You are on page 1of 47

‫‪1‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬

‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬


‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬

‫اهمِة َّ‬
‫للز َكاِة‬ ‫اج َّ‬
‫الشِر َكِة املُ َس َ‬ ‫ِإ ْخ َر ُ‬
‫َّة‬
‫ي‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِ َ ِِ ِ ِ‬ ‫ا‬‫س‬‫ُ‬‫امل‬ ‫ة‬ ‫ا‬‫ك‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ز‬ ‫ى‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ث‬ ‫َ‬
‫وأ‬
‫اج َرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫املَُت َ‬
‫َّة َتطبيقي ٌ‬
‫َّة‬ ‫تأصيلي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫اسة‬ ‫ِد َر‬

‫إعـــداد‬
‫علي بن حممد بن حممد نور‬
‫باحث دكتوراه يف الفقه وأصوله‬

‫قسم الدراسات اإلسالمية بكلية الرتبية ـ جامعة امللك سعود بالرياض‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪2‬‬

‫‪1438‬هـ ‪2017 -‬م‬

‫لدائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخليري بدبي‬


‫فاكس‪+971 4 6087555 :‬‬ ‫هاتف‪+971 4 6087777 :‬‬
‫ص‪ .‬ب‪ - 3135 :‬دبــي‬ ‫اإلمــارات العربيــة املتحدة‬
‫‪www.iacad.gov.ae‬‬ ‫‪mail@iacad.gov.ae‬‬

‫يعب عن رأي صاحبه‬‫هذا البحث ّ‬


‫يعب بالضرورة عن رأي دائرة الشؤون اإلسالمية والعمل اخلريي بدبي‬
‫وال ّ‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪3‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫ملخص البحث‬

‫هيدف هــذا البحث إىل دراســة االجتهادات الفقهية املعارصة يف زكاة أســهم‬
‫الرشكات املســامهة‪ ،‬التي خترج الزكاة بالنيابة عن املسامهني‪ ،‬إذا كان متلك املساهم‬
‫هلا بنيــة املتاجرة (املضاربة)‪ ،‬وقد اعتمد البحث عىل عدد من املقدمات األساســية‬
‫التي انتهى إليها االجتهاد اجلامعي املعارص يف زكاة األســهم‪ ،‬وهي‪ :‬أن األسهم من‬
‫األموال التي جتب فيها الزكاة‪ ،‬وأن الزكاة جتب فيها بحسب ما متثله من موجودات‪،‬‬
‫وأن التكليف الرشعي بالزكاة عىل املســاهم‪ ،‬وأن الرشكة يف حال إخراجها للزكاة‬
‫عن هذه املوجودات‪ ،‬فإهنا خترج الزكاة بالنيابة عن املسامهني‪.‬‬

‫ثم تناول البحث بشــكل مفصل إجابة ســؤال البحث الرئيس‪ ،‬وهو‪ :‬هل تربأ‬
‫ذمة املســاهم بنية املتاجرة بام أخرجته الرشكة بالنيابة عنه من زكاة‪ ،‬أم هل جيب عليه‬
‫إخراج زكاة إضافية بســبب نية املتاجرة (املضاربة)؟ وقد حرص البحث االجتاهات‬
‫يف هذه املســألة إىل ثالثة اجتاهات‪ :‬األول‪ :‬أن املســاهم بنية املتاجــرة تربأ ذمته بام‬
‫أخرجته الرشكة‪ ،‬وثانيهام‪ :‬أن املســاهم بنية املتاجرة جيب عليه تزكية أسهمه بالقيمة‬
‫السوقية بعد خصم ما أخرجته الرشكة من الزكاة‪ .‬والثالث‪ :‬أن املساهم بنية املتاجرة‬
‫جتب عليه زكاة القيمة الســوقية ألســهمه‪ ،‬دون النظر إىل ما أخرجته الرشكة‪ .‬وقد‬
‫عني البحث باملوازنة بني هذه االجتاهات من حيث مســتندها الرشعي‪ ،‬ومن حيث‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪4‬‬

‫إمكان تطبيقها عمل ًّيا‪ ،‬ســواء بالنســبة لعموم املكلفني أو ملؤسسات جباية الزكاة‪،‬‬
‫وقد انتهى البحث إىل ترجيح أن املســاهم بنية املتاجرة تربأ ذمته بام أخرجته الرشكة‬
‫من زكاة أســهمه؛ إلمجاع أهل العلم عىل منع الثنــي يف الزكاة‪ ،‬وأن املال الواحد إذا‬
‫وجد فيه ســببان للزكاة‪ ،‬فإنام يزكى بسبب واحد‪ ،‬وهو ما انتهى إليه قرار جممع الفقه‬
‫اإلسالمي بجدة‪.‬‬

‫كام يتناول البحث تقويم ما عليه العمل يف اهليئة العامة للزكاة يف اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬ومقارنة ذلك بام توصل إليه البحث‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪5‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫وأشكرك عىل توايل إنعامك‪ ،‬لك احلمد ك ُّله‪ ،‬ولك‬


‫ُ‬ ‫أمحدُ ك ريب عىل عظيم آالئك‪،‬‬
‫الشــكر ك ُّله‪ ،‬وإليك يرجع األمر ك ُّله‪ ،‬أبر ُأ إليــك ال ّلهم من َح ْويل وقويت إىل حولِك‬
‫وقوتِك‪ ،‬وحدَ ك ال رشيك لك‪ ،‬اللهم ِّ‬
‫صل عىل حممد وعىل آل حممد‪ ،‬كام ص َّليت عىل‬
‫إبراهيم وعىل آل إبراهيم؛ إنك محيدٌ جميد‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫من املعلوم أن الزكاة هي الرك ُن الثالث من أركان اإلســام‪ ،‬وهي قرين ُة الصالة‬
‫يف القــرآن الكريم؛ كام قال تعــاىل‪﴿ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﴾ [البقرة‪،]43 :‬‬
‫والــزكاة ختتلف عن غريها من العبادات يف كوهنــا ذات طابع اجتامعي ومايل‪ ،‬فهي‬
‫قول اهلل تعاىل‪﴿ :‬ﮓ‬
‫دل عليه ُ‬
‫مســتح ٌّق للفقري‪ ،‬كام ّ‬
‫َ‬ ‫حق واجب يف مال الغني‬
‫ٌّ‬
‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ﴾ [المعارج‪ ،]25-24 :‬وقول النبي ﷺ‬
‫ملعاذ بن جبل ‪ -‬ريض اهلل عنه ‪ -‬حني بعثه إىل اليمن‪( :‬فأعلمهم أن اهلل افرتض عليهم‬
‫صدقة تؤخذ من أغنيائهم فرتد يف فقرائهم)(((‪.‬‬

‫هلذا كان من أعظم مقاصد الرشيعة يف الزكاة‪ ،‬مواساة الفقراء من أموال األغنياء‪،‬‬
‫وإعانة ذوي احلاجات يف املجتمع املسلم‪ ،‬ويف هذا يقول اإلمام املاوردي‪:‬‬

‫«فكان يف إجياهبا مواسا ٌة للفقراء‪ ،‬ومعون ٌة لذوي احلاجات‪ ،‬تَك ُّفهم عن البغضاء‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وصول‪ ،‬والراجي هائب‪،‬‬ ‫ومتنعهم من التقاطع‪ ،‬وتبعثهم عىل التواصل؛ ألن اآلمل‬
‫وإذا زال األمل‪ ،‬وانقطع الرجاء‪ ،‬واشتدت احلاجة = وقعت البغضاء‪ ،‬واشتد احلسد‪،‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1395‬ومسلم (‪.)15()29‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪6‬‬

‫التقاطع بــن أرباب األموال والفقراء‪ ،‬ووقعت العداوة بني ذوي احلاجات‬
‫ُ‬ ‫فحدث‬
‫واألغنياء‪ ،‬حتى تُفيض إىل التغالب عىل األموال والتغرير بالنفوس»(((‪.‬‬

‫وقد قصــدت الرشيعة يف فريضة الــزكاة إىل املوازنة بني حــق الغني والفقري‪،‬‬
‫فجــاءت أحكام الزكاة بام يقيم حال ٍّ‬
‫كل منهام‪ ،‬وال يلحق الرضر به‪ ،‬فال يعود الغني‬
‫فقريا بإخراج الزكاة‪ ،‬وال تترضر بذلك جتارته وال أعامله‪ ،‬وال جيحف يف حق الفقري‪،‬‬
‫ً‬
‫ويف هذا يقول اإلمام ابن اهلامم‪:‬‬

‫«املقصود من رشعية الزكاة مع املقصود األصيل من االبتالء؛ مواساة الفقراء عىل‬


‫فقريا‪ ،‬بأن يعطي من فضل ماله ً‬
‫قليل من كثري»(((‪.‬‬ ‫وجه ال يصري هو ً‬

‫وملا كانت أسهم الرشكات املسامهة من أهم جماالت االستثامر يف الوقت احلارض‪،‬‬
‫كان ال بد من حترير القول يف زكاهتا‪ ،‬ومقارنــة ذلك باإلجراءات املتبعة يف اجلهات‬
‫املختصة بجباية الزكاة‪ ،‬كاهليئة العامة للزكاة والدخل يف اململكة العربية الســعودية‪.‬‬
‫وسريكز البحث بشــكل رئيس عىل زكاة أســهم الرشكات التي خترج الزكاة‪ ،‬وأثر‬
‫ذلك عىل زكاة املساهم بقصد املتاجرة (املضاربة)‪ ،‬سواء أكان متلك املساهم ألسهم‬
‫الرشكات بشكل مبارش‪ ،‬أو غري مبارش عن طريق الصناديق االستثامرية‪.‬‬

‫وقد قسمت هذا البحث إىل املباحث اآلتية‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬مقدمات أساسية يف زكاة األسهم‪ ،‬وفيه‪:‬‬

‫‪ -1-1‬توطئة‪.‬‬

‫((( أدب الدنيا والدين‪ ،‬ص‪.103‬‬


‫((( رشح فتح القدير (‪.)155/2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪7‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫‪ -2-1‬التعريف بالسهم وتكييفه القانوين‪.‬‬

‫‪ -3-1‬التخريج الفقهي للسهم‪.‬‬

‫‪ -4-1‬أثر التخريج الفقهي عىل زكاة األسهم‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬األسس الرشعية إلخراج الرشكة املسامهة للزكاة‪ ،‬وفيه‪:‬‬

‫‪ -1-2‬توطئة‪.‬‬

‫‪ -2-2‬املكلف يف زكاة األسهم‪.‬‬

‫‪ -3-2‬موقف املنظم السعودي من املكلف بالزكاة‪.‬‬

‫املبحــث الثالث‪ :‬أثر إخــراج الرشكة الزكاة عــى زكاة املســاهم بنية املتاجرة‬
‫(املضاربة)‪.‬‬

‫اخلامتة‪:‬‬

‫‪ -1-3‬النتائج‪.‬‬

‫‪ -2-3‬التوصيات‪.‬‬

‫خالصا لوجهه الكريم‪،‬‬


‫ً‬ ‫واهلل أسأل أن ينفع هبذا البحث كاتبه وقارئه‪ ،‬وأن جيعله‬
‫وهو حسبي ونعم الوكيل‪ ،‬وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد‪ ،‬وعىل آله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪8‬‬

‫املبحث األول‬
‫مقدمات أساسية يف زكاة األسهم‬

‫‪ 1-1‬توطئة‪:‬‬
‫يعــد هذا املبحــث بمنزلة املقدمــات املمهدة لبحث حكــم زكاة املضارب يف‬
‫أســهم الرشكات التي خترج الزكاة عن موجوداهتا‪ ،‬حيث إن حتديد الزكاة الواجبة‬
‫يف الســهم‪ ،‬يتوقف عىل النظرة الفقهية للرشكة املسامهة والتخريج الفقهي للسهم‪،‬‬
‫وبيان األســس الرشعية إلخراج الرشكة للزكاة عن موجوداهتا الزكوية‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -2-1‬التعريف بالسهم وتكييفه القانوين‪:‬‬


‫يعرف السهم يف القانون بتعريفات متقاربة‪ ،‬من أوضحها أن السهم‪:‬‬

‫«صك يثبت ح ًّقا يف حصة شائعة لشخص يف ملكية صايف أصول الرشكة‪ ،‬واحلق‬
‫يف احلصول عىل حصة من الربح املحقق‪ ،‬مع مسؤولية حمددة بمقدار املسامهة»(((‪.‬‬

‫وتتميز األســهم التي تصدرها الرشكات املسامهة بعدد من امليزات‪ ،‬من أمهها‪:‬‬
‫أهنا متســاوية القيمة‪ ،‬وأهنــا قابلة للتــداول‪ ،‬وأهنا غري قابلــة للتجزئة يف مواجهة‬
‫الرشكة‪ ،‬باإلضافة إىل السمة األساس يف رشكات األموال‪ ،‬وهي املسؤولية املحدودة‬
‫للمساهم‪ ،‬فال تتجاوز مسؤوليته قيمة ما يملكه من أسهم الرشكة‪.‬‬

