You are on page 1of 32

‫‪Arab British Academy for Higher Education.

‬‬

‫بسم ﷲ الرحمن الرحيم‬

‫اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ اﻹدارﻳﺔ‬

‫ﺍﻟﻄﺎﻟﺒﻪ ‪ :‬ﻧﺎﺋﻠﺔ ﺟﺎﺳﻢ ﺍﳉﺎﺑﺮ‬

‫اﻷﻛﺎدﳝﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﱄﲨﻴﻊ اﳊﻘﻮق ﳏﻔﻮﻇﺔ ©‬

‫‪1‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫القسم االول‬
‫يعتبر الفساد اإلداري أھم عوائق التنمية في الدولة الحديثة‪ ،‬ولألسف فإن أكثر الدول حاجة إلى‬
‫التنمية من الدول النامية ھي أكثرھا فسادا‪ ،‬مع حاجة تلك الدول إلى مسارعة الخطى لتقليل الفجوة‬
‫الحضارية بينھا وبين الدول المتقدمة‪.‬‬
‫ومن أھم وسائل مقاومة الفساد اإلداري تفعيل الرقابة اإلدارية‪ ،‬وتقويتھا لتؤتي ثمارھا‪ .‬وقد كثرت‬
‫النظريات والدراسات في مجال الرقابة اإلدارية وتنوعت‪ ،‬وجلھا يدور حول النظريات الحديثة في‬
‫الرقابة اإلدارية‪ .‬وكان مما لفت انتباھي في قراءاتي التراثية وجود ثروة من المبادئ والنظريات‬
‫اإلدارية في تراثنا اإلسالمي والتي تحتاج إلى من يخرجھا بصيغة حديثة تقربھا من القراء‪ .‬والھدف‬
‫من ربط العلوم اإلدارية الحديثة بتراث األجداد ھو‪:‬‬
‫‪ ‬تقوية الرباطة بين جيلنا والجيل السابق الذي ورثنا تركة من البالد الواسعة الشاسعة التي‬
‫تمتد من أقصى شرق آسيا إلى أقصى غرب أفريقيا‪.‬‬
‫‪ ‬كما أن في ھذا خدمة لعلم القانون اإلداري وعلوم اإلدارة العامة بطرق مجاالت جديدة وبحث‬
‫عالج الفساد اإلداري من زوايا متعددة‪.‬‬
‫‪ ‬كما أن فيه روحانية الباحث المسلم الذي يتنقل بين أنوار القرآن الكريم وحدائق السنة‬
‫المطھرة ليستكشف ما يفيد في عملية الرقابة فيقدمھا للقراء والباحثين باقة عطرة على شكل‬
‫فيه تجديد في الطرح‪.‬‬

‫وقد قسمت البحث إلى‪:‬‬


‫مبحث تمھيدي ذكرت فيه المقصود من الرقابة اإلدارية‪.‬‬
‫ثم الفصل األول في الرقابة الذاتية‪.‬‬
‫والفصل الثاني في الرقابة اإلدارية‪.‬‬
‫والفصل الثالث في الرقابة الشعبية‪.‬‬
‫ثم الفصل األخير في تفعيل الرقابة وإنجاحھا‪.‬‬
‫ثم الخاتمة وتتضمن أھم النتائج‪.‬‬
‫وأسأل ﷲ أن يكون ھذا البحث مفتاحا لالستمرار في نشر كنوز أجدادنا في علوم اإلدارة والقيادة‪،‬‬
‫والحمد أوال وآخرا‪.‬‬
‫بقلم‪ :‬نائله جاسم محمد الجابر‬
‫العنوان‪ /‬ص ب ‪24298 :‬‬
‫الجوال‪5556189 /‬‬

‫المبحث التمھيدي في مفھوم الرقابة‬

‫‪2‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫تعرف الرقابة بعدة تعاريف‪ ،‬فعرفھا الھواري بأنھا التأكد من أن ما يتحقق‪ ،‬أو ما تحقق فعال مطابق‬
‫لما تقرر في الخطة المعتمدة‪ ،‬سواء بالنسبة لألھداف أم بالنسبة للسياسات واإلجراءات أو بالنسبة‬
‫للموازنات التخطيطية‬
‫وعرفھا الضحيان بأنھا التأكد والتحقق من أن تنفيذ األھداف المطلوب تحقيقھا في العملية اإلدارية‬
‫تسير سيرا صحيحا حسب الخطة‪ ،‬والتنظيم والتوجيه المرسوم لھا‬
‫وتتضمن عملية الرقابة ثالثة أمور أساسية‪:‬‬
‫‪ -1‬التأكد من إنجاز األھداف وفقا للخطة الموضوعة‪.‬‬
‫‪ -2‬التحقق من صحة التصرفات اإلدارية أثناء التنفيذ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -3‬التحقق من مشروعية األعمال اإلدارية التي تمت أثناء التنفيذ ‪.‬‬

‫ويمكن تقسيم الرقابة في المفھوم اإلسالمي إلى ثالثة أنواع‪ :‬الرقابة الذاتية‪ ،‬والرقابة اإلدارية‪،‬‬
‫والرقابة الشعبية‪ .‬وتفصيلھا في الفصول التالية‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬الرقابة الذاتية‬


‫ﻣـﻦ أسس اإليمان لدى كل مسلم أن يعلم كل مسلم أن ﷲ تعالى مع ه ويعل م تفاص يل م ا يق وم ب ه‪ ،‬ق ال‬
‫تعالى‪ ":‬ما يلفظ من ق ول إال لدي ه رقي ب عتي د" )ق ‪ .(18:‬وق ال تع الى‪ ":‬إن ﷲ ك ان عل يكم رقيب ا"‬
‫)النساء‪ ،(1:‬وفي حديث أبي برزة األسلمي مرفوعا‪ ":‬ال تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل ع ن‬
‫عمره فيما أفناه وعن علمه فيم ا فع ل‪ ،‬وع ن مال ه م ن أي ن اكت سبه وفيم ا أنفق ه‪ ،‬وع ن ج سمه فيم ا‬

‫‪ 1‬اإلدارة اإلسالمية للدكتور أدھم ‪.296/‬‬


‫‪3‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫أباله" ‪ .2‬ولو استشعر كل مسلم ھذا الحديث لصلح حاله‪ ،‬وم ن ث م ارتق ى المجتم ع اإلس المي إل ى م ا‬
‫نطمح إليه من تطور ورقي بين أمم األرض‪.‬‬
‫ومن أعظم ما يقي من الفساد السعي لمرتبة اإلحسان التي حدد النبي صلى ﷲ عليه وس لم معالمھ ا‬
‫في حديث جبريل وال ذي في ه‪ :‬ق ال جبري ل‪ :‬م ا اإلح سان؟ فق ال ص لى ﷲ علي ه وس لم‪ ":‬أن تعب د ﷲ‬
‫كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك‬

‫مسؤولية العامل وصاحب المنصب‪:‬‬


‫وكثير من الناس يحب أن يك ون م ن أھ ل المناص ب والم سؤولية ألن ه ينظ ر إل ى م ا يح صله ص احب‬
‫المنصب من شھرة ومكانة ولكنه ينسى أن المنصب تكليف ال ت شريف‪ ،‬وأن ه م سئول أم ام ﷲ تع الى‬
‫ف ي عمل ه‪ ،‬فق د روى ال شيخان ع ن اب ن عم ر رض ي ﷲ عنھم ا أن رس ول ﷲ ص لى ﷲ علي ه وس لم‬
‫قال‪ ":‬أال كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته‪ ،‬فاألمير الذي على الناس راع وھو مسئول عن رعيته‬
‫والرجل راع على أھل بيته وھو مسئول عنھم والمرأة راعية ع ن بي ت بعلھ ا وول دھا وھ ي م سئولة‬
‫عنھم والعبد راع على مال سيده وھو مسئول عنه أال فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" ‪.3‬‬
‫ونجد أن الشارع قد نمى الرقابة الذاتية بذكر ما للع دل م ن ث واب‪ ،‬وم ا للج ور م ن عق اب‪ .‬فق د أخب ر‬
‫النبي صلى ﷲ عليه وسلم عن عظم جزاء العادل عند ﷲ فقال‪ ":‬إن المق سطين عن د ﷲ عل ى من ابر‬
‫م ن ن ور ع ن يم ين ال رحمن ع ز وج ل‪ ،‬وكلت ا يدي ه يم ين‪ ،‬ال ذين يع دلون ف ي حكمھ م وأھل يھم وم ا‬
‫ولـوا" ‪ ،4‬وفي الحديث اآلخر‪ ":‬ما من أمير عشرة إال وھ و ي ؤتى ب ه ي وم القيام ة مغل وال حت ى يفك ه‬ ‫ُ ُّ‬
‫‪5‬‬
‫العدل أو يوبقه الجور" ‪ .‬وفي رواية‪ ) :‬ما من أمير عشرة إال جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إل ى‬
‫عنق ه حت ى يك ون عمل ه ھ و ال ذي يطلق ه أو يوبق ه ( ‪ .6‬وق ال ش يخ اإلس الم ‪ ":‬إن ﷲ يق يم الدول ة‬
‫العادلة وإن كانت كافرة وال يقيم الظالمة وإن كان ت م سلمة ‪ ،‬ويق ال ‪ :‬ال دنيا ت دوم م ع الع دل والكف ر‬
‫وال تدوم مع الظلم واإلسالم ‪...‬وذلك ألن العدل نظام كل شيء" ‪.7‬‬
‫وفي حديث المقدام بن معدي كرب رض ي ﷲ عن ه أن رس ول ﷲ ص لى ﷲ علي ه وس لم ض رب عل ى‬
‫منكبه ثم قال ‪ :‬أفلحت يا مقدام إن لم تكن أميرا وال كاتبا وال عريفا ( ‪ .8‬وثبت ف ي ح ديث أب ي ھري رة‬
‫رضي ﷲ عنه قال قال رسول ﷲ عليه وسلم ‪ ) :‬إنكم ستحرصون على األم ارة وس تكون ندام ة ي وم‬
‫القيامة‪ ،‬فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة( ‪ ،9‬وقال صلى ﷲ عليه وسلم ألصحابه‪ ":‬إن شئتم أنبأتكم‬
‫عن األمارة‪ ،‬أولھا مالمة وثانيھا ندامة وثالثھا عذاب يوم القيام ة‪ ،‬إال م ن ع دل" ‪ ، 10‬وق ال ص لى ﷲ‬
‫عليه وسلم لعبدالرحمن بن سمرة رضي ﷲ عنه‪ ":‬يا عبدالرحمن ال تسأل اإلم ارة فإن ك إن أعطيتھ ا‬
‫ع ن م سألة مواق ف القيام ة فيق ول‪ ":‬لي ودن رج ل أن ه خ ر م ن الثري ا وأن ه ل م ي ل م ن أم ر الن اس‬
‫شيئا" ‪ ، 11‬وال شك أنه لو قام بالمنصب حق القيام لسعد بعمله‪.‬‬
‫"والزجر عن طلب الوالية من األم ور الت ي ينف رد بھ ا اإلس الم حي ث ن در أن تج د ف ي أدبي ات اإلدارة‬
‫العام ة مث ل ھ ذا الزج ر ع ن الح رص عل ى الوظيف ة‪ ،‬ولع ل إح دى الم شاكل الت ي تع اني منھ ا اإلدارة‬
‫‪ 2‬رواه الترمذي ‪ 2532‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫رواه البخاري )‪ (893‬وسلم )‪ (1829‬واللفظ لمسلم ‪.‬‬
‫‪ 4‬رواه مسلم –مختصر صحيح مسلم‪.1207:‬‬
‫‪5‬صححه األلباني في صحيح الجامع)‪.(5571‬‬
‫‪6‬رواه البيھقي في السنن الكبرى ‪ ، 95/7‬والدارمي ‪ ، 240/2‬كما في المشكاة )‪ (1092‬وجود إسناده المنذري في الترغيب والترھيب ‪ ،139/2‬ورواه البزار‬
‫كما في كشف األستار )‪ (1641‬وقال الھيثمي في مجمع الزوائد ‪ :205/5‬رجال البزار رجال الصحيح‪ .‬وجود إسناده األلباني في السلسلة الصحيحة )‪.(349‬‬
‫‪7‬الحسبة‪.148-147/‬‬
‫‪8‬رواه أبو داود ‪ 131/3‬والبيھقي في الكبرى ‪ 361/6‬كما في المشكاة )‪. (1094‬‬
‫‪ 9‬رواه البخاري )‪ ،(6729‬والنسائي ‪ (4211) 162/7‬وغيرھما ‪.‬‬
‫‪10‬حسنه األلباني في صحيح الجامع )‪.(1433‬‬
‫‪ 11‬صحيح الجامع الصغير ‪.5360‬‬
‫‪4‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫العامة وجود أشخاص مسئولين ذوي كفاءة متدنية يستميتون في البقاء في المن صب وال ي ودون أن‬
‫يتزحزحوا عنه وال يسمحون لغيرھم من األكفاء أن يصلوا إليه‪ ،‬وھذا سر التغليظ في ھذا األمر" ‪. 12‬‬

‫الوالي أجير‪:‬‬
‫وق د ك ان ھ ذا األم ر واض حا عن د الرعي ل األول فق د دخ ل أب و م سلم الخ والني عل ى معاوي ة ب ن أب ي‬
‫سفيان رضي ﷲ عنھما فسلم عليه بلفظ‪ ":‬أيھا األجير" فلما استنكر الجالسون ذل ك‪ ،‬ق ال‪ :‬إنم ا أن ت‬
‫أجير‪ ،‬استأجره رب ھ ذه الغ نم لرعايتھ ا‪ ،‬ف إن أن ت ھن أت جرباھ ا وداوي ت مرض اھا وحب ست أوالھ ا‬
‫وفاك سيدھا أجرھا‪،‬وإن أنت لم تھنأ جرباھا ولم تداو مرضاھا ولم تح بس أوالھ ا عل ى‬ ‫على أخراھا‪َّ ،‬‬
‫أخراھا عاقبك سيدھا" ‪. 13‬‬

‫اإلخالص للعمل وبذل الجھد فيه‪:‬‬


‫ويجب على كل متول ٍّ ألمر م ن أم ور الم سلمين أن يك ون مخل صا لعمل ه‪ ،‬واستح ضاره لھ ذا ال شعور‬
‫يقوي الرقاب ة الذاتي ة ف ي ك ل وق ت‪ .‬وق د روى م سلم أن عبي د ﷲ ب ن زي اد ع اد معق ل ب ن ي سار ف ي‬
‫مرضه فقال له معقل إني محدثك بحديث لوال أني في الموت لم أحدثك به سمعت رس ول ﷲ يق ول‬
‫ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم ال يجھ د لھ م وين صح إال ل م ي دخل معھ م الجن ة ‪ . 14‬وق ال ص لى ﷲ‬
‫عليه وسلم في حديث آخر‪ ):‬ما من راع يسترعيه ﷲ رعية يموت يوم يموت وھو غاش لھا إال حرم‬
‫ﷲ عليه رائحة الجنة( ‪ . 15‬بل إن العامل والموظف إذا نصح ف ي عمل ه وتف انى ف ي أداء واجبات ه فق د‬
‫ك سب الخيري ة م ن أزك ى الب شرية‪ ،‬وم ا أعظم ه م ن وس ام‪ ،‬فق د ق ال علي ه ال صالة وال سالم‪ ":‬خي ر‬
‫الكسب كسب العامل إذا نصح" ‪. 16‬‬

