You are on page 1of 2

‫‪Top of Form‬‬

‫القطع في القرآن الكريم‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد لله رب العالمين والصالة والسالم على اشرف‬


‫االنبياء والمرسلين امام البلغاء سيدنا‪ -‬محمد وعلى آله‬
‫وصحبه اجمعين‬

‫موضوع القطع في القرآن الكريم لألستاذ‪ -‬الدكتور‬


‫فاضل صالح السامرائي استاذ اآلدب في كلية اللغة‬
‫العربية في جامعة الشارقة‬
‫القطع أكثر ما يكون في أمرين‪ :‬في النعت والعطف بالواو‪ .‬والقطع هو تغي‪%%‬ير الحركة ال‪%%‬تي‬
‫ينبغي أن يكون عليها التابع‪ .‬األصل في الصفة (النعت) أن يتبع الموصوف باإلعراب (مرفوع‬
‫– مرفوع‪ ،‬منص‪%‬وب – منص‪%‬وب‪ ،‬أو مج‪%‬رور – مج‪%‬رور‪ .‬أما األصل في العطف ب‪%‬الواو أن يتبع‬
‫المعطوف بالواو ما قبله بالحركة اإلعرابية‪.‬‬

‫أحيان‪%%‬ا ً تغيّر الع‪%%‬رب الحركة فت‪%%‬أتي بعد المرف‪%%‬وع بمنص‪%%‬وب وبعد المنص‪%%‬وب بمرف‪%%‬وع وبعد‬
‫المج‪%%‬رور ب‪%%‬الرفع أو النصب (في النعت) وعن‪%%‬دما تتغ‪%%‬ير الحركة يتغ‪%%‬ير اإلع‪%%‬راب‪ .‬مث‪%%‬ال على‬
‫النعت‪:‬‬

‫م‬
‫م أو الكري َ‬ ‫م ‪ -‬رأيت محمداً‪ %‬الكري ُ‬
‫م ‪ -‬مررت بمحمدٍ‪ %‬الكري ُ‬ ‫أقبل محمد ٌ الكري َ‬

‫وه‪%%‬ذا األمر‪ %‬يج‪%%‬ري في العطف أيض‪%%‬ا ً كما في قوله تع‪%%‬الى (والموف‪%%‬ون بعه‪%%‬دهم إذا عاه‪%%‬دوا‬
‫والص‪%%‬ابرين‪( ) %‬لكن الراس‪%%‬خون في العلم والمقيمين الص‪%%‬الة والمؤت‪%%‬ون الزك‪%%‬اة) المقيمين‬
‫(قطع)‬

‫لماذا يستخدم‪ %‬أسلوب القطع؟ هو ليس باألصل أسلوبا ً قرآني‪%%‬ا ً ابتدعه الق‪%%‬رآن لكنه أس‪%%‬لوب‬
‫عربي موجود في اللغة‪ .‬والقطع له شروط لكن لماذا تقطع العرب؟ تقطع العرب لسببين‪:‬‬

‫األول‪ :‬لتنبيه السامع وإيقاظ ذهمه إلى الصفة المقطوعة‪ .‬والمف‪%%‬روض في الص‪%%‬فة أن ت‪%%‬أتي‬
‫تابعة لحركة الموصوف فإذا تغيرت الحركة انتبه‪ %‬السامع‪ .‬وهذا دليل على أن الموص‪%%‬وف قد‬
‫بلغ حدا ً في هذه الصفة يثير اإلهتمام‪ %‬ويقتضيه‪.‬‬

‫والثاني أن القطع ال يكون إال إذا كان السامع المخاطَب يعلم من اتّصاف الصفة بالموصوف‬
‫التي يذكرها المتكلم أو يقطعها‪ .‬مثال‪ :‬إذا قلنا مررت بمحمد الكريم ِ (الس‪%%‬امع قد يعلم أو ال‬
‫يعلم أن محمداً‪ %‬كريم فيُعطى الس‪%%‬امع مع‪%%‬نى جدي‪%%‬دا ً لم يكن يعلم‪%%‬ه)‪ .‬وإذا قلن‪%%‬ا‪ :‬ج‪%%‬اء خال‪%‬د ٌ‬
‫م فال بد أن يكون السامع على علم أن خالد كريم أي اشتهر بهذه الص‪%%‬فة ح‪%%‬تى عُلِمت‬ ‫الكري َ‬
‫عن‪%%‬ه‪ .‬والقطع في ه‪%%‬ذه الحالة يُفيد أن المخ‪%%‬اطَب يعلم من اتص‪%%‬اف الموص‪%%‬وف ما يعلمه‬
‫ما ً كان أذ ّ‬
‫م له‪.‬‬ ‫المتكلم فإذا كان مادحا ً كان أمدح له وإذا كان ذا ّ‬

