You are on page 1of 16

‫مبادئ السياسة الشرعية‬

SİYASETU'Ş-ŞER'İYYE (İSLAM İDARE HUKUKU)'NUN


TEMEL İLKELERİ

Dr. Öğr. Üyesi Ayman Haroush


Ağrı İbrahim Çeçen Üniversitesi
İslami İlimler Fakültesi
orcid.org/4281-0252-0003-000
Dr.haroush@hotmail.com

Atıf Gösterme: HAROUSH, Ayman, “‫”مبادئ السياسة الشرعية‬, Ağrı İslâmi İlimler Dergisi
(AGİİD), Aralık 2020 (7), s.223-238.

‫ يمكن تسميتها‬،‫ لقد قامت أحكام الشريعة اإلسالمية على أسس وثوابت إيمانية وأخالقية‬:‫ملخص‬
Geliş Tarihi:
‫ قامت على كثير من تلك المبادئ‬،‫ والسياسة الشرعية جزء من منظومة الشريعة‬،‫بمبادئ التشريع‬
.‫ كالشورى والحرية والعدالة والكفاءة ونحو ذلك‬،‫التي قام عليها التشريع‬
23 Ekim 2020
‫ وكذلك كل عامل في‬،‫وإن أي مجتهد في السياسة الشرعية ال بد أن يبني أحكامه على هذه المبادئ‬
Kabul Tarihi: ‫ يجب أن تقوم سلوكياتهم وأفكارهم‬،‫حقل السياسة أو كل جماعة أو دولة تقيم نظامها على الشريعة‬
.‫ وإال كانت سياستهم مخالفة للشريعة‬،‫عليها‬
15 Aralık 2020 ‫ استقرأتها من النظر في أصول وأحكام‬،‫وفي هذا البحث بيان ألسس ومبادئ السياسة الشرعية‬
.‫الشريعة عامة وأحكام السياسة خاصة‬
‫ الشورى – العدل – الحرية‬- ‫ السياسة – الشرعية – مبادئ – أسس‬:‫كلمات مفتاحية‬
© 2020 AGİİD
Özet: Şüphesiz ki İslam Hukukunun hükümleri bir takım imani ve ahlaki
Tüm Hakları Saklıdır. esaslar ve sabiteler üzerinde kuruludur. Bunlara hukuk ilkeleri demek de
mümkündür. Siyaset-i Şer'iyye de bu hukukun parçalarından biridir. O da
Islam Hukukunun dayandığı esaslar üzerinde kuruludur. Bu ilkeler de şura,
hürriyet, adalet, eşitlik ve benzeri ilkelerdir. Muhakkak ki Siyaset-i Şer'iyye
konusunda ictihad eeen her müctehidin istinbat ettiği hükümleri bu ilkelere
dayandırması gerekmektedir. Aynı şekilde siyaset konusunda oluşturduğu
sistemini kurmaya çalışan her alim, kurum veya devletin kendi hükümlerini,
metot ve yöntemlerini, görüş ve düşüncelerini bu temel esaslar çerçevesinde
inşa etmesi gerekmektedir. Aksi takdirde te'sis ettikleri siyasetleri İslam
Şeriatına aykırı olacaktır. İşte bu araştırmada Şer'î siyasetin yani İslam
Siyaset Hukukunun temel prensipleri ve ilkeleri incelenmiştir. Aynı şekilde
bu konu, usul-i fıkıh ilmi nazar-ı itibara alınarak İslam Hukukunun Genel
Hükümleri ile Siyaset-i Şeri'yye konusunun özel hükümleri çerçevesinde
araştırılmıştır
Anahtar Kelimeler: İlke, Prensip, Şura, Adalet, Hürriyet

‫ مفاهيم مدخلية للبحث‬: ‫المطلب التمهيدي‬

‫ مفهوم السياسة‬:ً‫أوال‬

223
‫( ‪)1‬‬
‫لغةً‪ :‬مصدر للفعل ساس‪ ،‬بمعنى قام باألمر‪ ،‬والسائس الذين يدير أمور القوم ويرعاهم‪.‬‬
‫فالمعنى اللغوي هو التدبير والرعاية‬

‫اصطال ًحا‪ :‬عرفت السياسة بأنها‪:‬‬

‫( ‪)2‬‬
‫القيام على الشيء بما يصلحه‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫أقرب إلى الصالح وأبعد عن الفساد‪.‬‬
‫َ‬ ‫الناس معه‬
‫ُ‬ ‫ما كان من األفعال بحيث يكون‬ ‫‪-‬‬

‫وهذه تشمل كل سياسة‪ ،‬أي كل رعاية وتدبير‪ ،‬سواء لشؤون الحكم أم لمدرسة أم للبيت‪.‬‬

‫( ‪)4‬‬
‫القانون الموضوع لرعاية اآلداب والمصالح وانتظام األحوال ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫( ‪)5‬‬
‫السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها‪ ،‬وإن لم يرد بذلك الفعل دلي ٌل جزئي‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وهذان التعريفان يظهر منهما قص ُْر معنى السياسة على تصرفات اإلمام‪ ،‬أو في مجال الحكم‪ ،‬والثاني‬
‫هو تعريف للسياسة الشرعية في حقيقته وليس للسياسة فقط‪.‬‬
‫وهذا يقصران السياسة على إدارة الحكم‪ ،‬وبما أن مقصودنا من البحث هو شؤون الحكم‪ ،‬وهو الغالب‬
‫في استعمال السياسة‪ ،‬فنختار أن نعرفها بأنها‪ " :‬رعاية شؤون العامة بما يحقق مصالحهم "‬

‫ثانيًا‪ :‬مفهوم الشرعية‪:‬‬


‫منسوبة للشريعة ‪ ،‬وفيما يأتي معناه‪:‬‬

‫(‪ – )1‬الفيومي‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي (ت‪770:‬ه‪1368/‬م)‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬بيروت‪ ،‬المكتبة العلمية‪،‬ج‪ ،2‬ص‪.295‬‬
‫(‪ – )2‬النووي‪ ،‬يحيى بن شرف الحوراني النووي (ت‪676 :‬ه‪1278/‬م)‪ -‬شرح صحيح مسلم (المنهاج شرح صحيح مسلم بن‬
‫الحجاج)‪،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث‪ ،‬ط‪ 1392 ،2‬ه ‪ ،‬ج‪،12‬ص‪231‬‬
‫العيني‪ ،‬بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى العيني الحنفي (ت‪855:‬ه‪1451/‬م)‪ ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.43‬‬
‫السندي‪ ،‬نور الدين محمد بن عبد الهادي التتوي (ت‪1138:‬ه‪1726/‬م)‪ ،‬حاشية السندي على سنن ابن ماجه (كفاية الحاجة في شرح سنن‬
‫ابن ماجه)‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.204‬‬
‫الطيبي‪ ،‬شرف الدين الحسين بن محمد بن عبد هللا (ت‪743:‬ه‪1342 /‬م)‪ ،‬شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (الكاشف عن حقائق‬
‫السنن)‪ ،‬مكة‪ ،‬مكتبة مصطفى الباز‪ ،‬ط‪1433 ،1‬ه‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.2564‬‬
‫الصنعاني‪ ،‬محمد بن إسماعيل األمير (ت‪1182:‬ه‪1768/‬م)‪،‬التحبير إليضاح معاني التيسير‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة الرشيد‪ ،‬ط‪1433 ،1‬ه‪ ،‬ج‪،3‬‬
‫ص‪.713‬‬
‫ابن األثير‪ ،‬مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن األثير الجزري (ت‪606:‬ه‪1210/‬م)‪،‬النهاية في غريب الحديث واألثر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬المكتبة العلمية‪1399 ،‬ه‪1979 /‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.421‬‬
‫ابن ا لملقن‪ ،‬سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد األنصاري (ت‪804:‬ه‪1401/‬م)‪،‬التوضيح لشرح الجامع الصحيح‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار‬
‫النوادر‪ ،‬ط‪1429 ،1‬ه‪ ،‬ج‪ ،19‬ص ‪)609/19( .609‬‬
‫(‪ - )3‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي (ت‪751:‬ه‪1350/‬م)‪،‬إعالم الموقعين‪ ،‬السعودية‪ ،‬دار ابن الجوزي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1432‬ه‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.283‬‬
‫(‪ – )4‬المقريزي‪ ،‬تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر(ت‪845:‬ه‪1441/‬م)‪ ،‬المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ه‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.383‬‬
‫(‪ - )5‬ابن نجيم‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد (ت‪970:‬ه‪1563/‬م)‪،‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪،‬‬
‫ط‪،2‬ج‪،5‬ص‪.11‬‬
‫‪224‬‬
‫(‪) 6‬‬
‫لغة‪ :‬موضع الماء الذي يرد عليه الشاربة‪ ،‬والشرعة والشريعة بمعنى واحد "‬
‫اصطال ًحا‪ :‬عرفت بأنها‪:‬‬

‫( ‪)7‬‬
‫ع هللا ُ لعباده من الدين‪.‬‬
‫ما ش ََر َ‬ ‫‪-‬‬

‫وفي هذا التعريف الدور(‪ )8‬وهو غير الئق بالتعريفات‪ ،‬ويالحظ أنه اعتبر الشريعة شاملة لكل أحكام الدين‪.‬‬

