You are on page 1of 34

‫املُعني‬

‫ل املُنْكِرِينَ‬
‫فِي نَ ْقضِ ُأصُو ِ‬

‫نظمه وعلق عليه‬

‫د‪ .‬سفيان بن فؤاد باسويدان‬


‫غفر هللا له ولوالديه ومشايخه وطالبه‬
‫لكل مسلم بال تصرُّف‬
‫حقوق النشر ِّ‬
‫املُعني‬
‫ل املُنْكِرِينَ‬
‫فِي نَقْضِ ُأصُو ِ‬

‫نظمه وعلق عليه‬

‫د‪ .‬سفيان بن فؤاد باسويدان‬


‫غفر هللا له ولوالديه ومشايخه وطالبه‬
‫حقوق النشر لكلِّ مسلم بال تصرُّف‬
‫متهيد‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫ات أعد هاء‬‫اظ هالل هة‪ ،‬ال هذين كشفوا شبه ه‬ ‫لل ال هذي دافع عن سن هة ن هب هي هه هبأه هل الح هدي هث وحف ه‬ ‫الحمد ه‬
‫ض محجة‪ ،‬وأشهد أن ل هإله هإل هللا ذو ال هعز هة والجال هل والكرام هة‪ ،‬وأشهد أن‬ ‫السن هة هبأقوى حجة وأبي ه‬
‫محمدا عبده ورسوله خير الب هري هة‪ ،‬ال هذي أنزل علي هه ال هكتاب هتبيانا هللم هة‪ ،‬وختم هب هبعث هت هه ه‬
‫الرسالة هللبش هري هة‪،‬‬
‫يث النب هوي هة‪ ،‬فصار هبها هتبيانا هلك هل ش يء وهدى هللمت هقين‪ ،‬ثم هيأ لنا همن‬ ‫اب هبالح هاد ه‬
‫وبين مدلول هت ال هكت ه‬
‫الد هين ال هذين ينفون عنه تح هريف الغ هالين وان هتحال الب هط هلين وتأ هويل الج هاه هلين‪،‬‬
‫جه هابذ هة الح هد هثين وعلم هاء ه‬
‫صلى هللا علي هه وعلى هآل هه الط هي هبين الط هاه هرين‪ ،‬وصحاب هت هه الغ هر الي هامين‪ ،‬ومن ت هبعهم هب هإحسان هإلى يو هم‬
‫الد هين‪ ،‬أما بعد‪...‬‬
‫ه‬
‫يث النب هو هي" همن هقب هل هقس هم الح هد ه‬
‫يث هبك هلي هة‬ ‫س ماد هة ه"دراس هة الستش هر هقين هللح هد ه‬ ‫فقد ك هلفت هبتد هري ه‬
‫ا هلم هام الشا هف هعي‪ ،‬ورأيت أنه همن اله همي هة هبمكان أن تشمل ه هذ هه الادة كل أعد هاء السن هة همن ب هني هجلد هتنا‬
‫الحاطة هبها‬ ‫ال هذين يتكلمون هبأل هسن هتنا‪ ،‬ول هكن نظرا هلكثر هة شبه هات ههم وتنو هع تل هبيس هات ههم‪ ،‬كان همن الست هح هيل ه‬
‫ور ال ههم هم وهللا الستعان‪ ...‬فرأيت أن أل هخص هلهؤل هء‬ ‫يق الوق هت وقص ه‬ ‫ج همي هعها والرد عليها ك هلها مع هض ه‬
‫الطال هب رؤوس السا هئ هل مع مق هدمات شر هعية تو هطئة لهم هفي فه هم الق هضي هة‪ ،‬ثم أتبعتها هب هذك هر الس ه‬
‫س ال هتي‬
‫اسي هة هفي الر هد عليها‪ .‬وربما أذكر بعض الم هثل هة على‬
‫اع هد الس ه‬
‫بنى عليها أعداء السن هة شبه هات ههم مع هذك هر القو ه‬
‫اليض هاح والبي هان‪.‬‬
‫شبه هات ههم هل هز هيد ه‬
‫وس عدد همن الش هاي هخ والب هاح هثين‪ ،‬مِنِهِمِ‪:‬‬
‫وقد جمعت الادة همن هخال هل اس هتم هاعي هلدر ه‬
‫اصر هة)‪.‬‬
‫ات ال هفك هري هة الع ه‬
‫اعد التعام هل مع الشبه ه‬ ‫اسر الكوي هتي‪ ،‬هبعنوان (قو ه‬
‫د‪ .‬مطلق الج ه‬ ‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬هيثم طلعت ا هلص هري‪ ،‬هبعنوان (عشرة أس هئلة هلن هك هري السن هة والقرآ هن هيين ومه هاج همي كت هب‬ ‫(‪)2‬‬
‫اث)‪.‬‬
‫التر ه‬
‫الشيخ وهليد بن ر هاشد الس هعيدان‪ ،‬بعنوان (ترهبية اللك هة على ر هد الشبه هة)‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫اع هد الثلى‪ ،‬وقد حضرت هذا الدرس‬
‫شيخنا د‪ .‬ص هالح بن عب هدالع هز هيز هسن هدي (شرح القو ه‬ ‫(‪)4‬‬
‫هفي الس هج هد النب هو هي قبل هعد هة سنوات)‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫اشف هة) هللعالم هة الح هق هق‬
‫اب (النو هار الك ه‬
‫اب‪ ،‬ك هكت ه‬‫ض الكت هب ال هفيد هة هفي هذا الب ه‬ ‫الضاف هة هإلى بع ه‬
‫هب ه‬
‫ات الستش هر هقين) هللمطي هري‪،‬‬ ‫اب (تا هر هيخ تد هو هين السن هة وشبه ه‬
‫عب هدالرحم هن ب هن يحيى الع هل همي اليما هن هي‪ ،‬و هكت ه‬
‫ض أصو هل الن هك هرين) هللدكتور أحمد ب هن يوسف الس هي هد‪.‬‬ ‫يت ح هجي هة السن هة ونق ه‬ ‫اب (تث هب ه‬‫و هكت ه‬
‫و هبما أن ال هعلم ل يت هقنه أح ٌد هإل هب هإتق هان أص هول هه و هحف هظ متو هن هه‪ ،‬فرأيت أن أن هظم ه هذ هه الادة ال هعل همية‬
‫يق عليها تي هسيرا هلفه همها‪ ،‬وسميته هبـ(الِعِينِِِفِيِ نِقِضِِِأِصِو ِلِ‬ ‫هفي أبيات‪ ،‬تس ههيال هل هحف هظها مع التع هل ه‬
‫الِنِكِ ِرينِ)‪.‬‬
‫وأسأل هللا الك هريم النان أن يتقبل هم هني هذا العمل الي هسير‪ ،‬ويكتب هلهؤل هء الش هاي هخ الجر الك هبير‪،‬‬
‫ويمن على من يحفظه ويدرسه ويع هلمه بالفه هم والتي هس هير‪ ،‬وهللا الو هفق وعلي هه التكالن وهو حس هبي و هب هه‬
‫يستعان‪.‬‬

‫كتبه الف هقير هإلى رحم هة رهب هه الن هان‬


‫د‪ .‬سفيان بن فؤ هاد ب هن محمد باسويدان‬
‫صولو‪ ،‬إندونيسيا‪ 5 ،‬ربي ٌع الول ‪1443‬هـ‬

‫‪3‬‬
‫ين ِ‬
‫ِمقِدِمِةِِفِيِحِفِظِِللاِِلِهِذِاِالدِ ِ‬
‫السال هم و هاتب هاعي هللهدى‬
‫على ه‬
‫‪1‬‬ ‫أحمد رهبي ذا العل هو والندى‬ ‫‪1‬‬
‫‪3‬‬ ‫يلقى همن الشبه هة ما قد ع هلما‬ ‫وسن هة الرسو هل‪ 2‬مع كثر هة ما‬ ‫‪2‬‬
‫سرم هد‬ ‫وسالم‬ ‫صالة‬ ‫خي ر‬ ‫ثم على ن هب هينا محم هد‬ ‫‪3‬‬
‫ٌ‬
‫قد شاع هعلمه هلك هل العلما‬ ‫الدين محفوظ هبما‬ ‫واعلمِ بأنِ ه‬ ‫‪4‬‬
‫‪5‬‬ ‫أنزله وهو هب هحف هظ هه وعد‬ ‫همن قوهل هه هفي وص هف هه ‪ 4‬هل هلذك هر قد‬ ‫‪5‬‬
‫‪6‬‬ ‫اللس هان العرهبي‬
‫شرحا له مع ه‬ ‫فيلزم همنه هحفظ سن هة الن هبي‬ ‫‪6‬‬
‫فكن له مت هبعا وت هاليا‬ ‫‪7‬‬ ‫‪ 7‬هبذي هنك يبقى القرآن ه هاديا‬
‫ين هفي وجود من يح هرفه ول‬ ‫‪ ِ 8‬وظاه ًراِ ِمراده هبال هحف هظ ل‬
‫هإبط هال هه هبك هل طرق قد سعوا‬ ‫‪ 9‬من زاد أو حاول هفي نق هص هه أو‬
‫ٌ‬
‫‪8‬‬ ‫وكالقر هان فالح هديث ذو هحمى‬ ‫‪ 10‬ل هكن ـها مكشـ ـوفة هللع ـ ـلما‬

‫‪( 1‬الندى) هبفت هح النو هن والد هال الهمل هة‪ ،‬قال أبو ع هلي‪ :‬السخاء والكرم والندى نظا هئر هفي اللغ هة‪ .‬أفاده ابن هسيده هفي‬
‫ص (‪.)243/1‬‬ ‫الخص ه‬
‫ٌ‬
‫السال هم و هاتب هاعي هللهدى وسن هة الرسو هل ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫السال هم و هاتب هاعي هللهدى‪ ،‬والتق هدير‪ :‬على ه‬‫معطوف على قوهل هه‪ :‬على ه‬
‫‪2‬‬

‫الطال هق‪.‬‬
‫ف ه‬ ‫‪( 3‬ع هلما) هبال هبن هاء هللمجهو هل وأ هل ه‬
‫هللا‪.‬‬
‫‪ 4‬الض همير هنا ير هجع هإلى ه‬
‫ٌ‬
‫الذكر و هإنا له لحا هفظون (الحجر‪ .)9 :‬وه هذ هه ههي الق هدمة الولى‪.‬‬ ‫‪ 5‬هإشارة هإلى قوهل هه تعالى‪ :‬هإنا نحن نزلنا ه‬
‫اللس هان العرهبي( هبالتس هه هيل أيضا‪ ،‬أي مع هحف هظ اللغ هة العرهبي هة هلن القرآن‬ ‫‪( 6‬سن هة الن هبي) هبتس هه هيل الي هاء هللوز هن )مع ه‬
‫عرهبي‪( ،‬شرحا له) أي حالة كو هن السن هة شرحا هللقر هآن‪ .‬والعنى أن همن لو هاز هم هحف هظ القر هآن‪ :‬هحفظ شر هح هه (= السن هة)‬
‫و هحفظ لغ هت هه (= العرهبي هة)‪.‬‬
‫اس‪ ،‬هلن ال ههداية‬ ‫ه(بذي هنك) أي هبهذي هن السببي هن‪ ،‬وهما هحفظ السن هة النب هوي هة واللغ هة العرهبي هة سيبقى القرآن ه هاديا هللن ه‬
‫‪7‬‬

‫اص هد القر هآن‪ ،‬وكم هف هيه همن آيات مجملة ومطلقة ل يم هكن فهمها والعمل هب ههما هإل هبالرج هوع هإلى‬ ‫ل تكون هإل هبفه هم مق ه‬
‫اسدة‪.‬‬‫السن هة‪ ،‬ول يم هكن أن يفهم القرآن والسنة هإذا كانت لغتهما ف ه‬
‫‪ 8‬القدمةِالثانية‪ :‬ليس الراد همن هحف هظ القر هآن أل ت هجد من يح هاول تح هريفه أو هزيادته أو نقصه أو هإبطال أحك هام هه‪،‬‬
‫ٌ‬
‫اطلة على العلم هاء‪ ،‬ول يم هكن أن تخفى ع هن الم هة‬ ‫ف هإنها وا هقعة منذ ق هد هيم الزم هان‪ ،‬ول هكن لن تخفى ه هذ هه الحاولت الب ه‬

‫‪4‬‬
‫‪1‬‬ ‫هب ههمه‬ ‫الن هبي‬ ‫سن هة‬
‫هل ــي هز‬ ‫ال هئمه‬ ‫همن‬ ‫حوله‬ ‫‪ 11‬يحوم‬
‫‪2‬‬ ‫هب هحف هظ هه‪ ،‬فهو هب هه ق هد التزم‬ ‫‪ ِ 12‬ولتعلمواِ ِبأن هللا هإذ عزم‬
‫ك هل زمان ومكان قد ك هفي‬ ‫‪ 13‬فها هم الحفاظ هللوحيي هن هفي‬
‫‪3‬‬ ‫كذا علوم الـصدري هن ص هنفت‬ ‫‪ 14‬ف هذي أسباب هحف هظ هه قد ه هيئت‬

‫ِأسِسِِشِبِهِاتِِالِنِكِ ِرينِِ ِوِأ ِمثِلِتِهِاِ ِ‬

‫عن من هك هري الح هد ه‬


‫يث فهي هانبنت‬ ‫ات هإن أتت‬ ‫واعلم هبأن الشبه ه‬ ‫‪15‬‬
‫‪4‬‬ ‫هبال د هليل فارفضن وامت هنعا‬ ‫على أمور‪ِ ،‬منِ ِها‪ ِ:‬كِ ِذبِِِوادع ِا ِ‬ ‫‪16‬‬
‫هلكو هن صح هب الصطفى ما دونوا‬ ‫يث يطعن‬‫همثاله‪ :‬من هفي الح هد ه‬ ‫‪17‬‬
‫‪5‬‬ ‫قلنا‪ :‬ابن عمرو هبال هكتاب هة ضبط‬ ‫مكن هحفظه هبال غلط ؟‬‫فكيف ي ه‬ ‫‪18‬‬

‫اطل هة والوضوع هة‪ ،‬ول هكنها أيضا‬ ‫يث الب ه‬ ‫ك هلها دون كشف وبيان‪ .‬فكذ هلك هحفظ السن هة ل يع هني نفي وج ه‬
‫ود الح هاد ه‬
‫ٌ‬
‫مكشوفة ولن تخفى على الم هة ك هلها‪.‬‬
‫اظ النق هاد‪ ،‬وهم يدورون حوله ه(لي هز) أي‬ ‫(الن هبي) هبتس هه هيل الي هاء هللوز هن‪ .‬أي أن الح هديث مح همهـي همن هقب هل ال هئم هة الحف ه‬ ‫‪1‬‬

‫يمها ه(ب ههمة) ع هالية ل ن هظير لها‪.‬‬ ‫يحها همن س هق ه‬ ‫هلتم هي هيز (سن هة الن هبي) ص هح ه‬
‫أي أن هللا هحين بين عزمه هب هحف هظ القر هآن هفي قوهل هه‪ :‬وِإِنِاِلِهِ ِلِحِافِظِونِ‪ ،‬فهو ملت هز ٌم هب هحف هظ هه ال هذي يلزم همنه هحفظ‬ ‫‪2‬‬

‫اظم هفي البي هت ال هذي بعده‪.‬‬ ‫السن هة والعرهبي هة‪ ،‬و هلكل منهما أسبابه كما أشار الن ه‬
‫يث هفي ك هل زمان‬‫اظ الك هث هيرين هللقر هآن والح هد ه‬ ‫(حف هظ هه) ير هجع هإلى القر هآن‪ ،‬فوجود الحف ه‬ ‫(ف هذي) أي فه هذ هه‪ .‬والض همير هفي ه‬ ‫‪3‬‬

‫اظ ال هئم هة أظهر هللا مصنفات ك هثيرة‬ ‫اس‪ ،‬ثم هبهؤ هلء الحف ه‬ ‫اب هحف هظ القر هآن هدى هللن ه‬ ‫ومكان هو همما هيأه هللا همن أسب ه‬
‫يث هلضم هان اس هتمر هاري هة هحف هظ هه لهما‪ ،‬وهذا سب ٌب آخر غير الو هل‪.‬‬ ‫وم الصدري هن) أي علوم القر هآن والح هد ه‬ ‫هفي (عل ه‬
‫ٌ‬
‫ال هدع هاء همن غي هر د هليل‪ .‬ف هإذا نسب‬ ‫الولِ هو مجرد الك هذ هب‪ .‬فالشبهات أكثرها مب هنية على الك هذ هب و ه‬ ‫السِاسِِِ ِ‬ ‫فِ ِ‬ ‫‪4‬‬

‫السالم وأهله بتهم‬ ‫اطال‪ ،‬أو يت ههمون ه‬ ‫الد هين ما ليس همنه‪ ،‬أو يدعون هف هيه شيئا ب ه‬ ‫الد هين هإلى ه‬‫الستش هرقون وأعداء ه‬
‫ات الك هاذبة وامت هنع عن قب هولها اب هتداء‪.‬‬ ‫ال هدعاء ه‬‫اطلة‪( ،‬فارفضن وامت هنعا) أي ارفض ه هذ هه ه‬ ‫ب ه‬
‫‪( ،‬فكيف يم هكن هحفظه هبال غلط ؟) أي‬ ‫همنها‪ :‬ها هدعاء أح هد ههم هبأن الصحابة لم يكتبوا الح هديث هفي زم هن الن هب هي‬ ‫‪5‬‬

‫يث الن هب هي بعد وفا هت هه هبأكثر همن قرن و هنصف‪ ،‬في هصل هإلينا آلف الح هد ه‬
‫يث همن هخال هل‬ ‫كيف يم هكن الحافظة على ح هد ه‬
‫اسها‪ :‬كذبتم !! بل هناك همن‬ ‫ات هبال أخطاء والصحابة لم يكتبوها أصال؟ فالجواب عن ه هذ هه التهمة همن أس ه‬ ‫الصنف ه‬
‫اص‪ ،‬كما جاء هفي ص هح هيح البخ هاري همن‬
‫الصحاب هة من يكتب الح هديث هفي زم هن الن هب هي‪ ،‬همنهم‪ :‬عبدهللا بن عم هرو ب هن الع ه‬

