Professional Documents
Culture Documents
الفهم والتأويل
الفهم والتأويل
حسن المودن:ترجمة
:النص األصلي •
• Érick Falardeau :Compréhension et interprétation : deux composantes complémentaires de la
lecture littéraire », Revue des sciences de l'éducation, vol. 29, n° 3, 2003, p. 673-694.
1
ملخص:
ي الذي يحيط بتعريف الفهم والتأويل أن ينعكس على تعلّـمات التالميذ الذين
يمكن للغموض المفهوم ّ
فهم توجيهات القراءة التي يفرضها هذا النمط تارة،يسيئون ،بسبب خلطهم بين أنماط إدراك النصوصَ ،
وذاك النمط تارة أخرى .ويقودنا النظر من جديد في الكتابات المتوفرة الى اقتراح تمييزات يمكن أن تُـوجّـه
إن المعنى الناتج عن الفهم َّ
وإن الداللة الصادرة عن والمدرسين في تدريس القراءة األدبيةَّ :
ّ الديداكتيكيين
رسم قراءة النص
َ باستمرار
ٍ التأويل يمكن أن يغذي الواحد منهما اآلخر ،بطريقة متالزمة ،داخل دينامية تعيد
األدبي.
مقدمة:
وقبل إبراز المسالك الديداكتيكية المرتبطة بتعلُّـم الفهم والتأويل ،يبدو لنا مفيدًا أن نقوم بغربل ٍة بين الكتابات
الديداكتيكية التي تٌ ُُ َ
ـقترح في تعريف هذه المفهومات .وهكذا ،فمشاريع التعريفات التي نقترحها هي بمثابة
مدخل في تحليلنا النقدي نستخدمها كمنارات من أجل أن نسائل ،في هذه البداية ،االفتراضات القابلة للمناقشة
وخاصة منها ما يتعلق بحدود الفهم والتأويل .غير أنه ال يكفي أن نعرف ما ال يحدد هذه المفهومات ،بل
ينبغي لنا أن نحاول تحديد خصائصها ،واإلواليات التي تستخدمها ،وهو ما سنسعى إلى القيام به من خالل
2
تفحُّـص بعض االقتراحات المتعلقة بالتصنيفات .وإذا كانت مواقف بعض المؤلفين بخصوص أسبقية التأويل
أو الفهم في نشاط القراءة ال تسمح أبدًا بإبراز المسالك الخصبة بالنسبة إلى تدريس ــ تعلم القراءة األدبية،
فإننا سنحتفظ في النهاية بتصور تفاعلي لهذين النمطين في إدراك النص األدبي ،وهو التصور الذي سنحاول
ملموس داخل القسم الدراسي.
ٍ ي
توضيحه من خالل عم ٍل قرائ ّ
سنرى أن القارئ الخبير يستخدم الفهم والتأويل بطريقة متالزمة ،وهذه هي الخالصة األولية التي تنتج
عن هاتين المحاولتين األوليين للتعريف اللتين اقترحناهما في البداية كمنارتين واليهما نستند في تطوير
تفكيرنا النقدي:
• من أجل أن نفهم ،البد لنا من االبتعاد عن البنية المعجمية والتركيبية الصغرى كي نعيد تنظيم المعطيات
في بنية عامة ،تجعل المعطيات األساسية في محتوى النص واضحةً .ويسعى هذا التعميم إلى إبراز
المعنى ،هذه الكلمة األخيرة التي تتحدد ايتيمولوجيا باعتبارها " إدرا ًكا حسيّـًا " ،وتمثّـال عا ّمـًا يحقّـقه
المدرك في تحقيق توافق
َ ي .ويسهم المعنى
القارئ بواسطة معارفه داخل خطاب هو بالضرورة تفسير ّ
معين ،وإذا ما استوفى الشروط من الناحية االجتماعية ،فانه ال يتطلب صياغة خطابية ومواجهة
اجتماعية من أجل االعتراف به.
• من أجل التأويل ،يصغي القارئ إلى النص بانتباه شديد بقصد استكشاف العناصر المتكررة وإظهار
أحد الدوال الممكنة .وهنا لم يعد المعنى ق ٌّ
ط هو ما يتعقَّـبه القارئ ،بل الداللة ،وهذه الكلمة تحيل مباشرة
في االيتيمولوجيا على " فعل التعيين " .وبهذا ،تصبح القراءة تفعيال اجتماعيا لعالمة مبتكَـرة ،فهي لم
تمر من المواجهة االجتماعية من أجل أن تحصل
تعد تمثال شخصيا فقط ،بما أنه من الضروري أن َّ
3
نص جدي ٍد ــ المؤولة عند
على مشروعية ما .والنص المتعدد المعنى يتحول بهذه الطريقة إلى مادة ٍ ّ
بورس ــ ،أي إلى ثمرةٍ من إبداع القارئ الذي تجاوز النص األصلي.
4
ت مرتفع تتَّـضح من
النص بصو ٍ
َّ يجهلون وجودَها "( جياسون ،1992 ،ص ،)21وخاصة عند قراءاتهم
أمر ال يحدُّ من حريته اإلبداعية،
خاللها سيروراته المعرفية الخاصة .فاقتراح طرائق للقراءة على التلميذ ٌ
يحس في
ّ بل على العكس تما ًما ،ألن ذلك هو ما يجعل تلك الحرية ممكنة ،عندما نحدد له حقال لالشتغال
داخله بأمان أكبر(تروانيي والفونتين وفانهول .)1999 ،ذلك ألنه لن يُظهر حريته التأويلية إال اذا كان يشعر
المدرس .وال
ّ باستناده إلى أسس صلبة نسبيّـًا .وال يمكنه إنشاء هذه األسس بطريقة مستقلة من دون مساعدة
ي الذي يتدفَّـق ( من ) مجموعات العمل"(ص ،)86كما وضحت ذلك آن جورو
من دون هذا " التباين التأويل ّ
بدقة.
نظر متباينةً بخصوص اإلطار الذي ينبغي لنا اقتراحه على التالميذ
يُـقَـدّم الباحثون المذكورون وجهات ٍ
الفهم والتأوي َل بقصد قيادة عملهم نحو هدفٍ محدَّدٍ .ومع ذلك ،فهذا التقييد
َ من أجل توجيههم خالل تعلمهم
الظاهر يسمح بإظهار الحرية التأويلية بطريقة أكثر تنظي ًما وخصوبة .وفي غياب التجربةَّ ،
فإن هذه الحرية
إبداع ينطلق من القارئ ،لكنه
ٍ التأويلية بحاجة إلى منارات ،إذ من دونها ستكون أقرب إلى الفوضى ،وإلى
للوصل بين هذين العالَ َمـين المختلفين أن يت ّم من داخل تدري ٍ
ب ط بعين االعتبار .وينبغي َ لن يأخذ النص ق ّ
القراء تنمو شيئا فشيئا.للمتدربين ــ ّ
ّ بالتدرج نحو استقاللية ذاتية
ّ ُمـرا َق ٍ
ب ،يسعى
5
دور األسئلة في الفهم:
في القراءة ،ينتظم الفهم في أغلب األحيان بواسطة األسئلة .في أغلب األحيان ،ألن األسئلة تمثّـل ف ّخـًا
ـصرف التلمي َذ عن الفهم الحقيقي للنص " .نأسف ،تقول جوسلين جياسون( ،)1990على ُ محفوفًا بالمخاطر يَ
استخدام األسئلة أحيانا من أجل التأكد من قراءة التالميذ للنص .ومع األسفَّ ،
فإن هذه الطريقة في استعمال
األسئلة تجعل التالميذ يفهمون أن الغاية من القراءة هي االجابة عن األسئلة وليس السعي وراء هدفٍ
ي"'ص " .)223إنها تٌـبقي القارئ داخل كفاي ٍة سطحية"(نفسه) ،ذلك ألنها توجّـهه نحو معلومات
شخص ّ
نص ما هو أن يتذ َّكـر ما يفيد في االختبارات ،من مثل األسماء ثانوية .وباختصار ،فهي تعلّـمه َّ
أن فهم ٍ ّ
والتواريخ ،الخ .ويُبدي اروين وباكير( ) 1989التحفظات نفسها :ان هذه األسئلة تشجع على عادات سيئة في
القراءة ،ذلك ألنها تدفع التلميذ إلى االحتفاظ بهذه العناصر غير المالئمة بالنسبة إلى الفهم العام ،بل إنها
منتج بين األهداف البيداغوجية
ٍ غير
ُ تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة الى تقييم قراءاتهم .وهكذا ،يحدث تفاوتٌ
طـرون بالعناصر التي يستثمرها للقراءة والممارسة الفعلية التي يخضع لها التالميذ ،ذلك ألن هؤالء مؤ ٌّ
األستاذ في حصة التمرين بأكملها.
