‫خصائص القياس النفسي وأسسه في اإلرشاد والصحة النفسية‬

‫األستاذ الدكتور عياد إسماعيل صالح‬

‫جامعة البصرة‪/‬كلية التربية للعلوم اإلنسانية‬
‫قسم اإلرشاد النفسي والتوجيه التربوي‬

‫لما كان واحدا من تعاريف القياس‪،‬أو توضيحه كمفهوم بأنه عملية مقارنة الخاصية المراد قياسها (كالذكاء)‬
‫بوحدة معينة ثابتة (كالعمر العقلي)‪ ،‬بحيث نصل في النهاية إلى تحديد عدد الوحدات التي تتضمنها هذه‬
‫الخاصية (العمر العقلي للطفل هو ‪ 3‬سنوات)‪ ،‬من التعريف السابق يمكن تحديد خصائص القياس النفسي بأنها‪:‬‬

‫‪ - 1‬يكون القياس للخصائص أو السمات مثل قياس األطوال واألوزان والذكاء والميول واالتجاهات‪ .‬وتعرف‬
‫الخاصية بأنها ميزة يفترض وجودها وشيوعها لدى كل فرد من فئة األفراد بدرجات متفاوتة‪.‬‬

‫‪ -2‬إذا كان القياس قياسًا للخصائص فإن هذه الخصائص ال تدرك مباشر فالذكاء سمة ال تدرك‪،‬مباشرة بل‬
‫يستدل عليها بآثارها ومظاهرها المتعددة كما يبدو في حل التلميذ لبعض المشكالت‪،‬أو في قدرته أو سرعته في‬
‫إدراك العالقات بين األشياء‪.‬ولهذا تختلف االختبارات التي تقيس نفس السمة بناء على المظهر أو المظاهر التي‬
‫يتضمنها كل اختبار‪0‬‬

‫‪ -3‬من خصائص القياس النفسي أنه ال يوج‪J‬د في‪J‬ه ص‪JJ‬فر مطل‪J‬ق ب‪J‬ل ص‪JJ‬فر نس‪J‬بي‪.‬فمن الممكن الق‪J‬ول بأن‪J‬ه ال توج‪J‬د‬
‫ذرة ماء في عشرة أكواب أي أن ك‪J‬ل ك‪J‬وب ب‪J‬ه ص‪J‬فر من الم‪J‬اء‪ ،‬وبالت‪J‬الي فالص‪J‬فر ليس ل‪J‬ه نفس الكمي‪J‬ة في جمي‪J‬ع‬
‫األك‪JJ‬واب‪ .‬ولكن ليس من الممكن الق‪JJ‬ول ب‪JJ‬أن شخص ‪ًJ‬ا م‪JJ‬ا لدي‪JJ‬ه ص‪JJ‬فر من ال‪JJ‬ذكاء مع‪JJ‬ادل للص‪JJ‬فر ال‪JJ‬ذي ل‪JJ‬دى ش‪JJ‬خص‬
‫آخر أو معادل للصفر الذي هو نفسه من عدم وجود الماء في األكواب‪.‬كذلك عند قياس الذكاء تستخدم اختبارات‬
‫متعددة لكل منها حد أدنى من اإلجابة تختلف عن الحدود الدنيا في االختبارات األخ‪JJ‬رى‪،‬إال ان‪JJ‬ه ال تع‪JJ‬ني ص‪JJ‬فرا‪,‬‬
‫وعلى ه‪JJ‬ذا فالص‪JJ‬فر في القي‪JJ‬اس النفس‪JJ‬ي نس‪JJ‬بي أي ليس ل‪JJ‬ه نفس المع‪JJ‬نى أو القيم‪JJ‬ة في االختب‪JJ‬ارات ال‪JJ‬تي تقيس نفس‬
‫السمة أو الخاصية في اختبار آخر أو سمة أخرى‪.‬‬

‫‪ -4‬القي‪JJ‬اس النفس‪JJ‬ي ع‪JJ‬زل للخص‪JJ‬ائص والس‪JJ‬مات ‪ .‬فالس‪JJ‬مات ال توج‪JJ‬د بمع‪JJ‬زل عن بعض‪JJ‬ها في الطبيع‪JJ‬ة ب‪JJ‬ل توج‪JJ‬د‬
‫متشابكة متداخلة ‪ .‬فالذكاء يتداخل مع النضج االجتماعي والتحصيل الدراسي والنضج اللغ‪JJ‬وي والنض‪JJ‬ج الجس‪JJ‬مي‬