‫‪5‬‬
‫وانبروا‬ ‫السال هم‬‫فألصقوه هب ه‬ ‫ونحو شخص س هيء ق هد افتروا ِ‬ ‫‪19‬‬
‫‪1‬‬ ‫السال هم و هفع هال مس هلم !‬
‫بين ه‬ ‫هِلعي هب هه‪ ِ،‬أخ هبِرِهم‪ :‬ل تالزم‬ ‫‪20‬‬
‫هبجع هلها على الح هدي هث كالحكم‬ ‫‪ ِ 21‬ومنِ إلىِ مراجعِ ق هد احتكم‬
‫وفلسفات‪ ،‬وكذا فلتحذ هر‬ ‫ك همث هل عادة ورأ هي الكث هر‬ ‫‪22‬‬
‫‪2‬‬ ‫ق هد اقتدى ف هف هيهما ال هغوايه‬ ‫النسا هنيه‬
‫من هبالح هري هة و ه‬ ‫‪23‬‬
‫‪3‬‬ ‫من قد زنى أو بدل هدينه انجلى‬ ‫كر هد ههم هلم هر الصطفى على‬ ‫‪24‬‬

‫اب الن هب هي صلى هللا علي هه وسلم أح ٌد أكثر ح هديثا عنه هم هني‪ ،‬هإل ما كان همن عب هد‬ ‫يث أ هبي هرير هة‪ ،‬قال‪ :‬ما همن أصح ه‬ ‫ح هد ه‬
‫َّللا ب هن عمرو‪ ،‬فإنهِكانِيكتبِ ول أكتب‪.‬‬ ‫ه‬
‫‪ 1‬و همن أم هثل هة ك هذ هب ههم‪ :‬أنهم يفترون شخ هصيات ذات مظ هاهر هإسال همية‪ ،‬همثل كو هن ههم يلبسون هلباس الس هل همين‪ ،‬ويعفون‬
‫ات الس هل همين‪ ،‬ول هكن هؤل هء الشخ هصيات ‪--‬الصطنعة همن‬ ‫النقاب‪ ،‬أو غيرها همن هشعار ه‬ ‫الحجاب و ه‬ ‫اللحى‪ ،‬أو يرتدون ه‬ ‫ه‬
‫يط الضو هء‬ ‫ات‪ ،‬حيث قاموا هبأعمال هإره هابية مثال‪ ،‬ثم قام هؤل هء العداء هبتس هل ه‬ ‫هقب هل العد هاء‪ --‬س هيئة الخال هق والتصرف ه‬
‫ات الس هيئة همن تع هال هيم هدي هن ههم‬ ‫السال هم وعي هب هه قا هئ هلين هبأن ه هذ هه التصرف ه‬ ‫على أفع هال ههم الش هنيع هة وأقبلوا على س هب ه‬
‫السِ ِلمِ ِوِأِفِعِالِ ِالِنِتِسِبِينِ ِإِلِيِهِ ِ(الِسِلِمِينِ)‪ ،‬فكما‬ ‫السال همي‪ .‬فالجواب عن ه هذ هه الشبه هة أن يقال‪ِ :‬لِتِ ِلزمِ ِبِيِنِ ِ ِ‬ ‫ه‬
‫اب هل هقي هام دولة نصرا هنية ‪-‬و ههي أم هريكا‪-‬‬ ‫الره ه‬ ‫أنكم يا معشر النصارى ل ترضون أن توصف النصرا هنية هبالهم هجي هة و ه‬
‫النس هاء‬ ‫اط القنبلتي هن النو هويتي هن على ال هدينتي هن اليابا هنيتي هن وقتلت همئات اللو هف همن ه‬ ‫هفي الحر هب الع هالي هة الثا هني هة هب هإسق ه‬
‫السال هم وأفع هال الس هل همين الخ هالف هة له‪.‬‬ ‫وخ هبال ج هريمة هارتكبوها‪ ،‬فال تربطوا بين هد هين ه‬ ‫والطف هال والشي ه‬
‫الحِتِ ِكامِ ِإِلِىِالِ ِرجِعِيِةِِ‬
‫السِاسِ ِالثِانِيِ همما تنب هني علي هه الشبهة هعند هؤل هء الن هك هرين همن الستش هر هقين وغي هر ههم‪ِ :‬‬ ‫‪2‬و ِ‬
‫يث‬ ‫اطال‪ .‬أو يحكم على الح هد ه‬ ‫يث الن هب هي هبعاد هات ههم‪ ،‬فما خالف العادة ردوه واعتبروه ب ه‬ ‫الخِاطِئِةِ‪ ،‬كأن يحكم على أح هاد ه‬
‫ٌ‬
‫اطال‪ .‬أو يحكم علي هه هبفلسفة‪ ،‬وهذا خطأ أيضا هلن الفال هسفة غير‬ ‫اس‪ ،‬هإذا خالفه ردوه واعتبروه ب ه‬ ‫هبرأ هي أكث هر الن ه‬
‫النسا هني هة‪،‬‬ ‫مت هف هقين بل يوجد بينهم تعار ٌ‬
‫(اللبر هالي هة)‪ ،‬و هلبد هأ ه‬
‫ض‪ ،‬وكذا ينب هغي الحذر همما ادعوه مخ هالفا هلبد هأ الح هري هة ه‬
‫اِلنِِتِكِونِِحك ًماِ‬ ‫يِلِتِصِلِحِِقِطِ ًِع ِ‬ ‫(ف هف هيهما) أي البدأي هن ونح هو ههما (ال هغوايه) أي الضاللة‪ .‬فِهِذِهِِكِلِهِاِمِنِِالِ ِراجِعِِالِتِ ِ‬
‫ٌ‬
‫ات‬ ‫بِيِنِ ِالحِقِ ِ ِوالبِاطِلِ‪ ،‬هلنها هنس هبية ول م هزية هلعاد هة الغر هب على عاد هة العر هب‪ ،‬ول هلقو هل الكث هري هة على الق هلي هة ه هلثب ه‬
‫ض اآلخ هر‪ ،‬ول ه هلنسا هني هة بع هض ههم على‬ ‫اس على البع ه‬ ‫ض الن ه‬ ‫الح هق‪ ،‬ول هلفلسف هة أ هرسطو على غي هرها‪ ،‬ول هلح هري هة بع ه‬
‫ض اآلخ هر‪.‬‬
‫البع ه‬
‫ٌ‬
‫اسي هة هللحي هاة‪،‬‬ ‫النس هان وحقو هق ههم الس ه‬ ‫ديث رج هم الزا هني الحص هن هبحج هة أن هذا المر مخ هالف هلح هري هة ه‬ ‫‪ 3‬همثاله‪ :‬ردهم هلح ه‬
‫يث‪(( :‬من بدل هدينه فاقتلوه))‪ ،‬هبحج هة مخالف هت هه هلح هري هة‬ ‫الزنا هب هرضا الطرفي هن‪ .‬أو قولهم هفي ح هد ه‬ ‫ل هسيما هإذا وقع ه‬
‫يث‪.‬‬‫الع هتق هاد‪ .‬ونح هوها همن الح هاد ه‬ ‫ه‬

‫‪6‬‬
‫‪1‬‬ ‫هدي هننا‬
‫ونحوها همن تع هال هيم‬ ‫كذا ال هحجاب و هالــيراث وال هغنا‬ ‫‪25‬‬
‫‪2‬‬ ‫ف ليس يفهم‬ ‫هلكو هن هه هبالكي ه‬ ‫يث ين هقم‬
‫‪ ِ 26‬كذاكِ منِ همن الح هد ه‬
‫همن مكة هلق هدس هفي اللي هل‬ ‫ك همث هل سي هر الصطفى الخ هلي هل‬ ‫‪27‬‬
‫‪3‬‬ ‫هإذ ل ركوب غير خيل أفضل‬ ‫ف هإن يقل‪ :‬عقولنا ل تقبل‬ ‫‪28‬‬
‫‪4‬‬ ‫واترك أبا جهل ومن كذب هبه‬ ‫فاتبع أبا بكر ومن صدق هبه‬ ‫‪29‬‬

‫ٌ‬
‫اث‬‫اب‪ :‬هذا مناف هلح هري هة الرأ هة هفي اخ هتي هار ما تلبسه أو هذا مخ هالف هلعاد هتنا‪ ...‬وقولهم هفي همير ه‬ ‫الحج ه‬
‫‪ 1‬وكذا قولهم ع هن ه‬
‫الجنسي هن‪ ...‬وقالوا عن تح هر هيم ال هغن هاء‪ :‬هذا مناف‬ ‫النثى ال هذي هو هنصف الذك هر‪ :‬هذا يخ هالف مبدأ الساو هاة بين ه‬
‫ات الن هط هقي هة‪ .‬والراد هبتع هال هيم هدي هننا ش هام ٌل هللو هام هر‬ ‫هللحضار هة العص هري هة‪ ...‬فاح هتكامهم هإلى ه هذ هه الشي هاء ك هلها همن الغالط ه‬
‫اظم مجرد همثال وليس حصرا‪.‬‬ ‫والنو هاهي‪ ،‬وما ذكره الن ه‬
‫يث هبحج هة أنه غير معقول أي أنهم ل يست هطيعون فهم كي هفيته هبعق هول ههم وما‬ ‫السِاسِِالثِالِثِ‪ :‬عيبهم وردهم هللح هد ه‬ ‫‪ِ 2‬و ِ‬
‫وم والع هار هف‪.‬‬ ‫لدي ههم همن العل ه‬
‫السر هاء‪ ،‬وهو سير الن هب هي هفي ليلة و هاحدة همن مكة هإلى بي هت الق هد هس ذهابا وعودة‪ ،‬فهذا المر همما ل‬ ‫كر هد ههم هلح هادث هة ه‬
‫‪3‬‬

‫يقبله عقول هؤل هء الن هك هرين هفي ذ هلك الزم هان‪ ،‬وحجتهم هفي ذ هلك أنه ل يوجد ‪--‬على حس هب هعل هم ههم‪ --‬مرك ٌب أسرع همن‬
‫اب هإلى بي هت الق هد هس والعود هة همنه هإلى مكة‪ ،‬فكيف يقطعها محم ٌد هفي ليلة‬ ‫الخي هل‪ ،‬والخيل يحتاج هعدة أيام هللذه ه‬
‫ات الال هتي ههي أصال همن‬ ‫ال فقط عن سب هب هإنك هار ههم ه هلث هل ه هذ هه الع هجز ه‬ ‫و هاحدة ؟ وبأي مركب تم ذ هلك ؟؟ فهذا همث ٌ‬
‫ه ه‬
‫ٌ‬
‫اس والشي هاء ال ـألوف هة هعندهم‪ .‬ول هكن هفي الح هقيق هة أن العقل ل يست هطيع أن‬ ‫خو هار هق العاد هة‪ ،‬أي خ هارجة عن عاد هة الن ه‬
‫الطال هق‪ ،‬هلن هناك همن الر هاك هب ما هو أسرع همن الخي هل ل هكنهم لم يعلموها ولم يروها‪.‬‬ ‫يقول هباس هتحال هة ذ هلك على ه‬
‫السر هاء‪ ،‬هلنه همن عقال هء الؤ هم هنين‪ ،‬فقد روى‬ ‫الص هديق ومن صدق هب ه‬ ‫‪ 4‬فليكن قدوتك هنا أيها الؤ همن العا هقل‪ :‬أبا بكر ه‬
‫أحمد هفي مسن هد هه (رقم ‪ )2819‬وابن أ هبي شيبة هفي مصن هف هه (رقم ‪ )36572‬والنسا هئي هفي الكبرى (رقم ‪ )11221‬همن‬
‫طرق عن عوف العر هابي عن زرارة ب هن أوفى ع هن اب هن عباس مرفوعا‪« :‬لا كان ليلة أس هري هبي‪ ،‬وأصبحت هبمكة‪ ،‬ف هظعت‬
‫َّللا أبو جهل‪ ،‬فجاء حتى جلس هإلي هه‪،‬‬ ‫هبأم هري‪ ،‬وعرفت أن الناس مك هذ هبي» فقعد معت هزل ح هزينا‪ ،‬قال‪ :‬فمر هب هه عدو ه‬
‫َّللا صلى هللا علي هه وسلم‪« :‬نعم» قال‪ :‬ما هو؟ قال‪ :‬ه«إنه أس هري‬ ‫فقال له كالسته هز هئ‪ :‬هل كان همن ش يء؟ فقال رسول ه‬
‫هبي الليلة» قال‪ :‬هإلى أين؟ قال‪ :‬ه«إلى بي هت الق هد هس؟» قال‪ :‬ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال‪« :‬نعم» قال‪ :‬فلم ي هر أنه‬
‫يك هذبه‪ ،‬مخافة أن يجحده الح هديث هإن دعا قومه هإلي هه‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت هإن دعوت قومك تح هدثهم ما حدثت هني؟ فقال‬
‫َّللا صلى هللا علي هه وسلم‪« :‬نعم» ‪ .‬فقال‪ :‬هيا معشر ب هني كع هب ب هن لؤي حتى قال‪ :‬فانتفضت هإلي هه الج هالس‪،‬‬ ‫رسول ه‬
‫َّللا صلى هللا علي هه وسلم‪ " :‬هإ هني أس هري هبي‬ ‫وجاءوا حتى جلسوا هإلي ههما‪ ،‬قال‪ :‬ح هدث قومك هبما حدثت هني‪ .‬فقال رسول ه‬
‫الليلة‪ ،‬قالوا‪ :‬هإلى أين؟ قال‪ :‬هإلى بي هت الق هد هس‪ ،‬قالوا‪ :‬ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ " قال‪« :‬نعم» قال‪ :‬ف همن بي هن مص هفق‪،‬‬
‫اضع يده على رأ هس هه‪ ،‬متع هجبا هللك هذ هب زعم قالوا‪ :‬وهل تست هطيع أن تنعت لنا الس هجد؟ و هفي القو هم من قد‬ ‫و همن بي هن و ه‬

‫‪7‬‬
‫‪2‬‬ ‫ت ح ق قا‬ ‫هصد هق هه‬ ‫همن‬ ‫هلكو هن هه‬ ‫‪1‬‬ ‫مص هدقا‬ ‫هبالبع هد‬ ‫فالول‬ ‫‪30‬‬
‫‪3‬‬ ‫وليس من نفى هب هذي رجح هان‬ ‫فها هما هبالعق هل يحكم هان‬ ‫‪31‬‬

‫َّللا صلى هللا علي هه وسلم‪« :‬فذهبت أنعت‪ ،‬فما هزلت أنعت حتى‬ ‫سافر هإلى ذ هلك البل هد‪ ،‬ورأى الس هجد‪ ،‬فقال رسول ه‬
‫التبس علي بعض النع هت»‪ ،‬قال‪« :‬ف هجيء هبالس هج هد وأنا أنظر حتى و هضع دون د هار هعقال أو عقيل فنعته‪ ،‬وأنا أنظر‬
‫َّللا لقد أصاب "‬ ‫ٌ‬
‫هإلي هه»‪ ،‬قال‪« :‬وكان مع هذا نعت لم أحفظه» قال‪ " :‬فقال القوم‪ :‬أما النعت فو ه‬
‫ور هجدا‪ ،‬و همن ذ هلك ما أخرجه اآلج هري هفي الش هريع هة (رقم ‪ )1259‬همن ط هري هق‬ ‫وأما خبر تص هديق أبي بكر هللح هادث هة فمشه ٌ‬
‫ه ه‬
‫عب هدالرز هاق (كما هفي تف هس هير هه هبرق هم ‪ )1853‬عن معمر ع هن الزه هر هي هفي ح هدي هث هه عن عروة قال (واللفظ هللج هري) ‪ :‬سعى‬
‫احبك ‪ ,‬يزعم أنه قد أس هري هب هه [ص‪ ]1800:‬الليلة هإلى‬ ‫ال همن الش هر هكين هإلى أ هبي بكر ر هض ي َّللا عنه فقالوا‪ :‬هذا ص ه‬ ‫رج ٌ‬
‫ه‬
‫بي هت الق هد هس ‪ ,‬ثم رجع همن ليل هت هه ‪ ,‬فقال أبو بكر ر هض ي َّللا عنه‪« :‬أو قال ذاك» ؟ قالوا‪ :‬نعم ‪ ,‬قال أبو بكر‪« :‬فأنا‬
‫أشهد هإن كان قال ذاك لقد صدق» قالوا‪ :‬تص هدقه هبأنه جاء هإلى الش هام هفي ليلة و هاحدة ورجع قبل أن يص هبح ‪ ,‬قال‬
‫أبو بكر ر هض ي َّللا عنه‪« :‬نعم أص هدقه هبأبعد همن ذ هلك ‪ ,‬أص هدقه هبخب هر السم هاء غدوة وع هشية ‪ ,‬ف هلذ هلك س همي أبو بكر‬
‫الص هديق ر هض ي َّللا عنه»‬ ‫ه‬
‫‪ 1‬هبالنص هب على أنه خب ٌر هلكان محذوفة‪ ،‬والتق هدير‪ :‬كان مص هدقا‪ ،‬و همن أم هثل هة ذ هلك هفي كال هم أفص هح البش هر ما هفي‬
‫اع هد هي هفي هقص هة الو هاهب هة نفسها‪ :‬ه(الت همس ولو خاتما همن ح هديد)‪،‬‬ ‫يث سه هل ب هن سعد الس ه‬ ‫الص هحيحي هن همن ح هد ه‬
‫والتق هدير‪ :‬ولو كان اللتمس خاتما همن ح هديد‪.‬‬
‫الص هديق قد صدق الن هبي هبما هو أبعد همن هذا كما مر‪ ،‬وذ هلك بعد تحق هق هه همن هصد هق‬ ‫الطال هق‪ ،‬أي أن ه‬ ‫ف ه‬‫‪( 2‬تحققا) هبأ هل ه‬
‫وت بي هت الق هد هس كما ههي وصدقه من قد رآه كما‬ ‫الصطفى وأنه لم يؤثر علي هه الك هذب ألبته‪ ،‬ثم هإنه قد أخبر هبنع ه‬
‫ان آخر على هصد هق هه‪ ،‬فال يك هذبه بعد هذا ك هل هه هإل من جحد الحق واتبع الهوى‪.‬‬ ‫مر أيضا‪ ،‬فهذا بره ٌ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫يِكلِِمِاِأِخِبِ ِرِ‬
‫ىِاليِمِانِِبِالنِبِيِِهِ ِوِتِصِدِيقِهِِفِ ِ‬
‫اعدة ع هظيمة‪ ،‬و ههي‪ :‬أِنِِمِقِتِض ِ ِ‬ ‫الص هد هيق هذا ق ه‬
‫اب ه‬ ‫فيستفاد همن جو ه‬
‫وأنه قد جاءه وح ٌي همن السم هاء غدوة وع هشية‪ ،‬مع بع هد‬ ‫بِهِ ِ ِوإِنِ ِلِمِ ِيِفِهِمِهِ ِالعِقِلِ‪ .‬فمن صدق هبنبو هة محمد‬
‫ض‪ ،‬و ههي أبعد هبك هثير همن الساف هة بين مكة وبي هت الق هد هس‪ ،‬ف هإنه ل يستب هعد هإمكا هنية وق هوع‬ ‫الساف هة بين السم هاء والر ه‬
‫السر هاء و هإن لم يكن يع هرف كي هفية ذ هلك‪.‬‬ ‫ه‬
‫السر هاء‬ ‫(ها هما) الهاء هللتن هب هيه‪ ،‬والض همير النف هصل ير هجع هإلى أ هبي بكر وأ هبي جهل‪ ،‬فالول حكم هبعق هل هه و هإيما هن هه فصدق هب ه‬
‫‪3‬‬

