Professional Documents
Culture Documents
إخراج الشركة المساهمة للزكاة وأثره على زكاة المساهم
إخراج الشركة المساهمة للزكاة وأثره على زكاة المساهم
اهمِة َّ
للز َكاِة اج َّ
الشِر َكِة املُ َس َ ِإ ْخ َر ُ
َّة
ي ن ب م ه
ِ َ ِِ ِ ِ اسُامل ة اكَ َ
ز ى َ
ل عَ ُ
ه ر
ُ َ
ث َ
وأ
اج َرِة (املُ َضا َربِ
َة) املَُت َ
َّة َتطبيقي ٌ
َّة تأصيلي ٌ ِ ٌ
اسة ِد َر
إعـــداد
علي بن حممد بن حممد نور
باحث دكتوراه يف الفقه وأصوله
ملخص البحث
هيدف هــذا البحث إىل دراســة االجتهادات الفقهية املعارصة يف زكاة أســهم
الرشكات املســامهة ،التي خترج الزكاة بالنيابة عن املسامهني ،إذا كان متلك املساهم
هلا بنيــة املتاجرة (املضاربة) ،وقد اعتمد البحث عىل عدد من املقدمات األساســية
التي انتهى إليها االجتهاد اجلامعي املعارص يف زكاة األســهم ،وهي :أن األسهم من
األموال التي جتب فيها الزكاة ،وأن الزكاة جتب فيها بحسب ما متثله من موجودات،
وأن التكليف الرشعي بالزكاة عىل املســاهم ،وأن الرشكة يف حال إخراجها للزكاة
عن هذه املوجودات ،فإهنا خترج الزكاة بالنيابة عن املسامهني.
ثم تناول البحث بشــكل مفصل إجابة ســؤال البحث الرئيس ،وهو :هل تربأ
ذمة املســاهم بنية املتاجرة بام أخرجته الرشكة بالنيابة عنه من زكاة ،أم هل جيب عليه
إخراج زكاة إضافية بســبب نية املتاجرة (املضاربة)؟ وقد حرص البحث االجتاهات
يف هذه املســألة إىل ثالثة اجتاهات :األول :أن املســاهم بنية املتاجــرة تربأ ذمته بام
أخرجته الرشكة ،وثانيهام :أن املســاهم بنية املتاجرة جيب عليه تزكية أسهمه بالقيمة
السوقية بعد خصم ما أخرجته الرشكة من الزكاة .والثالث :أن املساهم بنية املتاجرة
جتب عليه زكاة القيمة الســوقية ألســهمه ،دون النظر إىل ما أخرجته الرشكة .وقد
عني البحث باملوازنة بني هذه االجتاهات من حيث مســتندها الرشعي ،ومن حيث
إمكان تطبيقها عمل ًّيا ،ســواء بالنســبة لعموم املكلفني أو ملؤسسات جباية الزكاة،
وقد انتهى البحث إىل ترجيح أن املســاهم بنية املتاجرة تربأ ذمته بام أخرجته الرشكة
من زكاة أســهمه؛ إلمجاع أهل العلم عىل منع الثنــي يف الزكاة ،وأن املال الواحد إذا
وجد فيه ســببان للزكاة ،فإنام يزكى بسبب واحد ،وهو ما انتهى إليه قرار جممع الفقه
اإلسالمي بجدة.
كام يتناول البحث تقويم ما عليه العمل يف اهليئة العامة للزكاة يف اململكة العربية
السعودية ،ومقارنة ذلك بام توصل إليه البحث.
من املعلوم أن الزكاة هي الرك ُن الثالث من أركان اإلســام ،وهي قرين ُة الصالة
يف القــرآن الكريم؛ كام قال تعــاىل﴿ :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﴾ [البقرة،]43 :
والــزكاة ختتلف عن غريها من العبادات يف كوهنــا ذات طابع اجتامعي ومايل ،فهي
قول اهلل تعاىل﴿ :ﮓ
دل عليه ُ
مســتح ٌّق للفقري ،كام ّ
َ حق واجب يف مال الغني
ٌّ
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾ [المعارج ،]25-24 :وقول النبي ﷺ
ملعاذ بن جبل -ريض اهلل عنه -حني بعثه إىل اليمن( :فأعلمهم أن اهلل افرتض عليهم
صدقة تؤخذ من أغنيائهم فرتد يف فقرائهم)(((.
هلذا كان من أعظم مقاصد الرشيعة يف الزكاة ،مواساة الفقراء من أموال األغنياء،
وإعانة ذوي احلاجات يف املجتمع املسلم ،ويف هذا يقول اإلمام املاوردي:
«فكان يف إجياهبا مواسا ٌة للفقراء ،ومعون ٌة لذوي احلاجات ،تَك ُّفهم عن البغضاء،
ٌ
وصول ،والراجي هائب، ومتنعهم من التقاطع ،وتبعثهم عىل التواصل؛ ألن اآلمل
وإذا زال األمل ،وانقطع الرجاء ،واشتدت احلاجة = وقعت البغضاء ،واشتد احلسد،
التقاطع بــن أرباب األموال والفقراء ،ووقعت العداوة بني ذوي احلاجات
ُ فحدث
واألغنياء ،حتى تُفيض إىل التغالب عىل األموال والتغرير بالنفوس»(((.
وقد قصــدت الرشيعة يف فريضة الــزكاة إىل املوازنة بني حــق الغني والفقري،
فجــاءت أحكام الزكاة بام يقيم حال ٍّ
كل منهام ،وال يلحق الرضر به ،فال يعود الغني
فقريا بإخراج الزكاة ،وال تترضر بذلك جتارته وال أعامله ،وال جيحف يف حق الفقري،
ً
ويف هذا يقول اإلمام ابن اهلامم:
وملا كانت أسهم الرشكات املسامهة من أهم جماالت االستثامر يف الوقت احلارض،
كان ال بد من حترير القول يف زكاهتا ،ومقارنــة ذلك باإلجراءات املتبعة يف اجلهات
املختصة بجباية الزكاة ،كاهليئة العامة للزكاة والدخل يف اململكة العربية الســعودية.
وسريكز البحث بشــكل رئيس عىل زكاة أســهم الرشكات التي خترج الزكاة ،وأثر
ذلك عىل زكاة املساهم بقصد املتاجرة (املضاربة) ،سواء أكان متلك املساهم ألسهم
الرشكات بشكل مبارش ،أو غري مبارش عن طريق الصناديق االستثامرية.
-1-1توطئة.
-1-2توطئة.
املبحــث الثالث :أثر إخــراج الرشكة الزكاة عــى زكاة املســاهم بنية املتاجرة
(املضاربة).
اخلامتة:
-1-3النتائج.
-2-3التوصيات.
املبحث األول
مقدمات أساسية يف زكاة األسهم
1-1توطئة:
يعــد هذا املبحــث بمنزلة املقدمــات املمهدة لبحث حكــم زكاة املضارب يف
أســهم الرشكات التي خترج الزكاة عن موجوداهتا ،حيث إن حتديد الزكاة الواجبة
يف الســهم ،يتوقف عىل النظرة الفقهية للرشكة املسامهة والتخريج الفقهي للسهم،
وبيان األســس الرشعية إلخراج الرشكة للزكاة عن موجوداهتا الزكوية ،وذلك من
خالل النقاط اآلتية:
«صك يثبت ح ًّقا يف حصة شائعة لشخص يف ملكية صايف أصول الرشكة ،واحلق
يف احلصول عىل حصة من الربح املحقق ،مع مسؤولية حمددة بمقدار املسامهة»(((.
وتتميز األســهم التي تصدرها الرشكات املسامهة بعدد من امليزات ،من أمهها:
أهنا متســاوية القيمة ،وأهنــا قابلة للتــداول ،وأهنا غري قابلــة للتجزئة يف مواجهة
الرشكة ،باإلضافة إىل السمة األساس يف رشكات األموال ،وهي املسؤولية املحدودة
للمساهم ،فال تتجاوز مسؤوليته قيمة ما يملكه من أسهم الرشكة.
والســهم قد يمثل حصة نقدية يف رأس مال الرشكة ،إذا كان ما قدمه املســاهم
نقدً ا ،وقد يمثل حصة عينية إذا قدم الرشيك عينًا ،منقوالً أو ً
عقارا ،والســهم سواء
((( ينظر :القانون التجاري «رشكات األموال» ،مصطفى كامل طه ،ص.121
أكان نقد ًّيــا أو عين ًّيا ُي َعدُّ ماالً منقوالً ،ولو كانت الرشكــة تعمل يف العقارات ،ولو
عقارا.