ي ،بحيث يستبعد المعلومات الجزئية من أجل رسم خطاطات عامة بما أن الفهم هو بالضرورة شمول ّ
للنص ،فإنّه البدَّ من دفع التالميذ إلى ممارسة هذا الفهم الكلّـي من خالل األسئلة .فالتذكير بالنص مرات
عديدة هو من الفرص الممتازة بالنسبة إلى التالميذ ليعيدوا تنظيم المعلومة بطريقة عامة .ومن الضروري
كذلك أن يعمل األستاذ دائما على إدراج أسئلة االستنتاج المنطقي في أسئلة الفهم (اروين وباكير،)1989 ،
من أجل أن يربط التالميذ بين المعارف السابقة والمعطيات النصية ،والغاية هي أن تلعب األسئلةُ َ
دورها ،ال
ي باألساس .ولهذا يكون من الضروري ،تبعًا ألقوال
في التقييم فحسب ،بل في التنظيم المعرف ّ
دومورتيي( ،) 1991ربط " جدول األسئلة باألهداف وبالمتعلمين ،وليس بالنصوص .ألن هذه األخيرة ال
ي سؤال ...وتسم ُح بجميع األسئلة"(ص .)74وإذن ،فمن الضروري أن تدفع األسئلة
َـفرض ،في الواقع ،أ َّ
ُ ت
التلميذَ ،ال إلى تقييم قراءته فحسب ،بل إلى تنظيمها باألساس .والبد أن تسمح له بالعثور بطريق ٍة مستقل ٍة على
البنيات النصية األساسية :السارد ،المؤلّف ،الشخصيات ،األماكن ،الزمن ،الحبكة... ،الخ.
من أجل أن يستردّ التأوي ُل المكانةَ التي تعود إليه داخل القراءة األدبية ،قام فرانسيس جروسمان()1999
بدور محدو ٍد قليال ما .فهو ين ّ
ظـم كل االستنتاجات داخل ٍ بوضعه في مرتبة أعلى من الفهم الذي يحتفظ له
ت
عمل التأويل ،سواء كانت استنتاجات أولية ته ّم المعلومات الضرورية في إدراك الحبكة أو كانت استنتاجا ٍ
إن " النصوص ت ٌ َّ
ـؤول أوال "(ص،)153 قدرا أكبر من اإلبداع من قبل القارئ .وهو يقول ّ
أكثر تعقيدًا تقتضي ً
6
القراء يقومون باستنتاجات استنادًا إلى النص وإلى معارفهم .ومثل جروسمانَّ ،
فإن إيزابيل شوالر ألن ّذلك ّ
ي ٍ داخل التأويل .وهكذا ،وتبعًا لهؤالء ــ ماندرو وآن ماري توفيرون ( )1998تن ّ
ظـمان كل عم ٍل استنتاج ّ
الفهم
َ فإن الفهم يمكن " اكتسابه " مرة واحدة ونهائية ومفصوال عن المضمر .وبتحديدهم المؤلفين الثالثةَّ ،
باعتباره سيرورة ً يمكنها أن تعرف االكتمال ،فإنهم يسلّمون بمعنى ال يمكن إطالقا للتأويل أن يُـغنيه .ومن
بمعارف مرجعي ٍة
َ مضمر أو ربط معلوم ٍة ضمني ٍة
ٍ ي من أجل تعويض شيءٍ هذا المنظورَّ ،
فإن أق ّل مجهود فكر ّ
صادرا عن التأويل ،وهذا ما يحدّ قليال ما من سيرورة الفهم التي سنحاول تحديدها اآلن بطريقة
ً سيكون
أفضل ،بعد أن ألقينا نظرة نقدية على هوامشها.
نعرف الفهم؟
كيف ّ
ـكـوناته:
ُم ّ
ّ
إن معنى النص هو أول ما يسعى الفهم إلى استخراجه ،والمقصود بــ " معنى " sensفكرة أو مجموعة
من األفكار الواضحة التي يدركها القارئ داخل النص ــ الجذر الالتيني sensusيحيل مباشرة على فكرة "
اإلدراك الحسّـي " .واإلدراك الحسّـي هو نشاط ذاتي يستلزم نوعا من العقلنة .وهو ال يُتر َجـم بالضرورة
إلى خطاب أو إلى شيء ذي طابع اجتماعي ،ومن هنا المفهوم الفرداني جدًّا لكلمة " معنى " التي تحيل على
ي ٍ ما سيكون اإلدراك الحسي الشخصي للعالم الخارجي بواسطة النظر والسمع والش ّم ...وهكذاّ ،
فإن فهم محك ّ
القراء ،أي أنه بناء ال
هو إعادة تنظيم المعنى من خالل تفعي ٍل ذاتي يستجيب لما توافقت عليه جماعة من ّ
ق ما.
