You are on page 1of 64

‫‪1‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬

‫أثـر شرعـة الزكـاة‬


‫يف مـقـصــد حـفـظ الـمــال‬
‫دراسة شرعية مقاصدية‬

‫إعـــداد‬
‫الدكتور أحـمــد حمـمــد عــزب مـوسي‬
‫أستاذ أصول الفقه املساعد يف كلية الرشيعة‬

‫جامعة امللك خالد بأهبا‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪2‬‬

‫‪1438‬هـ ‪2017 -‬م‬

‫لدائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخليري بدبي‬


‫فاكس‪+971 4 6087555 :‬‬ ‫هاتف‪+971 4 6087777 :‬‬
‫ص‪ .‬ب‪ - 3135 :‬دبــي‬ ‫اإلمــارات العربيــة املتحدة‬
‫‪www.iacad.gov.ae‬‬ ‫‪mail@iacad.gov.ae‬‬

‫يعب عن رأي صاحبه‬‫هذا البحث ّ‬


‫يعب بالضرورة عن رأي دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي بدبي‬
‫وال ّ‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪3‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫ملخص البحث‬

‫هذا البحث متعلق بمســألة مهمة من املســائل األصولية‪ ،‬وهي مســألة عالقة‬
‫األحكام الرشعيــة بمقاصدها‪ ،‬وهيدف هذا البحث إىل بيــان عالقة أحد األحكام‬
‫الرشعيــة وهو وجوب الزكاة عــى املكلفني بمقصــد رضوري وهو مقصد حفظ‬
‫املــال وصيانته من اجلوائح املؤثرة يف هالكه أو فوات قيمته‪ ،‬ويتعرض البحث لبيان‬
‫األحكام اجلزئية املتعلقة بوجوب الــزكاة ومدى تأثري كل حكم جزئي عىل املقصد‬
‫الكيل الذي أراد الشــارع حفظه‪ ،‬وتكمن مشكلة البحث يف اإلجابة عىل عدة أسئلة‬
‫أمههــا ما مدى تأثري وجوب الــزكاة عىل حفظ مقصد املال وأثــر ذلك عىل التنمية‬
‫االقتصادية بشكل عام؟ وقد اســتعمل الباحث املنهج االستقرائي التحلييل يف مجع‬
‫ال مقاصدي ًا‪ ،‬وتوصل الباحث‬
‫أحكام الزكاة وحتليل عالقتها بمقصد حفظ املال حتلي ً‬
‫إىل عــدة نتائج لعل أمهها‪ :‬أن أحكام الرشيعة مرتبطة ارتباطا وثيقا بمقاصدها‪ ،‬وأنه‬
‫ما من حكم إال وهو حمقق ملقصد أو لعدد من املقاصد الرشعية‪ ،‬وأن الزكاة الرشعية‬
‫هلا أثرها البني يف املحافظة عىل املال من جانبي الوجود والعدم ‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪4‬‬

‫ّ‬
‫إن احلمد هلل‪ ،‬نحمده‪ ،‬ونســتعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من رشور أنفسنا‪ ،‬من‬
‫هيــده اهلل فال ُمضل له‪ ،‬ومن ُيضلل فال هادي له‪ ،‬وأشــهد أن ال إله إال اهلل وحده ال‬
‫رشيك له‪ ،‬وأشهد ّ‬
‫أن حممدً ا عبده ورسوله ﷺ‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬
‫ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﴾ [النســاء‪﴿ ،]1/‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬
‫ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﴾ [آل عمــران‪﴿ ]102/‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﴾ [األحزاب‪ ،(((]71-70/‬أ ّما بعد‪:‬‬

‫فإنه من املقرر رشعا أن الشــارع احلكيم رشع أحكامــه لغايات ومقاصد أراد‬
‫حتقيقهــا من خالل هذه األحكام؛ ألنه ســبحانه مل يرشع أحكامــه عبثا ومل يكلف‬
‫عبــاده ال لغاية ‪ -‬تعاىل اهلل عــن ذلك ‪ -‬ومن مجلة األحــكام التي رشعها اهلل عىل‬
‫عباده بل وأوجبها عليهم إخراج الزكاة من أمواهلم إذا بلغت هذه األموال النصاب‬
‫املقرر رشعا‪ ،‬وانطالق ًا من املبدأ املقرر سابقا وهو وجود مقاصد وغايات من أجلها‬

‫((( هذه تســمى خطبة احلاجة أخرجها أمحد يف مســنده (‪ -)262/6‬مســند عبد اهلل بن مسعود‪-‬‬
‫رقم (‪ ،)3720‬وأبو داود يف ســننه (ص‪ -)306/‬كتاب النــكاح‪ -‬باب يف خطبة النكاح‪ -‬رقم‬
‫(‪ ،)2118‬والرتمذي يف جامعــه (ص‪ -)266/‬أبواب النكاح‪ -‬باب ما جاء يف خطبة النكاح‪-‬‬
‫رقم (‪ ،)1105‬وحســنها‪ ،‬والنسائي يف سننه (ص‪ -)198/‬كتاب اجلمعة‪ -‬باب كيفية اخلطبة‪-‬‬
‫رقــم (‪ ،)1405‬وابن ماجه يف ســننه (ص‪ -)271/‬كتاب النكاح‪ -‬بــاب خطبة النكاح‪ -‬رقم‬
‫(‪ ،)1892‬وصححها األلباين‪ ،‬وألف فيها كتا ًبا بعنوان «خطبة احلاجة التي كان رســول اهلل ﷺ‬
‫يعلمها أصحابه» مجع فيه طرقها‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪5‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫رشعت األحكام أردت يف هذا البحث كشــف اللثام ‪ -‬قدر املستطاع ‪ -‬عن مقصد‬

‫الشــارع من وجوب الزكاة‪ ،‬وعن أثر هــذا الوجوب يف حفظ مقصد املال الذي هو‬

‫أحد املقاصد الرضورية اخلمسة املرعية يف كل ملة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أهداف البحث‪:‬‬

‫أوال‪ :‬بيان العالقة بني وجوب الزكاة وحفظ املال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بيان أثر هذه العالقة عىل النمو االقتصادي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬قراءة هاتني العالقتني من خالل املقاصد الرشعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أمهية البحث‪:‬‬

‫تكمن أمهية البحث يف عدة أمور‪:‬‬

‫األول‪ :‬بيان أن الرشيعة اإلسالمية ‪ -‬حفظها اهلل ‪ -‬مل ولن تنفصل عن واقع احلياة‬

‫املعاش‪ ،‬وأن أحكامها صاحلة لكل زمان ومكان‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬تعلقه بأحد أركان اإلســام اخلمســة ومقصد من الرضوريات اخلمسة‬

‫ومها ال يقوم الدين والدنيا إال هبام‪.‬‬

‫الثالــث‪ :‬تعلقه بموضوع من أهم موضوعات الســاعة وهو النمو االقتصادي‬

‫املنشود‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬بيان رس رشعة الزكاة عىل املسلمني‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪6‬‬

‫ثالثا‪ :‬مشكلة البحث‪:‬‬

‫تربز مشكلة هذا البحث يف اإلجابة عىل سؤالني‪:‬‬

‫األول‪ :‬هل الزكاة هلا أثر يف حفظ املال ؟‬

‫الثاين‪ :‬ما مدى تأثري وجوب الزكاة يف حفظ املال والتنمية االقتصادية ؟‬

‫رابعا‪ :‬منهجية البحث‪:‬‬

‫اتبع الباحث يف هذا البحث املنهج االســتقرائي التحلييل‪ ،‬حيث قام باســتقراء‬
‫األمور املرتتبة عىل رشعة الزكاة ثم قــام بتحليل العالقة بني وجوب الزكاة وحفظ‬
‫املال وأثرها عىل واقع احلياة‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬إجراءات كتابة البحث‪:‬‬

‫رست يف هذا البحث وفق اإلجراءات اآلتية‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬مجعت املادة العلمية مــن مراجعها‪ ،‬ومصادرها األصيلة‪ ،‬ثم وزعتها عىل‬
‫مباحث ومطالب‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬عرفت بالقضايا املتعلقة بالبحث يف اللغة واالصطالح‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬عزوت اآليات القرآنية إىل سورها مع بيان رقمها‪.‬‬

‫راب ًعا‪ :‬خرجت األحاديث النبوية الرشيفة الواردة يف البحث‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬علقت عىل املسائل العلمية حسب ما يقتضيه املقام‪.‬‬


‫ً‬

‫سادسا‪ :‬وثقت النقول واألقوال من مصادرها املعتمدة‪.‬‬


‫ً‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪7‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫موجزا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ساب ًعا‪ :‬عرفت باملصطلحات العلمية تعري ًفا‬

‫ثامنًا‪ :‬التزمت بعالمات الرتقيم‪ ،‬وضبطت ما حيتاج إىل ضبط‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬خطة البحث‪:‬‬

‫قسمت هذا البحث إىل‪ :‬مقدمة‪ ،‬وفصلني‪ ،‬وخامتة‪.‬‬

‫املقدمة‪ :‬واشــتملت عىل‪ :‬تقديــم‪ ،‬وأهــداف البحث‪ ،‬وأمهيته‪ ،‬ومشــكلته‪،‬‬


‫ومنهجيته‪ ،‬وخطته‪.‬‬

‫فيه أربعة مباحث‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬املقاصد الرضورية يف الرشيعة اإلسالمية‪.‬‬

‫وفيه أربعة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف املقاصد الرشعية وأنواعها‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أقسام املقاصد الرشعية‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬إثبات املقاصد لألحكام‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬املقاصد الرضورية وأنواعها‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬مقصد حفظ املال يف الرشيعة اإلسالمية‪.‬‬

‫وفيه أربعة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف املال يف اللغة واالصطالح‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬حث الشارع عىل كسب املال‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪8‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أثر املال يف قيام الدين والدنيا‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬السياج الذي أحاط الشارع املال به‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬عالقة الزكاة بمقصد حفظ املال من جهة وجوده‬

‫فيه ثالثة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أثر الزكاة يف التنمية املالية‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أثر الزكاة يف تدوير رأس املال‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أثر تعجيل الزكاة يف حفظ املال‪.‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬أثر الزكاة يف حفظ مقصد املال من جهة العدم‬

‫فيه مخسة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أثر الزكاة يف بركة املال‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬دور الزكاة يف حماربة االكتناز‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أثر الزكاة يف عالج التضخم االقتصادي‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬أثر اجلمع القيمي للزكاة يف حفظ قيمة املال‪.‬‬

‫املطلب اخلامس‪ :‬أثر الزكاة يف محاية املال من السطو والرسقة‪.‬‬

‫اخلامتة‪ :‬وفيها أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪9‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫املبحث األول‪:‬‬
‫املقاصد الضرورية يف الشريعة اإلسالمية‬

‫متهيد‪:‬‬
‫ملا كان حفظ املال أحد املقاصد الرضورية اخلمسة التي راعتها الرشيعة اإلسالمية‬
‫وحافظت عليها من أي اختالل يلحق هبــا‪ ،‬وملا كنا بصدد احلديث عن عالقة أحد‬
‫األحكام الرشيعــة وهو وجوب الزكاة بحفظ مقصد املال رأيت أن يدور الكالم يف‬
‫هذا املبحث عن املقاصد بصورة عامة دون اإلغراق يف تفاصيلها حتى يكون الكالم‬
‫مركزا يف حفظ املال الذي هو أحد األقســام اخلمســة التي للــزكاة الرشعية عالقة‬
‫مبارشة قوية مؤثرة فيه‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف املقاصد الرشعية وأنواعها‪.‬‬


‫أوال‪ :‬تعريف املقاصد يف اللغة‪:‬‬
‫املقاصــد لغة‪ :‬مجع مقصد‪ ،‬واملقصد مأخوذ من الفعــل قصد يقصد قصد ًا فهو‬
‫قاصد والقصد هو‪ :‬اس��تقامة الطري��ق‪ ،‬ومن ذلك قوله تع��اىل‪ ﴿ :‬ﭬ ﭭ ﭮ‬
‫ﭯ ﴾(((‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف املقاصد باملعنى اإلضايف‪:‬‬


‫املقصــد هو‪ :‬الغاية التي توضع هلا الوســائل لتحقيقهــا (((‪ .‬وقيل‪ :‬هو اهلدف‬
‫والغاية التي ترجى يف استقامة وعدل واعتدال (((‪.‬‬

‫((( من اآلية ‪ :9‬من سورة النحل‪ .‬وانظر‪ :‬لسان العرب البن منظور ‪ - 353/3‬ط‪ .‬دار صادر‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املقاصد الرشعية وأثرها يف أصول الفقه لألستاذ الدكتور‪ :‬حممد عبد العاطي حممد عىل صـ‬
‫‪ - 13‬ط‪ .‬دار احلديث سنة ‪ 1428‬هـ ‪ 2007‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املقاصد العامة للرشيعة اإلسالمية ‪ -‬تأليف ابن زغيبة عز الدين صـ ‪ - 38‬ط‪ .‬دار الصفوة‬
‫للطباعة والنرش والتوزيع سنة ‪ 1417‬هـ ‪ 1996‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪10‬‬

‫وأما الرشيعة ففي اللغة‪ :‬هي الطـــريقة املستقيمة الظاهرة الواضحة‪ ،‬وسميت‬
‫بذلك لوضوحها وظهورها (((‪.‬‬

‫واصطالح ًا‪ :‬هي‪ :‬املنهج املستقيم الذي ارتضـــاه اهلل لعـــباده ومورد األحكام‬
‫املنظمة له (((‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تعريف مقاصد الرشيعة باملعنى اللقبي‪.‬‬

‫عرفها ابن عاشور بأهنا‪ :‬املعاين واحلكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال الترشيع‬
‫أو معظمهــا بحيث ال ختتص مالحظتها بالكون يف نوع خاص من أحكام الرشيعة‪،‬‬
‫فيدخل يف هذا أوصــاف الرشيعة وغايتها العامة‪ ،‬واملعــاين التي خيلو الترشيع من‬
‫مالحظتها‪ ،‬ويدخل يف هذا ‪ -‬أيضا‬

‫معان من احلـــكم ليست ملحوظة يف سائر أنواع األحكام ولكنها ملحوظة يف‬
‫أنواع كثرية منها(((‪.‬‬

‫وعرفها اخلادمي بأهنا‪ :‬املعاين امللحوظــة يف األحكام الرشعية‪ ،‬واملرتتبة عليها؛‬


‫سواء أكانت تلك املعاين حكام جزئية أم مصالح كلية أم سمت إمجالية‪ ،‬وهي تتجمع‬
‫ضمن هدف واحد‪ ،‬هو تقرير عبودية اهلل ومصلحة اإلنسان يف الدارين(((‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬املصبــاح املنري ألمحد بن حممد بن عىل الفيومي املقرئ صـ ‪ -118‬ط‪.‬مكتبة لبنان ‪-‬ســنة‬
‫‪1987‬م‪ ،‬ولســان العرب جلامل الدين أيب الفضل حممــد بن مكرم بن عيل ابن منظور األنصاري‬
‫‪ -175/8‬ط‪ .‬دار صادر‪ -‬بريوت‪ -‬ط‪ .‬الثالثة‪1414 -‬هـ‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املقاصد العامة للرشيعة اإلسالمية صـ ‪.39‬‬
‫((( انظر‪ :‬مقاصد الرشيعة اإلســامية لفضيلة العالمة اإلمام‪ :‬حممد الطاهر بن عاشور صـ ‪ - 49‬ط‪.‬‬
‫دار سحنون للنرش والتوزيع ‪ -‬ط‪ .‬دار السالم للطباعة والنرش ‪ -‬سنة ‪ 1427‬هـ ‪ 2006‬م‪.‬‬
‫((( انظــر‪ :‬علم املقاصد الرشعية لنور الدين بن خمتــار اخلادمي ص ‪ - 17‬ط‪ .‬مكتبة العبيكان ‪ -‬ط‪.‬‬
‫األوىل ‪1421‬هـ‪2001 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪11‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫وعرفها اليويب‪ :‬هــي املعاين ِ‬


‫واحلكَم ونحوها التي راعاها الشــارع يف الترشيع‬
‫عموما وخصوصا من أجل حتقيق مصالح العباد‪.‬‬

‫رشح التعريف‪:‬‬

‫قولــه‪ « :‬املعــاين »‪ :‬املقصود هبا العلــل‪ ،‬والعلة يقصد هبا هنا املعنى املناســب‬
‫لرشع احلكم‪.‬‬

‫وقولــه‪ِ « :‬‬
‫واحلكَم »‪ :‬مجع حكمة‪ ،‬واملقصود هبا عند األصوليني هي الوصف به‬
‫الوصف الذي أنيط احلكم به علة‪ ،‬كاملشــقة يف السفر‪ ،‬فالسفر علة للقرص والفطر‪،‬‬
‫واملشقة هي املعنى الذي صلح السفر للعلية الشتامله عليها‪.‬‬

‫وقولــه‪ « :‬ونحوها »‪ :‬قيد يف التعريف إلدخال األلفاظ التي يعرب هبا عن املقصد‬
‫كاهلدف والغاية والثمرة وكل ما يمكن أن يفيد هذا املعنى‪.‬‬

‫وقوله‪ « :‬التي راعاها الشارع يف الترشيع »‪ :‬التي عناها الشارع وقصدها وأرادها‬
‫يف الترشيع؛ وذلك إشــارة إىل أن أحكام اهلل تعاىل معللــة‪ ،‬وأن ما يرتتب عليها من‬
‫املصالح مقصود للشارع وليس جمرد نتائج‪.‬‬

‫وقوله‪ « :‬عموما »‪ :‬يشــر إىل املقاصد التي راعاها الشــارع يف أحكام الرشيعة‬
‫عموما‪ ،‬وهو مــا يعرف باملقاصد العامة يف الرشيعة التــي قامت عليها مجيع األدلة‬
‫أو أكثرها‪.‬‬

‫وقولــه‪ « :‬وخصوصا »‪ :‬إشــارة إىل ما قصده الشــارع يف كل حكم جزئي من‬


‫علل ِ‬
‫وحكَم‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪12‬‬

‫وقوله‪ « :‬من أجل حتقيق مصالح العباد »‪ :‬قيد يف التعريف قصد به بيان الواقع؛‬
‫ألن مجيع املعاين التي راعاها الشــارع ما كانت إال ألجل حتقيــق مصالح العباد يف‬
‫الدنيا واآلخرة (((‪.‬‬

