" .حتقيق -18
ودراسة :أ .د .عمران علي أمحد العريب( ،بريوت-لبنان :دار ابن حزم،
.)4112-1211
الباحث" :الوجيز يف علم اًلقتصاد اإلسالمي"( .ط ،1/جي اتون، -16
اخلرطوم1246 :ه4118 -م).
البخاري ،حممد بن لمساعي " .صحيح البخاري"( .ط ،4/الرايض :دار -17
101
السالم للنشر والتوزيع1212 ،ه – 1222م).
اجلرجاين ،علي بن حممد" .التعريفات" .حتقيق وتعليق :عبد الرمحن عمرية، -18
(ط ،1/بريوت :عامل الكتب1217 ،ه1287-م).
اجلوهري ،لمساعي بن محاد" .معجم الصحاح" .مرتب ترتيب ا ألفبائي ا وفق -12
أوائ احلروف ،اعتىن به :خلي مأمون شيحا( ،ط ،2/بريوت :دار املعرفة،
1211هـ 4114 -م).
احلسن ،خليفة اببكر" .فلسفة مقاصد التشريع يف الفقه اإلسالمي -41
وأصوله"1287( .م ،جملة كلية الشريعة والقاتون ،اإلمارات العربية
املتحدة) ،العدد ،1موجود يف قالب يب دي لف.
اخلليج ،صحيفة 48أغسطس (4144م). -41
الراكوبة ،صحيفة 42شوال 1214هalrakoba. net ، -44
الشاطيب ،لبراهيم بن موسى" .املوافقات يف أصول الشريعة" .شرحه وخرج -41
أحاديثه :عبد هللا دراز ،وضع ترامجه :حممد عبد هللا دراز ،خرج آايته
وفهرس موضوعاته :عبد السالم عبد الشايف حممد( ،ط ،4/بريوت :دار
الكتب العلمية4112 ،م).
الشيباين ،حممد بن احلسن" .كتاب الكسب ،ويليه رسالة احلالل واحلرام -42
ًلبن تيمية" .اعتىن هبما :عبد الفتاح أبو غدة( ،ط ،1/القاهرة :دار
السالم1217 ،ه – .)4116
العامل ،يوسف حامد" .املقاصد العامة للشريعة اإلسالمية" ( .ط،1 : -48
هريتد ،فرجينيا ،الوًلايت املتحدة األمريكية :املعهد العاملي للفكر
اإلسالمي1214 ،ه1221-م) .موجود على قالب يب دي لف.
عكاظ 42 ،حمرم 1222ه – 47أغسطس 4144م ،عربية -46
مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي ،وتطبيقاتها املعاصرة
101
.Skynews
الغزايل ،حممد بن حممد بن حممد :لحياء علوم الدين ،ضبط وتوثيق :أمحد -47
عناية – أمحد زهوة،دار الكتاب العريب ،د.ط1212 ،ه4111-م.
الغزايل ،حممد بن حممد" .ميزان العم " .كتب هوامشه :أمحد مشس الدين، -48
(ط ،1/بريوت-لبنان :دار الكتب العلمية1212 ،ه1282-م).
مالك بن أتس" .املوطأ" .لعداد وتقدمي :حممد عبد الرمحن املرعشلي، -42
(ط ،1/بريوت-لبنان :دار لحياء الرتاث العريب1241 ،ه4111-م).
جملة بيت املشورة :جملة دولية حمكمة يف اًلقتصاد والصريفة اإلسالمية ،دولة -11
قطر ،العدد ، 7أكتوبر (4117م).
مسلم ،ابن احلجاج" .صحيح مسلم"( .ط ،4/الرايض :دار السالم، -11
1241ه4111 -م).
مصطفى ،لبراهيم وآخرون" .املعجم الوسيط"( .جممع اللغة العربية :اإلدارة -14
العامة للمعجمات ولحياء الرتاث).
املنذري ،زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي" .الرتغيب والرتهيب من -11
احلديث الشريف" .ضبط أحاديثه وعلق عليها :مصطفى حممد عمارة،
(ط ،1/بريوت :دار لحياء الرتاث العريب1188 ،هـ 1268 -م).
هسربيس ،صحيفة ،األحد 41توفمرب 11:11 ،4144 -12
اليوم السابع ،صحيفة 12أكتوبر 4144م. -18
اليوم ،42اًلثنني 41توفمري alyaum24.com ،4144 -16
101
bibliography