صادر عن تواف ٍ
ٌ ُـبر َر بالضرورة اجتماعيّـًا ،بالضبط ألنه
ينبغي له أن ي َّ
من الضروري أن يتفادى الفهم أو يتغلّـب على الحواجز الموضوعة من طرف الشكل والبنية واألفكار،
وأن " يعيّن وضع الشخصيات ودورها ،ويستخرج الخطوط العريضة للحبكة"(توفيرن 1999 ،ب ،ص
.)17فالفهم يستدعي معارف القارئ ،والمقصود بهذه األخيرة ك َّل المعارف النمطية ،المعجمية ،والتركيبية،
مجردَ
َّ والتاريخية ،والسوسيوثقافية ،والعملية ،الخ .التي يستعين بها القارئ من أجل دعم فهمه " :ليس الفهم
نق ٍل للنص إلى داخل رأس القارئ ،بل إنه بنا ٌء يقوم هذا األخير بإنجازه" (جياسون ،1990 ،ص .)18وإذا
ّ
للتوقُّ ـع هي بدورها موضوعة عدنا إلى المنظور الهرمينوطيقيَّ ،
فإن ك ّل ٍ
فهم يتض ّمـن فه ًما قبليّـًا ،أي بنية
المؤول بداخله"(جادامر.)1996 ،
ّ مسبـقـًا من طرف التراث الذي يعيش
7
نص كتوم:
إذا كنّا نستهدف تطوير كفايات الفهم ،فالبد للنص األدبي المقدَّم للتالميذ أن ي َ
ُـبدي نوعًا من المقاومة ،أي
حاجزا أمام امتالك القارئ للنص ،بحيث ال يهتدي إلى اآلليات التي تش ّكـل
ً ّ
أن العالمات التي يستدعيها تخلق
عالمه الفكري .وتستخدم توفيرون(1999ب) عبارة " نص كتوم " من أجل تعيين النصوص التي تعرقل
ب صعبين بالنسبة إلى القارئ ،أو بعالَ ٍـم مش ّخ ٍ
ص غير مألوف ،أو بأفكار جديدة بمعجم أو تركي ٍ
ٍ الفهم ،سواء
ت غامضة ...الخ .وإذن ،من أجل
ق متناقض ،أو باستعارا ٍ
أو مخلخلة ،أو ببني ٍة سردي ٍة متفجّرة ،أو بمنط ٍ
اإلحاطة بالمعنى ،الب د للقارئ من االلتفاف على الحواجز المتعددة األشكال التي توضع بين النص وبين
معارفه المرجعية الخاصة .وبالطبع ،فإن تفكيك المعلومات غير الظاهرة يدخل في إطار عملية إعادة التنظيم،
ذلك ألنه البد لكل عنصر ضروري في إدراك معنى النص أن يندرج في إطار عام ،هو الذي يُـترجم فكرة ً
عامةً معينة.
ّ
إن مفهوم الصور النمطية التي وصفتها جياسون( )1990تسمح بتوضيح أفضل للعمل الذي ينبغي للقارئ
نص كتوم :أن يعمل على تكييف صوره النمطية الخاصة من أجل أن يعثر داخل
أن ينجزه من أجل فهم ّ
صور النص النمطية على عالمات مألوفة تسمح له بتحويل المعنى إلى مستوى إدراكه .فالضرورة تفرض
أن يتكيّف الفهم مع ما تس ّمـيه جورو " بيوغرافية القارئ " ،التي تُـعتبر ّ
ممرا ضروريا لصور النص
النمطية :من دون تطابق بين عالم القارئ وعالم النص ،لن يكون هناك فه ٌم.
ي في عملية الفهم ،ذلك ألنه " كلّـما كان المؤلَّـف " صعبًا " ،كلّـما كان من الضروري
وعم ُل األستاذ أساس ّ
أن يَـطو َل التمهيدُ للقراءة "(كالفيز ،1999 ،ص ،) 48وبالضبط من أجل إعداد هذه المطابقة في كفايات
عالم ال بنص صعب ،تبعا لبيير برتيي( ،)1999هو ك ُّل ٍ ّ
نص يتموضع داخل ٍ ّ القارئ أثناء التعلم .والمقصود
غير
التعرف إلى الكلمة " ضروريا بالطبع ،لكنه ُ ّ يتعرف فيه القارئ إلى ذاته .وفي هذا السياق ،يكون "
ّ
كافٍ .فمن أجل أن يحصل تعلّم الفهم ،البد للنصوص األدبية المقترحة على التالميذ أن تدفع إلى االشتغال
ببناء معنًى مه ّم نسبيًا ،يستتبع حتما مجموعةً من االستنتاجات .ويطالب إيف روتير( )1992من جهته
باستعمال النصوص الصعبة ،بغاية توليد " كوارث القراءة "(ص )61التي ّ
تعزز عملية التوضيع ،وتسمح
إذًا باكتساب عمليات القراءة األكثر خصوبة.
ُبـع ٌد اجتماعي:
8
االجتماعي يؤثر ُمـسبقًا في الفهم ،بما أنه يش ّكـله ولو جزئيا .ويتجسد هذا البعد االجتماعي للفهم في كل
مكونات الحقل التي شرحها إيف روتير وسوسيولوجيو األدب اآلخرون بغزارة .ينبغي للتلميذ ،مثال ،أن
يعمل على التفكير في أن " الوضع االعتباري للنصوص يتغيّـر تاريخيا و(أن) موقعها داخل المؤسسات
ت مهم ٍة في المعنى"(روتير ،1981 ،ص .)11وإذا تبنّـينا وجهةَ ٍ
نظر قريبة من هذه األخيرة، يحدد متغيرا ٍ
فإن السوسيولوجيا ــ االثنولوجيا كما مارسها بريفا( ) 1985تضع في المقدمة عوامل أخرى للفهم ال تتعلق
بتاتا بالنص الموضوع للقراءة :وعلى س بيل التمثيل ،فإن " الفتيات الشابات من األوساط الشعبية وأبناء
الطبقات الميسورة ال يستثمرون ال االنتظارات نفسها ،وال الكفايات ذاتها"(ص )137في ممارساتهم الثقافية.
ـردَ لحظ ٍة فيها تتحقق هذه األخيرة ،وإنما هو ك ٌّل
ذلك ألن الفهم ،والقراءة بشكل أكثر شموال " ،ليس ُمـ َج ّ
ظمة والمتمايزة اجتماعيا وثقافيا"(نفسه ،ص )142هي التي تحكم الى أساس من الممارسات المن َّ
ٍ ينبني على
حدّ كبير أنماطنا في إدراك النصوص.
شرح واستذكار:
يتحقق الفهم بإهمال المعطيات اللسانية ،وبتعميق المحتويات وتوسيعها :ينزاح القارئ عن الكلمة،
والجملة(التي يهملها بسرعة كبيرة أيضا) ،من أجل استذكار المعنى العام " :وهكذا ،فتطوير الفهم أثناء
القراءة يعود إلى تدريب التالميذ على القيام بمعالجة معرفية للمعطيات النصية تكون موسَّـعة ومع َّمقةً ما
أمكن ذلك"(فاندردورب ،1992 ،ص .)171ويستلزم مثل هذا العمل التصوري قوة نابذة تُبعد القارئ عن
جزئيات النص من أجل حمله على إعادة صياغة النص بتبنّـي رؤية شمولية للمعنى.
إن كتابات برتراند دوناي( )1997عن استعادة الشرح باعتباره أداة ً في تعلم التفسير األدبي تش ّكل مثاال
ّ
يمر تقييم الفهم بالضرورة من
التخرج االعدادي بفرنساّ " ،
ّ واضحا في إعادة صياغة المحتوى النصي .فعند
ألن الشرح هو ُمـؤلّف الفهم النصي .وهكذا يُـقدّم دوناي الشرح
خالل إعادة صياغ ٍة شارحة"(ص ،)100ذلك ّ
فإن الشرح يُـش ّكـل " باعتباره شكال خطابيا ماوراء نصيا يُـشيّد عالقةَ ٍ
فهم مع النص؛ وبعبارات أخرىّ ،
خطابا حول المحتوى منفصال عن تحليل الشكل"(ص ،) 109هذا األخير الذي يتعلق أكثر من ذلك بالتأويل.
9
فالبعد الشرحي للفهم يتوافق تماما مع الحركة النابذة التي وصفناها ،يعني أنه إعادة ُ صياغ ٍة للنص ذات طابع
شمولي تبتعد عن المكونات اللسانية.
َّ
وألن االستذكار والفهم مترابطان ووحده هذا االبتعاد هو ما يسمح باستذكار طويل للمعطيات النصية.