‫الرفق بالموظفين والمراجعين‪:‬‬


‫وم ن أعظ م م ا يمن ع م ن التع دي والظل م استح ضار تل ك ال دعوة النبوي ة لم ن رف ق بم ن ھ م تح ت‬
‫مسؤوليته‪ ،‬فقد ج اء ف ي الح ديث أن رس ول ﷲ ص لى ﷲ علي ه وس لم ق ال‪):‬اللھ م م ن ول ي م ن أم ر‬
‫أمتي أمرا فرفق بھم فارفق به ومن ولي م ن أم ر أمت ي أم را ف شق عل يھم فاش قق علي ه ( ‪ ، 17‬وھ و‬
‫عام في كل والية ‪ .‬وقد وصف ﷲ تعالى نبيه ص لى ﷲ علي ه وس لم فق ال‪ ":‬فبم ا رحم ة م ن ﷲ ﻛﻨـﺖ‬
‫اعف ع نھم وش اورھم ف ي األم ر ف إذا عزم ت فتوك ل عل ى‬ ‫ُ‬ ‫فظ ا غل يظ القل ب النف ضوا م ن حول ك ف‬
‫تعد على موظف تحت ي ده‬ ‫ﷲ‪)"..‬آل عمران‪ .(159:‬ومن حمل ھذا الشعور فإنه يبعد أن يحصل منه ّ‬
‫أو منعه من حقه‪ ،‬وھذه رقابة إيمانية دائمة وھي أنجح الوسائل الرقابية على اإلطالق‪.‬‬

‫تقوية األمانة المالية‪:‬‬


‫وحي ث أن م ن أھ م األمان ات الالزم ة ف ي ك ل م ن ع ين ف ي المن صب اإلداري؛ األمان ة المالي ة‪ ،‬وم ن‬
‫أصعب أن واع الرقاب ة‪ ،‬الرقاب ة عل ى االختالس ات المالي ة الي سيرة‪ ،‬والتع دي عل ى الممتلك ات العام ة‪.‬‬

‫‪12‬أخالق العمل وسلوك العاملين ‪.50-49/‬‬


‫‪ 13‬رواه أبو نعيم في الحلية ‪ 425/2‬وفي فضيلة العاملين من الوالة ‪ 165/‬رقم ‪،45‬نقله ابن تيمية في السياسة الشرعية ‪.24/‬‬
‫‪ 14‬صحيح مسلم ‪.(142) 126/1‬‬
‫‪15‬رواه البخاري )‪ (7150‬و مسلم ‪ ،493/4‬واللفظ لمسلم‪.‬‬
‫‪ 16‬صحيح الجامع ‪.3278‬‬
‫‪17‬رواه مسلم ‪. 7/6‬‬
‫‪5‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫وتخونوا َ َ َ ِ ُ ْ‬
‫أماناتكم‬ ‫والرسول َ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫تخونوا ّ َ‬
‫ﷲ َ َّ ُ‬ ‫آمنوا الَ َ ُ ُ ْ‬
‫الذين َ ُ ْ‬ ‫وھذا من خيانة األمانة وقد قال تعالى‪َ } :‬يا َ ُّ َ‬
‫أيھا َّ ِ َ‬
‫تعلمون {)األنفال‪ ،(27‬وسماه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وس لم غل وال‪ ،‬فف ي ص حيح م سلم ع ن‬ ‫َ َ ُْ‬
‫وأنتم َ ْ َ ُ َ‬
‫عدي بن عميرة رضي ﷲ عنه أن رسول ﷲ عليه وسلم قال‪ ):‬من استعملناه منكم على عمل فكتمن ا‬
‫مخيطا فما فوقه كان ذلك غلوال يأتي به يوم القيامة ( ‪ . 18‬وفي الحديث اآلخر‪ ":‬من استعملناه على‬
‫عمل‪ ،‬فرزقناه رزقا‪ ،‬فما أخذ بعد ذلك فھو غلول" ‪. 19‬‬
‫وفي المقابل فإن المتصف باألمانة له أجر عظيم‪ ،‬فقد قال ﷲ تعالى صفات أھل األيمان‪ ":‬والذين ھم‬
‫ألمان اتھم وعھ دھم راع ون" )المؤمن ون‪ ،(8:‬و ق ال ص لى ﷲ علي ه وس لم‪ ":‬الخ ازن األم ين ال ذي‬
‫يؤدي ما أمر به طيبة نفسه‪ ،‬أحد المتصدقين" ‪ . 20‬وفي الحديث اآلخر‪ ":‬العامل ب الحق عل ى ال صدقة‬
‫كالغازي في سبيل ﷲ عز وجل حتى يرجع إل ى بيت ه" ‪ . 21‬وھ ذه ح وافز إيماني ة تجع ل العام ل يتف انى‬
‫في عمله ويجتھد فيه وھو مليء بسعادة غامرة ألنه في عبادة ما دام في عمله‪ ،‬وكل ما يؤديه لبي ت‬
‫المال فكأنه متصدق به‪.‬‬

‫محاربة التعيين للقرابة‪ ،‬والواسطة‪:‬‬


‫ومن أكث ر أن واع الف ساد اإلداري انت شارا ف ي ال بالد العربي ة التعي ين بالواس طة أو للقراب ة‪ .‬وق د ورد‬
‫التحذير الشديد م ن ذل ك‪ ،‬فع ن أب ي ھري رة رض ي ﷲ عن ه ق ال ق ال رس ول ﷲ إذا ض يعت األمان ة‬
‫فانتظر الساعة قال كيف إضاعتھا يا رسول ﷲ قال إذا أسند األمر إلى غير أھل ه ف انتظر ال ساعة ‪. 22‬‬
‫وقال عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه ‪" :‬من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجال لمودة أو قرابة‬
‫بينھما فقد خان ﷲ ورسوله" ‪. 23‬‬

‫مكافحة الرشوة‬
‫كما أن الرشوة فساد آخر ورد التحذير منه في قوله صلى ﷲ عليه وسلم‪ ":‬لعن ﷲ الراشي‬
‫والمرتشي"‪ . 24‬ويدخل فيھا الھدايا والخدمات التي تقدم للموظفين‪ ،‬لقوله صلى ﷲ عليه وسلم‪":‬‬
‫ھدايا العمل غلول" ‪ ، 25‬وقد حاسب النبي صلى ﷲ عليه وسلم على تلك الھدايا ووعظه وحذره‪ ،‬ففي‬
‫صحيح البخاري عن أبي حميد الساعدي قال استعمل رسول ﷲ رجال على صدقات بني سليم‬
‫يدعى بن اللتبية فلما جاء حاسبه قال ھذا مالكم وھذا ھدية فقال رسول ﷲ فھال جلست في بيت‬
‫أبيك وأمك حتى تأتيك ھديتك إن كنت صادقا ثم خطبنا فحمد ﷲ وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني‬
‫استعمل الرجل منكم على العمل مما والني ﷲ فيأتي فيقول ھذا مالكم وھذا ھدية أھديت لي أفال‬
‫جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه ھديته وﷲ ال يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إال لقي ﷲ يحمله‬
‫يوم القيامة فألعرفن أحدا منكم لقي ﷲ يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لھا خوار أو شاة تيعر ثم رفع‬
‫يده حتى روي بياض إبطه يقول اللھم ھل بلغت بصر عيني وسمع أذني ‪. 26‬‬

‫‪18‬‬
‫مختصر مسلم )‪. (1214‬‬
‫‪ 19‬صحيح الجامع ‪.5899‬‬
‫‪ 20‬صحيح البخاري ‪.2260‬‬
‫‪ 21‬صحيح الجامع ‪.3996‬‬
‫‪22‬رواه البخاري ‪.6131‬‬
‫‪23‬السياسة الشرعية لشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.12-11/‬‬
‫‪ 24‬صحيح الجامع ‪.4990‬‬
‫‪ 25‬صحيح الجامع‪.6898‬‬
‫‪ 26‬صحيح البخاري ‪.6578‬‬
‫‪6‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫التعامل مع الرئيس في العمل‪:‬‬


‫من الشائع في كثير من المنشآت‪ ،‬التنازع والتخاص م ب ين ال رئيس والمرؤوس ين‪ ،‬وق د ح سم ال شرع‬
‫ھذه الق ضية بتح تم طاع ة الرؤس اء ب المعروف‪ ،‬ودلي ل ذل ك م ا رواه م سلم أن النب ي ص لى ﷲ علي ه‬
‫وس لم ق ال‪ ":‬عل ى الم رء الم سلم ال سمع والطاع ة فيم ا أح ب وك ره إال أن ي ؤمر بمع صية ف إن أم ر‬
‫بمعصية فال سمع وال طاع ة" ‪ ، 27‬وھ ذا ف ي الوالي ة العام ة وي دخل فيھ ا الوالي ة الخاص ة‪ ،‬وروت لن ا‬
‫كتب التراث عن أحد ملوك الفرس الحكماء وھو ابرويز بن ھرمز أنه قال‪ :‬أطع من فوقك يطع ك م ن‬
‫دون ك ‪ . 28‬ونج د ف ي تراثن ا بع ض وص ايا ذوي التجرب ة لكيفي ة التعام ل م ع ال سلطان‪ ،‬وال ب أس أن‬
‫تستخدم في التعامل مع ذوي المناصب العالية ‪ ،‬فمن ما ورد في ذلك ‪:‬‬
‫قال العباس البنه عبدﷲ رضي ﷲ عنھما وقد كان يختص بعمر رضي ﷲ عن ه ‪ :‬ي ا بن ي إن ي‬ ‫‪‬‬
‫أرى ھذا الرجل يدنيك وإني موصيك بخالل‪ :‬ال تفشين له سرا وال تخ ونن ل ه عھ دا وال تغت ابن عن ده‬
‫أحدا وال تطوين عنه نصيحة ‪. 29‬‬
‫وقال أبو الفتح البستي ‪ :‬أجھل الناس من كان على السلطان مدالًّ ولإلخوان مذالًّ ‪. 30‬‬ ‫‪‬‬
‫‪31‬‬
‫وقال الفضل بن الربيع ‪ :‬مساءلة الملوك عن أحوالھم تحية النوكى ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وقد بالغ بعضھم فقال‪ :‬ال تسلم على الملك فإنه إن أجابك شق علي ه وإن ل م يجب ك ش ق علي ك‬ ‫‪‬‬
‫‪32‬‬
‫‪ .‬وھذا مخالف ألدب اإلسالم ‪ ،‬ومثل ذل ك م ا ذك روا م ن ع دم ت شميته وأال يعزي ه وك ل ھ ذا تعظ يم‬
‫مردود ‪.‬‬
‫وقال ابن عباد ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫من التحلي أجل ملبس‬ ‫إذا صحبت الملوك فالبس‬
‫‪33‬‬
‫وادخل عليھم وأنت أعمى واخرج إذا ما خرجت أخرس‬

‫أداء العمل في مساعدة المراجعين قربة جليلة‪:‬‬


‫كما أننا نجد في الشرع المطھر التأكيد على أن خدمة الناس وقضاء حوائجھم من أشرف القربات‪،‬‬
‫وأجل العبادات‪ ،‬ففي الحديث الشريف‪ ":‬أحب العباد إلى ﷲ أنفعھم لعياله" ‪ . 34‬وھذا ما يشعر‬
‫الموظف بمتعة أثناء تأديته لعمله‪ ،‬مما يؤثر إيجابا في أدائه العام‪.‬‬

‫مبدأ "استفت قلبك"‪:‬‬


‫ونجد أن الشريعة السمحة قد جعلت للوازع الداخلي للموظف بل وكل مسلم أھمية جليلة في التمييز‬
‫بين الحسن والقبيح عند االشتباه‪ ،‬وھو ما يعرف بالضمير‪ .‬فقد روى مسلم عن النبي صلى ﷲ عليه‬

‫‪ 27‬مختصر مسلم)‪.(1225‬‬
‫‪28‬تھذيب الرياسة ‪ ، 121/‬شرح نھج البالغة ‪ ، 32/3‬ونسبه في الدرر السنية إلى بعض الحكماء ‪. 383/7‬‬
‫‪ 29‬رواه البيھقي في الكبرى ‪ ، 167/8‬سير أعالم النبالء ‪ ، 232/3‬تھذيب الرياسة ‪. 157/‬‬
‫‪30‬نھاية األرب ‪ ، 15/6‬يتيمة الدھر ‪ ، 305/4‬تھذيب الرياسة ‪. 155/‬‬
‫‪31‬عيون األخبار ‪ ، 22/1‬نھاية األرب ‪ ، 15/6‬العقد الفريد ‪ ، 260/2‬تھذيب الرياسة ‪. 153/‬‬
‫‪ 32‬نھاية األرب ‪ ، 15/6‬تھذيب الرياسة ‪. 153/‬‬
‫‪33‬التبر المسبوك ‪ ، 85/‬مجمع األمثال ‪ ، 467/‬تھذيب الرياسة ‪ 158/‬البداية والنھاية ‪ 352/15‬طبعة دار ھجر ونسبه ابن كثير وابن الجوزي في المنتظم‬
‫‪ 232/14‬ألبي الفتح البستي وھو في ديوانه‪.106/‬‬
‫‪ 34‬صحيح الجامع الصغير وزيادته لأللباني ‪.170‬‬
‫‪7‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫الخلق واإلثم ما حاك في صدرك‬ ‫وسلم أنه قال‪":‬البر حسن‬


‫الناس" ‪ .35‬وفي الحديث اآلخر‪":‬‬ ‫وكرھت أن يطلع عليه‬
‫المفتون" ‪، 36‬وثبت عن النبي صلى‬ ‫استفت قلبك وإن أفتاك‬
‫دع ما يريبك إلى ما ال يريبك"‬ ‫ﷲ عليه وسلم أنه قال‪":‬‬

‫محبة الخير للغير‪:‬‬

‫ومن صور الرقابة الذاتية في التعامل مع المراجعين أو الموظفين اآلخرين المبدأ النبوي العظيم‬
‫الذي يقول فيه صلى ﷲ عليه وسلم‪ ":‬أحب للناس ما تحب لنفسك" ‪.37‬‬

‫اتجاه الدول الحديثة لتقوية الرقابة الذاتية‪:‬‬


‫وحيث أن كثيرا من ال دول ل يس لھ ا مع ايير أخالقي ة س ماوية فق د اتجھ وا إل ى إن شاء ميث اق ألخ الق‬
‫العمل‪ ،‬وقد أكدت دراسة صادرة عن األمم المتحدة أن وجود ميثاق ألخالق العمل يعتبر م ن الوس ائل‬
‫الوقائية المھمة لمحاربة الفساد في الدول النامية ‪ . 38‬ويؤكد بعض الباحثين أن ذلك ال يكفي‪ ،‬بل ال بد‬
‫من غرس القيم األخالقية للم وظفين وتنمي ة الرقابي ة الذاتي ة م ن خ الل غ رس تل ك الق يم ف ي التعل يم‬
‫العام‪ ،‬ومن خالل التدريب المتواصل ‪. 39‬‬
‫وقد كثرت الدعوات م ن قب ل المخت صين ف ي اإلدارة ف ي ال دول الغربي ة إل ى اس تخدام الق يم والع ادات‬
‫التي تحث على االلتزام‪ ،‬وھو ما يطبق عليه‪ :‬أسلوب استخدام القيم في التحكم في ال سلوك اإلن ساني‬
‫)‪ ،(Ethics as Behavior Control‬ويدخل في ذلك مواثيق العمل وأخالقيات المھنة ‪. 40‬‬

‫‪ 35‬مختصر صحيح مسلم ‪.1794‬‬


‫‪ 36‬صحيح الجامع ‪.959‬‬
‫‪ 37‬صحيح الجامع الصغير ‪.178‬‬
‫‪ 38‬أخالق العمل ‪ 76/‬عن )‪.(United Nation, 1990:45-69‬‬
‫‪ 39‬أخالق العمل ‪.81/‬‬
‫‪ 40‬أخالق العمل ‪.106/‬‬
‫‪8‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الرقابة اإلدارية‬


