مُقَدَّمَة

You might also like

You are on page 1of 8

‫مَُقَّد َم ة‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والّص الة والّس الم على أشرف املرسلني حمم ٍد وعلى آله وصحبه أمجعني‪,‬‬
‫وعلى من تبعهم بإحسان إىل يوم الدين‪ ,‬أما بعد‪:‬‬
‫فمعل وم أن ه الب ّد من أن تك وَن لك ّل جمتم ع ‪ -‬ح ىت يك وَن من السائرين يف ركب احلض ارة‪ ,‬أو من‬
‫ِش‬
‫اجلالسني على عر ها‪ ،‬أو ح ىت يك وَن على األق ل اجتماُع ه اجتماع ا ُمنتج ا كم ا ُي راد من ه ‪ -‬مقّو م اٌت‬
‫وأسٌس يقوم عليها وقواعُد يعتمدها يف هنوضه‪ ,‬والتعاون والتكاتف أحُد أهّم تلك القواعِد واألسس‪.‬‬
‫ولعل من آكد الوسائل والشروط املسامهِة يف حصول هذا األساِس هو التواص ُل بني أفراد اجملتمع‪ ,‬بل‬
‫إّن ه ذه الوس يلَة هي يف ح ّد ذاهتا أس اٌس ‪ ,‬ي دخل بطري ق أو ب أخرى يف تك وين األس س األخ رى‪ ,‬فكّلم ا‬
‫ك انت اجملموع ُة البش ريُة متواص لًة كلم ا ك ان متاس كها قوي ا‪ ،‬وترابُطه ا متين ا‪ ,‬فق وّيت ش وكُتها وعلت‬
‫مكانُتها‪ ,‬وكّلما كانت مفكك ًة ومَش رَذمًة كلما كان متاس ُك ها ضعيفا‪ ،‬وترابُطها هشا‪ ،‬ف َو َه نت شوكُتها‬
‫واحنطت مكانُته ا‪ .‬وهلذا أن زل الب احثون والعلم اُء واملفك رون على اختالف أجناِس هم وتن وع م ذاهبهم‬
‫ومش ارهِب م ه ذه الوس يلَة منزل َة الغاي ِة‪ ,‬ونظ روا إليه ا نظ رة ه دٍف ُيقَص ُد ‪ ,‬فب ذلوا يف س بيل حتقيقه ا الغ ايل‬
‫والنفيس‪ ,‬وحتمل وا يف ذل ك الّش دائَد واَحلَم اِقيَس ‪ ,‬ف اخرُت ع وُأب دع‪ ،‬وُأنتج وُأوِج د م ا ُأوج د من الوس ائل‬

‫‪1‬‬
‫املسامهِة يف إجناحها على م ّر العصور والدهور‪ ،‬إال أن الفضل الكب َري يف وجودها ما يزال وس َيَز ال يرجع‬
‫إىل اللغ ة ال يت هلا األمهي ة والسبُق املطل ُق يف ذل ك‪ ,‬فهي الوس يلة االّتصالَّيُة األوىل واألخ رية‪ ،‬ألهنا األداُة‬
‫الَف ّعاَلة اليت يسَتعان هبا يف تقنيات االتصال األخرى الّش ديدِة الّتنوِع ‪ ،‬فبها يتفاعل املرء مع غريه‪ ،‬بل وحىت‬
‫م ع نفسه‪ ،‬فهي أداة العق ل ال ذي هب ا يفك ر‪ ,‬وهي الكت اب ال ذي من ه يق رأ فك ر اجملتم ع ال ذي يعيش في ه‪,‬‬
‫وفيه ا ي رى رس م طب ائعهم وح اَل خصائصهم‪ ،‬ب ل هي لسان احلاِل املبُني ال ذي ُيْف ِّص ح عن وج وده‬
‫ووج وِد هم‪ ,‬وهي العني الكاش فُة ملا غ رب وملا حض ر وملا ُينتظ ر‪ ,‬وهي الواص لُة بني املاض ي البعي د واحلاض ِر‬
‫الش هيد واملستقبِل الولي د‪ ,‬وخالص ة الق ول هي ال رحُم ال يت بفض لها اجتم ع الن اس وتواص لوا‪ ,‬وق د أدرك‬
‫القدماء هذه احلقيقة فعرب عنها أحُد هم بقوله‪ :‬ال سبيَل إىل بقاء أحٍد من الناس ووجوِد ه دون كالٍم ‪.‬‬
‫ونظرًا هلذه األمهية البارزة واملزّية العظمى اليت تتمتع هبا اللغة‪ ،‬توجه الفكر البشرُّي ‪-‬عن طوع منه يشبه‬
‫الك ره وعن ك ره من ه يش به الط وع‪-‬إىل العم ل على فهم حقيقِته ا وتفسِري كْنهه ا‪ ،‬والعم ل على دراس تها‬
‫ٍة‬ ‫ٍت‬
‫ألج ل أن ُيَف ِّع َل دوَر ه ا يف عملي ة اإلبالغ والتبلي غ‪ ،‬وق د َّمَت ذل ك بط رق ش ىت وكيفي ا متنوع وم راتَب‬