كانت احلصة التي قدمها الرشيك ً
-أن ما يقدمه املسامهون يف رأس مال الرشكة تنتقل ملكيته للرشكة بشخصيتها
االعتبارية املستقلة عن شخصية املســامهني ،وما دامت الرشكة قائمة فليس له حق
عيني يف أعياهنا ،وال املطالبة بقيمة أسهمه.
-النظر إىل الســهم عىل أنه ورقة متثل حق ملكيــة ،وهلذا يصنف ضمن أوراق
امللكية ،ختول حامل الســهم حقو ًقا عىل الرشكة ،تتمثل يف حقه يف األرباح املوزعة،
وحقه يف أصول الرشكة بعد تصفيتها.
-التمييز بني ملكية السهم وملكية موجودات الرشكة املسامهة ،فالسهم يملك
عىل وجه االســتقالل عن ملكية األصول واألعيان التــي متلكها الرشكة ،وال يعد
وقد الحظت كثري مــن القوانني هذا االســتقالل للشــخصية االعتبارية عن
املســامهني ،ففرضت رضيبة الدخل أو األرباح عىل الرشكات بشــكل منفصل عن
رضيبة الدخل عىل األفراد ،فالرشكة تدفع رضيبة عىل جمموع أرباحها ،سواء وزعتها
يتفق التخريج الفقهي للســهم مع النظــرة القانونية ،يف أنــه يمثل حق ملكية
للمساهم يف رشكة املسامهة؛ إال أن طبيعة هذه امللكية وحدودها ليست موضع اتفاق
بني الفقهاء املعارصين ،وقد ظهر ذلك عىل االجتهاد يف حكم زكاة األســهم ،وفيام
القول األول :أن السهم وثيقة متثل ملكية حصة نسبية شائعة يف مجيع موجودات
((( ينظر :الوجيز يف القانون التجاري ،مصطفى كامل 192 ،و 300وما بعدها ،الرشكات التجارية،
عيل حســن يونس ،175 ،113،161 ،الوسيط يف رشح القانون املدين ،السنهوري (-222/5
،)223الرشكات يف الرشيعة اإلســامية والقانون الوضعــي ،د .عبدالعزيز اخلياط-49/2( ،
،)101القانون التجاري السعودي ،د .حممد حسن اجلرب 289 ،وما بعدها.
-1قرار جممع الفقه اإلسالمي الدويل بجدة يف قراره رقم ،5 )7/1( 36والذي
جاء فيه ما نصه:
«إن املحل املتعاقد عليه يف بيع الســهم هو احلصة الشــائعة يف أصول الرشكة.
وشهادة السهم عبارة عن احلق يف تلك احلصة».
-2قرار املجمع الفقهي التابع لرابطة العامل اإلسالمي ،يف قراره الرابع يف الدورة
اخلامسة عرشة عام 1415هـ ،الذي جاء فيه:
«الســهم يمثل حصة شائعة يف رأس مال الرشكة ،واملساهم يملك حصة شائعة
يف موجودات الرشكة».
«يمثل السهم حصة شائعة يف رأس مال الرشكة املسامهة ،كام يمثل حصة شائعة
يف موجوداهتا ،وما يرتتــب عليها من حقوق عند حتول رأس املال إىل أعيان ومنافع
وديون ونحوها ،وحمل العقد عند تداول األسهم هو هذه احلصة الشائعة».
ويســتند هذا القــول إىل ختريــج رشكة املســامهة عىل الــركات املعروفة يف
الفقه اإلســامي ،مثــل رشكة العنــان أو رشكــة املضاربة ،فاملســاهم يف رشكة
ويرى أصحاب هذا القول أن قبول الفقهاء املعارصين للرشكة املسامهة ال يعني
القبول بجميع األحكام التي يقررها قانون هذه الرشكات ،وينبغي أن ُيســتبعد منها
ما خيالف القواعد الرشعية(((.
القول الثاين :أن الســهم ورقة مالية ال متثل موجودات الرشكة ،ومالك السهم
ال يملــك تلك املوجودات ،وال حق له فيها ،وإنام هي مملوكة للرشكة بشــخصيتها
االعتبارية.
ويعــد الدكتور حممد بن عيد القري من أول مــن اعتنى بتأصيل هذا القول من
الناحيتــن الفقهية والقانونية ،وذلــك يف بحثه القيم «الشــخصية االعتبارية ذات
املسؤولية املحدودة»(((.
وقد أصل ملفهوم الشــخصية االعتبارية من خالل مســألة فقهية ،وهي ملكية
((( ينظر :الرشكات يف الفقه اإلســامي ،عيل اخلفيف ،ص ،127الرشكات يف الرشيعة اإلسالمية،
د.عبدالعزيز اخلياط ،)159/2( ،املعامالت املالية أصالة ومعارصة ،دبيان الدبيان)118/13( ،
((( ينظــر :أعــال الندوة احلاديــة عرشة لقضايا الــزكاة املعــارصة ،ص ،26امللتقيــات الفقهية،
ص.69-68
((( وقد نرشه يف جملة دراســات اقتصادية إســامية ،املجلد اخلامس ،العدد ،2عام 1419هـ ،وقد
عرض تكييفه هلذه املســألة يف مناقشات جممع الفقه اإلسالمي عام 1418هـ ،ينظر :جملة املجمع
العــدد الثالث عرش ( ،)397/2وقدم بذلــك ورقة إىل مؤمتر شــورى الفقهي اخلامس يف عام
1437هـ بعنوان« :أثر االختالف بني الشخصية الطبيعية واالعتبارية» ،كام قدم ورقة علمية ملؤمتر
شورى الفقهي السادس عام ،1435بعنوان« :التكييف الفقهي ألسهم الرشكات املسامهة».
الســيد للعبد املأذون له بالتجارة ،فهو ال يتحمل التزامات العبد التجارية فيام يزيد
ويرى أصحاب هذا القول أن رشكة املســامهة ختتلف عن الرشكات املعروفة يف
الفقه اإلســامي ،مثل رشكة العنان ،وأهنا إنام تنطبق عىل رشكات األشخاص ،وال
الفقهية يف املوضوع تعري ًفا مفاده ،أن الســهم حصة مشاعة يف موجودات الرشكة،
وهذا تعريف صحيح للســهم يف رشكة العنان ،لكنه ليس كذلك يف رشكة املسامهة
احلديثــة ،ومر ُّد هذا االختالف أن صفة املســؤولية املحدودة فيهــا تؤدي إىل توليد
شــخصية اعتبارية مستقلة عن محلة األسهم ،وإىل عزل امللكية عن اإلدارة ...وهذه
هبــا وال نتبناهــا بديال عن رشيعتنا الســمحة ،لكــن صيغة رشكة املســامهة ذات
((( ينظر :الشخصية االعتبارية ذات املسؤولية املحدودة ،دراسة فقهية اقتصادية ،ص.35
((( الشخصية االعتبارية ذات املسؤولية املحدودة ،دراسة فقهية اقتصادية ،ص.19
وقد حظي هذا القول باهتــام العديد من الفقهاء املعارصين ،وظهرت كتابات
لبعض الفقهاء تتفق مع هذا التخريج الفقهي ،مثل :الدكتور نزيه محاد((( ،والشــيخ
حممد املختار السالمي((( ،والشيخ نظام يعقويب((( ،وغريهم ،كام كان له تأثري عىل:
القــول الثالث :وهو أن الســهم ورقة مالية متثل حصة شــائعة يف الشــخصية
االعتبارية للرشكة ،وهذه الشــخصية االعتبارية هلا ذمة مالية مســتقلة عن مالكها،
وهم املســامهون ،وهلا أهلية كاملــة ،فهي قابلة لإللزام وااللتــزام ،وإجراء العقود
والترصفات ،وحتمل الديون وااللتزامــات ،واألرضار الواقعة عىل الغري يف حدود
ذمتها فقط ،وال تتعداها إىل املسامهني ،وكل ما يثبت هلا أو عليه فهو باألصالة ال عىل
سبيل الوكالة عن املسامهني.
وعــى هذا فإن مالك الســهم بتملكه حصــة يف هذه الشــخصية ،فإنه يملك
موجوداهتا احلســية واملعنوية عىل ســبيل التبعية ،وهذه امللكيــة ناقصة ،فال يملك
الترصف بيشء منها ،ولو زادت قيمة هذه املوجودات عن قيمة أسهمه فليس له حق
((( الشخصية االعتبارية ذات املسؤولية املحدودة ،دراسة فقهية اقتصادية ،ص.19
((( وذلك يف بحثه «التكييف الفقهي ألســهم الرشكات املسامهة» ،واملقدم إىل مؤمتر شورى الفقهي
السادس ،يف عام 1437هـ.
