You are on page 1of 50

‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬


‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬

‫القرآن الكريم‬ ‫األسلوب احلكيم يف‬


‫ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ‬
‫ﺍﻟﻌﺘﻴﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺪﻳﺮ ﺑﻦ ﺑﺪﺭ‬
‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬

‫من خالل كتب التفسري‬


‫ﻣﺞ‪ ,54‬ﻉ‪196‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2021‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻣﺎﺭﺱ)‪Al-ʾUslūb al-Ḥakēm (the wise method‬‬
‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪in the Noble :‬‬
‫‪Qurʾān through Quranic interpretation books‬‬
‫‪473 - 520‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪10.36046/2323-054-196-011‬‬ ‫‪:DOI‬‬
‫إعداد‪:‬‬
‫‪1159321‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕسلطان بن بدير العتييب‬
‫ﺑﺤﻮﺙ د‪.‬‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪Dr. Sultan bin Budair Al-Otaibi‬‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫علوم القرآن بكلية القرآن الكرمي والدراسات اإلسالمية‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬املساعد بقسم‬
‫‪IslamicInfo‬‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪ األستاذ‬
‫جدةﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬ ‫جبامعة‬
‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ‪ ،‬ﺗﻔﺴﻴﺮ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬

‫الربيد اإللكرتوين‪aboalwaled2009@gmail.com :‬‬


‫‪http://search.mandumah.com/Record/1159321‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫االستقبال ‪ ،2020/08/31 :Received -‬القبول ‪ ،2020/10/14 :Accepted -‬النشر ‪2021/03/15 :Published -‬‬
‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬


‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫الكريم ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻦ‬


‫القرآنﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻓﻲ‬
‫يف ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ‬ ‫احلكيم‬
‫األسلوبﺑﻦ ﺑﺪﺭ‪.‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫)‪.(2021‬‬ ‫ﺍﻟﻌﺘﻴﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺪﻳﺮ‬
‫ﺧﻼﻝ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺞ‪ ,54‬ﻉ‪، 473196‬‬
‫من خالل كتب التفسري‬
‫‪ .520 -‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1159321/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﺍﻟﻌﺘﻴﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺪﻳﺮ ﺑﻦ ﺑﺪﺭ‪" .‬ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ‬
‫ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔﻣﺞ‪ ,54‬ﻉ‪:(2021) 196‬‬
‫)‪Al-ʾUslūb al-Ḥakēm (the wise method‬‬
‫‪1159321/Record/com.mandumah.search//:http‬‬ ‫‪in the.520‬‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬ ‫‪Noble‬‬
‫‪- 473‬‬
‫‪Qurʾān through Quranic interpretation books‬‬

‫إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫‪Dr. Sultan bin Budair Al-Otaibi‬‬
‫األستاذ املساعد بقسم علوم القرآن بكلية القرآن الكرمي والدراسات اإلسالمية‬
‫جبامعة جدة‬
‫الربيد اإللكرتوين‪aboalwaled2009@gmail.com :‬‬

‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫االستقبال ‪ ،2020/08/31 :Received -‬القبول ‪ ،2020/10/14 :Accepted -‬النشر ‪2021/03/15 :Published -‬‬
‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكريم‬


‫من خالل كتب التفسري‬

‫‪Al-ʾUslūb al-Ḥakēm (the wise method) in the Noble‬‬


‫‪Qurʾān through Quranic interpretation books‬‬

‫إعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫‪Dr. Sultan bin Budair Al-Otaibi‬‬
‫األستاذ املساعد بقسم علوم القرآن بكلية القرآن الكرمي والدراسات اإلسالمية‬
‫جبامعة جدة‬
‫الربيد اإللكرتوين‪aboalwaled2009@gmail.com :‬‬

‫االستقبال ‪ ،2020/08/31 :Received -‬القبول ‪ ،2020/10/14 :Accepted -‬النشر ‪2021/03/15 :Published -‬‬
‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫املستخلص‬
‫يعتين هذا البحث بدراسة أسلوب من أساليب البالغة العربية املرتبطة بكتاب هللا‪ ،‬وهو ما‬
‫يعرف بـ«األسلوب احلكيم»‪ ،‬والدراسة يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري؛ لتكون‬
‫الدراسة تفسريية ال بالغية حمضة‪.‬‬
‫ويشمل البحث على مقدمة ومبحثني‪:‬‬
‫األول‪ :‬للتعريف بـ ـ«األسلوب احلكيم»‪ ،‬من خالل تعريفه‪ ،‬وتسمياته‪ ،‬وأقسامه‪ ،‬وأغراضه‪.‬‬
‫موضعا مرتبة حسب سور القرآن الكرمي‬ ‫ً‬ ‫والثاين‪ :‬للدراسة التطبيقية من خالل (‪)42‬‬
‫مث اخلامتة‪ ،‬وفيها أبرز النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫‪- 424 -‬‬


‫ – اجلزء األول‬196 ‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد‬
ABSTRACT
This research is concerned with studying one of the styles of Arabic
rhetoric related to the book of Allah, which is known as al-uslūb al-Ḥakēm
(the wise method), and the study in the noble Qurān through the books of
interpretation, for the study to be focused on Quranic interpretation, not
purely rhetorical.
The study comprises of an introduction and two chapters:
The first: Defining the "wise method", through its definition, names,
divisions, and purposes.
The second: the applied study through (42) places arranged according
to the surahs (chapters) of the noble Qur’ān and then the conclusion, which
contains the most prominent findings and recommendations.

- 425 -
‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫املقــدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم األمتان األكمالن على من بعثه هللا رمحة للعاملني‪،‬‬
‫نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فقد جاء أسلوب القرآن الكرمي يف الغاية العظمى من الفصاحة والبالعة حىت فاق مجيع‬
‫وجوه النظم املتعارف عليها يف كالم العرب‪ ،‬وإن من أهم جوانب خدمة هذا الكتاب الكرمي‬
‫االهتمام بدراسة أسالبيه وإبراز معانيه والوقوف على أسراره ومعرفة منهجه البليغ الذى سلكه يف‬
‫تلقى املخاطبني‪.‬‬
‫والناظر يف القرآن الكرمي يرى أنه قد استعمل العديد من األساليب اليت تؤثر يف السامعني‬
‫وتساعد يف الوصول إىل اهلدف وحتقيق الغاية‪ ،‬كأساليب االلتفات‪ ،‬والتكرار‪ ،‬والتقدمي والتأخري‪،‬‬
‫والذكر واحلذف‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫وملا كان ( األسلوب احلكيم ) من أدق هذه األساليب اليت استعملها القرآن الكرمي وكان هلا‬
‫عظيم األثر يف بيان املعاين وإظهار البالغة القرآنية‪ ،‬ورأيته قد حظي ابهتمام املفسرين قدميا وحديثا‬
‫ال سيما أهل اللغة منهم‪ ،‬استخرت هللا تعاىل يف كتابة هذا البحث‪ ،‬ومسيته "األسلوب احلكيم يف‬
‫القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري"‪ .‬وجعلته على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ ‬ملخص البحث‪.‬‬
‫‪ ‬املقدمة وتشمل‪:‬‬
‫‪ -‬أمهية املوضوع وأسباب اختيار املوضوع‪.‬‬
‫‪ -‬مشكلة البحث وتساؤالته‪.‬‬
‫‪ -‬أهداف البحث‪.‬‬
‫‪ -‬حدود البحث‪.‬‬
‫‪ ‬منهج البحث‪.‬‬
‫‪ ‬الدراسات السابقة‪.‬‬
‫‪ ‬خطة البحث‪.‬‬
‫‪‬املبحث األول‪ :‬التعريف ابألسلوب احلكيم وأقسامه وأغراضه‪.‬‬
‫‪‬املبحث الثاين‪ :‬الدراسة التطبيقية ألسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي‪.‬‬

‫‪- 426 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫‪‬اخلامتة‪ :‬وفيها أبرز النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫وأسأل هللا عز وجل توفيقه وتسديده وكتب القبول له‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية املوضوع وأسباب اختياره‪:‬‬
‫تتمثل أمهية البحث وأسباب اختياره فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن دراســة األســاليب القرآنيــة مــن خدمــة كتــاب هللا‪ ،‬وجتليــة أوجــه العظمــة فيــه ب ـراز‬
‫معانيه‪ ،‬وجتلية مقاصده‪ ،‬والوقوف على أسراره‪ ،‬وجوانب إعجازه‪.‬‬
‫‪ -‬إبراز القيم واملبادئ اإلسالمية من خالل الوقوف على آايت القرآن الكـرمي ومملهـا‪،‬‬
‫وإبراز ما فيها من معان وقيم وسلوكيات إىل جانب البحث األسلوبية‪.‬‬
‫‪ -‬الرغبة الذاتية املتمثلة يف امليـل النفسـي والشخصـي وحـق للقـرآن الكـرمي لعلـي أحظـى‬
‫بشرف خدمة كتاب هللا‪.‬‬
‫‪ -‬يعــد أســلوب احلكــيم فناــا بالغيًــا لــه أثــره ا ميــل يف اطبــة النــا ‪ ،‬وصــرفهم إىل مــا‬
‫يهمهــم للسـؤال عنــه إال أنــه لـ هــذا الفــن بعنايــة كبــرية مــن لــدن البالغيــني علــى‬
‫الرغم من أمهيته كأسلوب حوار‪.‬‬
‫‪ -‬ندرة الدراسات األسلوبية يف هذا املوضوع‪ ،‬وهذا ما جيعل املوضـوع جدي ًـدا مـن هـذه‬
‫الناحية‪ ،‬فشجعين ذلك على اختياره‪.‬‬
‫‪‬مشكلة البحث وتساؤالته‪:‬‬
‫متثلت مشكلة البحث يف أن املوضوع جيمع بني نوعي التخصص (البالغة واألسلوبية)‪:‬‬
‫فهو من جهة موضوع بالغي يدخل ضمن فنون البديع‪ ،‬ومن جهة فن من فنون األساليب‬
‫الكالمية‪ ،‬وهذا من صميم البحث األسلوبية‪ ،‬وما أردته يف حبثي إىل جانب ذلك الرتكيز على هذا‬
‫العلم يف كتب التفسري ويف أقوال املفسرين وتطبيقاته التفسريية املذهلة‪.‬‬
‫وقد اقتضت مشكلة البحث اإلجابة عن األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬ما مفهوم أسلوب احلكيم؟ وما تسميته املختلفة؟‬
‫‪ -‬ما أقسام أسلوب احلكيم‪ ،‬وما أغراضه؟‬
‫‪ -‬ما أهم تطبيقات أسلوب احلكيم على النصوص القرآنية من خالل كتب التفسري؟‬

‫‪- 427 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫‪‬أهداف البحث‪:‬‬
‫تتمثل أهداف البحث فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إب ـراز امل ــيتثر ال ــيت س ــوف يســتفيدها الن ــا م ــن خ ــالل االلت ـزام ــنهج الق ــرآن الك ــرمي‬
‫وأسلوبه احلكيم‪.‬‬
‫‪ -‬مجــع املواضــع الــيت ورد فيهــا األســلوب احلكــيم يف القــرآن الكــرمي ودراســتها يف ضــوء‬
‫كالم املفسرين‪.‬‬
‫‪ -‬بيان دور األسلوب احلكيم يف تدبر القرآن والتأثر به‪.‬‬
‫‪‬حدود البحث‪:‬‬
‫مقتصرا على تعريف األسلوب احلكيم وتسمياته وأقسامه وأغراضه‪ ،‬مع‬
‫ً‬ ‫سيكون حد البحث‬
‫موضعا من كتب التفسري‪.‬‬
‫دراسة تطبيقية لألسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل ‪ً 42‬‬
‫‪‬منهج البحث‪:‬‬
‫‪ -‬مجع ــت يف ه ــذا البح ــث ب ــني امل ــنهج االس ــتقرائي وامل ــنج الوص ــفي وامل ــنهج التحليلـ ـي‬
‫فقم ــت جبم ــع معظ ــم اآلايت ال ــيت ن ــص املفس ــرون عل ــى أ ــا داخل ــة يف األس ــلوب‬
‫خصوصا من املفسرين املهتمني هبذا النوع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫احلكيم صراحة‬
‫‪ -‬مث قمت بفرزها وبرتتيبها حسب ترتيب املصحف‪.‬‬
‫‪ -‬أبرزت حتت كل آية موطن األسلوب احلكيم‪.‬‬
‫‪ -‬ذكرت ما يوضح األسلوب احلكيم من كالم املفسرين املهتمني هبذا العلم‪.‬‬
‫‪ -‬كتبت اآلايت القرآنية ابلرسم العثماين مع عزوها إىل سورها‪.‬‬
‫‪ -‬عزوت األقوال إىل مراجعها‪.‬‬
‫‪ -‬اجته ــدت يف كتاب ــة التوص ــيات ال ــيت وص ــلت إليه ــا م ــن خ ــالل خوض ــي غم ــار ه ــذا‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪- 428 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪" -1‬رسالة يف األسلوب احلكيم" البن كمال ابشا وهي رسالة قصـرية كـان هدفـه فيهـا‬
‫متيي ــزه ع ــن األس ــاليب البالغي ــة األخ ــرى حي ــث ق ــال‪" :‬وه ــذه رس ــالة رتبناه ــا يف بي ــان‬
‫«األسلوب احلكيم»‪ ،‬ومتييزه عن األساليب املعتربة عند أرابب البالغة(‪.")2‬‬
‫‪" -2‬أســلوب احلكــيم بــني القــرآن الكــرمي واحلــديث النبــور الش ـريف" وهــي رســالة مقدمــة‬
‫لنيــل شــهادة املاجســتري يف األســلوبية والبالغــة عــام ‪ ،1428‬جامعــة أب بكــر بلقايــد‬
‫وهــي للباحثــة هيبــة بــن قــو‪ ،‬وقــد اختصــت هــذه الرســالة املقارنــة ابلنــوع الثــاين مــن‬
‫أسلوب احلكيم فقـ املتعلـق بتلقـي السـائل بغـري مـا يتطلـب دون النـوع األول املتعلـق‬
‫بتلقي املخاطب بغري ما يرتقب(‪.)3‬‬
‫‪" -3‬أســلوب احلكــيم يف القــرآن الكــرمي دراســة بالغيــة أســلوبية" للباحــث علــي زواور‪،‬‬
‫وهــي رســالة لنيــل درجــة املاجســتري مــن جامعــة قاصــدر اب زائــر‪ ،‬وقــد عا ــت هــذه‬
‫الدراســة املوضــوع املــذكور معا ــة أســلوبية بالغيــة عامــة‪ ،‬لكــن دراســيت هــذه تتنــاول‬
‫املوضــوع مــن خــالل كتــب التفســري ومــا أورده املفســرون مــن أق ـوال تتعلــق ابألســلوب‬
‫احلكيم فيها‪.‬‬
‫‪"-4‬األس ـ ــلوب احلك ـ ــيم يف تفس ـ ــري التحري ـ ــر والتن ـ ــوير عرض ـ ــا ودراس ـ ــة" رس ـ ــالة ماجس ـ ــتري‬
‫للباحث حمسن بن علـى بـن حممـد الشـهرر – قسـم البالغـة ‪ -‬كليـة اللغـة العربيـة –‬
‫ا امعة اإلسالمية‪ ،‬وقد اقتصـرت هـذه الرسـالة علـى مـا أورده تفسـري التحريـر والتنـوير‬
‫يف هذا ا انب‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو أمحد بن سليمان بن كمال ابشا‪ ،‬قاض‪ ،‬ومن العلماء ابحلديث والتفسري‪ ،‬تركي األصل‪،‬‬
‫مستعرب‪ ،‬قال التاجي‪ :‬قلما يوجد فن من الفنون وليس البن كمال ابشا مصنف فيه‪ ،‬تعلم يف أدرنة‪،‬‬
‫وويل قضاءها مث اإلفتاء ابآلستانة إىل أن مات‪ ،‬له تصانيف كثرية‪ ،‬تويف سنة ـ ‪ 940‬هـ ـ‪ ،‬ينظر األعالم‬
‫للزركلي(‪ )133 1‬وغريه‪.‬‬
‫(‪ )2‬ابن كمال ابشا "رسالة يف األسلوب احلكيم "‪.‬اجمللة األردنية ‪1430( ،2‬هـ )صـ ـ ـ‪ 132‬حتقيق عبد‬
‫هللا ا يوسي وحممد طوالبة‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬علي زواور‪ " ،‬األسلوب احلكيم دراسة بالغية حتليلية "‪ .‬جملة جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫‪( ،15‬شعبان ‪ 1416‬ه ـ ــ)‬