‫( ‪)9‬‬
‫الشريعة هي األحكام العملية التي تختلف باختالف الرسل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وهذا تعريف يقصرها على األحكام العملية فقط‪ ،‬ويخرج منها األحكام العقدية واألخالقية‪.‬‬
‫وال يخفى اطالق أهل العلم للشريعة في كتبهم وأبحاثهم على األحكام االجتهادية أيضًا‪ ،‬وبناء على ما سبق‪،‬‬
‫نختار أن نعرف الشريعة بأنها‪" :‬األحكام العملية الواردة في الكتاب والسنة واجتهادات العلماء "‪.‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬مفهوم السياسة الشرعية‪:‬‬


‫نأتي لتعريف السياسة الشرعية كمصطلح من حيث كونه لف ً‬
‫ظا مركبًا‪ ،‬بناء على ما فهمناه من معاني‬
‫مفرداته‪.‬‬

‫فنقول‪ :‬السياسة الشرعية‪" :‬هي رعاية شؤون العامة في مختلف نواحي الحياة من خالل الحكم‪ ،‬بما‬
‫يحقق مصالحهم من جلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم‪ ،‬وفق أحكام الدين اإلسالمي التي جاءت في الكتاب والسنة‬
‫واجتهادات أهل العلم"‪.‬‬

‫أو يمكن اختصاره بالقول‪" :‬هي رعاية شؤون العامة وفق أحكام الشريعة اإلسالمية"‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬مفهوم المبادئ‬

‫لغة‪ :‬المبادئ جمع مبدأ‪ ،‬والمبدأ على وزن ( َم ْف َعل )‪ ،‬وهذه الصيغة هي صيغة اسم المكان والزمان من الثالثي‬
‫بدأ (‪ ،)10‬وكذلك المصدر الميمي له (‪.)11‬‬

‫(‪ – )6‬الطبري‪ ،‬أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد(ت‪310:‬ه‪923/‬م)‪ ،‬تفسير الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن)‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪2000/‬م‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.384‬‬
‫(‪ – )7‬القرطبي‪ ،‬شمس الدين أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح األنصاري الخزرجي (ت‪671:‬ه‪1273/‬م)‪ ،‬تفسير القرطبي‬
‫(الجامع ألحكام القرآن)‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬ط‪1384 ،2‬ه‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.211‬‬
‫الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد بن عبد هللا الشوكاني (ت‪1250:‬ه‪1834/‬م)‪ ،‬فتح القدير‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬ط‪1414 ،1‬ه‪ ،‬ج‪،5‬‬
‫ص‪.9‬‬
‫(‪ )8‬قال الجرجاني‪" :‬الدور‪ :‬هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه‪ ،‬ويسمى‪ :‬الدور المصرح‪ ،‬كما يتوقف "أ" على "ب"‪ ،‬وبالعكس‪ ،‬أو‬
‫بمراتب‪ ،‬ويسمى‪ :‬الدور المضمر‪ ،‬كما يتوقف"أ" على "ب"‪ ،‬و "ب" على "ج"‪ ،‬و "ج" على "أ"" الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد بن علي‬
‫(ت‪816:‬ه‪1413/‬م)‪،‬التعريفات‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1403 ،1‬ه‪1983/‬م‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫وهنا عرف الشريعة بأنها ما شرع هللا‪ ،‬فيتوقف فهم (ما شرع) على فهم الشريعة‪ ،‬وهذا دور‪.‬‬
‫(‪ – )9‬المراغي‪ ،‬أحمد بن مصطفى المراغي (ت‪1371:‬ه‪1952/‬م)‪،‬تفسير المراغي‪ ،‬مصر‪ ،‬مكتبة مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1356‬ه‪1946/‬م‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.130‬‬
‫(‪ - )10‬الحمالوي‪ ،‬أحمد الحمالوي (ت‪1932:‬م)‪ ،‬شذا العرف‪ ،‬مكتبة ابن عطية‪ ،‬ط‪2007 ،7‬م‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫(‪ - )11‬المرجع السابق ص ‪.128‬‬
‫‪225‬‬
‫والبد ُء فعل الشيء أو ُل (‪ ،)12‬أي االفتتاح به(‪ ،)13‬وإذا قلنا المبدأ اسم مكان فمعناها المكان الذي يتم منه البدء‪،‬‬
‫ي – ولعله األرجح – فمعناها بمعنى المصدر القياسي البدء‪ ،‬أي االفتتاح بالشيء وفعله‬ ‫وإن قلنا هي مصدر ميم ٌ‬
‫أوالً‪ ،‬وحين تضاف ألمر ما‪ ،‬كقولنا مبدأ الخلق أي ما تم افتتاح الخلق به‪ ،‬ومبدأ العلم والفن أي ما يتم افتتاح العلم‬
‫(‪)14‬‬
‫به‪ ،‬فمبدأ الشيء "قواعده األساسيّة التي يقوم عليها"‪.‬‬
‫اصطال ًحا‪ :‬عرفت المبادئ‪ ،‬بأنها (‪:)15‬‬
‫التي يتوقف عليها مسائل العلم ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التي ال تحتاج إلى برهان‪ ،‬بخالف المسائل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المقدمات التي تنتهي األدلة والحجج إليها من الضروريات والمسلمات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ويظهر منها أن تعرف مبادئ العلوم‪ ،‬فتبين أن األمور العلمية التي يستفتح بها العلم ويرجع إليها وال تحتاج‬
‫للبرهان‪.‬‬

‫ولما كان لإلنسان قواعد يصدر أفعاله منها‪ ،‬سميت تلك القواعد مبادئ‪ ،‬فيقال الصدق عنده مبدأ‪ ،‬أي يرجع له‬
‫في سلوكياته‪ ،‬ومنه يستفتح أفعاله‪.‬‬

‫سا‪ :‬مبادئ السياسة الشرعية‬


‫خام ً‬

‫ومن خالل فهمنا السابق لمصطلح السياسة الشرعية‪ ،‬ولمفهوم كلمة المبادئ‪ ،‬نستطيع صياغة تعريف لمسمى‬
‫(مبادئ السياسة الشرعية)‪ ،‬فنقول‪ :‬هي القواعد واألسس التي تبدأ منها وتنطلق السياسة الشرعية‪ ،‬وترجع إليها في‬
‫مسائلها‪.‬‬

‫وإذا تأملنا نصوص الشريعة التي تتحدث عن السياسة الشرعية‪ ،‬وأفعال النبي ﷺ السياسية‪ ،‬نستطيع أن نتلمس‬
‫ونستنبط األسس والقواعد التي تنطلق منها السياسة الشرعية‪ ،‬وقد كتب في ذلك كثيرون من أهل العلم المعاصرين‪،‬‬
‫واستنبطوا األسس السياسية‪ ،‬وكانوا بين مقل ومكثر‪ ،‬وتتبع أحد الباحثين ما كتبوه‪ ،‬فكانت حوالي خمسة وعشرين‬
‫مبدأ ً (‪ ، )16‬لكنها ال تخلوا من التداخل في المضمون مع تغاير اللفظ‪ ،‬كالتكافل االجتماعي والتضامن االجتماعي‪،‬‬
‫سا للدولة كإشراف الحاكم على تطبيق الشريعة‪ ،‬ولهذا سنركز على‬
‫وبعضها قيمة أخالقية وأدائية أكثر من كونها أسا ً‬
‫ما هو قيمية تأسيسية‪ ،‬تبنى عليها وتنطلق منها السياسة الشرعية‪.‬‬

‫وقد يلتبس هذا المصطلح بمصطلحي أصول السياسة الشرعية أو مقاصد السياسة الشرعية‪ ،‬وبين هذه‬
‫المصطلحات فروق ال تخفى على الناظر‪ ،‬فأصول العلم هي قواعده التشريعية التي يستنبط منها أحكامه‪ ،‬ومقاصده‬

‫(‪ - )12‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪26‬‬


‫(‪ - )13‬ابن فارس‪ ،‬مقاييس اللغة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.212‬‬
‫(‪ - )14‬عمر‪ ،‬د‪ .‬أحمد مختار عبد الحميد عمر (ت‪1424 :‬ه)‪ ،‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط‪1429 ،1‬ه‪،‬‬
‫ج‪،1‬ص‪.168‬‬
‫(‪ - )15‬الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد بن علي الجرجاني (ت‪816:‬ه)‪ ،‬التعريفات‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1403 ،1‬ه‪1983/‬م‪ ،‬ص‪197‬‬
‫المناوي‪ ،‬زين الدين محمد عبد الرؤوف المناوي (ت‪1031:‬ه)‪ ،‬التوقيف بمهمات التعاريف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط‪1410 ،1‬ه‪1990/‬م‪،‬‬
‫ص‪295‬‬
‫(‪ - )16‬كوناتا‪ ،‬د‪ .‬حسن كوناتا‪ ،‬النظرية السياسية عند ابن تيمية‪ ،‬الدمام‪ ،‬دار األخالء‪ ،‬ط‪1،1415‬ه‪1994/‬م‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪226‬‬
‫هي األهداف والغايات التي يريد تحقيقها‪ ،‬ومبادئه هي القواعد التي ينطلق منها‪ ،‬فالسياسة الشرعية‪ ،‬لها مبادئ‬
‫تنطلق منها‪ ،‬وأصول تسير عليها في أحكامها‪ ،‬ومقاصد تسعى لتحقيقها‪.‬‬

