Professional Documents
Culture Documents
أثر شرعـة الزكاة في مقصد حفظ المال
أثر شرعـة الزكاة في مقصد حفظ المال
إعـــداد
الدكتور أحـمــد حمـمــد عــزب مـوسي
أستاذ أصول الفقه املساعد يف كلية الرشيعة
ملخص البحث
هذا البحث متعلق بمســألة مهمة من املســائل األصولية ،وهي مســألة عالقة
األحكام الرشعيــة بمقاصدها ،وهيدف هذا البحث إىل بيــان عالقة أحد األحكام
الرشعيــة وهو وجوب الزكاة عــى املكلفني بمقصــد رضوري وهو مقصد حفظ
املــال وصيانته من اجلوائح املؤثرة يف هالكه أو فوات قيمته ،ويتعرض البحث لبيان
األحكام اجلزئية املتعلقة بوجوب الــزكاة ومدى تأثري كل حكم جزئي عىل املقصد
الكيل الذي أراد الشــارع حفظه ،وتكمن مشكلة البحث يف اإلجابة عىل عدة أسئلة
أمههــا ما مدى تأثري وجوب الــزكاة عىل حفظ مقصد املال وأثــر ذلك عىل التنمية
االقتصادية بشكل عام؟ وقد اســتعمل الباحث املنهج االستقرائي التحلييل يف مجع
ال مقاصدي ًا ،وتوصل الباحث
أحكام الزكاة وحتليل عالقتها بمقصد حفظ املال حتلي ً
إىل عــدة نتائج لعل أمهها :أن أحكام الرشيعة مرتبطة ارتباطا وثيقا بمقاصدها ،وأنه
ما من حكم إال وهو حمقق ملقصد أو لعدد من املقاصد الرشعية ،وأن الزكاة الرشعية
هلا أثرها البني يف املحافظة عىل املال من جانبي الوجود والعدم .واهلل أعلم.
ّ
إن احلمد هلل ،نحمده ،ونســتعينه ،ونستغفره ،ونعوذ باهلل من رشور أنفسنا ،من
هيــده اهلل فال ُمضل له ،ومن ُيضلل فال هادي له ،وأشــهد أن ال إله إال اهلل وحده ال
رشيك له ،وأشهد ّ
أن حممدً ا عبده ورسوله ﷺ﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ
ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﴾ [النســاء﴿ ،]1/ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ
ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﴾ [آل عمــران﴿ ]102/ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ
ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﴾ [األحزاب ،(((]71-70/أ ّما بعد:
فإنه من املقرر رشعا أن الشــارع احلكيم رشع أحكامــه لغايات ومقاصد أراد
حتقيقهــا من خالل هذه األحكام؛ ألنه ســبحانه مل يرشع أحكامــه عبثا ومل يكلف
عبــاده ال لغاية -تعاىل اهلل عــن ذلك -ومن مجلة األحــكام التي رشعها اهلل عىل
عباده بل وأوجبها عليهم إخراج الزكاة من أمواهلم إذا بلغت هذه األموال النصاب
املقرر رشعا ،وانطالق ًا من املبدأ املقرر سابقا وهو وجود مقاصد وغايات من أجلها
((( هذه تســمى خطبة احلاجة أخرجها أمحد يف مســنده ( -)262/6مســند عبد اهلل بن مسعود-
رقم ( ،)3720وأبو داود يف ســننه (ص -)306/كتاب النــكاح -باب يف خطبة النكاح -رقم
( ،)2118والرتمذي يف جامعــه (ص -)266/أبواب النكاح -باب ما جاء يف خطبة النكاح-
رقم ( ،)1105وحســنها ،والنسائي يف سننه (ص -)198/كتاب اجلمعة -باب كيفية اخلطبة-
رقــم ( ،)1405وابن ماجه يف ســننه (ص -)271/كتاب النكاح -بــاب خطبة النكاح -رقم
( ،)1892وصححها األلباين ،وألف فيها كتا ًبا بعنوان «خطبة احلاجة التي كان رســول اهلل ﷺ
يعلمها أصحابه» مجع فيه طرقها.
رشعت األحكام أردت يف هذا البحث كشــف اللثام -قدر املستطاع -عن مقصد
الشــارع من وجوب الزكاة ،وعن أثر هــذا الوجوب يف حفظ مقصد املال الذي هو
األول :بيان أن الرشيعة اإلسالمية -حفظها اهلل -مل ولن تنفصل عن واقع احلياة
املنشود.
الثاين :ما مدى تأثري وجوب الزكاة يف حفظ املال والتنمية االقتصادية ؟
اتبع الباحث يف هذا البحث املنهج االســتقرائي التحلييل ،حيث قام باســتقراء
األمور املرتتبة عىل رشعة الزكاة ثم قــام بتحليل العالقة بني وجوب الزكاة وحفظ
املال وأثرها عىل واقع احلياة.
أوالً :مجعت املادة العلمية مــن مراجعها ،ومصادرها األصيلة ،ثم وزعتها عىل
مباحث ومطالب.
موجزا.
ً ساب ًعا :عرفت باملصطلحات العلمية تعري ًفا
املبحث األول:
املقاصد الضرورية يف الشريعة اإلسالمية
متهيد:
ملا كان حفظ املال أحد املقاصد الرضورية اخلمسة التي راعتها الرشيعة اإلسالمية
وحافظت عليها من أي اختالل يلحق هبــا ،وملا كنا بصدد احلديث عن عالقة أحد
األحكام الرشيعــة وهو وجوب الزكاة بحفظ مقصد املال رأيت أن يدور الكالم يف
هذا املبحث عن املقاصد بصورة عامة دون اإلغراق يف تفاصيلها حتى يكون الكالم
مركزا يف حفظ املال الذي هو أحد األقســام اخلمســة التي للــزكاة الرشعية عالقة
مبارشة قوية مؤثرة فيه.
((( من اآلية :9من سورة النحل .وانظر :لسان العرب البن منظور - 353/3ط .دار صادر.
((( انظر :املقاصد الرشعية وأثرها يف أصول الفقه لألستاذ الدكتور :حممد عبد العاطي حممد عىل صـ
- 13ط .دار احلديث سنة 1428هـ 2007م.
((( انظر :املقاصد العامة للرشيعة اإلسالمية -تأليف ابن زغيبة عز الدين صـ - 38ط .دار الصفوة
للطباعة والنرش والتوزيع سنة 1417هـ 1996م.
وأما الرشيعة ففي اللغة :هي الطـــريقة املستقيمة الظاهرة الواضحة ،وسميت
بذلك لوضوحها وظهورها (((.
واصطالح ًا :هي :املنهج املستقيم الذي ارتضـــاه اهلل لعـــباده ومورد األحكام
املنظمة له (((.
عرفها ابن عاشور بأهنا :املعاين واحلكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال الترشيع
أو معظمهــا بحيث ال ختتص مالحظتها بالكون يف نوع خاص من أحكام الرشيعة،
فيدخل يف هذا أوصــاف الرشيعة وغايتها العامة ،واملعــاين التي خيلو الترشيع من
مالحظتها ،ويدخل يف هذا -أيضا
معان من احلـــكم ليست ملحوظة يف سائر أنواع األحكام ولكنها ملحوظة يف
أنواع كثرية منها(((.
((( انظر :املصبــاح املنري ألمحد بن حممد بن عىل الفيومي املقرئ صـ -118ط.مكتبة لبنان -ســنة
1987م ،ولســان العرب جلامل الدين أيب الفضل حممــد بن مكرم بن عيل ابن منظور األنصاري
-175/8ط .دار صادر -بريوت -ط .الثالثة1414 -هـ.
((( انظر :املقاصد العامة للرشيعة اإلسالمية صـ .39
((( انظر :مقاصد الرشيعة اإلســامية لفضيلة العالمة اإلمام :حممد الطاهر بن عاشور صـ - 49ط.
دار سحنون للنرش والتوزيع -ط .دار السالم للطباعة والنرش -سنة 1427هـ 2006م.
((( انظــر :علم املقاصد الرشعية لنور الدين بن خمتــار اخلادمي ص - 17ط .مكتبة العبيكان -ط.
األوىل 1421هـ2001 -م.
رشح التعريف:
قولــه « :املعــاين » :املقصود هبا العلــل ،والعلة يقصد هبا هنا املعنى املناســب
لرشع احلكم.
وقولــهِ « :
واحلكَم » :مجع حكمة ،واملقصود هبا عند األصوليني هي الوصف به
الوصف الذي أنيط احلكم به علة ،كاملشــقة يف السفر ،فالسفر علة للقرص والفطر،
واملشقة هي املعنى الذي صلح السفر للعلية الشتامله عليها.
وقولــه « :ونحوها » :قيد يف التعريف إلدخال األلفاظ التي يعرب هبا عن املقصد
كاهلدف والغاية والثمرة وكل ما يمكن أن يفيد هذا املعنى.
وقوله « :التي راعاها الشارع يف الترشيع » :التي عناها الشارع وقصدها وأرادها
يف الترشيع؛ وذلك إشــارة إىل أن أحكام اهلل تعاىل معللــة ،وأن ما يرتتب عليها من
املصالح مقصود للشارع وليس جمرد نتائج.
وقوله « :عموما » :يشــر إىل املقاصد التي راعاها الشــارع يف أحكام الرشيعة
عموما ،وهو مــا يعرف باملقاصد العامة يف الرشيعة التــي قامت عليها مجيع األدلة
أو أكثرها.
وقوله « :من أجل حتقيق مصالح العباد » :قيد يف التعريف قصد به بيان الواقع؛
ألن مجيع املعاين التي راعاها الشــارع ما كانت إال ألجل حتقيــق مصالح العباد يف
الدنيا واآلخرة (((.
النوع الثاين :املقاصد اخلاصة :وهى عبارة عن املقاصد الشــارع املرعية يف باب
معني ،كمقاصد الشارع يف أحكام املعامالت والقضاء وأحكام األرسة.
((( انظر :مقاصد الرشيعة اإلســامية وعالقتها باألدلة الرشعية ،د .حممد ســعد بن أمحد بن مسعود
اليويب ص - 37ط .دار اهلجرة للنرش والتوزيع -ط .األوىل -سنة 1418هــ 1998م.
((( انظر :علم املقاصد الرشعية للخادمي ص .17
النوع الثالث :املقاصد اجلزئية :وهى عبارة عن املقاصد الشارع املرعية يف حكم
رشعي من إجياب أو ندب أو حتريــم ،أو كراهة ،أو إباحة ،كمرشوعية عقد النكاح
مثال مقصودها إقامة األرس وعامرة األرض.
وهذا القســم من املقاصــد هو حمل نظــر الفقهاء؛ ألهنم أهــل التخصص يف
جزئيات الرشيعة ودقائقها ،فكثري ًا ما حيددون أو يشــرون إىل هذه املقاصد اجلزئية
يف استنباطاهتم واجتهاداهتم إال أهنم يعربون عنها بعبارات أخرى كاحلكمة أو العلة
أو غريها (((.
تنقسم املقاصد الرشعية إىل عدة أقسام ،وذلك بحسب عدة اعتبارات.
أوالً :الرضوريات:
عرفها اإلمام الشــاطبي فقال « :فمعناها أهنا البد منهــا يف قيام مصالح الدين
والدنيا بحيث إذا فقدت مل جتر مصالح الدنيا عىل اســتقامة ،بل عىل فســاد وهتارج
وفوت حياة ،وىف األخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع باخلرسان املبني» (((.
((( انظر :املقاصد الرشعية وأثرها يف الفقه اإلسالمي صـ 14وما بعدها.
((( انظر :املوافقات ،إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرناطي الشهري بالشاطبي - 18/2ت:
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلامن -ط .دار ابن عفان -ط.األوىل 1417هـ1997-م.