‫‪- 429 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫وبعد‪ :‬فإن هذه الدراسات السابقة ركزت على الناحية البالغية واألسلوبية‪ ،‬وما أردته يف‬
‫حبثي هنا قصدت به الرتكيز على هذا العلم يف كتب التفسري ويف أقوال املفسرين وتطبيقاته التفسريية‬
‫املذهلة‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫املقدمة وتشمل‪:‬‬
‫‪ -‬أسباب اختيار املوضوع‪.‬‬
‫‪ -‬مشكلة البحث وتساؤالته‪.‬‬
‫‪ -‬أمهية البحث‪.‬‬
‫‪ -‬أهداف البحث‪.‬‬
‫‪ -‬حدود البحث‪.‬‬
‫‪ -‬منهج البحث‪.‬‬
‫‪ -‬الدراسات السابقة‪.‬‬
‫‪ -‬خطة البحث‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف األسلوب احلكيم وتسمياته وأقسامه وأغراضه‪ ،‬وفيه أربعة‬
‫مطالب‪:‬‬
‫‪ -‬املطلب األول‪ :‬تعريف األسلوب احلكيم‪.‬‬
‫‪ -‬املطلب الثاين‪ :‬تسميات األسلوب احلكيم‪.‬‬
‫‪ -‬املطلب الثالث‪ :‬أقسام األسلوب احلكيم‪.‬‬
‫‪ -‬املطلب الرابع‪ :‬أغراض األسلوب احلكيم‪.‬‬
‫موضعا‬
‫ً‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬دراسة تطبيقية لألسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي‪ ،‬وفيه (‪)42‬‬
‫من كتب التفسري‪.‬‬
‫اخلامتة‪ :‬وفيها أبرز النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫‪ -‬قائمة املصادر واملراجع‪.‬‬

‫‪- 430 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف األسلوب احلكيم وتسمياته وأقسامه وأغراضه‪.‬‬


‫املطلب األول‪ :‬تعريف األسلوب احلكيم‪.‬‬
‫ضا للمتكلم على تركه األهم»(‪.)1‬‬
‫عرفه ا رجاين بقوله‪« :‬هو عبارة عن ذكر األهم تعري ً‬
‫وعرفه السكاكي بقوله‪« :‬وهو تلقي املخاطب بغري ما يرتقب‪ ،‬أو السائل بغري ما‬
‫يتطلب»(‪.)2‬‬
‫وأرى ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬أن هذا التعريف األخري هو األرجح لدقته ومشوله نوعي‬
‫«األسلوب احلكيم»‪.‬‬
‫وعن هذا املصطلح يقول القزويين – شارحا تعريف السكاكي الذر تقدم آنفا ‪:-‬‬
‫تنبيها على أنه األوىل‬
‫«هو تلقي املخاطب بغري ما يرتقب حبمل كالمه على خالف مراده ً‬
‫تنبيها على أنه األوىل حباله أو‬
‫ابلقصة أو السائل بغري ما يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غريه ً‬
‫املهم له»(‪.)3‬‬
‫وعرفه حممد بن علي الصامل ‪ -‬وهو من املتأخرين ‪ -‬بتعريف تصر فقال‪« :‬حمادثة‬
‫املخاطب أو السائل بغري ما يرتقبان مراعاة لألوىل حباهلما»(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬ا رجاين‪" ،‬التعريفات"‪.‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1403( ،‬هـ ) ص ـ ـ ـ‪.23‬‬
‫(‪ )2‬السكاكي‪" ،‬مفتاح العلوم"‪ .‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية (‪1407‬هـ) ص ـ‪.327‬‬
‫(‪ )3‬ينظر أمحد اهلامشي "جواهر البالغة "‪ .‬بريوت‪ :‬املكتبة العصرية (بدون اتريخ) ت يوسف‬
‫الصميلي‪ ،1:319‬قاسم‪ .‬حممد‪" ،‬علوم البالغة"‪.‬ط‪ ،1‬طرابلس‪ :‬املؤسسة احلديثة للكتاب‬
‫(‪2003‬م) صـ‪.142‬‬
‫(‪ )4‬علي زواور‪ " ،‬األسلوب احلكيم دراسة بالغية حتليلية "‪ .‬ص ‪33‬‬

‫‪- 431 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬تسميات األسلوب احلكيم‪:‬‬


‫‪ -1‬اللغز يف اجلواب(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬القول ابملوجب(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬األسلوب احلكيم(‪.)3‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬أقسام األسلوب احلكيم(‪:)4‬‬
‫«األسلوب احلكيم» قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬محل كالم املتكلم على غري ما يريد ً‬
‫تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫معتذرا‪" :‬أرجو العفو عن قصورر" فيقول الضيف‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ومن ذلك أن يقول احملتفي بضيفه‬
‫"قصورك عالية شا ة" أر ما قدمته من كرم عظيم كالقصور الشا ة‪ ،‬فيحمل كلمة قصور‬
‫على ما أراد هبا املضيف‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬إجابة السائل بغري ما يطلب ً‬
‫تنبيها له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬ومنه‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﱣﭐ ﳄ ﳅ ﳆﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ‬
‫ﳐ ﳑﳒﳓ ﳔﳕﳖﳗﳘﳙﳚﳛﳜﱢ [البقرة‪ ،]215 :‬وقد كان‬
‫السؤال عما ينفقون وجاء ا واب عن األصناف اليت ينبغي أن تتوجه إليها النفقة‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر ا اح ‪ " ،‬البيان والتبيني"‪.‬ط‪،1‬بريوت‪ :‬دار مكتبة اهلالل‪ 148:2 ،)1423( ،‬و‪282:2‬‬
‫وينظر‪ ،‬عبد العزيز بن عتيق‪ " ،‬علم البديع "‪ .‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‬
‫(بدون اتريخ ) صـ ـ‪182‬‬
‫(‪ )2‬ينظر اخلطيب القزويين‪ ".‬التلخيص يف علوم البالغة "‪.‬ط‪ 3‬بريوت‪ :‬دار ا يل ( بدون اتريخ )‬
‫صـ ـ‪386‬؛ األسلوب احلكيم مرجع سابق صـ ـ‪.128‬‬
‫(‪ )3‬وهي تسمية السكاكي وهو أول من مسى هذا العلم ابمسه هذا؛ ينظر هباء الدين السبكي "عرو‬
‫األفراح للسبكي" ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬املكتبة العصرية (‪1423‬هـ) ‪283 :1‬؛ الزركشي‪ ".‬الربهان" ط‪،1‬‬
‫بريوت‪ :‬دار املعرفة (‪ )1391‬ت‪ :‬حممد أبو الفضل إبراهيم ‪42 :4‬؛ السيوطي "اإلتقان "‪ .‬ط‪،1‬‬
‫مصر‪ :‬اهليئة املصرية العامة للكتاب (‪369 :2،)1394‬؛ ابن كمال ابشا‪ ،‬رسالة يف األسلوب احلكيم‬
‫صـ ـ‪.129‬‬
‫(‪ )4‬ابن كمال ابشا‪ "،‬رسالة يف األسلوب احلكيم"‪ ،‬صـ ـ‪.129‬‬

‫‪- 432 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫املطلب الرابع‪ :‬أغراض األسلوب احلكيم(‪:)1‬‬


‫ألسلوب احلكيم أغراض متعددة‪ ،‬من أهم هذه األغراض وأكثرها استعماالً ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬التنبيه على الالئق واألهم‪.‬‬
‫وهو أكثر األغراض ألسلوب احلكيم‪ ،‬ومثاله قوله تعاىل‪ :‬ﱣﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ‬
‫ﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑﱒ‬
‫ﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚﱛﱜﱢ[النمل‪.]46 ،45 :‬‬
‫فإن قوم مثود ملا كذبوا صاحلاً – عليه السالم – واستجهلوا تقدمي العذاب وطلبوا منه‬
‫إيقاعه عليهم‪ ،‬خاطبهم خبالف مرادهم أبن الالئق واألهم هبم أن يسرعوا يف طلب التوبة‬
‫واالستغفار‪ ،‬ألن العذاب إذا نزل هبم فال إمهال هلم وال رمحة‪.‬‬
‫‪ -2‬التعريض‪.‬‬
‫وهو خالف التصريح‪ ،‬والغرض منه‪ :‬إيصال املعىن للمخاطب بطريق خفي وبليغ نظراً‬
‫ملراعاة احلال‪ ،‬ومثاله قول هللا جل وعز‪ :‬ﱣﭐ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧﲨ ﲩ‬
‫ﲪﲫﲬﲭﲮﲯ‪ .....‬ﱢ اآلية‪[ .‬األنعام‪.]151 :‬‬
‫فبعد أن رد هللا تعاىل على املشركني بشأن حترمي ما لرمه عليهم من حلوم األنعام‬
‫وغريها‪ ،‬أردفه ابألشياء اليت حرمها تعريضا هلم أب م يف حضيض ا هل‪ ،‬فحمل كالمهم على‬
‫غري مرادهم وتلقاهم بغري ما يرتقبون‪ ،‬وكان األوىل هبم أن يتعلموا من الوحي الكرمي ويرجعوا‬
‫إليه يف مثل هذه املسائل‪.‬‬
‫‪ -3‬التلطف‪.‬‬
‫واملراد به‪ :‬الرتفق لألمر‪ ،‬ومثاله قوله تعاىل‪ :‬ﱣﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ‬
‫ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷﱸ ﱹﱺ ﱻ ﱼﱽ ﱾﱿﲀ‬
‫ﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﱢ[األعراف‪.]62 - 60 :‬‬

‫(‪ )1‬ينظر علي زواور‪ ،‬أسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي دراسة بالغية وأسلوبية‪ ) 83 ( ،‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪- 433 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫فإن قوم نوح ملا نسبوا رسوهلم إىل الضالل وأرادوا بذلك نفي الرسالة‪ ،‬تلقاهم خبالف‬
‫مرادهم وبغري ما يطلبون فنفى أوالً الضالل عن نفسه‪ ،‬وهذا جار على ظاهر كالمهم مما‬
‫يقتضيه ا واب‪ ،‬مث زاد على ذلك فأثبت الرسالة لنفسه ونبههم على التأمل فيما جاءهم به‬
‫على سبيل التلطف هبم‪ ،‬عل ذلك يكون سببا يف هدايتهم وابعثا على إميا م‪.‬‬
‫‪ -4‬التهكم‪.‬‬
‫ومنه أمثلته قوله تعاىل‪ :‬ﱣﭐ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ‬
‫ﲮﲯﲰﲱﲲﲳﲴﱢ[النمل‪.]72 ،71 :‬‬
‫فاملراد ابلوعد هنا ما أنذروا به من العقاب‪ ،‬وهو هتكم منهم‪ ،‬فقابله بتهكم مثله يف‬
‫ا واب بقرينة ﱣﭐﲯﲰﲱﲲﲳﲴﱢوهو إيذان بقرب وقوع العذاب هبم‬
‫وأن مخره عنهم يكن إال رمحة هبم‪.‬‬
‫‪ -5‬التهديد‪:‬‬
‫ومثاله قوله تعاىل‪ :‬ﱣﭐ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ‬
‫ﳐﳑﳒﳓﳔﳕﱢ[يونس‪.]20 :‬‬
‫فقد كان يكفي يف جواهبم بغري ما يتوقعون ﱣﳍ ﳎﳏ ﱢ‪ ،‬لكن جاءت الزايدة‬
‫يف ا واب على غري ما يطلبون أيضا على أسلوب احلكيم يف قوله‪ :‬ﱣﭐ ﳐﱢ وهو هتديد‬
‫صارخ هلم‪ ،‬واملعىن‪ :‬انتظروا ما يفعله هللا بكم وما سيحل بكم من العذاب جزاء عنادكم‬
‫وجحودكم‪.‬‬

‫‪- 434 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫املبحث الثاني‪ :‬الدراسة التطبيقية ألسلوب احلكيم يف القرآن الكريم‬


‫‪ -1‬ﱣﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ‬
‫ﱞ‪ ...‬ﱩﭐﱢ [البقرة‪.]106 :107‬‬
‫ﱟ‬ ‫ﱝ‬

‫ملا حكم هللا تعاىل جبواز النسخ يف الشرائع فلعل املكذبني طالبوا بتفصيل ذلك احلكم‬
‫(‪)1‬‬
‫فمنعهم هللا تعاىل عن ذلك وبني أ م ليس هلم أن يشتغلوا هبذه األسئلة الفاسدة ‪ ،‬فجاء‬
‫السياق أوالً عن قدرة هللا يف إبدال املنسوخ خبري منه أو مثله مث أحال سبحانه إىل القدرة‬
‫األهم واألمشل‪ ،‬وأنه على كل شيء قدير‪ ،‬وهذا هو «األسلوب احلكيم»‪.‬‬
‫ان ِاب ْخلَِْري َوالْ ِمثْ ِل بـَيَ ً‬
‫اإلتْـي ِ‬ ‫ِ‬
‫اًن َغْيـَر‬ ‫ْمة النسخ َو ِْ َ‬ ‫وق لبَـيَان حك َ‬ ‫قال الطاهر بن عاشور‪َ « :‬م ُس ٌ‬
‫ِ‬
‫َّس َخ‬ ‫غ ِم َن التَّـْنبِ ِيه َعلَى أ َّ‬
‫َن الن ْ‬ ‫ك أَنَّهُ بـَ ْع َد أَ ْن فَـَر َ‬‫وب ا أحلَ ِك ِيم»‪َ ،‬و َذل َ‬ ‫ُسلُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ٍل َعلَى طَ ِري َقة « أاأل أ‬ ‫ُم َف َّ‬
‫وخ ِخبٍَْري ِمْنهُ أ َْو‬ ‫يض الْ َمْن ُس ِ‬ ‫ول ُه َو َغْيـ ُر ُم َفا ِرٍق لِتَـ ْع ِو ِ‬ ‫الرس ِ‬
‫يب َّ ُ‬ ‫ْذ ِ‬ ‫الَّ ِذر استـبـعدوه وتَ َذ َّرعوا بِِه لِتك ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َْ َ ُ ُ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشْبـ َهة َوه َي أَ ْن‬ ‫ِ‬
‫ك إِ َىل َك ْشف َما بَق َي م َن ُّ‬ ‫ِمثْل ِه أ َْو تَـ ْع ِزي ِز الْ ُمبَـقَّى ثْله أُِر َ‬
‫يد أَ ْن يـَْنـتَق َل م ْن َذل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اه ِر أَ ْن‬ ‫يض؟ وَكا َن م ْقتضى الظَّ ِ‬ ‫ول الْمْن ِكر وما ِهي الْ َفائِدةُ ِيف النَّس ِخ ح َّىت َلت ِ‬
‫َّع ِو ٍ َ ُ َ َ‬ ‫اج للتـ ْ‬ ‫ْ َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫يـَ ُق َ ُ ُ َ َ َ‬
‫اخلَِْرييَِّة‬
‫اص ِيل ْ‬ ‫ان تَـ َف ِ‬ ‫ف الْمصالِ ِح ومنَاسبتِها لِ ْألَحو ِال و ْاأل َْعصا ِر ولِبـي ِ‬ ‫ان اختِ َال ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ َ َ َ َ ََ‬ ‫َ َ َ ُ ََ َ‬ ‫صدَّى لبَـيَ ْ‬ ‫يـَتَ َ‬
‫وخ‪.‬‬‫َوالْ ِمثْلِيَّ ِة ِيف ُك ِل ًَن ِس ٍخ َوَمْن ُس ٍ‬
‫ب‬ ‫الس ِامعِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ك أ َْمًرا َْ تَـتَـ َهيَّأْ لَهُ عُ ُق ُ‬ ‫ولَ َّما َكا َن الت ِ ِ ِ‬
‫ني لعُ ْسر إ ْد َراكه ْم َمَرات َ‬ ‫ول َّ َ‬ ‫َّصدر ل َذل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صالِ ِح َوتَـ َف ُاوهتَا‪ ،‬أل َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُصول َش ْرعيَّة َوسيَاسيَّة‪َ ،‬ع َد َل‬ ‫اج إ َىل َمْص ِيل قَـ َواعد م ْن أ ُ‬ ‫ك ممَّا َْلتَ ُ‬ ‫َن َذل َ‬ ‫الْ َم َ‬
‫اَّلل تَـ َع َاىل الَِّيت َال يَ ِش ُّذ َعْنـ َها‬ ‫ُمجلَت َهلم الْمصلَحةُ ِاب ْحلِوالَِة علَى قُ ْدرةِ َِّ‬ ‫ان َذلِ َ ِ‬ ‫هبِِم عن بـي ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ك َوأ ْ ْ ُُ َ ْ َ‬ ‫ْ َ ْ ََ‬
‫ممُْ ِك ٌن ُمَر ٌاد‪َ ،‬و َعلَى َس َعة ُم ْلكه الْ ُم ْشع ِر ب َعظي ِم ع ْلمه »‪.‬‬
‫ِ ِ ِ ِ ِ (‪)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولعلنا اآلن نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل الكالم على غري مراد املتكلم للتنبيه على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابن عادل احلنبلي‪" ،‬اللباب يف علوم الكتاب"‪.‬ط‪،1‬بريوت‪:‬دار الكتب العلمية ‪1419‬ه‪،‬ـ ‪.386 :2‬‬
‫(‪ )2‬الطاهر بن عاشور‪ "،‬التحرير والتنوير"ط‪ ،1‬تونس‪ :‬الدار التونسية للنشر ‪1984‬م ‪.663 :1‬‬