‫متدرجٍة‪ ،‬فمازالت الدراسُة َتَطَّو ر وترتاك إىل أْن وصلت إىل مرحل ٍة ُث فيها عن الوظائف اإلبالغي ِة‬
‫ُيْبَح‬ ‫ُم‬ ‫َت‬
‫ال يت ُتؤديه ا في العملي ة اإلبالغي ة كم ا َحَص َل ذل ك من ع دد من اللغ ويني منهم‪ :‬ابن ج ين وابن س نان‬
‫اخلف اجي من الع رب‪ ,‬وُب وْه َلر وَج اُك ْبُس ون وُر وُب ول وَه اِلي َد اي ‪ ...‬وغ ريهم من الب َاحِثني الع رب أو‬
‫الغرب‪.‬‬
‫إّن بيان الوظيفِة اإلبالغية للغة بصفة جمملة عامة‪-‬وإْن كانت هي يف نفسها خطوًة طّيبًة وجهدًا جبارًا‬
‫بارعًا‪ -‬قد ال خيدم اجلانب اإلبالغي خدمًة كبرية بقدر ما خيدُمه بياُن وظيفِة حِّدها األدىن املفيد الذي تبدأ‬
‫من ه عملي ة اإلبالغ والتبلي غ‪ ،‬خاص ة وأّن املرَء ال يتكّلم اللغ َة دفع ًة واح دًة‪ ,‬ب ل يستعمل ذل ك احلَّد األدىن‬
‫الذي اصطلح على تسميِته بـ‪:‬الجملة‪ ،‬كما أنه أصبح من املسلم به يف الدراسات اللغوية احلديثة أن دراسة‬
‫اللغة ال تكون نافعًة ومفيدًة إال إذا انطلقت منها‪ .‬فاجلملة هي اخللية احلي ُة والعض ُّو الفاع ُل يف جسم اللغة‪،‬‬
‫وهلذا كان الّتحديد الّد قيق للوظائف اإلبالغية جلسم اللغة يتجسد ويتم من خالل حتديد وظيف ِة ك ّل عض ٍّو‬
‫وأعضاؤها يف العملية اإلبالغية إمنا هي اجلمل ال غري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فيها‪،‬‬
‫وي رى معظُم الدارس ني احملدثني أّن النح اَة ق د غمط وا اجلمل َة؛ فلم يعطوه ا حَّقه ا من الدراس ة‪ ،‬ومل‬
‫يتناولوه ا إال مبقتض ى م ا هلا من عالق ة ب املفرد؛ أي إهنم اكتف وا يف استعراض هم لوظ ائف اجلمل ة الطريق َة‬
‫املتوخ اَة يف بي ان وظ ائف املف ردات‪ ،‬وهلذا نظ روا إليه ا من حيث إمكاني ُة قياِم ه ا بالوظيف ة ال يت يق وم هبا‬
‫ِف‬ ‫ِد‬ ‫ِد‬
‫املف رُد‪ ،‬وذل ك بتحدي هم للجم ل ال يت هلا حمل من اإلع راب وحتدي هم لوظائ ه ا النحوي ة‪ ,‬وهي وظ ائُف‬
‫خاص ٌة‪ ,‬يتسىَّن يف ضوئها وبواسطتها واعتمادا عليها االنتقال إىل حتديد الوظيفة العامة املقصودِة فعال من‬
‫عملية اإلبالغ؛ وهي الوظيف ُة اإلبالغية‪ ،‬أما النوع الثاين من اجلمل والناشئ من اعتبار النوع األول وهو‬

‫‪2‬‬
‫اجلمل اليت ال حمل هلا من اإلعراب فبقي ُغْف ال دون دراسة‪ ,‬بل زاد أن أبعد من جمال الدراسة النحوية كما‬
‫ه و واض ح من تسميته‪ ،‬وه ذه الرؤي ة يف احلقيق ة تث ري العدي َد من اإلش كاالت ال يت ن ذكر منه ا‪ :‬إىل أّي‬
‫مدى ميكن أن ُيَس َّلم للمحدثني برؤيتهم هذه ؟‪ .‬وملاذا أْقصى النحاُة هذا النوَع من اجلمل من دراستهم‬
‫وكي ف مت ذل ك ؟‪ .‬وإذا ك انت اجلم ل ال يت هلا حمل من اإلع راب حَّلت يف مك ان املف رد‪ ،‬فم ا ه و املك ان‬
‫الذي حّلته اجلمل اليت ال حمل هلا ؟‪ .‬بل وهل يسَّلم للنجاة هبذا الطرح؟‪ .‬وما هو الشيء الذي دَف َع حسب‬
‫نظرهم إىل عجز اجلملة غِري احمللية عن أداء دوِر املفرد ؟‪ .‬وما هي املميزات اليت ختتص هبا اجلم غ احملليِة‬
‫ُل ُري‬