ثانيا ً :احلاجيات:
عرفها اإلمام الشاطبي بقوله « :معناها :أهنا مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع
الضيق املؤدى ىف الغالب إىل احلرج واملشــقة الالحقــة بفوت املطلوب ،فإذا مل تراع
دخل عىل املكلفني عىل اجلملة احلرج واملشــقة ولكنه ال يبلغ مبلغ الفســاد العادي
املتوقع يف املصالح العامة » (((.
عرفهــا الغزايل « :مــا ال يرجــع إىل رضورة وال إىل حاجة ،ولكــن يقع موقع
التحسني والتزيني والتيســر للمزايا واملزائد ،ورعاية أحســن املناهج يف العادات
واملعامالت »(((.
األول :املقاصــد القطعية :وهى التي ثبتت بالكثري من النصوص الرشعية حتى
صارت من املعلوم من الدين بالرضورة ،مثاهلا :التخفيف ورفع املشقة.
موجود يف هذه الرشيعة ،من ذلك قولــهﷺ « :ال رضر وال رضار »((( ،فإن الرضر
هو حماولة اإلنســان إحلاق املفسدة بنفسه أو بغريه ،والرضار أن يرتاشق اثنان بام فيه
مفسده هلام ،وهذه قاعدة كربى أغلق هبا رســـول اهلل ﷺ منافذ الرضر والفساد أمام
املسلمني فلم يبق يف ترشيع اإلسالم إال كل ما فيه صالح دنياهم وآخرهتم (((.
عرفها الشاطبي :بأهنا ما البد منها يف قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا نفدت
مل جتر مصالح الدنيا عىل اســتقامة ،بل عىل فساد وهتارج وفوت حياة ،وىف األخرى
فوت النجاة والنعيم والرجوع باخلرسان املبني (((.
وعرفها أمري باد شاه بأهنا « :ما دعت احلاجة إليها إىل حد الرضورة »(((.
وحاصل ذلك أن يقال :إن املقاصد الرضورية هي األمور التي إذا اختلت فسد
أمر الدين وأمر الدنيا ،فهي األمور الذي يظن أو يعلم وجودها يف حمل وتظهر حاجة
اإلنســان إليه إىل حد الرضورة ،بحيث لو مل ترشع األفعال والترصفات املؤدية إليه
ألدى ذلك إىل اختالل نظام احلياة وفوت السعادة لإلنسان يف الدنيا واآلخرة (((.
((( هذا احلديث أخرجه مالك ىف املـــوطأ عن عـــمرو بن حييى املازين عن أبيه .انظر :املوطأ لإلمام
مالك /ك األقضيــة /ب القضاء يف املرفق 583/2رقــم ( - )2758املوطأ لإلمام مالك بن
أنس بن مالك بن عامر األصبحي -ت :حممد مصطفى األعظمي -ط .مؤسسة زايد بن سلطان
آل هنيان لألعامل اخلريية واإلنســانية -أبو ظبي -اإلمارات -ط .األوىل -ســنة 1425هـ -
2004م.
((( انظر :املقاصد الرشعية وأثرها يف الفقه اإلسالمي صـ.27
((( انظر :املوافقات .18/2
((( انظر :التقرير والتحبري أليب عبد اهلل ،شمس الدين حممد بن حممد بن حممد املعروف بابن أمري حاج
- 143/3ط .دار الكتب العلمية -ط .الثانية1403 ،هـ 1983 -م.
((( انظر :التعليل باملصلحة عند األصوليني صـ.117
تنقســم املقاصد الرضورية التي هي مقصودة للشــارع قصد ًا أصلي ًا إىل مخسة
أقسام:
حفظ الدين .حفظ النفس .حفظ العقل .حفظ النسل .حفظ املال.
وقد حرص اإلمام الغزايل ،واآلمدي املقاصد الرضورية يف هذه اخلمسة بالرتتيب
املتقدم ووافقهام اإلمــام الرازي عىل احلرص دون الرتتيب ،حيث قدم حفظ النفس،
ثم املال ،ثم النسل ،ثم الدين ثم العقل (((.
واحلفــظ للمقاصد الرضورية يكون بأمرين :األول :مــن ناحية الوجود ،وهو
عبارة عام يقيم أركاهنا ،ويثبت قواعدهــا .والثاين :من ناحية العدم ،وهو عبارة عام
يدرأ عنها االختـالل الواقـع أو املتوقع (((.
((( انظر :املســتصفى 174/1وما بعدها ،اإلحكام يف أصول األحكام أليب احلســن ســيف الدين
عــي بن أيب عيل اآلمدي -274/3ت :عبد الرازق عفيفي -ط .املكتب اإلســامي -بريوت،
املحصول لإلمام أيب عبد اهلل حممد بن عمر بن احلســن بن احلســن التيمي الرازي امللقب بفخر
الدين الرازي -160/5ت :الدكتور طه جابر فياض العلواين-ط :مؤسسة الرسالة -ط.الثالثة-
سنة 1418هـ1997 -م
((( انظر :املوافقات .19/2
املبحث الثاني
مقصد حفظ املال يف الشريعة اإلسالمية.
متهيد:
إن املســتقرئ لنصوص الرشيعة اإلســامية يدرك بأدنى تأمل أن حفظ املال
ومحايته وصيانته أحد أولويات الشــارع التي أمر هبا ،وهنى عن التعرض له بام يتلفه
أو يفوته عىل صاحبه بأي ســبيل ،وقد تضافرت النصوص عىل ذلك ،من ذلك قوله
﴾ WWwWWvWWuWWtWWsWWrWWWWWqWWp
تع��اىل﴿ :
[ :29النســاء] ،ومل يكتف الشارع بالنهي عن أكل األموال أو إتالفها ،بل جتاوز ذلك
إىل عقوبة من تســول له املســاس باملال فرشع حد قطع اليد عىل سارقه ،قال تعاىل:
:38[ ﴾iWWWhWWgWWfاملائدة] فأوجب عقوبة رادعة ﴿
عىل من يرسق املال ،وذلك بقطع يده والتشــهري به ،وأجب الضامن عىل متلفه حتى
وإن كان صبيا أو جمنونا أو خمطئا .وملــا كنا بصدد احلديث عن عالقة أحد األحكام
الرشيعة وهــو وجوب الزكاة بحفظ مقصــد املال رأيت أن يــدور الكالم يف هذا
املبحث عن مقصد حفظ املال ،وعن الســياج الذي أحاط الشــارع املال به وسوف
يدور الكالم يف هذا املبحث حول املطالب اآلتية:
((( انظر :معجم اللغة العربية املعارصة ،د .أمحد خمتار عبد احلميد عمر - 2139/3ط .عامل الكتب-
ط.األوىل -سنة 1429هـ 2008 -م
أو شــعري أو حيــوان أو ثيــاب أو غري ذلــك ((( .وقيــل :املال ما يصــان ويدخر
لوقت احلاجة(((.
وأما املال عند مجهور الفقهاء غري احلنفية :فهو كل ما له قيمة يلزم متلفه بضامنه.
والناظر فيام ســبق يــرى أن احلنفية حرصوا معنى املال يف األشــياء أو األعيان
املادية أي التي هلا مادة وجرم حمسوس .وأما املنافع واحلقوق فليست أمواال عندهم
وإنــا هي ملك ال مال .وغــر احلنفية اعتربوها أمواال؛ ألن املقصود من األشــياء
منافعها ال ذواهتا ،وهذا هو الرأي الصحيح املعمول به يف القانون ويف عرف الناس
وعرفه الشــاطبي فقال « :وأعنى باملال ما يقع عليه امللك ويستبد به املالك عن
غريه إذا أخذه من جهة ويستوي يف ذلك الطعام والشـراب واللباس عىل اختالفها،
((( انظر :العناية رشح اهلداية ملحمد بن حممد بن حممود ،أكمل الدين أبو عبد اهلل ابن الشــيخ شمس
الدين ابن الشيخ مجال الدين الرومي البابريت - 208/2ط .دار الفكر.
((( انظر :التقرير والتحبري أليب عبد اهلل ،شمس الدين حممد بن حممد بن حممد املعروف بابن أمري حاج
احلنفي -129/1ط .دار الكتب العلمية -ط .الثانية -سنة 1403هـ 1983 -م.
ــي -2877/4ط .دار الفكر- اإلســامي وأد َّلتُــ ُه :أ .دَ .و ْه َبة بن مصطفى ُّ
الز َح ْي ِّ ((( انظرِ :
الف ْق ُه
ُّ
دمشق
((( انظر :املوافقات .332/2
ملا كان املال عصب احلياة ووقودها والوسيلة إىل تيسري وتسيري أمورها بل ال حياة
لألفراد واألمم بدونه ،فكم من دولة بادت لفقرها وعجزها.
وملا كان املال له هذا املوقع اخلطري والتأثري الرهيب يف قيام احلياة جعله الشــارع
من رضورياته اخلمس التي جيب املحافظة عليها.
والنصوص يف القرآن الكريم والســنة املطهرة متضافرة عىل احلث عىل كســبه
ومجعه من حله ،من ذلك قول��ه تعاىل﴿ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
ﯟﯠ ﯡﯢ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯩﯪ
ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﴾
[ :60األنفال] ففي هذه اآلية الكريمة أمر اهلل تعاىل املســلمني بإعداد العدة الالزمة
ملواجهة أعدائهم من رجال وسالح ،ومعلوم أنه ال يمكن حتصيل ذلك إال باملال،فهو
وسيلة تنفيذ األمر الوارد يف هذه اآلية -وقد دل عىل ذلك قوله تعاىل﴿ :ﯮ ﯯ
ﯰ ﯱ﴾ وال ينفق إال املال -والوســائل هلا حكــم الغايات ،فيكون حتصيل املال
وكســبه واجبا؛ ألنه وسيلة إىل حتقيق الواجب ،أو بعبارة أخرى :وجود املال مقدمة
لوجود العدة والعتاد الواجب ملواجهة األعــداء ،ومقدمة الواجب التي يف مقدور
املكلف واجبة فيكون حتصيل املال واجبا كالطهارة مقدمة للصالة فتأخذ حكمها(((.
((( انظر :روضــة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه عىل مذهب اإلمــام أمحد بن حنبل أليب حممد
موفــق الدين عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة املقديس احلنبيل -118/1ط .مؤسســة الر ّيان
للطباعة والنرش والتوزيع -ط .الثانية -سنة 1423هـ2002-م ،اإلهباج يف رشح املنهاج لتقي
الدين أبو احلســن عيل بن عبد الكايف بن عيل بن متام بن حامد بن حييي السبكي وولده تاج الدين
أبو نرص عبد الوهاب -103/1ط .دار الكتب العلمية -بريوت -سنة 1416هـ 1995 -م.
وقد أمر الشــارع املكلفني بالســعي يف األرض واالبتغاء من فضله ،وذلك بعد
واملــراد باالنتشــار واالبتغــاء هنــا الكســب ،وقد محــل اإلمــام حممد بن
احلسـ�ن األمر يف هـ�ذه اآلية عـلى الوجوب؛ حيث قـ�ال « :وقـ�ال تعاىل﴿ :ﭨ
ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ﴾ اآليــة يعنــي :الكســب ،واألمــر حقيقة
للوجوب »(((.
وه��و ال يمكن حتققه إال بالكس��ب؛ حيث ق��ال « :وحجتنا يف ذل��ك قوله تعاىل:
اإلنفاق من املســكوب إال بعد الكســب ،وما ال يتوصل إىل إقامة العبادة إال به وال
عىل أساس أن هذه املســألة من باب األمر بعد احلظر فيأيت اخلالف يف رأس املسألة
((( الكســب أليب عبد اهلل حممد بن احلســن بن فرقد الشــيباين صـــ - 46املحقق :د .سهيل زكار
النارش :عبد اهلادي حرصوين -دمشق -ط .األوىل -سنة 1400هـ.