((( وذلك يف بحثه «املتاجرة بأســهم رشكات غرضها ونشاطها مباح لكنها تقرض وتقرض بفائدة»،
واملقدم للندوة الفقية اخلامســة لبيت التمويل الكويتي ،حيث قال( :السهم ورقة مالية متثل حق
ملكية مشــاعة يف رأي مال الرشكة وما يتبعه من حقوق ..لكن صاحب الســهم ال يملك مقدار
نصيبه من موجودات الرشكة) .ينظر :ندوات بيت التمويل الكويتي (.)14/5
((( ينظر :ندوات بيت التمويل الكويتي (.)76/5
املطالبة هبا ،كام أنه ال يتحمل يف ماله اخلاص الديون أو األرضار التي قد تقع بسببها
مبارشا ،وليست يد الرشكة عليها
ً عىل اآلخرين؛ ألنه ال يملك هذه املوجودات ملكًا
بالوكالة عنه.
وقد ذهب إىل هذا القول الدكتور يوسف الشبييل يف بحثه يف «زكاة األسهم»(((.
وقد ذكر أن هذا الــرأي باإلضافة إىل توافقه مع النظــرة القانونية ،فهو يتوافق
مع ما ذكره الفقهاء يف نظري الشخصية االعتبارية للرشكة املسامهة ،وهي الشخصية
االعتبارية للموقوف عىل معني ،فإن الوقف له شــخصية وذمة مالية مســتقلة عن
الواقف واملوقوف ،ومع ذلك فقد ذهب احلنابلة والشافعية يف قول إىل انتقال ملكية
الوقف إىل املوقوف عليهم(((.
االجتاه األول :أن األصل يف تقدير زكاة السهم بالنسبة للمساهم تكون بحسب
املوجودات الزكوية التي يمثلها السهم من موجودات الرشكة:
((( والــذي قدمه لندوة األســهم والصناديق االســتثامرية عام 1430 ،1429ه ،كــا قرر الدكتور
حفظه اهلل هذه املســائل يف عدد مــن البحوث التي قدمها منها :بحث بعنــوان «إصدار وتداول
األسهم والصكوك» عام 1431هـ ،وبحث بعنوان «التوصيف الرشعي لألسهم واآلثار املرتتبة
عليه» ،واملقدم ملؤمتر شورى الفقهي السادس عام 1437هـ.
((( أبحــاث وأعامل ندوة زكاة األســهم والصناديق االســتثامرية ،ص ،153وينظر :رشح املنتهى
( ،)408/2واحلاوي الكبري (.)516/7
وذهب إىل هذا القول القائلون بأن السهم حصة من املوجودات ،وكذلك الذين
وتوصيات دوائر االجتهاد اجلامعي ،ومن ذلك قرار جممع الفقه اإلســامي ،حيث
جاء فيه:
«خترج إدارة الرشكة زكاة األســهم كام خيرج الشــخص الطبيعي زكاة أمواله،
بمعنى أن تعترب مجيع أموال املســامهني بمثابة أموال شــخص واحد وتفرض عليها
الزكاة هبذا االعتبار من حيث نوع املال الذي جتب فيه الزكاة ،ومن حيث النصاب،
ومن حيث املقدار الذي يؤخذ ،وغري ذلك مما يراعى يف زكاة الشخص الطبيعي».
وقد اختلفوا يف أثر نية املتاجرة يف األسهم (املضاربة) عىل ما سيأيت الح ًقا.
االجتاه الثاين :أن األصل يف تقدير زكاة الســهم بالنسبة للمساهم تكون بحسب
نيته ،فإذا كان يقصد االســتثامر طويل األجل فإنه يزكي الســهم زكاة املستغالت،
وجتب الزكاة يف عائده ،وإذا كان يقصد املتاجرة يف األسهم ،فإنه يزكي زكاة عروض
كام ذهبت إليه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء باململكة يف العديد
((( ينظر :أعامل وأبحاث الندوة احلادية عرشة لقضايا الزكاة املعارصة ( ،)166/1أســواق األوراق
املالية ،ص.318
«األســهم التي جتب فيها الزكاة هي األسهم التجارية التي هي معروضة للبيع،
أما األســهم الثابتة التي ال يقصد هبا البيع ،وإنام يقصد استثامرها فإن الزكاة جتب يف
غلتها إذا بلغت نصا ًبا بنفسها أو يضمها مع غريها وحال وعليها احلول»(((.
«األســهم يف رأس مال الرشكة ،فهذه إن كانت لالستغالل فالزكاة يف غ َّلتها إذا
بلغت نصا ًبا وقت اســتالمها ،وإن كانت األسهم معروضة للبيع والتداول فالزكاة
جتب يف األسهم مقدرة قيمتها وقت متام احلول»(((.
ويتميز هذا االجتاه بيرسه وسهولته عىل املكلفني بالزكاة ،وعىل اجلهات املختصة
بجباية الزكاة ،وال يرتتب عليه اإلشــكاالت التي ترد عــى الطريقة املعمول هبا يف
احتساب الزكاة بناء عىل املوجودات الزكوية للرشكة ،ويف هذا يقول الدكتور القري:
وهــذا القول عىل ما فيه من الوجاهة واليرس عــى املكلفني ،إال أنه يرتتب عليه
عدم وجوب الزكاة يف أعيان األموال الزكويــة اململوكة للرشكة ،وهذه النتيجة قد
((( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء ،املجموعة الثانية (.)128/6
((( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء ،املجموعة الثانية (.)157/6
((( جملة جممع الفقه اإلسالمي ،العدد الثالث عرش.)396/2( ،
يصعب االطمئنان إليها عند إمكان معرفة هذه األموال الزكوية وإخراج الزكاة عن
أعياهنا ،كــا إذا كانت الرشكة هي التي خترج الزكاة عن موجوداهتا ،وإن كان يتعني
القول به عند عدم إمكان معرفة هذه األموال التي متلكها الرشكة ،وهو ما انتهى إليه
قرار جممع الفقه اإلسالمي بجدة اآليت ذكره بإذن اهلل.
املبحث الثاني
األسس الشرعية إلخراج الشركة املساهمة للزكاة
-1-2توطئة:
للوصول إىل إجابة ســؤال البحــث الرئيس يف أثر إخراج الرشكات املســامهة
للزكاة عىل زكاة املســاهم بنية املتاجرة = من املالئــم التمهيد لذلك بمعرفة املكلف
يف زكاة األسهم ،ومعرفة األســس الرشعية إلخراج الرشكات املسامهة للزكاة عن
يرسي عىل مجيع األحكام الرشعية التكليفية ،ومن بينها فريضة الزكاة ،وقد حددت
الرشيعــة رشو ًطا لوجوب الزكاة من أمهها اإلســام ،لكن بالنظــر إىل ما للرشكة
املســامهة وغريها من شــخصية اعتبارية يقر هبا القانون ،فهل يقــال بأن التكليف
الرشعي إنام هو عىل املسامهني يف الرشكة ،وأن إخراج الرشكة إنام هو بالنيابة عنهم؟
القول األول :أن التكليف بالزكاة هو عىل الشخصية االعتبارية ،وبناء عليه تقع
املسؤولية من حيث اإلثم عىل ممثيل هذه الشخصية االعتبارية ،كام أن اإلثم ال يقع عىل
الصبي واملجنون يف حال عدم اإلخراج ،وإنام يقع عىل الويل يف حال عدم اإلخراج،
وإليه ذهب بعض الفقهاء املعارصين(((.
ومستند هذا القول :أن رشط وجوب الزكاة أهلية الوجوب يف املخاطب وامللك
التام ،ومها متحققان يف الشــخصية االعتبارية التجاريــة ،فلها أهلية كاملة ،وذمتها
املالية قابلة لتحمل االلتزامات ،وهي متلــك املوجودات ،والزكاة وإن كانت عبادة
يف األصل ،لكن يغلب عــى أحكامها أهنا حق مايل ،وهلذا ليس من رشوط وجوهبا
التكليف عند مجهور أهل العلم ،ولذا جتب يف مال الصغري واملجنون(((.