‫وباجلملــة فإن املقاصد الرشعية هي مجلة ما أراده الشــارع احلكيم من مصالح‬


‫ترتتب عــى األحكام الرشعية كمصلحة الصوم والتي هي بلوغ التقوى‪ ،‬ومصلحة‬
‫اجلهاد التي هي در العدوان والذب عن األمــة‪ ،‬ومصلحة الزواج والتي هي غض‬
‫البرص وحتصني الفرج وإنجاب الذرية وإعامر الكون‪ .‬وهذه املصالح كثرية ومتنوعة‪،‬‬
‫وهي جتمع يف مصلحة كربى وغاية كلية‪ :‬هي حتقيق عبادة اهلل‪ ،‬وإصالح املخلوقني‬
‫وإسعاده يف الدنيا واآلخرة (((‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أنواع املقاصد‪.‬‬

‫املقاصد الرشعية تتنوع إىل ثالثة أنواع‪:‬‬

‫النوع األول‪ :‬املقاصد العامة‪:‬‬

‫وهى عبارة عن القواعــد العامة التي تراعيها الرشيعة يف كل أحكامها‪ ،‬كجلب‬


‫املصالح ودرء املفاسد‪ ،‬ورفع احلرج والضيق عن املكلفني‪ ،‬وغري ذلك كثري‪.‬‬

‫النوع الثاين‪ :‬املقاصد اخلاصة‪ :‬وهى عبارة عن املقاصد الشــارع املرعية يف باب‬
‫معني‪ ،‬كمقاصد الشارع يف أحكام املعامالت والقضاء وأحكام األرسة‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬مقاصد الرشيعة اإلســامية وعالقتها باألدلة الرشعية‪ ،‬د‪ .‬حممد ســعد بن أمحد بن مسعود‬
‫اليويب ص ‪ - 37‬ط‪ .‬دار اهلجرة للنرش والتوزيع ‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬سنة ‪1418‬هــ ‪1998‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬علم املقاصد الرشعية للخادمي ص ‪.17‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪13‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫النوع الثالث‪ :‬املقاصد اجلزئية‪ :‬وهى عبارة عن املقاصد الشارع املرعية يف حكم‬
‫رشعي من إجياب أو ندب أو حتريــم‪ ،‬أو كراهة‪ ،‬أو إباحة‪ ،‬كمرشوعية عقد النكاح‬
‫مثال مقصودها إقامة األرس وعامرة األرض‪.‬‬

‫وهذا القســم من املقاصــد هو حمل نظــر الفقهاء؛ ألهنم أهــل التخصص يف‬
‫جزئيات الرشيعة ودقائقها‪ ،‬فكثري ًا ما حيددون أو يشــرون إىل هذه املقاصد اجلزئية‬
‫يف استنباطاهتم واجتهاداهتم إال أهنم يعربون عنها بعبارات أخرى كاحلكمة أو العلة‬
‫أو غريها (((‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أقسام املقاصد الرشعية‪.‬‬

‫تنقسم املقاصد الرشعية إىل عدة أقسام‪ ،‬وذلك بحسب عدة اعتبارات‪.‬‬

‫التقسيم األول‪ :‬قوة تأثريها‪.‬‬

‫وهى عىل ثالثة أقسام‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الرضوريات‪ .‬ثانيا‪ :‬احلاجيات‪ .‬ثالثا‪ :‬التحسينيات‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬الرضوريات‪:‬‬

‫عرفها اإلمام الشــاطبي فقال‪ « :‬فمعناها أهنا البد منهــا يف قيام مصالح الدين‬
‫والدنيا بحيث إذا فقدت مل جتر مصالح الدنيا عىل اســتقامة‪ ،‬بل عىل فســاد وهتارج‬
‫وفوت حياة‪ ،‬وىف األخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع باخلرسان املبني» (((‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬املقاصد الرشعية وأثرها يف الفقه اإلسالمي صـ‪ 14‬وما بعدها‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املوافقات‪ ،‬إبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرناطي الشهري بالشاطبي ‪ - 18/2‬ت‪:‬‬
‫أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلامن‪ -‬ط‪ .‬دار ابن عفان‪ -‬ط‪.‬األوىل ‪1417‬هـ‪1997-‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪14‬‬

‫ثانيا‪ ً :‬احلاجيات‪:‬‬

‫عرفها اإلمام الشاطبي بقوله‪ « :‬معناها‪ :‬أهنا مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع‬
‫الضيق املؤدى ىف الغالب إىل احلرج واملشــقة الالحقــة بفوت املطلوب‪ ،‬فإذا مل تراع‬
‫دخل عىل املكلفني عىل اجلملة احلرج واملشــقة ولكنه ال يبلغ مبلغ الفســاد العادي‬
‫املتوقع يف املصالح العامة » (((‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬التحسينيات‪:‬‬

‫عرفهــا الغزايل‪ « :‬مــا ال يرجــع إىل رضورة وال إىل حاجة‪ ،‬ولكــن يقع موقع‬
‫التحسني والتزيني والتيســر للمزايا واملزائد‪ ،‬ورعاية أحســن املناهج يف العادات‬
‫واملعامالت »(((‪.‬‬

‫وعرفهــا اإلمــام الشــاطبي بأهنا‪ « :‬األخــذ بام يليــق من حماســن العادات‪،‬‬


‫وجتنب األحوال املدنســات التى تأنفهــا العقول الراجحات‪ ،‬وجيمع ذلك قســم‬
‫مكارم األخالق »(((‪.‬‬

‫التقسيم الثاين‪ :‬باعتبار القطع والظن‪:‬‬

‫تنقسم املقاصد الرشعية هبذا االعتبار إىل ثالثة أقسام‪:‬‬

‫األول‪ :‬املقاصــد القطعية‪ :‬وهى التي ثبتت بالكثري من النصوص الرشعية حتى‬
‫صارت من املعلوم من الدين بالرضورة‪ ،‬مثاهلا‪ :‬التخفيف ورفع املشقة‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬املوافقات ‪.21/2‬‬


‫((( انظر‪ :‬املســتصفى من علــم أصول الفقه لإلمام أيب حامد حممد بن حممــد حممد الغزايل املعروف‬
‫بحجة اإلسالم ‪ - 175/1‬ت‪ :‬حممد عبد السالم عبد الشايف ‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‬
‫‪ -‬ط‪ .‬األويل ‪-‬سنة ‪1413‬هـ ‪1993‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املوافقات ‪.22/2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪17‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫موجود يف هذه الرشيعة‪ ،‬من ذلك قولــهﷺ‪ « :‬ال رضر وال رضار »(((‪ ،‬فإن الرضر‬
‫هو حماولة اإلنســان إحلاق املفسدة بنفسه أو بغريه‪ ،‬والرضار أن يرتاشق اثنان بام فيه‬
‫مفسده هلام‪ ،‬وهذه قاعدة كربى أغلق هبا رســـول اهلل ﷺ منافذ الرضر والفساد أمام‬
‫املسلمني فلم يبق يف ترشيع اإلسالم إال كل ما فيه صالح دنياهم وآخرهتم (((‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬املقاصد الرضورية وأنواعها‪.‬‬

‫عرفها الشاطبي‪ :‬بأهنا ما البد منها يف قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا نفدت‬
‫مل جتر مصالح الدنيا عىل اســتقامة‪ ،‬بل عىل فساد وهتارج وفوت حياة‪ ،‬وىف األخرى‬
‫فوت النجاة والنعيم والرجوع باخلرسان املبني (((‪.‬‬

‫وعرفها أمري باد شاه بأهنا‪ « :‬ما دعت احلاجة إليها إىل حد الرضورة »(((‪.‬‬

‫وحاصل ذلك أن يقال‪ :‬إن املقاصد الرضورية هي األمور التي إذا اختلت فسد‬
‫أمر الدين وأمر الدنيا‪ ،‬فهي األمور الذي يظن أو يعلم وجودها يف حمل وتظهر حاجة‬
‫اإلنســان إليه إىل حد الرضورة‪ ،‬بحيث لو مل ترشع األفعال والترصفات املؤدية إليه‬
‫ألدى ذلك إىل اختالل نظام احلياة وفوت السعادة لإلنسان يف الدنيا واآلخرة (((‪.‬‬

‫((( هذا احلديث أخرجه مالك ىف املـــوطأ عن عـــمرو بن حييى املازين عن أبيه‪ .‬انظر‪ :‬املوطأ لإلمام‬
‫مالك ‪ /‬ك األقضيــة ‪ /‬ب القضاء يف املرفق ‪ 583/2‬رقــم (‪ - )2758‬املوطأ لإلمام مالك بن‬
‫أنس بن مالك بن عامر األصبحي‪ -‬ت‪ :‬حممد مصطفى األعظمي‪ -‬ط‪ .‬مؤسسة زايد بن سلطان‬
‫آل هنيان لألعامل اخلريية واإلنســانية ‪ -‬أبو ظبي ‪ -‬اإلمارات ‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬ســنة ‪ 1425‬هـ ‪-‬‬
‫‪2004‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املقاصد الرشعية وأثرها يف الفقه اإلسالمي صـ‪.27‬‬
‫((( انظر‪ :‬املوافقات ‪.18/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬التقرير والتحبري أليب عبد اهلل‪ ،‬شمس الدين حممد بن حممد بن حممد املعروف بابن أمري حاج‬
‫‪ - 143/3‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ -‬ط‪ .‬الثانية‪1403 ،‬هـ ‪1983 -‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬التعليل باملصلحة عند األصوليني صـ‪.117‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪18‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬أقسام املقاصد الرضورية‪:‬‬

‫تنقســم املقاصد الرضورية التي هي مقصودة للشــارع قصد ًا أصلي ًا إىل مخسة‬
‫أقسام‪:‬‬

‫حفظ الدين‪ .‬حفظ النفس‪ .‬حفظ العقل‪ .‬حفظ النسل‪ .‬حفظ املال‪.‬‬

‫وقد حرص اإلمام الغزايل‪ ،‬واآلمدي املقاصد الرضورية يف هذه اخلمسة بالرتتيب‬
‫املتقدم ووافقهام اإلمــام الرازي عىل احلرص دون الرتتيب‪ ،‬حيث قدم حفظ النفس‪،‬‬
‫ثم املال‪ ،‬ثم النسل‪ ،‬ثم الدين ثم العقل (((‪.‬‬

‫واحلفــظ للمقاصد الرضورية يكون بأمرين‪ :‬األول‪ :‬مــن ناحية الوجود‪ ،‬وهو‬
‫عبارة عام يقيم أركاهنا‪ ،‬ويثبت قواعدهــا‪ .‬والثاين‪ :‬من ناحية العدم‪ ،‬وهو عبارة عام‬
‫يدرأ عنها االختـالل الواقـع أو املتوقع (((‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫((( انظر‪ :‬املســتصفى ‪ 174/1‬وما بعدها‪ ،‬اإلحكام يف أصول األحكام أليب احلســن ســيف الدين‬
‫عــي بن أيب عيل اآلمدي ‪ -274/3‬ت‪ :‬عبد الرازق عفيفي‪ -‬ط‪ .‬املكتب اإلســامي‪ -‬بريوت‪،‬‬
‫املحصول لإلمام أيب عبد اهلل حممد بن عمر بن احلســن بن احلســن التيمي الرازي امللقب بفخر‬
‫الدين الرازي ‪-160/5‬ت‪ :‬الدكتور طه جابر فياض العلواين‪-‬ط‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ -‬ط‪.‬الثالثة‪-‬‬
‫سنة ‪1418‬هـ‪1997 -‬م‬
‫((( انظر‪ :‬املوافقات ‪.19/2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪19‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫املبحث الثاني‬
‫مقصد حفظ املال يف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫متهيد‪:‬‬

‫إن املســتقرئ لنصوص الرشيعة اإلســامية يدرك بأدنى تأمل أن حفظ املال‬
‫ومحايته وصيانته أحد أولويات الشــارع التي أمر هبا‪ ،‬وهنى عن التعرض له بام يتلفه‬
‫أو يفوته عىل صاحبه بأي ســبيل‪ ،‬وقد تضافرت النصوص عىل ذلك‪ ،‬من ذلك قوله‬
‫‪﴾ WWwWWvWWuWWtWWsWWrWWWWWqWWp‬‬
‫تع��اىل‪﴿ :‬‬
‫[‪ :29‬النســاء]‪ ،‬ومل يكتف الشارع بالنهي عن أكل األموال أو إتالفها‪ ،‬بل جتاوز ذلك‬
‫إىل عقوبة من تســول له املســاس باملال فرشع حد قطع اليد عىل سارقه‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪ :38[ ﴾iWWWhWWgWWf‬املائدة] فأوجب عقوبة رادعة‬ ‫﴿‬
‫عىل من يرسق املال‪ ،‬وذلك بقطع يده والتشــهري به‪ ،‬وأجب الضامن عىل متلفه حتى‬
‫وإن كان صبيا أو جمنونا أو خمطئا‪ .‬وملــا كنا بصدد احلديث عن عالقة أحد األحكام‬
‫الرشيعة وهــو وجوب الزكاة بحفظ مقصــد املال رأيت أن يــدور الكالم يف هذا‬
‫املبحث عن مقصد حفظ املال‪ ،‬وعن الســياج الذي أحاط الشــارع املال به وسوف‬
‫يدور الكالم يف هذا املبحث حول املطالب اآلتية‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف املال يف اللغة واالصطالح‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريفــه لغة‪ :‬املال مفــرد مجعه أموال‪ :‬وهو ّ‬


‫كل ما يملكــه الفر ُد أو متلكه‬
‫اجلامعــ ُة من متاع أو عروض جتارة أو عقار أو نقــود أو حيوان (((‪ .‬فاملال فيها يذكر‬

‫((( انظر‪ :‬معجم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬د‪ .‬أمحد خمتار عبد احلميد عمر ‪ - 2139/3‬ط‪ .‬عامل الكتب‪-‬‬
‫ط‪.‬األوىل‪ -‬سنة ‪ 1429‬هـ ‪ 2008 -‬م‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪21‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫وعرف ‪ -‬أيضــا ‪ :-‬بأنه كل ما يتملكــه الناس من دراهــم أو دنانري أو حنطة‬

‫أو شــعري أو حيــوان أو ثيــاب أو غري ذلــك (((‪ .‬وقيــل‪ :‬املال ما يصــان ويدخر‬

‫لوقت احلاجة(((‪.‬‬

‫وأما املال عند مجهور الفقهاء غري احلنفية‪ :‬فهو كل ما له قيمة يلزم متلفه بضامنه‪.‬‬

‫وهذا املعنى هو املأخوذ به قانونا‪ ،‬فاملال يف القانون وهو كل ذي قيمة مالية‪.‬‬

‫والناظر فيام ســبق يــرى أن احلنفية حرصوا معنى املال يف األشــياء أو األعيان‬

‫املادية أي التي هلا مادة وجرم حمسوس‪ .‬وأما املنافع واحلقوق فليست أمواال عندهم‬

‫وإنــا هي ملك ال مال‪ .‬وغــر احلنفية اعتربوها أمواال؛ ألن املقصود من األشــياء‬

‫منافعها ال ذواهتا‪ ،‬وهذا هو الرأي الصحيح املعمول به يف القانون ويف عرف الناس‬

‫ومعامالهتم‪ ،‬وجيري عليها اإلحراز واحليازة (((‪.‬‬

‫وعرفه الشــاطبي فقال‪ « :‬وأعنى باملال ما يقع عليه امللك ويستبد به املالك عن‬

‫غريه إذا أخذه من جهة ويستوي يف ذلك الطعام والشـراب واللباس عىل اختالفها‪،‬‬

‫وما يؤدى إليهـا من مجيع املتموالت »(((‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬العناية رشح اهلداية ملحمد بن حممد بن حممود‪ ،‬أكمل الدين أبو عبد اهلل ابن الشــيخ شمس‬
‫الدين ابن الشيخ مجال الدين الرومي البابريت ‪ - 208/2‬ط‪ .‬دار الفكر‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬التقرير والتحبري أليب عبد اهلل‪ ،‬شمس الدين حممد بن حممد بن حممد املعروف بابن أمري حاج‬
‫احلنفي ‪ -129/1‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬ط‪ .‬الثانية‪ -‬سنة ‪1403‬هـ ‪1983 -‬م‪.‬‬
‫ــي ‪ -2877/4‬ط‪ .‬دار الفكر‪-‬‬ ‫اإلســامي وأد َّلتُــ ُه‪ :‬أ‪ .‬د‪َ .‬و ْه َبة بن مصطفى ُّ‬
‫الز َح ْي ِّ‬ ‫((( انظر‪ِ :‬‬
‫الف ْق ُه‬
‫ُّ‬
‫دمشق‬
‫((( انظر‪ :‬املوافقات ‪.332/2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪22‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬حث الشارع عىل كسب املال‪.‬‬

‫ملا كان املال عصب احلياة ووقودها والوسيلة إىل تيسري وتسيري أمورها بل ال حياة‬
‫لألفراد واألمم بدونه‪ ،‬فكم من دولة بادت لفقرها وعجزها‪.‬‬

‫وملا كان املال له هذا املوقع اخلطري والتأثري الرهيب يف قيام احلياة جعله الشــارع‬
‫من رضورياته اخلمس التي جيب املحافظة عليها‪.‬‬

‫والنصوص يف القرآن الكريم والســنة املطهرة متضافرة عىل احلث عىل كســبه‬
‫ومجعه من حله‪ ،‬من ذلك قول��ه تعاىل﴿ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟﯠ ﯡﯢ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯩﯪ‬
‫ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﴾‬
‫[‪ :60‬األنفال] ففي هذه اآلية الكريمة أمر اهلل تعاىل املســلمني بإعداد العدة الالزمة‬
‫ملواجهة أعدائهم من رجال وسالح‪ ،‬ومعلوم أنه ال يمكن حتصيل ذلك إال باملال‪،‬فهو‬
‫وسيلة تنفيذ األمر الوارد يف هذه اآلية‪ -‬وقد دل عىل ذلك قوله تعاىل‪﴿ :‬ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ﴾ وال ينفق إال املال‪ -‬والوســائل هلا حكــم الغايات‪ ،‬فيكون حتصيل املال‬
‫وكســبه واجبا؛ ألنه وسيلة إىل حتقيق الواجب‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ :‬وجود املال مقدمة‬
‫لوجود العدة والعتاد الواجب ملواجهة األعــداء‪ ،‬ومقدمة الواجب التي يف مقدور‬
‫املكلف واجبة فيكون حتصيل املال واجبا كالطهارة مقدمة للصالة فتأخذ حكمها(((‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬روضــة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه عىل مذهب اإلمــام أمحد بن حنبل أليب حممد‬
‫موفــق الدين عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة املقديس احلنبيل ‪ -118/1‬ط‪ .‬مؤسســة الر ّيان‬
‫للطباعة والنرش والتوزيع ‪ -‬ط‪ .‬الثانية ‪ -‬سنة ‪1423‬هـ‪2002-‬م‪ ،‬اإلهباج يف رشح املنهاج لتقي‬
‫الدين أبو احلســن عيل بن عبد الكايف بن عيل بن متام بن حامد بن حييي السبكي وولده تاج الدين‬
‫أبو نرص عبد الوهاب‪ -103/1‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪-‬بريوت‪ -‬سنة ‪1416‬هـ ‪1995 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪23‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫وقد أمر الشــارع املكلفني بالســعي يف األرض واالبتغاء من فضله‪ ،‬وذلك بعد‬