((( الكسب ملحمد بن احلسن الشيباين صـــ .46
يف أمثلتها((( ،لكن أقل ما نحصله من داللتها مجعا بني هذه اآلراء هو أن الســعي يف
األرض وحتصيل الرزق وكسب املال مطلوب للشارع.
صي املعتزيل - 77/1املحقق: ((( انظر :املعتمد يف أصول الفقه ملحمد بن عيل الطيب أبو احلسني ال َب ْ
خليل امليس -ط .دار الكتب العلمية -بريوت -ط .األوىل -سنة ،1403العدة يف أصول الفقه
للقايض أيب يعىل حممد بن احلسني بن حممد بن خلف ابن الفراء -256/1ت :د .أمحد بن عيل بن
ســر املباركي ،ط .الثانية -سنة1410هـ 1990 -م ،رشح تنقيح الفصول أليب العباس شهاب
الديــن أمحد بن إدريس بن عبــد الرمحن املالكي القرايف صــــ -140املحقق :طه عبد الرؤوف
سعد -ط .رشكة الطباعة الفنية املتحدة -ط .األوىل -سنة 1393هـ 1973 -م ،كشف األرسار
رشح أصول البزدوي لعبد العزيز بن أمحد بن حممد ،عالء الدين البخاري احلنفي -121/1ط.
دار الكتاب اإلسالمي.
((( أخرجــه أمحد رقم ( ،)17256وصححه األلباين يف صحيــح اجلامع - 236/1رقم (.)1033
راجع :مسند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين
املحقق :شــعيب األرنؤوط -عادل مرشــد ،وآخــرون -إرشاف :د عبد اهلل بن عبد املحســن
الرتكي -مؤسســة الرســالة -ط .األوىل -ســنة 1421هـ 2001 -م ،صحيح اجلامع الصغري
وزياداته أليب عبد الرمحن حممد نارص الدين األلباين -ط .املكتب اإلسالمي.
((( مقاصد الرشيعة اإلســامية ملحمد الطاهر بن عاشور التونيس -441/2ت :حممد احلبيب ابن
اخلوجة -وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ،قطر -سنة 1425هـ 2004 -م.
وباجلملة أقول :إن مما حث عليه الشارع طلب املال احلالل ليكون ركيزة يف بناء
املجتمع املسلم ومحايته مما حييق به أخطار عىل املستويني الفردي واملجتمعي (((.
من املشــاهد املعلوم الذي ال خيفى عىل ذي بــر أو بصرية أن املال قوام الدين
والدنيا ،فال قيام للدين وكذا الدنيا إال به ،وسوف أستعرض يف هذا املطلب أثر املال
يف قيام الدين والدنيا ،وذلك من خالل فرعني:
ســوف أبني يف هذا الفرع أثر املال يف قيام الدين متكل ًام عن كل ركن من أركان
اإلسالم عىل حدة:
من املعلوم أن الشــهادتني (ال إله إال اهلل حممد رسول اهلل) مها باب الدخول إىل
هـ�ذا الدين احلنيف ،واألمة مكلفة أمام اهلل أن تبلغها إىل مجيع أنحاء األرض ﴿ﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾ [النســاء ،]165 :وتبليغ الشــهادتني والدعوة إليهام
حتتــاج إىل من يبلغها من الدعــاة املخلصني العاملني املؤهلــن لذلك ،وفوق ذلك
جيتاجون إىل املال الذي يبلغهم هذه البالد واألصقاع وبدونه ال يســتطيعون إيصاهلا
والدعوة إليها.
وكذلك يمكن املال األمة من إنشــاء القنوات الفضائيــة للدعوة إىل اهلل ودينه
((( املقاصد الرشعية وأثرها يف املعامالت املالية ،رياض منصور اخلليفي صـــ .22
ونرش سامحة اإلسالم وتعاليمه والرد عىل احلاقدين الناقمني عىل اهلل ورسوله ،فظهر
هنا أثر املال يف حتقيق أول ما يدخل به املرء يف اإلسالم.
وعىل هذا يمكن القول بأن املال هو أســاس قيام الدين ،فال يقوم الدين حقيقة
يف الواقع إال بوجود املال الذي ينفق منه عىل أسباب قيامه (((.
((( انظــر :درر احلكام رشح غــرر األحكام ملحمد بن فرامرز بن عيل الشــهري بمنالخرسو ص 84
-ط .دار إحيــاء الكتــب العربية ،التاج واإلكليل رشح خمترص خليل ،حممد بن يوســف بن أيب
القاســم بن يوســف العبدري الغرناطي ،أبو عبد اهلل املواق املالكي -395/2ط .دار الكتب
العلمية -ط.األوىل1416 -هـ1994-م ،املغني البن قدامة .130/2
((( انظر :مقاصد الرشيعة اإلســامية يف حفظ مقصد املال ،د .حممد بن ســعد بن املقرن صــ - 88
رسالة دكتوراه -سنة 1420هــ.
((( انظر :املرجع السابق صـــ .151
((( انظر :مقاصد الرشيعة اإلسالمية وعالقتها باألدلة الرشعية ،د .حممد سعد بن أمحد مسعود اليويب
صــ - 283ط .دار اهلجرة للنرش والتوزيع -ط .األوىل -سنة 1418هــ 1998م.
مما ال خالف فيه بني العقالء أن املال وســيلة تســيري احلياة ،وأنه وسيلة إىل قيام
الدنيا ،وأن عدمه سبب رئيس يف هالك النفوس وتقويض احلياة وسوف أستعرض
األول يف بنــاء املجتمع ،وهــو أول ما حيافظ من خالله عــى اجلنس البرشي وقيام
احلياة ،ووســيلة تكوين هذه األرس هو املال الذي به يســتطيع الرجل احلصول عىل
والذي ينظر إىل املجتمع من حوله يبرص أن سبب تأخر سن الزواج بني الشباب
وازدياد العنوســة بشكل خميف راجع إىل أسباب مادية ،فظهر بجالء أثر املال البالغ
من املقرر عقال ورشعا أن اإلنســان الســليم الصحيح هو أســاس قيام الدنيا،
وهو وقود تقدمها وازدهارها ،لذا أمر الشــارع باملحافظــة عىل األبدان ،بل جعل
سالمة األبدان مقدم عىل ســامة األديان ،ووسيلة املحافظة عىل األبدان وصحتها
((( انظر :مقاصد الرشيعة اإلسالمية يف حفظ مقصد املال ،د .حممد بن سعد بن املقرن صــ .188
هــو الوقاية أوالً من األمراض التي قد تصيب اإلنســان ،وبعالجه ثانيا إذا أصيب
بمرض ،وتوفري العالج الالزم لذلك ،وقبل ذلك إنشــاء املستشــفيات واجلامعات
التــي تدرس العلوم الطبيــة لتوفري الكوادر يف هذا املجــال ،وكل هذا ال يكون إال
بتوفــر املخصصات املالية الكافية ،فاملال هو أســاس املحافظــة عىل الصحة التي
هي باألســاس املحرك األول لقيام احلياة ،وما َّ
حــل الفقر بقوم إال حل معه املرض
واألوبئة التي تبيد اآلالف من البرش بل واملاليني ،وما حال كثري من الدول األفريقية
منا ببعيد (((.
تتمثل احلياة الكريمة يف وفر العيش اهلانئ الذي يشــعر فيه املرء بالكفاية وعدم
العــوز وتوفر اخلدمات الالزمة لراحته وســهولة حياته ويرسها مــن توفر الطاقة
بكل أشكاهلا ،والطرق ،وما يســمى بالبنية التحتية ،واملتنزهات واحلدائق ووسائل
الرتفيه األخرى ،وال يمكن حتقيق كل هذا إال عن طريق املال الذي أساس وجود ما
سبق ذكره (((.
ملا كان املال له أثره الكبري عىل الفرد واملجتمع ،وله خطره العظيم يف قيام الدين
والدنيا أحاطه الشــارع بسياج حديدي حيميه من كل جانب قد يأيت عليه باخللل من
أي ناحية ســواء أكانت من ناحية وجوده يف الواقع أو من ناحية إهالكه وإتالفه أو
((( انظر :مقاصد الرشيعة يف حفظ الصحة البدنية ،د .فاطمة عويض احلريب صـــ .8
((( انظر :مقاصد الرشيعة اإلسالمية يف حفظ مقصد املال صــ .300
ضياعه كلية أو فوات قيمته ،وهو ما يسمى عند األصوليني من ناحية العدم ،وسوف
يدور الكالم يف هذا املطلب يف فرعني:
أوالً :احلث عىل التكســب والعمل وعدم الركون والتكاسل ،وقد سبق الكالم
عن هذا يف مطلب مستقل.
ثاني ًا :ترشيع املعامالت عىل اختالف أشــكاهلا مــن بيع وإجارة ومضاربة وغري
ذلك من املعامالت فهي مرشوعة أساسا لتحقيق حفظ املال من جانب الوجود (((.
ثالث ًا :احلث عىل تعلم األحكام الرشعية املتعلقة بالتجارة واملعامالت وذلك قبل
اخلوض يف غامر املعامــات التجارية ،وذلك محاية للامل من أن خيتلط باملحرم ،فإن
من أقــدم عىل العمل يف التجارة دون معرفة أحكامها مــا حيل منها وما ال حيل فإنه
يقع يف أغلــب الظن يف بعض املعامالت املحرمة يف الرشيعــة ،وبذلك يقع يف ماله
مــا هو حرام ،واحلرام إذا اجتمع باحلالل غلبه كام مقرر عند الفقهاء ((( ،وقد َو ُض َح
ذلك جليا فيام روى عىل بن أيب طالب -ريض اهلل عنه -أن رجال أتاه ،فقال :يا أمري
املؤمنني إين أريد التجارة ،فادع يل ،فقال له « :أو فقهت يف دين اهلل عز وجل؟ » قال:
أو يكون بعض ذلك ،قال « :وحيك الفقه ثم املتجر ،إن من باع واشــرى ومل يسأل
عن حــال وال حرام ارتطم يف الربا ثم ارتطم »((( فقد أمــر املريد للتجارة واملقبل
عليهــا أن يتعلم أحكامها ،ويعرف قواعد الرشع املقــررة ىف املعامالت وذلك لئال
يقــع يف صفقة ربام تكون من الربا ((( ،أو من البيــوع املحرمة ،فيقع ىف احلرام ،وهو
ال يدرى.
وهذه من أعظم املصالح التي دعا إليها اإلســام ،وذلك أن فيها حفظا للدين ؛
بأن ال يقع املسلم يف يشء حرمه اهلل تعاىل أو رسوله ﷺ ،وحفظا للامل ؛ بأن ال خيالطه
يشء من املحرم (((.
أوالً :حتريم كنزه؛ ألن كنز املال من األمور التي تعود عىل املال باهلالك املعنوي،
فإن املال تقل قيمتـ�ه يوما بعد يوم؛ لذا حرم الشـ�ارع كنز املال فقال﴿ :ﮂ
ﮃﮄﮅﮆﮇ ﮈﮉﮊﮋﮌ
((( انظر :مســند اإلمام زيد بن عىل /ك البيوع /ب الفقه قبل التجارة صــ - .228 ،227مســند
اإلمــام زيد لإلمام زيد بن عىل احلســن بن عىل بــن أبى طالب مجعه :عبد العزيز بن إســحاق
البغدادي ط .دار الكتب العلمية -ط .الثانية -سنة 1403هـ 1983م.
((( الربا لغة :الزيــادة ،من الفعل ربا يربو ربوا ،أي :نــا وزاد ،ومنه قوله تعاىل﴿ :ﯧ ﯨ
ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾ [من اآلية :5احلج] ،أي :زادت وانتفخت.