‫والســهم قد يمثل حصة نقدية يف رأس مال الرشكة‪ ،‬إذا كان ما قدمه املســاهم‬

‫نقدً ا‪ ،‬وقد يمثل حصة عينية إذا قدم الرشيك عينًا‪ ،‬منقوالً أو ً‬
‫عقارا‪ ،‬والســهم سواء‬

‫((( ينظر‪ :‬القانون التجاري «رشكات األموال»‪ ،‬مصطفى كامل طه‪ ،‬ص‪.121‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪9‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫أكان نقد ًّيــا أو عين ًّيا ُي َعدُّ ماالً منقوالً‪ ،‬ولو كانت الرشكــة تعمل يف العقارات‪ ،‬ولو‬
‫عقارا‪.‬‬
‫كانت احلصة التي قدمها الرشيك ً‬

‫ورشكات األموال ال تقوم عىل شــخصية املســامهني‪ ،‬كام هو الشأن يف رشكات‬


‫األشــخاص‪ ،‬بل تقوم عىل شخصية اعتبارية ذات مســؤولية حمدودة‪ ،‬مستقلة عن‬
‫مرتكزا يف تكوينها؛‬
‫ً‬ ‫شخصية املســامهني وذمتهم املالية‪ ،‬بل إن تعدد الرشكاء ال يعد‬
‫إذ إهنا قد تكون مملوكة لشخص واحد‪ ،‬كام أقره النظام السعودي اجلديد للرشكات‪.‬‬
‫أمور متعددة‪ ،‬أمهها‪:‬‬
‫ويرتتب عىل هذه الشخصية االعتبارية ٌ‬

‫‪ -‬الفصل بني امللكية واإلدارة‪ ،‬فترصفات الرشكة ليســت بالوكالة عن مالكها‪،‬‬

‫وإنام يترصف فيها ممثلوها‪ ،‬الذين هم ُأ َ‬


‫جراء لدهيا‪ ،‬وليس للمالك حق التدخل إال يف‬
‫حدود معينة‪ ،‬كزيادة رأس املال‪ّ ،‬‬
‫وحل الرشكة‪ ،‬وعزل جملس اإلدارة‪ ،‬فال ملك هلم‬
‫وال سلطة مبارشة عىل موجودات الرشكة وأصوهلا‪.‬‬

‫‪ -‬أن ما يقدمه املسامهون يف رأس مال الرشكة تنتقل ملكيته للرشكة بشخصيتها‬
‫االعتبارية املستقلة عن شخصية املســامهني‪ ،‬وما دامت الرشكة قائمة فليس له حق‬
‫عيني يف أعياهنا‪ ،‬وال املطالبة بقيمة أسهمه‪.‬‬

‫‪ -‬النظر إىل الســهم عىل أنه ورقة متثل حق ملكيــة‪ ،‬وهلذا يصنف ضمن أوراق‬
‫امللكية‪ ،‬ختول حامل الســهم حقو ًقا عىل الرشكة‪ ،‬تتمثل يف حقه يف األرباح املوزعة‪،‬‬
‫وحقه يف أصول الرشكة بعد تصفيتها‪.‬‬

‫‪ -‬التمييز بني ملكية السهم وملكية موجودات الرشكة املسامهة‪ ،‬فالسهم يملك‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪10‬‬

‫عىل وجه االســتقالل عن ملكية األصول واألعيان التــي متلكها الرشكة‪ ،‬وال يعد‬

‫الترصف يف السهم بالبيع أو الرهن ترص ًفا يف موجودات الرشكة‪.‬‬

‫وقد الحظت كثري مــن القوانني هذا االســتقالل للشــخصية االعتبارية عن‬

‫املســامهني‪ ،‬ففرضت رضيبة الدخل أو األرباح عىل الرشكات بشــكل منفصل عن‬

‫رضيبة الدخل عىل األفراد‪ ،‬فالرشكة تدفع رضيبة عىل جمموع أرباحها‪ ،‬سواء وزعتها‬

‫أيضا عام حصل عليه من أرباح موزعة دون أن‬


‫أم مل توزعها‪ ،‬واملستثمر يدفع رضيبة ً‬

‫ازدواجا رضيب ًّيا؛ ألن الرشكة أو الصندوق االســتثامري شخصية قانونية‬


‫ً‬ ‫ُيعدَّ ذلك‬

‫وذمة مالية مستقلتان عام للمستثمرين أفرا ًدا أو جمتمعني(((‪.‬‬

‫‪ -3-1‬التخريج الفقهي للسهم‪:‬‬

‫يتفق التخريج الفقهي للســهم مع النظــرة القانونية‪ ،‬يف أنــه يمثل حق ملكية‬

‫للمساهم يف رشكة املسامهة؛ إال أن طبيعة هذه امللكية وحدودها ليست موضع اتفاق‬

‫بني الفقهاء املعارصين‪ ،‬وقد ظهر ذلك عىل االجتهاد يف حكم زكاة األســهم‪ ،‬وفيام‬

‫يأيت أهم األقوال يف التخريج الفقهي لألسهم‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬أن السهم وثيقة متثل ملكية حصة نسبية شائعة يف مجيع موجودات‬

‫الرشكة التي أصدرته‪ ،‬من عروض ومنافع وديون‪.‬‬

‫((( ينظر‪ :‬الوجيز يف القانون التجاري‪ ،‬مصطفى كامل‪ 192 ،‬و‪ 300‬وما بعدها‪ ،‬الرشكات التجارية‪،‬‬
‫عيل حســن يونس‪ ،175 ،113،161 ،‬الوسيط يف رشح القانون املدين‪ ،‬السنهوري (‪-222/5‬‬
‫‪ ،)223‬الرشكات يف الرشيعة اإلســامية والقانون الوضعــي‪ ،‬د‪ .‬عبدالعزيز اخلياط‪-49/2( ،‬‬
‫‪ ،)101‬القانون التجاري السعودي‪ ،‬د‪ .‬حممد حسن اجلرب‪ 289 ،‬وما بعدها‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪11‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫ويعد هذا القول هو السائد يف دوائر االجتهاد اجلامعي‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬قرار جممع الفقه اإلسالمي الدويل بجدة يف قراره رقم ‪ ،5 )7/1( 36‬والذي‬
‫جاء فيه ما نصه‪:‬‬

‫«إن املحل املتعاقد عليه يف بيع الســهم هو احلصة الشــائعة يف أصول الرشكة‪.‬‬
‫وشهادة السهم عبارة عن احلق يف تلك احلصة»‪.‬‬

‫‪ -2‬قرار املجمع الفقهي التابع لرابطة العامل اإلسالمي‪ ،‬يف قراره الرابع يف الدورة‬
‫اخلامسة عرشة عام ‪1415‬هـ‪ ،‬الذي جاء فيه‪:‬‬

‫«الســهم يمثل حصة شائعة يف رأس مال الرشكة‪ ،‬واملساهم يملك حصة شائعة‬
‫يف موجودات الرشكة»‪.‬‬

‫‪ -3‬املعيــار الرشعي رقــم (‪ )21‬الصادر عن املجلس الرشعي هليئة املحاســبة‬


‫واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسالمية‪ ،‬حيث عرف السهم يف البند (‪ )8/2‬بأنه‪:‬‬

‫«وثيقة تثبت رش ًعا ملكية املساهم حلصة شائعة يف موجودات الرشكة»‪،‬‬

‫ثم جاء يف البند (‪:)1/3‬‬

‫«يمثل السهم حصة شائعة يف رأس مال الرشكة املسامهة‪ ،‬كام يمثل حصة شائعة‬
‫يف موجوداهتا‪ ،‬وما يرتتــب عليها من حقوق عند حتول رأس املال إىل أعيان ومنافع‬
‫وديون ونحوها‪ ،‬وحمل العقد عند تداول األسهم هو هذه احلصة الشائعة»‪.‬‬

‫ويســتند هذا القــول إىل ختريــج رشكة املســامهة عىل الــركات املعروفة يف‬
‫الفقه اإلســامي‪ ،‬مثــل رشكة العنــان أو رشكــة املضاربة‪ ،‬فاملســاهم يف رشكة‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪12‬‬

‫املســامهة‪ ،‬كالرشيك يف الرشكات املعروفة يف الفقــه‪ ،‬يملك حصته من موجودات‬


‫الرشكــة‪ ،‬وكــون الرشكة هلا شــخصية اعتباريــة ال يبطل حق املســاهم يف متلك‬
‫موجوداهتا(((‪.‬‬

‫ويرى أصحاب هذا القول أن قبول الفقهاء املعارصين للرشكة املسامهة ال يعني‬
‫القبول بجميع األحكام التي يقررها قانون هذه الرشكات‪ ،‬وينبغي أن ُيســتبعد منها‬
‫ما خيالف القواعد الرشعية(((‪.‬‬

‫القول الثاين‪ :‬أن الســهم ورقة مالية ال متثل موجودات الرشكة‪ ،‬ومالك السهم‬
‫ال يملــك تلك املوجودات‪ ،‬وال حق له فيها‪ ،‬وإنام هي مملوكة للرشكة بشــخصيتها‬
‫االعتبارية‪.‬‬

‫ويعــد الدكتور حممد بن عيد القري من أول مــن اعتنى بتأصيل هذا القول من‬
‫الناحيتــن الفقهية والقانونية‪ ،‬وذلــك يف بحثه القيم «الشــخصية االعتبارية ذات‬
‫املسؤولية املحدودة»(((‪.‬‬

‫وقد أصل ملفهوم الشــخصية االعتبارية من خالل مســألة فقهية‪ ،‬وهي ملكية‬

‫((( ينظر‪ :‬الرشكات يف الفقه اإلســامي‪ ،‬عيل اخلفيف‪ ،‬ص‪ ،127‬الرشكات يف الرشيعة اإلسالمية‪،‬‬
‫د‪.‬عبدالعزيز اخلياط‪ ،)159/2( ،‬املعامالت املالية أصالة ومعارصة‪ ،‬دبيان الدبيان‪)118/13( ،‬‬
‫((( ينظــر‪ :‬أعــال الندوة احلاديــة عرشة لقضايا الــزكاة املعــارصة‪ ،‬ص‪ ،26‬امللتقيــات الفقهية‪،‬‬
‫ص‪.69-68‬‬
‫((( وقد نرشه يف جملة دراســات اقتصادية إســامية‪ ،‬املجلد اخلامس‪ ،‬العدد ‪ ،2‬عام ‪1419‬هـ‪ ،‬وقد‬
‫عرض تكييفه هلذه املســألة يف مناقشات جممع الفقه اإلسالمي عام ‪1418‬هـ‪ ،‬ينظر‪ :‬جملة املجمع‬
‫العــدد الثالث عرش (‪ ،)397/2‬وقدم بذلــك ورقة إىل مؤمتر شــورى الفقهي اخلامس يف عام‬
‫‪1437‬هـ بعنوان‪« :‬أثر االختالف بني الشخصية الطبيعية واالعتبارية»‪ ،‬كام قدم ورقة علمية ملؤمتر‬
‫شورى الفقهي السادس عام ‪ ،1435‬بعنوان‪« :‬التكييف الفقهي ألسهم الرشكات املسامهة»‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪13‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫الســيد للعبد املأذون له بالتجارة‪ ،‬فهو ال يتحمل التزامات العبد التجارية فيام يزيد‬

‫عىل قيمة العبد(((‪.‬‬

‫ويرى أصحاب هذا القول أن رشكة املســامهة ختتلف عن الرشكات املعروفة يف‬

‫الفقه اإلســامي‪ ،‬مثل رشكة العنان‪ ،‬وأهنا إنام تنطبق عىل رشكات األشخاص‪ ،‬وال‬

‫يمكن تطبيق ذلك عىل الرشكة املسامهة‪ ،‬يقول الدكتور القري‪:‬‬

‫«اعتمدت مجيع الفتاوى املعارصة حول رشكات املســامهة‪ ،‬وكذلك األبحاث‬

‫الفقهية يف املوضوع تعري ًفا مفاده‪ ،‬أن الســهم حصة مشاعة يف موجودات الرشكة‪،‬‬

‫وهذا تعريف صحيح للســهم يف رشكة العنان‪ ،‬لكنه ليس كذلك يف رشكة املسامهة‬

‫احلديثــة‪ ،‬ومر ُّد هذا االختالف أن صفة املســؤولية املحدودة فيهــا تؤدي إىل توليد‬

‫شــخصية اعتبارية مستقلة عن محلة األسهم‪ ،‬وإىل عزل امللكية عن اإلدارة‪ ...‬وهذه‬

‫النقطة يف رشكات املسامهة أغفلتها كل الدراسات الفقهية املعارصة‪ ،‬وهي يف نظرنا‬

‫أهم عنرص يف املسألة يرتتب عليه آثار بالغة األمهية»((( ‪.‬‬

‫ويوضــح الدكتور أن توافقــه مع النظرة القانونية ال يعنــي حتكيم القانون عىل‬

‫األدلة الرشعية‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫«ليســت القوانني الوضعيــة بحجة علينــا‪ ،‬ونحن يف الرجــوع إليها ال نقول‬

‫هبــا وال نتبناهــا بديال عن رشيعتنا الســمحة‪ ،‬لكــن صيغة رشكة املســامهة ذات‬

