Professional Documents
Culture Documents
قصص قصيرة من 100 قصص مختارة
قصص قصيرة من 100 قصص مختارة
1
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
أحصت ديال نقودها ثالث مرات بيأس وفي حيرة من أمره::ا ،إذ أن م::ا تملك::ه ه::و،
دوالرًا واحدًا وسبعة وثمانون سنتًا فقط ،وغدًا سيكون عيد الميالد ،وقد أنقذت س:تون
سنتًا في قروش جيب شخص أواثنين من اإلفالس؛ نتيجًة الفصال م::ع البقال::ة ،وب::ائع
الخضر ،والجزار ،وتسبب ذلك في خجل الشخص؛ نتيجة بخله الغانية عن التعريف،
والتي ينطوي عليها مثل هذا التعامل الوثيق..
كان من الواض::ح أن م::ا بي::د ديال ش::يئًا تفعل::ه س::وى اإلرتم::اء و الن::واح على أريك::ة
صغيرة رثة ،مما يثير النظرة المعنوية؛ ب::أن الحي::اة م::ا هي إال تنه::دات ،وش::هقات،
وابتسامات ،حيث تهيمن الشهقات عليها
ألقت ديال بنظرها إلى المنزل ،لقد كانت تعلن عن تراجع مستواه المعيشي تدريجيًا،
من الطبقة األولى إلى الثانية ،إنها شقة مفروش::ة مقاب::ل 8دوالرات في األس::بوع ،لم
يكن الوصف وصفًا مستعط تمامًا ،ولكنه بالتأكيد يحمل في ثناياه تلك الكلم::ة المع::برة
عن مجموعة متسولين يعيش:ون فيه:ا ،فثم:ة ص::ندوق بري:د في الرده::ة باألس:فل ،لن
تكلف رسالة ما نفسها عن::اء التواج::د في::ه ،وزرًا كهربائيً:ا ،ال يق::درأن يس::تميل أي إ
صبع بش::ري ليدق::ه ،وأيضً:ا بطاق::ة ذات ص::لة تحم::ل اس::م "الس::يد جيمس ديلينجه::ام
يونج".
لقد تخلوا عن اسم " ديلينجهام" خالل ف::ترة س::ابقة من الرخ::اء ورغ::د العيش ،عن::دما
ك::ان مالكه::ا يتقاض::ى ثالث::ون دوالًر ا أس::بوعيًا ،ولكن اآلن عن::دما تقلص ال::دخل إلى
عشرين دوالرًا ،بدت حروف "ديلينجهام" على البطاقة غ::ير واض::حة ،كم::ا ل::و أنهم
كانوا يفكرون جدًيا في التعاقد م::ع ش::خص بس::يط ومتواض::ع " ."Dكلم::ا ع::اد الس::يد
جيمس ديلينجهام يونج إلى المنزل ووص::وله إلى ش::قته العلوي::ة ،ك::ان ُي دعى "جيم"،
تعانقه بشدة السيدة جيمس ديلينجهام يونج ،والتي ذكرت بالفعل باسم ديال ،فكل شيء
على ما يرام.
أحضرت ديال بعضًا من البودرة ،بعدما أنهت بكاءها ،ووضعتها على خ::دها إلخف::اء
عالمات البكاء ،ووقفت بجانب النافذة ،تنظر بفتور إلى قطة رمادية تسير على سياج
رمادي في فن:اء خلفي رم:ادي الل::ون ،س:يكون عي:د الميالد ي:وم غ:د ،ولم يكن ل::ديها
2
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
سوى 1.87دوالًر ا لتشتري بها هدية لجيم مع أنها كانت ت::دخر ك::ل ق::رش تس::تطيع
توف::يره لع::دة أش::هر ،ولكن به::ذه النتيج::ة ،عش::رون دوالًر ا في األس::بوع ال تثمن وال
تغني من جوع.
لقد كانت النفقات أكبر مما في الحسبان ،وهي دائمًا كذلك ،ل::ديها فق::ط 1.87دوالر
لش::راء هدي::ة لجيم ،وه::و الش::خص الوحي::د ال::ذي يعنيه::ا ،لق::د قض::ت العدي::د من
الس::اعات وهي تخط::ط بس::عادة لش::راء ش::يء رائ::ع ل::ه ،ش::يء جمي::ل ،ون::ادر ،ومن
الطراز األول – شيء جدير بأن يمتلكه جيم.
ثمة حاجز زجاجي بين نوافذ الغرفة ،ربما قد تك:ون ش:اهدت مثل:ه في ش:قة بقيم:ة 8
دوالرات ،إذ يمكن ألي شخص نحيف للغاي::ة وش::ديد المرون::ة ،أن يالح::ظ انعك::اس
صورته في تسلسل سريع من الشرائط الطولية ،وأن يحص::ل على تص::ور دقي::ق إلى
حد ما لمظهره ،وقد س::اعدت نحال::ة ديال في إتقانه::ا له::ذا الفن .وفج::أة اس::تدارت من
النافذة ووقفت أمام الزج::اج ،ك::انت عيناه::ا تش::عان ببراع::ة ،ولكن وجهه::ا فق::د لون::ه
خالل عشرين ثانية ،وسرعان ما قلبت شعرها لألسفل ،تاركة إياه بهذا الوضع.
يوجد حاليًا اثنين من ممتلكات عائلة جيمس ديلينجهام ي::ونج ،وكان::ا يفتخ::ران بهم::ا
بشدة ،إحداها كانت ساعة جيم الذهبية التي ك::انت تخص وال::ده وج::ده ،واآلخ::ر ك::ان
شعر ديال ،لو كانت ملكة سبأ تعيش في الشقة المقابلة لعمود التهوية ،لك::انت ديال ق::د
تركت شعرها يتدلى من النافذة يوًما ما حتى يج::ف؛ لمج::رد خفض قيم::ة مج::وهرات
ص::احبة الجالل::ة وه::داياها ،ول::و ك::ان المل::ك س::ليمان ه::و الب::واب ،رغم ك::ل كن::وزه
المتراكمة في القبو ،لكان جيم قد أخرج ساعته في كل مرة يمضي به::ا؛ ل::يراه ينت::ف
لحيته من الحسد.
ينسدل شعر ديال الجميل حولها ،متموًج ا ومشرًق ا كشالل من المياه البنية ،إذ يصل
طول شعرها إلى ما تحت ركبتها ،وكأنه كالثوب عليها.
رفعت ديال ش::عرها م::رة أخ::رى بعص::بية وبس::رعة ،و تع::ثرت ذات م::رة ،لدقيق::ة،
ووقفت ثابتة بينما تناثرت دمعة أو اثنتين على السجادة الحمراء البالية.
خرجت ديال من باب الغرفة ،وهبطت الدرج متجهة إلى الش::ارع ،مرتدي::ة س::ترتها
البنية القديمة؛ وكذلك قبعته:ا البني:ة القديم:ة ،م:ع تن:ورة من طبق:ات تش:به في ش:كلها
الدوام::ة ،وال ي::زال ذل::ك ال::بريق الالم::ع في عينيه::ا ،حيث وقفت عن::د الفت::ة كتب
عليها":سيدة سوفروني" لمنتج::ات الش::عر بجمي::ع أنواعه::ا .حلقت إح::دى الط::ائرات
3
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
فوق ديال بينما هي واقفة أمام واجه::ة المح::ل ،فاس::تجمعت قواه::ا وهي تلهث ،ك::انت
السيدة كبيرة الهيئة ،وبيضاء للغاية ،وباردة ،وبالكاد تبدو مثل "السوفروني".
سألت ديال السيدة ":أتشترين شعري؟"
قالت السيدة " :أشتري الشعر"" ،اخلعي قبعتك ودعيني ألقي نظرة عليه".
تدلى الشعر مموجًا كالشالل البني.
قالت السيدة مفلتة كتلة الشعر بمهارة":عشرون دوالرًا".
قالت ديال :أعطني إياها سريًعا.
أعطت السيدة ديال النقود ،مرت الساعتين التاليتين كالبرق ،كانت تجول المتاجر من
أج::ل هدي::ة جيم ،لق::د وج::دتها أخ::يرًا ،بالتأكي::د أنه::ا ص::نعت ألج::ل جيم وليس ألج::ل
شخص آخر ،لم يكن هناك مثيل لها في أي من المتاجر ،وق::د قلبت المت::اجر جميعه::ا
رأًس ا على عقب ،كانت سلسلة من البالتين بسيطة وغير مبالغ في تص::ميمها ،وتعلن
حقًا عن قيمته:ا من خالل الخام:ة وح:دها ،وليس من خالل زخرفته:ا المبهرج:ة كم:ا
ينبغي أن تكون عليه كل األشياء الجيدة .لقد كانت تستحق حتى الساعة ،وبمج::رد أن
رأيتها عرفت أنه::ا ال ب::د أن تص::بح لجيم ،ك::انت مثل::ه في اله::دوء والقيم::ة – إذ ه::و
الوصف المطبق لكليهما .أخذوا منها واحدًا وعشرين دوالرًا مقابل ثمنها ،وأس::رعت
إلى المنزل ومعها السبع والثمانين سنًت ا .قد يكون جيم قلقا بشأن الوقت في أي شركة
على الرغم من وجود هذه السلسلة في ساعته ،وعلى الرغم من ضخامة الس::اعة ،إال
أنه أحياًن ا كان ينظر إليها خلسة بسبب األربطة الجلدية القديم::ة ال::تي ك::ان يس::تخدمها
بدًال من السلسلة.
عندما وصلت ديال إلى المنزل ،أفسح ثملها المج::ال قلياًل للحكم::ة والعق::ل ،أخ::رجت
مكواة تجعيد الشعر وأشعلت الغاز وذهبت لعمل إصالح لألضرار التي أحدثها الكرم
المصاحب للحب ،وإنها دائمًا مهمة هائلة ،بل إنها مهمة ض::خمة .لق::د أص::بح رأس::ها
في غض::ون أربعين دقيق::ة ،مغطى بتجعي::دات ص::غيرة متقارب::ة جعلته::ا تب::دو رائع::ة
كتلميذة متغيبة عن المدرسة ،نظرت طويًال بعناية ،وانتقاد إلى انعكاس::ها في الم::رآة،
وقالت لنفسها« :إذا لم يقتلني جيم ،سيقول أنني أشبه الفتاة اللعوب ح:تى قب:ل أن يلقي
نظرة علي» ،ولكن ماذا يمكنني أن أفعل – يا ويحي! م:اذا يمكن:ني أن أفع:ل ب:دوالر
وسبعة وثمانين سنًت ا؟»
أع::دت القه::وة في الس::اعة الس::ابعة ص::باحًا ،وك::انت المقالة س::اخنة ،وج::اهزة ف::وق
الموقد؛ لطهي قطع اللحم .تأخر جيم على غ::ير عادت::ه ،أخ::ذت ديال السلس::لة وثنته::ا
4
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
مرتين على معص::مها ،وجلس::ت على زاوي::ة الطاول::ة ب::القرب من الب::اب ال::ذي ك::ان
ي:دخل من:ه دائًم ا ،ثم س:معت خطوت:ه بعي:دًا على عتب ال::درج األول ،امتق::ع وجهه:ا
لوهل::ة ،لق::د ك::انت معت::ادة على تردي::د دع::وات ص::غيرة بص::مت عن أبس::ط األش::ياء
اليومية ،واآلن همست « :يا ربي ،أرجوك أن تجعله يعتقد أنني مازلت جميلة» .فتح
جيم الباب ودخل ثم أوصده .لقد بدى نحيفًا وجادًا للغاية ،مسكين جيم ،كان في الثانية
والعشرين من عمره ،وكان مثقاًل بعائلت::ه! إن::ه بحاج::ة إلى معط::ف جدي::د ،وك::ان بال
قفازات.
تسمر جيم عندما دخل من الباب كمن سكبت عليه مياه باردة ،إذ كانت عيناه مثبت::تين
على ديال ،وكان فيهما تعبير ال تستطيع قراءته ،مما أدخل على قلبها ال::ذعر .لم يكن
تعب::يرًا ينم عن الغض::ب ،وال المفاج::أة ،وال االس::تنكار ،وال ال::رعب ،وال أًي ا من
المشاعر التي كانت مستعدة لها ،بل كان ببساطة ،يحدق به::ا بثب::ات م::ع ه::ذا التعب::ير
الغريب على وجهه .تركت ديال الطاولة وذهبت إليه .وص::رخت ":عزي::زي جيم ،ال
تنظر إلي بهذه الطريقة ".لقد قمت بقص شعري وبعته؛ ألنني لم أستطع أن ياتي عيد
الميالد دون إحضار هدية من أجل::ك ،س::وف ينم::و م::رة أخ::رى – ليس ل::ديك م::انع،
أليس كذلك؟ كنت مضطرة لفعل ذل:ك ،ش:عري ينم:و بس:رعة رهيب:ة ،هي:ا ق:ل "عي:د
ميالد س::عيد!" جيم ،ولنكن س::عداء .أنت ال تع::رف م::ا م::دى روع::ة الهدي::ة ال::تي
أحضرتها لك ،يا لجمالها!
سألها جيم بش::ق األنفس ،كم::ا ل::و أن::ه لم يس::توعب تل::ك الحقيق::ة البين::ة ":قصص::ت
شعرك؟"
حتى بعد جهد ومش::قة ق::الت ديال ":قصص::ته وبعت::ه ".وأكملت ":أال تحب::ني على أي
حال؟ مازلت ديال نفسها التي تحبها ولكن بدون شعري ،أليس كذلك؟"
نظر جيم حول الغرفة بفضول ،وقال بشيء من البالهة تقريب ً:ا" :تق::ولين أن ش::عرك
لم بعد موجودًا؟"
قالت ديال« :ال داعي للبحث عن:ه" ».لق::د بعت:ه ،ق::ولت ل::ك -بعت:ه وذهبت أدراج::ه
أيضً:ا ،إنه::ا ليل::ة عي::د الميالد ي::ا زوجي ،ل::ذا كن جيً:د ا معي ،فق::د ذهب من أجل::ك،
وتابعت بعفوية مفاجئة ":ربما ك::ان ش::عر رأس::ي مع::دودًا ،ولكن ال أح::د يس::تطيع أن
يحصي حبي لك .هل أضع قطع اللحم يا جيم؟" .بدا على جيم أنه ق::د اس::تيقظ س::ريًعا
بعد غيبت::ه ،وأحاطه::ا بذراعي::ه لم::دة عش::ر ث::وان .لننظ::ر بتمحيص دقي::ق إلى بعض
األش::ياء غ::ير المهم::ة من جه::ة أخ::رى ،ثماني::ة دوالرات في األس::بوع أو ملي::ون في
5
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
الس::نة -م::ا الف::رق؟ ع::الم الرياض::يات أو ال::ذكاء س::يعطيك إجاب::ة خاطئ::ة ،أحض::ر
المجوس هدايا قيمة ،لكن لم يكن ذلك من بينهم ،سيتم تسليط الضوء على هذا التأكي::د
الغامض الحقًا.
أخرج جيم عبوة من جيب معطفه وألقاها على الطاولة ،وق::ال" :ال ترتك::بي أي خط::أ
يا ديل بشأني ،ال أعتقد أن هن::اك أي ش::يء في طريق::ة قص الش::عر ،أو الحالق::ة ،أو
الشامبو يمكن أن يجعلني أقل::ل من حب فت::اتي ،ولكن إذا قمت بف::ك تل::ك العب::وة ،فق::د
تفهمين الس::بب ال::ذي دفع::ني إلى ال::ذهاب لبعض ال::وقت في بداي::ة األم::ر" .م::زقت
األص::ابع البيض::اء والرش::يقة الخي::ط وال::ورق ،وإذ بص::رخة ف::رح منتش::ية؛ يتبعه::ا
لألسف! تحول أنثوي سريع إلى الدموع والنحيب الهس::تيري ،مم::ا يس::تلزم التوظي::ف
الفوري لجميع القوى المريحة لرب المنزل.
هذه "األمشاط" – تلك مجموعة األمشاط ،الجانبية والخلفية ،ال::تي ك::انت ديال ت::دعوا
لفترة طويلة في نافذة برودواي من أجل الحصول عليها .إنها أمشاط جميلة ،وص::دفة
سلحفاة نقية ،مع حواف مرصعة بالجواهر – الظل فقط هو الذي يمكن ارت::داؤه على
الشعر الجميل المختفي .كانت تعرف أنها أمشاط باهظة الثمن ،وك::ان قلبه::ا متعطش ً:ا
له::ا ويت::وق إليه::ا دون أدنى أم::ل في امتالكه::ا ،ولكن أص::بحت تمتلكه::ا اآلن ،لكن
الخصالت التي كان ينبغي أن تزين الزين::ة المنش::ودة ق::د اختفت ،لكنه::ا ض::متهم إلى
صدرها ،وقد استطاعت أخ::يرًا أن تنظ::ر إلى األعلى بعي::نين خ::افتين مبتس::مة قائل::ة:
"شعري ينمو بسرعة كبيرة يا جيم!" انتفضت ديال بعدها مثل قطة ص::غيرة محروق::ة
وصرخت " :يا ربي ،يا ربي!" لم يكن جيم قد رأى هديته الجميلة بعد ،لقد م::دتها ل::ه
بف:ارغ الص:بر على راح:ة ي:دها المفتوح:ة ،ب:دا أن المع:دن الثمين الب:اهت يلم:ع م:ع
انعكاس لروحها المشرقة والمتحمسة" :أليس هذا رائًع ا يا جيم؟" لقد بحثت في جمي::ع
أنحاء المدينة للعثور عليه ،سيتوجب عليك اآلن النظر إلى الوقت مائة مرة في اليوم.
أعطي ساعتك ،أريد أن أرى كيف يبدو عليها ،وبدًال من االنصياع ،ارتمى جيم على
األريكة ووضع يديه تحت مؤخرة رأسه وابتسم ،ق::ائًال " :لنض::ع ي::ا دي::ل ه::دايا عي::د
الميالد جانبًا ولنحتفظ به::ا ،إنه::ا جميل::ة ج::دًا ،إذ ال يج::در بن::ا اس::تخدامها في ال::وقت
الحاضر ،لقد بعت الساعة للحصول على المال لشراء أمشاطك ،ولنفترض اآلن أن::ك
وضعتي قطع اللحم عليها».
لقد كان المجوس -كما تعلمون – حكماء رائعون .الذين أحضروا اله::دايا للطف::ل في
المهد ،وكانوا من اخترعوا فن تقديم هدايا عيد الميالد ،ولكونهم حكماء؛ فإن ه::داياهم
6
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
كانت بال شك حكيمة ،وربما تحمل امتياز التب:ادل في حال:ة االزدواجي:ة .وق:د رويت
لك قصة هادئة على نح::و م::ؤلم ،لطفلين أحمقين في ش::قة ،ض::حى ك::ل منهم::ا بغ::ير
حكمة من أجل بعضهما البعض ،بأعظم كنوز منزلهما .ثمة كلمة أخيرة لحكماء ه::ذه
األيام ،لنقل أن ه::ذين االث::نين كان:ا األك:ثر حكم:ة من بين ك:ل من يق::دم اله:دايا ،وهم
األكثر حكمة من بين جميع ال::ذين يق::دمون ويتلق::ون اله::دايا ،إن المج::وس هم األك::ثر
حكمة في كل مكان.
كان المقهى مزدحمًا في منتصف اللي:ل ،وبمحض الص::دفة ،لم تق::ع عين أح::د من
الواف::دين على الطاول::ة الص::غيرة ال::تي كنت أجلس عليه::ا ،وثم::ة كرس::يان ش::اغران
عليها ،وقد مدا أذرعهما بكرم الضيافة لتدفق الزب::ائن ،وبع::دها جلس ش::خص رحال::ة
في إحداها ،وكنت سعيًد ا؛ ألنني كنت أؤمن بنظرية مفادها :أنه منذ النبي آدم ،لم يكن
هناك عالمي حقيقي في العالم ،قد نسمع عنهم ،وقد نرى ملصقات أجنبية على الكث::ير
من األمتعة ،ولكننا نجد مسافرين بدًال من العالميين .إنني أستحضر اهتمامك بالمشهد
-الط::اوالت ذات األس::طح الرخامي::ة ،ومجموع::ة مقاع::د الحائ::ط المنج::دة بالجل::د،
وصحبة المثليين ،والسيدات الالتي يرتدين تنانير قص::يرة يمكن ارت::داؤها في أم::اكن
العمل ،أو في الحياة اليومية ،ويتحدثن بالزمة مرئية رائعة من الذوق ،أو االقتص::اد،
أو البذخ ،أو الفن ،وكذلك النادلون المجتهدون ،والمحبون للسخاء ،وأيضًا الموس::يقى
التي تلبي احتياج الجميع بحكمة من خالل غاراتها على الملحنين؛ مزيج من الح::ديث
والضحك -وإذا شئت أيضًا ،ثمة فورتسبورغ في المخاريط الزجاجية الطويل::ة ال::تي
تنحني إلى شفتيك كثمرة كرز ناضجة ،تتمايل على فرعها إلى منقار ط:ائر الس:الب.
لقد أخبرني نحات من ماوخ تشانك أن مشهد المقهى كان باريسًيا حًقا .لق::د تم تس::مية
رحال باسم إي .رشمور كوجلن ،وسيتم االستماع إليه في الصيف المقبل في جزي::زة
كوني .أخبرني أنه سينشئ "منطقة جذب" جديدة هن::اك ،مم::ا يق::دم تح::وياًل ملكًي ا ،ثم
دارت محادثته وفقًا لخطوط الطول والعرض .لقد ق::ام بعم::ل دائ::رة كب::يرة بذراعي::ه،
كما لو أن العالم بينهما ،وبهذا يمكنه التحدث بش::كل م::ألوف وازدراء ،ولم يب::دو ه::ذا
الع::الم أك::بر من ب::ذرة ك::رز ماراش::ينو في ثم::رة عنب على مائ::دة .لق::د تح::دث بع::دم
7
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
احترام عن خ::ط االس::تواء ،وقف::ز من ق::ارة إلى ق::ارة ،وس::خر من المن::اطق ،ومس::ح
أعالي البحار بمنديله ،وكان يلوح بيده ليتحدث عن سوق معين في حيدر أب::اد .أوف!
سوف يأخذك على الزالجات في البالند .أغلق فمك! اآلن ركبت القواطع مع كنكاس
في كيلكهيكي .لقد جرك س::ريعًا ع::بر مس::تنقع أركنس::اس ،وترك::ك تج::ف للحظ::ة في
السهول القلوية في مزرعته في أيداهو ،ثم أدخلك في مجتمع األرشيدوقات في فيين::ا.
وسيخبرك حااًل عن نزلة برد أصيب بها أثناء نسيم بحيرة شيكاغو ،وكي::ف عالجته::ا
إسكاميال في بوينس آيرس بالتسريب الساخن من عشبة تشوتشوال.
كنت سترسل الرسالة إلى"إي .رشمور ك::وغالن ،إس::ق ،.الك::رة األرض::ية ،والنظ::ام
الشمسي ،والكون" ،وقد أرسله بالبريد ،ويشعر بالثقة في أنه سيتم تس::ليمه إلي::ه .كنت
متأك ً:د ا من أن::ني وج::دت أخ::يرًا الش::خص الع::المي الحقيقي الوحي::د من::ذ الن::بي آدم،
واستمعت إلى خطابه العالمي خشية أن أكتش::ف في::ه النغم::ة المحلي::ة لمج::رد رحال::ة.
لكن آرائه لم ترفرف أو تتدلى أبدا؛ لقد كان محايدًا تجاه المدن ،والبلدان ،والق::ارات،
مثل الرياح أو الجاذبية ،وبينما كان إي رش::مور ك::وجالن يتح::دث عن ه::ذا الك::وكب
الصغير ،فكرت بسعادة في رجل عظيم شبه عالمي ،كتب للعالم أجمع وك::رس نفس::ه
لبومباي .ك::ان علي::ه أن يق::ول في إح::دى قص::ائده أن هن::اك فخً::ر ا وتنافًس ا بين م::دن
األرض ،وأن "الرج::ال ال::ذين يول::دون منه::ا ،يت::اجرون ص::عوًد ا وهبوًط ا ،ولكنهم
يتمسكون بأطراف مدنهم" مثل تمسك الطفل بثوب أمه ".وكلم::ا س::اروا "في ش::وارع
صاخبة ،ومجهول::ة" ف::إنهم يت::ذكرون م::دينتهم األص::لية "األك::ثر إخالصً:ا ،وحماق::ة،
وحبًا؛ جاعًال اسمها مجرد َنَف ٍس عالقتهم حسب رباطهم" .وقد أثارت سعادتي ،ألن::ني
رأيت السيد كيبلينج نائمًا .لقد وجدت هنا رجًال لم يخلق من تراب؛ بل الشخص الذي
لن يتف:اخر بمس:قط رأس:ه أو بل:ده ،وإن ح:دث وتف:اخر ،فإن:ه س:يتفاخر بكام:ل كرت:ه
المستديرة أمام المريخيين وسكان القمر.
لقد ط::رحت ه::ذه المواض::يع مس::بقًا من قب::ل "إي رش::مور ك::وغالن" عن::د الزاوي::ة
الثالثة لطاولتنا ،وبينما ك::ان ك::وجالن يص::ف لي التض::اريس على ط::ول خ::ط س::كك
الحديد السيبيري ،انزلقت األوركسترا في مجموعة متنوعة ،كان الج::و الخت::امي ه::و
"ديكسي" ،وبينما كانت تت::دفق النوت::ات الموس::يقية المبهج::ة ،ك::ادت أن تغلب عليه::ا
التصفيقات الحارة من كل طاولة تقريًبا ،ويجدر بنا القول أن هذا المشهد الرائع يمكن
مشاهدته كل مساء في العديد من المقاهي في مدينة نيويورك .لقد تم استهالك أطن::ان
من المشروب ،وحسبت النظريات م::دى ذل::ك .لق::د خمن البعض بتس::رع ،أن جمي::ع
8
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
الجنوبيين في المدينة يلجأون إلى المق::اهي عن::د حل::ول المس::اء ،ولكن ه::ذا التص::فيق
للهواء "الثوري" في مدينة شمالية يثير الح:يرة قليًال؛ لكنه:ا قابل:ة للح:ل .ال:ذي جع:ل
العالم يزدهر ،هي الح::رب م::ع إس::بانيا ،وس::خاء محاص::يل النعن::اع والبطيخ الس::خية
لس::نوات عدي::دة ،وع::دد قلي::ل من الف::ائزين البعي::دين في مض::مار الس::باق في ني::و
أورليانز ،والمآدب الرائعة التي أقامها مواطنوا إن::ديانا ،و جمعي::ة كارولين::ا الش::مالية
التي شكلها سكان كانساس؛ جعلت الجنوب باألحرى "بدعة" في مانهاتن .سوف يلثغ
بالتأكيد مانيكيرك بهدوء ،لدرجة أن سبابتك اليس::رى ت::ذكرها كث::يًر ا برج::ل نبي::ل في
ريتشموند ،وفيرجينيا .ياربي ،وكما تعلمون ،إنها الحرب ،لذلك يجب على العديد من
السيدات أن يعملن اآلن.
عن::دما تم تمثي::ل دور "ديكس::ي" ،قف::ز ش::اب داكن الش::عر من مك::ان م::ا ،مطلق ً:ا
صيحة عصابات موس:بي ،ول:وح باهتي:اج بقبعت:ه ناعم:ة الح:واف ،ثم ض:ل طريق:ه
وسط الدخان ،وارتمى على الكرسي الشاغر على طاولتنا ،ثم أشعل الس::جائر .ك::انت
األمسية في الفترة ال::تي ي:زداد فيه:ا رواد المقهى ،له:ذا ذك:ر أح::دنا ثالث:ة من س:كان
فورتس:بورج للن:ادل؛ واب:دى الش:اب داكن الش:عر موافقت:ه بابتس:امة وإيم:اءة رأس:ه،
فسارعت إلى طرح سؤال عليه؛ فلدي نظرية أريد تجربتها.
باش::رت بالس::ؤال" :ه::ل تم::انع أن تخ::برني م::ا إذا كنت من "-ض::ربت قبض::ة إي.
رشمور كوجالن الطاولة ،فتنذرت بالصمت.
قال « :أرجو المعذرة ،لكن ه::ذا س::ؤال ال أحب أن أس::معه أبً:د ا ».م::ا المهم من أين
يأتي الرجل؟ ه::ل من الع::دل الحكم على الرج::ل من خالل عن::وان مكتب بري::ده؟ لق::د
رأيت سكان كنتاكي الذين يكرهون الويسكي ،وأه::ل فيرجيني::ا ال::ذين لم ينح::دروا من
بوكاهونت::اس ،وهن::وًد ا لم يكتب::وا رواي::ة من قب::ل ،ومكس::يكيين لم يرت::دوا س::راويل
مخملية ،خيطت على طول خياطة الدوالرات الفضية ،وإنجل::يز مض::حكين ،وي::انكيز
مبذرين ،والجنوبيون ذوي الدم البارد ،والغرب::يين ض::يقوا األف::ق ،وس::كان نيوي::ورك
الذين كانوا منش::غلين جً:د ا ،لدرج::ة أنهم لم يتمكن::وا من التوق::ف لس::اعة في الش::ارع،
لرؤية بائع البقالة وهو يقوم بتقطيع التوت البري في أكياس ورقية بيد واح::دة ،فليكن
الرجل رجًال وال تعيقه تحت أي مسمى.
قلت« :عفًو ا ،لكن فض::ولي لم يكن من ف::راغ ».أن::ا أع::رف الجن::وب جي::دًا ،وعن::دما
تعزف الفرقة أغني::ة "ديكس::ي" أحب أن أش::اهدها ،ولق::د أص::بحت معتق::دًا أن الرج::ل
الذي يصفق له::ذا الج::و خاص::ة بح::رارة ،ووالء مزع::وم ،دائًم ا يك::ون من مواط::ني
9
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
سيكوكس ،أو نيوجيرسي ،أو المنطقة الواقعة بين مدرسة موراي هيل ونه::ر ه::ارلم،
أو من هذه المدينة .يجب أن اعترف ب::أني كنت على وش::ك اختب::ار رأيي ،من خالل
االستفس:ار من ه::ذا الس:يد عن:دما ق::اطعتني بنظريت:ك الك:برى» .بع:دها تح::دث معي
الشاب ذو الشعر ال::داكن ،وأص::بح من الواض::ح أن عقل::ه يتح::رك أيًض ا على حس::ب
عاداته الخاصة .وقال بطريقة غامض::ة« :أود أن أك:ون األرض الخص::بة على قم:ة
الوادي ،وأغني أيًض ا رالو رالو» .من الواضح أن هذا كان غامًضا جًد ا ،لذلك التفت
مرة أخرى إلى كوجالن .قال« :لقد ذهبت حول العالم اثنتي عش::رة م::رة»" .أع::رف
شخًص ا من قبيلة إسكيماو في أبرنافيك يرسل إلى سينسيناتي من أجل ربط::ات عنق::ه،
ورأيت راعًيا للماعز في أوروغواي ،فاز بجائزة في مسابقة ألغاز طعام اإلفطار في
باتل كريك ،وأدفع إيجار غرف::ة في الق::اهرة في مص::ر ،وأخ::رى في يوكوهام::ا على
م::دار الس::نة ،ل::دي نع::ال في مقهى في ش::نغهاي ،وليس من الض::روري أن أخ::برهم
كيفية طبخ البيض في ريو دي ج:انيرو أو س:ياتل .إن:ه ع:الم ق:ديم ص:غير عظيم ،م:ا
فائ::دة التف::اخر بكون::ك من الش::مال ،أو الجن::وب ،أو من الم::نزل ال::ريفي الق::ديم في
الوادي ،أو من شارع إقليدس ،أو من كليفالند ،أو بايكس بيك ،أو مقاطعة فيرف::اكس،
أو فيرجينيا ،أو هوليجان فالتس ،أو أي مكان آخر؟ سيكون عالًم ا أفض::ل ل::و توقفن::ا
عن التص::رف بحماق::ة بش::أن بل::دة متعفن::ة أو عش::رة ف::دادين من المس::تنقعات ،وه::ذا
لمجرد أننا ولدنا هناك» .قلت بإعجاب" :يبدو أنك عالمي حقيقي"".ولكن يب::دو أيًض ا
أنك ستدين الوطنية".
صرح كوجالن بحرارة" :من بقايا العصر الحجري"" .،نحن جميًعا إخ::وة – س::واء
كن:ا رج::ال ص::ينيون ،وإنجل::يز ،وزول::وس ،وباتاغوني:ا ،والن:اس ال::ذين يعيش:ون في
منحدر نهر ك::او .س::يتم مح::و ك::ل ه::ذا الفخ::ر التاف::ه بمدين::ة اإلنس::ان ،أو واليت::ه ،أو
فرعه ،أو بلده في يوم من األيام ،وسنكون جميًعا مواط::نين كم::ا ينبغي لن::ا أن نك::ون
في العالم ».
واصلت حديثي قائًال« :لكن ،ال ترجع أفكارك إلى مكان ما أثناء تجوال::ك في أراٍض
أجنبية -بعض األماكن عزيزة و"-
قاطعني إي رشمور كوجالن باستخفاف «:أي مك::ان» " ،مع::روف ب::أن م::ادة الكتل::ة
األرض::ية ،والكروي::ة ،والكوكبي::ة ،والمس::طحة قليًال عن::د القط::بين ،معروف::ة باس::م
األرض ،وهي موطني ومسكني .لقد التقيت بعدد كبير من المواط::نين المقي::دين به::ذا
البلد في الخارج ،ولقد رأيت رجااًل من شيكاغو يجلسون في جن::دول في البندقي::ة في
10
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
ليلة يكتمل فيها القمر ،ويتفاخرون بقناة الصرف الص::حي الخاص::ة بهم ،.ولق::د رأيت
جنوبًيا يتم تقديمه إلى ملك إنجلترا وهو يسلم على ذلك الملك ،دون أن يغمض عينيه،
وكنت أعرف المعلومات التي تفيد بأن حفيده من جهة والدت::ه ك::ان مرتبًط ا ب::الزواج
من عائلة بيركنز في تشارلستون ،وكنت أعرف أيضًا أحد س::كان نيوي::ورك ال::ذي تم
اختطاف::ه للحص::ول على فدي::ة من قب::ل بعض قط::اع الط::رق في أفغانس::تان ،أرس::ل
رجاله األموال وع:اد إلى ك:ابول م:ع الوكي:ل .فق:ال ل:ه الس:كان األص:ليون من خالل
مترجم "أفغانستان؟"" .حسنا ،ليس بطيئا جدا ،هل تعتقد؟" قال" :ربم::ا ،ال أع::رف"،
وبدأ يخبرهم عن سائق سيارة أجرة في الجادة السادس::ة وب::رودواي .تل::ك األفك::ار ال
تناسبني أنا لست مقيًد ا ب::أي ش::يء ال يبل::غ قط::ره ثم::ان آالف مي::ل ،فق::ط ض::عني في
مكانة إي .رشمور كوجالن ،إنه مواطن في المجال األرض::ي .لق::د ودع::ني الع::المي
الكبير وتركني ،ألنه ظن أنه رأى شخًص ا يعرفه من خالل الثرثرة وال::دخان .وهك::ذا
بقيت مع النكه المحتملة إطالقها ،والتي تح::ولت بص::وت موس::يقي إلى فورتس::بورغ
دون مزيد من القدرة على التعبير عن تطلعاته إلى الجلوس على قمة الوادي .جلست
أفكر في شخصيتي العالمية الواضحة ،وتساءلت :كيف استطاع الشاعر أن يفتقده.
كنت أنا من اكتشف هذا وصدقته .كيف وجدت::ه؟ "الرج::ال ال::ذين يتك::اثرون من ه::ذه
المناطق ،يتاجرون بهم ذهاًب ا وإياًب ا ،ولكنهم يتش::بثون ب::أطراف م::دنهم كم::ا يتمس::ك
الطفل بثوب أمه ".األم::ر ليس به::ذا الش::كل ي::ا إي رش::مور ك::وجالن ،م::ع أن الع::الم
أجمع يقف في صفه –
انقطعت تأمالتي بسبب ضجيج هائل وصراع في جزء آخر من المقهى ،رأيت فوق
رؤوس الرعاة الجالسين إي .رش:مور ك:وغالن يخ:وض معرك:ة حقيق:ة م:ع شخصً:ا
غريبًا ،لقد تشاجروا بين الطاوالت مثل الجبابرة ،وتحطمت الكؤوس ،ورفع الرج::ال
قبعاتهم وس:قطوا أرًض ا ،وص:رخت ام:رأة س:مراء ،وب:دأت ش:قراء في غن:اء أغني:ة
"إغاظة" .اليزال يحافظ شخصيتي العالمي::ة على الفخ::ر ب::األرض ،وس::معتها عن::دما
أطبق النوادل على كال المقاتلين بتشكيلة دق اإلسفين الشهير وحملوهما إلى الخارج،
وما زاال يقاومان النوادل .اتصلت بمكارثي ،وهو أح::د الح::راس الفرنس::يين ،وس::ألته
عن سبب الصراع .قال« :الرجل ذو ربطة العن::ق الحم::راء» (وه::ذا ه::و شخص::يتي
العالمية)« ،أصبح ساخًن ا بسبب األشياء التي قيلت عن األرصفة الض::يقة ،وإم::دادات
المياه في المكان الذي أتى منه من طرف الرجل اآلخر» .قلت في حيرة« :لماذا هذا
اإلنسان مواطن العالم ،هو عالمي .إنه –"
11
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
قال مكارثي ":ترجع أصوله إلى ماتوامكيج بوالية ماين ،ولن يرحم أي شخص ينتقد
وطنه".
12
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
بماله .قال السيد مكاسكي وهو يضع معطفه وقبعته على الكرسي' :ي::ا ام::رأة!'« :إن
ضجيجكم يعك:ر ص:فو ش:هيتي ».إن:ك ت:نزع الحي:اء من بين لبن:ات أس:س المجتم:ع
عندما تقلل االدب.
أكمل الس:يد مكاس:كي" :إن ه:ذا ليس أك:ثر من اس:تخدام رج:ل نبي:ل ألس:لوبه الح:اد،
ليع::ارض ب::ه الس::يدات الالئي س::ددن الطري::ق ،مم::ا يض::طرنا للمض::ي بينهن ".ه::ل
ستبعدون وجوهكم التي تشبه الخنزير عني وتتركوني أكمل طعامي؟"
انتفضت السيدة مكاسكي ،وذهبت إلى الموقد ،ثمة شيء ما في أسلوبها يح::ذر الس::يد
مكاس::كي .ف::إن عبوس::ها المف::اجئ ،ع::ادة ين::بئ بس::قوط األواني الفخاري::ة ،واألواني
المعدنية .قالت الس::يدة مكاس::كي بغض::ب " :وج::ه الخ::نزير ،أليس ك::ذلك؟" ،وألقت
على زوجها قدًر ا مملوًء ا باللحم المقدد ،واللفت .لم يكن السيد مكاسكي سيء البديهة،
بل كان يعرف ما يجب فعله عند الدخول .رد السيد مكاسكي م:ا فعلت:ه زوجت:ه بفع:ل
آخر ،لقد ألقى شريحة من لحم الخنزير المشوي الموجودة على المائدة والتي زينت
بأوراق النف::ل على زوجت::ه ،وخط::ط أن يس::تخدم الحل::وى في طب::ق فخ::اري؛ لجعل::ه
المقابل المناسب لما بعد ذل::ك .لق::د أص::ابت الس::يدة مكاس::كي قطع::ة كب::يرة من الجبن
السويسري التي ألقاها زوجها أسفل عينها ،وبحسب ما حددته مسار المعركة ،فإنه::ا
البد أن تتوقف عندما ردت السيدة مكاسكي مافعله بإبريق قه:وة ممل:وء بس:ائل أس:ود
ساخن ،وشبه عطر.
إذا أراد أبسط الفقراء اعتبار القهوة هي نهاية األمسية ،فدعهم يرتكبون هذا الخطأ،
فالسيد مكاسكي ال يقدم طعامًا ثمنه خمسون سنتًا.
فاليزال السيد مكاسكي أكثر مكرًا .لم تكن أوعي::ة األص::ابع 1خ::ارج نط::اق خبرت::ه،
فليس من الالزم وج::ودهم في ن::زل الس::يدة م::ورفي؛ ولكن ك::ان في متن::اول الي::د م::ا
يعادل تلك األوعية .رمى ح::وض غس::يل أدوات الج::رانيت على رأس خص::مه وهي
زوجه ظنًا منه أنه انتصر ،لحسن الح::ظ ،نف::دت الس::يدة مكاس::كي بجل::دها في ال::وقت
المناسب ،ذهبت إلى إلى مك:واة ف::رد الش:عر ،وال::تي ك:انت تأم:ل في إنه:اء مب:ارزة
ت::ذوق الطع::ام من خالله::ا؛ كن::وع من ال::ود .ال::ذي دفعه::ا هي والس::يد مكاس::كي إلى
التوقف في نوع من الهدن:ة غ:ير الطواعي:ة؛ ه:و الص:راخ الم:دوي ،وال:ذي يص:حبه
عويل من الطابق السفلي.
1
.أوعية يستخدمونها لغمس أطراف أصابعهم بعد تناول الطعام.
13
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
كان يقف الشرطي كليري على الرص::يف عن::د زاوي::ة الم::نزل ،رافعً:ا إح::دى أذني::ه
لألعلى ،يستمع إلى صوت تحطم األدوات المنزلية.
قال الشرطي متأماًل " :إنه جون مكاسكي وسيدته يفعالن ذلك مرة أخرى" ».أتساءل
ه::ل يجب أن أص::عد وأوق::ف ال::نزاع؟" لن أفع::ل .هك::ذا هم الم::تزوجون ،ليس ل::ديهم
سوى القليل من األوقات الممتعة "لن يدوم ط:ويال ".س:يتعين عليهم بالتأكي:د اس:تعارة
المزيد من األطباق لمواكبة ذلك'.