ورشعــا :عقد عىل عوض خمصوص غري معلوم التامثل يف معيار الرشع حالة العقد ،أو مع تأخري
أحد البدلني أو أحدمها .وقيل :إهنا فضل مال خال عن عوض رشط ألحد العاقدين يف معاوضة
مال بامل .انظــر :املصباح املنري صـ ،83واملعجم الوســيط - 326/1ط .جممع اللغة العربية،
وجممع األهنر رشح ملتقى األبحر -83/2ط .دار إحياء الرتاث العريب ،واإلقناع يف حل ألفاظ
أبى شجاع .114/2
((( انظر :اجتهادات اإلمام عىل بن أيب طالب الفقهية دراسة أصولية تطبيقية صــ .299
ﮍﮎﮏﮐ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ
ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﴾(((؛ كــا
أن كنز املال يؤدي إىل تعطيل ســر احلياة ،كام أنه خيالف املقصد األساس من إنزال
املال ،وقــد جعل الصحابة -ريض اهلل عنهم -ادخــار أربعة آالف درهم من باب
الكنــز املمنوع ،وذلك فيام روى عبد الرزاق عن الثوري عن عيل بن أيب طالب قال:
« أربعة آالف درهم فام دوهنــا نفقة ،وما فوقها كنز »((( ،ف َكن ُْز املال كذلك يؤدى إىل
تعطيل منفعته ،وأنه لو كنز كل صاحب مال ماله فكيف يعيش الفقراء؟ ،خاصة وأن
احلال أن اهلل يرزق الناس بعضهم من بعض ،كام قال رســول اهلل ﷺ « :دعوا الناس
وعىل ذلك حرم الشــارع الكنز وأمر بإخراج املال واســتثامره؛ ألن كنزه إتالف
ملنفعته وتعطيل هلا ،كام أنه يؤدي إىل تآكل املال يوما بعد يوم بإخراج زكاته أو بنقص
ثاني ًا :حرم الشارع الغش ،واخلداع يف املعاملة ،وحرم أكل أموال الناس بالباطل،
ورشع كذلك نظام احلجر عىل السفيه حمافظة عىل املال ،وحرم اإلرساف والتبذير.
ثالث ًا :أوجب الشــارع عقوبات تكفــل املحافظة عىل املال مــن جانب العدم،
وذلك كوجوب قطع يد السارق حد ًا جزاء اعتدائه عىل مال الغري ،ووجوب ضامن
املغصوب عىل الغاصب ،ووجـوب ضمـان املتلفات عىل املتلف واملهمل إذا التـزم
(((.
الشخص احلفـظ بعقد أو بحكم الرشع
املبحث الثالث:
عالقة الزكاة مبقصد حفظ املال من جهة وجوده
متهيد:
أصبح من املســلامت الرشعية التي ال خيتلف فيها اثنان وال يتناطح فيها عنزان
ارتبــاط أحكام الرشيعــة بمقاصدها ،فاألحكام الرشعيــة يف اجلملة حتقق مقاصد
الشــارع ،ومن مجلة األحكام وجوب الزكاة عىل املكلفني ،والناظر بعني بصريته إىل
الــزكاة الرشعية يرى عالقتها الوثيقة بمقصد حفظ املال ،وذلك من ناحية املحافظة
عــى وجود هذا املال ،وذلك من خالل تأثريها يف تنميته وازدياده ،وكذلك عالقتها
بتدويره ،ويف هذا املبحث نحاول إلقاء الضوء عىل هذه العالقة ليتجىل للقارئ أمهية
الزكاة وإخراجها يف املحافظة عىل املال ال أهنا آكلة له كام يعتقد من جيهل هذه الرشيعة
وأرسارها ومقاصدها ،وسوف يدور احلديث يف هذا املبحث يف املطالب اآلتية:
إن املتأمل لرشعية الزكاة يدرك حكمة الشــارع البالغة يف عدم إجياب الزكاة يف
املال بمجرد دخوله يف ملك صاحبه ،بل اشــرط الشارع الستحقاق الزكاة يف هذا
املال مرور حول كامل عىل دخوله يف ملكه وكأن الشــارع هبذا الترصف يرتك لرب
املال فرصة الســتثامره والعمل به وتدويره ،ويف هذا فائدة مركبة من ثالثة جوانب:
جانب يعود عىل رب املال يف استثامر ماله فيكون نفعه العائد عليه منه أكرب ،وجانب
يعــود عىل الفقري؛ ألن املقدار الواجب إخراجه ســيكون أكرب ونفعه أعظم وفائدته
تعم عددا أكرب من املســتحقني للزكاة ،واجلانب الثالــث وهو الذي يعود نفعه عىل
املجتمع كله حيث تتيح هذه املدة أمام رأس املال فرصة تدويره ،وفيه ما ال خيفى من
النفع عىل املجتمع بأرسه (((.
وكذلك :فإن الزكاة تعد قاطرة التنمية واالستثامر والدافعة إليه بكل قوة ،وتدفع
رب املال زيادة اســتثامر ماله والعمل يف جماالت متعددة ليحصل عىل ربحية أعىل،
وذلك ألن رب املال ســيخرج من ماله مقدار رب العرش زكاة ،فالبد أن يسعى إىل
حتصيل ربح أكرب يغطي هذه النسبة وزيادة حتى ال يتآكل ماله سنة بعد سنة بالزكاة،
وعىل هذا تكون الزكاة دافعة إىل تنمية املال ،وتنميته أحد أهم وســائل حفظه؛ ألن
العقل قاض بأن املال النامي يظل يف ازدياد وقوة متواصلة ،والعكس صحيح فاملال
الثابت غري املتنامي عرضة للتآكل والتاليش واهلالك ،سواء أكان هالكا حقيقيا بتلفه
أو رسقته أو معنويا بانخفاض قيمته(((.
مــن رشوط وجوب الزكاة حوالن احلول((( ،ومعنــى ذلك أن يمر عىل دخول
املال يف ملك صاحبة عاما كامال قمريا .وتعجيل الزكاة هو إخراجها بعد متام نصاهبا
((( انظر :دور الزكاة يف التنمية االقتصادية -ماجستري يف الفقه والترشيع -إعداد :ختام عارف حسن
عاموي ص -82كلية الدراسات العليا -جامعة النجاح .فلسطني سنة 2010م.
((( انظر :املرجع السابق ،الزكاة كأداة من أدوات السياسة املالية وأثرها عىل بعض مؤرشات النشاط
االقتصادي -مقارنة حتليلية للتجربتني اجلزائريــة واملاليزية -د .عبد القادر خليل -كلية العلوم
االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري -جامعة حييي فارس .املدية .اجلزائر ،وإدريس العبديل كلية
العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري .اجلزائر .جامعة عيل لونييس.
((( انظر :رد املحتار عىل الدر املختار البن عابدين حممد أمني بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي
احلنفي -267/2ط .دار الفكر-بريوت -ط .الثانية -سنة 1412هـ 1992 -م ،بداية املجتهد
وهناية املقتصد أليب الوليد حممد بن أمحد بن حممد بن أمحد بن رشــد القرطبي الشــهري بابن رشد
احلفيد -32/2ط .دار احلديث -القاهرة -سنة 1425هـ 2004 -م.
قبل مرور احلول((( ،ومعلوم أن تعجيــل الزكاة حمل خالف بني العلامء ،وقد جرى
هذا اخلالف بينهم عىل النحو التايل:
((( انظر :الفقه عىل املذاهب األربعة لعبد الرمحن بن حممد عوض اجلزيري -539/1ط .دار الكتب
العلمية ،بريوت -لبنان -ط .الثانية -سنة 1424هـ 2003 -م.
((( روى أمحد والرتمذي عن عيل ريض اهلل عنه أن العباس بن عبد املطلب ســأل رسول اهلل ﷺ عن
تعجيل صدقته قبل أن حتل« ،فرخص له يف ذلك » ،انظر :مسند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبد اهلل
أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أســد الشــيباين -192/2رقم )822( :املحقق :شــعيب
األرنؤوط -عادل مرشــد ،وآخرون -إرشاف :د عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي -ط .مؤسسة
الرســالة -ط .األوىل -سنة1421هـ 2001 -م ،سنن الرتمذي أليب عيسى حممد بن عيسى بن
ــورة بن موســى بن الضحاك ،الرتمذي 56/2رقم- )678( :ت :بشار عواد معروف -ط. َس ْ
دار الغرب اإلسالمي -بريوت -سنة 1998م ،املستدرك عىل الصحيحني أليب عبد اهلل احلاكم
حممد بــن عبد اهلل بن حممد بــن محدويه بن نُعيم النيســابوري - 375/3رقم -)5431( :ت:
مصطفى عبد القــادر عطا -ط .دار الكتب العلمية -بريوت -ط .األوىل -ســنة 1411هـ -
1990م.
تعجيلــه قبل أجله أو حملــه ،كالدين املؤجل ودية اخلطأ ،فهي تشــبه احلقوق املالية
املؤجلة(((.
املذهب الثاين :وهو للاملكية والظاهرية ال جيوز إخراج الزكاة قبل احلول؛ ألهنا
عبادة تشبه الصالة ،فلم جيز إخراجها قبل الوقت ،وألن احلول أحد رشطي الزكاة،
فلم جيز تقديم الزكاة عليه كالنصاب(((.
والراجــح من وجهة نظري هو مذهب اجلمهــور؛ وذلك ألن إخراج الزكاة يف
هذه احلالة يعترب تربع ًا من رب املــال؛ إذ قد أخرج الزكاة قبل حلول وقت وجوهبا
عليــه ،كام أن االتفاق قائم عىل أن جواز التعجيل راجــع إىل اختيار وإرادة املكلف
دون إجبار أو إكراه.
((( انظــر :املحيط الربهاين يف الفقه النعامين فقه اإلمــام أيب حنيفة أليب املعايل برهان الدين حممود بن
أمحد بن عبد العزيز بن عمر بن َم َاز َة البخاري احلنفي -267/2ت :عبد الكريم سامي اجلندي-
ط .دار الكتب العلمية ،بريوت -لبنان -ط .األوىل -سنة 1424هـ 2004 -م ،احلاوي الكبري
يف فقه مذهب اإلمام الشافعي أليب احلســن عيل بن حممد بن حممد بن حبيب البرصي البغدادي
الشهري باملاوردي-174/3ت :الشيخ عيل حممد معوض -الشيخ عادل أمحد عبد املوجود -ط.
دار الكتب العلمية ،بريوت .لبنان -ط األوىل -سنة 1419هـ 1999-م ،حاشية الروض املربع
رشح زاد املســتقنع لعبد الرمحن بن حممد بن قاسم العاصمي احلنبيل -304/3ط .األوىل -سنة
1397هـ.
((( انظر :املدونة لإلمام مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي املدين -335/1ط .دار الكتب
العلمية -ط .األوىل -ســنة 1415هـ 1994 -م ،الذخرية أليب العباس شــهاب الدين أمحد بن
إدريس بن عبد الرمحن املالكي الشهري بالقرايف -137/3ت :حممد حجي وسعيد أعراب وحممد
بو خبزة -النارش :دار الغرب اإلســامي -بريوت -ط .األوىل -ســنة 1994م ،املحىل باآلثار
أليب حممد عيل بن أمحد بن سعيد بن حزم األندليس القرطبي -212/4ط .دار الفكر .بريوت.
وأصحاب األموال ،وهذا التعجيل له أثره الكبري يف السياسة املالية ،وخفض معدل
التضخم وتوفري السيولة املالية التي هلا أثرها يف تسيري حركة األسواق ،وبالتايل دورة
رأس املال كله ،مما يعود عىل رؤوس األموال املستثمرة يف األسواق باالنتعاش وهذا
كله يصب يف مقصود الشارع يف حفظ املال وضامن بقائه.