‫إمتام الفرائـ�ض‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬


‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﴾ [‪ :10‬اجلمعة]‪.‬‬

‫واملــراد باالنتشــار واالبتغــاء هنــا الكســب‪ ،‬وقد محــل اإلمــام حممد بن‬

‫احلسـ�ن األمر يف هـ�ذه اآلية عـلى الوجوب؛ حيث قـ�ال‪ « :‬وقـ�ال تعاىل‪﴿ :‬ﭨ‬
‫ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ﴾ اآليــة يعنــي‪ :‬الكســب‪ ،‬واألمــر حقيقة‬

‫للوجوب »(((‪.‬‬

‫واسـ�تدل كذلك عىل وجوب الكسـ�ب بقوله سبحانه‪﴿ :‬ﮓ ﮔ ﮕ‬


‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾ [‪ :267‬البقــرة] عىل اعتبار أن اإلنفاق واجب‪،‬‬

‫وه��و ال يمكن حتققه إال بالكس��ب؛ حيث ق��ال‪ « :‬وحجتنا يف ذل��ك قوله تعاىل‪:‬‬

‫﴿ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾‪ ،‬واألمــر حقيقة للوجــوب‪ ،‬وال يتصور‬

‫اإلنفاق من املســكوب إال بعد الكســب‪ ،‬وما ال يتوصل إىل إقامة العبادة إال به وال‬

‫يتوصل إىل إقامة الفرض إال به يكون فرضا »(((‪.‬‬

‫والواقـ�ع أن األصوليني خمتلفون يف داللـ�ة قوله تعاىل‪﴿ :‬ﭨ ﭩ ﭪ‬


‫ﭫ ﭬ ﭭ﴾ ما بــن قائل بالوجوب وآخر بالندب وآخر باإلباحة‪ ،‬وذلك‬

‫عىل أساس أن هذه املســألة من باب األمر بعد احلظر فيأيت اخلالف يف رأس املسألة‬

‫((( الكســب أليب عبد اهلل حممد بن احلســن بن فرقد الشــيباين صـــ ‪ - 46‬املحقق‪ :‬د‪ .‬سهيل زكار‬
‫النارش‪ :‬عبد اهلادي حرصوين‪ -‬دمشق‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1400‬هـ‪.‬‬
‫((( الكسب ملحمد بن احلسن الشيباين صـــ ‪.46‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪24‬‬

‫يف أمثلتها(((‪ ،‬لكن أقل ما نحصله من داللتها مجعا بني هذه اآلراء هو أن الســعي يف‬
‫األرض وحتصيل الرزق وكسب املال مطلوب للشارع‪.‬‬

‫ومعلوم أن من املقاصد الرشعية أيض ًا حتصيل ما حيتاج إليه املرء من ّ‬


‫القوة املال ّية‬
‫حض اإلســام عليها‪ ،‬واملبادلة يف الرب‬
‫لتكثري أصول املعاش وتنميتها‪ ،‬ودليل ذلك ّ‬
‫والبح��ر‪ .‬ق��ال تع��اىل‪ ﴿ :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﴾‪ ،‬وقال عز‬
‫وجل‪ ﴿ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﴾ [‪ :14‬النحــل]‪ ،‬وقـ�ال جل وعـلا‪﴿ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﴾ [‪ :66‬اإلرساء] وقولهﷺ‪ ،‬ملن سأله‪ :‬أي‬
‫الكسب أطيب؟‪ .‬قال‪ « :‬عمل الرجل بيده وكل بيع مربور » (((‪ ...‬ومن كالم األئمة‬
‫يف ذلك أن الكسب مباح عىل اإلطالق‪ ،‬بل هو فرض عند احلاجة (((‪.‬‬

‫صي املعتزيل ‪ - 77/1‬املحقق‪:‬‬ ‫((( انظر‪ :‬املعتمد يف أصول الفقه ملحمد بن عيل الطيب أبو احلسني ال َب ْ‬
‫خليل امليس‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪ ،1403‬العدة يف أصول الفقه‬
‫للقايض أيب يعىل حممد بن احلسني بن حممد بن خلف ابن الفراء ‪ -256/1‬ت‪ :‬د‪ .‬أمحد بن عيل بن‬
‫ســر املباركي‪ ،‬ط‪ .‬الثانية ‪ -‬سنة‪1410‬هـ ‪1990 -‬م‪ ،‬رشح تنقيح الفصول أليب العباس شهاب‬
‫الديــن أمحد بن إدريس بن عبــد الرمحن املالكي القرايف صــــ ‪ -140‬املحقق‪ :‬طه عبد الرؤوف‬
‫سعد‪ -‬ط‪ .‬رشكة الطباعة الفنية املتحدة ‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬سنة ‪1393‬هـ ‪1973 -‬م‪ ،‬كشف األرسار‬
‫رشح أصول البزدوي لعبد العزيز بن أمحد بن حممد‪ ،‬عالء الدين البخاري احلنفي ‪ -121/1‬ط‪.‬‬
‫دار الكتاب اإلسالمي‪.‬‬
‫((( أخرجــه أمحد رقم (‪ ،)17256‬وصححه األلباين يف صحيــح اجلامع ‪- 236/1‬رقم (‪.)1033‬‬
‫راجع‪ :‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين‬
‫املحقق‪ :‬شــعيب األرنؤوط ‪ -‬عادل مرشــد‪ ،‬وآخــرون ‪ -‬إرشاف‪ :‬د عبد اهلل بن عبد املحســن‬
‫الرتكي‪ -‬مؤسســة الرســالة‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬ســنة ‪1421‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬صحيح اجلامع الصغري‬
‫وزياداته أليب عبد الرمحن حممد نارص الدين األلباين‪ -‬ط‪ .‬املكتب اإلسالمي‪.‬‬
‫((( مقاصد الرشيعة اإلســامية ملحمد الطاهر بن عاشور التونيس ‪ -441/2‬ت‪ :‬حممد احلبيب ابن‬
‫اخلوجة ‪ -‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬قطر ‪ -‬سنة ‪ 1425‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪25‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫وباجلملة أقول‪ :‬إن مما حث عليه الشارع طلب املال احلالل ليكون ركيزة يف بناء‬
‫املجتمع املسلم ومحايته مما حييق به أخطار عىل املستويني الفردي واملجتمعي (((‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أثر املال يف قيام الدين والدنيا‪.‬‬

‫من املشــاهد املعلوم الذي ال خيفى عىل ذي بــر أو بصرية أن املال قوام الدين‬
‫والدنيا‪ ،‬فال قيام للدين وكذا الدنيا إال به‪ ،‬وسوف أستعرض يف هذا املطلب أثر املال‬
‫يف قيام الدين والدنيا‪ ،‬وذلك من خالل فرعني‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أثر املال يف قيام الدين‪.‬‬

‫ســوف أبني يف هذا الفرع أثر املال يف قيام الدين متكل ًام عن كل ركن من أركان‬
‫اإلسالم عىل حدة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أثره عىل الشهادتني‪.‬‬

‫من املعلوم أن الشــهادتني (ال إله إال اهلل حممد رسول اهلل) مها باب الدخول إىل‬
‫هـ�ذا الدين احلنيف‪ ،‬واألمة مكلفة أمام اهلل أن تبلغها إىل مجيع أنحاء األرض ﴿ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾ [النســاء‪ ،]165 :‬وتبليغ الشــهادتني والدعوة إليهام‬
‫حتتــاج إىل من يبلغها من الدعــاة املخلصني العاملني املؤهلــن لذلك‪ ،‬وفوق ذلك‬
‫جيتاجون إىل املال الذي يبلغهم هذه البالد واألصقاع وبدونه ال يســتطيعون إيصاهلا‬
‫والدعوة إليها‪.‬‬

‫وكذلك يمكن املال األمة من إنشــاء القنوات الفضائيــة للدعوة إىل اهلل ودينه‬

‫((( املقاصد الرشعية وأثرها يف املعامالت املالية‪ ،‬رياض منصور اخلليفي صـــ ‪.22‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪26‬‬

‫ونرش سامحة اإلسالم وتعاليمه والرد عىل احلاقدين الناقمني عىل اهلل ورسوله‪ ،‬فظهر‬
‫هنا أثر املال يف حتقيق أول ما يدخل به املرء يف اإلسالم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أثره يف إقامة الصالة‪.‬‬


‫من املقــرر أن الصالة عامد الدين‪ ،‬وأن اجلامعة فيها واجبة أو ســنة مؤكدة عىل‬
‫اخلــاف فيها عند الفقهاء(((‪ ،‬وصالة اجلمعة التي ال تصح إال يف مجاعة‪ ،‬وعىل ذلك‬
‫فالبد من بناء املساجد التي تقام فيها صالة اجلامعة‪ ،‬وكذلك اجلوامع التي تقام فيها‬
‫صــاة اجلمعة‪ ،‬وكذلك الرضورة داعيةإىل املؤذن الذي يرفع األذان إعالما بدخول‬
‫وقت الصالة واإلمام الذي يــؤم الناس يف الصالة‪ ،‬وكل ذلك حيتاج إىل املال الذي‬
‫ينفق منه عىل ذلك‪ ،‬فإذا مل يوجد املال مل تستطع األمة فعل كل ذلك (((‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أثره يف الزكاة واحلج‪.‬‬


‫الــزكاة حق املال‪ ،‬فإذا مل يوجد املال فال زكاة‪ ،‬وكــذا احلج ال يمكن وجوده يف‬
‫الواقع إال إذا وجد املال الذي يبلغ املسلم إىل بيت اهلل احلرام إلقامة هذه الشعرية (((‪.‬‬

‫وعىل هذا يمكن القول بأن املال هو أســاس قيام الدين‪ ،‬فال يقوم الدين حقيقة‬
‫يف الواقع إال بوجود املال الذي ينفق منه عىل أسباب قيامه (((‪.‬‬

‫((( انظــر‪ :‬درر احلكام رشح غــرر األحكام ملحمد بن فرامرز بن عيل الشــهري بمنالخرسو ص ‪84‬‬
‫‪ -‬ط‪ .‬دار إحيــاء الكتــب العربية‪ ،‬التاج واإلكليل رشح خمترص خليل‪ ،‬حممد بن يوســف بن أيب‬
‫القاســم بن يوســف العبدري الغرناطي‪ ،‬أبو عبد اهلل املواق املالكي ‪ -395/2‬ط‪ .‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ -‬ط‪.‬األوىل‪1416 -‬هـ‪1994-‬م‪ ،‬املغني البن قدامة ‪.130/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬مقاصد الرشيعة اإلســامية يف حفظ مقصد املال‪ ،‬د‪ .‬حممد بن ســعد بن املقرن صــ ‪- 88‬‬
‫رسالة دكتوراه ‪ -‬سنة ‪1420‬هــ‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املرجع السابق صـــ ‪.151‬‬
‫((( انظر‪ :‬مقاصد الرشيعة اإلسالمية وعالقتها باألدلة الرشعية‪ ،‬د‪ .‬حممد سعد بن أمحد مسعود اليويب‬
‫صــ ‪ - 283‬ط‪ .‬دار اهلجرة للنرش والتوزيع ‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬سنة ‪1418‬هــ ‪1998‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪27‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫الفرع الثاين‪ :‬أثر املال يف قيام الدنيا‪.‬‬

‫مما ال خالف فيه بني العقالء أن املال وســيلة تســيري احلياة‪ ،‬وأنه وسيلة إىل قيام‬

‫الدنيا‪ ،‬وأن عدمه سبب رئيس يف هالك النفوس وتقويض احلياة وسوف أستعرض‬

‫ذلك يف عدة نقاط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬تكوين األرس‪:‬‬

‫األرسة هي أصغر مكون للمجتمع‪ ،‬وبتكوينها عن طريق الزواج يتحقق املكون‬

‫األول يف بنــاء املجتمع‪ ،‬وهــو أول ما حيافظ من خالله عــى اجلنس البرشي وقيام‬

‫احلياة‪ ،‬ووســيلة تكوين هذه األرس هو املال الذي به يســتطيع الرجل احلصول عىل‬

‫مسكن مناسب‪ ،‬ودخل مالئم ينفق منه عىل أرسته‪.‬‬

‫والذي ينظر إىل املجتمع من حوله يبرص أن سبب تأخر سن الزواج بني الشباب‬

‫وازدياد العنوســة بشكل خميف راجع إىل أسباب مادية‪ ،‬فظهر بجالء أثر املال البالغ‬

‫يف املحافظة عىل بقاء النوع اإلنساين واستمرار احلياة (((‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬املحافظة عىل الصحة‪:‬‬

‫من املقرر عقال ورشعا أن اإلنســان الســليم الصحيح هو أســاس قيام الدنيا‪،‬‬

‫وهو وقود تقدمها وازدهارها‪ ،‬لذا أمر الشــارع باملحافظــة عىل األبدان‪ ،‬بل جعل‬

‫سالمة األبدان مقدم عىل ســامة األديان‪ ،‬ووسيلة املحافظة عىل األبدان وصحتها‬

‫((( انظر‪ :‬مقاصد الرشيعة اإلسالمية يف حفظ مقصد املال‪ ،‬د‪ .‬حممد بن سعد بن املقرن صــ ‪.188‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪28‬‬

‫هــو الوقاية أوالً من األمراض التي قد تصيب اإلنســان‪ ،‬وبعالجه ثانيا إذا أصيب‬
‫بمرض‪ ،‬وتوفري العالج الالزم لذلك‪ ،‬وقبل ذلك إنشــاء املستشــفيات واجلامعات‬
‫التــي تدرس العلوم الطبيــة لتوفري الكوادر يف هذا املجــال‪ ،‬وكل هذا ال يكون إال‬
‫بتوفــر املخصصات املالية الكافية‪ ،‬فاملال هو أســاس املحافظــة عىل الصحة التي‬
‫هي باألســاس املحرك األول لقيام احلياة‪ ،‬وما َّ‬
‫حــل الفقر بقوم إال حل معه املرض‬
‫واألوبئة التي تبيد اآلالف من البرش بل واملاليني‪ ،‬وما حال كثري من الدول األفريقية‬
‫منا ببعيد (((‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬احلياة الكريمة‪:‬‬

‫تتمثل احلياة الكريمة يف وفر العيش اهلانئ الذي يشــعر فيه املرء بالكفاية وعدم‬
‫العــوز وتوفر اخلدمات الالزمة لراحته وســهولة حياته ويرسها مــن توفر الطاقة‬
‫بكل أشكاهلا‪ ،‬والطرق‪ ،‬وما يســمى بالبنية التحتية‪ ،‬واملتنزهات واحلدائق ووسائل‬
‫الرتفيه األخرى‪ ،‬وال يمكن حتقيق كل هذا إال عن طريق املال الذي أساس وجود ما‬
‫سبق ذكره (((‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬السياج الذي أحاط الشارع املال به‪.‬‬

‫ملا كان املال له أثره الكبري عىل الفرد واملجتمع‪ ،‬وله خطره العظيم يف قيام الدين‬
‫والدنيا أحاطه الشــارع بسياج حديدي حيميه من كل جانب قد يأيت عليه باخللل من‬
‫أي ناحية ســواء أكانت من ناحية وجوده يف الواقع أو من ناحية إهالكه وإتالفه أو‬

‫((( انظر‪ :‬مقاصد الرشيعة يف حفظ الصحة البدنية‪ ،‬د‪ .‬فاطمة عويض احلريب صـــ ‪.8‬‬
‫((( انظر‪ :‬مقاصد الرشيعة اإلسالمية يف حفظ مقصد املال صــ ‪.300‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪29‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫ضياعه كلية أو فوات قيمته‪ ،‬وهو ما يسمى عند األصوليني من ناحية العدم‪ ،‬وسوف‬
‫يدور الكالم يف هذا املطلب يف فرعني‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬محاية املال وحفظه من جانب الوجود‪.‬‬

‫تتمثل األمور الرشعية حلفظ املال من جانب الوجود يف عدة نقاط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬احلث عىل التكســب والعمل وعدم الركون والتكاسل‪ ،‬وقد سبق الكالم‬
‫عن هذا يف مطلب مستقل‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬ترشيع املعامالت عىل اختالف أشــكاهلا مــن بيع وإجارة ومضاربة وغري‬
‫ذلك من املعامالت فهي مرشوعة أساسا لتحقيق حفظ املال من جانب الوجود (((‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬احلث عىل تعلم األحكام الرشعية املتعلقة بالتجارة واملعامالت وذلك قبل‬
‫اخلوض يف غامر املعامــات التجارية‪ ،‬وذلك محاية للامل من أن خيتلط باملحرم‪ ،‬فإن‬
‫من أقــدم عىل العمل يف التجارة دون معرفة أحكامها مــا حيل منها وما ال حيل فإنه‬
‫يقع يف أغلــب الظن يف بعض املعامالت املحرمة يف الرشيعــة‪ ،‬وبذلك يقع يف ماله‬
‫مــا هو حرام‪ ،‬واحلرام إذا اجتمع باحلالل غلبه كام مقرر عند الفقهاء (((‪ ،‬وقد َو ُض َح‬
‫ذلك جليا فيام روى عىل بن أيب طالب ‪ -‬ريض اهلل عنه ‪ -‬أن رجال أتاه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمري‬
‫املؤمنني إين أريد التجارة‪ ،‬فادع يل‪ ،‬فقال له‪ « :‬أو فقهت يف دين اهلل عز وجل؟ » قال‪:‬‬
‫أو يكون بعض ذلك‪ ،‬قال‪ « :‬وحيك الفقه ثم املتجر‪ ،‬إن من باع واشــرى ومل يسأل‬

‫((( انظر‪ :‬املقاصد العامة للرشيعة اإلسالمية صـ ‪ 196‬وما بعدها‪.‬‬


‫((( انظر‪ :‬األشــباه والنظائر لإلمام عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي صـــ ‪ -105‬ط‪.‬‬
‫دار الكتب العلمية ‪ -‬ط‪ .‬األوىل سنة ‪1411‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪30‬‬

