You are on page 1of 61

‫جامعة أمحد دراية أدرار‬

‫كـليـة احلقوق والـعلـوم السياسية‬

‫قـ ـ ــسم ال ـ ــعلوم السياسية‬

‫عـ ـنـ ــوان ال ـ ـمـ ــذك ـ ــرة‪:‬‬

‫الجماعات الضاغطة ودورها في صنع السياسة العامة‬

‫في الجزائر )‪)2018 / 1999‬‬

‫مذكــرة مكملة لنيل متطلبات شهادة المـاستــر في العلوم السياسية‬

‫تخصص‪ :‬تنظيمات سياسية وإدارية‬


‫ال‬
‫إشراف‪:‬‬ ‫إعداد الطالبين‪:‬‬

‫د‪ .‬عبد القادر الهلي‬ ‫الجزائر‬ ‫‪-‬محمد دحماني‬

‫(‪)2018-1999‬‬ ‫‪-‬عبد الجليل لخضاري‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫جامعة‪..‬ادرار‬ ‫أستاذ‪.‬محاضر (ا)‬ ‫صيفي مشاور‬

‫مشرفا ومقرر‬ ‫جامعة‪.‬ادرار‬ ‫أستاذ محاضر ( ب)‬ ‫عبد القادر الهلي‬

‫عضوا مناقشا‬ ‫جامعة ادرار‬ ‫أستاذ‪.‬مساعد(ا)‬ ‫تهامي عثماني‬

‫الموسم الجامعي ‪2019/2018‬‬


1
‫شكر و عرفان‪:‬‬

‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‪:‬‬

‫"من مل يشكر الناس مل يشكر اهلل"‬

‫بعد شكر اهلل سبحانه و تعاىل على توفيقه لنا إلمتام هذا البحث نتقدم جبزيل الشكر‬

‫إىل كل الذين أعانونا و شجعونا على االستمرار يف مسرية العلم و النجاح‪ ،‬كما نتوجه بالشكر اجلزيل‬
‫إىل من شرفنا بإشرافه على مذكرة التخرج األستاذ الدكتور " عبد القادر الهلي‪ ".‬الذي مل يبخل علينا‬
‫بتوجيهاته العلمية اليت ال تقدر بثمن؛ إىل كل أساتذة قسم العلوم السياسية‬

‫وعلى رأسهم رئيس القسم األستاذ تهامي عثماني‬

‫إىل أعضاء جلنة املناقشة املوقرة‬

‫(الدكتور مشاور صيفي *الدكتور الهلي عبد القار* االستاذ عثماني تهامي)‬

‫إىل كل من ساعدنا من قريب أو من بعيد على إجناز و إمتام هذا العمل‪.‬‬

‫الطالب‪ :‬خلضاري عبد اجلليل‬ ‫الطالب حممد دمحاين‬

‫‪2‬‬
‫إهداء‬

‫الحمد هلل أوال و أخيرا‬

‫اهدي هذا العمل وهذا االنجاز إلى‬

‫روح أبي الطاهرة الذي علمني ورباني ورغم انه فارقني مبكرا إال أن بذور تربيته نمت وازدهرت‬
‫فيارب لك الحمد على منك وجودك‬

‫اهدي هذا العمل إلى غاليتي التي لم تبخلني بدعوة خيرا قط‬

‫أمي رفقة زوجة أبي أطال اهلل عمرهما‬

‫اهدي هذا العمل إلى عائلتي (زوجتي وأوالدي) ‪...‬إلى إخوتي و أخواتي وأوالدهم‬

‫إلى كل عائلة دحماني إلى كل األصدقاء واألحبة‬

‫م دحماني‬

‫‪3‬‬
‫إهداء‬

‫الحمد هلل أوال و أخيرا‬

‫اهدي هذا العمل وهذا االنجاز إلى‬

‫روح أبي الطاهرة الذي علمني ورباني‬

‫اهدي هذا العمل إلى غاليتي التي لم تبخلني بدعوة خيرا قط‬

‫أمي أطال اهلل عمرهاا‬

‫اهدي هذا العمل إلى عائلتي (زوجتي وأوالدي) ‪..‬إلى إخوتي و أخواتي‬

‫إلى كل عائلة لخضاري‬

‫إلى كل األصدقاء واألحبة‬

‫عبد الجليل لخضاري‬

‫‪4‬‬
5
‫إن وجود نظام سياسي مبؤسساته وهياكله‪ ،‬يتطلب تعدد القوى املختلفة تأخذ الطابع الرمسي وغري‬
‫الرمسي ‪ ،‬واليت من بينها اجلماعات الضاغطة اليت تبحث عن مصاحلها تظهر هده اجلماعات خاصة يف‬
‫تلك النظم اليت حرصت على وضع قوانيني وتشريعات ‪ ،‬يضمن هلا حق التجمع والتنظيم وغري ذلك‬
‫مما يسمح بالدفاع عن حريات اإلفراد ويف هذه املذكرة سنحاول التطرق إىل دور اجلماعات الضاغطة يف‬
‫عملية صنع السياسة العامة يف اجلزائر خالل الفرتة الزمنية من ‪1999‬إىل غاية ‪ 2018‬و إبراز‬
‫بعض النقاط املهمة واليت تتميز هبا اجلماعات الضاغطة وكيف تؤثر يف عملية صنع السياسة العامة‬

‫أوال‪ :‬أهمية الدراسة‬

‫يعترب موضوع اجلماعات الضاغطة من أهم املواضيع يف السياسة العامة‪ ،،‬ملا له من انعكاس لفهم طبيعة‬
‫العملية السياسية داخل النظام السياسي ‪ ،‬اذ تربز أمهية الدراسة أهنا تركز على الدور اهلام الذي تقوم به‬
‫مجاعات الضغط يف صنع السياسة العامة ‪ ،‬بالرغم من أن هذه اجلماعات ال تكتسب طاب الفواعل‬
‫الرمسية إال إن تأثريها على عملية صنع السياسة العامة كبري قد يفوق تأثري بعض الفواعل الرمسية‬

‫ثانيا ‪ :‬أهداف الدراسة‬

‫هتدف هذه الدراسة إىل‬

‫‪ ‬حماولة أثراء الرصيد املعريف والعلمي‬


‫‪ ‬معرفة مفهوم و أنواع أمهية ودور اجلماعات الضاغطة‬
‫‪ ‬معرفة قدرة اجلماعات الضاغطة على التأثري يف عملية صنع السياسة العامة‬
‫‪ ‬معرفة طرق ووسائل عمل اجلماعات الضاغطة‬

‫‪6‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الدراسات السابقة‬

‫مبا انه ال ميكن إقامة دراسة من دون االعتماد واالرتكاز على أدبيات سابقة تصب يف نفس‬
‫املوضوع والن العلم واملعرفة تراكمية فانه وجب االعتماد يف دراستنا هلذا املوضوع على بعض‬
‫األدبيات املساعدة واخلادمة للدراسة نذكر منها على سبيل املثال‬

‫‪ .1‬كتاب صنع السياسة العامة للمفكر جيمس اندرسون والذي قام عامر خضري‬
‫الكبيسي برتمجته اىل اللغة العربية ويف هذا الكتاب م التعريف بالسياسة العامة و خصائصها ووضح‬
‫فيه دور الفواعل الرمسية وغري الرمسية يف رمسها و مراحل صنعها‬
‫كتاب لسياسة العامة مدخل لتطوير اداء احلكومة للكاتب عامر خضري‬ ‫‪.2‬‬
‫الكبيس والذي حاول هو األخر أعطى توضيح واسع وشامل حول السياسة العامة‬
‫كتاب السياسة العامة من منظور كلي يف البيئة والتحليل للكاتب فهمي خليفة‬ ‫‪.3‬‬
‫الفهداوي يعترب هذا الكتاب من أهم الكتب اليت اعتنت بدراسة السياسة العامة‬

‫كتاب الوسيط يف النظم السياسية والقانون الدستوري للكاتب اخلطيب‪،‬نعمان‬ ‫‪.4‬‬


‫أمحد فصل فيها الكثري حول اجلماعات الضاغطة و أنواعها وخصائصها و ما هي الوسائل اليت‬
‫تستعملها من اجل حتقيق مصاحلها‬
‫‪=5‬كتاب ناجي عبد النور املدخل إىل علم السياسة من الكتب املعاصرة يف دراسة علم السياسة‬
‫رابعا ‪:‬إشكالية الدراسة‬

‫إن وجود فئات ينظمون أنفسهم داخل تنظيم هدفه محاية مصاحلهم بطرق سلمية طاملا ال يلحق الضرر‬
‫بالصاحل العام والنظام السياسي شيء مجيل لكن املتمعن جيد أن سبب قيام هذه التنظيمات هو محاية‬
‫املصلحة اخلاصة ومن هنا نستنج أن احلماية تكون بشىت الطرق ذا باإلضافة إىل تغلغلها داخل‬
‫مؤسسات صنع القرار مما جيعلها تؤثر على نشاطات احلكومة وتوجه السياسة العامة هذا التصرف جيعلنا‬
‫نطرح اإلشكالية التالية‬
‫‪7‬‬
‫كيف يمكن للجماعات الضاغطة التاثير في عملية صنع السياسة العامة في الجزائر وتوجيهها ؟‬

‫خامسا ‪:‬التساؤالت الفرعية‬

‫‪ .1‬ماهو مفهوم اجلماعات الضاغطة وماهي أنواعها؟‬


‫‪ .2‬ماهو مفهوم السياسة العامة وماهي مراحل صنعها؟‬
‫‪ .3‬ماهي أساليب تأثري اجلماعات الضاغطة يف عملية صنع السياسة العامة ؟‬

‫سادسا‪ :‬فرضيات الدراسة‬

‫‪ .1‬كلما كانت مجاعة الضغط أكثر تنظيم كان هلا تأثري قوي يف عملية صنع الساسة العمة‬
‫‪ .2‬تأثري اجلماعات الضاغطة يف عملية صنع السياسة العامة حيدده طبيعة النظام السياسي يف الدولة‬
‫‪ .3‬كلما ضعف دور األحزاب السياسية زاد تأثري اجلماعات الضاغطة‬