كام أن تعجيل الزكاة قد يلعب دورا هاما يف عالج حالة االنكامش االقتصادي(((؛
حيث تقوم الدولة باســتعامل األدوات اإلرادية املتعلقــة بالزكاة من أجل التأثري يف
حركة النشــاط االقتصادي عن طريق اجلمع العيني للزكاة؛ تقوم الدولة بأخذ زكاة
األموال عينــا كي ال تؤثر عىل الكتلة النقدية ،وتقــوم بتوزيعها عىل املحتاجني عىل
شــكل نقود مما يســاعد عىل توفري الســيولة النقدية يف البلد ،ويكون ذلك حسب
الوضع السائد ودرجة االنكامشية(((.
يعترب الركود االقتصادي من أخطر املشــكالت التي يعاين منها املجتمع ،ويرى
فقهاء االقتصاد اإلســامي أن الزكاة هي احلل ،وهلا أثــر واضح يف توزيع الدخل
والثروة ،وحماربة البطالة ،كام هلا تأثري دائم نحو احلد من الركود االقتصادي وتشغيل
رأس املال واستثامره.
فالــزكاة تعمل عىل رسعة دوران رأس املال ،إذ أهنا تشــجع صاحب املال عىل
اســتثامر أمواله حتى يتحقق فائض يؤدي منه الزكاة ،وبذلك فقد اســتفاد صاحب
((( انظر :الزكاة والركود االقتصادي -أمحد عبد الرمحن اجلبري -الرياض االقتصادي.
((( انظر :الزكاة ودورها يف حتقيق التنمية االقتصادية ص .2
املال من اســتثامره بالربح ،وأفاد املجتمع بأداء حق املستحقني بالزكاة ،والزكاة تعد
وســيلة فعالة من وســائل إعادة توزيع الثروة بني أفراد املجتمع عىل أساس عادل،
فلطاملا نــادى علامء وفقهاء االقتصــاد برضورة أن يقوم االقتصــاد عىل األخالق
الفاضلة ،فال��زكاة تؤخذ من الغني وتعطى للفقري ك�ما قال تعاىل ﴿ :ﮓ ﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾ [ :25 ،24املعارج].
ومما ال شــك فيه بل إنه من املســلامت االقتصادية أن أهم مــا حيافظ عىل املال
وقيمته وأمهيته يف املجتمع هو حركته وفاعليته ونشاطه وانتقاله؛ ألنه من املقرر عقال
أن الســكون هو املوت ،وال يزال اليشء موسوما باحلياة ما دام متحركا ،فإذا سكن
فقــد انتهى ،وهذه النظرية منطبقة عىل كل يشء يف الدنيا ومنها املال فال يزال حمتفظا
بقيمته وحيويته وتأثريه مادام متنقال حمققا دورته؛ ألنه حيقق املكاسب يف نفسه وجيني
األرباح ،وملا كانت الزكاة حمققة هلذا اجلانب املهم املؤثر عىل حفظ املال كان لوجوهبا
وهذا كلــه يعود بنا إىل ما تقــرر رشعا من أن مجيع األحــكام الرشعية فائدهتا
عائدة إىل املكلف يف دينه ودنياه ،ومنها الزكاة التي ظاهرها العقوبة هي مكمن اخلري
والنفع ونفعها يعود أوال عىل املال نفســه وعىل صاحبه ثانيــا ،وعىل املجتمع كله،
وصدق من قال :حيثام رأيت املصلحة فثم رشع اهلل ،واملقصود هنا املصالح احلقيقية
غري املتومهة.
قال الشاطبي« :وهي أن وضع الرشائع إنام هو ملصالح العباد يف العاجل واآلجل
معا ...واملعتمد إنام هو أنا استقرينا من الرشيعة أهنا وضعت ملصالح العباد استقراء
ال ينازع فيه الرازي وال غريه »(((.
((( املوافقات إلبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرناطي الشهري بالشاطبي -12 ،9/2ت :أبو
عبيدة مشهور بن حسن آل سلامن -ط .دار ابن عفان -ط .األوىل -سنة 1417هـ1997 /م.
املبحث الرابع
أثر الزكاة يف حفظ مقصد املال من جهة العدم
متهيد:
الناظر إىل مقصد حفظ املال يدرك كامل الرشيعة اإلســامية ،فلم ترع الرشيعة
جانب ًا دون جانب ،ومل حتفظ طرفا عىل حســاب آخر ،بل ســارت الرشيعة يف حفظ
املــال يف جانبي حفظ وجوده واملحافظة عليه من العدم عىل حد ســواء ،ووضعت
الضوابط املحققة للجانبني معا ،وجاءت أحكامها للترتجم ذلك يف الواقع لريى من
له قلب كامل هذه الرشيعة وعدم وجود ثلم فيها.
وكام راعت الرشيعة جانب الوجود يف حفظ املال راعته كذلك يف جانب العدم
فمنعت كل ما يــؤدي إىل هالكه أو إتالفه أو انتقاله من يــد ليد إال بطريق مرشوع
يثبت فيه رضا مالكه ،فحرمت منع زكاته؛ ألنه وســيلة إىل هالكه ،وكذلك حرمت
أكله بغري حق ،وحرمت رسقته وغصبه ،وأوجبت الضامن عىل من تعدى عليه حتى
لو كان عىل ســبيل اخلطأ ،وهذا حتريز للامل وضامن حلفظه وبقائه ،ويف هذا البحث
سوف أحاول بيان أثر الزكاة الرشعية يف حفظ املال يف هذا اجلانب ،وسيدور الكالم
فيه حول املطالب التالية:
إن مــن أهم ما حيافظ عىل املال ،وجيعله يف مأمن وحــرز من اجلوائح أن تكلؤه
عني اهلل جل وعال وأن حتفظه عنايته سبحانه وأن حتل الربكة فيه ،وكل ذلك ال يكون
إال إذا أدى العبد حق اهلل تعاىل فيه ،وقد قام عىل ذلك الكثري من النصوص الرشعية
الدالة عىل أن الزكاة س��بب للربكة وحفظ للامل ومأم��ن له ،قال تعاىل ﴿ :ﮄ
ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [ :276البقــرة] ،وقالﷺ « :من تصدق بعدل مترة من
كســب طيب ،وال يقبل اهلل إال الطيب ،وإن اهلل يتقبلها بيمينه ،ثم يربيها لصاحبه كام
يريب أحدكم فلوه ،حتى تكون مثل اجلبل» (((.
فالزكاة حصن حصني للامل فإذا أخرجت الزكاة كان ذلك أمانا له من حمق الرب
-جــل وعال -وغضبه؛ ألن غضب اهلل تعاىل هو الســبيل األقــر إىل هالك املال
وفنائــه ،وقد ورد ذلك واضحا يف قوله ﷺَ « :ما ت َِل َ
ــف َم ٌال ِف َب ٍّر َو َل َب ْح ٍر إِ َّل بِ َمنْ ِع
الصدَ َق ِة »((( ،وقـولـه ﷺ « :وما َاةَ ،فحر ُزوا َأموا َلكُم بِ َّ ِ
الزكَاة َو َد ُاووا َم ْر َضاك ُْم بِ َّ َْ ْ َ ِّ
الزك ِ
َّ
خالطت الــزكاة ماال إال أهلكته »((( وقد فرست خمالطة الــزكاة للامل بمنع الزكاة،
فــإذا كان منع الزكاة يؤدي إىل إهالك املال فإن إخــراج الزكاة مؤداه إىل حفظ املال
واإلبقاء عليه (((.
((( رواه البخاري ومسلم .صحيح البخاري 108/2رقم ( )1410وصحيح مسلم 702/2رقم
(.)1014
((( الدعاء لسليامن بن أمحد بن أيوب بن مطري اللخمي الشامي الطرباين صـــ 31رقم -)34( :ت:
مصطفى عبد القادر عطا -ط.دار الكتب العلمية -بريوت -ط .األوىل -ســنة 1413م ،سلسلة
األحاديث الضعيفة واملوضوعة وأثرها الســيئ يف األمــة أليب عبد الرمحن حممد نارص الدين بن
احلاج نوح بن نجايت بن آدم األشــقودري األلبــاين 368/13رقم )6162( :ط .دار املعارف،
الرياض -اململكة العربية السعودية -ط.األوىل -سنة 1412هـ 1992 /م.
س ْو ِجردي اخلراساين البيهقي ((( الســنن الكربى أليب بكر أمحد بن احلسني بن عيل بن موســى ُ
اخل َ ْ
268/4رقــم -)7666( :ت :حممد عبد القادر عطا -ط .دار الكتب العلمية ،بريوت -لبنان-
ط .الثالثة -سنة 1424هـ 2003 -م.
((( رشح السنة ملحيي السنة ،أبو حممد احلسني بن مسعود بن حممد بن الفراء البغوي الشافعي 482/5
رقم -)1563( :ت :شعيب األرنؤوط -حممد زهري الشاوي -ط .املكتب اإلسالمي -دمشق،
الص ِغ ِري أليب إبراهيم = بريوت-ط .الثانية -ســنة 1403هـ 1983 -م ،التَّنوير َشح ا ِ
جلامــع َُّ ْ ُ َ
وباجلملة :فإن الزكاة هلا أثرها الكبري يف إحالل الربكة يف املال وهي أهم ما يؤدي
إىل حفظه وحتريزه.
إن أعظــم ما يعود عىل املال باإلتــاف هو كنزه وعدم اســتثامره ،وإن أهم ما
حيافظ عليه ويضمن بقاءه كونه متحركا منتقال غري ســاكن ،فكلام حترك املال وانتقل
ودار دورته حقق مكاســب شخصية لصاحبه ومكاســب عامة تعود عىل املجتمع،
وملــا كان األمر كذلك وكان حفظ املال أحد مقاصد الشــارع الرضورية اخلمســة
التي جاءت الترشيعــات للمحافظة عليه من كل ما يعــود عليه باإلتالف كان من
مجلة األحكام الرشعية يف هذا الشــأن حتريم كنز املــال والوعيد ملن يفعل بالعقوبة،
قال تع��اىل ﴿ :ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾ [ :34التوبــة] ،ومل يقف الــرع عند هذا احلد من
التحريم والعقوبة األخروية بل رشع الــزكاة لتأكل مال الكانز عام بعد عام ،وعىل
ذلك فالذي حيب أن حيافظ عىل ماله من اهلالك -وهذا حال كل صاحب مال -بادر
إىل استثامره يف املرشوعات النافعة له وملجتمعه ،وهبذا ظهر أن وجوب الزكاة يف املال
هو أحد وسائل حماربة الكنز وتشجيع االستثامر ،وهذا بدوره له أثره الكبري يف تنمية
املال واملحافظة عليه(((.
إن أخطــر ما يواجه األموال وهيددها ،بل ويســعى بكل قــوة يف فوات قيمتها
وتاليش فاعليتها هــو التضخم االقتصادي وكذلك االنكــاش االقتصادي ،وقد
لعبـ�ت الزكاة دورا هاما وبـ�ارزا يف حماربتهام ومعلوم أن التضخـ�م يرجع إىل زيادة
الطل��ب عن العرض؛ حيث يك��ون تيار النقد املتاح داخ��ل املجتمع أكرب من قيمة
الســلع املعروضة؛ مما يدفع األســعار للزيادة ،كام ترتفع األجور -خاصة يف حالة
التشغيل الكامل (املقصود بالتشغيل الكامل حالة انعدام البطالة) -ويرتفع الدخل
النقدي دون زيادة يف الناتج املادي.
ّ
ّ
التضخم االقتصادي ،وذلك من خالل وتطبيق فريضة الزكاة له أثره يف كبــح
ما ييل:
((( انظر :املقاصد الرشعية وأثرها يف فقه املعامالت املالية -د .رياض منصور اخلليفي ص -36جملة
جامعة امللك عبدالعزيز -االقتصاد اإلسالمي -سنة 1425هــ 2004م.
ري يوفر كميات النقد الالزمة للتداول دون احلاجة إىل جلوء الس��لطات النقد ّية
قم ّ
َ
النقدي.