‫كما أخبر هب هه الن هبي‪ ،‬بينما الثا هني حكم هبعق هل هه وكف هر هه فكذب هبذ هلك‪( ،‬وليس من نفى هب هذي رجح هان) أي ليس عقل أ هبي‬
‫السر هاء هبأرجح همن عق هل أ هبي بكر الث هب هت له‪ .‬فال يست هقيم هحين هئذ دعوى مناقض هة الخب هر هللعق هل‪،‬‬ ‫جهل الن هافي هلحصو هل ه‬
‫هلن همن العقال هء من يقبل ذ هلك‪ ،‬فتأمل!‬

‫‪8‬‬
‫‪1‬‬ ‫والبقر هة ؟! هفي ح هديث ينتمى‬ ‫و همنه ما هل هلذئ هب قد تكلما ؟!‬ ‫‪32‬‬
‫‪2‬‬ ‫هدنت‬ ‫وص هاحبي هه‬ ‫وكالن هبي‬ ‫هإلى الص هحي هح‪ ،‬قل هب هه آمنت‬ ‫‪33‬‬
‫هفي عه هد الصطفى هبعص هر ههم طرا‬ ‫‪ ِ 34‬رِابِعِهِا‪ :‬محاكمه هلا جرى‬
‫‪3‬‬ ‫الصغر‬‫همثل هبناه هبالحميرا هفي ه‬ ‫‪ 35‬هبال ظروف ناو أحوال تعتبر‬
‫‪4‬‬ ‫ش أمسكوا عن شي هنه‬ ‫هلذا قري ٌ‬ ‫فليس ذا ق هبيحا هفي زما هنه‬ ‫‪36‬‬

‫ٌ‬
‫اب‪( .‬والبقر هة) معطوفة على ما قبلها‪ ،‬والتق هدير ‪ :‬وما هللبقر هة تتكلم؟ ه(في ح هديث ينتمى)‬ ‫)و همنه) أي همن أم هثل هة هذا الب ه‬
‫‪1‬‬

‫س‪ ،‬فيشمل الفرد والثنى والجمع‪ .‬وخالصة هذا‬ ‫أي ينتسب‪ ،‬ه(إلى الص هح هيح) أي الص هحيحي هن‪ ،‬وال هلف والالم هلل هجن ه‬
‫ٌ‬
‫الذئب يتكلم والبقرة تتكلم‪ ...‬فكيف يم هكن ذ هلك؟‬ ‫البي هت أن هناك ح هديث هفي الص هح هيح يقول هبأن ه‬
‫يث‬‫‪ 2‬همن دان ي هدين هدينا و هديانة هبمعنى الخضوع والطاعة‪ ،‬ف هـ(دنت) يع هني خضعت وأطعت‪ ،‬ف هفي الص هحيحي هن همن ح هد ه‬
‫أ هبي هريرة مرفوعا‪« :‬بينما رج ٌل يسوق بقرة له‪ ،‬قد حمل عليها‪ ،‬التفتت هإلي هه البقرة فقالت‪ :‬هإ هني لم أخلق هلهذا‪،‬‬
‫ٌ‬
‫هللا صلى هللا علي هه‬ ‫هللا تعجبا وفزعا‪ ،‬أبقرة تكلم؟ فقال رسول ه‬ ‫ول هك هني هإنما خ هلقت هللحر هث» فقال الناس‪ :‬سبحان ه‬
‫ومن هب هه وأبو بكر‪ ،‬وعمر» قال أبو هريرة‪ :‬قال رسول ه‬
‫هللا صلى هللا علي هه وسلم‪" :‬بينا راع هفي غن هم هه‪،‬‬ ‫وسلم «ف هإ هني أ ه‬
‫الذئب فقال له‪ :‬من لها يوم‬ ‫الذئب فأخذ همنها شاة‪ ،‬فطلبه الر هاعي حتى استنقذها همنه‪ ،‬فالتفت هإلي هه ه‬ ‫عدا علي هه ه‬
‫ومن‬ ‫هللا فقال رسول ه‬
‫هللا صلى هللا علي هه وسلم‪« :‬ف هإ هني أ ه‬ ‫السب هع‪ ،‬يوم ليس لها راع غي هري؟ " فقال الناس‪ :‬سبحان ه‬
‫هبذ هلك‪ ،‬أنا وأبو بكر وعمر»‪.‬‬
‫فكون الن هبي وأبو بكر وعمر استطاع قبول هذا الخب هر وهم عقالء‪ ،‬يدل على أن هذا الخبر ل ينا هقض العقول هلعد هم‬
‫ود هإجم هاع العقال هء هفي نف هي هه‪ .‬ثم هإذا نظرنا هإلى هطفل ص هغير ال هذي كان ل يتكلم البتة ثم بعد سنة أو سنتي هن بدأ‬ ‫وج ه‬
‫اللس هان والسن هان والشفت هان‬ ‫ات الكال هم همثل ه‬
‫الذئ هب ؟ وهما يم هلك هان كل أدو ه‬ ‫يتكلم‪ ،‬فما الا هنع همن تكل هم البقر هة و ه‬
‫والصو هت؟ فالعقل ل يمنع هإمكا هنية ذ هلك‪ ،‬فتأمل!‬
‫وف‬‫هبأعرا هف ههم وعاد هات ههم هفي ه هذ هه الزم هان همن غي هر مراع هاة الظر ه‬ ‫السِاسِِالرِابِعِ‪ :‬محاكمتهم هلا حدث هفي زم هن الن هب هي‬ ‫‪ِ 3‬‬
‫اطال وشينا‪ .‬وهذا‬ ‫والحو هال هفي ذ هلك الزم هان‪ ،‬ف هإن كان ما صدر همن الن هب هي مخ هالفا هلعرا هف ههم وعاد هات ههم اعتبروه ب ه‬
‫ٌ‬
‫هبعا هئشة و ههي ص هغيرة هجدا ‪ --‬هفي نظ هر الغرهب هيين‪ --‬مع أن‬ ‫ل شك أنه همن الجو هر والظل هم‪ ،‬همثال ذ هلك‪ :‬زواج الن هب هي‬
‫الن هبي كان قد بلغ الخم هسين همن العم هر‪ ،‬وهذا أم ٌر م هش ٌين هفي زع هم ههم هباع هتب هار أعرا هف ههم وعاد هات ههم‪.‬‬
‫السن قبيحا هعند أهل زما هن هه‪ ،‬و ه(لذا قري ٌ‬
‫ش أمسكوا عن شي هنه) أي لم يتحدثوا‬ ‫أي‪ :‬ليس زواج الن هب هي هبعا هئشة هفي هذا ه ه ه‬
‫‪4‬‬
‫ه‬
‫هب هه على أنه شي ٌن وعي ٌب على الرسو هل ‪ .‬فِهِذِهِ ِقِاعِدِةِ ِمِهِمِةِ ِلِ ِ‬
‫لردِ ِعِلِىِهِذِهِ ِالشِبِهِ ِ ِوأِمِثِالِهِا‪ ،‬هإذ لو كان ال هذي‬
‫تعدونه عيبا هفي عر هفكم هو كذ هلك أم ٌر م هش ٌين هفي عر هف العر هب‪ ،‬لكان مش هركو قريش أول من ي هعيبونه هب هه قبل غي هر ههم‪،‬‬
‫وب الن هب هي و هإشه هارها‪ ،‬فلما كانوا ل ي هعيبون هذا الزواج مع شهرهت هه‪ ،‬دل هذا‬ ‫وذ هلك هل هحر هص ههم هفي البح هث عن عي ه‬
‫اف الغر هب‬ ‫اف العر هب هفي ذ هلك الزم هان هبأعر ه‬ ‫اف محاكمة أعر ه‬ ‫النص ه‬ ‫على أنه ليس هبعيب أصال هفي عر هف ههم‪ ،‬فليس همن ه‬

‫‪9‬‬
‫فما ال هذي يمنعك أن تقبله ؟‬ ‫ل هسيما مع ح هبها الش هدي هد له‬ ‫‪37‬‬
‫‪1‬‬ ‫ما تدعونها يا هلبر هاليه !؟‬ ‫أليس ذا ن هقيضا هللح هريه‬ ‫‪38‬‬
‫همن الكال هم الج هي هد الحت هم هل‬ ‫س ـها‪ :‬لفظهم هبالجم هل‬ ‫‪ ِ 39‬خام ِ‬
‫تمنعها ! قلنا‪ :‬هإنه قد بطــال‬ ‫النس هان ل‬‫‪ 40‬كقو هل‪ :‬هذه ح هرية ه‬
‫‪2‬‬

‫أج هلد ظهرك هبحبل همن مسد !‬ ‫وسله‪ :‬هل ت هريدها همن غي هر حد ؟‬ ‫‪41‬‬
‫‪3‬‬ ‫هبح هدها همن رهبنا ؟‬ ‫ومن أحق‬ ‫فما ههي حدودها ب هين لنا ؟‬ ‫‪42‬‬
‫‪4‬‬ ‫همن غي هر حد أح هكما‬ ‫هفي زع همكم‬ ‫فالشرع ل يمنعها مطلقا كما‬ ‫‪43‬‬
‫عص هر ههم‪ ،‬وفسرت‬ ‫دللة هفي‬ ‫سادسهِا‪ :‬هفي هكلمة تطورت‬ ‫‪44‬‬

‫س هبها‪ ،‬لطخها‪ ،‬دنسها‪،‬‬ ‫هفي زما هننا‪ .‬و(شي هنه) همن‪ :‬شان ‪ -‬ي هشين ‪ -‬شينا‪ ،‬شان سمعته‪ ،‬أي‪ :‬أساء إليها هبالح هط همنها وال ه‬
‫يث‪ :‬ما كان الفحش هفي ش يء إل شانه (رواه الترمذي وصححه اللباني في صحيح الجامع‬ ‫عابها‪ ،‬شوهها‪ .‬و هفي الح هد ه‬
‫رقم ‪.)5655‬‬
‫‪ 1‬ف هإذا كانت عا هئشة قد ر هضيت هبزو هاجها همن الن هب هي وأحبه ك هثيرا‪ ،‬فما ال هذي يمنعك أيها الن هكر أن تقبل هذا الزواج؟‬
‫اللبر هالية‪ ...‬ف هلماذا ل تحت هرمون ح هرية عا هئشة هفي قب هولها‬ ‫النس هان و ه‬ ‫والعجب أنكم أيها الن هكرون تدعون اح هترام ح هرية ه‬
‫ٌ‬
‫اللبر هاليون؟ و(ما) هنا موص هولية‪ ،‬هبمعنى ال هتي‪ .‬وقوله (يا هلبر هالية)‬ ‫هذا الزواج ؟ أليس هذا الو هقف ن هقيضا هللح هري هة أيها ه‬
‫اللبر هالي هة‪.‬‬
‫اللبر هالي هة أو يا أصحاب ه‬ ‫أي يا مد هعي ه‬
‫اس هه ول هز هم هه كما سيأ هتي‪.‬‬‫الطال هق‪ ،‬أي فسد؛ وذ هلك هلفس هاد أس ه‬ ‫ف ه‬ ‫‪ 2‬ه(ذه) أي ه هذ هه‪ ،‬هبحذ هف ه هاء التن هب هيه‪ .‬و(بطال) هبأ هل ه‬
‫اطال‪ ،‬في هصف السنة هبكو هنها هضد‬ ‫السِاسِ ِالخِامِسِ‪ :‬أن بعضهم يستخ هدم اللفاظ الجملة ال هتي تحت همل حقا وب ه‬ ‫‪ِ 3‬‬
‫النسا هنية‪ .‬فالجواب أن نسأله‪ :‬هل ت هريد الح هرية‬ ‫اطال‪ ،‬وكذا ه‬ ‫النسا هني هة مثال‪ .‬فالح هرية تحت همل حقا وب ه‬ ‫الح هري هة أو هضد ه‬
‫الطلقة هبال حد؟ هإن كنت ت هريدها مطلقة هبال حدود ول قيود‪ ،‬ف هباس هم الح هري هة سوف (أج هلد ظهرك هبحبل همن مسد!)‬
‫اجر‪،‬‬ ‫النس هان هف هيه البر والف ه‬ ‫النسا هني هة‪ ،‬هلن هجنس ه‬ ‫وليس لك أن تمنع هني همنه أو تغضب هبسب هب هه!! وقل هب همث هلها هفي ه‬
‫النسا هنية هعنده هفي الح هقيق هة‬ ‫والص هلح والف هسد‪ ،‬فهل تحت هرم هإنسا هنية الج هر همين هفي ارهتك هاب ههم هللجرا هئ هم أيضا؟ فالح هرية و ه‬
‫محدودت هان‪ .‬فنط هالبه هببي هان ح هدها لنا‪ ،‬ف هإن بينها‪ ،‬قلنا له‪ :‬على أ هي أساس وضعت ه هذ هه الحدود والقيود؟ و هبهذا تبين‬
‫اطئة‪ ،‬ونقول له‪( :‬ومن أحق هبح هدها همن رهبنا؟) أي من أولى هبوض هع ه هذ هه الحد هود همن‬ ‫له أنه ق هد احتكم هإلى مر هج هعية خ ه‬
‫خ هال هقنا؟؟ وهذا اس هتفه ٌام هإنك هاري‪ ،‬أي ل أحد أحق هبذ هلك همن ه‬
‫هللا‪.‬‬
‫الطال هق‪.‬‬ ‫‪( 4‬أح هكما) هبال هبن هاء هللمجهو هل وأ هل ه‬
‫ف ه‬

‫‪10‬‬
‫‪1‬‬ ‫هفيها مسبة وها هم و ههموا‬ ‫أذهانهم لها هبما قد ف ههموا‬ ‫‪45‬‬
‫ات‬
‫نا هقص ه‬ ‫عقل‬ ‫مع‬ ‫و هدي هنها‬ ‫ات‬
‫كوص هف هه هللمرأه هبالعور ه‬ ‫‪46‬‬
‫فالعورة يع هني هبها هفي صو هنها‬ ‫لها‬ ‫مسبة‬ ‫تي هنك‬ ‫فليس‬ ‫‪47‬‬
‫اطمه) أدنى ذكاء همن (عمر)‬ ‫كـ(ف ه‬ ‫‪ 48‬نقصانها هعند ال هقر هان هبالذكر‬
‫‪2‬‬
‫فال‬ ‫زما هننا‬ ‫أهل‬ ‫اسب‬
‫ين ه‬ ‫‪ ِ 49‬سِابع ِها‪ :‬شرعه قد مض ى ول‬
‫‪3‬‬ ‫فعكسه هفي هه ع هظيم العس هر‬ ‫يلزمنا ام هتثاله هفي العص هر‬ ‫‪50‬‬
‫هقسم هان ظ هاهر هان فاص هغ السمع‬ ‫جوابنا له هبأن الشرع‬ ‫‪51‬‬

