You are on page 1of 24

‫التمويل االجتماعي اإلسالمي‪:‬‬

‫الواقع وآفاق املستقبل‬

‫ث‬ ‫ا‬ ‫ق‬


‫ا لإ� ط�ا را �ل��م�����ا �ص�د �ي� �ل�ل ����س����م�ا ر‬
‫ا �ل� م��س�ؤ ا �ت��� م�ا �ع���ا ا �ل ��س�ا ط��ة ا �ل� م�ا ��ل���ة‬
‫� ي‬ ‫� ول جق ئ� ة ي و قو‬
‫ا �ل�����ا ���م�� ع��لى ا �ل����ي����م‬
‫�أ‬
‫‪.‬د‪ .‬ي�و�ن�� �صوا ل�ح�‬
‫ي�‬ ‫س‬

‫الراعي الرسمي‬ ‫اجلهة املنظمة‬ ‫الشريك املصرفي الرسمي‬

‫الراعي الشريك‬ ‫الشريك اإلعالمي‬ ‫اجلهة الداعمة‬ ‫الشريك املعرفة‬


‫اإلطار املقاصدي لالسثمار املسؤول اجتماعيا والوساطة املالية القائمة على القيم‬

‫أ‪.‬د‪ .‬يونس صواحلي‬

‫األكادميية العاملية للبحوث الشرعية يف املالية اإلسالمية (إسرا)‬

‫ورقة مقدمة إىل مؤمتر علماء الشريعة‬

‫‪ 1‬و‪ 2‬أكتوبر ‪2018‬‬

‫كواالملبور‪ ،‬ماليزاي‬

‫املقدمة‬

‫يهدف البحث إىل حتديد ومناقشة أهم املقاصد الشرعية اليت يتوجب على اجلهات التشريعية واإلشرافية والرقابية مراعاهتا‬
‫يف وضع أو استكمال اإلطار التشريعي للمالية اإلسالمية‪ .‬ويستهدف البحث جمايل االسثمار املسؤول اجتماعيا‬
‫‪SRI‬والوساطة املالية القائمة على القيم‪ . VBI‬وإذ حيرص البحث على أمهية مراعاة املقاصد يف املالية اإسالمية‪ ،‬إال أن‬
‫اإلشكالية تبقى يف حتديد نوع املقاصد اليت تضطلع هبا كل جهة منخرطة يف الصناعة املالية اإلسالمية‪ .‬فهناك مقاصد‬
‫تضطلع هبا اجلهات التشريعية ‪ ،‬وهناك مقاصد ختتص املؤسسات املالية اإلسالمية بتحقيقها‪ ،‬وهناك مقاصد املكلف‬
‫اليت جيب مراعاهتا لتحديد الطلب يف مقابل العرض‪ .‬ولسعة املوضوع‪ ،‬اقتصر الباحث على املقاصد اليت يتوجب على‬
‫اجلهات اإلشرافية والتشريعية والرقابية مراعاهتا يف القوانني‪ ،‬والتشريعات اليت تضبط املاليىة اإلسالمية‪ .‬وخصصنا اجلزء‬
‫األخري من البحث لدراسة موضوع الوساطة الوقفية كنموذج للوساطة املالية القائمة على القيم واليت تضبطها بعض‬
‫املقاصد اليت اعتربها الباحث إطارا مقاصداي هلذا النوع من النشاط املايل‪ .‬وقد اتبع الباحث املنهج الوصفي والتحليلي‬
‫يف مناقشة املوضوع‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم االسثمار املسؤول اجتماعيا والوساطة املالية القائمة على القيم‬

‫أ‪ .‬االسثمار املسؤول اجتماعيا‬


‫هو أي استثمار يهدف إىل الربح واعتبار اجلوانب االجتماعية والبيئية إلحداث تغيري إجيايب‪ .‬فهو يشجع على‬
‫االسثمارات اليت حتافظ على البيئة‪ ،‬وحتمي املستهلك‪ ،‬وحتافظ على حقوق اإلنسان‪ .‬ومبوجب أهداف هذا‬
‫النوع من االستثمار‪ ،‬ميتنع كثري من أرابب األموال عن االستثمار يف الكحول‪ ،‬والتبغ‪ ،‬واألكل السريع‪ ،‬والقمار‪،‬‬
‫وصناعة األفالم اإلابحية‪ ،‬واألسلحة‪ ،‬ووسائل اإلجهاض وغريها‪ .‬ويضبط هذا االستثمار بطرق عديدة من‬
‫بينها قيام احلكومة مبنع بعض الصناديق االجتماعية كصندوق املعاشات من االستثمار يف اجملاالت غري املسؤولة‬
‫اجتماعيا‪.‬‬
‫ويف االستثمارات احلديثة‪ ،‬هناك اسرتاتيجيات عديدة لتحفيز االسثمارات املسؤولة اجتماعيا‪ ،‬فقد توجهت‬
‫بعض املؤسسات االجتماعية إىل اقناع أرابب األموال لتمويل الفئات احملرومة من االستفادة من متويالت البنوك‬
‫التجارية بسبب ضعف اجلدراة االئتمانية هلذه الفئات‪ .‬وساعد هذا النوع من التمويل هذه الفئات على تلبية‬
‫حاجيتها الصحية‪ ،‬والتعليميةـ والعقارية‪ ،‬والتجارية‪ .‬وعليه فاالستثمار املسؤول اجتماعيا يهدف إىل إحداث‬
‫أتثري اجتماعي واقتصادي يف قطاعات حيوية مثل متكني الفئات احملرومة من التمويل‪ ،‬وتوفري الضماانت املالية‬
‫هلا‪ ،‬وتطوير الطاقة اخلضراء الصديقة للبيئة‪ ،‬وغريها‪ .‬والشريعة اإلسالمية جاءت مبنظونة متكاملة من األحكام‬
‫واملبادئ واملقاصد لتحقيق أهداف االسثمار املسؤول اجتماعيا كما يعرف ويطبق حديثا‪ .‬وعليه فهناك توافق‬
‫كبري بني مقاصد الشريعة يف املال‪ ،‬وأهداف التمويل املسؤول اجتماعيا‪ .‬وقد تضمنت أهداف التنمية املستدامة‬
‫لألمم املتحدة مقاصد ال ختتلف يف عمومها علة مقاصد الشريعة مع التأكيد أن بعضها خمالف ألحكام ومبادئ‬
‫الشريعة فتبقى يف إطار االستئناس هبا يف حدود ما اتفق مع الشريعة اإلسالمية فقط‪.‬‬

‫ب‪ .‬الوساطة املالية القائمة على القيم أو الدور االجتماعي واالقتصادي للبنوك اإلسالمية‬

‫يف تقريره لالستقرار املايل لعام ‪ 2016‬م ‪ ،‬شجع البنك املركزي املاليزي املصارف اإلسالمية على االهتمام ابألثر‬
‫االجتماعي واالقتصادي للمالية اإلسالمية‪ .‬وحتدث عن رؤية جديدة للمالية اإلسالمية تتمثل يف الوساطة املالية املبنية‬
‫على القيم ‪ .Value Based Intermediation‬وهتدف هذه الرؤية إىل حتقيق مقاصد الشريعة يف الصريفة اإلسالمية من‬
‫خالل التأثري املستدام واإلجيايب على االقتصاد واجملتمع والبيئة دون املساس حبقوق املسامهني ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫التالية‪:‬‬ ‫الست‬ ‫االسرتاتيجيات‬ ‫تطبيق‬ ‫يف‬ ‫اجلديد‬ ‫املقاصدي‬ ‫اإلطار‬ ‫يتلخص‬
‫‪. ١‬تبين "الوساطة املالية املبنية على مقاصد الشريعة" كرؤية موحدة للصناعة املصرفية اإلسالمية‪.‬‬
‫ويتم فيها التحقق من امتثال الصناعة املصرفية اإلسالمية ملقاصد العدل ‪ ،‬والرواج‪ ،‬وحفظ املال كمقاصد رئيسة‪.‬‬
‫‪. ٢‬حتديد األهداف املشرتكة للمصارف اإلسالمية ‪ .‬وتتضمن تطوير النشاط املقاواليت والتجاري للعمالء‪ ،‬وتقدمي حلول‬
‫مالية هلم‪ ،‬وتعزيز احلوكمة الذاتية للمصارف اإلسالمية‪ ،‬وتعزيز أحسن املمارسات للمصارف اإلسالمية خلدمة خمتلف‬
‫املصاحل‪.‬‬ ‫أصحاب‬
‫املنشود‪.‬‬ ‫املقاصدي‬ ‫لألطار‬ ‫املمتثلة‬ ‫اإلسالمية‬ ‫للمصارف‬ ‫اإلشرافية‬ ‫اجلهات‬ ‫‪ .‬تشجيع‬ ‫‪٣‬‬
‫‪. ٤‬اإلفصاح عن نية املصارف اإلسالمية يف تبين الرؤية اجلديدة للوساطة املالية املبنية على مقاصد الشريعةً‪ ،‬مع ضرورة‬
‫اجلديدة‪.‬‬ ‫الرؤية‬ ‫تطبيق‬ ‫خلطة‬ ‫املصارف‬ ‫هذه‬ ‫توضيح‬
‫‪ . ٥‬قياس اجلهات اإلشرافية مدى التزام املصارف اإلسالمية ابلوساطة املالية املبنية على مقاصد الشريعة‪.‬‬
‫‪. ٦‬تطوير شبكة عالقات أصحاب املصاحل تتعاون من أجل حتقيق الوساطة املالية املبنية على مقاصد الشريعة‪ .‬وإىل‬
‫جانب دور اخلرباء املاليني يف حتقيق الرؤية املقاصدية املنشودة‪ ،‬مت اقرتاح جهات أخرى مثل مؤسسات التعليم والتدريب‬
‫والشركاء‬ ‫احلكومية‪،‬‬ ‫والوكاالت‬ ‫‪،‬‬ ‫الفنية‬ ‫واملؤسسات‬ ‫اإلسالمية‪،‬‬ ‫املالية‬ ‫يف‬ ‫والبحث‬
‫اإلعالميني‪ ،‬والشركات اخلاصة‪.1‬‬

‫والتنحصر الوساطة املالية ابألعمال الرحبية للبنك اإلسالمي بل تتعداها إىل األعمال ذات البعد االجتماعي واليت يستفيد‬
‫منها املاليزيون املسلمون وغري املسلمني‪.‬‬