وعندها فقط ج::اءت الص::رخة العالي::ة من أس::فل ال::درج ،تن::ذر ب::الخوف أو التط::رف
الشديد .قال الشرطي كليري« :من المحتمل أن يكون قطًا!» ،ومش::ى على عج::ل في
االتجاه اآلخر .انتفض من كان ج::الس على ال::درج ،وذهب الس::يد ت::ومي إلى ال::داخل
ليعرف مصدر هذا الصراخ ،وهو الرجل الذي ولد ليصبح محامي الت::أمين والمحق::ق
حسب مهنته ،وعاد بخ::بر ض::ياع ابن الس::يدة م::ورفي الص::غير ،ماي::ك .بع::دما ذهب
المراس::ل ،رجعت الس::يدة م::ورفي منهم::رة في البك::اء ،وتنتحب بش::كل هيس::تيري،
وتعوي إلى السماء لخسارتها من ه::و أع::ز على قلبه::ا ،إن::ه حق::ا خ::ير .جلس الس::يد
تومي إلى جانب صانعة القبعات اآلنسة بوردي ،وقد تش::ابكت أي::ديهما في تع::اطف
لم::ا يح::دث .استفس::رت على الف::ور كًال من الخادمت::ان العجوزت::ان ،واآلنس::ة والش،
الالئي تشكين كل يوم من الضجيج في بهو النزل ،عما إذا كان أي ش::خص ق::د نظ::ر
خلف الساعة لعل مايك قد يكون خلفها.
نهض الرائ:د ج:ريج ،ال:ذي ك:ان يجلس بج:وار زوجت:ه الس:مينة على أعلى درج:ة،
مغلقًا أزرار معطفه ،وصاح قائًال" :الصغير ضائع؟" "س::وف أنظ::ف المدين::ة ".ولم
تكن زوجته لتسمح ل::ه ب:الخروج بع:د حل::ول الظالم ،لكنه:ا ق::الت بص::وت جه:وري:
«اذهب يا لودوفيتش!» "فمن يس::تطيع أن ينظ::ر إلى ح::زن ه::ذه األم دون أن ينفط::ر
قلبه عليها ".قال الرائد« :أعطني ثالثين أو ستين سنًت ا يا حبيب::تي ' ».يبتع::د األطف::ال
الضائعون أحياًن ا ،وربما أحتاج إلى سيارة أجرة».
جلس الرجل العجوز ديني على أدنى درجة ،في غرفة الصالة ،في الطابق الرابع من
الخلف ،محاواًل ق::راءة ورق::ة بج::وار مص::باح الش::ارع ،وقلب ص::فحة لمتابع::ة مق::ال
يتحدث حول إضراب النجارين .صرخت السيدة ميرفي في اتج::اه القم::ر« :ي::ا ربي،
يامايك ،باهلل عليك ،أين أنت يا ولدي الصغير؟»
14
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
س::أل الرج::ل العج::وز دي::ني ،الس::يدة م::ورفي ،وه::و ي::راقب تقري::ر رابط::ة مهن
البناء«:متى رأيت::ه آخ::ر م::رة؟» .ص::رخت الس::يدة م::يرفي " :ي::ا ربي"" ،ك::ان ذل::ك
باألمس ،أو ربما قبل أربع ساعات!" ال أدري .لكنه مفقود ،ولدي الصغير مايك ،لق::د
كان يلعب على الرصيف هذا الصباح فقط أم كان يوم األربعاء؟ أنا مشغولة بالعم::ل،
ومن الصعب مواكبة مواعيد لعبه؛ لكنني بحثت في الم::نزل من أعاله إلى قب::وه ،ولم
أجده ،لقد اختفى ،ياربي ،باهلل عليك ' -
لقد تحدت هذه المدينة الكب::يرة ،والص::امتة ،والكئيب::ة ،والض::خمة ،ك::ل من يس::بونها،
ويلقبونها بأنها صلبة كالحدي::د؛ وينف::ون وج::ود نبض ش::فقة في حض::نها؛ إذ يق::ارنون
شوارعها بالغابات المنعزلة ،وصحاري الحمم البركانية؛ ولكن تحت القش::رة الص::لبة
لجراد البحر ،يوجد طعام لذيذ وشهي ،ربما كان التشبيه المختلف أك::ثر حكم::ة ،وم::ع
ذل::ك ،ال ينبغي ألح::د أن يش::عر باإلهان::ة ،فال يمكن أن نلقب أح ً:د ا بج::راد البح::ر بال
مخالب جيدة وكافية .وال توجد كارثة تمس القلب المشترك للبشرية مثل فقدان طف::ل
صغير .تكون أقدام األطف::ال غ::ير ص::لبة ،وض::عيفة للغاي::ة؛ وتك::ون الط::رق ش::ديدة
االنحدار وغريبة.
أس::رع الرائ::د غريغ::ز إلى الزاوي::ة ،ومض::ى ع::بر الش::ارع إلى م::نزل بيلي ،وق::ال
للخادم« :أعطني وجبة من الجاودار» « .هل سبق ل::ك أن رأيت هن::ا طفًال متم::ردًا
ص:غيًر ا ،ذو أرج:ل مقوس:ة ،ووجه:ه متس:خ ،ويبل:غ من العم:ر س:ت س:نوات في أي
مكان؟»
ال يزال السيد تومي ممسكًا بي::د اآلنس:ة ب::وردي على ال::درج .ق::الت اآلنس::ة ب::وردي:
«فكر بهذا الطفل العزيز الصغير ،الضائع من حضن أمه -ربما س::قط بالفع::ل تحت
ح::وافر الخي::ول الحديدي::ة الراكض::ة -ي::اربي ،أليس ه::ذا مروًع ا؟» "أليس ه::ذا
صحيحا؟" وافقها السيد تومي ض::اغطًا على ي::دها " .لنق::ل أن::ني ب::دأت المس::اعدة في
البحث عنه!" قالت اآلنسة ب::وردي« :ربم::ا ينبغي علي::ك ذل::ك ».لكن تبً:ا له::ذا ،س::يد
تومي ،إنك مندفع للغاي::ة -مته::ور للغاي::ة -اف::ترض أن حادًث ا م::ا ق::د يص::يبك أثن::اء
تحمسك للبحث عن الطفل ،ثم ماذا - -
استمر الرجل العجوز ديني ممسكًا صحيفته ،وق::رأ عن اتفاقي::ة التحكيم ،وه::و يتتب::ع
المكتوب بإصبع واحد على األسطر.
ومن ثم ،جاء السيد والسيدة مكاسكي إلى النافذة في الطابق الثاني ليستردوا أنفاس::هم
مرة أخرى ،كان السيد مكاسكي يخرج اللفت من سترته بسبابة ملتوية ،وكانت سيدته
15
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
تمسح عينها؛ ألن::ه لم يس::تطع االس::تفادة من ملح لحم الخ::نزير المش::وي .أخ::رج كًال
منهما رأسه من الناف::ذة بع::د س::ماعهما الص::راخ في األس::فل .ق::الت الس::يدة مكاس::كي
بصوت خافت« :لقد ضاع مايك الصغير ،إنه المالك الجميل الصغير ،والمشاغب!»
قال السيد مكاسكي وهو يمي:ل من الناف::ذة« :ه::ذا الص::بي الص::غير ض::ائع؟»" .اآلن
لماذا؟ هذا سيء تمامًا بم::ا في::ه الكفاي::ة .يك::ون األطف::ال الص::غار مختلفين ،فل::و كنت
ام::رأة ،لكنت راغًب ا في ذل::ك في فق::دانها؛ ألنهم عن::دما يرحل::ون؛ ي::تركون الس::الم.
أمسكت السيدة مكاسكي بذراع زوجها متجاهلة اندفاع كلماته ،وق::الت بعاطف::ة« :لق::د
ضاع طف::ل اآلنس::ة م::يرفي الص::غير ي::ا ج::ون ».إنه::ا مدين::ة ض::خمة لفق::دان األوالد
الصغار ،كان عمره ست سنوات يا جون" ،إنه نفس العمر ال::ذي ك::ان س::يكون علي::ه
طفلنا الصغير لو كان لدينا واحد قبل ست سنوات ".قال السيد مكاسكي متمسًك ا به::ذه
الحقيقة« :لم نحظى بأطفال أبًد ا»« .ولكن لو كان لدينا يا جون ،فكر في مدى الحزن
الذي سيكون في قلوبنا هذه الليلة ،مع ه::روب فيلين الص::غير ،واختطاف::ه في المدين::ة
في أي مكان على اإلطالق».
قال السيد مكاسكي" :أنتي تتحدثين بحماق:ة" "" .إن:ه ب:ات ،س:يتم تس:ميته على اس:م
والدي القديم في كانتريم" .قالت السيدة مكاسكي بدون غضب" :أنت تكذب!"« .ك::ان
أخي جدير بعشرات ،من سيارات ماكاسكي المتجولة في المستنقعات ،وس::يتم تس::مية
الطف::ل باس::مه من بع::ده .انحنت على حاف::ة الناف::ذة ونظ::رت إلى العجل::ة والض::جيج
باألسفل.
قالت السيدة مكاسكي بهدوء« :ج::ون ،أن::ا آس::فة؛ ألن::ني كنت متس::رعة مع::ك ».ق::ال
زوجها « :وكما تقولين ،لقد كانت حلوى سريعة ،وأسرعي في تن::اول اللفت وش::رب
القهوة« ».هذا ما يمكن أن تسميه غداًء سريًعا ،حس ً:ن ا ،وال تك::ذبي ».أدخلت الس::يدة
مكاسكي ذراعها داخل ذراع زوجها ،وأخذت ي::ده الخش::نة في ي::دها .ق::الت" :اس::تمع
إلى بكاء" السيدة ميرفي المسكينة" .إنه ألمر فظي::ع أن نض::يع طف::ل ص::غير في ه::ذه
المدين:ة الكب:يرة الض::خمة ".ل::و ك:ان ه::ذا ه::و فيلين الص::غير ،ي:ا ج::ون ،لك:ان قل::بي
سيتحطم .سحب السيد مكاسكي يده ،لكنه وضعها بشكل محرج حول أكت::اف زوجت::ه
القريبة ،قال بفظاظة« :هذه حماقة ب::الطبع ،لكن::ني سُ:أجرح نفس::ي إذا اخُتط::ف ابنن::ا
الصغير بات أو أي شيء من هذا القبيل ».ولكن لم يوج::د أي طف::ل بالنس::بة لن::ا ،لق::د
كنت قبيحًا ،وقاسيًا معك يا جودي في بعض األحي::ان .انس::ى ذل::ك '.لق::د انحن::وا مًع ا
ونظروا إلى دراما القلب التي تم تمثيلها أدناه.
16
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
جلس::وا هك::ذا لف::ترة طويل::ة ،ان::دفع الن::اس على ط::ول الرص::يف ،وهم ي::تزاحمون،
ويتساءلون ،ويمألون اله:واء باإلش:اعات والتخمين:ات غ:ير الهام:ة .تح:ركت الس:يدة
ميرفي في وسطهم ذهاًبا وإياًبا ،مثل جبل ناعم ،أغرق ش::الاًل مس::موًعا من ال::دموع،
ثم جاء ساعي البريد وذهبوا.
ارتفعت أصوات عالية أمام المنزل ال::داخلي ،وع::ادت ض::جة من جدي::د .س::أل الس::يد
مكاسكي ":ما األم:ر اآلن ي:ا ج:ودي؟" .ق:الت الس:يدة مكاس:كي بص:وت ع:اٍل « :إن:ه
صوت اآلنسة ميرفي»" .تقول إنها أخ::يرًا وج::دت ماي::ك الص::غير نائًم ا خل::ف لفاف::ة
المش::مع الق::ديم تحت الس::رير في غرفته::ا ".ض::حك الس::يد مكاس::كي بص::وت ع::ال،
وصرخ ساخًر ا« :هذا هو فيلين ،أيها المش::اغب ،ك::ان ب::ات س::يفعل ه::ذه الخدع::ة إذا
ضل ،وخطف الطفل الذي لم نحظى به أبًد ا ،من قبل ذو السلطة ،سمه فيلين ،وشاهده
يختبئ تحت السرير مثل الج::رو األج::رب .نهض::ت الس::يدة مكاس::كي بثق::ل ،واتجهت
نحو خزانة األطباق بعبوس .عاد الشرطي كليري ق::اب قوس::ين أو أدنى بينم::ا تف::رق
الحشد .أدار أذنه مندهشً:ا نح::و ش::قة مكاس::كي؛ حيث ب::دا ص::وت اص::طدام المك::اوي
واألواني الصينية ،ومشهد أدوات المطبخ الملقاة ،مرتفًع ا كم::ا ك::ان من قب::ل .أخ::رج
الشرطي كليري ساعته« .بالثع::ابين المرّح ل::ة!» ص::اح ق::ائًال" :ك::ان ج::ون مكاس::كي
وسيدته يتشاجران" لمدة ساعة وربع .كان يمكن أن يغفل السيدة وزًن ا أربعين رطًال،
لقوة ذراعه .عاد الش::رطي كل::يري إلى الزاوي::ة؛ حيث ط::وى الرج::ل العج::وز دي::ني
ورقته وأسرع بصعود الدرج ،بينم::ا ك::انت الس::يدة م::يرفي على وش::ك إغالق الب::اب
طوال الليل.
17
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
ولديها قناعة أن عائلتها التي تقطن فيه ،بأنه يستحق مبلغ اث::نى عش::رة دوالًر ا ،ه::ذا
المبلغ الذي دائمًا ما دفعه السيد توسنبيري مقابل ذلك؛ إلى أن غ::ادر المس::كن ليت::ولى
مسؤولية مزرعة البرتقال الخاص::ة بأخي::ه في فلوري::دا ب::القرب من ب::الم بيتش ،حيث
تقضي السيدة ماكنت::اير دائًم ا فص::ول الش::تاء في غرف::ة أمامي::ة مزدوج::ة ذات حم::ام
خاص ،وبالكاد تتمكن من الثرثرة بأنك تريد شيًئ ا أرخص من هذا.
وإذا نجوت من ازدراء الس::يدة ب::اركر ،فس::يتم اص::طحابك إللق::اء نظ::رة على القاع::ة
الكبيرة للسيد سكيدرفي الطابق الثالث ،م::ع أن غرف::ة الس::يد س::كيدر لم تكن ش::اغرة،
حيث كان يكتب المسرحيات ويدخن السجائر فيها طوال الي::وم ،وك::ان ي::زور غرفت::ه
كل من يبحث عن غرفة ،فيعجب بالداليات ،كان السيد سكيدر بعد ك::ل زي::ارة ،ي::دفع
ش :يًئ ا م::ا من إيج::اره ،خش::ية اإلخالء المحتم::ل .إذن -تب ً:ا ،إذن -فلن تك::ون الس::يدة
باركر أبً:د ا مستش:ارة ل:ك ،إذا كنت ال ت:زال واقًف ا على ق:دم واح:دة ،وي:دك الس:اخنة
ممسكة بالدوالرات الثالثة الرطبة في جيبك ،وتعلن بصوت أجش عن فق::رك الش::نيع
والمذنب .كانت تنطق بصوت عاٍل بكلمة "كالرا" ،وتدير ل::ك ظهره::ا ،ثم تس::ير إلى
الط::ابق الس::فلي ،ومن ثم س::ترافقك الخادم::ة كالرا ذات الع::رقين (الع::رق األبيض،
والعرق األسود) ،بصعود مجموعة من الس::اللم الخش::بية المؤدي::ة إلى غرف::ة المن::ور
التي ستريك إياها ،إنها غرفة تبلغ مساحتها
8 × 7أقدام في منتصف القاعة ،وعلى كل جانب منها كانت هناك خزانة خشبية
داكنة ،أوغرفة تخزين ،وكان فيها سرير حدي::دي ،ومغس::لة ،وكرس::ي ،وك::ان ال::رف
خزانة المالبس .وعلى ما يبدو أن جدرانها األربعة الخالية ،تقترب منك مثل ج::وانب
العملة المعدنية ،وكأنها ستطبق عليك ،مما يجعل يدك تتسلل إلى حلق::ك ،وتش::هق ،ثم
تلقي نظرة لألعلى كما لو كنت في بئر – وتعيد التنفس مرة أخرى .لقد رأيت مربًع ا
من لون أزرق النهائي ،من خالل زجاج المنور الصغير.
كانت كالرا تقول بنبرة فيها ازدراء واشمئزاز" :آه ،دوالران. "،
وفي أحد األيام ،جاءت اآلنسة ليسون للبحث عن غرف::ة ،وك::انت تحم::ل آل::ة كاتب::ة،
ُصنعت لتجرها سيدة أكبر منها بكث::ير مم::ا ينم عن ك::بر حجمه::ا .ك::انت اآلنس::ة فت::اة
صغيرة جًد ا ،ذات أعين كبيرة ،وشعر طويل ،وعند النظر إليها ،ينتاب::ك ش::عور كم::ا
لو كانوا يقولون" :يا ربي" .لماذا لم تكن مثلنا؟
أطلعته::ا الس::يدة ب::اركر على الص::الونات المزدوج::ة ،ثم ق::الت اآلنس::ة ليس::ون وهي
ترتج::ف « :يمكن للم::رء أن يحتف::ظ بهيك::ل عظمي ،أو مخ::در ،أو فحم في ه::ذه
18
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
الخزانة ،لكنني لست طبيبة بشرية ،وال طبيبة أس::نان ».أعطته::ا الس::يدة ب::اركر تل::ك
النظرة الجامدة المليئة بالشك ،والمشفقة ،والساخرة ،وعلى ما يبدو ،أنها تل::ك النظ:رة
لزمتها ألولئك الذين فشلوا في التأهل كأطباء ،أو أطباء أسنان ،وعادت أدراجه::ا إلى
الطابق الثاني.
قالت اآلنسة ليسون « :ثمانية دوالرات؟»' .عزيزي! هل خول إلي::ك أن::ني هي::تي إال
إذا كنت ج:رين ،إن:ني مج:رد فت:اة ص:غيرة فق:يرة وعامل:ة ،أرني ش:يئا أعلى وأدنى.
نهض السيد سكيدر عند طرق باب منزله ،ناثرًا أعقاب السجائر على األرض .ق::الت
الس::يدة ب::اركر وهي تبتس::م ابتس::امة ش::ريرة على نظرات::ه الش::احبة" :عف::وًا ي::ا س::يد
س:::كيدر"" .لم أكن أعلم أن:::ك بال:::داخل ،لق:::د طلبت من الس:::يدة أن تلقي نظ:::رة على
دالياتك ".قالت اآلنس::ة ليس::ون وهي تبتس::م ب::براءة« :إنه::ا جميل::ة جً:د ا مقارن::ة ب::أي
شيء» .انشغل السيد سكيدر بعد رحيلهم::ا كث::يرًا بمح::و البطل::ة الطويل::ة ذات الش::عر
األسود من مسرحيته األخيرة (التي لم يؤلفها بعد) ،وإدخال شخصية صغيرة ش::ريرة
ذات شعر كثيف والمع ومالمح مفعمة بالحيوية.
ق::ال الس::يد س::كيدر لنفس::ه واض::عًا قدمي::ه مقاب::ل ال::داليات ،ويختفي في س::حابة من
الدخان مثل الحبار الهوائي" :سوف تقفز آنا هيلد عليها".
بدت للعالم حالة محفظة اآلنسة ليسون ،بعد صافرة الخطر"،كالرا!" .دخلت اآلنس::ة
في حالة ذهول إثر صدمة ثمن الغرفة ،وكأنها تص::عد س::لم جهنم الم::ؤدي إلى غرف::ة
حالكة السواد ،وأخذت تمتم بالكلمات التهديدية لمحفظته::ا "دوالران!" تنه::دت اآلنس::ة
ليسون 'أنا أعتبر!' ،وهي تغوص على السرير الحديدي الذي يصدر صريًر ا.
كانت اآلنسة ليسون تخرج كل يوم إلى العمل ،وكانت تحضر إلى الم::نزل في اللي::ل
أوراًق ا مكتوبة بخط اليد ،وتنسخها بآلة الكتابة .لم يكن لديها عمل في الليل ،في بعض
األحي::ان ،فك::انت تجلس على درج::ات الس::لم المرتف::ع م::ع ن::زالء الغرف::ة اآلخ::رين،
وعندما تم وضع الخطط إلنشاء غرفة المنور ،لم تكن غرفة اآلنسة لي::ون ق::د أع::دت
بعد .لقد كانت شاذة القلب ،ومليئة بالخيال الرقيق ،والغريب األطوار.
وكلما أتيحت لآلنسة ليسون وقت للجل::وس على ال::درج لم::دة س::اعة أو س::اعتين،
كان يرسم االبتهاج على وجوه السادة المساكين ،بمج:رد أن ت:دع الس:يد س:كيدر يق:رأ
لها ثالثة أعم::ال من الكومي::ديا العظيم::ة (غ::ير النش::ورة بع::د)" ،إن::ه ليس طفًال"؛ أو
وريث م::ترو األنف::اق .ك::انت اآلنس::ة لونج::نيكر جالس::ة على الدرج::ة العلي::ا تستنش::ق
اله::واء وتق::ول ":نعم ،حق ً:ا!" ،لق::د ك::انت ت::درس في مدرس::ة عام::ة ،وهي ش::قراء،
19
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
وطويل::ة القام::ة .وك::انت تجلس اآلنس::ة دورن على الدرج::ة الس::فلية تستنش:ق اله::واء
أيضًا ،وكانت تطلق النار كل ي:وم أح:د على الب:ط ال:ذي يتج:ول في األرج:اء ،حيث
تعم::ل في متج::ر متع::دد األقس::ام ،وجلس::ت اآلنس::ة ليس::ون على الدرج::ة الوس::طى،
وسرعان ما تجمع الرجال حوله:ا ،وخاص:ة الس:يد س:كيدر ،ال:ذي وض:عها في ذهن:ه
لتلعب دور البطول::ة في درام::ا رومانس::ية خاص::ة (لم يتم اإلعالن عنه::ا) في الحي::اة
الواقعية .وكذلك ،السيد هوفر الذي هو في الخامسة واألربعين من عمره ،وهو بدين،
ومحمر الوجه ،وأحمق أيضًا ،والسيد إيفانز الصغير ج ً:د ا ،ال::ذي أس::عل س::عاًال جاف ً:ا
متعمدًا؛ لحث اآلنسة ليسون على طلب التوقف عن السجائر من الس::يد س::كيدر .ولق::د
أجمع الرج::ال على أنه::ا "األك::ثر مرًح ا وبهج::ة على اإلطالق" ،لكن ك::انت الش::ماتة
الجالسة على الدرجة العليا ،والدرجة السفلية ال تطاق.
…………………………….
أدعو هللا أن تترك تتوقف الدراما ،بينما تترصد الكورس ( وهي فرقة موسيقية من
المغنيين) األضواء وتسقط دمعة مأساوية على بدانة السيد هوفر .قم بضبط المزامير
على مأساة الشحم ،وآفة ضخامة الحجم ،وكارثة السمنة ،ربم::ا ك::ان فالس::تاف (اس::م
شخص) ،قد ج::رب تق::ديم أك::ثر من طن الرومانس::ية ال::تي لن تكن ب::ذرة من ض::لوع
روميو المتهالكة .قد يتنهد المحب ،لكن ال يج::در ب::ه الت::أفف .لق::د تم إرس::ال الرج::ال
الب::دناء إلى قط::ار موم::وس .ينبض القلب المخلص عبث ً:ا ف::وق ح::زام بط::ول اثن::ان
وخمسون بوصة .اغرب عن وجهي يل هوفر! قد يجرف ه::وفر هيلين نفس::ها ،وه::و
متورد ،وأحمق ،ويبلغ من العمر خمسة وأربعين عاًما ،وهو مت::ورد وأحم::ق ،ه::وفر
الذي بلغ الخامس واألربعون ،مت::ورد ،وأحم::ق ،وب::دين ،ه::و لحم بال فائ::دة ،فلم تكن
هناك فرصة لك يا هوفر.
وبينما كان يجلس ضيوف السيدة باركرهكذا في إحدى أمسيات الصيف ،نظ::رت
اآلنسة ليسون إلى السماء وصرخت بضحكتها المرحة الصغيرة« :لماذا ،هن::اك بيلي
جاكسون!» أستطيع رؤيته من هنا أيًض ا» .نظر الجميع إلى األعلى ،ونظ::ر بعض::هم
إلى نواف::ذ ناطح::ات الس::حاب ،والبعض اآلخ::ر يبحث عن منط::اد ،يق::وده جاكس::ون.
وأوض:حت اآلنس:ة ليس:ون وهي تش:ير بإص:بعها الص:غير" :إن:ه ذل:ك النجم"« .ليس
الكبير الذي يومض ،بل األزرق الثابت القريب منه ».أستطيع أن أرى ذلك ك::ل ليل::ة
من خالل من::ور بل::دي ،لق::د س::ميته بيلي جاكس::ون .ق::الت اآلنس::ة لونج::نيكر "حس::نا،
حقا!"" .لم أكن أعلم أنك عالمة فلك ،يا آنسة ليسون ".وقال مراقب النج::وم الص::غير:
20
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
«أوه ،نعم ،أعرف مثل أي واحد من علماء الفلك عن شكل األكم:ام ال:تي س:يرتدونها
في الخريف القادم على المريخ».
قالت اآلنس::ة لونج::نيكر" :حس::نا ،حق::ا!"" .النجم ال::ذي تش::ير إلي::ه ه::و جام::ا ،من
كوكبة ذات الكرسي ،إنه تقريًبا من الحجم الثاني ،وممر خط الطول الخاص به ه::و-
قال السيد إيفانز الشاب جًد ا" :ياربي" "أعتقد أن بيلي جاكسون هو اسم أفض::ل بكث::ير
له".
قال السيد هوفر ،وهو يتنفس بصوت عاٍل في تحٍ::د لآلنس::ة لونج::نيكر« :أوافق::ك
الرأي" ».أعتقد أن اآلنسة ليسون لديها نفس القدر من الح::ق في تس:مية النج::وم مث:ل
أي من هؤالء المنجمين القدامى".
قالت اآلنسة لونجنيكر" :حسنا ،حقا!" .قالت اآلنسة دورن" :أتساءل عما إذا ك::ان
هذا شهاًبا"" .لقد ض::ربت تس::عة بط::ات ،وأرنًب ا من أص::ل عش::رة في المع::رض في
كوني يوم األحد ".قالت اآلنسة ليسون« :إنه ال يظهر بوض::وح من هن::ا" ».يجب أن
تراه من غرفتي ".أنت تعلم أنه يمكنك رؤية النجوم ح::تى في النه::ار من ق::اع الب::ئر،
غرف::تي تش::به عم::ود منجم للفحم في اللي::ل ،وه::ذا يجع::ل بيلي جاكس::ون يب::دو مث::ل
الدبوس الماسي الكبير الذي تثبت به نايت ثوب الكيمونو الخاص بها».
وم::ر على األنس::ة ليس::ون وقت ،لم تحض::ر في::ه أي أوراق كب::يرة إلى الم::نزل
لنسخها ،كانت تنتقل من مكتب إلى آخ::ر في الص::باح ب::دًال من العم::ل ،وت::ترك قلبه::ا
يذوب في قطرات الرفض البارد التي ينقلها موظفو المكاتب الوقحون ،استمر الح::ال
على هذا.
وجاءت إحدى األمسيات عندما تسلقت بض::جر منح::در الس::يدة ب::اركر في الس::اعة
التي تعود فيها دائًما من العشاء في المطعم ،ولكنها لم تتن::اول العش::اء ،عن::دما دخلت
القاعة التقى بها السيد هوفر ،اغتنم فرصته وطلب منه::ا ال::زواج من::ه ،ح::امت فوقه::ا
بدانة هوفر مثل االنهيار الجليدي .لقد تهربت وتمسكت بالدرابزين ،ح:اول أن يمس:ك
بي::دها ،فرفعته::ا وض::ربته بق::وة على وجه::ه ،وخط::وة بخط::وة وهي تس::حب نفس::ها
صعدت من السور .لقد اجتازت باب السيد سكيدر بينم::ا ك::ان يرس::م ب::الحبر األحم::ر
اتجاه المسرح لميرتل ديلورمي (اآلنسة ليس::ون) في الكومي::ديا (غ::ير المقبول::ة) ،إلى
"ال::دوران ع::بر المس::رح من إل إلى ج::انب الك::ونت" .تس::لقت أخ::يًر ا الس::لم المغطى
بالسجاد ،وفتحت باب غرفة المنور ،لقد كانت أضعف من أن تش:عل المص:باح أو أن
تخل::ع مالبس::ها ،ف::ارتمت على الس::رير الحدي::دي ،و بالك::اد يج::وف جس::دها الهش
21
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
الزنبركات البالية .رفعت جفنيها الثقيلين ببطء في تلك الغرف::ة ،وابتس::مت؛ ألن بيلي
جاكسون كان يشع عليها ،هادًئ ا ومشرًقا وثابًت ا من خالل المنور.
لم يكن هناك عالم عنها أو يدري عن حالها ،لق::د غ::رقت في حف::رة من الس::واد ،م::ع
ذلك المربع الصغير من الضوء الشاحب الذي يحيط بالنجمة التي أطلقت عليها اسً::ما
غريًبا للغاية ،يا للهول ،بشكل غير فعلي ،حضر في ذهنه::ا أن اآلنس::ة لونج::نيكر ق::د
تكون على حق؛ لقد كانت جاما ،من كوكبة ذات الكرسي ،وليس بيلي جاكسون .ومع
ذلك ،لم يكن بوسعها أن تسمح لها بأن تكون غاما ،وبينما كانت مستلقية على ظهرها
حاولت مرتين رفع ذراعها ،ولكن في الم:رة الثالث:ة ،وض::عت إص::بعين رفيعين على
ش::فتيها وأرس::لت قبل::ة من الحف::رة الس::وداء ل::بيلي جاكس::ون ،ت::راجعت ذراعه::ا إلى
الوراء بشكل ضعيف ،وتمتمت بص:وت خ:افت« :وداًع ا ي:ا بيلي " ».أنت على بع:د
ماليين األمي::ال ولن ت::ومض ول::و لم::رة واح::دة "،لكن::ك بقيت ثابتً:ا ،بحيث تس::نح لي
رؤيتك معظم الوقت ،عندما لم يكن هناك أي ش:يء آخ:ر س:وى الظالم للنظ:ر إلي:ه،
أليس ك::ذلك؟ . . .ماليين األمي::ال ....وداًع ا بيلي جاكس::ون» .وج::دت كالرا الب::اب
مغلًق ا في الساعة العاشرة من اليوم التالي ،ففتحته بالقوة ،وهي الخادمة ذات العرقين
لم يج::د نفعً:ا الخ::ل ،وال الص::فع على الرس:غين ،وال ح::تى ال::ريش المح::ترق ،فه:رع
أحدهم لطلب سيارة إسعاف ،وعاد في ال:وقت المناس:ب إلى الب:اب مح:دًث ا الكث:ير من
رنين الجرس ،وأصبح الطبيب الشاب القدير،ال::ذي يرت::دي معطف::ه الكت::اني األبيض،
ج::اهًز ا على ال::درج بوجه::ه الن::اعم ال::ذي نص::ف مبهج ونص::ف متجهم ،ونش::يًط ا،
وواثًق ا .،قال بإيجاز" :اتصلت سيارة اإلسعاف بالرقم ' ."49ما المشكلة؟'
استنش::قت الس::يدة ب::اركر ،كم::ا ل::و أن مش::كلتها تتمث::ل في ح::دوث مش::كلة أك::بر في
المنزل " :نعم يا دكتور" ."،ال أستطيع أن أفكر في م::ا يمكن أن يك::ون األم::ر معه::ا،
فال يوجد شيء قد نفعله ،سيوصلها إلى ذلك ،إنها ام::رأة ش::ابة ،اآلنس::ة إلس::ي -نعم،
اآلنسة إلسي ليسون .لم يحدث هذا من قبل في منزلي '-
صرخ الطبيب بصوت رهيب ":أي::ة غرف::ة؟" ،وك::انت الس::يدة ب::اركر غريب::ة عن::ه.
"غرفة المنور ".إنه ' -من الواضح أن طبيب اإلسعاف كان على دراية بموقع غرف
المنور .كان يصعد أربع درجات في كل مرة .تبعته السيدة باركر بتروي ،كما حثتها
كرامتها.
التقت في أول وص::ولها ،ب::الطبيب عائ::دًا وه::و يحم::ل عالم::ة الفل::ك بين ذراعي::ه،
توقف وأطلق مشرط لسانه بصوت غير عال .انه::ارت الس::يدة ب::اركر ت::دريجيًا مث::ل
22
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
قطعة قماش قاسية تنزلق من مسمار ،وبعدها ظ::ل عقله::ا وجس::دها في انهي::ار .ك::ان
ضيوف غرفتها الفضوليون يسألونها في بعض األحيان عما قاله لها الطبيب.
كانت تجيب« :فليكن ذلك»" .إذا ك:ان بإمك:اني الحص:ول على المغف:رة لس:ماع ذل:ك
سأكون راضية" .سار طبيب اإلسعاف بحمله ع::بر مجموع::ة من كالب الص::يد ال::تي
تتبع المطاردة الفضولية ،وحتى أنها س::قطت على الرص::يف خجاًل ؛ ألن وجه::ه ك::ان
وجه شخص يحمل ميت له.
الحظوا أنه لم يرقد على السرير المعد لها في سيارة اإلسعاف بالشكل الذي يحمل::ه،
وكل ما قاله للسائقُ« :قد مثل إتش -إل ،ويلسون».
وهذا كل شيء .هل هي قصة؟ رأيت خبًر ا صغيًر ا في جريدة صباح اليوم الت::الي، ،
و قد تساعدك الجملة األخيرة منه (كما ساعدتني) في ربط األحداث مًعا.
تم إبالغ قسم االستقبال في مستشفى بلفيو ،بأنه تم نقل امرأة شابة من رقم 49شارع
شرقي ،وكانت تعاني من الوهن الناجم عن الجوع .واختتمت بهذه الكلمات:
ويقول طبيب اإلسعاف الذي أحضر الحالة ،الدكتور ويليام جاكسون ،أن المريض::ة
ستتعافى.
23
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
أقاربها ساهموا بم:ا يكفي في قبعته:ا الرقيق::ة ح::تى تتمكن من ال::ذهاب إلى "الش:مال"
و"الفينيش" .لم يتمكنوا من رؤيتها في نهاية المطاف ،لكن هذه هي قصتنا.
التقى كل من ج::و وديلي:ا في مش:غل؛ حيث اجتم:ع ع:دد من طالب الفن والموس:يقى
لمناقش::ة اإلض::اءة ،وواج::نر ،والموس::يقى ،وص::ور أعم::ال رام::برانت ،وال::دتوفيل،
وورق الحائط ،وشوبان ،و أولونغ .وقد أصبح جو وديليا مفت::ونين ببعض::هما البعض
أو كل باآلخر ،كما يحلو ل:ك ،وفي وقت قص:ير تزوج:ا -ألن:ه (كم:ا ذكرن:ا س:ابقًا)،
عندما يحب المرء فنه ،ال تبدو أي خدمة صعبة للغاية.
بدأ السيد والسيدة الرابي التدبير الم::نزلي لش::قتهما ،لق::د ك::انت ش::قة منعزل::ة -ش::يء
يشبه الطريق المنحدر ،عند الطرف األيسر من لوحة المف::اتيح ،لكنهم ك::انوا س::عداء،
ألنه كان لديهما فنهما وكان لديهما بعضهما البعض .ونص::يحتي للش::اب الغ::ني هي -
بع كل ما تملكه ،وأعطه للفقراء -وكن حارسًا للقمة عيشك في شقة مع فن::ك وديلي::ا
الخاصة بك.
يجب على ق::اطني الش::قق أن يؤي::دوا رأيي ب::أن؛ س::عادتهم هي الس::عادة الحقيقي::ة
الوحيدة .فال يمكن أن يك::ون الم::نزل متناغمً:ا ،إذا ك::ان س::عيًد ا - ،وإال ،دع خزان::ة
المالبس تنهار ،وتصبح طاول:ة بلي:اردو؛ ودع رف الموق:د يتح:ول إلى آل:ة تج:ديف،
والمكتبة إلى حجرة ن:وم إض:افية ،والمغس:لة إلى بي:انو ق:ائم؛ ودع الج:دران األربع:ة
تجتمع مًع ا ،إن شئت ذلك ،بحيث تكون أنت وديليا بينهما ،ولكن إذا ك::ان الم::نزل من
النوع اآلخر ،فليكن واسًعا وطوياًل – ادخل من البواب::ة الذهبي::ة ،وعل::ق قبعت::ك على
هاتيريس ،ورداءك على كيب هورن ،واخرج برفقة البرادور.
كان جو يرسم في صف ماجيس::تر العظيم - 2أنت تع::رف ش::هرته .أتعاب::ه مرتفع::ة؛
دروسه خفيفة -وقد جلبت األضواء الب:ارزة ل:ه ش:هرة .ك:انت ديلي:ا ت:درس على ي:د
روزنستوك ،3وأنت تعرف سمعته في حبه إلثارة المتاعب.
لقد كانوا سعداء للغاية طالما استمرت أموالهما – ولن أكون ساخرًا -إذ هو حال
الجميع .كانت أهدافهم واضحة ومحددة للغاية ،كان مقدرًا لجو أن يص::بح ق::ادًر ا على
إخراج الصور التي التقطها لقدماء السادة ذوي الشعيرات الجانبي::ة ،ودف::اتر الجي::وب
السميكة ،الذين يريدون وضع أكياًسا رملية لبعض::هم البعض في االس::توديو الخ::اص
به للحصول على امتياز الشراء .كان مقدرًا لديليا أن تصبح مألفة للموسيقى ومن ثم،
. 2كان قائدًا عسكريًا رفيع المستوى في عهد اإلمبراطورية الرومانية الالحقة ،ويعود تاريخه إلى عهد قسطنطين األكبر.
. 3كان مؤرخًا ،وفيلسوفًا اجتماعيًا ،امتدت أعماله إلى تخصصات التاريخ والالهوت وعلم االجتماع واللسانيات وماوراءها.
24
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
تزدريها؛ ألنها ستصاب بالته:اب الحل:ق عن:دما ت:رى مقاع:د وص:ناديق األوركس:ترا
غير مباعة ،وعندما ترى ج::راد البح::ر في غرف::ة الطع::ام الخاص::ة ،فإنه::ا س::ترفض
الصعود على المسرح .كانت الحي::اة المنزلي::ة في الش::قة الص::غيرة ،هي األفض::ل في
رأيي -الدردشات الحماسية المفعمة بالحيوية بعد الدراسة اليومية؛ والعشاء الم::ريح،
ووجبات اإلفطار الطازجة ،والخفيف::ة؛ تب::ادل الطموح::ات -طموح::ات مترابط::ة م::ع
بعض::ها البعض ،أو غ::ير كب::يرة -المس::اعدة واإلله::ام المتب::ادلين؛ والتجاه::ل العب::ثي
لشطائر الزيتون ،والجبن المحشوة في الساعة الحادية عشرة مساًء.
ولكن بعد فترة في بعض األحي::ان ،يتم اإلبالغ عن الفن ،ح::تى ل::و لم يبل::غ عن::ه أح::د
عمال التبديل وكما يقول السوقيون :يخرج كل شيء ،وال شيء يدخل .كان ينقص::هما
المال؛ لدفع أجور السيد ماجيستر والسيد روزنستوك .عندما يحب المرء فنه ،ال تبدو
أي خدمة صعبة للغاي:ة .ل::ذا ،ق::الت ديلي:ا إنه:ا يجب أن تعطي دروًس ا في الموس:يقى
إلبقاء جريان المياه.
وخرجت لتجميع األص::وات للتالمي::ذ ،لم::دة ي::ومين أو ثالث::ة أي::ام .ق::الت ديالعن::دما
عادت إلى المنزل مبتهجة في إحدى األمس:يات « :ج::و ،عزي:زي ،ل::دي تلمي:ذة .وي:ا
أحالها من تلميذة! جنرال -ابنة الج::نرال أ.ب .بينك::ني -في ش::ارع الس::بعين األول.
مثل هذا المنزل الرائع يا جو ،يجب أن ت::رى الب::اب األم::امي! البيزنطي::ة أعتق::د أن::ك
سوف تسميها .داخليا ايضا! ي::اربي لم أر ش:يًئ ا كه::ذا من قب::ل ي::ا ج::و" .تلمي::ذتي هي
ابنته كليمنتينا ".أنا أحبها كثيرا بالفعل ،إنه:ا ش:يء حس:اس -فس:اتينها دائمً:ا ب:اللون
األبيض؛ وأحلى وأبسط األخالق! تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما فقط.
سأعطي ثالثة دروس في األسبوع ،وفكر فقط ي:ا ج:و معي في األم:ر ،عن:دما يك:ون
الدرس بخمس دوالرات ،ال م::انع ل::دي؛ ألن::ه عن::دما أحص::ل على تلمي::ذين أو ثالث::ة
آخرين ،أستطيع استئناف دروسي مع السيد روزنستوك .اس::ترخي ،اآلن ،عزي::زتي،
وخففي تلك التجاعيد بين حاجبيك ،ودعينا نتناول عشاًء لطيًفا» .قال جو وهو يه::اجم
علبة البازالء بسكين وفأس" :هذا جيد بالنس::بة ل::ك ي::ا ديلي ،ولكن م::اذا ع::ني؟" ه::ل
تعتقدين بأنني سأسمح ل::ك بالس::عي للحص::ول على األج::ر ،بينم::ا أتج::ول في من::اطق
الفنون الراقية؟ ليس بعظام بنفينوتو تشيليني! لكني أعتقد أنني أس::تطيع بي::ع األوراق،
أو وضع الحجارة المرصوفة بالحصى ،وكسب دوالر أو دوالرين».