‫‪- 435 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫‪ -2‬ﱣﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﲠ ﲡ ﲢ‬
‫ﲣﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩﲪﭐﱢ [البقرة‪.]124 :‬‬
‫ملا أوحى هللا تعاىل إىل إبراهيم – عليه السالم _ أنه جاعله للنا إماما أيمتون‬
‫ويقتدون به جاء جوابه على جهة الدعاء والرغبة إىل هللا معطوفا على خطاب هللا تعاىل على‬
‫طريقة عطف التلقني‪ ،‬وهو عطف املخاطب كالما على ما وقع يف كالم املتكلم تنزيال لنفسه‬
‫منزلة املتكلم‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬ابتاله بقوله‪ :‬ﱣﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﭐﱢ‪ ،‬أر‪ :‬استعد‬
‫إماما‪ ،‬فأمته ا دل عليه قوله‪ :‬ﱣﲢ ﲣﭐﱢ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫لإلمامة وهيئ أهبتها‪ ،‬فإين جاعلك للنا‬
‫فإن ا واب مبين على «األسلوب احلكيم»‪ ،‬أر‪ :‬إن نفسي منقادة مطواعة ال تتأىب عن‬
‫(‪)1‬‬
‫أمرك ملا تفضلت علي وجعلتين أهالً لذلك‪ ،‬لكن اجعل بعض ذرييت أهالً هلا »‪.‬‬
‫فهذا املوضع كسابقه يدخل يف القسم األول من قسمي األسلوب احلكيم‪.‬‬
‫‪ -3‬ﱣﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡ‪ ....‬ﲽﭐﱢ [البقرة‪.]189 :‬‬
‫املعىن‪ :‬يسألونك اي حممد عن اهلالل يبدو دقيقا مثل اخلي مث يعظم ويستدير مث‬
‫ينقص ويدق حىت يعود كما كان؟ ‪ ،‬فأصل سؤال الصحابة َر ِض َي اَ ََّّللُ َعْنهم لرسول هللا‬
‫(‪)2‬‬

‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم عن خلقة اهلالل من حيث دقته وزايدته وامتالؤه مث نقصه‪ ،‬فجاء‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َ‬
‫«األسلوب احلكيم» ابإلجابة عن األهم وهو ا واب عن املنافع والفوائد‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ يف حاشيته على الكشاف‪:‬‬
‫«وا واب الثالث‪ :‬يف ابب السؤال مما ال يستحق ا واب‪ ،‬ألن الواجب عليكم أن‬
‫تسألوا عما يهمكم من منافع األهلة وفوائدها لتعملوا قتضاها‪ ،‬فعكستم وسألتم عن‬
‫أحواهلا؛ أر‪ :‬مثلكم يف العدول عن الطريق املستقيم كمن ال يدخل من ابب بيته ويدخله من‬

‫(‪ )1‬شرف الدين احلسني بن عبد هللا الطيق‪" ،‬فتوح الغيب يف الكشف عن قناع الريب"‪ .‬ط‪1‬دب‪ :‬جائزة‬
‫دب الدولية للقرآن الكرمي وحدة البحوث والدراسات‪74 :3 1434 ،‬‬
‫(‪ )2‬الصابوين‪" ،‬صفوة التفاسري"‪.‬ط‪ 1‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪1421،‬هـ ‪112 :1‬‬

‫‪- 436 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫(‪)1‬‬
‫أيضا من ابب «األسلوب احلكيم» ‪.‬‬ ‫ظهره وميكن أن جيعل هذا ا واب ً‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -4‬ﱣﳄ ﳅ ﳆﳇ‪ ...‬ﳜﭐﱢ [البقرة‪.]215 :‬‬
‫أصل السؤال عن املنفق فجاء «األسلوب احلكيم» ببيان املصارف وهو األهم‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬كيف طابق ا واب السؤال يف قوله‪( :‬قل ما أنفقتم ) وهم قد سألوا عن‬
‫بيان ما ينفقون وأجيبوا ببيان املصرف؟ قلت قد تضمن قوله‪( :‬ما أنفقتم من خري ) بيان ما‬
‫ينفقونه وهو كل خري وبىن الكالم على ما هو أهم وهو بيان املصرف ألن النفقة ال يعتد هبا‬
‫(‪)2‬‬
‫إال أن تقع موقعها ‪.‬‬
‫قال اآللوسي َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬ظاهر اآلية أنه ُسئل عن املنفق فأجاب ببيان املصرف‬
‫صرلًا؛ ألنه أهم‪ ،‬فإن اعتداد النفقة ابعتباره‪ ،‬وأشار إمجاالً إىل بيان املنفق‪.‬‬
‫فإن ﱣﲼ ﲽ ﭐﱢ‪ :‬يتضمن كونه حالالً؛ إذ ال يسمى ما عداه ً‬
‫خريا‪ ،‬وإمنا تعرض‬
‫لذلك وليس يف السؤال ما يقتضيه‪ ،‬ألن السؤال للتعلم ال للجدل‪.‬‬
‫وحق املعلم فيه أن يكون كطبيب رفيق يتحرى ما فيه الشفاء طلبه املريض‪ ،‬أم يطلبه‪،‬‬
‫وملا كانت حاجتهم إىل من ينفق عليه كحاجتهم إىل ما ينفق بني األمرين وهذا كمن به صفراء‬
‫(‪)3‬‬
‫فاستأذن طبيبًا يف أكل العسل فقال‪ :‬كله مع النحل‪ ،‬فالكالم إذًا يف أسلوب احلكيم »‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب‪259 :3 ،‬؛ ينظر السيوطي‪ ،‬اإلتقان‪369 :2 ،‬؛ الشوكاين‪ "،‬فتح القدير ا امع‬
‫بني فين الرواية والدراية من علم التفسري "ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار ابن كثري‪1414،‬هـ ‪218 :1‬؛ األلوسي‪،‬‬
‫"روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع املثاين"‪،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1415 ،‬هـ‪،‬‬
‫‪467 :1‬؛ القامسي‪" ،‬حماسن التأويل"‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1418 ،‬هـ (ت حممد‬
‫ابسل عيون السواد ) ‪54 :2‬‬
‫(‪ )2‬الز شرر‪" ،‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل" ط‪ ،3‬بريوت‪ :‬دار الكتاب العرب‪1407 ،‬هـ‪284 :1 ،‬‬
‫(‪ )3‬األلوسي‪ ،‬روح املعاين‪.501 :1 ،‬‬

‫‪- 437 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫ولعلنا اآلن نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪-5‬ﱣﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅﱆ ﱇ ﱈﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱍﱬﭐﱢ [األنعام‪.]19 :‬‬
‫قال أهل مكة للنق ( صلى هللا عليه وسلم )‪ :‬ائتنا ن يشهد لك ابلنبوة‪ ،‬فإن أهل‬
‫الكتاب ينكرونك‪ ،‬فنزلت هذه اآلية ’ وفيها أمر للنق ( صلى هللا عليه وسلم ) أن يسأهلم‬
‫عن أكرب األشياء من حيث الشهادة‪ ،‬مث أمره أن خيربهم فيقول‪ ( :‬هللا شهيد بيين وبينكم )‬
‫أر الذر اعرتفتم أبنه خالق السموات واألرض يشهد يل ابلنبوة‪ ،‬فوقع قوله ( هللا شهيد بيين‬
‫وبينكم ) جوااب على لسا م ألنه مرتب على السؤال وهو املقصود منه‪.‬‬
‫قال الطيق‪« :‬قوله‪( :‬وأن يكون ﱣﱈﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱍ ﭐﱢ‪ ،‬هو ا واب)؛ أر‪:‬‬
‫اجملموع فعلى هذا هو من ابب «األسلوب احلكيم»‪.‬‬
‫يعين شهادته معلومة‪ ،‬كما سبق‪ ،‬ال كالم فيه‪ ،‬وإمنا الكالم يف أنه شاهد يل عليكم‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫مبني لدعوار نزال هذا الكتاب الكرمي» ‪.‬‬
‫ومن مث نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي األسلوب‬
‫احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬والغرض منه‬
‫التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -6‬ﱣﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ‬
‫ﱟ ﱠ ﱡ ﱢﭐﱢ [األنعام‪.]37 :‬‬
‫املعىن أ م قالوا ذلك مع تكاثر ما أنزل من اآلايت على رسول هللا ( صلى هللا عليه‬
‫وسلم)‪ ،‬لرتكهم االعتداد ا أنزل عليه‪ ،‬كأنه ينزل عليه شيء من اآلايت عناداً منهم‪ ،‬فجاء‬
‫ا واب‪ :‬قل إن هللا قادر على أن ينزل آية تضطرهم إىل اإلميان كنتق ا بل على بين إسرائيل‬

‫(‪ )1‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب‪ ،46 :6 ،‬وبنحوه ذكر اآللوسي يف روح املعاين ‪ ،113 :4‬والقامسي يف تفسريه‬
‫‪328 :4‬‬

‫‪- 438 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫(‪)1‬‬
‫وحنوه‪ ،‬أو آية إن جحدوها جاءهم العذاب ‪.‬‬
‫فهم قد ال يكونون منكرين قدرة هللا يف إنزال آية‪ ،‬ولكنهم رجوا ذلك فأ أهم هللا إىل‬
‫مكيد قدرته على ذلك‪ ،‬وألنه لو أنزهلا لكانت هلكتهم‪.‬‬
‫قال األلوسي َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وجوز أن ال يكونوا قد طلبوا امللجئ وال يلزم من عدم‬
‫اجا‬
‫االعتداد ابملشاهد طلبه‪ ،‬بل جيوز أن يكونوا قد طلبوا غري احلاصل مما ال يلجئ ً‬
‫(‪)2‬‬
‫حينئذ من أسلوب احلكيم »‪.‬‬ ‫وعنادا‪ ،‬ويكون ا واب ابمللجئ ٍ‬
‫ً‬
‫فنزول اآلية الشك فيه‪ ،‬لكن من لطف هللا هبم أنه ينزهلا عليهم ملا يرتتب على ذلك‬
‫من العذاب واهللكة إن هم يؤمنوا بعد نزوهلا‪.‬‬
‫ويتبني مما سبق أن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي األسلوب‬
‫احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪ ،‬والغرض‬
‫منه التلطف‪.‬‬
‫‪ -7‬ﱣﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉﲊ ﲙ ﭐﱢ‬
‫[األنعام‪.]114 :‬‬
‫املعىن‪ :‬قل هلم اي حممد‪ :‬أفغري هللا أطلب من لكم بيين وبينكم ويفصل احملق منا من‬
‫الباطل‪ ،‬وهو الذر أنزل إليكم القرآن املعجز مبينا فيه احلق والباطل حبيث ينتفي التخلي‬
‫(‪)3‬‬
‫وااللتبا ‪.‬‬
‫وقد جاءت هذه اآلية على طريقة «األسلوب احلكيم» بتقريعهم وضم مع ذلك على‬
‫(‪)4‬‬
‫أهل الكتاب أبنه حق‪ ،‬لتصديقه ما عندهم‪ ،‬وموافقته له ‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر الز شرر‪ ،‬الكشاف ‪21 :2‬‬


‫(‪ )2‬األلوسي‪ ،‬روح املعاين‪135 :4 ،‬‬
‫(‪ً)3‬نصر الدين أبو سعيد البيضاور‪ " ،‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل"‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث‬
‫العرب ‪1418‬هـ ( ت حممد عبد الرمحن املرعشلي ) ‪444 :1‬؛ وينظر الثعلق " الكشف والبيان عن‬
‫تفسري القرآن‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث العرب (ت اإلمام أب حممد بن عاشور مراجعة وتدقيق‬
‫األستاذ نظري الساعدر ) ‪.183 :4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر الطيق‪ ،‬فتوح الغيب‪220 :6 ،‬‬

‫‪- 439 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬مث أمره أن يوخبهم‪ ،‬وينكر عليهم بقوله‪ :‬ﱣﲀ ﲁﭐﱢ؟‪ ،‬أر‪:‬‬
‫أأزل عن الطريق السور أبابطيلكم هذه فأخص غري هللا ابحلكم؟‪ ،‬وهو الذر أنزل هذا‬
‫حاكما بيين وبينكم نزال هذا‬
‫ً‬ ‫الكتاب املعجز‪ ،‬الذر أفحمكم‪ ،‬وأبكم فصحاءكم وكفى به‬
‫الكتاب املفصل ابآلايت البينات‪ ،‬من التوحيد والعدل والنبوة‪ ،‬واألمر والنهي‪ ،‬والوعد‬
‫والوعيد‪ ،‬والقصص واإلخبار عن الغيوب‪ ،‬و ا تضمن يف األلفاظ الفائقة الرائعة‪ ،‬كالعقد‬
‫املفصل الذر أعجزكم عن آخركم‪ .‬هذا كله معىن قوله‪ :‬ﱣﲉ ﭐﱢ‪ ،‬فإنه تعاىل أجاهبم‬
‫على«األسلوب احلكيم»(‪.»)1‬‬
‫فهذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم‬
‫املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪ ،‬والغرض منه توبيخهم والتهكم هبم(‪.)2‬‬
‫‪ -8‬ﱣﲠﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ‪ ...‬ﳑﭐﱢ [األنعام‪.]151 :‬‬
‫املعىن‪ :‬قل هلم اي حممد‪ :‬تعالوا أبني لكم احملرمات الىت ينبغي أن هتتموا هبا وتبتعدوا‬
‫عنها‪ ،‬فهم حني ظهر بطالن ما ادعوه من أن ما حرموه كان أبمر هللا‪ ،‬بني هللا هلم من‬
‫احملرمات ما هو أهم من األطعمة على طريقة «األسلوب احلكيم»‪.‬‬
‫قال أبو السعود َرِمحَهُ هللاُ‪ :‬ﱣﲠﲡ ﲢﭐﱢ‪ ،‬ملا ظهر بطالن ما ادعوه من أن إشراكهم‬
‫وإشراك آابئهم وحترمي ما حرموه أبمر هللا تعاىل ومشيئته بظهور عجزهم عن إخراج شيء‬
‫يتمسك به يف ذلك‪ ،‬وإحضار شهداء يشهدون ا ادعوه يف أمر التحرمي بعد ما كلفوه مرة‬
‫عجزا بينًا‪.‬‬
‫بعد أخرى ً‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أبن يبني هلم من احملرمات ما يقتضي احلال بيانه‬
‫صلَّى َّ‬
‫أمر رسول هللا َ‬
‫إيذاًن أبن حقهم االجتناب عن هذه احملرمات‪ ،‬وأما األطعمة‬ ‫على «األسلوب احلكيم» ً‬
‫احملرمة فقد بُينت بقوله تعاىل‪ :‬ﱣﲉ ﲊ ﲋ‪ ...‬ﱢ اآلية»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ينظر الطيق‪ ،‬فتوح الغيب‪.220 :6 ،‬‬