‫سابعا ‪:‬مناهج ومقتربات الدراسة‬

‫‪ .1‬المناهج‬

‫ م االعتماد يف هذا البحث على املنهج الوصفي النه يناسب الدراسة وذلك من خالل وصف ما تعنيه‬
‫اجلماعات الضاغطة والسياسة العامة وطرق ووسائل عمل اجلماعات الضاغطة لتوجيه السياسة العامة‬
‫والتأثري فيها‬

‫‪8‬‬
‫‪ .2‬المقتربات م االعتماد يف هذه الدراسة على املقرتبات التالية‬
‫أ‪ -‬مقترب النخبة ينظر هذا املقرتب أن عملية صنع السياسة العامة عبارة عن نتاج عمل األقلية يف اجملتمع‬
‫‪،‬لذلك فان استخدام هذا املقرتب يوضح مدى قدرة اجلماعات الضاغطة على التأثري يف عملية صنع‬
‫السياسة العامة‬
‫ب‪ -‬مقترب الجماعة ينظر هذا املقرتب للسياسة العامة على أهنا نتاج حمصلة تفاعل بني عدة مجاعات‬
‫لذلك م االعتماد على هذا املقرتب ‪ ،‬باعتبار أن مجاعات الضغط تتفاعل مع مجاعات عديدة حكومية‬
‫وغري حكومية‬
‫ت‪ -‬المقترب المؤسساتي م استخدام هذا املقرتب على اعتبار أن مجاعات الضغط توجه نشاطها عند‬
‫سعيها لتحقيق أهدافها على صناع القرار من فواعل رمسية وغري رمسية‪ ،‬فهي مؤسسات تتفاعل معها‬
‫اجلماعات الضاغطة‬
‫ث‪ -‬المقترب االتصالي لدراسة طرق وكيفبة االتصال بني افراد اجلماعة من جهة و تفاعل املؤسسات الرمسية‬
‫من جهة اخرى‬

‫ثامنا ‪ :‬حدود الدراسة‬

‫تنحصر هذه الدراسة يف معرفة دور اجلماعات الضاغطة يف صنع السياسة العامة يف اجلزائر يف الفرتة‬
‫الزمنية مابني ‪1999‬إىل غاية ‪ 2018‬وما ميزها من حتديات‬

‫تاسعا‪:‬تقسيم الدراسة‬

‫ م تقسيم هذه الدراسة إىل ثالث فصول‬

‫الفصل األول يتناول هذا الفصل حتديد ماهية اجلماعات الضاغطة والسياسة العامة والذي م‬
‫تقسيمه إىل مبحثني المبحث األول يتناول ماهية اجلماعات الضاغطة والذي يندرج حتته مطالب‬
‫املطلب األول تعريف للجماعات الضاغطة و اتصنيف اجلماعات الضاغطة و املطلب الثاين انوسائل و‬

‫‪9‬‬
‫االساليب اليت تستخمها اجلماعات الضاغطةا يف عملها و املطلب الثالث اجلماعات الضاغطة‬
‫واالحزاب السياسية اما المبحث الثاني فكان حول ماهية السياسة العامة والذي قسمناه اىل مطلبني‬
‫االول حول مفهوم السياسة العامة وتضمن تعريف السياسة العامة ومراحل تطورها اما الثاين فكان‬
‫حول عناصر وانواع السياسات العامة واملطلب الثالث كان حول مراحل صنع السياسة العامة‬

‫اما فيما خيص الفصل الثاني فكان حول مشاركة اجلماعات الضاغطة يف صنع السياسة العامة والتاثري‬
‫عاى الفواعل الرمسية والغري رمسية يف صنع السياسة العامة ففي املبحث االول تكلمنا عن وظائف‬
‫اجلماعات الضاغطة و السياسة العامة يف اجلزائر و يف املطلب االول تكلمنا حول وظائف اجلماعات‬
‫الضاغطة ويف املطلب الثاين تطرقنا فيه اىل السياسية العامة يف اجلزائر‬

‫اما خبصوص المبحث الثاني كان احلديث حول تاثري اجلماعات الضاغطة على الفواعل الغري رمسية‬
‫يف صنع السياسة العامة يف اجلزائر اما المبحث الثالث فكان احلديث حول تاثري اجلماعات الضاغطة‬
‫على املؤسسات الرمسية يف صنع السياسة‬

‫‪10‬‬
11
‫نبهت كثري من الدراسات والبحوث األمريكية يف علم االجتماع السياسي‪ ،‬والقانون الدستوري إىل‬
‫وجود مجاعات ذات مصاحل مستقلة عن األحزاب السياسية هلا وظائف يف أغلب اجملتمعات احلديثة‪ ،‬قد‬
‫تكون مفيدة حتقق الصاحل العام‪ ،‬كما قد تكون ضارة للمجتمع وهي متارس تأثريا على اهليئات الدستورية‬
‫يف الدولة من أجل حتقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أواقتصادية‪...‬اخل وملا كانت مجاعات الضغط‬
‫تساهم بشكل فعال إىل جانب األحزاب السياسية يف نشاط أنظمة احلكم املعاصرة والسياسة العامة‬
‫للدولة فان هذا الفصل سيكون يف مبحثني‪ :‬املبحث األول نتعرض جلماعة الضغط‪ ،‬ماهيتها وأنواعها‪،‬‬
‫والوسائل واالساليب اليت تستعملها واملبحث الثاين سنتناول مجاعة الضغط واألحزاب السياسية والعالقة‬
‫بينهما‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية الجماعات الضاغطة‬

‫يف هذا املبحث سوف نتطرق اىل تعريف اجلماعات الضاغطة وأنواعها وهذا يف املطلب األول ويف‬
‫املطلب الثاين سنتكلم حول الوسائل و األساليب اليت تعتمد عليها اجلماعات الضاغطة يف القيام‬
‫بعملها ويف املطلب االخري سيكون احليث حول اجلماعات الضاغطة واالحزاب السياسية‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الجماعات الضاغطة وتصنيفاتها‬

‫سوف نتطرق يف هذا املطلب إىل تعريف اجلماعات الضاغطة وتصنيفها‬

‫أوال‪ :‬تعريف الجماعات الضاغطة‬

‫ميكن تعريفها بأهنا مجاعات تسعى لتحقيق هدف أو أهداف مرتبطة مبصاحل أعضائها بكافة‬
‫‪1‬‬
‫الوسائل املمكنة‬

‫كما عرفها آخرون بأهنا جمموعة من األفراد يلتقون يف أهداف و صفات أو خصائص معينة يسعون‬
‫إلحداث التأثريات املطلوبة يف السلوك الذي يتخذه صناع القرار جتاه قض ــاياهم و مطالب ـ ـ ــهم ‪ ،‬و توجيهه‬

‫‪ 1‬ناجي عبد النور‪ ،‬املدخل اىل علم السياسة (اجلزائر‪ :‬دار العلوم النشر والتوزيع ‪، ) 2007،‬ص ‪163.‬‬
‫‪12‬‬
‫لتحقيق مصاحلهم املشرتك و قد مسيت جبماعات الضغط لكوهنا متارس ضغطا على صناع القرار أو‬
‫السلطات من أجل حتقيق أهدافها‪ ،‬و تتفاوت درجة و نوعية الضغط الذي متارسه حبسب إمكانيات‬
‫‪1‬‬
‫اجلماعة و مستوى تنظيمها ‪ ،‬بل و مكانتها االجتماعية‬

‫ثانيا ‪ :‬تصنيف الجماعات الضاغطة‬

‫تصنف مجاعات الضغط إىل عدة أصناف تبعا ملعايري خمتلفة‪ ،‬فيمكن تصنيفها حبسب طبيعتها أو من‬
‫حيث تنظيمها أو نطاق املصلحة اليت تستهدفها‪.‬‬

‫‪ / 1‬بحسب طبيعتها ‪ :‬تصنف اجلماعات الضاغطة إىل أصناف ثالثة هي‬

‫‪- .1‬مجاعات املصاحل السياسية‪ :‬هي مجاعات هلا مصاحل سياسية حبتة ‪،‬و يطلق عليها إسم اللويب(‬
‫‪ ) Lobbies‬و هي األكثر سعيا للتأثري على القرارات احلكومية‪ ،‬و األكثر تأثريا على أعضاء الربملان‬
‫من خالل وسائلها املباشرة و غري املباشرة‪،‬املشروعة و غري املشروعة‪،‬لذلك تعمل على أن تكون هلا عالقة‬
‫دائمة مع رجال السلطة ومتارس الضغظ بشكل مستمر للحصول على مزيد من االمتيازات ‪.‬‬
‫مجاعات املصاحل شبه السياسية‪ :‬هلا أهداف سياسية و اقتصادية يف آن واحد‪،‬كالنقابات‬ ‫‪.2‬‬
‫العمالية و احتادات أصحاب األعمال‪.‬‬
‫مجاعات املصاحل اإلنسانية‪ :‬متارس نشاطات متعلقة مبجاالت حقوق اإلنسان أو رعاية‬ ‫‪.3‬‬
‫الطفولة و الرفق باحليوان أو اجلمعيات النسائية واجلمعيات اخلريية وهي ال تنشط إال بقصد احلصول على‬
‫إعانات مالية ‪.‬‬

‫‪ -‬مجاعات املصاحل املهنية‪:‬هتتم مبصاحل أصحاب املهنة الواحدة كاحتاد التجار و احلرفيني أو احتاد‬
‫احملامني‪.2‬‬

‫‪ 1‬قحطان امحد سليمان‪ ،‬االساس يف العلوم السياسية ( األردن ‪ :‬دار جمدالوي للنشر والتوزيع ‪، (2004 ،‬ص ‪337‬‬
‫‪ 1‬قحطان امحد سليمان احلمداين ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪337‬‬
‫‪13‬‬
‫‪ / 2‬بحسب تنظيمها‪ :‬تصنف اجلماعات الضاغطة حبسب معيار التنظيم إىل نوعني مها‪:‬‬