‫((( ينظر‪ :‬الشخصية االعتبارية ذات املسؤولية املحدودة‪ ،‬دراسة فقهية اقتصادية‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫((( الشخصية االعتبارية ذات املسؤولية املحدودة‪ ،‬دراسة فقهية اقتصادية‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪14‬‬

‫وأمر مســتحدث حيتــاج إىل نظر للتوصــل فيه إىل‬


‫املســؤولية املحــدودة نازلــة ٌ‬
‫حكم الرشيعة»(((‪.‬‬

‫وقد حظي هذا القول باهتــام العديد من الفقهاء املعارصين‪ ،‬وظهرت كتابات‬
‫لبعض الفقهاء تتفق مع هذا التخريج الفقهي‪ ،‬مثل‪ :‬الدكتور نزيه محاد(((‪ ،‬والشــيخ‬
‫حممد املختار السالمي(((‪ ،‬والشيخ نظام يعقويب(((‪ ،‬وغريهم‪ ،‬كام كان له تأثري عىل‪:‬‬

‫القــول الثالث‪ :‬وهو أن الســهم ورقة مالية متثل حصة شــائعة يف الشــخصية‬
‫االعتبارية للرشكة‪ ،‬وهذه الشــخصية االعتبارية هلا ذمة مالية مســتقلة عن مالكها‪،‬‬
‫وهم املســامهون‪ ،‬وهلا أهلية كاملــة‪ ،‬فهي قابلة لإللزام وااللتــزام‪ ،‬وإجراء العقود‬
‫والترصفات‪ ،‬وحتمل الديون وااللتزامــات‪ ،‬واألرضار الواقعة عىل الغري يف حدود‬
‫ذمتها فقط‪ ،‬وال تتعداها إىل املسامهني‪ ،‬وكل ما يثبت هلا أو عليه فهو باألصالة ال عىل‬
‫سبيل الوكالة عن املسامهني‪.‬‬

‫وعــى هذا فإن مالك الســهم بتملكه حصــة يف هذه الشــخصية‪ ،‬فإنه يملك‬
‫موجوداهتا احلســية واملعنوية عىل ســبيل التبعية‪ ،‬وهذه امللكيــة ناقصة‪ ،‬فال يملك‬
‫الترصف بيشء منها‪ ،‬ولو زادت قيمة هذه املوجودات عن قيمة أسهمه فليس له حق‬

‫((( الشخصية االعتبارية ذات املسؤولية املحدودة‪ ،‬دراسة فقهية اقتصادية‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫((( وذلك يف بحثه «التكييف الفقهي ألســهم الرشكات املسامهة»‪ ،‬واملقدم إىل مؤمتر شورى الفقهي‬
‫السادس‪ ،‬يف عام ‪1437‬هـ‪.‬‬
‫((( وذلك يف بحثه «املتاجرة بأســهم رشكات غرضها ونشاطها مباح لكنها تقرض وتقرض بفائدة»‪،‬‬
‫واملقدم للندوة الفقية اخلامســة لبيت التمويل الكويتي‪ ،‬حيث قال‪( :‬السهم ورقة مالية متثل حق‬
‫ملكية مشــاعة يف رأي مال الرشكة وما يتبعه من حقوق‪ ..‬لكن صاحب الســهم ال يملك مقدار‬
‫نصيبه من موجودات الرشكة)‪ .‬ينظر‪ :‬ندوات بيت التمويل الكويتي (‪.)14/5‬‬
‫((( ينظر‪ :‬ندوات بيت التمويل الكويتي (‪.)76/5‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪15‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫املطالبة هبا‪ ،‬كام أنه ال يتحمل يف ماله اخلاص الديون أو األرضار التي قد تقع بسببها‬
‫مبارشا‪ ،‬وليست يد الرشكة عليها‬
‫ً‬ ‫عىل اآلخرين؛ ألنه ال يملك هذه املوجودات ملكًا‬
‫بالوكالة عنه‪.‬‬

‫وقد ذهب إىل هذا القول الدكتور يوسف الشبييل يف بحثه يف «زكاة األسهم»(((‪.‬‬

‫وقد ذكر أن هذا الــرأي باإلضافة إىل توافقه مع النظــرة القانونية‪ ،‬فهو يتوافق‬
‫مع ما ذكره الفقهاء يف نظري الشخصية االعتبارية للرشكة املسامهة‪ ،‬وهي الشخصية‬
‫االعتبارية للموقوف عىل معني‪ ،‬فإن الوقف له شــخصية وذمة مالية مســتقلة عن‬
‫الواقف واملوقوف‪ ،‬ومع ذلك فقد ذهب احلنابلة والشافعية يف قول إىل انتقال ملكية‬
‫الوقف إىل املوقوف عليهم(((‪.‬‬

‫‪ -4-1‬أثر التخريج الفقهي عىل زكاة السهم‪:‬‬


‫رغم اتفاق الفقهاء املعارصين عىل أن السهم من األموال النامية التي جتب فيها‬
‫الزكاة‪ ،‬إال أهنم خيتلفون يف األصل الذي يرجع إليه يف حتديد الزكاة الواجبة‪ ،‬بناء عىل‬
‫اختالفهم يف التخريج الفقهي للسهم‪ ،‬ويمكن تقسيم ذلك إىل اجتاهني‪:‬‬

‫االجتاه األول‪ :‬أن األصل يف تقدير زكاة السهم بالنسبة للمساهم تكون بحسب‬
‫املوجودات الزكوية التي يمثلها السهم من موجودات الرشكة‪:‬‬

‫((( والــذي قدمه لندوة األســهم والصناديق االســتثامرية عام ‪1430 ،1429‬ه‪ ،‬كــا قرر الدكتور‬
‫حفظه اهلل هذه املســائل يف عدد مــن البحوث التي قدمها منها‪ :‬بحث بعنــوان «إصدار وتداول‬
‫األسهم والصكوك» عام ‪1431‬هـ‪ ،‬وبحث بعنوان «التوصيف الرشعي لألسهم واآلثار املرتتبة‬
‫عليه»‪ ،‬واملقدم ملؤمتر شورى الفقهي السادس عام ‪1437‬هـ‪.‬‬
‫((( أبحــاث وأعامل ندوة زكاة األســهم والصناديق االســتثامرية‪ ،‬ص‪ ،153‬وينظر‪ :‬رشح املنتهى‬
‫(‪ ،)408/2‬واحلاوي الكبري (‪.)516/7‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪16‬‬

‫وذهب إىل هذا القول القائلون بأن السهم حصة من املوجودات‪ ،‬وكذلك الذين‬

‫يثبتون امللكية التبعية للموجودات مللكية السهم (ينظر الفقرة ‪.)3-1‬‬

‫وهــذا القول هو الذي أخذ به عامة الفقهــاء املعارصين‪ ،‬وصدرت به قرارات‬

‫وتوصيات دوائر االجتهاد اجلامعي‪ ،‬ومن ذلك قرار جممع الفقه اإلســامي‪ ،‬حيث‬

‫جاء فيه‪:‬‬

‫«خترج إدارة الرشكة زكاة األســهم كام خيرج الشــخص الطبيعي زكاة أمواله‪،‬‬

‫بمعنى أن تعترب مجيع أموال املســامهني بمثابة أموال شــخص واحد وتفرض عليها‬

‫الزكاة هبذا االعتبار من حيث نوع املال الذي جتب فيه الزكاة‪ ،‬ومن حيث النصاب‪،‬‬

‫ومن حيث املقدار الذي يؤخذ‪ ،‬وغري ذلك مما يراعى يف زكاة الشخص الطبيعي»‪.‬‬

‫وقد اختلفوا يف أثر نية املتاجرة يف األسهم (املضاربة) عىل ما سيأيت الح ًقا‪.‬‬

‫االجتاه الثاين‪ :‬أن األصل يف تقدير زكاة الســهم بالنسبة للمساهم تكون بحسب‬

‫نيته‪ ،‬فإذا كان يقصد االســتثامر طويل األجل فإنه يزكي الســهم زكاة املستغالت‪،‬‬

‫وجتب الزكاة يف عائده‪ ،‬وإذا كان يقصد املتاجرة يف األسهم‪ ،‬فإنه يزكي زكاة عروض‬

‫التجارة‪ ،‬سواء أكان إخراج الزكاة من الرشكة أم من املسامهني(((‪.‬‬

‫كام ذهبت إليه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء باململكة يف العديد‬

‫من الفتاوى‪ ،‬منها ما جاء يف الفتوى رقم (‪:)18585‬‬

‫((( ينظر‪ :‬أعامل وأبحاث الندوة احلادية عرشة لقضايا الزكاة املعارصة (‪ ،)166/1‬أســواق األوراق‬
‫املالية‪ ،‬ص‪.318‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪17‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫«األســهم التي جتب فيها الزكاة هي األسهم التجارية التي هي معروضة للبيع‪،‬‬
‫أما األســهم الثابتة التي ال يقصد هبا البيع‪ ،‬وإنام يقصد استثامرها فإن الزكاة جتب يف‬
‫غلتها إذا بلغت نصا ًبا بنفسها أو يضمها مع غريها وحال وعليها احلول»(((‪.‬‬

‫ويف الفتوى رقم (‪:)17747‬‬

‫«األســهم يف رأس مال الرشكة‪ ،‬فهذه إن كانت لالستغالل فالزكاة يف غ َّلتها إذا‬
‫بلغت نصا ًبا وقت اســتالمها‪ ،‬وإن كانت األسهم معروضة للبيع والتداول فالزكاة‬
‫جتب يف األسهم مقدرة قيمتها وقت متام احلول»(((‪.‬‬

‫ويتميز هذا االجتاه بيرسه وسهولته عىل املكلفني بالزكاة‪ ،‬وعىل اجلهات املختصة‬
‫بجباية الزكاة‪ ،‬وال يرتتب عليه اإلشــكاالت التي ترد عــى الطريقة املعمول هبا يف‬
‫احتساب الزكاة بناء عىل املوجودات الزكوية للرشكة‪ ،‬ويف هذا يقول الدكتور القري‪:‬‬

‫«إن الزكاة رك ٌن من أركان االســام‪ ،‬وجيب أن تتسم بالوضوح والبساطة التي‬


‫هي صفة كل ما أوجبه اهلل عىل العبد‪ ،‬أما أن تكون طالسم ومعادالت رياضية يعجز‬
‫عنها حتى املتخصص‪ ،‬فهذا ليس من ســات تكاليف العبادة‪ .‬وأن جيعل القيام هبذا‬
‫عسريا غري متيرس للمسلم العادي»(((‪.‬‬
‫ً‬ ‫أمرا‬
‫الركن ً‬

‫وهــذا القول عىل ما فيه من الوجاهة واليرس عــى املكلفني‪ ،‬إال أنه يرتتب عليه‬
‫عدم وجوب الزكاة يف أعيان األموال الزكويــة اململوكة للرشكة‪ ،‬وهذه النتيجة قد‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‪ ،‬املجموعة الثانية (‪.)128/6‬‬
‫((( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‪ ،‬املجموعة الثانية (‪.)157/6‬‬
‫((( جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬العدد الثالث عرش‪.)396/2( ،‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪18‬‬

‫يصعب االطمئنان إليها عند إمكان معرفة هذه األموال الزكوية وإخراج الزكاة عن‬
‫أعياهنا‪ ،‬كــا إذا كانت الرشكة هي التي خترج الزكاة عن موجوداهتا‪ ،‬وإن كان يتعني‬
‫القول به عند عدم إمكان معرفة هذه األموال التي متلكها الرشكة‪ ،‬وهو ما انتهى إليه‬
‫قرار جممع الفقه اإلسالمي بجدة اآليت ذكره بإذن اهلل‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪19‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫املبحث الثاني‬
‫األسس الشرعية إلخراج الشركة املساهمة للزكاة‬

‫‪ -1-2‬توطئة‪:‬‬

‫للوصول إىل إجابة ســؤال البحــث الرئيس يف أثر إخراج الرشكات املســامهة‬

‫للزكاة عىل زكاة املســاهم بنية املتاجرة = من املالئــم التمهيد لذلك بمعرفة املكلف‬

‫يف زكاة األسهم‪ ،‬ومعرفة األســس الرشعية إلخراج الرشكات املسامهة للزكاة عن‬

‫موجوداهتا الزكوية‪ ،‬وذلك من خالل ما يأيت‪:‬‬

‫‪ -2-2‬املكلف يف زكاة األسهم‪:‬‬

‫األصل يف التكليف الرشعــي أنه متوج ٌه لألشــخاص الطبيعيني‪ ،‬وهذا األمر‬

‫يرسي عىل مجيع األحكام الرشعية التكليفية‪ ،‬ومن بينها فريضة الزكاة‪ ،‬وقد حددت‬

‫الرشيعــة رشو ًطا لوجوب الزكاة من أمهها اإلســام‪ ،‬لكن بالنظــر إىل ما للرشكة‬

‫املســامهة وغريها من شــخصية اعتبارية يقر هبا القانون‪ ،‬فهل يقــال بأن التكليف‬