‫وأشاد التقرير ابلشراكات اليت وقعتها البنوك اإلسالمية مع اجملالس الدينية (بوصفها نظار الوقف) لكل والية ما متخض‬
‫عنها مجلة من املنتجات ذات البعد االجتماعي واالقتصادي‪ .‬وركز التقرير على الصكوك ذات التأثري االجتماعي‪،‬‬
‫والتمويل املستدام‪ ،‬واالستثمار ذي التأثري االجتماعي‪ ،‬وشباك خدمة وقف النقود‪ ،‬وبطاقة احلسم الفوري خباصية الوقف‪،‬‬
‫والشباك املصريف اخلريي‪ ،‬والتربع اإللكرتوين‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪http://www.bnm.gov.my/index.php?ch=57&pg=137&ac=612&bb=file‬‬
‫تاريخ االطالع ‪ 17‬سبتمبر‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Central Bank of Malaysia. (2016). Financial Stability and Payment Systems Report. P.96‬‬

‫‪3‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬أهم املقاصد املنصوصة واملستقرأة من معاين الشريعة ومن النظم وأفضل ممارسات املالية املعاصرة‬

‫أ‪ .‬أمهية النظر املقاصدي يف االجتهاد‬

‫ال تنكر أمهية املقاصد الشرعية يف االجتهاد الفقهي قدميا وحديثا‪ ،‬إذ هبا يتحدد مراد الشارع يف وضع األحكام‪ ،‬وهبا‬
‫ينضبط االجتهاد بوجود النص أو عدمه‪ ،‬وتربط العلل ابملقاصد الكلية‪ ،‬ويفرق بني مراتب املقاصد وكيفية درء تعارضها‪،‬‬
‫‪ ،‬وكيفية استخدامها للرتجيح بني النصوص املتعارضة يف الظاهر‪ ،‬ويفهم النص اجلزئي ضمن كلّيّه‪ ،‬واستخادمها أساسا‬
‫لسد الذرائع أو فتحها‪ ،‬وجعلها قاعدة يف مآالت األفعال جلبا ملصلحة أو درءا ملفسدة‪ ،‬والتفريق بني الوسائل واملقاصد‪،‬‬
‫و بني مقاصد الشارع ومقاصد املكلف‪ ،‬و بني املقاصد القطعية والظنية‪ .‬وتكمن أمهيتها أيضا يف انعتاق قرحية الفقيه‬
‫من التعصب املذهيب‪ ،‬وحترر نظره الفقهي من االجتهاد الظاهري احملض‪ ،‬وكبح اجتهاده يف حتميل النص الشرعي معاين‬
‫ال يتحملها حبجة توخي املصلحة‪ ،‬وغلق ابب احليل املذمومة‪ .‬يقول الشيخ الطاهر بن عاشور " كان إمهال املقاصد‬
‫سببا يف مجود كبري للفقهاء‪ ،‬ومعوال لنقض أعمال انفعة‪ ،‬وأشأم ما نشأ عنه مسألة احليل اليت ولع هبا الفقهاء بني مكثر‬
‫ومقل"‪ . 3‬ومتخض النظر املقاصدي يف إرساء نظرية تكاد تكون شاملة ساهم يف وضعها أصوليون وفقهاء عرب العصور‬
‫أمثال اجلويين‪ ،‬والغزايل‪ ،‬والرازي‪ ،‬واآلمدي‪ ،‬والعز ابن عبد السالم‪ ،‬والقرايف‪ ،‬وابن تيمية‪ ،‬وابن قيم ‪ ،‬والطويف‪ ،‬والشاطيب‬
‫وبن عاشور‪ ،‬وحممد الغزايل والقرضاوي‪ ،‬وغريهم‪.‬‬

‫ب‪ .‬املقاصد الكلية الواجب حتقيقها من طرف اجلهات التشريعية والرقابية‪:‬‬

‫تعددت اجتهادات األصوليني والفقهاء يف حصر مقاصد املال‪ ،‬فمنهم من بىن على اجتهاد بن عاشور يف مقاصد‬
‫املال اخلمسة ( حفظ املال‪ ،‬والرواج‪ ،‬والثبات‪ ،‬والوضوح والعدل)‪ ،4‬ومنهم من وسع جمال املقاصد لتشمل مقاصد‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬كالتنمية الشاملة‪ ،‬والرفاهية اإلنساية‪ .5‬وسنعرض يف هذه الورقة منوذجا ملراعاة مقاصد الشارع يف‬
‫املال من ونسميها ابملقاصد الكلية واليت تضطلع بتحقيقها اجلهات التشريعية والرقابية‪ .‬والتتناول هذه الورقة ابلشرح‬
‫والتفصيل للمقاصد اليت تضطلع بتحقيقها املؤسسات املالية اإلسالمية‪.‬‬

‫ال نقصد ابملقاصد الكلية الضرورايت واحلاجيات والتحسينيات‪ ،‬اليت ثبتت نصا أو استقراء أو عن طريق سكوت الشارع‬
‫أو كما يسميها اإلمام الشاطيب ابلكليات االسقرائية‪ ،‬إمتا نقصد هبا األهداف العليا اليت هتم االقتصاد القطري ككل ال‬

‫‪ 3‬ابن عاشور‪ ،‬محمد الطاهر‪ ،‬أليس الصبح بقريب ( تونس‪ :‬الشركة التونسية لفنون الرسم‪ ،)1988 ،‬ص ‪.200‬‬
‫‪ 4‬بن عاشور‪ ،‬مقاصد الشريعة‪ ،‬؟؟؟‬
‫‪ 5‬عمر تشابرا‪ ،‬الرؤية اإلسالمية للتنمية في ضوء مقاصد الشريعة ( جدة‪ :‬المعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب‪ ،)2011 ،‬ص ‪.2011‬‬

‫‪4‬‬
‫مزية فيه لقطاع على قطاع ‪،‬وتضطلع مبالحظاهتا ووضعها يف اخلطة االقتصادية اجلهات اإلشرافية والرقابية أو السلطات‬
‫النقدية‪ .‬وننطلق يف تقرير هذا التقسيم من مبدأ أن حتقيق مقاصد الشريعة يف املالية اإلسالمية يتطلب رصدها وحتديد‬
‫اجلهة اليت تطبقها‪ .‬ومبا أن ا ملالية اإلسالمية منظمة من قبل اجلهات اإلشرافية والرقابية‪ ،‬فإن ابتناء التشريعات احلديثة‬
‫للمالية اإلسالمية علي املقاصد الشرعية خيتصر الطريق كثريا على املؤسسات املالية اإلسالمية يف مراعاهتا للمقاصد يف‬
‫أنشطتها املصرفية‪ ،‬وعلى مستوى نظمها ولوائحها الداخلية وتطوير منتجاهتا املالية‪ .‬ومن أهم األهداف اليت تسعى هذه‬
‫الورقة إىل اعتابرها مقاصد شرعية هي‪:‬‬

‫أ‪ .‬التنمية املستدامة لالقتصاد احلقيقي‬


‫ب‪ .‬حفظ نظام األمة يف املعامالت املالية واالقتصادية‬
‫ت‪ .‬االستقرار املايل‬
‫ث‪ .‬االستقرار النقدي‬
‫ج‪ .‬االسقالل املايل‬
‫ح‪ .‬التقليل من الدين العام‬
‫خ‪ .‬التمكني االقتصادي‬

‫وسنذكر إبجياز أمهية هذه املقاصد وأصوهلا يف النظرية العامة ملقاصد الشريعة والسياسة الشرعية‪.‬‬

‫التنمية املستدامة لالقتصاد احلقيقي‪:‬‬

‫يعىن االقتصاد احلقيقي جبذب املدخرات وتوظيفها إلنتاج سلع وخدمات ملموسة تساهم يف رفع الناتج احمللي‪ ،‬والتوزيع‬
‫العادل للدخل والثروة‪ ،‬وحتقق األمن الغذائي‪ ،‬والسلم االجتماعي‪ ،‬والرفاهية اإلنسانية‪ 6 .‬ويذكر االقصاد احلقيقي يف‬
‫مقابلة االقتص اد املايل الذي يعتمد على أدوات مالية كالسندات‪ ،‬واألسهم‪ ،‬واملتاجرة يف احلقوق‪ .7‬ويندرج كل ذلك‬
‫يف السياسة الشرعية املتعلقة ابملال وتدبريه‪ ،‬فقد ذكر اإلمام املاوردي أن عمارة البلدان من أهم وظائف احلاكم واليت‬
‫تتحقق مبوجبها مصاحل الناس‪ .8‬وذكر ابن خلدون أن إقامة الدولة يتطلب جذب املوارد‪ ،‬ومراقبة الدخل‪ ،‬وتوثيق النفقات‬

‫‪ 6‬انظر‪ :‬أحمد نصار‪ ،‬مبادئ االقتصاد اإلسالمي (عمان‪ :‬دار النفائس‪ ،)2010 ،‬ص ‪ ،91‬و تشابرا‪ ،‬الرؤية اإلسالمية للتنمية‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ 7‬عمر خديرات‪ ،‬األزمة االقتصادية العالمية المعاصرة ومصير النظام الرأسمالي‪ ،‬ضمن كتاب األزمة االقتثاديبة العالمية المعاصرة من منظور‬
‫إسالمي‪( ،‬فرجينيا‪ :‬المعهد العالماي للفكر اإلسالمي‪.166 ،)2012 ،‬‬
‫‪8‬انظر‪ :‬الماوردي‪ ،‬أدب الدنيا والدين (بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪117-116 ،)1979 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫العامة‪ ،‬وبناء املساكن‪ ،‬واملصانع‪ ،‬واملدن الشاسعة‪ ،‬واجليوش القوية املهابة‪ .9‬واعترب الشيخ عبد هللا بن بية عمارة األرض‬
‫مقصدا شرعيا من مقاصد املال وإن كان ليس خاصا به‪ ،‬فقد ذكر أن "عمارة األرض تكون بطرق شىت منها التناسل ‪،‬‬
‫ومنها إجياد الوسائل الضروررية للحياة ابلتعامل مع األرض وما ذرأ الباري جل وعال‪...‬فإاثرة األرض‪ ،‬أساس العمران (‬
‫أاثروا األرض)"‪. 10‬‬