‫مجاعات املصاحل املنظمة‪ :‬هي مجاعات منظمة يف تركيبتها و عضويتها و هي شبيهة‬ ‫‪.1‬‬
‫باألحزاب السياسية ‪ ،‬و جند أمثلة كثرية هلذا النوع يف الدول املتقدمة‪ ،‬منها اللويب اليهودي يف الواليات‬
‫املتحدة األمريكية‪.‬‬
‫‪ .2‬مجاعات املصاحل غري املنظمة‪ :‬هي الطبيعة الغالبة على معظم اجلماعات ‪ ،‬خاصة يف الدول النامية‬
‫‪،‬حيث تواجه اجلماعات مشكلة التمويل و قلة املقرات ‪ ،‬فتكون بذلك أداة يف يد احلكومة اليت غالبا ما‬
‫تقدم هلا الدعم املادي لتتمكن من استخدامها يف مترير مشاريعها و تنفيذ خططها‪.‬‬

‫‪-3‬بحسب أهدافها‪ :‬ميكن تصنيفها إىل أنواع ثالثة هي‪:1‬‬

‫‪ -1‬مجاعات املبادئ أو الربامج‪ :‬هي مجاعات تدافع عن مبادئ وقيم معينة على مستوى حملي أو‬
‫وطين أو دويل مثل مجعية السالم األخضر اليت تناهض استعمال السالح النووي وتلوث البيئة‬

‫‪ -2‬مجاعات احلرف و املهن‪ :‬هي مجاعات مرتبطة بأهداف ذات طبيعة خاصة كاحتادات التجار و‬
‫احلرفيني ‪.‬‬

‫‪ -3‬مجاعات ذات أهداف التخريبية (فوضوية) ‪ :‬ميكن أن تسعى بعض اجلماعات إىل زعزعة استقرار‬
‫اجملتمع ‪،‬باستعمال وسائل التخريب‪ ،‬خاصة يف ظل األنظمة الشمولية اليت تنغلق فيها أفق الدميقراطية و‬
‫املشاركة السياسية‪ .‬و قام جابرييل أملون تسميتها جبماعات املصلحة و صنفها إىل أربعة أصناف على‬
‫الشكل التايل ‪:‬‬

‫أ – مجاعات املصلحة الرتابطية ‪ :‬هي اليت تربط بني أعضائها مصلحة معينة ‪.‬‬

‫ب – مجاعات املصلحة غري الرتابطية‪ :‬هي اجلماعات اليت يكون أساسها رباط طبقي أو ديين أو يفكري‬
‫أو مهين‪.‬‬

‫‪ 1‬قحطان امحد سليمان احلمداين ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪338‬‬


‫‪14‬‬
‫ج – مجاعات املصلحة املؤسسة ‪ :‬يغلب عليها الطابع احلكومي الرمسي‪،‬كالبريوقراطية املدنية و العسكرية‬

‫د – مجاعات املصلحة الفوضوية ‪ :‬هي مجاعات يغلب على نشاطها طابع التلقائية و العنف و تسعى‬
‫لتحقيق أغراضها عن طريق أساليب اإلضرابات و املظاهرات و أعمال الشغب ‪.1‬‬

‫هذه هي التقسيمات اليت جاء هبا جابريال املوند واليت تندرج حتت مامسها جبماعات املصاحل‬

‫المطلب الثاني‪:‬وسائل واساليب عمل الجماعات الضاغطة‬

‫اوال‪ :‬الوسائل التي تستعملها الجماعات الضاغطة‬

‫تتضح فاعلية مجاعة الضغط من خالل وسائل الضغط اليت تستعملها يف عملياهتا‬
‫السياسية ويتوقف جناحها أو فشلها على كيفية استعمال هذه الوسائل ومدى تقبل النظام السياسي هلا ‪،‬‬
‫نذكر على سبيل املثال بعضا من هذه الوسائل‪:‬‬

‫‪- .1‬اإلقناع أو اإلخضاع‬


‫يعترب اإلقناع الطريق العادي اليت تسلكه مجاعات الضغط مع كافة اجلهات حمل الضغط‪ .‬ويأيت هذا‬
‫السلوك يف مقدمة الوسائل املستعملة يف عمليات الضغط ‪.‬ويتم ذلك عن طريق احلوار واملناقشة مع‬
‫السلطة املعنية ( التشريعية أو التنفيذية‬
‫أو القضائية) وتقدمي أفكار مدعمة بكل وسائل اإلقناع من أدلة وبراهني‪ ،‬ميكن أن تؤدي إىل االستجابة‬
‫إىل املطالب‪ ،‬والتوصل إىل تطابق األفكار‪ .‬ويعترب اإلقناع واملناقشة من الوسائل الدميقراطية املشروعة اليت‬
‫تضمنها الدساتري‪ ،‬وتعطي األفراد حق إبداء الرأي‪ ،‬واالتصال مبمثليهم و حكامهم ‪.2‬وعند فشل‬
‫أسلوب اإلقناع تلجأ اجلماعات إىل أسلوب التهديد أو اإلخضاع‪ .‬وقد يصل أحيانا إىل استعمال‬
‫العنف‪ ،‬وهذا عندما ترى اجلماعة أهنا ال متلك أي وسيلة سلمية تستطيع التعبري عن مواقفها أو محايتها‪،‬‬

‫‪ 1‬ناجي عبد النور ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪167‬‬


‫‪ 2‬عاصم امحد عجيلة‪ ،‬و حممد رفعت عبد الوهاب ‪،‬ا لنظم السياسية (القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية ط‪ ، ) 1992 1‬ص‪79‬‬
‫‪15‬‬
‫بل إن بعض اجلماعات ترى يف هذه الوسيلة‪ ،‬أجنح الوسائل اليت متكنها من حتقيق أهدافها‪ 1‬ويتم التهديد‬
‫بشكل فردي‪ ،‬أو مجاعي‪ ،‬وبوسائل خمتلة سواء كانت مادية أو معنوية‪.‬‬
‫‪ - .2‬دفع األموال‪:‬‬
‫يعترب املال الركيزة األوىل واهلامة اليت تستند إليها مجاعات الضغط يف سبيل حتقيق أهدافها‪ ،‬ويتجلى ذلك‬
‫خصوصا يف احلمالت االنتخابية اليت تشارك فيها هذه اجلماعات تدعم بعض املرتشحني‪ ،‬الذين ترى يف‬
‫فوزهم باالنتخاب فرصة لتحقيق‬
‫أهدافها ‪.‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬فقد كشف التحقيق الذي اجري مبناسبة فضيحة ( ووترغيت)‪،‬‬
‫أن منتجي األلبان قد أنفقوا مبالغ طائلة لصاحل الرئيس نيكسون يف محلته االنتخابية وعلى الرغم من‬
‫االنتقادات اليت وجهت هلذه اجلماعات فقد بلغ ما أنفقته يف احلمالت االنتخابية للكونغرس لعام‬
‫‪1974‬ما يزيد عن ملونني و نصف مليون دوالر ‪2.‬كما قامت اجلمعية الطبية األمريكية – –‬
‫‪AMA‬بإنفاق أكثر من مليون دوالر يف ثالثة أشهر يف محلتها ضد التشريع الذي اقرتحه الرئيس‬
‫(جونسون) حول العالج يف الواليات املتحدة األمريكية ‪.3‬‬
‫‪-3‬وسائل اإلعالم واستمالة الرأي العام‬
‫تعترب وسائل اإلعالم مبختلف أنواعها من أهم وسائل الضغط اليت ميكن أن تلجأإليها مجاعات الضغط‪.‬‬
‫نظرا لسهولة اتصاهلا بالفرد‪ .‬والسيما يف الوقت احلاضر الذي تطورها فيه وسائل االتصال عن طريق‬
‫الشبكات العنكبوتية‪ ،‬يف االنرتنت‪ ،‬وشبكة التواصل االجتماعي‪ ،‬والتويرت وغريها‪ .‬وهي وسائل ال تصدها‬
‫حدود‪ ،‬وال تعرف حواجز‪ ،‬من أجل االتصال بني األفراد‪ .‬باإلضافة إىل دور القنوات الفضائية ‪ ،‬واجلرائد‬
‫املستقلة اليت تستعملها اجلماعة الضاغطة‪ ،‬لعرض مواقفها‪ ،‬واستمالة الرأي العام إليها‪ .‬فتقوم بتعبئته‬
‫وتوجيهه للعمل إىل جانبها‪ ،‬ومن مث ترتكه يعمل تلقائيا لصاحلها‪ ،‬من خالل تأثريه على املسؤولني على‬
‫املصاحل املباشرة هلذه اجلماعات‪.‬‬

‫‪ 1‬نعمان أمحد اخلطيب‪،‬الوسيط يف النظم السياسية والقانون الدستوري ( القاهرة‪ :‬دار النهضة ‪ ، ) 1983 ،‬ص ‪154‬‬
‫‪ 2‬ادمون رباط ‪ ،‬الوسيط يف القانون الدستوري (القاهرة ‪ :‬دار النهضة ‪،) 1980 ،‬ص ‪751‬‬
‫‪ 3‬نعمان أمحد اخلطيب‪، ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪157‬‬
‫‪16‬‬
‫ثانيا‪ :‬االساليب التي تستعملها الجماعات الضاغطة‬

‫إن تأثري مجاعات الضغط يف العمل السياسي سواء على مستوى احلكومة أو الربملان يرجع إىل عدة‬
‫عوامل تشكل مصدر قوة مجاعات الضغط يف أي ظرف كانت وهي‪:‬‬
‫‪-1‬عدد األعضاء‪:‬‬
‫حيتل العنصر البشري يف مجاعات الضغط أمهية كربى يف عمل مجاعة الضغط‪ ،‬فكلما ارتفع عدد‬
‫أعضائها ازدادت قوهتا يف التأثري على جناح أو فشل املرتشح‪ 1‬الذي جيد نفسه مضطر بأن يأخذ يف‬
‫احلسبان أمهية هذه اجلماعة حىت يضمن لنفسه الفوز يف االنتخاب‪ ،‬إىل جانب أمهية الكثرة العددية‬
‫ألعضاء اجلماعة فإن نوعية األعضاء ال تقل أمهية‪ ،‬فاجلماعات اليت تضم شخصيات قوية هلا نفوذ عند‬
‫رجال السلطة العامة تكون أكثر فعالية من اجلماعات كثرية العدد وتفتقر إىل هذه الشخصيات ومثال‬
‫ذلك "‬