ّ لعمليات اإلصدار
-2تطبيق ترشيع الزكاة يضمن توفري حدّ الكفاية جلميع أفراد املجتمع ،ويتمثل
ذلك يف اش�تراط النصاب يف مال الزكاة ،ويتعلق هــذا الرشط باحلاجات األصلية
-دون الكامل ّي��ة -التي حتقق املقاصد الرشعية .كــا يتمثل يف توفري كفاية مصارف
-3ال��زكاة العينية حتُ��دُّ من اإلنفاق غري الرضوري للنق��ود :كذلك فإن جباية
وتوزيع زكاة الزروع والثامر وزكاة هبيمة األنعام يف صورهتا العينية يســهم إىل درجة
جواز
ُ أيضا
كبرية يف االحتفاظ للنقود بقيمتها الرشائية دون تدهور ،ويسهم يف ذلك ً
آخ ِذ الزكاة.
منفعة ِ
ِ حتقيق
ُ إخراج الزكاة عينًا إذا كان يف ذلك
-4توجيه النقود لالستثامر املستمر ،فإن فرض الزكاة كنفقة واجبة االستحقاق
املقررة يف االس��تثامر ،حتى لو كان املعدل احلَدِّ ّي املتو َّقع للربح َّ
أقل من نسبة الزكاة َّ
عــى األموال القابلة للنامء ( ،)%2.5طاملا كان هذا املعدل أكرب من الصفر .ويرجع
ذلك إىل أن االختيار املمكن أمام املس��تثمرين يف هذه احلالة هو بني استثامر أمواهلم
يسـ�تثمروا عىل اإلطالق؛ ألن ذلك جيعل خسارهتم بسـ�بب الزكاة َّ
أقل من معدل
الزكاة اإلمجا ّيل(((.
-3زي��ادة العرض عرب الدور اإلنامئي للزكاة :إن هدف توزيع الزكاة هو حتقيق
اإلغناء ملصارفها ،وال يتحقق ذلك بحصول املستحقني هلا عىل حاجاهتم من السلع
واخلدمات فحســب ،وإنام بتوفــر كفايتهم يف احلال واملســتقبل ،عن طريق توفري
األدوات ورؤوس األموال اإلنتاجية املالئمة ملواهبهم الطبيعية وقدراهتم املكت ََسبة،
االستهالكي ،وإنام يتجه جزء
ّ ويعني ذلك عدم اجتاه كل الدخول املوزعة إىل الطلب
ها ّم منها إىل جماالت استثامرية ،وبخاصة يف املدى الطويل ،فإذا كان األثر الديناميكي
للزكاة يف االقتصاد اإلسالمي يؤدي يف املدى القصري إىل زيادة امليل لالستهالك ،فإنه
يؤدي يف املدى الطويل إىل زيادة امليل لالدخار وبالتايل لالستثامر(((.
((( انظــر :الزكاة والتضخــم النقدي ،أ .د :نعمت عبداللطيف مشــهور صـــــ -3املوقع العاملي
لالقتصاد اإلسالمي http: //www.isegs.com/forum/showthread.php?p=22248
((( انظر :الزكاة والتضخم النقدي ص .3
((( التضخم « :كل زيادة يف كمية النقد تؤدي إىل زيادة يف املســتوى العام لألسعار » ،بمعنى أنه كلام
أضفنا يف الســوق كميات من النقود كلام ارتفعت األسعار معربة عن حصول ظاهرة التضخم و
هذا بافرتاض بقاء األشــياء األخرى عىل حاهلا .انظر :التضخم واالنكامش وآثارمها االقتصادية
لتشانشــان مونية وســناين أمينة وتوايت نصرية صـــ ،1التضخم االقتصادي حاالت ومفاهيم
صـــ -6قسم البحوث والدراسات االقتصادية -منتدى األعامل الفلسطيني.
يف التخفيــف من آثار التضخم االقتصادي ،وجتعل املــال حمتفظا بقيمته عن طريق
اجلمع والتحصيل ،وذلك عن طريق اجلمع النقدي أو القيمي للزكاة ،وهذا له أثره
يف توفري الســيولة املالية التي هلا أثرها يف احلركــة الرشائية ،وبذلك يقل الفارق بني
حجم السلع وحجم الســيولة فيقل التضخم ،وهذا يف حالة وجود السلع وتوفرها
وقلة السيولة املالية.
املذهــب األول :جيوز دفــع القيمة يف الزكاة ،وكذا يف العــر واخلراج وزكاة
الفطرة والنذر والكفارة غري اإلعتاق ،وهذا مذهب احلنفية(((.
اســتدلوا بام روي :أن النبي ﷺ رأى يف إبل الصدقة ناقة كوماء فأنكرها ،وقال:
ال تأخذوا من حزرات املال ،وســأل املصدق عنهــا ،فقال :أخذهتا ببعريين من إبل
الصدقة»((( ومعلوم أن النبي ﷺ مل يكن يأذن للمصدقني أن يبيعوا الصدقات ،فعلم
((( انظــر :بدائــع الصنائع يف ترتيب الرشائع لعالء الدين ،أبو بكر بن مســعود بن أمحد الكاســاين
احلنفي -225/2ط .دار الكتب العلمية -ط.الثانية -ســنة 1406هـ 1986 -م ،البناية رشح
اهلداية أليب حممد حممود بن أمحد بن موســى بن أمحد بن حسني الغيتابى احلنفى بدر الدين العينى
-348/2ط .دار الكتب العلمية -بريوت ،لبنان -ط .األوىل -سنة 1420هـ2000 -م.
الصدَ َق ِة نَا َق ًة ك َْو َما َء َف َس َأ َل َعن َْها،
از ٍمَ ،ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َأ َّن ُه َر َأى ِف إِبِ ِل َّ ب َح ِ س ْب ِن َأ ِ ((( رواه البيهقي َع ْن َق ْي ِ
َت ،ويف رشح السنة للبغويَ « :و ُر ِو َي َأ َّن النَّبِ َّي َص َّل اهللُ َع َل ْي ِه َف َق َال ا ُْل َصدِّ ُق :إِ ِّن َأ َخ ْذ ُ َتا بِإِبِ ٍل َف َسك َ
َت».. الصدَ َق ِة نَا َق ًة ك َْو َما َءَ ،ف َس َأ َل َعن َْها َف َق َال ا ُْل َصدِّ ُق :إِ ِّن ْار َ َت ْعت َُها بِإِبِ ٍلَ « ،ف َسك َ
َو َس َّل َم َر َأى ِف إِبِ ِل َّ
الســنن الكربى أليب بكر أمحد بن احلسني بن عيل بن موسى اخلراســاين البيهقي 191/4رقم:
( -)7375ت :حممــد عبد القادر عطا -ط .دار الكتب العلمية ،بــروت -لبنان -ط .الثالثة-
ســنة 1424هـ 2003 -م ،رشح السنة أليب حممد احلسني بن مسعود بن حممد بن الفراء البغوي
الشافعي-66/6ت :شعيب األرنؤوط-حممد زهري الشاويش -ط .املكتب اإلسالمي -دمشق،
بريوت -ط الثانية1403 ،هـ1983 -م
ودليلهم :أن الواجب أداء جزء من النصاب من حيث املعنى ،وهو املالية ،وأداء
القيمــة مثل أداء اجلزء مــن النصاب من حيث إنه مال ،وألن يف ذلك تيســرا عىل
املزكي ،وتوفريا حلرية الفقري يف الترصف باملال بحسب احلاجة.
قال بدر الدين العيني « :ولنا :أن األمر باألداء إىل الفقري » :أي األمر بأداء الزكاة
إىل الفقري( :إيصــال) :أي :ألجل اإليصال( :للرزق املوعــود إليه :أي إىل الفقري؛
لقوله عز وجل ﴿ :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ﴾ [ :6هود].
وملا أمر الغني بأدائها وهو حق اهلل إىل الفقري الذي هي حقه بحكم الوعد علم أن
املقصــود من األمر بأدائها إيصال لذلك الرزق املوعود وكفاءته للفقري ،فكام حيصل
رزق الفقري وكفاءته بعني الشاة ،حيصل بقيمتها بل هي أوىل؛ ألنه يتوصل بعني الشاة
إىل نوع من الكفاية وهو األكل ،وبقيمتها يتوصل إىل أنواع من الكفاية (((.
املذهب الثاين وهو للجمهور :ال جيزئ إخراج القيمة يف يشء من الزكاة (((.
((( انظر :التجريد ألمحد بن حممد بن أمحد بن جعفر بن محدان أبو احلسني القدوري احلنفي-1243/3
املحقق :مركز الدراسات الفقهية واالقتصادية -أ .د حممد أمحد رساج .أ .د عيل مجعة حممد -ط.
دار السالم -القاهرة -ط .الثانية -سنة 1427هـ 2006 -م.
((( البناية رشح اهلداية .349/2
((( انظر :مواهب اجلليل يف رشح خمترص خليل لشمس الدين أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن عبد الرمحن
الرعيني املالكــي -356/2ط .دار الفكر -ط.الثالثة، الطرابليس املغــريب ،املعروف باحلطاب ُّ
ســنة 1412هـ 1992-م ،البيان يف مذهب اإلمام الشــافعي أليب احلسني حييى بن أيب اخلري بن
ســامل العمراين اليمني الشــافعي -186/2ت :قاســم حممد النوري -ط .دار املنهاج -جدة-
ط.األوىل سنة1421هـ2000 -م ،املغني البن قدامة أليب حممد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن
حممد بن قدامة اجلامعييل املقديس ثم الدمشــقي احلنبيل الشهري بابن قدامة املقديس -87/3ط.
مكتبة القاهرة.
ودليلهــم :أن الزكاة قربة هلل تعــاىل ،وكل ما كان كذلك ،فســبيله أن يتبع فيه
أمر اهلل تعاىل .وقال النبي ﷺ « :يف أربعني شاة شاة »((( ،وهو وارد بيانا ملجمل قوله
تعاىل ﴿ :ﮝ ﮞ﴾ فتكون الشاة املذكورة هي الزكاة املأمور هبا ،واألمر يقتيض
الوجــوب ،وألن خمرج القيمة قــد عدل عن املنصوص ،فلم جيزئــه ،كام لو أخرج
الرديء مكان اجليد ،وهذا كله يدل عىل أن الزكاة واجبة يف العني(((.
قــال الكلــوذاين « :وال جيوز أخذ القيــم يف يشء من الزكاة ،فإن أخرج شــيئا
أعــى من املنصوص عليه من جنســه ،مثــل أن خيرج عن بنت خمــاض بنت لبون
جاز ذلك(((.
القول الراجــح :رجح بعضهم مذهب احلنفية؛ ألن املقصــود من الزكاة إغناء
الفقري وسد حاجة املحتاج ،وهذا يتحقق بأداء القيمة ،كام حيصل بأداء جزء من عني
املــال املزكى ،وألن الفقري يرغب اآلن يف القيمة أكثــر من رغبته يف أعيان األموال؛
وألن إعطاء القيمة أهون عىل الناس وأيرس يف احلساب(((.
((( رواه أمحد يف مســنده 340/4رقم )4635( :وابن ماجة 577/1رقم ،)1805( :وهو حديث
صحيح .انظر :مسند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد
الشيباين 340/4رقم -)4635( :ت :أمحد حممد شاكر -ط.دار احلديث-القاهرة -ط.األوىل-
ســنة 1416هـ1995 -م ،ســنن ابن ماجه أليب عبد اهلل حممد بن يزيــد القزويني 25/3رقم:
وحممد كامل قرة و َعبــد ال ّلطيف حرز اهلل-
( -)1807ت :شــعيب األرنؤوط -عادل مرشــد َّ
ط.دار الرسالة العاملية -ط .األوىل 143هـ 2009 -م.