‫والناظر يف تشريعات املالية اإلسالمية الصادرة عن اجلهات اإلشرافية والرقابية جيدها متطورة يف بعض األسواق وبسيطة‬
‫يف أسواق أخرى‪ ،‬وتكاد تكون معدومة يف أسواق أعلنت تبنيها للمالية اإلسالمية حديثا‪ .‬فمن أجل تنمية االقتصاد‬
‫احلقيقي‪ ،‬يتوجب على اجلهات اإلشرافية وضع التشريعات ملراقبة األدوات املالية الومهية كاملشتقات املالية وتنظيم استعماهلا‬
‫يف التحوط للمؤسسات اليت حتتاجها للحاجة‪ ،‬وذلك بعد هيكلتها مبا يتوافق مع األحكام واملبادئ الشرعية‪ .‬كما يتوجب‬
‫عليها أيضا وضع اآلليات القانونية لتسهيل متلك السلع‪ ،‬وانتقاهلا‪ ،‬ومراقبة سقوف االئتمان‪ ،‬والكفاءة املالية‪ ،‬وحتفيز‬
‫املؤسسات املالية على االسثمار يف سلع حقيقية‪.‬‬

‫وقد تعمد الباحث يف هذه الورقة ذكر كلمة "مستدامة" لإلشارة إىل أمرين خيصان القطاع املايل‪ :‬استمرارية التنمية وإدماج‬
‫حمدودي الدخل يف االستفادة من فرص التمويل‪.‬‬

‫حفظ نظام األمة يف املعامالت املالية واالقتصادية‬

‫ينظر إىل التعامالت املالية كنظام متمساك األطرف‪ ،‬مرتابط الوظائف‪ ،‬وهو ما يسمى اليوم ابلبيئة العامة للمالية والنظام‬
‫االقتصادي‪ .‬فهناك جهات تشريعية‪ ،‬وهيئات شرعية‪ ،‬ومؤسسات مالية‪ ،‬وجهات قضائية‪ ،‬ومكاتب وساطة‪ ،‬وحتكيم‪،‬‬
‫ووكالء بيع‪ ،‬ومساسرة‪ ،‬وعمالء‪ ،‬وغريها من اجل هات‪ .‬ولن حتقق املالية اإلسالمية مقاصدها املثلى يف ظل غياب هذه‬
‫البيئة أو غياب أهم مكوانهتا‪ .‬ومن هنا كان يتطلب حفظ املال إجياد التشريعيات اليت حتفظه من جهيت الوجود والعدم‪.‬‬
‫يقول الشيخ الطاهر بن عاشور يف القسم الثاين من أقسام املقاصد‪ :‬ما يرجع إىل طبيعة احلكم اإلسالمي أو إىل ثفة من‬
‫الصفات واملعاين" حيث يرى بن عاشور أنه ال بد من إقامة السلطة التشريعية ممثلة يف اإلمام ومن يكون اجملتمع أو األمة‬
‫يف حاجة إليه من وزراء وأهل الشورى يف اإلفتاء والشرطة‪ ،‬واحلسبة‪ ،‬ونواهبم‪ ،‬ومساعديهم‪ ،‬ليتم تنفيذ األحكام املتعلقة‬
‫ابحلقوق العامة لألمة‪ ،‬واألحكام املتعلقة ابحلقوق اخلاصة بني أفراد األمة"‪.11‬‬

‫‪ 9‬انظر‪ :‬ابن خلدون‪ ،‬المقددمة (دمشق‪ :‬دار البلخي‪.139 ،)2004 ،‬‬


‫‪ 10‬عبد هللا بن بية‪ ،‬مقاصد المعامالت ومراصد الواقعات ( لندن‪ :‬كؤسسة الفرقان للتراث اإلسالمي‪.70 ،)2010 ،‬‬
‫‪ 11‬بن عاشور‪ ،‬مقاصد الشريعة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.481‬‬

‫‪6‬‬
‫ويفرتض يف البيئة املالية أن حتقق التكامل بني األطار القانوين‪ ،‬والشرعي‪ ،‬والتشريعي من طرف البنك املركزي من حيث‬
‫إن غياب واحد من هذه األطر سيعود على املعامالت املالية اإلسالمية ابلضرر ليس أقله التشويه‪ ،‬أو سوء الفهم من‬
‫طرف العمالء أو املستثمرين‪ ،‬أوإشكالية التداخل والتقارب بني املعامالت املالية التقليدية واإلسالمية‪ .‬وابلنظر إىل مجلة‬
‫االنتقادات اليت وجهها غري واحد إىل املؤسسات املالية اإل سالمية‪ ،‬فإننا جندها تتلخص يف أن املالية اإلسالمية تقرتب‬
‫إىل املعامالت الربوية صورة أحياان ومضموان أحياان أخرى‪ .‬كما أهنا عادة ما توصف أبهنا تستنسخ املنتجات املالية‬
‫الربوية أبمساء إسالمية‪ .‬ومن مث فهي يف نظر بعض الفقهاء واالقتصاديني اإلسالميني عبارة عن مالية تقليدية بغطاء‬
‫إسالمي‪.12‬‬

‫ومن هنا يقع على عاتق اجلهات اإلشرافية حفظ النظام املايل عن طريق إجياد التكامل بني األطر القانونية‪ ،‬والشرعية‪،‬‬
‫والتشريعية اليت متكن املؤسسات املالية اإلسالمية من حتقيق مقاصد العدل‪ ،‬والرواج‪ ،‬والثبات والوضوح عرب منتجات‬
‫مبتكرة جتمع بني املشاركات واملداينات‪ ،‬راعية ملقاصد الشريعة الكلية ومقاصد املكلفني‪.‬‬

‫االستقالل التشريعي واملايل‬

‫إن الناظر يف سوق املالية اإلسالمية جيدها اتبعة ال متبوعة‪ ،‬حمكومة ال حاكمة‪ ،‬مقلدة ال مبتكرة‪ .‬والسبب يف ذلك أهنا‬
‫ليست خيارا اقتصاداي مهما يف معظم البالد اإلسالمية فضال عن غريها‪ ،‬ومن هنا فهي ليست مستقلة‪ .‬ويتصور الباحث‬
‫هذا االستقالل يف حمورين‪ :‬االستقالل التشريعي واالستقالل املايل االقتصادي‪.‬‬

‫أ‪ .‬االستقالل التشريعي‪ :‬أما االستقالل التشريعي فقد الحظ بعض الباحثني بعد دراسة أجريت على تشريعات‬
‫املصرفية اإلسالمية لـ ‪ 13‬دولة مسلمة وغري مسلمة خلص أصحاهبا إىل أن تشريعات املصرفية اإلسالمية قد‬
‫صيغت على شاكلة تشريعات املالية التقليدية‪ .13‬وتظهر حاكمية تشريعات املالية التقليدية على املالية‬
‫اإلسالمية يف ثالثة أشياء‪ :‬صياغة عقود التمويل اإلسالمية على منط العقود التقليدية ألغراض املواءمة وصالحية‬
‫استخدامها يف احملاكم املدنية ‪ ،‬اثنيا‪ ،‬البيئة املالية التقليدية اليت تدفع املؤسسات املالية اإلسالمية إىل استغالل‬
‫البنية التحتية للمؤسسات املالية التقليدية‪ ،‬وهو ما شجع على فتح النوافذ اإلسالمية والفروع اإلسالمية بدل‬
‫أتسيس بنوك إسالمية خالصة مستقلة‪ .‬ومن آاثر التبعية للمالية التقليدية عدم استقاللية بعض املعامالت املالية‬

‫‪ 12‬انظر نقاد المالية اإلسالمية‪ ،‬رفيق المصري‪ ،‬عبد الرحيم الساعاتي‪ ،‬عبد العظيم أبو زيد‪ ،‬طريق هللا خان‪ ،‬حبيب أحمد‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪13 Muhamed Zulkhibri, Reza Ghazal, Development of Islamic Banking Regulation in Selected IDB Member Countries:‬‬

‫‪A Comparative Analysis. (Jeddah: IRTI, 2015), 1.‬‬

‫‪7‬‬
‫اإلسالمية كاإلجارة املنتهية ابلتمليك عن نظريهتا التقليدية كما هو احلال يف ماليزاي‪ ،14‬األمر الذي ترك انطباعا‬
‫لدى املستثمرين والعمالء إبن منتجات املالية اإلسالمية شبيهة جدا ابملنتجات التقليدية‪.15‬‬
‫ومن هنا ف إن ما يعرف ابلنظام املصريف اإلسالمي املزدوج رغم حسناته ومميزاته لكنه ال حيقق االستقاللية‬
‫التشريعية املثلى خصوصا يف ظل بيئة تشجع على املداينات ونقل املخاطر‪ ،‬وال تشجع على املشاركات املبين‬
‫على الغنم ابلغرم‪ .‬وجيب التأكيد أن التشريعات االحرتازية الدولية املعروفة ببازل ‪1‬و‪ 2‬و‪ 3‬اخلاصة بكفاية رأس‬
‫املال‪ ،‬واملعايري احملاسبية العاملية‪ ،‬وحوكمة املؤسسات‪ ،‬والتقليل من خطر تعارض املصاحل وغريها من املعايري اليت‬
‫تبنتها كثري من الدول أضحت ضرورية إذ عالقة هلا ابالستقاللية‪ ،‬فال مانع شرعا من األخذ هبا وتكييفها وفق‬
‫خصوصيات البلد‪.‬‬
‫ب‪ .‬االستقالل املايل واالقتصادي‪:‬‬
‫رغم استقالل الدول سياسيا لكن ذلك اليعين استقالهلا اقتصاداي‪ .‬ففي ظل العوملة االقتصادية‪ ،‬تتداخل‬
‫التدفقات النقدية وتتغري من الشرق إىل الغرب والعكس حسب آاثر األزمات املالية‪ .‬ومع تفاقم املديونيات‬
‫احمللية‪ ،‬تلجأ الدول املتأزمة اقتصا داي إىل االقرتاض من البنك الدويل‪ ،‬أو صندوق النقد الدويل‪ ،‬أو دولة أخرى‬
‫وفق شروط ليس أقلها ختفيض الدعم عن السلع األساسية‪ ،‬وتسريح العمال‪ ،‬وغلق بعض املنشآت‪ ،‬ومن هنا‬
‫تفقد الدولة املقرتضة سيادهتا واستقالهلا االقتصادي‪ .‬ففي ظل هذه الظروف تتأثر املالية اإلسالمية بربط مصري‬
‫البلد هبذه املؤسسات اإلقراضية العاملية‪.‬‬
‫ذكر الدكتور رفيق املصري رأي املاوردي يف مكانة املال وتقديره يف مهام الدولة ‪ ،‬ففي رأي املاوردي كما نقله‬
‫املصري عنه " أن الدولة جيب أن تقوم قواعدها على أمرين‪ :‬أتسيس وسياسة‪ .‬ويقوم التأسيس علة ثالثة‬
‫أركان‪ :‬دين وقوة‪ ،‬ومال وتقوم السياسة على أربعة قواعد‪ :‬عمارة البلدان‪ ،‬وحراسة الرعية‪ ،‬وتدبري اجلند‪ ،‬وتقدير‬
‫األموال"‪ .16‬وسعيا منه لربط ستقاللية النشاط االقتصادي بوظيفة احلاكم‪ ،‬حدد املاوردي جمموعة من الوظائف‬
‫اليت جيب على احلاكم االضطالع هبا منها‪" ،‬أن ينقل إليه من أعمال أهل العلوم والصنائع ما حيتاج أهله إليه‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫‪N. Irwani Abdullah, “Implementation of Mu’amalat Hire Purchase Bill in Malaysia: Chasing the Mirage?”. The‬‬
‫‪Law Journal, Vol.17, No.1 (2009), 2.‬‬
‫‪15 15‬‬
‫‪Engku Rabia al-Adawiyah, “Constraints and Opportunities in Harmonization of Civil Law and Sharīʿah in Islamic‬‬
‫‪financial services industry”, in IIiBF Series in Islamic Banking and Finance, ed. Younes Soualhi and Kameel Meera‬‬
‫‪(Kuala Lumpur: Kaci Graphics, 2009),7.‬‬

