You are on page 1of 25

‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .

‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري‬


‫على ضوء الدساتير املتعاقبة‬
‫‪The place of the executive power in the Algerian political system‬‬
‫‪In light of successive constitutions‬‬

‫تاريخ النشر‪2021/07/15 :‬‬ ‫تاريخ القبول‪2020/11/09 :‬‬ ‫تاريخ اإلرسال‪2020/09/15 :‬‬

‫*د‪ .‬بتة الطيب‬


‫املركز الجامعي تيسمسيلت‬
‫‪Tayebbetta.sp@gmail.com‬‬

‫ملخص ‪:‬‬
‫تعتبر السلطة في الفقه الدستوري واحدة من أهم أركان الدولة باعتبار االختصاصات‬
‫واملسؤوليات املوكلة لها‪ ،‬ومن املتعارف عليه أن الدولة الحديثة واملعاصرة تقوم بوظائفها‬
‫من خالل سلطات ثالث‪ ،‬تشريعية وتنفيذية وقضائية‪ .‬وحتى يتمكن الباحث من تقييم‬
‫مسيرة دولة ما ال بد له من تتبع كل املراحل وتغطية كل الجوانب السيما أداء نظامها‬
‫السياس ي على ضوء أداء سلطاتها الثالث‪.‬‬
‫وفي الحالة الجزائرية عمل املشرع في كل الدساتير املتعاقبة على تحديد وإظهار موقع‬
‫كل سلطة وعالقتها بغيرها من السلطات‪ .‬وقد جاء هذا املقال بغرض الكشف عن مكانة‬
‫السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري‪ ،‬وذلك على ضوء كل الدساتير التي عرفتها‬
‫جزائر ما بعد االستقالل بداية من عام ‪ 1962‬من خالل التساؤل عما إذا كانت السلطة‬
‫التنفيذية تتمتع بمكانة رئيسية أم هامشية في النظام السياس ي الجزائري في مرحلة ما قبل‬
‫التعددية وما بعدها‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية ‪ :‬السلطة التنفيذية ؛ النظام السياس ي ؛ الدستور ‪.‬‬

‫*املؤلف املرسل ‪ :‬بتة الطيب‬

‫‪535‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫ بتة الطيب‬.‫د‬
559 ‫ ص‬- 535 ‫ص‬

Abstract:
The authority in the science of constitutional law is considered one of the
most important pillars of the state, based on the powers and responsibilities
assigned to it, and it is recognized that the modern state performs its functions,
through three powers, legislative, executive and judicial one. And so that the
researcher to evaluate the timeline of a State, it must keep track of all stages and
cover all aspects, especially the performance of its political system, based on the
performance of the three powers.
In the Algerian case, the legislator worked in all successive constitutions to
define and show the positions of each authority and its relationship with other
authorities, and this article came to reveal the position of the executive in the
Algerian political system, in light of all the constitutions that were defined in post-
independence Algeria, starting in 1962, by asking whether the executive authority
has a major or marginal place in the Algerian political system in the pre-pluralism
period and after.
Keywords: Executive Authority; political system; the Constitution.

:‫مقدمة‬
‫عرفت الجزائر منذ استقاللها عن االحتالل الفرنس ي في النصف الثاني من عام‬
‫ وقد ناقش الباحثون مبكرا طبيعة العالقة القائمة بين السلطات‬،‫ دساتير عديدة‬1962
‫ وكذا موقع ومكانة كل سلطة من هذه السلطات‬،‫ التنفيذية والتشريعية والقضائية‬،‫الثالث‬
‫ ويأتي هذا املقال ملناقشة مكانة وموقع إحدى هذه السلطات‬.‫في النظام السياس ي الجزائري‬
:‫الثالث وهي السلطة التنفيذية من خالل طرح اإلشكال الرئيس ي التالي‬
‫هل كان للسلطة التنفيذية مكانة رئيسية أم هامشية في النظام السياس ي الجزائري على‬
‫ضوء الدساتير املتعاقبة في مرحلة ما قبل التعددية وما بعدها؟‬
،‫ولإلجابة على هذا اإلشكال ارتأى الباحث تقسيم موضوعه إلى عناصر أساسية‬
‫ ويتصل األمر بضبط مفهوم كل من‬،‫حيث بدأ بضبط املفاهيم االفتتاحية للموضوع‬
‫ ثم انتقل إلى مناقشة موقع ومكانة السلطة‬.‫السلطة التنفيذية والنظام السياس ي‬

536 2021 ‫ جوان‬- 01 ‫ العدد‬- 06 ‫ املجلد‬- ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري في مرحلة ما قبل التعددية السياسية أي قبل‬


‫صدور دستور ‪ ،1989‬ثم انتقل بعدها إلى مناقشة موقع ومكانة السلطة التنفيذية في‬
‫النظام السياس ي الجزائري في مرحلة ما بعد التعددية السياسية أي بعد صدور الدستور‬
‫سابق الذكر‪ .‬وخلص الباحث في خاتمة املقال إلى استخالص أهم النتائج املتوصل إليها من‬
‫خالل اإلجابة عن اإلشكال الرئيس ي الذي انطلق منه في بادئ األمر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الضبط املفاهيمي ملتغيرات املوضوع‬


‫يجدر بالباحث ابتداء ضبط معاني ومدلوالت املفاهيم الرئيسية للموضوع محل‬
‫البحث‪ ،‬وذلك بالنظر ألهمية هذا الجانب‪ ،‬الرتباطه بشكل مباشر بعملية التحليل والنتائج‬
‫املتوصل إليها في نهاية األمر‪.‬‬
‫مفهوم السلطة التنفيذية‬
‫يؤكد فقهاء القانون الدستوري والقانون الدولي العام على أن السلطة تعد ركنا‬
‫مهما من أركان الدولة‪ .‬كما أن السلطة العامة هي الهيئة التي تختص بإصدار األوامر امللزمة‬
‫للرعايا‪ ،‬صيانة لحقوق الجماعة ومنعا للعدوان‪ .‬وتتكون ذات السلطة من هيئات ثالث هي‪:‬‬
‫السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية‪ .‬وستتولى األسطر املوالية بيان‬
‫مفهوم السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫اختلف الفقهاء في تعريفهم للسلطة التنفيذية‪ ،‬فاألستاذ بطرس بطرس غالي‬
‫يعتبرها تلك السلطة التي تقوم بتنفيذ إرادة الشعب التي تعبر عنها القوانين الصادرة عن‬
‫السلطة التشريعية‪ ،‬وعلى هذا يكون موظفو الدولة من رئيس الجمهورية إلى رجال الشرطة‬
‫باستثناء القضاة ‪1.‬‬

‫ويرى الباحث دنش رياض أن السلطة التنفيذية تمثل مجموع الهيئات الدستورية‬
‫التي تختص أساسا بتنفيذ القانون الذي تسنه السلطة التشريعية‪ ،‬وعرفا بسن القوانين‬
‫التنظيمية التي تجعل العمل اإلداري يسيرا وسهال‪ ،‬كما تسعى ذات السلطة إلى عرض‬
‫مشاريع القوانين على البرملان‪ ،‬زيادة على أن لها وظيفة رقابية داخلية‪ ،‬وهذا وفقا إلحدى‬
‫أساليب التنظيم اإلداري وطبيعة نظام الحكم السائد‪2.‬‬

‫‪537‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫أما السلطة التنفيذية في اإلسالم فهي ‪ -‬بحسب الباحث عثمان ضميرية ‪ -‬السلطة‬
‫التي تختص بتنفيذ أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬والتي تعمل على إقامة املرافق العامة‬
‫وتنظيمها بما يمكن الناس في الدولة من إشباع حاجاتهم‪3.‬‬

‫وفيما يتصل باختصاصات السلطة التنفيذية فإنها تتحدد بحسب طبيعة النظام‬
‫السياس ي القائم‪ ،‬ففي النظم ذات النمط الرئاس ي نجد رئيس الدولة يتمتع بسلطة فعلية‬
‫واسعة‪ ،‬ومن مظاهر ذلك امتالكه لحق تعيين مساعديه وعزلهم‪ ،‬مع تبعية هؤالء‬
‫املساعدين له بشكل مطلق‪ ،‬أما النظم ذات النمط البرملاني فهي التي ال يتمتع فيها رئيس‬
‫الدولة إال بسلطة اسمية بحكم عدم مسؤوليته‪ ،‬وتحض ى الحكومة في هذا النوع من‬
‫النظم بسلطة فعلية مع خضوعها للمساءلة أمام البرملان‪ .‬في حين أن نظام الجمعية‬
‫تتشكل فيه السلطة التنفيذية رئاسة وعضوية من البرملان باالختيار‪ ،‬وتخضع ملراقبته‬
‫وإشرافه‪ .‬وتأسيسا على ما سبق فإن السلطة التنفيذية تعد ذلك الجهاز الذي يتولى تأدية‬
‫العديد من الوظائف واملسؤوليات‪ ،‬من بينها إدارة وزاراته الخاصة واالتصال بالسلطة‬
‫التشريعية بغرض الحصول على االعتمادات املالية‪ ،‬فضال عن رسم السياسة العامة‬
‫للدولة‪4.‬‬

‫فضال على أن السلطة التنفيذية هي التي تتولى توجيه األفراد العاملين في‬
‫البيروقراطية الحكومية‪ ،‬املتمثلة في املؤسسات والهيئات واللجان واألجهزة اإلدارية‬
‫الحكومية املتنوعة‪ ،‬والتي غالبا ما تضطلع بتنفيذ السياسات العامة‪5 .‬‬

‫وبحسب جيمس أندرسون فإن دور السلطة التنفيذية في رسم السياسات العامة‬
‫يعد حاسما بالنظر إلى هيمنة السلطة التنفيذية واالعتماد الكبير على قيادتها في رسم‬
‫السياسات العامة وتنفيذها‪ ،‬وهذا راجع إلى كثرة القضايا واملسائل التي تستوجب خبرات‬
‫فنية متخصصة لرسم السياسات العامة‪ ،‬والتي يتوفر عليها اإلداريون التنفيذيون‬
‫باألساس‪6.‬‬

‫كما أنها تعني السلطة التي تعمل على وضع التشريعات والسياسات العامة التي‬
‫تنال رضا السلطة التشريعية باملوافقة والتصديق‪ ،‬وألجل ذلك تسعى مختلف الدول إلى‬
‫توفير كافة اإلمكانات التي من شأنها تمكين السلطة التنفيذية من أداء مسؤوليتها املهمة في‬
‫أحسن الظروف‪ ،‬وهذا في ظل اتساع مساحة التشريعات االجتماعية واالقتصادية تحت‬
‫ضغط اإليديولوجيات املعاصرة‪ ،‬التي تدفع الدولة نحو اقتحام كافة املجاالت‪7.‬‬