‫عن غِري ها ؟‪ .‬وهل كان إلقصائها من اإلعراب أث ٌر على فهم املعىن اإلبالغي ؟‪ .‬وإذا كان حتدي ُد الوظيفة‬
‫اإلبالغية للجملة احمللية يعتمد على الوظيفة النحوية باألساس‪ ,‬فعلى ماذا ُيعَتَم د يف حتديِد الوظيفة اإلبالغي ة‬
‫للجملة غِري احمللية ؟‪ .‬مبعىن آخر هل ميكن َتْف ِعيل إقصائها من اإلعراب يف البحث عن حمّلها يف اإلبالغ؟‪.‬‬
‫وكيف يتم ذلك ؟‪ .‬أو على األقل كيف ميكن أن يتَّم ذلك ؟‪.‬‬
‫وكفى مبثل هذه اإلشكاالِت حافزا يدفع الفضوَل إىل كشف اللثام عنها‪ ،‬وحقيق مبن عّنت له أن يبحث‬
‫فيها‪ ،‬أن يقلب النظَر يف صفحات الكتب عساه أن يظفَر مبا يفُّك إهباَم ها ويزي ُل إشكاهَل ا‪ ,‬وهو ما حاولُت ه‬
‫من خالل ه ذه األوراق ال يت رمت مجَعه ا حتت عن وان‪ :‬الجم ل ال تي ال مح ل له ا من اإلع راب‬
‫ووظائفها اإلبالغية‪.‬‬
‫ويف ظّل هذه اإلشكاالت وما تقدمها من أفكاٍر سطرت هدفني رئيَس نْي ‪ ,‬وَتْنَح ِص ر فيهما مادة البحث‪,‬‬
‫ويتفرع عنهما أهداٌف جزئيٌة تابعة هلما أو منبثقة عنهما‪.‬‬
‫اهلدف األول هو الوقوُف على خصوصيِة تراكيِب اجلمل اليت ال حمل هلا من اإلعراب‪ ,‬وحتديُد كيفياِت‬
‫تأليِف ها والشروِط املتحّك مِة يف ذلك بشكل مييل إىل االختبارية من خالل الّد راسة الّتطبيقية‪ ,‬وبياُن ما تعَّل ق‬
‫باملوضوع من قواعَد وقوانَني تضبطه وتبُني حـدوَده‪ ,‬وقبل هذا وذاك بياُن األشياِء قام عليها‪ ,‬ورصد أهم‬
‫السلطات املعرفي ة والقواع ِد اخللفي ِة ال يت ك انت تسرِّي تفك َري النح اة وَتُق وُده وُتَّو ِج ُه ه يف ه ذا احلق ل من‬
‫الدراس ة النحوي ة‪ ,‬خاص ة إذا أخ ذنا بعني االعتب ار أن تل ك السلطاِت والقواع د املعرفي ةَ‪ ,‬ب ل والدراس َة‬
‫النحويَة كَّلها ليست من اللغة يف حّد ذاهتا بل هي نظرٌة فذٌة‪ ،‬ورؤي ٌة عميق ٌة‪ ،‬ابتكرهتا عقوٌل هلا قوُة فك ٍر ‪،‬‬
‫عمُق بصريٍة‪ ،‬امتلكت ناصية اللغة‪ ،‬وأحسنت تفسَريها والتنظَري هلا‪.‬‬
‫إن املتابع َة االس تيعابيةَ للموض وع على ه ذا املن وال متكُنن ا من إع ادة إنتاج ه وص ياغِته ص ياغًة حداثّي ًة وف ق‬
‫األصول اليت قّر رها النحاُة للوصول إىل متييز الطاق ِة الَف ّعال ِة اليت متكُننا من جعل املوضوع صاحلا للتجديد‬
‫والتطوير مبا يتوافق مع توُّج هاِتنا الدراسيِة‪ ,‬وأغراِض نا البحثّي ة‪ ،‬وأيضا حىت ال يكون البحث منسلخا عن‬
‫ماضيه‪ ,‬منبتا عما سبقه‪ ,‬يْس َبح يف عشوائيٍة من غري تأصيٍل وال تأثي ٍل ‪ ،‬خاصة إذا علمنا أّن النظام النحوَّي‬
‫للغات ثابٌت ال يتغري إال إذا تغريت اللغة يف حّد ذاهتا‪ ,‬وُمَّس ت األساليُب يف جوهرها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أّم ا اهلدف الث اين فه و االنطالُق مـن ه ذه الرؤي ة عن د النحـاة الس تكمال عملهم بدراس ة الوظ ائف‬
‫اإلبالغي ة للجمـل ال يت ال حمل هلا من اإلع راب‪ ,‬ويك ون ذل ك باالنتقـال من دراس تها يف املستوى األول‬
‫‪-‬الذي ال يعّتُّد مبا هو خارج عن اللغة‪ ,‬وال تعتـرف بتأثريه فيها ويف بنيِتها الداخلية‪ -‬إىل املستوى الثاين ‪-‬‬