‫ور على ش يء‪ ،‬و هفي زمن‬ ‫السِاسِِالسِادِسِ‪ :‬عدم مراع هاة التطو هر الدل هلي‪ ،‬أي‪ :‬أن الك هلمة قد تدل هفي عصر همن العص ه‬ ‫‪ِ 1‬‬
‫يث هبأنه يتضمن مسبة هله هل‬ ‫آخر تدل على ش يء آخر تماما‪ .‬فال هذي ل ير هاعي هذا التطور ربما يف هسر بعض الح هاد ه‬
‫الهانة والش هتيمة‪.‬‬ ‫السال هم أنف هس ههم‪( ،‬وها هم) الهاء هللتن هب هيه (و ههموا) أي أخطأوا هفي هذا التف هس هير‪ .‬والسبة‪ :‬ه‬ ‫ه‬
‫ٌ‬
‫يث‪" :‬الرأة عورة‪ ،‬ف هإذا خرجت هاستشرفها الشيطان" يتوهم أن هف هيه مسبة وشتما هللمرأ هة‪،‬‬ ‫‪ 2‬هعندما س همع بعضهم هبح هد ه‬
‫قال ابن منظور‪ :‬و هإنما جعلها نفسها عورة هلنها هإذا ظهرت يستحيا همنها كما يستحيا همن العور هة هإذا ظهرت (اللسان‬
‫‪ .)617/4‬و(استشرفها الشيطان)‪ :‬أمعن النظر هإليها هليغ هويها هبغي هرها ويغ هوي غيرها هبها فيو هقعهما أو أحدهما هفي‬
‫س همن أه هل الفسو هق؛ أي‪ :‬هإذا رأوها ب هارزة واستشرفوها طمحوا هبأبص هار ههم‬ ‫الن ه‬ ‫ال هفتن هة‪ ،‬أو ي هريد هبالشيط هان‪ :‬شيطان ه‬
‫نحوها (شرح الصابيح لب هن اللك الحنفي ‪.)550/3‬‬
‫النس هاء)‪،‬‬ ‫ات عقل و هدين أذهب هلل هب الرج هل الح هاز هم همن هإحداكن يا معشر ه‬ ‫يث‪( :‬ما رأيت همن نا هقص ه‬ ‫وكذا هفي ح هد ه‬
‫الد هين ليس مسبة ول شتما‪ ،‬هإذ لو كان كذ هلك لعترض علي هه الصح هابيات الؤ همنات فضال‬ ‫فوصفها هبنقص هان العق هل و ه‬
‫ات‪ .‬ف هبما أنهم لم يعت هبروها مسبة هفي عه هد ههم‪ ،‬فال وجه هلهذا الفه هم بل هو مجرد وهم‪.‬‬ ‫ع هن الش هر هكين والش هرك ه‬
‫فـ(نقصانها هعند ال هقر هان هبالذكر) أي هعند مقارن هتها هبالرج هل فقط وليس مطلقا‪ ،‬ف هجنس الرأ هة أقل عقال و هدينا همن‬
‫س الرج هل‪ ،‬ثم هإن الن هبي قد فسر مراده هبنقص هان عق هلها هبأن شهادتها هنصف شهاد هة الرج هل‪ ،‬وفسر نقصان هد هينها‬ ‫هجن ه‬
‫الصيام أثناء حي هضها‪ .‬وهذا ل يكون نقصا هإل هعند مقارن هتها هبمن ليس كذ هلك همن البش هر‪ ،‬وهو‬ ‫هبأنها تترك الصالة و ه‬
‫اطمة‪،‬‬ ‫الرج هال‪ .‬فليس ه هذ هه مسبة هفي ح هق ف ه‬ ‫النس هاء (أدنى ذكاء همن عمر) همن ه‬‫اطمه) همن ه‬ ‫هجنس الذك هر‪ .‬ونحو لو هقيل‪( :‬ف ه‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ول يع هني قا هئله أنها غ هبية ب هليدة‪.‬‬
‫السِاسِِالسِابِعِ‪ :‬أن كل زمان له أحكامه وشرعه‪ ،‬وزماننا يخت هلف عن زم هن الن هب هي‪ ،‬فال يلزمنا تط هبيق سن هت هه هفي زما هننا‬ ‫‪ِ 3‬‬
‫كما أن تطبيق قوا هنين زما هننا في عه هد النبي هف هيه عس ٌر ع هظ ٌ‬
‫يم أيضا‪.‬‬ ‫ه ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬

‫‪11‬‬
‫ٌ‬
‫‪1‬‬ ‫الحس هان‬ ‫ب‬
‫ه ه‬ ‫ر‬‫ه‬ ‫م‬‫ال‬‫ك‬ ‫ة‬ ‫عالق‬ ‫ما ليس هللزم هان والك هان‬ ‫‪52‬‬
‫‪2‬‬ ‫هللق هادر‬ ‫النفقه‬ ‫وكوجو هب‬ ‫اصر‬ ‫دوامه هلوق هتنا ال ــع ه‬ ‫‪53‬‬
‫‪3‬‬ ‫أو هبمكان نصه لم ي هر هد‬ ‫محد هد‬ ‫هبزمن‬ ‫تق هديرها‬ ‫‪54‬‬
‫اس‬
‫حددها الشرع هبال ال هتب ه‬ ‫اس‬
‫اللب ه‬
‫ه‬ ‫مع هايير‬ ‫ونحوه‬ ‫‪55‬‬
‫‪4‬‬ ‫وغيـ هــروا هفي غي هرها هبال شطط‬ ‫فال تغ هيروا هفيها فهو غلط‬ ‫‪56‬‬
‫فم هارق‬ ‫ٌ‬
‫هنس هبية‪،‬‬ ‫وأنها‬ ‫‪ ِ 57‬والثامنِ التش هكيك هفي الحقا هئق‬
‫‪5‬‬ ‫فدعه واغرب عنه ل تب هالي‬ ‫ول س هبيل معه هلل هجد هال‬ ‫‪58‬‬

‫املِِمِعِِالشِبِهِاتِ‬
‫قِ ِواعِدِِفِيِالتِعِ ِ‬
‫ج هاهال‬ ‫اعد‬
‫هبالقو ه‬ ‫أخي‬ ‫تكن‬ ‫‪ 59‬وهللتعامل مع شبه هات ههم فال‬
‫فتف هتنك‬ ‫هبق هربها‬ ‫تكن‬ ‫ول‬ ‫‪ ِ 60‬منها‪ :‬اجت هنبها كلها ما أمكنك‬

‫ٌ‬
‫الحس هان) أي هفي ك هل ش يء‪ ،‬فهذا المر ل‬ ‫فال هقسم الول همن الشر هع هو ما ليس له عالقة هبالزم هان والك هان‪( ،‬كالم هر هب ه‬
‫‪1‬‬

‫ينح هصر هفي زمن دون زمن ول هفي مكان دون مكان‪ ،‬بل هو مست همر ومطل ٌق‪.‬‬
‫وب النفقه هللق هادر) عليها‪ ،‬فهذا حك ٌم شر هعي دا هئ ٌم‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫فهذا ال هقسم حكمه دا هئم ل يتغير هبتغي هر الزم هان والكا هن‪( ،‬وكوج ه‬
‫‪2‬‬

‫‪ 3‬أما تح هديد قد هر النفق هة ف هبحس هب الزم هان والك هان‪ ،‬وليس هناك نص هفي تح هد هيد قد هرها‪.‬‬
‫ٌ‬
‫اس‬ ‫اس محددة هفي الشر هع‪ ،‬كأن يكون سا هترا هللعور هة‪ ،‬وأل يكون ض هيقا أو ر هقيقا أو مش هابها هل هلب ه‬ ‫وكذ هلك مع هايير اللب ه‬
‫‪4‬‬
‫ٌ‬
‫الكف هار‪ ،‬وغي هر ذ هلك همن الع هاي هير ف ههي ث هابتة هفي ك هل زمان ومكان‪( ،‬فال تغ هيروا هفيها) أي هفي ه هذ هه الع هاي هير الث هابت هة (فهو‬
‫ٌ‬
‫اس أو نح هوها ‪ --‬همما لم ي هرد شرعنا‬ ‫اللب ه‬‫اش وأشك هال ه‬ ‫اس القم ه‬ ‫غلط) أي خطأ‪( ،‬وغ هيروا هفي غي هرها) همن اللو هان وأجن ه‬
‫ٌ‬
‫هبنه هي هه‪ ،--‬ف ههي متغ هيرة هبحس هب الزم هان والك هان‪ .‬قوله ه(بال شطط) أي هبال جور وظلم‪ ،‬ويطلق الشطط على مجاوز هة‬
‫الح هد أيضا‪.‬‬
‫اطال‪،‬‬ ‫السِاسِ ِالثِامِنِ‪ :‬النهج الش هكي أو هنس هبية الحقا هئ هق‪ .‬فهو يش هكك هفي ك هل ش يء وأنه يحت همل أن يكون حقا أو ب ه‬ ‫‪ِ 5‬‬
‫اس ث هاب ٌت يتمسك هب هه‪( .‬فم هارق) أي فهو م ها ٌرق وخ هار ٌج ع هن القانو هن ال هعل هم هي (ول س هبيل معه هلل هجد هال)‬ ‫فليس لدي هه أس ٌ‬
‫أي ل يم هكن مناقشة من هذا حاله‪( .‬فدعه) أي اتركه وتول عنه ول تل هق له بال‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪1‬‬ ‫ما لم ي هبن ثبوته وينج هل‬ ‫‪ ِ 61‬ومنها‪ :‬ل تقبل هبنق هل النا هق هل‬
‫‪2‬‬ ‫الثن هان فافهمن يا ف هطن‬
‫صح ه‬ ‫ل ل ينا هقض العقول هإن‬ ‫‪ ِ 62‬والنق ِ‬
‫وناقشِ الص ِولِ سوف تنه هدم‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ِ ِ 63‬وفقدِِِالعلمِ ليس هعلما هبالعدم‬
‫السي هاق ينــزع‬
‫كذاكِ ما ع هن ه‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ 64‬فروعها وليس عكسا فاسمعوا‬
‫‪5‬‬ ‫هبلف هظ هه الت هم سوقه ق هفي‬ ‫ي هفي‬ ‫حتى‬ ‫اظ ـرنه‬
‫تن ه‬ ‫‪ 65‬فال‬
‫‪6‬‬ ‫وأعرضوا عن بع هض هه فلتحذ هر‬ ‫ض الث هر‬ ‫‪ ِ 66‬كذاِ استدللهمِ هببع ه‬
‫الـصنعه‬ ‫البوا هط هل‬ ‫ككثر هة‬ ‫‪ ِ 67‬ولِ تقبلِ ته هويلهم هللوا هقعه‬
‫‪7‬‬ ‫ول مع النق هاد همنها يعتمد‬ ‫‪ 68‬فهي مع التح هقي هق ليس ذا العدد‬

‫اب أ هو السن هة ما لم يكن ثبوته با هئنا لك‬ ‫احب الشبه هة منسوبا هإلى ال هكت ه‬ ‫ضا‪ :‬ل تقبل ما نقله ص ه‬ ‫‪ِ 1‬ومِنِ ِالِقِ ِواعِدِ أِيِ ًِ‬
‫اضحا‪.‬‬
‫(وينج هل) أي وما لم يكن ج هليا و ه‬
‫ضا‪ :‬ل تناقض ول تعارض بين النق هل والعق هل هإن كانا ص هحيحي هن‪ ،‬وم هن ادعى هخالفه فال يخلو همن‬ ‫‪ِ 2‬ومِنِِالِقِ ِواعِدِ أِيِ ًِ‬
‫الثن هان ويخ هطئ هفي فه هم ههما أو أح هد ههما‪.‬‬
‫اطال‪ ،‬أو أن ي هصح ه‬ ‫أمري هن‪ :‬هإما أن يكون أحدهما ص هحيحا واآلخر ب ه‬
‫ود ش يء ل يع هني أن‬ ‫ضا‪ ِ:‬عدم ال هعل هم ليس هعلما هبالعد هم‪ .‬فمن ل يعلم ح هقيقة ش يء أو ل يعلم هبوج ه‬ ‫‪ِ 3‬ومِنِِالِقِ ِواعِدِ أِيِ ًِ‬
‫هذا الش يء غير ح هق هيقي أو غير موجود‪ .‬فلو كان الن هكر هللح هق بنى هإنكاره على عد هم هعل هم هه هبالح هق‪ ،‬فهذا ل يدل على‬
‫ود الح هق‪.‬‬
‫عد هم وج ه‬
‫ات هلته هدم كل الفر هوع‪ ،‬و هإياك أن تنش هغل هبالفر هوع ع هن الصو هل‪ .‬فمن أبطل‬ ‫ً‬
‫ضا‪ :‬نا هقش أصول الشبه ه‬ ‫‪ِ 4‬ومِنِِالِقِ ِواعِدِ أِيِ ِ‬
‫ٌ‬ ‫أصول الشبهات أبطل معها الفروع‪ .‬ومن أبطل الفروع مع بقاء أصولها‪ ،‬فإنه ستتولد منها شبه ٌ‬
‫ات ج هديدة‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫ود‬
‫اط هل‪ ،‬وهو همن عاد هة اليه ه‬ ‫ضا‪ :‬هاحذر من نزع الكالم عن هسيا هق هه‪ ،‬ف هإنه ك هثيرا ما يوجد هعند أه هل الب ه‬ ‫‪ِ 5‬ومِنِِالِقِ ِواعِدِ أِيِ ًِ‬
‫َ َّ‬ ‫ۡ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َُ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬
‫اظر من يحتج عليك هبكالم مبتور ومنزوع‬ ‫ِّين هادوا يح ِّرفون ٱلكل َِّم عن م َواضِّ عِّهِّۦﵞ‪ .‬فال تن ه‬
‫كما قال تعالى‪ :‬ﵟم َِّن ٱلذ‬
‫السي هاق حتى يأ هتي خصمك ( هبلف هظ هه الت هم)‪ ،‬و(سوقه ق هفي) أي هسياقه يتبع‪.‬‬ ‫همن ه‬
‫اض ههم عن غي هر هه‬ ‫ً‬
‫يث ‪ --‬همما يوا هفق أهواءهم‪ --‬مع هإعر ه‬ ‫ض الح هد ه‬ ‫ِومِنِِالِقِ ِواعِدِ أِيِضِا‪ :‬ل تقبل من يست هدل عليك هببع ه‬
‫‪6‬‬

‫هإذا خالف أهواءهم‪.‬‬


‫يث‬ ‫ود اآلل هف همن الح هاد ه‬‫ور الوا هقع هة‪ ،‬كدعوى وج ه‬ ‫ض الم ه‬ ‫ضا‪( :‬ل تقبل ته هويلهم هللوا هقعه) أي هلبع ه‬ ‫ِومِنِ ِالِقِ ِواعِدِ أِيِ ًِ‬ ‫‪7‬‬

‫ود‬ ‫ض وج ه‬ ‫ات فقط‪ .‬ثم مع فر ه‬ ‫اطل هة الصطنع هة‪ ،‬ف هإنهم لو ط هولبوا هب هذك هرها لا استطاعوا أن يذكروا لنا هإل العشر ه‬ ‫الب ه‬
‫ه هذ هه اآلل هف‪ ،‬ف هإن هناك أ هئمة نقادا يب هينون لنا بطالنها حتى ل يعتمد ش ي ٌء همنها كأصل همن أصو هل ه‬
‫الد هين وع همل هب هه‬
‫الس هلمون همن غي هر ن هكير‪ ،‬فهذا ل يم هكن أن يكون‪ .‬وم هن ادعى هخالف ذ هلك فعلي هه الب هينة! فهو كمن قال‪ :‬ل تشت هر‬
‫يدية منت هشرة هفي السو هق! فهذا كال ٌم ل يقبله عا هق ٌل‪ ،‬هلنه و هإن كانت ه هذ هه‬ ‫السلعة هبم هارك هة (كذا) هلن هناك هسلعا تق هل ه‬ ‫ه‬

‫‪13‬‬
‫ِأصِنِافِِالِنِكِ ِرينِ‬
‫ج هميعها وغيرهم بعضا ردد‬ ‫‪ 69‬ومن هكرو الح هدي هث همنهم من جحد‬
‫‪1‬‬ ‫الفجار‬ ‫الروا هفض‬ ‫و همثله‬ ‫والكفار‬ ‫الزن هديق‬
‫ه‬ ‫‪ ِ 70‬فالولِ‬
‫هفي ر هد بع هض هه مع أنه ق هبل‬ ‫‪ ِ 71‬ثانيهمِ على أصول يشت هغل‬
‫‪2‬‬ ‫اطال ق هد احتوى‬
‫مع ضع هف هه أو ب ه‬ ‫‪ 72‬هببع هض هه هفيما يوا هفق الهوى‬

‫ىِال ِولِ‪ِ:‬إِثِبِاتِِكِ ِونِِالِخِبِ ِرِِمنِِ ِوسِائِلِِالِعِلِمِ‬


‫الردِِعِلِ ِ‬
‫ِ‬
‫هللعقال هفي كو هن ال هعل هم قد جرى‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ 73‬فقل هللو هل هبما قد ق هررا‬

‫ٌ‬
‫ال هاركة قد ز هورت وق هلدت بل ربما كان هت القلدة أكثر ان هتشارا همن الص هلي هة‪ ،‬يبقى أن الص هلية موجودة ويست هطيع من‬
‫ات فعلي هه هبسؤ هال‬ ‫ٌ‬
‫ي هريدها أن يشت هريها همن مو هز هعها العتم هد ولها عالمات تم هيزها ع هن القلد هة‪ ،‬ومن لم يع هرف ه هذ هه العالم ه‬
‫اص فهو ال هذي‬ ‫الخ هتص ه‬ ‫ات ولم يأخذها همن مو هز هعها العتم هد ولم يسأل أهل ه‬ ‫اص‪ .‬ومن لم يع هر هف العالم ه‬ ‫الخ هتص ه‬ ‫أه هل ه‬
‫السلع هة الزور هة وهو اللوم على تق هص هير هه‪.‬‬ ‫سيحصل على ه‬
‫السالم ويب هطن‬ ‫(الزن هديق) وهو من يظ ههر ه‬ ‫ال ِولِ‪ :‬همن الن هك هرين هم من جحد وأنكر ج هميع السن هة‪ ،‬همثل‪ :‬ه‬ ‫فِالصِنِفِِ ِ‬ ‫‪1‬‬

‫ف الو هل‪ :‬غالة البت هدع هة كـ(الروا هفض الفجار)‬ ‫الصن ه‬‫الكفر‪( ،‬والكفار) عموما همن الستش هر هقين و ه(مثله) أي همثل ه‬
‫وطي هفي أو هل هكت هاب هه همفت هاح الجن هة ه"إن قا هئال را هف هضيا هزن هديقا أكثر هفي كال هم هه أن السنة النب هوية‬ ‫كما أشار هإلي هه السي ه‬
‫والح هاديث الر هوية ‪ -‬زادها هللا علوا وشرفا ‪ -‬ل يحتج هبها‪ ،‬وأن الحجة هفي القر هآن خاصة‪ ،‬وأورد على ذ هلك ح هديث‪:‬‬
‫ً‬
‫"ماِجاءكمِِعنِيِمِنِِحديثِِفِاعِ ِرضِوهِِعِلِىِالقرآنِ‪ِ،‬فإنِِ ِوجِدتمِِلهِأِصِ ِلِفخذواِبهِوإلِف ِردوه"ِ هكذا س همعت‬
‫هذا الكالم هبجمل هت هه همنه وس همعه همنه خالئق غي هري‪ ،‬ف همنهم من ل يل هقي هلذ هلك بال‪ .‬و همنهم من ل يع هرف أصل هذا‬
‫اس أصل ذ هلك‪ ،‬وأب هين بطالنه‪ ،‬وأنه همن أعظ هم اله هال هك‪ "...‬اهـ‪.‬‬ ‫الكال هم ول همن أين جاء‪ .‬فأردت أن أو هضح هللن ه‬
‫ض‬ ‫(ثا هني ههم) أي ِاِلصِنِفِ ِالثِانِيِمِنِ ِمِنِكِ ِريِالِحِدِيثِ (على أصول يشت هغل ‪ ...‬هفي ر هد بع هض هه) أي يشت هغل هفي ر هد بع ه‬
‫‪2‬‬