‫(‪ )2‬املصدر السابق‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر أبو السعود‪" ،‬إرشاد العقل السليم إىل مزااي الكتاب الكرمي"‪ ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار إحياء الرتاث‬
‫العرب ‪1400‬هـ ‪2:197‬؛ نة من علماء األزهر‪" ،‬املنتخب يف تفسري القرآن الكرمي" مصر‪ :‬اجمللس‬
‫=‬
‫‪- 440 -‬‬
‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫ولعلنا اآلن نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -9‬ﱣﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽﱾ ﭐﱢ [األعراف‪:‬‬
‫‪.]61‬‬
‫ملا قال أهل الصدارة والزعامة منهم جميبني تلك الدعوة اىل الوحدانية واليوم اآلخر‪:‬‬
‫ﱣﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱳﱠ‪ ،‬اقتضى املقام أن ينفي عن نفسه الضالل فقال‪ :‬ﱣﱶ‬
‫ﱷ ﱸﱠ‪ ،‬ولكنه زاد على ذلك ﱣﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽﱾﱠ‪ ،‬على‬
‫طريق «األسلوب احلكيم»‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬قلت‪ :‬ال ارتياب أن هذا االستدراك زايدة على ا واب؛ ألن‬
‫قوله‪ :‬ﱣﱶ ﱷ ﱸﱠ‪ ،‬كان كافيًا كما مر‪ ،‬فيكون من «األسلوب احلكيم»(‪.)1‬‬
‫ومما سبق يتبني لنا أن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي األسلوب‬
‫احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪ ،‬والغرض‬
‫منه التلطف هبم كما رأيت‪.‬‬
‫‪ -10‬ﱣﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ‬
‫ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ‬
‫ﱳﱴﱵ ﱶﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱻ ﱼ ﱽﱠﭐ‬
‫[األعراف‪.]76 -75 :‬‬
‫َن ص ِ‬
‫احلاً ُّم ْر َس ٌل من‬ ‫ملا قال املأل املستكربون للمستضعفني من املؤمنني‪( :‬أَتَـ ْعلَ ُمو َن أ َّ َ‬
‫َّرب ِه)‪ ،‬قالوا ذلك على سبيل السخرية‪ ،‬فأجابوهم على طريقة «األسلوب احلكيم»بقوهلم‪( :‬إِ ًَّن‬
‫ِ َا أ ُْرِس َل بِِه ُم ْؤِمنُو َن)‪ ،‬فجعلوا إرساله أمراً معلوماً مكشوفاً مسلماً ال يدخله ريب‪ ،‬كأ م‬

‫=‬
‫األعلى للشؤون اإلسالمية ‪1416‬هـ ‪235 :1‬‬
‫(‪ )1‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب‪426 :6 ،‬؛ وينظر األلوسي‪ ،‬روح املعاين ‪389 :4‬‬

‫‪- 441 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫قالوا‪ :‬العلم رساله و ا أرسل به ما ال كالم فيه وال شبهة تدخله لوضوحه وإًنرته‪ ،‬وإمنا‬
‫الكالم يف وجوب اإلميان به‪ ،‬فنخربكم أًن به مؤمنون‪ ،‬ولذلك كان جواب الكفرة رداً ملا جعله‬
‫املؤمنون معلوماً وأخذوه مسلماً»(‪.)1‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬حاصل ا واب أنه من ابب «األسلوب احلكيم» وهو تلقي‬
‫املخاطب بغري ما يرتقب»(‪.)2‬‬
‫فهذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم‬
‫املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪ ،‬والغرض منه التنبيه على الالئق أو‬
‫األهم‪.‬‬
‫‪ -11‬ﱣﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ‬
‫ﲍﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﲗ ﭐﱢ‬
‫[األعراف‪.]127 :‬‬
‫ملا قال قوم فرعون له ﱣﲆ ﲇ‪ ..‬ﱢ‪ ،‬كان األصل أن يكون جوابه عليهم أنه لن‬
‫يذره لكنه جاء ابألهم عنده كما حكا هللا عنه ﱣﲐ ﲑ ﲒ ﲓﭐﱢ‬
‫أر‪ :‬ليعلموا أًن على ما كنا عليه من الغلبة والقهر‪ ،‬وأ م مقهورون حتت أيدينا كما كانوا‪،‬‬
‫وأن غلبة موسى ال أثر هلا يف ملكنا واستيالئنا‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬يريد‪ :‬أن قوله‪ :‬ﱣﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﭐﱢ‬
‫من «األسلوب احلكيم» وإن صدر من األمحق‪ ،‬ألن ا واب املطابق للمأل عن قوهلم ﱣﲆ‬
‫ﲇ ﲈﭐﱢ إًن سنقتله وقومه ونستحيي ذراريهم»(‪.)3‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬

‫(‪ )1‬ينظر الز شرر‪ ،‬الكشاف‪116 :2 ،‬‬


‫(‪ )2‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب‪452 :6 ،‬؛ ومثله قال اآللوسي يف روح املعاين ‪ ،402 :4‬وينظر القامسي حماسن‬
‫التأويل ‪127 :5‬‬
‫(‪ )3‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب‪521 6،‬؛ وينظر الرازر‪ " ،‬مفاتيح الغيب " ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‬
‫‪1421‬ه ‪171 :14‬؛ األلوسي‪ ،‬روح املعاين‪30 :5 ،‬‬

‫‪- 442 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التهديد‪.‬‬
‫‪ -12‬ﱣﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝﲞ‪ ...‬ﲪﭐﱢ[األعراف‪.]128 :‬‬
‫قال موسى لقومه هذا الكالم كونه أهم من قول فرعون أنه قاهر هلم وهو «األسلوب‬
‫احلكيم»‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن الذر قاله املأل لفرعون والذر قال فرعون هلم قد عرفه موسى عليه‬
‫السالم ووصل إليه‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬كان قول موسى لقومه‪ :‬ﱣﲛ ﲜ ﭐﱢ‪ ،‬حني ضجر‬
‫القوم من قول فرعون من «األسلوب احلكيم» أر‪ :‬ليس كما قال فرعون‪ :‬ﱣﲔ ﲕ‬
‫ﲖﲗﱢ(‪.»)1‬‬
‫ولعلنا اآلن نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -13‬ﱣﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨﲩ ﲪ ﲫ‬
‫ﲬ‪ ...‬ﳊ‪[ ‬األعراف‪.]143 :‬‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﱣﲫ ﲬ ﭐﱢ جواب من هللا ملوسى حني طلب رؤيته بقوله‪ :‬ﱣﲥ‬

‫ﲨ ﭐﱢ‪ ،‬فإن هللا يقل له‪« :‬لن تنظر إيل»‪ ،‬لكن جاء «األسلوب‬ ‫ﲩ‬ ‫ﲦ ﲧ‬
‫احلكيم» ابألهم وهو الرؤية نفسها صرفًا عن جمرد طلب الرؤية‪.‬‬
‫فاملعىن‪ :‬أر لن تراين اآلن يف هذه الدنيا ال على استحالة الرؤية‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وقلت‪ :‬وها هنا سؤال آخر‪ ،‬وهو أنه كيف قيل‪ :‬ﱣﲫ‬

‫(‪ )1‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪521 :6‬؛ وينظر الرازر‪ ،‬مفاتيح الغيب ‪171 :14‬؛ األلوسي يف روح املعاين‬
‫‪30 :5‬‬

‫‪- 443 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫ﲬﱢ و يقل‪« :‬لن أريك نفسي؟ لقوله‪ :‬ﱣﲦﭐﱢ؟‬


‫وا واب‪ :‬إمنا عدل عن «لن أريك» للتفادر عن اإلييا ‪ ،‬وحسم الطمع‪.‬‬
‫يعين‪ :‬لن تراين مادمت على حالة أنت فيها‪ ،‬فإذا ارتفع املانع أريك نفسي لتنظر إليه‬
‫وهذا معىن قول ابن عبا َر ِض َي اَ ََّّللُ َعْنه‪« :‬لن تراين يف الدنيا(‪.»)1‬‬
‫وا واب من «األسلوب احلكيم»(‪.)2‬‬
‫ولعلنا اآلن نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التلطف كما رأيت‪.‬‬
‫‪ -14‬ﱣﱁﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌﱍ ﱎ‬
‫ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ‬
‫ﱜ‪ ...‬ﱣﭐﱢ [األعراف‪.]156 :‬‬
‫سأل موسى عليه السالم ربه أن يكتب له وبين إسرائيل الذين معه يف الدنيا حسنة‬
‫واآلخرة‪ ،‬فكان أول ا واب من هللا‪ :‬ﱣﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓﱔ ﭐﱢ‪ ،‬وفيها هتديد‬
‫وتوبيخ مع أن املتوقع إجابة الرمحة‪ ،‬فجيء بغري ما يتوقع السائل وهي صورة من «األسلوب‬
‫احلكيم» مث جيء اب واب املطلوب من موسى عليه السالم وهو قوله تعاىل‪ :‬ﱣﱕ‬
‫ﱖ ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ ﱜﭐﱢ‪.‬‬
‫واملعىن أن هللا وسعت رمحته يف الدنيا الرب والفاجر‪ ،‬وهي يوم القيامة للمتقني خاصة‪،‬‬
‫أو وسعت كل شيء ولكن ال جتب إال للذين يتقون‪ ،‬وذلك أن الكافر يرزق ويدفع عنه‬
‫ابملؤمنني لسعة رمحة هللا للمؤمنني فيعيش فيها فإذا صار إىل اآلخرة وجبت للمؤمنني خاصة‬
‫كاملستضيء بنار غريه إذا ذهب صاحب السراج بسراجه (‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬ينظر القرطق " ا امع ألحكام القرآن "‪.‬ط‪،2‬مصر‪ :‬دار الكتب املصرية‪1384،‬هـ ‪278 :7‬؛ أبو‬
‫حيان األندلسي‪ ،‬البحر احملي يف التفسري‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر ‪1431‬هـ‪382 :4 ،‬‬
‫(‪ )2‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪549 :6‬‬
‫(‪ )3‬ينظر عبد هللا بن أمحد الزيد‪ " ،‬تصر تفسري البغور" الرايض‪ :‬دار السالم للنشر والتوزيع ‪1416‬هـ‬
‫=‬
‫‪- 444 -‬‬
‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪ « :‬وخالصة ا واب‪ :‬أنه من «األسلوب احلكيم»‪ ،‬وأن التهديد‬
‫والتوبيخ توطئة للجواب‪.‬‬
‫وا واب قوله‪ :‬ﱣﱚﱢ(‪.»)1‬‬
‫ويندرج هذا املوضع حتت القسم األول من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل الكالم‬
‫على غري مراد املتكلم للتنبيه على أنه األوىل ابلقصد‪ ،‬والغرض منه التهديد والتوبيخ‪.‬‬
‫‪ -15‬ﱣﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ‬
‫ﲷ‪ ...‬ﳆﭐﱢ [التوبة‪]61 :‬‬
‫كان مجاعة من املنافقني يؤذون رسول هللا ويقولون فيه ما ال ينبغي ظنا منهم أنه‬
‫يسمع القالة فيهم من أر أحد‪ ،‬فلما قال بعضهم‪ :‬هو أذن‪ ،‬يعين أذن سامعة‪ ،‬نقول ما شئنا‬
‫مث أنتيه فيصدقنا ا نقول‪ ،‬صرفهم هللا إىل األهم وهو أنه أذن خري لكم يؤمن ابهلل ويصدق‬
‫املؤمنني‪ ،‬وهذا هو «األسلوب احلكيم»‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور‪« :‬ومجلة‪ :‬ﱣﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﭐﱢ‪ ،‬مجلة ﱣﲲ ﭐﱢ‬
‫مستأنفة استئنافًا ابتدائيًا على طريقة املقاولة واحملاورة إلبطال قوهلم بقلب مقصدهم إغاظة‬
‫كمدا ملقاصدهم‪ ،‬وهو من «األسلوب احلكيم» الذر لمل فيه املخاطب كالم املتكلم‬ ‫هلم‪ ،‬و ً‬
‫تنبيها له على أنه األوىل أبن يراد(‪.»)2‬‬
‫على غري ما يريده‪ً ،‬‬
‫ومن مث فإن هذا املوضع يدخل حتت القسم األول من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو‬
‫محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪ ،‬والغرض منه إبطال‬
‫قصد املنافقني من نفي كون السورة تزيد أحدا إمياًن‪.‬‬
‫‪ -16‬ﱣ ﭐﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱞ ﱟ‪...‬‬
‫ﱦﱢ [التوبة‪.]124 :‬‬

‫=‬
‫‪201 :33‬‬
‫(‪ )1‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪611 :6‬‬
‫(‪ )2‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪242 :10‬؛ وينظر الصابوين‪ ،‬صفوة التفاسري ‪1:507‬‬

‫‪- 445 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫املعىن‪ :‬وإذا ما أنزلت سورة من سور القرآن فمن املنافقني من يقول‪ :‬أيكم زادته هذه‬
‫إمياًن على سبيل االستهزاء‪ ،‬فهى يف وصف استبعاد املنافقني زايدة اإلميان عند نزول القرآن‬
‫فجاء الرد بقوله‪ :‬ﱣﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﭐﱢ‪.‬‬
‫أر أن زايدة اإلميان حاصلة واألهم إضافة البِشر هلذه الزايدة وهذا هو «األسلوب‬
‫احلكيم»‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور‪« :‬والفاء يف قوله‪ :‬ﱣﱟ ﱠ ﱡ ﭐﱢ‪ ،‬للتفريع على‬
‫حكاية استفهامهم حبمله على ظاهر حاله‪ ،‬وصرفه عن مقصدهم منه‪ ،‬وتلك طريقة‬
‫«األسلوب احلكيم»‪ ،‬وهو‪ :‬تلقي املخاطب بغري ما يرتقب حبمل كالمه على خالف مراده‬
‫قياسا على‬
‫إمياًن ً‬
‫أحدا ً‬‫لنكته‪ ،‬وهي هنا إبطال ما قصدوه من نفي أن تكون السورة تزيد ً‬
‫أحوال قلوهبم‪ ،‬فأجيب استفهامهم هبذا التفصيل املتفرع عليه‪ ،‬فأثبت أن للسورة زايدة يف‬
‫إميان بعض النا وأكثر من الزايدة وهو حصول البِشر هلم(‪»)1‬‬
‫فهذا املوضع يدخل يف القسم األول من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم‬
‫املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪ ،‬والغرض منه التنبيه على الالئق أو‬
‫األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من إبطال قصد املنافقني والتهكم هبم‪.‬‬
‫‪-17‬ﱣﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ‪...‬‬
‫ﳕﭐﱢ [يونس‪.]20 :‬‬
‫فقد كان يكفى يف جواهبم بغري ما يتوقعون ( إمنا الغيب هلل )‪ ،‬لكن جاءت الزايدة يف‬
‫ا واب على غري ما يطلبون أيضا على أسلوب احلكيم يف قوله‪ ( :‬فانتظروا ) وهو هتديد صارخ‬
‫هلم‪ ،‬واملعىن‪ :‬انتظروا ما يفعله هللا بكم وما سيحل بكم من العذاب جزاء عنادكم وجحودكم‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬فيه إشارة إىل أن قوله تعاىل‪ :‬ﱣﳍ ﳎ ﳏ ﳐﭐﱢ‪،‬‬
‫جواب على «األسلوب احلكيم»‪ ،‬فإ م حني طلبوا إنزال آية واحدة مع تلك اآلايت‬
‫املتكاثرة‪ ،‬دل على أن سؤاهلم للتعنت والعناد‪ ،‬فأجيبوا ا أجيبوا‪ ،‬ليؤذن سؤاهلم سؤال‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪65 :11‬‬