‫عن حــال وال حرام ارتطم يف الربا ثم ارتطم »((( فقد أمــر املريد للتجارة واملقبل‬
‫عليهــا أن يتعلم أحكامها‪ ،‬ويعرف قواعد الرشع املقــررة ىف املعامالت وذلك لئال‬
‫يقــع يف صفقة ربام تكون من الربا (((‪ ،‬أو من البيــوع املحرمة‪ ،‬فيقع ىف احلرام‪ ،‬وهو‬
‫ال يدرى‪.‬‬

‫وهذه من أعظم املصالح التي دعا إليها اإلســام‪ ،‬وذلك أن فيها حفظا للدين ؛‬
‫بأن ال يقع املسلم يف يشء حرمه اهلل تعاىل أو رسوله ﷺ‪ ،‬وحفظا للامل ؛ بأن ال خيالطه‬
‫يشء من املحرم (((‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬محاية املال وحفظه مما يعود عليه باهلالك‪.‬‬

‫تتمثل األمور الرشعية حلفظ املال من هذا اجلانب يف عدة نقاط‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬حتريم كنزه؛ ألن كنز املال من األمور التي تعود عىل املال باهلالك املعنوي‪،‬‬
‫فإن املال تقل قيمتـ�ه يوما بعد يوم؛ لذا حرم الشـ�ارع كنز املال فقال‪﴿ :‬ﮂ‬
‫ﮃﮄﮅﮆﮇ ﮈﮉﮊﮋﮌ‬

‫((( انظر‪ :‬مســند اإلمام زيد بن عىل ‪ /‬ك البيوع ‪ /‬ب الفقه قبل التجارة صــ ‪ - .228 ،227‬مســند‬
‫اإلمــام زيد لإلمام زيد بن عىل احلســن بن عىل بــن أبى طالب مجعه‪ :‬عبد العزيز بن إســحاق‬
‫البغدادي ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬ط‪ .‬الثانية ‪ -‬سنة ‪ 1403‬هـ ‪ 1983‬م‪.‬‬
‫((( الربا لغة‪ :‬الزيــادة‪ ،‬من الفعل ربا يربو ربوا‪ ،‬أي‪ :‬نــا وزاد‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪﴿ :‬ﯧ ﯨ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾ [من اآلية ‪ :5‬احلج]‪ ،‬أي‪ :‬زادت وانتفخت‪.‬‬
‫ورشعــا‪ :‬عقد عىل عوض خمصوص غري معلوم التامثل يف معيار الرشع حالة العقد‪ ،‬أو مع تأخري‬
‫أحد البدلني أو أحدمها‪ .‬وقيل‪ :‬إهنا فضل مال خال عن عوض رشط ألحد العاقدين يف معاوضة‬
‫مال بامل‪ .‬انظــر‪ :‬املصباح املنري صـ ‪ ،83‬واملعجم الوســيط ‪ - 326/1‬ط‪ .‬جممع اللغة العربية‪،‬‬
‫وجممع األهنر رشح ملتقى األبحر ‪ -83/2‬ط‪ .‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬واإلقناع يف حل ألفاظ‬
‫أبى شجاع ‪.114/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬اجتهادات اإلمام عىل بن أيب طالب الفقهية دراسة أصولية تطبيقية صــ ‪.299‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪31‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫ﮍﮎﮏﮐ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ‬
‫ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﴾(((؛ كــا‬

‫أن كنز املال يؤدي إىل تعطيل ســر احلياة‪ ،‬كام أنه خيالف املقصد األساس من إنزال‬

‫املال‪ ،‬وقــد جعل الصحابة ‪ -‬ريض اهلل عنهم‪ -‬ادخــار أربعة آالف درهم من باب‬

‫الكنــز املمنوع‪ ،‬وذلك فيام روى عبد الرزاق عن الثوري عن عيل بن أيب طالب قال‪:‬‬

‫« أربعة آالف درهم فام دوهنــا نفقة‪ ،‬وما فوقها كنز »(((‪ ،‬ف َكن ُْز املال كذلك يؤدى إىل‬

‫تعطيل منفعته‪ ،‬وأنه لو كنز كل صاحب مال ماله فكيف يعيش الفقراء؟‪ ،‬خاصة وأن‬

‫احلال أن اهلل يرزق الناس بعضهم من بعض‪ ،‬كام قال رســول اهلل ﷺ‪ « :‬دعوا الناس‬

‫يرزق اهلل بعضهم من بعض »(((‪.‬‬

‫وعىل ذلك حرم الشــارع الكنز وأمر بإخراج املال واســتثامره؛ ألن كنزه إتالف‬

‫ملنفعته وتعطيل هلا‪ ،‬كام أنه يؤدي إىل تآكل املال يوما بعد يوم بإخراج زكاته أو بنقص‬

‫قيمته كذلك (((‪.‬‬

‫((( من اآلية ‪ ،34‬واآلية ‪ :35‬من سورة التوبة‪.‬‬


‫((( انظــر‪ :‬مصنف عبد الرزاق ‪ /‬ك الزكاة ‪ /‬ب كم الكنز وملــن الزكاة ‪ 109 /4‬رقم‪- )7150( :‬‬
‫املصنــف للحافظ الكبري أبى بكر عبد الرزاق بن مهام الصنعاين ومعه كتاب اجلامع لإلمام معمر‬
‫األزدي‪ -‬رواية‪ :‬اإلمام عبد الرزاق الصنعــاين ‪ -‬ت‪ :‬حبيب الرمحن األعظمي ‪ -‬توزيع املكتب‬
‫اإلسالمي ‪ -‬ط‪ .‬الثانية ‪ -‬سنة ‪1403‬هـ ‪1983‬م‬
‫((( هذا جزء من حديث رواه البخاري ومســلم‪ .‬ولفظه عند مســلم‪ :‬قال رســول اهلل ﷺ‪ « :‬ال يبع‬
‫حارض لباد دعوا الناس يرزق اهلل بعضهم من بعض »‪ .‬انظر‪ :‬صحيح البخاري بحاشية السندي‪/‬‬
‫ك البيوع‪ /‬ب ال يبيـع عىل بيـع أخـيه‪ ،16/2 ..‬وصحيح مسـلم برشح النـووي‪ /‬ك البيـع‪ /‬ب‬
‫حتـريم بيع احلارض للبادى‪.165/10‬‬
‫((( انظر‪ :‬اجتهادات اإلمام عىل بن أيب طالب الفقهية دراسة أصولية تطبيقية صــ ‪.303‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪32‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬حرم الشارع الغش‪ ،‬واخلداع يف املعاملة‪ ،‬وحرم أكل أموال الناس بالباطل‪،‬‬
‫ورشع كذلك نظام احلجر عىل السفيه حمافظة عىل املال‪ ،‬وحرم اإلرساف والتبذير‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬أوجب الشــارع عقوبات تكفــل املحافظة عىل املال مــن جانب العدم‪،‬‬
‫وذلك كوجوب قطع يد السارق حد ًا جزاء اعتدائه عىل مال الغري‪ ،‬ووجوب ضامن‬
‫املغصوب عىل الغاصب‪ ،‬ووجـوب ضمـان املتلفات عىل املتلف واملهمل إذا التـزم‬
‫(((‪.‬‬
‫الشخص احلفـظ بعقد أو بحكم الرشع‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫((( انظر‪ :‬التعليل باملصلحة عند األصوليني صـ ‪.126‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪33‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫املبحث الثالث‪:‬‬
‫عالقة الزكاة مبقصد حفظ املال من جهة وجوده‬

‫متهيد‪:‬‬

‫أصبح من املســلامت الرشعية التي ال خيتلف فيها اثنان وال يتناطح فيها عنزان‬
‫ارتبــاط أحكام الرشيعــة بمقاصدها‪ ،‬فاألحكام الرشعيــة يف اجلملة حتقق مقاصد‬
‫الشــارع‪ ،‬ومن مجلة األحكام وجوب الزكاة عىل املكلفني‪ ،‬والناظر بعني بصريته إىل‬
‫الــزكاة الرشعية يرى عالقتها الوثيقة بمقصد حفظ املال‪ ،‬وذلك من ناحية املحافظة‬
‫عــى وجود هذا املال‪ ،‬وذلك من خالل تأثريها يف تنميته وازدياده‪ ،‬وكذلك عالقتها‬
‫بتدويره‪ ،‬ويف هذا املبحث نحاول إلقاء الضوء عىل هذه العالقة ليتجىل للقارئ أمهية‬
‫الزكاة وإخراجها يف املحافظة عىل املال ال أهنا آكلة له كام يعتقد من جيهل هذه الرشيعة‬
‫وأرسارها ومقاصدها‪ ،‬وسوف يدور احلديث يف هذا املبحث يف املطالب اآلتية‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أثر الزكاة يف التنمية املالية‪.‬‬

‫إن املتأمل لرشعية الزكاة يدرك حكمة الشــارع البالغة يف عدم إجياب الزكاة يف‬
‫املال بمجرد دخوله يف ملك صاحبه‪ ،‬بل اشــرط الشارع الستحقاق الزكاة يف هذا‬
‫املال مرور حول كامل عىل دخوله يف ملكه وكأن الشــارع هبذا الترصف يرتك لرب‬
‫املال فرصة الســتثامره والعمل به وتدويره‪ ،‬ويف هذا فائدة مركبة من ثالثة جوانب‪:‬‬
‫جانب يعود عىل رب املال يف استثامر ماله فيكون نفعه العائد عليه منه أكرب‪ ،‬وجانب‬
‫يعــود عىل الفقري؛ ألن املقدار الواجب إخراجه ســيكون أكرب ونفعه أعظم وفائدته‬
‫تعم عددا أكرب من املســتحقني للزكاة‪ ،‬واجلانب الثالــث وهو الذي يعود نفعه عىل‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪34‬‬

‫املجتمع كله حيث تتيح هذه املدة أمام رأس املال فرصة تدويره‪ ،‬وفيه ما ال خيفى من‬
‫النفع عىل املجتمع بأرسه (((‪.‬‬

‫وكذلك‪ :‬فإن الزكاة تعد قاطرة التنمية واالستثامر والدافعة إليه بكل قوة‪ ،‬وتدفع‬
‫رب املال زيادة اســتثامر ماله والعمل يف جماالت متعددة ليحصل عىل ربحية أعىل‪،‬‬
‫وذلك ألن رب املال ســيخرج من ماله مقدار رب العرش زكاة‪ ،‬فالبد أن يسعى إىل‬
‫حتصيل ربح أكرب يغطي هذه النسبة وزيادة حتى ال يتآكل ماله سنة بعد سنة بالزكاة‪،‬‬
‫وعىل هذا تكون الزكاة دافعة إىل تنمية املال‪ ،‬وتنميته أحد أهم وســائل حفظه؛ ألن‬
‫العقل قاض بأن املال النامي يظل يف ازدياد وقوة متواصلة‪ ،‬والعكس صحيح فاملال‬
‫الثابت غري املتنامي عرضة للتآكل والتاليش واهلالك‪ ،‬سواء أكان هالكا حقيقيا بتلفه‬
‫أو رسقته أو معنويا بانخفاض قيمته(((‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬أثر تعجيل الزكاة يف حفظ املال‪.‬‬

‫مــن رشوط وجوب الزكاة حوالن احلول(((‪ ،‬ومعنــى ذلك أن يمر عىل دخول‬
‫املال يف ملك صاحبة عاما كامال قمريا‪ .‬وتعجيل الزكاة هو إخراجها بعد متام نصاهبا‬

‫((( انظر‪ :‬دور الزكاة يف التنمية االقتصادية ‪ -‬ماجستري يف الفقه والترشيع ‪ -‬إعداد‪ :‬ختام عارف حسن‬
‫عاموي ص ‪ -82‬كلية الدراسات العليا‪ -‬جامعة النجاح‪ .‬فلسطني سنة ‪2010‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬الزكاة كأداة من أدوات السياسة املالية وأثرها عىل بعض مؤرشات النشاط‬
‫االقتصادي‪ -‬مقارنة حتليلية للتجربتني اجلزائريــة واملاليزية‪ -‬د‪ .‬عبد القادر خليل‪ -‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري‪ -‬جامعة حييي فارس‪ .‬املدية‪ .‬اجلزائر‪ ،‬وإدريس العبديل كلية‬
‫العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري‪ .‬اجلزائر‪ .‬جامعة عيل لونييس‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬رد املحتار عىل الدر املختار البن عابدين حممد أمني بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي‬
‫احلنفي‪ -267/2‬ط‪ .‬دار الفكر‪-‬بريوت‪ -‬ط‪ .‬الثانية‪ -‬سنة ‪1412‬هـ ‪1992 -‬م‪ ،‬بداية املجتهد‬
‫وهناية املقتصد أليب الوليد حممد بن أمحد بن حممد بن أمحد بن رشــد القرطبي الشــهري بابن رشد‬
‫احلفيد ‪ -32/2‬ط‪ .‬دار احلديث ‪ -‬القاهرة‪ -‬سنة ‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪35‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫قبل مرور احلول(((‪ ،‬ومعلوم أن تعجيــل الزكاة حمل خالف بني العلامء‪ ،‬وقد جرى‬
‫هذا اخلالف بينهم عىل النحو التايل‪:‬‬

‫أوال‪ :‬حترير حمل النزاع‪.‬‬


‫اتفق العلامء عىل أنــه ال جيوز تعجيل الزكاة قبل ملــك النصاب؛ ألنه مل يوجد‬
‫سبب وجوهبا فلم جيز تقديمها كأداء الثمن قبل البيع‪ ،‬والدية قبل القتل‪.‬أما تعجيل‬
‫الزكاة متى وجد سبب وجوب الزكاة فقد وقع فيه النزاع بني الفقهاء‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مذاهب العلامء يف حكم تعجيل الزكاة بعد ملك النصاب‪.‬‬

‫اختلف الفقهاء يف هذه املسألة عىل مذهبني‪:‬‬

‫املذهــب األول‪ :‬وهو جلمهــور الفقهاء احلنفيــة والشــافعية واحلنابلة جيوز‬


‫تقديم الــزكاة عىل احلول‪ ،‬وهو مالــك للنصاب؛ ألنه أدي بعد ســبب الوجوب؛‬
‫وملا روى عيل ريض اهلل عنه أن العباس ريض اهلل عنه ســأل رســول اهلل ﷺ ليعجل‬
‫زكاة مالــه قبل حملها‪ ،‬فرخص لــه يف ذلك(((؛ وألنه حق مال أجــل للرفق‪ ،‬فجاز‬

‫((( انظر‪ :‬الفقه عىل املذاهب األربعة لعبد الرمحن بن حممد عوض اجلزيري ‪ -539/1‬ط‪ .‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان ‪ -‬ط‪ .‬الثانية ‪ -‬سنة ‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫((( روى أمحد والرتمذي عن عيل ريض اهلل عنه أن العباس بن عبد املطلب ســأل رسول اهلل ﷺ عن‬
‫تعجيل صدقته قبل أن حتل‪« ،‬فرخص له يف ذلك »‪ ،‬انظر‪ :‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبد اهلل‬
‫أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أســد الشــيباين ‪ -192/2‬رقم‪ )822( :‬املحقق‪ :‬شــعيب‬
‫األرنؤوط ‪ -‬عادل مرشــد‪ ،‬وآخرون ‪ -‬إرشاف‪ :‬د عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي‪ -‬ط‪ .‬مؤسسة‬
‫الرســالة ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة‪1421‬هـ ‪2001 -‬م‪ ،‬سنن الرتمذي أليب عيسى حممد بن عيسى بن‬
‫ــورة بن موســى بن الضحاك‪ ،‬الرتمذي ‪ 56/2‬رقم‪- )678( :‬ت‪ :‬بشار عواد معروف‪ -‬ط‪.‬‬ ‫َس ْ‬
‫دار الغرب اإلسالمي ‪ -‬بريوت ‪ -‬سنة ‪1998‬م‪ ،‬املستدرك عىل الصحيحني أليب عبد اهلل احلاكم‬
‫حممد بــن عبد اهلل بن حممد بــن محدويه بن نُعيم النيســابوري ‪ - 375/3‬رقم‪ -)5431( :‬ت‪:‬‬
‫مصطفى عبد القــادر عطا‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬ســنة ‪1411‬هـ ‪-‬‬
‫‪1990‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪36‬‬

‫تعجيلــه قبل أجله أو حملــه‪ ،‬كالدين املؤجل ودية اخلطأ‪ ،‬فهي تشــبه احلقوق املالية‬
‫املؤجلة(((‪.‬‬

‫املذهب الثاين‪ :‬وهو للاملكية والظاهرية ال جيوز إخراج الزكاة قبل احلول؛ ألهنا‬
‫عبادة تشبه الصالة‪ ،‬فلم جيز إخراجها قبل الوقت‪ ،‬وألن احلول أحد رشطي الزكاة‪،‬‬
‫فلم جيز تقديم الزكاة عليه كالنصاب(((‪.‬‬

‫والراجــح من وجهة نظري هو مذهب اجلمهــور؛ وذلك ألن إخراج الزكاة يف‬
‫هذه احلالة يعترب تربع ًا من رب املــال؛ إذ قد أخرج الزكاة قبل حلول وقت وجوهبا‬
‫عليــه‪ ،‬كام أن االتفاق قائم عىل أن جواز التعجيل راجــع إىل اختيار وإرادة املكلف‬
‫دون إجبار أو إكراه‪.‬‬