‫يث على أصول ومنطلقات سيأ هتي تف هصيلها والرد عليها ج همي هعها‪( ،‬مع أنه ق هبل * هببع هض هه هفيما يوا هفق الهوى ‪...‬‬ ‫الح هد ه‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الصنف متنا هق ٌ‬
‫ض مع نف هس هه هلنه ليس لدي هه منه هجية ث هابتة هفي القبو هل والر هد‪ ،‬فهو يرد بعض‬ ‫مع ضع هف هه) أي أن هذا ه‬
‫وطي‬ ‫يث الث هابت هة هعند الح هد هثين مع أنه يقبل بعضا آخر هإذا وافق هواه و هإن كان ح هديثا ض هعيفا كما نقله السي ه‬ ‫الح هاد ه‬
‫يث‬ ‫ض الح هد ه‬ ‫اطل‪ ،‬كما قال البيه هقي‪" :‬والح هديث ال هذي ر هوي هفي عر ه‬ ‫اطال ق هد احتوى) أو يشت همل على ب ه‬ ‫هفيما سبق (أو ب ه‬
‫اط ٌل ل ي هصح‪ِ ،‬وهِ ِوِيِنِعِكِسِِعِلِىِنِفِسِهِِبِالِبِطِ ِلنِ‪ِ،‬فِلِيِسِِفِيِالِقِ ِرآنِِدِلِلِةِِعِلِىِعِ ِرضِِالِحِدِيثِِعِلِىِ‬ ‫على القر هآن ب ه‬
‫الِقِ ِرآنِ" اهـ (الدخل إلى دلئل النبوة ‪.)27/1‬‬
‫الطال هق‪.‬‬‫ف ه‬ ‫(ق هررا) هبال هبن هاء هللمجهو هل وأ هل ه‬ ‫‪3‬‬

‫‪14‬‬
‫ِ‪1‬‬ ‫سِ ثمِ قسِ ياِ عاق ِل‬ ‫خب ِرِ ِ ِوح ٌّ‬ ‫الوسا هئل‪:‬‬ ‫هبه هذ هه‬ ‫‪ 74‬تح هصيله‬
‫‪2‬‬ ‫فاعلما‬ ‫الـؤ هثرات‬ ‫أ ِفسدها‬ ‫ان حيث ما‬
‫‪ ِ 75‬ومنهاِ فطرةِ النس ِ‬
‫سمعا ناو بصرا كذا ال هوجدان‬ ‫النسان‬
‫ه‬ ‫ي يد هركه‬
‫‪ ِ 76‬أماِ الذ ِ‬
‫‪4‬‬ ‫‪ ،‬ثمِ القياسِ ِح هص ــال‬ ‫‪3‬‬ ‫ين هكره‬ ‫‪ 77‬ف همثله ال ـؤ همن والكا هفر ل‬

‫فالعلم بالش يء يتحصل بإحدى الوسائل التالية‪( :‬خبر) أي بأن يعلمه عن طريق الخبر‪( ،‬وحس) أي يعلمه عن‬ ‫‪1‬‬

‫طريق الحواس الست‪ :‬البصر والسمع الذوق واللمس والشم والوجدان كالحزن والفرح والفخر ونحوها‪( ،‬ثم‬
‫قس يا عاقل) إشارة إلى الوسيلتين الخريين‪ ،‬هما‪ :‬القياس والعقل‪ .‬فال بد من وجود العقل حتى يتمكن من‬
‫القياس‪ ،‬والعقل يطلق على أربعة معاني‪:‬‬
‫‪ -1‬الغريزةِالدركةِفيِالنسان ‪ ،‬أي اآللة والقوة التي من خاللها يعلم النسان ويعقل‪ ،‬وهي فيه كقوة البصر‬
‫في العين والذوق في اللسان‪ ،‬وهي مناط التكليف وبها يمتاز النسان عن سائر الحيوان‪.‬‬
‫‪ -2‬العلومِالنظريةِالكتسبة‪ ،‬وهذه ثمرة استخدام العقل بالعنى الول‪ ،‬ولكن ليست بالضرورة أن تكون‬
‫قطعية كلها‪ ،‬بل أكثرها ظنية‪ ،‬وكثير منها باطلة‪ ،‬فالجرمون يخططون الجرام بعقولهم أيضا‪ ،‬وهي مع ذلك‬
‫باطلة‪.‬‬
‫‪ -3‬العلومِالضروريةِأوِالبِدِهِيِاتِوالسلماتِالعقلية‪ ،‬وهي التي تتفق عليها جميع العقالء‪ ،‬كاستحالة جمع‬
‫النقيضين أو نفيهما في وقت واحد‪ ،‬وكذا أن الوجود ل بد له من موجد ومحدث وسبب‪.‬‬
‫‪ -4‬العملِ بمقتض ىِ العلم‪ ،‬ويسمى أيضا بالحكمة‪ ،‬كأن يقال‪ :‬فالن عاقل‪ ،‬اي يتصرف بمقتض ى العلم‬
‫والحكمة‪.‬‬
‫فالنسان بفطرته السلي مة يستطيع معرفة بعض الشياء‪ ،‬كاليمان بوجود هللا واليمان بأنه في العلو‪ ،‬ولكن‬ ‫‪2‬‬

‫بشرط أل تتأثر هذه الفطرة بمؤثرات خارجية فتفسدها‪ ،‬كما في حديث‪( :‬ما من مولود إل ويولد على الفطرة‪،‬‬
‫فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) متفق عليه‪.‬‬
‫أي كل ش يء يمكننا إدراكها بإحدى حواسنا (سمعا أو بصرا) أي حالة كونه يسمع شيئا أو يب هصر شيئا‪ ،‬وكذلك‬ ‫‪3‬‬

‫الوجدان) أي كذلك ما‬‫عندما يشم أو يلمس أو يتذوق شيئا‪ ،‬فقد ع هلم هذا الش يء من خالل هذه الدارك (كذا ه‬
‫بوجدانه‪ :‬كالفرح والحزن والفتور وغيرها‪ ،‬فهذا ل يحتاج إلى اليمان حتى يصدق بوجوده‪ ،‬إذ ل‬ ‫أدركه النسان ه‬
‫يختلف الؤمن مع الكافر في تصديقه وقبوله‪.‬‬
‫(ح هصال) بالبناء للمجهول وألف الطالق‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪15‬‬
‫‪1‬‬ ‫كان ال هقيس ذا م هثيل يحتذى‬ ‫هإذا‬ ‫م هثي هل هه‬ ‫على‬ ‫‪ 78‬هبقي هس هه‬
‫‪2‬‬ ‫هإشكال هفي هه هعند ك هل العقال‬ ‫‪ 79‬ف همثل ذا يقبله الج هميع ل‬
‫‪3‬‬ ‫ما غاب عن هإدر هاكنا همما حوى‬ ‫‪ 80‬فليس يبقى هلل هعل هم همن ذا هسوى‬
‫‪4‬‬ ‫همن العلو هم والخب هار والهدى‬ ‫‪ 81‬هكتاب رهبنا مع قو هل أحمدا‬
‫هفي غي هر مدرك وعقل يعتبر‬ ‫ف ج هاحد الخبر‬ ‫‪ 82‬فليس هبالن هص ه‬
‫‪5‬‬ ‫اضين هفي المص هار‬
‫ص ال ه‬ ‫وقص ه‬ ‫والقد هار‬ ‫العج هاز‬
‫و ه‬ ‫‪ 83‬كالغي هب‬

‫شِ ِروطِِقِبِولِِالِخِبِ ِرِِوتوفرهاِفِيِحِقِِالنِبِيِ‬


‫فلتع هر هف‬ ‫هبشر هط هه‬ ‫مصد ٌق‬ ‫ف‬
‫‪ 84‬والخبر الص هادق هعند الن هص ه‬
‫‪6‬‬ ‫قدِ جاءِِ ِبهِ‪ ،‬معِ اللسانِ فهم ِا‬ ‫‪ ِ 85‬فصدقِ املخبرِ‪ ،‬وعلمهِ بما‬

‫‪ 1‬ثم القياس يكون في الشياء التي لها نظراء في الوجود‪ ،‬كمن لم ير الطائرة ولكنه قد رأى طيرا‪ ،‬فإن قيل له‪ :‬الطائرة‬
‫مثل الطير‪ ،‬لها جناحان وذيل تستطيع الطيران؛ فإنه حينئذ قد حصل على العلومات عن الطائرة بطريق‬
‫القياس (قاس الطائرة على الطير)‪ .‬وإنما يمكن القياس مع وجود القيس عليه فقط‪ .‬ومعنى (يحتذى) أي يتبع‬
‫‪ 2‬أي هذه الصورة وأمثالها مما يقبله العقالء‪ ،‬فقياس الش يء على نظيره الشاهد من وسائل العلم بال ريب‪.‬‬
‫‪ 3‬لكن إذا كان الش يء غائبا عن إدراكنا فليس لنا سبيل لعرفته إل عن طريق الخبر (الوحي) الذي يتضمنه كتاب‬
‫هللا وسنة الرسول‪.‬‬
‫‪( 4‬أحمدا) بألف الطالق‪ ،‬وهو الرسول ‪ .‬وقد احتوى كتاب هللا وقول الرسول من العلوم في التحليل والتحريم‬
‫ونحوه‪ ،‬وفيهما أيضا من الخبار الستقبلية والاضية وكذلك الهدى أي التوجيهات التي هي من قبيل العبادات‬
‫الحضة غير معقولة العنى‪ .‬فكلها ينبغي قبولها عن طريق الخبر الصادق دون الدراك والقياس‪.‬‬
‫‪ 5‬أي من جحد الخبر كوسيلة من وسائل العلم عند فقدان الوسيلتين‪ :‬العقل والدراك بالحواس مع فساد فطرته؛‬
‫فليس بمنصف ‪ .‬ومن أمثلة ما ل يمكن علمه إل عن طريق الخبار (كالغيب والعجاز والقدار) أي مثل أخبار‬
‫الغيب ومعجزات النبياء التي هي أصال من خوارق العادة‪ ،‬وبعض القدار الستقبلية التي أخبر به الرسول‪،‬‬
‫وقصص المم الاضية‪ ،‬كقوم نوح‪ ،‬وعاد‪ ،‬وثمود‪ ،‬ومدين‪ ،‬وقوم لوط‪ ،‬وبني إسرائيل‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫َ‬
‫يمَٰ ُن َولَٰكِّن‬
‫ۡ‬
‫ب َولَا ٱلإ َ‬ ‫وحا م ِّۡن أَ ۡمرنَا ۚ َما ُك َ‬
‫نت تَ ۡدري َما ٱلۡك َِّتَٰ ُ‬ ‫ك ُر ٗ‬ ‫َ َ َ َٰ َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ‬
‫‪( 6‬جاء هبه) أي الوحي‪ ،‬كما في قوله تعالى‪ :‬ﵟوكذل ِّك أوحينا إِّلي‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ ُّ ۡ َ‬ ‫َ َّ َ ٓ ُ ۡ َ َ َ َّ َ َ َ ۡ ٓ َ‬ ‫َ َ ۡ َ ُ ُ ٗ َّ ۡ‬
‫ِّيمﵞ [الشورى‪ ]52 :‬و(ف ههما) بألف الطالق‪.‬‬ ‫جعلنَٰه نورا نهدِّي بِّهِّۦ من نشاء مِّن عِّبادِّنا ۚ وِإنك لتهدِّي إِّل َٰى صِّ ر َٰ ٖط مستق ٖ‬

‫‪16‬‬
‫‪1‬‬ ‫فرفضه يع هني هاتباعا هللهوى‬ ‫حوى‬ ‫ح هديثه‬ ‫هبس هابق‬ ‫‪ 86‬ف هإن‬
‫قبل ا هليح هاء وهو أيضا قد تال‬ ‫‪ 87‬ف هصدق الصطفى معلو ٌم هللمال‬
‫وليس قا هرئا بل كان أ هميا‬ ‫الن هجي هل ح هاكيا‬
‫‪ 88‬ما هفي التور هاة و ه‬
‫‪2‬‬ ‫و هعلمه منــز ٌل همن السما‬ ‫‪ 89‬وهو ك همث هلنا ول هكن ع هلما‬
‫لم يعلمه أهل الج هزير هة كما‬ ‫قد أقر له هبما‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ 90‬فا هلنين هوي‬
‫‪4‬‬ ‫الخو هة‬
‫وأنه مع يونس ك ه‬ ‫والبسمل هة‬ ‫هبالبلد هة‬ ‫‪ 91‬أخبر‬

‫الخبر‪ ،‬فالحديث بمعنى الخبر (حوى) أي احتوى‪ ،‬والعنى‪:‬‬ ‫(بسابق) أي بما سبق من الشروط (حديثه) أي خبر ه‬
‫‪1‬‬

‫فإن احتوى خبر الخبر بما سبق من الشروط‪ ،‬وهي‪ -1 :‬هصدق ه‬


‫الخبر‪ -2 ،‬علمه بما جاء به من الخبر‪ -3 ،‬كونه‬
‫يخبر بلسان –أي هبلغة‪ --‬مفهومة لدى سامعه‪( .‬فرفضه) أي رفض هذا الخبر مع توفر هذه الشروط (يعني اتباعا‬
‫للهوى) أي ل حجة في رفضه له إل كونه متبعا لهواه فقط‪.‬‬
‫‪( 2‬ع هلما) بالبناء للمجهول وألف الطالق‪ ،‬وقد توفرت هذه الشروط الثالثة في حق النبي‪ ،‬فقد علم الناس صدقه‬
‫قبل أن يوحى إليه‪ ،‬هذا أول‪ .‬ثم أنه تال حاكيا ما في التوراة والنجيل من القصص والحكام‪ ،‬مع أنه كان أميا ل‬
‫يقرأ بلغته العربية فضال عن العجمية‪ ،‬فهذا يدل على أنه قد علمها عن طريق الوحي النزل من السماء‪ ،‬وهو‬
‫الذي تميز به دون سائر البشر‪ ،‬كما قال تعالى‪( :‬قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي)‪ ،‬وهذا ثانيا‪ .‬وسيأتي إثبات توفر‬
‫الشرط الثالث في حقه‪.‬‬
‫النين هوي ‪--‬بكسر النون وسكون الياء التحتانية وفتح النون الثانية وكسر الواو ثم ياء النسبة‪ --‬نسبة إلى‬‫‪ 3‬عداس ه‬
‫ٌ‬
‫نينوى ِ‪-‬بفتح الواو بعدها ألف مقصورة‪ ،-‬قرية من قرى الوصل‪ ،‬وقد عده من الصحابة جماعة ممن ترجم‬
‫للصحابة‪.‬‬
‫‪ 4‬وذكر قصته ابن إسحاق في السيرة وفيها أن شيبة وعتبة كانا بالطائف فشاهدا ما رد أهل الطائف على النبي‬
‫لا دعاهم إلى السالم فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي تحركت له ر هحمهما فدعوا غالما لهما نصرانيا يقال‬
‫له عداسِ فقال له‪ :‬خذ قطفا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب به الى ذلك الرجل فقل له يأكل‬
‫منه‪ ،‬ففعل عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول هللا ثم قال له‪ :‬كل‪ ،‬فلما وضع رسول هللا‬
‫فيه يده قال‪ :‬باسمِللا‪ ،‬ثم أكل فنظر عداس في وجهه ثم قال‪ :‬وللاِإنِهذاِالكلمِماِيقولهِأهلِهذهِالبلدِ!‬
‫فقال له رسول هللا ف‪ :‬ومنِأهلِأيِالبلدِأنتِياِعداس‪ِ،‬وماِدينك ؟ قال نصراني‪ ،‬وأنا رجل من أهل نينوى‪،‬‬
‫فقال رسول هللا ف‪ :‬منِقريةِالرجلِالصالحِيونسِبنِمتى! فقال له عداس‪ :‬وما يدريك ما يونس بن متى؟ فقال‬
‫رسول هللا ‪ :‬ذاك أخي‪ ،‬كان نبيا وأنا نبي! فأكب عداس على رسول هللا يقبل رأسه ويديه وقدميه‪ .‬فيقول‬
‫ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه‪ :‬أما غالمك فقد أفسده عليك! فلما جاءهما عداس قال له‪ :‬ويلك يا عداس ما لك‬

‫‪17‬‬
‫‪1‬‬ ‫أوضحه‬ ‫والخوا هتم‬ ‫و هبالجو هامع‬ ‫‪ 92‬وهو ال هذي كالمه ما أفصحه‬
‫فليس ذي هن كالقرا هن‪ ،‬حيث ل‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ 93‬فقول‪ :‬ذا هسح ٌر أو هشع ٌر بطال‬
‫‪3‬‬ ‫أعجزهم هبسورة فما نما‬ ‫‪ 94‬يع هجزهم أن يصنعوا ذي هن كما‬

‫الصِولِِالسِتِةِِلِشِبِهِاتِِالِنِكِ ِرينِ‬
‫ِ‬
‫عن هستة شبهاتهم ق هد انتشر‬ ‫‪ 95‬واعلم هبأن الن هك هرين هللثر‬
‫ٌ‬
‫‪4‬‬ ‫و هفي هه غنية عن هد هي الصطفى‬ ‫اب قد كفى‬ ‫‪ ِ 96‬أولها‪ :‬ما هفي ال هكت ه‬
‫‪5‬‬ ‫فاقبل ودونه هلحجة سقط‬ ‫‪ ِ 97‬والثاني‪ :‬ما تواتر همنه فقط‬
‫رابعها‪ :‬اس هتشكالهم هفي كت هبه‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ ِ 98‬ثالثها‪ :‬طعنهم هفي أصح هابه‬

‫تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال‪ :‬ياِسيديِماِفيِالرضِش يءِخيرِمنِهذاِلقدِأخبرنيِبأمرِماِيعلمهِ‬