‫اجلمعية الوطنية حلملة البناءة الصيادين ‪National Rifle N.R.A‬‬


‫‪Association‬يف الواليات املتحدة األمريكية اليت تضم مليون عضو موزعني على اثىن عشرة ألف ناد‬
‫منتشرة يف الواليات املتحدة األمريكية ‪ ،‬فقد استطاعت أن توقف قانون الرقابة على السالح لعدة‬
‫سنوات ألهنا كانت تضم كفاءات متثل مخسة وثالثني عضوا من أعضاء الكونغرس األمريكي‪ 2‬كما أن‬
‫نوعية األعضاء تظهر أمهيتها ليس من خالل االنتخابات فقط ولك من خالل مدى إميان العضو هبذه‬
‫اجلماعة وبكفاءته اليت هلا دورا هاما يف قدرة اجلماعة الضاغطة‪.‬‬
‫‪- 2‬المال‪:‬‬
‫إن طبيعة نشاط اجلماعات الضاغطة وسعيها يف الدفاع عن مصاحلها وحتقيق أهدافها فإهنا من‬
‫سبيل ذلك حتتاج إىل توفري األموال لتغطية كثري من النفقات سواء ما تعلق بأجور ورواتب املوظفني‬
‫واجلزاء أو ما تنفقه يف الدعاية االنتخابية أو حىت ما تدفعه من رشاوى لبعض القائمني على السياسة‬

‫‪ 1‬نعمان أمحد اخلطيب ‪، ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.140‬‬


‫‪ 2‬نعمان اخلطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪17‬‬
‫واملصاحل من أجل حتقيق مصاحلها ولذلك جتد اجلماعة نفسها حباجة إىل مصادر متويل كبرية ملواجهة‬
‫هذه التكاليف ومن هذا جند رجال األعمال ال يرتددون يف تزويد اجلماعات باألموال الالزمة للقيام‬
‫‪1‬‬
‫بنشاطه يقينا منه أن ما يدفعه اليوم هو مبثابة استثمار فالدوالر سيعود عليه بألف دوالر مستقبال‬
‫‪-3‬التنظيم‪:‬‬
‫إذا كان التنظيم ميثل الشكل الذي تفرغ فيه اجلهود اجلماعية لتحقيق غرض حمدد فإن أمهيته‬
‫بالنسبة جلماعات الضغط تربز من خالل تنوع وظائفها وعدد موظفيها وضخامة ميزانيتها وإنشاء‬
‫مكاتبها‪ ،‬فقوة اجلماعة تزداد باضطراد مع دقة تنظيمها القادر على ربط كافة جوانبها وبالتايل إجياد نوع‬
‫من التنسيق املتبادل بينهما ‪.‬ويربط بعض الفقهاء دقة تنظيم اجلماعة بالقدرة على احملافظة على مسريهتا‬
‫وبالتايل فإن قوهتا وتأثريها تبقى وتزداد بقدر ما تبقى عليه أعمال هذه اجلماعة من السرية والكتمان‪،‬‬
‫ولذلك فإن العمل العلين ميكن أن يكون له رد فعل سليب يف أوساط القائمني على السلطة أو يف أوساط‬
‫اجلماهري‪ ،‬وعليه فإن كثريا من رجال األعمال يف الغرب يبتعدون عما يسمى بالسياسيات املنظورة‬
‫ويفضلون العمل يف الكواليس ويوجهون السياسة حسب ما تقتضيه املصلحة ‪.‬‬
‫‪-4‬موقف الرأي العام‪:‬‬
‫إن مجاعة الضغط جتد قوهتا وضعفها من خالل ما يقدمه هلا الرأي العام من رضاء أو تذمر‪ ،‬فرضاه‬
‫يكسبها حيوية وانتشارا وتدعيما‪ ،‬أما السخط فيكسبها ضعفا وتدمريا‪ ،‬فال تستطيع أن تكمل مسريهتا‬
‫ويكون مآهلا الفشل‪ ،‬وكذلك فإن ما يشاع عنها بني أوساط اجلماهري له أمهية بالغة من الناحية املعنوية‬
‫من حيث استقواء أو ضعف اجلماعة ‪ .2‬هذه بعض من اجلوانب العامة املتصلة بالعمليات السياسية اليت‬
‫تقوم هبا اجلماعة الضاغطة بشكل عام‪ ،‬وهي بذلك حتدد لنا كيفية بدء الضغط والبحث عن اجلهة املراد‬
‫االعتماد عليها و اختيار الوسيلة املالئمة للجهة حمل الضغط وهذه املالءمة تأخذ يف االعتبار‪ ،‬والقوة اليت‬

‫‪ 1‬نعمان امحد اخلطيب ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪162 .‬‬


‫‪1‬ادمون رباط ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.746‬‬
‫‪18‬‬
‫معناها مدى توافر العناصر الالزمة لعملية الضغط ‪ ،‬من خربة ومال وتنظيم كاف للتنسيق بني خمتلف‬
‫هذه العناصر ألن عدم وضع ذلك يف احلسبان يؤدي إىل الفشل األكيد‪.‬‬

‫المطلب االثالث ‪ :‬جماعة الضغط واألحزاب السياسية‬


‫عرفنا فيما تقدم أن اجلماعة الضاغطة تضم جمموعة من الناس يتحدون يف عدة صفات جتمعهم مصلحة‬
‫معينة‪ ،‬يظهرون يف تنظيم غري سياسي ‪ ،‬ولكنهم يسعون إىل حتقيق هدفهم سواء كان سياسيا‪ ،‬أو‬
‫اقتصاديا‪ ،‬أو اجتماعيا‪ ،‬وذلك بالتأثري على السلطات العامة يف الدولة‪ ،‬بوسائل خمتلفة مشروعة وقد‬
‫تكون غري مشروعة يف بعض األحيان ‪.‬وملا كانت األحزاب السياسية هي األخرى تنظيم سياسي يعمل‬
‫يف التأثري على القرارات اليت تصدرها السلطات العامة‪ .‬وتعمل كذلك على الوصول إىل السلطة‪ ،‬والبقاء‬
‫‪،‬أو املشاركة فيها‪ .‬فانه يطرح التساؤل اآليت‪ :‬هل توجد عالقة بني احلزب السياسي واجلماعات‬
‫الضاغطة؟‬
‫ولإلجابة عن هذا التساؤل فإنه بدراسة نشاط هذه اجلماعات يف بعض الدميقراطيات الغربية‪ ،‬يتبني‬
‫إن هناك تقارب بينهما‪ ،‬يؤثر كل منها ويتأثر باآلخر‪ ،‬كما هو احلال يف بريطانيا ‪ ،‬حيث جند املشرع‬
‫االجنليزي مل يتجاهل هذه العالقة القائمة بني اجلماعات الضاغطة‪ ،‬واألحزاب السياسية حيث قام‬
‫بإصدار قانون مسح فيه للنقابات بإنشاء صندوق سياسي باإلضافة إىل صندوقها املايل العام‪ ،‬و ذلك‬
‫لإلنفاق على النشاط السياسي‪ .‬وجند حزب العمال الربيطاين ‪ .‬يتكون من احتاد العمال الربيطاين‪ ،‬واحتاد‬
‫العمال التجار‪ ،‬وبعض النقابات‪ .‬فهذه اجلماعات أعضاء تابعة حلزب العمال الذي يهيمن على كافة‬
‫هذه االحتادات فيؤثر فيها‪،‬و يتأثر هبا‪ ،‬فمثال جند احتادات التجار الربيطانية تزوده مبا يزيد عن ‪% 91‬من‬
‫أعضائه وقد مثلوا اكرب نسبة من املرشحني الذين فاز هبم احلزب يف انتخابات ‪ 1 (.1971‬أما يف فرنسا‬
‫على الرغم من إعالن احتاد العام للعمال سنة ‪1960‬استقالله التام يف مواجهة األحزاب‪ ،‬فقد عمل‬
‫احلزب الشيوعي الفرنسي على استمالته حىت أصبح ملحقا به ‪.‬ويف االنتخابات الرئاسية يف فرنسـا عام‬
‫‪1974‬لوحظ أن النقابيني مـن القوى العاملة صوتوا ا لصاحل املرشح االشرتاكي – فرانسوا ميرتان –‬

‫‪-1‬نعمان امحد اخلطيب ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬ص‪.128‬‬


‫‪19‬‬
‫بنسبة ‪4525‬بينما صوت ‪% 48‬لصاحل مرشح اليمني والوسط ‪ - ،‬جيسكار ديستان‪.‬‬
‫أما يف اجلزائر فنجد انه يف االنتخابات الرئاسية اليت جرت يف السنوات األخرية يف عهد التعددية ‪،‬‬
‫جند املنظمات اجلماهريية ومنظمات اجملتمع املدين واالحتاد العام للعمال اجلزائريني يصوتون لصاحل مرشح‬
‫حزب جبهة التحرير الوطين – رئاسيات‪ 1999‬وما بعدها ‪.‬ورغم هذه العالقة القائمة بني الكتل‬
‫الضاغطة واألحزاب السياسية فانه توجد فوارق بينهما ‪.‬‬

‫ففي الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬جند اللويب اليهودي‪ ،‬له دور هام يف توجيه والتأثري على الرئيس‬
‫األمريكي بعد انتخابه‪ ،‬إذ يقوم بنشاط كبري جيعل من القرار األمريكي دائما يف صاحل إسرائيل‪ ،‬السيما‬
‫إذا تعلق األمر بالقضية الفلسطينية أو أمن إسرائيل ‪. 1‬كما قد تلتقي اجلماعات الضاغطة باألحزاب‬
‫السياسية يف األنظمة ذات احلكم املطلق كما كان عليه احلال يف احلزب النازي يف أملانيا يف عهد هتلر‪،‬‬
‫وعموما يف األنظمة السياسية ذات النظام احلزيب ( احلزب الواحد)‪.‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬متييز اجلماعات الضاغطة عن األحزاب السياسية‬

‫تتميز اجلماعات الضاغطة عن األحزاب السياسية يف عدة أوجه ميكن ذكرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬ختتلف عن األحزاب يف كوهنا ال تسعى إىل السلطة بل لتحقيق مصاحل معينة مادية أو معنوية لذا‬
‫تعمل على وضع من خيدمها يف السلطة ‪.‬‬