‫م عن‪%%‬دما يوصف ش‪%%‬خص الك‪%%‬رم فهو مش‪%%‬هور‬ ‫ما قيمة هذا القطع في اللغة؟ في المدح والذ ّ‬
‫بالكرم وال يخفى كرمه على أحد وقد يك‪%‬ون الش‪%%‬خص كريم‪%%‬ا ً لكن ال يعرفه‪ %‬أح‪%‬د‪ .‬ف‪%%‬إذا ك‪%‬ان‬
‫المدح بالقطع يك‪%%‬ون أم‪%%‬دح للش‪%%‬خص بمع‪%%‬نى أنه بلغ من الخص‪%%‬ال الكريمة‪ %‬ما ال يخفى على‬
‫م له‪ .‬كما في قوله تعالى في س‪%%‬ورة‬ ‫أحد فيكون أمدح له‪ .‬فإذا كان في حالة الذ ّم فيكون أذ ّ‬
‫م الله تعالى امرأة أبو لهب مرتين مرة ب‪%%‬القطع ألن الكل‬ ‫ة الحطب) ذ ّ‬
‫ه حمال َ‬ ‫المسد (وامرأت ُ ُ‪%‬‬
‫م‬
‫ّ‬ ‫‪%‬ذ‬‫‪%‬‬‫ال‬ ‫‪%‬اء‬‫‪%‬‬ ‫ج‬ ‫‪%‬ذا‬
‫‪%‬‬ ‫وهك‬ ‫الة‬ ‫ّ‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫وزن‬ ‫على‬ ‫‪%‬ة)‬‫‪%‬‬‫ال‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫(ح‬ ‫كلمة‬ ‫في‬ ‫المبالغة‬ ‫بصيغة‬ ‫ها‬‫م‬‫ّ‬ ‫ذ‬ ‫ثم‬ ‫يعلم بصفاتها‬
‫م لها لما ك‪%%‬انت تلحقه من أذى برس‪%%‬ول الله ‪ .r‬وقد أع‪%%‬رب بعض النح‪%%‬اة كلمة‬ ‫بالقطع هنا أذ ّ‬
‫مالة) على أنها خبر لمبتدأ (امرأته) وآلخرون أعربوها على أنها صفه وه‪%%‬ذا عليه اع‪%%‬تراض‬ ‫(ح ّ‬
‫مالة الحطب هي إض‪%%‬افة‬ ‫نح ّ‬ ‫ظ‪%%‬اهر ألنه ال يمكن أن تك‪%%‬ون ص‪%%‬فة بحسب القواعد النحوية‪ %‬أل ّ‬
‫معرفة‪ %‬فكيف نصف‬ ‫ّ‬ ‫‪%‬ه)‬ ‫‪%‬‬ ‫(وامرأت‬ ‫لفظية يعني إضافة صيغة المبالغة إلى معمولها يع‪%%‬تي نك‪%%‬رة‬
‫ل القامة‬ ‫المعرفة ب‪%%‬النكرة؟ ه‪%%‬ذه يق‪%%‬ال فيها أنها إض‪%%‬افة لفظي‪%%‬ة‪ .‬إذا قلن‪%%‬ا‪ :‬رأيت رجال ً طوي ‪َ %‬‬
‫(طويل القامة هي صفة لفظية) وإذا قلن‪%%‬ا‪ :‬رأيت الرجل الطويل القامة (الطويل القامة هي‬
‫موصوف لمعرفة)‪ .‬واإلضافة اللفظية هي إضاقة اسم الفاعل واسم المفع‪%%‬ول إذا كانا دالّين‬
‫على الحال أو اإلس‪%%‬تقبال إلى معمولهم‪%%‬ا‪ ،‬إض‪%%‬افة الص‪%%‬فة المش‪%%‬بهة والمبالغة إلى معمولهما‬
‫ل مص‪%%‬ري المولد (مص‪%%‬ري المولد إض‪%%‬افة لفظية وبقيت‬ ‫دون تحديد‪ %‬الزمن مث‪%%‬ال‪ :‬أقبل رج‪ٌ %‬‬
‫نك‪%‬رة) وإذا قلن‪%%‬ا‪ :‬م‪%%‬ررت برجل مص‪%%‬ري النش‪%%‬أة (موص‪%%‬وف لنك‪%%‬رة وتُع‪%‬رب نعت) وإذا قلن‪%‬ا‪:‬‬
‫مررت بالرجل المصري النشأة (المصري النشأة نعت موصوف لمعرف‪%%‬ة) وفي الع‪%%‬ودة إلى‬
‫آية سورة المسد (حمالة الحطب) مفعول به لفعل محذوف تقديره أذ ّ ّ‬
‫مها‪.‬‬

‫حم يُحذف وجوبا ً فعند اإلع‪%%‬راب يُع‪%%‬رب‬ ‫م والتر ّ‬


‫ما الحكم النحوي في القطع؟ في المدح والذ ّ‬
‫ً‬
‫خبر لمبتدأ محذوف (إذا كان مرفوع) ونقول محذوف وجوب‪%%‬ا وإذا ك‪%%‬ان في غ‪%%‬ير حالة يك‪%%‬ون‬
‫حم وفي‬ ‫جوازاً‪ .‬وفي النصب يكون مفعول به لفعل محذوف وجوبا ً في الم‪%%‬دح وال‪%%‬ذ ّ‬
‫م وال‪%%‬تر ّ‬
‫غير ذلك يكون جوازاً‪.‬‬