خاص بتخزين المعلومات المعرفية .فك ّل المعارف ّ بشكل وثيق(لوبران ،)1987 ،فالبدّ من اهتمام
المستحضرة أثناء الفهم صادرة عن الذاكرة ،ولذلك سيكون مه ًّما توجيه معارف التلميذ بطريقة من َّ
ظـمة ،من
ع معارف أجل مساعدته في عملية الفهم .وبهذا المعنىّ ،
فإن إروين وباكير( )1989يطالبان بأن يكون مجمو ُ
ي في الفهم .وفي مثل هذا السياق التعلُّـمي ،يتصور القارئ المحتوى المقروء ،ويتنبَّـأ
القارئ العام َل المركز َّ
بما سيأتي منه ،ويقارن ذلك بما كان يعرفه ،ويسائل المضمون ،ويقيّـمه ،ويعلّـق عليه ،وير ّكـبه .إنَّه يبحث
فهم أفضل ،عن إضاءة المسالك التي يبدو فيها المعنى أو المنطق غامضا .ومن أجل ذلك ،يبتعد عن
عن ٍ
النص ،ويخرج منه .وإجماال ،ينبغي له أن يبقى نشيطا على الدوام من أجل تحسين فهمه ،وبالتالي استذكاره.
القراء الجيّـدون دومـًا بصدد استنتاج معطيات مضمرة في النص ،أي ما يسكت عنه في الفهم ،يكون ّ
المؤ ّلف وينبغي للقارئ أن يمأله بنفسه .وهذه االستنتاجات هي التي تعيد الربط بين الكلمات والجمل والوقائع:
" ليست االستنتاجات مجرد كماليات يستخدمها التالميذ الممتازون كلَّـما فهموا النص .فهي أساسية في فهم
النص واستذكاره"(إروين وباكير.) 1989 ،وإذن ،فال يمكن أن نحصر الفهم في الدرجات الدنيا وأن نستبعد
منه العمليات االستنتاجية .وينبغي للقارئ ،من أجل فهم دقيق ،أن يكون على وعي " بضرورة الذهاب الى
ما هو أبعد من المعلومة الظاهرة للنص كي يفهمه فه ًما حقيقيا"(ديروزيي ـ س َبات ،1992 ،ص .)92ويعني
هذا إذًا أننا أمام عمل حقيقي في بناء المعنى يتدخل من خالل استراتيجيات القراءة من أجل ملء البياضات
وإظهار المسكوت عنه .فاالنحصار في المعنى الظاهر يعني أن ال يفهم القارئ ،مثال ،الرسالة المزدوجة في
10
السخرية؛ فالبد له إذًا من االستنتاج ،ومن خلق رابط بين النص وبين معارفه السوسيوثقافية الخاصة التي
تسمح له بتفكيك السخرية.
فهم أفض َل للعمليات التي يستحضرها أثناء ومن أجل أن يكون التلميذ أثناء تعلّم القراءة األدبية ً
قادرا على ٍ
عملية االستنتاج ،فالبد لألستاذ أن يدفعه الى أن يتحقَّـق من اللحظة التي يقوم فيها بذلك " :ما هي المؤشرات
النصية التي تقودك إلى هذا االستنتاج؟ وهل هذه المعلومة التي ت َّم استنتاجها مهمة بالنسبة إلى الفهم الشامل
ي؟" .وبهذه الطريقة ،سيكون التلميذ فضال عن ذلك في المستوى الذي يسمح له بأن يُـميّـز ما يتعلَّـق
للمحك ّ
َـرا ،ذلك ألن األمر المه ّم هو أن ال يقوم بإبعاد العمل االستنتاجي كلّـه إلى
بالفهم عن ما يُـش ّكـل تأويال ُمـبـتَـك ً
داخل عمليات التأويل التي غالبا ما يُـنظر إليها باعتبارها ترفًا في القراءة.
اقتراحاتٌ في التصنيف:
ويحدد جيرفي( ) 1993بوضوح شديد كيف أنه ال يمكننا أن ننصرف إلى أحد هذين التدبيرين مع إبعا ٍد
نفهم ،واألهمية الممنوحة لهذا التدبير أو ذاك تتعلق بأهداف
َ نتدر َج وأن
َّ ي لآلخر " :أن نقرأ معناه أن
كل ّ
القارئ وصالحياته"(ص .)43وفضال عن ذلك ،فهو يذهب الى أن القراءة األدبية " تظهر في الوقت الذي
بالتعرف الى النص ،لصالح
ُّ بالتدرج ،الذي سمح له في المرحلة األولى
ّ ينصرف فيه القارئ عن التدبير
تدبير الفهم الذي يقوده إلى تعميق معرفته بالنص"(نفسه ،ص )97وعلى األرجح ،فهو يضع التدبيرين داخل
لحظات متتالية ويرتّبهما في الوقت نفسه داخل التعلُّـم.
ويقترح بيير بيرتيي( )1999تعلُّـ ًما ثانيًا يجعله متمي ًّزا عن " القراءة اإلخبارية " القريبة من القراءة
بالتدرج عند جيرفيَّ " :
إن تجميع المعلومات في الذاكرة(االحتفاظ) ،وتعيين العالمات المعيَّنة فعال بالتخزين
البصري(االستكشاف) ،وتصور البقية المحتملة للنص(التوقّع) ،هو ما يش ّكل خطاطة سيرورة " القراءة
األولى "(ص .)25ويوضح أن تفكيك العالمات المكتوبة الذي يتعلق بالقراءة البسيطة قد اتَّض َح أنه غير
كافٍ لقراءة مؤلَّف صعب .وإذن البد من اللجوء الى قراءة ثانية ــ ليست بالضرورة الحقة باألولى ــ تأتي
فه ًما للغة بعيدًا عن ما تحيل عليه مباشرة .ويفرض هذا العمل إعادة بناء المعنى الذي ال يبدو على الفور
واضحا ومفيدًا " :القراءة الثانية ذات مفعول رجعي وال تعرف االكتمال أبدًا"(صَّ ،)25
ألن االستكشاف
والتعيين هما على الدوام خائبان .ويتبنَّـى كَـانفا( )1999هو اآلخر تعريفا للفهم ثنائي القطبُ ،مـتحدّثًا عن "
11
الفهم الوظيفي " و " الفهم األدبي "ُ ،مـتقاطعًا في ذلك مع أفكار جيرفي وبيرتيي ،مع وجود بعض الفروق
بينهم.
َّ
إن التصنيف األكثر صوابا هو الذي تقترحه جوسلين جياسون( ،)1990ألنها ال تقوم بحبس الفهم داخل
توتر بين شيئين ،بل هي تضعه على محور هو ثنائي القطب لكنه متَّـص ٌل زيادة على ذلك ،وهذا هو التمثُّل
كثيرا .فهي تميّز بين نمطين من الفهم ،الحرفي واالستنتاجي ،تقريبا على
ً الدقيق الذي يناسب نشاط الفهم
تدبير آخر أثناء التعلُّم .وهي ال تميّز
ٍ تدبير على
ٍ طريقة جيرفي ،إال أنها ال تقوم وال في لحظة واحدة بتقديم
بينهما إال في درجة التعقيد .فالفهم الحرفي يهتم بما هو موجود على سطح النص ،بطريقة ظاهرة ،ومن دون
ي استنتاج .أما الفهم االستنتاجي ،وهو األكثر تعقيدًا ،فإنه ينظر باألحرى في الروابط التي تُـن َ
سـج في أ ّ
األعماق؛ وهو بذلك يقود القارئ إلى سدّ الثغرات والفراغات الخالية أو المضمرة معطياتها.