‫‪ 16‬رفيق المصري‪،‬أصول االقتصاد اإلسالمي ( دمشق‪ :‬دار القلم‪.69 ،)1999 ،‬‬

‫‪8‬‬
‫حىت يكتفوا هبم‪ ،‬ويستغنوا عن غريهم"‪ .17‬وأكد الشيخ الطاهر بن عاشور هذا املعىن عند حديثه عن توفري‬
‫املال لألمة واالقتصاد ألجله حيث قال‪ " :‬أهم ما يقتظيه النظر يف نظام أموال األمة أن يتوجه النظر يف وسائل‬
‫توفري املال وحفظه ابالقتصاد‪ ،‬لتكون األمة يف غىن عن طلب اإلسعاف من غريها عند حاجتها‪ ،‬ألن احلاجة‬
‫ضرب من العبودية"‪ .18‬وعليه يتوجب على املشرع يف املالية اإلسالمية صياغة التشريعات مبا حيقق االستقاللية‬
‫التشريعية واملالية لكون االستقاللية مقصدا شرعيا ال تتحقق املقاصد الشرعية األخرى بدونه‪.‬‬
‫ومن القضااي الشائكة اليت تؤرق بعض خرباء املالية اإلسالمية هو عدم استقاللية عمالت العامل اإلسالمي عن‬
‫الدوالر األمريكي مما جيعل املالية اإلسالمية رهينة الدوالر‪ ،‬تتأثر بتقلباته‪ ،‬وختضع هليمنته كما ترمسها السياسة‬
‫االقتصادية األمريكية‪ .‬هذا الواقع هو ما جعل البعض يفكر يف الذهب كمخزن للقيمة‪ ،‬ووسيلة للتبادل‪ ،‬ووحدة‬
‫للقياس ‪ ،‬وسال يف ذلك حرب كثري دون فائدة‪ .‬وعليه فإن استقاللية املالية اإلسالمية كمقصد شرعي موضوعة‬
‫يف احملك‪.‬‬
‫االستقرار املايل والنقدي‪:‬‬
‫يهدف النظام املايل اإلسالمي إىل االستقرار املايل والنقدي‪ .‬أما االستقرار املايل فيعين حتقيق التوازن يف جذب‬
‫املوارد والتخصيص األمثل هلا‪ .19‬ابلنسبة للبنوك املركزية‪ ،‬فإن االستقرار املايل يعين النشاط السلس للوساطة‬
‫املالية مصحواب بثقة يف املؤسسات املالية واألسواق يف النظام االقتصادي"‪ .20‬ففي النظام املايل التقليدي‪،‬‬
‫وتطبيقا للسياسة املالية‪ ،‬تسعى البنوك املركزية عموما إىل احلد من التضخم‪ ،‬وحتقيق منو عال ومستقر‪ ،‬وضمان‬
‫أسواق مالية مستقرة‪ ،‬ونسب فوائد مستقرة‪ ،‬وأسعار صرف مستقرة‪ .21‬ونزعم أن النظام املايل اإلسالمي يهدف‬
‫لتحقيق نفس األهداف يف إطار أحكام الشريعة ومبادئها‪ .‬لكن أكرب عقبة تواجه الالستقرار املايل اإلسالمي‬
‫هو التداخل بنيه وبني االستقرار املايل التقليدي يف ظل العوملة املالية‪ .‬وهذا ما يبينه واقع احلال إذ مل تنج البنوك‬
‫اإلسالمية كلية من آاثر األزمات املالية املتعاقبة‪ ،‬فإذا اخنفض سوق العقار‪ ،‬فإن الصناديق االسثمارية العقارية‬
‫املتوافقه مع الشريعة تتأثر عائداهتا‪ ،‬وإذا هتاوت العملة احمللية‪ ،‬فإن منتجات االعتمادات املستندية يف البنوك‬
‫اإلسالمية يتأثر أصحاهبا سواء كانوا مستوردين أم مصدرين‪ .‬وإذا جرت مضارابت على العملة احمللية‪ ،‬فإن‬
‫ذلك خيفض من قيمة الودائع وأصول البنوك سواء أكانت إسالمية أم تقليدية‪ .‬وإذا أتثرت البورصات فإن ذلك‬

‫‪ 17‬الماوردي‪ ،‬تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخالق الملك وسياسة الملك (بيروت‪ :‬دتر النهضة العربية‪ ،‬بدون)‪.162 ،‬‬
‫‪ 18‬محمد الطاهر بن عاشور‪ ،‬أصول النظام االجتماعي في اإلسالم (تونس‪ :‬الشرطة التونسية للتوزيع‪ ،‬بدون)‪.197 ،‬‬
‫‪ 19‬صالح صالحي‪ ،‬السياسة التقدية والمالية في إطار نظام المشاركة في االقتصاد اإلسالمي (القاهرة‪:‬دار الوفاء‪.39 ،)2010 ،‬‬
‫‪20‬‬
‫‪http://www.bnm.gov.my/index.php?ch=fs&pg=fs_ovr_what&ac=112, accessed on August 15th, 2018.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪Cecchetti, Stephen G, Money, Banking and Financial Markets. (New York: McGraw-Hill, 2010), 356.‬‬

‫‪9‬‬
‫يقلل من ثقة املستثمرين ويقل التداول على األوراق املالية مبا يف ذلك سوق األسهم والصكوك اإلسالميني رغم‬
‫التصنيف االئتماين اجليد الذي حتصلت عليه قبل اإلدراج‪.‬‬
‫وأما االستقرار النقدي ‪ ،‬فهو هدف "يضطلع به البنك املركزي لضمان السري السلس للنظام املايل من خالل‬
‫ضبط املعروض النقدي ومعدالت اإلئتمان حيث يساهم ذلك يف حتقيق األهداف االقتصادية"‪ .22‬إن اآلليات‬
‫اليت تضعها البنوك املركزية لتحقيق االستقرار النقدي كتحديد معدل كفاية رأس املال‪ ،‬وحتديد معدل إعادة‬
‫اخلصم‪ ،‬واملسامهة يف السوق املفتوح من خالل بيع وشراء األوراق املالية تع ّد من الوسائل املفضية إىل أحسن‬
‫املقاصد وفق العالقة بني الوسائل واملقاصد‪ .‬وعليه فمن السياسات الناجحة للحفاظ على قيمة العملة احمللية‬
‫هو نصح البنك املركزي املستثمرين بعدم صرف العملة احمللية ابلدوالر ألن ذلك يؤدي إىل زايدة قيمة الدوالر‬
‫واخنفاظ قيمة العملة احمللية‪ .23‬كذلك من اإلجراءات اليت حتمي قيمة العملة احمللية هو تنظبم سوق االقرتاض‬
‫حبيث اليسمح ابالقرتاض من مؤسسات خارجية ابلدوالر ملدد قصرية من أجل متويل مشاريع بعيدة املدى إذ‬
‫إن ذلك خيلق تباينا يف جهيت األصول واملطلوابت يف ميزانية الشركة املقرتضة يف حالة ارتفاع سعر الفائدة‪ ،‬وهذا‬
‫ما حدث للرية الرتكية حسب الدكتور سامي السوليم‪.24‬‬
‫التقليل من الدين‪:‬‬
‫للدين مزااي وآاثرا سلبية يف أي نظام اقتصادي‪ ،‬ومن الناحية الشرعية هو مباح مقيد ابألحكام الشرعية اخلمسة‪.‬‬
‫ويتطلب النظر املقاصدي إىل مناقشة آاثر الدين على نظام واستقرار األمة‪ .‬فعلي ضوء مقصد االستقالل املايل‬
‫الذي ذكرانه آنفا‪ ،‬فإن من متطلبات االستقالل التخلص من الدين ألنه عبودية وآلية من آليات رهن األمم‬
‫بشعوهبا ومواردها لدول أخرى أو مؤسسات نقدية دولية‪ .‬ابإلضافة إىل مصاحل الدين‪ ،‬ذكر االقتصادي‬
‫اإلسالمي الدكتور سامي السوليم مفاسد الدين‪ ،‬وتتمثل يف رأيه يف ضعف املسؤولية الذاتية‪ ،‬والتوسع غري‬
‫املربر يف اإلنفاق‪ ،‬وامليل إىل املغامرة‪ ،‬وعدم االستقرار‪ ،‬وتفاقم التقلبات االقتصادية‪ ،‬وسوء توزيع الثروة‪ ،‬وتراكم‬
‫الدين وتضاعفه‪ .‬ولذلك اعترب التقليل من الدين مقصدا من مقاصد الشريعة يف املال‪ .25‬ووافقه االقتصادي‬

‫‪22‬‬
‫‪Peter S. Rose; Sylvia C. Hudgins, Bank Management and Financial Services. (New York: McGraw-Hill, 2010),‬‬
‫‪52.‬‬
‫‪ 23‬صالحي‪ ،‬السياسة النقدية‪.39 ،‬‬
‫‪24‬‬
‫‪Sami al-Suweilem, al-Khaṭīʾ ah al-Aṣliyyah wa al-Līrah al-Turkiyyah, https://al-omah.com/%D8%AF-‬‬
‫‪%D8%B3%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D9%84%D9%85-‬‬
‫‪%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%A6%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%88/, accessed on August 29th, 2018.‬‬
‫‪ ،25‬سامي السوليم‪ ،‬قضايا في االقتصاد والتمويل اإلسالمي (الرياض‪ :‬دار كنوز إشبيلية‪.30-13 ،)2009 ،‬‬