‫متجها إىل الشــخصية االعتبارية‪ ،‬أم أن التكليف‬


‫ً‬ ‫الرشعي بالــزكاة يصح أن يكون‬

‫الرشعي إنام هو عىل املسامهني يف الرشكة‪ ،‬وأن إخراج الرشكة إنام هو بالنيابة عنهم؟‬

‫وهذه املسألة اختلف فيها الفقهاء املعارصون عىل قولني‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬أن التكليف بالزكاة هو عىل الشخصية االعتبارية‪ ،‬وبناء عليه تقع‬

‫املسؤولية من حيث اإلثم عىل ممثيل هذه الشخصية االعتبارية‪ ،‬كام أن اإلثم ال يقع عىل‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪20‬‬

‫الصبي واملجنون يف حال عدم اإلخراج‪ ،‬وإنام يقع عىل الويل يف حال عدم اإلخراج‪،‬‬
‫وإليه ذهب بعض الفقهاء املعارصين(((‪.‬‬

‫ومستند هذا القول‪ :‬أن رشط وجوب الزكاة أهلية الوجوب يف املخاطب وامللك‬
‫التام‪ ،‬ومها متحققان يف الشــخصية االعتبارية التجاريــة‪ ،‬فلها أهلية كاملة‪ ،‬وذمتها‬
‫املالية قابلة لتحمل االلتزامات‪ ،‬وهي متلــك املوجودات‪ ،‬والزكاة وإن كانت عبادة‬
‫يف األصل‪ ،‬لكن يغلب عــى أحكامها أهنا حق مايل‪ ،‬وهلذا ليس من رشوط وجوهبا‬
‫التكليف عند مجهور أهل العلم‪ ،‬ولذا جتب يف مال الصغري واملجنون(((‪.‬‬

‫وهذا القول يظهر فيه االنســجام مــع فكرة الشــخصية االعتبارية للرشكات‬
‫املسامهة‪ ،‬لكن يلزم عليه عدم إجياب الزكاة عىل املسامهني إذا مل خترج الرشكة الزكاة‪،‬‬
‫وهــذا الالزم مل يلتزم به أصحاب هذا االجتــاه؛ ألهنم يرون أنه يف حال عدم إخراج‬
‫الرشكة للزكاة‪ ،‬فإن الوجوب ينتقل إىل املسامهني(((‪ ،‬فيكون مآل قوهلم إىل‪:‬‬

‫القول الثــاين‪ :‬وهو أن التكليف الرشعي يف زكاة أســهم الرشكات إنام هو عىل‬
‫املســامهني‪ ،‬وإن إدارة الرشكة خترج الــزكاة بالنيابة عنهم‪ ،‬وهو مــا يقتضيه النظر‬
‫الفقهي‪ ،‬وهو الــذي انتهى إليه االجتهاد اجلامعي يف هذه املســألة‪ ،‬كام جاء يف قرار‬
‫جممع الفقه اإلسالمي الدويل‪:‬‬

‫((( ينظر‪ :‬التطبيق املعارص للزكاة‪ ،‬للدكتور شــوقي شحاتة‪ ،‬ص‪ ،119‬وجملة جممع الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫العــدد الرابع (‪ ،)285/1‬زكاة الشــخصية االعتبارية‪ ،‬للباحث‪ :‬فواز الســليم (بحث تكمييل‬
‫ملرحلة املاجستري باملعهد العايل للقضاء)‪ ،‬ص‪.219‬‬
‫((( ينظر‪ :‬املصادر السابقة‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬زكاة األســهم‪ ،‬د‪ .‬يوســف الشــبييل‪ ،‬ضمن‪ :‬أبحاث وأعامل ندوة األســهم والصناديق‬
‫االستثامرية‪ ،‬ص‪.157‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪21‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫«جتب زكاة األســهم عىل أصحاهبا‪ ،‬وخترجها إدارة الرشكة نيابة عنهم إذا نص‬
‫يف نظامها األسايس عىل ذلك‪ ،‬أو صدر به قرار من اجلمعية العمومية‪ ،‬أو كان قانون‬
‫الدولــة يلزم الرشكات بإخراج الــزكاة‪ ،‬أو حصل تفويض من صاحب األســهم‬
‫إلخراج إدارة الرشكة زكاة أسهمه»‪.‬‬

‫كــا ذهب إىل ذلك مؤمتر الــزكاة األول(((‪ ،‬واملجلس الرشعي هليئة املحاســبة‬
‫واملراجعة للمؤسســات املالية اإلســامية(((‪ ،‬وعليه فإن إخراج الرشكة الزكاة هو‬
‫بالنيابة عن املسامهني‪.‬‬

‫ويرتتب عىل كون املســاهم هو املكلف بإخراج الــزكاة نتيجة مهمة‪ ،‬وهي أن‬
‫الزكاة ال تؤخذ إال عن املســامهني املكلفني بالزكاة رش ًعــا؛ هلذا قرر جممع الفقه أنه‬
‫ال جتب الزكاة عن األسهم اململوكة جلهات ال جتب عليها الزكاة رش ًعا‪ ،‬مثل األسهم‬
‫اململوكة للدولة‪ ،‬أو املؤسســات العامــة‪ ،‬أو األوقاف عىل جهــات عامة‪ ،‬أو غري‬
‫املسلمني‪ ،‬وأوجب إخراج حصصهم من وعاء الرشكة للزكاة‪ ،‬حيث جاء يف قراره‪:‬‬

‫«ويطرح نصيب األســهم التي ال جتب فيها الزكاة‪ ،‬ومنها أسهم اخلزانة العامة‪،‬‬
‫وأسهم الوقف اخلريي‪ ،‬وأسهم اجلهات اخلريية‪ ،‬وكذلك أسهم غري املسلمني»‪.‬‬

‫‪ -3-2‬موقف املنظم السعودي من املكلف بالزكاة‪:‬‬

‫أما املنظم الســعودي‪ ،‬عىل الرغم من إطالق وصف التكليف عىل الشخصيات‬
‫االعتبارية مثل الرشكات‪ ،‬إال أن املنظم ال يقصد التكليف الرشعي‪ ،‬بل املقصود من‬

‫((( ينظر‪ :‬أبحاث فقهية يف قضايا الزكاة املعارصة‪.)869/1( ،‬‬


‫((( املعايري الرشعية‪ ،‬معيار الزكاة‪ ،‬ص‪.881-880‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪22‬‬

‫هذا اإلطالق خضوع الشــخصية االعتبارية ألحكام نظام جباية الزكاة وإجراءاهتا‪،‬‬

‫ومن املعلوم أن الدولة ال ختاطب آحاد املســامهني بإخراج الزكاة عن أســهمهم يف‬

‫الــركات‪ ،‬وإن كانوا هــم املكلفني رش ًعا‪ ،‬وإنام ختاطب ممثــي الرشكة من أعضاء‬

‫جملس اإلدارة بالنيابة عن املسامهني‪ ،‬واملنظم السعودي يتفق مع النظر الفقهي يف أن‬

‫التكليف للمســاهم‪ ،‬ويعترب رشط التكليف عىل املسامهني فيام يؤخذ من الرشكات‬

‫والشخصيات االعتبارية‪ ،‬ويدل عىل ذلك أمور‪:‬‬

‫‪ -1‬التفريــق بــن الشــخصيات االعتباريــة باعتبــار املســامهني‪ ،‬فمنها ما‬

‫خيضــع للزكاة‪ ،‬ومنهــا ما خيضع للرضيبــة‪ ،‬ومنها ما خيضع للــزكاة يف جزء منها‪،‬‬

‫وختضع للرضيبة يف جزء آخر‪ ،‬وســبب التفريق عائد إىل طبيعة املســامهني يف هذه‬

‫الــركات‪ ،‬وأن الرضيبة تفــرض عىل الرشكات األجنبية؛ ألهنــا قد تكون مملوكة‬

‫لغري املسلمني‪.‬‬

‫‪ -2‬عدم إخضاع األوقاف للزكاة كام جاء يف الالئحة التنفيذية الصادرة بالقرار‬

‫الوزاري (‪ )2082‬وتاريخ ‪1438/6/1‬هـ يف املادة التاسعة‪:‬‬

‫«ال ختضــع للزكاة غلة الوقف اخلريي –باســتثناء الوقف الــذري – إذا كانت‬

‫مصارفه عىل وجوه الرب العامة‪ ،‬كام ال ختضع للزكاة غلة الوقف الذي يستثمر وحيقق‬

‫أرباحا سواء استثمر عن طريق رشكة أو غريها»‪.‬‬


‫ً‬

‫‪ -3‬إعفاء اجلهات غري الربحية من الزكاة؛ ألن األموال التي لدهيا ليست مملوكة‬

‫ألشخاص معينني‪ ،‬كام جاء يف الفقرة (ثان ًيا) من املادة اخلامسة من الالئحة التنفيذية‪:‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪23‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫«ال ختضع للزكاة اجلمعيات اخلريية وكذلك اجلمعيات واملؤسسات غري اهلادفة‬
‫للربح‪ ،‬بام يف ذلك حصصهم يف املنشآت األخرى»‪.‬‬

‫واحلاصل مما ســبق أن الزكاة التــي خترجها الرشكة هي مــن الناحية الرشعية‬
‫والنظامية هي زكاة عــن موجودات الرشكة الزكوية‪ ،‬وأن إخــراج الرشكة للزكاة‬
‫إنام هو بالنيابة عن املســامهني‪ ،‬وأن ذمة املساهم تربأ بإخراج الرشكة عن موجوداهتا‬
‫الزكوية إذا أخرجت الرشكة الزكاة‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪24‬‬

‫املبحث الثالث‬
‫أثر إخراج الشركة الزكاة على زكاة املساهم بنية املتاجرة (املضاربة)‬

‫‪ -1-3‬توطئة‪:‬‬

‫خيتص هذا املبحث باجلواب عن ســؤال البحث الرئيس عن أثر إخراج الرشكة‬
‫املسامهة للزكاة عىل زكاة املضارب‪ ،‬سواء أكان متلك املساهم للسهم بالتملك املبارش‬
‫لألســهم أو بالتملك غري املبارش عن طريق الصناديق االســتثامرية‪ ،‬وسواء أكانت‬
‫أسهم هذه الرشكات متاحة للتداول يف األسواق املالية أو غري متاحة للتداول‪ ،‬وقبل‬
‫عرض اخلالف يف املسألة‪ ،‬حيسن بيان الفرق بني االستثامر يف األسهم واملتاجرة فيها‬
‫(املضاربة)‪.‬‬

‫‪ -2-3‬أنواع االستثامر يف األسهم‪:‬‬

‫يقسم االستثامر يف األسهم يف األسواق املالية إىل‪:‬‬

‫‪ -1-2-3‬املتاجرة يف األسواق املالية‪ :‬والتي يكثر إطالق لفظ «املضاربة» عليها‪،‬‬


‫ترمجة للمصطلح (‪ ،)speculation‬ويقصد به‪ :‬رشاء األوراق املالية وبيعها بشــكل‬
‫يتضمن خماطرة عالية عادة لغرض حتقيق أرباح رأساملية‪ ،‬من خالل تداول األوراق‬
‫املالية خالل فرتة قصرية نسب ًّيا(((‪.‬‬

‫‪ -2-2-3‬االســتثامر يف األسواق املالية‪ ،‬ويعرف بأنه رشاء أوراق مالية لغرض‬


‫احلصــول عىل ما تدره من عوائد‪ ،‬تتمثل يف األربــاح املوزعة والفوائد أو الزيادة يف‬

‫((( ينظــر‪ :‬موقــع (‪ )Investopedia‬يف التعريف بمصطلــح (‪ ،)speculation‬وبحث‪ :‬املضاربة يف‬


‫األسواق املالية‪ ،‬للدكتور حممد السحيباين‪ ،‬ص‪.3-2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪25‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫قيمتها يف هناية مدة االســتثامر‪ .‬ويكون غرض املستثمر األسايس استثامر مدخراته‪،‬‬
‫ويكون االستثامر أقل خماطرة‪ ،‬ملدة طويلة نسب ًّيا(((‪.‬‬

‫وتفــرق املعايري املحاســبية يف إثبات األوراق املالية املســتثمر هبا وعرضها بني‬
‫األوراق املاليــة املعدة للمتاجرة‪ ،‬واألوراق املالية املعدة لالســتثامر‪ ،‬حيث تصنف‬
‫ضمــن األصول املتداولة إذا كان نية املســتثمر االحتفاظ هبا ملدة تقل عن الســنة‪،‬‬
‫وتصنف ضمن األصول طويلة األجل إذا كان نية املســتثمر االحتفاظ هبا ملدة تزيد‬
‫عىل السنة(((‪.‬‬

‫أما مــن الناحية الفقهية‪ ،‬فال يوجــد ضابط متفق عليــه يف التفريق بني املتاجر‬
‫واملستثمر يف األســهم‪ ،‬واملشهور أن املستثمر يقصد االســتفادة من عوائد السهم‪،‬‬
‫واملتاجر يقصد الربح من الزيادة يف قيمة الســهم يف األســواق املالية‪ ،‬وهذا التفريق‬
‫غري مطابق للواقع؛ ويف هذا يقول الدكتور يوسف الشبييل‪:‬‬