وتُـميّز جياسون بين ثالثة أنماط من االستنتاجات :االستنتاجات المنطقية ،ومكوناتها واردة داخل النص؛
واالستنتاجات التداولية ،وهي تقوم على أساس المعارف والصور النمطية للقارئ؛ واالستنتاجات المبتكرة،
وهي األكثر تعقيدًا ،ألنها تتطلَّـب الكثير من المعارف المسبقة والصور النمطية المناسبة .وهذا النمط من
صـة المواد المستحضرة من خارج النص
الخاص بالتأويل ،ذلك ألن ح َّ
ّ العمل االستنتاجي قريب من اإلبداع
حضورا هنا .لكن هذا النمط من العمل يتميَّـز عن التأويل باعتبار أنه يسعى دائما إلى إعادة بناء
ً هي األكثر
المعنى الشامل للن ص من أجل الزيادة في وضوحه من خالل ملء البياضات.
12
نعــرف التأويل؟
ِّ ّ كيف
مكوناته:
إذا كان الفه ُم بنا ًء للمعنى انطالقًا من العناصر الظاهرة وال ُمـض َمـرة للنص ،فإن التأويل سيكون تأ ُّمـال في
" ُمـتَـعدّد النص "(كَـانفَـا ،1999 ،ص ،)103واستكشافًا هيرمينوطيقيًا .وبما أن التأمل واالستكشاف لم
تفسير ما الذي يرمي إليه الفه ُم ،فإن التأويل سيسعى باألحرى
ٍ يعودا ينتميان إلى مجال التوافق الجماعي على
وراء " داللة " ،وهي تحيل ايتيمولوجيا على فعل " التعيين " ،أي القيام باختيار بين الدوا ّل الممكنة .وإذا
ـؤول يبحث عن إنتاج
كان المعنى في جزء منه بداخل النص ،فإن الداللة توجد بخارجه ،يبتكرها قارئ ُم ّ
عالمات جديدة انطالقا من تلك التي يالحظها داخل النص .وتسمي توفيرون(1999ب) " نصوصا ُمـتَـوالدة
" هذه البنيات المتعددة المعنى التي تثير في الغالب عملية التأويل.
ـؤول لم يعد شُـ ُمـوليّـًا كما هو الحال بالنسبة إلى نظر القارئ في عملية الفهم .فال يمكننا أنـر ال ُم ّ
ظ َإن نَـ َ
ّ
وباألخص
ّ فالمؤول يُـر ّكز على العناصر التي تَـشُـدُّ اهتمامه
ّ ـؤو َل في الوقت ذاته ك َّل مكونات ٍ ّ
نص ما .وإذن، نُ ّ
من أجل أن يستخرج منها داللةً ال تظهر في النص لكنَّـها التي البدَّ أن تُـستوحى منه بطريقة ظاهرة .وإذن،
ي ،ينجذب إلى الداخل ،ويعود الى النص ــ يسمح المعنى االيتيمولوجي لعبارة " داللة
فإن هذا العمل تجزيئ ّ
" ،الذي يحيل على " التعيين " ،بهذا النوع من التقارب ــ ،بينما نجد الفهم يؤدي الى التراجع ،والى الصوغ
ي للبنيات المعجمية والتركيبية ــ كأنه قوة تُـبعدنا نحو الخارج .ففي التأويل ،يت ّم تكبير قرائن من النص
الشمول ّ
يعرف التقطيع ،ونجعلهُ ممكن من الممكنات .وإذن ،فإن المعنى المفهوم هو الذي
ٍ داخل عملية استكشاف
المؤ َّولة تُـغني المعنى
َ ت أخرى من خارج النص .وعند العودة ،فإن هذه العالمة الجديدةيواجه عالما ٍ
ي ٍ ما.
ي ٍ توافق ّ
وضع اعتبار ّ
ٍ عناصر النص عندما تحصل على
َ ال ُمـشَـيَّد ،ألنها ستُـغذي
إن التراث البيداغوجي يضع التأويل دائما في مرتبة أعلى من الفهم :وال ينبغي األخذ بهذه التراتبية لحظة
ظهورهما في المنهاج الدراسي ،بل هي تُ ُُ ـؤخَـذ بعين االعتبار في الكفايات المكتسبة بواسطة التأويل الذي
مجرد اختيار معنًى ما .ذلك
ّ ت أكثر دقّةً من
يفرض تجريدًا أكثر تعقيدًا .فاالبتكار يفرض ،في الواقع ،كفايا ٍ
13
ألنه يستعين ،من بين أشياء أخرى ،بثقافة القارئ ،ومعارفه ،واستعداداته ،وبعض مفهومات التاريخ ،أو
األكثر من ذلك ،أنه يستعين ،من داخل األدب ،بالنظريات األدبية .وينبغي للتلميذ أن يتعلم في وقت مب ّك ٍـر ّ
أن
عملية التأويل ال ترمي الى استخدام النص لصالح فرضيات تأويلية ال تبقى وفيّـةً لمضمونه ،بل األولى أن
صـ ٍة بالتأويل يثير مسألة ت تُـستو َحـى مباشرة ً من النص .ذلك أن ابتكار عالما ٍ
ت خا ّ يعم َل على إبراز دالال ٍ
الحدود الهرمينوطيقية أيضًا ،هذه الحدود التي بتجاوزها تتحول المغامرة إلى مخاطرة .وبالفعل ،من
الضروري أن ندَ ّرس أن التأويل هو أوال وقبل ك ّل شيء صو ٌ
غ اجتماعي ،وصوغ خطابي يستتبع بالضرورة
مسؤوليةً .ومن أجل منع هذه التجاوزات التأويلية ،البد لألستاذ من أن يؤسّـس " التأويالت على ح ٍدّ أدنى
ب جام ٍد من
من القواعد"(كَـانفَـا ،1999 ،ص .)103ومع ذلك ،ال ينبغي لهذه القواعد أن تبقى سجينة قال ٍ
ت مستمدّةٍ من النظريات األدبية :قد تؤدي اللغة الواصفة لهذه األدوات في بعض األحيان إلى ارتباك
أدوا ٍ
كبير بسبب طابع خطابها الغريب الذي غالبا ما يُستخدَم في القسم كمفهومات جامدة(جورو.)1999 ،
تُـميّـز توفيرون(1999ب) بين نمطين في العمل التأويلي ،ينتمي األول ربَّما إلى الفهم " :ما نس ّمـيه "
تأويل " 1
( تأ )1هو سلسلة من االختيارات المحلية للمعنى فيها يوجد تعدد االختيارات التي تساهم في بناء تمثّـ ٍل(من
بين تمثالت أخرى) شام ٍل ومتماسكٍ للحبكة"(ص .)20وبما أنها تستبعد قراءة ال ُمـض َمـر من الفهم ،فال
صـةً بالفهم :انتقاء معنًى .أ ّما النمط الثاني الذي تقوم
ت خا ّ
نستغرب إال قليال أن نجد في تعريفها للتأويل كفايا ٍ
خالص ،فهو ينتمي كليةً إلى تعريفنا للتأويل " :إننا نطرح أيضا ّ
أن ك ّل ّ
نص ٍ ي بشكل
بتعريفه ،وهو إبداع ّ
يستدعي تأويال من النمط (2تأ )2بالمعنى الهرمينوطيقي للعبارة ،وهو يأتي بعد الفهم ،لكنه يستطيع أن يُـعَدّله
النص لي؟
ّ بالعودة ،ليس إلى " ما الذي يقوله النص؟" ،بل الى " أبعد م ّمـا يقوله النص ،الى ما الذي يقوله
ما العبرة أو الدرس أو الحمولة الرمزية ...التي يمكنني استخراجها منه؟"(ص .)21فالتأويل الثاني (تأ)2
ي َُـولّد حركةً معاكسةً للتأويل األول(تأ )1بما أنه تأ ّم ٌل في المعنى المتعدد .وإذن ،فالتأويل يفرض حركةَ ذهاب
14
وإياب بداخلها يحتفظ القارئ بعناصر متعددة المعنى يقوم ببسطها على النص مان ًحا إيَّاه داللةً خارجيةً :إنّهما
ــ أي التأويالن ــ يشتغالن معًا في وئام ،بحيث يغذي الواحد منهما اآلخر بطريقة ال تعرف االكتمال أبدًا.