‫وقد يسر هللا لي أن كتبت بحثًا عن أصول السياسة الشرعية(‪ ،)17‬وبحثًا عن مقاصد السياسة الشرعية(‪ ،)18‬ويأتي‬
‫هذا البحث ليتمم نظم العقد بالحديث عن مبادئ السياسة الشرعية إن شاء هللا تعالى‪ ،‬وسأستعرض كل مبدأ في مطلب‬
‫مستقل‪ ،‬في المطالب اآلتية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحاكمية هلل (سيادة الشريعة)‬

‫الحاكم في اإلسالم هو هللا تعالى‪ ،‬بمعنى أن الذي يشرع ويحلل ويحرم هو هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وليس لبشر أن‬
‫يقتحم أسوار التحليل والتحريم‪ ،‬وإال وقع في الشرك‪ ،‬وما دور أهل العلم إال نقل شرع هللا لعباده أو االجتهاد على‬
‫نصوص الشرع‪ ،‬بل كان من ورعهم ال يقولون حالل وحرام إال لما قوي دليله عندهم‪ ،‬يقول القرطبي‪ " :‬قال مالك‪:‬‬
‫لم يكن من فتيا الناس أن يقولوا هذا حالل وهذا حرام‪ ،‬ولكن يقولون إياكم كذا وكذا‪ ،‬ولم أكن ألصنع هذا‪ .‬ومعنى‬
‫هذا‪ :‬ان التحليل وتحريم إنما هو هلل عز وجل‪ ،‬وليس ألحد أن يقول أو يصرح بهذا في عين من األعيان‪ ،‬اال ان‬
‫يكون الباري تعالى يخبر بذلك عنه‪ .‬وما يؤدي إليه االجتهاد في أنه حرام يقول‪ :‬إني أكره [كذا] (‪ ) .....‬وقد يقوى‬
‫(‪)19‬‬
‫الدليل على التحريم عن المجتهد فال بأس عنه ذلك أن يقول ذلك‪ ،‬كما يقول إن الربا حرام في غير األعيان الستة"‬

‫وهذا مبحث أصيل في الدين تعرض له علماء األصول في مباحث الحكم الشرعي‪ ،‬وبينوا أن الحاكم هو الشرع‬
‫(‪) 21‬‬
‫باالتفاق(‪ ، )20‬وإنما وقع الخالف في تحسين العقل وتقبيحه فيما قبل البعثة‪.‬‬

‫ضى َّللاه ُ َو َرسُولُهُ أ َ ْم ًرا أ َ ْن‬


‫{و َما َكانَ ِل ُمؤْ م ٍِن َو َال ُمؤْ ِمنَ ٍة إِذَا قَ َ‬
‫وهو ما تشير إليه نصوص كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى‪َ :‬‬
‫يَكُونَ َل ُه ُم ا ْلخِ يَ َرة ُ م ِْن أ َ ْم ِر ِه ْم } [األحزاب‪ ،]36 :‬يقول ابن القيم‪" :‬فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه‬
‫وقضاء رسوله‪ ،‬ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضالال مبينا"(‪ ،)22‬فليس لمسلم إذا حكم الشرع بشيء أن يختار غيره‬
‫أو يتخلف عنه‪ ،‬وهذا معنى السيادة للشريعة في المجتمع المسلم أو الحاكمية‪ ،‬والنصوص الدالة على ذلك كثيرة‪،‬‬
‫ومن هنا ندرك خطأ من يصور أن الحديث عن حاكمية الشريعة وسيادتها حديث مخترع في العصر الحديث‪،‬‬
‫ابتكره أبو األعلى المودودي أو سيد قطب‪ ،‬بل هو ثابت في صلب الوحي(‪ ،)23‬ولكن لم تعرف األمة في تاريخها‬

‫(‪ - )17‬نشر في مجلة ( قطر الندى)‪ ،‬العدد الحادي والعشرون‪ ،‬جمادى األولى ‪1440‬ه‪ /‬شباط ‪2019‬م‪.‬‬
‫(‪ - )18‬سينشر قريبا في مجلة كلية العلوم االجتماعية‪ ،‬جامعة آغري ‪.‬‬
‫(‪ ، )19‬القرطبي‪ ،‬تفسير القرطبي‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪197‬‬
‫(‪ - )20‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد الشوكاني (ت‪1250:‬ه)‪ ،‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬ط‪1419 ،1‬ه‪1999/‬م‪،‬ج‪،1‬ص ‪.28‬‬
‫اآلمدي‪ ،‬أبو الحسين علي بن أبي علي بن محمد الثعلبي اآلمدي (ت‪631:‬ه)‪ ،‬اإلحكام في أصول الحكام‪ ،‬بيروت‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.79‬‬
‫(‪ - )21‬الشوكاني‪ ،‬إرشاد الفحول‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.28‬‬
‫(‪ - )22‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (ت‪751:‬ه)‪ ،‬إعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬ط‪1،1411‬ه‪1991/‬م‪،‬ج‪،1‬ص‪.40‬‬
‫(‪ )23‬القرضاوي‪ ،‬د‪ .‬يوسف القرضاوي‪ ،‬السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها‪ ،‬مكتبة وهبة‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪227‬‬
‫غيابًا لسلطان الشر يعة وسيادتها إال بعد إسقاط الخالفة العثمانية‪ ،‬فانبرى المصلحون الدينيون للحديث عنها وبيان‬
‫أصالتها وجوهريتها‪ ،‬ال سيما وقد ظهر من يهون منها ويراها ليست من الواجبات(‪.)24‬‬

‫إن تقييد السياسة بكونها شرعية يعني أنها تستند إلى الشرع وال تخالفه‪ ،‬ومن المعلوم أن لكل دولة عقيدة تبنى‬
‫عليها وتستند إليها كمرجعية أصيلة‪ ،‬والدولة في اإلسالم عقيدتها ومرجعيتها اإلسالم‪ ،‬وبناء عليه فإن النص الديني‬
‫أو الشريعة هي المادة ما فوق الدستورية كما يسمونها‪ ،‬ولها السيادة والحاكمية في الدولة والحكم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الشورى‪:‬‬

‫وهي أهم مبدأ وركيزة تأسيسية في السياسة الشرعية‪ ،‬بل هي قلبها النابض‪ ،‬الذي يمنحها سائر المبادئ من‬
‫العدل والحرية وأخواتها‪ ،‬وإذا فقدت الشورى ووقع االستبداد واحتكر القرار وتهاوت باقي المبادئ وانزلقت عجلة‬
‫السياسة الشرعية نحو الظلم واالستبداد‪ ،‬ولهذا كان مبدأ الشورى واض ًحا في السياسة الشرعية‪ ،‬إذ نصت عليها‬
‫ب َال ْنفَضُّوا مِ ْن‬‫ظ ْال َق ْل ِ‬
‫غلِي َ‬
‫ظا َ‬ ‫َّللاِ ِل ْنتَ لَ ُه ْم َولَ ْو كُ ْنتَ فَ ًّ‬
‫نصوص الشريعة‪ ،‬ومن النصوص قوله تعالى‪َ { :‬ف ِب َما َرحْ َم ٍة مِنَ ه‬
‫َّللا يُحِ بُّ ْال ُمت ََو ِ ّكلِينَ } [آل‬ ‫علَى ه ِ‬
‫َّللا ِإ هن ه َ‬ ‫عزَ ْمتَ فَت ََو هك ْل َ‬ ‫ْف َع ْن ُه ْم َوا ْست َ ْغف ِْر لَ ُه ْم َوشَا ِو ْرهُ ْم فِي ْاأل َ ْم ِر فَإِذَا َ‬
‫َح ْولِكَ فَاع ُ‬
‫عمران‪.]159:‬‬

‫قال القرطبي‪" :‬قال ابن عطية‪ :‬والشورى من قواعد الشريعة وعزائم األحكام‪ ،‬من ال يستشير أهل العلم والدين‬
‫فعزله واجب‪ ،‬هذا ما ال خالف فيه" (‪.)25‬‬

‫وقال أيضًا‪ " :‬وقال ابن خويز منداد‪ :‬واجب على الوالة مشاورة العلماء فيما ال يعلمون‪ ،‬وفيما أشكل عليهم من‬
‫أمور الدين‪ ،‬ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب‪ ،‬وجوه والناس فيما يتعلق بالمصالح‪ ،‬ووجوه الكتاب والوزراء‬
‫(‪)26‬‬
‫والعمال فيما يتعلق بمصالح البالد وعمارتها"‬

‫فتأمل كالم ابن عطية في وصفه الشورى بأنها من قواعد الشريعة‪ ،‬أي من أسسها التي بنيت عليها‪ ،‬وهو ما‬
‫نعنيه بالمبادئ‪ ،‬وهي في باب السياسة الشرعية أهم وأخطر‪ ،‬ألن السياسة باب مبني على االجتهاد واختيار األصلح‪،‬‬
‫وهو أمر كلما ازداد عدد الناظرين فيه‪ ،‬زاد اقترابهم من الحق‪ ،‬وكلما قلت اآلراء زادت نسبة الخطأ والزلل‪ ،‬كما‬
‫(‪)27‬‬
‫قال الحسن البصري‪ " :‬ما شاور قوم قط إال هُد ُوا ألرشد أمورهم"‬

‫ولقد سار النبي ﷺ في سياسته للناس ومن بعده الخلفاء الراشدون على مبدأ الشورى في كل سلوكياتهم الحكمية‪.‬‬