‫«التمييز الدارج لدى البعض بني املســتثمر واملضارب بأن املســتثمر من يقصد‬
‫العوائد املوزعة‪ ،‬واملضارب من يتملك الســهم بقصد االستفادة من ارتفاع القيمة‪،‬‬
‫حمل نظر‪ .‬وبيان ذلك أن احلامل عىل رشاء السهم واحد أو أكثر من ثالثة أمور‪:‬‬

‫‪ -1‬األرباح املوزع‪.‬‬

‫‪ -2‬الزيادة الرأساملية عن طريق أسهم املنحة‪.‬‬

‫‪ -3‬االرتفاع يف القيمة السوقية للسهم‪.‬‬

‫((( ينظر‪ :‬املراجع السابقة‪.‬‬


‫((( ينظر‪ :‬معايري املحاسبة املالية‪ :‬معيار االستثامر يف األوراق املالية‪ ،‬ص‪.1511‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪26‬‬

‫واألمر األول ال يمثل شــي ًئا مقارنة باألخريين‪ ،‬فمعظم الرشكات ذات العوائد‬
‫تعيد معظم أرباحهــا يف الرشكة (األرباح املدورة)؛ لينعكــس أثر ذلك عىل القيمة‬
‫السوقية ألسهمها‪ ،‬أو جتعلها عىل شكل زيادة رأساملية عن طريق أسهم املنحة‪ ،‬وال‬
‫توزع عىل املسامهني منها إال القليل‪.‬‬

‫ومــؤدى هذا الرأي أن عامة املســامهني يعدون مضاربــن؛ ألنه ما من أحد يف‬
‫سوق األسهم إال وهو يراعي يف قراره االستثامري توقعات الزيادة يف القيمة السوقية‬
‫للســهم‪ ،‬وأسهم املنحة املتوقعة‪ .‬ومن املعلوم أن أســهم املنحة ال يمكن االستفادة‬
‫منها إال ببيعها»(((‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬فقد قرر الدكتور يوسف الشبييل إىل أن الضابط يف التفريق بينهام هو‬
‫بناء عىل نية البيع لألسهم‪ ،‬فاملستثمر هو الذي يشرتي األسهم وال ينوي بيعها خالل‬
‫السنة‪ ،‬واملتاجر (املضارب) هو الذي يشرتي األسهم بنية بيعها خالل العام(((‪.‬‬

‫وما ذهب إليه الدكتور الشــبييل يف التفريق بني املستثمر واملضارب‪ ،‬يتوافق مع‬
‫قول املالكيــة يف زكاة عروض التجارة‪ ،‬وتفريقهم بني التاجر املدير الذي يشــري‬
‫الســلعة بنية تقليبها يف األســواق‪ ،‬وبني التاجر املحتكر الذي يشــري السلعة بنية‬
‫ارتفاع قيمتها يف األســواق‪ ،‬فيوجبون عىل التاجر املدير الزكاة كل سنة‪ ،‬ويوجبون‬
‫عىل التاجر املحتكر الزكاة لسنة واحدة عند بيعها(((‪.‬‬

‫((( زكاة الصكوك االستثامرية واملحافظ‪ ،‬والصناديق االستثامرية‪ ،‬د‪ .‬يوسف الشبييل‪ ،‬ضمن بحوث‬
‫الندوة احلادية والعرشين لقضايا الزكاة املعارصة‪ ،‬ص‪.266‬‬
‫((( ينظر‪ :‬املراجع السابقة‪.‬‬
‫((( ينظر‪ :‬الفواكه الدواين (‪ ،)331/1‬الرشح الصغري (‪.)637/1‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪27‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫وقد استحســن بعض الباحثني هذا الضابط يف التفريــق بينهام(((‪ ،‬واعتمده يف‬

‫التفريق بني ما هو له حكم عروض جتارة من األســهم‪ ،‬وما ليس كذلك‪ ،‬وهذا غري‬

‫دقيق وال يتفق مع األصل الفقهي الذي اعتمد عليه الدكتور يوسف الشبييل‪.‬‬

‫‪- 3-3‬أثر نوع االستثامر عىل زكاة األسهم‪:‬‬

‫بناء عىل ما تقدم‪ ،‬فإن الرشكة إذا أخرجت الزكاة عن موجوداهتا الزكوية بالنيابة‬

‫عن املسامهني‪ ،‬فإن املستمثر تربأ ذمته بام أخرجته الرشكة من الزكاة عن موجوداهتا‪،‬‬

‫أما املســاهم بنية املتاجرة (املضارب)‪ ،‬فقد اختلــف الفقهاء فيام إذا كان ذلك يربئ‬

‫ذمته أم ال‪.‬‬

‫وقبل عرض اخلالف الفقهي املعارص يف هذه املســألة مــن املالئم التمهيد هلذا‬

‫اخلالف بمســألة فقهية متفق عليها بني العلــاء(((‪ ،‬وهو منع الثني يف الزكاة‪ ،‬وذلك‬

‫لقــول النبي ﷺ (ال ثني يف الصدقة)(((‪ ،‬وبنا ًء عليــه‪ ،‬فقد اتفق الفقهاء عىل أن املال‬

‫الواحــد ال جيوز جبايــة الزكاة عليه مرتــن يف عام واحد‪ ،‬ومن ذلــك أن املال إذا‬

‫وجد فيه ســببان للزكاة‪ ،‬فال جيب إخراج الزكاة عنه إال بســبب واحد‪ ،‬فإذا اجتمع‬

‫يف مال واحد ســبب زكاة النقدين من الذهب والفضــة أو زكاة الزروع والثامر أو‬

‫((( ينظر‪ :‬زكاة صناديق املؤرشات‪ ،‬الدكتور السحيباين‪ ،‬والغفييل‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫((( ينظر‪ :‬املبســوط (‪ ،)170/2‬رد املحتار (‪ ،)273/2‬الذخرية (‪ ،)348/2‬حاشــية الدســوقي‬
‫(‪ ،)472/1‬مغني املحتاج (‪ ،)109/2‬حتفة املحتاج (‪ ،)294/3‬كشاف القناع (‪ ،)242/‬رشح‬
‫املنتهى (‪.)234/1‬‬
‫((( أخرجــه أبو عبيد يف األموال (‪ ،)982‬وابن أيب شــيبة يف املصنــف (‪ ،)218/3‬وابن زنجويه يف‬
‫األموال (‪.)1437‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪28‬‬

‫زكاة هبيمــة األنعام مع زكاة عــروض التجــارة‪ ،‬فإنه ال جيوز إخــراج الزكاة إال‬
‫بسبب واحد‪.‬‬

‫فعىل ســبيل املثال‪ :‬لو كان املكلف يملك نصاب سائمة من الغنم‪ ،‬وهو أربعون‬
‫شــاة‪ ،‬وتبلغ قيمتها أربعني ألف ريال‪ ،‬ينوي هبــا التجارة‪ ،‬وقد حتققت فيها رشوط‬
‫عــروض التجارة‪ ،‬فإنه ال جيوز إخراج الزكاة بناء عىل الســببني باالتفاق‪ ،‬فال جيب‬
‫عليــه باالتفاق أن خيرج شــاة واحدة عن أربعني شــاة بوصفها من ســائمة هبيمة‬
‫األنعام‪ ،‬ثم خيــرج ربع عرش قيمتها‪ ،‬وهو مبلغ ‪ 1000‬ريــال عىل أهنا من عروض‬
‫التجارة‪ ،‬بل يتفــق الفقهاء عىل أنه جيب إخراج الزكاة عىل أحد الســببني‪ ،‬وكذلك‬
‫األمر يف زكاة النقدين ويف زكاة الزروع والثامر إذا اجتمع معها ســبب وجوب زكاة‬
‫عروض التجارة‪.‬‬

‫وقد اختلف الفقهاء يف الســبب الذي يقدم يف هذه احلال‪ ،‬هل تقدم زكاة النقد‬
‫والزروع والثامر وهبيمة األنعام‪ ،‬أم تقدم زكاة عروض التجارة‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء‬
‫يف السبب الواجب اعتباره يف زكاة املال حينئذ عىل اجتاهني‪:‬‬

‫االجتاه األول‪ :‬أنه تُقــدم زكاة النقد والزروع والثامر وهبيمــة األنعام عىل زكاة‬
‫عروض التجارة‪:‬‬

‫وإليه ذهــب املالكية((( والشــافعية(((‪ ،‬واحلنفية يف املعــرات((( (أي احلبوب‬


‫والثامر‪ ،‬سميت بذلك؛ ألنه جيب فيها العرش فيام سقي دون مشقة ومؤونة)‪.‬‬

‫((( ينظر‪ :‬احلاوي الكبري (‪.)317/4‬‬


‫((( ينظر‪ :‬مغني املحتاج (‪ )109/2‬حتفة املحتاج (‪.)294/3‬‬
‫((( ينظر‪ :‬رد املحتار (‪.)273/2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪29‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫وعللوا لذلك بأمرين(((‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أن زكاة العني يف السوائم واحلرث والنقد أقوى من زكاة التجارة وأوكد؛‬
‫ألهنا وجبــت بالنص مع انعقاد اإلمجاع عليها‪ ،‬وزكاة التجارة وجبت باالجتهاد مع‬
‫حصول اخلالف فيها‪ ،‬فكان املجمع عليه أوىل من املختلف فيه‪.‬‬

‫والثاين‪ :‬أن زكاة العني واجب ٌة يف أصل املال‪ ،‬وزكاة التجارة يف القيمة‪ ،‬فإذا اجتمعا‬
‫كان ما تعلق بأصل املال أوىل بالتقدمة‪.‬‬

‫االجتاه الثاين‪ :‬تقديم ســبب زكاة عروض التجارة عىل زكاة النقد وسائمة هبيمة‬
‫األنعام‪ ،‬والزروع والثامر‪ ،‬وهو مذهب احلنابلة(((‪ ،‬واحلنفية يف السائمة(((‪.‬‬

‫وعللوا ذلك بأمرين‪:‬‬

‫ُّ‬
‫وأحظ الستيفائها األصل والفرع‪ ،‬واختصاص‬ ‫أحدمها‪ :‬أهنا أعم من زكاة العني‬
‫زكاة العني بالفرع دون األصل‪.‬‬

‫والثــاين‪ :‬أهنا أقوى من زكاة العني وآكد‪ ،‬فوجوهبا يف مجيع الســلع والعروض‪،‬‬
‫واختصاص زكاة العني ببعض دون بعض(((‪.‬‬

‫ومع وجود اخلالف يف الســبب الذي يقدم يف هذه احلال‪ ،‬فقد اتفق الفقهاء عىل‬
‫أن املال إذا زكي باعتبار النقد أو الــزروع أو هبيمة األنعام مل جتز زكاته باعتبار كونه‬
‫عروض جتارة‪ ،‬حتى حيول عليه احلول‪ ،‬ويف هذا يقول اإلمام ابن عبدالرب‪:‬‬

‫((( ينظر‪ :‬احلاوي الكبري (‪.)317/4‬‬


‫((( ينظر‪ :‬كشاف القناع (‪ ،)242/‬رشح املنتهى (‪.)234/1‬‬
‫((( ينظر‪ :‬رد املحتار (‪.)273/2‬‬
‫((( ينظر‪ :‬احلاوي الكبري (‪.)317/4‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪30‬‬

‫«ومــا زكي من احلبوب‪ ،‬فال زكاة فيه بعد حــول وال يف ثمنه حتى حيول حوله‪،‬‬
‫وال خالف يف ذلك‪ ،‬وهو جمتمع عليه»(((‪.‬‬

‫وبعد بيان خالف الفقهاء املتقدمني يف الســبب الذي يقدم عند اجتامع سببني يف‬
‫الزكاة‪ ،‬فيحسن إيراد اخلالف الفقهي املعارص يف أثر نية املتاجرة يف األسهم عىل زكاة‬
‫السهم‪ ،‬وهل جيب عىل املساهم إخراج زكاة إضافية عىل ما جيب يف زكاة املوجودات‬
‫الزكوية لألسهم‪ ،‬ســواء أخرج املساهم زكاة تلك املوجودات الزكوية أو أخرجتها‬
‫الرشكة‪ ،‬وذلك عىل قولني‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬أن زكاة الســهم جتب بحســب املوجودات الزكوية للسهم دون‬
‫اعتبار لنية املساهم‪ ،‬سواء أكانت نيته املتاجرة (املضاربة) أم االستثامر طويل األجل‪،‬‬
‫ســواء أخرجت الرشكة الزكاة أم أخرج املساهم الزكاة بناء عىل علمه باملوجودات‬
‫الزكوية التي ختص أســهمه‪ ،‬فإن ذمته تربأ بذلك‪ ،‬من ًعا للثنــي؛ ألن املال الواجب‬
‫ال تصح جبايته مرتني‪.‬‬

‫وقد أخذ هبذا االجتــاه املؤمتر األول للزكاة‪ ،‬املنعقــد يف الكويت يف ‪ 29‬رجب‬
‫‪1404‬هـ‪ ،‬والذي جاء يف فتاواه‪:‬‬