ٌ
ممتاز من أجل أن نوضّح هذا التكامل في َّ
إن إدراج الخطاب اإليديولوجي داخل النصوص هو مثا ٌل
نص ما ،لكن فقط عندما يكون ذلك موض َع
تدريس التأويل .فمن المؤكد أننا قادرون على فهم ايديولوجية ٍ ّ
مساءل ٍة بطريق ٍة واضحةٍ .والحالة هي كذلك في المقال االفتتاحي(لجريدة ما) أيضا .ومع ذلك ،ففي حالة
الرواية ،ال يمكن أن نتحدث عن فهم اإليديولوجية التي تَـسندُ تشخيصا معيَّنًا للواقع؛ واألجدر أن ّ
نؤولها،
لنص ما تتطلّـب ابتكار عالمات ُمـ َبـنـ َيـنَـ ٍة بواسطة معارف تقع خارج النص.
ذلك ألن القراءة االيديولوجية ٍ ّ
ص إلى قراءةٍ تتغذّى من معايير خارجية ،بالنظر الى النماذج اإليديولوجية التي َيـن ُ
سـبها فهي نق ٌل لمعطيات الن ّ
ـؤول إلى النص .فال وجود لهذه النماذج في داخل النص ولو حتى بطريقة مضمرة؛ فهي ال توجد بالضبط
ال ُم ّ
انتثارا ال يسمح بإسنادها إلى الفهم. ً في موضع محدد في داخل النص ،وحضورها هو بشك ٍل عا ٍ ّم أكثر
ـر إلى النقد النفسي الذي يستعين بمعارف ليست ُمـ َد َّون ًة داخل النص بأ ّ
ي شك ٍل وبالطريقة نفسها يمكن أن ننظُ َ
من األشكال.
نحترس من حصر التأويل في مجال األدب وحده(جورو .)1999 ،فهناك أنماطٌ أخرى
َ من الضروري أن
من النصوص الالتخييلية ،كالمقاالت االفتتاحية(للجرائد) واألفالم الوثائقية والكاريكاتورات والخطابات
ي يمكن أن
االشهارية والسياسية ،الخ ،.هي قابلة للتأويل أيضا :خلف الرسالة التي تبلغنا من مقا ٍل افتتاح ّ
مناهض للعقالنية ،الخ .ذلك
ٍ ي أو
ي أو اشتراك ّ
ي أو نيوليبرال ّ
ي أو جمهور ّ
ب استبداد ّ
موقف ذو مذه ٍ
ٌ يرتسم
ي إال ويكون حامال للقيم واإليديولوجيات والمقاصد غير ال ُمـدَ ّونة داخل النص لكن من ألن ك ّل خطا ٍ
ب عموم ّ
الممكن أن نَـتَـعـقَّـبها بواسطة المعارف واألدوات التي نمتلكها .وبنا ُء الدالالت ليس خا ّ
صـًا بالقراءة األدبية،
خاص بالبنيات المتوالدة التي تتحدَّد بتعدّدية معناها.
ٌّ بل هو باألحرى
ومث ُل أهل األدب ،فالصحافيون ينصرفون غالبًا إلى العمل بالتأويل مع نتائج االنتخابات أو استطالعات
نعرف ما هي النسبة المئوية
َ أمر يعود إلى قراءتها من أجل أن
نفهم أرقام استطالع رأي ٍ ٍُ ما ٌ
َ الرأي .فأن
لهذا الجزء من الساكنة الذي يدعم حزبًا ما ،وما هو أحد الجنسين الذي يدعم الجنس اآلخر ،الخ .أ ّما التأويل
بوضوح داخل المعطيات ال ُمـ َجـ َّمـعة ،لكنّـها تصد ُُر عن تلك
ٍ فإنّه يقود باألولى الى دالل ٍة جديدةٍ ال تظهر
نؤول انخفاض نسب ٍة ما بعد استطالعات القراءة التي يقوم بها ال ُمـ َحـلّـلون لهذه المعطيات .وهكذا ،يمكن أن ّ
ابتكار،
ٌ ب ما من سياس ٍة ما .والداللة المسنودة إلى هذه األرقام هي
تعبيرا عن استياء ناخ ٍ
ً رأي ٍ عديدةٍ باعتباره
لممكن من الممكنات
ٍ استكشاف
ٌ فهي ال تظهر ق ُّ
ط من خالل المعطيات ،وال حتّى بطريقة ضمنية؛ إ ّنها
المحتواة في أرقام استطالعات الرأي .ومن أجل بلوغ هذه الداللة ،يستخدم المحلّـلون معارفهم المتعلقة
بالوضعية السياسية ،أو بالتاريخ السابق ،أو بالناخب ،الخ .وهكذا ،تصبح األرقام مادَّة ً من أجل ٍ ّ
نص جديد.
15
ي للمعنى المقبول من طرف الجميع إال
وال يمكن لهذا التأويل أن يطمح إلى الحصول على الوضع االعتبار ّ
تفسيرا معقوال.
ً ُـدرك باعتباره
ي ،ويعني ذلك أن ي َ
إجماع نسب ّ
ٍ إذا استطاع أن يحصل على
ّ
إن التأويل ،مثل الفهمُ ،مـستَـو ًحى بالضرورة من بيوغرافية القارئ :من تجاربه االجتماعية والثقافية ،من
المؤوالت " عند شارل سندرس بورس (في :فرانكور،1993 ،
ّ معارفه ،من أحاسيسه ،من أذواقه ،الخ .و"
ص )43هي هذه العالمات ال ُمـستر َجــعـة بواسطة عملية التأويل .غير أنه من الضروري أن نحترس من
ألن معارفه كلّـها هي نوع من الصوغ االجتماعي النشيط
ي للقارئ ،ذلك ّ
َحصر التأويل في العالم الحميم ّ
سا في عملية التأويل ،ذلك ألنها الذي يُـشَـ ّكـ ُل قراءاته بشكل ُمـعـتَـبَ ٍـر .وإذن ،فاإليديولوجية تلعب ً
دورا أسا ً
ـرفُـها باعتبارها
إن اإليديولوجيات ،التي نُـعَ ّ تَـحكُـ ُم القارئ بطريق ٍة ماكرةٍ ،من دون أن تكون ُمـ َ
سـ َّماةّ " :
أنساقًا إلنتاج المعنى وإلسناد الدالالت ،هي ،من منظور بورس ،مجموعاتٌ من العالمات ال ُم ّ
ـؤولة التي
ظم الواقع وتسعى إلى تنظيمه في كُـلّـيته"(فرانكور ،1993 ،ص .)59وحت ًما ،فهذه العالمات الفردية
تُـنَـ ّ
والجماعية هي التي تساهم في تشييد دالل ٍة ما.