‫ال قيادة ناجحة بال رقابة فاعلة‪:‬‬
‫ال يشك أح د أن ه ال يمك ن لمجتم ع ص غير أو كبي ر أن ي نجح ويحق ق أھداف ه ب دون قائ د‪ ،‬ب ل إن النب ي‬
‫ص لى ﷲ علي ه وس لم ق ال‪ ":‬إذا خ رج ثالث ة ف ي س فر فلي ؤمروا أح دھم" ‪ ، 41‬وف ي ح ديث اب ن عم ر‬
‫رضي ﷲ عنھما‪ ":‬ال يحل لثالثة يكونون بفالة من األرض إال أمروا عل يھم أح دھم" ‪ 42‬وذل ك ليك ون‬
‫قوله فاصال عند النزاع‪ ،‬ولذلك أعطاه الشرع حق الطاعة ولو كان ت ف ي أم ر تكرھ ه ال نفس كم ا ف ي‬
‫ح ديث‪ :‬بايعن ا رس ول ﷲ ص لى ﷲ علي ه وس لم عل ى ال سمع والطاع ة ف ي الع سر والي سر والمن شط‬
‫والمك ره وعل ى أث رة علين ا وأال نن ازع األم ر أھل ه ق ال‪ :‬إال أن ت روا كف را بواح ا عن دكم م ن ﷲ في ه‬
‫وأم ر عل يھم أح دھم‬ ‫برھان"‪ .‬بل إن النبي صلى ﷲ عليه وسلم أرسل جمعا م ن ال صحابة ف ي مھم ة َّ‬
‫فغضب عليھم وأمرھم أن يوقدوا نارا ويقتحموھا فھموا بذلك طاع ة ل ه ث م ق الوا‪ :‬م ا آمن ا إال ھروب ا‬
‫م ن الن ار فكي ف نقتحمھ ا‪ ،‬فلم ا رجع وا م ن مھم تھم أخب روا النب ي ص لى ﷲ علي ه وس لم فق ال‪ :‬إنم ا‬
‫الطاع ة ف ي المع روف"‪ .‬وق د ق ال ش يخ اإلس الم ‪ ":‬ف إذا ك ان ق د أوج ب ف ي أق ل الجماع ات وأق صر‬
‫االجتماعات أن يولي أحدھم كان ذلك تنبيھا على وجوب ذلك فيما ھو أكثر من ذلك" ‪ . 43‬وق ال األف وه‬
‫األودي ‪:‬‬
‫ال يصلح الناس فوضى ال سراة لھم وال سراة إذا جھالھم سادوا‬
‫وال عماد إذا لم ترس أوتاد‬ ‫كالبيت ال يبتنى إال له عمد‬
‫‪44‬‬
‫وساكن بلغوا األمر الذي كادوا‬ ‫فإن تجمع أوتاد وأعمدة‬
‫ومن أعظم مھام القائد والرئيس أن تسير األمور التي تحت واليته على الشكل المطلوب‪ ،‬وال يتحقق‬
‫ذلك إال بالقيام بالرقابة الدائمة لمن ھم تحت يده‪ ،‬ليعرف مواطن الخلل فيصلحھا‪ ،‬وما كان من أمور‬
‫إيجابية فإنه يزيدھا ثباتا‪ .‬وھذه الرقابة صورة من صور األمر بالمعروف والنھي عن المنكر‪ ،‬وقد‬
‫عن‬ ‫بالمعروف َ َ َ ْ‬
‫ونھوا َ ِ‬ ‫الزكاة َ َ َ ُ‬
‫وأمروا ِ ْ َ ْ ُ ِ‬ ‫وآتوا َّ َ َ‬ ‫ض ََ ُ‬
‫أقاموا َّ َ َ‬
‫الصالة َ َ ُ‬ ‫مكناھم ِفي ْ َ ْ‬
‫األر ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ِ َّ } :‬‬
‫الذين ِإن َّ َّ َّ ُ ْ‬
‫األمور {الحج‪.41‬‬ ‫المنكر َو ِ َّ ِ َ ِ َ ُ‬
‫عاقبة ْ ُ ُ ِ‬ ‫ْ ُ َِ‬
‫ومع ما للرقابة الذاتية من أھمية إال أن كثيرا من النفوس تحتاج إلى رادع خارجي‪ ،‬وصدق عمر‬
‫رضي ﷲ عنه في قوله‪ ":‬لما يزع ﷲ بالسلطان أعظم مما يزع بالقرآن"‪ ، 45‬أي أن ھيبة السلطان‬
‫والخوف من عقوبته ترتدع أكثر من المواعظ لكثير من الناس لضعف إيمانھم‪.‬‬

‫‪ 41‬رواه أبو داود )‪ (2608‬عن أبي سعيد رضي ﷲ عنه وأحمد وصححه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند ‪ 6648/10‬ورواه الحاكم ‪ 443/1‬وقال حديث صحيح‬
‫على شرط الشيخين ووافقه الذھبي‪.‬‬
‫‪ 42‬رواه أحمد وصححه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند‪.6648/10‬‬
‫‪43‬مجموع الفتاوى ‪.65/28‬‬
‫‪44‬تھذيب الرياسة ‪ ، 96/‬الشعر والشعراء ‪ ، 223/‬نھاية األرب ‪ ، 64/3‬التمثيل والمحاضرة ‪. 51/‬‬
‫‪ 45‬تاريخ بغداد ‪.108/4‬‬
‫‪9‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫الرقابة في العھد النبوي والعھد الراشدي‪:‬‬


‫وقد مارس النبي صلى ﷲ عليه وسلم الرقابة على عماله‪ ،‬ففي صحيح البخاري عن أبي حميد‬
‫الساعدي قال استعمل رسول ﷲ رجال على صدقات بني سليم يدعى بن اللتبية فلما جاء حاسبه‬
‫قال ھذا مالكم وھذا ھدية فقال رسول ﷲ فھال جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك ھديتك إن‬
‫كنت صادقا ‪.46 ...‬‬
‫وكان أبو بكر يمارس الدور الرقابي بنفسه على عماله‪ ،‬فعندما جاءه معاذ بن جبل من اليمن قال له‬
‫أبو بكر‪ :‬ارفع لنا حسابك"‪ . 47‬وذكر الطبري أنه كان يراقب والته مراقبة شديدة‪ ،‬فكان ال يخفى‬
‫عليه شيء من عملھم" ‪.48‬‬
‫وأما عمر فقد طور آلية الرقابة اإلدارية‪ ،‬إذ كان مھتما بھذا األمر أشد االھتمام‪ ،‬فقد قال يوما‬
‫لجلسائه‪ ":‬أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم‪ ،‬ثم أمرته فعدل‪ ،‬أكنت قضيت ما علي؟ قالوا ‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬ال حتى أنظر في عمله‪ ،‬أعمل بما أمرته أم ال"‪ . 49‬فاستشعاره للمسؤولية جعله يراھا من‬
‫واجبات اإلمام‪ ،‬وليست الرقابة لمرة أو مرات ثم تقف‪ ،‬بل ھي رقابة دائمة‪ ،‬حتى ال يقل العمل‪ ،‬أو‬
‫يحصل تجاوزات فيه‪.‬‬
‫كما كان يرسل المفتش العام محمد بن مسلمة للرقابة على الوالة وتفحص شكاوى الرعية والتحقق‬
‫منھا وممارسة التحقيق مع الوالة‪ .‬ومن أشھر ما روي في ذلك تحقيقه في شكوى بعض أھل العراق‬
‫ضد واليھم سعد بن أبي وقاص رضي ﷲ عنه‪ ،‬وكذا تحقيقه في شكوى بعض أھل دمشق ضد‬
‫واليھم سعيد بن عامر رضي ﷲ عنه ‪.50‬‬
‫ومن سياسته لوالته أنه ينظر في مال الوالي قبل الوالية‪ ،‬ويسجله في سجل‪ ،‬ثم ينظر ما زاد‬
‫بسبب الوالة فيأخذ نصفه لبيت المال ونصفه للوالي ولو كان كسبه للمال بطريق حالل‪ ،‬وسبب‬
‫ذلك أن الناس يحابون الوالي ألجل واليته‪ ،‬فجعلھم كأنھم مشاركون لبيت المال‪ ،‬وھذا من فقھه‬
‫العجيب‪ . 51‬وقد اشتھرت طريقته الرقابية‪ ،‬مما جعل الشعراء يذكرون ذلك في شعرھم‪ ،‬ففي‬
‫اإلصابة‪ :‬قال أبو المختار يزيد بن قيس بن يزيد بن الصعق كلمة رفع فيھا على عمال األھواز‬
‫وغيرھم إلى عمر بن الخطاب وھي‪:‬‬
‫فأنت أمين ﷲ في النھـي واألمـر‬ ‫أبلغ أمـير الـمـؤمـنـين رسـالة‬
‫أمينا ً لرب العرش يسلم له صـدري‬ ‫وأنت أمين ﷲ فـينـا ومـن يكـن‬
‫يسيغون مال ﷲ في األدم الـوفـر‬ ‫فال تدعن أھل الرساتيق والـقـرى‬
‫وأرسل إلى جزء وأرسل إلى بشـر‬ ‫فأرسل إلى الحجاج فاعرف حسابـه‬
‫وال ابن غالب من سراة بني نصـر‬ ‫وال تنسين النـافـعـين كـالھـمـا‬
‫وذاك الذي في السوق مولى بني بدر‬ ‫وما عاصم منھا بصـغـر عـنـاية‬
‫وصھر بني غزوان إني لذو خـبـر‬ ‫وأرسل إلى النعمان فاعرف حسابـه‬
‫‪ 46‬صحيح البخاري ‪.6578‬‬
‫‪ 47‬التراتيب اإلدارية ‪.37/1‬‬
‫‪ 48‬تاريخ الطبري ‪.67/4‬‬
‫‪ 49‬سيرة عمر بن عبدالعزيز البن الجوزي ‪.56/‬‬
‫‪ 50‬اإلدارة اإلسالمية للدكتور أدھم ‪.319/‬‬
‫‪ 51‬التراتيب اإلدارية ‪.269/1‬‬
‫‪10‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫‪52‬‬
‫فقد كان في أھل الرساتيق ذا ذكـر‬ ‫وشبالً فسله المال وابـن مـحـرش‬
‫سيرضون إن قاسمتھم منك بالشطر‬ ‫فقاسمھم نفـسـي ‪ 53‬فـداؤك إنـھـم‬
‫أغيب ولكني أرى عجب الـدھـر‬ ‫وال تدعوني لـلـشـھـادة إنـنـي‬
‫فإن لھم وفراً ولسـنـا ذوي وفـر‬ ‫نؤوب إذا آبوا ونـغـزو إذا غـزوا‬
‫من المسك راحت في مفارقھم تجري‬ ‫إذا التاجر الھـنـدي ‪ 54‬جـاء بـفـأرة‬
‫ويريد بابن محرش أبا مريم الحنفي وكان على رام ھرمز‪.‬‬
‫قال البالذري‪ :‬فقاسم عمر ھؤالء القوم فأخذ شطر أموالھم حتى أخذ نعالً وترك نعالً وكان فيھم أبو‬
‫بكرة فقال‪ :‬إني لم آل لك شيئا ً فقال‪ :‬أخوك على بيت المال وعشور األبلة فھو يعطيك المال تتجر به‬
‫فأخذ منه عشرة آالف ويقال قاسمه فأخذ شطر ماله‪.‬‬

‫وكان لعمر رغبة في عمل جولة تفتيشية في جميع البالد التي تحت سلطته‪ ،‬ففي الكامل أن عمر‬
‫قال‪ :‬قال عمر‪ :‬لئن عشت إن شاء ﷲ ألسيرن في الرعية حوالً فإني أعلم أن للناس حوائج تقطع‬
‫دوني أما عمالھم فال يرفعونھا إلي‪ ،‬وأما ھم فال يصلون إلي‪ ،‬فأسير إلى الشام فأقيم شھرين‪،‬‬
‫وبالجزيرة شھرين‪ ،‬وبمصر شھرين‪ ،‬وبالبحرين شھرين‪ ،‬وبالكوفة شھرين‪ ،‬وبالبصرة شھرين‪،‬‬
‫وﷲ لنعم الحول ھذا ‪. 55‬‬
‫كما كان عمر رضي ﷲ عنه يراقب سلوك عماله‪ ،‬ويحاسبھم إذا رأى ما يقدح في عدالتھم‪ ،‬فقد بلغه‬
‫أن أحد عماله يتمثل بأبيات فيھا مدح للخمر‪ ،‬فعزله ‪. 56‬‬
‫وعندما تكلم دعاة الفتنة في والة عثمان سعيا للتمرد عليه‪ ،‬اجتمع أصحاب رسول ﷲ إلى عثمان‬
‫رضي ﷲ عنه فقالوا يا أمير المؤمنين أيأتيك عن الناس الذي آتانا قال ال وﷲ ما جاءني إال‬
‫السالمة قالوا فإنا قد أتانا وأخبروه بالذي أسقطوا إليھم قال فأنتم شركائي وشھود المؤمنين‬
‫فأشيروا علي قالوا نشير عليك أن تبعث رجاال ممن تثق بھم من الناس إلى األمصار حتى يرجعوا‬
‫إليك بأخبارھم فدعا محمد بن مسلمة فأرسله إلى الكوفة وأرسل أسامة بن زيد غلى البصرة وأرسل‬
‫عمار بن ياسر إلى مصر وأرسل عبد ﷲ بن عمر إلى الشام وفرق رجاال سواھم فرجعوا جميعا قبل‬
‫عمار فقالوا أيھا الناس وﷲ ما أنكرنا شيئا وال أنكره أعالم المسلمين وال عوامھم وقالوا جميعا‬
‫األمر أمر المسلمين أال أن أمراءھم يقسطون بينھم ويقومون عليھم‪. 57‬‬
‫وأما علي فقد كتب لألشتر النخعي حين واله على مصر‪ ،‬وأمره باالھتمام بالرقابة على العمل‬
‫)الموظفين(‪ ،‬ففي كتابه له‪ ":‬ثم تفقد أعمالھم وابعث العيون من أھل الصدق والوفاء عليھم‪ ،‬فإن‬
‫تعاھدك في السر ألمورھم جدوة لھم على استعمال األمانة والرفق بالرعية"‪. 58‬‬
‫وكتب عمر بن عبدالعزيز لعدي بن أرطاة أن ابعث إلي بفضل األموال التي قبلك من أين‬
‫دخلت‪.59 "..‬‬

‫‪52‬روى وكيع في أخبار القضاة بسنده عن الكوثر ابن زفر؛ قال‪ :‬قال أبو المختار‪ ،‬وھو جدي أبو أمي لعمر في عمال السواد في الشعر الذي وشي بھم إليه‪.‬‬
‫وذاك الذي في السوق مولى بني بدر‬ ‫وشيل ھناك المال وابـن مـحـرش‬

‫‪53‬عند البالذري‪ :‬أھلي‪.‬‬


‫‪54‬عند البالذري‪ :‬الھندي‪.‬‬
‫‪ 55‬التارتيب اإلدارية ‪.267/1‬‬
‫‪ 56‬اإلدارة اإلسالمية ‪356/‬عن السياسة الشرعية البن تيمية ‪ 105/‬مطبعة دار الجھاد‪.‬‬
‫‪ 57‬مقتل الشھيد عثمان للمالقي –طبعة الدوحة بتحقيق محمود زايد ‪.97/‬‬
‫‪ 58‬اإلدارة اإلسالمية المنھج والممارسة للدكتور حزام المطيري ‪.213/‬‬
‫‪ 59‬اإلدارة اإلسالمية المنھج والممارسة للدكتور حزام المطيري ‪.214/‬‬
‫‪11‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫وھذه نماذج لطريقة مراقبة األداء الحكومي في تلك العھود اإلسالمية األولى‪ ،‬والتي تعتبر أنموذجا‬
‫للدولة المسلمة التمسكة بتعاليم دينھا‪.‬‬

‫الصفات الالزمة في من يقوم بالعملية الرقابية‪:‬‬


‫أوال‪ :‬كثرة المراقبين وانتشارھم واستعمال عنصر المفاجأة في العملية الرقابية‪:‬‬
‫حتى تكون الجوالت التفتيشية فعالة ومؤتية ثمارھا‪ ،‬ال بد من أن تك ون عل ى أس س مدروس ة‪ .‬ونج د‬
‫في وصايا وكتب الخلفاء الراشدين بعض اإلشارات إلى مھارات الجوالت التفتيشية‪ .‬فقد كتب أبو بكر‬
‫الصديق رضي ﷲ عنه إلى يزيد بن أبي سفيان رضي ﷲ عنه في مسيره بالجيش لقتال الروم قال‪":‬‬
‫وأكثر حرسك وبددھم في ع سكرك‪ ،‬وأكث ر مفاج أتھم ف ي محارس ھم بغي ر عل م م نھم ب ك‪،‬فمن وجدت ه‬
‫غفل عن محرسه فأدبه وعاقبه في غير إفراط‪ ،‬وأعقب بينھم بالليل واجع ل النوب ة األول ى أط ول م ن‬
‫األخيرة فإنھا أيسرھما لقربھا من النھار" ‪. 60‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشجاعة في اتخاذ القرارات‪:‬‬