‫ال ذي َيْع ّتّد بسياق اإلنت اج وأث ره يف البني ة‪ ,-‬لنصل من خالل ه إىل معرف ة العالق ة ال يت ترب ط هات ه اجلم َل‬
‫باخلطاب أو بالنص أو بامللفوظ كامال‪ ,‬وهذا يشبه إىل ح ّد كبري ما حيصل يف الرياضيات من االنتقال من‬
‫جمموعة األعداد احلقيقية إىل جمموعة األعداد املركبة قصد إجياد حلوٍل ملسائَل استعصى حُّلها يف اجملموعة‬
‫األوىل‪ ،‬أما هنا فهو انتقال َقْص َد إجياد تفسريات لرتاكيب عجز النظام األول(النحو) عن تفسريها‪ ،‬وهذا‬
‫التفسري ال بد من طلبه ألجل بناء قواع َد تنسيقيٍة مشرتكٍة يف الفهم واحلكم والتقومي والتأويل‪ ،‬أو إلجياد‬
‫مرجعيٍة واحدٍة موحدٍة لإلبالغ والتواصل أو إلنشاء معرفٍة مشرتكٍة بني املرسل واملتلقي تؤدي إىل االتفاق‬
‫الدائِم بينهما من أجل تسهيل اإلبالغ والتبليغ‪ ،‬خاصة وأن هذا األخَري ال يعين فقط رمَي املعلوم ِة بل يعين‬
‫حتقي َق وص وهلا‪ ،‬وال ميكن َحَتقُُّق وص وهِل ا إال مبعرفته ا على ص ورهتا ال يت أراده ا هلا مبلُغه ا‪ ,‬وال ميكن أن‬
‫يكون ذلك كذلك إّال إذا كان هناك وجوٌد سابٌق هلا يف منظومة واحدٍة متف ٍق عليها بني املتلقي واملرسل؛‬
‫ألن اس تخدام اللغ ة لالتصال ب اآلخرين يتطلب من ا التن ازَل عن ج زء على األق ل من س لطتنا الفردي ة‬
‫واالحتكام لألعراف االجتماعي ة وللسلطة اجلماعي ة‪ ،‬إذ اللغة ليست ملكا شخصيا خالصا للمتكلم هبا‪،‬‬
‫فمن املسلم به أهنا لو كانت كذلك‪ ،‬واستخدمها كل منا على حنو خيصه لتعذر فهمها وأصبحت أداة‬
‫تقاطع وعزلة واضطراب عكس الدور الذي أنبط هبا اجتماعيا كما أشرت‪.‬‬
‫وقد اقتصرت يف حبثي هذا على ثالث مجل فقط‪ ،‬وهي االعرتاضية والتفسريية والّص لة‪ ،‬وذلك ألن‬
‫االستئنافية والشرطية والتابعة َو َر ْد َن بقوة يف املدونة‪ ،‬وكان تواترهن كثريا جدا‪ ،‬خرج عن ح ّد القدرة عن‬
‫دراستها كِّلها يف حبث واحد يف حدود الوقت ا ْم نوح ‪ ،‬إضافة إىل أن الشرطية والتابعة فيهما العديد من‬
‫َمل‬
‫املسائل اليت حتتاج إىل مناقشة وإعادة صياغة‪ ،‬أما بالنسبة جلملة جواب القسم الصريح فلم ترد متاما‪ ،‬أما‬
‫القسم املدلول عليه بالالم ونوين التوكيد فقد ورد بتواتر قليل ال يصلح للدراسة وتسجيل نتائَج عليه‪ ,‬هذا‬
‫ويصعب على ال دارس أن جيد مدون ًة يك ون فيه ا ت واتر اجلم ل ال يت ال حمل هلا واردا ُوُر ودًا تصلح مع ه‬
‫دراسُتها مع بعضها جمتمعًة‪ .‬وكان اختياري لسورة البقرة راجعا إىل أمرين مها‪:‬‬
‫‪ -1‬رغبيت الدائمُة وامللحُة يف التعامل مع النص القرآين‪ ،‬فهو النص الذي ال تشبع منه العلماء‪ ،‬وال متله‬
‫األتقياء‪ ،‬ال خيلق من كثرة الرّد‪ ،‬وال تنقضي عجائبُه‪ ،‬وهو النص الذي من علم علمه سبق‪ ،‬ومن قال به‬
‫صدق‪ ،‬ومن حكم به عدل‪ ،‬ومن عمل به أجر‪ ,‬كما أّنه هو النص البعيد ك َّل البعد عن العبثّي ة الصياغّية‬
‫والعبثّية اإلبالغّية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -2‬أن السورة تعاجل مواضيع كثرية جدا‪ ،‬متس كل اجلوانب احلياة الدينية والدنيوية‪ ،‬فمعظم املباحث‬