‫(‪ - )24‬وهو ما دار حوله كتاب‪ ،‬علي عبد الرزاق‪ ،‬اإلسالم وأصول الحكم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب المصري‪1433 ،‬ه‪2012/‬م‪.‬‬
‫(‪ – )25‬القرطبي‪ ،‬تفسير القرطبي‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ‪.249‬‬
‫(‪ – )26‬المرجع السابق ج‪ ،4‬ص ‪.250‬‬
‫(‪ – )27‬الطبري‪ ،‬تفسير الطبري‪ ،‬ج ‪ ،7‬ص ‪.344‬‬
‫‪228‬‬
‫وأهم ما يجب أن يلتزم فيه بالشورى هو اختيار الحاكم‪ ،‬فال شرعية لحاكم لم يأت بشورى المسلمين‪ ،‬يقول عمر‬
‫رضي هللا عنه‪ " :‬من بايع رجال عن غير مشورة من المسلمين فال يبايع هو وال الذي بايعه‪ ،‬تغرة (‪ )28‬أن يقتال"(‪،)29‬‬
‫(‪)30‬‬
‫فالمعنى واضح أنه من انفرد ببيعة دون مشورة من المسلمين فحكمه القتل‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬العدل‬


‫العدل هو جوهر السياسة والحكم‪ ،‬وهو في السياسة كالرأس من الجسد‪ ،‬وإن شبهناه بنظيره من األحكام فهو‬
‫كعرفة في الحج‪ ،‬وكالرضى في العقود‪ ،‬وكالنية في العبادات‪ ،‬فإن ذهب العدل ذهبت معه مقاصد السياسة والحكم‬
‫كلها‪ ،‬وإن تحقق العدل تحققت‪ ،‬ولهذا يقول ابن تيمية ‪ " :‬وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه االشتراك‬
‫في أنواع اإلثم‪ :‬أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في إثم؛ ولهذا قيل‪ :‬إن هللا يقيم الدولة العادلة‬
‫وإن كانت كافرة؛ وال يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة‪ .‬ويقال‪ :‬الدنيا تدوم مع العدل والكفر وال تدوم مع الظلم‬
‫(‪)31‬‬
‫واإلسالم"‬

‫وهو أساس الملك كما قال ابن خلدون" الظلم مؤذن بخراب العمران" ثم ساق قصة رجل الدين عند بهرام ملك‬
‫صرف تحت أمره ونهيه وال‬ ‫عزه ّإال بال ّ‬
‫شريعة والقيام هَّلل بطاعته والت ّ ّ‬ ‫إن الملك ال يت ّم ّ‬
‫فارس وجاء فيها‪ " :‬أيّها الملك ّ‬
‫للرجال ّإال بالمال وال سبيل إلى المال ّإال بالعمارة وال‬ ‫عز للملك ّإال ّ‬
‫بالرجال وال قوام ّ‬ ‫شريعة ّإال بالملك وال ّ‬
‫قوام لل ّ‬
‫(‪)32‬‬
‫سبيل للعمارة ّإال بالعدل والعدل الميزان المنصوب بين الخليقة نصبه ّ‬
‫الربّ وجعل له قيّما وهو الملك"‬

‫وإذا كان اإلنسان خليفة هللا تعالى في عمارة األرض‪ ،‬وتحقيق العبودية‪ ،‬فإن هذه المهمة قوامها وأساسها العدل‪،‬‬
‫فإن بالعدل قوام الدين والدنيا‪ ،‬كما يقول الماوردي‪ " :‬شريعة وأدب سياسة‪ .‬فأدب الشريعة ما أدى الفرض‪ ،‬وأدب‬
‫السياسة ما عمر األرض‪ .‬وكالهما يرجع إلى العدل الذي به سالمة السلطان‪ ،‬وعمارة البلدان؛ ألن من ترك الفرض‬
‫(‪)33‬‬
‫فقد ظلم نفسه‪ ،‬ومن خرب األرض فقد ظلم غيره "‬

‫ان َو ِإيتَاءِ ذِي ْالقُ ْر َبى‬


‫س ِ‬ ‫َّللا َيأ ْ ُم ُر ِب ْال َعدْ ِل َو ْ ِ‬
‫اإلحْ َ‬ ‫وقد أوجز القرآن جوهر الشريعة وروحها في قوله تعالى‪ِ { :‬إ هن ه َ‬
‫ع ِن ْالفَ ْحشَاءِ َو ْال ُم ْنك َِر َو ْالبَ ْغي ِ يَ ِعظُكُ ْم لَعَلهكُ ْم تَذ َ هك ُرونَ } [النحل‪.]90 :‬‬
‫َويَ ْن َهى َ‬

‫فجعل العدل جامع األوامر والفرائض لما يريده هللا تعالى‪ ،‬واإلحسان لما هو مستحب منهم(‪ ،)34‬وحين ذكر ما‬
‫َّللا َيأ ْ ُم ُركُ ْم أ َ ْن ت ُ َؤدُّوا ْاأل َ َمانَا ِ‬
‫ت ِإلَى أ َ ْه ِل َها َو ِإذَا َحك َْمت ُ ْم َبيْنَ‬ ‫أمر به في الحكم اقتصر على العدل‪ ،‬فقال تعالى‪ِ { :‬إ هن ه َ‬
‫اس أَ ْن ت َحْ كُ ُموا بِ ْالعَد ِْل} [النساء‪.]58 :‬‬
‫النه ِ‬

‫(‪ - )28‬تغرة‪ ،‬مصدر غررته إذا ألقيته في الغرر‪ ،‬والمعنى من فعل ذلك فقد غرر بنفسه و بصاحبه وعرضهما للقتل‪.‬‬
‫شهاب الدين القتيبي‪ ،‬أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطالني (ت‪923:‬ه)‪ ،‬إرشاد الساري لشرح البخاري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المطبعة‬
‫الكبرى األميرية‪ ،‬ط‪1323 ،7‬ه‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪22‬‬
‫(‪ - )29‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب رجم الحبلى إذا أحصنت‪ ،‬رقم الحديث ‪ ،6830‬ج‪ ،8‬ص‪.168‬‬
‫(‪ - )30‬ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم ابن تيمية الحراني (ت‪728:‬ه)‪ ،‬منهاج السنة النبوية‪ ،‬الرياض‪ ،‬جامعة‬
‫اإلمام محمد بن سعود‪ ،‬ط‪1406 ،1‬ه‪1986/‬م‪ ،‬ج‪،8‬ص‪.278‬‬
‫(‪ – )31‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬مجمع الملك فهد‪1416 ،‬ه‪1995/‬م‪ ،‬ج‪ ،28‬ص ‪.146‬‬
‫(‪ – )32‬ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن خلدون (ت‪8080:‬ه)‪ ،‬تاريخ ابن خلدون ( ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب‬
‫والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن األكبر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1408 ،2‬ه‪1988/‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.354‬‬
‫(‪ - )33‬الماوردي‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الشهير بالماوردي (ت‪450 :‬ه)‪ ،‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪1986 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.134‬‬
‫(‪ - )34‬القرطبي‪ ،‬تفسير القرطبي‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.166‬‬
‫‪229‬‬
‫فاعتبر العدل أساس الحكم‪ ،‬وجعله حقا ً للناس جميعا ً (‪ ،)35‬فالعدل حق للجميع وواجب على الحاكم لجميع الناس‪،‬‬
‫مسلمهم وكافرهم‪ ،‬وهذا منهج لم يوجد نظريا ً إال في السياسة الشرعية اإلسالمية‪ ،‬وال عمليا ً إال في تاريخ المسلمين‪.‬‬

‫والعدل قيمية أخالقية تتفق عليها كلها الشرائع والقوانين‪ ،‬ولو نظريًا‪ ،‬ولكن الخالف في آليات العدل وما هو‬
‫القانون الذي يحقق العدل؟‬

‫والحق أن العدل الحق هو ما جاء به الشرع‪ ،‬فتطبيق الشريعة هو ما يحقق العدل بين الناس‪ ،‬ولهذا كانت اآلية‬
‫الرسُولَ َوأُولِي ْاأل َ ْم ِر مِ ْنكُ ْم فَإ ِ ْن‬
‫َّللا َوأَطِ يعُوا ه‬
‫التي بعد اآلية السابقة هي قوله تعالى‪{ :‬يَا أَيُّ َها الهذِينَ آ َمنُوا أَطِ يعُوا ه َ‬
‫سنُ ت َأ ْ ِو ً‬
‫يال} [النساء‪:‬‬ ‫اَّلل َو ْال َي ْو ِم ْاآلخِ ِر ذَلِكَ َخي ٌْر َوأ َ ْح َ‬
‫الرسُو ِل ِإ ْن كُ ْنت ُ ْم ت ُ ْؤ ِمنُونَ ِب ه ِ‬ ‫ش ْيءٍ فَ ُردُّوهُ ِإلَى ه ِ‬
‫َّللا َو ه‬ ‫تَنَازَ ْعت ُ ْم فِي َ‬
‫‪ ،] 59‬فأمرت بالطاعة واالمتثال ألمر هللا ورسوله ﷺ‪ ،‬يقول ابن تيمية‪" :‬وعلى الحكام أن ال يحكموا إال بالعدل‪" .‬‬
‫والعدل " هو ما أنزل هللا" (‪.)36‬‬

‫وعندما عرفه ابن الموصلي قال‪ " :‬العدل هو الحكم بما أنزل هللا" (‪ ،)37‬ولذا فمن التدليس والتضليل أن يقال إن‬
‫العدل قد يتحقق بغير الشريعة اإلسالمية فليس من الضروري تطبيقها‪ ،‬فالمهم هو العدل وليست ذات األحكام‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬األمانة‬


‫لقد بينت الشريعة أن الحكم والرياسة هي أمانة تقلدها من تسلم أمور الناس‪ ،‬فليس الحكم مل ًكا للحاكم يفعل ما‬
‫يشاء‪ ،‬وليست الرعية جز ًءا من ممتلكاته يفعل بهم ما يريد‪ ،‬كما هو حال الحكم الجبري والملكي‪ ،‬بل الحكم أمانة‬
‫علَ ْي ِه َوسلم أَن ْال َ‬
‫واليَة أ َ َمانَة يجب‬ ‫ومسؤولية‪ ،‬قال ابن الموصلي‪َ " :‬وقد د ّل كتاب هللا تَعَالَى َوسنة َرسُوله صلى هللا َ‬
‫(‪)38‬‬
‫ردهَا وأداؤها"‬
‫ومن هنا ف إن الشريعة انطلقت في أحكامها السياسية من ترسيخ شعور الحاكم بالمسؤولية والقيام بالتكليف على‬
‫ِيف‪َ ،‬و ِإنه َها‬
‫ضع ٌ‬‫ي ﷺ أن يؤمره‪ ،‬قال ﷺ ‪َ ( :‬يا أ َ َبا ذَ ٍ ّر‪ِ ،‬إنهكَ َ‬ ‫الوجه المطلوب‪ ،‬فعندما سأل أبو ذر رضي هللا عنه النب ه‬
‫أ َ َمانَةُ‪َ ،‬و ِإنه َها َي ْو َم ْال ِق َيا َم ِة خِ ْز ٌ‬
‫ي َونَدَا َمةٌ‪ِ ،‬إ هال َم ْن أ َ َخذَهَا ِب َح ِقّ َها‪َ ،‬وأَدهى ا هلذِي َ‬
‫ع َل ْي ِه فِي َها)‪.‬‬
‫(‪)39‬‬

‫َّللاَ يَأ ْ ُم ُركُ ْم أ َ ْن ت ُ َؤدُّوا‬


‫ولعل هذا سر اقتران األمر باألمانة مع األمر بالعدل في الحكم في اآلية السابقة‪ { : ،‬إِ هن ه‬
‫اس أ َ ْن ت َ ْحكُ ُموا بِ ْالعَدْ ِل} [النساء‪.]58 :‬‬
‫ت إِ َلى أ َ ْه ِل َها َوإِذَا َح َك ْمت ُ ْم بَيْنَ النه ِ‬
‫ْاأل َ َمانَا ِ‬
‫فهي تشير إلى أن الحكم من أعظم األمانات التي يؤتمن عليها اإلنسان‪ ،‬فهو مؤتمن على الشريعة أن يصونها‪،‬‬
‫وعلى الحقوق أن يحفظها‪ ،‬وعلى البالد أن يصونها‪ ،‬وعلى األخالق أن يرعاها‪ ،‬واألمان أن ينشره في البالد‪ ،‬وعلى‬
‫تأمين حاجات الناس وقضائها‪ ،‬فما أعظمها من أمانة‪ ،‬ولهذا اشترط أهل العلم في اإلمام أن يكون عدالً والعدالة‬

‫السعدي‪ ،‬عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت‪1376 :‬ه)‪ ،‬تفسير السعدي ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان)‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪2000/‬م‪ ،‬ص ‪.447‬‬
‫(‪ - )35‬سيد قطب‪ ،‬سيد إبراهيم حسين الشاربي (ت‪1385:‬م)‪ ،‬في ظالل القرآن‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪1412 ،17‬ه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.689‬‬
‫(‪ - )36‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،35‬ص‪.361‬‬
‫(‪ - )37‬ابن الموصلي‪ ،‬محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان ابن الموصلي (ت‪774:‬ه)‪ ،‬حسن السلوك الحافظ دولة الملوك‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫دار الوطن‪ ،‬ص ‪55‬‬
‫(‪ - )38‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫(‪ - )39‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب كراهة اإلمارة بغير ضرورة‪ ،‬رقم الحديث (‪ ،)1825/16‬ج‪ ،3‬ص ‪.1457‬‬
‫أحمد‪ ،‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬رقم الحديث ‪ ،21513‬ج‪ ،35‬ص ‪.404‬‬
‫‪230‬‬
‫تتضمن األمانة(‪ ، )40‬بل هي ركن أصيل في اإلمامة لتحقيق مقاصدها‪ ،‬فاإلمامة تقوم على القوة واألمانة(‪ ،)41‬كما‬
‫قال تعالى‪ِ { :‬إ هن َخي َْر َم ِن ا ْست َأ ْ َج ْرتَ ْالقَ ِو ُّ‬
‫ي ْاألَمِينُ} [القصص‪.]26 :‬‬
‫ومن طريف األخبار النافعة الهادفة أنه لما دخل أبو مسلم الخوالني على معاوية بن أبي سفيان فقال‪ :‬السالم‬
‫عليك أيها األجير‪ ،‬فقالوا‪ :‬قل السالم عليك أيها األمير‪ ،‬فقال السالم عليك أيها األجير‪ ،‬فقالوا‪ :‬قل‪ :‬السالم عليك أيها‬
‫األمير ‪ ،‬فقال السالم عليك أيها األجير‪ ،‬فقالوا قل السالم عليك أيها األمير‪ ،‬فقال‪ :‬السالم عليك أيها األجير‪ ،‬فقال‬
‫معاوية‪ :‬دعوا أبا مسلم فإنه أعلم بما يقول‪ ،‬فقال‪ :‬إنما أنت أجير استأجرك رب هذه الغنم لرعايتها‪ ،‬فإن أنت هنأت‬
‫جرباها وداويت مرضاها وحبست أوالها على أخراها‪ ،‬وفاك سيدها أجرك‪ ،‬وإن أنت لم تهنأ جرباها ولم تداو‬
‫(‪) 42‬‬
‫مرضاها‪ ،‬ولم تحبس أوالها على أخراها‪ ،‬عاقبك سيدها‪.‬‬
‫ومن هذا المبدأ كانت تصرفات اإلمام من حيث اختيار العمال أو سن األحكام أو غير ذلك‪ ،‬منوطةً بتحقيق‬
‫األصلح واألفضل للرعية‪ ،‬ألن األمين عليه أن يختار األفضل لمن أمنهه‪ ،‬يقول ابن تيمية‪" :‬الخلق عباد هللا والوالة‬
‫نواب هللا على عباده وهم وكالء العباد على نفوسهم؛ بمنزلة أحد الشريكين مع اآلخر؛ ففيهم معنى الوالية والوكالة؛‬
‫ثم الولي والوكيل متى استناب في أموره رجال وترك من هو أصلح للتجارة أو العقار منه وباع السلعة بثمن وهو‬
‫يجد من يشتريها بخير من ذلك الثمن؛ فقد خان صاحبه ال سيما إن كان بين من حاباه وبينه مودة أو قرابة فإن‬
‫(‪)43‬‬
‫صاحبه يبغضه ويذمه ويرى أنه قد خانه وداهن قريبه أو صديقه"‬
‫المطلب الخامس‪ :‬الحرية‬
‫وهي من أهم الصفات التي ميز هللا بها اإلنسان عن الحيوان‪ ،‬فمن يريد أن يسلب اإلنسان حريته ويجعله عبدًا‬
‫ذليالّ فقد خالف سنة هللا الكونية والشرعية‪.‬‬

‫وقد تناول أهل العلم الحرية ك ٌل من الزاوية التي تتعلق بفنه‪ ،‬ففي العقيدة تكلموا عن حرية العبد في اختيار‬
‫أعماله‪ ،‬وفي الفقه المالي تكلموا عن حريته في التصرفات المالية كاالحتكار مثالً‪ ،‬وفي الفقه الجنائي عن أثر الحرية‬
‫وانعدامها في الجريمة‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫وما يهمنا هو الحرية في الفقه السياسي‪ ،‬وهي حرية اإلنسان في اختيار من يحكمه وحريته في ممارسته حقوقه‬
‫السياسة من الترشح واالختيار والوالية والتنقل واإلقامة واالنتفاع بمرافق الدولة من التعليم والصحة ونحو ذلك‪.‬‬

‫والحرية السياسة هي روح الشورى فال معنى للشورى بدون الحرية‪ ،‬بل ستصبح كاالنتخابات العربية لألنظمة‬
‫االستبدادية‪ ،‬ولهذا يمكن القول إن الشورى – وهي ركن أصيل ومبدأ راسخ في السياسة‪ -‬فرع عن وجود الحرية‪.‬‬

‫وإذا كانت الوالية أمانة كما تقدم فمن حق المؤتمِن أن يسأل وينتقد ويحاسب من أمنّه‪ ،‬فالسياسة أكبر باب يحتاج‬
‫للحرية لمنع الظلم واالستبداد‪ ،‬وليستطيع الناس ممارسة النقد وتصحيح المسار وبناء الدولة‪ ،‬وكلما فتحت منافذ‬
‫الحرية كلما انتعش البلد وتحسنت بيئته‪،‬‬