‫‪10‬‬
‫اإلسال مي الدكتور أنس الزرقا يف بيان مفاسد الدين وزاد عليها خطر اإلفالس‪ ،‬وتقلبات املوارد املالية‪ ،‬وخطر‬
‫ارتفاع معدالت التعثر يف سداد الديون‪ ،‬والتضخم‪ ،‬وازدايد النفقات العامة‪ .26‬ويرجع اإلقتصادي اإلسالمي‬
‫اإليراين عباس مرياخور أن سبب تفاقم الديون واالبتعاد عن االقتصاد احلقيقي إىل سببني رئيسني ومها نظام‬
‫خلق النقود يف البنوك (سواء أكانت تقليدية أم إسالمية)‪ 27‬واملضاربة يف املشتقات املالية‪.28‬‬
‫التمكني االقتصادي‪:‬‬
‫يقصد ابلتمكني االقتصادي دعم فئات اجتماعية حمرومة من التمويل إما لفقرها أو لعدم أهليتها للحصول على‬
‫متويل بسبب ضعف جدارهتا االئتمانية‪ .‬فال يكفي أجياد طرق لالستفادة من التمويل كالتمويل األصغر ‪ ،‬بل‬
‫جيب متابعة املشاريع اليت تقوم هبا هذه الفئىة من أجل التأكد من أن ظروفها املعيشية حتسنت‪ ،‬وحتولت من‬
‫فئات العجز إىل فئات الفائض‪ ،‬ومن الفقر إىل الغىن‪ ،‬ومن متلقي الزكاة إىل معطيها‪ .‬وهنا تلعب املؤسسة املالية‬
‫إسالمية دورا اجتماعيا ذا اتثري عال ‪ .‬ويف الشريعة ما يكفي من أدلة على أمهية العمل وإتقانه‪ ،‬ونبذ التسول‪،‬‬
‫واحلث على التجارة الصادقة‪ ،‬والتحفيز على اكتساب املرء الصاحل للمال الصاحل‪ .‬وكلها شواهد تؤصل للتمكني‬
‫مقصدا شرعيا‪ .‬وحتقيقا ملقصد التمكني‪ ،‬ميكن للجهات التشريعية منح حتفيزات ضريبية للمستثمرين الذين‬
‫يساعدون غريهم على حتسني وضعهم االجتماعي عرب مشاريع صغرية قابلة للتوسع والنمو‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬سؤال املنهج يف إثبات املقاصد الشرعية يف املالية املعاصرة‬


‫أ‪ .‬طرق إثبات املقاصد الكلية‬
‫مثة سؤال منهجي يطرح نفسه عند احلديث عن التقصيد على غرار احلديث عن التعليل‪ .‬فكما تثبت العلة‬
‫بطرقها املبينة يف ابب القياس‪ ،‬فهل دائما نسعى إلثبات معىن جديد مقصدا شرعيا يتوخاه الفقيه يف االجتهاد؟‬
‫ولو طرحنا السؤال بطريقة أخرى‪ ،‬هل املعاين اليت فرغنا من شرحها اليت أمسيناها مقاصد كلية حباجة إىل كشف‬
‫وإثبات بنفس الطريقة اليت ثبتت هبا املقاصد الضرورية بوصفها كليات استقرائية كما يصفها اإلمام الشاطيب؟‬

‫‪ 26‬أنس الزرقا‪" ،‬األزمة المالية العالمية المديونية المفرطة سببا والتمويل اإلسالمي بديال"‪ ،‬ضمن كتاب األزمة االقتثادية العالمية المعاصرة من منظر‬
‫إسالمي‪.211 ،‬‬
‫‪27‬‬
‫ما بين قوسين من الباحث‬
‫‪28‬‬
‫‪Othman, A; Mat Sari,N; Alhadshi, S.O; Mirakhor, A, Macroeconomic Policy and Islamic Finance in Malaysia.‬‬
‫‪(New York: Palgrave Macmillan, 2017), 31.‬‬

‫‪11‬‬
‫وهل جيب اعنبارها بناء على ضوابط املقاصد كما قررها الغزايل يف املستصفى " وانقدح اعتبارها ابعتبار ثالثة‬
‫أوصاف أهنا ضرورة قطعية كلية"‪.29‬‬
‫بداية‪ ،‬زخر التنظري املقاصدي عرب العصور مبعاين عدت مقاصد شرعية وأضيفت إىل املقاصد الضرورية حيث‬
‫ثبتت بنصوص حمدودة وأخرى مستفيظة‪ .‬فقد أضاف القرايف مقصد حفظ العرض‪ ،‬وأضاف ابن تيمية مقصد‬
‫الوالية‪ ،‬وأضاف بن عاشور يف املقاصد العامة مقصد حفظ الفطرة‪ ،‬والسماحة‪ ،‬وحفظ نظام األمة‪ ،‬واملساواه‪،‬‬
‫واحلرية‪ ،‬والتيسري‪ .‬وحتدث الدطتور القرضاوي عن مقاصد الكرامة وحفظ احلقوق‪ ،‬وبناء األمة القوية‪ ،‬والتعاون‬
‫العاملي‪ .‬وحتدث د‪ .‬مجال الدين عطية عن مقصد حفظ األمن‪ ،‬وحتدث د‪ .‬عبد اجمليد النجار عن مقصد حفظ‬
‫البيئة‪ .‬ويف امليدان االقتصادي تطرقنا إىل أطروحة د‪ .‬عمر شربا يف مقصد الرفاهية اإلنسانيةـ واعتبار د‪ .‬سامي‬
‫السويلم خفض الدين مقصدا شرعيا‪ .‬فهل كل هذه املقاصد ثبتت بطرقها املقررة أصوليا كتلك اليت قررها‬
‫الشاطيب مستلهما منهج اجلويين كمجرد األمر والنهي االبتدائي‪ ،‬ومعرفة علل األمر والنهي‪ ،‬واالستقراء الناقص‬
‫والتام كما قرر ذلك الشاطيب يف املوافقات وابن عاشور يف " مقاصد الشريعة"؟‬
‫يصعب تتبع ذلك خصوصا املقاصد املستقرأة يف الظاهر‪ ،‬إال أن تلك املقاصد هلا شواهد من القرآن والسنة‬
‫والقرائن واحلالية واملقالية واملعاين العامة امللحوظة للشارع يف مجيع تصرفاته أو معظمها على تعبري اإلمام بن‬
‫عاشور‪ .‬ويكفي أن يكون استقراؤها انقصا حىت تثبت مقاصد شرعية‪ .‬وال هتمل حبجة أن االستقراء الناقص‬
‫ظين‪ ،‬فمعظم التكاليف مبنية على األدلة الظنية‪ .‬وبناء على ذلك فإن املقاصد اليت ذكرانها يف املبحث الثاين‬
‫تشهد عليها أدلة كثرية وشواهد عديدة وقرائن اقتصادية اتفقت عليها كل األمم رغم تفاوت االلتزام هبا‪ ،‬وقد‬
‫ذكران لفيفا من أقوال العلماء يف أمهية مراعاهتا من طرف الدولة‪.‬‬
‫ب‪ .‬قياس حتقق املقاصد الكلية‪:‬‬
‫مثة انشغال يف التظري املقاصدي املعاصر يتمثل يف طريقة معرفة امتثال الصناعة املالية اإلسالمية ملقاصد الشريعة‪.‬‬
‫واخلالف يف درجة االمتثال للمقاصد تبع للخالف يف شرعية املنتج من حيث العقد الذي يضبطه‪ .‬و يتفرع‬
‫عن ذلك أمر وهو أنه حىت مع شرعية العقد إال أن املنع قد أييت من جهة مآله ولو كان مباحا‪ ،‬كاإلغراق يف‬
‫املراحبات اليت تؤول إىل رفع الدين اخلاص والعام ما يعود عى األمة ابلضرر‪ .‬ومن هنا كان لزاما من الناحية‬
‫األصولية تقييد املباح ولو كان اثبتا ابلدليل الصراح‪ .‬وألن أنظار الفقهاء املعاصرين قد ختتلف يف حتديد املصاحل‬
‫ودرجتها ومدى وجودها يف منتجات التمويل اإلسالمي‪ ،‬حنت بعض الدراسات إىل اقرتاح مؤشرات رايضية‬

‫الغزالي‪ ،‬المستصفى‪( ،‬بدون‪ :‬دار الكتب العلمية‪.176 ،)1993 ،‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪12‬‬
‫هتدف إىل قياس درجة االمتثال املقاصدي‪ .‬وإذا نظران إىل املقاصد اليت انقشها الباحث ( املقاصد الكلية اليت‬
‫يتوجب علة اجلهات التشريعية واإلشرافية مراعاهتا) جند أن معظمها قابل للقياس الكمي ومن مثة ميكن تطوير‬
‫مؤشر للمقاصد املذكورة‪ .‬وليس هذا جمال حبثنا بكن الباحث يدعو إىل االستفادة من عدد ال أبس به من‬
‫كمي ملقاصد الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫األحباث اليت حاولت تطوير مؤشر ّ‬
‫املبحث الرابع‪ :‬منوذج تطبيقي يف الوساطة الوقفية من خالل البنوك اإلسالمية‬

‫مل تؤسس البنوك اإلسالمية ابتداءً للعمل اخلريي بل هي جتارية ابمتياز‪ ،‬وليس يف ذلك أي حمظور شرعي خصوصا وأن‬
‫املالّك أحر ٌار يف اختيار طبيعة األعمال اليت ميكن أن تقوم هبا بنوكهم‪ .‬ومع تنامي مطالبات جهات عديدة أبن يكون‬
‫للبنوك اإلسالمية دور تنموي واجتماعي‪ ،‬بدأ احلديث عن دور البنوك اإلسالمية يف دعم القطاع اخلريي‪.‬‬

‫انل الوقف حظه من النقاش يف األوساط األكادميية واملهنية‪ ،‬ومت طرح أكثر من رؤية لتجسيد التالحم بني البنوك‬
‫اإلسالمية والوقف‪ .‬ومن أهم احملاوالت الرائدة يف هذا املضمار هو مشروع البنك اإلسالمي للتنمية يف إدارة صندوق‬
‫استثماري ميول الدول األعضاء يف منظمة التعاون اإلسالمي‪ .‬أتسس الصندوق االستثماري عام ‪ 2001‬وجعل من بني‬
‫أهدافه تطوير الوقف للدول األعضاء كاسرتاتيجية للدعم االقتصادي واالجتماعي ‪.30‬‬