‫‪1‬‬
‫وغير ذلك‪ .‬وبالتالي فلقياس الذكاء ال بد من عزله عن غيره من السمات بحيث تكون التقديرات التي نصل أليها‬
‫دقيقة في تعبيرها الكمي عن الذكاء دون غيره من السمات ‪.‬‬

‫‪ -5‬يع‪JJ‬اني القي‪JJ‬اس النفس‪JJ‬ي من ع‪JJ‬دم وج‪JJ‬ود وح‪JJ‬دة معين‪JJ‬ة ثابت‪JJ‬ة متف‪JJ‬ق عليه‪JJ‬ا تس‪JJ‬تخدم في قي‪JJ‬اس الس‪JJ‬مات المختلف‪JJ‬ة ‪.‬‬
‫فجميع األطوال تقاس بالسنتيمترات وجميع األوزان بالغرامات ولكن جميع اختبارات الذكاء ال توجد بينه‪JJ‬ا وح‪JJ‬دة‬
‫قياس معينة ثابتة ‪ .‬فقد تكون الوحدة هي الشهر العقلي أو عدد النقاط التي يحصل عليه‪JJ‬ا المفح‪JJ‬وص وفق‪J‬ا لقواع‪J‬د‬
‫معينة‪ .‬وعدم االتفاق على وحدة معينة للقياس يزيد من نسبة القياس النفسي من ناحية ‪ ,‬كما انه من ناحية أخرى‬
‫ال يساعد على مقارنة أداء فرد واحد على اختبارين مختلفين مقارن‪JJ‬ة دقيق‪J‬ة مباش‪JJ‬رة كمقارن‪JJ‬ة ط‪JJ‬ول ش‪JJ‬خص مقاس‪JJ‬ا‬
‫بمترين أحدهما معدني واألخر خشبي‪.‬‬

‫‪ -6‬ال يكون للدرجة التي يحصل عليها الفرد على االختبار النفسي معنى في ذاتها‪ ،‬بل البد من مقارنتها بمعي‪J‬ار‬
‫يكس‪JJ‬بها مع‪JJ‬نى تفهم في إط‪JJ‬اره‪ .‬والمعي‪JJ‬ار أس‪JJ‬اس كمي للحكم مس‪JJ‬تمد من الخاص‪JJ‬ية ذاته‪JJ‬ا وليس من خارجه‪JJ‬ا ‪ .‬فم‪JJ‬ا‬
‫معنى أقول بأن نسبة ذكاء طفل كانت‪ ،100‬إن الدرجة في ذاته‪JJ‬ا ليس له‪JJ‬ا مع‪JJ‬نى ‪ ,‬ولكن لكي يك‪JJ‬ون له‪JJ‬ا مع‪JJ‬نى ال‬
‫ب‪JJ‬د من مقارنته‪JJ‬ا بأس‪JJ‬اس معين للحكم مس‪JJ‬تمد من طبيع‪JJ‬ة وتوزي‪JJ‬ع ال‪JJ‬ذكاء بحيث ي‪JJ‬بين ه‪JJ‬ل للدرج‪JJ‬ة معناه‪JJ‬ا إن الطف‪JJ‬ل‬
‫متوسط أو مرتفع أم منخفض الذكاء (مستوى الذكاء المتوسط يتراوح مابين ‪.)110-90‬‬