‫‪538‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫ويرتبط بمفهوم السلطة التنفيذية أيضا فئة العاملين بها‪ ،‬إذ تشمل هذه السلطة‬
‫كافة املوظفين الذين يشاركون في عملية تنفيذ القوانين بدءا من رئيس الدولة حتى آخر‬
‫موظف في السلك اإلداري للدولة واالختصاص املعقود لها‪ ،‬ولذلك فاألنظمة تختلف فيما‬
‫بينها في كيفية اختيار رئيس الدولة‪ ،‬ففي النظام امللكي يكون تولي الحكم بطريق الوراثة‪،‬‬
‫وفي النظام الجمهوري قد يعتمد أصحابه في اختيار الرئيس على الشعب مباشرة عن طريق‬
‫االقتراع العام املباشر والسري‪ ،‬أو بواسطة ممثليه املنتخبين‪ ،‬أو عن طريق هيئة الناخبين‪،‬‬
‫في حين أن النظام الديكتاتوري هو ذلك الذي تجتمع فيه كل السلطات في يد الحاكم‪8.‬‬

‫مفهوم النظام السياس ي‬


‫أستخدم لفظ النظام السياس ي في البداية كمرادف لنظام الحكم‪ ،‬حيث أن املدرسة‬
‫الدستورية فهمت النظام السياس ي على أنه املؤسسات السياسية وبالضبط املؤسسات‬
‫الحكومية ( التنفيذية‪ ،‬التشريعية والقضائية)‪ ،‬غير أنه وبتأثير من املدرسة السلوكية أضحى‬
‫للنظام السياس ي مفهوما ذا أبعاد جديدة‪ ،‬حيث أصبح يشير إلى شبكة التفاعالت‬
‫والعالقات واألدوات التي ترتبط بظاهرة السلطة سواء من حيث منطلقها (الجانب‬
‫اإليديولوجي) أو القائمين على ممارستها (النخبة) أو اإلطار املنظم لها (الجوانب املؤسسية)‪9.‬‬

‫وال يمكن تفسير النظام السياس ي لدولة ما إال بالرجوع إلى نظامها االقتصادي‬
‫واالجتماعي ودرجة تقدمها والعقائد السائدة فيها والقيم والتقاليد الثقافية لشعبها‪ .‬وهنا ال‬
‫يمكن االكتفاء فقط بالنصوص الدستورية لفهم طبيعة النظام‪ .‬وينبغي التنويه هنا إلى أن‬
‫القانون الدستوري يقتصر فقط على دراسة النصوص التي تحويها الوثائق الجامدة‪ ،‬والتي‬
‫تنظم طريقة الحكم في دولة ما‪ ،‬في حين أن النظم السياسية تذهب إلى أبعد من ذلك‪،‬‬
‫حيث أنها تعالج كيفية سير املؤسسات الدستورية في الظروف االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية املحيطة بها‪10.‬‬

‫يرى ديفيد إيستون أن النظام السياس ي يعني مجموع الظواهر التي تشكل نظاما هو‬
‫في حقيقة األمر جزء من مجموع النظام االجتماعي‪ ،‬غير أنه تفرع عنه بغرض البحث‬
‫والتحليل‪11.‬‬

‫في حين ينظر موريس دوفرجيه إلى النظام السياس ي على أنه مجموع الحلول الالزمة‬
‫ملواجهة املشاكل التي يثيرها قيام الهيئات الحاكمة وتنظيمها‪ .‬والنظام السياس ي بحسب‬
‫غابرييل أملوند هو نظام التفاعالت املوجودة في كافة املجتمعات املستقلة التي تضطلع‬

‫‪539‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫بوظيفتي التكامل والتكيف داخليا وخارجيا عن طريق استخدام أو التهديد باستخدام‬


‫اإلرغام املادي املشروع‪12.‬‬

‫وللعالم االجتماعي األملاني ماكس فيبر تعريف خاص للنظام السياس ي حيث يعتبره‬
‫ذلك النظام الذي يضمن تنفيذ األوامر في املنطقة املعينة الحدود وبصورة مستمرة‬
‫بواسطة السلطة الفعلية عن طريق هيئة إدارية دائمة ‪.‬‬
‫وفي رأي الباحث حسان محمد شفيق العاني فإن النظام السياس ي هو محصلة‬
‫الظروف واملبادئ السياسية التي تقود أصحابها إلى اتخاذ سلوك وظيفي تعقيبي في اتخاذ‬
‫القرارات امللزمة باملجتمع كليا‪13.‬‬

‫في حين أن الباحثين صالح جواد الكاظم وعلي غالب العاني ينظران إلى النظام‬
‫السياس ي على أنه مجموعة عناصر تتجه مهمتها باألساس إلى اإلبقاء على املجتمع من حيث‬
‫هو كيان حي قائم بذاته‪ ،‬تتولى قيادته سلطة سياسية‪ ،‬والنظام السياس ي هو إحدى النظم‬
‫االجتماعية األخرى كالنظام االقتصادي والنظام االجتماعي والنظام القانوني‪ .‬ويذكر‬
‫الباحثان املكونات التي يتألف منها النظام السياس ي وهي‪ :‬التنظيمات السياسية‪ ،‬القواعد‬
‫السياسية‪ ،‬العالقات السياسية والوعي السياس ي‪ .‬وينبهان إلى أن كل من هذه العناصر يؤثر‬
‫في اآلخر ويعتمد عليه‪ ،‬وتفاعل هذه العناصر هو الذي يجعل منها نظاما ال مجرد عدد من‬
‫األشياء التي تجمعها املصادفة وال تصل ببعضها البعض أية روابط‪14.‬‬

‫وإذا نظرنا إلى جملة األدوار التي تؤديها عناصر معينة من النظام السياس ي فإنه‬
‫يمكننا التمييز بين مجموعتين من العناصر‪ ،‬املجموعة األولى تضم عناصر أحادية الدور‬
‫والوظيفة‪ ،‬وهي تلك التي لها وظيفة سياسية فقط ومثالها األحزاب السياسية‪ ،‬واملجموعة‬
‫الثانية تظم العناصر متعددة األدوار والوظائف‪ ،‬ويقصد بها تلك العناصر التي تتولى القيام‬
‫بعدة وظائف منها الوظيفة السياسية‪ ،‬ومثالها النقابات واالتحادات املهنية‪ .‬وهناك‬
‫جماعات وتنظيمات أخرى لها وظائف وأدوار متعددة غير أن الوظيفة السياسية ليست‬
‫معنية بها ومثالها الجمعيات العلمية والجمعيات الخيرية‪15.‬‬

‫‪540‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫ثانيا‪ :‬موقع ومكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري‬


‫قبل إقرار التعددية السياسية‬
‫يميز الباحثون والدارسون للنظام السياس ي الجزائري بعد االستقالل بين مرحلتين‬
‫متمايزتين يفصل بينهما حدث فارق في تاريخ البالد يتمثل في إقرار التعددية الحزبية من‬
‫خالل دستور ‪ ،1989‬وعليه ارتأى الباحث الكشف عن موقع ومكانة السلطة التنفيذية في‬
‫النظام السياس ي الجزائري في جزئين يختص األول بمرحلة ما قبل إقرار التعددية ويختص‬
‫الثاني بمرحلة ما بعد إقرار التعددية‪ ،‬وذلك استنادا ملا تضمنته مختلف الدساتير‬
‫املتعاقبة‪ .‬وستكون البداية مع مرحلة ما قبل إقرار التعددية الحزبية‪.‬‬
‫موقع ومكانة السلطة التنفيذية في دستور ‪1963‬م‬
‫يعد أول دستور عرفته الجزائر املستقلة هو دستور ‪ ،1963‬وقد رسخ هذا األخير‬
‫نظاما للحكم يقوم على الحزب الواحد‪ 16،‬حيث تعد السلطة التنفيذية فيه أقوى‬
‫السلطات في مقابل ضعف السلطة التشريعية‪ ،‬وكان هذا النهج واضحا منذ البداية إذ أن‬
‫الهيئة التشريعية ممثلة في الجمعية الوطنية التأسيسية األولى تم تحييدها عن القضايا‬
‫األساسية‪ ،‬حيث أن الدستور األول للبالد تمت مناقشته واملصادقة عليه خارج الجمعية‬
‫التأسيسية‪ ،‬وقد ووجه هذا األسلوب بمعارضة عدد من أعضاء الجمعية ومن بينهم السيد‬
‫فرحات عباس‪ ،‬الذي أكد على أن القيادة التي ال تعطي للشعب الحق في إبداء الرأي بحرية‬
‫تامة في تقرير مصيره‪ ،‬ال يمكن أن تنجح في خلق ديمقراطية حقيقية نابعة من إرادة أبناء‬
‫الشعب‪ .‬وقد كان رد الرئيس أحمد بن بلة على ذلك واضحا‪ ،‬وهو أن الحزب هو الذي‬
‫يصنع القرارات في جميع الظروف‪ ،‬وليس ألي سلطة أخرى التدخل في ذلك‪17.‬‬

‫املالحظ أن دستور ‪ 1963‬تبنى نمط تركيز السلطات في يد السلطة التنفيذية‪،‬‬


‫وبالضبط في يد رئيس الجمهورية‪ ،‬حيث منح له صالحيات واسعة مكنته من ممارسة‬
‫السلطة الفعلية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك أنه يرسم و يحدد السياسة الداخلية والخارجية للبالد‪،‬‬
‫وله الحق في املبادرة بتقديم القوانين‪ ،‬كما له الحق في أن يطلب من املجلس الوطني‬
‫(السلطة التشريعية) منحه التفويض ملدة محددة التخاذ تدابير ذات صبغة تشريعية‪ ،‬وله‬
‫الحق أيضا في اختيار ثلثي وزرائه على األقل من نواب املجلس الوطني‪ .‬ويتم انتخاب ممثلي‬
‫الشعب في هذا املجلس باالقتراع العام املباشر والسري‪ ،‬وقبل عرضهم على الشعب‬
‫لتزكيتهم فإن رئيس الجمهورية وبصفته األمين العام للحزب يتولى اختيار مناضلين من‬

‫‪541‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫الحزب لتعيينهم كنواب في املجلس‪ ،‬زيادة عن ذلك فرئيس الجمهورية بوصفه القائد العام‬
‫للحزب يتولى تكوين هيئات املجلس الوطني‪ ،‬وبهذا يتضح الحجم الواسع من السلطات‬
‫املمنوح لرئيس الجمهورية في مقابل السلطات األخرى‪18.‬‬