‫(‪ - )40‬الجويني‪ ،‬إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد هللا الجويني (ت‪478:‬ه)‪ ،‬غياث األمم في التياث الظلم‪ ،‬مكتبة إمام الحرمين‪،‬‬
‫ط‪1401 ،2‬ه‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫الماوردي‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الشهير بالماوردي (ت‪450:‬ه)‪ ،‬األحكام السلطانية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪ - )41‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،28‬ص ‪.253‬‬
‫(‪ - )42‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج‪ ،28‬ص ‪.251‬‬
‫(‪ - )43‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫‪231‬‬
‫وال شك أن الحرية لها ضوابط كغيرها من الصفات التي ميز هللا بها اإلنسان‪ ،‬كما أن البيت لو صار كله نوافذ‬
‫لفقد وظيفته وما عاد سكنًا‪ ،‬والضوابط هي ما نص عليها الشرع المنزل‪ ،‬وليس ما رسمته أهواء الملوك والطغاة‪،‬‬
‫ورقعه وشرعه كهنتهم‪.‬‬

‫ومن تأمل سنة النبي ﷺ في سياسة الرعية وسياسة الصحابة الخلفاء بعده‪ ،‬يالحظ الحرية الحقيقة والضوابط‬
‫الصحيحة لها في أسمى صورها‪ ،‬ولعل كلمة عمر بن الخطاب راحت في التاريخ خالدة مدوية‪" :‬متى استعبدتم‬
‫أحرارا"(‪ ،)44‬وسبقت ميثاق األمم المتحدة في حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ً‬ ‫الناس وقد ولدتهم أمهاتهم‬

‫ولقد استعمل هذا المصطلح اليوم في عصرنا استعماال خاطئاً‪ ،‬فقد أطلق على اإللحاد واإلباحية والرأسمالية اسم‬
‫الحرية‪ ،‬وكل من حاربها يقال عنه مستبد وقامع للحريات‪ ،‬وهذا من الفوضى الفكرية التي نعيشها في عصرنا‪،‬‬
‫ولهذا ال بد من قيود وضوابط لمفهوم الحرية‪.‬‬

‫والشريعة خير من ضبطت وقيدت الحرية‪ ،‬فهي فتحت باب الحرية بالقدر الذي يحصن المجتمع من االستبداد‬
‫والفساد والظلم‪ ،‬ويكفل وصول األكفأ واألفضل‪ ،‬وقيدته بالقدر الذي يحافظ على القيم اإليمانية واألخالقية في المجتمع‬
‫المسلم‪ ،‬فعلى سبيل المثال قيدت حرية الترشح بأن يكون الحاكم مسل ًما عدالً‪ ،‬وذلك ألن الكافر والفاسق ليس محل‬
‫ثقة وأمان للحفاظ على القيم الدينية واألخالقية للمجتمع المسلم‪.‬‬

‫المطلب السادس‪ :‬الرقابة والمحاسبة‬


‫إن مدار السياسة على تحقيق مصالح العباد في دينهم ودنياهم‪ ،‬وهذه الغاية يجتهد الحاكم وأعوانه من القضاة‬
‫والوزراء ورجال الدولة في تحقيقها‪ ،‬وهي مسألة تدور في فلك االجتهاد‪ ،‬وهذا الفضاء من االجتهاد والسلطة والسعة‬
‫في العدد هو مظنة الخطأ والفساد‪ ،‬ولهذا ال بد من تحصين الدولة وأجهزتها من تسلل الفساد والخطأ إليها‪ ،‬وهذا ال‬
‫يتحقق إال بالمراقبة والمحاسبة‪.‬‬

‫وهذا ما نجده في سياسة النبي ﷺ حيث كان يتفقد األسواق ويتحسس أخبار الرعية‪ ،‬ويراقب عماله ويصحح‬
‫أخطاءهم كما فعل مع ابن اللتبية الذي قبل الرشوة وظنها هدية (‪.)45‬‬

‫وعلى هدية سار الخلفاء وال سيما عمر رضي هللا عنه فسيرته مع عماله في محاسبتهم ومراقبتهم معلومة‬
‫ومشهورة‪.‬‬

‫واإلمام كما يراقب عماله فهو أيضًا يحتاج لمن يراقبه ويصحح سيرته في الحكم‪ ،‬وهذه السلطة من حق الرعية‬
‫متمثلة في أهل الحل والعقد والشورى‪ ،‬بنصيحته وإرشاده‪ ،‬وإن أبى فال طاعة له عليهم‪ ،‬وقد تصل درجة تقويم‬
‫اإلمام لخلعه وعزله(‪ ، )46‬وهذه جزئيات تحتاج لتفصيل ليس هذا محلها‪ ،‬ولكن ما نريد بيانه هنا ‪ -‬وهو متفق عليه ‪-‬‬

‫(‪ - )44‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي‪ ،‬حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬عيسى البابي‬
‫وشركاه‪ ،‬ط‪1387 ،1‬ه‪1967/‬م‪،‬ج‪ ،1‬ص ‪،578‬‬
‫(‪ - )45‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬باب تحريم هدايا العمال‪ ،‬رقم الحديث (‪ ،)1832/26‬ج‪ ،3‬ص‪.1463‬‬
‫(‪ - )46‬البياتي‪ ،‬الدكتور منير حميد البياتي‪ ،‬النظام السياسي في اإلسالم‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1434 ،4‬ه‪2013/‬م‪ ،‬ص ‪.255‬‬
‫‪232‬‬
‫أن اإلمام ال يسير بال رقابة وتوجيه‪ ،‬بل هو مقيد بالشرع ومسؤول أمام من واله وفوضه وهم أهل الحل والعقد‪،‬‬
‫كما أن عماله كذلك مسؤولون أمامه‪ ،‬فالرقابة والمحاسبة مبدأ ال بد منه في بنيان السياسة الشرعية‪.‬‬

‫المطلب السابع‪ :‬وحدة األمة‬

‫المسلمون أمة واحدة‪ ،‬هذه حقيقة أكدتها النصوص‪ ،‬كقوله تعالى‪{ :‬إِ هن َه ِذ ِه أ ُ همتُكُ ْم أ ُ همةً َواحِ دَة ً َوأَنَا َربُّكُ ْم فَا ْعبُد ِ‬
‫ُون}‬
‫[األنبياء‪ ،]92 :‬وكقوله ﷺ فيما كتب ه في صحيفة المدينة وهي أول وثيقة دستورية في اإلسالم‪ ( :‬المسلمون أمة من‬
‫دون الناس)‪.‬‬

‫وقد يكون المعنى بوحدة األمة في النصوص أنها أمة واحدة بدينها ووالئها لبعضها(‪ ،)47‬وهذا حق‪ ،‬ولكن هناك‬
‫معنى وبعد ٌ سياسي للوحدة‪ ،‬وهو أن األمة يجب أن تبقى تحت حكم واحد وسيادة واحدة‪ ،‬وال يجوز أن تنقسم إلى‬
‫دول شتى‪ ،‬وهذا ما أكده أهل الفقه‪ ،‬قال الماوردي‪ " :‬إذا عقدت اإلمامة إلمامين في بلدين لم تنعقد إمامتهما؛ ألنه ال‬
‫يجوز أن يكون لألمة إمامان في وقت واحد‪ ،‬وإن شذ قوم فجوزوه"(‪ ،)48‬وإن كان قلة من العلماء نسب لهم ذلك عند‬
‫عدم القدرة على نصب إمام وتفرق البالد وانفراد كل واحد بإقليم(‪ ،)49‬لكن هو قول للضرورة كأكل الميتة حتى ال‬
‫تذهب البالد وتضيع الحقوق‪ ،‬ومع ذلك فالتحقيق والترجيح عدم جواز ذلك‪ ،‬كما قال العمراني‪ " :‬وقال الجويني‪:‬‬
‫يجوز عقد اإلمامة إلمامين في صقعين متباعدين‪ .‬وهذا خطأ؛ إلجماع األمة‪ :‬أن ذلك ال يجوز"(‪ ،)50‬وهذا يعني أنه‬
‫حال القدرة واإلمكان ال يجوز أن تتمزق األمة في دولتين فضالً عن دويالت‪ ،‬ومعنى القدرة هنا إمكان قيام األمر‬
‫بذاته وليس موافقة الحكام أهل األهواء‪.‬‬

‫وهذا يقودنا لبحث مشروعية تفريق األمة اليوم على أكثر من خمسين دولة‪ ،‬وليس هذا مرادًا للبحث هنا‪ ،‬ولكن‬
‫المراد أن نبين أن وحدة األمة مبدأ وركن من النظام السياسي في اإلسالم‪ ،‬وأن قبولنا لواقعنا المر والمخالف للشرع‪،‬‬
‫ال يعني مشروعيته‪.‬‬

‫المطلب الثامن‪ :‬المال هلل‬

‫المال من أهم مقومات الدولة‪ ،‬وهو في الدولة كالحكم ليس مل ًكا للحاكم يفعل فيه ما يشاء‪ ،‬بل هو أمانة‪ ،‬فكما بينا‬
‫سابقًا أن الحكم أمانة فكذلك المال العام هو أمانة بيد الحاكم‪ ،‬وعليه أن ينفق منه وفق ما تسمه له به الشريعة ويرضي‬
‫هللا تعالى‪.‬‬