‫العقدية واألحكام الشرعية ذكرت فيها ورمبا اختصت ببعض األحكام مل تذكر يف غريها‪ ,‬وقد جاء يف‬
‫األثر أّن امسها فسطاط القرآن والفسطاط معناه‪ :‬املدينة اجلامعة‪ ،‬وكما ورد أن امسها سنام القرآن والِّس نام‬
‫هو أعلى كل شيء‪ ،‬وقال بعض األشياخ‪ :‬إن فيها ألف أمر وألف هني وألف َخرَب وقيل وفيها مخسة عشر‬
‫مثال‪ ،‬كل هذا التنوِع يف املواضيع يسمح بتنوِع الوظائف اإلبالغية للجملة لتنوع املوضوع املستعملة فيه‪،‬‬
‫الجم ل ال تي ال مح ل له ا من اإلع راب ووظائفه ا‬ ‫هك ذا ص ار عن وان البحث كم ا يلي‪:‬‬
‫اإلبالغية‬
‫(اجلملة االعرتاضية‪ ,‬واجلملة التفسريية‪ ,‬ومجلة الّصلة)‬
‫دراسة تطبيقية في سورة البقرة‬
‫هذا‪ ,‬وقد وزعت مادة البحث على ثالثة فصول يتقدمها مدخلٌ ومقدمةٌ‪ ،‬وذيل المجموع خبامتة ُس جل‬
‫فيها أهّمُ ما أناره البحث من أفكار تتصل باملوضوع عامة من جهة بيان األسس اليت ُبين عليها‪ ،‬ومن جهة‬
‫بيان طريقة تناوله‪.‬‬
‫وأما املقدمة فال خيفى على كل من انتسب للدراسة اجلامعية حمتواها‪ ،‬وأما املدخل فانَص َّب على تبني‬
‫ماهية العضو الذي قصد بيان وظيفته‪ ،‬وتفرغت صفحاُته حلمل بعض حدود هذا العضو القدمية واحلديثة‪،‬‬
‫التطويل غ َري ُاملِم ل واإلجياَز غري ا ِخ ل‪ ،‬أما‬
‫َ‬ ‫وتقسيماته حسب نوع املؤلفات وحجمها‪ ،‬مراعيا يف ذلك‬
‫ُمل‬
‫رأي باقتضاب‪ ،‬وفعلت هذا‬ ‫التطوي ُل فَتحقق فبعرض أك ِرب عدد من اآلراء‪ ،‬أما اإلجياُز فك ان بتناول ك ِّل ٍّ‬
‫كَّل ه من أج ل أن تك ون يل ه ذه املف اهيُم والتقسيماُت بصيَص ن ور أهت دي بض وئه يف مساري البح ثي‪،‬‬
‫وعضدا أستند إليه يف النهوض بأعباء الدراسة‪.‬‬
‫وإذا ك ان البحث يع اجل اجلم ل ال يت ال حمل هلا من اإلع راب‪ ،‬ك ان من الالزم علي أن أخصص فصال‬
‫يعُقُب املدخَل يعرف هبذا النوع من اجلمل‪ ،‬وهو ما كان فعال‪ ،‬وقد عنونته بـ"اجلملة واإلعراب"‪ ,‬وبدأت‬
‫في ه بي ان الطري ق ال يت وص ل هبا النح اة إىل إقصاء اجلمل ة من اإلع راب من خالل بي ان أن واع اإلع راب‪،‬‬
‫وخصصت احلديث بع ده عن الن وع الث الث من ه وال ذي يتصل مباش رة باملوض وع؛ وه و اإلع راب احمللي‬
‫بعرض مفهومه ورأي احملدثني فيه‪ ،‬حىت إذا اجنلت صورته‪ ،‬انتقلت إىل استعراض قراءة للعبارة التحليلية"ال‬
‫حمل هلا من اإلعراب" فاحتة يل باب الكالم عن املعايري املعتمدة يف احلكم على اجلملة بعدم احمللية‪ ,‬ألخلص‬
‫منه إىل احلديث عن عدد هذه اجلمل عند النحاة واالختالفاِت احلاصلة بينهم‪ ،‬وكذا تتبع سلوِكهم مع‬
‫مع ايريهم وض وابطهم من خالل اجلم ل الثالث ال يت ُأْف رَدت ب البحث‪ .‬أّم ا الفصلان الث اين والث الث فق د‬
‫خصصا للدراس ة التطبيقي ة ال يت تسعى إىل حتدي د الوظ ائف اإلبالغي ة للجم ل الثالث‪ ،‬وق د اختذ الفصُل‬
‫الثالث من الفصل الثاين دراس ًة متهيدي ًة له‪ ،‬حيث ُأفرد هذا األخري ملعاجلة اجلانب الرتكييب الداخلي لكل‬
‫مجلة على حده‪ ،‬فوزعت إثر ذلك املادة احملصاة على أمناط تركيبية حبسب نوع اجلملة وكثافة عناصرها‬
‫‪5‬‬