جاءت ديليا وتعلقت حول عنقه " .عزيزي ج::و ،إن:ك س:خيف ،علي:ك االس:تمرار في
دراستك ،ليس األمر كما ل::و أن::ني ت::ركت الموس::يقى وذهبت للعم::ل في ش::يء آخ::ر،
25
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
فبينما أعلم أتعلم .أن::ا دائم::ا م::ع موس::يقاي ،ويمكنن::ا أن نعيش بس::عادة مث::ل أص::حاب
الماليين على خمس::ة عش::ر دوالرات في األس::بوع ،علي::ك أال تفك::ر في ت::رك الس::يد
ماجيستر».
قال جو وهو يمد يده إلى طبق الخض::ار ذو الص::دف األزرق« :حسً:ن ا ،»،ولك::ني
أكره أن تقومي بإعط:اء ال:دروس ،ه:ذا ليس فنً:ا؛ ألن:ك ورق:ة رابح:ة وعزي:زة على
القيام بذلك .قالت ديليا« :عندما يحب المرء فنه ،ال تب::دو أي خدم::ة ص::عبة للغاي::ة».
قال جو" :لقد مدحني ماجيستر في هذا الرسم الذي رسمته في الحديق::ة"« .وأعط::اني
تينكل اإلذن بتعليق اثنين منهم في نافذته ».قد أبيع واحدة إذا رآها صاحب الذوق من
األثرياء الحمقى».
قالت ديليا بلطف" :إنني على يقين من قدرتك على فعل ذل::ك" « .دعن::ا نكن اآلن
شاكرين للجنرال بينكني ولحم العجل المشوي هذا».
ستتناول عائلة الرابيس وجبة إفطار مبكرة ،خالل األس::بوع الت::الي بأكمل::ه .،ك::ان
جو متحمًس ا لبعض الرسومات التخطيطية للتأثيرات الصباحية التي كان يرس::مها في
سنترال بارك ،وقد أعادته ديليا لتناول اإلفطار ،ودللت:ه ،وأثنت علي:ه ،ومنحت:ه قبل:ة،
وكان ذلك في الساعة الس::ابعة .إن الفن ممارس::ة جذاب::ة ،تك::ون الس::اعة الس::ابعة في
أغلب األحيان عندما يعود جو في المساء.
وفي نهاية األسبوع ،ألقت ديليا ثالث أوراق نقدية من فئة خمس::ة دوالرات منتص::رة
على الطاولة المركزية مقاس ( 10 × 8بوص::ة) في الص::الة المس::طحة ال::تي تبل::غ
مساحتها ( 10 × 8قدم) التي كانت فخورة بلطف ولكن ضعيفة ،قالت بضجر قليل:
«في بعض األحيان ،تح::اول كليمنتين::ا أن تجرب::ني ،أخش::ى أنه::ا ال تت::درب بم::ا في::ه
الكفاي::ة ،فيجب أن أك::رر له::ا نفس األش::ياء كث::يًر ا ،ثم ترت::دي دائًم ا مالبس بيض::اء
بالكامل ،وهذا يصبح روتينيًا ،ولكن الجنرال بينكني هو أعز رجل عجوز! أتم:نى أن
تتعرف عليه يا جو .هو يأتي أحياًن ا عن::دما أك::ون م::ع كليمنتين::ا على البي::انو -وه::و
أرمل ،كما تعلم -ويقف هناك يسحب لحيت::ه البيض::اء ،ويس::أل دائم::ا" :وكي::ف تتق::دم
أشباه الكائنات وأشباهها؟".
«أتم:نى أن تتمكن من رؤي:ة الل:وح الخش:بي في غرف:ة الرس:م تل:ك ي:ا ج:و!» وتل:ك
البوابات التركمستانية البسيطة .أتمنى أن تكون كلمنتينا أقوى مم::ا تب::دو علي::ه ،فهي
تعاني من سعال صغير مضحك .تبًا ،لقد تعلقت بها حًق ا ،فهي لطيفة جًد ا وذات تربية
عالية .لقد ك::ان ش::قيق الج::نرال بينك::ني ذات ي::وم وزيً::ر ا في بوليفي::ا .وبهيئ::ة م::ونت
26
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
كريستو ،أخرج جو عشرة ،وخمسة ،واثنين ،وواحًد ا -جميعها أوراق نقدي::ة قانوني::ة
-ووضعها بجانب أرب::اح ديلي::ا ،وأعلن بأغلبي::ة س::احقة" :لق::د قمت ب::بيع ه::ذا الل::ون
المائي لرجل من بيوريا من أجل مسلة يمتلكها" .قالت ديلي::ا « :ال تم::زح معي ،ليس
من بيوريا!».كنت أتمنى أن أراه منذ زمن ي::ا ديلي::ا ،إن::ه رج::ل ب::دين ،ذو وش::اح من
الصوف وعود أسنان من ريشة ،لقد رأى الرسم في ناف::ذة تنك::ل ،واعتق::د في البداي::ة
أنه:ا طاحون:ة هوائي:ة ،لق:د ك:انت لعب:ة ،وق:د اش:تراها على أي:ة ح:ال .وطلب رس:مًا
تخطيطًي آخرًا ليأخذه معه – هو رس::م زي::تي لمس::تودع الش::حن في الكاوان::ا .ق::الت
ديليا بحرارة ":دروس الموسيقى! نعم ،أعتقد أن الفن ال يزال موجوًد ا»« :.أنا سعيدة
جًد ا ألنك واصلت العمل - ».ال بد أن تفوز يا عزيزي ،مجموع المال ثالثة وثالثون
دوالرًا! لم يكن لدينا الكثير لننفقه من قب::ل .إذًا ،س::نتناول المح::ار الليل::ة» .ق::ال ج::و:
«وسمك الفيليه مع الفطر»" .أين شوكة الزيتون؟"
وفي مساء يوم السبت التالي ،وصل جو أوًال إلى الم::نزل ،وف::رد مبل::غ ثماني::ة عش::ر
دوالرات على طاولة الرده:ة ،وغس:ل م:ا ب:دا أن:ه ق:در كب:ير من الطالء ال:داكن من
يديه.
وص::لت ديلي::ا بع::د نص::ف س::اعة ،وي::دها اليم::نى مربوط::ة بمجوع::ة من األغطي::ة
والضمادات عديمة الشكل .سأل جو بع:د التحي:ات المعت:ادة' :كي:ف ه::ذا؟' .ض::حكت
ديليا ،ولكن ليس بسعادة غ::امرة ،وأوض::حت أن "كليمنتين::ا" أص::رت على الحص::ول
على أرنب ويلزي بع::د ال::درس ،إنه::ا فت::اة غريب::ة ،أرانب ويلزي::ة في الخامس::ة بع::د
الظهر! كان الجنرال هناك ،وكان يجب أن تراه يه:رول نح:و طب:ق تق:ديم الطع:ام ي:ا
جو ،كما لو لم يكن هناك خادم في المنزل ،أعلم أن كليمنتينا ليست بصحة جيدة؛ إنها
متوترة للغاية ،فقد سكبت كمية كبيرة من الطبق ،لدرجة الغلي::انعلى ي::دي ومعص::مي،
أثناء تقديمها لألرنب ،لقد كان األمر مؤلًما جًد ا يا جو ،وك::انت الفت::اة العزي::زة آس::فة
جدا! لكن الجنرال بينكني! ، -هذا الرجل العجوز كاد أن يتشتت انتباهه يا جو.
هرول الجنرال إلى الطابق السفلي ،وأرسل أحدًا -قالوا عام::ل الف::رن أو شخًص ا م::ا
في الط::ابق الس::فلي -إلى ص::يدلية للحص::ول على بعض ال::زيت ،واألش::ياء الالزم::ة
لربط معصمي ،إنه ال يؤلم كثيًر ا اآلن .سأل جو وهو يمس:ك بي:دها بحن:ان ،ويس:حب
بعض الخيوط البيضاء تحت الضمادات 'ما هذا؟' .،ق::الت ديلي::ا« :إن::ه ش::يء ن::اعم،
عليه زيت ».قالت بع:دما رأت الم:ال على الطاول::ة" :ه::ل قمت ب:بيع رس:م آخ::ر ي:ا
ج::و؟ .ق::ال ج::و "ه::ل فعلت؟"" ،فق::ط اس::ألي الرج::ل من بيوري::ا ".لق::د حص::ل على
27
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
رسمة مستودعه اليوم ،وهو غير واثق ،ولكنه يعتقد أنه يري::د منظً::ر ا آخ::رًا للمن::تزه،
وإطاللة على نهر هدسون .في أي وقت بعد ظه::ر ه::ذا الي::وم ح::رقت ي::دك ي::ا ديلي؟
قالت ديلي بحزن« :على م:ا أعتق::د الس:اعة الخامس:ة" ».الحدي:د -أع:ني أن األرنب
خرج من النار في ذلك الوقت تقريًبا ".كان ينبغي أن ترى يا جو الجنرال بينكني.
قال جو« :اجلسي هنا للحظة ي:ا ديلي» .وق:د س:حبها إلى األريك:ة ،وجلس بجانبه:ا،
واضعًا ذراعه على كتفيها" :ماذا كنت تفعلين خالل األسبوعين الماض::يين ي:ا ديلي؟"
سأل .لقد تحدت األمر للحظة أو اثنتين بعين مليئة بالحب والعناد ،وتمتمت بعب::ارة أو
اثنتين بش:كل غ:امض عن الج:نرال بينك:ني؛ ولكن أخ:يرًا ،طأط:أت رأس:ها لألس:فل،
وخرجت الحقيقة بدموع ،واعترفت قائلة" :لم أتمكن من الحص::ول على أي تالمي::ذ".
«ولم أستطع تحمل رؤيتك تتخلى عن دروس:ك؛ فحص:لت على مك:ان لكي القمص:ان
في تلك المغسلة الكبيرة بشارع الرابع والعشرين .وأعتقد أنني قمت بعمل جيد للغاي::ة
لتعويض كل من الجنرال بينكني وكليمنتينا ،أليس كذلك يا جو؟ وعندما وضعت فت::اة
في المغس::لة بع::د ظه::ر ه::ذا الي::وم ،مك::واة س::اخنة على ي::دي ،كنت في ط::ريقي إلى
المنزل ألختل::ق تل::ك القص::ة عن األرنب ال::ويلزي .أنت لس::ت غاض::با ،أليس ك::ذلك،
جو؟ ولو لم أحصل على العمل ،لما كنت بعت رسوماتك ل:ذلك الرج:ل من بيوري:ا».
قال جو بتروي« :لم يكن من بيوري::ا»" .حس ً:ن ا ،ال يهم من أين أتى .كم أنت ذكي ي::ا
جو – و -قبلني يا جو – وم::ا ال::ذي جعل::ك تش::ك في أن::ني لم أكن أعطي دروًس ا في
الموس::يقى لكليمنتين::ا؟ ق::ال ج::و« :لم أكن أش::ك ،ح::تى الليل::ة ».ولم أكن ألفع::ل ذل::ك
حينها ،أنا فق:ط أرس:لت مخلف:ات القطن وال:زيت من غرف:ة المح:رك بع:د ظه:ر ه:ذا
اليوم ،لفتاة أحرقت يدها بمكواة تمليس في الطابق العلوي ،لقد قمت بتشغيل المح::رك
في تلك المغسلة خالل األسبوعين الماضيين.
«-ثم لم تفعل ذلك »-
قال جو« :المشتري من بيوريا ،والجنرال بينك::ني كالهم::ا إب::داعات من نفس الفن -
لكن::ك ال تس::تطيع أن تس::ميه رس::مًا أو موس::يقى ».ثم ض::حكا بع::د ذل::ك ،وب::دأ ج::و:
«عندما يحب المرء فنه ،ال يبدو أن هناك أي خدمة -لكن ديليا أوقفته ووضعت يدها
على شفتيه ».قالت :ال ،فقط عندما يحب المرء.
28
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
كان يقفز نادي كلوفر ليف االجتماعي(( Clover Leaf Social Clubفي كل ليلة سبت،
في قاعة جمعية جي::ف آن::د تي::ك أثلت::ك ( )Give and Take Athletic Associationعلى
الج::انب ، ")and Takeأو إذا كنت تنتمي إلى القس::م ال::ذي يب::دأ بالق::دم اليم::نى في
رقصة الفالس ،فيجب عليك العمل في مصنع الص::ناديق الورقي::ة في رينيجول::د وم::ع
ذلك ،كان ألي كلوفر ليف امتياز المرافقة أو أن يرافقه شخص خارجي إلى رقص::ة
واحدة ،لكن في الغالب كان كل من العطاء واألخ::ذ (( ،Give and takeيحض::ر
فتاة الصندوق الورقي التي تأثر بها؛ وقليل من الغرب::اء يمكنهم التف::اخر ب::أنهم ه::زوا
أقدامهم عند الهوب العادي.
ذهبت م::اجي ت::ول لله::وب 4م::ع آن::ا مك::ارتي و"رفيقته::ا"؛ وذل::ك بس::بب عيونه::ا
الباهتة ،وفمه::ا الواس::ع ،وأس::لوب حركته::ا بالي::د اليس::رى في الخط::وتين ،عملت آن::ا
وماجي جنًبا إلى جنب في المصنع ،وكان::ا من أفض::ل األص::دقاء على اإلطالق؛ ل::ذا،
كانت آنا دائًما تجع::ل جيمي ب::يرنز يأخ::ذها إلى م::نزل م::اجي ك::ل ليل::ة س::بت؛ ح::تى
تتمكن صديقتها من الذهاب للرقص معهم.
لقد ارتقت جمعية العطاء واألخذ الرياضية إلى مستوى اسمها ،إذ تم تجهيز قاع::ة
الشركة في شارع أوركارد باختراع::ات في ص::ناعة العض::الت ،وم::ع بن::اء األلي::اف
العضلية بهذه الطريقة ،اعتاد األعضاء على إشراك الشرطة والمنظمات االجتماعي::ة
والرياضية المنافسة في قتال ممتع .كان هوب ليلة السبت مع فتيات مصنع الصناديق
الورقية ،من بين المهن األك::ثر جدي::ة ،وهي بمثاب::ة ت::أثير نقي ،وكشاش::ة فعال::ة؛ ألن
النصيحة كانت ت:دور ح:ول نفس:ها في بعض األحي:ان ،وإذا كنت من بين المخت:ارين
ال::ذين ص::عدوا الس::لم الخلفي المظلم على أط::راف أص::ابعهم ،فق::د ت::راهم أنيقين
ومرضيين قلياًل من وزن الخصر حتى أخمص قدمهم ،كما حدث دائًما داخل الحبال.
ُيغلق مصنع الص::ناديق الورقي::ة الت::ابع لش::ركة Rheingoldفي الس::اعة الثالث::ة
مساًء .في أيام السبت .عادت آنا وماجي إلى المنزل مًعا في أحد األي::ام بع:د الظه:ر،
وعند باب م::نزل م::اجي ،ق::الت آن::ا كالع::ادة« :ك::وني ج::اهزة في الس::ابعة ،ي::ا م::اج؛
وسوف نأتي أنا وجيمي الصطحابك».
29
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
قالت ماجي« :شكًر ا يا آنا»" .لكنك وجيمي ال تحتاج:ان إلى إزع:اج نفس:كما الليل:ة".
لدّي ص::ديق نبي::ل س::يأتي ليرافق::ني إلى اله::وب .اس::تغلت آن::ا الجميل::ة الفرص::ة على
صديقتها ،وهزتها ،ووبختها ،وتوسلت إليها .تعرفت ماجي ت::ول على زمي::ل! م::اجي
بسيطة ،وعزيزة ،ومخلصة ،وغير جذابة ،ولطيفة جًد ا كصديقة ،وغ::ير راغب::ة ج ً:د ا
للحصول على مقعد ذو درج::تين أو مقع::د تحت ض::وء القم::ر في الحديق::ة الص::غيرة.
كيف وجدته؟ متى حدث ذل::ك؟ من ك::ان؟ ق::الت م::اجي وآث::ار مش::روب العنب األول
الذي جمعته من كرم كيوبيد واض::حة عليه::ا« :س::تريه الليل::ة" ».إن::ه ممتلئ تماًم ا".
وأطول من جيمي ببوصتين ،ويمتلك خزانة مالبس حديثة .س:وف أقدم:ه ل::ك ي:ا آن:ا،
بمجرد وصولنا إلى القاعة.
كانت آنا وجيمي من بين أوائل أفراد Clover Leafالذين وصلوا ذلك المساء .كانت
عي::ون آن::ا مثبت::ة بش::كل س::اطع على ب::اب القاع::ة؛ لتتمكن من إلق::اء أول نظ::رة على
"زمي::ل" ص::ديقتها .اجت::احت اآلنس::ة ت::ول القاع::ة م::ع رفيقه::ا في الس::اعة 8.30
وسرعان ما اكتشفت عينها المظفرة ص::ديقها تحت جن::اح جيمي المخلص .ص::رخت
آنا«،تبًا ،ي:ا ربي!» "م:اج لم تحق:ق نجاًح ا كب:يًر ا -أوه ،ال!" رفي:ق ممتلئ؟ حس:نا،
أعتقد! أسلوب؟ انظ::ر إلى "أم" .ق::ال جيمي وفي ص::وته غلظ::ة« :اذه::بي إلى حيث
تريدين' ».اطرديه إن كنت تريدين ذلك .هؤالء الرجال الجدد يفوزون دائًما بالس::بق،
وال مانع لي في ذلك ،أعتقد أن يستغل الفرصة ،ال أكثر وال أق::ل .ه::اه!' "اص::مت ي::ا
جيمي ".أنت تعرف ما أعنيه ،أن::ا س::عيدة لم::اج ،إن::ه أول رفي::ق له::ا على اإلطالق.
نعم ،ها هم قادمون» .عبرت ماجي الصالة مثل يخت للتسلية ومعه ط::راد من ن::وع
فاخر .وقد برر رفيقه::ا حق ً:ا ،نعم الص::ديق المخلص .لق::د ك::ان أط::ول ببوص::تين من
متوسط رياض:ي في فرق:ة األخ:ذ والعط:اء ،ش:عره ال:داكن مجع:د ،وعين:اه ،وأس:نانه
تومضان كلما ابتسم ابتساماته المتكررة .لم يعلق شباب Clover Leaf Clubوثوقهم
بنعم الشخص ،بقدر ما فعلوا ببراعته ،وإنجازات::ه في الص::راعات اليدوي::ة ،والحف::اظ
عليه من اإلكراه القانوني الذي كان يهدده باس:تمرار .ك:ان يس:تهزئ عض:و الجمعي:ة
الذي سيربط صندوًقا ورقًيا في عربته الفاتح::ة باس::تخدام ه::واء ب::و برومي::ل ولم تكن
تعتبر أساليب مشرفة للحرب.
30
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
الزائر ،وأوضاعه الجذابة مع ذقنه بزاوية جدي::دة .ك::انت ه::ذه ص::يغة التق::ديم ال::تي
اس::تخدمتها م::اجي "ص::ديق لي ،الس::يد ت::يري أوس::وليفان ."،قادت::ه في جمي::ع أنح::اء
الغرفة ،وقدمته لكل الوافدين الج:دد من كل:وفر لي:ف .ك:انت تقريًب ا جميل:ة اآلن ،م:ع
اللمعان الفريد في عينيها الذي يأتي لفت::اة م::ع خطيبه::ا األول ،والقط::ة الص::غيرة م::ع
فأرها األول" .لقد حصلت م:اجي ت:ول على ص::ديق أخ::يًر ا" ،ك:انت تل::ك هي الكلم:ة
ال::تي ت::رددت بين فتي::ات الص::ناديق الورقي::ة" .المش::اة األرض::ية الخاص::ة بـ Pipe
- "Magهكذا عبرت فرقة Give and Takesعن ازدرائها الالمبالي.
اعت:::ادت م:::اجي على االحتف:::اظ بمك:::ان دافئ على الحائ:::ط بظهره:::ا في اله:::وب
األسبوعي .لقد شعرت ،وأظهرت الكثير من االمتنان ،كلما دعاها شريك مضٍح بذاته
إلى ال::رقص ،مم::ا أدى إلى تض::اؤل متعت::ه وتض::اءلها في نظ::ره .لق::د اعت::ادت على
مالحظة آنا وهي تحرك جيمي المتردد بمرفقها ،كإش::ارة ل::ه ل::دعوة ص::ديقها للمش::ي
فوق قدميه من خالل خطوتين ،ولكن تحولت اليقطينة إلى عربة وست س::ائقين ،ك::ان
تيري أوس:وليفان ه:و األم:ير الس:احرالمظفر ،وق:امت م:اجي ت:ول ب:أول تحلي:ق له:ا
كفراشة ،وعلى الرغم من اختالط استعاراتنا الخاصة بأرض الخيال ،م::ع اس::تعارات
علم الحشرات ،إال أنها لن تهز شعرة من ليلة ماجي المثالية.
حاصرتها الفتيات للتعرف على "زميلتها" ،وبعد عامين من العمى ،الح::ظ ش:باب
Clover Leafفجأة سحرًا في اآلنسة تول ،لقد استعرضوا عضالتهم المقنعة أمامها
وطلب::وا منه::ا ال::رقص .وهك::ذا س::جلت كعض::وة في الن::ادي؛ لكن بالنس::بة لت::يري
أوسوليفان ،فقد تساقطت األقنعة في تلك األمسية ،بشكل كثيف وسريع .فق::د ق::ام به::ز
تجعيد الشعر ،ومن ثم ابتسم وقام بالحرك:ات الس:بع بس:هولة؛ لج::ذب النعم:ة لغرفت:ك
الخاصة أم:ام ناف:ذة مفتوح:ة لم:دة عش:ر دق:ائق ك:ل ي:وم ،لق:د ك:ان ي:رقص ك:راعي
الحقول .لقد قام بعم::ل ت::داخل بين األس::لوب والكيفي::ة وج::و ال::رقص .ج::اءت كلمات::ه
متعثرة على لسانه ،ورقص الفالس مرتين متتاليتين مع فتاة الص::ندوق ال::ورقي ال::تي
أحضرها ديمبسي دونوفان.
كان ديمبسي زعيم الجمعية ،حيث ك::ان يرت::دي بدل::ة رس::مية ،ويمكن::ه أن يج::ول
النادي مرتين على يد واحدة .لقد ك::ان واح::دًا من "بيج ماي::ك" مس::اعدي أوس::وليفان،
ولم ينزعج أبًد ا من المتاعب ،ولم يجرؤ أي شرطي على اعتقاله.
كان أح:د الض:باط يتج:ول ويق:ول" :القائ:د ي:رغب في رؤيت:ك بض:ع دق:ائق" إلى
المكتب عندما يكون لديك الوقت يا ديمبس::ي ،ي::ا ف::تى» ،كلم::ا كس::ر رأس رج::ل ،أو
عربة دف::ع ،أو أطل::ق الن::ار على أح::د أعض::اء جمعي::ة هاينري::ك ب .س::ويني للنزه::ة
31
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
واألدب في نيكاب ،ولكن سيكون هناك العديد من السادة الذين يرتدون سالسل ذهبية
كبيرة و يدخنون سيجاًر ا أسود؛ وكان أحدهم يروي قصة مضحكة ،ثم يعود ديمبس::ي
ويعمل لمدة نصف ساعة مع األجراس التي يبلغ وزنها ستة أرطال .ل::ذا ،ف::إن القي::ام
بعمل حبل مشدود على سلك ممتد عبر نياجرا كان أداًء آمًن ا ،مقارنًة ب::رقص الف::الس
مرتين مع فتاة الصندوق الورقي لديمبسي دونوفان .أشرق الوجه المستدير الممتع لـ
"بيج مايك" أوسوليفان عن:د الب:اب لم:دة خمس دق::ائق في مك:ان الح::ادث في الس:اعة
العاشرة .كان ينظر دائًما لمدة خمس دقائق ،ويبتسم للفتيات وينش::ر المثالي::ة الحقيقي::ة
على األوالد المبتهجين.
أصبح ديمبسي دونوفان فورًاعند مرفقه ،وهو يتحدث بسرعة .نظر "بيج ماي::ك"
بعناية إلى الراقصين وابتسم وهز رأسه وغادر.
ت::وقفت الموس::يقى ،وانتش::ر الراقص::ون على الكراس::ي بمح::اذاة الج::دران .تخلى
تيري أوسوليفان ،بقوسه الس::احر ،عن فت::اة جميل::ة ترت::دي الل::ون األزرق لش::ريكها،
وبدأ في العثور على ماجي .اعترضه ديمبسي في منتصف أرضية النادي.
إن بعض الغري::زة الجميل::ة ال::تي ورثته::ا لن::ا روم::ا ،جعلت الجمي::ع يلتفت::ون
وينظرون إليهم تقريبًا -كان هناك شعور خفي بأن اثنين من المصارعين قد التقيا في
الس::احة .اق::ترب اثن::ان أو ثالث::ة من المش::اركين في العط::اء واألخ::ذ بأكم::ام معط::ف
ضيقة .قال ديمبسي« :لحظة واحدة يا سيد أوس::وليفان»' .أتم::نى أن تس::تمتع بوقت::ك.
قلت لي أين تعيش؟
كان المصارعان متطابقين جيدًا ،ربما ك::ان ل::دى ديمبس::ي عش::رة أرط::ال من وزن::ه
للتخلي عنها .ك:ان أوس:وليفان يتمت:ع باالتس:اع والس:رعة ،وك:ان ل:دى ديمبس:ي عين
باردة ،وفتحة فم كبيرة ،وفك غير قابل للتدمير ،وبشرة مثل بشرة الحس::ناء ،ورزان::ة
البطل .أظهر الزائر المزي::د من الح::رارة في ازدرائ::ه ،وأق::ل س::يطرة على س::خريته
الواضحة .لق::د ك::انوا أع::داًء بالش::ريعة المكتوب::ة عن::دما انص::هرت الص::خور .وعن::د
حديثنا عن المتفوق فيهما ،فقد كان كًال منهما رائعين جدًا ،وأقوياء للغاي::ة ،وال مثي::ل
لهما على اإلطالق .بل يجب على المرء فقط البقاء على قيد الحياة.
قال أوسوليفان بوقاحة« :أنا أعيش في جران::د" ».وال توج::د مش::كلة في العث::ور
علي في المنزل ".أين تعيش؟' تجاهل ديمبسي الس::ؤال ،وت::ابع ق::ائًال" :أنت تق::ول أن
اسمك أوسوليفان" ."،حسًن ا ،يقول "بيج مايك" أنه لم يرك من قبل".
32
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
قال المفضل للهوب « :ثمة الكثير من األشياء التي لم يرها من قب::ل .وت::ابع ديمبس::ي
بصوت أجش« :كقاعدة عام::ة ،يع::رف س::كان أوس::وليفان في ه::ذه المنطق::ة بعض::هم
البعض ،ولقد رافقت أحد السيدات األعضاء هنا ،ونريد فرصة لفعل الخ::ير .إن ك::ان
لديك شجرة عائلة ،فدعنا نرى بعضًا من براعم أوسوليفان التاريخية تظهر عليها ،أم
أنكم تريدون منا أن نقتلعها من جذوركم؟
اقترح أوسوليفان بلطف« :لنفترض أنك تهتم بشؤونك الخاص:ة» .أب:رقت عين:ا
ديمبسي ،ورفع سبابته الملهمة ،كم:ا ل::و أن فك:رة رائع:ة ق::د خط:رت في ذهن:ه .ق::ال
بحرارة" :لقد حص::لت على ج::وابي اآلن" .لق::د ك::ان مج::رد خط::أ بس::يط ،أنت لس::ت
أوسوليفان ،أنت مجرد قرد ذو ذيل حلقي .اعذرنا لعدم التعرف عليك منذ البداية.
أومض::ت عين أوس::وليفان ،وق::ام بحرك::ة س::ريعة ،ولكن آن::دي جيوغ::ان ك::ان
مستعدًا وأمسك بذراعه.
أومأ ديمبسي برأسه إلى آندي وولي:ام مكماه:ان ،وه:و س:كرتير الن:ادي ،وس:ار
بس::رعة نح::و الب::اب الموج::ود في الج::زء الخلفي من القاع::ة ،وس::رعان م::ا انض::م
عضوان آخران من جمعية األخذ والعطاء إلى المجموعة الصغيرة .وقد أصبح تيري
أوسوليفان اآلن في أي:دي مجلس القواع:د والحك:ام االجتم:اعيين .تح::دثوا مع:ه لف::ترة
وجيزة وبهدوء ،وأخرجوه عبر نفس الباب في الخلف .تتطلب هذه الحركة من جانب
أعضاء Clover Leafتوضيح أكثر .كان الجزء الخلفي من قاع::ة الجمعي::ة عب::ارة
عن غرفة أصغر يستأجرها النادي ،وتحت إشراف المجلس ،تمت تسوية الصعوبات
الشخصية ال::تي دارت في قاع::ة ال::رقص في ه::ذه الغرف::ة ،رجاًل لرج::ل ،وباس::تخدام
أسلحة الطبيعة ،فال يمكن ألي س::يدة أن تق::ول إنه::ا ش::هدت قت::ااًل في Clover Leaf
hopمنذ عدة سنوات .وقد ضمن ذلك أعضاؤها السادة .لقد ق::ام ديمبس::ي والمجلس
بعملهم التمهيدي بسهولة وسالسة ،لدرجة أن الكثيرين في القاعة لم يالحظوا التحق::ق
من انتصار أوسوليفان االجتماعي الرائع ،وك::ان من بين ه::ؤالء م::اجي ،ال::تي بحثت
عن مرافقها .قالت روز كاسيدي " :دخان!" 'ألم تكن موجودا؟ التقط ديمبس دونوفان
خردة مع رفيقك ،وقد خرجا إلى غرفة المجزرة معه .كيف يبدو شعري مصفًفا به::ذه
الطريق::ة ي::ا م::اج؟ ق::الت م::اجي وهي تتنفس بال انقط::اع بع::دما وض::عت ي::دها على
منتص::ف القم::اش القط::ني لخص::رها" .ذهب للقت::ال م::ع ديمبس::ي!"" .يجب أن يتم
إيقافهم ".ال يستطيع ديمبسي دونوفان قتاله .لماذا ،سوف – س::وف يقتل::ه! "تبً:ا ،م::اذا
يهمك؟" قالت روزا« .أال يقاتل البعض منهم في كل خطوة؟»
33
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
لكن ماجي كانت قد خ::رجت ،تنطل::ق في طريقه::ا المتع::رج ع::بر متاه::ة الراقص::ين.
اقتحمت الباب الخلفي إلى القاعة المظلمة ،لقد سقط الباب عنم::ا ألقت بكتفه::ا الص::لب
على باب غرفة القتال الفردي .الحظت عينها المشهد في اللحظة التي دخلت فيه::ا –
وقف المجلس حولها بساعات مفتوحة؛ وديمبس::ي دونوف::ان ي::رقص بأكم::ام قميص::ه،
بخفة القدمين ،وبرشاقة المالكم الحديث الحذر ،بينما يقف تيري أوسوليفان ،وذراع::ه
مطوًيا وثمة نظرة قاتلة في عينيه الداكنتين وهو في متناول خصمه بسهولة؛ و قفزت
ماجي إلى األم::ام دون أن تبطئ من س::رعة دخوله::ا ،وهي تص::رخ -لق::د قف::زت في
الوقت المناسب لتمسك بذراع أوس::وليفان ال::تي ارتفعت فج::أة وتعلقه::ا ،وت::نزع منه::ا
الخنجر الطويل الالمع الذي سحبه من ذراعه.
سقط السكين ووق::ع على األرض مص::درًا رنينً:ا .المش::هد ال::ذي رس::م ب::دم ب::ارد في
غرف جمعية األخذ والعطاء! ولم يحدث مثل هذا الشيء من قب::ل .وق::ف الجمي::ع بال
حراك لمدة دقيقة ،وركل آندي جيوغان الخنجر بإص::بع حذائ::ه بفض::ول ،كم::ا ل::و أن
أحد األثريين قد أحضر شيئًا لم يصادفوه من قبل ،إذ هو س::الح ق::ديم ليعلم عن::ه أح::د
من الواقفين.
و همس أوسوليفان بعد ذلك بشيء غير مفهوم بين ثناياه ،وتبادل النظرات كًال من
ديمبسي والمجلس ،ثم نظر ديمبسي إلى أوسوليفان دون غضب كما ينظر الم::رء إلى
كلب ض::ال ،وأوم::أ برأس::ه في اتج::اه الب::اب .ثم ق::ال بإيج::از« :ال::درج الخلفي ي::ا
جوزيبي»" .شخص ما سوف ينزل قبعتك خلفك".
مشيت م:اجي إلى ديمبس:ي دونوف:ان ،وثم:ة بقع:ة حم:راء المع:ة على خ:ديها،
وكانت الدموع تتدفق ببطء على خديها ،لكنها نظرت إليه بشجاعة في عينه ،ثم قالت
وقد أصبحت عيناها باهتتين حتى في دموعها" :أعرف ذلك ي::ا ديمبس::ي" .كنت أعلم
أنه غينيا ،واسمه الحقيقي توني س:بينيلي ،ولق:د أس:رعت بال:دخول عن:دما أخ:بروني
أنكما تتجادالن .تحمل غينيا منهم السكاكين دائًما ،ولكنك ال تفهم ي::ا ديمبس::ي ،لم يكن
لدي زميل في حياتي لقد سئمت من القدوم مع آنا وجيمي كل ليلة ،لذلك ح::ددت مع::ه
أن يطلق على نفسه اسم أوسوليفان ،وأحضرته معي ،وكنت أعلم أنه لن يكون هن::اك
أي شيء له إذا حض::ر بص::فته داج::و .أعتق::د أن::ني سأس::تقيل من الن::ادي اآلن .التفت
ديمبس::ي إلى آن::دي جيوغ::ان ،وق::ال« :أخ::رج قطاع::ة الجبن من الناف::ذة وأخ::برهم
بالداخل أن السيد أوسوليفان لديه رسالة هاتفية للذهاب إلى تاماني هول» .ثم عاد إلى
ماجي وقال" :قولي يا ماج ،سأراك في المنزل" .وماذا عن ليل::ة الس::بت الق::ادم؟ ه::ل
ستأتي معي إلى الهوب إذا طلبت منك ذلك؟» .كان من الالفت للنظ:ر م:دى الس:رعة
التي يمكن أن تتغير بها عيون ماجي من اللون البني الباهت إلى اللون البني الالمع.
34
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
تحرك سوبي بقلق على مقعده في ماديسون سكوير عندما تزبط اإلوزة البري::ة
في أعالي الليالي ،وتصبح النساء الالتي ال يرتدين مع::اطف من جل::د الفقم::ة لطيف::ات
م::ع أزواجهن ،وعن::دما يتح::رك س::وبي بقل::ق على مقع::ده في الحديق::ة ،ربم::ا تعلم أن
الشتاء قد بات قريبًا .سقطت ورقة شجر ميتة في أحضان سوبي ،وكانت تل::ك بطاق::ة
جاك فروست .إن جاك لطيف م::ع المقيمين الع::اديين في ماديس::ون س::كوير ،ويعطي
تحذيرًا عادًال بشأن مكالمته الس::نوية ،ويس::لم ل::وح التغلي::ف الخ::اص ب::ه إلى North
،Windخادم قصر All Outdoorsعند نواص::ي الش::وارع األربع::ة ،ح::تى يتمكن
سكانه من االستعداد .أصبح عقل س::وبي م::درًك ا لحقيق::ة أن ال::وقت ق::د ح::ان؛ ليش::كل
نفسه في لجنة واحدة من الطرق والوس:ائل لمواجه:ة الص:رامة القادم:ة .ول:ذلك ك:ان
يتحرك بقلق على مقعده ،فلم تكن طموحات س::وبي في الس::بات في أعلى مس::توياتها،
ولم تكن فيها أي اعتبارات للرحالت البحرية في البحر األبيض المتوسط ،أو الس::ماء
الجنوبية المنومة ،أو االنجراف في خليج فيزوف .ك::انت م::ا تت::وق إلي::ه روح::ه ،ه::و
قضاء ثالثة أشهر على الجزيرة ،ثالثة أشهر من الطعام المضمون والسرير والرفق:ة
المتالئمة ،وقد بدا لسوبي جوهر األشياء التي يرغب به::ا لس::نوات عدي::دة ،في م::أمن
من بورياس والمعاطف الزرقاء ، ،كان فندق بالكويل المضياف هو مسكنه الشتوي،
كذلك قام سوبي بترتيباته المتواضعة لهجرته السنوية إلى الجزي::رة ،تماًم ا كم::ا ك::ان
زمالؤه األكثر حًظ ا من سكان نيويورك يش::ترون ت::ذاكرهم إلى ب::الم بيتش والريف::يرا
كل شتاء ،واآلن حان الوقت لعمل المثيل .في الليل::ة الس::ابقة ،فش::لت ص::حيفة س::بات
في صد البرد بينما ك::ان ين::ام على مقع::ده ب::القرب من الن::افورة المتدفق::ة في الس::احة
القديمة ،مع أنه قام بتوزيعها تحت معطفه ،وحول كاحلي::ه وعلى حج::ره؛ ل::ذلك ب::دت
الجزي:رة في ذهن س:وبي كب:يرة وفي ال:وقت المناس:ب ،لق:د اس:تهزأ ب:المؤن ال:تي تم
تقديمها باسم الصدقة لمعالي المدينة.
كان في رأي سوبي ،أن القانون أكثر اعتدااًل من العم:ل الخ:يري ،حيث ك:انت هن:اك
جول:ة ال نهائي:ة من المؤسس:ات ،والبلدي:ة ،واإلليموس:ينارية ،حيث يمكن:ه أن ينطل:ق
ويحصل على السكن والطعام المتوافق مع الحياة البسيطة ،لكن الهدايا الخيرية كانت
35
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
مرهونة بأحد روح سوبي المتفاخرة ،فإذا لم يكن بالعملة المعدنية ،إذًا ،عليك أن تدفع
بإذالل الروح المتفاخرة ،مقابل كل منفعة تحصل عليه::ا على أي::دي العم::ل الخ::يري.
وكما كان لقيصر بروتوس ،فإن كل سرير من سرير الصدقة يجب أن يكون ل::ه ثمن
حم::ام ،وك::ل رغي::ف خ::بز يجب أن يك::ون تعويض ً:ا عن مح::اكم التف::تيش الخاص::ة
والشخصية .ولذلك فمن األفضل أن تك:ون ض:يًفا على الق:انون ،وال:ذي ،على ال:رغم
من تطبيقه وفًق ا للقواعد ،فإنه ال يتدخل بشكل غير مالئم في الشؤون الخاص::ة لرج::ل
نبيل.
بعد أن قرر سوبي الذهاب إلى الجزي::رة ،ش::رع على الف::ور في تحقي::ق رغبت::ه.
وثمة العديد من الطرق السهلة للقيام بذلك ،كان األمر األكثر متعة هو تن::اول العش::اء
الفاخر في مطعم باهظ الثمن؛ ومن ثم ،يتم تسليمها به::دوء ودون ض::جة إلى ش::رطي
بعد إعالن إفالسها ،وسيكمل بالباقي القاضي المكلف بها.
ترك سوبي مقعده وخرج من الساحة ،وعبر البح::ر المس::توي من األس::فلت ،حيث
يتدفق برودواي والجادة الخامس::ة مًع ا ،واس::تدار نح::و ب::رودواي ،وتوق::ف في مقهى
متأللئ ،حيث يتم جمع أفضل منتجات العنب كل ليلة ،دودة القز والبروتوبالزم .كان
سوبي يثق بنفسه من أسفل زر سترته إلى أعلى .كان حليًق ا ،وكان معطفه الئًقا ،وق::د
أهدته له سيدة مبشرة في يوم عيد الشكر قميص:ه األس:ود األني:ق ذو األربع:ة أي:ادي،
وإذا تمكن من الوصول إلى طاولة في المطعم ؛ سيكون ذلك هو النجاح غير المتوقع
له ،لن يثير الجزء الذي سيظهر فوق الطاولة أي شك في ذهن النادل .اعتق::د س::وبي
أن الموضوع ،سيدور حول البط البري المشوي -مع زجاج::ة ش::ابلي ،ثم ك::اممبرت،
ونصف تاسي وسيجارة .سيكون دوالرًا واح::دًا كافي ً:ا للس::يجارة ،لن يك::ون المجم::وع
األجمالي مرتفعً:ا إلى الح::د ال::ذي يس::تدعي أي مظه::ر من مظ::اهر االنتق::ام من إدارة
المقهى .ومع ذلك ،فإن اللحم سيتركه ممتلًئ ا وس::عيًد ا في الرحل::ة إلى ملج::أه الش::توي.
ولكن عندما وطأت ق::دم س::وبي ب::اب المطعم ،وقعت عين رئيس الن::ادل على بنطال::ه
البالي وحذائه المتهالك ،فأدارته أيدي قوية ،وجاهزة ،وحملته في صمت وسرعة إلى
الرص::يف ،وتجنبت المص::ير المش::ؤوم ،للب::ط ال::بري المه::دد ،فق::ام س::وبي بإيق::اف
برودواي .يبدو أن طريقه إلى الجزيرة المرتقبة ،لم يكن طريًقا به حس للمتع::ة ،وق::د
يلزم التفكير في طريقة أخرى للدخول إلى عالم النسيان.
أدت األضواء الكهربائية ،والبضائع المعروضة بمهارة ،خلف األلواح الزجاجية إلى
ظهور نافذة متجر واضحة في ناصية شارع ،Sixth Avenueفأخذ س::وبي حج::رًا
36
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
مرصوًف ا وحطم زجاج النافذة .جاء الناس يركضون عند الناصية ،وثم::ة ش::رطي في
المقدمة .وقف سوبي ساكًن ا ويداه في جيوبه ،وابتسم عندما رأى األزرار النحاسية.