وهذا القول يظهر فيه االنســجام مــع فكرة الشــخصية االعتبارية للرشكات
املسامهة ،لكن يلزم عليه عدم إجياب الزكاة عىل املسامهني إذا مل خترج الرشكة الزكاة،
وهــذا الالزم مل يلتزم به أصحاب هذا االجتــاه؛ ألهنم يرون أنه يف حال عدم إخراج
الرشكة للزكاة ،فإن الوجوب ينتقل إىل املسامهني((( ،فيكون مآل قوهلم إىل:
القول الثــاين :وهو أن التكليف الرشعي يف زكاة أســهم الرشكات إنام هو عىل
املســامهني ،وإن إدارة الرشكة خترج الــزكاة بالنيابة عنهم ،وهو مــا يقتضيه النظر
الفقهي ،وهو الــذي انتهى إليه االجتهاد اجلامعي يف هذه املســألة ،كام جاء يف قرار
جممع الفقه اإلسالمي الدويل:
((( ينظر :التطبيق املعارص للزكاة ،للدكتور شــوقي شحاتة ،ص ،119وجملة جممع الفقه اإلسالمي،
العــدد الرابع ( ،)285/1زكاة الشــخصية االعتبارية ،للباحث :فواز الســليم (بحث تكمييل
ملرحلة املاجستري باملعهد العايل للقضاء) ،ص.219
((( ينظر :املصادر السابقة.
((( ينظر :زكاة األســهم ،د .يوســف الشــبييل ،ضمن :أبحاث وأعامل ندوة األســهم والصناديق
االستثامرية ،ص.157
«جتب زكاة األســهم عىل أصحاهبا ،وخترجها إدارة الرشكة نيابة عنهم إذا نص
يف نظامها األسايس عىل ذلك ،أو صدر به قرار من اجلمعية العمومية ،أو كان قانون
الدولــة يلزم الرشكات بإخراج الــزكاة ،أو حصل تفويض من صاحب األســهم
إلخراج إدارة الرشكة زكاة أسهمه».
كــا ذهب إىل ذلك مؤمتر الــزكاة األول((( ،واملجلس الرشعي هليئة املحاســبة
واملراجعة للمؤسســات املالية اإلســامية((( ،وعليه فإن إخراج الرشكة الزكاة هو
بالنيابة عن املسامهني.
ويرتتب عىل كون املســاهم هو املكلف بإخراج الــزكاة نتيجة مهمة ،وهي أن
الزكاة ال تؤخذ إال عن املســامهني املكلفني بالزكاة رش ًعــا؛ هلذا قرر جممع الفقه أنه
ال جتب الزكاة عن األسهم اململوكة جلهات ال جتب عليها الزكاة رش ًعا ،مثل األسهم
اململوكة للدولة ،أو املؤسســات العامــة ،أو األوقاف عىل جهــات عامة ،أو غري
املسلمني ،وأوجب إخراج حصصهم من وعاء الرشكة للزكاة ،حيث جاء يف قراره:
«ويطرح نصيب األســهم التي ال جتب فيها الزكاة ،ومنها أسهم اخلزانة العامة،
وأسهم الوقف اخلريي ،وأسهم اجلهات اخلريية ،وكذلك أسهم غري املسلمني».
أما املنظم الســعودي ،عىل الرغم من إطالق وصف التكليف عىل الشخصيات
االعتبارية مثل الرشكات ،إال أن املنظم ال يقصد التكليف الرشعي ،بل املقصود من
هذا اإلطالق خضوع الشــخصية االعتبارية ألحكام نظام جباية الزكاة وإجراءاهتا،
ومن املعلوم أن الدولة ال ختاطب آحاد املســامهني بإخراج الزكاة عن أســهمهم يف
الــركات ،وإن كانوا هــم املكلفني رش ًعا ،وإنام ختاطب ممثــي الرشكة من أعضاء
جملس اإلدارة بالنيابة عن املسامهني ،واملنظم السعودي يتفق مع النظر الفقهي يف أن
التكليف للمســاهم ،ويعترب رشط التكليف عىل املسامهني فيام يؤخذ من الرشكات
خيضــع للزكاة ،ومنهــا ما خيضع للرضيبــة ،ومنها ما خيضع للــزكاة يف جزء منها،
وختضع للرضيبة يف جزء آخر ،وســبب التفريق عائد إىل طبيعة املســامهني يف هذه
الــركات ،وأن الرضيبة تفــرض عىل الرشكات األجنبية؛ ألهنــا قد تكون مملوكة
لغري املسلمني.
-2عدم إخضاع األوقاف للزكاة كام جاء يف الالئحة التنفيذية الصادرة بالقرار
«ال ختضــع للزكاة غلة الوقف اخلريي –باســتثناء الوقف الــذري – إذا كانت
مصارفه عىل وجوه الرب العامة ،كام ال ختضع للزكاة غلة الوقف الذي يستثمر وحيقق
-3إعفاء اجلهات غري الربحية من الزكاة؛ ألن األموال التي لدهيا ليست مملوكة
ألشخاص معينني ،كام جاء يف الفقرة (ثان ًيا) من املادة اخلامسة من الالئحة التنفيذية:
«ال ختضع للزكاة اجلمعيات اخلريية وكذلك اجلمعيات واملؤسسات غري اهلادفة
للربح ،بام يف ذلك حصصهم يف املنشآت األخرى».
واحلاصل مما ســبق أن الزكاة التــي خترجها الرشكة هي مــن الناحية الرشعية
والنظامية هي زكاة عــن موجودات الرشكة الزكوية ،وأن إخــراج الرشكة للزكاة
إنام هو بالنيابة عن املســامهني ،وأن ذمة املساهم تربأ بإخراج الرشكة عن موجوداهتا
الزكوية إذا أخرجت الرشكة الزكاة.
املبحث الثالث
أثر إخراج الشركة الزكاة على زكاة املساهم بنية املتاجرة (املضاربة)
-1-3توطئة:
خيتص هذا املبحث باجلواب عن ســؤال البحث الرئيس عن أثر إخراج الرشكة
املسامهة للزكاة عىل زكاة املضارب ،سواء أكان متلك املساهم للسهم بالتملك املبارش
لألســهم أو بالتملك غري املبارش عن طريق الصناديق االســتثامرية ،وسواء أكانت
أسهم هذه الرشكات متاحة للتداول يف األسواق املالية أو غري متاحة للتداول ،وقبل
عرض اخلالف يف املسألة ،حيسن بيان الفرق بني االستثامر يف األسهم واملتاجرة فيها
(املضاربة).
قيمتها يف هناية مدة االســتثامر .ويكون غرض املستثمر األسايس استثامر مدخراته،
ويكون االستثامر أقل خماطرة ،ملدة طويلة نسب ًّيا(((.
وتفــرق املعايري املحاســبية يف إثبات األوراق املالية املســتثمر هبا وعرضها بني
األوراق املاليــة املعدة للمتاجرة ،واألوراق املالية املعدة لالســتثامر ،حيث تصنف
ضمــن األصول املتداولة إذا كان نية املســتثمر االحتفاظ هبا ملدة تقل عن الســنة،
وتصنف ضمن األصول طويلة األجل إذا كان نية املســتثمر االحتفاظ هبا ملدة تزيد
عىل السنة(((.
أما مــن الناحية الفقهية ،فال يوجــد ضابط متفق عليــه يف التفريق بني املتاجر
واملستثمر يف األســهم ،واملشهور أن املستثمر يقصد االســتفادة من عوائد السهم،
واملتاجر يقصد الربح من الزيادة يف قيمة الســهم يف األســواق املالية ،وهذا التفريق
غري مطابق للواقع؛ ويف هذا يقول الدكتور يوسف الشبييل:
«التمييز الدارج لدى البعض بني املســتثمر واملضارب بأن املســتثمر من يقصد
العوائد املوزعة ،واملضارب من يتملك الســهم بقصد االستفادة من ارتفاع القيمة،
حمل نظر .وبيان ذلك أن احلامل عىل رشاء السهم واحد أو أكثر من ثالثة أمور:
-1األرباح املوزع.
واألمر األول ال يمثل شــي ًئا مقارنة باألخريين ،فمعظم الرشكات ذات العوائد
تعيد معظم أرباحهــا يف الرشكة (األرباح املدورة)؛ لينعكــس أثر ذلك عىل القيمة
السوقية ألسهمها ،أو جتعلها عىل شكل زيادة رأساملية عن طريق أسهم املنحة ،وال
توزع عىل املسامهني منها إال القليل.