‫املؤلف ة هلا‪ ,‬ويتخل ل عرَض ها الفين ةَ بع د الفين ِة مناقش اٌت لبعض القض ايا النظري ة ال يت من ش أهنا أن توض ح‬
‫خاص يًة من اخلصائص الرتكيبي ة للجمل ة َاملعِْنَّي ة أو ش رطا من ش روطها الرتكيبي ة‪ ،‬ألخ رج يف آخ ر ه ذا‬
‫العرض كله إىل تلخيص تلك اخلصائص والشروط الرتكيبية يف هناية دراسة كل مجلة مبا يعني الفكر على‬
‫مجع الشتات‪ ،‬وإعادة ترتيب املعلومات‪ ,‬وكان ال بد علي ‪-‬واحلال َة هذه‪ -‬أن استعمَل اهلامَش يف تذكري‬
‫القارئ الكرمي ببعض املسائل النحوية واختالف النحويني فيها‪ ،‬أو لذكر بعض األوجه اإلعرابية آلية من‬
‫اآليات حىت يزول معها اإلشكاُل الذي رمبا تطرق إىل الذهن من قراءة الوجه املثبت يف املنت‪.‬‬
‫الوظائِف اإلبالغي ِة‬
‫ومنه وبه توصلت إىل الفصل الثالث والذي‪ -‬وعلى صفحاته‪ -‬حاولت جاهدا َتَبَنُّي‬
‫لكلِّ مجلة من اجلمل الثالث‪ ،‬وقد انتهجت لذلك سبيلني‪:‬‬
‫السبيل األول‪ :‬مع اجلملة االعرتاضية‪ ،‬حيث قمت بتحليل كل شاهد اعرتاضي مبفرده خامتا ذلك التحليل‬
‫باس تخالص الوظيف ة اإلبالغي ة‪ ,‬ح ىت أتيت على مجي ع م ا أحصيته من ش واهَد اعرتاض يٍة‪ .‬أم ا م ع اجلمل ة‬
‫التفسريية والصلتني فق د انتهجت السبيَل الث اين وال ذي جيم ع الش واهَد املتع ددَة حتت الوظيف ِة اإلبالغي ة‬
‫الواحدة‪.‬‬
‫ومل أكن حرا يف سلوك هذين السبيلني‪ ،‬بل ُأْلِز ْم ت هبما استجابًة لطبيعة توزع الوظائف اإلبالغية‪ ،‬ففي‬
‫املسلك األول خوفا من إغفال بعضها‪ ,‬ويف املسلك الثاين هروبا من الوقوع يف الَّتْك َر ار‪.‬‬
‫وُيلحُظ من توُّزع هذه املادِة أّنيّن مل أسر يف البحث مبنهج واحد‪ ،‬إمنا تنوع املنهج حبسب طبيعة الفصل‬
‫واألهداف املرجوة منه‪ ،‬ففي املدخل تزاوج فيه املنهج التارخيي؛ برصده س َري مفهوِم اجلملة واألقسام اليت‬
‫تعرضت هلا‪ .‬باملنهج التحليلي؛ بنظره يف أسس تلك املفاهيم ومبادئها قصد الوصول من ذلك إىل تصوٍر‬
‫شامل للعضو احلي يف اللغة‪ ،‬ومعرفٍة ‪ -‬ولو مبدئيٍة‪ُ -‬تَيِّس ر الولوَج فيما بعدها من مسائَل‪.‬‬
‫التحليلي‪ -‬بالفصل األول‪ ،‬وذلك لتعاملي مع ما ُو جد من مادة حنوية تتعلق‬ ‫َ‬ ‫وانفرد هذا األخري –املنهَج‬
‫مبوضوِع اجلمل اليت ال حمل هلا فحّللها للوصول منها إىل بيان سلوك النحاة يف املوضوع تأسيسا وتقعيدا‬
‫وتنظريا وتطبيقا‪ .‬أما الفصل الثاين فقد تكاتف على إجنازه ثالثُة مناهَج ‪ ،‬فبعد أن مجع املنهج اإلحصائي ما‬
‫عَّن ل ه أن ه من اجلم ل الثالث‪ ،‬ت أخر ليتق دم على إث ره املنهُج الوص في‪ ،‬فتـَّم ب ه الوق وُف على املكون ات‬
‫إحصائي يف ُز َم ر عرفت باألمناط‪ ،‬ليع ود يف آخر العمل‬ ‫ُ‬ ‫اإلفرادي ة للم ادة اجملموعة‪ .‬وُح ِص ر ذل ك الن اتُج ال‬
‫املنهُج التحليلي مبين ا الط رَق ال يت تعلقت هبا العناص ُر اإلفرادي ة بعُض ها ببعض‪ ،‬وم ربزًا اخلصائَص الرتكيبي َة‬
‫لكّل مجلة والشروَط اللغويَة اليت تتحكم يف تلك اخلصائِص ‪ .‬ويبقى هذا املنهُج ‪ -‬املنهَج التحليلَي ‪ -‬فارضا‬
‫َس ْيَطرَته يف الفصل الث الث معتم دا على إج راءات اختاره ا البحث وانسجمت مع ه وأدت الع رض‪ ،‬ميكن‬