‫وهذا ما أدى بحسب الباحث سعيد بوالشعير إلى وحدة القيادة والحزب من خالل‬
‫خضوع جميع مؤسسات الدولة إلدارة الشخص املنفرد بالسلطة‪ ،‬بما يعني أن كل الهيئات‬
‫مقيدة وملزمة بالرجوع دائما إلى رئاسة الجمهورية في أي شأن من الشؤون‪ 19.‬وما زاد األمر‬
‫تعقيدا هو استعمال رئيس الجمهورية للمادة (‪ )59‬من الدستور التي تجعل من جل‬
‫السلطات مجسدة في شخص رئيس الجمهورية‪ ،‬وبذلك أنهى رئيس الدولة فترة الحكم‬
‫العادية في ظل الدستور باستعماله هذه املادة‪ 20.‬واستمر الحال على هذا النحو إلى غاية ما‬
‫يعرف بالتصحيح الثوري الذي تم في ‪ 19‬جوان ‪.1965‬‬
‫ويرى الباحث الهواري عدي أن النظام السياس ي الجزائري خالل الفترة ‪-1962‬‬
‫‪ 1965‬خضع لسيرورة مستمرة تميزت بتجميع وتركيز للسلطة‪ ،‬وذلك بإدماج جميع‬
‫السلطات في إطار العمل الحكومي الخاضع أساسا للرئيس أحمد بن بلة‪21.‬‬

‫وفي تقييمه للتجربة الدستورية األولى في تاريخ الجزائر املستقلة قبل انقالب ‪19‬‬
‫جوان ‪ 1965‬يرى الباحث صالح بلحاج أنها اتسمت من حيث املمارسة بغياب السلطة‬
‫التشريعية وضعفها‪ ،‬في مقابل أحادية السلطة التنفيذية واتساع سلطات رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬أما نظام الحكم فينتمي من الناحية التأسيسية إلى فئة أنظمة الحزب الواحد‪،‬‬
‫دون أن يعني ذلك أن الحزب الواحد كان الحاكم بالفعل‪ ،‬ألن الحزب لم يحكم في الواقع و‬
‫إنما حكم باسمه‪22 .‬‬

‫موقع ومكانة السلطة التنفيذية في دستور ‪1976‬م‬


‫تمكن الرئيس هواري بومدين‪ ،‬عقب نجاحه في إزاحة الرئيس أحمد بن بلة عن‬
‫سدة الحكم بعد انقالب ‪ 19‬جوان ‪ 1965‬بحجة انحرافه عن خط الثورة ومبادئها‪ ،‬من‬
‫تشكيل نظام سياس ي جديد بمؤسسات انتقالية تمثلت في مجلس الثورة كهيئة تشريعية‬
‫حلت محل املجلس الوطني‪ ،‬والحكومة كهيئة تنفيذية حلت محل رئيس الجمهورية‪ ،‬غير أن‬
‫الجهازين املذكورين يرأسهما شخص واحد هو رئيس الدولة مع احتفاظه بقيادة الجيش‪.‬‬
‫وقد استمرت هذه الفترة االنتقالية ملا يزيد عن عشر سنوات كاملة تولى الحكم فيها الرئيس‬

‫‪542‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫بومدين باسم الشرعية الثورية‪ .‬وامتلك فيها كل السلطات التي جعلته الفاعل الرئيس ي في‬
‫النظام السياس ي الجزائري‪.‬‬
‫وقد خرج دستور ‪ 22‬نوفمبر ‪ 1976‬إلى الوجود عقب صدور امليثاق الوطني الذي‬
‫وافق عليه الشعب في ‪ 27‬جوان من العام نفسه‪ ،‬إيذانا بعودة الشرعية الدستورية إلى‬
‫الحياة السياسية من جديد بعد غياب استمر لسنوات طويلة‪.‬‬
‫خالصة القول أن دستور ‪ 1976‬لم يأت بجديد حاسم ال على مستوى النصوص‬
‫وال على مستوى املمارسة‪ ،‬بل جاء إلضفاء الطابع الدستوري على األهداف الكبرى التي‬
‫تضمنها امليثاق املذكور آنفا‪ ،‬ولذلك كان الهدف من وراء إقرار الدستور آنذاك هو إقامة‬
‫نظام مدستر يضفي الشرعية على األعمال التي قامت بها السلطة الجديدة‪23 .‬‬

‫إضافة إلى أن املشرع الجزائري من خالل هذا الدستور عمد إلى التعميق من‬
‫وحدة السلطة وجعلها في يد السلطة التنفيذية‪ ،‬وبتعبير أكثر دقة جعلها في يد رئيس‬
‫الجمهورية‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن املشرع استعمل لفظ الوظيفة بدل السلطة‪ .‬ولم تتضمن‬
‫مواد الدستور املذكور أي قيد على رئيس الجمهورية مقارنة بدستور ‪ ،1963‬كما لم يسمح‬
‫املشرع للمجلس الشعبي الوطني من ممارسة أي تأثير عليه‪ ،‬بل األكثر من ذلك أنه أقر‬
‫لرئيس الجمهورية ‪-‬إلى جانب سلطاته في الحزب‪ -‬الحرية الكاملة في املؤسسة التنفيذية‪،‬‬
‫بما يعني إضفاء صفة السمو عليه وعلى تلك املؤسسة أيضا‪ ،‬وتأسيسا على ذلك فتركيز‬
‫السلطات في يد رجل واحد‪ -‬بشكل يلغي معه كل آليات الرقابة‪ -‬ال يمكن إال أن يكرس‬
‫ثقافة سياسية جديدة تقبل بشخصنة السلطة على النحو الذي تكرست به السلطة في‬
‫الجزائر منذ بداية نشأتها‪24.‬‬

‫ثالثا‪ :‬موقع ومكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري‬


‫بعد إقرار التعددية السياسية‬

‫موقع ومكانة السلطة التنفيذية في دستور ‪1989‬م‬


‫الحديث عن دستور ‪ 1989‬يقودنا حتما إلى تتبع السياق التاريخي الذي أفض ى إلى‬
‫صياغة أول دستور تعددي في تاريخ الجزائر بعد االستقالل‪ ،‬والذي يرتبط بأحداث‬
‫سياسية واقتصادية مهمة لعل من أبرزها أحداث الخامس من شهر أكتوبر من عام ‪1988‬‬
‫التي سبقها درجة عالية من االحتقان الشعبي والغليان االجتماعي نتيجة عوامل متعددة‬

‫‪543‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫على رأسها انخفاض ملحوظ في أسعار البترول الذي يعد املصدر الرئيس ي واملورد األول‬
‫للميزانية العامة للدولة‪ ،‬ويضاف إليه ارتفاع محسوس في نسبة البطالة‪ ،‬مما تسبب في‬
‫تدهور املستوى املعيش ي للمواطن الجزائري‪ .‬ويربط الباحث عيس ى طيبي بين األحداث‬
‫وخطاب الرئيس الشاذلي بن جديد الذي ألقاه أمام مكاتب التنسيقية الوالئية بمناسبة‬
‫افتتاح مناقشة املشروع التمهيدي للدستور االتحادي الجزائري الليبي‪ ،‬حيث وجه الرئيس‬
‫بن جديد انتقادا شديدا لرئيس الحزب الواحد والحكومة حول أدائهما السلبي في تسيير‬
‫شؤون البالد‪ ،‬وكان من تداعيات هذا الحدث أن انتفض املواطنون في مظاهرات عارمة‬
‫يوم ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،1988‬ونظرا لتدهور األوضاع األمنية في البالد قرر الشاذلي بن جديد إعالن‬
‫حالة الطوارئ يوم ‪ 6‬أكتوبر طبقا للمادة ‪ ،119‬وهو ما مكن الجيش من الدخول للعاصمة‬
‫تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية األخير‪ ،‬وبذلك طرح مشروع تعديل دستور ‪ 1976‬حيث تقرر‬
‫تنظيم استفتاء شعبي لهذا الغرض تم في يوم ‪ 3‬نوفمبر ‪25 .1988‬‬

‫وقد أقر املشرع الجزائري دستور ‪ 1989‬الذي يختلف بشكل كبير عما سبقه من‬
‫دساتير السيما في باب الحريات العامة الفردية والجماعية‪ ،‬وكذا التعددية السياسية‬
‫( املادة ‪ 40‬من الدستور )‪ ،‬وأقر أيضا االنتخابات التعددية باعتبارها آلية للتداول السلمي‬
‫على السلطة ومصدرا لشرعنة ممارستها‪ .‬كما أقر العمل بمبدأ الفصل بين السلطات‪،‬‬
‫وتفعيل الرقابة الدستورية لضمان تفوق الدستور على كل ما عداه من النصوص‬
‫التأسيسية‪26 .‬‬

‫وبذلك جاء دستور ‪ 1989‬معلنا القضاء على احتكار التمثيل االشتراكي املتمثل في‬
‫الحزب الواحد‪ ،‬وشكل سببا مباشرا إللغاء الشعارات التي كان يرتكز عليها التمثيل الوطني‬
‫واملتمثل في املجالس الشعبية املنتخبة‪ ،‬التي كانت بمثابة القوى االجتماعية للثورة‪ ،‬وقوى‬
‫االشتراكية التي كانت أساس دستور ‪27.1976‬‬

‫ولإلشارة فإن املشرع الجزائري في دستور ‪ 1989‬استخدم لفظ السلطة من جديد‬


‫بعدما استخدم لفظ الوظيفة في الدستور السابق‪ ،‬كما عمد إلى التمييز بين السلطات‬
‫الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬حيث وسع من صالحيات السلطة التشريعية‬
‫وأقر ثنائية السلطة التنفيذية‪ .‬إذ أن السلطة التنفيذية بحكم الدستور الجديد أضحت‬
‫مكونة من رأسين‪ ،‬رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة‪ ،‬وهذا بخالف ما كان معموال به في‬

‫‪544‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫نظام الحزب الواحد‪ ،‬غير أن املشرع الجزائري وبالرغم من إقراره ثنائية الجهاز التنفيذي إال‬
‫أنه كرس تفوق مركز رئيس الجمهورية على مركز رئيس الحكومة ومكانة املجلس الشعبي‪28.‬‬

‫ومن مظاهر تفوق مركز رئيس الجمهورية عن بقية املراكز األخرى‪ ،‬هو أن دستور‬
‫‪ 1989‬خول لرئيس الجمهورية اختصاصات عديدة وصالحيات واسعة‪ ،‬في الظروف العادية‬
‫و الظروف غير العادية‪ ،‬ومن هذه الصالحيات سلطة إصدار القوانين ونشرها ( كما في‬
‫املادة ‪ ،)17‬وسلطة التنظيم (كما في املادتين ‪ ،)116-115‬وسلطة التعيين (كما في املادتين‬
‫‪ ،)75-74‬ورئاسة مجلس الوزراء (كما في املادة ‪ ،)113‬وقيادة الجيش والشؤون الخارجية‬
‫(قيادة الدفاع كما في املادتين ‪ 89‬و‪ ، 91‬وقيادة الشؤون الخارجية كما في املواد ‪ 3/74‬و‬
‫‪ 10/74‬و ‪ ،)11/74‬وممارسة السلطة السامية (كما في نص املادة ‪ 69‬وفيها حق إصدار‬
‫العفو وتخفيض العقوبات واستبدالها‪ ،‬وكذا رئاسة املجلس األعلى للقضاء املادة ‪،)146‬‬
‫وحق اللجوء املباشر إلى املجلس الشعبي الوطني أو الشعب أو هما معا ومن ذلك حق حل‬
‫مجلس الشعب (كما في املادة ‪ ،)120‬وحق طلب إجراء مداولة ثانية‪ ،‬وحق تعديل الدستور‬
‫(كما في املادة ‪ ،)164‬وحق اللجوء إلى االستفتاء (كما في املادتين ‪73‬و ‪ ،)9/74‬وسلطة إقرار‬
‫حالتي الطوارئ و الحصار وإن كانت بشروط (كما في املادة ‪29 .)86‬‬