سأل الضابط بحماس" :أين الرجل الذي فعل ذلك؟" .قال سوبي «أال تكتشف ذلك،
فربما كان لي عالقة باألمر؟» ،ال يخلو األم::ر من س::خريته ،ولكن::ه ودود ،كم::ا ل::و
كان الشخص يرحب بالحظ السعيد .رفض عقل الشرطي قبول سوبي حتى كدليل.
الرجال الذين يحطمون النوافذ ال يبقون للتفاوض مع أتباع الق::انون ،يأخ::ذون إلى
أعقابهم .مع نادي مع:روف انض:م إلى المط:اردة ،رأى الش:رطي رجًال في منتص:ف
الطريق يركض ليلحق بسيارة ..سوبي مع االشمئزازالذ يش::عر ب::ه س::وبي في قلب::ه ،
إال أنه تكاسل ولم ينجح مرتين.
كان هناك مطعم ليس له ادعاءات كبيرة يقع على الجانب اآلخر من الشارع؛
حيث ك::ان يل::بي ش::هية كب::يرة ،ومحاف::ظ متواض::عة .ك::انت األواني الفخاري::ة والج::و
مثقًال ،وحساءه خفيفًا وكذلك مقارش الطاوالت .أخذ سوبي حذائ::ه المتهجم ،وبنطال::ه
المنم::ق إلى ه::ذا المك::ان ،دون تح::دي .وجلس على طاول::ة ،وتن::اول ش::رائح اللحم
البقري والفطائر ،والكعك ،وفطيرة .وبعدها ،كشف للنادل حقيقة أنه هو وأدق قطع::ة
عمل::ة غرب:اء .ق::ال س:وبي" :اآلن ،انش:غل واتص::ل بالش:رطي"" .وال تجع:ل الرج::ل
ينتظر ".قال النادل بصوت يشبه كعك الزبدة وعين مثل الكرز في كوكتي::ل مانه::اتن:
«ال شرطي لك»" .مرحًبا أيها المحتال!" ضرب ن::ادالن س::وبي على أذن::ه اليس::رى،
على الرصيف القاسي ،وقام ،يربط مفاصلة ببعضها ،كما يفتح قاعدة النجار ،ونفض
الغبار عن ثيابه .بدا االعتقال مجرد حلم وردي ،وبدت الجزي::رة بعي::دة جً:د ا .ض::حك
شرطي كان يق:ف أم:ام متج:ر لألدوي:ة على بع:د ب:ابين ،ثم س:ار في الش:ارع .س:افر
سوبي على بعد خمس بنايات ،قبل أن تسمح له شجاعته بالتقاطه:ا م:رة أخ::رى .ه::ذه
المرة أتاحت الفرصة ما وصفه لنفسه بسخافة بـ "حزام السرج" .ك::انت هن::اك ام::رأة
شابة ،ذات مظهر متواضع ،وجذاب ،تقف أم::ام ناف::ذة الع::رض وهي تح::دق باهتم::ام
حيوي في عرضها ألكواب الحالقة ،والمحابر ،وعلى بعد ي::اردتين 5من الناف::ذة ك::ان
هناك شرطيًا ضخمًا ،صارم السلوك ،متكًئ ا على سدادة مياه.
لقد كان تصميم سوبي هو أن يتولى دور "الهراسة" الحقيرة والملعنة.
5
وحدة قياس لألطوال كانت تستخدم في انكلترا وما زالت تستخدم في أمريكا ،والتي تتكون من 3أقدام أو 36بوصة.
37
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
ش::جعه المظه::ر ال::راقي واألني::ق لض::حيته ،والتواص::ل م::ع الش::رطي المل::تزم على
االعتقاد بأنه سيشعر قريًبا ،بالقبضة الرسمية اللطيفة على ذراعه ،والتي ستضمن له
مكانه الشتوي على الجزيرة الصغيرة الضيقة اليمنى.
عدل سوبي ربطة عنق السيدة المبشرة الجاهزة ،وس:حب أص:فاده المتقلص:ة إلى
الخارج ،ووضع قبعته على مكان غير قادر على القت:ل ،واتج:ه نح:و الم:رأة الش:ابة.
نظ::ر إليه::ا ،وُأِخ ذ بس::عال مف::اجئ و"أط::راف" ،وابتس::م ،لق::د ابتس::م بتكل::ف ،وذهب
بوقاح::ة ع::بر سلس::لة "الهراس::ة" الوقح::ة والمهين::ة .رأى س::وبي بنص::ف عين أن
الشرطي كان يراقبه بال هوادة .ابتعدت الشابة بضع خطوات ،وأعطته:ا م:رة أخ:رى
اهتماًما مستغرًق ا بأكواب الحالقة .تبعها سوبي ،ووقف بجانبه::ا بج::رأة ،ورف::ع قبعت::ه
وقال« :آه ،بيديليا!» أال تريد أن تأتي وتلعبي في ح::ديقتي؟ وك::ان الش::رطي ال ي::زال
يبحث .لم يكن على الم::رأة الش::ابة المض::طهدة ،س::وى اإلش::ارة بإص::بعها وس::يكون
سوبي في طريقه عملًيا إلى مالذه المعزول .لقد خيل إليه بالفعل ،أنه يمكن أن يش::عر
بال::دفء الم::ريح في مب::نى المحط::ة .واجهت::ه الش::ابة وم::دت ي::دها وأمس::كت بأكم::ام
معط::ف س::وبي .ق::الت بف::رح« :بالتأكي::د ي::ا ماي::ك ،إذا نفخت::ني في دل::و من رغ::وة
الصابون ».كنت سأتحدث إليك مبكًر ا ،لكن الشرطي كان يراقب .بينما كانت الش::ابة
تلعب دور اللبالب المتشبث بشجرة البل::وط ،م::ر س::وبي بج::وار الش::رطي وق::د تغلب
عليه الكآبة .بدا وكأنه محكوم عليه بالحرية.
و نفض رفيقه وركض عند الناصية التالية .،توقف في المنطقة حيث توجد ليًال
الشوارع المضيئة ،والقلوب ،والنذور ،والنصوص المكتوب:ة .ك:انت النس:اء يرت:دين
الفراء ،والرجال الذين يرتدون المعاطف الكبيرة يتحركون بمرح في الهواء الشتوي.
استولى على سوبي خوف مفاجئ من أن بعض الس::حر الم::روع جعل::ه في م::أمن من
االعتقال .جلبت له هذه الفكرة القليل من الذعر ،وعندما صادف شرطًيا آخ::ر يتس::كع
بشكل رائع أمام مسرح فخم ،لفت انتباهه القشة المباشرة المتمثل::ة في "الس::لوك غ::ير
المنضبط" .بدأ سوبي بالصراخ بكلمات ثرثرة بأعلى ص::وته القاس::ي ،وه::و مخم::ور
على الرصيف .،كان يرقص ،يعوي ،يهذي وي::زعج ويلكن .أدار الش::رطي هراوت::ه،
وأدار ظه::ره لس::وبي وق::ال ألح::د المواط::نين« :ه::ذا واح::د من فتي::ان جامع::ة يي::ل
يحتفلون» ببيضة اإلوزة التي قدموها لكلية هارتفورد .إن::ه م::زعج؛ ولكن ال ض::رر.
لدينا تعليمات بأن نحبهم».
أوقف سوبي بائًسا ،مضربه غير المجدي ،ألن يض::ع ش::رطي ي::ده علي::ه؟ في خيال::ه،
بدت الجزيرة الممتعة ،والهادئة بعيدة المنال .لقد أزرر معطف::ه الخفي::ف في مواجه::ة
38
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
الريح الباردة .رأى رجًال في متجر سيجار ،يرتدي مالبس أنيقة ،يشعل سيجاًر ا على
ض::وء مت::أرجح .وق::د وض::ع مظلت::ه الحريريةعن::د ب::اب ال::دخول .دخ::ل س::وبي إلى
الداخل ،وأمن المظل:ة وانطل:ق به:ا ب:تروي .تبع:ه الرج:ل عن:د ض:وء الس:يجار على
عجل ،وقال بصرامة" :مظلتي" .سخر سوبي ،مضيًف ا إهانة للسرقة الصغيرة' .حق::ا
ك::ذلك؟' "حسً::ن ا ،لم::اذا ال تتص::ل بالش::رطي؟" أخ::ذت مظلت::ك! لم::اذا ال تتص::ل
بالشرطي؟ هناك واحد يقف عند الناصية».
أبطأ صاحب المظلة خطواته ،وفعل سوبي نفس الش::يء ،م::ع ش::عوره ب::أن الح::ظ
س::يواجهه م::رة أخ::رى .نظ::ر الش::رطي إلى االث::نين بفض::ول ،ق::ال الرج::ل ص::احب
المظلة" :ب::الطبع "،أي -حسً:ن ا ،أنت تع::رف كي::ف تح::دث ه::ذه األخط::اء -أن::ا -إذا
كانت مظلتك ،أتمنى أن تعذرني -لقد التقطته::ا ه::ذا الص::باح في أح::د المط::اعم -إذا
كنت تعرف ذلك إنه:ا ملك:ك ،لم:اذا -أتم:نى أن تفع:ل ذل:ك " -ق:ال س:وبي بشراس:ة:
"بالطبع إنها لي" .تراجع الرجل صحاب المظلة السابق.
سارع الشرطي لمساعدة شقراء طويلة ترتدي عب::اءة أوب::را عب::ور الش::ارع أم::ام
سيارة كانت تقترب من مسافة بنايتين ،وسار سوبي شرًقا عبر شارع تض::رر بس::بب
التحس::ينات .ألقى المظل::ة بغض::ب في الحفري::ات .تمتم ض::د الرج::ال ال::ذين يرت::دون
الخوذات ويحملون الهراوات؛ وألنه أراد أن يقع في براثنهم ،بدا أنهم يعتبرونه ملًك ا
ال يمكن أن ي::رتكب أي خط::أ .أخ::يًر ا ،وص::ل س::وبي إلى أح::د الط::رق المؤدي::ة إلى
الشرق حيث كان البريق واالضطراب خافًت ا .لقد وضع وجهه في هذا االتجاه باتج::اه
ميدان ماديسون ،ألن غري::زة الع::ودة إلى الم::نزل تظ::ل موج::ودة ح::تى عن::دما يك::ون
المنزل عبارة عن مقعد في الحديقة .ولكن في زاوية هادئة على غ::ير الع::ادة ،توق::ف
سوبي عن العمل .كانت هنا كنيسة قديمة ،غريبة ومتعرجة وجملونية ،ت::وهج ض::وء
ناعم من خالل إحدى النوافذ الملطخة باللون البنفس::جي ،حيث ك::ان ع::ازف األرغن
يتسكع بال شك فوق المفاتيح ،للتأكد من إتقانه لنشيد السبت القادم .ألنه موسيقى عذبة
انجرفت إلى أذني سوبي ،وجذبته وأبقته مذهواًل أمام انحناءات السياج الحديدي.
كان القمر في األعلى المًع ا وهادًئ ا؛ وك::انت الس::يارات ،والمش::اة قليلين .وتغ::رد
العصافير بنعاس في األفاريز -لبعض ال::وقت ربم::ا ك::ان المش::هد عب::ارة عن س::احة
كنيسة ريفية.
ثبت النشيد ال::ذي عزف::ه ع::ازف األرغن ،س::وبي على الس::ياج الحدي::دي؛ ألن::ه ك::ان
يعرف::ه جيً:د ا في األي::ام ال::تي ك::انت فيه::ا حيات::ه تحت::وي على أش::ياء مث::ل األمه::ات،
والورود ،والطموحات ،واألصدقاء ،واألفكار الطاهرة ،والياقات.
39
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
أحدث اقتران حالة سوبي العقلية المتقبل::ة ،والت::أثيرات المتعلق::ة بالكنيس::ة القديم::ة
تغييًر ا رائًعا مفاجًئ ا في روحه ،فقد نظر برعب س::ريع إلى الحف::رة ال::تي س::قط فيه::ا،
واأليام المتدهورة ،والرغبات غير المستحقة ،واآلم::ال الميت::ة ،والق::درات المحطم::ة،
والدوافع الوضيعة التي شكلت وجوده .وقد استجاب قلبه في لحظة أيًض ا ،بشكل مثير
لهذا المزاج الجديد .لقد دفعه دافع لحظي وقوي إلى القتال م::ع المص::ير الي::ائس ،أن::ه
سينتشل نفسه من الوحل ،وس::وف يص::نع اإلنس::ان من نفس::ه م::رة أخ::رى؛ سينتص::ر
على الشر الذي استولى عليه .كان صغيًر ا نسبًيا بعد؛ له::ذا ،ك::ان لدي::ه وقت؛ س::وف
يحيي طموحاته القديمة ،ويسعى لتحقيقها دون تعثر .لقد أحدثت تلك النغمات المهيبة،
ثورة فيه ،ولكنها لطيفة .سيذهب غدًا إلى منطقة وسط المدينة الص::اخبة ،ويبحث عن
عمل .وقد عرض عليه أحد مستوردي الف::راء ذات م::رة مكاًن ا كس::ائق ،س::يجده غً:د ا
ويطلب الحصول عليه ،سيكون شخًص ا م::ا في الع::الم .ش::عر س::وبي بي::د موض::وعة
على ذراعه ،نظر بسرعة حوله إلى الوجه العريض لش::رطي .س::أل الض::ابط ":م::اذا
تفعل هنا؟ قال سوبي "ال شيء" .،قال الشرطي 'اذا تعال فورًا" .ق::ال قاض::ي محكم::ة
الشرطة في صباح اليوم التالي« :ثالثة أشهر على الجزيرة».
لقد ولدت جرًو ا أصفر اللون ،مجهول التاريخ والمحلية والنسب والوزن .أول أمر
أستطيع أن أتذكره ،هو أن امرأة عجوز وضعتني في سلة في برودواي ،وثالثة
40
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
وعشرون محاولة ،حتى يتم بيعي لسيدة بدينة .كانت تشجعني األم العجوز هوبارد
على التغلب على الفرقة باعتباري كلب صغير طويل الشعر -هامبلتوني -أحمر -
أيرلندي -كوشين -صيني -ستوك -بوجيس ثعلب .طاردت السيدة البدينة حرف
vبين عينات الحبوب الكبيرة فانيليت في حقيبة تسوقها حتى وجدتها واستسلمت
لألمر ، .صرت حيواًن ا أليًفا ،منذ تلك اللحظة ،حبوبًا ،وعزيزًا خاًص ا بأمي .قل ،أيها
القارئ اللطيف ،هل سبق لك أن رأيت امرأة تزن مائتي رطل ،تستنشق نكهة جبن
الكممبير ،ويلتقطك بيو ديسباني ،ويضربك بأنفها في كل مكان ،وهي تقول طوال
الوقت بنبرة صوت إيما إيمز" :تبًا" ،أوو أم أودلوم ،أم دودلوم ،أم وودلوم ،أم
تودلوم ،أم سكودلومز؟' ،
نشأت ألكون كلًبا أصفر مجهول الهوية ،من نسب جرو أصفر ،يشبه تقاطًعا
بين قطة أنجورا وعلبة ليمون .لكن سيدتي لم تتعثر أبدًا ،لقد اعتقدت أن الجراء
البدائيين اللذين طاردهما نوح إلى الفلك لم يكونا سوى فرع جانبي ألسالفي.
استغرق األمر اثنين من رجال الشرطة لمنعها من دخولي إلى حديقة ماديسون
سكوير؛ للحصول على جائزة الكالب البوليسية السيبيرية.
سأخبرك عن تلك الشقة ،كان المنزل هو الشيء العادي في نيويورك ،حيث كان
مرصوًف ا بالرخام البارياني في قاعة المدخل ،وباألحجار المرصوفة بالحصى فوق
الطابق األول .كانت شقتنا عبارة عن ثالثة طوابق -حسًن ا ،ليست رحالت جوية –
بل بالتسلق .قد استأجرتها سيدتي غير مفروشة ،ووضعت األشياء العادية -مجموعة
صالة منجدة عتيقة تعود إلى عام ،1903و زيت كرومو الغيشا في بيت شاي
هارلم ،ونبتة مطاط وزوج ،وبواسطة سيريوس! كان هناك قدمين مشعرتين ولقد
شعرت باألسف عليه ،لقد كان رجًال صغيًر ا بشعر رملي وشوارب تشبه شعري
كثيًر ا .مسيطرة على زوجها؟ -حسًن ا ،الطوقان وطيور النحام ،والبجع كلها كانت
تحمل فواتيرها ،قد مسح األطباق ،واستمع إلى سيدتي وهي تحكي عن األشياء
الرخيصة ،والممزقة التي علقتها السيدة ذات المعطف المصنوع من جلد السنجاب
في الطابق الثاني على حبل الغسيل حتى تجف ،وبينما كانت تتناول العشاء ،كانت
تجعله يأخذني في نزهة على األقدام ،في كل مساء.
إذا عرف الرجال كيف تقضي النساء الوقت عندما يكن بمفردهن ،فلن يتزوجن أب ً:د ا.
تجلس لورا لين جيبي ،وتأكل الفول السوداني الهش،وتضع القلي::ل من كريم::ة الل::وز
على عضالت رقبتها ،تترك األطباق غير مغسولة،وتقضي نصف ساعة من الحديث
مع رجل الثلج ،وتجلس لقراءة مجموعة من الرسائل القديمة ،تض::ع أمامه::ا وع::اءين
41
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
من المخلالت ،وزجاجتين من مستخلص الشعير ،وتطل لمدة ساعة واح::دة من خالل
ثقب في ظل النافذة في المسطح ع::بر عم::ود اله::واء -ه::ذا ك::ل م::ا في األم::ر .وقب::ل
عشرين دقيقة من موعد عودته من العمل ،تقوم بتسوية المنزل ،وإخفاء فأره::ا ح::تى
ال يظهر ،وتخرج الكثير من الخياطة لخدعة مدتها عشر دقائق.
لقد عشت حياة كلب في تلك الشقة« .معظم اليوم أقضيه هناك في زاويتي أش::اهد
الم::رأة البدين::ة ،وهي تقض::ي ال::وقت ».كنت أن::ام أحياًن ا وأحلم ب::أحالم كاذب::ة عن
مطاردة القطط في األقبية ،والزمجرة على السيدات المسنات الالتي يرتدين القفازات
الس::وداء ،كم::ا ك::ان ين::وي الكلب أن يفع::ل ،ثم تنقض علّي ب::الكثير من ثرث::رة كالب
الب::ودل التافه::ة ه::ذه ثم تقبل::ني على أنفي -ولكن م::اذا يمكن::ني أن أفع::ل؟ الكلب ال
يستطيع مضغ القرنفل.
ب::دأت أش::عر باألس::ف على ه::وبي ،كلب قططي إذا لم أفع::ل ذل::ك .لق::د ب::دونا
متشابهين إلى حد كبير ،لدرجة أن الن::اس الحظ::وا ذل::ك عن::دما خرجن::ا؛ ل::ذلك هزن::ا
الش::وارع ال::تي ت::نزل به::ا س::يارة أج::رة مورغ::ان ،وش::رعنا في تس::لق أك::وام ثل::وج
شهرديسمبر الماضي في الشوارع حيث يعيش الفقراء من الناس .
لق::د س:معت أول معزوف::ة أرغن تع:زف في مس:يرة زف::اف مندلس:ون في إح::دى
األمس:يات عن::دما كن::ا نت::نزه ،وكنت أح::اول أن أب::دو كج::ائزة س::انت برن::ارد ،وك::ان
الرجل العجوز يحاول أن يبدو وكأنه لم يكن ليقتل ،نظرت إليه وقلت بطريقتي« :م::ا
الذي تبدو عليه متعكًر ا جًد ا ،يا جراد البح::ر المش:ذب؟» إنه:ا ال تقبل::ك ،وليس علي:ك
الجل::وس في حجره::ا ،واالس::تماع إلى ح::ديث من ش::أنه أن يجع::ل كت::اب الكومي::ديا
الموسيقية يبدو مثل أقوال إبكتيتوس ،6يجب أن تش::كرهللا؛ ألن::ك لس::ت كلب ً:ا .ع::د إلى
رشدك يا بنيديك ،وادعي كي يتالشى الحزن» .لقد نظر إلّي الحادث ال::زوجي ب::ذكاء
يش::به الكالب في وجه::ه .يق::ول« :لم::اذا ي::ا كلب ،كلب جي::د ».تب::دو تقريًب ا وكأن::ك
تستطيع التحدث .ما هذا ي:ا كلب ،قط:ط؟ ه:ل يمكن أن تتكلم القط:ط! لكن:ه ب:الطبع لم
يس::تطع أن يفهم .ينك::ر البش::ر ق::درة الحيوان::ات على التح::دث .إن أرض::ية التواص::ل
المشتركة الوحيدة التي يمكن للكالب والرجال أن يجتمعوا عليها هي الخيال.
تعيش سيدة تمتلك كلًب ا أس::ود الل::ون ،في الش::قة المقابل::ة للقاع::ة ،ك::ان زوجه::ا
يصحبه كل مساء للت:نزه ،لكن:ه ك:ان دائًم ا يع:ود إلى الم:نزل مبتهًج ا ،وه:و يص:فر.
لمس::ت أنوًف ا لكالب ب::اللون األس::ود ذات ي::وم في القاع::ة ،و ق::د ض::ربته من أج::ل
التوضيح ،وكنت أقول« :انظر هنا تحرك وهز ذيل::ك ،أنت تعلم أن::ه ليس من طبيع::ة
الرجل الحقيقي أن يلعب دور الممرض الج::اف لكلب في األم::اكن العام::ة .لم أر ق::ط
6مؤرخ وفيلسوف يوناني.
42
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
شخًصا مقيًد ا إلى القوس ،ومع ذلك ال يبدو أنه يرغب في لعق كل رج::ل آخ::ر ينظ::ر
إليه .لكن رئيسك في العمل يأتي ك::ل ي::وم مرًح ا ،ويتم إع::داده كمح::رض ه::اٍو يق::وم
بخدعة البيض .يقول بالك وتان ":كيف يفعل ذلك؟ ال تق::ل لي أن::ه يحب ذل::ك' .ل::ه؟'.
"لماذا ،إنه يستخدم عالج الطبيعة الخاص ".قد أصبح ثمًال.
عندما كنا نخرج في البداية ،ك:ان يب:دو خج:واًل ،مث:ل الرج:ل الموج:ود على متن
السفينة البخارية ،والذي يفضل لعب بيدرو عندما يربحون الج::وائز الك::برى .بحل::ول
الوقت الذي وصلنا فيه إلى ثمانية ص::الونات ،لم يع::د يهتم بم::ا إذا ك::ان الموج::ود في
نهاية صفه كلًبا أم سمك السلور .لقد فقدت بوصتين من ذيلي أثن::اء مح::اولتي تج::اوز
تلك األبواب المتأرجحة.
كانت مسرحية انسخ هذا من فضلك ،التي حصلت عليها من ذلك الكلب ،كالمؤشر
بالنسبة إلي ،فقد جعلتني أفكر.
وفي ح::والي الس::اعة السادس::ة من إح::دى األمس::يات ،أمرت::ه س::يدتي باالنش::غال،
والقيام بعملية التنفس االصطناعي من أجل لوفي .لق::د أخفيت::ه ح::تى اآلن ،ولكن ه::ذا
هو ما دعتني به .كان الكلب بالك وتان يسمى "تويتنس" .أعتقد أن لدي انتفاًخ ا من::ه
بقدر م::ا يمكن::ك مط::اردة أرنب .ال ت::زال كلم::ة " "Loveyبمثاب::ة علب::ة من المع::دن،
تحمل اسم احترام المرء لذاته.
شددت طابور حارسي أمام سيارة ص::الون جذاب::ة وراقي::ة ،في مك::ان ه::ادئ في
شارع آمن .لقد اندفعت بسرعة كبيرة نحو األبواب ،وأن::ا أئن مث::ل كلب في الرس::ائل
الصحفية التي تخبر العائلة أن أليس الصغيرة غارقة في المستنقع أثناء جمع الزن::ابق
في الجدول .يقول الرجل العجوز بابتسامة ":لماذا ،رتق عي::ني "،؛ "يرت::ق عي::ني إذا
لم يطلب مني ابن عصير الليمون ،ذو اللون الزعفراني أن أتن::اول مش::روًبا ".دع::ني
أرى -كم من الوقت مضى منذ أن قمت بتوفير جلد األحذي::ة عن طري::ق وض::ع ق::دم
واحدة على مسند القدمين؟ أعتقد أنني سوف –
'كنت أعلم أنني أملكه .تن::اول سكوتًش ا س::اخًن ا وه::و ج::الس على الطاول::ة .ظلت
عائلة كامبل لمدة ساعة قادمة ،جلست بجانبه وأطرقت بذيلي للن::ادل ،وأتن::اول وجب::ة
غداء مجانية مثل ماما في شقتها ال تعادل أبًد ا شاحنتها محلي::ة الص::نع ال::تي اش::ترتها
من متجر أطعمة معلبة قبل ثماني دقائق من عودة بابا إلى الم::نزل .عن::دما اس::تنفدت
منتجات اسكتلندا كلها باستثناء خبز الجاودار ،فكني الرجل العجوز من ساق الطاولة
ولعب معي في الخ:ارج كم:ا يلعب الص:ياد م:ع س:مك الس:لمون ،وهن:اك خل:ع ي:اقتي
وألقى بها في الشارع.
43
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
يقول العجوز" :الكلب المسكين"" .كلب جيد ".لن تقبلك بعد اآلن .إنه عار شديد ،أيها
الكلب الطيب ،اذهب بعيًد ا ،ولتدعسك سيارة في الشارع وكن سعيًد ا.
لقد رفضت المغادرة ،قفزت وتجولت حول ساقي الرجل العجوز سعيًد ا مث::ل كلب
صغير على سجادة .قلت له« :أيها العجوز البرغوث الذي يطارد طيور الغابة ،أيه::ا
الصياد العجوز ،الذي يشير إلى األرانب ،ويسرق البيض ،أال ترى أن::ني ال أري::د أن
أتركك؟» أال ترى أننا كالنا جرو في الغابة ،وأن اآلنسة هي العم القاسي الذي يتبعك
بمنشفة األطباق ،وأنا مع مرهم البراغيث ،وقوس وردي لربط::ه على ذيلي .لم::اذا ال
نقطع كل ذلك ونعفو إلى األبد؟».
ربما ستقول أنه لم يفهم -ربم::ا لم يفهم .لكن::ه أحكم قبض::ته على مش::روب ه::وت
سكوتش ،وظل ساكًن ا يفكر لمدة دقيقة.
قال أخيًر ا" :،يا كلب ،نحن ال نعيش أك::ثر من اث::ني عش::ر ك::ائن حي على ه::ذه
األرض ،وقليل جًد ا منا يعيش أك::ثر من ثالثمائ::ة ش::خص .إذا رأيت تل::ك الش::قة بع::د
اآلن ،فأنا هي الشقة ،و إذا فعلت ذلك فأنت تتملق؛ وهذا ليس تملًق ا .أنا أعرض ستين
إلى واحد ،حيث يفوز( ويستوارد هو ) بف::ارق ط::ول كلب ألم::اني .لم يكن هن::اك أي
غزل ،لكنني كنت ألعب مع سيدي إلى أن نعبر الشارع الثالث والعش::رين .وق::د رأت
القطط الموجودة على الطريق ،سبًبا للتعبير عن الش::كر؛ ألنه::ا ُمنحت مخ::الب ق::ادرة
على اإلمساك باألشياء .قال سيدي لشخص غ:ريب ك:ان واقًف ا يأك:ل كعك:ة الكش:مش
على جانب جيرسي« :،أنا وكلبي ،نحن متجهون إلى جبال روكي» ،ولكن أك::ثر م::ا
أسعدني هو عندما قام والدي بسحب كلتا أذني حتى عويت.
وقال« :أيها المواطن العادي ،ذو رأس القرد ،وذي::ل الج::رذ ،وابن بس::اط الب::اب
ذو اللون الكبريتي ،هل تعرف بماذا سأسميك؟»
ورد في ذه::ني كلم::ة " ،"Loveyوت::ذمرت بح::زن .يق::ول س::يدي« :سأس::ميك
«بيت» ».تمنيت في تلك اللحظة بأن يكون لدي خمس ذي:ول ألهزه:ا؛ إنص:افًا لتل:ك
المناسبة السعيدة ،وأنا على علم بأنه لن يسعني هزهم جميعًا.
44
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
يقع متجر أدوية بلو اليت في وسط المدينة ،بين شارعي بويري وفرست أفنيو ،حيث
إن المسافة بين الشارعين هي األقصر .ال يعتبر "بلو اليت" أن الص::يدلية هي مك::ان
للص::ودا ،والرائح::ة ،واآليس ك:ريم ،وإذا طلبت من:ه مس:كًن ا لأللم ،فلن يعطي:ك ح::تى
سكاكر .يستهزئ متجر بلو اليت بفنون الصيدلة الحديثة التي توفر العمالة ،إنها تنق:ع
أفيونها ،وترش:ح اللودان:وم ،والكافوري:ك الخ:اص به:اُ .تص:نع الحب:وب خل:ف مكتب
الوصفات الطبية الطويل ،حتى يومنا هذا ،حيث يتم لف الحب::وب في ورق األق::راص
الخاص::ة به::ا ،وتقس::م بملعق::ة ،ثم يتم لفه::ا باإلص::بع واإلبه::ام ،ومغط::اة بكالس::يد
الماغنسيوم ،ويتم تسليمها في علب أقراص صغيرة دائرية من ال::ورق المق::وى .يق::ع
المتج::ر في زاوي::ة م::ا ،حيث تلعب مجموع::ات من األطف::ال الم::رحين ذوي المالبس
الممزقة ،ويتم وصف لهم قطرات السعال ،واألشربة المهدئة الموجودة في المتجر.
كان Ikey Schoensteinهو الموظ::ف الليلي لش::ركة Blue Lightوص::ديق
عمالئها ،حيث أن المتج::ر يق::ع على الج::انب الش:رقي ،وله:ذا ف::إن األق:دام تك:ثرعلى
الصيدلية ،و كما ينبغي أن يكون الصيدلي ،فه::و مستش::ار ،ومع::ترف ب::ه كص::يدلي،
وناصح بما هو مناسب ،ومبشر ،ومعلم قادر وراغب في عملهُ ،يحترم علمه ،وُتبَّج ل
حكمته الغامضة ،وكثيًر ا ما ُيسكب دواءه في الحضيض دون تذوقه .لذلك ك::ان أن::ف
إيكي الق::رني ،ال::ذي يرت::دي نظ::ارة طبي::ة وشخص::يته الض::يقة المنحني::ة المعروف::ة،
معروًفا جيًد ا في محيط بلو اليت ،وكانت نصيحته ومالحظاته ،مس::موعة ،ومطلوب::ة
جدًا.
أقام إيكي في غرفة ،وتناول اإلفطار في منزل السيدة ريدل ،الذي يق::ع على بع::د
مربعين من غرفته ،وكان للسيدة ريدل ابنة اسمها روزي .لقد ك::ان اإلطن::اب عبًث ا -
ال بد أنك خمنت ذل::ك -ك::ان إيكي يعش::ق روزي .لق::د ص::بغت ك::ل أفك::اره ،وك::انت
المس::تخلص الم::ركب ،لك::ل م::ا ك::ان نقًي ا كيميائي::ا ،ومخ::دًر ا ،ولم يكن المستوص::ف
يحتوي على شيء مساٍو لها؛ ولكن كان إيكي خجوال ،وبقيت آمال::ه معلق::ة في حيض
تخلفه ومخاوفه .كان خلف مكتبه في الخارج شخصًا متفوًق ا ،يدمرك بهدوء المعرف::ة
والقيم::ة الخاص::ة؛ ،ك::ان رجاًل ال تق::در ركب::ه على حمل::ه ،ك::ان أعمى ،ومتج::واًل
ملعوًن ا ،يرتدي مالبس غيرمالئمة ،وملطخة بالمواد الكيميائي::ة ،وتف::وح منه::ا رائح::ة
الصبار السقطري ونبات األمونيا.
كان تشانك ماكجوان ،الذبابة في مرهم إيكي (مرحًبا به ثالث مرات ،كلم:ا تق:وم
بهش الذبابة ثالث مرات متتالية ،وقد بات هذا مجاًز ا!).
وقد كان السيد ماكجوان يسعى جاهدًا أيًض ا؛ اللتق::اط االبتس::امات المش::رقة ال::تي
تلقيها روزي ،لكنه لم يكن العبًا خارجًيا كما كان إيكي .لقد اخت::ارهم من الخف::افيش،
45
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
فهي تبقى مستيقظة في الليل .في الوقت نفسه ،ك::ان ص::ديًقا وعمياًل إلكي في ال::وقت
ذاته ،وغالًبا ما ك::ان ي::زور متج::ر أدوي::ة Blue Light؛ للحص::ول على قطع::ة قطن
مطلية باليود ،أو الحصول على رباط مطاطي الصق ،وذلك بعد قضاء أمسية ممتعة
على طول باوري.
انج::رف م::اكجوان إلى الم::نزل بطريقت::ه الص::امتة الس::هلة ،في ظه::يرة أح::د األي::ام،
وجلس على كرسي جمي::ل ،بوج::ه أملس ،وق::اٍس ،ال يقه::ر ،ولطي::ف .ق::ال م::اكجوان
عندما أحضر صديقه المؤونة ،وجلس في الجهة المقابل::ة ،يطحن ص::مغ الج::اوي إلى
مسحوق« :إيكي»" ،ضع تركيزك في عملك ،إنها مخدرات بالنسبة لي إذا كان لديك
الصف الذي أحتاجه".
فقام إيكي بفحص وجه السيد ماكجوان بحًث ا عن أدلة الصراع المعت::ادة ،لكن::ه لم
يج::د ش:يًئ ا .أم:ره" :اخل::ع معطف::ك« ."،أعتق::د بالفع:ل أن:ك ق::د ُغ رزت في ض::لوعك
بس::كين .لق::د أخبرت::ك م::رات عدي::دة أن ه::ؤالء ال::داجو 7س::يقتلونك» .ابتس::م الس::يد
ماكجوان .قال" :ليسوا هم"" .ليس أي داجو ".لكنك حددت التش::خيص جيً:د ا بم::ا في::ه
الكفاية ،إنه تحت معطفي ،بالقرب من الضلوع .اس:مع! إيكي -أن:ا وروزي س:نهرب
ونتزوج الليلة'.
تورمت سبابة إيكي اليسرى فوق حافة الهاون ،مما جعلها بال حراك ،فقد ض::ربها
بشدة بالمدقة ،لكنه لم يشعر به::ا .وفي ه::ذه األثن::اء تالش:ت ابتس::امة الس::يد م::اكجوان
وتحولت إلى نظرة كآبة محيرة.
وت::ابع« :ه::ذا إذا ظلت متمس::كة ب::الفكرة ح::تى يحين ال::وقت ».لق::د قمن::ا بتمدي::د
األنابيب للبوابة لمدة أسبوعين .لقد قالت ذات يوم إنها ستفعل؛ في نفس المس:اء ق::الت
نيكسي .لقد اتفقنا الليلة ،وروزي متمسكة باإليجاب ه:ذه الم:رة لم:دة ي:ومين ك:املين،
ولكن لم يتبق سوى خمس ساعات حتى يحين الوقت ،وأخشى وقوفها بج::انبي عن::دما
يتعلق األمر بالحك» .قال إيكي" :قلت أنك تريد المخدرات".
بدا السيد ماكجوان غ::ير مرت::اح ومتض::ايًقا -وهي حال::ة تتع::ارض م::ع س::لوكه
المعتاد .لقد صنع تقويًما طبًيا حاصاًل على ب:راءة اخ:تراع في لفاف:ة ،وزوده:ا بح:ذر
مبالغ فيه بشأن إصبعه .قال" :لن أسمح لهذه اإلعاقة المزدوجة أن تبدأ بداي::ة خاطئ::ة
الليلة مقابل مليون"« .لدي شقة صغيرة في هارلم جاهزة تماًما ،مع وجود األقح::وان
على الطاولة وغالية جاهزة للغليان .ولقد قمت بتعيين مدقع المنبر؛ ليكون جاهًز ا لنا
في منزله في الساعة .9.30يجب أن تؤتي ثمارها ،وإذا لم تغير روزي رأيه:ا م:رة
7مصطلح " "Dagoesهو مصطلح عامي ،ومهين .يستخدم تاريخًيا لإلشارة إلى من هم من أصل إيطالي .نشأت في الواليات المتحدة في أوائل القرن
العشرين ،وتم استخدامها لتحقير المهاجرين اإليطاليين وتصويرهم بصورة نمطية ،ومن المهم مالحظة أن استخدام مثل هذه المصطلحات يعد أمًر ا غير
محترم ويديم الصور النمطية الضارة.
46
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
أخرى! -توقف السيد ماكجوان ،فريسة لشكوكه .قال إيكي بعد قليل« :ال أفهم بعد ما
الذي يجعلك تتحدث عن المخدرات ،أو ما الذي يمكنني فعله حي::ال ذل::ك« ».الرج::ل
العج::وز ري::دل ال يحب::ني قلياًل » ،واص::ل المتح::دث المض::طرب عازًم ا على تنظيم
حججه" .لمدة أسبوع لم يسمح لروزي بالخروج معي من الب:اب ".ل:وال خس:ارة أح:د
المقيمين لكانوا قد طردوني منذ فترة طويلة .أنا أجني 20دوالًر ا في األس::بوع ،ولن
تندم أبًد ا على الطيران في الحظيرة مع تشانك ماكجوان.
ق::ال إيكي" :س::وف تع::ذرني ي::ا تش::انك"" .يجب أن أكتب وص::فة طبي::ة س::يتم أخ::ذها
قريًب ا ".ق::ال م::اكجوان وه::و ينظ::ر لألعلى فج::أة« :اس::مع ،مثاًل ،إيكي ،أليس هن::اك
بودر من نوع ما ،ن::وع من المس::احيق ال::تي س::تجعل فت::اة مثل::ك أفض::ل إذا أعطيته::ا
إياها؟»
كانت شفة إيكي تحت أنفه ملتوية ب::ازدراء لعظم::ة التن::وير؛ ولكن قب::ل أن يتمكن
من اإلجابة ،واصل ماكجوان" :أخبرني تيم الس::ي ذات م::رة أن::ه حص::ل على بعض
منها من أح:د المت:ذمرين في الج:زء العل:وي من المدين:ة ،وأطعمه:ا لفتات:ه في المي:اه
الغازية" .منذ الجرعة األولى ،كان في قمة تألق::ه ،وب::دا الجمي::ع وك::أنهم ثالثين س :نًت ا
بالنسبة لها .لقد تزوجا في أقل من أسبوعين.
كان Chunk McGowanقوًيا وبسيًط ا ،كان من الممكن لقارئ أفضل للرجال
من إيكي أن يرى أن هيكله الصلب كان معلًق ا بأسالك دقيقة ،مث::ل ج::نرال جي::د ك::ان
على وشك غزو أراضي العدو ،كان يس::عى لحماي::ة ك::ل نقط::ة من الفش::ل المحتم::ل،
وتابع تشانك بأمل« :اعتقدت أنه إذا كان لدي واحدة من المساحيق؛ ألعطيها لروزي
عندما أراها على العشاء الليلة ،فقد يقويه::ا ذل::ك ويمنعه::ا من ال::تراجع عن اقتراحه::ا
بالتخطي ».أعتقد أنها ال تحتاج إلى فريق ضخم لسحبها بعيًد ا ،لكن النساء أفضل في
التدريب من قواعد الجري .إذا كانت هذه األشياء ستعمل لبضع ساعات فقط ،فسوف
تفي ب::الغرض» .س::أل إيكي" :م::تى س::تحدث حماق::ة اله::روب ه::ذه؟" .ق::ال الس::يد
م::اكجوان« :الس::اعة التاس::عة" ».العش::اء في الس::اعة الس::ابعة "،وفي الثامن::ة ت::ذهب
روزي إلى الف:راش وهي تع:اني من الص:داع .عن:دما كنت في التاس:عة من عم:ري،
سمح لي بارفينزانو بالعبور إلى الفناء الخلفي لمنزله ،حيث يوجد ل::وح خ::ارج س::ياج
منزل ريدل المجاور .أذهب تحت نافذتها وأساعدها في اله::روب من الحري::ق .علين::ا
أن نجعله:ا مبك:رة على حس:اب الواع:ظ ،س:يكون األم:ر س:هًال للغاي:ة إذا لم ت:تراجع
روزي عندما يذهب أثره:ا .ه:ل يمكن:ك أن تعطي:ني واح:دة من المس:احيق ي:ا إيكي؟
47
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
فرك إيكي شوينشتاين أنفه ببطء .قال« :قطعة واحدة ،إن األدوية من هذا النوع يجب
أن يتوخى الصيادلة الكثير من الحذر .أنت الوحيد من مع::رفي ال::ذي يعلم بش::أن ه::ذا
المسحوق وأعهده لك ولكن من أجلك سأفعل ذلك ،وسترى كيف يجع::ل روزي تفك::ر
فيك» .ذهب إيكي خلف مكتب الوصفات الطبية ،وهناك ق::ام بس::حق قرص::ين ق::ابلين
للذوبان إلى مسحوق ،يحتوي كل منهما على ربع حب::ة من المورفي::ا ،وأض::اف إليهم
القليل من سكر الالكتوز؛ لمضاعفة الحجم ،وطوى الخليط بدقة في ورقة بيضاء .إن
تناول هذا المسحوق من قبل شخص بالغ سيضمن عدة ساعات من النوم الثقي::ل دون
خط::ر على الن::ائم .س::لم ه::ذا إلى ،Chunk McGowanوطلب من::ه أن يقدم::ه في
سائل ،إن أمكن ،وتلقى الشكر الجزيل من الفناء الخلفي .Lochinvar
تصبح دقة تصرفات إيكي واضحة عند قراءة حركته الالحق::ة ،أرس::ل رس::واًل للس::يد
ري::دل وكش::ف عن خط::ط م::اكجوان لله::روب م::ع روزي .ك::ان الس::يد ري::دل رجاًل
شجاًعا ،وبشرته مغ:برة ومتس:رعة .ق::ال بإيج::از إليكي" :أن:ا ممتن جً:د ا"" .الكس:ول
األيرلندي ضعيف الفهم!" غرفتي الخاصة تقع فوق غرفة روزي مباشرًة ،وسأص::عد
إلى هن::اك بنفس::ي بع::د العش::اء وأمأل البندقي::ة وأنتظ::ر ،إذا ج::اء إلى الفن::اء الخلفي
لمنزلي؛ فسوف يذهب بعيًد ا في سيارة إسعاف بدًال من كرسي الزفاف.