‫‪- 446 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫املقرتحني يستحقون به نقمة هللا وحلول عقابه‪ ،‬يعين‪ :‬أنه البد أن تُستأصل شأفتكم‪ ،‬لكن أًن‬
‫ال أعلم مىت يكون‪ ،‬وأنتم كذلك؛ ألنه من علم الغيب‪ ،‬وإذا كان كذلك فانتظروا ما يوجبه‬
‫اقرتاحكم‪ ،‬إين معكم من املنتظرين إايه(‪.»)1‬‬
‫ولعلنا اآلن نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التهديد والوعيد‪.‬‬
‫‪ -18‬ﱣﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﲠ ﲡ ﲢ ﲣﲤ‪ ...‬ﲭﭐﱢ [يونس‪:‬‬
‫‪.]49‬‬
‫ملا سأل املشركون عن موعد العذاب الذر وعدهم به رسول هللا (صلى هللا عليه‬
‫معرضا عن هذا إىل‬
‫وسلم) على سبيل االستبعاد والتهكم كما يف اآلية السابقة جاء كالم هللا ً‬
‫األهم وهو أن لكل أمة أجل‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وا واب وارد على «األسلوب احلكيم»‪ ،‬أل م ما أرادوا‬
‫ابلسؤال إال استبعاد أن املوعود من هللا تعاىل‪ ،‬وأنه ‪-‬صلوات هللا عليه‪ -‬هو الذر يدعي أن‬
‫هتكما وسخرية‪ ،‬فقيل يف ا واب‪ :‬هذا التهكم إمنا يتم إذا‬
‫ذلك منه‪ ،‬فطلبوا منه تعيني الوقت ً‬
‫فقريا أبين مثلكم يف أين ال املك لنفسي‬
‫ادعيت أبين أًن ا الب لذلك املوعود‪ ،‬وإذا كنت ً‬
‫ضرا‪ ،‬كيف أدعي ما ليس يل حبق؟‪ ،‬مث شرع يف ا واب الصحيح و يلتفت إىل‬ ‫نفعا وال ً‬
‫ً‬
‫هتكمهم واستبعادهم فقال‪ :‬ﱣﲡ ﲢ ﲣﲤ ﲥ ﲦ ﲧﭐﱢ(‪.)2‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪453 :7‬؛ وينظر األلوسي روح املعاين ‪88 :6‬‬
‫(‪ )2‬املرجع السابق ‪500 :7‬؛ وينظر املرجع السابق ‪125 :6‬‬

‫‪- 447 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫‪ -19‬ﱣﳖﳗ ﳘ ﳙﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﭐﱢ‬
‫[يونس‪.]53 :‬‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم عن ما وعد به من العذاب‬
‫صلَّى َّ‬
‫ملا استخرب املشركون رسول هللا َ‬
‫والبعث إنه حلق؟ كان سؤاهلم سؤال استبعاد‪ ،‬فأتى ا واب على أن األوىل هبم أن يكون‬
‫سؤاهلم لالسرتشاد‪ ،‬وهذا هو «األسلوب احلكيم»‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور‪« :‬ولذلك اشتمل ا واب املأمور به على مراعاة احلالتني‪،‬‬
‫فاعترب أوالً ظاهر حال سؤاهلم فأجيبوا على طريقة «األسلوب احلكيم» حبمل كالمهم على‬
‫اغتناما لفرصة‬
‫تنبيها على أن األوىل هبم سؤال االسرتشاد وتغليظًا هلم و ً‬ ‫خالف مرادهم ً‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلرشاد بناء على ظاهر حال سؤاهلم »‪.‬‬
‫ومن مث نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي األسلوب‬
‫احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬والغرض منه‬
‫التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التهديد والوعيد‪.‬‬
‫‪ -20‬ﱣﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ‪ ...‬ﲓﭐﱢ [يوسف‪.]90 :‬‬
‫إن قلت‪ :‬قد سألوه عن نفسه فلم أجاهبم عنها وعن أخيه وقد كان أخوه معلوماً‬
‫هلم؟‪ ،‬قلت‪ :‬ألنه كان يف ذكر أخيه بيان ملا سألوه عنه‪ ،‬فاألصل أن يكون جواب يوسف‬
‫عليه السالم‪ :‬نعم أًن يوسف ولكنه نبه على األهم من أن هذا ظاهر أر يوسف ولكن األهم‬
‫ما فعل هللا ب من العز وامللك‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وميكن أن جيرر على «األسلوب احلكيم»‪ ،‬وهو أ م ملا سألوه‬
‫متعجبني‪ :‬أأنت يوسف؟‪ ،‬أجاب‪ :‬ال تسألوا عن ذلك‪ ،‬فإنه ظاهر‪ ،‬ولكن اسألوا ما فعل هللا‬
‫بك من االمتنان واالعتزاز ا صربت على بالء هللا‪ ،‬وثبت على تقوى هللا‪ ،‬وكذلك أخي(‪.»)2‬‬
‫فهذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل‬
‫بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪196 :11‬‬


‫(‪ )2‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪426 :8‬؛ وينظر الز شرر‪ ،‬الكشاف ‪347 :2‬؛ األلوسي‪ ،‬وروح املعاين ‪47 :7‬‬

‫‪- 448 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫‪ -21‬ﱣﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱷ ﱸ‬
‫ﱹ ﱺ‪ ...‬ﲟﭐﱢ [الرعد‪.]31 :‬‬
‫بني هللا ىف هذه اآلية فضل القرآن الكرمي على مجيع الكتب املنزلة ورد على املشركني‬
‫حني هتكموا ابلقرآن وطلبوا من النق ( صلى هللا عليه وسلم ) أن يسري هلم جبال مكة حىت‬
‫يدفعها عنهم فنزلت اآلية‪ ،‬وجواب لو تقديره‪ :‬لكان هذا القرآن(‪.)1‬‬
‫فلما كان ذلك كذلك محل كالمهم على خالف قصدهم إذ األوىل أن ينظروا يف‬
‫الكتب السابقة هل هي مثل القرآن يف افرتاض ما سبق‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور‪« :‬ومجلة ﱣﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﭐﱢ عطف على ﱣﱨ ﱩ‬
‫ﱪﱢ حبرف اإلضراب‪.‬‬
‫أر ليس ذلك من شأن الكتب بل هلل أمر كل حمدث‪ ،‬فهو الذر أنزل الكتاب وهو‬
‫الذر خيلق العجائب إن شاء‪.‬‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم وال عند سؤالكم‪ ،‬فأمر هللا نبيه أبن يقول‬
‫صلَّى َّ‬
‫وليس ذلك إىل النق َ‬
‫هذا الكالم إجراء لكالمهم على خالف مرادهم على طريقة «األسلوب احلكيم»؛ أل م ما‬
‫تنبيها على أن األوىل هبم أن‬
‫أرادوا ا قالوه إال التهكم‪ ،‬فحمل كالمهم على خالف مرادهم ً‬
‫ينظروا هل كان يف الكتب السابقة قرآن يتأتى به مثل ما سألوه(‪.»)2‬‬
‫ولعلنا اآلن نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -22‬ﱣﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﭐﱢ [النحل‪.]1 :‬‬
‫ملا استهزأ املشركون بنزول العذاب جاء «األسلوب احلكيم» متجاهالً هذا االستهزاء‬
‫ولفت أنظارهم لألهم وهو النهي عن هذا االستعجال ابلعذاب واالهتمام ابالنتفاع ا أنزل‬
‫هللا يف القرآن ففيه اخلري والنفع والصالح والفالح‪ ،‬واملقصود أَنه سيأْيت قضاءُ هللا يف املستقبل‪،‬‬

‫(‪ )1‬ينظر اخلازن‪ ،‬لباب التأويل يف معاين التنزيل‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1415‬هـ ‪.20 :4‬‬
‫(‪ )2‬الطاهر بن عاشور التحرير والتنوير ‪144 :13‬‬

‫‪- 449 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫والتعبري عن املستقبل ابملاضي أل َّ‬
‫َن وقوعه حتمي مؤكد يف الوقت الذر حدَّده هللا لوقوعه‬
‫فكأَنه وقع فعال‪.‬‬
‫قال الطق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وبيانه‪ :‬أنه سبحانه وتعاىل ى املشركني عن استعجال نزول‬
‫العذاب استهزاء بقوله‪ :‬ﱣﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ ﭐﱢ‪ ،‬كأنه ما التفت إىل استهزائهم‪،‬‬
‫وأخرج الكالم على «األسلوب احلكيم»؛ أر‪ :‬تستعجلون بنزول ما يرديكم ويستأصلكم؟‬
‫فهال تنتفعون بنزول ما لييكم‪ ،‬وينجيكم منه‪ ،‬وهو هذا القرآن الذر هو ثابة الروح حلياة‬
‫القلوب امليتة وهذا الرسول الكرمي وابملؤمنني رؤوف رحيم‪ ،‬يدعوكم إىل التوحيد والتقوى(‪.»)1‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التلطف هبم‪.‬‬
‫‪ -23‬ﱣﲻ ﲼ ﲽﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ‪ ...‬ﳊﭐﱢ [اإلسراء‪.]85 :‬‬
‫سألوه عن الروح ما ماهيتها أهي عرض أم جوهر‪ ،‬فأجاب سبحانه‪ ،‬أو أمر نبيه أن‬
‫وح ِم ْن أ َْم ِر َرِب)‪ ،‬أر أ ا خلق من خلقه والعلم هبا من شأنه وأمره‬‫جييب بقوله‪( :‬قُ ِل ُّ‬
‫الر ُ‬
‫اخلاص به(‪.)2‬‬
‫حتديدا على «األسلوب احلكيم» إذا قال َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬قد‬
‫وذكر السيوطي هذه اآلية ً‬
‫يعدل عن ا واب أصالً إذا كان السائل قصده التعنت حنو ﱣﲻ‪ ....‬ﱢ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫تعجيزا وتغليظًا‪ ،‬إذ كان الروح يقال‬
‫ً‬ ‫اليهود‬ ‫يسأل‬ ‫إمنا‬ ‫‪:.‬‬ ‫قال صاحب اإلفصاح‬
‫ابالشرتاك على روح اإلنسان والقرآن وعيسى وجربيل وملك آخر‪ ،‬وصنف من املالئكة‪،‬‬
‫فقصد اليهود أن يسألوه‪ ،‬فأر مسمى أجاهبم قالوا هو‪ ،‬فجاءهم ا واب جممالً وكان هذا‬

‫(‪ )1‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪84 :9‬؛ وينظر حممد سيد طنطاور‪ " ،‬التفسري الوسي للقرآن الكرمي"ط‪1‬‬
‫مصر‪ :‬اهليئة العامة لشؤون املطابع األمريية ‪1973‬م ‪590 :5‬‬
‫(‪ )2‬ينظر حممد أبو زهرة‪" ،‬زهرة التفاسري" بدون‪ ،‬مصر‪ :‬دار الفكر العرب بدون ‪4446 :8‬‬
‫(‪ )3‬وهو الوزير ابن هبرية املتوىف سنة ‪ 560‬ه ـ ـ ـ؛ ينظر ابن هبرية‪" ،‬اإلفصاح عن معاىن الصحاح" بدون‪،‬‬
‫الرايض‪ :‬دار الوطن ‪1417‬هـ ‪11 :2‬‬

‫‪- 450 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫كيدا‪ ،‬به كيدهم»(‪.)1‬‬
‫اإلمجال ً‬
‫فهذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة‬
‫السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬والغرض منه التنبيه على الالئق أو‬
‫األهم‪.‬‬
‫‪ -24‬ﱣﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈﱉﱊ ﱋ ﱌ‬
‫ﱍ ﱎ ﱏﱐ ﱑﭐﱢ [مرمي‪.]77 :78‬‬
‫رور ىف سبب نزول هذه اآلية عن خباب قال كان يل على العاص بن وائل دين‬
‫فأتيته أتقاضاه فقال يل لن أقضيك حىت تكفر حمد قال‪ :‬قلت له لن أكفر به حىت متوت‬
‫مث تبعث قال وإين ملبعوث من بعد املوت؟! فسوف أقضيك إذا رجعت إىل مال وولد‪ ،‬فنزلت‬
‫هذه اآلية (‪.)2‬‬
‫فكان استبعاد الكافر وقوع القيامة ووعده بقضاء الدين حني قيامها على سبيل‬
‫االستبعاد والتهكم‪.‬‬
‫وقد جاء قوله تعاىل‪ :‬ﱣﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐ ﱑ ﭐﱢ‪ ،‬على‬
‫طريقة «األسلوب احلكيم» ابإلنكار والتعجب من قوله‪ :‬ﱣﱆ ﱇﱈ ﱉﭐﱢ‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور‪« :‬ومجلة ﱣﱊ ﱋ ﭐﱢ جواب لكالمه على طريقة‬
‫«األسلوب احلكيم» حبمل كالمه على ظاهر عبارته من الوعد بقضاء الدين من املال الذر‬
‫سيجده حني يُبعث‪ ،‬فاالستفهام يف قوله‪ :‬ﱣﱊ ﱋﭐﱢ إنكارر وتعجق(‪.»)3‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه اإلنكار والتعجب كما رأيت‪.‬‬

‫(‪ )1‬السيوطي‪ ،‬اإلتقان يف علوم القرآن ‪227 :1‬‬


‫(‪ )2‬القرطق‪ ،‬ا امع ألحكام القرآن ‪145 :11‬‬
‫(‪ )3‬الطاهر بن عاشور التحرير والتنوير ‪159 :16‬‬