ومــؤدى هذا الرأي أن عامة املســامهني يعدون مضاربــن؛ ألنه ما من أحد يف
سوق األسهم إال وهو يراعي يف قراره االستثامري توقعات الزيادة يف القيمة السوقية
للســهم ،وأسهم املنحة املتوقعة .ومن املعلوم أن أســهم املنحة ال يمكن االستفادة
منها إال ببيعها»(((.
وبناء عليه ،فقد قرر الدكتور يوسف الشبييل إىل أن الضابط يف التفريق بينهام هو
بناء عىل نية البيع لألسهم ،فاملستثمر هو الذي يشرتي األسهم وال ينوي بيعها خالل
السنة ،واملتاجر (املضارب) هو الذي يشرتي األسهم بنية بيعها خالل العام(((.
وما ذهب إليه الدكتور الشــبييل يف التفريق بني املستثمر واملضارب ،يتوافق مع
قول املالكيــة يف زكاة عروض التجارة ،وتفريقهم بني التاجر املدير الذي يشــري
الســلعة بنية تقليبها يف األســواق ،وبني التاجر املحتكر الذي يشــري السلعة بنية
ارتفاع قيمتها يف األســواق ،فيوجبون عىل التاجر املدير الزكاة كل سنة ،ويوجبون
عىل التاجر املحتكر الزكاة لسنة واحدة عند بيعها(((.
((( زكاة الصكوك االستثامرية واملحافظ ،والصناديق االستثامرية ،د .يوسف الشبييل ،ضمن بحوث
الندوة احلادية والعرشين لقضايا الزكاة املعارصة ،ص.266
((( ينظر :املراجع السابقة.
((( ينظر :الفواكه الدواين ( ،)331/1الرشح الصغري (.)637/1
وقد استحســن بعض الباحثني هذا الضابط يف التفريــق بينهام((( ،واعتمده يف
التفريق بني ما هو له حكم عروض جتارة من األســهم ،وما ليس كذلك ،وهذا غري
دقيق وال يتفق مع األصل الفقهي الذي اعتمد عليه الدكتور يوسف الشبييل.
بناء عىل ما تقدم ،فإن الرشكة إذا أخرجت الزكاة عن موجوداهتا الزكوية بالنيابة
عن املسامهني ،فإن املستمثر تربأ ذمته بام أخرجته الرشكة من الزكاة عن موجوداهتا،
أما املســاهم بنية املتاجرة (املضارب) ،فقد اختلــف الفقهاء فيام إذا كان ذلك يربئ
ذمته أم ال.
وقبل عرض اخلالف الفقهي املعارص يف هذه املســألة مــن املالئم التمهيد هلذا
اخلالف بمســألة فقهية متفق عليها بني العلــاء((( ،وهو منع الثني يف الزكاة ،وذلك
لقــول النبي ﷺ (ال ثني يف الصدقة)((( ،وبنا ًء عليــه ،فقد اتفق الفقهاء عىل أن املال
الواحــد ال جيوز جبايــة الزكاة عليه مرتــن يف عام واحد ،ومن ذلــك أن املال إذا
وجد فيه ســببان للزكاة ،فال جيب إخراج الزكاة عنه إال بســبب واحد ،فإذا اجتمع
يف مال واحد ســبب زكاة النقدين من الذهب والفضــة أو زكاة الزروع والثامر أو
زكاة هبيمــة األنعام مع زكاة عــروض التجــارة ،فإنه ال جيوز إخــراج الزكاة إال
بسبب واحد.
فعىل ســبيل املثال :لو كان املكلف يملك نصاب سائمة من الغنم ،وهو أربعون
شــاة ،وتبلغ قيمتها أربعني ألف ريال ،ينوي هبــا التجارة ،وقد حتققت فيها رشوط
عــروض التجارة ،فإنه ال جيوز إخراج الزكاة بناء عىل الســببني باالتفاق ،فال جيب
عليــه باالتفاق أن خيرج شــاة واحدة عن أربعني شــاة بوصفها من ســائمة هبيمة
األنعام ،ثم خيــرج ربع عرش قيمتها ،وهو مبلغ 1000ريــال عىل أهنا من عروض
التجارة ،بل يتفــق الفقهاء عىل أنه جيب إخراج الزكاة عىل أحد الســببني ،وكذلك
األمر يف زكاة النقدين ويف زكاة الزروع والثامر إذا اجتمع معها ســبب وجوب زكاة
عروض التجارة.
وقد اختلف الفقهاء يف الســبب الذي يقدم يف هذه احلال ،هل تقدم زكاة النقد
والزروع والثامر وهبيمة األنعام ،أم تقدم زكاة عروض التجارة ،وقد اختلف الفقهاء
يف السبب الواجب اعتباره يف زكاة املال حينئذ عىل اجتاهني:
االجتاه األول :أنه تُقــدم زكاة النقد والزروع والثامر وهبيمــة األنعام عىل زكاة
عروض التجارة:
أحدمها :أن زكاة العني يف السوائم واحلرث والنقد أقوى من زكاة التجارة وأوكد؛
ألهنا وجبــت بالنص مع انعقاد اإلمجاع عليها ،وزكاة التجارة وجبت باالجتهاد مع
حصول اخلالف فيها ،فكان املجمع عليه أوىل من املختلف فيه.
والثاين :أن زكاة العني واجب ٌة يف أصل املال ،وزكاة التجارة يف القيمة ،فإذا اجتمعا
كان ما تعلق بأصل املال أوىل بالتقدمة.
االجتاه الثاين :تقديم ســبب زكاة عروض التجارة عىل زكاة النقد وسائمة هبيمة
األنعام ،والزروع والثامر ،وهو مذهب احلنابلة((( ،واحلنفية يف السائمة(((.
ُّ
وأحظ الستيفائها األصل والفرع ،واختصاص أحدمها :أهنا أعم من زكاة العني
زكاة العني بالفرع دون األصل.
والثــاين :أهنا أقوى من زكاة العني وآكد ،فوجوهبا يف مجيع الســلع والعروض،
واختصاص زكاة العني ببعض دون بعض(((.
ومع وجود اخلالف يف الســبب الذي يقدم يف هذه احلال ،فقد اتفق الفقهاء عىل
أن املال إذا زكي باعتبار النقد أو الــزروع أو هبيمة األنعام مل جتز زكاته باعتبار كونه
عروض جتارة ،حتى حيول عليه احلول ،ويف هذا يقول اإلمام ابن عبدالرب:
«ومــا زكي من احلبوب ،فال زكاة فيه بعد حــول وال يف ثمنه حتى حيول حوله،
وال خالف يف ذلك ،وهو جمتمع عليه»(((.
وبعد بيان خالف الفقهاء املتقدمني يف الســبب الذي يقدم عند اجتامع سببني يف
الزكاة ،فيحسن إيراد اخلالف الفقهي املعارص يف أثر نية املتاجرة يف األسهم عىل زكاة
السهم ،وهل جيب عىل املساهم إخراج زكاة إضافية عىل ما جيب يف زكاة املوجودات
الزكوية لألسهم ،ســواء أخرج املساهم زكاة تلك املوجودات الزكوية أو أخرجتها
الرشكة ،وذلك عىل قولني:
القول األول :أن زكاة الســهم جتب بحســب املوجودات الزكوية للسهم دون
اعتبار لنية املساهم ،سواء أكانت نيته املتاجرة (املضاربة) أم االستثامر طويل األجل،
ســواء أخرجت الرشكة الزكاة أم أخرج املساهم الزكاة بناء عىل علمه باملوجودات
الزكوية التي ختص أســهمه ،فإن ذمته تربأ بذلك ،من ًعا للثنــي؛ ألن املال الواجب
ال تصح جبايته مرتني.
وقد أخذ هبذا االجتــاه املؤمتر األول للزكاة ،املنعقــد يف الكويت يف 29رجب
1404هـ ،والذي جاء يف فتاواه:
«إذا قامت الرشكة بتزكية أمواهلا ،فال جيب عىل املساهم إخراج زكاة أخرى عن
اسمه ،من ًعا لالزدواج».
كام أخذ به جممع الفقه اإلســامي الدويل التابع ملنظمة التعاون اإلســامي ،يف
القرار رقم )4/3( 28 :بشأن زكاة األسهم يف الرشكات ،والذي جاء فيه:
«أوالً :جتب زكاة األســهم عىل أصحاهبا ،وخترجها إدارة الرشكة نيابة عنهم إذا
قرار من اجلمعية العمومية ،أو كان
ُص يف نظامها األســايس عىل ذلك ،أو صدر به ٌ
ن َّ
تفويض من صاحب األسهم
ٌ قانون الدولة يلزم الرشكات بإخراج الزكاة ،أو حصل
إلخراج إدارة الرشكة زكاة أسهمه.