‫ويمكن للدول واملؤسســات اخلريية االستفادة من هذا احلكم حسب الظروف‬


‫السائدة‪ ،‬ويتم عن طريق الرتايض بني اهليئة املرشفة عىل عمليات اجلمع والتحصيل‬

‫((( انظــر‪ :‬املحيط الربهاين يف الفقه النعامين فقه اإلمــام أيب حنيفة أليب املعايل برهان الدين حممود بن‬
‫أمحد بن عبد العزيز بن عمر بن َم َاز َة البخاري احلنفي ‪ -267/2‬ت‪ :‬عبد الكريم سامي اجلندي‪-‬‬
‫ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان ‪-‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1424‬هـ ‪2004 -‬م‪ ،‬احلاوي الكبري‬
‫يف فقه مذهب اإلمام الشافعي أليب احلســن عيل بن حممد بن حممد بن حبيب البرصي البغدادي‬
‫الشهري باملاوردي‪-174/3‬ت‪ :‬الشيخ عيل حممد معوض‪ -‬الشيخ عادل أمحد عبد املوجود‪ -‬ط‪.‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ .‬لبنان‪ -‬ط األوىل‪ -‬سنة ‪1419‬هـ ‪1999-‬م‪ ،‬حاشية الروض املربع‬
‫رشح زاد املســتقنع لعبد الرمحن بن حممد بن قاسم العاصمي احلنبيل‪ -304/3‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة‬
‫‪1397‬هـ‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املدونة لإلمام مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي املدين ‪ -335/1‬ط‪ .‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬ســنة ‪1415‬هـ ‪1994 -‬م‪ ،‬الذخرية أليب العباس شــهاب الدين أمحد بن‬
‫إدريس بن عبد الرمحن املالكي الشهري بالقرايف ‪ -137/3‬ت‪ :‬حممد حجي وسعيد أعراب وحممد‬
‫بو خبزة ‪-‬النارش‪ :‬دار الغرب اإلســامي‪ -‬بريوت ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬ســنة ‪1994‬م‪ ،‬املحىل باآلثار‬
‫أليب حممد عيل بن أمحد بن سعيد بن حزم األندليس القرطبي ‪ -212/4‬ط‪ .‬دار الفكر‪ .‬بريوت‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪37‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫وأصحاب األموال‪ ،‬وهذا التعجيل له أثره الكبري يف السياسة املالية‪ ،‬وخفض معدل‬
‫التضخم وتوفري السيولة املالية التي هلا أثرها يف تسيري حركة األسواق‪ ،‬وبالتايل دورة‬
‫رأس املال كله‪ ،‬مما يعود عىل رؤوس األموال املستثمرة يف األسواق باالنتعاش وهذا‬
‫كله يصب يف مقصود الشارع يف حفظ املال وضامن بقائه‪.‬‬

‫كام أن تعجيل الزكاة قد يلعب دورا هاما يف عالج حالة االنكامش االقتصادي(((؛‬
‫حيث تقوم الدولة باســتعامل األدوات اإلرادية املتعلقــة بالزكاة من أجل التأثري يف‬
‫حركة النشــاط االقتصادي عن طريق اجلمع العيني للزكاة؛ تقوم الدولة بأخذ زكاة‬
‫األموال عينــا كي ال تؤثر عىل الكتلة النقدية‪ ،‬وتقــوم بتوزيعها عىل املحتاجني عىل‬
‫شــكل نقود مما يســاعد عىل توفري الســيولة النقدية يف البلد‪ ،‬ويكون ذلك حسب‬
‫الوضع السائد ودرجة االنكامشية(((‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أثر الزكاة عىل تدوير رأس املال‪:‬‬

‫يعترب الركود االقتصادي من أخطر املشــكالت التي يعاين منها املجتمع‪ ،‬ويرى‬
‫فقهاء االقتصاد اإلســامي أن الزكاة هي احلل‪ ،‬وهلا أثــر واضح يف توزيع الدخل‬
‫والثروة‪ ،‬وحماربة البطالة‪ ،‬كام هلا تأثري دائم نحو احلد من الركود االقتصادي وتشغيل‬
‫رأس املال واستثامره‪.‬‬

‫فالــزكاة تعمل عىل رسعة دوران رأس املال‪ ،‬إذ أهنا تشــجع صاحب املال عىل‬
‫اســتثامر أمواله حتى يتحقق فائض يؤدي منه الزكاة‪ ،‬وبذلك فقد اســتفاد صاحب‬

‫((( انظر‪ :‬الزكاة والركود االقتصادي‪ -‬أمحد عبد الرمحن اجلبري ‪ -‬الرياض االقتصادي‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬الزكاة ودورها يف حتقيق التنمية االقتصادية ص ‪.2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪38‬‬

‫املال من اســتثامره بالربح‪ ،‬وأفاد املجتمع بأداء حق املستحقني بالزكاة‪ ،‬والزكاة تعد‬

‫وســيلة فعالة من وســائل إعادة توزيع الثروة بني أفراد املجتمع عىل أساس عادل‪،‬‬

‫فلطاملا نــادى علامء وفقهاء االقتصــاد برضورة أن يقوم االقتصــاد عىل األخالق‬

‫الفاضلة‪ ،‬فال��زكاة تؤخذ من الغني وتعطى للفقري ك�ما قال تعاىل‪ ﴿ :‬ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾ [‪ :25 ،24‬املعارج]‪.‬‬

‫ومما ال شــك فيه بل إنه من املســلامت االقتصادية أن أهم مــا حيافظ عىل املال‬

‫وقيمته وأمهيته يف املجتمع هو حركته وفاعليته ونشاطه وانتقاله؛ ألنه من املقرر عقال‬

‫أن الســكون هو املوت‪ ،‬وال يزال اليشء موسوما باحلياة ما دام متحركا‪ ،‬فإذا سكن‬

‫فقــد انتهى‪ ،‬وهذه النظرية منطبقة عىل كل يشء يف الدنيا ومنها املال فال يزال حمتفظا‬

‫بقيمته وحيويته وتأثريه مادام متنقال حمققا دورته؛ ألنه حيقق املكاسب يف نفسه وجيني‬

‫األرباح‪ ،‬وملا كانت الزكاة حمققة هلذا اجلانب املهم املؤثر عىل حفظ املال كان لوجوهبا‬

‫عىل املكلف أثرها الكبري يف حفظ املال(((‪.‬‬

‫وهذا كلــه يعود بنا إىل ما تقــرر رشعا من أن مجيع األحــكام الرشعية فائدهتا‬

‫عائدة إىل املكلف يف دينه ودنياه‪ ،‬ومنها الزكاة التي ظاهرها العقوبة هي مكمن اخلري‬

‫والنفع ونفعها يعود أوال عىل املال نفســه وعىل صاحبه ثانيــا‪ ،‬وعىل املجتمع كله‪،‬‬

‫وصدق من قال‪ :‬حيثام رأيت املصلحة فثم رشع اهلل‪ ،‬واملقصود هنا املصالح احلقيقية‬

‫غري املتومهة‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬الزكاة ودورها يف االستثامر والتمويل ص ‪.2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪39‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫قال الشاطبي‪« :‬وهي أن وضع الرشائع إنام هو ملصالح العباد يف العاجل واآلجل‬
‫معا‪ ...‬واملعتمد إنام هو أنا استقرينا من الرشيعة أهنا وضعت ملصالح العباد استقراء‬
‫ال ينازع فيه الرازي وال غريه »(((‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫((( املوافقات إلبراهيم بن موسى بن حممد اللخمي الغرناطي الشهري بالشاطبي ‪ -12 ،9/2‬ت‪ :‬أبو‬
‫عبيدة مشهور بن حسن آل سلامن‪ -‬ط‪ .‬دار ابن عفان ‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬سنة ‪1417‬هـ‪1997 /‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪40‬‬

‫املبحث الرابع‬
‫أثر الزكاة يف حفظ مقصد املال من جهة العدم‬

‫متهيد‪:‬‬

‫الناظر إىل مقصد حفظ املال يدرك كامل الرشيعة اإلســامية‪ ،‬فلم ترع الرشيعة‬
‫جانب ًا دون جانب‪ ،‬ومل حتفظ طرفا عىل حســاب آخر‪ ،‬بل ســارت الرشيعة يف حفظ‬
‫املــال يف جانبي حفظ وجوده واملحافظة عليه من العدم عىل حد ســواء‪ ،‬ووضعت‬
‫الضوابط املحققة للجانبني معا‪ ،‬وجاءت أحكامها للترتجم ذلك يف الواقع لريى من‬
‫له قلب كامل هذه الرشيعة وعدم وجود ثلم فيها‪.‬‬

‫وكام راعت الرشيعة جانب الوجود يف حفظ املال راعته كذلك يف جانب العدم‬
‫فمنعت كل ما يــؤدي إىل هالكه أو إتالفه أو انتقاله من يــد ليد إال بطريق مرشوع‬
‫يثبت فيه رضا مالكه‪ ،‬فحرمت منع زكاته؛ ألنه وســيلة إىل هالكه‪ ،‬وكذلك حرمت‬
‫أكله بغري حق‪ ،‬وحرمت رسقته وغصبه‪ ،‬وأوجبت الضامن عىل من تعدى عليه حتى‬
‫لو كان عىل ســبيل اخلطأ‪ ،‬وهذا حتريز للامل وضامن حلفظه وبقائه‪ ،‬ويف هذا البحث‬
‫سوف أحاول بيان أثر الزكاة الرشعية يف حفظ املال يف هذا اجلانب‪ ،‬وسيدور الكالم‬
‫فيه حول املطالب التالية‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أثر الزكاة يف بركة املال‪:‬‬

‫إن مــن أهم ما حيافظ عىل املال‪ ،‬وجيعله يف مأمن وحــرز من اجلوائح أن تكلؤه‬
‫عني اهلل جل وعال وأن حتفظه عنايته سبحانه وأن حتل الربكة فيه‪ ،‬وكل ذلك ال يكون‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪41‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫إال إذا أدى العبد حق اهلل تعاىل فيه‪ ،‬وقد قام عىل ذلك الكثري من النصوص الرشعية‬
‫الدالة عىل أن الزكاة س��بب للربكة وحفظ للامل ومأم��ن له‪ ،‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬ﮄ‬
‫ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ﴾ [‪ :276‬البقــرة]‪ ،‬وقالﷺ‪ « :‬من تصدق بعدل مترة من‬
‫كســب طيب‪ ،‬وال يقبل اهلل إال الطيب‪ ،‬وإن اهلل يتقبلها بيمينه‪ ،‬ثم يربيها لصاحبه كام‬
‫يريب أحدكم فلوه‪ ،‬حتى تكون مثل اجلبل» (((‪.‬‬

‫فالزكاة حصن حصني للامل فإذا أخرجت الزكاة كان ذلك أمانا له من حمق الرب‬
‫‪-‬جــل وعال ‪ -‬وغضبه؛ ألن غضب اهلل تعاىل هو الســبيل األقــر إىل هالك املال‬
‫وفنائــه‪ ،‬وقد ورد ذلك واضحا يف قوله ﷺ‪َ « :‬ما ت َِل َ‬
‫ــف َم ٌال ِف َب ٍّر َو َل َب ْح ٍر إِ َّل بِ َمنْ ِع‬
‫الصدَ َق ِة »(((‪ ،‬وقـولـه ﷺ‪ « :‬وما‬ ‫َاة‪َ ،‬فحر ُزوا َأموا َلكُم بِ َّ ِ‬
‫الزكَاة َو َد ُاووا َم ْر َضاك ُْم بِ َّ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ ِّ‬
‫الزك ِ‬
‫َّ‬
‫خالطت الــزكاة ماال إال أهلكته »((( وقد فرست خمالطة الــزكاة للامل بمنع الزكاة‪،‬‬
‫فــإذا كان منع الزكاة يؤدي إىل إهالك املال فإن إخــراج الزكاة مؤداه إىل حفظ املال‬
‫واإلبقاء عليه (((‪.‬‬

‫((( رواه البخاري ومسلم‪ .‬صحيح البخاري ‪ 108/2‬رقم (‪ )1410‬وصحيح مسلم ‪ 702/2‬رقم‬
‫(‪.)1014‬‬
‫((( الدعاء لسليامن بن أمحد بن أيوب بن مطري اللخمي الشامي الطرباين صـــ‪ 31‬رقم‪ -)34( :‬ت‪:‬‬
‫مصطفى عبد القادر عطا‪ -‬ط‪.‬دار الكتب العلمية‪ -‬بريوت‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬ســنة ‪1413‬م‪ ،‬سلسلة‬
‫األحاديث الضعيفة واملوضوعة وأثرها الســيئ يف األمــة أليب عبد الرمحن حممد نارص الدين بن‬
‫احلاج نوح بن نجايت بن آدم األشــقودري األلبــاين ‪ 368/13‬رقم‪ )6162( :‬ط‪ .‬دار املعارف‪،‬‬
‫الرياض‪ -‬اململكة العربية السعودية ‪ -‬ط‪.‬األوىل‪ -‬سنة ‪ 1412‬هـ ‪1992 /‬م‪.‬‬
‫س ْو ِجردي اخلراساين البيهقي‬ ‫((( الســنن الكربى أليب بكر أمحد بن احلسني بن عيل بن موســى ُ‬
‫اخل َ ْ‬
‫‪ 268/4‬رقــم‪ -)7666( :‬ت‪ :‬حممد عبد القادر عطا‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنان‪-‬‬
‫ط‪ .‬الثالثة‪ -‬سنة ‪ 1424‬هـ ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫((( رشح السنة ملحيي السنة‪ ،‬أبو حممد احلسني بن مسعود بن حممد بن الفراء البغوي الشافعي ‪482/5‬‬
‫رقم‪ -)1563( :‬ت‪ :‬شعيب األرنؤوط‪ -‬حممد زهري الشاوي‪ -‬ط‪ .‬املكتب اإلسالمي‪ -‬دمشق‪،‬‬
‫الص ِغ ِري أليب إبراهيم =‬ ‫بريوت‪-‬ط‪ .‬الثانية‪ -‬ســنة ‪1403‬هـ ‪1983 -‬م‪ ،‬التَّنوير َشح ا ِ‬
‫جلامــع َّ‬‫ُ ْ ُ َ‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪42‬‬

‫وباجلملة‪ :‬فإن الزكاة هلا أثرها الكبري يف إحالل الربكة يف املال وهي أهم ما يؤدي‬
‫إىل حفظه وحتريزه‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬دور الزكاة يف حماربة االكتناز‪:‬‬

‫إن أعظــم ما يعود عىل املال باإلتــاف هو كنزه وعدم اســتثامره‪ ،‬وإن أهم ما‬
‫حيافظ عليه ويضمن بقاءه كونه متحركا منتقال غري ســاكن‪ ،‬فكلام حترك املال وانتقل‬
‫ودار دورته حقق مكاســب شخصية لصاحبه ومكاســب عامة تعود عىل املجتمع‪،‬‬
‫وملــا كان األمر كذلك وكان حفظ املال أحد مقاصد الشــارع الرضورية اخلمســة‬
‫التي جاءت الترشيعــات للمحافظة عليه من كل ما يعــود عليه باإلتالف كان من‬
‫مجلة األحكام الرشعية يف هذا الشــأن حتريم كنز املــال والوعيد ملن يفعل بالعقوبة‪،‬‬
‫قال تع��اىل‪ ﴿ :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾ [‪ :34‬التوبــة]‪ ،‬ومل يقف الــرع عند هذا احلد من‬
‫التحريم والعقوبة األخروية بل رشع الــزكاة لتأكل مال الكانز عام بعد عام‪ ،‬وعىل‬
‫ذلك فالذي حيب أن حيافظ عىل ماله من اهلالك‪ -‬وهذا حال كل صاحب مال ‪ -‬بادر‬
‫إىل استثامره يف املرشوعات النافعة له وملجتمعه‪ ،‬وهبذا ظهر أن وجوب الزكاة يف املال‬
‫هو أحد وسائل حماربة الكنز وتشجيع االستثامر‪ ،‬وهذا بدوره له أثره الكبري يف تنمية‬
‫املال واملحافظة عليه(((‪.‬‬

‫= حممد بن إسامعيل بن صالح بن حممد احلسني‪ ،‬الكحالين الصنعاين ‪ 389/9‬رقم‪-)7878( :‬‬


‫حممد إبراهيم‪ -‬ط‪ .‬مكتبة دار السالم‪ ،‬الرياض‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬سنة ‪1432‬‬ ‫حممد إســحاق َّ‬‫ت‪ :‬د‪َّ .‬‬
‫هـ ‪2011 -‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬الزكاة ودورها يف حتقيق التنمية االقتصادية دراســة مقارنة بني جتربتي الســودان واجلزائر‬
‫د‪ .‬بودالل عيل صــ‪ -3‬جامعة أيب بكر بلقايد تلمســان‪ ،‬دور الــزكاة يف التنمية االقتصادية ‪،83‬‬
‫إمكانات تطوير الزكاة كآلية إلعادة التوزيع والضامن االجتامعي‪ ،‬د‪ .‬الطيب أمحد شمو صــ ‪-9‬‬
‫كلية الدراسات االقتصادية واالجتامعية‪ .‬جامعة اخلرطوم‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪43‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫وأخريا‪ :‬فالــزكاة هي إعالن حرب عــى االكتناز وحبس األمــوال والركود‬


‫االقتصادي‪ ،‬وتســاهم يف إرســاء العدل يف املجتمع وتقليل الفوارق بني الطبقات‬
‫الغنيــة والفقرية‪ ،‬وهي تعــد من أفضل الطرق التي حتــول املجتمع إىل جمتمع منتج‬
‫اقتصادي ًا‪ ،‬وخال من البطالة والفقر؛ ولذلك فإن الزكاة إذا تم تفعيلها ســوف تكون‬
‫أداة قويــة يف تطهري األموال وتوزيع الثــروات والدخل عىل مجيع طبقات املجتمع‪،‬‬
‫وهذا هو أهم أهداف االقتصاد يف اإلس�لام‪ ،‬لقول اهلل سبحانه وتعاىل‪ ﴿ :‬ﮚ ﮛ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﴾(((‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أثر الزكاة يف عالج التضخم االقتصادي‪:‬‬

‫إن أخطــر ما يواجه األموال وهيددها‪ ،‬بل ويســعى بكل قــوة يف فوات قيمتها‬
‫وتاليش فاعليتها هــو التضخم االقتصادي وكذلك االنكــاش االقتصادي‪ ،‬وقد‬
‫لعبـ�ت الزكاة دورا هاما وبـ�ارزا يف حماربتهام ومعلوم أن التضخـ�م يرجع إىل زيادة‬
‫الطل��ب عن العرض؛ حيث يك��ون تيار النقد املتاح داخ��ل املجتمع أكرب من قيمة‬
‫الســلع املعروضة؛ مما يدفع األســعار للزيادة‪ ،‬كام ترتفع األجور‪ -‬خاصة يف حالة‬
‫التشغيل الكامل (املقصود بالتشغيل الكامل حالة انعدام البطالة) ‪ -‬ويرتفع الدخل‬
‫النقدي دون زيادة يف الناتج املادي‪.‬‬
‫ّ‬

‫ّ‬
‫التضخم االقتصادي‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫وتطبيق فريضة الزكاة له أثره يف كبــح‬
‫ما ييل‪:‬‬

‫((( انظر‪ :‬املقاصد الرشعية وأثرها يف فقه املعامالت املالية ‪ -‬د‪ .‬رياض منصور اخلليفي ص ‪ -36‬جملة‬
‫جامعة امللك عبدالعزيز ‪ -‬االقتصاد اإلسالمي‪ -‬سنة ‪1425‬هــ ‪2004‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪44‬‬