‫‪- 451 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫‪ -25‬ﱣﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ‬
‫ﳆﳇ ﱠ[األنبياء‪.]56 :‬‬
‫الظاهر‪ :‬أن يكون جوابه لقومه حني سألوه‪ :‬ﱣﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ‬
‫ﲹﱢ‪ ،‬أن يقول‪ :‬بل أًن من الصادقني‪ ،‬ولكنه جاء بـ ـ ـ«األسلوب احلكيم» على األهم وهو‬
‫قوله‪ :‬ﱣﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁﭐﱢ‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وهذا ا واب وارد على «األسلوب احلكيم»‪ ،‬وكان من‬
‫الظاهر أن جييبهم بقوله‪ :‬بل أًن من احملقني‪ ،‬ولست من الالعبني‪ ،‬فجاء بقوله‪ :‬ﱣﲻ ﲼ‬
‫ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆﳇﱠ؛ لينبه به على‬
‫أن إبطايل ملا أنتم عاكفون عليه وتضليلي إايكم مما ال حاجة فيه لوضوحه إىل الدليل‪ ،‬ولكن‬
‫انظروا إىل هذه العظيمة‪ ،‬وهي أنكم ترتكون عبادة خالقكم ومالك أمركم ورازقكم ومالك‬
‫العاملني والذر فطر ما أنتم هلا عاكفون هلا‪ ،‬وتشتغلون بعبادهتا دونه‪ ،‬فأر ابطل أظهر من‬
‫ذلك؟‪ ،‬وأر ضالل أبني من هذا؟(‪.»)1‬‬
‫فهذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة‬
‫السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬والغرض منه التنبيه على الالئق أو‬
‫األهم‪.‬‬
‫‪ -26‬ﱣﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﭐﱢ [الشعراء‪.]24 :‬‬
‫ملا قال فرعون ملوسى فيما حكاه هللا عز وجل عنه‪ :‬ﱣﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢﱢ‬
‫[الشعراء‪ ،]23 :‬كان األصل أن يقول موسى يف ا واب‪ :‬هللا‪ ،‬ولكنه عدل إىل األهم وهو‬
‫رب هذه السموات اليت تراها فوقك واألرض اليت حتتك وما بينهما‪ ،‬وهذا هو «األسلوب‬
‫احلكيم»‪.‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬أراد أن ا واب من «األسلوب احلكيم»‪ ،‬أرشده بقوله‪ :‬ﱣﱣ‬
‫ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﭐﱢ [الشعراء‪ ،]24 :‬إىل طريق‬

‫(‪ )1‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪365 :10‬؛ وينظر األلوسي‪ ،‬روح املعاين ‪58 :9‬‬

‫‪- 452 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫املعرفة وحتصيل اإليقان‪ ،‬يعين‪ :‬من تكون هذه األجرام العظام مربوبة و لوقة له‪ ،‬وهو مالكها‬
‫ومدبر أمرها ال يكون من جنسها(‪.»)1‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -27‬ﱣﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱧ ﱨ ﱩﱪ ﱫ‬
‫ﱬﱢ [النمل‪.]47 :‬‬
‫املراد ابلتطري هنا التشاؤم‪ ،‬أر أنك اي صاحل كنت أنت ومن معك من املؤمنني سببا‬
‫لتشاؤمنا منكم بوجودكم‪.‬‬
‫وهم ملا جعلوا مخري العذاب تكذيبًا بوقوعه جاء «األسلوب احلكيم» أبن األوىل أن‬
‫جتعلوا مخره سالمة وإمهاالً حىت تتقوه وتؤمنوا ابهلل‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور‪« :‬واملعىن‪ :‬إنكار جعلهم مخري العذاب أمارة على كذب‬
‫الوعيد به وأن األوىل هبم أن جيعلوا امتداد السالمة أمارة على إمهال هللا إايهم فيتقوا حلول‬
‫العذاب‪ ،‬أر تبقون على التكذيب منتظرين حلول العذاب؟ وكان األجدر بكم أن تبادروا‬
‫ابلتصديق منتظرين عدم حلول العذاب ابملرة‪.‬‬
‫وعلى كال الوجهني فجواب صاحل إايهم جار على «األسلوب احلكيم» جبعل يقينهم‬
‫بكذبه حمموالً على ترددهم بني صدقة وكذبه(‪.»)2‬‬
‫ولعلنا اآلن نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -28‬ﱣﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧﲨ ﲩ ﲪﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ‬
‫ﲱﲲ ﲳ ﲴﭐﱢ [النمل‪.]71 :72‬‬

‫(‪ )1‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪344 :11‬؛ وينظر األلوسي روح املعاين ‪72 :10‬‬
‫(‪ )2‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪280 :19‬‬

‫‪- 453 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫املراد ابلوعد هنا ما أنذروا به من العقاب‪ ،‬وهو هتكم منهم‪ ،‬فقابله بتهكم مثله يف‬
‫ا واب بقرينة ﱣﲯ ﲰ ﲱﲲ ﲳﱢ وهو إيذان بقرب وقوع العذاب هبم‬
‫وأن مخره عنهم يكن إال رمحة هبم‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور‪« :‬وا واب جاء على «األسلوب احلكيم» حبمل استفهامهم‬
‫تنبيها على أن حقهم أن يسألوا عن وقت الوعيد ليقدموه ابإلميان»(‪.)1‬‬
‫على حقيقة االستفهام ً‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التهكم‪.‬‬
‫‪ -29‬ﱣﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯﲰﲱﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ‬
‫ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻﲼﲽﭐﱢ [السجدة‪.]28 :29‬‬
‫ملا قال املؤمنون‪ :‬سيحكم هللا بيننا يوم القيامة فيثيب احملسن ويعاقب املسيء‪ ،‬ورد‬
‫الكفار على سبيل االستهزاء‪ :‬مىت هذا الفتح؟‪ ،‬جاء «األسلوب احلكيم» ابلعدول عن‬
‫جواهبم إىل الفتح األهم وهو يوم القيامة‪.‬‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أبن جييبهم على‬
‫صلَّى َّ‬
‫قال الطاهر بن عاشور‪« :‬فأمر هللا الرسول َ‬
‫طريقة «األسلوب احلكيم» أبن يوم الفتح احلق هو يوم القيامة»‪.‬‬
‫مث قال َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬ففي هذا ا واب سلوك األسلوب احلكم من وجهني‪ :‬من وجه‬
‫العدول عن تعيني يوم الفتح‪ ،‬ومن وجه العدول هبم إىل يوم الفتح احلق‪ ،‬وهم إمنا أرادوا‬
‫ابلفتح نصر املسلمني عليهم يف احلياة الدنيا(‪.»)2‬‬
‫ومن مث نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي األسلوب‬
‫احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬والغرض منه‬
‫التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التهديد والوعيد‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪27 :20‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق؛ وينظر مكي بن أب طالب‪" ،‬اهلداية إىل بلوغ النهاية" ط‪ 1‬اإلمارات‪ :‬جمموعة حبوث‬
‫الكتاب والسنة جامعة الشارقة ‪1429‬ه ‪5776 :9‬‬

‫‪- 454 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫‪ -30‬ﱣﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ‬
‫ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴﭐﱢ [سبأ‪.]29 :30‬‬
‫استبعادا لوقوعه فجاء «األسلوب احلكيم» اب واب على‬ ‫ً‬ ‫سألوا عن موعد الساعة‬
‫األهم وهو السؤال عن أحواهلم يف ذلك اليوم على طريقة التهديد فكان مطاب ًقا للمقصود من‬
‫االستفهام وكان األهم كذلك أن ال يسألوا عن موعد وقوعه فهو حاصل ال حمالة بل ليعلموا‬
‫أنه حاصل يف الوقت الذر عينه هللا َعَّز َو َج َّل(‪.)1‬‬
‫قال الطيق َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وتلخيص ا واب‪ :‬أنه من «األسلوب احلكيم» يعين‪ :‬دعوا‬
‫السؤال عن وقت إرسائها‪ ،‬فإن كينونته البد منه‪ ،‬بل سلوا عن أحوال أنفسكم‪.‬‬
‫اسرتشادا‪ ،‬فجاء ا واب‬
‫ً‬ ‫قلت‪ :‬ما سألوا عن ذلك وهم منكرون له إال تعنتًا ال‬ ‫وكيف ُ‬
‫على طريق التهديد مطاب ًقا جمليء السؤال على سبيل اإلنكار والتعنت وأ م ُمرصدون ليوم‬
‫تقدما عليه(‪.)2‬‬
‫مخرا عنه وال ً‬ ‫يفاجئهم‪ ،‬فال يستطيعون ً‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التهديد والوعيد‪.‬‬
‫‪ -31‬ﱣﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ‬
‫ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﭐﱢ [يس‪.]48 :49‬‬
‫استبعادا جاء «األسلوب احلكيم» اب واب عن األهم‬‫ً‬ ‫حني سألوا عن موعد القيامة‬
‫وهو ما أعد هللا هلم من العذاب يف ذلك اليوم فعليهم أن ينتظروه‪.‬‬
‫واملعىن‪ :‬أ ا تبغتهم وهم يف أمنهم وغفلتهم عنها‪ ،‬ال خيطرو ا بباهلم مشتغلني‬
‫خبصوماهتم يف متاجرهم ومعامالهتم وسائر ما يتخاصمون فيه ويتشاجرون‪.‬‬
‫خارجا على «األسلوب‬ ‫ِ‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرمحَهُ هللاُ‪« :‬فيكون أسلوب الكالم ً‬
‫اضا عن جواهبم أل م يقصدوا حقيقة االستفهام فأجيبوا أبن ما أعد هلم من‬ ‫احلكيم» إعر ً‬
‫(‪ )1‬ينظر الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪20 :22‬‬
‫(‪ )2‬الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪560 :12‬‬

‫‪- 455 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫العذاب هو األجدر أبن ينتظروه(‪.»)1‬‬
‫فهذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة‬
‫السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬والغرض منه التنبيه على الالئق أو‬
‫األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التهديد والوعيد‪.‬‬
‫‪ -32‬ﱣﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐﲑ ﲒ‬
‫ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﲗﲜﭐﱢ [يس‪.]78 :79‬‬
‫روى أن أب بن خلف جاء إىل رسول هللا ( صلى هللا عليه وسلم ) و أخذ عظماً ابلياً‬
‫فجعل يفته بيده وهو يقول‪ :‬اي حممد‪ ،‬أترى هللا ليي هذا بعد ما قد رم‪ ،‬قال ( صلى هللا‬
‫عليه وسلم )‪ ( :‬نعم ويبعثك ويدخلك جهنم )(‪.)2‬‬
‫وملا كان سؤاله سؤال استحالة جاء «األسلوب احلكيم» حبمل السائل عكس مراده‬
‫فجيء ابألهم واألمشل من أن الذر خلقها أول مرة قادر على إحيائها من جديد‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪:‬‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم أبن يقول له‪ :‬ﱣﲒ ﲓ ﲔﭐﱢ أمر جبواب‬ ‫صلَّى َّ‬
‫«وأمر النق َ‬
‫على طريقة «األسلوب احلكيم» حبمل استفهام القائل على خالف مراده‪ ،‬ألنه ملا قال‪ :‬ﱣﲋ‬
‫قاصدا تطلب تعيني احملُيي‪ ،‬وإمنا أراد االستحالة‪ ،‬فأجيب جواب‬ ‫ﲌ ﲍ ىن ين ﲐ ﱢ يكن ً‬
‫علما‪ ،‬فقيل له‪ :‬ﱣﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖﭐﱢ (‪.)3‬‬ ‫من هو متطلب ً‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -33‬ﱣﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﲦ ﲧ ﲨﲩ ﲪ ﲫ‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪34 :23‬؛ وينظر الطيق‪ ،‬فتوح الغيب ‪97 :13‬‬
‫(‪ )2‬ينظر الز شرر‪ ،‬الكشاف ‪23 :4‬‬
‫(‪ )3‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪75 :23‬‬

‫‪- 456 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫ﲬ ﲭﭐﱢ [الصافات‪.]18 :16‬‬


‫إنكارا للبعث جاء «األسلوب احلكيم» ابألهم وهو مكيد البعث مع‬ ‫ملا استفهموا ً‬
‫زايدة وصفهم ابلصغر والذلة كما دل عليه لف ( داخرون ) إذ معناه‪ :‬أذالء صاغرون‬
‫مستسلمون‪ ،‬من دخر الرجل‪ :‬ذل وصغُر(‪.)1‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬واالستفهام يف قوله‪ :‬ﱣﲞ ﲟ ﭐﱢ إنكارر كما‬
‫تقدم فلذلك كان قوله تعاىل‪ :‬ﱣﲩ ﲪ ﭐﱢ جو ًااب لقوهلم ﱣﲞ ﲟ ﭐﱢ على طريقة‬
‫«األسلوب احلكيم» بصرف قصدهم من االستفهام إىل ظاهر االستفهام فجعلوا كالسائلني‪:‬‬
‫أيبعثون؟ فقيل هلم‪ :‬نعم‪ ،‬تقر ًيرا للبعث املستفهم عنه‪ ،‬أر‪ :‬نعم تبعثون(‪.»)2‬‬
‫فهذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة‬
‫السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬والغرض منه التنبيه على الالئق أو‬
‫األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من هتديدهم والتهكم هبم‪.‬‬
‫‪ -34‬ﱣﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ‬
‫ﱭ ﱮ ﱯ ﱰﱱﭐﱢ [غافر‪.]10 :‬‬
‫ملا قال هللا قبلها‪ :‬ﱣﱓ ﱔﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱜ‬
‫ﱝ ﱞ ﱟ ﱠﱡ ﭐﱢ [غافر‪ ،]9 :‬كان االنتقال من هذا الوصف للمؤمنني‬
‫ابلفوز العظيم إىل االنتقال ا سيحل ابملشركني يف اآلية اليت ندرسها جا ٍر على «األسلوب‬
‫احلكيم»‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬مقابلة سؤال املالئكة للمؤمنني ابلنعيم اخلالص يوم‬
‫القيامة ا خياطب به املشركون يومئذ من التوبيخ والتندمي وما يراجعون به من طلب العفو‬
‫مؤذنة بتقدير معىن الوعد ابستجابة دعاء املالئكة للمؤمنني‪ ،‬فطي ذكر ذلك ضرب من‬
‫اإلجياز‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر ابن منظور‪" ،‬لسان العرب " ط‪ ،3‬بريوت‪ :‬دار صادر ‪1441‬هـ مادة ( د خ ر )‪.‬‬
‫(‪ )2‬املرجع السابق‪.‬‬

‫‪- 457 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫واالنتقال منه إىل بيان ما سيحل ابملشركني يومئذ ضرب من «األسلوب احلكيم»‬
‫ألن قوله‪ :‬ﱣﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﭐﱢ اآلايت مستأنف استئنافًا ً‬
‫بياًن كان سائالً سأل‬
‫(‪)1‬‬
‫عن تقبل دعاء املالئكة للمؤمنني فأجيب أبن األهم أن يسأل عن ضد ذلك »‪.‬‬
‫ولعلنا اآلن نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التهديد والوعيد‪.‬‬

‫‪ -35‬ﱣﱂﱃﱄﱅﱢ [فصلت‪.]47 :‬‬


‫ملا هدد هللا الكفار ىف اآلية السابقة أبن جزاء كل أحد يصل إليه يوم القيامة‪ ،‬كأن‬
‫سائال سأل مىت يكون ذلك اليوم‪ ،‬جراي على سؤاهلم املتكرر عن موعد قيام الساعة كما مر‬
‫يف آايت كثر فجاء هذا ا واب على طريقة «األسلوب احلكيم» على أن األوىل أن تؤمنوا‬
‫هبا وتتهيئوا هلا‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪:‬‬
‫«ورد عليهم بطريق «األسلوب احلكيم»‪ ،‬أر‪ :‬األجدر أن تعلموا أن ال يعلم أحد‬
‫مىت الساعة وأن تؤمنوا هبا وتستعدوا هلا(‪.)2‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -36‬ﱣﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢﭐﱢ [الذارايت‪.]12 :13‬‬
‫أر يقولون تكذيبا واستهزاء‪ :‬مىت يوم احلساب وا زاء‪ ،‬وهو قريب مما مضى يف سؤاهلم‬
‫عن موعد يوم القيامة على سبيل التهكم واالستحالة فجاء «األسلوب احلكيم» على غري‬
‫مرادهم وبيان األهم فضالً عن حتقق القيامة وهو ما يقع فيه من وقوعهم يف النار والعياذ ابهلل‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪95 ،94 :24‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق ‪5 :25‬‬