المؤولة ،بالنسبة إلى بورس(في :فرانكور ،1993 ،ص ،)43وضعين مختلفين :من جهة ،هناك
ّ تحت ّل
العالمات الفردية والجماعية التي يُـعيدُ القارئ تنشي َ
طـها داخل تأويله؛ ومن جهة أخرى ،هناك الداللة التي
ت جديدةٍ باعتبار أنها عالمةٌ جديدة ٌ مطروحةٌ للتأويل.
تخضع لها العالمة والمدعوة إلى المساهمة في تأويال ٍ
ت جديدةٍ وفي هذا العمل ،فاألنا المبتكرة تقوم إذًا بإبالغ ك ّل تأويل من خالل َرمي العالمة ن َ
َـحو دالال ٍ
سـتُـستَـعادُ ،هي األخرى ،من طرف ُم ّ
ـؤولين جدُدٍ. َ
وإذن ،فالسيميوزيس يستلزم أن نُـعيد مرة ً ثانيةً وضروريةَ تداو َل الدالالت ،فإنه بذلك نجعل السلسلة
تعميم
ٍ ـؤولة وتُـغذّي تأويال جديدًا بما أنها تندرج ضمن عملية
تبتكر ال ُم ّ
ُ التأويلية النهائية :بال انقطاع،
ضروري ٍة للقراءات.
16
ـر التأويل بالضرورة من المواجهة االجتماعية التي تمنحه المشروعية .فهو تحيي ٌن لدالل ٍة من طرف
يَـ ُم ُّ
ت في قلب عشيرةٍ ما ،بالقدر الذي تساهم به في السيميوزيس الذي ال ينقطعّ " :
إن تأويل النصوص يقوم ذا ٍ
بإبراز سيرورات الفهم عند القاريء"(جورو ،1999 ،ص .)99وأ ّمـا المعنى فإنّه مقبو ٌل ــ ألنه يحصل في
إجماع ولو كان معنًى وحيدًا ومحددًا ــ؛ وهو ال يحتاج إلى النشر والذيوع من أجل أن
ٍ األحوال كلّها على
يحصل على مشروعيته .وبالمقابل ،فالتأويل يستمدّ مشروعيته من هذا الصوغ االجتماعي .ومن دون صوغ
ابتكارا شخصيـًا .ولهذا ينبغي
ً ي ،ومن دون مواجهة مع اآلخر ،ال يمكن االعتراف بالتأويل وسيبقى
خطاب ّ
للمؤول أن يسهر على أن يتجاوز تأويلُـه الوض َع االعتباري للعالمة الفردية من أجل أن يصبح عالمةً
ّ
اجتماعيةً ،ومن أجل أن يكون ً
قادرا على المساهمة في تداول العالمات ،أي في السيميوزيس.
ال ينبغي إلعادة تنظيم المعنى المالزمة للفهم أن تكون مختزلةً في رسال ٍة وحيدةٍ يكون المؤلّف هو من
يسعى الى إبالغها ،بل األولى أن يسمح الفه ُم بالنفاذ إلى تمث ُّ ٍل للعالم " .ما ينبغي لنا فهمه ليس هو الحياة
النفسية لمن يتحدث من وراء النص ،بل هو هذا الشيء الذي يتحدث عنه النص( ،)...هو هذا النوع من العالم
ـؤلَّف إلى إظهاره"(بيرتيي ،1999 ،ص .)95وسيكون التأويل هو بالضبط هذه المحاولة في
الذي يسعى ال ُم َ
تفسير تعددية العوالم .فهو يسعى الى أن " يستخرج عوالم األدب الممكنة من عالم الواقع الفردي والمابين ـ
فردي"(نفسه) .وإجماال ،فإن القراءة تُـؤسس عوالم؛ وإذا كانت تبحث عن فهم معنى النصوص بالتحايل على
17
ت جديدةٍ ،فإن هدف القاريء ال يتغيّر
الحواجز الموضوعة في الطريق ،أو بتأويلها من خالل منحها دالال ٍ
آخر من أجل أن يَـتـبـيَّـن من خالله صورة ً عن ذاته ،وأن يشعر بالقليل
عالم َ
سـه داخل ٍ
أبدًا :أن يَـعرض نف َ
من األلفة من خالل صوره النمطية.
وداخل هذا البناء للعوالم الممكنة ،يـتَّـضح كم هو صعبٌ أن نُـعيّن من بين المحطتين تلك التي لها
ب يُـؤ ّكده العديد من األسبقية .هل ينبغي لنا أن نفهم كي نُ ّ
ـؤول في ما بعد؟ لقد أتينا في هذه المقالة بجوا ٍ
ي بعي ٍد عن الكلمة الباحثين :إن عالمة الفهم خاضعة لمقاييس القارئ ومعارفه ،من خالل صوغ مفهوم ّ
المؤوالت المست َمـدَّة من
ّ والجملة؛ أ ّمـا عالمة التأويل فهي مقذوفةُ نحو دالال ٍ
ت جديدةٍ .وينت ُج عن ذلك أن هذه
مجردًا منها قبل التحليل ال ُمـ َعـ َّمق .وكي ال
َّ النص
ّ عمل التأويل تعود لتُـغَـذّ َ
ي فه َمـنا لتعددية المعنى التي كان
نذهب ،مثل فاندردورب( ) 19992إلى أن الفهم يأتي بعد التأويل ــ ألن هذا السجال حول األسبقية
تالزم ،ويغترف ك ُّل واح ٍد من العالمات
ٍ كثيرا ــ ،فإننا نؤكد أنهما يشتغالن في
الكرونولوجية ال يسمح بالتقدم ً
مدعوة ٌ إلى التأويل ،ويكون
َّ التي أنتجها اآلخر .وهنا سيتحقَّـق تحديد قراءةٍ غنيّـ ٍة ومنتجةٍ :المعطيات المفهومة
ي أن يُـقَـدَّم السجالن م ًعا في تالزمهما منذ التعلمات األولى للقراءة .وهكذا ،يستكشف القارئ
من الضرور ّ
ت جديدةٍ هو نفسه من ابتكرها ومنحها
ممكنات عالمات النص من أجل أن يعودَ إلى إغناء فهمه بواسطة دالال ٍ
الصالحية من داخل النص.
امتدادات ديداكتيكية
18
موجزا جدًّأ من أجل تعلّـم ــ تدريس الفهم والتأويل في النصوص األدبية من
ً وفي سبيل الختم ،نقترح مثاال
خالل استحضار متوالي ٍة ديداكتيكي ٍة موضوع ٍة من أجل تالمذة اإلعدادي بالكبيك( 18ــ 19سنة) .ومن أجل
تحريف شفرات
ُ إطار للتعلّـم ،تصورنا مع التالميذ قبل القراءة وضعيةً ــ مشكلةً نواتُـها التأويلية هي
ٍ بناء
بوضوح ال باعتباره
ٍ ح
الحكاية الخرافية من طرف الكاتب بوريس فيان في روايته :زبد األيام :فالزواج مطرو ٌ
خاتمةً سعيدة ً متوقّعة ،بل باعتباره الحدث الذي سيؤدي الى انطالق مصائب كوالن وعصابته .وما أن نتقدّم
مرتفع
ٍ ت
س بصو ٍ بهذا المسلك التأويلي حتى تنطلق فعليّــًا عمليةُ الفهم والتأويل :قبل القراءة ،يقرأ ال ُمـدَ ّر ُ
صة محلّــال ،على سبيل المثال، مقاط َع مستهدفة من داخل النص يُـبرز من خاللها عملياته االستنتاجية الخا ّ
المرض ألول مرة .والتالميذ مدعوون على الفور إلى تأويل مقطع
ُ مشهد الزواج الغريب الذي سيظهر به
وبالتدرج ،سيتعلّـمون كيف يربطون ،بمساعدةٍ
ّ ثان يُـوضّح العالم العدائي الذي نشأ فيه كوالن بعد زواجه.