‫‪ -1‬توفري التدفقات النقدية‪ :‬فانتظام انسياب حصيلة الزكاة مع بداية كل َحول‬

‫ري يوفر كميات النقد الالزمة للتداول دون احلاجة إىل جلوء الس��لطات النقد ّية‬
‫قم ّ‬
‫َ‬
‫النقدي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لعمليات اإلصدار‬

‫‪ -2‬تطبيق ترشيع الزكاة يضمن توفري حدّ الكفاية جلميع أفراد املجتمع‪ ،‬ويتمثل‬

‫ذلك يف اش�تراط النصاب يف مال الزكاة‪ ،‬ويتعلق هــذا الرشط باحلاجات األصلية‬

‫‪ -‬دون الكامل ّي��ة ‪ -‬التي حتقق املقاصد الرشعية‪ .‬كــا يتمثل يف توفري كفاية مصارف‬

‫الزكاة دون االرتفاع إىل مستويات االستهالك الكام ّيل‪.‬‬

‫‪ -3‬ال��زكاة العينية حتُ��دُّ من اإلنفاق غري الرضوري للنق��ود‪ :‬كذلك فإن جباية‬

‫وتوزيع زكاة الزروع والثامر وزكاة هبيمة األنعام يف صورهتا العينية يســهم إىل درجة‬

‫جواز‬
‫ُ‬ ‫أيضا‬
‫كبرية يف االحتفاظ للنقود بقيمتها الرشائية دون تدهور‪ ،‬ويسهم يف ذلك ً‬

‫آخ ِذ الزكاة‪.‬‬
‫منفعة ِ‬
‫ِ‬ ‫حتقيق‬
‫ُ‬ ‫إخراج الزكاة عينًا إذا كان يف ذلك‬

‫‪ -4‬توجيه النقود لالستثامر املستمر‪ ،‬فإن فرض الزكاة كنفقة واجبة االستحقاق‬

‫تقديرا يدفع بأصحاب رؤوس األموال إىل االستمرار‬


‫ً‬ ‫عىل رأس املال النامي فع ً‬
‫ال أو‬

‫املقررة‬ ‫يف االس��تثامر‪ ،‬حتى لو كان املعدل احلَدِّ ّي املتو َّقع للربح َّ‬
‫أقل من نسبة الزكاة َّ‬
‫عــى األموال القابلة للنامء (‪ ،)%2.5‬طاملا كان هذا املعدل أكرب من الصفر‪ .‬ويرجع‬

‫ذلك إىل أن االختيار املمكن أمام املس��تثمرين يف هذه احلالة هو بني استثامر أمواهلم‬

‫ونظ��را ألن االكتناز اختيار‬


‫ً‬ ‫أو اكتنازها‪ ،‬وليس االختيار بني اس��تثامرات متعددة؛‬
‫غري مطروح عىل املس��لم‪ ،‬فإنه أفضل للمسلمني أن يس��تمروا يف االستثامر من أالَّ‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪45‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫يسـ�تثمروا عىل اإلطالق؛ ألن ذلك جيعل خسارهتم بسـ�بب الزكاة َّ‬
‫أقل من معدل‬
‫الزكاة اإلمجا ّيل(((‪.‬‬

‫‪ -3‬زي��ادة العرض عرب الدور اإلنامئي للزكاة‪ :‬إن هدف توزيع الزكاة هو حتقيق‬
‫اإلغناء ملصارفها‪ ،‬وال يتحقق ذلك بحصول املستحقني هلا عىل حاجاهتم من السلع‬
‫واخلدمات فحســب‪ ،‬وإنام بتوفــر كفايتهم يف احلال واملســتقبل‪ ،‬عن طريق توفري‬
‫األدوات ورؤوس األموال اإلنتاجية املالئمة ملواهبهم الطبيعية وقدراهتم املكت ََسبة‪،‬‬
‫االستهالكي‪ ،‬وإنام يتجه جزء‬
‫ّ‬ ‫ويعني ذلك عدم اجتاه كل الدخول املوزعة إىل الطلب‬
‫ها ّم منها إىل جماالت استثامرية‪ ،‬وبخاصة يف املدى الطويل‪ ،‬فإذا كان األثر الديناميكي‬
‫للزكاة يف االقتصاد اإلسالمي يؤدي يف املدى القصري إىل زيادة امليل لالستهالك‪ ،‬فإنه‬
‫يؤدي يف املدى الطويل إىل زيادة امليل لالدخار وبالتايل لالستثامر(((‪.‬‬

‫املطلب الرابع‪ :‬أثر اجلمع القيمي للزكاة يف حفظ قيمة املال‪:‬‬

‫يف ظل األوضاع االقتصادية املضطربة مثل حاالت التضخم واالنكامش يمكن‬


‫االســتفادة من الزكاة يف حتقيق االستقرار النقدي‪ ،‬وبالتايل استقرار حركة األسواق‬
‫وضامن حفظ األموال املســتثمرة‪ ،‬ففي حاالت التضخم((( تلعب الزكاة دورا هاما‬

‫((( انظــر‪ :‬الزكاة والتضخــم النقدي‪ ،‬أ‪ .‬د‪ :‬نعمت عبداللطيف مشــهور صـــــ ‪ -3‬املوقع العاملي‬
‫لالقتصاد اإلسالمي ‪http: //www.isegs.com/forum/showthread.php?p=22248‬‬
‫((( انظر‪ :‬الزكاة والتضخم النقدي ص ‪.3‬‬
‫((( التضخم‪ « :‬كل زيادة يف كمية النقد تؤدي إىل زيادة يف املســتوى العام لألسعار »‪ ،‬بمعنى أنه كلام‬
‫أضفنا يف الســوق كميات من النقود كلام ارتفعت األسعار معربة عن حصول ظاهرة التضخم و‬
‫هذا بافرتاض بقاء األشــياء األخرى عىل حاهلا‪ .‬انظر‪ :‬التضخم واالنكامش وآثارمها االقتصادية‬
‫لتشانشــان مونية وســناين أمينة وتوايت نصرية صـــ ‪ ،1‬التضخم االقتصادي حاالت ومفاهيم‬
‫صـــ ‪ -6‬قسم البحوث والدراسات االقتصادية‪ -‬منتدى األعامل الفلسطيني‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪46‬‬

‫يف التخفيــف من آثار التضخم االقتصادي‪ ،‬وجتعل املــال حمتفظا بقيمته عن طريق‬
‫اجلمع والتحصيل‪ ،‬وذلك عن طريق اجلمع النقدي أو القيمي للزكاة‪ ،‬وهذا له أثره‬
‫يف توفري الســيولة املالية التي هلا أثرها يف احلركــة الرشائية‪ ،‬وبذلك يقل الفارق بني‬
‫حجم السلع وحجم الســيولة فيقل التضخم‪ ،‬وهذا يف حالة وجود السلع وتوفرها‬
‫وقلة السيولة املالية‪.‬‬

‫والواقع أن الفقهــاء مل تتفق كلمتهم يف حكم إخــراج القيمة يف الزكاة‪ ،‬وذلك‬


‫عىل‪ ‬مذهبني‪:‬‬

‫املذهــب األول‪ :‬جيوز دفــع القيمة يف الزكاة‪ ،‬وكذا يف العــر واخلراج وزكاة‬
‫الفطرة والنذر والكفارة غري اإلعتاق‪ ،‬وهذا مذهب احلنفية(((‪.‬‬

‫اســتدلوا بام روي‪ :‬أن النبي ﷺ رأى يف إبل الصدقة ناقة كوماء فأنكرها‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ال تأخذوا من حزرات املال‪ ،‬وســأل املصدق عنهــا‪ ،‬فقال‪ :‬أخذهتا ببعريين من إبل‬
‫الصدقة»((( ومعلوم أن النبي ﷺ مل يكن يأذن للمصدقني أن يبيعوا الصدقات‪ ،‬فعلم‬

‫((( انظــر‪ :‬بدائــع الصنائع يف ترتيب الرشائع لعالء الدين‪ ،‬أبو بكر بن مســعود بن أمحد الكاســاين‬
‫احلنفي ‪ -225/2‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬ط‪.‬الثانية‪ -‬ســنة ‪1406‬هـ ‪1986 -‬م‪ ،‬البناية رشح‬
‫اهلداية أليب حممد حممود بن أمحد بن موســى بن أمحد بن حسني الغيتابى احلنفى بدر الدين العينى‬
‫‪ -348/2‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ ،‬لبنان ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1420‬هـ‪2000 -‬م‪.‬‬
‫الصدَ َق ِة نَا َق ًة ك َْو َما َء َف َس َأ َل َعن َْها‪،‬‬
‫از ٍم‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َأ َّن ُه َر َأى ِف إِبِ ِل َّ‬ ‫ب َح ِ‬ ‫س ْب ِن َأ ِ‬ ‫((( رواه البيهقي َع ْن َق ْي ِ‬
‫َت‪ ،‬ويف رشح السنة للبغوي‪َ « :‬و ُر ِو َي َأ َّن النَّبِ َّي َص َّل اهللُ َع َل ْي ِه‬ ‫َف َق َال ا ُْل َصدِّ ُق‪ :‬إِ ِّن َأ َخ ْذ ُ َتا بِإِبِ ٍل َف َسك َ‬
‫َت»‪..‬‬ ‫الصدَ َق ِة نَا َق ًة ك َْو َما َء‪َ ،‬ف َس َأ َل َعن َْها َف َق َال ا ُْل َصدِّ ُق‪ :‬إِ ِّن ْار َ َت ْعت َُها بِإِبِ ٍل‪َ « ،‬ف َسك َ‬
‫َو َس َّل َم َر َأى ِف إِبِ ِل َّ‬
‫الســنن الكربى أليب بكر أمحد بن احلسني بن عيل بن موسى اخلراســاين البيهقي‪ 191/4‬رقم‪:‬‬
‫(‪ -)7375‬ت‪ :‬حممــد عبد القادر عطا‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بــروت‪ -‬لبنان‪ -‬ط‪ .‬الثالثة‪-‬‬
‫ســنة ‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‪ ،‬رشح السنة أليب حممد احلسني بن مسعود بن حممد بن الفراء البغوي‬
‫الشافعي‪-66/6‬ت‪ :‬شعيب األرنؤوط‪-‬حممد زهري الشاويش‪ -‬ط‪ .‬املكتب اإلسالمي‪ -‬دمشق‪،‬‬
‫بريوت‪ -‬ط الثانية‪1403 ،‬هـ‪1983 -‬م‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪47‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫أنه أخذها من أرباب األموال بالقيمة(((‪.‬‬

‫ودليلهم‪ :‬أن الواجب أداء جزء من النصاب من حيث املعنى‪ ،‬وهو املالية‪ ،‬وأداء‬
‫القيمــة مثل أداء اجلزء مــن النصاب من حيث إنه مال‪ ،‬وألن يف ذلك تيســرا عىل‬
‫املزكي‪ ،‬وتوفريا حلرية الفقري يف الترصف باملال بحسب احلاجة‪.‬‬

‫قال بدر الدين العيني‪ « :‬ولنا‪ :‬أن األمر باألداء إىل الفقري »‪ :‬أي األمر بأداء الزكاة‬
‫إىل الفقري‪( :‬إيصــال)‪ :‬أي‪ :‬ألجل اإليصال‪( :‬للرزق املوعــود إليه‪ :‬أي إىل الفقري؛‬
‫لقوله عز وجل‪ ﴿ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ﴾ [‪ :6‬هود]‪.‬‬

‫وملا أمر الغني بأدائها وهو حق اهلل إىل الفقري الذي هي حقه بحكم الوعد علم أن‬
‫املقصــود من األمر بأدائها إيصال لذلك الرزق املوعود وكفاءته للفقري‪ ،‬فكام حيصل‬
‫رزق الفقري وكفاءته بعني الشاة‪ ،‬حيصل بقيمتها بل هي أوىل؛ ألنه يتوصل بعني الشاة‬
‫إىل نوع من الكفاية وهو األكل‪ ،‬وبقيمتها يتوصل إىل أنواع من الكفاية (((‪.‬‬

‫املذهب الثاين وهو للجمهور‪ :‬ال جيزئ إخراج القيمة يف يشء من الزكاة (((‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬التجريد ألمحد بن حممد بن أمحد بن جعفر بن محدان أبو احلسني القدوري احلنفي‪-1243/3‬‬
‫املحقق‪ :‬مركز الدراسات الفقهية واالقتصادية ‪ -‬أ‪ .‬د حممد أمحد رساج‪ .‬أ‪ .‬د عيل مجعة حممد‪ -‬ط‪.‬‬
‫دار السالم ‪ -‬القاهرة‪ -‬ط‪ .‬الثانية‪ -‬سنة ‪1427‬هـ ‪2006 -‬م‪.‬‬
‫((( البناية رشح اهلداية ‪.349/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬مواهب اجلليل يف رشح خمترص خليل لشمس الدين أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن عبد الرمحن‬
‫الرعيني املالكــي ‪ -356/2‬ط‪ .‬دار الفكر‪ -‬ط‪.‬الثالثة‪،‬‬ ‫الطرابليس املغــريب‪ ،‬املعروف باحلطاب ُّ‬
‫ســنة ‪1412‬هـ ‪1992-‬م‪ ،‬البيان يف مذهب اإلمام الشــافعي أليب احلسني حييى بن أيب اخلري بن‬
‫ســامل العمراين اليمني الشــافعي‪ -186/2‬ت‪ :‬قاســم حممد النوري‪ -‬ط‪ .‬دار املنهاج‪ -‬جدة‪-‬‬
‫ط‪.‬األوىل سنة‪1421‬هـ‪2000 -‬م‪ ،‬املغني البن قدامة أليب حممد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن‬
‫حممد بن قدامة اجلامعييل املقديس ثم الدمشــقي احلنبيل الشهري بابن قدامة املقديس ‪ -87/3‬ط‪.‬‬
‫مكتبة القاهرة‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪48‬‬

‫ودليلهــم‪ :‬أن الزكاة قربة هلل تعــاىل‪ ،‬وكل ما كان كذلك‪ ،‬فســبيله أن يتبع فيه‬
‫أمر اهلل تعاىل‪ .‬وقال النبي ﷺ‪ « :‬يف أربعني شاة شاة »(((‪ ،‬وهو وارد بيانا ملجمل قوله‬
‫تعاىل‪ ﴿ :‬ﮝ ﮞ﴾ فتكون الشاة املذكورة هي الزكاة املأمور هبا‪ ،‬واألمر يقتيض‬
‫الوجــوب‪ ،‬وألن خمرج القيمة قــد عدل عن املنصوص‪ ،‬فلم جيزئــه‪ ،‬كام لو أخرج‬
‫الرديء مكان اجليد‪ ،‬وهذا كله يدل عىل أن الزكاة واجبة يف العني(((‪.‬‬

‫قــال الكلــوذاين‪ « :‬وال جيوز أخذ القيــم يف يشء من الزكاة‪ ،‬فإن أخرج شــيئا‬
‫أعــى من املنصوص عليه من جنســه‪ ،‬مثــل أن خيرج عن بنت خمــاض بنت لبون‬
‫جاز ذلك(((‪.‬‬

‫القول الراجــح‪ :‬رجح بعضهم مذهب احلنفية؛ ألن املقصــود من الزكاة إغناء‬
‫الفقري وسد حاجة املحتاج‪ ،‬وهذا يتحقق بأداء القيمة‪ ،‬كام حيصل بأداء جزء من عني‬
‫املــال املزكى‪ ،‬وألن الفقري يرغب اآلن يف القيمة أكثــر من رغبته يف أعيان األموال؛‬
‫وألن إعطاء القيمة أهون عىل الناس وأيرس يف احلساب(((‪.‬‬

‫((( رواه أمحد يف مســنده ‪ 340/4‬رقم‪ )4635( :‬وابن ماجة ‪ 577/1‬رقم‪ ،)1805( :‬وهو حديث‬
‫صحيح‪ .‬انظر‪ :‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد‬
‫الشيباين ‪ 340/4‬رقم‪ -)4635( :‬ت‪ :‬أمحد حممد شاكر‪ -‬ط‪.‬دار احلديث‪-‬القاهرة‪ -‬ط‪.‬األوىل‪-‬‬
‫ســنة ‪1416‬هـ‪1995 -‬م‪ ،‬ســنن ابن ماجه أليب عبد اهلل حممد بن يزيــد القزويني ‪ 25/3‬رقم‪:‬‬
‫وحممد كامل قرة و َعبــد ال ّلطيف حرز اهلل‪-‬‬
‫(‪ -)1807‬ت‪ :‬شــعيب األرنؤوط‪ -‬عادل مرشــد َّ‬
‫ط‪.‬دار الرسالة العاملية‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪143‬هـ ‪2009 -‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬املغني البن قدامة ‪.87/3‬‬
‫((( اهلدايــة عىل مذهب اإلمام أيب عبد اهلل أمحد بن حممد بــن حنبل أليب اخلطاب حمفوظ بن أمحد بن‬
‫الكلوذاين صـــ ‪ -128‬ت‪ :‬عبد اللطيف مهيم‪ -‬ماهر ياسني الفحل‪ -‬ط‪ .‬مؤسسة غراس للنرش‬
‫والتوزيع‪ -‬ط‪.‬األوىل‪ -‬سنة ‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ،‬أ‪ .‬د‪ :‬وهبة الزحييل ‪ -1939/3‬ط‪ .‬دار الفكر‪ .‬سورية‪ .‬دمشق‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪49‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫وهذا ما ذكره ابن تيمية يف قوله‪ « :‬وأما إخراج القيمة للحاجة أو للمصلحة أو‬
‫للعــدل فال بأس به‪ .((( »..‬وعىل ذلــك إن مل تكن هناك مصلحة مرجوة من حتصيل‬
‫القيمة يف الزكاة فال جيوز إخراجها‪.‬‬

‫والناظر فيام سبق يرى أن إخراج القيمة يف الزكاة حمل خالف بني الفقهاء‪ ،‬ومعلوم‬
‫أن حمل اخلالف ال ينكر وإنام ينكر املجمع عليه ((( وذلك عندما يكون اخلالف سائغا‪،‬‬
‫وخالف الفقهاء يف هذه املسألة من هذا النوع‪ ،‬وعليه فيمكن لويل األمر العمل بأحد‬
‫هذين الرأيني عندما تكون احلاجة إليه ملحة‪ ،‬فعند احلاجة إىل الســيولة املالية يمكن‬
‫لــويل األمر تقرير مذهب احلنفية يف هذا الشــأن تقليال للفجوة بني الســيولة املالية‬
‫والسلع املعروضة‪ ،‬وختفيض حدة التضخم والتقليل من انعكاساته السلبية؛ فعندئذ‬
‫تسهم الزكاة بشكل واضح يف سد هذه الفجوة التي هي باألساس سبب للمحافظة‬
‫(((‪.‬‬
‫عىل املال من فقدان قيمته الرشائية‪ ،‬وهو حفظ للامل من جانب الوجود‬