‫‪ -2‬أهدافها حمدودة جدا باملقارنة مع األحزاب فهي جتتهد لدفع السلطة إىل إصدار قانون معني أو منع‬
‫صدور قانون يف غري صاحلها ‪ ،‬أو تسعى لتعيني بعض املسؤولني يف مراكز معينة‬

‫‪ -3‬ال تعتمد بصفة أساسية على العدد الضخم من املنخرطني بل عناصر قوهتا قد تكمن يف عوامل‬
‫أخرى كعنصر التمويل أو السيطرة على بعض وسائل اإلعالم‪. .‬‬

‫‪- 1‬نعمان أمحد اخلطيب ‪ .‬مرجع سابق ‪ .‬ص ‪.140‬‬


‫‪20‬‬
‫‪ -4‬األحزاب تقدم مرتشحني هلا يف االنتخابات بعكس اجلماعات الضاغطة اليت قد متول وتقدم‬
‫مرتشحني خيدموهنا لكن عن طريق األحزاب أو كمستقلني‪.‬‬

‫‪ -5‬االحزاب تستخدم وسائل مشروعة بينما تستخدم مجاعات الضغط وسائل مشروعة أو غري‬
‫مشروعة‬

‫‪ -6‬قد ال تكون مجاعات الضغط منظمة ‪،‬عكس األحزاب اليت تتميز بنوع من التنظيم و اهلرمية يف‬
‫هياكلها‪.‬‬

‫‪ -7‬تأثريها على السلطة يكون عادة بطريق غري مباشر بل كثريا ما تعمل يف اخلفاء وبشىت الطرق بعكس‬
‫األحزاب السياسية ‪.1‬‬

‫و رغم االختالفات العديدة بني األحزاب و مجاعات الضغط إال أنه ميكن أن توجد عالقات‬
‫وطيدة بينهما ‪ ،‬إذ كثريا ما تسيطر األحزاب على اجلماعات مثل النقابات أو االحتادات املهنية كما أن‬
‫كثري من اجلماعات متول أحزابا سياسية وتدفعها للتعبري والدفاع عن مطالبها و قد تتحول بعض‬
‫اجلماعات إىل أحزاب سياسية كنقابة التضامن البواندية اليت كان هلا دور كبري يف زعزعة النظام االشرتاكي‬
‫يف بولندة مث حتولت إىل حزب سياسي فاز يف أول انتخابات بعد اهنيار احلكم السابق و وصل إىل‬
‫احلكم بزعامة فاليسا‪.2‬‬

‫‪ 1‬ناجي عبد النور‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.170‬‬


‫‪ 2‬ناجي عبد النور‪،‬املرجع نفسه‪،‬‬
‫‪21‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬ماهية السياسة العامة‬

‫يف هذا املبحث سوف نعرج على تعريف السياسة العامة ومراحل تطورها كما نتطرق اىل انواع السياسات‬
‫العامة‬

‫المطلب االول‪ :‬تعريف السياسة العامة ومراحل تطورها‬

‫سنتكلم يف هذا املطلب حول تعريف الساسة العامة ومراحل تطورها‬

‫اوال‪ :‬تعريف السياسة العامة‬

‫إذا نظرنا إىل تعريفات السياسة العامة يف العديد من األحباث والدراسات املختلفة‪ ،‬نالحظ عدم‬
‫وجود اتفاق بني املفكرين والبحاث على تعريف حمدد للسياسة العامة‪ ،‬وذلك راجع إىل البيئات اليت‬
‫وجدوا فيها‪ ،‬وإىل انتماءاهتم الفكرية واألسس العلمية اليت ينطلقون منها ‪.‬‬

‫حيث عرفها (جيمس أندرسون) أهنا‪ « :‬برنامج عمل هادف يعقبه أداء فردي أو مجاعي يف التصدي‬
‫‪1‬‬
‫ملشكلة أو ملواجهة قضية أو موضوع »)‬

‫وعرفها (كارل فريدريك) بأهنا‪ « :‬برنامج عمل مقرتح لشخص أو مجاعة أو حلكومة يف نطاق بيئة‬
‫حمددة‪ ،‬لتوضيح الفرص املستهدفة واحملددات املراد جتاوزها للوصول إىل هدف حمدد أو لتحقيق غرض‬
‫‪2‬‬
‫مقصود»‪).‬‬
‫وتعرف املوسوعة الدولية للعلوم االجتماعية السياسة العامة بكوهنا «سياسات تصاحبها جمموعة من‬

‫‪ 1‬مس اندرسون ‪،‬صنع السياسة العامة ‪ ،‬ترمجة عامر الكبيسي (عمان ‪ :‬دار املسرية للنشر والتوزيع والطباعة ‪ . )1999 ،‬ص ‪12‬‬
‫‪1‬علي الدين هالل ‪:‬حمرر حتليل السياسة العامة قضايا نظرية ومنهجية (القاهرة ‪ :‬مركز البحوث والدراسات السياسية ‪ ،) 1988 ،‬ص ‪12‬‬
‫‪22‬‬
‫القرارات حتدد كيف تصنع األهداف‪ ،‬أو كيف ميكن تنفيذها‪ ،‬فالسياسات العامة هبذا املعىن حتدد من‬
‫‪1‬‬
‫خالل األهداف والوسائل)‪.‬‬
‫ومييل بعض الباحثني إىل تعريف السياسة العامة من منظور احلكومة‪ ،‬حيث إهنم يصنفون السياسة‬
‫العامة على أهنا وظيفة أساسية من وظائف احلكومة‪ ،‬وختصص أصيل من ختصصاهتا‪ ،‬فمن هؤالء‬
‫الباحثني (جارد روز) الذي عرفها بأهنا» سلسلة من األنشطة احلكومية املرتابطة قليال أو كثرياً على أن‬
‫نتائجها تؤثر على من هتمهم مستقبالً وليست قرارات منفصلة‪ 2».‬وكذلك (دي كوسيوالس) الذي‬
‫عرفها أهنا» تلك القرارات واخلطط اليت تضعها اهليئات احلكومية‪ ،‬من أجل معاجلة القضايا العامة يف‬
‫اجملتمع»‬

‫وعرفها (كارل فريدريك) بأهنا» جمموعة القرارات احلكومية‪ ،‬املتضمنة لكل ما جيب أن يعمل‪ ،‬يف ظل‬
‫معطيات األوضاع القائمة فيها ‪»3‬وعلى نفس املنوال سار بعض الكتاب العرب الذين حاولوا حتديد‬
‫مفهوم السياسةالعامة‪ ،‬حيث إهنم صنفوها من منظور احلكومة أيضاً‪ ،‬وعلى رأس هؤالء الباحثني (خريي‬
‫عبد القوي) الذي عرفها بأهنا « تلك العمليات واإلجراءات السياسية وغري السياسية اليت تتخذها‬
‫احلكومة بقصد الوصول إىل اتفاق على تعريف املشكلة‪ ،‬والتعرف على بدائل حلها وأسس املفاضلة‬
‫بينها‪ ،‬متهيداً الختيار البديل الذي يقرتح إقراره يف شكل سياسة عامة ملزمة)‪.4‬‬

‫قدم جمموعة من األساتذة العرب الذين اشرتكوا يف وضع معجم» املصطلحات السياسية» تعريفا‬
‫للسياسة العامة‪ ،‬ميكن تصنيفه يف ذات السياق‪ ،‬حيث عرفوها على أهنا جمموعة القواعد والربامج‬
‫احلكومية اليت تشكل قرارات أو خمرجات النظام السياسي‪ ،‬بصدد جمال معني‪ .‬ويتم التعبري عن السياسة‬

‫‪2‬خملوف حممد خملوف ‪ .‬رسالة ماجستري ‪ ،‬غري منشورة (طرابلس ‪ :‬اكادميية الدراسات العليا ‪ ،)2010 ،‬ص‪30‬‬
‫‪ 3‬فهمي خليفة الفهداوي ‪،‬السياسة العامة منظور كلي يف البيىة والتحليل (عمان ‪ :‬دار املسرية) ‪ ،‬ص ‪37‬‬
‫‪4‬تامر كامل حممد اخلزرجي ‪ ،‬النظم السياسية احلديثة والسياسات العامة ( عمان‪ ،)2004 . :‬ص ‪28‬‬
‫‪3‬حممد ناصر مهنا‪ ،‬النظرية السياسية والسياسة املقارنة ( االسكندرية ‪ :‬مؤسسة شباب اجلامعة د ت ص)‪ ،‬ص ‪100 101‬‬
‫‪23‬‬
‫العامة يف عدة صور وأشكال منها‪ :‬القوانني‬
‫‪1‬‬
‫واللوائح‪ ،‬والقرارات اإلدارية‪ ،‬واألحكام القضائية( ‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬مراحل تطور مفهوم السياسة العامة‬

‫إن مفهوم السياسة العامة يعد من املفاهيم املستحدثة نسبياً يف حقلي العلوم السياسية واإلداريـة‬
‫على حد سواء‪ ،‬غري أن الباحثني يف احلقل املعريف القدمي وجدوا هلا جذوراً يف احلضارات اإلنسانية‬
‫القدمية‪ ،‬حيث إن اإلنسان ومنذ وجوده على هذه األرض عرف أشكاالً خمتلفة من التنظيم‪ ،‬سواء على‬
‫مستوى األفراد أو اجلماعات‪ ،‬ومن أهم الظواهر اليت اهتم هبا اإلنسان هي ظاهرة احلكم وشـؤون‬
‫الرئاسة؛ وصـوالً إىل مفهوم الدولة يف العصر احلديث‪ ،‬ومن هذا املنطلق ميكننا تقسيم تطور مفهوم‬
‫السياسة العامة إىل مرحلتني‪:‬‬