‫لعل أوضح وثيقة تناولت العالقة بني املؤسسات املالية والوقف هي تلك اليت صدرت من املركز املاليزي العاملي للمالية‬
‫اإلسالمية ‪ MIFC‬عام ‪ .2014‬فقد حددت الوثيقة أربعة احتياجات مالية للوقف ميكن للمؤسسات املالية اإلسالمية‬
‫(بنوك‪ ،‬أسواق مالية‪ ،‬شركات أتمني إسالمي) أن تغطيها‪ ،‬وهي كاآليت‪:31‬‬

‫أ‪ .‬متويل األصول الوقفية من حيث التطوير والصيانة‪ :‬فهناك حوايل ‪ 32000‬فدان موقوفة يف ماليزاي ومل يطور‬
‫منها سوى ‪ %0.72‬فقط‪ ،‬وهذا يفتح فرصا هائلة للبنوك اإلسالمية املاليزية لتوفري التمويل الالزم‪.‬‬
‫ب‪ .‬توفري السيولة من خالل احلساابت الوقفية لألفراد واملؤسسات واجلمعيات لتوقف نقودها إما ابإليداع املباشر‬
‫أو االقتطاع من احلساب اجلاري أو التوفري‪.‬‬
‫ت‪ .‬ميكن ألسواق رأس املال اإلسالمية أن تساهم يف حشد رؤوس أموال وقفية بعيدة املدى مثل األسهم الوقفية‬
‫والصناديق االستثمارية العقارية‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪http://www.mifc.com/index.php?ch=28&pg=72&ac=93&bb=uploadpdf‬‬
‫تاريخ االطالع ‪2017\12\30‬‬
‫‪31‬‬
‫المرجع نفسه‬

‫‪13‬‬
‫ث‪ .‬إدارة الوقف من طرف مدراء الصناديق االستثمارية من ذوي اخلربة يف تكوين احملافظ االستثمارية‪ ،‬واالختيار‬
‫املوفق لآلليات االستثمارية‪ ،‬والتخطيط االسثماري احملكم‪.‬‬

‫دور البنوك اإلسالمية املاليزية يف تفيعل قطاع الوقف‬

‫نتناول يف هذا اجلزء من البحث جتربة بعض البنوك اإلسالمية املاليزية يف دعم الوقف‪ .‬وسوف نركز على بنكني إسالميني‬
‫فقط ( "بنك إسالم" و"بنك معامالت") حبكم اخنراطهما يف قطاع الوقف أكثر من غريمها‪.‬‬

‫بنك إسالم ماليزاي ‪Bank Islam Malaysia 32‬‬ ‫‪.I‬‬


‫يعد هذا البنك أقدم بنك إسالمي يف ماليزاي حيث أتسس عام ‪ 1983‬مبوجب قانون الصريفة اإلسالمية لعام‬
‫‪ .1983‬يقدم البنك أكثر من ‪ 70‬منتجا ماليا إسالميا‪ ،‬وله ‪ 145‬فرعا ‪،‬ويوفرأكثر من ‪ 1000‬آلة لالستخدام‬
‫الذايت جاهزة على مدار الساعة يف كل أحناء البلد‪.‬‬
‫يتمثل اهتمام بنك إسالم ابلوقف يف مشاريع عديدة أمهها منارة بنك إسالم ‪Menara Bank Islam‬‬
‫واليت تعد املقر الرئيسي للبنك‪.‬‬
‫تتلخص فكرة املشروع يف اخلطوات اآلتية‪:‬‬
‫• قام صندوق احلج املاليزي ‪Tabung Haji‬عام ‪2007‬ابستئجار أرض وقفية( ‪ 1.21‬فدان)‬
‫من اجمللس اإلسالمي للوالية الفدرالية ملدة ‪ 25‬عاما مببلغ إجيار قدره ‪ 56.6‬مليون رجنت‪.‬‬
‫• مت تعيني مقاول من طرف صندوق احلج لبناء املقر الرئيسي لبنك إسالم (‪ 34‬ظابقا)‬
‫• حتمل صندوق احلج تكلفة املشروع كاملة‬
‫• بعد اكتمال املشروع‪ّ ،‬‬
‫أجر صندوق احلج املبىن لبنك إسالم‬
‫• بعد انتهاء مدة إجارة األرض ( بعد ‪ 25‬سنة)‪ ،‬سيعيد صندوق احلج األرض واملبىن معاً إىل‬
‫اجمللس اإلسالمي للوالية الفدرالية بوصفا انظرا عاما على األوقاف يف الوالية الفدرالية‪.‬‬

‫هذا أهم مشروع وقفي اخنرطت فيه البنوك اإلسالمية يف ماليزاي حيث بلغت قيمته اإلمجالية ‪ 151‬مليون رجنت ماليزي‬
‫ليتعزز بذلك موقع أقدم بنك إسالمي يف املنظومة املصرفية اإلسالمية يف البلد‪ .‬ويالحظ على هذا املشروع اسرتاجتية‬

‫‪ 32‬انظر‪Dato’ Wan Ismail Wan Yusuf, Giving back to Society and Waqf Developmen t‬‬
‫‪http://www.bankislam.com.my/en/Documents/cinfo/GivingBacktoSocietyWaqfDevelopment.pdf‬‬
‫تاريخ االطالع ‪2017\12\30‬‬

‫‪14‬‬
‫بنك إسالم يف تفضيلها عدم شراء املقر أو بنائه من أموال املسامهني والسعي إىل اسئجاره ضمن مشروع وقفي بدال عن‬
‫ذلك‪ .‬وهذا من شأنه أن جيعل األقساط اإلجيارية منخفضة مقارنة ابألقساط العادية يف حالة ما إذا كان املقر مبنيا على‬
‫أرض غري وقفية‪ .‬من انحية أخرى يوفر هذا املشروع رحبا للمسامهني يف صندوق احلج إىل غاية آخر قسط إجياري يدفعه‬
‫بنك إسالم إىل صندوق احلج‪ .‬هذا فضال عن حتقيق أهداف الوقف من استخدام الفائض عن التكلفة يف مشاريع خريية‬
‫يستفيد منها املسلمون وغريهم‪.‬‬

‫‪ Bank Muamalat‬بنك معامالت‬ ‫‪.II‬‬

‫يعد "بنك معامالت" من البنوك اإلسالمية الرائدة يف ماليزاي حيث أسس بعدما استحوذ "بنك إسالم" على السوق‬
‫لعشر سنوات إبرادة اجلهات اإلشرافية يف إعطاء الفرصة لبنك إسالم أن يثبت نفسه‪ .‬وبعدما استحوذ بنك معامالت‬
‫على حصة ال أبس هبا من سوق الصريفة اإلسالمية ‪ ،‬اخنرط يف األعمال الوقفية مجعا واستثمارا وإدارة‪ .‬فقد دخل‬
‫‪Perbadanan Wakaf‬‬ ‫‪ Selangor‬تدعى‬ ‫عام ‪ 2013‬يف شراكة مع مؤسسة وقفية اتبعة لوالية سالنغور‬
‫‪ Selangor Berhad (PWS‬بغرض تطوير مشاريع وقفية يف قطاعي الصحة والتعليم واالستثمار‪ .‬ومسيت الشراكة‬
‫بـ ‪ ،Waqf Selangor Muamalat‬وتثبت التقارير املنشورة سنواي أن بنك معامالت يقوم بدور مجع أموال الوقف‬
‫وإدارهتا ابلشراكة مع جملس اإلسالمي لوالية سالنغور ابإلضافة إىل االستثمار‪.‬‬

‫خصائص الشراكة بني بنك معامالت و ‪PWS‬ا‪:33‬‬

‫تتميز الشراكة ابخلصائص اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1‬الشراكة يف اإلدارة‪ :‬حيث شكل بنك معامالت و ‪ PWS‬جلنة مشرتكة تدعى ‪Jawatankuasa‬‬
‫)‪ Pengurusan Bersama (JPB‬وتتكون من جلنة إشرافية‪ ،‬ورئيس‪ ،‬وأمني سر‪ ،‬وسكراترية مؤلفة من‬
‫ستة أعضاء ( ‪ 3‬من بنك معامالت و‪ 3‬من ‪.) PWS‬‬
‫‪ .2‬صرف أو توزيع أموال الوقف‪ :‬تقوم اللجنة املشرتكة بتوزيع األصول املالية املوقوفة عرب قنواهتا إىل مصارف الوقف‬
‫احملددة‪.‬‬
‫‪ .3‬املسامهة يف الوقف‪ :‬حيث ساهم بنك معامالت بوقف نقدي قدره ‪ 1‬مليون رجنت ماليزي وساهم بوقف‬
‫‪.RM74,040‬‬ ‫نقدي قدره‬

‫‪33‬‬
‫‪Ashraf, M; Abdullah, J. (n.d), Banking Model of Corporate Waqf: An Analysis of Wakaf Selangor Muamalat.‬‬

‫‪15‬‬
‫ابستثمار‬ ‫‪Muamalat Invest Sdn. Bhd‬‬ ‫‪ .4‬االسثمار‪ :‬تقوم شركة استثمارية اتبعة لبنك معامالت تسمى‬
‫موجودات صندوق الوقف‪ .‬يتم حتويل ‪ %25‬من العوائد إىل الشريك ‪ PWS‬و‪ %75‬إىل مصارف الوقف‬
‫احملددة‪ ،‬وتشمل املسلمني وغريهم‪.‬‬
‫مشاريع التعليم والصحة واالستثمار‪:34‬‬
‫تنشر اللجنة املشرتكة ‪ JPD‬تقريرا مفصال عن األنشطة الوقفية كل أربعة أشهر‪ .‬ويتضمن التقرير مقدمة‬
‫حتتوي على هدف التقرير‪ ،‬وخلفيته‪ ،‬وامليزانية املتبقية واملشاريع املصادق على تنفيذها‪ .‬وحيدد التقرير بدقة‬
‫اجملاالت الثالث اليت تستخد فيها األموال الوقفية‪ .‬فهناك اجملال التعليمي ويتمثل يف دعم املدارس العامة‬
‫والدينية‪ ،‬وهناك اجملال الصحي ويتمثل يف توفري الرعاية الصحية جملدودي الدخل‪ ،‬ودعم العيادات‬
‫واملستشفيات ابملعدات كآالت غسيل الكلى‪ ،‬وهناك اجملال االستثماري وذلك كاالستثمار من أجل دعم‬
‫الجئي مسلمي الروهنجيا‪.‬‬
‫ومن التفاصيل اليت يذكرها التقرير امل بلغ املتبقي من العام املاضي مضاف إليه املبالغ اجملمعة يف هناية كل‬
‫ثالثة أشهر‪ .‬أما األموال املوقوفة عام ‪ ،2016‬فقد اخنفضت يف الربع الثاين مبا يقارب ‪ %50‬واستمرت‬
‫على نفس الوترية إىل هناية السنة‪ .‬ويٌرجح أن يكون سبب االخنفاض هو ميل الناس إىل االدخار بسبب‬
‫احلالة االقتصادية الصعبة اليت مير هبا البلد‪.‬‬