‫وحمــل النظر هنا أن األحــكام الرشعية املتعلقة بالــزكاة وآراء فقهائنا اإلجالء‬
‫فيهــا من املرونة الكافية امللبية ملتطلبات واقــع كل عرص وما يطرأ عليه من تغريات‬
‫اقتصادية‪ ،‬وتطبيق هذه اآلراء عىل الواقع يكون سببا يف ختفيف األعباء عن املجتمع‪،‬‬
‫ووسيلة إىل سهولة التداول وحركة األسواق ورأس املال‪ ،‬وهذا كله يعود عىل حفظ‬
‫املال باإلجياب‪ ،‬إذ يعترب وسيلة من وسائل املحافظة عليه من جهة الوجود‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.25/83‬‬


‫((( انظر‪ :‬األشباه والنظائر جلالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي صــ ‪ -158‬ط‪ .‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ -‬ط‪.‬األوىل‪ -‬سنة ‪1411‬هـ‪1990 -‬م‪ ،‬القواعد الفقهية وتطبيقاهتا يف املذاهب األربعة‪-‬‬
‫د‪ .‬حممد مصطفى الزحييل ‪ - 757/2‬ط‪ .‬دار الفكر‪ .‬دمشــق‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬ســنة ‪1427‬هـ ‪-‬‬
‫‪2006‬م‪.‬‬
‫((( انظر‪ :‬الزكاة ودورها يف حتقيق التنمية االقتصادية ‪ -‬دراسة مقارنة بني جتربتي السودان و اجلزائر‪-‬‬
‫الدكتور‪ :‬بودالل عيل ص ‪.1‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪50‬‬

‫املطلب اخلامس‪ :‬أثر الزكاة يف محاية املال من السطو والرسقة‪:‬‬


‫إن أشد ما هيدد األموال ووجودها هو شيوع الرسقات والسطو والنهب‪ ،‬وهي‬
‫كام قال األصوليون مهددة للامل من جانب العدم‪ ،‬وقد واجه الشارع ذلك بترشيعه‬
‫احلــدود والعقوبات الرادعة ملثل هذه اجلرائم إال أن حكمة الشــارع مل تتوقف فقط‬
‫عنــد ترشيع العقوبــات؛ ألن العقوبات وحدها غري كافية يف هذا الشــأن؛ ألنه إذا‬
‫جاعــت البطون فال عقول تعي وال نفوس تنزجر‪ ،‬مــن أجل ذلك رشع اهلل الزكاة‬
‫لتحقق محاية املال من هذه األشياء‪ ،‬وذلك من جانبني‪:‬‬

‫اجلانــب األول‪ :‬تطهري النفوس‪ ،‬وشــيوع املحبــة والوئام‪ ،‬وزراعة الســكينة‬


‫والطمأنينــة يف نفوس أفراد املجتمع فيأمن املجتمع كلــه وحتافظ فيه عىل األموال‪،‬‬
‫والزكاة هي املحققة لكل هذا‪ ،‬فإذا أخرج الغني زكاة ماله ســلمت نفوس من حوله‬
‫وأزيل منها كل شــائبة من حقد أو حسد له؛ ملا تقرر من أن النفوس جمبولة عىل حب‬
‫من أحســن إليها وبغض من أســاء إليها‪ ،‬والزكاة وإن كانت واجبة إال أهنا نوع من‬
‫اإلحسان‪ ،‬وهي كافية يف إزالة كل ضغينة‪ ،‬وختفيف غوائل النفوس‪ ،‬وأن تلهج قلوب‬
‫الفقراء بالدعاء لألغنياء أن يديــم اهلل تعاىل أمواهلم‪ ،‬وأن يدفع عنهم كل حائجة أو‬
‫هالك‪ ،‬وهذا أهم ما حتفظ به األموال وتصان(((‪.‬‬

‫اجلانب الثاين‪ :‬وقاية املال من الســطو والنهب والرسقــة والنفوس من القتل‪،‬‬


‫وذلك أن األغنياء إذا أخرجوا زكاة أمواهلم مل يبق حمتاج‪ ،‬واكتفى أصحاب احلاجات‬

‫((( انظــر‪ :‬أثر الــزكاة يف حتقيق التكافــل االجتامعــي‪ ،‬د‪ .‬عبدالعزيز بن فوزان الفوزان ‪ -‬شــبكة‬
‫رســالة اإلســام‪ ،‬من آثار الزكاة عىل الفرد واملجتمع‪ ،‬د‪ .‬إسحاق الســعدي ص ‪ ،1‬آثار الزكاة‬
‫االقتصادية خلالد غنيم ‪ -‬موقع مجعية إعامر ‪،http: //eamaar.org/?mod=article&ID=1067‬‬
‫الزكاة وآثارها االقتصادية واالجتامعية‪ ،‬د‪ .‬زكي الدين مسلم حسن‬
‫‪.http: //www.zakat-chamber.gov.sd‬‬ ‫ ‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪51‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫فلم يعد هناك جمال إىل رسقة أو هنب‪ ،‬وذلك أن الرسقة والنهب والســطو إنام تزداد‬

‫عند احلاجة‪ ،‬وقد يصحبها القتل وإزهاق األرواح‪.‬‬

‫وهذان اجلانبان هلام أثرمها البالغ يف حفظ املال عىل مجيع املستويات‪ ،‬عىل املستوى‬

‫اخلاص يف حفظ أموال الناس من التعرض ملحاوالت الســطو والنهب والرسقات‬

‫وغري ذلك‪.‬‬

‫وعىل املســتوى العام فإن ذلك له أثــره البالغ يف هتيئة املنــاخ العام للنمو املايل‬

‫االقتصادي؛ ألن النامء االقتصادي قرين االســتقرار األمني‪ ،‬واالســتقرار األمني‬

‫أصله صفاء نفــوس أفراد جمتمعه‪ ،‬والزكاة هي املحققــة لكل ذلك‪ ،‬فظهر وبجالء‬

‫أمهية الزكاة يف حفظ املال ونموه وازدهاره (((‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫((( انظر‪ :‬فوائد الزكاة عىل الفرد واملجتمع ‪.http: //mawdoo3.com‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪52‬‬

‫احلمــد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات‪ ،‬والصالة والســام عىل أرشف األنبياء‬
‫وسيد املرسلني‪ ،‬وعىل آله وصحابته ومن استن بسنته إىل يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫ففي خامتة هذا البحث أذكر أهم النتائج التي توصلت إليها‪ ،‬وهي ما ييل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أن الرشيعة اإلســامية متتلك أســباب اخللود والبقــاء لصالحيتها لكل‬
‫زمان ومكان واشــتامل أحكامها عىل احللول الناجعة لكل املعضالت واملشاكل بل‬
‫والكوارث التي تطرأ عىل الساحة العاملية من وقت آلخر‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن الشارع احلكيم مل يرشع أحكامه عبثا ‪ -‬تعاىل اهلل عن ذلك‪ ،-‬بل رشعت‬
‫لغايات ومقاصد أرادها من ترشيعاته وأحكامه‪.‬‬

‫ثالثــا‪ :‬أن أحكام الرشيعة كلها حمققة ملصالح املكلفني فقط يف الدنيا ويف اآلخرة‬
‫وال يعود عىل اهلل تعاىل منها يشء‪.‬‬

‫رابعــا‪ :‬أن مقصد حفظ املال هو أحــد املقاصد الرضورية اخلمســة املرعية يف‬
‫الرشيعة اإلسالمية ويف كل ملة‪.‬‬

‫خامســا‪ :‬أن أحكام الرشيعة مرتبطة ارتباطا وثيقا بمقاصدها‪ ،‬وأنه ما من حكم‬
‫إال وهو حمقق ملقصد أو لعدد من املقاصد الرشعية‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬أن الزكاة الرشعية هلا أثرها البني يف املحافظة عىل املال من جانبي الوجود‬
‫والعدم وصيانته من اهلالك وليست عقوبة كام يعتقد بعض ضعيفي النظر‪.‬‬

‫ســابعا‪ :‬أن مقاصد الشــارع وغاياته من أحكامه كثرية ال يقف عىل مجيعها إال‬
‫هو ‪ -‬ســبحانه ‪ -‬أظهر بعضها خللقه‪ ،‬وأخفى بعضهــا يف علمه لتظهر يف كل زمان‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪53‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫ِحك ٌَم توافق تطوره وتقدمه ليتحقق صالحية الرشيعة اإلسالمية لكل زمان ومكان‪.‬‬

‫هذا واهلل أعلم‪ ،‬وآخر دعوانا‪ :‬أن احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصىل اهلل وســلم عىل‬
‫نبينا حممد وعىل آله وصحبه ومن اهتدى هبديه إىل يوم الدين‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬

‫بعد هذه الدراسة يمكن أن نستخلص التوصيات اآلتية‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أن ت ُ‬
‫ُــويل احلكومــات الــزكاة عناية أكــر وتفعيل دورهــا االقتصادي‬
‫واالجتامعي لتعميم نفعها عىل الفرد واملجتمع‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬تطوير مؤسســات مجع الــزكاة يف البالد اإلســامية وإحالل الزكاة حمل‬
‫الرضائب املفروضة عىل أصحاب رؤوس األموال؛ ألن أصحاب األموال خيرجون‬
‫الزكاة بانقياد كامل ألن ذلك دين فــا يتهربون منها بخالف الرضائب التي يتذرع‬
‫أصحاب األموال يف التهرب منها‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬س ّن القوانني املالئمة لضامن حتصيل زكوات األموال ومجعها مجعا صحيح ًا‬
‫وحساهبا بطريقة سليمة‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬نرش أحكام الزكاة ومقاديرها وأنصبتها بني الناس لغياب أغلب أحكامها‬
‫عن العوام واعتقادهم وجوب الزكاة أصناف معينة‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬حتفيز الباحثني عىل مثل هذه الدراسات التي تبني العالقة بني األحكام‬
‫الرشعية ومقاصدها؛ لبيان أرسار هذه الرشيعة وما متيزت به عن غريها من الرشائع‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪54‬‬

‫‪ -‬اإلهبــاج يف رشح املنهاج لتقي الدين أبو احلســن عيل بن عبد الكايف بن عيل بن‬
‫متام بن حامد بن حييي السبكي وولده تاج الدين أبو نرص عبد الوهاب‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪-‬بريوت‪ -‬سنة ‪1416‬هـ ‪1995 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬اإلحكام يف أصول األحكام أليب احلسن سيف الدين عيل بن أيب عيل اآلمدي‪-‬‬
‫ت‪ :‬عبد الرزاق عفيفي ‪ -‬ط‪ .‬املكتب اإلسالمي ‪ -‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬األشــباه والنظائر لإلمام عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪ -‬ط‪.‬‬
‫دار الكتب العلمية ‪ -‬ط‪ .‬األوىل سنة ‪1411‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬اجتهادات اإلمام عىل بن أيب طالب الفقهية دراســة أصولية تطبيقية‪ -‬رســالة‬
‫دكتوراه‪ -‬األزهر‪.‬‬

‫‪ -‬اإلقناع ىف حل ألفاظ أبى شــجاع للخطيب الرشبينى الشــافعي‪ -‬ط‪ .‬املعاهد‬


‫األزهرية‪.‬‬

‫‪ -‬إمكانــات تطوير الزكاة كآلية إلعادة التوزيع والضــان االجتامعي‪ ،‬د‪ .‬الطيب‬
‫أمحد شمو‪ -‬كلية الدراسات االقتصادية واالجتامعية‪ .‬جامعة اخلرطوم‪.‬‬

‫‪ -‬بدائــع الصنائع يف ترتيــب الرشائع لعالء الدين‪ ،‬أيب بكر بن مســعود بن أمحد‬
‫الكاساين احلنفي ‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬ط‪.‬الثانية‪ -‬سنة ‪1406‬هـ ‪1986 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬بدايــة املجتهد وهنايــة املقتصد أليب الوليد حممد بن أمحــد بن حممد بن أمحد بن‬
‫رشد القرطبي الشــهري بابن رشد احلفيد‪ -‬ط‪ .‬دار احلديث ‪ -‬القاهرة‪ -‬سنة ‪1425‬هـ‬
‫‪2004 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪55‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫‪ -‬بحوث يف األدلة املختلف فيها‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬حممد السعيد عبد ربه ‪ -‬ط‪ .‬مطبعة السعادة‬
‫‪ -‬سنة ‪ 1400‬هـ ‪1980 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬البيان يف مذهب اإلمام الشافعي أليب احلسني حييى بن أيب اخلري بن سامل العمراين‬
‫اليمني الشافعي‪ -‬ت‪ :‬قاسم حممد النوري‪ -‬ط‪ .‬دار املنهاج ‪ -‬جدة ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪1421،‬‬
‫هـ‪2000 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬البنايــة رشح اهلداية أليب حممد حممود بن أمحد بن موســى بن أمحد بن حســن‬
‫الغيتانــى احلنفــي ‪ -‬ط‪ .‬دار الكتــب العلمية ‪ -‬بــروت‪ ،‬لبنان ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬ســنة‬
‫‪1420‬هـ‪2000 -‬م‪.‬‬

‫الرزاق احلسيني‪ ،‬أيب‬


‫حممد بن عبد ّ‬
‫ملحمد بن ّ‬
‫‪ -‬تاج العروس من جواهر القاموس ّ‬
‫الفيض‪ ،‬املل ّقب بمرتىض‪َّ ،‬‬
‫الزبيدي ‪ -‬ط‪ .‬دار اهلداية‪.‬‬

‫‪ -‬التاج واإلكليل رشح خمترص خليل حممد بن يوســف بن أيب القاسم بن يوسف‬
‫العبدري الغرناطي املالكي‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ -‬ط‪.‬األوىل‪1416 -‬هـ‪1994-‬م‪.‬‬

‫الص ِغ ِ‬
‫ــر أليب إبراهيم حممد بن إســاعيل بن صالح بن‬ ‫‪ -‬التَّنويــر َشح ا ِ‬
‫جلامع َّ‬
‫ُ ْ ُ َ‬
‫حممد إبراهيم‪ -‬ط‪ .‬مكتبة دار السالم‪،‬‬
‫حممد إسحاق َّ‬
‫حممد احلســني الصنعاين‪ -‬ت‪ :‬د‪َّ .‬‬
‫الرياض‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬سنة ‪ 1432‬هـ ‪2011 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬التقرير والتحبري أليب عبد اهلل‪ ،‬شــمس الدين حممد بن حممد بن حممد املعروف‬
‫بابن أمري حاج ‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ -‬ط‪ .‬الثانية‪1403 ،‬هـ ‪1983 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬التعليل باملصلحة عند األصوليني لألســتاذ الدكتور‪ /‬رمضان عبد الودود عبد‬
‫التواب‪ -‬ط‪ .‬دار اهلدى للطباعة ‪ -‬سنة ‪1407‬هـ ‪1987‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪56‬‬

‫‪ -‬التجريــد ألمحد بن حممد بن أمحــد بن جعفر بن محدان أبو احلســن القدوري‬


‫احلنفي‪ -‬املحقق‪ :‬مركز الدراســات الفقهيــة واالقتصادية ‪ -‬أ‪ .‬د حممد أمحد رساج‪ .‬أ‪.‬‬
‫د عيل مجعة حممد‪ -‬ط‪ .‬دار السالم ‪ -‬القاهرة‪ -‬ط‪ .‬الثانية‪ -‬سنة ‪1427‬هـ ‪2006 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬التضخم االقتصادي حاالت ومفاهيم‪ ،‬قسم البحوث والدراسات االقتصادية‪،‬‬


‫منتدى األعامل الفلسطيني‪.‬‬

‫‪ -‬حاشية الروض املربع رشح زاد املستقنع لعبد الرمحن بن حممد بن قاسم العاصمي‬
‫احلنبيل النجدي‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1397‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬احلاوي الكبري يف فقه مذهب اإلمام الشافعي أليب احلسن عيل بن حممد بن حممد‬
‫بن حبيب البرصي البغدادي الشهري باملاوردي‪ -‬ت‪ :‬الشيخ عيل حممد معوض‪ ،‬الشيخ‬
‫عــادل أمحد عبد املوجود‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ .‬لبنان ‪ -‬ط األوىل‪ -‬ســنة‬
‫‪ 1419‬هـ ‪1999-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬درر احلكام رشح غرر األحكام ملحمد بن فرامرز بن عيل الشهري بمنالخرسو ‪-‬‬
‫ط‪ .‬دار إحياء الكتب العربية‬

‫‪ -‬دســتور العلامء املعروف بجامع العلوم يف اصطالحــات الفنون للقايض عبد‬


‫النبي بن عبد الرســول األمحد نكري‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬لبنان ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪-‬‬
‫سنة ‪1421‬هـ‪2000 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الدعاء لســليامن بن أمحد بن أيوب بن مطري اللخمي الشــامي الطرباين ‪ -‬ت‪:‬‬


‫مصطفى عبد القــادر عطا‪ -‬ط‪ .‬دار الكتــب العلمية ‪ -‬بريوت ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬ســنة‬
‫‪1413‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪57‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫‪ -‬دور الزكاة يف التنمية االقتصادية ‪ -‬ماجســتري يف الفقه والترشيع ‪ -‬إعداد‪ :‬ختام‬


‫عارف حسن عاموي‪ -‬كلية الدراسات العليا‪ -‬جامعة النجاح‪ .‬فلسطني سنة ‪2010‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الذخرية أليب العباس شــهاب الدين أمحد بن إدريس املالكي القرايف‪-‬ت‪ :‬حممد‬
‫حجي وســعيد أعراب وحممد بوخبــزة ‪-‬ط‪ .‬دار الغرب اإلســامي‪ -‬بريوت‪ -‬ط‪.‬‬
‫األوىل‪ -‬سنة ‪1994‬م‪.‬‬