‫إلِنبيِ!!ِ‬
‫‪ 1‬وهذا هو الشرط الثالث‪ .‬فالنبي أفصح الناس وقد أوضح كالمه بجوامع الكلم وخواتمه‪ ،‬فال يبقى للمنصف‬
‫إل أن يصدق بما جاء به من الخبار والشرائع‪ .‬وقوله (ما أفصحه) بما التعج هبية‪ .‬و(أوضحه) الضمير يرجع إلى‬
‫كالم النبي ‪.‬‬
‫(ذا) أي هذا‪ ،‬و(بطال) بألف الطالق وبالبناء للمجهول‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫إنما هو شعر أو سحر‪ ،‬فقد بان بطالن قوله‪ ،‬إذ لو كان شعرا فهم‬ ‫‪ 3‬ومن قال إن القرآن الذي جاء به النبي‬
‫شعراء ل يعجزهم التيان بمثله‪ ،‬فلما عجزوا عن التيان بسورة واحدة مثل ما في القرآن‪ ،‬تبين أنه ليس من‬
‫قبيل الشعر‪ .‬وكذلك دعواهم أنه من السحر‪ ،‬فالسحرة موجودة في زمانهم ول يستطيعون أن يأتوا بمثل القرآن‪،‬‬
‫فتبين أنه ليس من السحر البتة‪ .‬و(نما) أي‪ :‬عال‪ ،‬والعنى أنهم ل يستطيعون التيان بمثل سورة واحدة أو أكثر‪.‬‬
‫‪ 4‬من أهم ما يعرفه طالب العلم الدافع عن السنة‪ :‬معرفة أصول شبهات النكرين‪ .‬وقد أحسن د‪ .‬أحمد بن يوسف‬
‫السيد في كتابه "تثبيت حجية السنة ونقض أصول النكرين" حيث لخص لنا هذه الصول مع الجواب عليها‪،‬‬
‫وقمت بنظمها باختصار مع ش يء من الضافات التي أراها مهمة‪ .‬فالصلِالولِهو‪ِ:‬إسقاطِالحاجةِإلىِالسنةِ‬
‫والستغناءِبالقرآن‪ .‬ويعرف أصحاب هذا الذهب بـ (القرآنيين)‪.‬‬
‫‪ 5‬والصلِالثاني‪ِ:‬حصرِالسنةِالعتبرةِفيِالتواترِمنهاِوإسقاطِحجيةِاآلحاد‪.‬‬
‫‪ 6‬والصلِالثالث‪ِ:‬الطعنِفيِنقلةِالحديثِواتهامهم‪ .‬فالراد بـ (أصحابه) أي أصحاب الثر وهم رواته‪ .‬والثر بمعنى‬
‫الحديث‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪1‬‬ ‫و هفي عه هد الرسو هل عنه قد نهوا‬ ‫فالصحب هفي هه هعندهم ما انتبهوا‬ ‫‪99‬‬
‫‪2‬‬ ‫ونه هج أه هل هه هفي مي هز سق همه‬ ‫‪ ِ 100‬خامسها‪ :‬هإسقاطهم هل هعل همه‬
‫‪3‬‬ ‫همن الص هحي هح هللص هح ناقضه‬ ‫العارضه‬ ‫توهم‬ ‫‪ ِ 101‬سادسها‪:‬‬

‫ين ِ‬
‫الردِِعِلِىِالقر آني ِ‬
‫(‪ِ )1‬‬
‫كل الشيا وقد كفانا هديننا‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ ِ 102‬فإنِ يقل‪ِ ِ:‬قرآننا قد بينا‬
‫أ هجب بأن هللا هفي هه قد أمر‬ ‫‪ 103‬فلم نكن نحتاج بعد هللثر‬
‫‪5‬‬ ‫هفي الرب هعين آية تكلما‬ ‫‪ 104‬هبطاع هة الرسو هل مطلقا كما‬

‫ً‬
‫ضياعِالسنةِوعدمِحفظها‪ِ،‬استناداِإلىِالنهيِعنِكتابتهاِوتأخرِ تدوينها‪ .‬فقوله‬ ‫والصلِ الرابع‪ِ :‬دعوىِ‬ ‫‪1‬‬

‫(استشكالهم في كتبه) أي هؤلء النكرون يرون أن في تأخر كتابة الثر إشكال كبيرا‪ ،‬بحيث يلزم منه ضياع الثر‬
‫النبوي ول يمكن معه أن يكون مصدرا للتشريع‪ ،‬وقوله (فالصحب فيه عندهم ‪ ...‬إلخ) أي فالصحابة عندهم لم‬
‫‪ ،‬بالضافة إلى أنهم قد نهوا عنه‪ ،‬كما في حديث‪( :‬ل تكتبوا عني‬ ‫ينتبهوا في قضية تدوين الحديث في زمن النبي‬
‫غير القرآن‪ ،‬فمن كتب عني غير القرآن فليمحه)‪.‬‬
‫‪ 2‬والصلِالخامس‪ِ:‬إسقاطِمكانةِعلمِالحديثِوالتشكيكِفيِمنهجيةِاملحدثينِوطرقهمِفيِتمييزِالصحيحِمنِ‬
‫و(سقمه) كلها ترجع إلى الثر وهو الحديث‪ .‬والسقم ضد‬‫ه‬ ‫و(أهله)‬ ‫الضعيف‪ .‬فالضمائر في قول الناظم‪ :‬ه‬
‫(علمه) ه‬
‫الصحة‪.‬‬
‫‪ 3‬والصلِالسادس‪ِ:‬توهمِمعارضةِالحاديثِالصحيحةِلاِهوِأرجحِمنها‪ .‬وقول الناظم‪( :‬ناقضه) الهاء يرجع إلى‬
‫التوهم يرى أن الصح (أي الرجح) من الدلة‬‫ه‬ ‫الحديث الصحيح‪ ،‬والجملة متعلقة بنتيجة هذا التوهم وهو كون‬
‫العارض‪ ،‬وهذا يدل على حسب زعمه على‬ ‫عنده –سواء كان حديثا أو آية أو عقال‪ -‬قد ناقض الحديث الصحيح ه‬
‫عدم صالحية الحديث لالستدلل به وإن كان صحيحا‪.‬‬
‫‪( 4‬بينا) بألف الطالق‪.‬‬
‫‪( 5‬تكلما) بألف الطالق‪ ،‬والتكلم هو هللا‪ .‬واآليات اآلمرة بطاعة الرسول كثيرة جدا وبأساليب متنوعة قد بلغت‬
‫الربعين‪ ،‬تارة بالمر بطاعته مطلقا‪ ،‬أو بالمر باليمان به ويلزم منه طاعته أيضا‪ ،‬وتارة بذكر ثواب من أطاعه‬
‫واتبعه أو بذكر عقاب من خالفه وعصاه‪ ،‬أو بغيرها‪ .‬وهذه أرقام السور وآياتها‪،)3:31،33( :‬‬
‫(‪،)9:59،61( ،)8:20،24( ،)7:157( ،)5:92( ،)4:13،14،42،59،61،64،69،80،115،136،170‬‬
‫(‪،)57:28( ،)48:13،17( ،)47:1،14،15،32،33( ،)33:21،36،71( ،)25:27( ،)24:51،52،54،56‬‬
‫(‪.)72:23( ،)64:8،12( ،)59:7( ،)58:8،9‬‬

‫‪19‬‬
‫وحج ناو صوم أ هو الزك هاة‬ ‫‪ 105‬وسله عن كي هفي هة الصال هة‬
‫‪1‬‬ ‫هلا مض ى والوق هت وال ــك هان‬ ‫وط والرك هان‬
‫‪ 108‬كذا ع هن الشر ه‬
‫بعض ال هفع هال هللن هب هي ينتمى‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ 109‬وقل لهم‪ :‬قرآننا قد أحكما‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫‪3‬‬ ‫وقط هع ههم همن هلينة وتر هك ههم‬ ‫ﵟ َما َولى َٰ ُه ۡم َعن ق ِّۡبلت ِّ ِّه ُم ﵞ‬
‫‪ 106‬ك همث هل‬
‫لهم وما هسوى الن هب هي سنها‬ ‫السال هم س همها‬
‫اسن ه‬‫‪ 107‬وذا مح ه‬
‫ٌ‬
‫‪4‬‬ ‫ل هفي القر هان مع عل هو شا هنها ؟!‬ ‫‪ 110‬أهي مردودة فقط هلكو هنها‬

‫الردِِعِلِىِمنِأسقطِحجيةِاآلحادِ‬
‫(‪ِ )2‬‬
‫هسوى الظنو هن ليس هبالعتم هد‬ ‫‪ ِ 111‬فإنِ يقل‪ :‬آحاده لم ي هف هد‬

‫واسأل من جحد السنة عن كيفية الصالة والصيام والزكاة وتفاصيلها من الشروط والركان والوقت والكان‬ ‫‪1‬‬

‫وغيرها من الحكام التفصيلية الكثيرة‪ ...‬فهل يجد تفاصيلها في القرآن؟ قطعا لن يجدها إل في السنة‪ ،‬فمن لم‬
‫يقبلها لم يستطع العمل بالقرآن جزما‪.‬‬
‫(أحكما) بألف الطالق‪ .‬من الحكام‪ ،‬يقال‪ :‬أحكمه أي ضبطه وأقره وأثبته‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أي قل لهم‪ :‬القرآن قد أثبت بعض العمال الذي فعله النبي وأصحابه وليس له ذكر في القرآن‪ ،‬مثل صالته مع‬ ‫‪3‬‬

‫السلمين إلى بيت القدس أول المر‪ ،‬فهذا إنما ثبت بالسنة الفعلية‪ ،‬وقد أشار إليه الناظم مقت هطفا جزءا من‬
‫اآلية وهي (سيقول السفهاء من الناس ماِولهمِعنِقبلتهم التي كانوا عليها‪ ،)...‬وليس في القرآن ما يأمرهم بالصالة‬
‫إلى بيت القدس‪ ،‬وإنما كان ذلك بسنة النبي‪ .‬وكذا قطعهم من نخل اليهود أو تركهم لها‪ ،‬كان بإذن هللا أيضا ولكن‬
‫هذا الذن السابق ليس في القرآن وإنما أقر به القرآن بعد حصوله كما في قوله تعالى (ما قطعتمِمنِلينةِأوِ‬
‫تركتموها قائمة على أصولها فبإذن هللا‪ .)...‬فعلم منه أن ما سنه النبي فهو من وحي هللا وكانت حجة صحيحة‬
‫وإن لم تكن في القرآن‪.‬‬
‫ثم اذكر لهذا الجاحد محاسن السالم الكثيرة التي اتفقت البشرية على قبولها لحسنها وأهميتها‪ ،‬كالمر بالصدق‬ ‫‪4‬‬

‫والبيان في البيع والشراء‪ ،‬والمر بالعدل بين الولد‪ ،‬والنهي عن العامالت الحرمة مثل بيع الحصا‪ ،‬بيع الالمسة‪،‬‬
‫ونحوهما؛ وكذا الحث على تفريج الكربات وإعانة الحتاجين‪ ،‬وستر العيوب‪ ،‬وغيرها من الحاسن التي لم يذكرها‬
‫القرآن وإنما سنها الرسول ‪ ...‬فهل سيرفضها كلها مع أهميتها وعلو شأنها بحجة أنها لم ترد في القرآن؟ فإن‬
‫كانت مقبولة عنده فقد تناقض واضطرب‪ ،‬وإن كانت مردودة أيضا لزمه أن يرد تلك الحاسن كلها ‪-‬لن الباب‬
‫واحد‪ -‬ولن يستقيم شأنه بعد ذلك هإن فعل‪( .‬شانها) بالتسهيل‪ ،‬أي شأنها‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ف‬
‫فلنكت ه‬ ‫ما ضاق عنه فهمه‬
‫‪1‬‬ ‫الع هتق هادِ ِقال بعضهم و هفي‬
‫هفي ه‬ ‫‪112‬‬
‫آح ٌاد هللملو هك كي ين هذرهم‬ ‫هببع هث الصطفى هصحابه ‪ 2‬وهم‬ ‫‪113‬‬
‫ٌ‬ ‫لبن أبي شمر شج ٌ‬
‫هكتابه و هدحية كذا فعل‬ ‫اع قد حمل‬ ‫ه ه ه ه‬ ‫‪114‬‬
‫اط ٌب قد أسلمه‬
‫أما القو هقس ح ه‬ ‫هبقيصر ثم الضم هري هلصحمه‬ ‫‪115‬‬
‫‪4‬‬ ‫ممزقـ ـا‬ ‫فملكه‬ ‫هكـ ـ ـتـاب ـه‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ 116‬هل هكسرى ابن ح ـ ـ ـ ـ ـذاف ـ ـ ـ ـ ـة فمزق ـ ـ ـ ـا‬
‫‪5‬‬ ‫هبالخبر‬ ‫أتاه‬ ‫و هاحد‬ ‫هبر هد‬ ‫اش قد كفر‬‫‪ 117‬وكل ما عدا النج ه‬
‫‪6‬‬ ‫أجمعوا‬ ‫هبهذا‬ ‫القرا هئ هن‬ ‫مع‬ ‫‪ 118‬هعلم الي هقي هن هباآلح هاد يقطع‬

‫أي أن من ترك الحتجاج باآلحاد سواء في مسائل العتقاد أو في كل أمر أشكل عليه فهمه بحجة أنه ل يفيد إل‬ ‫‪1‬‬

‫الظن‪ ،‬وإنما يستدل بالتواتر فقط؛ فإنه قد أخطأ وناقض نفسه بنفسه‪ ،‬وهذا الذهب قد أبطله النقل والعقل‬
‫الواقع كما سيأتي بيانه‪.‬‬
‫(صحابه) الصحاب جمع الصاحب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫(ابن حذافة) بالنصب لنه مفعول به العطوف على جملة (ببعث الصطفى) والتقدير‪ :‬هببع هث الصطفى ابن‬ ‫‪3‬‬

‫حذافة بكتابه هلكسرى‪( .‬فمزقا) بألف الطالق‪ ،‬والعنى‪ :‬فمزق كسرى كتاب النبي‪.‬‬
‫وخالصة هذه البيات‪ :‬فلنكتف بالجواب عن هذه الشبهة بذكر الشواهد التاريخية في بعث النبي أفرادا من‬ ‫‪4‬‬

‫الصحابة لعدد من اللوك‪ ،‬كبع هثه ‪:‬‬


‫يدعوه‬ ‫صاحب دمشق فقرأ عليه كتاب النبي‬‫ه‬ ‫الحارث بن أبي شمر الغساني‬
‫ه‬ ‫شجاع بن وهب السدي إلى‬ ‫‪-1‬‬
‫إلى السالم‪ ،‬وبعث‬
‫دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر عظيم الروم بكتابه أيضا‪ ،‬وبعث أيضا‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عمرو بن أمية الضم هري إلى أصحمة ملك الحبشة اللقب بالنجاش ي‪ ،‬وبعث أيضا‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫حاطب بن أبي بلتعة إلى القوقس صاحب السكندرية‪( ،‬فأسلمه) أي دفع كتاب رسول هللا إياه‪ .‬وبعث أيضا‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وتجبر‬ ‫عبدهللا بن حذافة السهمي إلى كسرى عظيم الفرس (فمزقا) أي هذا الخير الحقير كتاب النبي‬ ‫‪-5‬‬
‫بأن يمزق هللا ملكه فكان ذلك‪ .‬و(ممزقا) منصوب خبرا لصار‬ ‫وتكبر‪( ،‬فملكه ممزقا) أي فدعا عليه النبي‬
‫محذوف‪ ،‬تقديره ‪ :‬فملكه صار ممزقا‪.‬‬
‫‪،‬‬ ‫أي أن كل واحد من الذكورين من اللوك قد كفر برده لواحد من أصحاب النبي الذي أتاه بخر من النبي‬ ‫‪5‬‬

‫الذي يدعو إلى السالم‪.‬‬ ‫وهذا الخبر هو كتاب النبي‬


‫أي قد أجمع الناس بأن العلم اليقيني يقطع بخبر اآلحاد إذا وجدت قرائن تدل على صدقه‪ .‬فال يشترط العدد‬ ‫‪6‬‬

‫الكثير للحصول على اليقين‪ ،‬بل هو حاصل بحسب القرائن‪ .‬ومن أمثلته ‪ :‬عندما يذهب الصاب بالسكري إلى‬

‫‪21‬‬
‫يث‬
‫الردِِعِلِىِمنِطعنِفيِنقلةِالحد ِ‬
‫(‪ِ )3‬‬
‫هبنف هي عدل ناو أه هلية كمن‬ ‫‪ 119‬ومن هلنا هق هلي الح هدي هث قد طعن‬
‫‪1‬‬ ‫فقط ه هلل هء بط هن هه ل هللح هب‬ ‫‪ 120‬ي هصف أبا ههر هفي صحب هة الن هبي‬
‫ٌ‬
‫‪2‬‬ ‫فـ(ألزم) لهـ(أصحب) ل يشت هبه‬ ‫‪ 121‬فذا تح هريف هل هلروايه فانت هبه‬
‫‪3‬‬ ‫فقل هب همث هل هه هإن ع هال ٌم غلط‬ ‫‪ 122‬و هإن هبزلة مر هويهم سقط‬

‫قدمه كي ل يستسري إلى الساق‪ ،‬فهل سيصدق‬ ‫طبيب مختص فقال له بأن عالج جروحه العفنة يقتض ي بتر ه‬
‫بكالم الطبيب ويعمل بمقتضاه من بتر القدم أم يطالبه بأن يأتي بعشرة أطباء يقولون بالبتر حتى يصدقه ؟‬
‫وهكذا في كثير من الخبار التي توفرت فيها الشروط الثالثة‪ ،‬فهي مقبولة ومصدقة عند النصفين العقالء‪.‬‬
‫أي ومن طعن في عدالة وأهلية نقلة الحديث سواء كانوا من الصحابة فمن دونهم‪ ،‬كمن يصف (أبا هر) أي أبا‬ ‫‪1‬‬