ثان ًيا :خترج إدارة الرشكة زكاة األسهم كام خيرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله،
بمعنى أن تُعترب مجيع أموال املســامهني بمثابة أموال شخص واحد ،وتُفرض عليها
نوع املال الذي جتب فيه الزكاة ،ومن حيث النصاب،
الزكاة هبذا االعتبار ،من حيث ُ
ومــن حيث املقدار الذي يؤخذ ،وغري ذلك مما يراعى يف زكاة الشــخص الطبيعي،
عممه من الفقهاء يف مجيــع األموال .ويطرح ً
أخــذا بمبدأ اخللطة عند مــن َّ وذلك
نصيب األسهم التي ال جتب فيها الزكاة ،ومنها أسهم اخلزانة العامة ،وأسهم الوقف
اخلريي ،وأسهم اجلهات اخلريية ،وكذلك أسهم غري املسلمني
ثالث ًا :إذا مل تزك الرشكة أمواهلا ألي سبب من األسباب ،فالواجب عىل املسامهني
خيص أسهمه
زكاة أسهمهم ،فإذا استطاع املساهم أن يعرف من حسابات الرشكة ما ُّ
من الزكاة ،لو زكت الرشكة أمواهلا عىل النحو املشــار إليه = زكَّى أســهمه عىل هذا
االعتبار؛ ألنه األصل يف كيفية زكاة األسهم».
ومســتند ما ذهب إليه املجمع هو قول النبي ﷺ (ال ثنــي يف الصدقة)((( ،وأن
املــال الواحد ال جيوز جباية الزكاة عليه مرتــن يف عام واحد ،وكام تقدم من حكاية
اتفاق أهل العلم عىل منع الثني يف الزكاة ،وأن املال إذا وجد فيه ســببان للزكاة ،كأن
يكــون للمكلف( :نقد وزروع وثامر) ويقصد هبا التجــارة ،فال جيوز إجياب الزكاة
عليها مرتني.
وعليه فإن جممع الفقه اإلسالمي يذهب إىل أن الواجب عىل املساهم الذي يعلم
ما خيص أســهم من موجــودات زكوية = إخراج زكاة ما يتعلق بأســهمه من تلك
املوجودات الزكوية ،دون اعتبار لنية املساهم ،وهل يقصد بتملكه لألسهم املتاجرة
أو االســتثامر طويل األجل ،وســواء أخرج املكلف الزكاة عن أسهمه أم أخرجتها
الرشكة عنه ،ال خيتلف الواجب يف هذه احلال.
وأما احلال التي ال يعلم فيها املســاهم ما خيص أسهمه من املوجودات الزكوية،
فصل فيها قرار املجمع من باب التحري ،حيث جاء يف تتمة القرار:
فقد َّ
فإن كان ســاهم يف الرشكة بقصد االســتفادة من ريع األسهم السنوي ،وليس
بقصد التجارة ،فإنه يزكيها زكاة املستغالت ،ومتشي ًا مع ما قرره جممع الفقه اإلسالمي
يف دورته الثانية بالنســبة لــزكاة العقارات واألرايض املأجورة غــر الزراعيةَّ ،
فإن
صاحب هذه األسهم ال زكاة عليه يف أصل السهم ،وإنام جتب الزكاة يف الريع ،وهي
ربــع العرش بعد دوران احلول من يوم قبض الريع ،مــع اعتبار توافر رشوط الزكاة
وانتفاء املوانع.
وإن كان املساهم قد اقتنى األسهم بقصد التجارة ،زكّاها زكاة عروض التجارة،
فإذا جاء ُ
حول زكاته وهي يف ملكه ،زكى قيمتها السوقية وإذا مل يكن هلا سوق ،زكى
قيمتها بتقويم أهل اخلربة ،فيخرج ربع العرش 5ر %2من تلك القيمة ومن الربح ،إذا
وينبغــي التنبيــه إىل أن احلال التي أشــار إليها قــرار جممع الفقه اإلســامي
الدويل ،من عدم علم املســاهم باملوجــودات الزكوية ألســهمه ،ال ترد فيام يتعلق
اهليئــة العامة للزكاة والدخــل وغريها من املؤسســات املعنية بجبايــة الزكاة من
الــركات ،وهلا القــدرة عىل معرفة ما خيص الســهم من املوجــودات الزكوية يف
الرشكات اخلارجية.
تـنـبـيـه:
وهم عدد من الباحثني يف فهم قرار جممع الفقه اإلســامي ،وخيلطون بني احلال
التي خترج فيها الرشكة الزكاة ،أو يعلم املســاهم ما خيص أســهمه من املوجودات
الزكوية ،وبني احلال التي ال يعلم املساهم ما خيص أسهمه من موجودات الرشكات
الزكوية ،وحيملون قرار املجمع انتهت إليه توصية الندوة احلادية عرشة لقضايا الزكاة
التــي توجب عىل املضــارب زكاة عروض التجارة مطل ًقا ،ســواء علم موجودات
أن نورد فيام يــأيت ،توضيح الدكتور الصديق الرضير -رمحــه اهلل ،-والذي اعتمد
جممع الفقه اإلســامي يف صياغة القرار عىل بحثه املقدم لدورة املجمع((( ،وقد كان
-رمحه اهلل -أحد أعضاء جلنة صياغة القــرار((( ،حيث يقول مبينًا حمل اخلالف بني
((( ينظر :جملة جممع الفقه اإلسالمي الدويل ،العدد الثاين.)769-757/1( ،
((( ينظر :تسمية جلنة صياغة القرار يف جملة جممع الفقه اإلسالمي الدويل ،العدد الثاين.)867/1( ،
معرتضا عىل
ً قرار املجمع وقــرار اهليئة الرشعية العاملية للزكاة ،والذي شــارك فيه
خمالفتهم لقرار املجمع((( ،حيث قال يف دورة املجمع الثالثة عرشة بالكويت:
«يتبي من قراءة هذين القرارين أن االختالف بينهام يرجع إىل اعتبار ن ّية املساهم
َّ
من املســامهة يف الرشكة ،وعــدم اعتبارها :هل هي بغرض املتاجرة يف األســهم أم
بغرض اقتناء األسهم واالستفادة من ربحها؟
فقرار املجمع مل يعترب نية املساهم يف احلالة التي خترج فيها الرشكة الزكاة ،واعترب
نية املساهم فقط يف احلالة التي ال خترج الرشكة الزكاة ،وال يستطيع املساهم أن يعرف
مقدار ما جيب عليه لو أخرجت الرشكة الزكاة ،وهلذا عُدَّ إخراج الرشكة الزكاة كاف ًيا
ومربئًا لذمة املســاهم من غري اعتبار لنيته ،أما قرار اهليئة فإنه اعترب نية املســاهم يف
احلالــة التي خترج فيها الرشكة الزكاة ،ويف احلالــة التي ال خترج فيه الزكاة ،فأوجب
عليه أن يزكي أسهمه زكاة عروض جتارة ،إذا كانت ن َّيته املتاجرة هبا ،سواء أخرجت
الرشكة الزكاة أم مل خترجها عىل النحــو املبني يف املادة ( )19واملادة ( ،)22وخالف
هبذا املجمع يف احلالة التي خترج فيها الرشكة الزكاة خمالفة واضحة»(((.
القول الثاين :التفريق بني نية املتاجرة ونية االســتثامر يف حســاب الزكاة ،ويرى
أصحاب هذا القول أن املستثمر جتب عليه الزكاة بحسب املوجودات الزكوية التي
ختص أسهمه ،وأما املتاجر ،فتجب عليه زكاة أسهمه زكاة عروض جتارة ،مع حسم
ما أخرجته الرشكة يف حال إخراجها.
((( ينظر :أبحاث وأعامل الندوة احلادية عرشة لقضايا الزكاة املعارصة.)37/1( ،
((( ينظر :جملة جممع الفقه اإلسالمي الدويل ،العدد الثاين.)769-757/1( ،
وهبذا أخذت الندوة احلاديــة عرشة لقضايا الزكاة املعــارصة ،حيث تضمنت
توصيتها اعتامد املادة 20من دليل اإلرشادات لزكاة الرشكات ،والذي جاء فيه:
«إذا قامت الرشكة بتزكية موجوداهتا ..وكانت األســهم بغرض املتاجرة ،فإنه
حيســب زكاهتا وحيســم منه ما زكته الرشكة ،ويزكي الباقي إن كانــت زكاة القيمة
السوقية ألســهمه أكثر مما أخرجته الرشكة عنه ،وإن كانت القيمة السوقية أقل ،فله
أن حيتسب الزائد يف زكاة أمواله األخرى أو جيعلها تعجي ً
ال لزكاة قادمة»(((.