‫‪- 458 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬ومجلة ﱣﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﭐﱢ جواب‬


‫لسؤاهلم جرى على «األسلوب احلكيم» من تلقي السائل بغري ما يتطلب إذ هم حني قالوا‪:‬‬
‫ﱣﱙ ﱚ ﱛ ﱜﭐﱢ‪ ،‬أراد التهكم واإلحالة فتلقى كالمهم بغري مرادهم‪ ،‬ألن يف ا واب ما‬
‫يشفي وقع هتكمهم على طريقة قوله تعاىل‪ :‬ﱣﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡ ﲢ ﲣ ﲤ‬
‫ﲥ ﲦﲧ ﲽﭐﱢ [البقرة‪.]189 :‬‬
‫واملعىن‪ :‬يوم الدين يقع يوم تصلون النار ويقال لكم‪ :‬ذوقوا فتنتكم(‪.»)1‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التهكم‪.‬‬
‫‪ -37‬ﱣﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣﳤ ﳥ ﳦ ﳧ ﳨ ﳩ ﳪ‬
‫ﳫ ﳬ ﳭﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ‬
‫ﱍ ﱎﭐﱢ [امللك‪.]27 ،26 ،25‬‬
‫سأل املشركون‪ :‬مىت هذا احلشر وا زاء الذى تعدوننا به إن كنتم صادقني فيما‬
‫ختربوننا به من احلشر وجميء الساعة‪ ،‬على سبيل االستهزاء واالستبعاد كعادهتم‪ ،‬فجاء‬
‫«األسلوب احلكيم» أبن هذا الوعد يف علم هللا وحده فضالً عن كونه و ً‬
‫اقعا وهو األهم من‬
‫جمرد سؤاهلم‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وأمر هللا رسوله أبن جييب سؤاهلم حبملة على‬
‫خالف مرادهم بل على ظاهر االستفهام عن وقت الوعد على طريقة «األسلوب احلكيم»‪،‬‬
‫أبن وقت هذا الوعد ال يعلمه إال هللا(‪.»)2‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪345 :26‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق ‪49 :29‬‬

‫‪- 459 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -38‬ﱣﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧﲨ ﲩ ﲪ ﲫ‬
‫ﲬﭐﱢ [املعارج‪.]3 ،2 ،1‬‬
‫ملا خوف رسول هللا ( صلى هللا عليه وسلم ) املشركني من العذاب‪ ،‬وقالوا‪ :‬اللهم إن‬
‫كان هذا هو احلق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم‪ ،‬وكان‬
‫سؤاهلم عن العذاب من حيث وقته وصفته على سبيل االستهزاء جاء «األسلوب احلكيم»‬
‫أبن األهم معرفتهم هلوله ووصفه ووقته ليحذروه وليتقوه ال جملرد السؤال عن وقته سخرية‬
‫واستهزاء‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وقد طويت يف مطاور هذه التعلقات مجل كثرية‬
‫إجيازا إذ حصل خالهلا ما يفهم منه جواب السائل‪ ،‬واستجابة الداعي‪،‬‬ ‫كان الكالم بذلك ً‬
‫واإلنباء أبنه عذاب واقع عليهم من هللا ال يدفعه عنهم دافع‪ ،‬وال يغرهم مخره‪.‬‬
‫وهذه األوصاف من قبيل «األسلوب احلكيم» ألن ما عدد فيه من أوصاف العذاب‬
‫وهوله ووقته هو األوىل هلم أن يعلموه ليحذروه دون أن خيوضوا يف تعيني وقته‪ ،‬فحصل من‬
‫هذا كله معىن‪ :‬أ م سألوا عن العذاب الذر ُهددوا عن وقته ووصفه سؤال استهزاء»(‪.)1‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التهديد والوعيد‪.‬‬
‫‪ -39‬ﱣﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼ‪ ...‬ﲳﭐﱢ [املدثر‪.]31 :‬‬
‫املعىن‪ :‬جنعل العدد إال سببا لفتنة وضالل املشركني حيث استقلوا بعددهم واستهزؤوا‬
‫حىت قال أبو جهل‪ :‬أفيعجز كل مائة منكم أن يبطشوا بواحد منهم وخترجون من النار‪ ،‬وقد‬
‫حصرا‪ ،‬فجاء «األسلوب احلكيم» من‬ ‫أاثر ذلك سؤاال عند املشركني عن حتديد هذا العدد ً‬
‫أن األهم هو ما أظهره هذا العدد من مبلغ فهم الكفار للقرآن إذ وقعوا يف الفتنة‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور‪« :‬وهو كالم جا ٍر على تقدير «األسلوب احلكيم» إذ الكالم‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪156 :29‬‬

‫‪- 460 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫قد أاثر يف النفو تساؤالً عن فائدة جعل خزنة جهنم تسعة عشر وهال كانوا آالفًا ليكون‬
‫احدا فإن قُوى املالئكة ميت كل عمل‬
‫مرآهن أشد هوالً على أهل النار‪ ،‬أو هال كانوا مل ًكا و ً‬
‫يُسخرها هللا له‪ ،‬فكان جواب هذا السؤال‪ :‬أن هذا العدد قد أظهر ألصناف النا مبلغ فهم‬
‫الكفار للقرآن‪ :‬وإمنا حصلت الفتنة يف ذكر عددهم يف اآلايت السابقة(‪.»)1‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬
‫‪ -40‬ﱣﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛﱢ إىل‪ :‬ﱣﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼﱢ‬
‫[القيامة‪.]6 :13‬‬
‫أر يسأل هذا الكافر على سبيل االستهزاء واالستبعاد والتكذيب مىت يكون هذا‬
‫اليوم؟ فلما جاء السؤال عن موعد يوم القيامة على سبيل االستهزاء واالستبعاد جاء‬
‫«األسلوب احلكيم» ا هو أهم وهو أوصاف وأهوال هذا اليوم العظيم َّ‬
‫عل النفو أن تتهيأ‬
‫له ا يليق به‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬عند حلول هذا اليوم مع تضمني حتقيق وقوعه فإن‬
‫لله ْد ِر واإلرشاد إال انتهزها‪ ،‬وهذا هتديد يف‬
‫كالم القرآن إرشاد وهدى‪ ،‬ما يرتك فرصة َ‬
‫محل لكالمهم‬
‫إيهاما اب واب عن سؤاهلم كأنه ٌ‬‫ابتدائه جاء يف صورة التعيني لوقت يوم القيامة ً‬
‫على خالف االستهزاء على طريق «األسلوب احلكيم»(‪.»)2‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪ ،‬وال خيفى ما فيه من التهديد والوعيد‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪314 :29‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق ‪344 :29‬‬

‫‪- 461 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫‪ -41‬ﱣﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋﳌ ﳍ‬
‫ﳎ ﳏﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕﱢ [النازعات‪.]42 :45‬‬
‫املعىن‪ :‬يسألك اي حممد هؤالء املشركون عن القيامة مىت وقوعها‪ ،‬وذلك أ م ملا كانوا‬
‫يسمعون أنباءها وأوصافها اهلائلة كانوا يقولون استهزاءً مىت حتدث وتقع‪ ،‬فلما كان سؤاهلم‬
‫عن موعدها على سبيل االستهزاء جاء «األسلوب احلكيم» ابلتنبيه إىل األهم وهو خشية‬
‫وقتها ابإلميان هبا والعمل الصاحل‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬وقوله‪ :‬ﱣﭐ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﱢ واقع موقع‬
‫‪،‬‬

‫ا واب عن سؤاهلم عن الساعة ابعتبار ما يظهر من حال سؤاهلم عن الساعة من إرادة تعيني‬
‫وقتها وصرف النظر عن إرادهتم به االستهزاء‪ ،‬فهذا ا واب من ختريج الكالم على خالف‬
‫تنبيها له على أن األوىل به أن يهتم بغري‬
‫مقتضى الظاهر‪ ،‬وهو تلقي السائل بغري ما يتطلب ً‬
‫ذلك وهو مضمون قوله‪ :‬ﱣﳐ ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕﱢ وهذا ما يسمى ب ـ ـ ـ«األسلوب‬
‫احلكيم»(‪.»)1‬‬
‫فهذا املوضع يندرج حتت القسم الثاين من قسمي األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو إجابة‬
‫السائل بغري ما يطلب تنبيهاَ له على أنه األوىل ابلسؤال‪ ،‬والغرض منه التنبيه على الالئق أو‬
‫األهم‪.‬‬
‫‪ -42‬ﱣﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﱢ [الكوثر‪.]3 :‬‬
‫ملا مات القاسم بن النق ( صلى هللا عليه وسلم ) قال العاص بن وائل‪ :‬دعوه فإنه أبرت‬
‫ال عقب له‪ ،‬إذا هلك انقطع ذكره‪ ،‬فجاء «األسلوب احلكيم» ىف الرد عليه ابألهم وهو أن‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم هو األبرت وإن كان له أوالد‪ ،‬ألنه‬
‫صلَّى َّ‬
‫هذا القائل الفاجر املبغض لرسول هللا َ‬
‫مبتور من رمحة هللا‪ ،‬أر مقطوع عنها‪ ،‬خبالف النق ( صلى هللا عليه وسلم ) فإن ذكره ابق‬
‫إىل آخر الدهر‪.‬‬
‫قال الطاهر بن عاشور َرِمحَهُ هللاُ‪« :‬ولكن ملا كان وصف األبرت يف اآلية جيء به‬
‫حملاكاة قول القائل‪( :‬حممد أبرت) إبطاالً لقوله ذلك‪ ،‬وكان فهمهم لوصف األبرت أنه الذر ال‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪95 :30‬‬

‫‪- 462 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫عقب له تعني أن يكون هذا اإلبطال ضرًاب من «األسلوب احلكيم»‪ ،‬وهو تلقي السامع بغري‬
‫تنبيها على أن األحق غري ما عناه من كالمه كقوله‬
‫ما يرتقب حبمل كالمه على خالف مراده ً‬
‫تعاىل‪ :‬ﱣﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦﲧﲽﱢ [البقرة‪.]189 :‬‬
‫الذكر إىل ما هو أجدر‬‫وذلك بصرف مراد القائل عن األبرت الذر هو عدمي االبن َّ‬
‫ابالعتبار وهو الناقص ح اخلري‪ ،‬أر‪ :‬ليس ينقص للمرء أنه ال ولد له‪ ،‬ألن ذلك ال يعود‬
‫على املرء بنقص يف صفاته وخالئقه وعقله(‪.»)1‬‬
‫ومما سبق نستطيع القول أبن هذا املوضع يندرج حتت القسم األول من قسمي‬
‫األسلوب احلكيم‪ ،‬وهو محل كالم املتكلم على غري ما يريد تنبيها له على أنه األوىل ابلقصد‪،‬‬
‫والغرض منه التنبيه على الالئق أو األهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطاهر بن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير ‪577 :30‬‬

‫‪- 463 -‬‬


‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬

‫اخلامتة‬
‫وفيها أبرز النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫‪ -1‬القيمة البالغية ألسلوب احلكيم تكمن يف العدول عن مقتضى الظاهر‪ ،‬وذلك‬
‫حبمل الكالم على خالف مراد املتكلم أو السائل‪.‬‬
‫‪ -2‬احلكمة من األسلوب احلكيم التأثري يف السامع من خالل أغراض متهددة منها‪:‬‬
‫التنبيه على األوىل أو األهم‪ ،‬والتلطف‪ ،‬والتهديد‪ ،‬والتهكم‪.‬‬
‫‪ -3‬دراسة األساليب البالغية يف القرآن الكرمي ال سيما األسلوب احلكيم توسع‬
‫اإلدراك‪ ،‬وتبني عمق املعىن وتعني على تدبر كتاب هللا‪.‬‬
‫‪ -4‬من خالل اطالعي على بعض األساليب البالغية املبثوثة يف كتب التفسري‬
‫وخاصة األسلوب احلكيم أرى ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬أمهية التفات طالب العلم إليها‬
‫وإفرادها ابلدراسة والبحث ملا؛ هلا من التأثري على التفسري‪.‬‬
‫‪ -6‬اعتىن علماء التفسري البالغيون أبسلوب احلكيم وغريه من األساليب البالغية‬
‫ا ميلة يف كتبهم‪ ،‬وأشهرهم الطيق يف حاشيته على الكشاف‪ ،‬واأللوسي‪،‬‬
‫والطاهر بن عاشور‪.‬‬
‫مصرحا فيها بذكر «األسلوب احلكيم»‬ ‫ً‬ ‫‪ -7‬درست يف هذا البحث (‪ )42‬موطنًا‬
‫وهي مواطن استقرائية يف أشهر الكتب اليت اهتمت هبذا األسلوب‪.‬‬
‫‪ -8‬أوضح املفسرون األسلوب احلكيم بقسميه وبينوا أثره على املعىن ‪.‬‬
‫ختل األمثلة اليت درست من بيان أغراض «األسلوب احلكيم» اليت ذكرهتا يف‬ ‫ُ‬ ‫‪-9‬‬
‫املبحث األول‪.‬‬