‫كما تعتبر الشجاعة عند اتخاذ القرارات من أھم ما يميز المراقب الن اجح م ن غي ره‪ ،‬وق د أش ار عم ر‬
‫رضي ﷲ عنه إلى ھذا فقد أرسل محمد بن مسلمة في مھمة إلى الع راق ث م رج ع ففن ي زاده قب ل أن‬
‫يصل إلى المدينة ألنه لم يقبل من أحد زادا‪ ،‬فأخذ يأكل من لح اء األش جار حت ى تغي ر وجھ ه وج سمه‬
‫َّ‬
‫أردت ذلك كتبت له به‬ ‫فلما علم عمر بذلك قال له‪ " :‬ھال قبلت من سعد‪ -‬أي ابن أبي وقاص؟ قال‪ :‬لو‬
‫أو أذن ت ل ه في ه‪ ،‬فق ال عم ر‪ ":‬إن أكم ل الرج ال رأي ا م ن إذا ل م يك ن عن ده عھ د م ن ص احبه‪ ،‬عم ل‬
‫بالحزم أو قال به ولم ينكل" ‪ ، 61‬يشير إلى خطأ أن ينتظر القائم باألعمال الرقابية التوجيه مم ن فوق ه‬
‫في كل األمور‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬عدم االھتمام بالمخالفات اليسيرة جدا‪:‬‬


‫وليس من المستحسن ممن يقوم بالعملية الرقابي ة أن ي دقق ف ي األش ياء الي سيرة الت ي ال يخل و منھ ا‬
‫بشر‪ ،‬بل عليه أن يتغافل عن بعض األشياء التي يحسن التغافل عنھا‪ ،‬قال بعضھم ‪ :‬أكره المكاره في‬
‫السيد الغباوة وأحب أن يكون عاقال متغافال كما قال ابو تمام‪:‬‬
‫‪62‬‬
‫لكن سيد قومه المتغابي‬ ‫ليس الغبي بسيد في قومه‬
‫وإن كان الكمال في الموظف أن يحافظ عل ى ممتلك ات الدول ة‪ ،‬وال ي ستخدمھا لم صلحته الخاص ة‬
‫ولو في الشيء اليسير‪ ،‬وفي قصة حم اد ب ن زي د مث ال يب ين ض رورة االھتم ام باألش ياء الي سيرة‬
‫فقد مر حماد بن زيد عندما كان صغيرا ھو وأبوه على جدار فيه تبن فأخذ حماد عود تبن‪ ،‬فنھره‬
‫مار عود تبن ھل يبقى‬ ‫أبوه وقال‪ :‬لماذا؟ فقال حماد‪ :‬يا أبتاه إنه عود تبن‪ ،‬فقال األب‪ :‬لو أخذ كل ٍّ‬
‫في الجدار شيء؟ ‪. 63‬‬
‫وق د ك ان عم ر ب ن عب دالعزيز يم ارس رقابي ة مالي ة دقيق ة‪ ،‬وھ ذا ھ و س ر الرف اه ال ذي ح صل‬
‫للمسلين في عھده القصير‪ ،‬فق د ق ال لميم ون – وھ و مع اون ل ه‪ :-‬م ا ھ ذه الط وامير الت ي تكت ب‬

‫‪60‬الكامل البن األثير ‪.276/2‬‬


‫‪ 61‬تاريخ الطبري ‪ 47/4‬عن أخالق العمل ‪.30/‬‬
‫‪62‬مفتاح السعادة لطاش كبري زادة ‪. 145 /‬‬
‫‪ 63‬ترجمة حماد بن زيد من سير أعالم النبالء‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫فيھا بالقلم الجليل‪ ،‬وتمد فيھا وھي من بي ت م ال الم سلمين؟ ) يق صد ال صحائف الت ي يكت ب فيھ ا‬
‫األوامر والتوجيھات(‪ ،‬فكانت كتبه شبرا أو نحوا من ذلك ‪. 64‬‬
‫وعندما كتب له أبو بكر بن محمد بن حزم والي المدين ة يطل ب ش معا لإلض اءة‪ ،‬رد علي ه فق ال‪":‬‬
‫لعمري لقد عھدتك يا ابن حزم وأن ت تخ رج م ن بيت ك ف ي الليل ة ال شاتية المظلم ة بغي ر م صباح‪،‬‬
‫ولعمري ألنت يومئذ خير منك اليوم‪ ،‬ولقد كان في فتائ ل أھل ك م ا يغني ك ‪ ،‬وال سالم"‪ .‬وكت ب إل ى‬
‫ابن حزم مرة ‪ ":‬إذا ج اءك كت ابي ھ ذا ف أرق القل م ‪ ،‬واجم ع الخ ط‪ ،‬واجم ع الح وائج الكثي رة ف ي‬
‫الصحيفة الواحدة‪ ،‬فإنه ال حاجة للمسلمين في فضل قول أضر ببيت مالھم‪ ،‬والسالم عليك" ‪. 65‬‬
‫وأرى أنه يجب على من يقوم بالعملية الرقابية أن يقدر األشياء التي يتغاضى عنھ ا‪ ،‬والمخالف ات‬
‫التي ينبه عليھا ‪ ،‬والمخالفات التي يعاقب عليھا أو يرفع فيھا تقريرا بالمخالفة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬السرية طريق النجاح‪:‬‬


‫كما ينبغي أن تكون بعض العمليات الرقابية س رية‪ ،‬وأن يك ون المراق ب غاي ة ف ي الثق ة واألمان ة‬
‫والعقل‪ ،‬فقد ورد في الحديث‪ ":‬استعينوا على إنجاح ح وائجكم بالكتم ان" ‪ . 66‬ق ال أش ھب – وھ و‬
‫من كبار أصحاب مالك بن أنس رحم ﷲ الجميع‪ :-‬ينبغي للحاكم أن يتخذ من يستك شف ل ه أح وال‬
‫الناس في السر‪ ،‬وليكن ثقة مأمونا عاقال ‪. 67‬‬

‫خامسا‪ :‬الحكمة في العملية الرقابية‪:‬‬


‫وأيضا ال بد أن ال يكون القائم بالعملية الرقابية والمھام التفتيشية حكيما في تصرفاته‪ ،‬بأن يعالج‬
‫المشاكل باأليسر فاأليسر ويستعمل معھم سياسة " شعرة معاوية "‪ ،‬ق ال معاوي ة رض ي ﷲ عن ه‬
‫‪ :‬ال أضع سيفي حيث يكفيني سوطي وال سوطي حي ث يكفين ي ل ساني ول و أن بين ي وب ين الن اس‬
‫ش عرة م ا انقطع ت‪ ،‬ق الوا‪ :‬وكي ف ذل ك ي ا أمي ر الم ؤمنين ؟ ق ال ‪ :‬كن ت إذا أرخوھ ا م ددتھا وإذا‬
‫مدوھا جررتھا ‪. 68‬‬
‫ُّ‬

‫‪ 64‬سيرة عمر بن عبدالعزيز البن الجوزي ‪.88/‬‬


‫‪ 65‬سيرة عمر بن عبدالعزيز البن عبدالحكم ‪.55/‬‬
‫‪ 66‬رواه الطبراني في الكبير ‪ ،412/20‬وغيره وحسنه األلباني لطرفه في السلسلة الصحيحة ‪ 436/3‬رقم ‪.1453‬‬
‫‪ 67‬فتح الباري البن حجر ‪.190/13‬‬
‫‪68‬عيون األخبار ‪ ، 9/1‬بھجة المجالس ‪ ، 345/1‬العقد الفريد ‪ ، 18/1‬وتھذيب الرياسة ‪. 131/‬‬
‫‪13‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫سادسا‪ :‬الرقابة على الحسنات قبل المخالفات‪:‬‬


‫وليس من العدل أن تكون الرقابة والجوالت التفتيشية منصبة على البحث ع ن أوج ه الخل ل‪ ،‬ب ل ھ ي‬
‫عملية للنظر في سير العمل‪ ،‬فإن وجد المراقب موظفا أو عامال ي ستحق التق دير ف ال يغف ل ذل ك‪ ،‬وإال‬
‫فسيكون قدوم المراقب أمرا ثقيال على جميع العاملين‪ .‬وعليه أن يعجل مكافأة المح سن‪ ،‬فق د ذك رت‬
‫بعض كتب التراث قول بعض الحكماء ‪ :‬ال تغف ل مكاف أة م ن يعتق د ل ك الوف اء ويناض ل عن ك األع داء‬
‫فمن حرمته مكاف أة مثل ه زھ د ف ي مع اودة فعل ه ‪ . 69‬وذك روا ع ن أح د مل وك الف رس الحكم اء وھ و‬
‫أردشير أنه قال‪ :‬على الملك أن يأخذ نفسه بثالث ‪:‬‬
‫‪ ‬تعجيل مكافأة المحسن على إحسانه فإن في ذلك شحذ الضمائر على الطاعة‪،‬‬
‫‪ ‬وتأجيل عقوبة العاصي على عصيانه‪ ،‬فإن في ذلك إمكان العفو واإلقالة ومراجع ة التوب ة والندام ة‬
‫‪،‬‬
‫‪ ‬واألن اة عن د ط وارق ال دھر وحدثان ه ‪ ،‬ف إن ف ي ذل ك انف ساح م ذاھب ال رأي وال سياسة وإي ضاح‬
‫غوامض السداد واإلصابة ‪. 70‬‬
‫وتأجيل عقوبة العاصي بأن ال يعاقب إال بعد التوجيه الشفھي ثم اإلنذار الكتابي‪ ،‬ث م العقوب ة‪ .‬وبع ض‬
‫األخطاء الكبيرة أو الحساسة تستلزم أن يعاقب المتسبب فيھا دون إنذار‪ ،‬والمسألة تقديرية‪.‬‬

‫الرقابة اإلدارية في القانون اإلداري الحديث‪:‬‬


‫يسمى ھذا النوع من الرقابة التي سبق ذكر نماذج منھا في علم اإلدارة الحديث بالرقابة اإلدارية‪،‬‬
‫وھي الرقابة التي يمارسھا الجھاز اإلداري للدولة على نفسه‪ ،‬سواء كانت الرقابة داخل المنظمة‬
‫اإلدارية أو من السلطة المركزية‪ .‬إذن فھي نوعان‪:‬‬
‫‪ ‬رقابة داخلية‪ ،‬وھي التي يمارسھا رئيس المنظمة اإلدارية أو مديرھا على موظفيه‪.‬‬
‫‪ ‬رقابة خارجية‪ ،‬وھي التي تمارس من السلطة اإلدارية المركزية‪ ،‬ويطلق عليھا البعض‬
‫بالوصاية اإلدارية ‪.71‬‬
‫كما تعرف الرقابة اإلدارية بأنھا تلك الرقابة التي تقوم بھا السلطة بواسطة أحد األجھزة اإلدارية‪،‬‬
‫سواء أكانت من نفس الجھاز أو من جھاز خارجي كديوان الرقابة العامة في المملكة العربية‬
‫السعودية ‪.72‬‬
‫والرقابة اإلدارية تنصب على جوانب المشروعية فقط‪ ،‬أي ھل اإلجراء المتخذ نظامي أم ال ‪. 73‬‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬رقابة الجمھور‬


‫توسيع مفھوم األمر بالمعروف والنھي عن المنكر‪:‬‬

‫‪69‬تھذيب الرياسة ‪ ، 172/‬األمثال للثعالبي ‪. 47/‬‬


‫‪70‬بھجة المجالس ‪ ، 338/1‬نھاية األرب ‪ ، 5/6‬شرح نھج البالغة ‪ ، 537/4‬تھذيب الرياسة ‪. 122/‬‬
‫‪ 71‬اإلدارة اإلسالمية للدكتور أدھم ‪ 307/‬عن أصول علم اإلدارة لعبدالغني بسيوني ‪.378/‬‬
‫‪ 72‬القانون اإلداري السعودي ‪.260/‬‬
‫‪ 73‬القانون اإلداري السعودي ‪.261/‬‬
‫‪14‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫يوجد قصور في فھم كثير من الناس في قصر مبدأ األمر بالمعروف والنھي عن المنكر‪ ،‬على‬
‫منكرات معينة‪ ،‬بينما خيانة األمانة واستغالل النفوذ وغيرھا من المنكرات الوظيفية قد تكون أعظم‬
‫لتعلق حقوق الناس بھا‪ ،‬ولكونھا ذنوبا متعدية‪ .‬وفي القرآن كثير من اآليات التي تنبه إلى ضرورة‬
‫االھتمام بھذا الشعيرة‪ ،‬ومنھا‪:‬‬
‫ھم‬ ‫المنكر َ ُ ْ َ ِ َ‬
‫وأولـئك ُ ُ‬ ‫عن ْ ُ َ ِ‬ ‫بالمعروف َ َ ْ َ ْ َ‬
‫وينھون َ ِ‬ ‫الخير َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫ويأمرون ِ ْ َ ْ ُ ِ‬ ‫يدعون ِ َإلى ْ َ ْ ِ‬ ‫منكم ُ َّ ٌ‬
‫أمة َ ْ ُ َ‬ ‫‪ُ َ ْ َ } .1‬‬
‫ولتكن ِّ ُ ْ‬
‫المفلحون {آل عمران‪104‬‬ ‫ْ ُِْ ُ َ‬
‫وتؤمنون ِبا ّ ِ {آل‬ ‫عن ْ ُ َ ِ‬
‫المنكر َ ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫بالمعروف َ َ ْ َ ْ َ‬
‫وتنھون َ ِ‬ ‫للناس َ ْ ُ ُ َ‬
‫تأمرون ِ ْ َ ْ ُ ِ‬ ‫أمة ُ ْ ِ َ ْ‬
‫أخرجت ِ َّ ِ‬ ‫خير ُ َّ ٍ‬ ‫‪ْ ُ ُ } .2‬‬
‫كنتم َ ْ َ‬
‫عمران‪110‬‬

‫وفي األحاديث النبوية نجد ما يؤكد ھذا المبدأ اإلسالمي فمن تلك التوجيھات‪:‬‬
‫‪ .1‬روى البخاري عن النعمان بن بشير رضي ﷲ عنھما عن النبي قال مثل القائم على ح دود‬
‫ﷲ والواقع فيھا كمثل قوم استھموا على سفينة فأصاب بعضھم أعالھا وبعضھم أسفلھا فكان‬
‫الذين في أسفلھا إذا استقوا من الماء مروا عل ى م ن ف وقھم فق الوا ل و أن ا خرقن ا ف ي ن صيبنا‬
‫خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوھم وم ا أرادوا ھلك وا جميع ا وإن أخ ذوا عل ى أي ديھم نج وا‬
‫ونجوا جميعا ‪. 74‬‬
‫‪ .2‬عن أبي سعيد الخدري رضي ﷲ عنه قال سمعت رسول ﷲ يقول من رأى منكم منكرا‬
‫فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان ‪ .‬رواه مسلم‬
‫‪ .3‬وعن ابن مسعود رضي ﷲ عنه أن رسول ﷲ قال ما من نبي بعثه ﷲ في أمة قبلي إال‬
‫كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنھا تخلف من بعدھم‬
‫خلوف يقولون ما ال يفعلون ويفعلون ما ال يؤمرون فمن جاھدھم بيده فھو مؤمن ومن‬
‫جاھدھم بلسانه فھو مؤمن ومن جاھدھم بقلبه فھو مؤمن ليس وراء ذلك من اإليمان حبة‬
‫خردل‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ .4‬وعن عبادة بن الصامت رضي ﷲ عنه قال بايعنا رسول ﷲ على السمع والطاعة في‬
‫العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وأن ال ننازع األمر أھله إال أن تروا كفرا‬
‫بواحا عندكم من ﷲ فيه برھان وعلى أن نقول بالحق أينما كنا ال نخاف في ﷲ لومة‬
‫الئم‪.‬رواه البخاري ومسلم‬
‫‪ .5‬وعن أبي عبد ﷲ طارق بن شھاب البجلي األحمسي أن رجال سأل النبي وقد وضع رجله‬
‫في الغرز أي الجھاد أفضل قال كلمة حق عند سلطان جائر‪.‬رواه النسائي بإسناد صحيح‪.‬‬