مرجوحا من
ً وعنــد التأمل يف هذا القول نجد أنه ترد عليه مــن املآخذ ما جتعله
وصعب التطبيق من الناحية العملية ،ويدل عىل ذلك ما يأيت:
َ الناحية الفقهية،
أ -أن املعاجلــة التي اعتمدها هــذا القول لتجنب ثني الــزكاة ،مل أقف عىل ما
يعضدهــا من مذاهب الفقهاء املتقدمني؛ ملا يرتتب عليه مــن جباية الزكاة عن املال
الواحد مرتني.
ب -أنه يرتتب عىل األخذ هبا كلفة وعرس يف التطبيق ،سواء عىل املختصة بجباية
الزكاة أو عىل املكلفني؛ ألنه جيب عىل كل مضارب أن حيســب ما أخرجته الرشكة،
ثم يقســمه عىل عدد أســهم الرشكة ،ويرضهبا عىل عدد األسهم التي يملكها ،مهام
تعددت الرشكات التي يستثمر هبا.
وهــذا ال يتأتــى العلم بــه إال إذا اتفق حــول الرشكة مع حول املســاهم بنية
أمر قليل احلدوث ،فكيف يكلف املكلف بحســم ما أخرجته الرشكة
املتاجرة ،وهو ٌ
((( أبحاث وأعامل الندوة احلادية عرشة والثانية عرشة ،)184/1( ،وينظر :دليل اإلرشادات حلساب
زكاة الرشكات ،بند (.)20
من زكاة عن موجــودات يف وقت ماض ،وليس الزكاة التــي خترجها الرشكة عن
حول املكلف؟
ت -أن حســم ما خترجه الرشكة من الزكاة عن الســنة املالية ال يكون بحســم
مــا أخرجته الرشكة ابتدا ًء( ،الربط األويل مع اهليئــة العامة للزكاة يف اململكة)؛ ألن
الرشكة قد تلزم من الناحية النظامية بإخراج مبالغة إضافية للزكاة بعد فحص اهليئة
لإلقرار الزكوي والربط النهائي مع اهليئة ،ومع حق املكلف يف االعرتاض عىل قرار
اهليئة ،فقد حيكم للمكلف لدى اللجان االعرتاضية أو اللجنة االستئنافية ضد اهليئة؛
األمر الذي يســتغرق عادة أعوا ًما طويلة ،وتكليف املكلف بتتبع هذه النزاعات يف
كل ســهم متلكه يف يوم من األيام بنية املتاجرة حتى حيدد الواجب عليه إخراجه من
تكليــف ما ال يطاق ،وهو أمر ممتنع رش ًعا ،كام أنــه ال يمكن رش ًعا أن يوجب عليه
االحتياط يف إجياب مــا مل يثبت وجوبه؛ ألن األصل بــراءة الذمة ،ومتى ما حصل
الشك ،فالرجوع إىل اليقني ،هو أن هذه األسهم أخرجت زكاته بحسب ما متثله من
موجودات زكوية ،وقد برأت ذمة املكلف بذلك.
ث -أنه لو سلم أن إخراج الزكاة عن السنة املاضية جمزئ من الناحية الرشعية،
فإنه يرتتب عليه أن يتم حسم الزكاة عن السهم الواحد مرات عديدة ،بسبب اختالف
وقت وجوب الزكاة بالنســبة للمكلفني ،فلو تعاقب أربع ٌة من املستثمرين عىل متلك
مئة ســهم من رشكة واحدة بنية املتاجرة ،متلك ٌّ
كل منهم أسهمه ثالثة أشهر ،وحال
عىل كل واحــد منهم احلول عند متلكه هلا ،فيرتتب عىل ذلك أن حيســم ما أخرجته
الرشكة أربع مرات عن أربعة مســامهني؛ وهلذا ذهب الدكتور يوســف الشبييل إىل
أن املستثمر لغرض املتاجرة حيســم ما أخرجته بنسبة األيام التي متلك فيها السهم،
فيخصم ُّ
كل واحد منهم ربع ما أخرجته الرشكــة((( ،وهذا القول مع ما يرتتب من
مزيد مشــقة يف احلســاب ،فإن يرتتب عليه عدم حســم زكاة أسهم الرشكات التي
ملكها املســاهم قبل وقت الوجوب ،ولو قدر أنــه خيصم كل ما أخرجته الرشكات
التي متلكها يف العام الواحد ،بقدر عدد األيام التي متلك فيها كل سهم ،فتصور هذا
يكفي يف بيان تكلفه.
القول الثالث :إن الزكاة جتب عىل املضارب يف أسهم املضاربة بالقيمة السوقية،
دون اعتبار ملا أخرجته الرشكة من الزكاة عن موجوداهتا الزكوية .وبه العمل يف اهليئة
العامة للزكاة والدخل يف اململكة.
وتستند اهليئة يف ذلك إىل فتوى اللجنة الدائمة رقم ( )22665يف اإلجابة عن عدد
من األسئلة التي وجهتها مصلحة الزكاة للجنة الدائمة ،بتاريخ 1424/4/15هـ،
وجاء يف جواب اللجنة الدائمة ما يأيت:
أ -أن تكون الرشكة جتارية ،ويكون غرضه اقتناء السهم واالستفادة من أرباحه،
وحينئذ فيكتفى املســاهم بام تأخذه مصلحة الزكاة والدخل ما مل يكن ذلك أقل من
الزكاة املفروضة ،فإن كان ذلك أقل = َو َجب عليه إخراج الزيادة.
((( ينظــر :قضايا معارصة يف الزكاة ،زكاة الديون التجارية واألســهم اململوكة للرشكات القابضة،
للدكتور يوســف الشــبييل ،واملقدم لندوة الربكة احلادية والثالثني لالقتصاد اإلسالمي ،بتاريخ
9-8رمضان 1431هـ ،،ص ،56طرق حساب زكاة األسهم والديون التمويلية ،واملقدم لندوة
الربكة الرابعة والثالثني لالقتصاد اإلسالمي ،بتاريخ 9-8رمضان 1434هـ ،ص18
ب -أن تكــون الرشكة غــر جتارية ،ويكون غرض املســاهم اقتناء الســهم
واالستفادة من أرباحه ،وليس عىل هذه الرشكة زكاة ،وإنام كل مساهم يزكي نصيبه
يف األرباح إذا بلغ نصا ًبا بنفسه أو بضمه إىل غريه ،وحال عليه احلوال.
ت -أن يكون غرض املســاهم التجارة يف األســهم بي ًعا ورشا ًء ،وجيب عليه يف
هذه احلال تقييم األســهم التي لديه عند متام احلول عىل رأس ماله ،وإخراج زكاهتا
«هل هناك فرق بني زكاة األسهم للمساهم الذي يقوم باملضاربة يف األسهم بي ًعا
ورشا ًء ،واملســاهم الذي يقتني هذه األســهم بغرض احلصول عىل أرباحها ابتدا ًء،
فأجابت اللجنة:
«نعم هناك فرق؛ فمن يضارب يف األســهم بي ًعا ورشا ًء جتــب عليه الزكاة فيها
باعتبارها عروض جتارة ،أما مــن يقتنيها لغرض احلصول عىل أرباحها ابتداء ،وإذا
طلبت منه بســعر مناسب باعها ،فليس عليه زكاة؛ ألنه مل جيعلها عروض جتارة ،بل
غلب عىل فعله أهنا للقنية ،لكــن إن غلب عىل فعله اعتبارها عروض جتارة يرتبص
ومل أجد بعد التتبع يف فتاوى اللجنــة أو غريهم ما يدل عىل ترصيح منهم لعدم
اعتبار ما أخرجتــه الرشكة عن زكاة موجوداهتا يف احلكم عىل زكاة األســهم ،ويف
تقديــري أنه ال يمكن االعتامد عىل هذه الفتوى يف إجازة الثني يف الزكاة؛ ملا تقدم أنه
حمل إمجاع عند أهل العلم عىل املنع منه ،وأنه ينبغي أخذ إمجاع أهل العلم باالعتبار يف
تفسري املشكل من فتوى اللجنة الدائمة أو إعادة عرض السؤال عىل اللجنة لتجنب
الوقوع يف هذا اإلشكال ،ومعرفة املأخذ الذي استندوا إليه يف حال عدم اعتبارهم ملا
أخرجته الرشكة من الزكاة لو كان ذلك مقصو ًدا.