‫«إذا قامت الرشكة بتزكية أمواهلا‪ ،‬فال جيب عىل املساهم إخراج زكاة أخرى عن‬
‫اسمه‪ ،‬من ًعا لالزدواج»‪.‬‬

‫كام أخذ به جممع الفقه اإلســامي الدويل التابع ملنظمة التعاون اإلســامي‪ ،‬يف‬
‫القرار رقم‪ )4/3( 28 :‬بشأن زكاة األسهم يف الرشكات‪ ،‬والذي جاء فيه‪:‬‬

‫((( االستذكار (‪ ،)269/1‬اإلقناع يف مسائل اإلمجاع (‪.)644/2‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪31‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫«أوالً‪ :‬جتب زكاة األســهم عىل أصحاهبا‪ ،‬وخترجها إدارة الرشكة نيابة عنهم إذا‬
‫قرار من اجلمعية العمومية‪ ،‬أو كان‬
‫ُص يف نظامها األســايس عىل ذلك‪ ،‬أو صدر به ٌ‬
‫ن َّ‬
‫تفويض من صاحب األسهم‬
‫ٌ‬ ‫قانون الدولة يلزم الرشكات بإخراج الزكاة‪ ،‬أو حصل‬
‫إلخراج إدارة الرشكة زكاة أسهمه‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬خترج إدارة الرشكة زكاة األسهم كام خيرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله‪،‬‬
‫بمعنى أن تُعترب مجيع أموال املســامهني بمثابة أموال شخص واحد‪ ،‬وتُفرض عليها‬
‫نوع املال الذي جتب فيه الزكاة‪ ،‬ومن حيث النصاب‪،‬‬
‫الزكاة هبذا االعتبار‪ ،‬من حيث ُ‬
‫ومــن حيث املقدار الذي يؤخذ‪ ،‬وغري ذلك مما يراعى يف زكاة الشــخص الطبيعي‪،‬‬
‫عممه من الفقهاء يف مجيــع األموال‪ .‬ويطرح‬ ‫ً‬
‫أخــذا بمبدأ اخللطة عند مــن َّ‬ ‫وذلك‬
‫نصيب األسهم التي ال جتب فيها الزكاة‪ ،‬ومنها أسهم اخلزانة العامة‪ ،‬وأسهم الوقف‬
‫اخلريي‪ ،‬وأسهم اجلهات اخلريية‪ ،‬وكذلك أسهم غري املسلمني‬

‫ثالث ًا‪ :‬إذا مل تزك الرشكة أمواهلا ألي سبب من األسباب‪ ،‬فالواجب عىل املسامهني‬
‫خيص أسهمه‬
‫زكاة أسهمهم‪ ،‬فإذا استطاع املساهم أن يعرف من حسابات الرشكة ما ُّ‬
‫من الزكاة‪ ،‬لو زكت الرشكة أمواهلا عىل النحو املشــار إليه = زكَّى أســهمه عىل هذا‬
‫االعتبار؛ ألنه األصل يف كيفية زكاة األسهم»‪.‬‬

‫ومســتند ما ذهب إليه املجمع هو قول النبي ﷺ (ال ثنــي يف الصدقة)(((‪ ،‬وأن‬
‫املــال الواحد ال جيوز جباية الزكاة عليه مرتــن يف عام واحد‪ ،‬وكام تقدم من حكاية‬
‫اتفاق أهل العلم عىل منع الثني يف الزكاة‪ ،‬وأن املال إذا وجد فيه ســببان للزكاة‪ ،‬كأن‬

‫((( سبق خترجيه‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪32‬‬

‫يكــون للمكلف‪( :‬نقد وزروع وثامر) ويقصد هبا التجــارة‪ ،‬فال جيوز إجياب الزكاة‬
‫عليها مرتني‪.‬‬

‫وعليه فإن جممع الفقه اإلسالمي يذهب إىل أن الواجب عىل املساهم الذي يعلم‬
‫ما خيص أســهم من موجــودات زكوية = إخراج زكاة ما يتعلق بأســهمه من تلك‬
‫املوجودات الزكوية‪ ،‬دون اعتبار لنية املساهم‪ ،‬وهل يقصد بتملكه لألسهم املتاجرة‬
‫أو االســتثامر طويل األجل‪ ،‬وســواء أخرج املكلف الزكاة عن أسهمه أم أخرجتها‬
‫الرشكة عنه‪ ،‬ال خيتلف الواجب يف هذه احلال‪.‬‬

‫وأما احلال التي ال يعلم فيها املســاهم ما خيص أسهمه من املوجودات الزكوية‪،‬‬
‫فصل فيها قرار املجمع من باب التحري‪ ،‬حيث جاء يف تتمة القرار‪:‬‬
‫فقد َّ‬

‫«وإن مل يستطع املساهم معرفة ذلك‪:‬‬

‫فإن كان ســاهم يف الرشكة بقصد االســتفادة من ريع األسهم السنوي‪ ،‬وليس‬
‫بقصد التجارة‪ ،‬فإنه يزكيها زكاة املستغالت‪ ،‬ومتشي ًا مع ما قرره جممع الفقه اإلسالمي‬
‫يف دورته الثانية بالنســبة لــزكاة العقارات واألرايض املأجورة غــر الزراعية‪َّ ،‬‬
‫فإن‬
‫صاحب هذه األسهم ال زكاة عليه يف أصل السهم‪ ،‬وإنام جتب الزكاة يف الريع‪ ،‬وهي‬
‫ربــع العرش بعد دوران احلول من يوم قبض الريع‪ ،‬مــع اعتبار توافر رشوط الزكاة‬
‫وانتفاء املوانع‪.‬‬

‫وإن كان املساهم قد اقتنى األسهم بقصد التجارة‪ ،‬زكّاها زكاة عروض التجارة‪،‬‬
‫فإذا جاء ُ‬
‫حول زكاته وهي يف ملكه‪ ،‬زكى قيمتها السوقية وإذا مل يكن هلا سوق‪ ،‬زكى‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪33‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫قيمتها بتقويم أهل اخلربة‪ ،‬فيخرج ربع العرش ‪5‬ر‪ %2‬من تلك القيمة ومن الربح‪ ،‬إذا‬

‫كان لألسهم ربح»‪.‬‬

‫وينبغــي التنبيــه إىل أن احلال التي أشــار إليها قــرار جممع الفقه اإلســامي‬

‫الدويل‪ ،‬من عدم علم املســاهم باملوجــودات الزكوية ألســهمه‪ ،‬ال ترد فيام يتعلق‬

‫اهليئــة العامة للزكاة والدخــل وغريها من املؤسســات املعنية بجبايــة الزكاة من‬

‫الــركات‪ ،‬وهلا القــدرة عىل معرفة ما خيص الســهم من املوجــودات الزكوية يف‬

‫الرشكات اخلارجية‪.‬‬

‫تـنـبـيـه‪:‬‬
‫وهم عدد من الباحثني يف فهم قرار جممع الفقه اإلســامي‪ ،‬وخيلطون بني احلال‬

‫التي خترج فيها الرشكة الزكاة‪ ،‬أو يعلم املســاهم ما خيص أســهمه من املوجودات‬

‫الزكوية‪ ،‬وبني احلال التي ال يعلم املساهم ما خيص أسهمه من موجودات الرشكات‬
‫الزكوية‪ ،‬وحيملون قرار املجمع انتهت إليه توصية الندوة احلادية عرشة لقضايا الزكاة‬

‫التــي توجب عىل املضــارب زكاة عروض التجارة مطل ًقا‪ ،‬ســواء علم موجودات‬

‫الرشكة أم مل يعلمها‪ ،‬وســواء أخرجت الرشكة الزكاة أم مل خترجها؛ هلذا يستحســن‬

‫أن نورد فيام يــأيت‪ ،‬توضيح الدكتور الصديق الرضير ‪ -‬رمحــه اهلل‪ ،-‬والذي اعتمد‬

‫جممع الفقه اإلســامي يف صياغة القرار عىل بحثه املقدم لدورة املجمع(((‪ ،‬وقد كان‬

‫‪-‬رمحه اهلل ‪ -‬أحد أعضاء جلنة صياغة القــرار(((‪ ،‬حيث يقول مبينًا حمل اخلالف بني‬

‫((( ينظر‪ :‬جملة جممع الفقه اإلسالمي الدويل‪ ،‬العدد الثاين‪.)769-757/1( ،‬‬
‫((( ينظر‪ :‬تسمية جلنة صياغة القرار يف جملة جممع الفقه اإلسالمي الدويل‪ ،‬العدد الثاين‪.)867/1( ،‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪34‬‬

‫معرتضا عىل‬
‫ً‬ ‫قرار املجمع وقــرار اهليئة الرشعية العاملية للزكاة‪ ،‬والذي شــارك فيه‬
‫خمالفتهم لقرار املجمع(((‪ ،‬حيث قال يف دورة املجمع الثالثة عرشة بالكويت‪:‬‬

‫«يتبي من قراءة هذين القرارين أن االختالف بينهام يرجع إىل اعتبار ن ّية املساهم‬
‫َّ‬
‫من املســامهة يف الرشكة‪ ،‬وعــدم اعتبارها‪ :‬هل هي بغرض املتاجرة يف األســهم أم‬
‫بغرض اقتناء األسهم واالستفادة من ربحها؟‬

‫فقرار املجمع مل يعترب نية املساهم يف احلالة التي خترج فيها الرشكة الزكاة‪ ،‬واعترب‬
‫نية املساهم فقط يف احلالة التي ال خترج الرشكة الزكاة‪ ،‬وال يستطيع املساهم أن يعرف‬
‫مقدار ما جيب عليه لو أخرجت الرشكة الزكاة‪ ،‬وهلذا عُدَّ إخراج الرشكة الزكاة كاف ًيا‬
‫ومربئًا لذمة املســاهم من غري اعتبار لنيته‪ ،‬أما قرار اهليئة فإنه اعترب نية املســاهم يف‬
‫احلالــة التي خترج فيها الرشكة الزكاة‪ ،‬ويف احلالــة التي ال خترج فيه الزكاة‪ ،‬فأوجب‬
‫عليه أن يزكي أسهمه زكاة عروض جتارة‪ ،‬إذا كانت ن َّيته املتاجرة هبا‪ ،‬سواء أخرجت‬
‫الرشكة الزكاة أم مل خترجها عىل النحــو املبني يف املادة (‪ )19‬واملادة (‪ ،)22‬وخالف‬
‫هبذا املجمع يف احلالة التي خترج فيها الرشكة الزكاة خمالفة واضحة»(((‪.‬‬

‫القول الثاين‪ :‬التفريق بني نية املتاجرة ونية االســتثامر يف حســاب الزكاة‪ ،‬ويرى‬
‫أصحاب هذا القول أن املستثمر جتب عليه الزكاة بحسب املوجودات الزكوية التي‬
‫ختص أسهمه‪ ،‬وأما املتاجر‪ ،‬فتجب عليه زكاة أسهمه زكاة عروض جتارة‪ ،‬مع حسم‬
‫ما أخرجته الرشكة يف حال إخراجها‪.‬‬

‫((( ينظر‪ :‬أبحاث وأعامل الندوة احلادية عرشة لقضايا الزكاة املعارصة‪.)37/1( ،‬‬
‫((( ينظر‪ :‬جملة جممع الفقه اإلسالمي الدويل‪ ،‬العدد الثاين‪.)769-757/1( ،‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪35‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫وهبذا أخذت الندوة احلاديــة عرشة لقضايا الزكاة املعــارصة‪ ،‬حيث تضمنت‬
‫توصيتها اعتامد املادة ‪ 20‬من دليل اإلرشادات لزكاة الرشكات‪ ،‬والذي جاء فيه‪:‬‬

‫«إذا قامت الرشكة بتزكية موجوداهتا‪ ..‬وكانت األســهم بغرض املتاجرة‪ ،‬فإنه‬
‫حيســب زكاهتا وحيســم منه ما زكته الرشكة‪ ،‬ويزكي الباقي إن كانــت زكاة القيمة‬
‫السوقية ألســهمه أكثر مما أخرجته الرشكة عنه‪ ،‬وإن كانت القيمة السوقية أقل‪ ،‬فله‬
‫أن حيتسب الزائد يف زكاة أمواله األخرى أو جيعلها تعجي ً‬
‫ال لزكاة قادمة»(((‪.‬‬

‫مرجوحا من‬
‫ً‬ ‫وعنــد التأمل يف هذا القول نجد أنه ترد عليه مــن املآخذ ما جتعله‬
‫وصعب التطبيق من الناحية العملية‪ ،‬ويدل عىل ذلك ما يأيت‪:‬‬
‫َ‬ ‫الناحية الفقهية‪،‬‬

‫أ‪ -‬أن املعاجلــة التي اعتمدها هــذا القول لتجنب ثني الــزكاة‪ ،‬مل أقف عىل ما‬
‫يعضدهــا من مذاهب الفقهاء املتقدمني؛ ملا يرتتب عليه مــن جباية الزكاة عن املال‬
‫الواحد مرتني‪.‬‬