‫تحتم نصرة المظلوم‪:‬‬


‫وأخذ الحق للمظلوم من ظالمه أمر واجب‪ ،‬كما في الحديث‪ ":‬إن ﷲ ال يقدس أمة ال يأخذ الضعيف‬
‫حقه من القوي‪ ،‬وھو غير متعتع" ‪. 75‬‬

‫الرقابة على الحاكم أو المسؤول الكبير‪:‬‬

‫‪ 74‬رواه البخاري ‪،2361‬‬


‫‪ 75‬صحيح الجامع ‪.1853‬‬
‫‪15‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫الرقابة على تصرفات الحاكم أمر واجب على األمة على الكفاية‪ ،‬وعدم وجود من يقوم بھذا الواجب‬
‫نذير خطر على الجميع‪ ،‬ووجود المصلحين صمام أمان للمجتمع‪ ،‬ولذا كان الخلفاء الراشدون‬
‫يبدؤون حكمھم بطلب التقويم عند الخلل والخطأ‪ ،‬فقد روى ابن إسحاق خبر تولي الصديق وأنھم لما‬
‫بايعوه تكلم أبو بكر فحمد ﷲ وأثنى عليه بالذي ھو أھله ثم قال أما بعد أيھا الناس فأني قد وليت‬
‫عليكم ولست بخيركم فان أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني‪. 76‬‬
‫وأما عمر فكانت خطبته االفتتاحية لخالفته مركزة على عالقة الحاكم بالمحكوم ومما جاء فيھا‪":‬‬
‫وأعينوني على نفسي باألمر بالمعروف والنھي عن المنكر وإحضاري النصيحة فيما والني ﷲ من‬
‫أمركم‪. 77 "..‬‬
‫وھذا ما جعل معاوية رضي ﷲ عنه يختبر الناس في ھذا الجانب‪ ،‬فقد روى الطبراني في الكبير من‬
‫طريق أبي قبيل أنه يأثر عن معاوية بن أبي سفيان أنه صعد المنبر يوم الجمعة فقال عند خطبته‬
‫إنما المال مالنا والفيء فيئنا فمن شاء أعطيناه ومن شئنا منعناه فلم يجبه أحد فلما كان الجمعة‬
‫الثانية قال مثل ذلك فلم يجبه أحد فلما كان الجمعة الثالثة قال مثل مقالته فقام إليه رجل ممن حضر‬
‫المسجد فقال كال إنما المال مالنا والفيء فيئنا فمن حال بيننا وبينه حاكمناه إلى ﷲ بأسيافنا فنزل‬
‫معاوية فأرسل إلى الرجل فأدخله فقال القوم ھلك الرجل ثم دخل الناس فوجدوا الرجل معه على‬
‫السرير فقال معاوية للناس إن ھذا الرجل أحياني أحياه ﷲ سمعت رسول ﷲ يقول سيكون أئمة‬
‫من بعدي يقولون وال يرد عليھم يتقاحمون في النار كما تتقاحم القردة وإني تكلمت أول جمعة فلم‬
‫يرد علي أحد فخشيت أن أكون منھم ثم تكلمت في الجمعة الثانية فلم يرد علي أحد فقلت في نفسي‬
‫إني من القوم ثم تكلمت في الجمعة الثالثة فقام ھذا الرجل فرد علي فأحياني أحياه ﷲ ‪ .78‬وال يقر‬
‫اإلسالم تغيير الخطأ بالتمرد العسكري كما قال الرجل‪ ،‬ولكن المنھج الشرعي ھو إنكار المنكر بالقول‬
‫والوسائل الشرعية‪.‬‬

‫تعيين المساعدين الذين يعينون على الرقابة‪:‬‬


‫دأب القادة الناجحون من الخلفاء وغيرھم على حث الناس أن يمارسوا الرقابة على تصرفاته حتى‬
‫ال تزل قدمه بقرار متعجل أو تصرف خاطئ يورث الندم والحسرة‪ ،‬ولذلك فإن من توفيق ﷲ لصاحب‬
‫المنصب أن يكون من معه في العمل من أھل الصالح‪ ،‬ففي صحيحا البخاري عن أبي سعيد‬
‫مرفوعا‪ ":‬ما بعث ﷲ من نبي وال استخلف من خليفة إال كانت له بطانتان‪ ،‬بطانة تأمره بالخير‪،‬‬
‫وتحضه عليه‪ ،‬وبطانة تأمره بالسوء‪ ،‬وتحضه عليه‪ ،‬فالمعصوم من عصمه ﷲ" ‪ ، 79‬وقوله صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ ):‬من ولي من أمر الناس فأراد ﷲ به خيرا جعل معه وزيرا صالحا إن نسي ذكره‬
‫وإن ذكر أعانه ( ‪ .80‬ولذا فقد كان ھذا المعيار ھو طريق القرب من الخليفة الصالح عمر بن‬
‫عبدالعزيز‪ ،‬فقد قال مرة‪ ":‬من أراد أن يصحبنا فليصحبنا بخمس‪ :‬يوصل إلينا حاجة من ال تصل‬
‫إلينا حاجته‪ ،‬ويدلنا من العدل إلى ما ال نھتدي إليه‪...‬ومن لم يفعل ذلك فھو في حرج من صحبتنا‬
‫والدخول علينا"‪. 81‬‬

‫تقريب كبار الناس لكونھم أشجع على النقد‪:‬‬


‫‪ 76‬البداية والنھاية ‪ ،301/6‬وقال ابن كثير‪ :‬سنده صحيح‪.‬‬
‫‪ 77‬اإلدارة اإلسالمية المنھج والممارسة للدكتور حزام المطيري ‪.206/‬‬
‫‪ 78‬رواه الطبراني في الكبير ‪ (925) 393/19‬ورجاله ثقات‬
‫‪ 79‬صحيح البخاري )‪.(7198‬‬
‫‪80‬رواه أبو داود ‪ (2932)131/3‬والنسائي ‪ 159/7‬وصححه األلباني في الصحيحة )‪.(489‬‬
‫‪ 81‬سيرة عمر بن العزيز البن عبدالحكم ‪ ،34/‬عن النموذج اإلداري ‪.348/‬‬
‫‪16‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫وألن الرقابة والنقد من كبار المجتمع أولى باالھتمام من غيره ‪ ،‬فقد كتب عمر بن الخطاب رضي‬
‫ﷲ عنه ألبي موسى األشعري رضي ﷲ عنه‪ :‬بلغني أنك تأذن للناس جما غفيرا‪ ،‬فإذا جاءك كتابي‬
‫ھذا فأذن ألھل الشرف وأھل القرآن والتقوى والدين فإذا أخذوا مجالسھم فأذن للعامة"‪ . 82‬ورقابة‬
‫البرلمانات ومجالس الشورى قد تكون من ھذا القبيل‪.‬‬
‫وكان خلفاء العدل يفرحون بقرب الفقھاء والعلماء وكبار الناس ألنھم يصوبونھم ويبذلون النصح‬
‫لھم‪ ،‬فقد قام أبو مسلم الخوالني وقال لمعاوية رضي ﷲ عنه‪ :‬يا معاوية‪ ،‬ال تحسب أن الخالفة جمع‬
‫المال وتفريقه‪ ،‬إنما الخالفة القول بالحق‪ ،‬والعمل بالمعدلة‪ ،‬وأخذ الناس في ذات ﷲ‪ .‬يا معاوية‪ ،‬إنا‬
‫ال نبالي بكدر األنھار‪ ،‬إذا صفى لنا رأس عيننا‪ .‬يا معاوية‪ ،‬إياك أن تميل على قبيلة من العرب‪،‬‬
‫فيذھب حيفك بعدلك‪.‬ثم جلس‪ .‬فقال معاوية‪ :‬يرحمك ﷲ يا أبا مسلم‪ ،‬يرحمك ﷲ يا أبا مسلم ‪.83‬‬
‫وأما عمر بن عبدالعزيز فقد كتب لفقھاء المدينة ليراقبوا تصرفاته وتصرفات حكامه‪ ،‬وأن يبلغوه‬
‫عن ما يحصل من تجاوزات‪ ،‬فمن كتم فقد استعدى ﷲ عليه ‪.84‬‬

‫سياسة الباب المفتوح‪:‬‬


‫كما أن من أعظم صفات القائد الناجح أن يفتح صدره قبل بابه لمن ھم تحت واليته ليرفعوا‬
‫تظلماتھم واقتراحاتھم ‪ ،‬وتسمى في العرف اإلداري ‪":‬سياسة الباب المفتوح " وال يعنينا االسم بقدر‬
‫ما يعنينا أن إغالق الباب متوعد عليه في حديث عمرو بن مرة رضي ﷲ عنه قال قال رسول ﷲ‬
‫عليه وسلم ‪ ) :‬ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إال أغلق ﷲ أبواب‬
‫السماء دون خلته وحاجته ومسكنته ( ‪ . 85‬وخطب عمر مرة في موسم الحج وبين يديه عماله‪ ،‬فمما‬
‫قال لھم‪ ...":‬وال تغلقوا األبواب دونھم‪ ،‬فيأكل قويھم ضعيفھم ‪. 86"..‬‬
‫وكان عمر رضي ﷲ عنه ينھى عماله أن يتخذوا لمجلس اإلمارة بابا‪ ،‬فإذا خالف أحدھم فوضع بابا‪،‬‬
‫فإن عمر يرسل مفتشه محمد بن مسلمة ليحرق الباب أمام الناس كما فعل مع سعد بن أبي وقاص‬
‫وعبدﷲ بن قرط رضي ﷲ عنھما ‪.87‬‬

‫تشجيع الناس على الرقابة على أداء الحكومة‪:‬‬


‫وبلغ اھتمام أبي بكر الصديق بأمر الرقابة األھلية أن يطلب من الناس أن يتقدموا بأي تظلم أو نقد ‪،‬‬
‫فقد حج ونادى في أھل مكة خطيبا‪ :‬ھل من أحد يشكي ظالمة‪ ،‬أو يطلب حقا؟ فما أتاه أحد‪ ،‬وأثنى‬
‫الناس على واليھم خيرا‪ ،‬فرجع إلى المدينة قرير العين‪. 88‬‬
‫وأما عمر فقد كان يعقد اجتماعا بوالته في موسم الحج‪ ،‬ويستمع لشكاوى الناس ضد الوالة فينھيھا‬
‫في ذلك المكان الطاھر‪ . 89‬وكان يستشعر مسؤوليته أمام ﷲ تعالى إذا علم بظلم فلم يغيره‪ ،‬فقد روى‬
‫ابن سعد عنه أنه قال‪ ":‬أيما عامل لي ظلم أحدا فبلغتني مظلمته فلم أغيرھا فأنا ظلمته" ‪.90‬‬

‫‪ 82‬مجلة االتصاالت السعودية‪ ،34-‬قيم المديرين وأخالقياتھم للدكتور إبراھيم الغفيلي‪.‬‬


‫‪ 83‬رواه أبو نعيم في الحلية ‪. 26/2‬‬
‫‪ 84‬اإلدارة اإلسالمية المنھج والممارسة للدكتور حزام المطيري ‪.214/‬‬
‫‪85‬رواه أحمد والترمذي كما في الصحيحة لأللباني )‪ (629‬وصححه األلباني ‪.‬‬
‫‪ 86‬اإلدارة اإلسالمية للدكتور أدھم ‪.314/‬‬
‫‪ 87‬اإلدارة اإلسالمية للدكتور أدھم‪ 315/‬عن اإلدارة في اإلسالم ألحمد أبو سن ‪.125/‬‬
‫‪ 88‬طبقات ابن سعد ‪.187/3‬‬
‫‪ 89‬التراتيب اإلدارية ‪.238/1‬‬
‫‪ 90‬طبقات ابن سعد ‪.305/3‬‬
‫‪17‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫وكذا فعل عثمان رضي ﷲ عنه فقد كتب ألھل مصر‪ ":‬أما بعد‪ ،‬فإني آخذ عمالي بموافاتي كل‬
‫موسم‪ ،‬وقد رفع إلي أھل المدينة أن أقواما يشتمون ويضربون فمن ادعى شيئا من ذلك فليواف‬
‫الموسم يأخذ حقه حيث كان مني أو من عمالي‪ ،‬وتصدقوا فإن ﷲ يجزي المتصدقين" ‪.91‬‬
‫وأما عمر بن عبدالعزيز فقد بدأ خالفته بخطبته الشھيرة التي أعقبھا بنداء عام‪ ":‬من كانت له‬
‫مظلمة فليرفعھا" ‪.92‬‬

‫ﻓﻦ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر‪:‬‬


‫وال يغفل فن االستماع للشكوى والتظلمات‪ ،‬وھو من اآلداب النبوية‪/ ،‬كم مره صرخ في وجھك‬
‫احدھم وھو يقول‪ :‬انت لم تفھمني؟‬
‫ھل تعتقد انك لم تفھمه بالفعل؟ في حال اجابتك بنعم‪.‬‬
‫ھل سألت نفسك لماذا لم تفھمه؟‬
‫اكان يتحدث بصوت غير واضح! ام انه غير قادر على التعبير عن افكاره؟!‬
‫دائما مانتجاھل اخطائنا و نسعى الى تعليقھا على شماعه االخر!‬
‫ولو انا فكرا قليال‪....‬‬
‫لوجدنا انا ال نفھم االخر ‪ ،‬لسبب بسيط وھو‪:‬‬
‫انا لم نكن نصغي اليه‪.‬‬
‫بالفعل نحن ننظر الى من يتكلم معنا في حين انا نفكر في امور متعدده‪...‬‬
‫تغلبنا انانيتنا فالنجود بدقائق قليله لنسمع لغيرنا او نكنرث لھموم من ھم حولنا‪.‬‬

‫مكافأة لمن يقدم اقتراحا أو يرفع مظلمة‪:‬‬


‫ووصل اھتمام الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه ﷲ بالرقابة الشعبية‪ ،‬أن وضع مكافأة لمن‬
‫يدل على خلل في الدولة أو فساد‪ .‬فقد كتب ألھل الموسم ) أي الحجاج في مكة(‪ :‬أما بعد‪ ،‬فأيما رجل‬
‫قدم علينا في رد مظلمة‪ ،‬أو أمر يصلح ﷲ به خاصا أو عاما‪ ،‬من أمر الدين‪ ،‬فله ما بين مائة دينار‬
‫سفر )أي‬
‫إلى ثالثمائة دينار‪ ،‬بقدر ما يرى من الحسبة وبعد الشقة‪ ،‬رحم ﷲ امرءا لم يتكاأده ُبعد ٍ‬
‫‪93‬‬
‫يشق عليه لبعده(‪ ،‬لعل ﷲ يحيي به حقا أو يميت به باطال‪ ،‬أو يفتح به من ورائه خيرا‪ . "...‬وكذا‬
‫فعل عبدالرحمن بن معاوية بن حديج عندما كان قاضيا فقد وضع مكافأة لمن يكشف عن أموال‬
‫اليتامى الغائبة‪ ،‬وذلك سنة ‪86‬ھـ مما حفظ أموال تلك الفئة الضعيفة من جشع األولياء‪. 94‬‬

‫طرد المتملقين المداحين‪:‬‬


‫ال تخلو منشأة من المتملقين ‪ ،‬الذين يصعدون على األكتاف‪ ،‬وھم وﷲ أساس البالء في كثير من‬
‫المنظمات والمنشآت‪ .‬وقد روى مسلم أن رجال جعل يمدح عثمان فعمد المقداد فجثا على ركبتيه‬
‫وكان رجال ضخما فجعل يحثو في وجھه الحصباء فقال له عثمان ما شأنك فقال إن رسول ﷲ صلى‬