‫الق وُل عنه ا بأهنا إج راءاٌت ِش ْبُه أس لوبيٍة‪ ،‬ألن األس لوبيَة تبحث عن الوظ ائف اجلمالي ِة ال يت تتمخض عن‬

‫‪6‬‬
‫الُبىَن الرتكيبية‪ ،‬بينما يتجه هذا البحُث إىل الكشف عن الوظ ائف اإلبالغية هلا دون وضع اعتب ار لعنصر‬
‫اجلمال فيها‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد اختذ البحُث لنفسه زادا معرفيا‪ ،‬يغرتف منه خمتلَف املشارب؛ فمنه القدُمي واحلديُث ‪ ،‬ومتنوَع‬
‫األصناف؛ فمنه ما كان من النحو ومنه ما كان من البالغة ومنه ما كان من التفسري‪.‬‬
‫فمن الكتب القدمية‪ :‬كتاُب سيبويه‪ ،‬وشرُح الرضى على الكافية‪ ،‬وشرح الّتسهيل البن مالك‪ ،‬واألشباه‬
‫والنظ ائر يف النح و للسيوطي‪ ,‬واخلصائص البن ج ين‪ ،‬وش رح املفصل البن يعيش‪ ،‬كتاب ا دالئ ل اإلعج از‬
‫وأس رار البالغ ة لعب د الق اهر اجلرج اين‪ ،‬واإليض اح يف عل وم البالغ ة للقزوي ين‪...‬وغريه ا‪ ،‬ويرج ع الفض ُل‬
‫الكبُري إىل كتب ابن هشام خاصة كتاب مغىن اللبيب عن كتب األعاريب‪ .‬أّم ا ما كان منها حديثا فأذكر‬
‫منها‪ :‬نظرات يف الرتاث لعبد القادر املهريي‪ ،‬ويف النحو العريب ‪-‬نقد وتوجيه‪ -‬ملهدي املخزومي‪ ،‬وكتاَب‬
‫اللغة العربية معناها ومبناها وكتاب األصول وكتاب البيان يف روائع القرآن كّلها لتمام حسان‪ ،‬واملنوال‬
‫النح وي الع ريب لعز ال دين جمدوب‪...‬وغريها‪ ،‬وأخص بال ذكر كت ايب حممد محاس ة عب د اللطيف‪ :‬العالمة‬
‫األعرابية‪ ،‬بناء اجلملة العربية‪ .‬وكتاَب إعراب اجلمل وأشباه اجلمل لفخر الدين قباوة‪ ،‬كما ال أنسى رسالة‬
‫الدكتوراه ألستاذي الدكتور النواري سعودي واملوسومة بـ"بنية اخلطاب القرآين يف السور املكية‪-‬دراسة‬
‫وصفية حتليلية‪ "-‬واليت كان هلا األثر الواضح يف صياغة الفصل الثاين‪ ,‬كما كان له ‪-‬جزاه اهلل خريا‪ -‬األثر‬
‫البني يف صياغة العقلية اللغوية للباحث من قبل‪.‬‬
‫وحاولت قصارى جهدي أن أكون حمتميا بآراء املفسرين يف توجيه اآليات وتبني معانيها‪ ,‬حىت ال‬
‫أحتمل تبعة القول يف كتاب اهلل بعقلي القاصر‪ ،‬ورأيي الضعيف‪ ،‬وكيف ال أفعل ذلك وقد كان الصحابة‬
‫‪-‬رض وان اهلل عليهم‪ -‬وهم من هم يف الزه د والعلم‪ ,‬ال جَي ُْر ُؤ ون على مث ل ذل ك كم ا ح دثتنا عنهم‬
‫األخب اُر ‪ ،‬وثبتت ب ذلك اآلث اُر ‪ .‬ومن التفاس ري ال يت ص حبتين يف البحث‪ :‬تفسريالطربي‪ ،‬وتفسريالقرطيب‪،‬‬
‫وتفسرياأللوسي‪ ،‬وتفسري البحر احمليط‪ ،‬وتلخيصه النهر املاد‪ ،‬وتفسري الكشاف‪ ,‬وتفسري التحرير والتنوير‪ ,‬وتفسري‬
‫اجلاللني ‪...‬‬
‫ومل يكن احلصوُل على هذه املراجع وغريها سهال ميسورا‪ ،‬خاصة وأن مكتبة اجلامعة ‪-‬جامعة باتنة‪ -‬عاشت‬
‫حالة عدم استقرار أثناء قيامي بالبحث‪ ،‬إضافة إىل عدم امتالكها لبعض املصادر واملراجع مقارنة بغريها‪ ،‬مما حال‬
‫دون الوص ول إليه ا إال مبش قة وعنت وكلف ة وض ياع وقت يف التنق ل إىل مكتب ات اجلامع ات األخ رى‪ ،‬وُذِّك َيْت‬