‫بطاقة احلسم الفوري " عائشة" ‪Aisya Debit Card-i‬‬

‫يف ‪ 20‬جويلية ‪ 2016‬أعلن بنك معامالت عن إطالق بطاقة حسم فوري مع خاصية الوقف‪ .35‬ويهدف بنك‬
‫معامالت من وراء هذا املنتج اجلديد إىل أداء مسؤوليته االجتماعية حنو اجملتمع بفئتيه املسلمة وغري املسلمة‪ .‬وقد أشاد‬
‫البنك املركزي هبذا املنتج يف تقرير االستقرار وأنظمة الدفع لعام ‪ .362016‬وتتمتع البطاقة ابخلصائص اآلتية‪:37‬‬

‫‪34‬‬
‫‪http://www.muamalat.com.my/wakafselangor/downloads/Laporan-WSM-Suku-Tahun-Pertama-Jan-Mac-‬‬
‫‪2017.pdf‬‬
‫تاريخ االطالع ‪ 17‬سبتمبر‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪http://www.muamalat.com.my/downloads/media-room/press/2016/PR-‬‬
‫‪BANK_MUAMALAT_Debit_Card_Launch_2016.pdf‬‬
‫تم الدخول على الموقع في ‪ 17‬سبتمبر‪2017 ،‬م‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫‪Central Bank of Malaysia. (2016). Financial Stability and Payment Systems Report. P.96‬‬
‫‪37‬‬
‫‪http://www.muamalat.com.my/downloads/consumer-banking/Debit-Card-i-FAQ.pdf‬‬
‫تم الدخول على الموقع في ‪ 17‬سبتمبر‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫✓ يتم السحب أو الدفع من احلساب اجلاري أو االدخاري للمودع (مسلما كان أم غري مسلم) يف ماليزاي وخارجها‪.‬‬
‫✓ مستهلمة من علم وذكاء السيدة عائشة رضي هللا عنها‪.‬‬
‫✓ هي أول بطاقة حسم خباصية الوقف يف العامل وتندرج يف إطار أداء املسؤولية االجتماعية للبنك‪.‬‬
‫✓ يتم اقتطاع ‪ %20‬من الرسم املفروض على الباعة الذين يقبلون بطاقات احلسم كوسيلة دفع من طرف الزابئن‪.‬‬
‫✓ يوقف املبلغ املقتطع (‪ )%20‬يف صندوق الوقف ‪Wakaf Selangor Muamalat‬الذي يديره البنك ابلتعاون‬
‫مع ‪PWS‬‬
‫✓ يصرف هذا الوقف يف مصارف حمددة وهي‪ :‬تطوير البنية التحتية‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والصحة‪ ،‬ومتويل املعدات الطبية‪،‬‬
‫وتكاليف العالج‪ ،‬واملنح الدراسية‪ ،‬ومتويل البحث العملي يف جمايل الصحة والتعليم‪ ،‬واالستثمار‪.‬‬
‫✓ األساس الشرعي للبطاقة هو األجرة والوقف‪.‬‬
‫✓ ميكن استخدام البطاقة لشراء السلع إلكرتونيا لوجود خاصية املساتر كارد ‪Master Card‬‬

‫ويف هناية هذا البحث ميكن تلخيص أهم املشاريع الوقفية اليت ابشرهتا ثالث بنوك إسالمية ( ‪ Bank Islam‬و‬
‫‪Bank Muamalat‬و ‪ ) Maybank‬يف اجلدول اآليت‪:‬‬

‫جدول أبهم املشاريع الوقفية اليت ابشرهتا بعض املصارف اإلسالمية يف يف ماليزاي‪.‬‬

‫اجلهة املشاركة‬ ‫السنة‬ ‫القيمة‬ ‫املشروع الوقفي‬ ‫البنك‬


‫املؤسسة اإلسالمية‬ ‫متويل بناء مدرسة ‪ 22‬مليون رجنت ‪2015‬‬ ‫‪Bank‬‬ ‫بنك إسالم‬
‫‪Perlis‬‬ ‫لوالية‬ ‫للبنات (‪5‬ماليني دوالر)‬ ‫وقفية‬ ‫‪Islam 38‬‬
‫( ‪Sekolah‬‬
‫‪Menengah‬‬
‫)‪Agama‬‬

‫املؤسسة اإلسالمية‬ ‫غري متوفر‬ ‫متويل عقاري وقفي ‪ 24‬مليون رجنت‬


‫لوالية ‪Pulau‬‬ ‫ابستخدام منتج ‪Al-‬‬
‫‪Penang‬‬ ‫‪Waqf‬‬ ‫‪Home‬‬
‫‪financing‬‬
‫‪ 76 .‬شقة سكنية‬

‫‪38‬‬
‫‪BIMB Holdings Berhad Sustainability Report 2016.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ 9 .‬حمالت جتارية‬

‫مقاول اتبع حلكومة‬ ‫‪2016‬‬ ‫متويل عقارات وقفية ‪ 15.5‬مليون رجنت‬


‫‪Selangor‬‬ ‫مبنطقة شاه علم‬
‫(والية ‪:)Selangor‬‬
‫‪ 164 .‬شقة سكنية‬
‫‪ 12 .‬حمال جتاراي‬
‫‪ 34 .‬مركزا جتاراي‬
‫اجمللس اإلسالمي‬
‫للوالية الفدرالية‬ ‫‪2009‬‬ ‫أتجري املقر الرئيسي ‪ 151‬مليون رجنت‬
‫واملقاول ‪TH‬‬ ‫للبنك املبىن على‬
‫أرض وقفية‪.‬‬
‫معهد اإلنسانية‬
‫لوالية قدح‪.‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫اإلنسانية غري متوفر‬ ‫صندوق‬
‫الوقفي لبناء مسجد يف‬
‫قدح‬ ‫والية‬
‫‪39‬‬
‫(‪)KUIN‬‬

‫‪39‬‬
‫‪Waqf: Realizing the Social Role of Islamic Finance‬‬
‫‪ .‬أنظر‪(June2015).http://www.mifc.com/index.php?ch=28&pg=72&ac=130&bb=uploadpdf :‬‬
‫تاريخ االطالع ‪ 17‬سبتمبر‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫اجمللس اإلسالمي‬ ‫‪2013-2017‬‬ ‫مشاريع وقفية يف غري متوفر‬ ‫‪Bank‬‬

‫لوالية ‪Selangor‬‬ ‫الصحة‬ ‫قطاعي‬ ‫‪Muamalat‬بنك‬


‫‪40‬‬
‫والتعليم‬ ‫معامالت‬

‫‪2016‬‬ ‫السحب‬ ‫بطاقة‬


‫‪Debit‬‬ ‫(‬ ‫الفوري‬
‫)‪Card‬‬
‫"عائشة"‬

‫الوقف‬ ‫مؤسسة‬ ‫"مؤسسة‬ ‫‪ May Bank‬وكيل‬


‫املاليزية‪.‬‬ ‫الوقف املاليزية" جلمع‬ ‫‪Islamic‬‬
‫النقدي‬ ‫الوقف‬
‫وحتويله إىل انظر‬
‫الوقف ( املؤسسة‬
‫‪41‬‬
‫نفسها)‬
‫البنوك‬ ‫إحتاد‬ ‫‪2017‬‬ ‫تعاون ستة بنوك‬
‫اإلسالمية‬ ‫إلنشاء‬ ‫إسالمية‬
‫)‪(AIBIM‬مسؤول‬ ‫صندوق وقفي دعما‬
‫عن إدارة هذا‬
‫الصندوق‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫أنظر نموذجا من المشاريع الوقفية في قطاعي الصحة والتعليم في تقرير بنك معامالت المنشور في ‪ 10‬أبريل ‪ 2017‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.muamalat.com.my/wakafselangor/downloads/Laporan-WSM-Suku-Tahun-Pertama-Jan-Mac-2017.pdf‬‬
‫تاريخ االطالع ‪ 17‬سبتمبر‪2017 ،‬م‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ file:///C:/Users/younes/Desktop/Waqf/Waqf01072010.pdf‬أنظر ‪:‬‬
‫تاريخ االطالع ‪ 17‬سبتمبر‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫املسلم‬ ‫للمجتمع‬
‫وهي‪:42‬‬
‫‪ِ.Affin Islamic‬‬
‫‪Bank.‬‬
‫‪.Bank‬‬ ‫‪Islam‬‬
‫‪Malaysia.‬‬
‫‪.Bank Muamalat.‬‬
‫‪.Bank Kerjasama‬‬
‫‪Rakyat.‬‬
‫‪.Maybank‬‬
‫‪Islamic.‬‬
‫‪. RHB Islamic.‬‬

‫تقومي عام لتجربة الوساطة املصرفية الوقفية املاليزية‬

‫لكل بلد خصائصه االقتصادية واالجتماعية حىت الفقهية‪ ،‬لكن متيزت التجربة املاليزية ببعض املميزات نرى أنه ميكن‬
‫االستفادة منها‪ ،‬كما أنه مثة نقائص وعوائق تواجه التجرية تقع على عاتق اجلهات اإلشرافية واملؤسسات املالية اإلسالمية‪،‬‬
‫واجملالس اإلسالمية (نظار الوقف) تذليلها من أجل تكامل أمثل للمصرفية اإلسالمية والوقف‪ .‬أما املميزات فتتمثل فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫أ‪ .‬إدراج الوقف يف خطة البنك املركزي املاليزي لدعم التمويل االجتماعي وحتفيز البنوك اإلسالمية ألداء مسؤوليتها‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ب‪ .‬الشراكة بني البنوك اإلسالمية واجملالس اإلسالمية املخولة قانوان ابلنظارة على األوقاف‪.‬‬
‫ت‪ .‬حتالف البنوك اإلسالمية املاليزية لدعم قطاع الوقف من خالل إدارة صندوق وقفي مشرتك‪.‬‬
‫ث‪ .‬وضع البنوك اإلسالمية الوقف النقدي ضمن اسرتاتيجياهتا بعيدة املدى‪.‬‬
‫ج‪ .‬وجود بيئة قانونية مالئمة شرعت لوقف النقود واليت مهدت لوقف األسهم والصكوك‪.‬‬