‫للحب) أي ليس محبة للنبي ‪ ،‬قال‬


‫هريرة (في صحبة النبي * فقط للء بطنه) أي لكي يمالء بطنه من الطعام (ل ه‬
‫محمود أبو رية كما نقله العلمي (النوار ‪(( :)154/1‬كان أبو هريرة صريحا صادقا في البانة عن سبب صحبته‬
‫للنبي ‪ ...‬فلم يقل إنه صاحبه للمحبة والهداية كما كان يصاحبه غيره من سائر السلمين‪ ،‬وإنما قال‪ :‬إنه قد‬
‫صاحبه على ملء بطنه ففي حديث رواه أحمد والشيخان عن سفيان عن الزهري عن عبد الرحمن العرج قال‬
‫سمعت أبا هريرة يقول‪ :‬إني كنت امرءا مسكينا أصحب رسول هللا على ملء بطني )) ورواية مسلم (( أخدم رسول‬
‫هللا )) وفي رواية (( لشبع بطني )) اهـ‪.‬‬
‫‪ 2‬فالجواب عن هذا الطعن‪ :‬أن هذا تحريف للرواية الصحيحة‪ ،‬فإن أبا رية قد حرف نص الحديث من قوله (كنت‬
‫ألزم النبي على ملء بطني) إلى قوله (كنت أصحب النبي على ملء بطني)‪ ،‬كما أفاده العالمة العلمي‪ .‬فلفظة (ألزم)‬
‫ل تدل على ما دل عليه لفظة (أصحب)‪ ،‬وإنما تدل على الرافقة من جهة‪ ،‬وأن أبا هريرة كان رجال فقيرا قد اقتنع‬
‫بما يسد بطنه من الجوع لجل استمراره في مالزمة النبي حتى يكون أكثر الصحابة حديثا‪ .‬فكثير من هذه‬
‫الطعونات مبنية على الكذب التعمد (تحريف النصوص والدللت) أو على سوء الفهم للنصوص‪.‬‬
‫وسبيلهم في تحقيق ذلك أن يقدموا دعوى احتمال خطأ الرواة وإن كانوا ثقات‪ ،‬أو احتمال وجود مقاصد‬
‫سياسية أو دنياوية في روايتهم للحديث‪ ،‬أو غير ذلك من الدعاوي‪ .‬وكثير من هذه الدعاوي مجرد احتمال من غير‬
‫دليل يثبته‪ .‬ولو كان هناك دليل‪ ،‬فغالبا ل يكون صحيحا ثابتا عند التحقيق على طريقة الحدثين‪ .‬والثابت منه‬
‫لم يفهموه فهما صحيحا أيضا‪.‬‬
‫‪ 3‬ثم على فرض ثبوت خطأ الثقة‪ ،‬فإن كانت بزلة واحدة أسقطتم مرويات نقل هة الحديث كلها‪ ،‬فليس من عالم في‬
‫أي فن من الفنون إل وله زلة‪ ،‬فهل تسقطون علمه بالكلية بهذه الزلة أيضا فتنقضون العلوم كلها ؟!‬

‫‪22‬‬
‫‪1‬‬ ‫اب والخطا ما أمكنه‬
‫بين الصو ه‬ ‫هبالوازنه‬ ‫يقوم‬ ‫‪ 123‬والن هصف‬
‫هصحة ما ادعيت ثم قل لنا‪:‬‬ ‫‪ 124‬والصل هفي جو هاب هه‪ :‬أث هبت لنا‬
‫‪2‬‬ ‫همن علما هئنا‪ ،‬أم أنت اله هاذي ؟!‬ ‫‪ 125‬م ـ هن ال ـ هذي أق ـر فهمـ ـك هذي‬

‫الردِِعِلِىِمنِردِالحديثِِلتأخرِتدوينهِ‬
‫(‪ِ )4‬‬
‫‪3‬‬ ‫يل هغي هه حجة مع هحف هظ الفضال‬ ‫فال‬ ‫مؤخرا‬ ‫تد هوينه‬ ‫‪ 126‬أما‬
‫‪4‬‬ ‫العاينه‬ ‫مع‬ ‫أولى‬ ‫وفهمِهمِ‬ ‫‪ 127‬فحفِظهمِ أقوى هبال مقارنه‬
‫‪5‬‬ ‫لمِ ِيس ِردِِ ِالحديثِ‪ ،‬بلِ ِأعادِ ِه‬ ‫‪ 128‬ك هلم الن هبيِ ِبليغةِ معدود ِهِ‬

‫‪ 1‬فالنصف ل يجازف في إطالق الحكام‪ ،‬وإنما يقوم بالوازنة بين الخطأ والصواب‪ ،‬فمن كان صوابه أكثر من‬
‫خطئه‪ ،‬قبل منه بناء على الصل ما لم يتبين أنه أخطأ في هذا الحديث بخصوصه‪ .‬ومن كان خالف ذلك لم يقبل‬
‫منه بناء على الصل‪ ،‬حتى يتبين أنه قد أصاب في هذا بخصوصه‪.‬‬
‫ً‬
‫أول‪ ،‬ول بد أن يكون هذا الدليل ثابتا‬‫‪ 2‬والصل في الجواب عن هذه الشبهة أن نطالبه بإثبات طعنه بدليل علمي ِ‬
‫عند أهل العلم‪ .‬ثم نطالبه ثانيا بذكر من أقره على فهمه لهذا الدليل من أهل العلم التعب هرين؟ فإن لم يستطع‬
‫أن يثبت ما يطعن به‪ ،‬لم نلتفت إلى طعنه‪ ،‬وإن أثبته ولكن تفرد هو وأمثاله بهذا الفهم ولم ي هقره عليه أهل العلم‪،‬‬
‫اعل همن هذى يه هذي هذيا وهذيانا‪ :‬هإذا‬ ‫فما الذي ي هلزمنا بقبول هذا الفهم أصال؟ وقوله (أم أنت اله هاذي) هاسم ف ه‬
‫تكلم هبكالم غي هر معقول هفي مرض أو غي هر هه (لسان العرب ‪.)360/15‬‬
‫ول يمكن أن يبقى الطعن في نقلة الحديث مع ثبوت دليله وفهمه فهما صحيحا‪ .‬فمن ادعى خالف ذلك فليأتنا‬
‫بمثال واحد توفر فيه المران‪.‬‬
‫‪ 3‬أي أن تأخر تدوين الحديث ل يلغي حجيته‪ ،‬لنه محفوظ عند الفضالء –يعني الصحابة وأهل القرون الثالثة‬
‫الفضلة‪ .-‬وهناك عوامل كثيرة يتحقق بسببها حفظ الحديث النبوي كما في البيات التالية‪:‬‬
‫‪ 4‬أولها‪ :‬قوة حفظ الصحابة والسلف الصالح بحيث ل يقارن بغيرهم من التأخرين‪ .‬كان أحدهم يحفظ مائة بيت‬
‫من الشعر بمرة واحدة‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬كون الصحابة يجمع بين سماع كالم النبي ومعاينة تصرفاته ومالبسات ذلك وكيف كان النبي يطبق سنته‬
‫فيهم‪ .‬فال شك أن العاين للش يء أحفظ له وأفهم بحقيقته ممن ليس كذلك‪ ،‬والفهم للش يء يقوي حفظه له فال‬
‫ينساه بسرعة‪ ،‬بخالف من يحفظ مع قلة فهم‪ ،‬فتأمل‪.‬‬
‫ٌ‬
‫عجب سامعه‪ ،‬والعرب تسحرهم البالغة‪ ،‬فالكالم‬ ‫الكلم جمع كالم‪ ،‬أي كان كالمه بليغا ي ه‬
‫‪ 5‬ثالثها‪( :‬ك هلم النبي بليغة) ه‬
‫البليغ أوقع للنفوس وأكثر استقرارا مما ليس كذلك‪ ،‬فكان حفظه أسهل عندهم من الكالم العادي‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وقد حمل‬ ‫‪1‬‬ ‫على وجو هدها قب ٌل‬ ‫دل‬ ‫بعده‬ ‫هلسن هته‬ ‫‪ 129‬وكتبهم‬
‫‪2‬‬ ‫هفي الم هكنه وهي هبها مطبقه‬ ‫مفرقه‬ ‫سن هته‬ ‫همن‬ ‫‪ 130‬رواته‬
‫‪3‬‬ ‫هب هشرع هته‬ ‫و هفع هلهم‬ ‫هبقوهل ههم‬ ‫‪ 131‬فذا برهان هحف هظ ههم هلسن هته‬
‫‪4‬‬ ‫هإبطال أن يحتج هبه يا حا هزم‬ ‫‪ 132‬والنهي عن هكتاب هته ل يلزم‬

‫ورابعها‪( :‬معدوده) أي يستطيع السامع أن يعد كالمه من هقل هته‪ ،‬كما قالت عائشة‪ :‬أن الن هبي صلى هللا علي هه وسلم‪،‬‬
‫كان يح هدث ح هديثا لو عده العاد لحصاه (متفق عليه)‪ .‬فهذا مما يساعد على حفظ كالمه لن كان بطيئ الحفظ‬
‫والفهم‪ ،‬فكيف بمن كان قويا ف ههما ؟؟‬
‫وخامسها‪( :‬لم يسر هد الحديث)‪ ،‬أي لم يستعجل بمتابعة الحديث‪ ،‬كما قالت عائشة أيضا‪ :‬هإن رسول ه‬
‫َّللا صلى‬
‫هللا علي هه وسلم لم يكن يسرد الح هديث كسر هدكم (متفق عليه)‪ .‬فمن كان حديثه كذلك كان أسهل للحفظ وأقرب‬
‫للفهم‪.‬‬
‫وسادسها‪( :‬بل أعاده) أي أعاد حديثه ثالثا كما قال أنس عن البني ف‪ :‬أنه كان ه«إذا تكلم هبك هلمة أعادها ثالثا‪،‬‬
‫حتى تفهم عنه‪ ،‬و هإذا أتى على قوم فسلم علي ههم‪ ،‬سلم علي ههم ثالثا» رواه البخاري‪.‬‬
‫‪ 1‬ثم إن تدوين السنة بعد وفاته –ولو بأكثر من قرن‪ -‬دال على وجود السنة قبل ذلك‪ ،‬لنها إذا لم توجد قبل ذلك‬
‫أصال‪ ،‬ل يمكن أن تدون ولو بعد قرون‪ .‬فجعلهم تأخر التدوين معيارا لنفي وجود السنة قبل ذلك هو من‬
‫الغالطات النطقية‪ .‬بالضافة إلى أن بداية التدوين ل يعني عدم وجود كتابة الحديث مطلقا‪ ،‬فالتدوين مرحلة‬
‫متقدمة عن مجرد الكتابة‪ ،‬فإن التدوين هو جمع الحاديث في ديوان وأما مجرد الكتابة فال يلزم أن تكون‬
‫مجموعة في ديوان‪ .‬وقوله (دل) بالتخفيف للوزن‪ ،‬وأصله‪ :‬دل‪.‬‬
‫‪ 2‬قوله ه(من سنته) ه"من" لبيان جنس الحمول (مفرقه) بسكون آخره للوزن‪ ،‬وأصله (مفرقة) بالنصب ٌ‬
‫خبر لكان‬
‫محذوف‪ ،‬تقديره ‪ :‬قد حمل رواة الحديث سنته فكانت موزعة ومنشورة (في المكنه) أي البلدان‪( ،‬وهي) الواو‬
‫حالية‪ ،‬والضمير يرجع إلى سنة النبي (بها) أي بتلك المكنة‪( ،‬مطبقه) بسكون آخره للوزن‪ ،‬وهو اسم مفعول‬
‫من التطبيق‪.‬‬
‫عدم ضياع السنة بعد وفاة النبي‪ :‬أن رواة الحديث قد حملوا سنته إلى شتى البقاع وهي منتشرة في أماكن‬ ‫فبرهان ه‬
‫‪3‬‬

‫تواجدهم لكنهم متفقون في رواياتهم لجميع أصول الشريعة وأغلب فروعها مع تطبيقم لها أيضا‪ .‬فلو لم تكن‬
‫هذه الصول والفروع محفوظة عندهم من قبل وراسخة في أذهانهم‪ ،‬لا كانوا متفقين عليها ول رووها قول وفعال‬
‫لن بعدهم إل مع اختالف كثير واضطراب كبير‪ ،‬فتأمل! (بقولهم وفعلهم بشرعته) أي أنهم يقولون بمقتض ى‬
‫شريعة النبي الشتملة على ما في الكتاب والسنة‪ ،‬ويفعلون بمقتضاها أيضا‪.‬‬
‫‪ 4‬ثم إن النهي عن كتابة الحديث في عهد النبي ل يلزم منه إسقاط حجية الحديث‪ ،‬لن النظمة والقوانين تكون‬
‫حجة لكونها قد قررت كأنظمة وقوانين‪ ،‬وإن لم تكن مكتوبة‪ .‬فمثال النظام التفق عليها وإن لم يكتب‪ :‬نظام‬

‫‪24‬‬
‫‪1‬‬ ‫وعكسه ن هسخ أو خلطا يحذر‬ ‫أكثر‬ ‫وكما‬ ‫أصح‬ ‫‪ 133‬و هإذنه‬

‫الردِِعِلِىِمنِشككِفيِكفاءةِعلمِالحديثِ‬
‫(‪ِ )5‬‬
‫‪2‬‬ ‫هلي هز ما صح همنه والو هاهيه‬ ‫‪ 134‬هعلم الح هدي هث ذو كفاءه ع هاليه‬
‫ح هقيقته مع أنه ق هد اعترف‬ ‫‪ 135‬ومن يقل بخل هف هه فما عرف‬
‫‪3‬‬ ‫كأسعد رستم هفي كت هب هه أقر‬ ‫‪ 136‬هبفض هل هه همن غي هرنا همن البشر‬

‫الشارات الرورية‪ ،‬فالحمراء تعني لزوم التوقف‪ ،‬والصفراء تعني استعدادا للتوقف أو التحرك‪ ،‬والحضراء تعني‬
‫لزوم التحرك‪ .‬ولو خالف فيه أحد بحجة أنه غير مكتوب‪ ،‬لا قبلت منه هذه الحجة‪ ،‬فتأمل‪.‬‬
‫‪( 1‬وإذنه أصح) أي أن الحاديث اآلذنة لكتابة الحديث كانت أصح ‪-‬لنها في الصحيحين‪( -‬و كما أكثر) أي أكثر عددا‬
‫من الناهي عنها‪ ،‬وهو ما رواه مسلم من حديث أبي سعيد مرفوعا‪( :‬ل تكتبوا عني غير القرآن‪ ،‬فمن كتب عني غير‬
‫القرآن فليمحه)‪ .‬وقد حاول علماؤنا توجيه الحديثين بعدة توجيهات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬النهي في كتابة الحديث مع القرآن في مكان واحد حذرا من الختالط‪ ،‬والذن في تفريقهما‪ -،‬كما أشار إليه‬
‫الناظم‪ -‬أو‬
‫‪ -2‬النهي خاص بمن خش ي منه التكال على الكتابة دون الحفظ‪ ،‬والذن لن أ همن منه ذلك‪ ،‬أو‬
‫‪ -3‬النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره والذن في غيره‪- ،‬وهو مما يتضمنه كالم الناظم أيضا‪-‬‬
‫أو‬
‫‪ -4‬النهي كان متقدما والذن ناسخ له عند أمن اللتباس‪ ،‬وهو القرب –وقد أشار إليه الناظم أيضا‪ ،-‬وانظر‪:‬‬
‫شرح النووي على صحيح مسلم (‪ )130-129/18‬وفتح الباري (‪.)208/1‬‬
‫‪ 2‬فعلم الحديث ل يساويه أي علم يعرفه البشرية من قبل ومن بعد في كفاءته في نقد الخبار ودقته في التمييز بين‬
‫الصحيحة والواهية من الحاديث‪ .‬حتى إن الحديث الذي حكم عليه الحدثون بالضعف لنقطاع يسير فيه‪،‬‬
‫هو أصح إسنادا من جميع ما في الكتب القدسة في وقتنا الحاضر لشدة انقطاعها‪ ،‬فضال عن الخبار التاريخية‬
‫التي كانوا يؤمنون بها مع كونها أشد ضعفا من الكتب القدسة ! فإن كانوا مؤمنين بوجود شخص اسمه السكندر‬
‫العظيم وما روي من سيرته مع أنها في غاية النقطاع والضعف لو وزنت بميزان علم الحديث‪ ،‬فتهمتهم لعلم‬
‫الحديث تستلزم عدم قبولهم لجميع ما في الكتب القدسة وتاريخ أسالفهم‪ ،‬وإل فقد تناقضوا !!‬
‫‪( 3‬بخ هلفه) أي بخالفه‪ ،‬فمن قال بأن علم الحديث ليس له كفاءة في تمييز صحيح الخبار من سقيمها‪ ،‬فهو لم‬
‫يعرف حقيقة هذا العلم العظيم‪ ،‬ولذا تجد أن منكري السنة كلهم ليسوا من أهل العلم‪ ،‬ول يمت لعلم الحديث‬
‫بصلة‪ .‬مع أنه قد اعترف بفضل علم الحديث غير السلمين من أهل النصاف بعد معرفتهم بكفاءته ودقته في‬
‫نقد الروايات‪ ،‬منهمِد‪ِ.‬أسعدِجبرائيلِرستم‪ِ،‬مؤرخِلبنانيِنصراني‪ ،‬حيث قال في كتابه (مصطلح التاريخ ص‬

‫‪25‬‬
‫‪1‬‬ ‫هفي ظ هاه هره هبنق هل عدل قد ضبط‬ ‫تشترط‬ ‫السالمه‬ ‫‪ 137‬وهلقبوهل هه‬
‫و هذي شذوذ ثم ربما جرح‬ ‫‪ 138‬مع هاتصال وان هتفا هلا قدح‬
‫‪2‬‬ ‫هف هيهم ما يو هجب الكالم هللبر‬ ‫‪ 139‬نقاده همن الرو هاة هإن ظهر‬
‫‪3‬‬ ‫هلفو هق هه ونق هد متن كا هفه‬ ‫‪ 140‬همثل اخ هتال هط من صدق وخل هفه‬