‫‪· .1‬المرحلة التقليدية‪:‬‬


‫أسهم اإلنسان على مر احلضارات يف تنظيم شؤون اجملتمع بأشكال خمتلفة‪ ،‬وخاصة يف أمور اإلدارة‬
‫وفنون احلكم والقيادة والرياسة والتدبري وغريها‪ ،‬مع األخذ يف االعتبار أن الظواهر اإلدارية كانت أوىل‬
‫اهتماماً من الظاهرة السياسية‪ ،‬ألن هذه األخرية كانت تنحصر يف أيـدي الطبقات احلاكمة فقط‪،‬‬
‫فــاإلدارة العامة كانت من أقـدم ممارسات الظاهرة االجتماعية اليت تقتضيها ضرورة االجتماع والقيام‬
‫بشؤون األمة‪ ،‬لكن يعد حقل السياسات العامة أيضاً حقالً قدمي املمارسة‪ ،‬ويأيت هذا القدم من االرتباط‬
‫باملشكالت اجملتمعية اليت هي حماور علم السياسات وحماور حتليالته‪ ،‬وإال كيف نفسر كل املمارسات‬
‫االجتماعية والسياسية اليت عرفها اإلنسان منذ فجر التاري‪ 2‬وهذا نراه جلياً يف أغلب احلضارات القدمية‪،‬‬
‫كاحلضارة الفرعونية وما شهدته من تنظيم يعد سابقاً لعصره نسبياً‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بفن العمارة‬
‫واإلدارة وشؤون احلكم والسلطة‪ ،‬وكذلك احلضارة اإلغريقية «اليونانية القدمية‪ »،‬وما قدمته للبشرية من‬

‫‪1‬فاطمة الربايعة‪ ،‬حتليل السياسات العامة يف الوطن العريب ( القاهرة ‪:‬مركز دراسات واستثمارات االدارة العامة ‪ ،)2004 ،‬ص ‪13‬‬
‫‪1‬فاطمة الربايعة‪، ،‬مرجع نفسه ‪ ،‬ص‪13.‬‬
‫‪24‬‬
‫العلوم واملعرفة على يد مفكريها من أمثال» أفالطون وأرسطو‪ »،‬اللذان اهتما بشؤون احلكم والسلطة‬
‫وكان هذا جليا يف مؤلفات «أفالطون‪ »،‬اليت من أبرزها كتاب «املدينة الفاضلة‪» ،‬كما أن «أفالطون»‬
‫يرى ضرورة أن يتوىل احلكم الفالسفة ألهنم حسب قوله أحق الناس وأكفأوهم به‪.‬‬
‫أما عن احلضارة الرومانية فقد متيزت باهتماماهتا القانونية والعسكرية فيما يتعلق بشؤون السلطة واحلكم‪،‬‬
‫وذلك راجع إىل التوسع الذي وصلت إليه اإلمرباطورية وتعدد مناطق نفوذها‪ ،‬ومن أشهر مفكريها‬
‫«سنيكا» و«شيشريون» اللذين كانتا هلما إسهامات كبرية يف جمال القانون الطبيعي‪ ،‬وكذلك ظهرت‬
‫العديد من احلضارات األخرى اليت كانت هلا العديد من اإلسهامات يف هذا احلقل ‪،‬أن السياسة العامة‪:‬‬
‫هي التفكري يف مواجهة املشكالت االجتماعية وحتقيق املصلحة العامة‪ ،‬فيعرب عن السياسة العامة أهنا‬
‫نتيجة أو خمرج أي نظام سياسي موجه خلدمة الصاحل العام ولعل الطابع القانوين الذي اتسمت به‬
‫احلضارة الرومانية وكذلك التقسيم اجلغرايف ألقاليمها وكيفية صياغة احلكم هبا وعالقتها باإلمرباطور‪ ،‬هو‬
‫منوذج عن املمارسة الواقعية للسياسة العامة آنذاك‪ ،‬وذلك حلماية املواطنني وممتلكاهتم وتنظيم الرعايا هبا ‪.‬‬
‫فاملمارسات السياسية ملواجهة املشكالت اجملتمعية‪ ،‬ظلت مرتبطة ارتباطاً جوهرياً حبياة اجملتمعات‪،‬كما‬
‫قطعت أشواطاًكبرية يف سبيل التعامل مع املعطيات اجلديدة‪ ،‬فتعقد احلياة االجتماعية والسياسية‪ ،‬بعد أن‬
‫كانت الكنائس يف العصور الوسطى هي اليت متلي وتعطي تعاليم للحكام وامللوك يف تدبري شؤون‬
‫اجملتمعات‪ ،‬جاء اإلسالم من جهة أخرى ليعطي هنجا قوياً واهتماماً جدياً بقضايا اجملتمع البشري وما‬
‫خيص السياسة واحلكم وفق ما أقر الكتاب والسنة يف الدولة واحلكومة واخلالفة‪ ،‬حيث جاء بالقيم‬
‫والدعامات اليت ينادي هبا املفكرون والباحثون يف العلوم االجتماعية‪ ،‬اإلدارية والسياسية اليوم‪ ،‬واليت تقوم‬
‫‪1‬‬
‫عليهاالسياسة العامة)‪.‬‬

‫‪ 1‬فاطمة الربايعة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪14‬‬


‫‪25‬‬
‫‪ –2‬المرحلة الحديثة‪:‬‬
‫عرف مفهوم السياسة العامة تطوراً مرحلياً مهماً‪ ،‬وأصبح يلقى اهتماماً واسعاً من قبل العديد من فقهاء‬
‫وعلماء السياسة‪ ،‬وذلك بفعل زيادة أعباء الدولة وتدخالهتا حلماية املصلحة العامة الذي شهدته املرحلة‬
‫ما بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬فعلى عكس ما كان عليها سابقا من حتليل سطحي واهتمام تقليدي‪،‬‬
‫الذي كان يشري إىل اجلهد اجلماعي املنظم لتحقيق األهداف العامة‪ ،‬فلم تكن فيه إشارة واضحة‬
‫للسياسة العامة سوى بعض املفاهيم يف احلكم والسلطة‪ ،‬والتدبري والرياسة ‪....‬إخل كمجرد وصف لسلوك‬
‫‪1‬‬
‫احلكام وما يصدر عنهم من أمور ختص جمتمعاهتم‬
‫فمفهوم السياسة العامة مفهوم حديث نسبياً؛ حيث إن هذا املصطلح «السياسة العامة»‬
‫‪« »public policy‬باملعىن األكادميي والعلمي املعروف به يف وقتنا احلايل مل يظهر قبل‬
‫عام‪1973،‬حني اعرتفت جامعة «هارفرد» يف الواليات املتحدة األمريكية بتخصص اإلدارة‪،‬وأنشأت هلا‬
‫مدرسة متخصصة‪ ،‬وجعلت من السياسات العامة إحدى مقرراهتا الدراسية‪،‬‬
‫بينما كان علماء السياسة وقتها يركزون اهتمامهم على دراسة النظم السياسية للدول‪،‬وعلى نظريات‬
‫نشأهتا وأوجه الشبه واالختالف يف دساتريها وسلطتها‪ ،‬أما العمليات السياسية اليت حظيت باهتمامهم‬
‫فكانت تقتصر على تشريع القوانني وعلى االنتخابات ودور األحزاب السياسية يف تقاسم السلطة‬
‫واحلكم ‪2‬وتعاظم االهتمام مبوضوع السياسة العامة‪ ،‬بعد احلرب العاملية الثانية حني جرى الرتكيز على‬
‫مفهوم السياسة العامة‪ ،‬وكيفية بلورهتا والتبصر يف أهدافها ومضامينها وأساليب تنفيذها‪ ،‬ضمن إطار‬
‫حتليلي‪ ،‬حبسب األولويات واإلمكانيات املتوفرة‪ ،‬بفعل تنامي األصـوات املنادية بضرورة تدخل الدولة‬
‫كمحرك للنشاط االقتصادي‪ ،‬وإعادة بناء االقتصاد القومي وتوجيه املوارد االقتصادية لسد حاجات‬
‫عموم املواطنني‪ ،‬وألجل استيعاب النمو املتزايد يف اخلدمة املطلوبة وضــرورة توفريها وحتقيقها‪ ،‬كالصحة‬

‫‪2‬حممد ناصر مهناء‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪،101‬‬


‫‪1‬عامر خضري الكبيسي‪ ،‬السياسات العامة مدخل لتطوير أداء احلكومات (القاهرة ‪ :‬إصدارات املنظمة العربية للتنمية اإلدارية ‪ ، )2008، ،‬ص‪49‬‬
‫‪26‬‬
‫والتعليم واملواصالت وإقامة اجلسور ‪ .....‬إخل‪ ،‬وكان من نتائج اجملهود الفكري ألعوام اخلمسينات للقرن‬
‫العشرين‪ ،‬انبعاث وبروز مصطلح (علم السياسة العامة) بطابعيه الفكري والتجرييب‪ ،‬الذي تبلور بفضل‬
‫اجلهود الفكرية لعامل االقتصاد السياسي (هارولد دي‪ .‬السويل ‪) Harlod D . lasswel‬الذي‬
‫قدم من خالل كتابه املوسوم‪( :‬السياسة‪ :‬من حيوزعلى ماذا؟ ومىت وكيف؟ ) أساساً للعمليات التبادلية‬
‫والتوزيعية للقيم واملنافع املتضمنة‪ ،‬يف رسم السياسات العامة وتنفيذ عملياهتا‪1‬وعليه م االهتمام مبفهوم‬
‫السياسة العامة كممارسة على مر العصور واحلضارات‪،‬فلم تقم أي حضارة دون تدبري شؤون أمنها‬
‫وتقوية أصول احلكم فيها‪ ،‬ليأخذ بعدها صوراً عدة يف ظل النظم احلديثة الدميقراطية اليت تتجلى فيها‬
‫بوضوح معامل السياسات العامة‪ ،‬فلم تعد حكراً على الزعماء واحلكام‪ ،‬بل أصبحت مفهوماً شامالً تقوم‬
‫عليها االجتاهات احلديثة بوصف السياسة العامة كمصلحة لتفاعالت عدة رمسية وغري رمسية على‬
‫املستويني الدويل واحمللي‪.2‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬عناصر وانواع السياسات العامة‬