‫‪ 91‬اإلدارة اإلسالمية المنھج والممارسة للدكتور حزام المطيري ‪.211/‬‬


‫‪ 92‬أخبار عمر بن عبدالعزيز البن الجوزي ‪.104‬‬
‫‪ 93‬سيرة عمر بن عبدالعزيز البن عبدالحكم ‪.117/‬‬
‫‪ 94‬أخالق العمل ‪ 88/‬عن كتاب القضاة للكندي ‪.325/‬‬
‫‪18‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫ﷲ عليه وسلم قال إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوھھم التراب ‪ . 95‬ولألديب الفقيه ابن حزم‬
‫عبارات غاية في الجمال والحكمة‪ ،‬في التحذير من الفرح بالمدح‪ ،‬فمما يناسب ذكره‪:‬‬
‫أبلغ في ذمك من مدحك بما ليس فيك ألنه نبه على نقصك وأبلغ في مدحك من ذمك بما ليس‬ ‫‪‬‬
‫فيك ألنه نبه على فضلك ولقد انتصر لك من نفسه بذلك وباستھدافه إلى اإلنكار والالئمة‪).‬األخالق‬
‫والسير ‪.(45/‬‬
‫‪ ‬وليس في الرذائل أشبه بالفضائل من محبة المدح ودليل ذلك أنه في الوجه سخف ممن‬
‫يرضى به وقد جاء في األثر في المداحين ما جاء إال أنه قد ينتفع به في اإلقصار عن الشر والتزيد‬
‫من الخير وفي أن يرغب في ذلك الخلق الممدوح من سمعه‪ .‬ولقد صح عندي أن بعض السائسين‬
‫للدنيا لقي رجالً من أھل األذى للناس وقد قلد بعض األعمال الخبيثة فقابله بالثناء عليه وبأنه قد‬
‫سمع شكره مستفيضا ً ووصفه بالجميل والرفق منتشراً فكان ذلك سببا ً إلى إقصار ذلك الفاسق عن‬
‫كثير من شره‪).‬األخالق والسير ‪.(50/‬‬
‫ال يسرك أن تمدح بما ليس فيك بل ليعظم غمك بذلك ألنه نقصك ينبه الناس عليه ويسمعھم‬ ‫‪‬‬
‫إياه وسخرية منك وھزؤ بك وال يرضى بھذا إال أحمق ضعيف العقل‪ .‬وال تأس إن ذممت بما ليس‬
‫فيك بل إفرح به فإنه فضلك ينبه الناس عليه ولكن إفرح إذا كان فيك ما تستحق به المدح وسواء‬
‫مدحت به أو لم تمدح واحزن إذا كان فيك ما تستحق به الذم وسواء ذممت به أو لم تذم‪).‬األخالق‬
‫والسير ‪.(53/‬‬
‫‪ ‬إياك واالمتداح فإن كل من يسمعك ال يصدقك وإن كنت صادقا ً بل يجعل ما سمع منك من ذلك‬
‫في أول معايبك‪ .‬وإياك ومدح أحد في وجھه فإنه فعل أھل الملق وضعة النفوس وإياك وذم أحد ال‬
‫بحضرته وال في مغيبه فلك في إصالح نفسك شغل‪).‬األخالق والسير ‪.(85/‬‬

‫مع عمر بن عبدالعزيز في تحقيق إداري‪:‬‬


‫وذكر الطبري قصة طريفة‪ ،‬فيھا عبرة‪ ،‬وھي تحكي طريقة عمر بن عبدالعزيز في الرقابة على‬
‫أعمال الدولة فقد كتب الجراح بن عبدﷲ والي خراسان إلى عمر بن عبدالعزيز خليفة المسلمين‬
‫وأوفد وفدا رجلين من العرب ورجال من الموالي من بني ضبة فتكلم العربيان واآلخر جالس فقال له‬
‫عمر أما أنت من الوفد قال بلى قال فما يمنعك من الكالم قال يا أمير المؤمنين‪:‬‬
‫‪ -1‬عشرون ألفا من الموالي يغزون بال عطاء وال رزق‪.‬‬
‫‪ -2‬ومثلھم قد أسلموا من أھل الذمة يؤخذون بالخراج‪.‬‬
‫‪ -3‬وأميرنا عصبي جاف يقوم على منبرنا فيقول أتيتكم حفيا وأنا اليوم عصبي وﷲ لرجل من‬
‫قومي أحب إلي من مائة من غيرھم وبلغ من جفائه أن كم درعه يبلغ نصف درعه‪.‬‬
‫‪ -4‬وھو بعد سيف من سيوف الحجاج قد عمل بالظلم والعدوان‪.‬‬
‫فليوفد‪ .‬وكتب عمر إلى الجراح انظر من صلى قبلك إلى القبلة فضع عنه‬ ‫ّ‬ ‫فقال عمر إذن مثلك‬
‫الجزية فسارع الناس إلى اإلسالم فقيل للجراح إن الناس قد سارعوا إلى اإلسالم وإنما ذلك نفورا‬
‫من الجزية فامتحنھم بالختان‪ .‬فكتب الجراح بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر إن ﷲ بعث محمدا صلى‬
‫ﷲ عليه وسلم داعيا ولم يبعثه خاتنا‪.‬‬
‫وقال عمر ابغوني رجال صدوقا أسأله عن خراسان فقيل له قد وجدته عليك بأبي مجلز فكتب إلى‬
‫الجراح أن أقبل واحمل أبا مجلز وخلف على حرب خراسان عبد الرحمن بن نعيم الغامدي وعلى‬
‫جزيتھا عبيد ﷲ أو عبد ﷲ بن حبيب‪ .‬فخطب الجراح فقال يا أھل خراسان جئتكم في ثيابي ھذه‬

‫‪ 95‬رواه مسلم في صحيحه )‪.(3002‬‬


‫‪19‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫التي علي وعلى فرسي لم أصب من مالكم إال حلية سيفي ولم يكن عنده إال فرس قد شاب وجھه‬
‫وبغلة قد شاب وجھھا فخرج في شھر رمضان‪ ،‬واستخلف عبد الرحمن بن نعيم فلما قدم قال له‬
‫عمر متى خرجت قال في شھر رمضان قال قد صدق من وصفك بالجفاء ھال أقمت حتى تفطر ثم‬
‫تخرج‪ .96‬وبتحليل ھذا الخبر نجد فيه‪:‬‬
‫‪ -1‬أن عمر شجع الشاكي على الحديث‪ ،‬وأثنى على نصحه بقوله‪ :‬مثلك فليوفد‪.‬‬
‫‪ -2‬أن األخطاء التي وقعت من الجراح لم يتأثر بھا كلھا المولى الشاكي‪ ،‬فإنه ذكر ظلمه لمن أسلم‬
‫من أھل الذمة‪ ،‬وتقديمه لقومه‪ ،‬ومجاھرته بذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬كيف تؤثر بطانة السوء على القرار اإلداري‪ ،‬ويعملون على تعطيله‪ .‬حيث أنھم خشوا أن يقل‬
‫خراج الجزية‪ ،‬بإسالم الذميين‪.‬‬
‫‪ -4‬أھم صفات المفتش اإلداري‪ ،‬والمراقب التنفيذي الصدق‪.‬‬
‫‪ -5‬طلب عمر من جلسائه ترشيح رجل يقوم بمھمة الرقابة تدل على وجوب اختيار األفضل‪،‬‬
‫وأھمية االستشارة في ذلك‪.‬‬
‫‪ -6‬خلو ذمة الجراح من الثراء بسبب المنصب‪.‬‬
‫‪ -7‬على القائد أال يشق على من يقوم بالتحقيق معه بأن يستعجله في القدوم بحيث يأتي‪ ،‬وھو في‬
‫غاية اإلجھاد والتعب‪.‬‬

‫أبو يوسف يوصي المنصور باالھتمام بالرقابة الشعبية‬


‫ويحث أبو يوسف القاضي‪ ،‬الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور على االھتمام بالرقابة الشعبية‬
‫ومظالم الناس فيقول‪ ":‬فلو تقربت إلى ﷲ عز وجل‪ ،‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬بالجلوس لمظالم الرعية في‬
‫الشھر أو الشھرين مجلسا واحدا تسمع فيه من المظلوم وتنكر على الظالم‪ ...‬حتى يسير ذلك في‬
‫األمصار والمدن‪ ،‬فيخاف الظالم وقوفك على ظلمه فال يجترئ على الظلم‪ ،‬ويأمل الضعيف المقھور‬
‫جلوسك ونظرك في أمره فيقوى قلبه ويكثر دعاؤه" ‪. 97‬‬

‫الرقابة على الحكومات في علم اإلدارة الحديث‪:‬‬


‫قد يكون أقرب مفھوم لرقابة الجمھور في القانون اإلداري الحديث ھو مفھوم الرقابة السياسة‪،‬‬
‫وھي الرقابة التي يمارسھا الشعب عن طريق المجالس المنتخبة أو األحزاب والتنظيمات السياسية‬
‫أو المنظمات األھلية أو أفراد الشعب منفردين‪ .‬ويكون عادة بثالث طرق‪:‬‬
‫الطريق األول‪ :‬تقديم األسئلة واالستجواب‪ ،‬ومناقشة األداء والميزانية‪ ،‬ونحو ذلك‪ .‬وتكون عن‬
‫طريق المجلس النيابي أو مجلس الشورى‪.‬‬
‫الطريق الثاني‪ :‬رقابة األحزاب والتنظيمات السياسية‪ ،‬وذلك في األنظمة المتعددة األحزاب‪ ،‬فتلجأ‬
‫األحزاب المعارضة إلى البحث عن األخطاء والثغرات ونشرھا ومناقشتھا في البرلمان أو الصحف‬
‫أو عن طريق الندوات والمظاھرات في البالد التي تسمح بذلك‪.‬‬
‫الطريق الثالث‪ :‬رقابة الرأي العام‪ ،‬وھم المواطنون‪ ،‬فإذا رأى مواطن خلال ما فإنه يسعى إلصالحه‬
‫بالطرق المشروعة ‪ . 98‬وھي المقصودة بالرقابة األھلية والشعبية ورقابة الجمھور‪.‬‬
‫وفي الحقيقة فإن القانون اإلداري الحديث لم يعط رقابة الجمھور أھمية كما ھو الحال في النظرية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وعادة ما تكون موضوع الرقابة السياسية داخل في القانون الدستوري‪ ،‬وقد اقتصر‬
‫‪ 96‬تاريخ الطبري) طبعة دار الكتب العلمية( ‪.64/4‬‬
‫‪ 97‬الخراج ‪ 254/‬عن أخالق العمل ‪.137/‬‬
‫‪ 98‬اإلدارة اإلسالمية للدكتور أدھم ‪.304/‬‬
‫‪20‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫عند تطرقه للرقابة‬ ‫الدكتور ھيكل‬


‫أن وسائلھا ثالث وھي‬ ‫السياسية على‬
‫واالستجواب والتحقيق‬ ‫السؤال‬
‫فالدول التي ال يوجد فيھا‬ ‫البرلماني‪.‬‬
‫ھذا النوع من الرقابة غير‬ ‫برلمان‪ ،‬فإن‬
‫ولذا يطلق عليھا‪ :‬الرقابة‬ ‫مفعل فيھا‪،‬‬
‫‪99‬‬
‫البرلمانية ‪.‬‬
‫الدول المتقدمة مؤخرا على‬ ‫وقد حرصت‬
‫االھتمام بالرقابة األھلية ) ‪ ، (Watch groups‬ومن تلك الدول بريطانيا التي استحدثت عقد‬
‫المواطن )‪ ،(Citizen Charter‬والذي يقوم بتوعية المواطن أن المؤسسات العامة ملك له‪ ،‬وال‬
‫تكون عالقته بھا عالقة المستفيد‪ ،‬بل عالقة المالك الذي يحرص على ملكه أشد الحرص‪ ،‬وھذا ما‬
‫دعت إليه دراسة صادرة عن األمم المتحدة )‪.100 (United Nations, 1990‬‬
‫ومما ينمي الرقابة الشعبية‪ ،‬نزاھة وسائل اإلعالم وحياديتھا‪ ،‬ولذا يسميھا البعض السلطة الرابعة‪،‬‬
‫وكم رأينا من فضيحة إدارية اكتشفت‪ ،‬من خالل الصحافة‪ ،‬وكم عولج من فساد إداري بسبب مقال‬
‫أو تحقيق أو صورة معبرة والشواھد ال تحصى‪.‬‬

‫‪ 99‬القانون اإلداري السعودي ‪.258/‬‬


‫‪ 100‬أخالق العمل ‪.121/‬‬
‫‪21‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫الفصل الرابع ‪:‬‬


‫تفعيل الرقابة وإنجاحھا في القضاء على الفساد اإلداري‬
‫القدوة من كبار الموظفين لمن تحت سلطتھم‪:‬‬
‫من أھم ما يسھل العملية الرقابية‪ ،‬أن يكون كبار الموظفين قدوة لم ن دونھ م‪ ،‬وأعظ م الق دوات نبين ا‬
‫ص لى ﷲ علي ه وس لم ‪ ،‬ق ال تع الى‪ ":‬لق د ك ان لك م ف ي رس ول ﷲ أس وة ح سنة لم ن ك ان يرج و ﷲ‬
‫والي وم اآلخ ر‪) "..‬األح زاب ‪ ،(21 :‬فھ و ق دوة للقائ د الم سلم ف ي زھ ده ف ي الم ال‪ ،‬والع دل والح زم‬
‫والرحمة‪ ،‬وقدوة للمقاتل في الشجاعة والتخطيط وتدبير الح روب‪ ،‬وق دوة للقاض ي ف ي س ير الق ضايا‬
‫ومراعاة العدل في األحكام‪ ،‬وقدوة للمعلم في صبره وتأنيه وحسن تعلينمه‪ ،‬وصدق القائل‪:‬‬
‫فلجته المعروف والجود ساحله‪.‬‬ ‫ھو البحر من أي النواحي أتيته‬
‫وقد سار كبار أص حابه عل ى تل ك الق يم الف ضلى والمث ل العلي ا ‪ ،‬وم ن أعج ب م ا ي روى ف ي ذل ك ع ن‬
‫عائشة رضي ﷲ عنھا قالت‪ ":‬لما مرض أبو بكر مرضه الذي مات في ه ق ال‪ :‬انظ روا م اذا ف ي م الي‬
‫منذ دخلت في اإلمارة فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي‪ ،‬فنظرنا ف إذا عب د ن وبي ك ان يحم ل ص بيانه ‪،‬‬
‫وإذا ناضح ) بعير للسقيا( كان يسقي بستانا له‪ ،‬فبعثنا إلى عمر رضي ﷲ عنه وقال‪ :‬رحمة ﷲ على‬
‫أبي بكر‪ ،‬لقد أتعب من بعده تعبا شديدا" ‪. 101‬‬
‫وتروي لنا كتب التاريخ أنه لما حملت مغانم العراق بعد فتحھا إلى عم ر ب ن الخط اب رض ي ﷲ عن ه‬
‫ورأى ما فيھا من الجواھر جعل يتعجب ويقول‪ :‬إن الذي أدى ھذا ألمين‪ ،‬فقال عبدالرحمن ب ن ع وف‬
‫رضي ﷲ عنه‪ :‬أنا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين أنت أمين ﷲ وھ م أمن اؤك فم ا دم ت مؤدي ا لألمان ة‬
‫أدوھا ومتى رتعت رتعوا ‪ . 102‬وكما ھو معلوم فإن أخالق القائد تؤثر في من تحته وق د قي ل ‪ :‬الن اس‬
‫على دين ملوكھم ولذا قال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ف ي رس الته إل ى ھرق ل ‪ ) :‬ف إن أبي ت ف إن‬
‫عليك إثم األريسيين( ‪ 103‬أي الفالحين ‪.‬‬
‫ومن ورع عمر بن عبدالعزيز رحمه ﷲ وزھده أنه كان يوسع على عماله في النفقة‪ ،‬ويشدد على‬
‫نفسه‪ ،‬فيعطي الرجل منھم في الشھر مائة دينار‪ ،‬ومائتي دينار‪ .‬وكان يتأول أنھم إذا كانوا في كفاية‬
‫تفرغوا ألشغال المسلمين‪ ،‬فقيل له‪ :‬لو أنفقت على عيالك ‪ ،‬كما تنفق على عمالك؟ فقال‪ :‬ال أمنعھم‬
‫حقا لھم‪ ،‬وال أعطيھم حق غيرھم"‪. 104‬‬