‫أسس القياس النفسي في اإلرشاد النفسي والصحة النفسية‬

‫الف‪JJ‬روق الفردي‪JJ‬ة ب‪JJ‬المعنى الس‪JJ‬ابق توض‪JJ‬يحه أي االختالف‪JJ‬ات أو التباين‪JJ‬ات بين األف‪JJ‬راد في درج‪JJ‬ة الص‪JJ‬فة أو‬ ‫‪-1‬‬
‫الخاصية المقايسة‪ .‬وهذه الفروق تكون في التنظيم المزاجي و المعرفي للشخصية‪.‬‬
‫إن وجود درج‪J‬ات متفاوت‪J‬ة من الخاص‪JJ‬ية أو الس‪J‬مة ل‪J‬دى األف‪JJ‬راد يوض‪JJ‬ح إنه‪J‬ا توج‪J‬د بمق‪J‬ادير متفاوت‪J‬ة "وأن‬ ‫‪-2‬‬
‫م‪JJ‬ا يوج‪JJ‬د بمق‪JJ‬دار يمكن أن يق‪JJ‬اس " بن‪JJ‬اء على ه‪JJ‬ذه العب‪JJ‬ارة ال‪JJ‬تي وض‪JJ‬عها (ثورن‪JJ‬دايك) يمكن أيض ‪ًJ‬ا قي‪JJ‬اس‬
‫التغيرات التي تطرأ على سمات الفرد خالل مراحل النمو‪.‬‬
‫تس‪JJ‬تخدم االختب‪JJ‬ارات النفس‪JJ‬ية لقي‪JJ‬اس الس‪JJ‬مات المختلف‪JJ‬ة ‪ .‬والختب‪JJ‬ار النفس‪JJ‬ي مقي‪JJ‬اس موض‪JJ‬وعي مقنن لعين‪JJ‬ة‬ ‫‪-3‬‬
‫من السلوك ‪ .‬وه‪J‬ذه العين‪J‬ة يف‪J‬ترض أنه‪J‬ا تمث‪J‬ل المظه‪J‬ر الم‪J‬راد قياس‪J‬ه للس‪J‬مة أو الخاص‪J‬ية‪ .‬فاختب‪J‬ار ال‪J‬ذكاء‬
‫ال ‪JJ‬ذي يق ‪JJ‬وم على اس ‪JJ‬تخدام األرق‪JJJ‬ام يس ‪JJ‬تخدم عين ‪JJ‬ة من المث ‪JJ‬يرات (األس ‪JJ‬ئلة) العددي ‪JJ‬ة يس ‪JJ‬تجيب له ‪JJ‬ا الف ‪JJ‬رد‬
‫اس‪JJ‬تجابات ت‪JJ‬ؤدي إلى قي‪JJ‬اس المظه‪JJ‬ر الع‪JJ‬ددي لل‪JJ‬ذكاء‪ .‬ويف‪JJ‬ترض أن المظه‪JJ‬ر المق‪JJ‬اس ب‪JJ‬ذلك االختب‪JJ‬ار يمث‪JJ‬ل‬

‫‪2‬‬
‫المظه‪JJ‬ر الع‪JJ‬ددي لل‪JJ‬ذكاء فق‪JJ‬ط وال يمث‪JJ‬ل ال‪JJ‬ذكاء كك‪JJ‬ل‪ .‬وم‪JJ‬ع ه‪JJ‬ذا توج‪JJ‬د اختب‪JJ‬ارات تقيس لل‪JJ‬ذكاء كعام‪JJ‬ل ع‪JJ‬ام‬
‫وفي هذه اإلحالة فإنها تمثل الذكاء كعامل عام؟‬
‫الفروق الفردية هي األساس األول للقياس‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫العينة السلوكية التي يتضمنها االختبار النفسي تمثل المظاهر المختلفة للسمة المراد قياسها‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫ويـ ـ ــعتمـد القي‪JJ‬اس النفس‪JJ‬ي على تق‪JJ‬ديم بعض المث‪JJ‬يرات (أو األس‪JJ‬ئلة أو المـ ـ ـ ـــواقف أو وح‪JJ‬دات االختب‪JJ‬ار ) ال‪JJ‬تي ي‪JJ‬رد‬
‫عليه‪JJ‬ا الرف‪JJ‬د باس‪JJ‬تجابات معين‪JJ‬ة‪ .‬من ه‪JJ‬ذه االس‪JJ‬تجابات أو االداءات الظ‪JJ‬اهرة العملي‪JJ‬ة الواقعي‪JJ‬ة يمكن االس‪JJ‬تدالل على‬
‫س‪JJ‬مات الف‪JJ‬رد وخصائص‪JJ‬ه‪ .‬كاس‪JJ‬تجابة لمث‪JJ‬يرات موض‪JJ‬وعة بطريق‪JJ‬ة بطريق‪JJ‬ة معين‪JJ‬ة وتق‪JJ‬دم بطريق‪JJ‬ة خاص‪JJ‬ة ‪ .‬وه‪JJ‬ذه‬
‫معناه أن القياس النفسي ال يقيس الخبرات الوجدانية الداخلية إال إذا كان لها مظهر خارجي يقبل القياس‪.‬‬