((( انظر :املغني البن قدامة .87/3
((( اهلدايــة عىل مذهب اإلمام أيب عبد اهلل أمحد بن حممد بــن حنبل أليب اخلطاب حمفوظ بن أمحد بن
الكلوذاين صـــ -128ت :عبد اللطيف مهيم -ماهر ياسني الفحل -ط .مؤسسة غراس للنرش
والتوزيع -ط.األوىل -سنة 1425هـ 2004 -م.
((( انظر :الفقه اإلسالمي وأدلته ،أ .د :وهبة الزحييل -1939/3ط .دار الفكر .سورية .دمشق.
وهذا ما ذكره ابن تيمية يف قوله « :وأما إخراج القيمة للحاجة أو للمصلحة أو
للعــدل فال بأس به .((( »..وعىل ذلــك إن مل تكن هناك مصلحة مرجوة من حتصيل
القيمة يف الزكاة فال جيوز إخراجها.
والناظر فيام سبق يرى أن إخراج القيمة يف الزكاة حمل خالف بني الفقهاء ،ومعلوم
أن حمل اخلالف ال ينكر وإنام ينكر املجمع عليه ((( وذلك عندما يكون اخلالف سائغا،
وخالف الفقهاء يف هذه املسألة من هذا النوع ،وعليه فيمكن لويل األمر العمل بأحد
هذين الرأيني عندما تكون احلاجة إليه ملحة ،فعند احلاجة إىل الســيولة املالية يمكن
لــويل األمر تقرير مذهب احلنفية يف هذا الشــأن تقليال للفجوة بني الســيولة املالية
والسلع املعروضة ،وختفيض حدة التضخم والتقليل من انعكاساته السلبية؛ فعندئذ
تسهم الزكاة بشكل واضح يف سد هذه الفجوة التي هي باألساس سبب للمحافظة
(((.
عىل املال من فقدان قيمته الرشائية ،وهو حفظ للامل من جانب الوجود
وحمــل النظر هنا أن األحــكام الرشعية املتعلقة بالــزكاة وآراء فقهائنا اإلجالء
فيهــا من املرونة الكافية امللبية ملتطلبات واقــع كل عرص وما يطرأ عليه من تغريات
اقتصادية ،وتطبيق هذه اآلراء عىل الواقع يكون سببا يف ختفيف األعباء عن املجتمع،
ووسيلة إىل سهولة التداول وحركة األسواق ورأس املال ،وهذا كله يعود عىل حفظ
املال باإلجياب ،إذ يعترب وسيلة من وسائل املحافظة عليه من جهة الوجود.
((( انظــر :أثر الــزكاة يف حتقيق التكافــل االجتامعــي ،د .عبدالعزيز بن فوزان الفوزان -شــبكة
رســالة اإلســام ،من آثار الزكاة عىل الفرد واملجتمع ،د .إسحاق الســعدي ص ،1آثار الزكاة
االقتصادية خلالد غنيم -موقع مجعية إعامر ،http: //eamaar.org/?mod=article&ID=1067
الزكاة وآثارها االقتصادية واالجتامعية ،د .زكي الدين مسلم حسن
.http: //www.zakat-chamber.gov.sd
فلم يعد هناك جمال إىل رسقة أو هنب ،وذلك أن الرسقة والنهب والســطو إنام تزداد
وهذان اجلانبان هلام أثرمها البالغ يف حفظ املال عىل مجيع املستويات ،عىل املستوى
وغري ذلك.
وعىل املســتوى العام فإن ذلك له أثــره البالغ يف هتيئة املنــاخ العام للنمو املايل
أصله صفاء نفــوس أفراد جمتمعه ،والزكاة هي املحققــة لكل ذلك ،فظهر وبجالء
احلمــد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات ،والصالة والســام عىل أرشف األنبياء
وسيد املرسلني ،وعىل آله وصحابته ومن استن بسنته إىل يوم الدين ،أما بعد:
ففي خامتة هذا البحث أذكر أهم النتائج التي توصلت إليها ،وهي ما ييل:
أوالً :أن الرشيعة اإلســامية متتلك أســباب اخللود والبقــاء لصالحيتها لكل
زمان ومكان واشــتامل أحكامها عىل احللول الناجعة لكل املعضالت واملشاكل بل
والكوارث التي تطرأ عىل الساحة العاملية من وقت آلخر.
ثانيا :أن الشارع احلكيم مل يرشع أحكامه عبثا -تعاىل اهلل عن ذلك ،-بل رشعت
لغايات ومقاصد أرادها من ترشيعاته وأحكامه.
ثالثــا :أن أحكام الرشيعة كلها حمققة ملصالح املكلفني فقط يف الدنيا ويف اآلخرة
وال يعود عىل اهلل تعاىل منها يشء.
رابعــا :أن مقصد حفظ املال هو أحــد املقاصد الرضورية اخلمســة املرعية يف
الرشيعة اإلسالمية ويف كل ملة.
خامســا :أن أحكام الرشيعة مرتبطة ارتباطا وثيقا بمقاصدها ،وأنه ما من حكم
إال وهو حمقق ملقصد أو لعدد من املقاصد الرشعية.
سادسا :أن الزكاة الرشعية هلا أثرها البني يف املحافظة عىل املال من جانبي الوجود
والعدم وصيانته من اهلالك وليست عقوبة كام يعتقد بعض ضعيفي النظر.
ســابعا :أن مقاصد الشــارع وغاياته من أحكامه كثرية ال يقف عىل مجيعها إال
هو -ســبحانه -أظهر بعضها خللقه ،وأخفى بعضهــا يف علمه لتظهر يف كل زمان
ِحك ٌَم توافق تطوره وتقدمه ليتحقق صالحية الرشيعة اإلسالمية لكل زمان ومكان.
هذا واهلل أعلم ،وآخر دعوانا :أن احلمد هلل رب العاملني ،وصىل اهلل وســلم عىل
نبينا حممد وعىل آله وصحبه ومن اهتدى هبديه إىل يوم الدين.
التوصيات:
أوالً :أن ت ُ
ُــويل احلكومــات الــزكاة عناية أكــر وتفعيل دورهــا االقتصادي
واالجتامعي لتعميم نفعها عىل الفرد واملجتمع.
ثاني ًا :تطوير مؤسســات مجع الــزكاة يف البالد اإلســامية وإحالل الزكاة حمل
الرضائب املفروضة عىل أصحاب رؤوس األموال؛ ألن أصحاب األموال خيرجون
الزكاة بانقياد كامل ألن ذلك دين فــا يتهربون منها بخالف الرضائب التي يتذرع
أصحاب األموال يف التهرب منها.
ثالث ًا :س ّن القوانني املالئمة لضامن حتصيل زكوات األموال ومجعها مجعا صحيح ًا
وحساهبا بطريقة سليمة.
رابع ًا :نرش أحكام الزكاة ومقاديرها وأنصبتها بني الناس لغياب أغلب أحكامها
عن العوام واعتقادهم وجوب الزكاة أصناف معينة.
خامسا :حتفيز الباحثني عىل مثل هذه الدراسات التي تبني العالقة بني األحكام
الرشعية ومقاصدها؛ لبيان أرسار هذه الرشيعة وما متيزت به عن غريها من الرشائع.
-اإلهبــاج يف رشح املنهاج لتقي الدين أبو احلســن عيل بن عبد الكايف بن عيل بن
متام بن حامد بن حييي السبكي وولده تاج الدين أبو نرص عبد الوهاب -ط .دار الكتب
العلمية -بريوت -سنة 1416هـ 1995 -م.
-اإلحكام يف أصول األحكام أليب احلسن سيف الدين عيل بن أيب عيل اآلمدي-
ت :عبد الرزاق عفيفي -ط .املكتب اإلسالمي -بريوت.
-األشــباه والنظائر لإلمام عبد الرمحن بن أيب بكر ،جالل الدين السيوطي -ط.
دار الكتب العلمية -ط .األوىل سنة 1411هـ 1990 -م.
-اجتهادات اإلمام عىل بن أيب طالب الفقهية دراســة أصولية تطبيقية -رســالة
دكتوراه -األزهر.
-إمكانــات تطوير الزكاة كآلية إلعادة التوزيع والضــان االجتامعي ،د .الطيب
أمحد شمو -كلية الدراسات االقتصادية واالجتامعية .جامعة اخلرطوم.
-بدائــع الصنائع يف ترتيــب الرشائع لعالء الدين ،أيب بكر بن مســعود بن أمحد
الكاساين احلنفي -ط .دار الكتب العلمية -ط.الثانية -سنة 1406هـ 1986 -م.
-بدايــة املجتهد وهنايــة املقتصد أليب الوليد حممد بن أمحــد بن حممد بن أمحد بن
رشد القرطبي الشــهري بابن رشد احلفيد -ط .دار احلديث -القاهرة -سنة 1425هـ
2004 -م.
-بحوث يف األدلة املختلف فيها ،أ .د .حممد السعيد عبد ربه -ط .مطبعة السعادة
-سنة 1400هـ 1980 -م.
-البيان يف مذهب اإلمام الشافعي أليب احلسني حييى بن أيب اخلري بن سامل العمراين
اليمني الشافعي -ت :قاسم حممد النوري -ط .دار املنهاج -جدة -ط .األوىل1421،
هـ2000 -م.
-البنايــة رشح اهلداية أليب حممد حممود بن أمحد بن موســى بن أمحد بن حســن
الغيتانــى احلنفــي -ط .دار الكتــب العلمية -بــروت ،لبنان -ط .األوىل -ســنة
1420هـ2000 -م.
-التاج واإلكليل رشح خمترص خليل حممد بن يوســف بن أيب القاسم بن يوسف
العبدري الغرناطي املالكي -ط .دار الكتب العلمية -ط.األوىل1416 -هـ1994-م.
الص ِغ ِ
ــر أليب إبراهيم حممد بن إســاعيل بن صالح بن -التَّنويــر َشح ا ِ
جلامع َّ
ُ ْ ُ َ
حممد إبراهيم -ط .مكتبة دار السالم،
حممد إسحاق َّ
حممد احلســني الصنعاين -ت :دَّ .
الرياض -ط .األوىل -سنة 1432هـ 2011 -م.
-التقرير والتحبري أليب عبد اهلل ،شــمس الدين حممد بن حممد بن حممد املعروف
بابن أمري حاج -ط .دار الكتب العلمية -ط .الثانية1403 ،هـ 1983 -م.
-التعليل باملصلحة عند األصوليني لألســتاذ الدكتور /رمضان عبد الودود عبد
التواب -ط .دار اهلدى للطباعة -سنة 1407هـ 1987م.
-حاشية الروض املربع رشح زاد املستقنع لعبد الرمحن بن حممد بن قاسم العاصمي
احلنبيل النجدي -ط .األوىل -سنة 1397هـ.
-احلاوي الكبري يف فقه مذهب اإلمام الشافعي أليب احلسن عيل بن حممد بن حممد
بن حبيب البرصي البغدادي الشهري باملاوردي -ت :الشيخ عيل حممد معوض ،الشيخ
عــادل أمحد عبد املوجود -ط .دار الكتب العلمية ،بريوت .لبنان -ط األوىل -ســنة
1419هـ 1999-م.
-درر احلكام رشح غرر األحكام ملحمد بن فرامرز بن عيل الشهري بمنالخرسو -
ط .دار إحياء الكتب العربية
-الذخرية أليب العباس شــهاب الدين أمحد بن إدريس املالكي القرايف-ت :حممد
حجي وســعيد أعراب وحممد بوخبــزة -ط .دار الغرب اإلســامي -بريوت -ط.
األوىل -سنة 1994م.
-روضة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه عىل مذهب اإلمام أمحد بن حنبل أليب
حممــد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة املقديس احلنبيل -ط .مؤسســة
الر ّيان للطباعة والنرش والتوزيع -ط .الثانية -سنة 1423هـ2002-م.