‫‪ 42‬انظر ‪http://aibim.com/ver2/index.php/component/k2/item/17 -islamic-banking-institutions-collaborate-to-‬‬


‫‪develop-waqf-fund‬‬
‫تاريخ االطالع ‪ 17‬سبتمبر‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ح‪ .‬تبين رأي املالكية يف وقف النقود وأتقيتها رغم أن املالويني املالزيني شوافع‪،‬‬
‫خ‪ .‬إطالق منتجات ذكية كبطاقة احلسم الفوري حتقق األهداف اخلدماتية والوقفية يف آن واحد‪.‬‬
‫د‪ .‬استغالل البنية التحتية للمالية اإلسالمية لدعم قطاع األوقاف ( األسواق املالية‪ ،‬البنوك اإلسالمية‪ ،‬الصناديق‬
‫االستثمارية)‬
‫ذ‪ .‬الرؤية الفنية من قبل البنوك اإلسالمية لقطاع األوقاف‪ ،‬فهم يفضولون أن جتتمع يف إدارة األوقاف اخلربات‬
‫احملاسبية‪ ،‬وإدارة احملافظ االستثمارية ابحرتافية‪ ،‬وإدارة املخاطر‪ ،‬وقياس الضغط‪ ،‬واالستشراف الكمي‪.‬‬
‫ر‪ .‬حوكمة نظام الوقف من خالل جعل احلاكم (ممثل يف اجملالس اإلسالمية النابعة للحكومات احمللية) هو الناظر‬
‫األعلى لألوقاف‪.‬‬
‫ز‪ .‬تنوع دور املصارف اإلسالمية يف خدمة الوقف لتشمل اجلمع‪ ،‬واإلدارةـ واالستثمار والتوزيع‪.‬‬

‫وابلرغم من الصورة الواعدة هلذا التكامل ودعم البنك املركزي الواضح للبنوك عموما والبنوك اإلسالمية خصوصا على‬
‫أداء مسؤوليتها االجتماعية واستغالل آليات الوقف والزكاة هلذا الغرض إال أن هناك نقائص وحتدايت مازالت تعيق‬
‫حتقيق التكامل املنشود بني املصرفية اإلسالمية والوقف جنملها فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ .‬قلة حجم النقود الوقفية‪:‬‬

‫إنه من جمموع ‪ 27‬بنكا إسالميا عامال يف البلد‪ ،‬ال يوجد من هو فاعل يف قطاع األوقاف سوى ثالثة بنوك وهي‬
‫البنوك اليت خلصنا أنشطتها الوقفية يف اجلدول السابق‪ .‬واملالحظ أن البنوك اليت اخنرطت يف الوقف هي بنوك حملية‬
‫دون األجنبية ما حيرم الواقع املاليزي من جتربة وخربة البنوك األجنبية يف إدارة واستثمار األصول الوقفية خصوصا يف‬
‫جانب إدارة املخاطر والتدقيق والتحوط‪.‬‬

‫ب‪ .‬عدم وجود املسعف األخري‪:‬‬


‫تقع األصول الوقفية خارج إطار اإلسعاف األخري الذي يوفره البنك املركزي للبنوك احمللية‪ ،‬ففي حالة عجز‬
‫البنك اإلسالمي على الوفاء بواجباته جتاه أصحاب املصاحل يف التمويل الوقفي‪ ،‬فإن البنك املركزي ال ميكنه‬
‫التدخل إلسعاف احملافظ الوقفية املتأثرة حبالة العجز‪ .‬وما ينطبق على اإلسعاف األخري ينطبق على ضمان‬
‫البنك املركزي كطرف اثلث يف املشروع الوقفي‪ .‬فالربغم من قيام البنك املركزي بضمان بعض مشاريع التمويل‬

‫‪21‬‬
‫اإلسالمي بوصفه طرفا اثلثا كصكوك ‪ Danainfra‬لتمويل مشروع القطار اآليل الذي مت تدشينه عام‬
‫‪ ،432017‬إال أن الضمان يف املشاريع الوقفية مل يتطرق إليه البنك املركزي‪ ،‬األمر الذي جيعل املشاريع الوقفية‬
‫ال ترقى إىل مستوى متويل البنية التحتية للبلد‪ ،‬وال يطمئن املستثمرين واملقاولني ابلشكل الكايف‪.‬‬

‫أ‪ .‬عدم حتمل البنك اإلسالمي ملخاطر النشاط الوقفي‪:‬‬

‫يالحظ أن األنشطة الوقفية اليت ابشرهتا البنوك اإلسالمية املاليزية مقتصرة على جذب النقود الوقفية‪ ،‬وحتويلها إىل نظار‬
‫الوقف اليت تتوىل استغالهلا‪ ،‬هذا ابإلضافة إىل توفري التمويل الذي تستفيد منه البنوك اإلسالمية قصد الربح‪ ،‬وهذا كله‬
‫ال جيعل البنك اإلسالمي يتقاسم املخاطر مع أصحاب املصاحل يف املشروع الوقفي‪ .‬فاحلساابت البنكية الوقفية لدى‬
‫بعض هذه البنوك هتدف إىل جتميع النقود الوقفية وحتويلها إىل اجمللس اإلسالمي للوالية بوصفه انظرا على الوقف‪ .‬وليس‬
‫يف ذلك حتمل ألي خماطر إذ هو مبثابة وكيل الناظر يف جتميع النقود الوقفية‪ ،‬وليس على الوكيل ضمان إال ابلتعدي‬
‫والتقصري كما هو مقرر فقها‪ .‬أما توفري التمويل للمشرروع الوقفي ابستخدمت صيغ التمويل اإلسالمي املعروفة‪ ،‬فإن كل‬
‫الصيغ املوفرة ال خترج عن صيغ املداينات اليت ينقل فيه اخلطر من البنك إىل العميل املستفيد من املشروع الوقفي‪ .‬وبناء‬
‫عل يه مل تدخل البنوك اإلسالمية يف عقود املشاركات لتمويل املشاريع الوقفية أو االسثمار فيها‪ .‬ينسجم هذا اخليار يف‬
‫النشاط الوقفي مع توجه املؤسسات املالية اإلسالمية يف التقليل من حتمل املخاطر على حساب مبدأ تقاسم املخاطر‪.‬‬
‫وال يعد ذلك خمالفا ألحكام الشريعة لكنه يطرح أسئلة عن عدم حتمل البنك اإلسالمي املخاطر حىت يف النشاط اخلريي‪.‬‬

‫د‪ .‬عدم استعداد البنك اإلسالمي العتبار النشاط الوقفي جزءا من املركز املايل‪:‬‬

‫ابلنظر إىل الدور اليت تلعبه البنوك اإلسالمية يف دعم الوقف‪ ،‬والذي مل خيرج عن جتميع النقود‪ ،‬وحتويلها‪ ،‬وتوزيعها‪ ،‬وتوفري‬
‫التمويل املداينايت‪ ،‬فإن البنوك اإلسالمية مل تؤسس أوقافا وتضع هلا شروطا يلتزم اجمللس اإلسالمي للوالية املعنية بتنفيذها‪.‬‬
‫وسبب هذا يف نظر الباحث يرجع إىل عدم جعل البنك اإلسالمي األصول الوقفية جزءا من األصول أو اخلصوم‪ .‬ألهنا‬
‫لو فعلت ذلك لتطلب مراجعة املخصصات املالية‪ ،‬وكفاية رأس املال‪ ،‬وتكلفة النشاط الوقفي‪ ،‬واملعاجلات احملاسبية اليت‬
‫قد تتطلب طريقة غري معهودة يف االعرتاف بريع الوقف ختتلف عن االعرتاف ابألرابح يف النشاط التجاري للبنك‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪http://www.danainfra.com.my/images/stories/gallery/3rd_issuance/notice_3rd_issuance.pdf‬‬
‫تم الدخول على الموقع بتاريخ ‪2017\12\30‬‬

‫‪22‬‬
‫ومن أكرب العقبات اليت تواجه دمج املصرفية اإلسالمية ابلوقف هو تعارض صالحيات األطر الناظمة للقطاع املصريف‬
‫وقطاع األوقاف حيث تندرج املصرفية حتت وزارة املالية والبنك املركزي بينما يندرج الوقف حتت اجمللس اإلسالمي لكل‬
‫والية وبرعاية سلطان الوالية نفسه‪.‬‬

‫اخلامتة‪:‬‬

‫انقش البحث اإلطار املقاصدي لالستثمار املسؤول اجتماعيا والوساطة املالية القائمة على القيم‪ ،‬وركز على املقاصد‬
‫اليت تضطلع هبا اجلهات التشريعية واإلشرافية والرقابية مبراعاهتا يف التشريعات الصادرة‪ .‬وهذه املقاصد مرعية يف آحاد‬
‫األدلة الشرعية ويسهل استقراؤها استقراء مفيدا للقطع التشريعي املبين على الغالب األكثري والتواتر املعنوي‪ ،‬سواء كان‬
‫االستقراء قطعيا أم ظنيا‪ .‬وعليه فإنه يتوجب على اجلهات اإلشرافية ابلتعاون مع هيئات الرقابة الشرعية العليا لديها أو‬
‫جمالسها اإلفتائية التأكد من أن التشريعات االحرتازية‪ ،‬واحلوكمية‪ ،‬والشرعية املقننة تراعي املقاصد اليت انقشتها هذه‬
‫الورقة‪ ،‬خصوصا يف االستثمارات املسؤولة اجتماعيا أو الوساطة القائمة على القيم‪ .‬ويدعو البحث إىل إجياد آليات‬
‫لتطبيق املقاصد يف التمويل اإلسالمي وقياس مدى االلتزام هبا‪ .‬كما خلص إىل أن أهداف االستثمار املسؤول اجتماعيا‬
‫ال خيتلف يف جوهره عن املقاصد الشرعية‪ ،‬وأن الوساطة املالية القائمة على القيم الخترج يف عمومها عن املقاصد الشرعية‪.‬‬
‫أما التجربة املاليزية يف الوساطة الوقفية تتناغم مع املقاصد اليت أصلنا هلا يف هذا البحث‪.‬‬

‫‪23‬‬

You might also like