‫في حين نجد املشرع الجزائري في ذات الدستور‪ ،‬قد منح لرئيس الحكومة‬
‫صالحيات عديدة منها الحق في اختيار أعضاء حكومته‪ ،‬غير أن رئيس الجمهورية غير ملزم‬
‫في كل األحوال بتعيين هؤالء األعضاء املختارين‪ ،‬بل له الحق أن يتدخل بشكل فعلي في‬
‫اختيار وتعيين أعضاء هذه الحكومة‪ ،‬ذلك أن الدستور خول لرئيس الجمهورية سلطة عزل‬
‫الحكومة‪ ،‬وهذا ما اعتبره املختصون سلطة قوية بيد رئيس الجمهورية يشعر من خاللها‬
‫رئيس الحكومة بأنه محصور بين مسؤوليتين‪ ،‬إحداهما أمام البرملان واألخرى أمام رئيس‬
‫الجمهورية‪ 30.‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬فإنه وإن كان املشرع قد منح لرئيس الحكومة مجموع‬
‫هذه الصالحيات إال أنه ميدانيا نجد الحكومة بكاملها تابعة وظيفيا لرئيس الجمهورية كون‬
‫هذا األخير يحوز على حجم كبير من الصالحيات املهمة التي تمكنه في كل أغلب األحيان من‬
‫التحكم في العمل الحكومي‪31.‬‬

‫أما فيما يتصل بالسلطة التشريعية‪ ،‬فإن املشرع الجزائري في دستور ‪ 89‬أقر‬
‫التعددية الحزبية في املادة (‪ )40‬منه مما يقتض ي تمكين املواطنين من دخول قبة البرملان‬
‫كنواب ممثلين التجاهات حزبية أو مستقلة‪ ،‬كما منح املشرع للبرملان آليات متعددة و‬

‫‪545‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫متنوعة تتيح له إمكانية ممارسة الرقابة على النشاط الحكومي‪ ،‬وهذا ما يعني أن الهيئة‬
‫التشريعية أضحى لها جزء من السلطة ملواجهة الحكومة ومراقبتها‪ ،‬وعلى العموم نالحظ أن‬
‫مركز السلطة التشريعية في هذا الدستور أفضل مما كان عليه من قبل‪ ،‬غير أن املشرع في‬
‫ذات الوقت حافظ على تفوق مركز رئيس الجمهورية عن بقية املراكز حيث مكنه من‬
‫صالحيات واسعة نتيجة احتكاره لحق املبادرة بالتعديل من جهة‪ ،‬واحتكاره لحق اللجوء إلى‬
‫االستفتاء لتعديل الدستور بل وحق حل املجلس الشعبي الوطني من جهة أخرى‪32.‬‬

‫تأسيسا على ما سبق نستنتج أن دستور ‪ 1989‬مثل آلية مهمة للخروج من هيمنة‬
‫الحزب الواحد واحتكاره للسلطة إلى إقرار التعددية السياسية‪ ،‬كما شكل خطوة مهمة نحو‬
‫العمل بمبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬غير أن السلطة التنفيذية حافظت بموجب ذلك على‬
‫موقعها الهام واملتميز‪ ،‬وبتعبير أكثر دقة كرس هذا الدستور تفوق مركز رئيس الجمهورية في‬
‫مقابل املؤسسات األخرى من خالل تمتعه بصالحيات واسعة ووسائل دستورية مهمة‪.‬‬
‫موقع ومكانة السلطة التنفيذية في دستور ‪1996‬‬
‫من املهم اإلشارة ابتداء قبل الحديث عن دستور ‪ 96‬والجديد الذي أتى به إلى أن‬
‫الجزائر شهدت بعد إقرار دستور ‪ 1989‬مرحلة سياسية فارقة حيث تم فيها تنظيم أول‬
‫انتخابات تعددية منذ االستقالل ممثلة في االنتخابات املحلية واالنتخابات التشريعية في‬
‫دورها األول‪ ،‬وللعلم فقد حاز حزب الجبهة اإلسالمية لإلنقاذ على أغلب املقاعد املحلية و‬
‫البرملانية‪ ،‬غير أن الوضع اتجه نحو حالة من الفوض ى والتوتر الشديد مما دفع بالرئيس‬
‫الشاذلي بن جديد إلى إعالن استقالته من منصب رئاسة الجمهورية في ‪ 11‬جانفي ‪1992‬‬
‫وقبل االستقالة قام بحل املجلس الشعبي الوطني‪ ،‬بما يعني شغور منصب رئاسة‬
‫الجمهورية مع املجلس الشعبي الوطني‪ ،‬هذه الوضعية الجديدة تسببت في فراغ دستوري‬
‫أضيف إليه صدور القرار القاض ي بإيقاف املسار االنتخابي‪ ،‬األمر الذي تسبب في إدخال‬
‫البالد في أتون أزمة أمنية خطيرة تولى الحكم فيها مؤسسات انتقالية تفتقد للشرعية‬
‫الدستورية‪ ،‬واستمر الوضع على حاله لفترة من الزمن إلى أن تم تنظيم انتخابات رئاسية‬
‫عام ‪ 1995‬حيث فاز فيها املرشح اليمين زروال‪ ،‬بما يعني عودة العمل بالقواعد الدستورية‬
‫من جديد‪ ،‬إال أن السلطة الحاكمة رأت أنه من الضروري مراجعة ما جاء في دستور‬
‫‪.1989‬‬

‫‪546‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫عمد املشرع الجزائري في دستور ‪ 1996‬إلى تكريس هيمنة السلطة التنفيذية على‬
‫السلطة التشريعية‪ ،‬حيث منح للسلطة التنفيذية االختصاص العام في العديد من املواد‪:‬‬
‫‪ 95-93-92-91-127-125-124‬و‪ 96‬في مقابل منح السلطة التشريعية الختصاصات وردت‬
‫في املادتين ‪ 122‬و‪ .123‬وهذا ما يشكل بحسب الباحث إسماعيل بوقرة تدخال من هذه‬
‫السلطة وكذا هيمنتها على العملين التشريعي والتنفيذي‪ .‬وفي الكثير من األحيان نالحظ‬
‫تمكن السلطة التنفيذية من تقييد العمل التشريعي وأوضح دليل على ذلك هو تدخل‬
‫رئيس الجمهورية للتشريع عن طريق األوامر فضال عن تمتعه بالسلطة التنظيمية والتي‬
‫يعتبرها الفقه نقطة سوداء في جبين مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬وكذا في الحاالت‬
‫االستثنائية والظروف الطارئة والتي قد تؤدي إلى إلغاء املبدأ‪ ،‬وبالتالي تركيز السلطات في يد‬
‫رئيس الجمهورية وتوقيف العمل بالدستور وتعليق النص التشريعي‪ ،‬ويضاف إلى ذلك‬
‫تدخل الحكومة في عمل املجلس التشريعي عند إعداد جدول األعمال‪33 .‬‬

‫هناك عدة مجاالت تبين بوضوح هيمنة السلطة التنفيذية على عمل السلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬ومن ذلك نذكر‪:‬‬
‫‪-1‬تعليق النص التشريعي‪ :‬تنبغي اإلشارة ابتداء إلى أن االعتراض التنفيذي على نص‬
‫تشريعي وافق عليه البرملان يعد إحدى الوسائل التي يمتلكها رئيس الدولة‪ ،‬غير أن أهمية‬
‫وفاعلية طلب إجراء مداولة ثانية حول ما اعترض عليه الرئيس تتفاوت حدتها حسب نوع‬
‫االعتراض املقرر دستوريا‪ .‬ولإلشارة أيضا‪ ،‬فإن الدستور وإن كان قد منح للسلطة‬
‫التنفيذية سلطة املبادرة بمشاريع القوانين فإنه في الوقت نفسه منح لرئيس الجمهورية‬
‫سلطة االعتراض على نص تشريعي صادق عليه البرملان‪ .‬وفي النظام السياس ي الجزائري‬
‫فإنه وطبقا للمادة ‪ 126‬من الدستور الجزائري لسنة ‪ 1996‬فإن رئيس الجمهورية له مدة‬
‫‪ 30‬يوما ابتداء من تاريخ استالمه نص القانون للموافقة عليه ونشره في الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫كما له الحق في االعتراض على بعض مواد القانون وإعادته من جديد للبرملان من خالل‬
‫طلب إجراء مداولة ثانية للنص‪ .‬وخالصة القول في هذه املسألة أن سلطة االعتراض‬
‫املمنوحة لرئيس الجمهورية في واقع األمر هي التوسيع من نطاق السلطة التنفيذية في‬
‫النطاق التشريعي الرئاس ي‪ ،‬كما أن سلطة االعتراض تمنح للسلطة التنفيذية سلطة رقابة‬
‫مسبقة على العمل التشريعي‪34.‬‬