‫(‪ - )47‬الطبري‪ ،‬تفسير الطبري‪ ،‬ج‪ ،18‬ص‪.523‬‬


‫ابن كثير‪ ،‬إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (ت‪774:‬ه)‪ ،‬تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬ط‪2،1420‬ه‪1999/‬م‪ ،‬ج‪،5‬‬
‫ص‪.371‬‬
‫(‪- )48‬الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانية‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫القرافي‪ ،‬أبو العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي (ت‪ ،)684:‬الذخيرة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الغرب‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪ ،‬ج‪،10‬ص‪،26‬‬
‫نقله عنه نق َل إقرار له‬
‫(‪ - )49‬الجويني‪ ،‬غياث األمم‪ ،‬ص‪ ،175‬ونسبه ألبي اسحق اإلسفراييني وأبي الحسن األشعري‪.‬‬
‫(‪ - )50‬العمراني‪ ،‬أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني (ت‪558:‬ه)‪ ،‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي‪ ،‬جدة‪ ،‬دار‬
‫المنهاج‪ ،‬ط‪1421 ،1‬ه‪2000/‬م‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪.10‬‬
‫‪233‬‬
‫وهذه النقطة من أقوى ما يمنع الظلم واالستبداد في الحكم‪ ،‬ويضمن حقوق الناس‪ ،‬فالظلمة والمستبدون ال تترسخ‬
‫قدمهم إال عندما يمنعون الشعب حقوقه ومنها حقه في المال العام‪ ،‬ويستبيحون ألنفسهم فعل كل شيء وكأن الدولة‬
‫ملك ورثوه عن آبائهم‪.‬‬

‫لقد أوضح القرآن مصادر صرف المال الذي أوكل للوالة النظر فيه‪ ،‬وهي ثالثة أموال الفيء والغنيمة والزكاة‪،‬‬
‫قال ابن قدامة‪ " :‬قال – أي الخرقي‪( : -‬واألموال ثالثة فيء وغنيمة‪ ،‬وصدقة) يعني ‪ -‬وهللا أعلم ‪ -‬أن األموال التي‬
‫مِن أ َ ْه ِل‬
‫علَى َرسُو ِل ِه ْ‬ ‫تليها الوالة من أموال المسلمين‪ ،‬فأنها ثالثة أقسام" (‪،)51‬ففي الفيء قال تعالى‪َ { :‬ما أَفَا َء ه‬
‫َّللاُ َ‬
‫سبِي ِل َك ْي َال يَكُونَ د ُولَةً بَيْنَ ْاأل َ ْغنِيَاءِ مِ ْنكُ ْم }‬
‫ِين َواب ِْن ال ه‬ ‫ِلرسُو ِل َو ِلذِي ْالقُ ْربَى َو ْاليَتَا َمى َو ْال َم َ‬
‫ساك ِ‬ ‫ْالقُ َرى فَ ِلله ِه َول ه‬
‫[الحشر‪ ،] 7:‬والفيء "هو المال الراجع للمسلمين من مال الكفار بغير قتال"(‪،)52‬‬

‫ِلرسُو ِل َو ِلذِي ْالقُ ْربَى َو ْاليَت َا َمى‬‫سهُ َول ه‬ ‫ش ْيءٍ فَأ َ هن ِ ه ِ‬


‫َّلل ُخ ُم َ‬ ‫{وا ْعلَ ُموا أَنه َما َ‬
‫غنِ ْمت ُ ْم م ِْن َ‬ ‫وفي الغنائم‪ ،‬وقال تعالى‪َ :‬‬
‫علَى كُ ِّل ش َْيءٍ‬ ‫َّللاُ َ‬ ‫ان يَ ْو َم ْالت َ َقى ْال َج ْمعَ ِ‬
‫ان َو ه‬ ‫ع ْب ِدنَا يَ ْو َم ْالفُ ْر َق ِ‬
‫اَّلل َو َما أ َ ْنزَ ْلنَا َعلَى َ‬
‫سبِي ِل ِإ ْن كُ ْنت ُ ْم آ َم ْنت ُ ْم بِ ه ِ‬
‫ِين َواب ِْن ال ه‬ ‫َو ْال َم َ‬
‫ساك ِ‬
‫قهرا"(‪.)53‬‬ ‫قَد ٌ‬
‫ِير } [األنفال‪ ،]41 :‬والغنائم‪ " :‬ما أخذ من الكفار ً‬

‫علَ ْي َها َو ْال ُم َؤلهفَ ِة قُلُوبُ ُه ْم َوفِي ِ ّ‬


‫الر َقا ِ‬
‫ب‬ ‫ِين َو ْالعَا ِملِينَ َ‬ ‫صدَقَاتُ ل ِْلفُ َق َراءِ َو ْال َم َ‬
‫ساك ِ‬ ‫وفي الزكاة‪ ،‬قال تعالى‪ { :‬إِنه َما ال ه‬
‫علِي ٌم َحكِي ٌم } [التوبة‪.]60 :‬‬ ‫َّللاُ َ‬ ‫ضةً مِنَ ه ِ‬
‫َّللا َو ه‬ ‫سبِي ِل فَ ِري َ‬ ‫يل ه ِ‬
‫َّللا َواب ِْن ال ه‬ ‫َو ْالغ َِارمِينَ َوفِي َ‬
‫سبِ ِ‬

‫فدور الحاكم هو أداء هذه األمانة وصرف المال في وجوه المشروعة‪ ،‬وهي مما اتفق عليه أهل العلم في واجبات‬
‫الحاكم(‪ ،)54‬وليس له أن يتصرف به كما لوكان مل ًكا خا ً‬
‫صا به‪.‬‬

‫ْث أُم ِْرتُ )(‪ ،)55‬وهذا نص صريح وواضح أن النبي‬ ‫ويقول ﷺ ‪َ ( :‬ما أُعْطِ يكُ ْم َوالَ أ َ ْمنَعُكُ ْم‪ِ ،‬إنه َما أَنَا قَا ِس ٌم أ َ َ‬
‫ض ُع َحي ُ‬
‫ﷺ يقسم المال على الوجه الذي أمره هللا به‪ ،‬وليس له أن يتصرف به كما يريد بصفته حاكما ً للدولة‪ ،‬قال القتيبي‪" :‬‬
‫كثيرا فبقدر هللا‬
‫ً‬ ‫إنما أنا (قاسم أضع حيث أمرت)‪ .‬ال برأيي فمن قسمت له قليالً فذلك بقدر هللا له ومن قسمت له‬
‫أيضًا"(‪.)56‬‬

‫ق‪ ،‬فَلَ ُه ُم ال هن ُ‬
‫ار‬ ‫َّللا بِغَي ِْر َح ّ ٍ‬
‫ال ه ِ‬‫ويحذر النبي ﷺ من التصرف بالمال بالهوى‪ ،‬فيقول‪ ( :‬إِ هن ِر َج ًاال َيتَخ هَوضُونَ فِي َم ِ‬
‫يَ ْو َم ال ِقيَا َمةِ)(‪ ،)57‬ويتخوضون يعني يتصرفون به بالباطل(‪ ،)58‬فال يقسمونه بالعدل وال في الجهات التي أمر هللا بها‪،‬‬
‫بل إن تسمية المال العام بـاسم (مال هللا) تنبيه وإشعار بأن التصرف فيه يعود ألمر هللا وليس لشهوة الحاكم‪ ،‬كما‬

‫(‪ - )51‬ابن قدامة‪ ،‬أبو محمد موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (ت‪620:‬ه)‪ ،‬المغني‪ ،‬مكتبة القاهرة‪1388 ،‬ه‪1968/‬م‪،‬‬
‫ج‪ ،6‬ص‪.453‬‬
‫(‪ - )52‬المرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ - )53‬المرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ - )54‬الماوردي‪ ،‬األحكام السلطانية‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫(‪ - )55‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب فرض الخمس‪ ،‬باب قول هللا تعالى(فأن هلل خمسه)‪ ،‬رقم الحديث ‪ ،3117‬ج‪،4‬ص‪.85‬‬
‫(‪ - )56‬شهاب الدين محمد القتيبي‪ ،‬إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.204‬‬
‫(‪ - )57‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب فرض الخمس‪ ،‬باب قول هللا تعالى(فأن هلل خمسه)‪ ،‬رقم الحديث ‪ ،3118‬ج‪،4‬ص‪.85‬‬
‫(‪ - )58‬ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪1379 ،‬ه‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.219‬‬
‫‪234‬‬
‫إشعارا بأنه ال ينبغي التخوض في مال هللا ورسوله‬
‫ً‬ ‫قال ابن حجر‪ " :‬وقوله‪ :‬من مال هللا‪ ،‬مظهر أقيم مقام المضمر‪،‬‬
‫والتصرف فيه بمجرد التشهي"(‪.)59‬‬

‫وفي الهامش الذي منحته الشريعة للحاكم ليضع المال فيه‪ ،‬وهو مصالح المسلمين‪ ،‬هو مقيد بما فيه مصلحة‬
‫(‪)60‬‬
‫المسلمين‪ ،‬والمصلحة أصل من أصول السياسة الشرعية ‪.‬‬

‫إن هذه النظرة للمال العام أصل عظيم ومبدأ مهم في بناء السياسة الشرعية في التصرفات المالية‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫حاولت االقتصار على أهم المبادئ الرئيسية التي تبنى عليها السياسة الشرعية‪ ،‬متجنبًا التكرار والتشابه في‬
‫حصرها‪ ،‬وأهم ما يمكن أن نخلص إليه من نتائج في هذا البحث‪ ،‬هو أن السياسة الشرعية بنيان فقهي متكامل له‬
‫أصوله وقواعده ومبادئه‪ .‬ومع أن هامش االجتهاد كبير في مجال السياسة الشرعية لكنه مقيد ببنائه على أصول‬
‫ومبادئ االجتهاد‪ ،‬وليس مترو ًكا لهواء العاملين في السياسة‪ ،‬وإن وحدة األمة وحاكمية الشريعة هي أهم األسس‬
‫التأسيسية للنظام السياسي في اإلسالم‪ ،‬والشورى والعدل والحرية هي أهم القيم األدائية والتأسيسية في السياسة‬
‫الشرعية‪ ،‬واألمانة على الحكم والمال‪ ،‬والرقابة ركن القيم األخالقية في السياسة الشرعية‪.‬‬