-رد املحتار عــى الدر املختار البن عابدين ،حممد أمني بــن عمر بن عبد العزيز
عابدين الدمشــقي احلنفي -ط .دار الفكر-بريوت -ط .الثانية -ســنة 1412هـ -
1992م.
-الــزكاة والتضخم النقدي ،أ .د .نعمت عبداللطيف مشــهور -املوقع العاملي
لالقتصاد.
-الزكاة ودورها يف حتقيق التنمية االقتصادية دراســة مقارنة بني جتربتي السودان
واجلزائــر ،د .بودالل عــي .جامعة أيب بكر بلقايد تلمســان ،دور الــزكاة يف التنمية
االقتصادية.
س ْو ِجردي
-الســنن الكربى أليب بكر أمحد بن احلســن بن عيل بن موســى اخلُ ْ َ
اخلراســاين البيهقي -ت :حممد عبد القادر عطا -ط.دار الكتــب العلمية .بريوت-
لبنان -ط .الثالثة-سنة 1424هـ2003 -م.
-السنن الكربى أليب بكر أمحد بن احلسني بن عيل بن موسى اخلراساين البيهقي-
ت :حممد عبد القادر عطا -ط .دار الكتب العلمية ،بريوت -لبنان -ط .الثالثة -ســنة
1424هـ 2003 -م
-ســنن ابن ماجه أليب عبد اهلل حممد بن يزيد القزويني-ت :شــعيب األرنؤوط-
وحممد كامل قره -ط .دار الرســالة العامليــة -ط .األوىل1430 ،هـ-
عادل مرشــد َّ
2009م.
-سلسلة األحاديث الضعيفة واملوضوعة وأثرها السيئ يف األمة أليب عبد الرمحن
حممد نــارص الدين ،بن احلاج نوح بن نجــايت بن آدم ،األشــقودري األلباين ط .دار
املعــارف ،الريــاض -اململكــة العربية الســعودية -ط .األوىل -ســنة 1412هـ
1992 /م.
-رشح تنقيح الفصول أليب العباس شهاب الدين أمحد بن إدريس بن عبد الرمحن
املالكي القــرايف -ت :طه عبد الرؤوف ســعد -ط .رشكة الطباعــة الفنية املتحدة-
ط .األوىل-سنة 1393هـ1973 -م.
-رشح السنة ملحيي السنة أليب حممد احلسني بن مسعود بن حممد بن الفراء البغوي
الشــافعي-ت :شــعيب األرنؤوط -حممد زهري الشــاوي -ط .املكتب اإلسالمي-
دمشق ،بريوت -ط .الثانية -سنة 1403هـ 1983 -م.
-صحيح مســـلم برشح النـــووى ،صحيح مسلم لإلمام أبى احلسني مسلم بن
احلجاج القشريى النيسابورى مع رشح اإلمام حميى الدين النووى -ط .الدار الثقافية
العربية -بريوت -ط .األوىل -سنة 1992م.
-صحيح اإلمام البخارى ألبى عبد اهلل حممد بن إسامعيل البخاري ،وعليه حاشية
السندى -ط .دار إحياء الكتب العربية ودار املنار.
-صحيح اجلامع الصغري وزياداته أليب عبــد الرمحن حممد نارص الدين األلباين-
ط .املكتب اإلسالمي.
-العــدة يف أصول الفقه للقــايض أيب يعىل حممد بن احلســن بن حممد بن خلف
ابن الفراء -ت :د .أمحد بن عيل بن ســر املباركي ،األســتاذ املشارك يف كلية الرشيعة
بالرياض-ط .الثانية -سنة1410هـ 1990 -م.
-علم املقاصــد الرشعية لنور الدين بن خمتار اخلادمي -ط .مكتبة العبيكان -ط.
األوىل 1421هـ2001 -م.
-العنايــة رشح اهلدايــة ملحمد بن حممد بن حممود ،أكمــل الدين أيب عبد اهلل ابن
الشيخ شمس الدين ابن الشيخ مجال الدين الرومي البابريت -ط .دار الفكر.
-الفقــه عىل املذاهب األربعــة لعبد الرمحن بن حممد عــوض اجلزيري -ط .دار
الكتب العلمية ،بريوت -لبنان -ط .الثانية -سنة 1424هـ 2003 -م.
ِ
ــي ،ط .دار الفكر، اإلســامي وأد َّلتُــ ُه ،أ.دَ .و ْه َبة بــن مصطفى ُّ ِ -
الف ْق ُه
الز َح ْي ّ ُّ
سور َّية ،دمشق.
-القاموس الفقهي لغة واصطالحا ،الدكتور سعدي أبو حبيب -ط .دار الفكر.
دمشق -سورية -ط .الثانية 1408هـ 1988 -م.
-الكسب أليب عبد اهلل حممد بن احلسن بن فرقد الشيباين -املحقق :د .سهيل زكار
النارش :عبد اهلادي حرصوين -دمشق.
-كشف األرسار رشح أصول البزدوي لعبد العزيز بن أمحد بن حممد ،عالء الدين
البخاري احلنفي -ط .دار الكتاب اإلسالمي .ط .األوىل -سنة 1400هـ.
-لســان العرب جلامل الديــن أيب الفضل حممــد بن مكرم بن عــى ابن منظور
األنصاري ،ط .دار صادر -بريوت -ط .الثالثة1414 -هـ.
-موســوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم ملحمد بن عيل ابن القايض حممد
حممد صابر الفاروقــي احلنفي التهانوي-تقديم :د.رفيق العجم-ت :د.عيل
حامد بن ّ
دحروج-ط .مكتبة لبنان نارشون -بريوت -ط .األوىل1996 -م.
-مواهب اجلليل يف رشح خمترص خليل لشمس الدين أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن
الرعيني املالكي -ط .دار الفكر -
عبــد الرمحن الطرابليس املغريب ،املعروف باحلطاب ُّ
ط.الثالثة سنة 1412هـ 1992 -م.
-مقاصد الرشيعة عند ابن تيمية ،تأليف :د .يوسف حممد أمحد البدوى -ط .دار
النفائس للنرش والتوزيع.
-معجم لغة الفقهاء ملحمد رواس قلعجــي -حامد صادق قنيبي -دار النفائس
للطباعة والنرش والتوزيع -ط الثانية 1408 ،هـ 1988 -م
-معجــم اللغة العربية املعارصة ،د .أمحد خمتار عبد احلميد عمر -ط .عامل الكتب
-ط .األوىل -سنة 1429هـ 2008 -م
-مســند اإلمام زيد لإلمام زيد بن عىل احلسني بن عىل بن أبى طالب -ريض اهلل
عنه -مجعه :عبد العزيز بن إســحاق البغدادي ط .دار الكتب العلمية -ط .الثانية -
سنة 1403هـ 1983م.
-مســند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبــد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن
أســد الشــيباين -ت :شــعيب األرنؤوط -عادل مرشــد ،وآخرون -إرشاف :د.
عبد اهلل بن عبد املحســن الرتكي -ط.مؤسسة الرسالة -ط .األوىل -سنة 1421هـ -
2001م.
-مسند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد
الشيباين-ت :أمحد شــاكر -ط.دار احلديث -القاهرة -ط .األوىل -سنة 1416هـ-
1995م.
-جممع األهنر رشح ملتقى األبحر -ط .دار إحياء الرتاث العريب.
-املوطأ لإلمام مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي -ت :حممد مصطفى
األعظمي -ط .مؤسســة زايد بن ســلطان آل هنيان لألعامل اخلريية واإلنسانية -أبو
ظبي -اإلمارات -ط .األوىل -سنة 1425هـ 2004 -م.
-املقاصــد العامة للرشيعة اإلســامية -تأليف ابن زغيبة عــز الدين -ط .دار
الصفوة للطباعة والنرش والتوزيع ،سنة 1417هـ 1996م.
-املقاصد الرشعية وأثرها يف أصول الفقه ،لألســتاذ الدكتور :حممد عبد العاطي
حممد عىل -ط .دار احلديث سنة 1428هـ 2007م.
-املغنــي البن قدامة أليب حممد موفق الدين عبد اهلل بــن أمحد بن حممد بن قدامة
اجلامعييل املقديس ثم الدمشقي احلنبيل ،الشهري بابن قدامة املقديس -ط .مكتبة القاهرة.
-املعتمــد يف أصول الفقه ملحمد بن عيل الطيب أيب احلســن ال َب ْصي املعتزيل -
املحقق :خليل امليس -ط .دار الكتب العلمية -بريوت -ط .األوىل -سنة 1403هــ.
-املصنف للحافظ الكبري أبــى بكر عبد الرزاق بن مهام الصنعانى ،حتقيق حبيب
الرمحن األعظمى -توزيع املكتب اإلسالمى -ط .الثانية -سنة 1403هـ 1983م
-املصباح املنري ألمحد بن حممد بن عىل الفيومى املقرئ -ط .مكتبة لبنان -ســنة
1987م.
-املســتصفى من علم أصول الفقه لإلمــام أيب حامد حممد بن حممد حممد الغزايل
املعروف بحجة اإلسالم -ت :حممد عبد السالم عبد الشايف -ط .دار الكتب العلمية
-بريوت -ط .األويل -سنة 1413هـ 1993م.
-املســتدرك عىل الصحيحني أليب عبد اهلل احلاكم حممد بــن عبد اهلل بن حممد بن
محدويه بن نُعيم النيســابوري -ت :مصطفى عبد القادر عطا -ط .دار الكتب العلمية
-بريوت -ط .األوىل -سنة 1411هـ 1990 -م.
-املدونة لإلمام مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي املدين -ط .دار الكتب
العلمية -ط .األوىل -سنة 1415هـ 1994 -م.
-املحيط الربهاين يف الفقه النعــاين فقه اإلمام أيب حنيفة أليب املعايل برهان الدين
حممود بن أمحد بن عبــد العزيز بن عمر بن َم َاز َة البخــاري احلنفي -ت :عبد الكريم
ســامي اجلندي -ط .دار الكتب العلمية ،بريوت -لبنان -ط .األوىل -سنة 1424هـ
2004 -م
-املحىل باآلثار أليب حممد عيل بن أمحد بن سعيد بن حزم األندليس القرطبي -ط.
دار الفكر .بريوت.
-املحصول لإلمام أيب عبد اهلل حممد بن عمر بن احلسن بن احلسني التيمي الرازي
فخر الدين الرازي -ت :الدكتور طه جابر فياض العلواين -ط :مؤسسة الرسالة -ط.
الثالثة -سنة 1418هـ1997 -م.
-املبسوط ملحمد بن أمحد بن أيب سهل شمس األئمة الرسخيس -ط.دار املعرفة-
بريوت-سنة 1414هـ1993 -م
-مقاصد الرشيعة اإلســامية وعالقتها باألدلة الرشعية ،د .حممد سعد بن أمحد
مسعود اليويب -ط .دار اهلجرة للنرش والتوزيع -ط .األوىل -سنة 1418هــ 1998م.
-املقاصد الرشعية وأثرهــا يف فقه املعامالت املالية ،د .رياض منصور اخلليفي -
جملة جامعة امللك عبدا لعزيز -االقتصاد اإلسالمي -سنة 1425هــ 2004م.
-مســند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبــد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن
أســد الشــيباين -املحقق :شعيب األرنؤوط -عادل مرشــد ،وآخرون -إرشاف :د
عبد اهلل بن عبد املحســن الرتكي -ط .مؤسسة الرســالة -ط .األوىل -سنة1421هـ
2001 -م.
-اهلداية عىل مذهب أليب عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل أليب اخلطاب حمفوظ بن
أمحد بن الكلوذاين -ت :عبد اللطيف مهيم -ماهر ياسني الفحل -ط .مؤسسة غراس
للنرش والتوزيع -ط .األوىل -سنة 1425هـ 2004 -م.