‫‪547‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫‪ -2‬هيمنة السلطة التنفيذية على جدول أعمال املجلس‪ :‬أقر دستور ‪ 96‬امتالك الحكومة‬
‫لحق املبادرة بمشاريع القوانين‪ ،‬وتحديد جدول أعمال البرملان وفق رغبتها‪ .‬وخلفية هذا‬
‫املبدأ هو التستر بمبدأ التعاون والتكامل بين الهيئتين‪ ،‬ومما ترتب عن هذه الوضعية أن‬
‫أضحت السلطة التنفيذية مهيمنة بشكل فعلي‪ ،‬في حين أن السلطة التشريعية أصبحت‬
‫ذات سلطة شكلية‪.‬‬
‫‪ -3‬التشريع عن طريق األوامر‪ :‬يعد العمل التشريعي من األعمال األصلية للسلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬غير أنه وبسبب بطء إجراءاته فقد منحت الدساتير لرئيس السلطة التنفيذية‬
‫سلطة التشريع بين دورتي البرملان‪ ،‬وأيضا في حالة الشغور والحاالت االستثنائية‪ ،‬وألن هذه‬
‫السلطة املمنوحة للتنفيذية تعبر عن تداخل في عمل السلطة التشريعية فإن مختلف‬
‫الدساتير حددتها بقواعد وإجراءات تقيدها بشروط‪ ،‬غير أن اإلشكال هنا يبدو في املمارسة‪،‬‬
‫إذ يالحظ تعدي السلطة التنفيذية على اختصاصات السلطة التشريعية بالنظر للبطء‬
‫الذي يواجهه العمل البرملاني‪ ،‬ونظرا للظروف واألوضاع اإلستعجالية الطارئة ولتجاوز هذه‬
‫املشكلة اهتدت مختلف التشريعات إلى وسيلة تتمثل في منح السلطة التنفيذية حق‬
‫التشريع عن طريق التفويض‪ ،‬فاملشرع الجزائري في دستور ‪ 1996‬نص على التشريع‬
‫باألوامر‪ ،‬وهذا ما تنص عليه املادة ‪ 124‬وذلك في حاالت شغور البرملان أو بين دورتي‬
‫البرملان‪ ،‬وهذه األوامر تعرض على البرملان في أول دورة تلي هذه األوامر للمصادقة عليها‪،‬‬
‫وتعتبر هذه األوامر الغية في حالة عدم املوافقة عليها من طرف البرملان‪ .‬ولرئيس الجمهورية‬
‫حق التشريع عن طريق األوامر طبقا للمادة ‪ 120‬من خالل الفقرتين ‪ 5‬و‪ 6‬من الدستور في‬
‫حالة عدم مصادقة البرملان على قانون املالية‪ .‬وكذلك في الحالة االستثنائية طبقا للمادة‬
‫‪ 93‬من الدستور‪ ،‬وللتنبيه فإن التشريع بأوامر هو من اختصاصات رئيس الجمهورية‬
‫وحده‪ ،‬إذ ال يجوز لهذا األخير تفويض شخص آخر مكانه‪ ،‬وهذا طبقا للقاعدة املعروفة أن‬
‫سلطة التفويض ال تفوض‪35.‬‬

‫‪ -4‬الظروف االستثنائية‪ :‬ما يسجله الباحثون أن الدساتير الجزائرية إلى دستور ‪1996‬‬
‫نصت جميعها على منح سلطة واسعة للسلطة التنفيذية فيما يتصل باتخاذ كافة التدابير‬
‫التي من شأنها حماية الدولة ومؤسساتها وحياة األفراد وممتلكاتهم‪ ،‬وذلك في حال تعرض‬
‫البالد أو إحدى مؤسساتها لخطر وشيك‪ ،‬وكذا في حالة الضرورة امللحة‪ .‬وإذا ما راجعنا‬
‫الدستور الجزائري لوجدناه ينص على هذه الظروف ابتداء من املادة ‪ 91‬وما يليها‪.‬‬

‫‪548‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫ومن املهم اإلشارة إلى أن هذه الظروف االستثنائية ال يقصد بها تحلل اإلدارة من‬
‫كل قيد‪ ،‬وإنما األمر يتعلق فقط بفرض قيود على حريات األفراد بشرط وجود هذه‬
‫الظروف‪ ،‬ولذلك نجد أن هذه السلطة تخضع لرقابة القضاء‪ .‬وهذا ما يعني أن وجود‬
‫الظروف االستثنائية ال يعني زوال مبدأ املشروعية الذي يظل قائما‪ ،‬وإنما يكون مخففا‬
‫ومقيدا خالل هذه الظروف‪ .‬وفي الدستور الجزائري نجده قد منح لرئيس الجمهورية‬
‫سلطة اتخاذ كل التدابير واإلجراءات في حالة ما إذا تعرض أمن البالد لخطر حقيقي أو‬
‫خطر وشيك الوقوع‪ ،‬ومن أهم الوسائل القانونية في ذلك نجد حالة الحصار وحالة‬
‫الطوارئ والحالة االستثنائية‪36 .‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق قوله فإنه وبالرجوع إلى دستور ‪ 1996‬نجده قد منح لرئيس‬
‫الجمهورية مركزا مرموقا‪ ،‬وهو نفسه املركز الذي كان يتمتع به في ظل دستور ‪1963‬‬
‫ودستور ‪ ،1976‬غير أن االختالف بينها يكمن في أن رئيس الجمهورية في دستوري ‪ 63‬و‪76‬‬
‫مقارنة بدستور ‪ 96‬كان جامعا في الوقت نفسه بين السلطتين التنفيذية والسياسية‬
‫بصفته أمينا عاما للحزب الواحد‪ ،‬ورئيسا للجمهورية‪37.‬‬

‫وفيما يخص السلطة التشريعية فإن الدستور أقر وألول مرة إنشاء غرفة ثانية‬
‫للبرملان الجزائري تسمى (مجلس األمة)‪ ،‬وحجة املشرع من هذا التعديل تحقيق االستقرار‬
‫ملؤسسات الدولة‪ ،‬ولرئيس الجمهورية سلطة تعيين ثلث أعضاء هذا املجلس‪.‬‬
‫ومن الواضح هنا بحسب الفقيه الدستوري سعيد بوالشعير أن تبني دستور ‪96‬‬
‫لنظام الثنائية البرملانية يعود العتبارات عدة من أهمها السعي إلى الحد من جموح مجلس‬
‫الشعب والحيلولة دون انفراده بالتشريع‪ ،‬فضال على أن النظام الثنائي يكفل عدم التسرع‬
‫في سن القوانين‪ ،‬حيث يتدارك أحدهما النقص الذي أغفله اآلخر خاصة وأن مجلس األمة‬
‫يفترض توفر أعضائه على كفاءات عالية‪ ،‬زيادة على التحلي بالحكمة والتروي حين البت في‬
‫املسائل املتعلقة بالتشريع‪38.‬‬

‫بناءا على ما سبق نخلص إلى القول بأن دستور ‪ 96‬وبرغم التعديالت الجديدة التي‬
‫جاء بها إال أن الجهاز التنفيذي بقي محافظا على مكانته وبقي معه مركز رئيس الجمهورية‬
‫محافظا على سموه وتفوقه عن بقية أجهزة الدولة األخرى‪.‬‬

‫‪549‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫موقع ومكانة السلطة التنفيذية في التعديل الدستوري لعام ‪2008‬‬


‫عمد املشرع الجزائري إلى تبني مالمح النظام الرئاس ي بشكل مباشر وصريح بموجب‬
‫تعديل ‪ 15‬نوفمبر ‪ ،2008‬ويبدو ذلك جليا في إبقائه على آليات كفيلة بإضعاف سلطة‬
‫البرملان وهو ما يعني تحديدا إقدام املشرع على تعزيز مكانة السلطة التنفيذية املجسدة في‬
‫شخص رئيس الجمهورية من جهة‪ ،‬واملساس بمبدأ الفصل بين السلطات سواء من خالل‬
‫االحتفاظ بالتشريع عن طريق األوامر الرئاسية أو بحق تعيين رئيس الجمهورية للثلث‬
‫الرئاس ي في مجلس األمة من جهة أخرى‪39 .‬‬

‫ومن املظاهر الدالة على هيمنة السلطة التنفيذية عن بقية السلطات الحجم‬
‫الكبير من السلطات املمنوحة لهذه السلطة وتحديدا لرئيس الجمهورية ومنها التشريع‬
‫بواسطة األوامر والتي تعني تولي رئيس الجمهورية ملهمة التشريع بدال من البرملان الذي يعد‬
‫السلطة األصلية بالرغم من إعطاء هذه األخيرة صالحية قبول أو رفض ما جاء في هذا‬
‫النوع من التشريع‪ .‬ويمارس رأس السلطة التنفيذية هذه السلطة دون الحاجة للرجوع إلى‬
‫التفويض من البرملان‪ ،‬وهو ما تنص عليه املادة ‪ 124‬من دستور ‪ 1996‬املعدل سنة ‪:2008‬‬
‫" لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في حالة شغور املجلس الشعبي الوطني أو بين دورتي‬
‫البرملان‪ ،‬ويعرض رئيس الجمهورية النصوص التي اتخذها على كل غرفة من البرملان في أول‬
‫دورة له لتوافق عليها‪ .‬تعد الغية األوامر التي ال يوافق عليها البرملان‪ ،‬يمكن لرئيس‬
‫الجمهورية أن يشرع بأوامر في الحالة االستثنائية املذكورة في املادة ‪ 93‬من الدستور‪ ،‬تتخذ‬
‫األوامر في مجلس الوزراء"‪40.‬‬

‫ومن املظاهر الدالة أيضا على الهيمنة املشار إليها آنفا خاصة في املجال الدبلوماس ي‬
‫هو أن تعديل ‪ 2008‬مكن رأس السلطة التنفيذية ممثال في رئيس الجمهورية من أن يستمد‬
‫صالحياته في مجال تقرير السياسة الخارجية للدولة الجزائرية وهذا ما تدل عليه املادة ‪77‬‬
‫الفقرة الثالثة من دستور ‪ 1996‬على أن رئيس الجمهورية هو " الذي يقرر السياسة‬
‫الخارجية لألمة ويوجهها"‪ ،‬وقد مثلت هذه املادة بوضوحها املرجع الدستوري والقانوني‬
‫الذي يمنح لرئيس الجمهورية حق االستحواذ واالنفراد املطلق باملجال الخارجي‬
‫والدبلوماس ي‪ .‬وفي الفقرة األولى من املادة ‪ 70‬جعلت من رئيس الجمهورية له صفة رئيس‬
‫الدولة الذي يجسد الدولة في الداخل والخارج‪ ،‬وهو وحده من يستطيع إنشاء حقوق‬
‫والتزامات للدولة وتمثيلها اتجاه جميع الدول واملنظمات األجنبية‪41.‬‬

‫‪550‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫كما أن تعديل ‪ 2008‬جاء لحسم مسألتين مختلفتين في األهمية واألولوية وقابلية‬


‫التأجيل‪ ،‬تتعلق املسألة األولى بتجديد العهدة الرئاسية‪ ،‬وتتعلق املسألة الثانية بمعالجة‬
‫العالقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة‪ .‬إلى جانب مسائل أخرى أقل أهمية جاءت‬
‫في مقدمة الدستور‪ .‬فيما يخص املسألة األولى وهي األهم بل هي سبب اللجوء إلى التعديل‬
‫وتتعلق بفتح املجال أمام إمكانية الترشح ألكثر من عهدتين رئاسيتين‪ ،‬وقد كان الغرض منها‬
‫تمكين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من الترشح لعهدة رئاسية ثالثة‪ ،‬خاصة وأن انتخابات‬
‫الرئاسة في أفريل ‪ 2009‬كانت قريبة من زمن التعديل‪42 .‬‬