ومع احتج::از روزي في ب::راثن مورفي::وس لس::اعات طويل::ة من الن::وم العمي::ق،
وانتظار الوالد المتعطش للدماء ،مسلًح ا وُمحّ:ذ ًر ا ،ش::عر إيكي أن منافس::ه ك::ان قريًب ا
بالفعل ،انتظر طوال الليل بسبب االنزعاج في متجر بلو اليت وانش::غل في واجبات::ه؛
للحصول على أخبار بالصدفة عن المأساة ،لكن لم يأت أي شيء.
وصل موظف اليوم ،في الساعة الثامن::ة ص::باًح ا ،وب::دأ إيكي مس::رًعا في طلب
السيدة ريدل لمعرفة ما حدث.
قفز تشانك ماكجوان من سيارة عابرة ،أثناء خروج:ه من المتج:ر ،وأمس:ك بي:ده -
تشانك ماكجوان بابتسامة منتصرة ومحمً:ر ا من الف:رح .ق:ال تش:انك م:ع إليس:يوم في
ابتس::امته" :لق::د نجحت في ذل::ك"" .لق::د ض::ربت روزي مخ::رج الحري::ق في ال::وقت
المحدد لثانية واحدة ،وكنا تحت السلك عند منزل الواعظ الديني عند الساعة العاش:رة
إال ربع ".إنها في الشقة -لقد طبخت البيض هذا الصباح في ث:وب الكيمون:و األزرق
-يا رب! كم انا محظوظ! يجب أن تسرع يوًما ما يا إيكي وتتغذى معنا ،لدي وظيف::ة
ب::القرب من الجس::ر ،وه::ذا ه::و المك::ان ال::ذي أتوج::ه إلي::ه اآلن .تلعثم إيكي" :ال-
المسحوق؟" .قال تش::انك وه::و يوس::ع ابتس::امته؛ «أوه ،تل::ك األش::ياء ال::تي أعطيت::ني
إياها!» 'حسنا ،سار األمر بهذه الطريقة .جلست على طاول::ة العش:اء الليل::ة الماض::ية
48
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
في مطعم ريدلز ،ونظرت إلى روزي ،وقلت لنفس::ي" ،تش::نك ،إذا تمكنت من القبض
على الفتاة ،ض::عها في الس::احة -ال تح::اول اس::تخدام أي خدع::ة م::ع ش::خص أص::يل
مثلها ".وأحتفظ بالورقة التي تعطيني إياه::ا في جي::بي .وبع::د ذل::ك تس::قط مص::ابيحي
على طرف آخر ،والذي حاضر ،كما أقول لنفسي ،يفشل في إظهار المودة المناسبة
تجاه ص::هره الق::ادم ،ل::ذلك أراقب فرص::تي وأض::ع ه::ذا المس::حوق في قه::وة الرج::ل
العجوز ريدل -أفهمت ؟"
القصة العاشرة :الغرفة المفروشة
القلق ،المتغير ،الشرود صفات تمثل الوقت في حد ذاته ،الغالبية العظمى من س::كان
منطقة الطوب األحمر في الجانب الغربي السفلي.
لديهم مائة منزل ،لكنهم مشردون .إنهم ينتقلون من غرف::ة مفروش::ة إلى أخ::رى،
هم ع::ابرين إلى األب::د – إذ هم مع::ابرون في المس::كن ،وح::تى مع::ابرون في القلب
والعقل .يغنون في موسيقى الراغتايم " . "Home Sweet Homeيحملون الالريس
والبينات 8في صندوق الفرقة؛ كرمتهم متشابكة حول صورة القبعة .نبات المطاط هو
شجرة التين الخاصة بهم ،فال بد أن تحتوي منازل ه::ذه المنطق::ة ،ال::تي ك::ان يس::كنها
ألف ساكن ،على ألف حكاية يمكن سردها ،معظمها مملة بال شك؛ ولكن س::يكون من
الغريب أال يتم العثور على شبح أو اثنين في أعقاب كل هذه األشباح المتشردة.
بعد حلول الظالم في إحدى األمسيات ،ثمة شاب يتجول بين ه::ذه القص::ور الحم::راء
المتداعية ،ويقرع أجراسها .وفي اليوم الثاني عش::ر ،وض::ع حقيبت::ه اليدوي::ة الهزيل::ة
على الدرج ،ومسح الغبار عن عصابة قبعته ،وجبهته .بدا الج::رس خافًت ا وبعيً:د ا في
بعض األعماق النائية المجوفة ،حتى وصل إلى باب هذا الم::نزل الث::اني عش::ر ال::ذي
قرع جرس::ه ،ج::اءت م::دبرة م::نزل جعلت::ه يفك::ر في دودة ينهش::ها الج::وع ،ق::د أكلت
جوزها في قشرته المجوفة ،وتسعى اآلن لملء الفراغ بمستأجرين صالحين لألكل.
سأل إذا كان هناك غرفة يسمح العيش بها .قالت م::دبرة الم::نزل" :ادخ::ل "،ج::اء
صوتها من حلقها ،وقد بدا مبطًن ا بالفراء" .لقد استعدت الط::ابق الث::الث ،وه::و ش::اغر
منذ أسبوع مضى .هل ترغب في النظر إليه؟ تبعها الش::اب إلى أعلى ال::درج ،ض::وء
خافت خفف ظالل القاع:ات من دون مص:در معين .لق:د دعس:وا به:دوء على س:جادة
" Lares et penates" 8هي عبارة التينية تشير إلى اآللهة أو اآللهة المنزلية في الديانة الرومانية القديمة .غالًبا ما يستخدم هذا المصطلح بشكل
مجازي لإلشارة إلى الممتلكات أو الجوانب العزيزة أو األساسية في المنزل أو األسرة .ويمكن استخدامه أيًض ا على نطاق أوسع لتمثيل فكرة الممتلكات
أو القيم الشخصية أو العزيزة.
49
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
سلم ك::ان من الممكن أن يتج::اهلوا األج::زاء المغط::اه في::ه .يب::دو أن الغرف::ة أص::بحت
نباتية .لقد تدهورت إلى هذا الحد ،من الهواء الذي بال ش::مس إلى األش::نة الخص::بة،
أو الطح::الب المنتش::رة ال::تي نمت في بق::ع على ال::درج ،وك::انت لزج::ة تحت الق::دم
كالمواد العضوية.
كانت هناك منافذ شاغرة في الجدار عند كل منعطف من الدرج .ربم::ا ذات ي::وم،
قد تم وضع النباتات بداخلها ،وإذا كان األمر كذلك ،فقد ماتوا في ذلك اله::واء الفاس::د
والملوث .ربما ك::انت تماثي::ل القديس::ين منتص::بة هن::اك ،لكن لم يكن من الص::عب أن
نتصور أن العفاريت والشياطين ق::د س::حبوها في الظالم إلى األعم::اق غ::ير المقدس::ة
ألى بعض الحفر المنتشرة باألسفل .قالت م::دبرة الم::نزل من حلقه::ا المكس::و ب::الفرو:
"ه::ذه هي الغرف::ة'،إنه::ا غرف::ة جميل::ة ،ولم تكن ش::اغرة في كث::ير من األحي::ان .لق::د
اس:تقبلت بعض الن:اس ،رفيعي ال::ذوق في الص::يف الماض::ي ،ولم تكن هن:اك مش:كلة
على اإلطالق ،ودفعت لدقيقة مقدمًا .احتفظ يبراولز وموني بالماء لمدة ثالثة أش::هر.
وقد قاموا بعمل رسم الستعراض مسرحي .اآلنس::ة بيريت::ا س::براولز -ربم::ا س::معت
عنها – نعم ،لقد نسيت ،تلك كانت مجرد أسماء مسرحية -هناك فوق الخزان::ة حيث
تم تعلي::ق ش::هادة ال::زواج في إط::ار .هن::ا الغ::از ،وكم::ا ت::رى هن::اك مس::احة كب::يرة
للخزانة .إنها غرفة يحبها الجميع .ال تبقى شاغرة لفترة طويلة أبًد ا.
س:أل الش:اب ":ه:ل ل:ديك العدي:د من المس:رحيين ال:ذين يس:كنون هن:ا؟" .إنهم ي:أتون
ويرحلون ".ترتبط نسبة كبيرة من نزالئي بالمسارح ".نعم يا سيدي ،هذه هي المنطقة
المسرحية ،ولكن ال يبقى الممثلون طويًال في أي مكان .إن::ه من نص::يبي .نعم« ،إنهم
يأتون ويذهبون» .لق::د قطن الغرف::ة ،ودف::ع ثمن أس::بوع مق::دما .ق::ال إن::ه ك::ان متعًب ا
وسيستحوذ على المكان في الحال .لق::د أحص::ى مال::ه .وق::الت ":إن الغرف::ة أص::بحت
جاهزة حتى المناشف والماء" .وعندما ابتعدت م::دبرة الم::نزل ،ط::رح الس::ؤال ال::ذي
حمله على طرف لسانه للمرة األلف.
فتاة صغيرة -اآلنسة فاشنر -اآلنسة إلويز فاشنر -هل تتذكرين أح::دًا بمواص::فات
هذه الفت::اة بين نزالئ::ك؟ على األرجح أنه::ا س::تغني على المس::رح ،إنه::ا فت::اة جميل::ة،
ومتوسطة الطول ،ونحيلة الجسم،و لها شعر ذهبي محمر ،وشامة داكنة ب::القرب من
حاجبها األيسر .ق::الت'":ال ،ال أت::ذكر ه::ذا االس::م" .األش::خاص المس::رحيين يغ::يرون
أسماء ،بقدر ما يغيرون غرفهم« .يأتون ويذهبون»" .أنا ال أذكر هذا األمر"
50
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
ال ،دائما ال .خمسة أشهر من االستجواب المتواصل والس::لبية المحتم::ة ،يمض::ي
الكث::ير من ال::وقت يومًي ا ،في اس::تجواب الم::دراء ،وال::وكالء ،والم::دارس ،والف::رق
الموس::يقية ؛ ليًال بين جمه::ور المس::ارح من نج::وم الس::ينما ،وص::وًال إلى قاع::ات
الموسيقى في مستوى منخفض للغاية ،لدرجة أنه كان يخشى أن يجد أكثر ما يتمن::اه.
من أحب شخصًا ،سيبذل الغالي والنفيس من أجل العث::ور عليه::ا .ك::ان على يقين من
أن هذه المدينة العظيم::ة المطوق::ة بالمي::اه ،احتجزته::ا في مك::ان م::ا من::ذ اختفائه::ا من
المنزل ،لكنها كانت مثل الرمال المتحركة الهائلة ،التي تح::رك جزيئاته::ا باس::تمرار،
دون أي أساس ، ،وحبيباتها العليا اليوم ،تصبح غدًا ،مدفونة في الطين ،والوحل.
استقبلت الغرفة المفروشة آخر ض:يوفها ،بت:وهج للم:رة األولى ،على غ:رار تل:ك
المض::يفة الزائف::ة ،ال::تي رحبت ترحيًب ا محموًم ا ،ومنهًك ا ،وروتينًي ا مث::ل ابتس::امة
ديميريب الخاداع::ة .وج::اءت الراح::ة المذهل::ة ،في الومض::ات المنعكس::ة من األث::اث
المتهالك ،والمفروشات الممزقة ألريك:ة ،وكرس:يين ،وزج:اج فاص:ل رخيص الثمن،
بين النافذتين ،وإطار أو إطارين مذهبين للصور ،وسرير نحاس::ي في الزاوي::ة .ك::ان
الضيف متكًئ ا ،وخاماًل على كرس::ي ،بينم::ا الغرف::ة ،المرتبك::ة في الكالم ،تح::اول أن
تكلمه عن تنوع مستأجريها وكأنها شقة في بابل .كانت هناك س::جادة متع::ددة األل::وان
مثل بعض الجزر االستوائية ذات األزهار الرائعة ،والمستطيلة الشكل ،محاطة ببحر
متموج من الحصير المتسخ.
كانت هناك تلك الصور ال::تي تالح::ق المش::ردين من م::نزل إلى م::نزل ،على الج::دار
المغطى بورق المثليين - ،العشاق الهوغونوتيون ،الش::جار األول ،وإفط::ار الزف::اف،
والنفس عند النافورة ،وكان الشكل الصارم العفيف للرف ،مخفي بشكل غير محمود،
خلف بعض األقمشة المرسومة بش::كل فاض::ح مث::ل أوش::حة البالي::ه األم::ازوني .ك::ان
هناك بعض الحطام المهجور ،الذي ألقاه جانب الغرفة التي تقطعت بها السبل عن::دما
حملهم شراع محظوظ إلى ميناء جديد -مزهرية تافهة أو اثن::تين ،وص::ور لممثالت،
وزجاجة دواء ،وبعض البطاقات الضالة من سطح السفينة.
عندما أصبحت أحرف التشفير واضحة واحدة تلو األخرى ،اكتس::بت المخلف::ات
الصغيرة التي تركها موكب الضيوف ،أهمية في الغرف::ة المفروش::ة .ك::انت المس::احة
الرّث ة في الس::جادة أم::ام الخزان::ة ،تش::ير إلى أن ام::رأة جميل::ة س::ارت وس::ط الحش::د.
وتتح::دث بص::مات األص::ابع الص::غيرة الموج::ودة على الحائ::ط عن س::جناء ص::غار
يحاولون تحسس طريقهم إلى الشمس واله:واء ،وتش:ع بقع:ة متن:اثرة مث:ل ظ:ل قنبل:ة
متفجرة ،تشهد على مكان تناثر الزجاج ،أو الزجاجة ،ومحتوياتها على الحائط .ك::ان
51
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
على زجاج الرصيف ،ماسة مكتوب::ة ب::أحرف مذهل::ة اس::م "م::اري" يب::دو أن تع::اقب
سكان الغرفة المفروشة قد انقلبوا في غضب -ربما أغ::رتهم برودته::ا الص::ارخة إلى
حد ال يحتمل -وألحقوا بها عواطفهم .كان األثاث متكسًر ا ومكسوًر ا وبدت األريك::ة،
التي شوهتها الزنبركات المتفجرة ،وحًش ا رهيًبا ُقت:ل أثن:اء الض:غط الن:اتج عن بعض
التشنجات الغريبة .كانت بعض االضطرابات القوية؛ قد أدت إلى شق شريحة كب::يرة
من الرف الرخامي ،وكان لكل لوح خشبي على األرض صرخة خاصة به ،كم::ا ل::و
كانت من عذاب منفصل وفردي .بدا من غير المعقول أن كل ه::ذا الحق::د واألذى ق::د
وقع على الغرفة من قبل أولئك الذين أطلقوا عليها اسم م::نزلهم لبعض ال::وقت؛ وم::ع
ذلك ،ربما كانت غريزة المنزل المخدوعة ال:تي ظلت على قي:د الحي:اة بش:كل أعمى،
والغضب واالس:تياء من آله:ة الم:نزل الزائف:ة هي ال:تي أش:علت غض:بهم ،إن:ه ك:وخ
خاص بنا يمكننا كنسه وتزيينه ونعتز به.
سمح الشاب الجالس على الكرسي لهذه األفكار بأن تتس:لل إلى عقل:ه ،بينم:ا ك:انت
األصوات المفروشة ،والروائح المفروشة تتدفق إلى الغرفة .سمع في إح::دى الغ::رف
ضحًك ا قهقاًها ،وبطيًئ ا ،وسلًسا؛ وفي حاالت أخ::رى ،مناج::اة الت::وبيخ ،وق::رع ال::نرد،
والتهويدة ،والبكاء الباهت؛ وفوقه آلة البانجو ترن بالروح .طرقت األبواب في مكان
ما ،وزأرت القطارات المرتفعة بشكل متقطع ،وثمة ع::واء لقط::ة بائس::ة على الس::ياج
الخلفي .وكان يستنشق أنفاس المنزل -رائحة رطبة وليس رائحة -دفق بارد وعفن،
كما لو كان من أقبية تحت األرض ممزوًج ا برائحة مش::مع ،وأعم::ال خش::بية متعفن::ة
وفاسدة.
وبينما كان يستريح هناك ،امتألت الغرفة فجأة ،برائحة المجنونيت القوية الحلوة.
لقد جاء األمر ،كما لو أنه هبت عليه ريح واحدة تأكيد ،وعطر ،وتأكيد لدرجة أنه بدا
وكأنه زائر حي .وصاح الرجل بصوت عاٍل « :ماذا يا عزيزي؟» كما ل::و أن::ه ق::د تم
اس::تدعاؤه ،ونهض وبحث عن مص::در تل::ك الرائح::ة .م::د ذراعي::ه إليه::ا ،فتعلقت ب::ه
الرائحة الغنية ،وغلفته ،وكانت حواس::ه كله::ا في ذل::ك ال::وقت مض::طربة ومختلط::ة،
كيف يمكن استدعاء شخص ما بشكل قاطع بواسطة الرائحة؟ بالتأكيد يجب أن يك::ون
صوًت ا؛ ولكن ،أليس هذا الصوت هو الذي لمسه وداعبه؟
صرخ قائًال« :لقد كانت في هذه الغرفة» ،وقف::ز لعل::ه ين::تزع منه::ا رمً:ز ا ،ألن::ه
ك::ان يعلم أن::ه س::يتعرف على أص::غر ش::يء يخص::ها أوأي ش::يء لمس::ته .رائح::ة
المجنونيت المغلفة ،هذه هي الرائحة التي أحبتها وصنعتها بنفسها -من أين أتت؟ لقد
تم ترتيب الغرفة ولكن بإهمال ،لقد كانت هناك ست دبابيس شعر متناثرة على وشاح
الخزان::ة الهش -ه::ؤالء األص::دقاء الكتوم::ون ال::ذين ال يمكن تمي::يزهم عن الجنس
52
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
فحفر في الشقوق والزوايا ،ووجد الفلين والسجائر .وقد مرر ه:ذه في ازدراء س:لبي.
ولكن ذات مرة وجد في إحدى ثنيات الحصير ،سيجاًر ا نصف مدخن ،فوض::عه تحت
كعبه ،بقسم أخضر ،وحاد.لقد قلب الغرفة رأسًا على عقب .ووج::د س::جالت ص::غيرة
كئيبة ،وحقيرة ،للعديد من المستأجرين المتجولين؛ لكن تلك ال::تي بحث عنه::ا ،وال::تي
ربما تكون قد سكنت هناك ،والتي بدا أن روحها تحوم هناك ،لم يجد لها أي أثر.
ثم فكر في مدبرة المنزل ،وركض من الغرف::ة المس::كونة في الط::ابق الس::فلي إلى
الباب الذي أظهر ض:وءًا خافتً:ا .لق:د خ:رجت لتض:ربه ،لق:د خنقت حماس:ته بك:ل م:ا
استطاعت به .وتوسل إليها« :هل تخبريني ي:ا س:يدتي من ك:ان يش:غل الغرف::ة ال::تي
كنت أملكها قبل مجيئي؟» 'نعم سيدي .أس::تطيع أن أق::ول ل::ك م::رة أخ::رى .لق::د كان::ا
سبراولز وموني ،كما قلت .اآلنسة بيريتا سبراولز كانت موج::ودة في دور الع::رض،
53
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
لكن اآلنسة موني كانت كذلك .عرف بيتي باالحترام ،ففوقًا ،علقت شهادة ال::زواج ،
وهي مؤطرة على مسمار " -أعني أي نوع من الس::يدات ك::انت اآلنس::ة س::براولز -
في مظهرها ،؟"
«لم::اذا ،ذات شعرأس::ود ي::ا س::يدي ،قص::يرة وقوي::ة ،ذات وج::ه مض::حك .ولق::د
غادروا قبل أسبوع من يوم الثالثاء.
وقبل أن يحتلوها؟ «لماذا ،كان هناك رجل واحد مرتبط بأعمال التجفيف ،لقد غادر
مديًن ا لي بأسبوع .وقبله كانت اآلنسة كراودر وطفاله::ا ،ال::ذين مكث::وا أربع::ة أش::هر؛
وكان خلفهم السيد دويل العجوز ،الذي دفع أبناؤه ثمن إيج::اره ،ولق::د احتف::ظ بالغرف::ة
لمدة ستة أشهر .هذا يعود إلى ع:ام مض::ى ي:ا س:يدي ،وال أت:ذكر المزي:د» .فش:كرها
وعاد إلى غرفته .كانت الغرفة ميتة .لقد ذهب الجوهر الذي أحياها ،لقد رح::ل عط::ر
المجن::ونيت ،وحلت في مكانه::ا الرائح::ة القديم::ة ال::تي ال مع::نى له::ا ألث::اث الم::نزل
المتعفن والجو الموجود في المخزن .لقد استنزف إيمانه ،انحس::ار أمل::ه .جلس يح::دق
في اللون األصفر ،ويغني أغنية ضوء الغاز ،وسرعان م::ا نهض إلى الس::رير ،وب::دأ
في تمزيق المالءات إلى شرائح .وباستخدام نص:ل س:كينه ،دفعهم بق:وة إلى ك:ل ش:ق
حول النوافذ واألبواب .وعن::دما أص::بح ك::ل ش::يء مريًح ا ومش::دوًد ا ،أطف::أ الض::وء،
وأشعل الغاز بالكامل مرة أخرى ،واستلقى على السرير ممتًن ا.
لقد كانت تنتهي ليلة الس::يدة م::اكول بعلب::ة المش::روب؛ ل::ذلك أحض::رتها وجلس::ت م::ع
السيدة بوردي في أحد تل::ك الخل::وات الموج::ودة تحت األرض حيث تجتم::ع م::دبرات
المنزل ،وتموت الدودة بمفردها .قالت السيدة بوردي عبر دائرة دقيق::ة من الرغ::وة:
«لقد اس:تأجرت الط:ابق الث:الث ه:ذا المس:اء" .أخ:ذها ش:اب ،ذهب إلى الس:رير قب:ل
ساعتين.
قالت الس::يدة م::اكول بإعج::اب ش::ديد «واآلن ،ه::ل فعلت ذل::ك ،ي::ا س::يدة ب::وردي،
س::يدتي؟» "أنت عجيب::ة في اس::تئجار غ::رف من ه::ذا الن::وع" .وه::ل أخبرت::ه إذن؟
واختتمت كالمها بهمسة أجش مليئة ب::الغموض .ق::الت الس::يدة ب::وردي ،بلهج::ة أك::ثر
فروًيا« :الغرف مفروشة لإليجار ».لم أخبره يا س::يدة م::اكول»« .أنت على ح::ق ي::ا
سيدتي؛ ' نحن نكسب لقمة عيشنا ونظل على قيد الحي::اة من اس::تئجار الغ::رف .ل::ديك
حس جيد في مجال األعمال ،سيدتي .هناك العدي:د من األش:خاص ال:ذين سيرفض:ون
استئجار غرفة إذا علموا أن حالة انتحار حدثت بعد الموت في السرير .ق::الت الس::يدة
ب::وردي« :كم::ا تق::ول ،علين::ا أن نكس::ب رزقن::ا .نعم ي::ا س::يدتي؛ ه::ذا ص::حيح" .لق::د
54
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
ساعدتكم منذ استيقاظ واحد فقط في هذا اليوم في ترتيب الط::ابق الث::الث من الخل::ف،
ثم كانت كولين على وشك أن تقتل نفسها بسبب زلة الغاز العفوي::ة ،لق::د ك::ان وجهه::ا
الصغير يتصبب عرقًا ،سيدة بوردي ،سيدتي .ق::الت الس::يدة ب::وردي ،موافق::ة ولكنه::ا
منتقدة« :لقد ُو ِص فت بالوسيم ،كما تقولين ،ولكن بسبب تلك الشامة ،ك::ان ل::ديها نم::و
في حاجبها األيسر ».املئي كأسك مرة أخرى يا سيدة ماكول».
9الجملون عمومًا هو الجزء األعلى من المثلث .ويستخدم المصطلح في الهندسة المعمارية لتعريف نوع من األسقف للبيوت والمباني القرميدية .من
األمثلة على أسلوب بناء الجملون دار البلدية في مدينة مونستر األلمانية.ومعناها أيضًا األسقف المحدبة.
55
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
لم يكن السيد االلتهاب الرئوي هو ما يمكن أن تسميه رجًال عجوًز ا شهًما ،فلم
تكن عثة ام::رأة ش:ابة ،ب::دماء ض::عف بس::بب ه::واء كاليفورني::ا ،لعب::ة عادل::ة بالنس::بة
للعجوز ذو القبضة الحمراء ،والنفس القصير .لكن أص::اب جونس::ي ،وبالك::اد ك::انت
تستلقي أو تتحرك ،على سريرها الحديدي المطلي ،وتنظ::ر من خالل زج::اج النواف::ذ
الهولندية الصغيرة إلى الجانب الخالي من المنزل المجاور المبني من الطوب.
دعا سو ،الطبيب المشغول ذو حاجب رم::ادي أش::عث في ص::باح أح::د األي::ام ،إلى
الردهة .قال وهو ينفض الزئبق في مقي:اس الح::رارة الس:ريري الخ::اص ب:ه« :ل::ديها
فرصة واحدة ،دعنا نقول ،عشرة" ».وهذه الفرصة هي أن ترغب في العيش ".به:ذه
الطريقة يصطف الناس بجانب متعهد دفن الموتى مما يجعل دس::تور األدوي::ة بأكمل::ه
يبدو سخيًفا .لق:د ق:ررت س:يدتك الص:غيرة أنه:ا لن تتحس:ن .ه:ل ل:ديها أي ش:يء في
ذهنها؟
قالت سو" :لقد أرادت أن ترسم خليج نابولي يوًما ما".
-لم أقصد هذا ! هل لديها أي شيء في ذهنها يستحق التفكير فيه مرتين :رجل ،على
سبيل المثال؟».
قالت سو بصوتها رنين قيثارة اليه::ود ':رج::ل؟' .ه::ل يس::تحق الرج::ل – لكن ال ي::ا
دكتور؛ ال يوجد شيء من هذا القبيل.
قال الطبيب« :حسًن ا ،إنه الوهن إذن« ».سأفعل كل ما يمكن أن يحققه العلم ،بق::در
ما يمكن أن يحققه من خالل جهودي .لكن كلما بدأت مريض:تي في ع:د العرب:ات في
م:وكب جنازته:ا ،انقص خمس:ين في المائ:ة من الق:وة العالجي:ة لألدوي:ة .إذا جعلته:ا
تطرح سؤاًال واحً:د ا ح::ول أنم::اط الش::تاء الجدي::دة بأكم::ام العب::اءة ،فس::أعدك بفرص::ة
واحدة من كل خمسة لها ،بدًال من واحدة من كل عشرة'.
بعد أن ذهب الطبيب ،دخلت سو إلى غرفة العمل و بكت كث::يرًا في من::ديل ورقي
حتى أصبح كاللب الطري المبلل ،ثم دخلت متبخترة إلى غرفة جونسي ،ومعها لوحة
الرسم الخاصة بها ،وهي تصفر بموسيقى الراغتايم.
استلقت جونسي ،بالكاد أحدثت تموجا تحت أغطية السرير ،ووجهها نحو الناف::ذة.
توقفت سو عن الصفير معتقدة أنها نائمة.
قامت ب::ترتيب لوحته::ا وباش::رت في الرس::م ،بقلم ح::بر؛ لتوض::يح قص::ة إح::دى
المجالت .يجب على الفنانين الشباب ،أن يمه::دوا ط::ريقهم إلى الفن ،من خالل رس::م
صور لقصص المجالت التي يكتبها المؤلفون الشباب لتمهيد طريقهم إلى األدب.
56
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
سمعت سو ص:وتًا منخفضً:ا ،تك:رر ع:دة م:رات بينم:ا ك:انت ترس:م س:رواًال أنيقً:ا
لركوب الخيل ،ونظارة أحادية على شخص::ية البط:ل ،وه::و راعي بق::ر من أي:داهو.،
ذهبت بسرعة إلى السرير ،كانت عيون جونس::ي مفتوح::ة على نط::اق واس::ع ،ك::انت
تنظر من النافذة وتعد -تعد تنازليًا.
ق::الت« :اثن::ا عش::ر» ،وبع::د قلي::ل« ،أح::د عش::ر» .ثم "عش::رة" و"تس::عة"؛ ثم
"ثماني::ة" و"س::بعة" مًع ا تقريًب ا .نظ::رت س::و باهتم::ام من الناف::ذة ،م::اذا ك::ان هن::اك
لنحسب؟ لم يكن هناك سوى ساحة فارغة وكئيبة يمكن رؤيتها ،والج::انب الف::ارغ من
الم::نزل المب::ني من الط::وب على بع::د عش::رين ق::دًما .ك::انت ش::جرة لبالب قديم::ة،
وعارية ،معقودة ومتحللة من الجذور ،تتس::لق ح::تى منتص::ف الطري::ق ف::وق الج::دار
المبني من الطوب .كانت أنف:اس الخري:ف الب:اردة ق:د ض:ربت أوراقه:ا من الكرم:ة؛
حتى التصقت أغصانها الهيكلية ،شبه العارية ،بالطوب المتهدم .سألت سو "ما األمر
يا عزيزي؟" .قالت جونسي بصوت هامس تقريًب ا" :س::تة" ."،إنهم يس::قطون بش::كل
أسرع اآلن ".قبل ثالثة أيام كان هناك ما يق:رب من مائ:ة .لق:د أوج:ع ع:دهم رأس:ي،
ولكن اآلن أصبح األمر سهًال .هناك تسقط واحدة أخرى .لم يتبق سوى خمسة اآلن.
'خمسة ماذا يا عزيزي؟ أخبري سودي الخاصة بك.
'أوراق .على كرمة اللبالب .عندما يسقط األخير يجب أن أذهب أيًض ا .لقد عرفت
ذلك لثالثة أيام".ألم يخبرك الطبيب؟ "
اشتكت سو بازدراء شديد ":لم أسمع ق::ط بمث::ل ه::ذا اله::راء"" .م::ا عالق::ة أوراق
اللبالب القديمة بتحسن حالتك؟" وكنت تحبين تلك الكرمة ،أيته::ا الفت::اة المش::اغب .ال
تتحدثي عن هذا بتلك السهولة .لماذا ،أخ::برني الط::بيب ه::ذا الص::باح أن فرص::ك في
التعافي قريًبا كانت حقيقي::ة -دعن::ا ن::رى بالض::بط م::ا قال::ه -ق::ال إن الف::رص ك::انت
عشرة إلى واحد! لماذا ،إنها فرصة جي::دة تقريًب ا مث::ل تل::ك ال::تي ل::دينا في نيوي::ورك
عندما نركب سيارات الشارع ،أو نسير بالقرب من مبنى جدي::د .ح::اولي أن تتن::اولي
بعض الحساء اآلن ،ودعي س:ودي تع:ود إلى رس:مها ،ح::تى تتمكن من بيعه:ا لرج::ل
التحرير ،وشراء النبيذ لطفلتها المريضة ،وقطع لحم الخنزير لنفسها الجشعة».
قالت جونس::ي وهي تبقي عينيه::ا مثبت::تين في الناف::ذة" :ال داعي لتن::اول المزي::د من
النبيذ"" .هناك تسقط أخرى ".ال ،ال أريد أي حساء .وهذا يترك أربعة فقط .أري::د أن
أرى آخر سقوط قبل أن يحل الظالم ،ثم سأذهب أيضا.
قالت سو وهي تنح::ني فوقه::ا" :عزي::زتي جونس::ي ،ه::ل تع::ديني ب::أن تبقي عيني::ك
مغلقتين ،وأال تنظري من النافذة حتى أنتهي من العم::ل؟" يجب أن أق::وم بتس::ليم تل::ك
57
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
الرسومات بحلول الغد ،أنا بحاج::ة إلى الض::وء ،وإال سأس::حب الظ::ل إلى األس::فل».
سأل جونسي ببرود« :أال يمكنك الرسم في الغرفة األخرى؟».
ق::الت س::و« :أفض::ل أن أك::ون هن::ا بجانب::ك»" .عالوة على ذل::ك ،ال أري::دك أن
تستمري في النظر إلى أوراق اللبالب السخيفة تلك".
قالت جونس:ي وهي تغمض عينيه:ا وتس:تلقي ب:اللون األبيض وس:اكنة مث:ل تمث:ال
ساقط" :أخبريني بمجرد أن تنتهي ،ألنني أريد أن أرى التمث::ال األخ::ير يس::قط" .لق::د
تعبت من االنتظار ،والتفكير ،أريد أن أتحرر قبضتي المتمسكة ببك::ل ش::يء ،وأبح::ر
لألسفل ،لألسفل ،تماًما ،مثل واحدة من تلك األوراق المسكينة المتعب::ة» .ق::الت س::و:
"حاولي النوم"« .يجب أن أتص::ل ببيرم::ان ليك::ون نم::وذجي لعام::ل المن::اجم الناس::ك
العجوز ،لن أغيب لمدة دقيقة ،ال تحاولي التحرك حتى أعود».
كان بيرمان العجوز ،رسامًا يعيش في الطابق األرضي تحتهما ،ك::ان ق::د تج::اوز
الستين من عمره وكانت لحي:ة مايك:ل أنجيل::و موس:ى ،تتجع:د من رأس س:اتير على
طول جسد عفريت .كان بيرمان فاشًال في الفن ،لقد ظل يمسك بالفرشاة لم:دة أربعين
عاًما دون أن يقترب بما يكفي ليلمس طرف ثوب سيدته .لقد كان دائًما على وشك أن
يرس::م تحف::ة فني::ة ،لكن::ه لم يب::دأها بع::د .لم يرس::م ش:يًئ ا لع::دة س::نوات ،إال بين الحين
واآلخر في مجال التجارة أو اإلعالن .لقد كس::ب القلي::ل من الم::ال ،من خالل العم::ل
كنم::وذج له::ؤالء الفن::انين الش::باب في المس::تعمرة ،ال::ذين لم يتمكن::وا من دف::ع ثمن
االحتراف .كان يشرب النبيذ بإسراف ،وال يزال يتحدث عن تحفته القادمة .فق::د ك::ان
رجاًل عجوًز ا صغيًر ا شرًس ا .،فيما عدا ذلك ،يسخر بش::دة من نعوم::ة أي ش::خص،
ويعتبر نفسه كلًبا خاًص ا ينتظر حماية الفنانين الشابين في االستوديو أعاله.
وجدت سو أن بيرمان تفوح منه رائحة توت العرعر القوية في عرينه ذي اإلض::اءة
الخافتة باألسفل ،وفي إحدى الزوايا ك::انت هن::اك لوح::ة قماش::ية فارغ::ة على حام::ل
ك::انت تنتظ::ر هن::اك لخمس وعش::رين عاًم ا؛ لتلقي الس::طر األول من التحف::ة الفني::ة.
أخبرته سو عن خيال جونسي ،وكيف كانت تخشى أن تصبح خفيفة وهشة مثل ورقة
الشجر ،وتطفو بعيًد ا عندما تضعف قبضتها الطفيفة على العالم.
صرخ بيرمان العجوز ،بعينيه الحم::راء المتدفق::ة بوض::وح ،ب::ازدراءه وس::خريته
لمثل هذه التخيالت الغبية .صرخ قائًال «:عديمة اإلحساس !»" .هل يوج::د أش::خاص
في العالم بهذه الحماقة يموتون بسبب سقوط أوراق من كرمة محيرة؟" لم أس::مع عن
شيء من هذا القبي::ل .ال ،لن أك::ون نموذًج ا لش::عبك األحم::ق .ه::ل تس::محين للوقاح::ة
السخيفة أن تأتي تحت وطأتها؟ نقطة صغيرة ،آه ،مسكينة اآلنسة يونسي».
58
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
قالت سو« :إنه::ا مريض::ة جً:د ا وض::عيفة للغاي::ة ،وق::د جعلت الحمى عقله::ا مريًض ا،
ومليًئ ا بالتخيالت الغريبة ».حسًن ا ،سيد بيرم::ان ،إذا كنت ال تهتم ب::الوقوف معي ،فال
داعي لذلك ،لكنني أعتقد أنك عجوز شنيع ،وعجوز مشاكس».
صاح بيرمان" :أنت تمام:ا مث:ل الم:رأة"من ق:ال أن:ني لن أزعج:ك؟" وت:ابع ":لق:د
جئت معك ،لنصف ساعة كنت أحاول أن أقول نقط::ة أن::ا مس::تعد للب::وس .جي::د! ه::ذا
ليس مكاًن ا يرقد فيه شخص مريض أبله مثل اآلنسة يونسي .سأرسم تحفة فني::ة يوًم ا
ما ،وسنذهب جميًع ا .هذا جيد! نعم'.
كانت جونسي نائمة عندما صعدوا إلى الطابق العلوي ،فسحبت سو الس::تارة إلى
حافة النافذة ،وأشارت إلى بيرمان بال::دخول إلى الغرف::ة األخ::رى .وهن::اك أطل::وا من
الناف::ذة بخ::وف على كرم::ة اللبالب ،ثم نظ::روا إلى بعض::هم البعض للحظ::ة دون أن
يتحدثوا .كان يتساقط المطر البارد المستمر ،ممزوًج ا بالثلج .جلس بيرمان ،بقميص::ه
األزرق القديم ،كعامل منجم ناسك على غالية مقلوبة من أجل صخرة.
عندما استيقظت سو في صباح اليوم التالي من نوم دام س::اعة ،وج::دت جونس::ي
بعي::نين ب::اهتتين مفتوح::تين على مص::راعيهما تح::دق في الظ::ل األخض::ر المرس::وم.
'اسحبيها! أريد أن أرى ،أمرت بصوت خافت .أطاعت سو بضجر.
لكن عجبًا! بعد المطر الغزير وهبوب الرياح العاتية التي استمرت طوال الليل،
ال تزال هناك ورقة لبالب واقفة على الجدار المبني من الطوب ،وكانت الورقة على
الكرمة .كان ال يزال أخضر داكًن ا بالقرب من س::اقه ،ولكن ك::ان يت::دلى بش::جاعة من
ف::رع على ارتف::اع ح::والي عش::رين ق::دًما عن األرض ،بحواف::ه المس::ننة المص::بوغة
باللون األصفر الناتج عن االنحالل والتدهور.
قالت جونسي« :إنها األخيرة' ».أنا اعتقد أنها ستس::قط بالتأكي::د أثن::اء اللي::ل .لق::د
سمعت الريح ،سوف يسقط اليوم ،وس::أموت في نفس ال::وقت» .ق::الت س::و وجونس::ي
تمي::ل بوجهه::ا المه::ترئ إلى الوس::ادة' :عزي::زي عزي::زي!' "فك::ري بي ،إن كنت ال
تفكري في نفسك ".ما الذي يمكنني فعله؟' لكن جونسي لم ترد .عندما تس::تعد ال::روح
لل::ذهاب في رحلته::ا الغامض::ة والبعي::دة ،تك::ون هي الش::يء األك::ثر عزل::ة في الع::الم
أجمع .يبدو أن الخيال قد استحوذ عليها بقوة أكبر؛ حيث انفكت الرواب::ط ال::تي ك::انت
تربطها بالصداقة واألرض واحدة تلو األخرى.
انقض::ت س::اعات النه::ار ،وك::ان بإمك::انهم رؤي::ة ورق::ة اللبالب الوحي::دة الملتص::قة
بساقها على الحائط ،.ح::تى خالل الغ::روب .وبع::د ذل::ك ،هبت الري::اح الش::مالية م::رة
59
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
أخرى مع حلول الليل ،بينما ال يزال المط::ر يض::رب النواف::ذ ،ويتس::اقط من األف::اريز
الهولندية المنخفضة.
عندما يعلن النهار عن قدومه يا جونسي عديم الرحمة ،ستكون ورقة اللبالب ال تزال
هناك.
استلقت جونس:ي لف::ترة طويل::ة وهي تنظ:ر إليه:ا ،ثم اتص::لت بس:و ال::تي ك:انت تقلب
حساء الدجاج فوق موقد الغاز.
قالت جونسي" :لق::د كنت فت::اة س::يئة ي::ا س::ودي"" .ش::يء م::ا جع::ل تل::ك الورق::ة
األخيرة تبقى هناك لتظهر لي كم كنت ش:ريرة ،من الخط:أ تم:ني الم:وت ،يمكن:ك أن
تحض::ري لي قلياًل من الحس::اء اآلن ،وبعض الحليب م::ع القلي::ل من الخم::ر ،و -ال؛
أوًال ،أحضر لي مرآة يدوية؛ ثم احزمي بعض الوس::ائد ح::ولي ،وس::أجلس وأش::اهدك
تطبخين».
وبعد ساعة قالت" :سودي ،أتمنى أن أرسم خليج نابولي يوًما ما".
جاء الطبيب في وقت ما بعد الظهر ،وكان لدى سو عذر للذهاب إلى الردهة عندما
غادر .قال الطبيب وهو يتحدث عن سو النحيلة ،وهي تصافح يده« :حتى الفرص».