‫اوال عناصر السياسة العامة‬

‫تتمثل عناصر السياسة العامة فيما يلي‪:‬‬


‫‪- 1‬المطالب السياسية واالحتياجات‪:‬‬
‫وهي اإلجراءات اليت تطالب اجلهات العامة او اخلاصة احلصول عليها أو إجنازها من قبل املوظفني‬
‫الرمسيني يف الدولة خبصوص قضية او مشكلة معينة‪ ،‬وما يطرح على طاولة السياسة يف احلكومة اليت تأيت‬
‫من قبل األفراد واملواطنني بصرف النظر عن هويتهم وأجناسهم وانتمائهم‪ ،‬واليت متثل االحتياجات‬

‫‪2‬فهمي خليفة الفهداوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪31‬‬


‫‪ 3‬أمحد طيلب ‪،‬دور املعلومات يف رسم السياسة العامة يف اجلزائر ‪ -‬دراسـة حالة اجمللس االقتصادي الوطين االقتصادي واالجتماعي ‪ -‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫املاجستري‪ ،‬غري منشورة ‪.‬العلوم السياسية والعالقات الدولية (اجلزائر‪ ، )2007 :‬ص‪20 .‬‬
‫‪27‬‬
‫االجتماعية املختلفة واملتنوعة‪ ،‬وختتلف هذه املطالب يف طبيعتها‪ ،‬فقد تكون رغبة املواطنني أو املشرعني‬
‫‪1‬‬
‫بأن تقوم احلكومة بعمل شيء معني‬
‫‪- 2‬قرارات السياسة‪:‬‬
‫ومتثل يف ما يصدره املسئولون احلكوميون املخولون قانونياً ورمسياً من األوامر ومن التوجيهات املعربة عن‬
‫حمتويات وإجراءات السياسة العامة‪ ،‬وعن إرادة احلكومة املستجيبة مع املطالب املقدمة إليها أو املتماسكة‬
‫معها‪ ،‬وتشتمل تلك القرارات على التشريعات املتخذة من طبيعة القوانني أو إصـدار األوامـر ألغـراض‬
‫التنفيذ ومباشرة التطبيق أو وضع اللوائح اإلدارية والقواعد التنظيمية املوجهة ألعمال اإلدارة واملنظمات‪،‬‬
‫أو تقدمي التفسريات اإلجرائية للعملية القضائية حيال تطبيق القانون‪ ،‬وهذا كله يرتبط مباهية النتائج‬
‫واآلثار املقصودة وما قد يرتتب عنها من آثار غري مقصودة يف السياسة العامة‪ ،‬حبيث جيعل توجهها إزاء‬
‫قضية معينة مدعاة لنهوض سياسة أخرى يف جماالت وقضايا أخرى‪.2‬‬
‫‪- 3‬إعالن محتويات السياسة‪:‬‬
‫وتتمثل يف اخلطابات واإلعالنات الرمسية أو التفسريات والتصرحيات احلكومية العامة‪ ،‬املوحية للمجتمع‬
‫وللرأي العام وللمعنيني‪ ،‬بتوجه حنو قضية معينة قد بت فيها وجرى التعامل معها من قبل احلكومة‪ ،‬وهذا‬
‫اإلعالن قد يتخذ صيغاً عديدة من حيث اشتماله على الصفة الرمسية وعلى نية اجلهات املسؤولة حنو‬
‫القيام بعمل ما‪ ،‬واهلدف املرجو منه‪ ،‬أو من حيث كونه متأتياً بصيغة أوامر وتعليمات موجهة لألجهزة‬
‫‪3‬‬
‫اإلدارية يف الدولة‬
‫‪- 4‬مخرجات السياسة‪:‬‬
‫وهي املؤشرات امللموسة النامجة عن السياسة العامة يف ضوء قـرارات السياسة والتصرحيات اليت يلمسها‬
‫املواطنون من األعمال احلكومية‪ ،‬وال تشمل الوعود والنوايا‪ ،‬وقد تكون املخرجات املتحققة عن السياسة‬

‫‪1‬حممد موفق حديد ‪ ،‬إدارة األعمال احلكومية (عمان ‪ :‬دار املناهج‪ ، )2002، ،‬ص‪233.‬‬
‫‪2‬السيد ياسني‪ ،‬السياسة العامة (مصر‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‪1988 ،‬م)‪ ،‬ص‪70.‬‬
‫‪ 1‬فهمي خليفة الفهداوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪44.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪1‬‬
‫العامة بعيدة أو خمتلفة كما يتوقع حتققه أو ما تنص عليه السياسة العامة نفسها‬
‫‪- 5‬آثار السياسة‪:‬‬
‫هي النتائج اليت يتلقاها اجملتمع من تطبيق السياسات العامة‪ ،‬سواء كانت مقصودة أوغري مقصودة واليت‬
‫تنجم عن الفعل واالمتناع عن الفعل‪2،‬ومتثل العوائد املتحصلة والنتائج املنظورة املقيسة‪ ،‬املقصودة أو غري‬
‫املقصودة جراء السياسة العامة اليت جتسم موقف احلكومة إزاء القضايا أو املشكالت‪ ،‬حيث إن لكل‬
‫سياسة عامة جرى تنفيذها آثار معينة‪ ،‬قد تكون إجيابية لكنها مصحوبة مبضاعفات وآثار سلبية‪ ،‬حتتاج‬
‫‪3‬‬
‫هي األخرى إىل تبين سياسات عامة جديدة أو ملحقة بسابقاته‬

‫ثانيا‪ :‬انواع السياسات العامة‬

‫تتمثل انواع السياسة العامة يف أربعة أنواع‪:‬‬


‫‪- 1‬السياسة العامة االستخراجية‪:‬‬
‫كل النظم السياسية‪ ،‬حىت البسيطة منها‪ ،‬تقوم باستخراج املوارد من بيئاهتا‪ ،‬يف شكل‬
‫اخلدمة العسكرية واخلدمات العامة اإللزامية األخرى‪ ،‬مثل االشرتاك يف هيئات احمللفني واألشغال اليت‬
‫تفرض على اجملرمني املسجونني‪ .‬وتعترب الضرائب أكثر أشكال وأنـواع استخراج املوارد انتشاراً وشيوعاً يف‬
‫الدول املعاصرة‪ ،‬والضرائب تعين استخراج النقود أو السلع من أعضاء النظم السياسية لألغراض احلكومية‬
‫‪4‬‬
‫ويف مقابلها ال يتلقون منفعة فورية أو مباشرة (‪. ، ،.‬‬

‫‪- 2‬السياسات العامة التوزيعية وإعادة التوزيع‪:‬‬


‫هي ختصيص الوكاالت احلكومية مبختلف أنواعها لألموال‪ ،‬والسلع واخلدمات وتوزيعها على األفراد‬
‫واجلماعات يف اجملتمع‪ ،‬من أجل االستفادة منها‪ ،‬مثل توزيع القروض إلقامة مشاريع صغرية‪ ،‬واملنح‬

‫‪2‬حممد زاهـي بشري املغرييب‪ ،‬ق ـراءات يف السياسة املقارنة (بنغازي‪ :‬منشورات جامعة قاربونس ‪، )1994،‬ص ‪244‬‬
‫‪ 2‬جيمس اندرسون ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪18‬‬
‫‪ 3‬الفهداوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪45‬‬
‫‪ 4‬حممد زاهي بشري املغرييب ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪283‬‬
‫‪29‬‬
‫‪1‬‬
‫واالمتيازات اليت تقدم لطلبة اجلامعة‪ ،‬باإلضافة إىل االعتمادات املوجهة للصحة‪ ،‬والتعليم والدفاع ‪...‬إخل‬
‫‪..‬ويرتبط بسياسة التوزيع ما يعرف بسياسة إعادة توزيع الدخل لصاحل فئات الدخل املنخفض أو‬
‫احملدود؛ هذه السياسة تبنتها البلدان الشيوعية بوضوح وعالنية‪ ،‬كما أن الدول الدميقراطية الغربية مبا فيها‬
‫‪2‬‬
‫الواليات املتحدة تبذل جهوداً يف هذه السبيل وحتقق بعض النجاح( ‪.‬‬
‫‪- 3‬السياسات العامة التنظيمية ‪ :‬نظراً لتعقد احلياة‪ ،‬وتزايد املشاكل يف الصحة واملرور‪ ،‬السكن ‪...‬اخل‪،‬‬
‫وتطور سبل األعمال وتزايد أنشطة احلكومة يف؛ ازدادت احلاجة إىل مثل هذه السياسات واملتمثلة يف‬
‫ممارسة النظام السياسي لعمليات الضبط والرقابة ملختلف األنشطة والسلوكيات‪ ،‬لإللتزام بدواعي املصلحة‬
‫العامة‪ ،‬وتطبيق القانون مبا يضمن عمل اجملتمع أو عدم عمله‪ ،‬وفرض العقوبات الّ الزمة عند حصول‬
‫‪3‬‬
‫أي جتاوزات( ‪، .‬‬
‫‪- 4‬السياسات الرمزية‪:‬‬
‫هي السياسات اليت هتدف من وراءها النظم السياسية تعبئة اجلماهري‪ ،‬ورفع محاسته مالوطنية من خالل‬
‫حديث القادة ‪+‬السياسيني عن تاريخ األمة وعن القيم واأليديولوجيات املتمثلة يف املساواة والدميقراطية‬
‫والوعد باإلجنازات ومكافآت مستقبلية‪ ،‬وهتدف هذه الشعارات إىل حتسني نوايا املواطنني يف قادهتم‬
‫واإلميـان برباجمهم السياسية؛ مما جيعلهم يدفعون الضرائب بطواعية وإطاعة القوانني مما يقلل من معارضة‬
‫‪4‬‬
‫النظام‪ ،‬أي قبول شرعية احلكومة وسياساهتا العامة( ‪).‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مراحل صنع السياسة العامة‬