عىل أين وجدت فتوى مسجلة يف لقاء تلفزيوين للشيخ الدكتور يوسف الشبييل
رصح فيه بإجياب الزكاة يف األسهم بالقيمة السوقية دون اعتبار ملا أخرجته الرشكة،
حيث يقول يف زكاة املضارب:
«أن يكون الشــخص يقصد بتملكه لألســهم املضاربة ،يعني املتاجرة يف سوق
األسهم ،يشرتي السهم ،ويرقب األســعار ،فإذا ارتفع سعره باعه يف السوق ،فهذا
اعترب األسهم عروض جتارة ،فهذا جيب عليه أن يزكي األسهم زكاة عروض التجارة،
حتى لو كانت الرشكة تزكى؛ ألن الرشكة تزكى عن أصوهلا هي ،وال تزكى عن هذه
القيمة السوقية التي هي أضعاف قيمة أصول هذه الرشكة»(((.
((( من لقاء تلفزيوين يف برنامج يســتفتونك عىل قناة الرســالة الفضائية بتاريخ 1435/8/11هـ،
وهــو منشــور عــى موقــوع اليويتــوب عــى الرابــطhttps://www.youtube.com/ :
watch?v=oU0qQXmlfMwشوهد بتاريخ 1438/6/10هـ
أخرجته الرشكة من الزكاة بعدد األيام التي متلك فيها السهم((( ،كام أن املأخذ الذي
أشار إليه الدكتور الشبييل يسري للفصل بني ملكية الرشكة ملوجوداهتا ،وملك املساهم
ألسهمه ،مع إجياب الزكاة يف موجودات الرشكة ،وما يملكه املساهم من عروض.
وعىل كل حال ،فالذي يظهر للباحث أن هذه املســألة من املسائل التي ال تزال
بحاجــة إىل مزيد نظر وتأمــل ،ولعل األقرب فيها األخذ بــا انتهى إليه قرار جممع
الفقه اإلســامي من أن إخراج الرشكة الزكاة بحســب موجوداته الزكوية بالنيابة
عن املسامهني يربئ ذمة املســاهم ،دون اعتبار لنية املتاجرة أو االقتناء ،سواء أخرج
املســاهم الزكاة بنفســه أو أخرجته الرشكة بالنيابة عنــه ،وأن االجتاهات األخرى
بحاجة إىل أن يعاد فيها النظر؛ ملا يرتتب عليه من إشكاالت تتناىف مع املبدأ الرشعي
ملنع الثني يف الزكاة ،ويرس الرشيعة اإلسالمية ووضوح أحكامها.
-1أن اختــاف االجتهاد املعارص يف زكاة األســهم يرجــع إىل االختالف يف
التصور للرشكة املسامهة ،والتخريج الفقهي للسهم.
-5أن إخراج الرشكة الزكاة عن موجوداهتا يربئ ذمة املساهم ،دون اعتبار لنية
املســاهم للمتاجرة أو االســتثامر طويل األجل .وهو ما انتهى إليه قرار جممع الفقه
اإلسالمي بجدة؛ خال ًفا ملن توهم خالف ذلك.
التوصيات:
-1إعداد دراسات اقتصادية ،لبيان أثر االجتهادات الفقهية يف زكاة األسهم عىل
سلوك املستثمرين يف األســواق املالية ،حيث يرى الباحث أن إجياب الزكاة بالقيمة
السوقية عىل املســاهم بنية املتاجرة يف األسواق املالية = يؤدي إىل توجيه املستثمرين
لالستثامر املبارش يف األســواق املاليةً ،
بدل من االستثامر املؤسيس ،األمر الذي يؤثر
عىل السوق املالية عىل نحو سلبي.
هذا واهلل أعلم ،وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد ،وعىل آله وصحبه أمجعني.
-أبحــاث أعامل الندوة الفقه اخلامســة لبيــت التمويل الكويتــي :دار الضياء،
الكويت ،ط1432 ،2هـ.
-أدب الدنيا والدين :أبو احلسن املاوردي ،رشح وتعليق :حممد كريم راجح ،دار
اقرأ ،بريوت ،ط1405 ،4هـ.
-االستذكار اجلامع ملذاهب فقهاء األمصار وعلامء األقطار :ابن عبدالرب النمري،
حتقيق :عبداملعطي قلعجي ،دار الوعي ،حلب1414 ،هـ.
-أعامل الندوة احلادية عرشة لقضايا الزكاة املعارصة :بيت الزكاة ،الكويت.
-اإلقناع يف مسائل اإلمجاع :ابن القطان الفايس ،حتقيق :فاروق محادة ،دار القلم،
بريوت.
-األموال :ابن زنجويه ،حتقيق :شــاكر ذيب فياض ،مركز امللك فيصل للبحوث
والدراسات ،الرياض1406 ،هـ
-األموال :أبو عبيد القاسم بن سالم ،حتقيق :أبو أنس سيد بن رجب ،دار اهلدي
النبوي ،املنصورة ،دار الفضيلة ،الرياض1428 ،هـ.
-بحوث ندوة الربكة احلادية والثالثني لالقتصاد اإلســامي :دلة الربكة ،جدة،
1431هـ.
-بحوث ندوة الربكة الرابعة والثالثني لالقتصاد اإلســامي :دلة الربكة ،جدة،
1434هـ.
-حتفــة املحتــاج يف رشح املنهاج :أمحد بن حجــر اهليتمــي ،دار إحياء الرتاث
االسالمي ،بريوت1406 ،هـ
-التطبيق املعارص للزكاة :للدكتور شوقي إسامعيل شحاتة ،دار الرشوق ،القاهرة،
1397هـ.
-حاشــية الدســوقي عىل الرشح الكبري :ألمحد الدردير ،طبع إدار إحياء الكتب
العربية ،بريوت.
-احلاوي الكبري :أبو احلسن املاوردي ،حتقيق :عيل معوض ،وعادل عبداملوجود،
دار الكتب العلمية ،بريوت1414 ،هـ.
-رد املحتــار عىل الدر املختار رشح تنوير األبصــار :حممد أمني بن عابدين ،دار
-سوق األوراق املالية :خورشيد أرشف إقبال ،مكتبة الرشد ،الرياض1427 .هـ.
-الشخصية االعتبارية ذات املسؤولية املحدودة ،دراسة فقهية اقتصادية :د .حممد
بن عيد القري ،جملة دراســات اقتصادية إســامية ،املجلد اخلامــس ،العدد ،2عام
1419هـ.
-الرشح الصغري عىل أقرب املســالك إىل مذهب اإلمام مالــك :أمحد الدردير،
-رشح املنتهــى (دقائق أويل النهي رشح منتهى اإلرادات) :منصور البهويت ،عامل
-رشح فتح القدير :كامل الدين بن اهلامم ،دار صادر ،بريوت ،نسخة مصورة عن
-الرشكات التجارية :عيل حسن يونس ،دار الفكر العريب ،القاهرة1998 ،م.
وسننه وأيامه) ،حممد بن إســاعيل البخاري ،عناية :د .حممد زهري النارص ،دار طوق
عن رسول اهلل ﷺ) :مسلم بن احلجاج النيسابوري ،عناية :د .حممد زهري النارص ،دار
-فتــاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء :طبع ونرش :الرئاســة العامة
-الفواكه الدواين رشح رســالة أيب زيد القريواين :شــهاب الدين النفراوي ،دار
-القانون التجاري الســعودي :د .حممد حسن اجلرب ،الدار الوطنية للنرش ،ط،2
1408هـ.
-كشاف القناع عن متن اإلقناع :منصور البهويت ،دار الكتب العلمية ،بريوت.
-جملة جممع الفقه اإلسالمي :منظمة املؤمتر اإلسالمي ،دار القلم ،بريوت.
-املصنف :ابن أيب شيبة ،حققه :عامر العمري األعظمي ،الدار السلفية ،بومباي.
-املضاربة يف األسواق املالية :للدكتور حممد السحيباين ،بحث منشور عىل الشبكة
العاملية.
-املعامالت املالية أصالة ومعارصة :دبيــان الدبيان ،اهليئة العامة لألوقاف ،دار
القانونيني1435،هـ2014-م.
-مغني املحتاج إىل معرفة ألفاظ املنهاج :اخلطيب الرشبيني ،دار الفكر ،بريوت.
2013م.
اإلسكندرية.