‫وقد مس هذا التعديل نص الفقرة الثانية من املادة (‪ )74‬التي تم بموجبها فتح‬


‫العهد الرئاسية‪ ،‬ومن خالل هذا التعديل نالحظ أن املشرع الجزائري لم يأت بجديد‪ ،‬وإنما‬
‫أعاد تكريس القاعدة السابقة للدساتير السالفة ‪1963‬و‪1976‬و‪ ،1989‬دون أن نغفل‬
‫إصباغ كل عملية دستورية بخصوصياتها‪ 43.‬وقد كانت القاعدة منذ البداية تنص على أن‬
‫الرئيس يمكن إعادة انتخابه لعدد غير محدد من املرات‪ ،‬واالستثناء الوحيد في ذلك هو‬
‫التعديل الذي تم في دستور ‪ 96‬حيث جعل املهمة الرئاسية قابلة للتجديد مرة واحدة‪ ،‬بما‬
‫يعني تقييد ممارسة السلطة بمدة زمنية أقصاها عشر سنوات‪ ،‬وبالتالي ضمان التداول‬
‫على منصب رئيس الجمهورية‪ .‬فجاء تعديل نوفمبر ‪ 2008‬لينهي هذا الشذوذ ‪ -‬إن جاز‬
‫التعبير‪ -‬وعاد األمر إلى ما كان عليه في السابق‪ .‬وبذلك أصبحت الفقرة الثانية من املادة‬
‫(‪ )74‬من التعديل الدستوري الجديد تنص على ما يلي‪ " :‬يمكن تجديد انتخاب رئيس‬
‫الجمهورية"‪ ،‬وكان نصها قبل التعديل‪ " :‬يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية مرة‬
‫واحدة"‪ 44.‬وقد سمح هذا التعديل املذكور لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من‬
‫ترشيح نفسه للرئاسيات للمرة الثالثة على التوالي والنجاح فيها ‪.‬‬
‫في حين أن املسألة الثانية التي جاء بها التعديل فتتمثل في إعادة تنظيم السلطة‬
‫التنفيذية بفرعيها‪ ،‬رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة‪ ،‬وهذه املسألة بحسب الباحث صالح‬
‫بلحاج لم تكن هامة وال عاجلة إذا ما قورنت باملسألة األولى‪ ،‬وذلك ألن النظام في الواقع‪،‬‬
‫بخالف ما كان ينص عليه الدستور عمل دائما من دون إشكال بالصيغة التي رسمت بعد‬
‫املراجعة الدستورية األخيرة‪ ،‬وكان من املمكن أن يستمر ذلك من دون صعوبة تذكر‪.‬‬

‫‪551‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫ولذلك فقبل تعديل ‪ 2008‬كانت السلطة التنفيذية مزدوجة ومؤلفة من رئيس‬


‫الجمهورية وحكومة‪ ،‬وكان لهذه األخيرة ش يء من الكيان الدستوري بحيث تتميز عن رئيس‬
‫الجمهورية كون أن دستور ‪ 96‬جعل لها إطارا تنظيميا تعمل ضمنه وهو مجلس الحكومة‬
‫املنفصل عن مجلس الوزراء‪ .‬أما رئيس هذا املجلس فكان يحمل لقب رئيس الحكومة وله‬
‫برنامج وسلطات ال تتطلب ممارسة العديد منها الرجوع إلى أحد‪ ،‬فضال عن ذلك فالدستور‬
‫قبل تعديله يعتبر رئيس الحكومة مسؤوال أمام كل من رئيس الجمهورية واملجلس الشعبي‬
‫الوطني‪45 .‬‬

‫بالرغم من أن دستور ‪ 1996‬قبل تعديله أخذ بثنائية السلطة التنفيذية شكال غير‬
‫أنه في جانب التطبيق في الواقع كانت الحكومة بمثابة كيان مؤسس ي ضعيف‪ ،‬إذ لم يكن‬
‫لرئيس الحكومة برنامج خاص‪ ،‬كما أن اختيار حق رئيس الحكومة في اختيار طاقم حكومته‬
‫كان مجرد كالم‪ ،‬إذ السلطة الحقيقية والفعلية كانت بيد رئيس الجمهورية وحده‪.‬‬
‫وفي هذا السياق يرى الباحث صالح بلحاج أن تعديل ‪ 2008‬أسهم في إزالة الفجوة‬
‫بين النص الدستوري واملمارسة السياسية الفعلية وجسد التطابق بينهما‪ .‬وبذلك اختفى‬
‫اسم (رئيس الحكومة) وتم تعويضه بوظيفة (وزير أول)‪ ،‬وهذا ما نصت عليه املادة (‪ )77‬في‬
‫فقرتها الخامسة‪( :‬يعين ‪ -‬رئيس الجمهورية‪ -‬الوزير األول وينهي مهامه)‪ .‬زيادة عن ذلك‬
‫أضاف املشرع فقرتان جديدتان للمادة (‪ ،)77‬حيث أصبح للحكومة اجتماعات ليس للوزير‬
‫األول صالحية دستورية لرئاستها إال بتفويض حر من رئيس الجمهورية‪ ،‬كما منح املشرع‬
‫لرئيس الجمهورية إمكانية تعيين نائب أو عدة نواب للوزير األول بغرض مساعدة الوزير‬
‫األول في ممارسة وظائفه‪ ،‬بما يعني أن الوزير األول أصبح من دون سلطة حقيقية‪ ،‬مع‬
‫إبقاء مسؤوليته أمام كل من رئيس الجمهورية واملجلس الشعبي الوطني‪46.‬‬

‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬يمكننا القول أن النظام السياس ي الجزائري منذ نشأته إلى‬
‫يومنا هذا ال يزال محافظا على سماته الكبرى سواء قبل التعددية أو بعدها‪ ،‬وأبرز هذه‬
‫السمات ضعف السلطة التشريعية وتفوق واضح ملركز رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫فبالنسبة للسمة األولى‪ ،‬نالحظ أن الجزائر لم تعرف منذ استقاللها جهازا موسوما‬
‫بالسلطة التشريعية‪ ،‬واستمر هذا الوضع ملا يقارب ثالثة عقود كاملة أي طوال حكم‬
‫الحزب الواحد‪ ،‬وهذا أمر طبيعي كون إيديولوجية نظام األحادية الحزبية يرفض وجود‬
‫سلطة حقيقية من هذا النوع‪ ،‬إذ تقتض ي إيديولوجيته تبعية أعضاء الهيئة التشريعية‬

‫‪552‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫للحزب الحاكم‪ .‬ولكن مع إقرار التعددية الحزبية عام ‪ 1989‬أصبحت إمكانية الوصول إلى‬
‫شغل مقاعد السلطة التشريعية مفتوحة أمام أحزاب متعددة ومستقلين عبر التنافس‬
‫االنتخابي املباشر من الشعب بمختلف فئاته‪ ،‬وكان هذا التحول محكوم باعتبارات محلية‬
‫وأخرى دولية‪ ،‬ومع ذلك كله بقيت السلطة التشريعية من حيث موقعها وتأثيرها في النظام‬
‫ودورها في الحياة السياسية إجماال‪ ،‬ال يختلف كثيرا عما كانت عليه زمن األحادية‪.‬‬
‫أما السمة الثانية والخاصة بمركز رئيس الجمهورية ومدى تأثيره في النظام‬
‫السياس ي الجزائري‪ ،‬فاملسجل أن رئيس الجمهورية شكل وال يزال محور النظام‪ ،‬وذلك‬
‫بفضل قدرته على التحكم في البرملان وفي الحكومة‪ ،‬وخاصة بعد استحداث غرفة ثانية في‬
‫البرملان (مجلس األمة) التي من شأنها عرقلة مشاريع الغرفة املنتخبة ليكون ذلك بمثابة‬
‫سالح دستوري مهم في يد رئيس الجمهورية‪ .‬ومع ذلك فإن وصول أغلبية معارضة إلى‬
‫البرملان يمكنه أن يقلب املوازين‪ ،‬وللحيلولة دون تحقق ذلك فالنظام يعمل بكل ما أوتي‬
‫من إمكانات ملنع وصول هذه األغلبية البرملانية‪47.‬‬

‫موقع ومكانة السلطة التنفيذية في العديل الدستوري لعام ‪2016‬‬


‫حافظت السلطة التنفيذية وال تزال على موقعها املتميز في النظام السياس ي‬
‫الجزائري‪ ،‬والذي يبدو جليا في تفوقها على السلطة التشريعية من خالل امتالكها لوسائل‬
‫تأثير عديدة على هذه األخيرة‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن املشرع في دستوري ‪ 1989‬و‪ 1996‬وتعديل‬
‫‪ 2016‬حاول رد االعتبار للسلطة التشريعية من خالل إحداث نوع من التوازن بين‬
‫السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ ،‬مع تسجيل غياب ذلك في دستور ‪ ،1976‬وكمثال عن‬
‫هذا التوازن جعل الحكومة مسؤولة سياسيا أمام املجلس الشعبي الوطني في مقابل‬
‫امتالك رأس السلطة التنفيذية ( أي رئيس الجمهورية) إلمكانية حل هذا املجلس‪48 .‬‬

‫ولبيان أوجه تغول وتفوق السلطة التنفيذية عن باقي السلطات‪ ،‬وعلى رأسها السلطة‬
‫التشريعية على ضوء ما جاء به التعديل الدستوري لعام ‪ ،2016‬يرصد الباحثين علي‬
‫بقشيش وأحمد بن نعيجة املسائل التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إمكانية اللجوء إلى حل املجلس الشعبي الوطني‪ ،‬إذ أنه وبالرجوع إلى نص املادة ‪ 147‬من‬
‫التعديل الدستوري لعام ‪ 2016‬يالحظ وبوضوح امتالك رئيس الجمهورية لوسيلة ضغط‬
‫مهمة على املجلس الشعبي الوطني متمثلة في حقه بحل هذا املجلس‪ ،‬وهذا ما جعل‬
‫املتابعين يلحظون تجنب البرملان لرفض األوامر املعروضة عليه من قبل رئيس الجمهورية‬

‫‪553‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫مخافة تعرضه للحل‪ .‬فضال عن ذلك فنجد أن هذا التعديل الدستوري منح لرئيس‬
‫الجمهورية صالحيات واسعة في مجال التشريع من خالل إمكانية التشريع عن طريق‬
‫األوامر‪ ،‬وكذا إمكانية اعتراضه على القوانين من خالل طلبه من البرملان إجراء مداولة‬
‫ثانية على قانون تم التصويت عليه في غضون الثالثين يوما املوالية لتاريخ إقراره‪ .‬وأمام‬
‫هذا الوضع فإنه ال يمكن ألي طرف تجاوز هذا االعتراض إال بإعادة التصويت على هذا‬
‫النص القانوني بأغلبية ثلثي أعضاء املجلس الشعبي الوطني‪ ،‬ويضاف إلى ذلك أيضا‬
‫امتالك رئيس الجمهورية إلمكانية الضغط على البرملان وتجاوزه أحيانا عبر اللجوء إلى‬
‫استفتاء الشعب مباشرة‪ ،‬وكذا إمكانية إقدامه على حل البرملان والدعوة إلى تنظيم‬
‫انتخابات تشريعية مسبقة‪ ،‬مع ضرورة التنبيه إلى أنه وطبقا لتعديل ‪ 2016‬فإن املجلس‬
‫الشعبي الوطني يحل بطريقتين األولى تلقائية والثانية بإرادة رئيس الجمهورية الذي يمتلك‬
‫سلطة تقديرية للجوء إلى استعمال سلطة الحل‪49 .‬‬