‫‪- 464 -‬‬


‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬

‫املصادر واملراجع‬
‫ابن عادل‪ ،‬عمر بن عادل‪" ،‬اللباب يف علوم الكتاب " (ط‪ 1‬بريوت دار بريوت‪1419 .‬هـ‬
‫‪1998 -‬م)‪.‬‬
‫ابن عاشور‪ ،‬حممد الطاهر بن حممد "التحرير والتنوير " (ط بدون تونس الدار التونسية‬
‫للنشر‪ 1984 ،‬م)‪.‬‬
‫ابن كمال‪ ،‬أمحد بن سليمان «رسالة يف األسلوب احلكيم» حتقيق‪ :‬د عبد هللا ا يوسي‪،‬‬
‫ود حممد طوالبة اجمللة األردنية عدد ‪ 2‬سنة ‪1430‬هـ‪.‬‬
‫أبو السعود العمادر‪ ،‬حممد بن حممد "إرشاد العقل السليم إىل مزااي الكتاب الكرمي "‬
‫(ط‪1‬بريوت دار إحياء الرتاث العرب ‪1400‬هـ)‪.‬‬
‫أبو حيان‪ ،‬حممد بن يوسف " البحر احملي " حتقيق‪ :‬صدقي مجيل( ط بدون بريوت دار‬
‫الفكر‪ 1431 ،‬هـ)‪.‬‬
‫أبو زهرة‪ ،‬حممد بن أمحد " زهرة التفاسري" (ط بدون مصر دار الفكر العرب سنة النشر‬
‫بدون)‪.‬‬
‫األولوسي‪ ،‬حممود بن عبد هللا " روح املعاين األلوسي" حتقيق‪ :‬علي عطية ط‪1‬بريوت دار‬
‫الكتب العلمية‪1415 -‬ه)‪.‬‬
‫البيضاور‪ً ،‬نصر الدين "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" إعداد وتقدمي حممد عبد الرمحن‬
‫املرعشلي ( ط‪ 1‬بريوت‪ .‬دار إحياء الرتاث العرب سنة بدون)‪.‬‬
‫الثعالق‪ ،‬عبد الرمحن بن حممد "ا واهر احلسان يف تفسري القرآن " ( ط بدون بريوت مؤسسة‬
‫األعلمى للمطبوعات سنة النشر بدون)‪.‬‬
‫الثعلق‪ ،‬أمحد بن حممد "الكشف والبيان عن تفسري القرآن "‪ ،‬ألىب إسحاق أمحد بن حممد‬
‫الثعلق (ط‪ 1‬بريوت دار إحياء الرتاث العرب ‪1422‬ه ـ ـ ‪ 2000 -‬م)‪.‬‬
‫ا اح ‪ ،‬عمر بن حبر "البيان والتبيني للجاح "( ط بدون بريوت دار مكتبة اهلالل‪،‬‬
‫‪1423‬هـ)‪.‬‬
‫ا رجاين‪ ،‬علي بن حممد "التعريفات" (ط‪ 1‬بريوت دار الكتب العلمية ‪1403‬هـ)‪.‬‬
‫محاد‪ ،‬نزيه محاد " معجم لغة الفقهاء " (ط‪1‬دار القلم ‪1429‬هـ)‪.‬‬
‫اخلازن‪ ،‬عالء الدين علي "لباب التأويل يف معاىن التنزيل" (ط‪ 1‬بريوت دار الفكر ‪1399‬ه ـ‬
‫‪- 465 -‬‬
‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‪ ،‬د‪ .‬سلطان بن بدير العتييب‬
‫‪1979 -‬م)‪.‬‬
‫الرازر‪ ،‬حممد بن عمر "مفاتيح الغيب" (ط‪ 1‬بريوت دار الكتب العلمية ‪1421‬هـ ـ‬
‫‪2000‬م)‪.‬‬
‫الزركشي‪ ،‬بدر الدين حممد " الربهان يف علوم القرآن" حتقيق‪ :‬حممد أبو الفضل (ط بدون‬
‫بريوت دار املعرفة ‪1391‬هـ)‪.‬‬
‫الزركلي‪ ،‬خري الدين بن حممود "األعالم" (ط‪ 15‬بريوت دار العلم للماليني ‪2002‬م)‪.‬‬
‫الز شرر‪ ،‬حممود بن عمرو " الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه‬
‫التأويل " (ط بدون بريوت دار إحياء الرتاث العرب سنة النشر بدون)‪.‬‬
‫زواور‪ ،‬علي زواور "أسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي دراسة بالغية أسلوبية "رسالة ماجستري‬
‫غري مطبوعة سنة ‪1435‬هـ‪.‬‬
‫الزيد‪ ،‬عبد الرمحن بن أمحد " تصر تفسري البغور" ( ط‪ 1‬الرايض دار السالم للنشر‬
‫والتوزيع ‪1416‬ه ــ)‪.‬‬
‫السبكي‪ ،‬أمحد بن علي "عرو األفراح يف شرح تلخيص املفتاح " حتقيق‪ :‬د عبد احلميد‬
‫هنداور ( ط‪ 1‬بريوت املكتبة العصرية ‪1423‬هـ)‪.‬‬
‫السكاكي‪ ،‬يوسف بن أب بكر " مفتاح العلوم " ( ط‪ 2‬بريوت دار الكتب ‪1407‬هـ)‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬جالل الدين "اإلتقان يف علوم القرآن" حتقيق‪ :‬حممد أبو الفضل‪( ،‬ط بدون اهليئة‬
‫املصرية العامة للكتاب ‪1394‬هـ)‪.‬‬
‫الشوكاين‪ ،‬حممد بن علي " فتح القدير ا امع بني فين الرواية والدراية من علم التفسري" (ط‪1‬‬
‫بريوت دار ابن كثري ‪1414‬هـ)‪.‬‬
‫الصابوين‪ ،‬حممد علي "صفوة التفاسري" (ط بدون بريوت دار الفكر ‪1421‬هـ ـ ‪2001 -‬م)‪.‬‬
‫الصعيدر‪ ،‬عبد املتعال عبد الوهاب "بغية اإليضاح لتلخيص املفتاح يف علوم البالغة"‬
‫(ط‪ 17‬مكتبة اآلداب ‪1426‬هـ)‪.‬‬
‫طنطاور‪ ،‬حممد سيد "التفسري الوسي " (ط‪ 1‬مصر اهليئة العامة لشئون املطابع األمريية‪،‬‬
‫‪1393‬هـ ـ ‪1973 -‬م)‪.‬‬
‫الطيق‪ ،‬احلسني بن عبد هللا "فتوح الغيب يف الكشف عن قناع الريب" حتقيق‪ :‬د مجيل بين‬
‫عطا‪( ،‬ط‪1‬نشر‪ :‬جائزة دب الدولية للقرآن ‪1434‬هـ)‪.‬‬
‫‪- 466 -‬‬
‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد ‪ – 196‬اجلزء األول‬
‫عتيق‪ ،‬عبد العزيز "علم البديع" (ط بدون مصر دار النهضة العربية للطباعة والنشر سنة النشر‬
‫بدون)‪.‬‬
‫قاسم‪ ،‬حممد أمحد "علوم البالغة" (ط‪ 1‬طرابلس املؤسسة احلديثة للكتاب‪2003 ،‬م)‪.‬‬
‫القامسي‪ ،‬حممد مجال الدين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد السود ( ط‪ 1‬بريوت دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪1418‬هـ)‪.‬‬
‫القرطق‪ ،‬أبو عبد هللا حممد بن أمحد ا امع ألحكام القرآن للقرطق‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد الربدوين‬
‫(ط‪2‬دار الكتب املصرية ‪1384‬هـ)‪.‬‬
‫القزويين‪ ،‬جالل الدين حممد "التلخيص يف علوم البالغة" حتقيق‪ :‬حممد خفاجي‪( ،‬ط‪3‬‬
‫بريوت دار ا يل بدون سنة نشر)‪.‬‬
‫القيسي‪ ،‬مكي بن أب طالب "اهلداية إىل بلوغ النهاية" (ط‪ 1‬إلمارات جمموعة حبوث‬
‫الكتاب والسنة – جامعة الشارقة ‪1429‬ه ـ ـ ‪2008 -‬م)‪.‬‬
‫نة من علماء األزهر "املنتخب يف تفسري القرآن الكرمي" (ط‪ 218‬اجمللس األعلى للشئون‬
‫اإلسالمية ‪1416‬ه)‪.‬‬
‫جملة جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪" ،‬األسلوب احلكيم دراسة بالغية حتليلية"‪،‬‬
‫العدد ‪ 15‬شعبان ‪1416‬هـ‪.‬‬
‫تار‪ ،‬أمحد تار "معجم اللغة العربية املعاصرة" (ط‪ 1‬القاهرة عا الكتب‪1429 ،‬هـ)‪.‬‬
‫امليداين‪ ،‬عبد الرمحن حبنكة "البالغة العربية أسسها وعلومها وفنو ا" (ط‪ ،1‬سوراي الدار‬
‫الشامية الشامية ‪1416‬هـ)‪.‬‬
‫اهلامشي‪ ،‬أمحد بن إبراهيم "جواهر البالغة يف املعاين والبيان والبديع"‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬يوسف‬
‫الصميلي‪( ،‬ط‪ 1‬بريوت املكتبة العصرية ‪1999‬م )‪.‬‬

‫‪- 467 -‬‬


‫ سلطان بن بدير العتييب‬.‫ د‬،‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‬
Bibliography
Zawāwī, ʿAli. “ʾUslūb al-Ḥakīm fī al-Qurʾān al-Karīm, Dirāsatun
Balāghiyatun “Ulūbiyyah”. M.A. thesis in 1435 AH.
Abū Al-Saʿūd al-ʿImādī, Muhammad bin Muhammad. Irshād Al aql Al
Salīmilámazāyā al-Kitāb al-Karīm House of revival of arab heritage,
Beirut,1st ed. 1400 HA.
Al-Suyūṭī, Jalāl al-Dīn. “Al-Itqān Fī ʿUlūm al-Qur'ān”. Investigated by:
Muḥammad Abū al-Faḍl. General Egyptian Book Organization, 1394
AH).
Al Zirikli, Khair al-Dīn bin Mahmūd. “Al-Aʿlām”. (15th ed. Beirut: Dār al
ʿIlm Lil Malāyīn, 2002).
Al-Bayḍāwī Nāṣir al-Dīn. “Anwār al-Tanzīl wa Asrār al-Taʾwīl”. Prepared
and presented by: Muhammad ʿAbd al-Rahmān al-Marʿashlī. (First
Edition, Beirut: Dār Ihyā Al-Turāth al-ʿArabi).
Al-Ṣāʿidī, ʿAbd al-Mutaʿāl ʿAbd al-Wahhāb. “Bughyat al ʾĪdāh li Talkhīs
al-Miftāh Fī ʿUlūm al-Balāgha”. (17th ed. Maktabat Al-Adab,
1426AH).
Al-Jahiz, ʿAmru bin Baḥr. “Al-Bayān wa al-Tabyīn”. (Beirut: Dār wa
Maktabat Al-Hilāl,1423AH).
Al-Zarkashī, Badr al-Dīn Muhammad. “Al-Burhān fī Ulūm al-Qur'ān”.
Investigated by: Muḥammad Abu al-Faḍl. (Beirut: Dār al-Maūārif,
1391 AH).
Habanakat Abd al-Rahmān, “al-Balāgha al-ʿArabiya ʾUsusuhā wa
ʿUlūmuhā wa Funūnuhā”. (1st ed. Syria: al-Dār al-Shamiya, 1416 AH).
Abū Hayyān, Muhammad bin Yūsuf. “al-Bahr al-Muḥiṭ”. Investigated by:
Ṣidqī Jamīl. (Beirut: Dār al-Fikr, 1431AH).
Al-Qasimī, Muhammad Jamāl. “Tafsir al-Qasimī”. Investigated by:
Muhammad Al-Sūd. (1st ed. Beirut: Dār al Kutub al -ʿIlmiyah,
1418AH).
Al-Qawīnī, Jalāl al-Dīn Muhammad. “al-Talkhīs fī ʿUlūm al-Balāgha”.
Investigated by: Muhammad Khafājī. (3rd ed. Dār Beirut: al-Jīl).
Al-TaRifat by Al Jurjani, Dār al Kutub al -ʿIlmiyah , Beirut, 1st ed.
1403AH
Ibn ʿĀshūr, Muhammad al-Ṭāhir. “al-Tahrīr wa al-Tanwīr”. (1st ed. Al-Dār
Al-Tunisiya for Publishing,1984).
Ṭanṭāwī, Muhammad Sayyid. “Tafsīr al-Wasīṭ”. (First Edition, Egypt: the
general council for al-Amīriya press affairs, 1393 A.H – 1973).
Al-Hāshimī Aḥmad bin Ibrāhīm. “Jawāhir Al-Balāgha fī al-Maʿānī al-Bayān
wa al-Badiʿ”. Investigated by: Dr. Yūsuf al-Ṣumailī. (1st ed. Beirut: al-
Maktaba al-ʿAsriya, 1999).
Al-Qurtubi, Muhammad bin Ahmad. “Al-Jāmiʿ li Ahkām al-Qur'an”.
Investigated by: Ahmad al-Bardūnī. (2nd ed. Dār al-Kutub al-
Miṣriyya,1384 AH).
Al-Thaʿālibī, Abd al-Rahmān bin Muhammad. “al-Jawāhir al-Ḥisān Fī
Tafsīr al-Quran”. (Beirut: Al-Alami Printing Foundation).
- 468 -
‫ – اجلزء األول‬196 ‫جملة اجلامعة اإلسالمية للعلوم الشرعية – العدد‬
Al-Ṭayyibī, al-Husein bin Abdillah. “Hāshiyat Al-Tayyibī”. Investigated by:
Dr. Jamīl bin ʿAṭā, (1st ed. published by Dubai International Holy
Quran Award, 1434AH).
Ibn Kamal, Ahmad bin Sulaimān. “Risalah Fē Al-Uslūb Al-Hakīm”.
Investigated by: Dr. Abdullah Al-Jayyūsī and Dr. Muhammad
Ṭawalibah. A peer-Investigated research published in the Jordanian
Journal issue 2 of the year 1430AH.
Al-Alūsī, Maḥmūd bin Abdillah. “Rūh Al-Maʿānī”.Investigated by: ʿAli
ʿAttiya. (1st ed. Beirut: Dār al kutub al-ʿIlmiyah, 1415AH).
Abu Zahra, Muhammad bin Ahmad. “Zahrat al-Tafāsīr”. (Dār al-Fikr al-
ʿArabi).
Al-Ṣābūnī Muhammad Ali. “Ṣafwat Al-Tafāsīr”. (Beirut: Dār al-Fikr, 1421
A.H. – 2001).
ElimAlbadie (Semantics) by Dr. Abdul Aziz bin Ateeq, Dār al
NahdaAlarabia for Printing and Publishing.
Al-Subkī, Aḥmad bin ʿAli. “ʿArūs al-Afrāh”. Investigated by Dr. ʿAbdul
Ḥamīd Hindāwī. (1st ed. Beirut: Al-Maktaba al-ʿAsriya, 1423AH).
Qasim, Muhammad Aḥmad. “ʿUlūm al-Balāgha”. (1st ed. Tripoli: al-
Muʾasasat al-Ḥadithiya lil Kitāb, 2003).
Al-Shawkānī, Muḥammad bin ʿAli. “Fath al-Qadīr al-Jāmiʿ baina Fannai al-
Riwāya wa al-Dirāya min ʿIlm al-Tafsīr”. (1st ed. Beirut: Dār Ibn
Kathīr, 1414AH).
Al-Zamakhsharī, Mahmoud bin Umar. “Al-Kashaf ʿan Haqāʾiq Ghawāmid
al-Tanzīl Wa ʿUyūn Al-Aqāwīl Fī Wujūh al-Taʾwīl”. (Beirut: Dār Iḥyā
al-Turāth Al-ʿArabī ).
Al-Thaʿlabī, Ahmad bin Muhammed. “Al-Kashf wa al-Bayān”. (First
Edition, Beirut: Dār Ihyā al-Turāth Al-ʿArabī,1422 A.H. – 2000)
Ibn ʿĀdil, Umar bin ʿĀdil. “Al-Lubab Fē Ulūm Al-Kitāb”. (First Edition,
Beirut: Dār Al-Kutub Al-ʿ-ʿIlmiyah , 1419 AH – 1998).
Al-Khāzin, ʿAlā Al-Dīn ʿAli. “Lubāb Al-Taʾwīl Fī Maʿānī al-Tanzīl”.
(Beirut: Dār al-Fikr, 1399 AH – 1979).
Al-Zaid, ʿAbd al-Raḥmān bin Ahmad. “Mukhtaṣar Tafsīr Al-Baghawī”.
(First Edition, Riyadh: Dār al-Salām for Publishing and Distribution,
1416 AH).
Al-Rāzī, Muhammad bin Umar. “Mafātīh al-Ghayb”. (First Edition, Beirut:
Dār Al-Kutub Al-ʿIlmiyah, 1421 AH – 2000).
Al-Sakkākī, Yūsuf bin Abī Bakr. “Miftāh al-ʿUlūm”. (2nd ed. Beirut: Dār
al-Kutub al-ʿIlmiyah, 1407AH).
Imam Muhammad bin Saud Islamic Journal of Applied Sciences. “al-Uslūb
al-Ḥakīm Dirāsatun Balaghiyatun Taḥlīliyat”. Issue. 15 of Shaʿbān
1416AH.
Nazih Hammad, “Mu'jam Lughat Al-Fuqahā”. (1st ed. Dār Al-Qalam for
Publishing and Distribution, 1429AH).
Mukhtār, Aḥmad. “Muʿjam al-Lugha al-ʿArabiya al-Muʿāṣirah”. (1st ed.
Cairo: ʿĀlam Al-Kutub Publishing and Distribution, 1429AH).
- 469 -
‫ سلطان بن بدير العتييب‬.‫ د‬،‫األسلوب احلكيم يف القرآن الكرمي من خالل كتب التفسري‬
A group al-Azhar scholars. “Al-Muntakhab fī Tafsīr Al-Qur'an Al-Karīm”.
(21st Edition, Supreme council for Islamic affairs, 1416AH).
Al-Qaisī, Makki bin Abi Ṭālib. “Al-Hidayah Ilā Bulūgh al-Nihāyah”. (First
Edition, U.A.E: The Quran and Sunnah Research Group – University of
Sharjah –1429 A.H – 2008).

- 470 -

Powered by TCPDF (www.tcpdf.org)

You might also like