‫سرعة القرار المترتب على الرقابة‪:‬‬


‫ال يعقل أن تتكلف المنشأة أمواال وجھدا للرقابة بأنواعھا ثم ال يترتب على ذلك شيء‪ ،‬أو يصدر‬
‫قرار متأخر‪ .‬ونجد اإلداري الفذ خليفة المسلمين عمر بن عبدالعزيز لما تحقق من وجود خلل في‬
‫والي البصرة كتب إليه‪":‬أما بعد‪ :‬فإنك غررتني بعمامتك السوداء‪ ،‬ومجالستك القراء‪ ،‬وإرسالك‬

‫‪ 101‬طبقات ابن سعد ‪.192/3‬‬


‫‪102‬تھذيب الرياسة ‪ ، 99/‬ونسب القول في الطبري ‪ 254/5‬وغيره إلى علي رضي ﷲ عنه ‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫رواه البخاري ‪ 57/4‬ومسلم ‪. 163/5‬‬
‫‪ 104‬عمر بن عبدالعزيز للحافظ ابن كثير ‪.90/‬‬
‫‪22‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫العمامة من ورائك‪ ،‬وإنك أظھرت لي الخير‪ ،‬فأحسنت بك الظن‪ ،‬وقد أظھر ﷲ ما كنتم تكتمون‪.‬‬
‫والسالم"‪. 105‬‬
‫وقد يكون التوبيخ والتحذير طريق اعتدال الوالي المرتكب للمخالفة‪ ،‬فقد كتب عمر بن عبدالعزيز‬
‫ألحد عماله‪ ":‬لقد كثر شاكوك وقل شاكروك‪ ،‬فإما عدلت وإما اعتزلت" ‪.106‬‬
‫وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى عامله على خراسان‪ ":‬إنه بلغني أنك استعملت عبدﷲ بن األھتم وإن‬
‫ﷲ لم يبارك لعبدﷲ بن األھتم في العمل‪ ،‬فاعزله‪ ،‬وإنه على ذلك لذو قرابة ألمير المؤمنين‪ .‬وبلغني‬
‫أنك استعملت عمارة‪ ،‬وال حاجة لي بعمارة‪ ،‬وال ضرب عماره‪ ،‬وال برجل قد صبغ يده في دماء‬
‫المسلمين‪ ،‬فاعزله"‪. 107‬‬

‫الوعي الوظيفي‪:‬‬
‫م ن ال ضروري أن تن شر التوعي ة الوظيفي ة ب ين الع املين‪ ،‬بب ث المب ادئ اإلداري ة حت ى ال يقع وا ف ي‬
‫األخطاء‪ .‬ومن أھم تلك المبادئ أن يحرص على ج ودة العم ل أكث ر م ن حرص ه عل ى س رعة إنھائ ه‪،‬‬
‫وق د ثب ت ع ن النب ي ص لى ﷲ علي ه وس لم أن ه ق ال‪ ":‬إن ﷲ تع الى يح ب م ن العام ل إذا عم ل أن‬
‫يح سن" ‪، 108‬وق د ذك ر اب ن ھ ذيل ف ي كتاب ه ) ع ين األدب وال سياسة( ع ن بع ض ال سلف أن ه ق ال‪ :‬ال‬
‫تطلب سرعة العمل واطلب تجويده فإن الناس ال يسألون في ك م ف رغ من ه وإنم ا ي سألون ع ن ج ودة‬
‫صنيعه ‪. 109‬‬

‫تعيين الكفء األمين ‪:‬‬


‫وأما في التعيين اإلداري فال بد أن يكون معيار التعيين ف ي المن صب اإلداري ھ و الكف اءة‪ ،‬ب أن يك ون‬
‫أمين ا ذا ص الح وتق وى‪ ،‬وص فة األمان ة أح دى ركن ي الوالي ة ول ذلك ج اء ف ي التنزي ل‪ ":‬إن خي ر م ن‬
‫اس تأجرت الق وي األم ين")الق صص ‪ (26:‬وف ي س ورة يوس ف)آي ة ‪ ":(55‬اجعلن ي عل ى خ زائن‬
‫األرض إني حفيظ عليم" وفي حديث حذيفة أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال ألھل نج ران‪ ":‬ألبع ثن‬
‫إل يكم رج ال أمين ا ح ق أم ين‪ ،‬ق ال‪ :‬فاست شرف ل ه الن اس فبع ث أب ا عبي دة ب ن الج راح رض ي ﷲ‬
‫عن ه" ‪ . 110‬ف إن وج د رج ل أم ين ف ي ض عف ورج ل إداري ق وي ول يس بأمان ة األول فق ال ش يخ‬
‫اإلسالم‪ ":‬إذا كانت الحاجة في الوالية إلى األمانة أشد قدم األمين مثل حفظ األم وال ونحوھ ا‪، 111 "..‬‬
‫واألمانة مرتبطة بالتقوى والصالح الذي ھو أھم شروط المنصب‪.‬‬

‫تقديم ذوي الخبرة‪:‬‬


‫وال ب د أن يك ون المع ين ف ي المن صب ذا خب رة وتجرب ة ‪ ،‬ق ال ق يس ب ن عاص م لبني ه ‪ ":‬إذا م ت‬
‫فسودوا أكبركم فإن الق وم إذا س ودوا أكب رھم أحي وا ذك ر أب يھم‪ ،‬وال ت سودوا أص غركم في سفه الن اس‬
‫كباركم وتھونون عليھم‪ . 112 "...‬وقال علي رضي ﷲ عن ه ‪ :‬رأي ال شيخ خي ر م ن م شھد الغ الم ‪. 113‬‬

‫‪ 105‬سيرة عمر بن عبدالعزيز البن الجوزي ‪.121/‬‬


‫‪ 106‬النموذج اإلداري المستخلص من إدارة عمر بن عبدالعزيز ‪ 413/‬عن مروج الذھب ‪ ،196/3‬ونسبت لغيره وھو أقرب ألن عمر لم يكن يستعمل السجع في‬
‫مكاتباته‪.‬‬
‫‪ 107‬سيرة عمر بن عبدالعزيز البن الجوزي ‪.105/‬‬
‫‪108‬حسنه األلباني في صحيح الجامع‪.1887/‬‬
‫‪ 109‬مجلة االتصاالت السعودية‪ ،34-‬قيم المديرين وأخالقياتھم للدكتور إبراھيم الغفيلي‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫متفق عليه واللفظ لمسلم‪ ،‬مختصر صحيح مسلم)‪.(1651‬‬
‫‪111‬السياسة الشرعية ‪.34‬‬
‫‪ 112‬رواه أحمد ‪ 61/5‬ونسبه ابن حجر في اإلصابة ‪ 253/3‬إلى النسائي في الكبرى‪.‬‬
‫‪113‬رواه البيھقي في الكبرى ‪ ، 113/10‬وأورده القلعي في تھذيب الرياسة ‪. 188/‬‬
‫‪23‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫وإن كان الصغير مؤھال فيقدم للقيادة فقد قال الشاعر في محمد بن القاسم فاتح بالد ال سند وھ و اب ن‬
‫سبع عشرة سنة‪:‬‬
‫ولداته إذ ذاك في أشغال‬ ‫قاد الجيوش لسبع عشرة حجة‬
‫‪114‬‬
‫وسورة األبطال‬
‫ھمم الملوك َ ْ‬ ‫قعدت بھم لذاتھم وسمت به‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫وسنه في أوان منشاھا‬ ‫ال تعجبوا من علو ھمته‬
‫‪115‬‬
‫أصغرھا في العلو أعالھا‬ ‫إن النجوم التي تضيء لنا‬
‫والمق صود ھن ا أن ي تم اختي ار م ن يح سن العم ل وھ ذا يكث ر ف ي ذوي األس نان‪ ،‬وق د يوج د ف ي‬
‫األحداث من ھو أفضل من كثير ممن ھو أعلى منه سنا فقد قال عل ي رض ي ﷲ عن ه‪ ":‬قيم ة ك ل‬
‫امرئ ما يحسنه" ‪. 116‬‬

‫االختبار ثم االختيار‪:‬‬
‫ومن الخطأ تعيين أحد في منصب قبل اختباره‪ ،‬قال علي رضي ﷲ عنه‪ ":‬الطمأنينة إل ى ك ل أح د‬
‫قبل االختبار عجز" ‪ . 117‬ويكون االختبار بطرق أربعة‪:‬‬
‫‪ .1‬بالمقابلة الشخصية أي باالختبار الشفھي‪.‬‬
‫‪ .2‬باالختبار التحريري‪.‬‬
‫‪ .3‬باالختبار العملي‪ ،‬كما إذا كانت الوظيفة مھنية‪.‬‬
‫‪ .4‬بالتجربة لمدة معينة‪ ،‬كأن يعمل ثالثة أشھر بمكاف أة مالي ة تح ت االختب ار وقب ل توقي ع‬
‫أي التزام تعاقدي‪.‬‬

‫تحديد األجرة )=المرتب(‪:‬‬


‫ومن أعظم ما يمنع الفساد اإلداري‪ ،‬إعطاء الموظف حقوقه المالية أوال بأول وتأكيدا لذلك المبدأ‬
‫يقول صلى ﷲ عليه وسلم‪ ":‬أعط األجير أجره قبل أن يجف عرقه" ‪.118‬‬
‫كما أن تناسب المرتب مع حساسية الوظيفة وأھميتھا أمر ال ينبغي إغفاله‪ ،‬ألن االستقرار العائلي‬
‫والمالي للموظف له أثره البالغ في أداء الموظف‪ .‬ولذا قال صلى ﷲ عليه وسلم‪ ":‬من كان لنا‬
‫عامال ‪ ،‬فلم يكن له زوجة‪ ،‬فليكتسب له زوجه‪ ،‬فإن لم يكن له خادم‪ ،‬فليكتسب له خادما‪ ،‬فإن لم يكن‬
‫له مسكن فليكتسب مسكنا‪ ،‬ومن اتخذ غير ذلك فھو غال أو سارق"‪ . 119‬وھذا ھو االتجاه الحديث‬
‫لكثير من الشركات الناجحة ‪ ،‬وذلك بتقديم المساعدات للموظفين على شكل قروض حسنة لتوفير‬
‫المسكن وغيره من متطلبات الحياة‪ .‬وقال أبو عبيدة لعمر رضي ﷲ عنھما لما راجعه في تولية‬
‫‪120‬‬
‫الصحابة في الواليات العامة‪ ":‬أما إذا فعلت فأغنھم بالعمالة ) أي باألجر الجزيل( عن الخيانة" ‪.‬‬
‫ومن حكمة عمر بن عبدالعزيز أنه كان يوسع على عماله في النفقة‪ ،‬يعطي الرجل منھم في الشھر‬
‫مائة دينار‪ ،‬ومائتي دينار‪ .‬وكان يتأول أنھم إذا كانوا في كفاية تفرغوا ألشغال المسلمين‪ ،‬فقيل له‪:‬‬

‫‪ 114‬أورده القلعي في تھذيب الرياسة ‪ 146 /‬دون نسبة ‪.‬‬


‫‪115‬تھذيب الرياسة ‪ 146 /‬دون نسبة‪.‬‬
‫‪ 116‬تفسير القرطبي ‪ 69/6‬عن أخالق العمل للدكتور فؤاد العمر‪.28/‬‬
‫‪ 117‬أخالق العمل ‪.31/‬‬
‫‪ 118‬صحيح الجامع ‪.1066‬‬
‫‪ 119‬صحيح الجامع ‪.6362‬‬
‫‪ 120‬أخالق العمل ‪.53/‬‬
‫‪24‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫لو أنفقت على عيالك ‪ ،‬كما تنفق على عمالك؟ فقال‪ :‬ال أمنعھم حقا لھم‪ ،‬وال أعطيھم حق‬
‫غيرھم"‪. 121‬‬

‫ال لالزدواج بل تفرغ تام للعمل‪:‬‬


‫ومن األسباب التي تساعد على الضبط اإلداري‪ ،‬التفرغ التام للعمل‪ ،‬وعدم االنشغال بأعمال أخرى‬
‫من تجارة أو غيره‪ ،‬ولعظم ھذا األمر فقد كتب عمر بن عبدالعزيز كتابا إلى عماله‪ ":‬نرى أن ال‬
‫يتجر إمام‪ ،‬وال يحل لعامل تجارة في سلطانه الذي ھو عليه‪ ،‬فإن األمير متى يتجر‪ ،‬يستأثر ويصيب‬
‫أمورا فيھا عنت‪ ،‬وإن حرص أن ال يفعل"‪. 122‬‬

‫المشورة‪:‬‬
‫أن يكث ر الم شورة ‪ ،‬وذل ك اس تجابة لقول ه تع الى‪ ":‬وش اورھم ف ي األم ر ف إذا عزم ت فتوك ل عل ى‬
‫ﷲ" ‪، 123‬وفي وصف أھل اإليمان يقول تعالى‪":‬وأمرھم شورى بينھم"‪.‬‬

‫وال يعني ھذا أن يستشير جميع من تحت ه ب ل يخت ار م نھم م ن ھ و أھ ل لالست شارة‪ ،‬وي دل عل ى ھ ذا‬
‫حديث ميمون بن مھران أن أبا بكر الصديق كان إذا ورد عليه أمر ولم يجده في الكتاب وال سنة دع ا‬
‫رؤوس المسلمين وعلماءھم واستشارھم وكان عم ر يفع ل ذل ك ‪ . 124‬وق ال اب ن عب اس‪ :‬ك ان الق راء‪-‬‬
‫يعني أھل العلم‪ -‬أصحاب مشورة عمر كھوال كانوا أو شبانا ‪. 125‬‬
‫وقد ذكر ابن عباس رضي ﷲ عنھما قصة قدوم عمر للشام وأنه لما أخبر بوقوع الطاعون بھا دعى‬
‫المھاجرين األولين فاستشارھم ‪ . 126 "..‬ولما بعث عمر رضي ﷲ عنه جيشا إلى العراق وأمر عليھم‬
‫أبا عبيدة الثقفي أمره أن يستشير أص حاب رس ول ﷲ ص لى ﷲ علي ه وس لم وأن يست شير س ليط ب ن‬
‫قيس فإنه رجل باشر الحروب" ‪. 127‬قال ابن المعتز ‪ :‬من أكثر المشورة لم يع دم عن د ال صواب مادح ا‬
‫وعند الخطأ عاذرا ‪ . 128‬وعليه أن ي ستخدم األس لوب األمث ل ف ي الم شورة ؛ فق د ذك ر الجھ شاري أن‬
‫سابور ذا األكتاف وھو من ملوك الفرس استشار وزيرين كانا له في أمر م ن أم وره فق ال أح دھما ‪:‬‬
‫ال ينبغي للملك أن يستشير منا أحدا إال خاليا فإنه أموت للسر وأحزم في ال رأي وأدع ى إل ى ال سالمة‬
‫وأعفى لبعضنا من غائلة بعض ‪ ،‬ألن الواحد رھن بما ُأفضي إليه وھو أحرى أال يظھره رھبة للمل ك‬
‫ورغب ة إلي ه ‪ ،‬وإذا ك ان عن د اثن ين مظھ ر ؛ دخل ت عل ى المل ك ال شبھة وات سعت عل ى ال رجلين‬
‫المعاريض ‪ ،‬فإن عاقبھما عاق ب اثن ين ب ذنب واح د وإن اتھمھم ا اتھ م بريئ ا بجناي ة مج رم وإن عف ا‬
‫عنھما عفا عن واحد ال ذنب له وعن اآلخر والحجة عليه ‪ . 129‬وعليه أن يقصد الكبار وذوي الخبرة‬
‫في االستشارة ‪ ،‬قال علي رضي ﷲ عنه ‪ ) :‬رأي الشيخ خير من مشھد الغالم ( ‪ . 130‬وقد يكون عند‬
‫صغار السن ما ال عند غيرھم لحدة عقولھم ‪ ،‬وقد كان ابن شھاب الزھري رحم ه ﷲ ي شجع ال صغار‬