‫‪ -‬اللجوء إلى االستفتاء‪ ،‬حيث يعد االستفتاء من أهم الوسائل التي يلجأ إليها الحكام‬
‫الستشارة الشعب مباشرة في األمور التي تخص الدولة‪ ،‬وهو صورة من صور ممارسة‬
‫السلطة من قبل الشعب بطريقة مباشرة‪.‬‬
‫ولإلشارة‪ ،‬فإن دساتير الدول اختلفت في كيفية تنظيم هذه الصالحية املخولة‬
‫للسلطة التنفيذية‪ ،‬فمنها من منح هذه السلطة لرئيس الدولة دون قيود‪ ،‬ومنها من أحاطه‬
‫بمجموعة من القيود‪ .‬فاملشرع الجزائري اختار االتجاه األول‪ ،‬ومن ذلك لجوء رئيس الدولة‬
‫إلى استفتاء الشعب في مناسبات متعددة ابتداء من سنة ‪ 1962‬وصوال إلى قانون املصالحة‬
‫الوطنية‪ ،‬ولئن كان دستور ‪ 1963‬قد خول لرئيس الجمهورية اللجوء إلى االستفتاء لتعديل‬
‫الدستور فإن الدساتير والتعديالت التي جاءت بعده جعلت هذا اللجوء سلطة تقديرية‬
‫لرئيس يلجأ إلى استخدامها متى رأى ذلك مناسبا‪ ،‬دون أن يشاركه في ذلك أحد‪.‬‬
‫ومما يضعف البرملان ويقلل من دوره ومكانته في النظام السياس ي‪ ،‬هو تمكن رئيس‬
‫الجمهورية عن طريق االستفتاء من الحصول على مساندة الشعب وثقته‪ ،‬بغرض إدخال‬
‫إصالحات على النظام السياس ي‪ ،‬خاصة إذا ما قام رئيس الجمهورية بعرض نصوص‬
‫قانونية التي هي من صميم عمل السلطة التشريعية‪ ،‬على استفتاء الشعب‪ ،‬وعليه فإن‬
‫اإلبقاء على سلطة رئيس الجمهورية في اللجوء إلى االستفتاء واستخدامه وقت ما شاء دون‬
‫قيد أو شرط سيؤدي بالضرورة إلى الرفع من شأن السلطة التنفيذية ومكانتها في مواجهة‬

‫‪554‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫السلطة التشريعية‪ ،‬وفرض رئيس الجمهورية لرأيه باعتباره رأي الشعب على البرملان‬
‫وغيره‪50.‬‬

‫ومن جهة أخرى يرى الباحث عبد الناصر صالحي أن تعدي ‪ 2016‬منح للسلطة‬
‫التنفيذية فرص متعددة للتدخل في عمل واختصاص السلطة التشريعية‪ ،‬ومن ذلك‬
‫تدخلها في تشكيل البرملان‪ ،‬فاملادة ‪ 84‬من القانون العضوي رقم ‪ 10/16‬املتعلق بنظام‬
‫االنتخاب تنص على أن البرملان في الجزائر يتكون من غرفتين‪ ،‬حيث يتم تجديد أعضاء‬
‫الغرفة األولى‪ -‬أي املجلس الشعبي الوطني‪ -‬كل خمس سنوات‪ ،‬واملادة ‪ 107‬من القانون‬
‫العضوي رقم ‪ 10/16‬تنص على أن الغرفة الثانية ‪-‬أي مجلس األمة‪ -‬ينتخب أعضاؤها ملدة‬
‫ست سنوات يجدد نصفهم كل ثالث سنوات‪ .‬واملالحظ بحسب الباحث نفسه أن السلطة‬
‫التنفيذية تقوم بدور هام في تشكيل هذه املجالس سواء شكلت هذه األخيرة عن طريق‬
‫االنتخاب أو عن طريق الجمع بين االنتخاب والتعيين‪ .‬فالسلطة التنفيذية بحسب تعديل‬
‫‪ 2016‬بأجهزتها املختلفة هي التي تتولى عملية إعداد قوائم الناخبين‪ ،‬والتمييز بين من تتوفر‬
‫فيهم شروط االنتخاب بالقبول‪ ،‬ومن يفتقدون لهذه الشروط بالحذف واإلزالة‪51 .‬‬

‫وفي القانون العضوي رقم ‪ 10/16‬املتعلق بنظام االنتخاب مختلف األحكام‬


‫الخاصة بعملية االنتخاب‪ ،‬وما يهمنا هنا اإلشارة إلى أن مراجعة القوائم االنتخابية تكون‬
‫خالل الثالثي األخير من كل سنة‪ ،‬ويمكن مراجعتها استثناء بمقتض ى املرسوم الرئاس ي الذي‬
‫تضمن استدعاء الناخبين وهو ما تنص عليه املادة ‪ 14‬من القانون العضوي املذكور آنفا‪.‬‬
‫كما أن إعداد القوائم االنتخابية ومراجعتها يتم من قبل لجنة إدارية انتخابية‪ ،‬فضال على‬
‫أن قواعد سير هذه اللجنة اإلدارية يتم تحديدها عن طريق التنظيم‪ ،‬وهو من اختصاصات‬
‫السلطة التنفيذية حسب ما جاء في الفقرة األخيرة في كل من املادة ‪ 15‬واملادة ‪ 16‬من‬
‫القانون العضوي األخير‪ .‬وزيادة عن ذلك فإن السلطة التنفيذية بإدارتها املختصة تتولى‬
‫إعداد بطاقة الناخب وتسليمها لصاحبها‪ ،‬ويحكم هذه العملية مجموعة من اللوائح التي‬
‫تختص بتحديد كيفية إعداد وتسليم وإلغاء بطاقة الناخب وكذا مدة صالحيتها‪ ،‬وهو ما‬
‫توضحه املادة ‪ 24‬من القانون العضوي املذكور آنفا‪52.‬‬

‫وفيما يتعلق بعملية فرز األصوات‪ ،‬فإن األجهزة املختصة التابعة للسلطة‬
‫التنفيذية هي من يشرف على هذه العملية وتتولى إبالغ املجلس الدستوري بنتيجة‬
‫االنتخابات‪ ،‬وهذا ما تقر به املواد ‪ 27‬و‪ 30‬و‪ 32‬و‪ 33‬من القانون العضوي رقم ‪10/16‬‬

‫‪555‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫املتعلق بنظام االنتخاب‪ .‬إلى جانب ذلك‪ ،‬فإن الفقرة الثالثة من املادة ‪ 118‬من القانون‬
‫‪ 01/16‬املتضمن التعديل الدستوري تؤكد أن املشرع الجزائري قد جمع بين االنتخاب‬
‫والتعيين فيما يخص تشكيل مجلس األمة‪ ،‬بحيث منح للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس‬
‫الجمهورية الحق بتعيين ثلث أعضاء مجلس األمة من بين الكفاءات الوطنية‪ ،‬وهذا ما دفع‬
‫بالعديد من الفقهاء إلى اعتبار هذا الحق في التعيين بأنه إجراء غير سليم ألنه يمس بمبدأ‬
‫الفصل بين السلطات من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر فإن العضو املعين من قبل الرئيس‬
‫مرتبط بالجهة التي عينته من حيث الوالء لها في غالب األحيان‪ ،‬في حين أن وظيفة البرملاني‬
‫أساسا هو التعبير عن إرادة الشعب والسعي بجد إلى الدفاع عن مصالحه‪53.‬‬

‫وللسلطة التنفيذية مجال واسع للتدخل في سير العمل البرملاني‪ ،‬فبالرغم من أن‬
‫مبدأ الفصل بين السلطات يؤكد على استقاللية عمل السلطة التشريعية عن عمل‬
‫السلطة التنفيذية إال أن واقع الحال يؤكد خالف ذلك‪ ،‬فاملادة ‪ 133‬من التعديل‬
‫الدستوري لعام ‪ 2016‬تشير بوضوح أنه يمكن للوزير األول أن يطلب من املجلس الشعبي‬
‫الوطني ومجلس األمة عقد جلسات مغلقة‪ .‬وفي املادة ‪ 135‬من التعديل الدستوري ذاته‬
‫منح للوزير األول إمكانية طلب تمديد الدورة العادية للبرملان أليام معدودة لغرض االنتهاء‬
‫من دراسة نقطة في جدول األعمال‪ ،‬كما أنه يمكن للبرملان من أن يجتمع في دورة غير‬
‫عادية بمبادرة من رئيس الجمهورية‪ ،‬كما يمكن أن يجتمع البرملان باستدعاء من رئيس‬
‫الجمهورية بطلب من الوزير األول أو بطلب من ثلثي أعضاء املجلس الشعبي الوطني‪.‬‬
‫وتؤكد املواد التي تضمنها التعديل الدستوري ‪ 2016‬الخاص بالعالقة التي تربط‬
‫السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية على الهيمنة الواضحة لألولى على الثانية‪ ،‬ويبدو‬
‫ذلك جليا من تمتع رئيس الجمهورية بإمكانية املبادرة إلى دعوة البرملان لالنعقاد في دورة‬
‫غير عادية بموجب مرسوم رئاس ي من خالل تحديد جدول أعمال الدورة غير العادية‪،‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬فإن التعديل الدستور املذكور أخيرا لم يفرض على رئيس الجمهورية أية‬
‫قيود فيما يتعلق بدعوة البرملان لالنعقاد في دورة غير عادية‪ ،‬وبناء على ذلك فرئيس‬
‫الجمهورية يتمتع بكامل الحرية في تقدير الحالة االستثنائية لدعوة البرملان‪ .‬ومما ال شك‬
‫فيه – بحسب الباحث نفسه‪ -‬من أن تحكم السلطة التنفيذية في دعوة البرملان لالنعقاد‬
‫يعد تدخال من جانب الحكومة في أعماله‪54 .‬‬