‫بن ‪JJ‬اًء على م ‪JJ‬ا س ‪JJ‬بق الق ‪JJ‬ول ب ‪JJ‬ان القي ‪JJ‬اس النفس ‪JJ‬ي في اإلرش ‪JJ‬اد النفس ‪JJ‬ي والص ‪JJ‬حة النفس ‪JJ‬ية ينص ‪JJ‬ب على الس ‪JJ‬مات‬
‫المزاجية كاالنفعالية العامة والخضوع واالجتماعية وغيرها‪ .‬وتشترك السمات في عدة خصائص‪:‬‬

‫الس ‪JJ‬مة تك ‪JJ‬وين فرض ‪JJ‬ي‪ ,‬أي أنه ‪JJ‬ا مفه ‪JJ‬وم نف ‪JJ‬ترض وج ‪JJ‬وده لتفس ‪JJ‬ير مجموع ‪JJ‬ة من المظ ‪JJ‬اهر الس ‪JJ‬لوكية ‪ ,‬وال‬ ‫‪-1‬‬
‫تدرك مباش‪J‬رة ب‪J‬ل بآثاره‪J‬ا ونتائجه‪J‬ا ‪ .‬فالخج‪J‬ل س‪J‬مة من س‪J‬مات الشخص‪J‬ية ال توج‪J‬د في مك‪J‬ان معين داخ‪J‬ل‬
‫الف ‪JJ‬رد ب ‪JJ‬ل نف ‪JJ‬ترض وج ‪JJ‬وده لتفس ‪JJ‬ر س ‪JJ‬مات الشخص ‪JJ‬ية ال توج ‪JJ‬د في مك ‪JJ‬ان معين داخ ‪JJ‬ل الف ‪JJ‬رد ب ‪JJ‬ل نف ‪JJ‬ترض‬
‫وج ‪JJ‬وده لتفس ‪JJ‬ر ب ‪JJ‬ه احم ‪JJ‬رار الوج ‪JJ‬ه عن ‪JJ‬د الح ‪JJ‬ديث م ‪JJ‬ع الغرب ‪JJ‬اء وتجنب تن ‪JJ‬اول الطع ‪JJ‬ام في األم ‪JJ‬اكن العام ‪JJ‬ة‬
‫وتلعثم التلميذ عند اإلجابة الشفهية وغير ذلك‪.‬‬
‫للسمات أسباب متعددة‪ ,‬ال ترجع السمات إلى الوراثة فقط أو إلى البيئة فقط‪،‬أو إلى التفاعل بينهما‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫توج ‪JJ‬د للس ‪JJ‬مات في ص ‪JJ‬ورة أبع ‪JJ‬اد ‪ ,‬والبع ‪JJ‬د ه ‪JJ‬و خ ‪JJ‬ط مس ‪JJ‬تقيم ذو قط ‪JJ‬بين متق ‪JJ‬ابلين مث ‪JJ‬ل بع ‪JJ‬د االنط ‪JJ‬واء –‬ ‫‪-3‬‬
‫االنبس‪JJ‬اط‪ ,‬وع‪JJ‬د االت‪JJ‬زان الوج‪JJ‬داني – العص‪JJ‬ابية‪ ,‬وبع‪JJ‬د ال‪JJ‬ذكاء‪ -‬التخل‪JJ‬ف العقلي‪ .‬ولم‪JJ‬ا ك‪JJ‬ان ل‪JJ‬دى ك‪JJ‬ل ف‪JJ‬رد‬
‫درج‪JJ‬ة معين‪JJ‬ة من ك‪JJ‬ل س‪JJ‬مة فإن‪JJ‬ه يق‪JJ‬ع عن‪JJ‬د نقط‪JJ‬ة معين‪JJ‬ة على ه‪JJ‬ذا البع‪JJ‬د ‪ .‬ولم‪JJ‬ا ك‪JJ‬انت درج‪JJ‬ات األف‪JJ‬راد في‬
‫الس ‪JJ‬مة الواح ‪JJ‬دة متفاوت ‪JJ‬ة (مرتفع ‪JJ‬ة و متوس ‪JJ‬طة ومنخفض ‪JJ‬ة) ف ‪JJ‬إن األف ‪JJ‬راد يتوزع ‪JJ‬ون اعت ‪JJ‬دا لي ‪JJ‬ا (على ش ‪JJ‬كل‬
‫المنحني أالعتدالي) على كل بعد من األبعاد‪.‬‬

‫‪3‬‬