‫ل‬‫ما ُأن‪%%‬زِ َ‬
‫ن بِ َ‬
‫منُو َ‬ ‫ن يُْؤ ِ‬‫منُو َ‬ ‫م وَال ْ ُ‬
‫مْؤ ِ‬ ‫ن فِي الْعِلْم ِ ِ‬
‫منْهُ ْ‬ ‫سخُو َ‬ ‫الرا ِ‬
‫ن َّ‬ ‫َّ‬
‫سورة النساء آية ‪( 162‬لـك ِ ِ‬ ‫في‬
‫‪%%‬ر‬‫خ‬ ‫اآل‬ ‫م‬ ‫‪%‬و‬‫‪%‬‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫الل‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ْؤ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ة‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ك‬‫ز‬‫ال‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ت‬‫ْؤ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ة‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫ين‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ال‬‫و‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ل‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫نز‬‫ُأ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِإلَي‬
‫ِ ِ‬ ‫َّ َ َ ُ ُ َ َّ َ َ ُ ِ ُ َ ِ ِ َ َ ْ ِ‬ ‫َ ُ ِ ِ َ‬ ‫ِْ‬
‫َأ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬
‫م‪%%‬ا) القطع هنا في كلمة (المقيمن الص‪%%‬الة) ألهمية‪ %‬الص‪%%‬الة فهي‬ ‫‪%‬را عَظِي ً‬‫ج‪ً %‬‬ ‫م ْ‬ ‫س‪%‬نُْؤتِيهِ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ُأوْلـِئ َ‬
‫َ‬
‫م من كل األعمال‪.‬‬ ‫أه ّ‬
‫َأ‬
‫ب وَلَـك ِ َّ‬
‫ن‬ ‫مغْ‪%‬رِ ِ‬‫ق وَال ْ َ‬ ‫ش‪%‬رِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫م قِب َ‪َ %‬‬ ‫ج‪%%‬وهَك ُ ْ‬ ‫س الْب ِ َّر ن تُوَلُّوا ْ وُ ُ‬ ‫وفي سورة البقرة آية ‪( 177‬لَّي ْ َ‬
‫حبِّهِ ذ َوِي‬ ‫َ‬
‫ل عَلى ُ‬ ‫م‪%%‬ا َ‬ ‫ْ‬
‫ين وَآتَى ال َ‬ ‫‪%‬اب وَالنَّبِي ِّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مآلِئك ‪%‬ةِ وَالكِت َ‪ِ %‬‬ ‫ْ‬
‫خ‪%%‬رِ وَال َ‬ ‫ن بِالل ّ ‪%‬هِ وَالْي َ‪%%‬وْم ِ اآل ِ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬‫‪%‬ر َ‬ ‫الْب ِ‪َّ %‬‬
‫َأ‬
‫الص ‪%‬الة َ وَآتَى‬‫م ْأ َّ‬ ‫‪%‬اب وَ قَ‪%%‬ا َ‬‫الرقَ‪ِ %‬‬ ‫ين وَفِي ِّ‬ ‫الس ‪%‬آِئل ِ ْأ َ‬
‫يل وَ َّ‬ ‫الس ‪%‬ب ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫ن‬
‫ين وَاب ْ َ‬
‫س ‪%‬اك ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫مى وَال ْ َ‬ ‫‪%‬ربَى وَالْيَت َ‪%%‬ا َ‬ ‫الْقُ‪ْ %‬‬
‫َ‬ ‫ُأ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ك‬ ‫س ولـِئ َ‬ ‫ين الب َ ‪ِ %‬‬ ‫ح َ‬ ‫والض ‪َّ %‬راء وَ ِ‬
‫َّ‬ ‫ساء‬ ‫ين فِي الب َ َ‬ ‫صابِرِ َ‬ ‫م ِإذ َا ع َاهَدُوا وَال َّ‬ ‫ن بِعَهْدِه ِ ْ‬ ‫موفُو َ‬ ‫ال َّزكَاة َ وَال ُ‬
‫ُأ‬
‫ن) قطع كلمة الص‪%%‬ابرين‪ %‬لألهمية وللترك‪%%‬يز على الص‪%%‬ابرين‪.‬‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫متَّقُو َ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫صدَقُوا وَ ولَـِئ َ‬ ‫ين َ‬ ‫الَّذ ِ َ‬
‫م‪ .‬والمنصوب في القطع يُعرب مفعول به لفعل محذوف‪%.‬‬ ‫إذن القطع جاء هنا لما هو أه ّ‬

‫‪.‬بثّت هذه الحلقة بتاريخ ‪ 11/6/2003‬م‬

You might also like