‫‪ 121‬عمر بن عبدالعزيز للحافظ ابن كثير ‪.90/‬‬


‫‪ 122‬سيرة عمر عبدالعزيز البن عبدالحكم ‪.83/‬‬
‫‪ 123‬ال عمران‪.159/‬‬
‫‪124‬‬
‫رواه البيھقي بسند صحيح كما في فتح الباري ‪.342/13‬‬
‫‪125‬رواه البخاري)‪.(7286‬‬
‫‪126‬رواه البخاري)‪.(5729‬‬
‫‪127‬‬
‫البداية والنھاية ‪.26/7‬‬
‫‪128‬آداب ابن المعتز ‪ ، 99/‬تھذيب الرياسة ‪. 185/‬‬
‫‪129‬الوزراء والكتاب للجھشاري ‪.11/‬‬
‫‪ 130‬رواه البيھقي في السنن الكبرى ‪ ، 113/10‬تھذيب الرياسة ‪. 188/‬‬
‫‪25‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫ويقول ‪ ":‬ال تحتقروا أنفسكم لحداثة أس نانكم ف إن عم ر ب ن الخط اب ك ان إذا ن زل ب ه األم ر المع ضل‬
‫دعا الفتيان فاستشارھم يتبع حدة عقولھم " ‪. 131‬‬

‫عالج البيروقراطية بتوسيع نطاق الالمركزية‪:‬‬


‫وكما ھو معلوم فإن للبيروقراطية مساوئ أبرزھا إطالة المدة بين القرار اإلداري وتنفيذه‪ ،‬وقد‬
‫عالجه عمر بن عبدالعزيز بكتابة إلى عروة بن محمد – وكان عامال على اليمن‪ ":-‬أما بعد‪ ،‬فإني‬
‫أكتب إليك آمرك أن ترد على المسلمين مظالمھم‪ ،‬فتراجعني‪ ،‬وال تعرف بعد المسافة ما بيني وبينك‪،‬‬
‫وال تعرف أحداث الموت‪ ،‬حتى لو كتبت إليك أن اردد على مسلم مظلمة شاة‪ ،‬لكتبت ‪ :‬أرددھا عفراء‬
‫أو سوداء!‪ ،‬فانظر أن ترد على المسلمين مظالمھم‪ ،‬وال تراجعني" ‪ .132‬وقد كان عمر بن عبدالعزيز‬
‫حريصا على سرعة القرار اإلداري‪ ،‬فلذا كان يحرص والته على البت في المواضيع‪ ،‬وعندما كتب‬
‫له عدي بن أرطاة في أمر شرعي كتب له عمر‪":‬أما بعد‪ ،‬فإنك ال تزال تعني إلي رجال – أي تتعبه‪-‬‬
‫السنة‪ ،‬كأنك إنما تعظمني بذلك‪ ،‬وايم ﷲ لحسبك‬‫َ‬ ‫من المسلمين في الحر والبرد‪ ،‬تسألني عن‬
‫‪133‬‬
‫بالحسن‪ -‬أي البصري‪ ، -‬فإذا أتاك كتابي ھذا فسل الحسن لي ولك وللمسلمين‪. "...‬‬

‫ال تؤجل عمل اليوم إلى الغد‪:‬‬


‫ومن أسباب الضبط اإلداري التزام مبدأ‪ :‬ال تؤجل عمل اليوم إلى الغد‪ ،‬وقد رأى رجل عمر بن‬
‫عبدالعزيز وقد أصابه الجھد من كثرة العمل‪ ،‬فقال له‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬لو تروحت وركبت‪ .‬قال‪:‬‬
‫كيف لي بعمل ذلك اليوم؟ قلت‪ :‬يكون في اليوم الذي يليه؟ قال‪ :‬حسبي عمل يوم في يومه‪ ،‬فكيف‬
‫بعمل يومين في يوم‪.134"...‬‬

‫تجديد الدماء في المنصب اإلداري‪:‬‬


‫ومن األساليب الناجحة في تقوية الضبط اإلداري أسلوب تدوير القيادات اإلدارية‪ ،‬والذي استخدمه‬
‫الخلفاء المسلمون على مر العصور وأثبتت النتائج إيجابيته في عالج الفساد اإلداري‪ ،‬وكشف أية‬
‫خرق في النظام من قبل المدير السابق ‪. 135‬‬
‫وبن األفضل أن ال يطيل في المنصب القيادي حتى تتجدد الدماء ‪ ،‬وھو ما يطلق عليه اآلن بضرورة‬
‫تداول المنصب‪ ،‬وتحديدھا بفترة معينة‪ ،‬وقد قال أبو حنيفة رحمه ﷲ بضرورة توقيت والية القضاء‬
‫بسنة لسببين‪:‬‬
‫‪ ‬حتى ال ينشغل عن تحصيل العلم‬
‫‪136‬‬
‫‪ ‬وحتى ال يتعرض للفتنة والغرور ‪.‬‬

‫‪131‬رواه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله ‪. 85/1‬‬


‫‪ 132‬طبقات ابن سعد ‪.381/5‬‬
‫‪ 133‬حلية األولياء ‪ ،307/5‬عن النموذج اإلداري المستخلص من إدارة عمر بن عبدالعزيز ‪.324/‬‬
‫‪ 134‬سيرة عمر بن عبدالعزيز البن الجوزي ‪.225/‬‬
‫‪ 135‬أخالق العمل ‪.107/‬‬
‫‪ 136‬لسان الحكم البن الشحنة ‪. 4/‬‬
‫‪26‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫الخاتمة‬
‫ﺑﻌﺪ ھ ذا التط واف ال شيق ف ي تراثن ا اإلس المي الم شرف وتاريخن ا الحاف ل يمك ن أن ن ستخلص النت ئج‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن لدينا حضارة إدارية عظيمة تحتاج إلى من يستكشفھا ويحسن إبرازھا لتنبين أنن ا أم ة ل م‬
‫نكن منحصرين في العلوم النظري ة والتطبيقي ة م ن ط ب وغي ره‪ ،‬ب ل ول دينا تف وق عظ يم ف ي‬
‫علوم اإلدارة والقيادة‪.‬‬
‫‪ .2‬أن من أھم ما يميز النظرية اإلدارية اإلس المية تفعي ل مفھ وم الرق اة الذاتي ة وتقوي ة ال ضمير‬
‫في حس الموظف والعامل‪.‬‬
‫‪ .3‬أن مفھوم الرقابة اإلدارية نابع من المسؤولية الدينية للمدير أو القائد‪ ،‬وھذا م ا يجعل ه ي تقن‬
‫العلملية الرقابية‪.‬‬
‫‪ .4‬أدركنا كيف فعل اإلسالم الرقابة الشعبية وجعلھ ا م ن الواجب ات الكفائي ة‪ ،‬ت أثم األم ة جميعھ ا‬
‫إذا لم يقم أحد لھذه الرقابة‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫‪ .5‬الحظن ا كي ف ح رص والة الم سلمين وخلف اؤھم عل ى الم شاركة ال شعبية ف ي عملي ة الرقاب ة‬
‫لدرجة أن يضع أحدھم جائزة مالية لمن يشارك بفعالية في الرقابة‪.‬‬
‫‪ .6‬كما تم التركيز على أن الرقابة أداة من أھ م أدوات النج اح اإلداري‪ ،‬ولي ست ك ل ش يء‪ ،‬ول ذا‬
‫فالنجاح له عدة أركان ووسائل متداخل ة نبھن ا عل ى بع ض م ا يك افح الف ساد اإلداري ويحق ق‬
‫للمنظومة اإلدارية النجاح والتميز‪.‬‬

‫وفي خاتم ة ھ ذه الرس اله أس أل ﷲ تع الى أن يجعلن ا مم ن ي دخل ف ي ح ديث‪ ":‬إن ﷲ يح ب إذا عم ل‬
‫أحدكم علمال أن يتقنه"‪ ،‬فاللھم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عم ل يقربن ا إل ى حب ك‪ .‬والحم د‬
‫رب رب العالمين وصلى ﷲ وسلم على السراج المنير والب شير الن ذير محم د وعل ى آل ه وص حبه‬
‫أجمعين‪.‬‬

‫أھم المراجع‬
‫أخالق العمل وس لوك الع املين‪ -‬ت أليف‪ :‬د‪.‬ف ؤاد عب دﷲ العم ر‪ -‬ن شر المعھ د اإلس المي‬ ‫‪‬‬
‫للبحوث والتدريب بالبنك اإلسالمي للتنمية‪ -‬الطبعة األولى ‪1419‬ھـ‪.‬‬
‫النم وذج اإلداري الم ستخلص م ن إدارة عم ر ب ن عب دالعزي وتطبيقات ه ف ي اإلدارة‬ ‫‪‬‬
‫التربوية – تأليف محمد القحطاني‪ -‬نشرته جامعة أم القرى سنة ‪1418‬ھـ‪.‬‬
‫تاريخ الطبري –دار الكتب العلمية ببيروت – الطبعة األولى سنة ‪1407‬ھـ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ف ضيلة الع ادلين م ن ال والة وم ن أنع م النظ ر ف ي ح ال العم ال وال سعاة ألب ي نع يم‬ ‫‪‬‬
‫األصبھاني )ت‪430‬ھـ( – تحقيق مشھور حسن سلمان – دار الوطن –الطبع ة األول ى‬
‫سنة ‪1418‬ھـ‪.‬‬
‫اإلدارة اإلسالمية –دراسة مقارن ة ب ين ال نظم اإلس المية والوض عية الحديث ة‪ -‬لل دكتور‬ ‫‪‬‬
‫فوزي كمال أدھم – دار النفائس ببيروت‪ -‬الطبعة األولى سنة ‪1421‬ھـ‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫اإلدارة اإلس المية – الم نھج والممارس ة – لل دكتور ح زام المطي ري –الطبع ة األول ى‬ ‫‪‬‬
‫سنة ‪1417‬ھـ‪.‬‬
‫اآلداب ال شرعية والم نح المرعي ة الب ن مفل ح الحنبل ي – تحقي ق ش عيب األرن اؤوط‬ ‫‪‬‬
‫وعمر القيام‪.‬‬
‫األدب المفرد للبخاري مع تعليقات الشيخ األلباني‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫آراء شيخ اإلسالم في الحكم واإلدارة للدكتور سعد الفريان‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫البداية والنھاية البن كثير –تحقيق الدكتور عبدﷲ التركي – دار ھجر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تھذيب الرياسة للقلعي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الدرر السنية من فتاوى أئمة الدعوة النجدية جمعھا عبدالرحمن ابن قاسم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السلسلة الصحيحة لمحمد ناصر الدين األلباني – دار المعارف بالرياض‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السياسة الشرعية في إصالح الراعي والرعية لشيخ اإلسالم ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫صحيح الجامع لمحمد ناصر الدين األلباني –المكتب اإلسالمي ببيروت‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الق انون اإلداري ال سعودي لل دكتور ال سيد خلي ل ھيك ل –ن شرته جامع ة المل ك س عود‬ ‫‪‬‬
‫بارياض – الطبعة الثالثة ‪1425‬ھـ‪.‬‬
‫كتاب الكسب – محم د ب ن الح سن ال شيباني‪ -‬تحقي ق عب دالفتاح أبوغ دة‪ -‬ن شر‪ :‬مكت ب‬ ‫‪‬‬
‫المطبوعات اإلسالمية‪-‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫الكشاف االقتصادي لألحاديث النبوية‪ -‬لمحيي الدين عطي ة‪-‬الطبع ة األول ى ‪1408‬ھ ـ ‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫دار البحوث العلمية –الكويت‪.‬‬
‫مفتاح السعادة لطاش كبري زادة‬ ‫‪‬‬
‫الوزراء والكتاب للجھشاري‬ ‫‪‬‬
‫رسالة الحسبة لشيخ اإلسالم ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مشكاة المصابيح للتبريزي‪ -‬تحقيق محمد ناصر الدين األلباني –المكتب اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الترغيب والترھيب للمنذري‪ -‬تحقيق محيي الدين مستو ورفاقه‪ -‬دار ابن كثير‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫سير أعالم النبالء للذھبي )ت ‪748‬ھـ( –تحقيق شعيب األرناؤوط ورفقائ ه – دار الرس الة –‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة التاسعة ‪1413-‬ھـ‪.‬‬
‫التراتيب اإلدارية للكتاني‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪29‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫فھرس الموضوعات‬
‫‪2‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪3‬‬ ‫المبحث التمھيدي في مفھوم الرقابة‬
‫‪4‬‬ ‫الفصل األول ‪ :‬الرقابة الذاتية‬
‫‪4‬‬ ‫مسؤولية العامل وصاحب المنصب‬
‫‪5‬‬ ‫الوالي أجير‬
‫‪5‬‬ ‫اإلخالص للعمل وبذل الجھد فيه‬
‫‪6‬‬ ‫الرفق بالموظفين والمراجعين‬
‫‪6‬‬ ‫تقوية األمانة المالية‬
‫‪7‬‬ ‫محاربة التعيين للقرابة‪ ،‬والواسطة‬
‫‪7‬‬ ‫مكافحة الرشوة‬
‫‪7‬‬ ‫التعامل مع الرئيس في العمل‬
‫‪8‬‬ ‫أداء العمل في مساعدة المراجعين قربة جليلة‬
‫‪8‬‬ ‫مبدأ "استفت قلبك"‬
‫‪9‬‬ ‫محبة الخير للغير‬
‫‪9‬‬ ‫اتجاه الدول الحديثة لتقوية الرقابة الذاتية‬
‫‪10‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الرقابة اإلدارية‬
‫‪10‬‬ ‫ال قيادة ناجحة بال رقابة فاعلة‬
‫‪30‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
‫‪Arab British Academy for Higher Education.‬‬

‫‪11‬‬ ‫الرقابة في العھد النبوي والعھد الراشدي‬


‫‪13‬‬ ‫الصفات الالزمة في من يقوم بالعملية الرقابية‬
‫‪15‬‬ ‫الرقابة اإلدارية في القانون اإلداري الحديث‬
‫‪16‬‬ ‫الفصل الثالث ‪ :‬رقابة الجمھور‬
‫توسيع مفھوم األمر بالمعروف والنھي عن‬
‫‪16‬‬
‫المنكر‬
‫‪17‬‬ ‫تحتم نصرة المظلوم‬
‫‪17‬‬ ‫الرقابة على الحاكم أو المسؤول الكبير‬
‫‪18‬‬ ‫تعيين المساعدين الذين يعينون على الرقاب‬
‫‪18‬‬ ‫تقريب كبار الناس لكونھم أشجع على النقد‬
‫‪19‬‬ ‫سياسة الباب المفتوح‬
‫‪19‬‬ ‫تشجيع الناس على الرقابة على أداء الحكومة‬
‫‪20‬‬ ‫فن االستماع للجمھور‬
‫‪20‬‬ ‫مكافأة لمن يقدم اقتراحا أو يرفع مظلمة‬
‫‪20‬‬ ‫طرد المتملقين المداحين‬
‫‪21‬‬ ‫مع عمر بن عبدالعزيز في تحقيق إداري‬
‫أبو يوسف يوصي المنصور باالھتمام بالرقابة‬
‫‪22‬‬
‫الشعبية‬
‫‪22‬‬ ‫الرقابة على الحكومات في علم اإلدارة الحديث‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬تفعيل الرقابة وإنجاحھا في‬
‫‪24‬‬
‫القضاء على الفساد اإلداري‬
‫‪24‬‬ ‫القدوة من كبار الموظفين لمن تحت سلطتھم‬
‫‪24‬‬ ‫سرعة القرار المترتب على الرقابة‬
‫‪25‬‬ ‫الوعي الوظيفي‬
‫‪25‬‬ ‫تعيين الكفء األمين‬
‫‪26‬‬ ‫تقديم ذوي الخبرة‬
‫‪26‬‬ ‫االختبار ثم االختيار‬
‫‪26‬‬ ‫تحديد األجرة )=المرتب(‬
‫‪27‬‬ ‫ال لالزدواج بل تفرغ تام للعمل‬
‫‪27‬‬ ‫المشورة‬
‫‪28‬‬ ‫عالج البيروقراطية بتوسيع نطاق الالمركزية‬
‫‪29‬‬ ‫ال تؤجل عمل اليوم إلى الغد‬
‫‪29‬‬ ‫تجديد الدماء في المنصب اإلداري‬
‫‪30‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪31‬‬ ‫أھم المراجع‬
‫‪33‬‬ ‫الفھرس‬

‫اﻷﻛﺎدﳝﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻌﺎﱄﲨﻴﻊ اﳊﻘﻮق ﳏﻔﻮﻇﺔ ©‬

‫‪31‬‬

‫‪www.abahe.co.uk‬‬
Arab British Academy for Higher Education.

32

www.abahe.co.uk

You might also like