"مع التمريض الجيد سوف تفوز ".واآلن يجب أن أرى حالة أخرى لدي في الط::ابق
السفلي .بيرمان ،اسمه --على ما أعتقد أنه ن::وع م::ا من الفن::انين ،االلته::اب الرئ::وي
أيضا ،إنه رجل عجوز وضعيف ،ونوبة الهجوم حادة ،ال أمل ل::ه .لكن:ه س:يذهب إلى
المستشفى اليوم ليشعر براحة أكبر.
قال الطبيب لسو ،في الي::وم الت::الي" :،لق::د تج::اوزت مرحل::ة الخط::ر" .لق::د ربحت.
التغذية والرعاية اآلن – هذا كل شيء.
وبعد ظهر ذلك اليوم ،جاءت سو إلى السرير حيث كانت جونسي مس::تلقية ،وهي
تحيك في رضا وش::اح كت::ف ص::وفًيا أزرق الل::ون وع::ديم الفائ::دة ،ووض::عت ذراًع ا
واحدة حولها والوسائد وكل شيء .قالت" :لدي شيء ألخبرك به أيها الفأر األبيض".
' لقد توفي السيد.بيرمان بسبب االلتهاب الرئ::وي الي::وم في المستش::فى .ك::ان م::ريض
يومين فقط .وق::د وج::ده الب::واب في ص::باح الي::وم األول في غرفت::ه بالط::ابق الس::فلي
عاجًز ا عن الحركة من شدة من األلم ،كان حذائه مبلًال ومالبسه أيض ً:ا ،نتيج::ة ال::برد
القارس .لم يتمكنوا تخيل أين كان في مث::ل ه::ذه الليل::ة المروع::ة .وبع::د ذل::ك وج::دوا
فانوًسا ال يزال مضاًء ،وسلمًا تم سحبه من مكانه ،وبعض الفرش المتن::اثرة ،ولوح::ة
ألوان ممزوجة باللونين األخضر واألصفر ،و -انظري من النافذة يا عزيزتي ،أخيًر ا
ورق::ة اللبالب على الحائ::ط .ألم تتس::اءل لم::اذا لم ترف::رف أو تتح::رك عن::دما تهب
60
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
الرياح؟ آه ،يا عزيزي ،إنها تحفة بيرمان الفنية – لق::د رس::مها هن::اك في الليل::ة ال::تي
سقطت فيها الورقة األخيرة.
كتب صديقي الشاعر ،الذي عاش على اتصال وثيق مع الطبيعة طوال حياته،
قصيدة ذات يوم ،وأخذها إلى أحد المحررين .لقد كانت ريفية حية ،مليئة بالنفس
الحقيقي للحقول ،وغناء الطيور ،والثرثرة اللطيفة للجداول المتدفقة .وعندما اتصل
الشاعر مرة أخرى ليرى األمر ،مع أمله في قلبه بتناول شريحة لحم البقر ،أعيدت
إليه مع التعليق" :مصطنعة للغاية" .التقى العديد منا أثناء تناول السباجيتي وطبق
تشيانتي الهولندي في مقاطعة دوتشيس ،وابتلعنا االستياء بالشوكة الزلقة ،وهناك
حفرنا حفرة للمحرر ،وكان معنا كونانت ،وهو كاتب روائي متمكن –لقد داس على
األسفلت طوال حياته ،ولم ينظر قط إلى المشاهد الريفية إال بأحاسيس االشمئزاز من
نوافذ القطارات السريعة.
كتب كونانت قصيدة وأطلق عليها اسم "الظبية والنهر" .لقد كانت عينة رائعة من
نوع العمل الذي تتوقعه من شاعر ضل طريقه مع أماريليس حتى نوافذ بائع
الزهور ،والذي كانت مناقشته الوحيدة في علم الطيور مع نادل .وقع كونانت على
هذه القصيدة وأرسلناها إلى نفس المحرر ،ولكن هذا ليس له عالقة بالقصة .وفي
صباح اليوم التالي ،وبينما كان يقرأ المحرر السطر األول من القصيدة ،تعثر كائن
قبالة عّبارة ويست شور ،وسار ببطء عبر شارع األربعين الثاني .كان الغازي شابًا
ذو عيون زرقاء فاتحة اللون ،وشفاه متدلية ،وشعر بنفس لون شعر اليتيم الصغير
(اكتشف الحًق ا أنه ابنة إيرل) في إحدى مسرحيات السيد بالني ،كان سرواله
قصيرًا ،ومعطفه قصير األكمام ،وأزرار القميص في منتصف ظهره ،وكان أحد
ساق الحذاء سروال قصير .نظرت بترقب بدون جدوى ،إلى قبعته المصنوعة من
القش التي تحتوي على فتحات لألذنين ،وكان شكلها يثير الشك في أنها قد تم
انتزاعها من مالك حصان سابق ،وكان في يده حقيبة ،و يستحيل وصفها بأنها
مهمة ؛ فلن يحمل حتى رجل من بوسطن هذه الحيقيبة؛ ليحمل فيها غداءه وكتب
القانون إلى مكتبه .و كانت هناك خصلة من القش في شعره فوق إحدى أذنيه- ،
61
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
خطاب تصديق الريفي ،وشارة براءته ،واللمسة األخيرة المتشبثة بجنة عدن التي
ظلت باقية لتخجل رجال الطوب الذهبي.
مرت به حشود المدينة مبتسمة عن علم .لقد رأوا الغريب الخام يقف في
المزراب ،ويمد رقبته نحو المباني الشاهقة .عند هذا ،توقفوا عن االبتسام ،وحتى
عن النظر إليه .لقد حدث ذلك في كثير من األحيان .ألقى البعض نظرة خاطفة على
الحقيبة العتيقة ليروا ما هي "جاذبية" كوني أو نوع العلكة التي قد يستحضرها في
ذاكرته .ولكن في الغالب يتم تجاهله .حتى بدا على بائعي الصحف أنهم يشعرون
بالملل عندما اندفع بعيدًا عن طريق سيارات األجرة ،وعربات الشوارع مثل مهرج
السيرك.
وقف "بونكو هاري" في الجادة الثامنة ،بشاربه المصبوغ وعيناه الالمعتين
اللطيفتين .كان هاري فناًن ا جيًد ا جًد ا؛ بحيث ال يتألم عند رؤية ممثل يبالغ في دوره.
اقترب من رجل ريفي توقف ليفتح فمه ،ويهز رأسه عند نافذة محل مجوهرات.،
قال بانتقاد« :سميك جًد ا يا صديقي ،سميك جًد ا ببضع بوصات ».أنا ال أعرف ما
هو وضعك .ولكن لديك خصائص سميكة جًد ا .هذا التبن ،اآلن ،لماذا ،حتى هذا لم
يعد مسموحُا به في حلبة بروكتور بعد اآلن».
قال الرجل الريفي« :أنا ال أفهمك يا سيد»" .أنا ال أبحث" عن أي سيرك .لقد
عدت للتو من مقاطعة أولستر إللقاء نظرة على المدينة ،حيث أن األمر قد انتهى.يا
هللا على كبر حجمها! اعتقدت أن بوكيبسي كان من األشرار ،ولكن هذه المدينة هنا
أكبر بخمسة أضعاف» .قال بونكو هاري وهو يرفع حاجبيه« :أوه ،حسًن ا ،لم أقصد
أن أتدخل في شؤونك ،إنك غير ملزم بإخباري شيئًا ،اعتقدت أنه يجب عليك أن
تخفف من حدة صوتك قلياًل ،لذا حاولت أن أجعلك حكيًما وأتمنى لك النجاح في
كسبك مهما كان .على أية حال ،تعال وتناول مشروًبا » .اعترف اآلخر« :ال أمانع
في تناول كأس من البيرة» .ذهبا إلى مقهى يرتاده الرجال ذوو الوجوه الناعمة
والعيون الخادعة ،وجلسوا يتناولون مشروباتهم..
قال هايلوكس« :أنا سعيد ألنني التقيت بك يا سيد ".هل تريد أن تلعب لعبة أو اثنتين
من لعبة Seven-Up؟" لقد حصلت على كيردس .وأخرجهم من حقيبة سفر نوح -
سطح نادر ال يضاهى ،دهني بوجبات لحم الخنزير المقدد ومتسخ بتربة حقول الذرة.
ضحك "بونكو هاري" بصوت عاٍل ولفترة وجيزة.
قال بحزم" :ليست بالنسبة لي ،أيها الرياضي « لست معارضًا لمكياجك هذا مقابل
سنت واحد ،لكني مازلت أقول أنك بالغت في األمر» .لم يرتدي آل روبز مثل هذا
62
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
الزي منذ عام ،1979أشك في أنك تستطيع أن تعمل في بروكلين من أجل ساعة
ذات مفاتيح بهذا التصميم».
قال هايلوكس متفاخًر ا« :كًال ،ال داعي لالعتقاد بأنني ال أملك المال ».وقد
أخرج أربع كتل ملفوفة بإحكام ،أو أوراًق ا نقدية بحجم فنجان شاي ،ووضعها على
الطاولة.
وأعلن قائًال" :لقد حصلت على ذلك مقابل حصتي من مزرعة جدتي"" .هناك
تسمعمائة وخمسون دوالًر ا في تلك القائمة ".فكرت أن آتي إلى المدينة ،وأبحث
حولي عن عمل محتمل ألباشر به» .تناول "بونكو هاري" لفافة النقود ونظر إليها
باحترام تقريًبا بعينيه المبتسمتين.
قال بانتقاد" :لقد رأيت ما هو أسوأ" .ولكنك لن تفعل ذلك أبًد ا بمالبسهم .أنت
ترغب في الحصول على حذاء بلون فاتح ،وبدلة سوداء ،وقبعة من القش ذات
شريط ملون ،والتحدث كثيًر ا عن بيتسبرج وفروق الشحن ،وشرب الشيري على
اإلفطار ،حتى تتمكن من التخلص من أشياء زائفة من هذا القبيل» .سأل رجالن أو
ثالثة من رجال بونكو هاري ،ذوي العيون الماكرة بعد أن جمع هايلوكس أمواله
المطعونة فيها وغادر" :ما هي ساللته؟" .قال هاري« :أعتقد أنه غريب األطوار».
"وإال فهو أحد رجال جيروم ".أو بعض الرجل مع الكسب غير المشروع الجديد .انه
ريفي جدًا .ربما يكون ذلك -وأنا أتساءل اآلن -كال ،ال يمكن أن تكون نقودًا
حقيقية .تجول هايلوكس في األرجاء ،من المحتمل أن العطش قد أصابه مرة أخرى،
ألنه غاص في حالة من الترنح المظلم في شارع جانبي واشترى البيرة .علق العديد
من الزمالء األشرار على أحد طرفي الطاولة .أضاءت عيونهم عند النظرة األولى
له ،ولكن عندما أصبح إصراره وبساطته المبالغ فيها واضًح ا ،تغيرت تعبيراتهم
إلى شك حذر .قام هايلوكس بتأرجح حقيبته عبرالطاولة .قال وهو يمضغ نهاية
سيجاره الخبيث« :احتفظ بهذا لبعض الوقت يا سيد" ».سأعود بعد أن أتغلب على
التعويذة .وراقبها ،فهناك 950دوالًر ا بداخلها ،على الرغم من أنك ربما لن تعتقد
ذلك إذا نظرت إلي.
«في مكان ما خارج الفونوغراف ،عثر على مقطوعة موسيقية ،وكان هايلوكس
بعيًد ا عنها ،وأزرار ذيل معطفه تتخبط في منتصف ظهره.
هكذا قال الرجال المعلقون على الطاولة ،وهم يغمزون بعضهم بعًضا علًن ا "ديفي؟
"مايك ."،قال الن:ادل وه:و يرك:ل الحقيب:ة جانبً:ا« :بص:راحة اآلن " ».أنت ال تعتق:د
أنني سأقع في ذلك ،أليس كذلك؟" يمكن ألي شخص أن يرى أنه ليس ثرث::ار ،أعتق::د
63
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
أنه أحد أعضاء فريق ماكدو فهو الم::ع إذا جع::ل نفس::ه منه::ا ،ال يوج::د أي مك::ان في
البالد اآلن ،يرتدون مثل هذا منذ أن كان لديهم خدمة التوصيل المجانية في المن::اطق
الريفية إلى بروفيدنس ،رود آيالن::د .إذا ك::ان يحم::ل تس::عة وخمس::ين دوالًر ا في تل::ك
الحقيبة ،فأن حافلة واتربيري ،بثمانية وتسعين سنًت ا ،وتتوقف عند الساعة العاشرة إال
عشر دقائق» .عاد هايلوكس ليأخذ حقيبته عندما استنفد موارد السيد إديسون للتسلية،
ومن ثم ك::ان يتج::ول بش::جاعة في ب::رودواي ،ويقتل::ع المش::اهد بعيني::ه الزرق::اوين
المتلهفتين ،لكن ظلت برودواي ترفض:ه دائًم ا وأبً:د ا بنظ:رات مقتض:بة وابتس:امات
ساخرة .لقد كان أقدم "الكمامات" التي يجب أن تتحمله::ا المدين::ة .لق::د ك::ان مس::تحياًل
بشكل صارخ ،وريفًيا جًد ا ،ومبالًغ ا فيه للغاية بما يتجاوز المنتجات األكثر غرابة في
الفن::اء ،ومس::رح القش ،ومس::رح الفودفي::ل ،لدرج::ة أن::ه لم يكن يث::ير س::وى الض::جر
والشك .وكانت خصلة القش في شعره حقيقي::ة ج ً:د ا ،منعش::ة ج ً:د ا ورائح::ة الم::روج،
ريفية بشكل صاخب ،لدرج:ة أن:ه ح:تى ص:ياد القواق:ع ك:ان سيض:ع حب:ات الب:ازالء
ويطوي طاولته عند رؤيته.
جلس هايلوكس على مجموعة من الدرجات الحجرية ،و أخرج لفافة ظهره:ا أص:فر
من الحقيبة مرة أخرى.السطحي ،ورقمه عشرون ،وأومأ إلى بائع الص::حف ق::ال :ي::ا
بني ،اركض إلى مكان ما وغِّير لي هذا .لقد اقتربت كثيًر ا من عل:ف ال:دجاج؛ أعتق:د
أنك سوف تحصل على النيك::ل إذا كنت س::وف تس::رع .وظه::رت نظ::رة جارح::ة من
خالل التراب على وجه الص::حفي" .ع:ذًر ا ،اذهب ،واحص::ل على ف::اتورة تتغ:ير من
تلقاء نفسها .إن مالبسك ال تتناسب مع عمل المزرع::ة ،اذهب واحص::ل على غيره::ا
بأموالك الخيالية.
رأى هايلوكس سائق حاد البصر كان يجلس في أحد أرك::ان دار القم::ار ،وق::د أص::بح
تعبيره فجأة بارًد ا وفضوليًا .قال الرجل الريفي« :يا سيدي« .لقد س::معت عن أم::اكن
في هذه المدينة حيث يمكن ألي زميل أن يلعب لعبة جيدة بالزالجة القديمة ،أو يرب::ط
بطاق::ة في كين::و ،ل::دي تس::عمائة وخمس::ون دوالًر ا في ه::ذه الحقيب::ة ،وق::د أتيت من
أولستر القديمة لرؤية المعالم السياحية .هل تع::رف أين يمكن للزمي::ل الحص::ول على
إجراء بش::أن ح::والي تس::ع دوالرات أو عش::ر دوالرات؟ س::أمارس بعض الرياض::ة،
وبعد ذلك ربما سأشتري عمًال من نوع ما .بدا السائق متألمًا ،متفحصً:ا بقع::ة بيض::اء
على ظفر سبابته اليسرى.
' تمتم بعتاب« :يا لها من جبنة أيها الرجل العجوز' ».البد أن يكون المكتب
المركزي مجنوناً ،ليرسلك لتبدو مثل الجيلي .10ال يمكنك الوصول إلى مسافة كتلتين
ُ .ت ستخدم هذه العبارة غالًبا لوصف شخص ماهر في التحرك دون أن يالحظه أحد أو يمتلك مستوى معيًن ا من الخبرة في مجال معين. 10
64
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
من لعبة الرصيف التي يستخدمها توني باستور .لقد ساعدك السيد سكوتي األخير
من وادي الموت على التغلب على مجموعة ضخمة من الشوارع في طريق المناظر
اإلليزابيثية والملحقات الميكانيكية .لندعها تصبح سهلة .كال ،ال أعرف أي قاعات
ذهبية ،حيث يمكن للمرء أن يراهن بها بعربة ممتازة» .بعد أن صدته المدينة
العظيمة التي كانت سريعة جًد ا في اكتشاف األشياء المصطنعة مرة أخرى ،جلس
هايلوكس على الرصيف وعرض أفكاره لعقد مؤتمر.
قال« :إنها مالبسي» ،سحقًا ،ليست كذلك .إنهم يعتقدون أني ريفي ،وليس عندي
شيء لفعله .لم يسخر أحد أبًد ا من هذه القبعة في مقاطعة أولستر .أعتقد أنه إذا كنت
تريد أن يالحظك الناس في نيويورك ،فينبغي اإلرتداء مثلهم.
لذلك ذهب هايلوكس للتسوق في األسواق حيث كان الرجال يتحدثون من خالل
أنوفهم ،ويفركون أيديهم ،ويلصقون الشريط بسعادة غامرة فوق االنتفاخ في جيبه
الداخلي حيث توجد حبة حمراء من الذرة مع عدد متساو من الصفوف .وتدفق
الرسل الذين يحملون الطرود والصناديق إلى فندقه في برودواي تحت أضواء لونج
أكر.
وفي الساعة التاسعة مساًء ،نزل أحدهم إلى الرصيف ،الذي كانت مقاطعة
أولستر ستزيله عليه .كان حذاؤه بلون أسمر ساطع؛ قبعته أحدث طراز ،كانت
سراويله ذات اللون الرمادي الفاتح مجعدًا بشدة ،وكان منديل حريري أزرق مرح
يرفرف من جيب صدر معطفه اإلنجليزي األنيق ،ربما كانت ياقته تزين نافذة
الغسيل؛ تم قص شعره األشقر بشكل قريب من أذنه ،لقد اختفت خصلة القش.
وقف متألًق ا للحظة ، ،مع الهواء الممتع لبوليفاردييه ،يؤلف في ذهنه الطريق لمتعه
المسائية .وبعد ذلك قلب الشارع المشرق ،والمبتهج رأسًا على عقب؛ لخطوة سهلة
.ورشيقة للمليونير
ولكن في اللحظة التي توقف فيها ،أحاطته أعين المدينة األكثر حكمة وذكاًء في
مجال رؤيتها .اختار رجل بدين ذو أعين رمادية اثنين من أصدقائه برفع حاجبيه من
صف الكراسي أمام الفندق.
قال الرجل ذو العيون الرمادية« :أروع طائر رأيته منذ ستة أشهر' ».تعال'.
كانت الساعة الحادية عشرة والنصف عندما دخل رجل إلى مركز الشرطة في
الشارع السابع واألربعين الغربي وهو يروي قصة أخطائه .قال وهو يلهث « :كل
نصيبي من مزرعة جدتي ،هو تسعمائة وخمسون دوالرًا ».
65
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
انتزع منه الرقيب اسم جابيز بولتونجو ،من مزرعة لوكست فالي ،مقاطعة
أولستر ،ثم بدأ في أخذ أوصاف السادة ذوي األذرع القوية.
عندما ذهب كونانت لرؤية المحرر بشأن مصير قصيدته ،تم استقباله في المكتب
الداخلي المزين بالتماثيل الصغيرة التي رسمها رودان وجي جي براون ،فوق رأس
موظف المكتب.
قال المحرر« :عندما قرأت السطر األول من رواية «الظبية والنهر» ،عرفت
أنه عمل شخص كانت حياته من القلب إلى القلب مع الطبيعة ،لم يعميني فن الخط
النهائي عن هذه الحقيقة .وباستخدام مقارنة منزلية إلى حد ما ،كان األمر كما لو كان
طفاًل بريًا ،وحرًا من الغابة ،والحقول يرتدي زي الموضة ويسير في برودواي.
قال كونانت" :شكًر ا"« .أفترض أن الشيك سيكون يوم الخميس ،كالعادة ».لقد
اختلطت مبادئ ،وقيم هذه القصة بطريقة أو بأخرى .يمكنك االختيار بين "البقاء في
المزرعة" أو "عدم كتابة الشعر".
لقد افترقنا أنا وزوجتي في ذلك الصباح ،كما اعت:دنا دائم:ا .لق::د ت:ركت ك:وب ش:ايها
الثاني لتتبعني إلى الباب األمامي ،ثم نزعت من طية صدر سترتي خيط ال::وبر غ::ير
المرئي (الفعل العالمي الذي تقوم به المرأة إلعالن الملكي::ة) وطلبت م::ني أن أعت::ني
بنفسي فور شعوري بالبرد ،لم يكن لدي أي نزلة برد ،ثم ج:اءت قبل:ة الف:راق -قبل:ة
الحياة المنزلية بنكهة يونغ هايسون ،لم يكن هناك خوف من االرتجال والتن::وع ال::ذي
يضفي نكهة على عاداتها الالمتناهية ،وبلمس::ة بارع::ة من س::وء الممارس::ة الطويل::ة،
قامت بضرب دبوس الوشاح الخاص بي عن طري::ق الخط::أ؛ وعن::دما أغلقت الب::اب،
بعدها سمعت صوت نعالها الصباحي ،عائدة إلى الشاي البارد.
عندما انطلقت لم يكن لدي أي فكرة أو شعور مسبق بم::ا س::يحدث ،وق::د ح::دث م::ا لم
يكن في الحسبان .كنت أكدح ألسابيع عدي::دة ،لياًل ونه::اًر ا تقريًب ا ،في قض::ية ق::انون
السكك الحديدية الشهيرة التي فزت بها منتصرًا ،سوى قبل أيام قليلة .في الواقع ،لق::د
66
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
كنت أتعم::ق في الق::انون دون توق::ف تقريًب ا لس::نوات عدي::دة .لق::د ح::ذرني ص::ديقي
وطبيبي الطبيب فولني ،مرة أو مرتين.
وقال« :إذا لم تسترح يا بيلفورد ،فسوف تتم::زق فج::أة ».إم::ا أعص::ابك أو عقل::ك،
سوف يفسح المجال لذلك .أخبرني ،هل يم::ر أس::بوع دون أن تق::رأ في الص::حف عن
حال:ة فق:دان الق:درة على الكالم -عن رج:ل ض:ائع ،متج:ول بال اس:م ،وق:د تم مس:ح
ماضيه وهويته -وكل ذلك من تلك الجلطة الدماغية الصغيرة ال:تي أح:دثها اإلره:اق
في العمل أو تقلق؟
قلت" :لقد فكرت دائًما "،أن الجلطة في تلك الحاالت كانت موجودة بالفعل في أدمغ::ة
مراسلي الصحف فقط» .هز الدكتور فولني رأسه ،وق:ال" :الم:رض موج:ود"" .أنت
بحاجة إلى التغيير أو الراحة ،قاعة المحكمة ،والمكتب والم::نزل -ه::ذا ه::و الطري::ق
الوحيد الذي تسافر إليه ،اقرأ كتب القانون للترفيه عنك ،ويستحس:ن أخ:ذ التح:ذير في
الوقت المناسب.
قلت دفاعًيا « :أنا وزوجتي نلعب لعبة الكريبج في ليالي الخميس ،وتقرأ لي في
أيام األحد الرس::الة األس::بوعية من وال::دتها .لم يتم تحدي::د م::ا إذا ك::انت كتب الق::انون
ترفيهية أم ال.
كنت أفكر في كلمات دكتور فول::ني ،بينم::ا كنت أس::ير في ذل::ك الص::باح ،كنت
أشعر أنني بحالة جيدة كما كنت أفعل عادًة ،ربما في حالة معنوية أفضل من المعتاد.
استيقظت بعضالتي متصلبة ومتش::نجة بع::د أن نمت لف::ترة طويل::ة على المقع::د غ::ير
المريح لمدرب الفترة الصباحية .أسندت رأسي على المقع::د وح::اولت التفك::ير ،وبع::د
وقت طويل قلت لنفسي" :البد أن يكون لدي اسم من ن::وع م::ا" .لق::د فتش::ت جي::وبي،
ليس هناك بطاقة ؛ والحرف::ا؛ ال يمكن::ني العث::ور على ورق::ة ،أو ح::رف واح::د فق::ط،
لكنني وجدت في جيب معطفي ما يق::رب من ثالث::ة آالف دوالر من األوراق النقدي::ة
ذات القيمة الكبيرة .أخذت أكرر في نفسي«:ال ب:د أن أك:ون شخًص ا م:ا ب:الطبع، »،
وبدأت أفكر مرة أخرى.
كانت السيارة مكتظة بالرجال ،وقلت لنفسي إنه ال بد أن هن::اك بعض االهتمام::ات
المشتركة بينهم ،ألنهم اختلطوا بحرية ،وب::دوا في أفض::ل ح::االتهم من روح الدعاب::ة
والروح المعنوية .احتل رجل بدين ذو نظارات ،النصف الش::اغر من مقع::دي بإيم::اءة
ودية ،وكانت تفوح منه رائحة القرفة والصبر ،وفتح صحيفة يقرأ فيها .كن::ا نتح::دث
كما يفعل المسافرون ،عن الشؤون الجارية ،في الفترات الفاصلة بين فترات قراءته.
67
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
لقد وجدت نفسي ق::ادرًا على مواص::لة المحادث::ة ح::ول ه::ذه المواض::يع بتق::دير ،على
األقل في ذاكرتي .وبعد قليل قال رفيقي« :أنت واحد منا بالطبع ».هن::اك الكث::ير من
الرجال الرائعين الذين يرسلهم الغرب في هذا الوقت ،أنا سعيد ألنهم عقدوا الم::ؤتمر
في نيويورك ،فلم أذهب إلى الشرق من قبل .اسمي آر بي بولدر -بولدر آن::د س::ون،
من هيكوري جروف ،ميسوري '.وعلى الرغم من أنني لم أكن مستعًد ا ،فقد ص::عدت
إلى حالة الطوارئ ،كما يفعل الرجال عندما يواجهون ذل::ك .يجب أن أقيم اآلن حف::ل
تعميد ،وأن أكون طفًال ،وقسًا ،وأبًا في نفس ال::وقت .حض::رت حواس::ي إلنق::اذ عقلي
البطيء .قدمت رائحة المخدرات المستمرة من رفيقي فك::رة واح::دة س::اعدتني أك::ثر؛
حيث التقت عيني بإعالن واضح ،إثر نظرة سريعة على جريدته.
قلت به:::دوء« :اس:::مي ه:::و إدوارد بينكه:::امر ».أن:::ا ص:::يدلي ،وبي:::تي يق:::ع في
كورنوبوليس ،كانساس.
ق:ال زميلي في الس:فر بلط:ف« :كنت أع:رف أن:ك ص:يدلي" ».لق:د رأيت البقع:ة
القاس::ية على س::بابتك اليم::نى حيث يف::رك مقبض المدق::ة .ب::الطبع ،أنت من::دوب إلى
مؤتمرنا الوطني.
سألت متعجبًا« :هل كل هؤالء الرجال تجار عقاقير؟»
'هم كذلك ،جاءت هذه السيارة من الغرب ،وهم أيًض ا تجار األدوية القدامى -ال أحد
منهم من ص::يدليات األق::راص والحبيب::ات الحاص::لين على ب::راءات االخ::تراع ال::ذين
يستخدمون ماكينات القمار بدًال من مكتب الوص::فات الطبي::ة .نحن نرش::ح محاص::يلنا
الكافورية ونلف حبوبنا بأنفسنا ،وال نفضل التعامل م::ع ع::دد قلي::ل من قليلي الخ::برة،
ونحمل جانًبا من الحلويات واألحذية .أقول لك يا هامبينكر ،لدي فك::رة ألطرحه::ا في
هذا المؤتمر -إنهم يريدون أفكارًا جديدة .أنت تعرف اآلن ،الزجاجات الموجودة على
الرفوف والتي تحت::وي على مق::يئ الج::ير وملح روش::يل للنم::لet Pot. Tart. ( .
-) .and Sod. et Potوكما تعلم ،أحدهما سام ،واآلخر غير ض:ار ،ومن الس:هل
الخلط .أين يحتفظ بها تجار األدوية غالبيًا؟ لماذا ،على رف::وف مختلف::ة ،وبعي ً:د ا ق::در
اإلمكان .هذا خاطئ ،أقول أن احتفظ بها جنًبا إلى جنب ،فعندما تريد واح::دة يمكن::ك
دائًما مقارنتها باألخرى وتجنب األخطاء .هل فهمت الفكرة؟
قلت« :يبدو لي أنها فكرة جيدة جًد ا»' .حسًن ا! ،سأقوم بعمل نسخة احتياطية من::ه
عندما أطرح الفكرة في المؤتمر .سوف نجع::ل بعض ه::ؤالء األس::اتذة ال::ذين يظن::ون
أنهم العينات الوحيدة في السوق ،يبدون كأقراص تحت الجلد'.
قلت وأنا أشعر بالدفء« :إذا كان بإمكاني تقديم أي مساعدة ،زجاجتي -إيه»
' -ترترات األنتيمون والبوتاس ،وترترات الصودا والبوتاس.
68
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
' )'-(Tartrate of antimony and potash, and tartrate of soda and potash
قلت بعد أن قرأت الرسالة« :يبدو لي أنك لست ساخًر ا تماًما ي::ا س::يد بول::در»" .
يبدو هذا بالنس:بة لي وكأن::ه حال::ة حقيقي::ة ".لم::اذا يجب على ه::ذا الرج::ل ،المزده::ر،
المتزوج السعيد والمح::ترم ،أن يخت::ار فج::أة التخلي عن ك::ل ش::يء؟ أعلم أن هف::وات
الذاكرة هذه تحدث بالفعل ،وأن الرجال يجدون أنفسهم بال اسم ،أو تاريخ ،أو منزل.
69
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
قال السيد بولدر «أوه ،الغامون والجالب!»" .إنها القبرات التي يبحثون عنه::ا".
هناك الكثير من التعليم في الوقت الحاض::ر ،يع::رف الرج::ال عن فق::دان الق::درة على
الكالم ،ويستخدمونها كذريعة ،والنساء حكيمات أيضًا.
ينظرون إليك في عينيك عندما ينتهي األمربطريقة علمية كما تري:د ،ويقول:ون" :لق:د
نّو مني مغناطيسًيا" .وهكذا تحول السيد بولدر عن كالمه ،لكنه لم يس::اعدني بتعليقات::ه
وفلسفته .وصلنا إلى نيويورك حوالي الس:اعة العاش:رة ليًال .ركبت س:يارة أج::رة إلى
أحد الفنادق ،وكتبت اس:مي "إدوارد بينكه:امر" في الس:جل .وبينم:ا كنت أفع:ل ذل:ك،
شعرت بأن طفوًا رائعًا ،ووحشيًا ،ومسكرًا يغمرني -شعور بالحرية غير المحدودة،
واإلمكانيات ال::تي تم تحقيقه::ا ح::ديًث ا ،لق::د ول::دت للت::و في الع::الم ،وانكس::رت القي::ود
القديمة -مهما كانت -من يدي وق::دمي .ك:ان المس:تقبل أم:امي طريقً:ا واض::حًا مث:ل
الطريق الذي يدخله طفل رضيع ،ويمكنني أن أبدأ فيه مزودًا بتعلم اإلنسان وخبرته.
اعتقدت أن موظف الفندق نظر إلي لم::دة خمس ث::واني ،فلم يكن ل::دي أي أمتع::ة.
قلت« :اتفاقية تجار المخدرات»" .لقد فشل صندوقي بطريقة م::ا في الوص::ول ".لق::د
سحبت لفة من المال.
قال وهو ُيظهر سنًا المع::ة :نعم!'« :ل::دينا ع::دد ال ب::أس ب::ه من المن::دوبين الغرب::يين
ال::ذين يتوقف::ون هن:ا ».ثم ض::رب الج::رس للص::بي ،لق::د ح::اولت إض::فاء الل::ون على
دوري.
قلت« :هن::اك حرك::ة مهم::ة س::يرًا على األق::دام بينن::ا نحن الغرب::يين ،فيم::ا يتعل::ق
بالتوص::ية المقدم::ة إلى الم::ؤتمر ب::أن يتم االحتف::اظ بالزجاج::ات ال::تي تحت::وي على
ترترات األنتيمون والبوتاس ،وترترات الصوديوم والبوتاس ،في مكان متجاور على
الرف'.
قال الموظ::ف على عج::ل « :إلى الثالث::ة والرابع::ة عش::ر س::يدي ».لق::د تم نقلي
بعيًد ا إلى غرفتي.
اشتريت صندوًقا ومالبًسا في اليوم التالي ،وب::دأت أعيش حي::اة إدوارد بينكه::امر.
لم أفرض ضرائب على عقلي بمحاوالت حل مشاكل الماضي ،لقد كان كأًسا الذًع ا،
ومتألًق ا رفعته المدينة الجزي::رة العظيم::ة إلى ش::فتي ،ش::ربت من::ه ش::اكرًا .إن مف::اتيح
مانهاتن ملك لمن يستطيع أن يحملها ،عليك أن تكون إم::ا ض::يف المدين::ة ،أو ض::حية
لها.
70
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
كانت األيام القليلة التالية كالذهب والفضة .لقد عرف إدوارد بينكه::امر ،ال::ذي يع::د
حتى والدته بالساعات فقط ،الفرحة النادرة المتمثلة في رؤية عالم كامل ،وغير مقي::د
على هذا النحو ،ثم جلست منبهًر ا بالسجاد الس::حري الموج::ود في المس::ارح وح::دائق
األس::طح ،وال::ذي ك::ان ينق::ل الم::رء إلى أراٍض غريب::ة ،ومبهج::ة مليئ::ة بالموس::يقى
المرحة ،والفتي::ات الجميالت ،والمحاك::اة الس::اخرة الغريب::ة ،والمبذج::ة للبش::رية .لق::د
ذهبت هنا وهناك بإرادتي العزيزة ،دون حدود للمكان ،أو الزمان ،أو السلوك.
تن::اولت العش::اء في مالهي غريب::ة ،على ط::اوالت أك::ثر غراب::ة ،على أنغ::ام
الموس:يقى المجري:ة ،والص::يحات الجامح::ة للفن:انين ،والنح::اتين الزئبق::يين .أو ،حيث
ترتج::ف الحي::اة الليلي::ة في ال::وهج الكهرب::ائي مث::ل ص::ورة حركي::ة ،وقبع::ات الع::الم
ومجوهراته ،ومن يرتدونهم ،والرج::ال ال::ذين يجعل::ون ه::ذه األش::ياء الثالث::ة ممكن::ة،
يقابلون بالبهجة الرائعة ،والتأثير المذهل .و تعلمت شيًئ ا واحًد ا لم أكن أعرفه من قبل
من بين ك:ل ه::ذه المش:اهد ال::تي ذكرته:ا ،وهي أن االتفاقي:ة هي ال::تي تحم:ل مفت:اح
الحرية ،وليس الرخصة .،لدى كوميتي بوابة رسوم يجب علي::ك ال::دفع عن::دها ،وإال
فال يج::وز ل::ك ال::دخول إلى أرض الحري::ة .في ك::ل ه::ذا ال::بريق ،واالض::طراب
الظاهري ،واالستعراض ،والتخلي ،رأيت هذا القانون ،غير مزعج ،ولكنه يسود مثل
الحديد .ولهذا يجب عليك في مانهاتن أن تطيع هذه القوانين غ::ير المكتوب::ة ،وعن::دها
ستكون أكثر حرية من األحرار ،وإذا رفضت االلتزام بها ،فإنك ستضع األغالل.
عندما ك::ان م::زاجي يحث::ني ،في بعض األحي::ان ،كنت أبحث عن غ::رف النخي::ل
الفخمة ال:تي تغمغم به:دوء ،وال:تي تف:وح منه:ا رائح:ة الحي:اة النبيل:ة ،وض:بط النفس
الرقي::ق ،حيث أتن::اول العش::اء .وكنت أن::زل م::رة أخ::رى ،إلى المم::رات المائي::ة في
البواخر المكتظة بالموظف::ات وفتي::ات المت::اجر الص::اخبات ،أنيق::ات المظه::ر ،وغ::ير
مراقبات ،الالتي يمارسن الحب من أجل ملذاتهن الفجة على شواطئ الجزيرة .وكان
هن::اك دائًم ا ب::رودواي -ب::رودواي الالمع::ة ،والفخم::ة ،والم::اكرة ،والمتنوع::ة،
والمرغوبة -التي تنمو على المرء مثل عادة األفيون.
بعد ظهر أحد األيام ،عندما دخلت الفندق ،اعترض ط:ريقي رج::ل ب:دين ذو أن:ف
كبير وشارب أسود ،وعندما كنت سأمر من حوله ،استقبلني بألفة هجومي::ة ،وص::رخ
بصوت عال« :مرحبًا بيلفورد!»" .ما الذي تفعله في نيوي:ورك؟" لم أكن أعلم أن أي
شيء يمكن أن يسحبك بعيًد ا عن عرين الكتب الق::ديم الخ::اص ب:ك .ه::ل الس:يدة "بي"
موجودة أم أن هذا عمل صغير تديره وحدها ،ها؟
71
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
قلت ببرود وأطلقت يدي من قبضته" :لقد ارتكبت خطًأ يا س::يدي "،س::وف تع::ذرني.
"اسمي بينكهامر ".سقط الرجل على جانبه ،ويبدو أنه مندهش ،وبينما كنت أسير إلى
مكتب الكاتب سمعته ينادي عامل الجرس ويقول شيًئ ا عن فراغات التلغراف.
قلت للموظف« :سوف تعطي::ني ف::اتورتي ،وس::تقوم ب::إنزال أمتع::تي خالل نص::ف
ساعة ».ال يهمني أن أبقى حيث يزعجني رجال الثقة».
انتقلت بعد ظهر ذلك اليوم إلى فندق آخر ،فندق هادئ قديم الطراز يقع في الج::ادة
الخامسة السفلية.
كان هناك مطعم على بعد مسافة قصيرة من برودواي ،حيث يمكن تق::ديم الطع::ام
في اله::واء الطل::ق تقريبً::ا ،وس::ط مجموع::ة اس::توائية من النبات::ات ،إذ أن اله::دوء،
والفخامة ،والخدمة المثالية جعلت منه مكانًا مثالًيا لتناول الغ::داء أو المرطب::ات .كنت
هناك بعد ظه::ر أح::د األي::ام ،أش::ق ط::ريقي إلى طاول::ة بين نبات::ات الس::رخس عن::دما
شعرت بأن أكمامي قد علقت.
صاح بصوت حلو بشكل مثير للدهشة 'السيد .بيلفورد!»..
التفتت بسرعة ألرى سيدة تجلس بمفرده::ا ،س::يدة في الثالثين من عمره::ا تقريًب ا،
ذات عيون جميلة للغاية ،نظرت إلي كما لو كنت صديقها العزيز جًد ا.
قالت متهمة" :كنت على وشك تجاهلي"' .ال تقل لي أنك ال تعرفني .لم::اذا ال ينبغي
لنا أن نتصافح – مرة واحدة على األقل كل خمسة عشر عاما؟
لقد صافحتها في الحال ،اس:تدعيت بح:اجبي ن:اداًل يح:وم ،ثم أخ:ذت كرسً:يا مقابله:ا
على الطاولة ،كانت السيدة تغازل ثلًج ا برتقالًيا .طلبت مشروبًا اس::مه ك::ريم النعن::اع.
كان شعرها برونزيًا محمرًا ،وال تسنح لك فرص::ة النظ::ر إلي::ه؛ ألن::ك ال تس::تطيع أن
تنظر بعيدًا عن عينيها؛ ولكن::ك تدرك::ه كم::ا ت::درك غ::روب الش::مس وأنت تنظ::ر إلى
أعماق الغابة عند الشفق.
سألت" :هل أنت متأكدة أنك تعرفينني؟"
قالت مبتسمة« :ال ،لم أكن متأكدة من ذلك أبدًا».
قلت بقل::ق قلي::ل« :م::ا رأي::ك إذًا ،إذا أخبرت::ك أن اس::مي إدوارد بينكه::امر ،من
كورنوبوليس ،كانساس».
كررت بنظرة مرحة" :ماذا أعتقد؟" «لماذا ،بالطبع ،لم تحضر السيدة بيلفورد مع::ك
إلى نيويورك ،أتمنى لو أنك قد فعلت هذا ،كنت أود أن أرى ماريان.
انخفض صوتها قلياًل –
72
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
شعرت بعينيه::ا الرائع::تين تبحث::ان عن وجهي وعن كثب" .أنت لم تتغ::ير كث::يًر ا ي::ا
إلوين".
عدلت قائلة« :نعم ،لقد فعلت ذلك» ،وكانت هناك نغمة ناعم::ة ومبهج::ة في أح::دث
نغماته::ا؛ 'لق::د الحظت ذل::ك ،أنت لم تنس ،لم تنَس لم::دة ع::ام أو ي::وم أو س::اعة .لق::د
أخبرتك أنك لن تستطيع ذلك أبدًا.
لقد قمت بدس ماصتي بفارغ الصبر في كريم النعناع.
قلت " ،متأكد من َع ذرك لي "،وقد شعرت ببعض االنزع::اج من نظراته::ا ،ولكن
هذه هي المشكلة فقط ،لقد نسيت ،لقد نسيت كل شيء.
لقد انتهكت إنكاري ،وض::حكت بش:كل لذي::ذ على ش::يء ب::دا أنه::ا ت::راه في وجهي،
وتابعت" :لقد سمعت عنك في بعض األحيان"" .أنت محاٍم كب::ير ج ً:د ا في الغ::رب ي::ا
دنفر ،أليس كذلك ،أو لوس أنجلوس؟" يجب أن تكون ماريان فخورة جًد ا بك ،أعتق::د
أنك تعلم أنني تزوجت بعد ستة أشهر من زواجك.
ربما تكون قد رأيت ذلك في الصحف ،الزهور وحدها تكلف ألفي دوالر.