ٍ
واضح داخل الرواية.
ٍ عناصر النص بالمسلك التأويلي الذي ال يَـظهر بشكل
َ ـدرسهم ورفاقهم،
من ُم ّ
19
تركيب خصائص الفهم والتأويل
الـــتـــاويـــل الـــفـــهــــم
* اشتغا ٌل بــالداللة ،بــالتدالل الذي يحيل على فعل " التعيين "، * اشتغا ٌل بــالـمـعـنـى ،المحدد باعتباره "إدراكــًاكــًا حسيّـــًا "
ت
* تأم ٌل في متعدد النص يقود الى ابتكار عالما ٍ * اشتغا ٌل على الحواجز التي يَـنصبها النص وتمنع الفه َم.
جديدةٍ(مؤوالت).
* في التأويل ،يضيف القارئ داللةً جديدةً إلى النص المتعدد * في الفهمُ ،يـحـيّـ ُن القارئ المعنى ،يشيّده أوال انطالقا من
المعنى ،غير أنه من الضروري أن يستوحي العالمات من عناصر النص ،مستعينــًا بمعارفه وتمثالته.
* الفه ُم مشروطٌ ببيوغرافية القارئ وبالخطاب االجتماعي. * الفه ُم مشروطٌ ببيوغرافية القاريء وبالخطاب االجتماعي.
فردي ٍ ليس بالضرورة ُمـصاغــًأ اجتماعيا .اآلخر ضرورية لتحصل العالمة التي بناها القاريء على
ّ ما؛ فهو يتعلق بنهجٍ
مشروعيتها.
أجل بناء دالل ٍة جديدة تساهم في الفهم عند الرجوع إليه إذا ما فهم شام ٍل ،و ُمـصاغٌ صوغـًا مفهوميـًا ،وال يقتضي
أجل بناء ٍ
ت
* يستخدم التأويل عالمات النص من أجل ابتكار عالما ٍ * بواسطة عملية االستنتاج ،يرمي الفهم الى ملء بياضات
َــرة من تأليف
ت ُـستَـوحَـى منه ،لكنها غير ظاهرة ،بل هي ُمـبـتَــك َ النص من خالل تفكيك العناصر المضمرة :المضمرات،
المؤول.
ّ المسكوت عنه ،االستعارات ،الخ.
عناصر
َ * يَـصد ُُر التأوي ُل عن خارج النص ،فهو يقتطع من النص التعرف الى
ّ * يَـصد ُُر الفه ُم أوال عن النصّ ،وهو يرمي الى
القارئ.
أثناء القراءة الفردية ،تتحدد مه ّمـةُ التالميذ في تعميق التأويل الذي بدأت ترتسم معالمه ،مع ّ
مدرسهم،
المدرس قراءة ً
ّ بقدر أكبر من التشاكالت .وفي مثل هذا اإلطار الديداكتيكي ،ال يفرض
ساعين الى ربطه ٍ
وحيدةً ،بل يسمح للتالميذ ببناء كفاياتهم التأويلية في عالق ٍة بمسأل ٍة مطروح ٍة منذ بداية االشتغال ،ألن المتعلم
20
ــ القارئ ال يمكنه ،بمفرده ،أن ينخرط في مه ّمـة التأويل :لن يتمـ َّكــن من عزل مسأل ٍة مالئم ٍة تستجيب
ع .وهكذا ،فأثناء القراءة الفردية ،يُـؤلّف التلميذ لنفسه فهمــًا يقوم
لخصائص النص من دون انحراف ُمـبـتَـدَ ٍ
في جزءٍ منه على تأوي ٍل يُـغذيه شيئا فشيئا كلَّـما تقدّم في النص .وبارتباطه بالمسألة المطروحة ،سـيتعلّم كيف
مستمرا داخل القسم ،بواسطة
ّ قدر من تشاكالت النص .وعند االنتهاء من القراءة ،يبقى التعلّـم
أكبر ٍ
يستشعر َ
العمل التشاركي ،لفحص فرضيات القراءة ،واختبار التوافق الجماعي حيث ينبغي لكل واح ٍد أن يدافع عن
استبصاراته التي تكون مترددة أحيانا .وهكذا تتنقَّـل األسئلة الفردية للقارئ ــ الخبير داخل القسم ،من أجل
باستمرار على النص،
ٍ المؤول أن يثبت صالحية مسالكه التأويلية باإلحالة
ّ أن يفهم التالميذ كيف ينبغي للقارئ
ـدرس أن يوضحها ما أمكن ذل ك بإلقاء الضوء على آليات التفاوض التي تجري
وهي العملية التي ينبغي لل ُم ّ
ي.
داخل العمل التشارك ّ
وانطالقُ القراءة األدبية بهذا الشكل ،في استهاللها ،أال يضع التأويل قبل الفهم؟ الشك في ّ
أن هذا ما تؤكده
ت تعلميةٍ .لكن ال يمكننا أن نجزم بذلك في نشاط القراءة
المتوالية الديداكتيكية المقدَّمة هنا ،ومن أجل غايا ٍ
أمر يجعل يسيرة ً عمليةَ التأويل التي تُـغَــذّي الفهم،
نص ما ٌ
فهم محتوى ٍ ّ
أن َكما تمارسه الذات .وما نعتقده هو ّ
أكثر دقّةً هو الذي ...يبدو شرطـًا ضروريــًا من
فهم َهذا الذي يقوم ،بدوره ،بإغناء التأويل الذي يَـنـفُــذ إلى ٍ
أجل انكشاف لذّةٍ دائم ٍة ومتجدّدةٍ للقراءة األدبية.
المراجع:
21
Calvez, V. (1999). Lire (et comprendre) Zadig de Voltaire ou comment y entrer?… et
97-124.
Lebrun et
M.-C. Paret (dir.), L’hétérogénéité des apprenants (p. 91-96). Paris: Delachaux et Niestlé.
de l’Université Laval/Klincksieck.
Gadamer, H.-G. (1996). Vérité et méthode. Les grandes lignes d’une herméneutique
Seuil.
22
Giasson, J. (dir.) (1990). La compréhension en lecture. Boucherville: Gaëtan Morin.
19, 139-166.
Molino, J. (1989). Interpréter. In C. Reichler (dir.), L’interprétation des textes (p. 9-52).
Privat, J.-M. (1995). Sociologiques des didactiques de la lecture. In J.-L. Chiss, J. David
Paris: Nathan.
Tauveron, C. (1999a). Des enfants de 6 à 10 ans en quête de sens. Enjeux, 46, 5-25.
23
Terwagne, S., Lafontaine, A. et Vanhulle, S. (1999). Lectures interactives d’Amos et
24