‫ه ذه الصعوبُة بصعوبة أخ رى زادت من هليبه ا وش رارهتا متثلت يف تش عب م ادة املوض وع‪ ،‬وتفرقه ا يف املصادر‬
‫واملراجع‪ ،‬بل وتفرقها يف املصدر و املرَج ِع الواحد يف مواض َع عدٍة منه‪ ,‬وذلك راجع إىل حصول احلديث عنها‬
‫عرضا ال قصدا‪ ،‬وهذا يعين االحتياج إىل عدد كثري منها‪ ،‬فحال كل هذا دون حصوِل ما كان مبيتا يف النية من‬
‫تناول املوضوع جبميع أنواع مجله‪ ،‬نسأل اهلل تعاىل أن يوفقنا إىل ذلك يف املستقبل القريب العاجل‪ ،‬وأن ميدنا‬
‫بالقدرة والقوة والتوفيق فيه‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫وأخريا‪ ،‬ال أدعي أين أتيت يف حبثي هذا جبديد‪ ،‬ولكنين حاولت مجع ما تفرق من أفكاره الدرر‪ ،‬ومعلوماته‬
‫الغ رر‪ ,‬يف كتب السالفني‪ ،‬وَض َم مت إليه ا حماوالِت احملدثني ال يت م ا ف تئت تنفض الغب ار عنه ا حين ا بع د حني‪،‬‬
‫وأملي يف ذلك أن أحسن التبويَب وال رتتيب‪ ،‬والنق َل والع رض‪ ،‬وال ربَم والفهم‪ ،‬واالنتق اَء واالختي ار‪ ،‬عساين أن‬
‫أكشف من وراء ذلك عن مستور تداولته العقوُل والفهوم‪ ،‬ومل تره النواظُر والعيون من املسطور املرقوم‪ .‬فإن‬
‫وفقت فبفضل اهلل وتوفيقه‪ ,‬وإن كانت األخرى فلقصر باعي وقل ِة بضاعيت وضعِف حيليت ‪ ,‬وعليه فاملرجو ِم ن‬
‫كل َم ن وقف على هذا العمل‪ ,‬وس ّر ح ألفاظه فيه بالنقد‪ ,‬أن يسامح ناسجه وأن يسدي إليه النصح ‪ ,‬وله منه‬
‫جزيُل الشكر‪ ,‬فصدره واسع لتقبل مرارة اخلطإ مادام أنه يبحث عن حالوة الصواب والنجاح ‪.‬‬
‫وقبل اخلتام ال يفوتين أن أتقدم بالشكر اجلزيل الكثري‪ ،‬ألستاذي القدير‪ :‬خلضر بلخري‪ ،‬الذي أحسن إيل مرتني‬
‫ِن‬
‫‪ ,‬أوالمها تعليمه يل‪ ,‬وكان أحسن ما تعلمت منه تلك الشيم النبيلة‪ ,‬اخلالُل الكرميُة‪ ,‬وكان أحسُن أحس ها لُني‬
‫جانبه وتواض ُعه يف حشمة وحياء‪ ,‬وهو بذلك معروف بني الطلبة‪ .‬أما ثانيُتهم ا فتكرُم ه باإلشراف علّي يف هذه‬
‫الرس الة‪ ,‬فم ا ف تئ حيث ين ويوجه ين‪ ،‬ويرش ُد ين وي دلين‪ ،‬ومل ي أل أّي جه د يف ذل ك ح ىت ظننت أن ه أح رص على‬
‫املوض وع م ين‪ ،‬رغم املرض ال ذي أكرم ه اهلل ب ه طيل َة م دِة البحث‪ ،‬نسأل اهلل أن ميده يف دين ه وص حته وأهل ه‬
‫بالعافية واهلناء‪ ،‬وأن يعجل له الشفاء‪.‬‬
‫أم ا ب اذل ال روح واجله د‪ ،‬اخلل ال ويف‪ ,‬والصاحب الطيب ال زكّي ‪ ،‬وال ذي أخفي امسه خش ية أن أزاحم يف‬
‫صداقته‪ ،‬فحايل معه حال الشاعر الذي يقول‪:‬‬
‫َيّد ي وِلَس ايِن والضمَري ا َح َّج بَا‬ ‫َأَفاَدْتُك م الَّنْع ماُء ِم يِّن َثالثًة‬
‫ُمل‬
‫َو َلكّنين َح اَو لُت يف اُجلهِد َم ذَه باَ‬ ‫وما ُش ْك ِر ي َو اِفيًا ِبَنَو اِلُك م‬
‫والشكر موصول إىل كل األساتذة أستاذا أستاذا والزمالء واحدا واحدا‪ ،‬واهلل نسأل أن يوفقنا لالعتقاد السليم‬
‫بعد النية احلسنة‪ ,‬للعمل الصاحل بعد العلم النافع‪ ،‬وأن يغفر لنا ما كان من ا من زلل إنه جواد كرمي‪ ،‬واحلمد هلل‬
‫رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف املرسلني حممد وآله وصحبه أمجعني‪ .‬آمين‪.‬‬

‫‪8‬‬

You might also like