وقد ذكرت خمسة عشر عام ،خمسة عشر عاما هي فترة طويلة.
سألت بخجل إلى حد ما« :هل سيكون الوقت قد فات ألقدم لك التهاني؟»
أجابتني بجرأة ش::ديدة ،جعلت::ني أص::مت" :ليس إذا كنت تج::رؤ على فع::ل ذل::ك"،
وبدأت في تجعد األنماط على القماش بأظفر إبهامي.
قالت وهي تمي::ل نح::وي بلهف::ة" :أخ::برني بش::يء واح::د -ش::يء أردت أن أعرف::ه
لسنوات عديدة -فقط من فضول الم::رأة ب::الطبع -ه::ل تج::رأت من::ذ تل::ك الليل::ة على
اللمس أو الشم أو النظر؟ عند ال::ورد األبيض – عن::د ال::ورد األبيض المبل::ل ب::المطر
والندى؟
أخذت رشفة من ك::ريم النعن::اع ،وقلت وأن::ا أتنه::د:أعتق::د أن::ه س::يكون بال ج::دوى،
تكرار أنني ال أتذكر هذه األشياء مطلقًا ،ذاكرتي مخطئ::ة تماًم ا ،ال أحت::اج أن أق::ول
كم أنا نادم على ذلك».
أس::ندت الس::يدة ذراعيه::ا على الطاول::ة ،واحتق::رت عيناه::ا كلم::اتي م::رة أخ::رى،
وذهبت مسافرة في طريقها الخاص مباشرة إلى روحي.
ضحكت بهدوء ،بصوت غريب؛ ك::انت ض::حكة س::عادة ،نعم ،وض::حكة مض::مونة،
وبائسة ،وقدحاولت أن أنظر بعيدًا عنها.
تنفست بسعادة" :أنت تكذب يا إلوين بيلفورد" "،نعم ،أنا أعلم أنك تكذب!"
لقد حدقت في السرخس.
73
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
فقلت« :اسمي إدوارد بينكهامر» .لقد جئت م::ع المن::دوبين إلى الم::ؤتمر الوط::ني
لتجارالعق::اقير .هن::اك حرك::ة على األق::دام ل::ترتيب موق::ع جدي::د لزجاج::ات ترت::رات
األنتيمون وترترات البوتاس ،والتي من المحتمل جدًا أن ال تحظى به::ا س::وى القلي::ل
من االهتمام'.
توقف النداو الساطع قبل المدخل فقامت السيدة فأخذت يدها ،وانحنيت.
فقلت لها" :أنا آسف بش::دة؛ ألن::ني ال أس::تطيع الت::ذكر" .أس::تطيع أن أش::رح ،ولكن
أخشى أنك لن تفهمي ما سأقول ،ولن تعترفي ببنكهامر؛ وأنا حًق ا ال أس::تطيع تص::ور
الورود واألشياء األخرى مطلقًا».
ق::الت بابتس::امتها الس::عيدة الحزين::ة وهي تص::عد إلى عربته::ا« :وداًع ا ي::ا س::يد
بيلفورد».
لق::د حض::رت المس::رح في تل::ك الليل::ة ،وعن::دما ع::دت إلى الفن::دق ،وبطريق::ة
سحرية ،ظهر بجانبي رجل هادئ يرتدي مالبس داكنة ،وقد بدا مهتمًا بف::رك أظ:افره
بمنديل حريري.
قال بإهمال ،معطيًا الجزء األكبر من اهتمامه لسبابته' :سيد" .بينكه::امر" ، "،ه::ل لي
أن أطلب منك التنحي جانبًا معي إلجراء محادثة قصيرة؟" هناك غرفة هنا.
أجبت" :بالتأكيد."،
قادني إلى صالة صغيرة خاصة ،حيث كانت هناك سيدة ورج::ل نبي::ل .وخمنت أن
السيدة كانت ستبدو عادة حس::نة المظه::ر ،ل::وال أن مالمحه::ا لم يغش::اها تعب::ير القل::ق
الش::ديد والتعب .لق::د ك::ان لمظهره::ا ش::كله الخ::اص ،وتمتل::ك ألواًن ا ومالمح تناس::ب
خي::الي ،وك::انت ترت::دي ث::وب الس::فر .لق::د رمقت::ني بنظ::رة ج::ادة من القل::ق الش::ديد،
وضغطت بيدها غير المستقرة على صدرها .أعتقد أنها ك::انت س::تبدأ بي ،لكن الس::يد
أوقف حركتها بحركة يده المسيطرة ،ثم جاء بنفسه لمقابلتي .كان رجًال في األربعين
من عمره ،ورمادي اللون قليًال عند صدغيه ،وذو وجه قوي ومفكر.
قال بحرارة « :أيها الرجل العجوز بيلفورد ،أنا سعيد برؤيتك مرة أخرى».
نحن نعلم بالطبع أن كل شيء على ما يرام .لق::د ح::ذرتك ،كم::ا تعلم ،أن::ك تب::الغ في
األمر .ستعود معنا اآلن ،وستصبح على طبيعتك مرة أخرى في وقت ال يذكر.
ابتسمت بس::خرية ،وقلت« :لق::د كنُت أع::اني من «بيلف::ورد» كث::يرًا ،وق::در خ::رج
األمر عن حده ».ومع ذلك ،قد يصبح األمر مرهًقا في النهاية ،هل ترغب في قب::ول
الفرضية القائلة بأن اسمي هو إدوارد بينكهامر ،وأنني لم أرك من قبل في حياتي؟»
74
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
وقبل أن يتمكن الرجل من الرد ،جاءت ص::رخة عوي::ل من الم::رأة ،وق::د قف::زت
عبر ذراعه المحتجزة .صرخت ،وهي تلقي بنفسها علي ،وتمسك بي بقوة" :إل::وين!"
وصرخت مجدًد ا« :إلوين ،ال تكسر قلبي ».أن::ا زوجت::ك -ق::ل اس::مي م::رة واح::دة -
مرة واحدة فقط! أستطيع أن أراك ميتًا ،بدال من هذه الطريقة.
قمت بفك ذراعيها باحترام ،ولكن بحزم ،وقلت بص::رامة« :س::يدتي ،اع::ذريني إذا
أخبرتك أنك قبلت التش::ابه بينن::ا بس::رعة قليًال" ».من المؤس::ف "،واص::لت ض::حكتي
المسلية ،عندما خطرت لي هذه الفكرة" ،من المؤس::ف أن::ني وبيلف::ورد ه::ذا ،ال يمكن
أن نبقى جنًب ا إلى جنب على نفس ال::رف مث::ل ترت::رات الص::وديوم ،واألن::تيمون،
بغ::رض تحدي::د الهوي::ة" .اختتمت بس::خرية" ،لكي تفهم اإلش::ارة" "،ق::د يك::ون من
الضروري بالنسبة لك أن تراقب إجراءات المؤتمر الوطني لتجار العقاقير".
التفتت السيدة إلى رفيقها ،وأمسكت بذراعه شاكية« :ما األم::ر ي::ا دكت::ور فول::ني؟
سحقًا ،ما هذا؟
لق::د قاده::ا إلى الب::اب ،وس::معته يق::ول" :اذه::بي إلى غرفت::ك لبعض ال::وقت" ،س::أبقى
وأتحدث معه .هل سيمانع؟ ال ،ال أعتقد ذلك ،فق:ط ج:زء من ال:دماغ ،نعم ،أن:ا متأك:د
من أنه سوف يتعافى ،اذهبي إلى غرفتك واتركيني معه.
اختفت السيدة .كما خرج الرجل ذو المالبس الداكنة إلى الخارج ،وال ي::زال يق::وم
بشذب نفسه بطريقة مدروسة ،أعتقد أنه انتظر في القاعة.
ق::ال الس::يد ال::ذي بقى« :أود أن أتح::دث مع::ك لبعض ال::وقت ،س::يد بينكه::امر ،إذا
سمحت لي بذلك».
أجبته« :حسًن ا جًد ا ،إذا كنت تهتم بذلك ،وسوف تع::ذرني إذا أخ::ذت األم::ر براح::ة
أكثر؛ أنا متعب إلى حد ما ،وتمددت على األريك:ة بج:وار الناف:ذة وأش:علت س:يجارًا.
وسحب كرسًيا بالقرب مني.
قال بهدوء" :دعنا نتحدث عن هذه النقطة"" ،اسمك ليس بينكهامر.
" قلت ببرود" :أنا أعرف ذلك مثلك تماًما" .ولكن يجب أن يكون للرجل اسم م::ا،
ويمكنني أن أؤكد ل::ك أن:ني ال أب:الغ في إعج::ابي باس:م بينكه:امر ،ولكن عن:دما يق::وم
المرء بتعميد نفسه فجأة ،فإن األس::ماء الجميل::ة ال تب::دو أنه::ا تش::ير إلى نفس::ها ،ولكن
لنفترض أنه كان شيرينغهاوزن أو سكروغينز! أعتقد أنني قمت بعم:ل جي:د جً:د ا م:ع
بينكهامر.
قال الرجل اآلخر بجدي::ة« :اس::مك ه::و إل::وين س::ي .بيلف::ورد ».أنت من أوائ::ل
المحامين في دنفر ،إنك تعاني من نوبة فق:دان الق:درة على الكالم ،مم:ا جعل:ك تنس:ى
75
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
هويتك ،وك::ان الس::بب في ذل::ك ،ه::و اإلف::راط في العم::ل ،وربم::ا الحي::اة الخالي::ة من
الترفيه والملذات الطبيعية .السيدة التي غادرت الغرفة للتو هي زوجتك».
قلت بعد توقف قضائي« :إنها ما يمكن أن أس::ميه ام::رأة جميل::ة المظه::ر»" .أن::ا
معجب بشكل خاص بظل اللون البني في شعرها" ".إنها نعم الزوج::ة .لم ي::رف له::ا
جفن منذ اختفائك ،وبالكاد استطاعت ذلك ،منذ ما يقرب من أسبوعين.
علمن::ا أن::ك كنت في نيوي::ورك من خالل برقي::ة أرس::لها رج::ل مس::افر من دنف::ر،
وهو إيزيدور نيومانقال ،لقد التقى بك في فندق هنا ،وأنك لم تتعرف عليه.
قلت" :أعتق::د أن::ني أت::ذكر ه::ذه المناس::بة" ،وإذا لم أكن مخطًئ ا ،فق::د ن::اداني ذل::ك
الرجل بـ«بيلفورد» ،ولكن أال تعتقد أن الوقت قد حان اآلن لتقدم نفسك؟
"أنا روبرت فولني -دكت::ور فول::ني ".لق::د كنت ص::ديقك المق::رب لم::دة عش::رين
عامًا ،وطبيبك لمدة خمسة عشر عامًا ،ولقد جئت مع السيدة بيلفورد؛ لتتبع::ك بمج::رد
حصولنا على البرقية .حاول يا إلوين ،أيها الرجل العجوز – حاول أن تتذكر!
سألت مع عبوس قليال ":وم::ا الفائ::دة من المحاول::ة!"" .أنت تق::ول أن::ك ط::بيب ".ه::ل
الحبسة قابلة للشفاء؟ عندما يفقد اإلنسان ذاكرته ،هل تعود ببطء أم فجأة؟
"أحياًن ا بشكل تدريجي وغير كامل؛ وفي بعض األحيان تعود فجأة كما ذهبت.
سألت« :هل ستتولى عالج حالتي يا دكتور فولني؟».
قال« :يا صديقي القديم ،سأبذل كل ما في وسعي ،وسأفعل كل م::ا يمكن أن يفعل::ه
العلم لعالجك».
قلت« :حسًن ا جًد ا ،إذًا ستعتبرني مريضك ».كل ش::يء أص::بح موض::ع ثق::ة اآلن -
الثقة المهنية.
قال الدكتور فولني« :بالطبع».
نهضت من األريكة ،ك::ان أح::دهم ق::د وض::ع مزهري::ة من ال::ورود البيض::اء على
الطاولة الوسطى -مجموعة من الورود البيض::اء المنث::ورة ح::ديثًا والعط::رة ،رميتهم
بعيًد ا من النافذة ،ثم استلقيت على األريكة مرة أخرى.
قلت« :سيكون من األفضل يا بوبي أن يحدث العالج فج::أة ».لق::د س::ئمت من ك::ل
ذلك .على أية ح::ال ،يمكن::ك ال::ذهاب اآلن وإحض::ار ماري::ان .قلت م::ع تنهي::دة ،وأن::ا
أركله على ساقه ":ولكن ،يا دكتور " -حسًن ا يا دكتور ،لقد كان رائًعا!"
76
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
- يتحدى كل منهم اآلخر،
،أتى الفخر من أعماق جبالها
التي أتت من أعباء شاطئها
.ر .كيبلينج
لنقل أنك تتخيل رواية عن شيكاغو ،أو بوفالو ،أو ناشفيل ،أو تينيسي! هناك ثالث مدن كبرى فقط في
الواليات المتحدة تعتبر "مدن الحكايات" -بالطبع ،نيويورك ،ونيو أورليانز ،واألفضل منها ،سان
فرانسيسكو - .فرانك نوريس.
لديهم بالطبع تفاصيل لسبب والئهم لمدينتهم ،فالمناخ حجة جيدة تطرحها لنصف
ساعة بينما تفكر في فواتير الفحم ،ومالبسك الداخلية الثقيلة ،ولكن يأتيهم
الجنون ،بمجرد أن يظنوا أن صمتك هو اإلدانة ،ويتصورون مدينة البوابة الذهبية،
أنها بغداد العالم الجديد .ليس هناك حتى اآلن على سبيل الرأي ،حاجة للتفنيد ،ولكن
يا أبناء العمومة األعزاء جميعًا (من نسل آدم وحواء) ،من المتهور أن يضع أحد
إصبعه على الخريطة ويقول " :ال يمكن أن تكون في هذه المدينة هناك قصة حب -
ماذا يمكن أن يحدث هنا؟" نعم ،إنه عمل جريء ومتهور أن تتحدى التاريخ
والرومانسية وراند وماكنالي بجملة واحدة.
مدينة ناشفيل هي مدينة ،وميناء التسليم ،وعاصمة والية تينيسي ،تقع على نهر كمبرالند ،وعلى خطوط
السكك الحديدية إل.سي ،وإس تي.إل ،وإل آند إن .وتعتبر هذه المدينة أهم مركز تعليمي في الجنوب.
نزلت من القطار الساعة الثامنة مساًء ،بعد أن بحثت في قاموس المرادفات عبًث ا
عن الصفات ،وجعلني أقارن في شكل وصفه بدًال من هذا.
كان قاموس المرادفات خليط من :ثالثون جزءًا من ضباب لندن؛ عشرة أجزاء من
المالريا؛ عشرون جزءًا من تسرب الغاز؛ خمسة وعشرون جزًءا من قطرات الندى
77
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
المتجمعة في الطوب عند شروق الشمس ،؛ خمسة عشر جزءًا من رائحة زهر
العسل.
سيعطيك الخليط تصوًر ا تقريبيًا لرذاذ ناشفيل .إنها ليست عطرة مثل كرة العثة،
وال ثخينة مثل حساء البازالء؛ ولكن هذا يكفي -سوف يخدم هذا.
ذهبت إلى فندق في تمبريل ،وقد تطلب مني األمر قمعًا ذاتيًا قويًا؛ حتى أتمكن من
عدم التسلق إلى قمته ،وتقليد كارتون سيدني .تم رسم السيارة في أحداث الكرتون،
بواسطة وحوش من عصر مضى ،ويقودها شيء مظلم ومتحرر.
لقد كنت نعسًا ،ومتعبًا ،لذا ،عندما وصلت إلى الفندق دفعت له مبلغ الخمسين
سنًت ا الذي طلبه على عجل (مع مبلغ تقريبي من البقشيش ،أؤكد لك ذلك) .عرفت
عادات المدينة؛ ولم أرغب في سماعه يتحدث عن "سيده" السابق ،أو أي شيء حدث
قبل الحرب.
كان الفندق من النوع الذي يوصف بأنه جدد ،وهذا يعني ،أنه استحق عشرون
ألف دوالرًا ،من األعمدة الرخامية الجديدة ،والبالط ،واألضواء الكهربائية،
والمباخر النحاسية في الردهة ،وجدول زمني جديد لـقطار ،L. & Nوالطباعة
الحجرية لـ Lookout Mountainفي كل واحدة من الغرف الرائعة في الفندق.
كانت إدارة الفندق خالية من العتاب ،وكان االهتمام مليًئ ا بالمجاملة الجنوبية الرائعة،
والخدمة بطيئة كحركة الحلزون ،وجيدة كريب فان وينكل ،وكان الطعام يستحق
السفر أللف ميل من أجله.
ال يوجد فندق آخر في العالم حيث يمكنك الحصول على العشاء على كبد ال::دجاج في
البروشيت ،سألت ناداًل زنجيً:ا إذا ك::ان هن::اك أي ش::يء يفعل::ه في المدين::ة ،لق::د فك::ر
بجدية لمدة دقيقة ،ثم أجاب« :حسًن ا ،أيها الرئيس ،ال أعتق::د حق ً:ا أن هن::اك أي ش::يء
يمكن القيام به على اإلطالق بعد غروب الشمس».
لقد غربت الشمس ،وغرقت في قطرات المطر من فترة طويلة؛ لذلك تم رفض
هذا المشهد بالنسبة إلي .لكنني خرجت إلى الشوارع تحت المطر ألرى ما قد يك::ون
هناك.
إنه مبني على أسس تموجية ،وتتم إنارة الشوارع بالكهرباء بتكلفة 32470دوالرًا سنويًا.
ح::دثت أعم::ال ش::غب عرقي::ة عن::دما غ::ادرت الفن::دق .لق::د ه::اجمتني مجموع::ة من
األح::رار ،أو الع::رب ،أو الزول::و ،مس::لحين بـ -ال ،لق::د رأيت بوض::وح أنه::ا لم تكن
78
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
بنادق ،بل سياطًا ،ورأيت بشكل خافت قافلة من المركب::ات الس::وداء الخرق::اء؛ وعن::د
الصراخ المطمئن" :اذهب إلى أي مكان في المدينة ،أيها ال::رئيس ،بخمس::ين س:نًت ا"،
اعتقدت أنني مجرد "أجرة" وليس ضحية .مشيت عبر ش::وارع طويل::ة ،كله::ا ت::ؤدي
إلى أعلى التل .تساءلت كيف سقطت تلك الشوارع مرة أخرى ،ربم::ا لم يفعل::وا ذل::ك
حتى تم "تصنيفهم" .رأيت في عدد قليل من "الشوارع الرئيسية" أضواء في المتاجر
هنا وهناك؛ ورأيت سيارات الشوارع وهي تنقل مواطنين من علية القوم هنا وهناك؛
ورأيت أشخاصًا يمرون منخ::رطين في فن المحادث::ة ،وس::معت ض::حكة ش::به مفعم::ة
بالحيوية تصدر من صالة بيع المشروبات الغازية واآليس كريم ،ويبدو أن الش::وارع
غير "الرئيسية" ق::د أغ::رت على ح::دودها من::ازل مكرس::ة للس::الم والحي::اة المنزلي::ة،
وكانت األضواء في كثيرمنها ،تسطع خلف ظالل النواف::ذ المرس:ومة بح::ذر؛ وك:انت
ترن موسيقى منظمة في عدد قليل من آالت البيانو ال يمكن إصالحها ،وفي الواقع لم
يكن هناك سوى القليل من "العمل" .تمنيت لو أتيت قبل غروب الشمس؛ لذلك ع::دت
إلى فندقي .في نوفمبر عام 1864م ،تقدم الج::نرال الكونف::درالي ه::ود ض::د ناش::فيل،
حيث أغلق قوة وطنية بقيادة الج::نرال توم::اس ،ثم انطل::ق األخ::ير وه::زم الحلف::اء في
صراع رهيب ،لقد س::معت ط::وال حي::اتي عن مه::ارة الجن::وب في الرماي::ة الرائع::ة،
وأعجبت بها ،وشهدت عليه::ا في ص::راعاته الس::لمية في من::اطق مض::غ التب::غ؛ ولكن
المفاج::أة ك::انت تنتظ::رني في فن::دقي ،إذ ك::ان هن::اك في الرده::ة الكب::يرة اث::نى عش::ر
مبخرًا ،نحاسيًا ،ساطعًا ،وجديدًا ،ومهيبًا ،وواسعًا ،طويل::ون بم::ا يكفي ليتم تس::ميتهم
بالجرار ،وواسعي الفم لدرجة أنه كان ينبغي أن تكون جرة فريق البيسبول للسيدات،
قادرة على رمي الكرة في واحدة منها ،على بع::د خمس خط::وات بعي::دًا .ولكن ،على
الرغم من أن المعركة الرهيبة ك::انت ال ت::زال مس::تعرة ،إال أن الع::دو لم يع::اني ،ب::ل
وقفوا مشرقين ،وجديدين ،ومهيبين ،وواسعين ،ولم يمسهم أحد.
لكن ظالل جيفرسون بريك! أرضية البالط -أرض::ية البالط الجميل::ة! لم أس::تطع
تجنب التفكير في معركة ناشفيل ،ومحاولة استخالص بعض االس::تنتاجات ،كم::ا هي
عادتي الحمقاء ،حول الرماية الوراثية .هنا رأيت ألول مرة الرائد (بمجاملة في غير
محلها) وينتوورث كاسويل .لقد عرفته نوعًا ما في اللحظة التي عانت فيها عيني من
رؤيته .ق:ال ص:ديقي الق:ديم ،أ .تينيس:ون":ليس للف:ئران م:وطن جغ:رافي" .كم:ا ق:ال
بشكل جيد كل شيء تقريبًا:
79
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
لنعتبر أن كلمة "بريطانية" بمثابة إعالن قابل للتبديل ،وأن الفأرهو فأر.
كان هذا الرجل يتصيد في بهو الفندق مثل كلب جائع نسي المكان الذي دفن فيه عظمته.
كان وجهه ممتدًا على مساحة كبيرة ،وأحمر اللون ،وكثيفًا ،وله نوع من الضخامة الهادئة مثل
وجه بوذا ،كان يمتلك فضيلة واحدة ،وهي أنه يحلق شعره بسالسة شديدة .وال تمحى سمة
الوحش من اإلنسان حتى يحلق لحيته .أعتقد أنه لو لم يستخدم ماكينة الحالقة في ذلك اليوم،
لكنت قد صدت تقدمه ،ولكان التقويم اإلجرامي للعالم قد تجنب إضافة جريمة قتل واحدة.
لقد صادف أنني كنت أقف على بعد خمسة أقدام من مبصقة عندما أطلق الرائد كاسويل
النار عليها ،لقد كنت شديد المالحظة بما يكفي ألدرك أن القوة المهاجمة كانت تستخدم بنادق
جاتلينج بدًال من بنادق السنجاب؛ لذا فقد انحرفت بسرعة كبيرة ،لدرجة أن الرائد اغتنم
الفرصة لالعتذار لشخص غير مقاتل ،وكانت له الشفاه الثرثارة ،حيث أصبح صديقي في أربع
دقائق ،ثم سحبني إلى الحانة.
لقد كنت أرغب في أن أشير هنا إلى أنني جنوبي ،لكنني لست واحدًا من حيث المهنة أو
التجارة .فأنا أتجنب ربطة العنق ،والقبعة المترهلة ،واألمير ألبرت ،وعدد حزم القطن التي
دمرها شيرمان ،ومضغ العلكة ،وال أبتهج عندما تعزف األوركسترا ديكسي .انزلقت قليًال على
المقعد ذو الزاوية الجلدية ،حسًن ا ،طلبت وسبرجر آخر ،وأتمنى أن يكون Longstreetلديهم
أيضًا ،ولكن ما الفائدة؟ ضرب الرائد كاسويل الطاولة بقبضته ،وقد سمع صدى أول رصاصة
في فورت سمتر ،بدأت أشعر باألمل عندما أطلق آخر رصاصة على أبوماتوكس ،لكنه بدأ
بعد ذلك بدراسة شجرة العائلة ،وأثبت أن آدم لم يكن سوى ابن عم ثالث لفرع ثانوي من عائلة
كاسويل .لقد تخلص من علم األنساب ،وتولى هو ما أكرهه ،وهو شؤون عائلته الخاصة .لقد
تحدث عن زوجته ،وتتبع نسبها إلى حواء ،ونفى بفظاظة ،أي شائعة محتملة ،بأنها ربما كانت
لها عالقات في أرض نود ،وبدأت أشك بحلول هذا الوقت ،في أنه كان يحاول إخفاء حقيقة
طلبه المشروبات من خالل الضوضاء ،على أمل أن أشعر بالحيرة عند دفع ثمنها ،ولكن عندما
سقطوا مغشيين ،اصطدم دوالر فضي على الطاولة ،مصدرًا صوتًا عاليًا ،ثم بالطبع ،يوجد
حصة إلزامية أخرى ،وعندما دفعت ثمن ذلك ،تركته بفظاظة؛ ألنني لم أرغب في المزيد منه.
لكن قبل أن أفرج عني ،تحدث بصوت عاٍل عن الدخل الذي تتلقاه زوجته ،وأظهر لي حفنة من
النقود الفضية.
عندما حصلت على مفتاحي على المكتب ،قال لي الموظف بلطف« :إذا كان ذلك الرجل
كاسويل قد أزعجك ،وترغب في تقديم شكوى ،فسنطرده" ».إنه مصدر إزعاج ،ومتسكع،
وليس لديه أي وسيلة دعم معروفة ،على الرغم من أنه يبدو أنه يمتلك بعض المال في معظم
األوقات ،ولكن ال يبدو أننا قادرون على التوصل إلى أي وسيلة لطرده بشكل قانوني".
قلت بعد بعض التفكير« :لماذا ،ال؟» ال أرى طريقي واضًح ا لتقديم شكوى ،لكني أود
تسجيل نفسي على أنني أؤكد أنني ال أهتم بشركته.
80
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
وتابعت كالمي" :يبدو أن مدينتك مدينة هادئة ،ما هي طريقة الترفيه ،أو المغامرة ،أو
اإلثارة التي يمكنك تقديمها للغريب الموجود داخل بواباتك؟».
قال الموظف« :حسًن ا يا سيدي ،سيكون هناك عرض هنا يوم الخميس القادم .إنه -سأبحث
عنه وأرسل اإلعالن إلى غرفتك مع الماء المثلج ،طاب مساؤك'.
بعد أن صعدت إلى غرفتي نظرت من النافذة ،وكانت الساعة حوالي العاشرة فقط؛ لكنني
نظرت إلى مدينة صامتة .استمر رذاذ المطر في الهطول ،متأللئًا بأضواء خافتة ،ومتباعدة
كحبات الكشمش في كعكة تباع في سوق السيدات .قلت لنفسي بينما اصطدم حذائي األول
بسقف ساكن الغرفة التي تحت حذائي" :مكان هادئ""،ال شيء من الحياة هنا يعطي اللون،
والتنوع للمدن في الشرق والغرب ،إنها مجرد مدينة تجارية جيدة وعادية وروتينية».
تحتل ناشفيل مكانة رائدة بين مراكز التصنيع في البالد ،إنه السوق الخامس للبوط ،والحذاء في
الواليات المتحدة ،وأكبر مدينة لتصنيع الحلوى والمفرقعات في الجنوب ،ويقوم بتجارة ضخمة
بالجملة للسلع الجافة والبقالة واألدوية.
يجب أن أخبرك كيف وصلت إلى ناشفيل ،وأؤكد ل::ك أن االس::تطراد يجلب لي نفس الق::در من
الملل كم::ا يس::بب ل::ك .كنت أس::افر إلى مك::ان آخ::ر في وظيف::تي الخاص::ة ،ولكن حص::لت على
عمولة من مجلة أدبية شمالية للتوقف هناك وإقامة عالقة شخصية بين النشر وأح::د المس::اهمين
فيها ،أزاليا أدير .أرسلت أدير (لم يكن هناك أي دليل على الشخصية باستثناء خ::ط الي::د) بعض
المقاالت (الفن المفقود!) والقصائد ،ال::تي جعلت المح::ررين يقس::مون باالستحس::ان خالل مأدب::ة
غداء الساعة الواحدة .لذا فقد كلفوني بجمع أدير المذكور وركن::ه من خالل التعاق::د على إنتاج::ه
بسعر سنتان للكلمة ،قبل أن يعرض عليها ناشر آخر عشرة أو عشرين سنتًا.
وفي الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي ،وبعد أن تناولت كبد ال::دجاج في البروش::يت
(جربها إذا كان بإمكانك العثور على ذلك الفندق) ،انحرفت عن رذاذ المطر ،وقد ك::ان ال ي::زال
مستمًر ا لفترة غير محدودة ،في الزاوية األولى وجدت العم قيصر .لق::د ك::ان زنجيً:ا قويً:ا ،أق::دم
من األهرام::ات ،ذو ص::وف رم::ادي ووج::ه ي::ذكرني ب::بروتوس ،وبع::د ثاني::ة بالمل::ك الراح::ل
سيتوايو.لقد كان يرتدي المعطف األكثر روعة الذي رأيته أو أتوقع رؤيته على اإلطالق ،فه::و
يصل إلى كاحليه ،وكانت ذات لون رمادي كونفدرالي في يوم ما ،ومع تنوع العوام::ل الطبيعي::ة
كالمطر ،والشمس ،والعمر ،كان على وشك أن يبهت معطف يوسف ،بجانبه ،إلى ل::ون أح::ادي
ش::احب .يجب أن أبقى مرت:دًيا ذل::ك المعط::ف؛ ألن األم::ر يتعل::ق بالقص::ة -القص::ة ال::تي ط::ال
انتظارها ،ألنك بالكاد تتوقع حدوث أي شيء في ناشفيل.
كان يجب في مرة من المرات أن يكون المعطف العسكري للض::ابط ،ق::د اختفت عباءت::ه ،
ولكن الجزء السفلي من مقدمته بالكامل كان مزين ً:ا بالض::فادع ،والش::رابات بش::كل رائ::ع ،ولكن
اختفت تلك الضفادع والشرابات اآلن .وبدًال من ذلك ،تم خياط::ة ض::فادع جدي::دة مص::نوعة من
81
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
خيوط القنب الشائعة الملتوية بمهارة (على ما أظن من خالل بعض "األم السوداء" الباقي::ة على
قيد الحياة) .كان هذا الخيط متهالكًا ،وأشعثًا .البد أن::ه أض::يف إلى المعط::ف بتف::اٍن ال طعم ل::ه،
كبديل للروعة المتالشية ،ولكنه مضني؛ ألنه اتبع منحنيات الضفادع المفقودة منذ زمن طوي::ل
بأمانة ،وإلكمال الض::حك ،والش::فقة في الث::وب ،اختفت جمي::ع أزراره باس::تثناء زر واح::د .بقي
الزر الثاني من األعلى وحده ،وتم تثبيت المعطف بخيوط أخ::رى مربوط::ة من خالل الع::راوي
وفتحات أخرى مثقوبة بوقاحة في الج:انب اآلخ:ر .لم يكن هن:اك ق:ط مث:ل ه:ذا الث:وب الغ:ريب
المزخرف بشكل خيالي وبألوان مرقطة كثيرة ،لقد كان الزر الوحيد بحجم نصف دوالرًا ،وه::و
مصنوع من القرن األصفر ومخيط بخيوط خشنة.
وقف هذا الزنجي بجانب عربة قديمة جًد ا لدرجة أن ،جح::ا نفس::ه ربم::ا ق::د يك::ون ب::دأ به::ا
خطًا مخترًق ا بعد أن غادر الفلك م::ع الحي::وانين المرب::وطين به::ا ،وعن::دما اق::تربت ،فتح الب::اب،
وأخرج منفضة غبار جلدية ،ولّو ح بها ،دون أن يستخدمها ،وقال بصوت عميق هادر« :ادخ::ل
مباشرة ،ياس::يدي؛ فهي ال تحت::وي على ذرة غب::ار ،إنه::ا مج::رد ع::ودة من جن::ازة ي::ا س::يدي».
استنتجت أنه في مثل هذه المناسبات االحتفالية يتم تنظيف العربات بش:كل إض:افي .نظ:رت إلى
أعلى ،وأس::فل الش::ارع وأدركت أن::ه لم يكن هن::اك س::وى القلي::ل من الخي::ارات بين المركب::ات
المستأجرة التي تصطف على جانبي الرصيف .لقد بحثت في دفتر م:ذكراتي عن عن:وان أزالي:ا
أدير .قلت" :أريد أن أذهب إلى 861شارع جيس::امين" ،وكنت على وش::ك ال::دخول في عملي::ة
االختراق ،لكن منعتني للحظة ذراع الزنجي العجوز السميكة ،والطويلة ال::تي تش::به الغ::وريال،
أومضت للحظة نظرة مفاجئة من الشك والعداء على وجهه الضخم والكئيب .وبع::د ذل::ك ،وبع::د
أن عاد سريًع ا إلى اإلدانة ،سأل ببرود« :ما سبب وجودك هناك أيها الرئيس؟» ما ه:ذا بالنس:بة
لك؟ سألت بحدة قليال" :ال شيء" ،س:يدي"،ال ش:يء" .إن:ه ج:زء منع:زل من المدين:ة وقلي:ل من
الناس لديهم عمل هناك .ادخل مباشرة ،فالمقاعد نظيفة – لقد عدي لتوي من الجنازة يا سيدي'.
ال بد أن المسافة كانت قد قطعت مياًل ونصف حتى نهاية رحلتن::ا ،لم أتمكن من س::ماع أي
شيء سوى الخشخشة المخيفة لالختراق القديم ،فوق رصف الط::وب غ::ير المس::توي؛ لم أتمكن
من شم أي رائحة سوى رذاذ المطر ،الذي أصبح اآلن بنكهة دخان الفحم ،وما يشبه مزيج ً:ا من
أزهار القطران ،والدفلى ،وكل ما استطعت رؤيت::ه من خالل النواف::ذ المتدفق::ة ،ه::و ص::فين من
المنازل المعتمة.
تبلغ مساحة المدينة 10أميال مربع::ة ،و 181ميًال من الش::وارع ،منه::ا 137ميًال معب::دة؛ نظ::ام محط::ات
المياه الذي تبلغ تكلفته 2,000,000دوالرًا ،مع 77ميًال من األنابيب الرئيسية.
كان شارع ثم::ان وس:تين جيس:امين عب::ارة عن قص::ر متهال::ك ،على بع::د ثالثين ي::اردة من
الشارع ،حيث بني وسط بستان رائع من األشجار والشجيرات غير المشذبة ،وق::د ف::اض ص::ف
من الشجيرات الصندوقية ،وكاد يخفي السياج الشاحب عن األنظار؛ تم إغالق البواب::ة بواس::طة
82
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
حبل المشنقة ال::ذي يحي::ط بعم::ود البواب::ة وأول ح:اجز للبواب::ة ،ولكن عن::دما دخلت إلى ال::داخل
رأيت أن 861كان عبارة عن قوقعة ،وظل ،وشبح من العظمة والتميز السابقين.لكني لم أدخل
بعد في القصة.
عندما توقفت أصوات القعقع::ة ،وع::ادت ذوات األرب::ع المرهق::ة إلى الراح::ة ،س::لمت جيه::و
خمسين سنتًا مع ربع إضافي ،وشعرت بوهج من الكرم الواعي كما فعلت ،ولقد رفض ذلك.
قال" :إنهما دوالران"' .كيف ذلك؟' "من الواضح أنني سمعتك تنادي في الفندق" :خمسون
سنًت ا ألي جزء من المدينة.
كرر بإصرار " «إنها دوالران ،هاه" .إنها طرق طويلة من الفندق»، ".
قلت« :إنها داخ::ل ح::دود المدين::ة وداخله::ا تماًم ا»« .ال تظن أن::ك التقطت يانكًي ا ذو ق::رن
أخضر .هل ترى تلك التالل هناك؟»؟ ،واصلت المض:ي ق:دًما ،وأش:ير نح:و الش:رق (لم أتمكن
من رؤيتهم بنفسي بسبب الرذاذ)؛ حسًن ا ،لقد ولدت وترعرعت على الجانب اآلخر منهم.
أيها الزنجي العجوز األحمق ،أال يمكنك أن تخبر الن::اس عن اآلخ::رين عن::دما ت::راهم؟».
خفف الوجه الكئيب للملك سيتوايو.
"هل أنت من الجنوب ،يا سيدي؟" أعتقد أن حذائك هو ال::ذي خ::دعني .هن::اك ش::يء ح::اد في
أصابع القدم ليرتديه أي رجل جنوبي».
قلت ال محالة «إذن فإن الرسوم هي خمسون سنتًا ،على ما أعتقد؟».
عادت تعابير وجهه الس::ابقة ،ال::تي ك::انت مزيًج ا من الجش::ع والع::داء ،وبقيت عش::ر دق::ائق
واختفت .قال« :يا رئيس ،خمسون سنًت ا هو الصحيح؛ لكني بحاجة إلى دوالرين ،ي::ا س::يدي أن::ا
ملزم بالحصول على دوالرين .يا سيدي أنا ال أطالب بذلك اآلن ،؛ بعد أن أع::رف من أنت؛ أن::ا
أقول حًّق ا إنني يجب أن أحصل على دوالرين الليلة ،والعمل أمر عظيم».
استقر السالم والثقة على مالمحه الثقيلة ،لقد كان محظوظا أكثر مما كان يأمل ،فبدًال من
أن يلتقط قرًن ا أخضر ،جاهاًل بالمعدالت ،حصل على الميراث.
قلت ،وأنا أضع ي:دي في جي:بي" ،يجب أن يتم تس:ليمك إلى الش:رطة"" .لق:د أربكت الوغ:د
العجوز "،ألول مرة رأيته يبتسم .هو يعلم ؛ ه::و يعلم؛ هو يعلم ،وق::د أعطيت::ه ورق::تين بقيم::ة
دوالر واحد .عندما سلمتهم ،الحظت أن أحدهم قد شهد أوقاًت ا محفوفة بالمخاطر ،كانت الزاوي::ة
اليمنى العليا مفقودة ،وقد تم تمزيقها من المنتصف ولكنه::ا تم ربطه::ا م::رة أخ::رى .وق::د احتف::ظ
شريط من المناديل الورقية الزرقاء ،الذي تم لصقه فوق االنقسام ،لقد اكتفيت من قطاع الط::رق
األفريقي في الوقت الحاضر :تركته سعيدًا ،ورفعت الحبل وفتحت البوابة التي تصدر صريرًا.
وكما قلت ،لقد كان المنزل قذيفة ،فلم تمسه فرشاة الرس::م من::ذ عش::رين عاًم ا .لم أس::تطع أن
أفهم لم::اذا ال ينبغي أن تض::ربه ريح قوي::ة مث::ل بيت من ورق ح::تى نظ::رت م::رة أخ::رى إلى
األشجار التي احتضنته بقوة -األشجار التي شهدت معركة ناشفيل وما زالت تحي::ط بأغص::انها
الواقية ضد العاصفة ،والرياح ،والعدو ،والبرد.
83
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
استقبلتني أزاليا أدير ،إنها في الخمس::ين من عمره::ا ،ذات ش::عر أبيض ،من نس::ل الفرس::ان،
نحيفة وضعيفة مثل المنزل الذي تعيش فيه ،ترتدي أرخص ،وأنظف فس::تان رأيت::ه في حي::اتي،
مع هواء بسيط مثل الملكة.،
بدت غرفة االس:تقبال بمس:احة مي::ل مرب::ع ،ألن::ه لم يكن فيه::ا ش:يء س:وى بعض ص::فوف
الكتب ،على أرفف كتب غ::ير مطلي::ة من خش::ب الص::نوبر األبيض ،وطاول::ة رخامي::ة مش::ققة،
وسجادة خشنة ،وأريكة من شعر الخيل وكرسيين أو ثالث::ة كراس::ي ،نعم ،ك::انت هن::اك ص::ورة
على الحائط ،رسمت بقلم تلوين ملون لمجموع::ة من زه::ور الث::الوث ،نظ::رت ح:ولي بحًث ا عن
صورة ألندرو جاكسون ،والسلة المعلقة المصنوعة من كوز الصنوبر ،لكنهما لم تكونا هناك.
لقد أجريت محادثة بيني وبين أزاليا أدير ،وسوف نعيد لكم القلي::ل منه::ا .لق::د ك::انت نتاج ً:ا
للجنوب القديم ،ونشأت بلطف في الحي::اة المحمي::ة ،لم يكن تعليمه::ا واس::ع النط::اق ،ولكن::ه ك::ان
عميقًا وذو أصالة رائعة في نطاقه الض::يق إلى ح::د م::ا .لق::د تلقت تعليمه::ا في الم::نزل ،وك::انت
معرفتها بالعالم مستمدة من االستدالل ،واإللهام ،ومن بينهم ،مجموعة صغيرة ثمين::ة من كت::اب
المقاالت .واصلت تنظيف أصابعي ،بينما ك::انت تتح::دث معي ،مح::اواًل ،دون وعي ،تخليص::ها
من الغبار الغائب عن ظهور نص::ف الس::اق لك::ل من المب ،وتشوس::ر ،وه::ازليت ،وم::اركوس
أوريليوس ،ومونتين ،وهود .لقد كانت رائعة ،وكانت اكتشافًا قيمًا ،إن الجميع تقريب ً:ا في أيامن::ا
هذه يعرفون الكثير عن الحياة الحقيقية.
كنت أدرك بوضوح أن أزاليا أدير كانت فقيرة جًد ا .كان لديها منزل وفستان ،و كما تخيلت
،لم يكن هن::اك أي ش::يء آخ::ر ،وهك::ذا ،بين واج::بي تج::اه المجل::ة ،ووالئي للش::عراء ،وكت::اب
المقاالت الذين حاربوا توماس في وادي كمبرالند ،استمعت إلى صوتها ،الذي كان مثل ص::وت
القيثارة ،ووجدت أنني ال أستطيع التحدث عن العقود ،في حضور رب:ات اإلله:ام التس:عة والنعم
الثالث ،تردد المرء في تقليص الموضوع إلى سنتان ،يجب أن تكون هناك ندوة أخرى بع::د أن
أستعيد عملي التجاري ،ولكنني تحدثت عن مهمتي ،وتم تحديد الس::اعة الثالث::ة بع::د ظه::ر الي::وم
التالي لمناقشة اقتراح العمل.