‫‪556‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫توصل الباحث في خاتمة املقال إلى اإلجابة عن اإلشكال الرئيس ي الذي طرحه في‬
‫بداية املقال والذي يتمحور حول الكشف عن مكانة السلطة التنفيذية في النظام‬
‫السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‪.‬‬
‫فمن خالل البحث والتحليل تبين للباحث أن السلطة التنفيذية تمكنت من الحفاظ‬
‫على مكانتها الرئيسية وهيمنتها على بقية السلطات‪ ،‬ومنها السلطة التشريعية على امتداد‬
‫كل الدساتير التي عرفتها الجزائر منذ االستقالل‪ ،‬وذلك بالنظر إلى الصالحيات الواسعة التي‬
‫منحت لها من قبل املشرع الجزائري مع التأكيد على سمو موقع ومكانة مركز رئيس‬
‫الجمهورية داخل السلطة التنفيذية‪ .‬وهذا ما أدى إلى إضعاف مكانة البرملان والتقليل من‬
‫دوره ومكانته في النظام السياس ي الجزائري بالرغم من محاوالت إحداث نوع من التوازن‬
‫بين هاتين السلطتين في أعقاب إقرار التعددية السياسية غير أن األمر بقي على حاله‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ 1‬فريجة حسي ن‪ " ،‬عالقة السلطة التشريعية بالسلطة التنفيذية‪ ،‬هل تحتاج إلى إعادة نظر؟ "‪ ،‬مجلة املنتدى القانوني‪ ،‬جامعة‬
‫بسكرة‪ ،‬العدد ‪ ،6‬أفريل ‪ ،2009‬ص‪.23.‬‬
‫‪ 2‬دنش رياض‪" ،‬املسؤولية السياسية والجنائية للسلطة التنفيذية في ظل التعديل الدستوري ‪ ،"1996‬مجلة االجتهاد القضائي‪،‬‬
‫جامعة بسكرة‪ ،‬العدد ‪ ،4‬مارس ‪ ،2008‬ص‪378 .‬‬
‫‪ 3‬ضميرية عثمان‪" ،‬السلطات العامة في اإلسالم ‪ :‬املفهوم و العالقة "‪ ،‬مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية واإلنسانية‪،‬‬
‫جامعة الشارقة‪ ،‬العدد ‪ ،3‬أكتوبر ‪ ،2006‬ص‪.10 .‬‬
‫‪ 4‬عبد الفتاح إسماعيل‪ ،‬محمود منصور هيبة‪ ،‬النظم السياسية وسياسات اإلعالم‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مركز اإلسكندرية للكتاب‪،‬‬
‫‪ ،2004‬ص‪.114.‬‬
‫‪ 5‬معمر عمار ‪ ،‬إشكالية صنع السياسة العامة في الجزائر‪ ( ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في العلوم السياسية‪ ،‬قسم‬
‫العلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،) 2009-2008 ،‬ص‪45.‬‬
‫‪ 6‬جيمس أندرسون‪ ،‬صنع السياسات العامة‪ ،‬ترجمة عامر الكبيس ي‪( ،‬عمان‪ :‬دار املسيرة‪ ،‬ط‪ ،) 3،2007‬ص‪58.‬‬
‫‪ 7‬موساوي أمال‪ ،‬أثر عالقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية على طبيعة النظام السياس ي الجزائري‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪ ،1‬املجلد ‪ ،30‬العدد ‪ ،1‬جوان ‪ ،2019‬ص‪.25‬‬
‫‪ 8‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪26.‬‬
‫‪ 9‬هالل علي الدين‪ ،‬مسعد نيفين‪ ،‬النظم السياسية العربية‪ :‬قضايا االستمرار والتغيير‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص‪10.‬‬
‫‪ 10‬سعاد الشرقاوي‪ ،‬النظم السياسية في العالم املعاصر‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ن‪ ،2007 ،‬ص‪.3-2.‬‬
‫‪ 11‬شباح فتاح‪ ،‬تصنيف األنظمة السياسية اللبرالية على أساس مبدأ الفصل بين السلطات‪ -‬دراسة حالة النظام السياس ي‬
‫الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،2008/2007 ،‬ص‪6.‬‬

‫‪557‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫‪ 12‬املكان نفسه‪.‬‬
‫‪13‬حسان محمد شفيق العاني‪ ،‬األنظمة السياسية والدستورية املقارنة‪ ،‬كلية القانون والسياسة‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬مطبعة جامعة‬
‫بغداد‪ ،1986 ،‬ص‪14-13.‬‬
‫‪ 14‬صالح جواد الكاظم و علي غالب العاني‪ ،‬األنظمة السياسية‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬مطبعة دار الحكمة بغداد‪،1991 ،‬‬
‫ص‪5.‬‬
‫‪ 15‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪6.‬‬
‫‪ 16‬بن بغيلة ليلى‪ ،‬آليات الرقابة التشريعية في النظام السياس ي الجزائري‪ ( ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون‬
‫العام‪ ،‬قسم العلوم القانونية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،) 2004-2003 ،‬ص‪10.‬‬
‫‪ 17‬عشور طارق‪ ،‬تطور العالقة بين الحكومة والبرملان في النظام السياس ي الجزائري‪ ( ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في‬
‫العلوم السياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،)2009 -2008 ،‬ص‪22.‬‬
‫‪ 18‬بن بغيلة ليلى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12.‬‬
‫‪ 19‬بوالشعير سعيد‪ ،‬عالقة املؤسسة التشريعية بالتنفيذية في النظام القانوني الجزائري‪ ( ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه‬
‫في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،)1984 ،‬ص‪32.‬‬
‫‪ 20‬تنص املادة ‪ 59‬من دستور ‪ 63‬على ما يلي‪ ( :‬في حالة الخطر الوشيك الوقوع‪ ،‬يمكن لرئيس الجمهورية اتخاذ إجراءات‬
‫استثنائية بقصد حماية استقالل األمة ومؤسسات الجمهورية‪ ،‬ويجتمع املجلس الوطني بكامل أعضائه )‬
‫‪21‬‬
‫‪Lhouari addi ,l’impasse du populisme l’algérie : collectivité politique et état en construction (Alger : Entreprise‬‬
‫‪national du livre, 1990), p.96‬‬
‫‪ 22‬صالح بلحاج‪ ،‬املؤسسات السياسية والقانون الدستوري من االستقالل إلى اليوم (الجزائر‪ :‬ديوان املطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫‪ ،)2010‬ص‪.68.‬‬
‫‪ 23‬طارق عشور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25.‬‬
‫‪24‬‬
‫‪Mouhamed brahimi , le bouvoir en Algèrie et ses formes d’expression institutionnel (Alger :office des publication‬‬
‫‪universitaires,1995),pp .32-33 .‬‬
‫‪ 25‬طيبي عيس ى‪ ،‬العالقة بين التعديالت الدستورية واألزمات في الجزائر ‪ -‬األسباب والنتائج‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم االنسانية‪،‬‬
‫جامعة الجلفة‪ ،‬املجلد ‪ ،5‬العدد ‪ ،1‬ص‪110-109.‬‬
‫‪ 26‬صالح بلحاج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.145.‬‬
‫‪ 27‬محديد حميد‪ ،‬التشريع باألوامر في املادة ‪ 142‬أداة لتفوق السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية)‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم‬
‫االنسانية‪ ،‬جامعة الجلفة‪ ،‬املجلد ‪ ،9‬العدد ‪ ،4‬ص‪480.‬‬
‫‪ 28‬عبد النور زوامبية‪ ،‬التكامل والتداخل بين السلطة التنفيذية والتشريعية في الجزائر ‪ ( ، 2004-1989‬مذكرة مقدمة لنيل‬
‫درجة املاجستير في العلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،)2007 ،‬ص‪44.‬‬
‫‪ 29‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪45.‬‬
‫‪ 30‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪61.‬‬
‫‪ 31‬ليلى بن بغيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13.‬‬
‫‪ 32‬ليلى بن بغيلة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61.‬‬
‫‪ 33‬بوقرة اسماعيل‪ ،‬أعمال السلطة التنفيذية املقيدة ألعمال السلطة التشريعية في الدستور الجزائري‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة خنشلة‪ ،‬املجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،1‬جانفي ‪ ،2015‬ص‪80.‬‬
‫‪ 34‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪81-80.‬‬
‫‪ 35‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪83-81.‬‬

‫‪558‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬
‫مكانة السلطة التنفيذية في النظام السياس ي الجزائري على ضوء الدساتير املتعاقبة‬ ‫د‪ .‬بتة الطيب‬
‫ص ‪ - 535‬ص ‪559‬‬

‫‪ 36‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪85-84.‬‬


‫‪ 37‬محديد حميد‪ ،‬استعمال األوامر في دستور ‪ 1996‬أداة لتفوق السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪13.‬‬
‫‪38‬بوالشعير سعيد‪ ،‬القانون الدستوري والنظم السياسية املقارنة‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ج‪ ،1984 ،1‬ص‪197.‬‬
‫‪39‬مراح أحمد‪ ،‬أثر التعديل الدستوري لسنة ‪ 2008‬على العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ ،‬مذكرة ماجستير في‬
‫القانون اإلداري املعمق‪ ،‬كلية الحقوق جامعة تلمسان‪ ،2016-2015 ،‬ص‪48.‬‬
‫‪ 40‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪49.‬ذ‬
‫‪41‬رداد نور الدين‪ ،‬األسس الدستورية والقانونية لتقوية السلطة التنفيذية في الدول العربية – الجزائر واملغرب نموذجا‪ ،-‬مجلة‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة خنشلة‪ ،‬املجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،1‬جانفي ‪ ،2015‬ص‪198-197.‬‬
‫‪42‬بلحاج صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪229.‬‬
‫‪43‬بن سرية سعاد‪ ،‬مركز رئيس الجمهورية في تعديل ‪ ،2008‬دار بلقيس للنشر‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص‪89.‬‬
‫‪44‬بلحاج صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪230.‬‬
‫‪45‬بلحاج صالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪230.‬‬
‫‪46‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪231.‬‬
‫‪47‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪328-327.‬‬
‫‪48‬علي بقشيش‪ ،‬أحمد بن نعيجة‪ ،‬مجاالت التعاون والتضاد بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل تعديل الدستور‬
‫الجزائري لسنة ‪ ،2016‬مجلة البحوث في الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تيارت‪ ،‬املجلد ‪ ،4‬العدد ‪ ،1‬ديسمبر ‪ ،2018‬ص‪9‬‬
‫‪ 49‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪10-9.‬‬
‫‪ 50‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪14-13.‬‬
‫‪51‬صالحي عبد الناصر‪ ،‬العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في القانون رقم ‪ 01/16‬املتضمن التعديل الدستوري‪ ،‬مجلة‬
‫دراسات في الوظيفة العامة‪ ،‬املركز الجامعي البيض‪ ،‬املجلد ‪ ،3‬العدد ‪ ،1‬جوان ‪ ،2018‬ص‪52‬‬
‫‪52‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪53‬‬
‫‪ 53‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪54-53‬‬
‫‪ 54‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪55-54‬‬

‫‪559‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬املجلد ‪ - 06‬العدد ‪ - 01‬جوان ‪2021‬‬

You might also like