‫‪ -‬روضة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه عىل مذهب اإلمام أمحد بن حنبل أليب‬
‫حممــد موفق الدين عبد اهلل بن أمحد بن حممد بن قدامة املقديس احلنبيل‪ -‬ط‪ .‬مؤسســة‬
‫الر ّيان للطباعة والنرش والتوزيع‪ -‬ط‪ .‬الثانية‪ -‬سنة ‪1423‬هـ‪2002-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬رد املحتار عــى الدر املختار البن عابدين‪ ،‬حممد أمني بــن عمر بن عبد العزيز‬
‫عابدين الدمشــقي احلنفي ‪ -‬ط‪ .‬دار الفكر‪-‬بريوت ‪ -‬ط‪ .‬الثانية‪ -‬ســنة ‪1412‬هـ ‪-‬‬
‫‪1992‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الــزكاة والتضخم النقدي‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬نعمت عبداللطيف مشــهور ‪ -‬املوقع العاملي‬
‫لالقتصاد‪.‬‬

‫‪ -‬الزكاة ودورها يف حتقيق التنمية االقتصادية دراســة مقارنة بني جتربتي السودان‬
‫واجلزائــر‪ ،‬د‪ .‬بودالل عــي‪ .‬جامعة أيب بكر بلقايد تلمســان‪ ،‬دور الــزكاة يف التنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫س ْو ِجردي‬
‫‪ -‬الســنن الكربى أليب بكر أمحد بن احلســن بن عيل بن موســى اخلُ ْ َ‬
‫اخلراســاين البيهقي‪ -‬ت‪ :‬حممد عبد القادر عطا‪ -‬ط‪.‬دار الكتــب العلمية‪ .‬بريوت‪-‬‬
‫لبنان‪ -‬ط‪ .‬الثالثة‪-‬سنة ‪1424‬هـ‪2003 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪58‬‬

‫‪ -‬السنن الكربى أليب بكر أمحد بن احلسني بن عيل بن موسى اخلراساين البيهقي‪-‬‬
‫ت‪ :‬حممد عبد القادر عطا‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنان‪ -‬ط‪ .‬الثالثة‪ -‬ســنة‬
‫‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‬

‫ــورة بن موسى بن الضحاك‪،‬‬


‫‪ -‬ســنن الرتمذي أليب عيسى حممد بن عيسى بن َس ْ‬
‫الرتمذي ‪ -‬ت‪ :‬بشــار عواد معروف‪ -‬ط‪ .‬دار الغرب اإلســامي ‪ -‬بريوت ‪ -‬ســنة‬
‫‪1998‬م‪.‬‬

‫‪-‬ســنن ابن ماجه أليب عبد اهلل حممد بن يزيد القزويني‪-‬ت‪ :‬شــعيب األرنؤوط‪-‬‬
‫وحممد كامل قره ‪ -‬ط‪ .‬دار الرســالة العامليــة‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪1430 ،‬هـ‪-‬‬
‫عادل مرشــد َّ‬
‫‪2009‬م‪.‬‬

‫‪ -‬سلسلة األحاديث الضعيفة واملوضوعة وأثرها السيئ يف األمة أليب عبد الرمحن‬
‫حممد نــارص الدين‪ ،‬بن احلاج نوح بن نجــايت بن آدم‪ ،‬األشــقودري األلباين ط‪ .‬دار‬
‫املعــارف‪ ،‬الريــاض ‪ -‬اململكــة العربية الســعودية ‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬ســنة ‪ 1412‬هـ‬
‫‪1992 /‬م‪.‬‬

‫‪ -‬رشح تنقيح الفصول أليب العباس شهاب الدين أمحد بن إدريس بن عبد الرمحن‬
‫املالكي القــرايف‪ -‬ت‪ :‬طه عبد الرؤوف ســعد‪ -‬ط‪ .‬رشكة الطباعــة الفنية املتحدة‪-‬‬
‫ط‪ .‬األوىل‪-‬سنة ‪1393‬هـ‪1973 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬رشح السنة ملحيي السنة أليب حممد احلسني بن مسعود بن حممد بن الفراء البغوي‬
‫الشــافعي‪-‬ت‪ :‬شــعيب األرنؤوط‪ -‬حممد زهري الشــاوي‪ -‬ط‪ .‬املكتب اإلسالمي‪-‬‬
‫دمشق‪ ،‬بريوت‪ -‬ط‪ .‬الثانية ‪ -‬سنة ‪1403‬هـ ‪1983 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪59‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫‪ -‬صحيح مســـلم برشح النـــووى‪ ،‬صحيح مسلم لإلمام أبى احلسني مسلم بن‬
‫احلجاج القشريى النيسابورى مع رشح اإلمام حميى الدين النووى‪ -‬ط‪ .‬الدار الثقافية‬
‫العربية ‪ -‬بريوت‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪ 1992‬م‪.‬‬

‫‪ -‬صحيح اإلمام البخارى ألبى عبد اهلل حممد بن إسامعيل البخاري‪ ،‬وعليه حاشية‬
‫السندى‪ -‬ط‪ .‬دار إحياء الكتب العربية ودار املنار‪.‬‬

‫‪ -‬صحيح اجلامع الصغري وزياداته أليب عبــد الرمحن حممد نارص الدين األلباين‪-‬‬
‫ط‪ .‬املكتب اإلسالمي‪.‬‬

‫‪ -‬العــدة يف أصول الفقه للقــايض أيب يعىل حممد بن احلســن بن حممد بن خلف‬
‫ابن الفراء ‪ -‬ت‪ :‬د‪ .‬أمحد بن عيل بن ســر املباركي‪ ،‬األســتاذ املشارك يف كلية الرشيعة‬
‫بالرياض‪-‬ط‪ .‬الثانية‪ -‬سنة‪1410‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬علم املقاصــد الرشعية لنور الدين بن خمتار اخلادمي‪ -‬ط‪ .‬مكتبة العبيكان‪ -‬ط‪.‬‬
‫األوىل ‪1421‬هـ‪2001 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬العنايــة رشح اهلدايــة ملحمد بن حممد بن حممود‪ ،‬أكمــل الدين أيب عبد اهلل ابن‬
‫الشيخ شمس الدين ابن الشيخ مجال الدين الرومي البابريت ‪ -‬ط‪ .‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ -‬الفقــه عىل املذاهب األربعــة لعبد الرمحن بن حممد عــوض اجلزيري‪ -‬ط‪ .‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان ‪ -‬ط‪ .‬الثانية ‪ -‬سنة ‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫ِ‬
‫ــي‪ ،‬ط‪ .‬دار الفكر‪،‬‬ ‫اإلســامي وأد َّلتُــ ُه‪ ،‬أ‪.‬د‪َ .‬و ْه َبة بــن مصطفى ُّ‬ ‫‪ِ -‬‬
‫الف ْق ُه‬
‫الز َح ْي ّ‬ ‫ُّ‬
‫سور َّية‪ ،‬دمشق‪.‬‬

‫‪ -‬القاموس الفقهي لغة واصطالحا‪ ،‬الدكتور سعدي أبو حبيب‪ -‬ط‪ .‬دار الفكر‪.‬‬
‫دمشق ‪ -‬سورية ‪ -‬ط‪ .‬الثانية ‪ 1408‬هـ ‪1988 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪60‬‬

‫‪ -‬القواعد الفقهيــة وتطبيقاهتا يف املذاهب األربعــة‪ -‬د‪ .‬حممد مصطفى الزحييل‬


‫‪ - 757/2‬ط‪ .‬دار الفكر‪ .‬دمشق ‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬سنة ‪ 1427‬هـ ‪ 2006 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الكسب أليب عبد اهلل حممد بن احلسن بن فرقد الشيباين ‪ -‬املحقق‪ :‬د‪ .‬سهيل زكار‬
‫النارش‪ :‬عبد اهلادي حرصوين‪ -‬دمشق‪.‬‬

‫‪-‬كشف األرسار رشح أصول البزدوي لعبد العزيز بن أمحد بن حممد‪ ،‬عالء الدين‬
‫البخاري احلنفي ‪ -‬ط‪ .‬دار الكتاب اإلسالمي‪ .‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1400‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬لســان العرب جلامل الديــن أيب الفضل حممــد بن مكرم بن عــى ابن منظور‬
‫األنصاري‪ ،‬ط‪ .‬دار صادر‪ -‬بريوت‪ -‬ط‪ .‬الثالثة‪1414 -‬هـ‪.‬‬

‫‪-‬موســوعة كشاف اصطالحات الفنون والعلوم ملحمد بن عيل ابن القايض حممد‬
‫حممد صابر الفاروقــي احلنفي التهانوي‪-‬تقديم‪ :‬د‪.‬رفيق العجم‪-‬ت‪ :‬د‪.‬عيل‬
‫حامد بن ّ‬
‫دحروج‪-‬ط‪ .‬مكتبة لبنان نارشون‪ -‬بريوت‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪1996 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مواهب اجلليل يف رشح خمترص خليل لشمس الدين أبو عبد اهلل حممد بن حممد بن‬
‫الرعيني املالكي ‪ -‬ط‪ .‬دار الفكر ‪-‬‬
‫عبــد الرمحن الطرابليس املغريب‪ ،‬املعروف باحلطاب ُّ‬
‫ط‪.‬الثالثة سنة ‪1412‬هـ ‪1992 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مقاصد الرشيعة يف حفظ الصحة البدنية‪ ،‬د‪ .‬فاطمة عويض احلريب‪.‬‬

‫‪ -‬مقاصد الرشيعة عند ابن تيمية‪ ،‬تأليف‪ :‬د‪ .‬يوسف حممد أمحد البدوى ‪ -‬ط‪ .‬دار‬
‫النفائس للنرش والتوزيع‪.‬‬

‫‪ -‬مقاصد الرشيعة اإلســامية ملحمد الطاهر بن حممد بن حممد الطاهر بن عاشور‬


‫التونيس‪ -‬ت‪ :‬حممد احلبيب ابن اخلوجة ‪ -‬ط‪ .‬وزارة األوقاف والشــؤون اإلسالمية‪،‬‬
‫قطر‪ -‬سنة ‪ 1425‬هـ ‪ 2004 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪61‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫‪ -‬مقاصد الرشيعة اإلســامية لفضيلة العالمة اإلمام‪ :‬حممد الطاهر بن عاشور‪-‬‬


‫ط‪ .‬دار ســحنون للنرش والتوزيع ‪ -‬ط‪ .‬دار السالم للطباعة والنرش ‪ -‬سنة ‪ 1427‬هـ‬
‫‪ 2006‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مقاصد الرشيعة اإلســامية يف حفظ مقصد املال‪ ،‬د‪.‬حممد بن سعد بن املقرن‪-‬‬


‫دكتوراه‪-‬سنة ‪1420‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬معجم لغة الفقهاء ملحمد رواس قلعجــي‪ -‬حامد صادق قنيبي‪ -‬دار النفائس‬
‫للطباعة والنرش والتوزيع ‪ -‬ط الثانية‪ 1408 ،‬هـ ‪1988 -‬م‬

‫‪ -‬معجــم اللغة العربية املعارصة‪ ،‬د‪ .‬أمحد خمتار عبد احلميد عمر‪ -‬ط‪ .‬عامل الكتب‬
‫‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪ 1429‬هـ ‪ 2008 -‬م‬

‫‪ -‬مســند اإلمام زيد لإلمام زيد بن عىل احلسني بن عىل بن أبى طالب ‪ -‬ريض اهلل‬
‫عنه ‪ -‬مجعه‪ :‬عبد العزيز بن إســحاق البغدادي ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬ط‪ .‬الثانية ‪-‬‬
‫سنة ‪ 1403‬هـ ‪ 1983‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مســند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبــد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن‬
‫أســد الشــيباين‪ -‬ت‪ :‬شــعيب األرنؤوط ‪ -‬عادل مرشــد‪ ،‬وآخرون ‪ -‬إرشاف‪ :‬د‪.‬‬
‫عبد اهلل بن عبد املحســن الرتكي‪ -‬ط‪.‬مؤسسة الرسالة‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1421‬هـ ‪-‬‬
‫‪2001‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد‬
‫الشيباين‪-‬ت‪ :‬أمحد شــاكر‪ -‬ط‪.‬دار احلديث‪ -‬القاهرة‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1416‬هـ‪-‬‬
‫‪1995‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪62‬‬

‫‪ -‬جممع األهنر رشح ملتقى األبحر ‪ -‬ط‪ .‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬‬

‫‪ -‬املوطأ لإلمام مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي ‪ -‬ت‪ :‬حممد مصطفى‬
‫األعظمي‪ -‬ط‪ .‬مؤسســة زايد بن ســلطان آل هنيان لألعامل اخلريية واإلنسانية ‪ -‬أبو‬
‫ظبي ‪ -‬اإلمارات‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪ 1425‬هـ ‪ 2004 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬املوافقات‪ ،‬إبراهيم بن موســى بن حممد اللخمي الغرناطي الشهري بالشاطبي‪-‬‬


‫ت‪ :‬أبو عبيدة مشــهور بن حسن آل سلامن‪ -‬ط‪ .‬دار ابن عفان‪ -‬ط‪.‬األوىل ‪1417‬هـ‪-‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬

‫‪ -‬املقاصــد العامة للرشيعة اإلســامية ‪ -‬تأليف ابن زغيبة عــز الدين‪ -‬ط‪ .‬دار‬
‫الصفوة للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬سنة ‪ 1417‬هـ ‪1996‬م‪.‬‬

‫‪ -‬املقاصد الرشعية وأثرها يف املعامالت املالية‪ -‬رياض منصور اخلليفي‪.‬‬

‫‪ -‬املقاصد الرشعية وأثرها يف أصول الفقه‪ ،‬لألســتاذ الدكتور‪ :‬حممد عبد العاطي‬
‫حممد عىل‪ -‬ط‪ .‬دار احلديث سنة ‪ 1428‬هـ ‪ 2007‬م‪.‬‬

‫‪ -‬املغنــي البن قدامة أليب حممد موفق الدين عبد اهلل بــن أمحد بن حممد بن قدامة‬
‫اجلامعييل املقديس ثم الدمشقي احلنبيل‪ ،‬الشهري بابن قدامة املقديس ‪ -‬ط‪ .‬مكتبة القاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬املعجم الوسيط ‪ -‬ط‪ .‬جممع اللغة العربية‪.‬‬

‫‪ -‬املعتمــد يف أصول الفقه ملحمد بن عيل الطيب أيب احلســن ال َب ْصي املعتزيل ‪-‬‬
‫املحقق‪ :‬خليل امليس‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1403‬هــ‪.‬‬

‫‪ -‬املصنف للحافظ الكبري أبــى بكر عبد الرزاق بن مهام الصنعانى‪ ،‬حتقيق حبيب‬
‫الرمحن األعظمى‪ -‬توزيع املكتب اإلسالمى‪ -‬ط‪ .‬الثانية ‪ -‬سنة ‪1403‬هـ ‪1983‬م‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪63‬‬ ‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬

‫‪ -‬املصباح املنري ألمحد بن حممد بن عىل الفيومى املقرئ ‪ -‬ط‪ .‬مكتبة لبنان ‪ -‬ســنة‬
‫‪ 1987‬م‪.‬‬

‫‪ -‬املســتصفى من علم أصول الفقه لإلمــام أيب حامد حممد بن حممد حممد الغزايل‬
‫املعروف بحجة اإلسالم‪ -‬ت‪ :‬حممد عبد السالم عبد الشايف ‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ -‬بريوت ‪ -‬ط‪ .‬األويل ‪-‬سنة ‪1413‬هـ ‪1993‬م‪.‬‬

‫‪ -‬املســتدرك عىل الصحيحني أليب عبد اهلل احلاكم حممد بــن عبد اهلل بن حممد بن‬
‫محدويه بن نُعيم النيســابوري‪ -‬ت‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا ‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ -‬بريوت ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1411‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬املدونة لإلمام مالك بن أنس بن مالك بن عامر األصبحي املدين‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1415‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬املحيط الربهاين يف الفقه النعــاين فقه اإلمام أيب حنيفة أليب املعايل برهان الدين‬
‫حممود بن أمحد بن عبــد العزيز بن عمر بن َم َاز َة البخــاري احلنفي‪ -‬ت‪ :‬عبد الكريم‬
‫ســامي اجلندي‪ -‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنان ‪-‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1424‬هـ‬
‫‪2004 -‬م‬

‫‪ -‬املحىل باآلثار أليب حممد عيل بن أمحد بن سعيد بن حزم األندليس القرطبي‪ -‬ط‪.‬‬
‫دار الفكر‪ .‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬املحصول لإلمام أيب عبد اهلل حممد بن عمر بن احلسن بن احلسني التيمي الرازي‬
‫فخر الدين الرازي‪ -‬ت‪ :‬الدكتور طه جابر فياض العلواين‪ -‬ط‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ -‬ط‪.‬‬
‫الثالثة‪ -‬سنة ‪1418‬هـ‪1997 -‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫أثر شرعة الزكاة يف مقصد حفظ املال‬ ‫‪64‬‬

‫‪ -‬املبسوط ملحمد بن أمحد بن أيب سهل شمس األئمة الرسخيس‪ -‬ط‪.‬دار املعرفة‪-‬‬
‫بريوت‪-‬سنة ‪1414‬هـ‪1993 -‬م‬

‫‪ -‬مقاصد الرشيعة اإلســامية وعالقتها باألدلة الرشعية‪ ،‬د‪ .‬حممد سعد بن أمحد‬
‫مسعود اليويب‪ -‬ط‪ .‬دار اهلجرة للنرش والتوزيع ‪ -‬ط‪ .‬األوىل ‪ -‬سنة ‪1418‬هــ ‪1998‬م‪.‬‬

‫‪ -‬املقاصد الرشعية وأثرهــا يف فقه املعامالت املالية‪ ،‬د‪ .‬رياض منصور اخلليفي ‪-‬‬
‫جملة جامعة امللك عبدا لعزيز ‪ -‬االقتصاد اإلسالمي‪ -‬سنة ‪1425‬هــ ‪2004‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مســند اإلمام أمحد بن حنبل أليب عبــد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن‬
‫أســد الشــيباين ‪ -‬املحقق‪ :‬شعيب األرنؤوط ‪ -‬عادل مرشــد‪ ،‬وآخرون ‪ -‬إرشاف‪ :‬د‬
‫عبد اهلل بن عبد املحســن الرتكي‪ -‬ط‪ .‬مؤسسة الرســالة ‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة‪1421‬هـ‬
‫‪2001 -‬م‪.‬‬

‫‪ -‬اهلداية عىل مذهب أليب عبد اهلل أمحد بن حممد بن حنبل أليب اخلطاب حمفوظ بن‬
‫أمحد بن الكلوذاين‪ -‬ت‪ :‬عبد اللطيف مهيم‪ -‬ماهر ياسني الفحل‪ -‬ط‪ .‬مؤسسة غراس‬
‫للنرش والتوزيع‪ -‬ط‪ .‬األوىل‪ -‬سنة ‪1425‬هـ ‪2004 -‬م‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬

You might also like