قلت بينما بدأت االستعداد للمغادرة (وهو الوقت المناسب للعموميات السلسة)« :مدينتك تبدو
مكاًن ا هادًئ ا ،ورصينًا .يجب أن أقول إنها مسقط رأس::ي ،حيث تح::دث أش::ياء قليل::ة خارج::ة عن
المألوف على اإلطالق".
تمارس المدينة تجارة واس:عة النط:اق في المواق:د ،واألواني المجوف::ة م:ع الغ:رب والجن:وب ،وتبل:غ الطاق::ة
اإلنتاجية اليومية لمطاحن الدقيق أكثر من 2000برميل.
بدا أن أزاليا أدير تفكر .قالت بنوع من الح:دة الص:ادقة ال:تي يب:دو أنه:ا تخص:ها« :لم أفك:ر في
األمر بهذه الطريقة من قبل" ».أليس تحدث األشياء في األماكن الهادئة والرصينة ؟ أتخيل أن::ه
عندما بدأ هللا في خلق األرض في صباح يوم االثنين األول ،كان بإمك::ان الم::رء أن ينح::ني من
نوافذه ويسمع قطرة الطين تتناثر من مجرفه وهو يبني التالل األبدي::ة .م::اذا نتج عن المش::روع
84
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
األكثر ضجيجًا في العالم -أع::ني بن::اء ب::رج باب::ل -أخ::يرًا؟ ص::فحة ونص::ف من اإلس::برانتو في
مجلة أمريكا الشمالية.
قلت بتفاهة« :بالطبع ،الطبيعة البش::رية هي نفس::ها في ك::ل مك::ان؛ ولكن هن::اك المزي::د من
األلوان ،والدراما ،والحركة ،والرومانسية في بعض المدن أكثر من غيرها.
قالت أزاليا أدير« :على الس::طح»" .لق::د س::افرت ع::دة م::رات ح::ول الع::الم في منط::اد ذه::بي
مرفوع على جناحين – طبعًا في أحالمي .لقد رأيت (في إحدى جوالتي الخيالية) سلطان تركيا
يشد بيديه إحدى زوجاته التي كشفت وجهها أمام العامة ،ورأيت رجًال في ناشفيل يمزق ت::ذاكر
المسرح الخاصة ب::ه؛ ألن زوجت::ه ك::انت خارج::ة ووجهه::ا مغطى بمس::حوق األرز ،وفي الحي
الصيني بسان فرانسيسكو رأيت الجاري:ة س:ينج يي تقطرعليه:ا ببطء بوص:ة ،ببوص:ة في زيت
اللوز المغلي ،لتجعلها تقسم أنها لن ترى حبيبها األمريكي مرة أخرى ،واستسلمت عندما وصل
الزيت المغلي إلى ثالث بوص::ات ف::وق ركبته::ا ،وفي حفل::ة ي::وكر في ش::رق ناش::فيل في الليل::ة
الماضية ،رأيت كيتي مورغان ُت قتل على يد سبعة من زمالئها في المدرس::ة وأص::دقاء حياته::ا؛
ألنها تزوجت من دهان منزل .لقد كان الزيت المغلي يغلي عاليًا مثل قلبها؛ ولك::ني كنت أتم::نى
لو رأيت االبتسامة الصغيرة الجميلة التي ك::انت تحمله::ا من طاول::ة إلى أخ::رى .تبً:ا ،نعم ،إنه::ا
مدينة رتيبة.
طرق شخص ما الفراغ في الجزء الخلفي من المنزل على بعد أميال قليلة فقط من المنازل
المبنية من الطوب األحمر والطين والمتاجر وساحات الخش:ب» ..تنفس:ت أزالي:ا أدي:ر اعت:ذارًا
ناعمًا ،وذهبت للتحقق من الصوت .عادت في غضون ثالث دقائق بعينين مشرقتين ،واحم::رار
خافت على خديها ،وعشر سنوات مرفوعة عن كتفيها.
قالت« :يجب أن تتناول كوبًا من الشاي قبل أن تذهب ،وتأكل كعكة سكر».
وصلت وهزت جرسًا حديديًا صغيرًا .كانت هناك فتاة زنجية صغيرة في الثاني::ة عش::رة من
عمره::ا ،حافي::ة الق::دمين ،وغ::ير مرتب::ة تمام ً:ا ،تح::دق في وجهي بإبهامه::ا في فمه::ا ،وعينيه::ا
المنتفختين .فتحت أزاليا أدير محفظة صغيرة بالية وأخرجت ورقة دوالرًا ،إنها ورقة دوالري::ة
فقدت الزاوية اليمنى العلي::ا منه::ا ،ممزق::ة إلى قطع::تين وألص::قت مًع ا م::رة أخ::رى بش::ريط من
المناديل الورقية الزرقاء ،لقد كانت واحدة من الفواتير التي أعطيتها للقرصان الزنجي -هناك
لم يكن هناك شك في ذلك.
قالت وهي تعطي الفتاة الورقة الدوالرية " :اذهبي إلى متجر السيد بيكر عند الزاوية يا إم::بي"،
" ،وأحضري ربع رطل من الشاي -النوع الذي يرسله لي دائمًا -وكعك الس::كر بقيم::ة عش::رة
سنتات" . .اآلن ،وبسرعة .ومن ثم ،أوضحت لي أن إمدادات الشاي في المنزل قد استنفدت.
غادرت إمبي من الطريق الخلفي ،وقبل أن تموت ،خ:دش ق:دميها الع:اريتين الص:لبتين على
الشرفة الخلفية ،مأل المنزل األج::وف ص::رخة جامح::ة -كنت على يقين من أنه::ا ص::رختها ،ثم
اختلطت نغمات صوت الرجل الغاض::ب العميق::ة ،والخش::نة م::ع ص::راخ الفت::اة ،وكلماته::ا غ::ير
المفهومة.
85
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
نهضت أزاليا أدير دون مفاجأة أو انفعال واختفت .سمعت قعقعة صوت الرج::ل األجش لم::دة
دقيقتين ؛ ثم حدث ما يشبه القسم وشجار خفيف ،وعادت بهدوء إلى كرسيها.
قالت« :هذا منزل فسيح ،ولدي مستأجر لج:زء من:ه ،يؤس:فني أن أض:طر إلى إلغ:اء دع:وتي
لتناول الشاي ،كان من المستحيل الحصول على النوع الذي أس::تخدمه دائم ً:ا في المتج::ر .ربم::ا
سيتمكن السيد بيكر غًد ا من إمدادي باإلمدادات».
كنت على يقين من أن إمبي لم يكن لديه الوقت لمغادرة المنزل ،أخذت إج::ازتي واستفس::رت
عن خطوط سير السيارات و .وبعد أن قطعت شوطًا طويًال في طريقي ،تذكرت أنني لم أعرف
اسم أزاليا أدير ،ولكن غدًا سيفي بالغرض.
بدأت في السير في نفس اليوم ،على طريق اإلثم الذي فرضته علّي هذه المدينة الهادئ::ة ،لق::د
مكثت في المدينة لمدة يومين فقط ،ولكن في تلك الفترة تمكنت من الكذب بال خجل عن طري::ق
التلغراف ،وأن أكون شريًك ا -بعد وقوع الحادث ،إذا كان هذا هو المصطلح الق:انوني الص:حيح
-في جريمة قتل.
وبينما كنت أدور حول الزاوية القريبة من فندقي ،أمسك بي سائق عفريت ،يرت::دي معطف ً:ا
متعدد األلوان ،وفتح باب زنزانة تابوته المتجول ،وحرك منفضة الريش وب::دأ طقوس::ه" :ادخ::ل
مباشرة ،أيها الرئيس" .العربة نظيفة – لقد عدت لتوي من الجنازة ،خمسون سنتا ألي '-وبع::د
ذلك عرفني وابتسم ابتسامة عريضة« .عفًو ا أيها الرئيس؛ أنت الرجل الذي تخلص مني .شكرا
لك للطفك يا سيدي.
قلت« :سأذهب إلى 861مرة أخرى بع::د ظه::ر الغ::د في الس::اعة الثالث::ة ،وإذا كنت س::تأتي
هنا ،فسوف أسمح لك أن تقودني ».إذن أنت تعرف اآلنسة أدير؟ اختتمُت كالمي وأنا أفك::ر في
فاتورتي بالدوالر .فأجاب" :أنا أنتمي إلى والدها القاضي أدير".
قلت" :أعتقد أنها فقيرة جًد ا"« .ليس لديها الكثير من المال لتتحدث عنه ،أليس كذلك؟»
نظرت للحظة مرة أخرى إلى الوج::ه الش::رس للمل::ك س::يتوايو ،ثم تح::ول م::رة أخ::رى إلى
سائق زنجي عجوز مبتز.
قال ببطء« :إنها ال تس::تطيع أن تتض::ور جوًع ا ،أليس ك::ذلك؟» «إن ل::ديها مص::ادرها؛ ي::ا
سيدي لديها مصادرها.
قلت« :سأدفع لك خمسين سنًت ا مقابل الرحلة».
أج::اب بتواض::ع« :ه::ذا ص::حيح تمامً:ا ،س::يدي» لق::د كنت في حاج::ة ماس::ة للحص::ول على
دوالرين هذا ،أيها الرئيس.
ذهبت إلى الفندق وكذبت بشأن الكهرباء .لقد قمت بإرسال المجلة' :تأخذ أ.أدير مقابل ثمانية
سنتات للكلمة».
وكان الجواب الذي جاء " :أيها األحمق ،أعطها إياها بسرعة." ،
وقبل العشاء مباشرة ،هجم علّي "الرائ::د" وينت::وورث كاس::ويل بتحي::ات ص::ديق مفق::ود من::ذ
زمن طويل ،لقد رأيت عددًا قليًال من الرجال الذين كرهتهم على الفور ،وكان من الصعب ج::دًا
التخلص منهم ،كنت أقف عند الحانة عندما اعتدى علّي ؛ ول::ذلك لم أتمكن من التل::ويح بالش::ريط
86
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
األبيض في وجهه ،كنت سأدفع ثمن المشروبات بكل سرور ،على أمل أن أه::رب من ش::خص
آخر ،لكنه كان واحدًا من هؤالء المشاغبين الحقيرين ،والصاخبين ،الذين ال بد أن يك::ون ل::ديهم
فرق نحاسية ،وألعاب نارية ،يراقبون كل سنت يضيعونه في حماقاتهم.
وفي جو من إنتاج الماليين ،أخرج ورقتين نق::ديتين من فئ::ة دوالر واح::د من جيب::ه ووض::ع
إحداهما على البار ،نظرت مرة أخرى إلى ورقة الدوالر ،وكانت الزاوية اليمنى العليا مفق::ودة،
وممزقة من المنتصف ،ومرقعة بشريط من المناديل الورقية الزرقاء ،لقد كانت فاتورة ال::دوالر
الخاصة بي مرة أخرى ،ولم يكن من الممكن أن يكون غير ذلك.
صعدت إلى غرفتي ،لقد جعلني رذاذ المطر ،والرتابة في بلدة جنوبي::ة ،كئيب::ة ،وخالي::ة من
األحداث ،متعبً:ا ،وفت::ورًا ،أت::ذكر أن::ه قب::ل أن أذهب للن::وم مباش:رة ،تخلص::ت عقلًي ا من ورق:ة
الدوالر الغامضة (التي ربما تكون ق::د ش::كلت مفتاحً:ا ،لقص::ة بوليس::ية رائع::ة للغاي::ة عن س::ان
فرانسيسكو) بأن قلت لنفسي بنعاس" :يبدو كما لو أن الكثير من الناس هنا يمتلك::ون األس::هم في
،Hack Driver's Trustيدفع األرباح على الفور أيًض ا .أتساءل عما إذا ' -ثم نمت.
كان الملك سيتوايو في موقعه في اليوم الت::الي ،وق::د ه::ز عظ::امي ف::وق الحج::ارة إلى ،861
وكان عليه أن ينتظر ويهّز ني مرة أخرى عندما أكون مستعدًا.
بدت أزاليا أدير أكثر شحوبًا ،ونظافًة ،وأض::عف مم::ا ك::انت تب::دو علي::ه في الي::وم الس:ابق،
وبعد أن وقعت العقد بثمانية سنتات لكل كلمة ،أصبح لونها شاحبًا ،وبدأت تنزلق من كرسيها.
تمكنت من وضعها على األريكة ذات شعر الخيل التي تعود إلى العص::ر الق::ديم دون الكث::ير
من المتاعب ،ثم ركضت إلى الرصيف وصرخت على القرص::ان ذي الل::ون القه::وي؛ ليحض::ر
طبيب ً:ا ،وبحكم::ة لم أكن أش::ك فيه::ا ،لق::د تخلى عن فريق::ه ،وانطل::ق في الش::ارع ،م::دركًا قيم::ة
السرعة .و عاد في غضون عشر دقائق ،ومعه رج::ل طب موه::وب ،ذو ش::عر رم::ادي وق::دير.
شرحت له في بض:ع كلم:ات (قيم:ة ك:ل منه:ا أق:ل بكث:ير من ثماني:ة س:نتات) وج:ودي في بيت
الغموض األجوف .انحنى بتفهم مهيب ،والتفت إلى الزنجي العجوز.
قال بهدوء« :عمي قيصر ،اركض إلى منزلي ،واطلب من اآلنسة لوس::ي أن تعطي::ك إبري::ق
كريمة ،مملوءًا بالحليب الطازج ،ونصف كوب من النبيذ ».وأسرع بالعودة .ال تقود -اركض.
أريدك أن تعود إلى منزلي هذا األسبوع بعض الوقت.
وخطر لي أن الدكتور ميريمان شعر أيضًا بعدم الثقة ،فيما يتعلق بقوى السرعة التي تتمتع
بها خيول القرصان األرضي ،وبعد أن رحل العم قيصر ،بتثاق::ل ،ولكن بس::رعة .نظ::ر إلي في
الشارع الطبيب ،بأدب شديد ،وحسابات دقيقة ،إلى أن قرر أنني قد أفعل ذلك.
وقال" :إنها مجرد حالة من عدم كفاية التغذية" ،أو بعبارة أخرى ،نتيجة الفق::ر ،والكبري::اء،
والج::وع .ل::دى الس::يدة كاس::ويل العدي::د من األص::دقاء المخلص::ين ،ال::ذين س::يكونون س::عداء
بمساعدتها ،لكنها لن تقبل شيئًا ،إال من ذلك الزنجي العجوز ،إنه العم قيصر ،الذي كان مملوكً:ا
لعائلتها ذات يوم».
قلت في مفاج::أة 'الّس يدة .كاس::ويل!» ..ثم نظ::رت إلى العق::د ورأيت أنه::ا وقعت علي::ه باس::م
"أزاليا أدير كاسويل" .قلت« :اعتقدت أنها اآلنسة أدير».
87
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
قال الطبيب« :متزوجة من رجل مخمور ال قيمة له يا سيدي" ،».يقال إنه يسرق منها حتى
المبالغ الصغيرة التي يساهم بها خادمها العجوز في إعالتها".
وسرعان م::ا أع::اد الط::بيب إحي::اء أزالي::ا عن::دما تم إحض::ار الحليب والنبي::ذ .جلس::ت أدي::ر،
وتحدثت عن جمال أوراق الخريف ال::تي ك::انت في موس::مها في ذل::ك ال::وقت ،وارتف::اع لونه::ا،
وأشارت باستخفاف إلى نوبة اإلغماء التي تعرضت لها على أنها نتيجة لخفقان ق::ديم في القلب،
ثم قامت إمبي بتهويتها ،وهي مستلقية على األريك::ة .ك::ان الط::بيب في مك::ان آخ::ر ،فتبعت::ه إلى
الباب ،وأخبرته أنه من ضمن سلطتي ،ونواياي تقديم مبل::غ معق::ول من الم::ال إلى أزيلي::ا أدي::ر،
على المساهمات المستقبلية في المجلة ،وقد بدا مسرورًا.
قال« :بالمناسبة ،ربما تود أن تعرف أن::ك حص::لت على ملكي::ة س::ائق الح::وذي ».ك::ان ج::د
القيصر القديم ملًك ا في الكونغو ،وكما الحظت ،فإن القيصر نفسه لديه طرق ملكية ».
وبينما كان يهم الطبيب في المغادرة ،سمعت صوت العم سيزار في الداخل« :ه:ل حص:ل من:ك
على دوالرين ،يا آنسة زاليا؟» سمعت أزاليا أدي::ر تجيب بص::وت ض::عيف «نعم ي::ا قيص::ر.»،
وبعد ذلك دخلت ،واختتمت المفاوضات التجارية مع المساهم لدينا ،لق::د تحملت مس::ؤولية تق::ديم
خمسين دوالرًا ،واضعًا ذلك كإجراء شكلي ضروري لربط صفقتنا ،وبعدها أعادني العم قيصر
إلى الفندق.
تنتهي كل القصة هنا ،بقدر ما أستطيع أن أشهد كشاهد ،والباقي يجب أن يكون مج::رد بيان::ات
مجردة من الحقائق.
خرجت في نزهة ،في حوالي الساعة السادسة ،وكان العم قيصر في ركنه .فتح باب عربته،
ونفض منفضته ،وبدأ صيغته الكئيبة« :ادخل يا سيدي ».خمسون سنًت ا إلى أي مكان في المدينة
-هاك نظيف جيدًا ،يا سيدي -لقد عدت لتوي من جن::ازة -وبع::د ذل::ك تع::رف علي ،أعتق::د أن
بصره أصبح سيئًا ،إذ كان معطفه قد اكتسب المزيد من ظالل األلوان الباهتة ،وأص::بحت ،فت::ل
الخيوط أكثر اهتراءًا ،وخشونة ،وكان الزر األخ::ير المتبقي -زر الق::رن األص::فر -ق::د اختفى.
وكان سليل الملوك المتنوع هو العم قيصر .رأيت حشًد ا متحمًس ا يحاص::ر واجه::ة ص::يدلية بع::د
حوالي ساعتين .وحيث ال يحدث شيء في الصحراء ،كان هذا ه::و المن؛ ل::ذلك ش::قت ط::ريقي
إلى الداخل ،على أريكة مرتجلة من الصناديق والكراسي الفارغة ،كان جسد الرائد وينت::وورث
كاسويل ممددًا ،وكان الطبيب يختبره؛ بحثًا عن العنصر الخالد .وأن قراره كان واضحًا بغيابه.
تم العث::ور على الرائ::د الس::ابق؛ ميتً::ا في ش::ارع مظلم ،وتم إحض::اره بواس::طة مواط::نين
فضوليين ،ومتضايقين إلى متجر األدوية .وأظهرت التفاصيل أن الراحل ك::ان يخ::وض معرك::ة
رهيبة ،وعلى الرغم من أنه كان متعطًال ،وفاسقَا ،إال أنه كان أيضً:ا محاربً:ا .لكن::ه ق::د خس::ر،
كانت يداه مشدودتين بإحكام لدرجة أن أصابعه لم تفتح ،وكان المواطنون اللطفاء الذين عرفوه،
يقفون ح:ولهم ،ويبحث::ون في مف::رداتهم؛ للعث::ورعلى بعض الكلم::ات الطيب::ة ،للح:ديث عن::ه ،إن
أمكن ذل::ك .ق:ال رج:ل ذو مظه::ر طيب ،بع::د تفك::ير طوي::ل " :ك::ان "ك::اس" واحً:د ا من أفض::ل
المتهجين في المدرسة ،وهو في سن الثانية عشرة تقريبًا ".
88
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
وبينما كنت واقًف ا هناك ،استرخت أصابع اليد اليمنى للرجل ال::ذي ك::ان مم::ددًا ،وال::تي ك::انت
تتدلى على جانب صندوق صنوبر أبيض ،وأسقطت ش:يًئ ا م::ا عن::د ق::دمي ،غطيت::ه بق::دم واح::دة
بهدوء ،وبعد قليل التقطته ،ووضعته في جيبه .لقد اعتقدت أنه في ص::راعه األخ::ير ،وال ب::د أن
يده قد أمسكت بذلك الشيء دون قصد ،وأمسكته بقبضة الموت.
ك::ان وف::اة الرائ::د كاس::ويل ،ه::و الموض::وع الرئيس::ي للح::ديث في الفن::دق في تل::ك الليل::ة ،م::ع
االستثناءات المحتملة للسياسة والحظر.
سمعت رجًال يقول لمجموعة من المستمعين « :أيها السادة ،في رأيي ،لقد ُقتل كاس::ويل من
أجل ماله على يد بعض هؤالء الزنوج الذين ليس لهم حساب ،لقد كان معه خمسون دوالرًا بعد
ظهر هذا اليوم ،وقد أظهرها لعدد من السادة في الفندق ،وعندما تم العثور علي::ه ،لم يكن الم::ال
بحوزته.
غادرت المدينة في الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي ،وبينما ك::ان القط::ار يع::بر الجس::ر
فوق نهر كمبرالند ،أخرجت من جيبي زر معطف أصفر اللون بحجم قطعة خمسين س::نتًا ،م::ع
أطراف مهترئة من خيوط خش:نة معلق::ة من::ه ،وألق::اه من الناف:ذة إلى المي::اه الراك::دة ،والموحل::ة
باألسفل .وتساءلت ما الذي يحدث في بوفالو!
وينكي::د س::برينج عدس::ي زج::اجي يعم::ل ل::دى مح::رر ويس::تبروك ،من مجل::ة
مينيرفا ،وصرفه عن مساره .لق::د تن:اول طع:ام الغ:داء في زاويت:ه المفض::لة في أح::د
فنادق برودواي ،وكان عائدًا إلى مكتبه عندما سحر بجمال الجو الربيعي ،مما يع::ني
أنه اتجه شرًق ا في الشارع السادس والعشرين ،وسار بأمان أم::ام المركب::ات الربيعي::ة
في الجادة الخامسة ،وتجول على طول الممرات في ميدان ماديسون الناشئ.
كان الهواء اللطيف ،وأجواء الحديقة الصغيرة بمثابة أجواء ريفي::ة تقريب ً:ا؛ وك::ان
اللون األخضر هو اللون الرئيسي عند خلق اإلنس::ان ،والغط::اء النب::اتي ،وك::ان ل::ون
العشب الصلب بين المم:رات ه:و الزنج:ار ،وه:و ل:ون أخض:ر س:ام ،ي:ذكرنا بحش:د
البشر المهجورين ،الذين تنفسوا على التربة خالل فصلي الصيف ،والخريف . .بدت
براعم األشجار المتفجرة ،مألوفة على نحو غريب ألولئك ال::ذين زرع::وا نبات::ات بين
زخارف ،طبق السمك في عشاء بأربعين سنتًا ،وك:انت الس:ماء في األعلى ذات ل:ون
زبرجد شاحب والذي قفاه شعراء القاعات بكلمات مثل "ت::رو" و"س::و" و"ك::و" .ك::ان
الل::ون األخض::ر الظ::اهري للمقاع::د المطلي::ة ح::ديًث ا ،ه::و الل::ون الوحي::د ،الط::بيعي،
89
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
والصريح ،والمرئي الذي ظل بين لون خيار مخل::ل ،ول::ون معط::ف واق من ع::ودة
س::ريعة للمط::ر من الع::ام الماض::ي ،ولكن ب::دا المش::هد تحف::ة فني::ة ،بالنس::بة للمح::رر
ويستبروك الذي نشأ في المدينة.
وسواء كنت اآلن ،من أولئك الذين ين::دفعون إلى ال::داخل ،أو من الحش::د اللطي::ف
الذي يخشى السير ،فيجب عليك أن تتبعه في غزو قصير لعقل المحرر.
كانت روح المحرر ويستبروك راضية وهادئة ،فق::د ب::اع ع::دد أبري::ل من مينيرف::ا
طبعته بالكامل قبل اليوم العاشر من الشهر -كتب أحد ب::ائعي الص::حف في كيوك::وك
أنه كان بإمكانه بيع خمسين نسخة إضافية لو حصل عليها ،وكان أصحاب المجلة ق::د
رفعوا راتبه (المحرر)؛ لقد قام للتو بتثبيت جوهرة في منزله لطباخ مس::تورد ح::ديثًا،
كان يخاف من رجال الشرطة ؛ ونشرت الصحف الصباحية بالكامل خطابًا ،ألقاه في
مأدبة للناشرين ،وكان هناك أيضًا صدى النغمات المبتهجة في ذهن::ه ،ألغني::ة رائع::ة
غنتها له زوجته الشابة الساحرة ،في ذل::ك الص::باح ،قب::ل أن يغ::ادر ش::قته في الج::زء
العلوي من المدينة .لقد كانت مهتمة بشدة بموسيقاها في اآلون::ة األخ::يرة ،وتمارس::ها
مبكًر ا وبجد ،وعندما أثنى عليها على التحسن في صوتها ،احتضنته بشدة من الفرحة
بمدحه .ولقد أحس أيضًا بال::دواء المنش:ط الحمي:د للممرض::ة المدرب:ة س:برينج ،وه::و
يتعثر بهدوء في أجنحة مدينة النقاهة.
بينما كان يتجول المحرر ويستبروك بين صفوف مقاعد الحديقة (التي كانت تمتلئ
بالفع::ل بالمتش::ردين وح::راس الطفول::ة الخارج::ة عن الق::انون) ش::عر ب::أن أكمام::ه تم
اإلمساك بها وإمساكها ،اشتبه في أنه على وشك أن يتم اض:طهاده ،فتح:ول إلى وج:ه
بارد وغير مربح ،ورأى أن آسره ك:ان -داو -ش:اكلفورد داو ،ق:ذرًا ،وش:به خش:ن،
ونادًر ا ما يظهر فيه ،مظهره األنيق من خالل الخطوط العميقة للرث.
بينما يقوم المحرر بإخراج نفس::ه من مفاجأت::ه ،يتم تق::ديم س::يرة ذاتي::ة لـ ،Dawe
كان كاتًبا روائيً:ا ،وأح::د مع::ارف ويس::تبروك الق::دامى ،ربم::ا ك::انوا ق::د أطلق::وا على
بعضهم البعض اسم األص::دقاء الق:دامى في وقت م:ا .ك:ان ل:دى داو بعض الم:ال في
تلك األيام ،وكان يعيش في شقة سكنية الئقة ،بالقرب من ويستبروك .كانت العائلت::ان
ت::ذهبان غالًب ا إلى المس::ارح وتن::اول العش::اء معً::ا .أص::بحت الس::يدة داو والس::يدة
ويس::تبروك ص::ديقين "أع::زين" .ثم ،غم::رت في أح::د األي::ام مجس::ات ص::غيرة من
األخطبوط ،لمجرد التسلية ،عاص::مة داو ،وانتق::ل إلى حي جراميرس::ي ب::ارك ،حيث
يمكن للمرء أن يجلس على جذعه ،تحت الثريات ذات الثم::اني ف::روع ،وقبال::ة رخ::ام
90
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
كارارا ،مقابل القليل من البرغل في األس::بوع ،ويش::اهد الف::ئران تلعب على األرض.
يعتقد داو أنه يعيش من خالل كتابة الخيال .كان يبيع قص::ة بين الحين واآلخ::ر ،وق::د
قدم الكثير إلى ويستبروك .طبعت مينيرفا واحدة ،أو اثنتين منه::ا؛ تم إرج::اع الب::اقي.
أرس::ل ويس::تبروك خطابً:ا ،شخص::يًا ،دقيقً:ا ،وواعًي ا م::ع ك::ل مخطوط::ة مرفوض::ة،
موضًح ا بالتفصيل أسباب اعتبارها غير مت::وفرة .ك::ان للمح::رر ويس::تبروك تص::وره
الواضح لما يشكل خياًال جيدًا ،و فعل داو ذلك أيضًا .كانت الس::يدة داو مهتم::ة بش::كل
أساسي بمكون::ات أطب::اق الطع::ام الض::ئيلة ال::تي تمكنت من تجميعه::ا مًع ا ،وفي أح::د
األيام ،كان داو يتحدث إليها عن امتيازات بعض الكتاب الفرنسيين ،وق::د جلس::واعلى
العشاء ،يتناولون طبقًا ،كان من الممكن أن يتناول:ه تلمي:ذ ج:ائع عن:دما يتناول:ه ،لق:د
علق داو على هذا.
قالت السيدة داو" :إنها تجزئة موباسان"" .قد ال يكون ذل::ك فنً:ا ،لكن::ني أتم::نى أن
تقوم بعمل مسلس::ل من خمس دورات ،لم::اريون كروف::ورد ،م::ع س::ونيتة إيال ،ويل::ر
ويلكوكس للحلوى ".أنا جائع'.
ك::ان ش::اكلفورد داو ،بقدره::ذا النج::اح ،عن::دما ان::تزع كم المح::رر ويس::تبروك في
ماديسون سكوير .كانت تلك هي المرة األولى التي يرى فيه::ا المح::رر داو من::ذ ع::دة
أشهر .قال ويستبروك بطريقة محرجة إلى حد ما" :لماذا يا ش::اك ،ه::ل ه::ذا أنت؟" ،
ألن شكل هذه العبارة بدا وكأنه يمس مظه::ر اآلخ::ر المتغ::ير .ق::ال داو وه::و يس::حب
كمه' :هذا مكتبي «اجلس لدقيق::ة .».ال أس::تطيع أن آتي إلي::ك وأب::دو كم::ا أفع::ل .نعم،
اجلس ،فلن تتع::رض للع::ار .س::تأخذك تل::ك الطي::ور نص::ف المقطوع::ة على المقاع::د
األخرى إلى متسلق الش::رفة المنتفخ ،ولن يعرف::وا أن::ك مج::رد مح::رر .ق::ال المح::رر
ويستبروك وهو يغوص بحذر على المقعد األخضر الخبيث «:أتدخن يا شاك؟» .لق::د
استسلم دائًما برشاقة ،عندما قرر ذلك .
التقط داو السيجار ،بينما كان طائر الرفراف يرمي سهامه على مكان للتش::مس،
أو فتاة تنقر على كريمة الشوكوالتة.
بدأ المحرر "لقد للتو ' ."-اه انا اعرف؛ قال داو" :ال تنتهي"" .أعطني مباراة ".لديك
عشر دقائق فقط لتجنيبها .كيف تمكنت من تجاوز موظف مكتبي وغزو حرمتي؟ ه::ا
ه::و ذا ي:ذهب اآلن ،ي:رمي هراوت:ه على كلب ال يس:تطيع ق::راءة الفت:ات "ابتع:د عن
العشب".
سأل المحرر «كيف تسير الكتابة؟».
ق:::ال داو« :انظ:::ر إلي ،لمعرف:::ة إجابت:::ك ».واآلن ال تنظ:::ر إلي ،تل:::ك النظ:::رة
المحرجة ،والودية ،ولكن الصادقة وتسألني لماذا ال أحصل على وظيفة كوكي::ل نبي::ذ
91
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
أو سائق سيارة أجرة ،أنا في المعركة حتى النهاية .أعلم أن::ني أس::تطيع كتاب::ة رواي::ة
جيدة وسأجبركم يا رفاق على االعتراف بذلك بعد ،سأجعلك تغير تهجئة "الن::دم" إلى
" "c-h-e-q-u-eقبل أن أنتهي منك .حدق المحرر ويستبروك من خالل نظارة أنف::ه
بتعبير حزين لطيف ،كل العلم ،متعاطف ،متش::كك -التعب::ير المحمي بحق::وق الطب::ع
والنشر للمحرر المحاصر بالمساهم غير المتاح.
س::أل داو":ه::ل ق::رأت القص::ة األخ::يرة ال::تي أرس::لتها ل::ك بح::رص " -إن::ذار
الروح"؟" .' .لقد ترددت بشأن تل:ك القص:ة ي:ا (ش:اك) ،لق:د ت:رددت حًق ا .ك:ان لدي:ه
بعض النقاط الجيدة .كنت أكتب لك رسالة ألرسلها معها عندما تعود إليك .أنا نادم –
قال داو متجهًما« :ال تهتم بالندم ».لم يعد هناك مرهم ،وال لدغة فيهم بعد اآلن .م::ا
أريد أن أعرفه هو السبب .أوًال ،تعال اآلن؛ لنخرج النقاط الجيدة.
قال ويستبروك عمً:د ا بع::د تنهي::دة مكتوم::ة« :القص::ة مكتوب::ة ح::ول حبك::ة أص::لية
تقريًبا .التوصيف -أفضل ما قمت به ،البناء -بنفس الج::ودة تقريًب ا ،باس::تثناء بعض
المفاصل الضعيفة التي يمكن تقويتها ببعض التغي::يرات واللمس::ات ،لق::د ك::انت قص::ة
جيدة ،باستثناء -قاطعت داو" :أستطيع أن أكتب باللغة اإلنجليزية ،أليس كذلك؟".
ق::ال المح::رر« :لق::د أخبرت::ك دائًم ا أن ل::ديك أس::لوبًا" ».ثم المش::كلة هي "-ق::ال
المحرر ويستبروك" :نفس الشيء القديم"" .أنت تعمل حتى ذروتها مثل الفن::ان ،ومن
ثم تح::ول نفس::ك إلى مص::ور ،ال أع::رف أي ش::كل من أش::كال الجن::ون العني::د ال::ذي
يمتلكك يا شاك ،لكن هذا ما تفعله بكل ما تكتبه ،ال ،سأسحب المقارنة م::ع المص::ور.
بين الحين واآلخ:::ر ،يتمكن التص:::وير الفوت:::وغرافي ،على ال:::رغم من منظ:::وره
المستحيل ،من تسجيل لمحة عابرة من الحقيقة .لكنك تفسد كل خاتمة بتلك الض::ربات
المس::طحة ،والباهت::ة ،والطامس::ة لفرش::اتك ال::تي كث::يًر ا م::ا اش::تكيت منه::ا .إذا كنت
س::ترتفع إلى القم::ة األدبي::ة في مش::اهدك الدرامي::ة ،وترس::مها ب::األلوان العالي::ة ال::تي
يتطلبها الفن؛ فإن ساعي البريد سيترك عدًد ا أقل من األظ:رف الض::خمة ال::تي تحم:ل
عنواًن ا ذاتًيا عند باب منزلك.
ص::رخ داو بس::خرية «:أوه ،الكم::ان وأض::واء األق::دام!»" .ال ي::زال ل::ديك تل::ك
ال:دراما المنش:رة القديم:ة في عقل:ك ح:تى اآلن .عن:دما يختط:ف الرج:ل ذو الش:ارب
األسود بيسي ذات الشعر الذهبي ،ال بد أن تجعل األم تركع ،وترف::ع ي::ديها في دائ::رة
الضوء وتقول" :فلتشهد السماء العلي::ا أن::ني لن أرت::اح ليًال ،وال نه::اًر ا ح::تى الش::رير
عديم القلب الذي سرق طفلي يشعر بثقل انتقام األم!"
92
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
"اعترف المحرر ويستبروك بابتسامة الرض:ا الت:ام عن النفس ،وق:ال« :أعتق:د أن
المرأة في الحياة الواقعية ستعبر عن نفسها بهذه الكلمات أو بكلمات مشابهة جدًا».
ق::ال داو بح::رارة« :ليس في س::تمائة ليل::ة من الج::ري في أي مك::ان ،ولكن على
المسرح»" .سأخبرك بما ستقوله في الحياة الحقيقية".
كانت تقول" :ماذا! لقد ق:اد رج:ل غ:ريب بيس:ي بعيً:د ا؟ ي:ا إلهي! إنه:ا مش:كلة تل:و
األخرى! أحضر قبعتي األخرى ،يجب أن أسرع إلى مركز الشرطة .لماذا لم يعت::ني
بها أحد ،أنا "أود أن أعرف؟ بحق هللا ،ابتعد عن طريقي ،وإال فلن أس::تعد أب ً:د ا .ليس
تلك القبعة -تلك القبعة البنية ذات األقواس المخملية ،ال بد أن بيسي ك::انت مجنون::ة؛
فهي عادًة ما تخجل من الغرباء .هل هذا أيضًا "كمية كبيرة من البودرة؟ يا إلهي! كم
أنا منزعج!"
وت::ابع داو« :ه::ذه هي الطريق::ة ال::تي تتح::دث به::ا" .الن::اس في الحي::اة الحقيقي::ة ال
يط::يرون إلى البط::والت ،والش::عر الف::ارغ في األزم::ات العاطفي::ة ،إنهم ببس::اطة ال
يس::تطيعون فع::ل ذل::ك ،إذا تح::دثوا على اإلطالق في مث::ل ه::ذه المناس::بات ،ف::إنهم
يس::تمدون من نفس المف::ردات ال::تي يس::تخدمونها ك::ل ي::وم ،ويشوش::ون كلم::اتهم،
وأفكارهم أكثر قليًال ،هذا كل شيء.
قال المحرر ويستبروك بشكل مثير لإلعجاب« :يا شاك ،هل سبق لك أن التقطت
جسد طفل ،مشوًها ،وهامًد ا من تحت حاجز سيارة في الشارع ،وحملته بين ذراعي::ك
ووض::عته أم::ام األم المش::تتة؟» ه::ل س::بق ل::ك أن فعلت ذل::ك واس::تمعت إلى كلم::ات
الحزن واليأس وهي تتدفق بشكل عفوي من شفتيها؟
قال داو« :لم أفعل ذلك قط' ».هل فعلت؟'
قال المحرر ويستبروك مع عبوس طفيف« :حسًن ا ،ال« .لكنني أستطيع أن أتخي::ل
جيًد ا ما ستقوله».
ق::ال داو« :وأن::ا أيًض ا أس::تطيع ذل::ك ».واآلن ح::ان ال::وقت المناس::ب للمح::رر
ويستبروك ليلعب دور الوسيط ،ويسكت مساهمه العنيد ،ولم يكن لكاتب روائي غ::ير
مكتمل ،أن يملي كلمات لينطقها أبطال وبطالت مجلة منيرفا ،خالفًا لنظري::ات رئيس
تحريرها.
ق::ال« :عزي::زي ش::اك ،إذا كنت أع::رف ش :يًئ ا عن الحي::اة ،فأن::ا أعلم أن ك::ل عاطف::ة
مفاجئة ،وعميق:ة ،ومأس:اوية ،في قلب اإلنس:ان ،تس:تدعي تعب:يرًا مناسً:با ،ومتوافًق ا،
ومريحًا ،ومتناسً::با ،عن المش::اعر؟ س::يكون من الص::عب تحدي::د مق::دار ه::ذا التواف::ق
الحتمي بين التعبير ،والشعور الذي يجب أن ُيعزى إلى الطبيعة ،وكم يجب أن ُيعزى
93
أ و ه ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــري – 100ق ـ ـ ـص ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــارة
إلى تأثير الفن .إن الزئير ال::رهيب ،والم::روع لللب::ؤة ال::تي ُح رمت من أش::بالها ،ه::و
بشكل كبير أعلى بكث:ير من أنينه:ا ،وخرخرته:ا المعت:ادة كم:ا أن أق:وال ل:ير الملكي:ة
والمتعالية أعلى من مس::توى أبخرت::ه الخرفي::ة ،ولكن من الص::حيح أيًض ا ،أن جمي::ع
الرج::ال والنس::اء ل::ديهم م::ا يمكن تس::ميته ب::الحس ال::درامي الالواعي ،ال::ذي يوقظ::ه
عاطفة عميقة ،وقوية بما فيه الكفاية -وه::و إحس::اس مكتس::ب دون وعي من األدب،
والمسرح الذي يدفعهم إلى التعبير عن تلك المش::اعر باللغ::ة ال::تي تلي::ق بهم .األهمي::ة
والقيمة التاريخية.
سأل داو« :وباسم الس::بع أغطي::ة ل::برج الق::وس المق::دس ،من أين حص::ل المس::رح
واألدب على هذه الحيلة؟».
أجاب المحرربانتصار« :من الحياة».
نهض كاتب القصة من على المقعد ،وأش::ار ببالغ::ة ولكن بغب::اء ،فلق::د طلب من::ه
الكلم::ات ال::تي يمكن من خالله::ا ص::ياغة معارض::ته بش::كل مناس::ب .فتح عيني::ه
الحمراوتين ،على مقعد بالقرب من أحد المتسكعين ،وأدرك أن دعم::ه المعن::وي ك::ان
بسبب أخيه المضطهد.
ن::ادى بص::وت أجش على داو "لكم::ه واح::دة ي::ا ج::اك" ."،م::ا ال::ذي أتى ب::ه لُيح::دث
ضجيجًا ،مثل رواق صغير بين السادة الذين يأتون إلى الساحة للتحضير والتفكير؟"
نظر المحرر ويستبروك إلى ساعته باستعراض متأثر للترفيه .سأل داو بقلق شديد:
«أخبرني ،ما هي األخطاء الخاصة في «إنذار الروح» التي جعلتك ترميها أرًضا».
قال ويستبروك« :عندما ذهب غابرييل موراي إلى هاتفه ،وأخبره أن لصًا أطل::ق
النار على خطيبته ،قال -ال أتذكر الكلمات بالضبط ،ولكن –
قال داو« :أتذكرها' .»،يقول" :اللعنة المركزية؛ هي دائمًا ما تقطعني
(ثم قال لصديقه)" :قل يا تومي ،هل ُتحِدث اثنتين وثالثين رصاصة حف::رة كب::يرة؟
إن::ه ن::وع من الح::ظ الص::عب ،أليس ك::ذلك؟ ه::ل يمكن::ك أن تحض::ر لي مش::روبًا من
الخزانة الجانبية يا تومي؟ ال؛ بشكل مستقيم؛ فال شيء على الجانب".
94