‫فهرس المصادر‬

‫ابن األثير‪ ،‬مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن األثير الجزري‪ ،‬النهاية في غريب الحديث‬
‫واألثر‪ ،‬بيروت‪ ،‬المكتبة العلمية‪1399 ،‬ه‪1979 /‬م‪.‬‬

‫ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السالم ابن تيمية الحراني‪ ،‬منهاج السنة النبوية‪ ،‬الرياض‪ ،‬جامعة‬
‫اإلمام محمد بن سعود‪ ،‬ط‪1406 ،1‬ه‪1986/‬م‪.‬‬

‫ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى ‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬مجمع الملك فهد‪1416 ،‬ه‪1995/‬م‪.‬‬

‫(‪ - )59‬المرجع السابق‪.‬‬


‫(‪ - )60‬هاروش‪ ،‬أيمن هاروش‪ ،‬أصول السياسة الشرعية‪ ،‬بحث محكم لي‪ ،‬مجلة قطر الندى‪ ،‬العدد الحادي والعشرين‪ ،‬شباط ‪2019‬م‪،‬‬
‫ص‪.231‬‬
‫‪235‬‬
‫ابن حجر‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪1379 ،‬ه‪.‬‬

‫ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن خلدون‪ ،‬تاريخ ابن خلدون ( ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ‬
‫العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن األكبر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1408 ،2‬ه‪1988/‬م‪.‬‬

‫ابن فارس‪ ،‬أبو الحسين أحمد بن فارس الرازي‪ ،‬مقاييس اللغة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1399 ،1‬ه‪1979/‬م‪.‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬أبو محمد موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي‪ ،‬المغني‪ ،‬مكتبة القاهرة‪،‬‬
‫‪1388‬ه‪1968/‬م‪.‬‬

‫ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي‪ ،‬إعالم الموقعين‪ ،‬السعودية‪ ،‬دار ابن الجوزي‪ ،‬ط‪1432 ،1‬ه‪.‬‬

‫ابن كثير‪ ،‬إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي‪ ،‬تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)‪ ،‬دار طيبة‪،‬‬
‫ط‪2،1420‬ه‪1999/‬م‪.‬‬

‫ابن منظور‪ ،‬محمد بن مكرم بن علي‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪1414 ،3‬هـ‪.‬‬

‫ابن الملقن‪ ،‬سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد األنصاري ‪،‬التوضيح لشرح الجامع الصحيح‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫دار النوادر‪ ،‬ط‪1429 ،1‬ه‪.‬‬

‫ابن الموصلي‪ ،‬محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان ابن الموصلي‪ ،‬حسن السلوك الحافظ دولة الملوك‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬دار الوطن‪.‬‬

‫ابن نجيم‪ ،‬زين الدين بن إبراهيم بن محمد‪ ،‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي‪ ،‬ط‪.2‬‬

‫أحمد‪ ،‬مسند اإلمام أحمد‪.‬‬

‫اآلمدي‪ ،‬أبو الحسين علي بن أبي علي بن محمد الثعلبي اآلمدي‪ ،‬اإلحكام في أصول الحكام‪ ،‬بيروت‪ ،‬المكتب‬
‫اإلسالمي‪.‬‬

‫البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪.‬‬

‫البياتي‪ ،‬الدكتور منير حميد البياتي‪ ،‬النظام السياسي في اإلسالم‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1434 ،4‬ه‪2013/‬م‪.‬‬

‫الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد بن علي‪ ،‬التعريفات‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1403 ،1‬ه‪1983/‬م‪.‬‬

‫الجويني‪ ،‬إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد هللا الجويني‪ ،‬غياث األمم في التياث الظلم‪ ،‬مكتبة إمام‬
‫الحرمين‪ ،‬ط‪1401 ،2‬ه‪.‬‬

‫الحمالوي‪ ،‬أحمد الحمالوي‪ ،‬شذا العرف‪ ،‬مكتبة ابن عطية‪ ،‬ط‪2007 ،7‬م‪.‬‬

‫سيد قطب‪ ،‬سيد إبراهيم حسين الشاربي‪ ،‬في ظالل القرآن‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪1412 ،17‬ه‪.‬‬

‫السعدي‪ ،‬عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ ،‬تفسير السعدي ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان)‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪2000/‬م‪.‬‬
‫‪236‬‬
‫السندي‪ ،‬نور الدين محمد بن عبد الهادي التتوي‪ ،‬حاشية السندي على سنن ابن ماجه (كفاية الحاجة في شرح‬
‫سنن ابن ماجه)‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الجيل‪.‬‬

‫السيوطي‪ ،‬جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي‪ ،‬حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫عيسى البابي وشركاه‪ ،‬ط‪1387 ،1‬ه‪1967/‬م‪،‬ج‪ ،1‬ص ‪،578‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد بن عبد هللا الشوكاني‪ ،‬فتح القدير‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬ط‪1414 ،1‬ه‪.‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد الشوكاني‪ ،‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬ط‪1419 ،1‬ه‪1999/‬م‪.‬‬

‫الصنعاني‪ ،‬محمد بن إسماعيل األمير‪ ،‬التحبير إليضاح معاني التيسير‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبة الرشيد‪.‬‬

‫الطبري‪ ،‬أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد‪ ،‬تفسير الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن)‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬ط‪1420 ،1‬ه‪2000/‬م‪.‬‬

‫الطيبي‪ ،‬شرف الدين الحسين بن محمد بن عبد هللا ‪ ،‬شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (الكاشف عن حقائق‬
‫السنن)‪ ،‬مكة‪ ،‬مكتبة مصطفى الباز‪.‬‬

‫علي عبد الرزاق‪ ،‬اإلسالم وأصول الحكم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتاب المصري‪1433 ،‬ه‪2012/‬م‪.‬‬

‫عمر‪ ،‬د‪ .‬أحمد مختار عبد الحميد عمر‪ ،‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط‪1429 ،1‬ه‪.‬‬

‫العمراني‪ ،‬أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني‪ ،‬البيان في مذهب اإلمام الشافعي‪ ،‬جدة‪ ،‬دار‬
‫المنهاج‪ ،‬ط‪1421 ،1‬ه‪2000/‬م‪.‬‬

‫العيني‪ ،‬بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى العيني الحنفي‪ ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬
‫إحياء التراث العربي‬

‫الفيومي‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي الفيومي‪ ،‬المصباح المنير‪ ،‬بيروت‪ ،‬المكتبة العلمية‪.‬‬

‫القتيبي‪ ،‬أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطالني‪ ،‬إرشاد الساري لشرح البخاري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬المطبعة‬
‫الكبرى األميرية‪ ،‬ط‪1323 ،7‬ه‪.‬‬

‫القرافي‪ ،‬أبو العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي‪ ،‬الذخيرة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الغرب‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪.‬‬

‫القرضاوي‪ ،‬د‪ .‬يوسف القرضاوي‪ ،‬السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها‪ ،‬مكتبة وهبة‪.‬‬

‫القرطبي‪ ،‬شمس الدين أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح األنصاري الخزرجي‪ ،‬تفسير القرطبي‬
‫(الجامع ألحكام القرآن)‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتب المصرية‪ ،‬ط‪1384 ،2‬ه‪.‬‬

‫كوناتا‪ ،‬د‪.‬حسن كوناتا‪ ،‬النظرية السياسية عند ابن تيمية‪ ،‬الدمام‪ ،‬دار األخالء‪ ،‬ط‪1415 ،1‬ه‪1994/‬م‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪.‬‬

‫الماوردي‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الشهير بالماوردي‪ ،‬األحكام السلطانية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الحديث‪.‬‬

‫الماور دي‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الشهير بالماوردي‪ ،‬أدب الدنيا والدين‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪1986 ،‬م‪.‬‬

‫المراغي‪ ،‬أحمد بن مصطفى المراغي‪ ،‬تفسير المراغي‪ ،‬مصر‪ ،‬مكتبة مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1356‬ه‪1946/‬م‪.‬‬

‫المقريزي‪ ،‬تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر‪ ،‬المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ه‪.‬‬

‫المناوي‪ ،‬زين الدين محمد عبد الرؤوف المناوي‪ ،‬التوقيف بمهمات التعاريف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1410‬ه‪1990/‬م‪.‬‬

‫النووي‪ ،‬يحيى بن شرف الحوراني النووي ‪ ،‬شرح صحيح مسلم (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)‪،‬بيروت‪،‬‬
‫دار إحياء التراث‪.‬‬

‫هاروش‪ ،‬أيمن هاروش‪ ،‬أصول السياسة الشرعية‪ ،‬بحث محكم ‪ ،‬مجلة قطر الندى‪ ،‬العدد الحادي والعشرين‪ ،‬شباط‬
‫‪2019‬م‪.‬‬

‫‪238‬‬

You might also like