‫ب‪ -‬أنه يرتتب عىل األخذ هبا كلفة وعرس يف التطبيق‪ ،‬سواء عىل املختصة بجباية‬
‫الزكاة أو عىل املكلفني؛ ألنه جيب عىل كل مضارب أن حيســب ما أخرجته الرشكة‪،‬‬
‫ثم يقســمه عىل عدد أســهم الرشكة‪ ،‬ويرضهبا عىل عدد األسهم التي يملكها‪ ،‬مهام‬
‫تعددت الرشكات التي يستثمر هبا‪.‬‬

‫وهــذا ال يتأتــى العلم بــه إال إذا اتفق حــول الرشكة مع حول املســاهم بنية‬
‫أمر قليل احلدوث‪ ،‬فكيف يكلف املكلف بحســم ما أخرجته الرشكة‬
‫املتاجرة‪ ،‬وهو ٌ‬

‫((( أبحاث وأعامل الندوة احلادية عرشة والثانية عرشة‪ ،)184/1( ،‬وينظر‪ :‬دليل اإلرشادات حلساب‬
‫زكاة الرشكات‪ ،‬بند (‪.)20‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪36‬‬

‫من زكاة عن موجــودات يف وقت ماض‪ ،‬وليس الزكاة التــي خترجها الرشكة عن‬
‫حول املكلف؟‬

‫ت‪ -‬أن حســم ما خترجه الرشكة من الزكاة عن الســنة املالية ال يكون بحســم‬
‫مــا أخرجته الرشكة ابتدا ًء‪( ،‬الربط األويل مع اهليئــة العامة للزكاة يف اململكة)؛ ألن‬
‫الرشكة قد تلزم من الناحية النظامية بإخراج مبالغة إضافية للزكاة بعد فحص اهليئة‬
‫لإلقرار الزكوي والربط النهائي مع اهليئة‪ ،‬ومع حق املكلف يف االعرتاض عىل قرار‬
‫اهليئة‪ ،‬فقد حيكم للمكلف لدى اللجان االعرتاضية أو اللجنة االستئنافية ضد اهليئة؛‬
‫األمر الذي يســتغرق عادة أعوا ًما طويلة‪ ،‬وتكليف املكلف بتتبع هذه النزاعات يف‬
‫كل ســهم متلكه يف يوم من األيام بنية املتاجرة حتى حيدد الواجب عليه إخراجه من‬
‫تكليــف ما ال يطاق‪ ،‬وهو أمر ممتنع رش ًعا‪ ،‬كام أنــه ال يمكن رش ًعا أن يوجب عليه‬
‫االحتياط يف إجياب مــا مل يثبت وجوبه؛ ألن األصل بــراءة الذمة‪ ،‬ومتى ما حصل‬
‫الشك‪ ،‬فالرجوع إىل اليقني‪ ،‬هو أن هذه األسهم أخرجت زكاته بحسب ما متثله من‬
‫موجودات زكوية‪ ،‬وقد برأت ذمة املكلف بذلك‪.‬‬

‫ث‪ -‬أنه لو سلم أن إخراج الزكاة عن السنة املاضية جمزئ من الناحية الرشعية‪،‬‬
‫فإنه يرتتب عليه أن يتم حسم الزكاة عن السهم الواحد مرات عديدة‪ ،‬بسبب اختالف‬
‫وقت وجوب الزكاة بالنســبة للمكلفني‪ ،‬فلو تعاقب أربع ٌة من املستثمرين عىل متلك‬
‫مئة ســهم من رشكة واحدة بنية املتاجرة‪ ،‬متلك ٌّ‬
‫كل منهم أسهمه ثالثة أشهر‪ ،‬وحال‬
‫عىل كل واحــد منهم احلول عند متلكه هلا‪ ،‬فيرتتب عىل ذلك أن حيســم ما أخرجته‬
‫الرشكة أربع مرات عن أربعة مســامهني؛ وهلذا ذهب الدكتور يوســف الشبييل إىل‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪37‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫أن املستثمر لغرض املتاجرة حيســم ما أخرجته بنسبة األيام التي متلك فيها السهم‪،‬‬
‫فيخصم ُّ‬
‫كل واحد منهم ربع ما أخرجته الرشكــة(((‪ ،‬وهذا القول مع ما يرتتب من‬
‫مزيد مشــقة يف احلســاب‪ ،‬فإن يرتتب عليه عدم حســم زكاة أسهم الرشكات التي‬
‫ملكها املســاهم قبل وقت الوجوب‪ ،‬ولو قدر أنــه خيصم كل ما أخرجته الرشكات‬
‫التي متلكها يف العام الواحد‪ ،‬بقدر عدد األيام التي متلك فيها كل سهم‪ ،‬فتصور هذا‬
‫يكفي يف بيان تكلفه‪.‬‬

‫القول الثالث‪ :‬إن الزكاة جتب عىل املضارب يف أسهم املضاربة بالقيمة السوقية‪،‬‬
‫دون اعتبار ملا أخرجته الرشكة من الزكاة عن موجوداهتا الزكوية‪ .‬وبه العمل يف اهليئة‬
‫العامة للزكاة والدخل يف اململكة‪.‬‬

‫وتستند اهليئة يف ذلك إىل فتوى اللجنة الدائمة رقم (‪ )22665‬يف اإلجابة عن عدد‬
‫من األسئلة التي وجهتها مصلحة الزكاة للجنة الدائمة‪ ،‬بتاريخ ‪1424/4/15‬هـ‪،‬‬
‫وجاء يف جواب اللجنة الدائمة ما يأيت‪:‬‬

‫«إخراج املسامهني يف الرشكات املسامهة للزكاة ال خيلو من احلاالت اآلتية‪:‬‬

‫أ‪ -‬أن تكون الرشكة جتارية‪ ،‬ويكون غرضه اقتناء السهم واالستفادة من أرباحه‪،‬‬
‫وحينئذ فيكتفى املســاهم بام تأخذه مصلحة الزكاة والدخل ما مل يكن ذلك أقل من‬
‫الزكاة املفروضة‪ ،‬فإن كان ذلك أقل = َو َجب عليه إخراج الزيادة‪.‬‬

‫((( ينظــر‪ :‬قضايا معارصة يف الزكاة‪ ،‬زكاة الديون التجارية واألســهم اململوكة للرشكات القابضة‪،‬‬
‫للدكتور يوســف الشــبييل‪ ،‬واملقدم لندوة الربكة احلادية والثالثني لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 9-8‬رمضان ‪1431‬هـ‪ ،،‬ص‪ ،56‬طرق حساب زكاة األسهم والديون التمويلية‪ ،‬واملقدم لندوة‬
‫الربكة الرابعة والثالثني لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬بتاريخ ‪ 9-8‬رمضان ‪1434‬هـ‪ ،‬ص‪18‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪38‬‬

‫ب‪ -‬أن تكــون الرشكة غــر جتارية‪ ،‬ويكون غرض املســاهم اقتناء الســهم‬

‫واالستفادة من أرباحه‪ ،‬وليس عىل هذه الرشكة زكاة‪ ،‬وإنام كل مساهم يزكي نصيبه‬

‫يف األرباح إذا بلغ نصا ًبا بنفسه أو بضمه إىل غريه‪ ،‬وحال عليه احلوال‪.‬‬

‫ت‪ -‬أن يكون غرض املســاهم التجارة يف األســهم بي ًعا ورشا ًء‪ ،‬وجيب عليه يف‬

‫هذه احلال تقييم األســهم التي لديه عند متام احلول عىل رأس ماله‪ ،‬وإخراج زكاهتا‬

‫برشط أن تكون املسامهة يف رشكة تتعامل باملباح»(((‪.‬‬

‫ويف سؤال آخر وجهته املصلحة جاء فيه‪:‬‬

‫«هل هناك فرق بني زكاة األسهم للمساهم الذي يقوم باملضاربة يف األسهم بي ًعا‬

‫ورشا ًء‪ ،‬واملســاهم الذي يقتني هذه األســهم بغرض احلصول عىل أرباحها ابتدا ًء‪،‬‬

‫وإذا طلبت منه بسعر مناسب قام ببيعها؟»‪.‬‬

‫فأجابت اللجنة‪:‬‬

‫«نعم هناك فرق؛ فمن يضارب يف األســهم بي ًعا ورشا ًء جتــب عليه الزكاة فيها‬

‫باعتبارها عروض جتارة‪ ،‬أما مــن يقتنيها لغرض احلصول عىل أرباحها ابتداء‪ ،‬وإذا‬

‫طلبت منه بســعر مناسب باعها‪ ،‬فليس عليه زكاة؛ ألنه مل جيعلها عروض جتارة‪ ،‬بل‬

‫غلب عىل فعله أهنا للقنية‪ ،‬لكــن إن غلب عىل فعله اعتبارها عروض جتارة يرتبص‬

‫هبا ارتفاع األسعار‪ ،‬فإنه جتب عليه زكاهتا»(((‪.‬‬

‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ ،‬املجموعة الثالثة (‪.)543/1‬‬


‫((( فتاوى اللجنة الدائمة‪ ،‬املجموعة الثالثة (‪.)544/1‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪39‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫ومل أجد بعد التتبع يف فتاوى اللجنــة أو غريهم ما يدل عىل ترصيح منهم لعدم‬
‫اعتبار ما أخرجتــه الرشكة عن زكاة موجوداهتا يف احلكم عىل زكاة األســهم‪ ،‬ويف‬
‫تقديــري أنه ال يمكن االعتامد عىل هذه الفتوى يف إجازة الثني يف الزكاة؛ ملا تقدم أنه‬
‫حمل إمجاع عند أهل العلم عىل املنع منه‪ ،‬وأنه ينبغي أخذ إمجاع أهل العلم باالعتبار يف‬
‫تفسري املشكل من فتوى اللجنة الدائمة أو إعادة عرض السؤال عىل اللجنة لتجنب‬
‫الوقوع يف هذا اإلشكال‪ ،‬ومعرفة املأخذ الذي استندوا إليه يف حال عدم اعتبارهم ملا‬
‫أخرجته الرشكة من الزكاة لو كان ذلك مقصو ًدا‪.‬‬

‫عىل أين وجدت فتوى مسجلة يف لقاء تلفزيوين للشيخ الدكتور يوسف الشبييل‬
‫رصح فيه بإجياب الزكاة يف األسهم بالقيمة السوقية دون اعتبار ملا أخرجته الرشكة‪،‬‬
‫حيث يقول يف زكاة املضارب‪:‬‬

‫«أن يكون الشــخص يقصد بتملكه لألســهم املضاربة‪ ،‬يعني املتاجرة يف سوق‬
‫األسهم‪ ،‬يشرتي السهم‪ ،‬ويرقب األســعار‪ ،‬فإذا ارتفع سعره باعه يف السوق‪ ،‬فهذا‬
‫اعترب األسهم عروض جتارة‪ ،‬فهذا جيب عليه أن يزكي األسهم زكاة عروض التجارة‪،‬‬
‫حتى لو كانت الرشكة تزكى؛ ألن الرشكة تزكى عن أصوهلا هي‪ ،‬وال تزكى عن هذه‬
‫القيمة السوقية التي هي أضعاف قيمة أصول هذه الرشكة»(((‪.‬‬

‫خمالف ملا سطره يف‬


‫ٌ‬ ‫وما قرره الدكتور يوســف الشــبييل حفظه اهلل يف هذا اللقاء‬
‫بحوثه املحررة يف زكاة األســهم‪ ،‬والتي قرر فيها أن املســاهم بنية املتاجرة خيصم ما‬

‫((( من لقاء تلفزيوين يف برنامج يســتفتونك عىل قناة الرســالة الفضائية بتاريخ ‪1435/8/11‬هـ‪،‬‬
‫وهــو منشــور عــى موقــوع اليويتــوب عــى الرابــط‪https://www.youtube.com/ :‬‬
‫‪ watch?v=oU0qQXmlfMw‬شوهد بتاريخ ‪1438/6/10‬هـ‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪40‬‬

‫أخرجته الرشكة من الزكاة بعدد األيام التي متلك فيها السهم(((‪ ،‬كام أن املأخذ الذي‬
‫أشار إليه الدكتور الشبييل يسري للفصل بني ملكية الرشكة ملوجوداهتا‪ ،‬وملك املساهم‬
‫ألسهمه‪ ،‬مع إجياب الزكاة يف موجودات الرشكة‪ ،‬وما يملكه املساهم من عروض‪.‬‬

‫وعىل كل حال‪ ،‬فالذي يظهر للباحث أن هذه املســألة من املسائل التي ال تزال‬
‫بحاجــة إىل مزيد نظر وتأمــل‪ ،‬ولعل األقرب فيها األخذ بــا انتهى إليه قرار جممع‬
‫الفقه اإلســامي من أن إخراج الرشكة الزكاة بحســب موجوداته الزكوية بالنيابة‬
‫عن املسامهني يربئ ذمة املســاهم‪ ،‬دون اعتبار لنية املتاجرة أو االقتناء‪ ،‬سواء أخرج‬
‫املســاهم الزكاة بنفســه أو أخرجته الرشكة بالنيابة عنــه‪ ،‬وأن االجتاهات األخرى‬
‫بحاجة إىل أن يعاد فيها النظر؛ ملا يرتتب عليه من إشكاالت تتناىف مع املبدأ الرشعي‬
‫ملنع الثني يف الزكاة‪ ،‬ويرس الرشيعة اإلسالمية ووضوح أحكامها‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫((( ينظر‪ :‬ص‪.28‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪41‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫يمكن تلخيص أهم ما انتهى إليه البحث من نتائج فيام ييل‪:‬‬