‫الردِِعِلِىِمنِتوهمِمعارضةِالحديثِلغيرهِ‬
‫(‪ِ )6‬‬
‫فما أقل هنسبته ل تعتبر‬ ‫هللثر‬ ‫التعارض‬ ‫توهم‬ ‫‪ 141‬أما‬

‫‪" :)39‬أول من نظم نقد الروايات التاريخية‪ ،‬ووضع القواعد لذلك‪ :‬علماء الدين السالمي؛ فإنهم اضطروا‬
‫اضطرارا إلى العتناء بأقوال النبي وأفعاله لفهم القرآن وتوزيع العدل‪ .‬فقالوا‪ :‬إن هو إل ٌ‬
‫وحيى يوحى‪ ،‬ما تلي منه‬
‫فهو القرآن وما لم يتل منه فهو السنة؛ فانبروا لجمع الحاديث ودرسها وتدقيقها‪ ،‬فأتحفوا علم الحديث بقواعد‬
‫ل تزال في أسسها وجوهرها محترمة في الوساط العلمية حتى يومنا هذا" اهـ‪ .‬وقال (ص ‪" :)46‬أكببت على مطالعة‬
‫ً‬
‫ِاطلعاِعليهاِازدادِولعيِبهاِوإعجابيِبواضعيها" اهـ‪ .‬وقال‬ ‫كتب الصطلح وجمعت أكثرها‪ ،‬وكنتِكلماِازددت‬
‫(ص ‪" :)48‬ولوِأنِمؤرخيِأوروباِفيِالعصورِالحديثةِاطلعواِعلىِمصنفاتِالئمةِاملحدثين؛ِلاِتأخرواِفيِ‬
‫تأسيسِعلمِالثودولوجياِحتىِأواخرِالقرنِالاض يِ" اهـ‪.‬‬
‫‪ 1‬ومن دلئل دقة وكفاءة علم الحديث في نقد الخبار‪ ،‬اشتراطهم سالمة الخبر ظاهرا بأن يكون رواته من العدول‬
‫الضابطين‪ ،‬مع اتصالهم وانتفاء لا قدح من العلل وانتفاء الشذوذ‪.‬‬
‫‪ 2‬ومع ذلك‪ ،‬فالنقاد ل يبنون أحكاما ثابتة على الرواة بحيث ل تتغير مع تغير الحوال والقتضيات‪ ،‬بل إنهم ربما‬
‫جرحوا من الرواة الثقات إذا ظهر فيهم ما يوجب الكالم‪ .‬وإليه الشارة بقوله (‪ ...‬ربما جرح * نقاده من الرواة إن‬
‫ظهر * فيهم ما يوجب الكالم للبر)‪ ،‬و(للبر) أصله بتشديد الراء لكنه خفف للوزن بمعنى الصلح والكثر برا‪،‬‬
‫يعني أنهم ل يحابون أحدا‪ ،‬فمن ظهر خطأه من الرواة فإن أهل الحديث سيتكلمون فيه وإن كان من أعدل الرواة‬
‫وأصلحهم‪ ،‬والشواهد في ذلك كثيرة في كتب الجرح والتعديل‪.‬‬
‫‪ 3‬ومما يوجب الجرح لن كان أصله العدالة والضبط‪ :‬اختالط (من صدق) أي من كان من أهل الصدق من الرواة‪،‬‬
‫فيشمل الثقة والصدوق معا‪ .‬والختالط‪ :‬أن يسوء حفظ الراوي بسبب من السباب ككبر سن‪ ،‬أو اختراق كتب‪،‬‬
‫أو غير ذلك‪( .‬وخل هفه) أي مخالفته (لفوقه) أ ي لن هو فوقه في العدالة أو الضبط أو العدد‪ ،‬ففي هذه الحوال‬
‫يكون روايته غير مقبولة‪( .‬ونقد متن) أي أضف إلى اشتراطهم لسالمة السناد من حيث الظاهر‪ :‬نقدهم للمتون‬
‫لتحقيق سالمة الحديث من مخالفة ما هو أرجح منه من الدلة‪ ،‬أو لتأكيد صالحيته للعمل وأنه غير منسوخ‪.‬‬
‫(كافه) أي أن تحقق هذه الشروط كاف لضمان كون الحديث مقبول‪ ،‬فالضمير التصل يرجع إلى قوله‬
‫(ولقبوله‪.)...‬‬

‫‪26‬‬
‫هإل النزر الي هسير ‪ 1‬ليس قد ج هزم‬ ‫‪ 142‬حيث اآللف همنه ل يش هكلهم‬
‫وخل هف هه هلل هعل هم التج هري هبي أتى‬ ‫‪2‬‬ ‫ثبتا‬ ‫هإن‬ ‫هللرج هح‬ ‫هبخل هف هه‬ ‫‪143‬‬
‫ٌ‬
‫‪3‬‬ ‫وربما ع هن الحقا هئ هق نأت‬ ‫ف هفي العلو هم نظ هرية أتت‬ ‫‪144‬‬
‫تقبل هبها دون هإثبات أول‬ ‫وخل هف هه هللذو هق والخال هق ل‬ ‫‪145‬‬
‫والك هان‬ ‫والزم هان‬ ‫هبالعر هف‬ ‫هنس هبي هان‬ ‫والخالق‬ ‫فالذوق‬ ‫‪146‬‬
‫‪4‬‬ ‫مع اخ هتالف بيننا هفي ك هلها‬ ‫اعها‬
‫هب هاتب ه‬ ‫ملز همين‬ ‫‪ 147‬فلسنا‬

‫‪ 1‬وأما من توهم أن هناك تعارض بين الحاديث الصحيحة لا هو أرجح منها‪ ،‬فهذا ‪-‬إن سلمنا بوجوده‪ -‬فهو قليل‬
‫جدا‪ ،‬حيث إن أغلبهم ل يستطيعون أن يذكروا أكثر من عشرين حديثا‪ ،‬وهذا بجنب اآللف من الصحيحة التي‬
‫ل يرون فيها إشكال بينها وبين ما هو أرجح منها‪ .‬فهذه النسبة اليسيرة ل عبرة بها عند النصفين‪ .‬لن الحكم دائما‬
‫مبني على الغالب الكثير‪ ،‬ل على النادر اليسير‪ .‬و(النزر) همن نزر بمعنى قل‪ ،‬فالنزر يعني القليل‪.‬‬
‫‪ 2‬ومع ذلك‪ ،‬كثير من هذه الحاديث ‪-‬القليلة‪ -‬التي يدعون فيها التعارض ليس ثابتا عند التحقيق‪ ،‬أو ل يجزم بوجود‬
‫الخالفة بينها وبين ما هو أرجح منها من الدلة‪ .‬و(بخ هلفه) أي بمخالفته (للرجح) منها من الدلة سواء من القرآن‬
‫والحديث وغيرهما‪( ،‬إن ثبتا) بألف التثنية‪ ،‬أي إن ثبت الدليالن الراجح والرجوح‪ .‬وأما مع عدم ثبوتهما أو‬
‫أحدهما فال عبرة بالخالفة والتعارض أصال‪.‬‬
‫‪( 3‬وخلفه للعلم التجريبي أتى) أي أن بعضهم يعارض بين الحديث الصحيح وبين العلم التجريبي‪ ،‬وهذا غير مسلم‬
‫قبل تحقق أمرين‪:‬‬
‫الخال ف‪ ،‬فإن كثيرا مما ينسبونه إلى العلم التجريبي إنما هو نظرية وليست‬‫ه‬ ‫أول‪ :‬إثبات الحديث وإثبات العلم‬
‫حقيقة علمية‪ ،‬فالنظرية قابلة للنقد والبطال أصال‪ ،‬فهي بحد ذاتها تحتاج إلى براهين لكي تثبت وتصبح حقيقة‬
‫علمية‪ .‬و(نأت) أي ابتعدت‪.‬‬
‫وثانيا‪ :‬على فرض ثبوت المرين‪ ،‬فينبغي فهمهما فهما صحيحا وفق النهجية العلمية العتبرة في كل فن‪ ،‬فمن‬
‫ليس بأهل الحديث ليس له أن يتكلم في الحديث كما أن من ليس بفيزيائي ليس له أن يتكلم في الفيزياء‪ .‬ول يمكن‬
‫أن يتحقق المران مع بقاء التعارض!‬
‫‪ 4‬وأما مخالفة الحديث للذوق والخالق ونحوهما من العايير النسبية‪ ،‬فال تقبل بها دون أن يثبت الدعي صحة‬
‫فهمه للحديث أول‪ ،‬ثم يثبت لك صحة هذا الذوق أو الخالق أو غيرها من العايير والرجعيات‪ .‬واسأله‪ :‬هبذوق‬
‫خالق من بنيت حكمك على الحديث بأنه مخالف؟ هل هو بذوق وأخالق جميع الناس؟ وهل كل الناس‬ ‫من هوبأ ه‬
‫متفقون في أذواقهم وأخالقهم ؟ وإذا كان ببعضهم فمن هم ؟ ولاذا اخترتهم دون غيرهم ؟ أم كان هذا الختيار‬
‫بذو هقك وأخال هقك الخاصة ؟ ولاذا نأخذ بها أصال ؟ ما الذي يلزمني كبشر مثلك أن آخذ بذوقك وأخالقك أو ذوق‬

‫‪27‬‬
‫‪1‬‬ ‫اشيا مع الوا هئل‬
‫هإن كنت م ه‬ ‫الدل هئل‬ ‫بي ن‬ ‫تعارض‬ ‫‪ 148‬ول‬
‫همن العال هم‬ ‫هإل‬ ‫تلزمنا‬ ‫‪ 149‬ولم يكن لنا همن الحك هام‬
‫‪2‬‬ ‫كعب هده‬ ‫هبأم هرنا‬ ‫الحق‬ ‫وهو‬ ‫‪ 150‬فهو ال هذي أوجدنا هلوح هده‬

‫الردِِعِلِيِهِاِ ِ‬
‫امعِةِِفِيِالشِبِهِاتِِ ِو ِ‬
‫قِ ِواعِدِِجِ ِ‬
‫ٌ‬
‫‪3‬‬ ‫تشاب هه المري هن دوما أشكال‬ ‫على‬ ‫مب هنية‬ ‫شبهة‬ ‫‪ 151‬وكل‬
‫‪4‬‬ ‫يكون شبهة هبهذا ف هرقن‬ ‫‪ 152‬وليس ما يش هكل يلزم همنه أن‬
‫‪5‬‬ ‫بين ذوي اخ هتالف يا س هميع‬ ‫‪ 153‬والصل هفي شبه هات ههم تج هميع‬
‫‪6‬‬ ‫س ذي هن‬
‫فاردد علي ههما هبعك ه‬ ‫‪ 154‬أو فرقهم بين الما هثلي هن‬

‫بعض الناس أو حتى جميعهم وأجعلها مرجعا للحكم على الشياء بالصواب والخطأ ؟ علما بأننا قد عرفنا أن‬
‫ٌ‬
‫بيننا اختالف في كل من هذه العايير؛ من زمان ومكان وعرف وخلق وذوق وغيرها من العايير النسبية‪.‬‬
‫(ول تعارض بين الدلئل) أي الدلة‪( ،‬إن كنت ماشيا) في فهمها (مع الوائل) أي من كانوا أول من هذه المة وهم‬ ‫‪1‬‬

‫السلف الصالح‪.‬‬
‫وبهذا التقرير‪ ،‬ل يلزمنا ش يء من الحكام والشرائع أن نقبل بها ونطبقها في حياتنا إل أن يكون (من العالم) أي‬ ‫‪2‬‬

‫الرب التصف بكمال العلم‪ ،‬فكمال علمه يقتض ي كمال أحكامه وتشريعاته‪ .‬فالل الذي (أوجدنا لوحده) دون‬
‫أن يستشير أحدا أو يستعين بأحد‪ ،‬فهو وحده أيضا (الحق) بالتخفيف للوزن‪( ،‬بأمرنا) بالتزام شريعته من‬
‫خالل كتابه وفي سنة رسوله (كعبده) أي بما أننا عبيده وهو مولنا‪ .‬فالخالق هو الستحق للتصرف في مخلوقاته‬
‫وهو العلم بمصالحهم ومفاسدهم من غيره‪.‬‬
‫الشبهة مأخوذة من التشابه والشابهة‪ ،‬فهي ل تكون إل بين أمرين شابه أحدهما اآلخر‪ .‬وهذا التشابه (دوما‬ ‫‪3‬‬

‫أشكال) ‪-‬بألف الطالق‪ -‬أي يأتي بإشكال دائما‪.‬‬


‫إشكال‪ ،‬وليس كل إشكال شبهة‪ .‬لن الشكال ل يلزم منه‬ ‫ٌ‬ ‫أي فال بد من التفريق بين الشبهة والشكال‪ .‬فكل شبهة‬ ‫‪4‬‬

‫أن يكون بين أمرين‪ ،‬بخالف الشبهة‪ .‬و(ف هرقن) بنون التوكيد الخففة‪ ،‬أي ف هرق بين الشبهة والشكال‪.‬‬
‫(والصل) أي القاعدة (في شبهاتهم)‪ ،‬أي شبهات الخالفين للحق بجميع أنواعهم من الكفار والالحدة والبتدعة‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫وفي أي مجال كانت شبهاتهم‪ ،‬سواء في العقيدة أو الشريعة‪( .‬تجميع) أي الجمع‪ ،‬وح هذف تنوينه للضرورة (بين‬
‫متباينين‪ .‬وهذا هو الغلب‪.‬‬
‫مختلفين ه‬ ‫ذوي اختالف) أي بين أمرين ه‬
‫(فرقهم) أي تفريقهم وتمييزهم (بين الما هثلين)‪ ،‬أي بين أمرين متساويين كان الواجب الجمع بينهما‪ .‬فالشبهةِتثورِ‬ ‫‪6‬‬

‫فيِ ذهنِ النسانِ إماِ بسببِِالجمعِ بينِ املختلفينِ كانِ الواجبِ التفريقِ بينهما‪ ِ،‬وإماِ بسببِ التفريقِ بينِ‬

‫‪28‬‬
‫خِاتِمِةِ‬
‫كانا‬ ‫اليج هاز‬‫ه‬ ‫هلنظ هم هه مع‬ ‫أعانا‬ ‫ال هذي‬ ‫لل‬
‫ه‬ ‫‪ 155‬والحمد‬
‫على الن هبي وصح هب هه ال هكر هام‬ ‫مع التس هلي هم‬ ‫صالتنا‬ ‫‪ 156‬ثم‬
‫‪1‬‬ ‫هل ـا حــواه ع هال ـا م هبينا‬ ‫حا هفظا وكانا‬ ‫هلنظ همي‬ ‫‪ 157‬ومن‬

‫الماثلينِكانِالوجبِالجمعِبينهما‪ .‬فليس في الدنيا شبهة إل وحقيقتها أحد هذين‪( .‬فاردد عليهما بعكس هذين)‬
‫أي فاردد على من جمع بين الختلفين بعكسه وهو ببيان الفرق بينهما‪ ،‬واردد على من فرق بين التماثلين بعكسه‬
‫وهو ببيان الجمع بينما‪.‬‬
‫ولذا ينبغي أن يفهم الطالب حقيقة الشبهة قبل التصدي لها بمعرفة هذه القاعدة العظيمة‪ ،‬وقد استفدتها من‬
‫درس فضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان ‪-‬حفظه هللا‪ -‬حيث قال ما معناه‪ :‬أكاد أقسم على أنه ما من شبهة‬
‫إل وخلفه أحد هذين الصلين‪ ،‬وهذا من خالل استقرائي لدة عشرين سنة اهـ‪ ،‬وله رسالة نفيسة جدا في هذا‬
‫الباب بعنوان (تربيةِاللكةِعلىِردِالشبهة)‪ ،‬وقد أكثر فيها من ذكر المثلة التطبيقية‪ ،‬وهي موجودة على النترنت‬
‫بصيغة ‪.PDF‬‬
‫‪( 1‬حافظا) بالنصب خبر لكان محذوف‪ ،‬والتقدير‪ :‬ومن لنظمي كان حافظا‪( .‬وكانا) باللف الطالقية (لا حواه عالا‬
‫مبينا) أي صالتنا مع التسليم موجهة أيضا لن كان يحفظ هذا النظم ويعلم بمحتواه ويفهمه‪ ،‬وعلى من أبانه‬
‫لغيره دفاعا عن السنة الحمدية‪.‬‬
‫انتهى التعليق بفضل هللا‪ ،‬وكان الفراغ منه في صباح الثنين السادس من غرة ربيع الول عام ألف وأربعمائة‬
‫وثالث وأربعين هجريا‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫فهرس املوضوعات‬

‫تمهيد ‪2 .......................................................................................................................................‬‬
‫مقدمة في حفظ هللا لهذا الدين ‪4 .............................................................................................‬‬
‫بهات النكرين وأمثلتها ‪5 ...............................................................................................‬‬
‫أسس ش ه‬
‫قواعد في التعامل مع الشبهات ‪12 .............................................................................................‬‬
‫أصناف النكرين ‪14 ...................................................................................................................‬‬
‫الرد على الول‪ :‬إثبات كون الخبر من وسائل العلم ‪14 .............................................................‬‬
‫‪16 .....................................................................‬‬ ‫شروط قبول الخبر وتوفرها في حق النبي‬
‫الصول الستة لشبهات النكرين ‪18 ..........................................................................................‬‬
‫(‪ )1‬الرد على القرآنيين ‪19 ..........................................................................................................‬‬
‫حجية اآلحاد ‪20 .................................................................................‬‬
‫(‪ )2‬الرد على من أسقط ه‬
‫(‪ )3‬الرد على من طعن في نقلة الحديث ‪22 ...............................................................................‬‬
‫(‪ )4‬الرد على من رد الحديث لتأخر تدوينه ‪23 ..........................................................................‬‬
‫(‪ )5‬الرد على من شكك في كفاءة علم الحديث‪20 ....................................................................‬‬
‫(‪ )6‬الرد على من توهم معارضة الحديث لغيره ‪26 ...................................................................‬‬
‫قواعد جامعة في الشبهات والرد عليها ‪22 ..................................................................................‬‬
‫خاتمة ‪23 ...................................................................................................................................‬‬

‫‪30‬‬

You might also like