‫‪ -1‬أن اختــاف االجتهاد املعارص يف زكاة األســهم يرجــع إىل االختالف يف‬
‫التصور للرشكة املسامهة‪ ،‬والتخريج الفقهي للسهم‪.‬‬

‫‪ -2‬أن إثبات الشخصية االعتبارية للرشكة املسامهة وغريها من رشكات األموال‬


‫ال ينفي ملكية املسامهني ملوجودات الرشكة‪ ،‬سواء قلنا‪ :‬إن ذلك عىل سبيل األصالة‬
‫أو التبعية‪.‬‬

‫‪ -3‬أن األصل يف زكاة السهم بحســب ما يمثله السهم من موجودات الرشكة‬


‫الزكوية‪.‬‬

‫‪ -4‬أن التكليــف بالــزكاة يف الرشكات املســامهة عىل املســامهني وليس عىل‬


‫الشــخصية االعتبارية للرشكة املســامهة‪ ،‬وأن الرشكة يف حال إخراجها للزكاة فإنام‬
‫خترجها بالنيابة عن املسامهني‪.‬‬

‫‪ -5‬أن إخراج الرشكة الزكاة عن موجوداهتا يربئ ذمة املساهم‪ ،‬دون اعتبار لنية‬
‫املســاهم للمتاجرة أو االســتثامر طويل األجل‪ .‬وهو ما انتهى إليه قرار جممع الفقه‬
‫اإلسالمي بجدة؛ خال ًفا ملن توهم خالف ذلك‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬

‫‪ -1‬إعداد دراسات اقتصادية‪ ،‬لبيان أثر االجتهادات الفقهية يف زكاة األسهم عىل‬
‫سلوك املستثمرين يف األســواق املالية‪ ،‬حيث يرى الباحث أن إجياب الزكاة بالقيمة‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪42‬‬

‫السوقية عىل املســاهم بنية املتاجرة يف األسواق املالية = يؤدي إىل توجيه املستثمرين‬
‫لالستثامر املبارش يف األســواق املالية‪ً ،‬‬
‫بدل من االستثامر املؤسيس‪ ،‬األمر الذي يؤثر‬
‫عىل السوق املالية عىل نحو سلبي‪.‬‬

‫‪ -2‬دعوة اجلامعات والكليات واملراكز البحثية للعناية بتأهيل الباحثني يف مسائل‬


‫الزكاة املعارصة باجلوانب الرشعية والقانونية واملحاسبية املتعلقة بنوزال الزكاة‪.‬‬

‫هذا واهلل أعلم‪ ،‬وصىل اهلل وسلم عىل نبينا حممد‪ ،‬وعىل آله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪43‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫‪ -‬أبحــاث أعامل الندوة الفقه اخلامســة لبيــت التمويل الكويتــي‪ :‬دار الضياء‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬ط‪1432 ،2‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬أبحاث فقهية يف قضايا الزكاة املعارصة‪ :‬للمجموعة من املؤلفني‪ ،‬دار النفائس‪،‬‬


‫عمن‪ ،‬ط‪1424 ،3‬هـ‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ -‬أبحاث وأعامل مؤمتر شورى الفقهي اخلامس‪ :‬شورى لالستشارات الرشعية‪،‬‬


‫الكويت‪1435 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬أبحاث وأعامل مؤمتر شورى الفقهي السادس‪ :‬شورى لالستشارات الرشعية‪،‬‬


‫الكويت‪1437 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬أبحاث وأعامل ندوة زكاة األســهم والصناديق االســتثامرية‪ :‬اهليئة اإلسالمية‬


‫لالقتصاد والتمويل‪1430 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬أدب الدنيا والدين‪ :‬أبو احلسن املاوردي‪ ،‬رشح وتعليق‪ :‬حممد كريم راجح‪ ،‬دار‬
‫اقرأ‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1405 ،4‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬االستذكار اجلامع ملذاهب فقهاء األمصار وعلامء األقطار‪ :‬ابن عبدالرب النمري‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبداملعطي قلعجي‪ ،‬دار الوعي‪ ،‬حلب‪1414 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬أعامل الندوة احلادية عرشة لقضايا الزكاة املعارصة‪ :‬بيت الزكاة‪ ،‬الكويت‪.‬‬

‫‪ -‬اإلقناع يف مسائل اإلمجاع‪ :‬ابن القطان الفايس‪ ،‬حتقيق‪ :‬فاروق محادة‪ ،‬دار القلم‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪44‬‬

‫‪ -‬األموال‪ :‬ابن زنجويه‪ ،‬حتقيق‪ :‬شــاكر ذيب فياض‪ ،‬مركز امللك فيصل للبحوث‬
‫والدراسات‪ ،‬الرياض‪1406 ،‬هـ‬

‫‪ -‬األموال‪ :‬أبو عبيد القاسم بن سالم‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو أنس سيد بن رجب‪ ،‬دار اهلدي‬
‫النبوي‪ ،‬املنصورة‪ ،‬دار الفضيلة‪ ،‬الرياض‪1428 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬بحوث ندوة الربكة احلادية والثالثني لالقتصاد اإلســامي‪ :‬دلة الربكة‪ ،‬جدة‪،‬‬
‫‪1431‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬بحوث ندوة الربكة الرابعة والثالثني لالقتصاد اإلســامي‪ :‬دلة الربكة‪ ،‬جدة‪،‬‬
‫‪1434‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬حتفــة املحتــاج يف رشح املنهاج‪ :‬أمحد بن حجــر اهليتمــي‪ ،‬دار إحياء الرتاث‬
‫االسالمي‪ ،‬بريوت‪1406 ،‬هـ‬

‫‪ -‬التطبيق املعارص للزكاة‪ :‬للدكتور شوقي إسامعيل شحاتة‪ ،‬دار الرشوق‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪1397‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬حاشــية الدســوقي عىل الرشح الكبري‪ :‬ألمحد الدردير‪ ،‬طبع إدار إحياء الكتب‬
‫العربية‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬احلاوي الكبري‪ :‬أبو احلسن املاوردي‪ ،‬حتقيق‪ :‬عيل معوض‪ ،‬وعادل عبداملوجود‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪1414 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬دليل اإلرشادات حلساب زكاة الرشكات‪ :‬بيت الزكاة‪ ،‬الكويت‪.‬‬

‫‪ -‬الذخرية‪ ،‬أمحد بن إدريس القرايف‪ ،‬حتقيق‪ :‬سعيد أعراب وجمموعة من املحققني‪،‬‬


‫دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪1994 ،‬م‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪45‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫‪ -‬رد املحتــار عىل الدر املختار رشح تنوير األبصــار‪ :‬حممد أمني بن عابدين‪ ،‬دار‬

‫الفكر‪ ،‬بريوت‪1421 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬زكاة الشــخصية االعتبارية‪ :‬فواز الســليم‪ ،‬بحث تكمييل بمرحلة املاجســتري‬

‫باملعهد العايل للقضاء‪ ،‬غري منشور‪.‬‬

‫‪ -‬زكاة صناديق املؤرشات‪ :‬الدكتور حممد السحيباين‪ ،‬والدكتور عبداهلل الغفييل‪.‬‬

‫‪ -‬سوق األوراق املالية‪ :‬خورشيد أرشف إقبال‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪1427 .‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬الشخصية االعتبارية ذات املسؤولية املحدودة‪ ،‬دراسة فقهية اقتصادية‪ :‬د‪ .‬حممد‬
‫بن عيد القري‪ ،‬جملة دراســات اقتصادية إســامية‪ ،‬املجلد اخلامــس‪ ،‬العدد ‪ ،2‬عام‬

‫‪1419‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬الرشح الصغري عىل أقرب املســالك إىل مذهب اإلمام مالــك‪ :‬أمحد الدردير‪،‬‬

‫حتقيق‪ :‬مصطفى كامل وصفي‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬رشح املنتهــى (دقائق أويل النهي رشح منتهى اإلرادات)‪ :‬منصور البهويت‪ ،‬عامل‬

‫الكتب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1996 ،2‬م‪.‬‬

‫‪ -‬رشح فتح القدير‪ :‬كامل الدين بن اهلامم‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬نسخة مصورة عن‬

‫الطبعة األمريية ببوالق‪1416 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬الرشكات التجارية‪ :‬عيل حسن يونس‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الرشكات يف الرشيعة اإلســامية والقانون الوضعــي‪ :‬د‪ .‬عبدالعزيز اخلياط‪،‬‬

‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1414 ،4‬هـ‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫ـة َّ‬
‫للز َكــاِة‬ ‫ـة املُ َس َ‬
‫ـاهم ِ‬ ‫ـر َك ِ‬ ‫اج َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِإ ْخ َ‬
‫ـر ُ‬ ‫‪46‬‬

‫‪ -‬الرشكات يف الفقه اإلسالمي‪ :‬عيل اخلفيف‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬مرص‪.‬‬

‫‪ -‬صحيح البخاري (اجلامع املســند الصحيح املخترص من أمور رســول اهلل ﷺ‬

‫وسننه وأيامه)‪ ،‬حممد بن إســاعيل البخاري‪ ،‬عناية‪ :‬د‪ .‬حممد زهري النارص‪ ،‬دار طوق‬

‫النجاة‪ ،‬بريوت‪1422 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬صحيح مســلم‪( ،‬املسند الصحيح املخترص من الســنن بنقل العدل عن العدل‬

‫عن رسول اهلل ﷺ)‪ :‬مسلم بن احلجاج النيسابوري‪ ،‬عناية‪ :‬د‪ .‬حممد زهري النارص‪ ،‬دار‬

‫املنهاج‪ ،‬جدة‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬بريوت‪1433 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬فتــاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء‪ :‬طبع ونرش‪ :‬الرئاســة العامة‬

‫للبحوث العلمية واإلفتاء‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫‪ -‬الفواكه الدواين رشح رســالة أيب زيد القريواين‪ :‬شــهاب الدين النفراوي‪ ،‬دار‬

‫الفكر‪ ،‬بريوت‪1415 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬القانــون التجاري «رشكات األمــوال»‪ :‬مصطفى كامل طه‪ ،‬مؤسســة الثقافة‬

‫اجلامعية‪ ،‬القاهرة‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬القانون التجاري الســعودي‪ :‬د‪ .‬حممد حسن اجلرب‪ ،‬الدار الوطنية للنرش‪ ،‬ط‪،2‬‬

‫‪1408‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ :‬منصور البهويت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬املبسوط‪ :‬شمس األئمة الرسخيس‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪1414 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬جملة جممع الفقه اإلسالمي‪ :‬منظمة املؤمتر اإلسالمي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬


‫‪47‬‬ ‫ـرِة (املُ َضا َربِ‬
‫َة)‬ ‫َّة املَُت َ‬
‫اج َ‬ ‫وأ َث ُ‬
‫ـر ُه َعَلى َز َكـاِة املُ َساِهِم بِنيِ‬ ‫َ‬

‫‪ -‬املصنف‪ :‬ابن أيب شيبة‪ ،‬حققه‪ :‬عامر العمري األعظمي‪ ،‬الدار السلفية‪ ،‬بومباي‪.‬‬

‫‪ -‬املضاربة يف األسواق املالية‪ :‬للدكتور حممد السحيباين‪ ،‬بحث منشور عىل الشبكة‬

‫العاملية‪.‬‬

‫‪ -‬املعامالت املالية أصالة ومعارصة‪ :‬دبيــان الدبيان‪ ،‬اهليئة العامة لألوقاف‪ ،‬دار‬

‫املنهاج‪ ،‬الرياض‪1432 ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -‬املعايري الرشعية‪ :‬هيئة املحاســبة واملراجعة للمؤسســات املالية اإلســامية‪،‬‬

‫البحرين‪1437 ،‬هـ ‪2015‬م‪ ،‬توزيع‪ :‬دار امليامن للنرش‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -‬معايري املحاســبة املالية‪ :‬جلنة معايري املحاســبة‪ ،‬اهليئة الســعودية للمحاسبني‬

‫القانونيني‪1435،‬هـ‪2014-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬مغني املحتاج إىل معرفة ألفاظ املنهاج‪ :‬اخلطيب الرشبيني‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫‪ -‬امللتقيات الفقهية للمجموعة الرشعية بمرصف الراجحي‪ :‬دار كنوز إشــبيليا‪،‬‬

‫‪2013‬م‪.‬‬

‫‪ -‬الوجيــز يف القانــون التجــاري‪ :‬مصطفى كــال‪ ،‬دار املطبوعــات اجلامعية‪،‬‬

‫اإلسكندرية‪.‬‬

‫‪ -‬الوســيط يف رشح القانون املــدين‪ :‬عبدالرزاق الســنهوري‪ ،‬دار إحياء الرتاث‬

‫العريب‪ ،‬بريوت‪1964 ،‬هـ‪.‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫منتدى فقه االقتصاد اإلسالمي ‪ 2017‬م‬

You might also like