‫متر عملية صنع السياسة العامة بعدة مراحل وهي كمايلي‬

‫‪ 1‬هشام عبداهلل‪ ،‬مرتمجاً ‪،‬السياسة املقارنة يف وقتنا احلاضر (عمان ‪ :‬الدار األهلية ‪ ، ) 1997 ،‬ص‪192‬‬
‫‪3‬كمال املنويف‪ ،‬السياسة العامة وأداء النظام السياسي (القاهرة ‪ :‬مركز البحوث والدراسات السياسية ‪ ، )1987 ،‬ص‪283‬‬
‫‪4‬الكبيسي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪164‬‬
‫‪ 4‬هشام عبداهلل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪199 – 201‬‬
‫‪30‬‬
‫‪ :1‬تحديد المشكلة‪:‬‬
‫تعرف املشكلة بأهنا ترتبط بقضية أو مبوقف معني‪ ،‬أو حاجات مطلوبة‪ ،‬وعليه هي ظاهرة حمددة‪ ،‬هلا‬
‫أغراضها وأثارها املباشرة وغري املباشرة‪ ،‬وهي قابلة للحل يف إطار املقومات البيئية لذا فاملشكلة العامة هي‬
‫اليت تدفع صناع السياسة العامة للتحرك بسرعة؛ ألهنا متثل جمموعة املطالب واحلاجات والقيم اليت جيب‬
‫االستجابة هلا‪ ،‬وصفة العمومية هي الصفة األساسية يف حتديد مشاكل السياسة العامة وجتدر اإلشـارة هنا‬
‫إىل أن املقصود باملشكلة‪ ،‬هي تلك املشاكل العامة اليت تطال شرحية واسعة من اجملتمع‪ ،‬كاملشاكل‬
‫‪1‬‬
‫املتعلقة باألمن والصحة والتعليم والفقر‪ ،...‬اخل‬

‫‪ :2‬األجندة السياسية أو جدول األعمال‪:‬‬


‫تواجه احلكومات العديد من القضايا اجملتمعية‪ ،‬لكن ال تستطيع أن حتل كل تلك املشاكل‪ ،‬مهما كانت‬
‫إمكاناهتا املادية والبشرية‪ ،‬هلذا فإهنا تقوم بإدراج أهم القضايا أو املطالب العامة األكثر عند اجملتمع يف‬
‫جدول يسمى جبدول أعمال السياسة العامة أو ما يسمى بأجندة سياسة احلكومة‪ ،‬اليت تتطلب عملية‬
‫مناقشة فعلية‪ ،‬يرتتب عنها اختاذ قرارات رمسية مناسبة لتلك املطالب املطروحة‪.‬‬
‫‪ :3‬صياغة السياسة العامة‪:‬‬
‫هي بلورة مسودة السياسات من قبل السلطة التشريعية أو صياغة القواعد أو النظم اإلدارية اجلديدة اليت‬
‫تضع املبادئ موضع التطبيق‪ ،‬وهذه مهمة فنية وإجرائية لكنها يف غاية األمهية لكوهنا حتدد املضمون‬
‫واإلطار‪ ،‬وتعد املعرب عن ما متخضت عنه اجلهود والنقاشات السابقة‪ ،‬كما أن أمهية صياغة السياسة‬
‫العامة تكمن يف أن إدخال أي نص أو عبارة يف أية الئحة أو قانون أسهل بكثري من رفعه بعد تشريعه‪،‬‬
‫ورمبا يدخل النص دون أي عناء أو حىت دون قصد من وراءه‪ ،‬ولكن حني يراد رفعه تظهر الصعوبات‬
‫وتوضع العراقيل‪ :.2 4‬تبني وتنفيذ السياسات العامة‪:‬‬
‫إن هذه املرحلة تستدعي التنفيذ الفعلي للسياسة أو البديل الذي م تبنيه‪ ،‬فحال االنتهاء من تبين سياسة‬
‫‪ 1‬امحد مصطفى احلسيين‪ ،‬حتليل السياسات‪ :‬مدخل جديد يف التخطيط يف األنظمة احلكومية‪( ،‬ديب‪ ،‬مطابع البيان التجارية ‪ ، )1994، ،‬ص ‪25‬‬

‫‪ 2‬اندسون ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪49 - 59‬‬


‫‪31‬‬
‫ما وتشريعها تصبح املقرتحات واملشروعات واللوائح اليت تعربعن مضموهنا مؤهلة ألن توصف بالسياسة‬
‫العامة‪ ،‬اليت تكتسي بطابع الرضى جلميع األطراف املعنية هبا واليت متت فيها اختزال حجم الصراعات‬
‫واملساومات وتفاوت اآلراء بطريقة ائتالفية مرضية ولو على حساب القلة القليلة اليت مل تبد استحساهنا‬
‫هلذا النوع من السياسة‪.1‬‬
‫‪ :5‬تقويم السياسات العامة‪:‬‬
‫إن تقومي السياسة العامة‪ ،‬هو حبث أو فحص موضوعي ذو غاية جتريبية منتظمة لتلك التأثريات اليت‬
‫تنتجها السياسات والربامج العامة‪ ،‬من خالل األهداف اليت تنوي حتقيقها‪ ،‬كما إن السياسة العامة ال‬
‫ميكن أن تفي مبتطلباهتا بشكل تام وفعلي‪ ،‬وسوف تكون بعيدة عن مقاصدها‪ ،‬على مستوى الصنع أو‬
‫على مستوى التنفيذ‪ ،‬حينما ال تتصاحب وتتواكب معها عملية التقومي اليت تدعو إىل معرفة عملية‬
‫‪2‬‬
‫وحقيقية وموضوعية باالنعكاسات السلبية أو اإلجيابية املرتتبة عن السياسة العامة‬

‫‪2‬امحد طيلب ‪، ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪40°41‬‬


‫‪ 2‬لفهداوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪35‬‬
‫‪32‬‬
33
‫يف هذا الفصل سيكون احلديث حول خصائص اجلماعات الضاغطة والسياسة العامة يف اجلزائر‬
‫يف املبحث االول اما يف املبحث الثاين سيكون حول تاثري اجلماعات الضاغطة يف صنع السياسة العامة‬
‫ويف املبحث االخري يكون احلديث حول اجلماعات الضاغطة وتاثريها على املؤسسات الرمسية يف صنع‬
‫السياسة العامة‬

‫المبحث األول ‪:‬خصائص الجماعات الضاغطة والسياسة العامة في الجزائر‬

‫المطلب االول خصائص الجماعات الضاغطة‬

‫من التعاريف السابقة يتبني أن مجاعات الضغط تتميز بعدد من اخلصائص ‪،‬ميكن استنتاجها ‪:‬‬

‫تعرب عن مجاعة من األشخاص بينها عالقات ثابتة أي وجود تنظيم‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫ب‪-‬توفر شعور يوحد أفراد التنظيم من أجل الدفاع عن مصاحل معينة‬

‫ج‪-‬تربط بني هؤالء األشخاص مصاحل مشرتكة بغض النظرعن انتماءاهتم احلزبيـ ـ ــة و اإليديولوجية‪.‬‬

‫د‪ -‬ال تستهدف الوصول إىل السلطة‪.‬‬

‫ه‪-‬قد تكون مجاعات عامة او خاصة حسب اهدافها‬

‫المطلب االثاني السياسة العامة في الجزائر‬

‫تعزز صنع السياسة العامة يف اجلزائر مع توفر مصادر التمويل الناجتة عن االرتفاع القياسي‬
‫والتصاعدي ألسعار النفط منذ ‪ ،2001‬وما افرزته من تطور اجيايب للمؤشرات االقتصادية خصوصا‬
‫االرتفاع الكبري لقيمة الناتج احمللي االمجايل وحتسن ميزان املدفوعات واحتياط الصرف‪ ،1‬فقد مكنت‬

‫‪ 1‬سامي غبغوب‪ ،‬حتليل السياسات لعامة البيئية يف اجلزائر‪ ،‬اشراف حممد رضا مزوي‪ ،‬مذكرة ماجستري( كلية العلوم السياسية واالعالم ‪ ،‬جامعة اجلزائر(‪: )3‬‬
‫‪، )2013‬ص‪10‬‬
‫‪34‬‬
‫املوارد املالية من التسديد املسبق للمديونية اخلارجية‪ ،‬واطالق جمموعة من املخططات التنموية بدءا‬
‫بربنامج دعم االنعاش االقتصادي (‪ .)2004-2001‬مث الربنامج التكميلي لدعم النمو والربناجمني‬
‫التكميليني لفائدة واليات اهلضاب العليا واجلنوب (‪ .)2009-2005‬واملخطط اجلماعي (‪-2010‬‬
‫‪ )1.2014‬غري انه ويف ظل مظاهر الالمباالة السياسية اليت تربز من حيث كون توجهات املواطن‬
‫اجلزائري حنو املواضيع السياسية ضعيفة للغاية‪ ،‬اذ انه ال يربط نفسه بأية طريقة اجيابية باملؤسسات‬
‫السياسية الوطنية وال القضايا السياسية احمللية واجلهوية‪ ،‬حيث يسود االعتقاد لديه بأنه غري مؤثر فيها وأن‬
‫النظام السياسي ال يتيح له تلك املشاركة‪ ،‬ولعل ذلك يعود اىل طبيعة االطار السياسي من حيث انعدام‬
‫املناخ الدميقراطي السليم وضعف العمل الدستوري‪ ،‬وسيادة منط احلكم الفردي‪ ،‬عالوة على ان البيئة‬
‫السياسية تتصف بغياب او ضعف مؤسسات املشاركة كاجملالس النيابية‪ ،‬واالحزاب‪ ،‬واملنظمات‬
‫اجلماهريية‪2‬ولعل هذه االوضاع هي اليت قد ال تسمح للسياسة العامة يف اجلزائر من حتقيق اهدافها‬
‫املرجوة‪ ،‬لكوهنا عموما ال تنبع من املصلحة العامة‪ ،‬بقدر ما ترتبط مبصاحل ضيقة لفئات معينة‪ ،‬وهو ما‬
‫يستدعي يف كل االحوال تفعيل دور املواطن اجلزائري ليساهم يف رسم السياسة العامة‪.‬‬

‫‪ 1‬املرجع نفسه‪ .‬ص‪.10‬‬


‫‪ 2‬امحد طيلب ‪،‬دور املعلومات يف رسم السياسة العامة يف اجلزائر دراسة حالة اجمللس الوطين االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬اشراف سعاد العقون‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستري‪ ،‬كلية العلوم السياسية واالعالم (جامعة اجلزائر(‪، )2007 : )3‬ص‪16‬‬

‫‪35‬‬
‫المبحث الثاني تاثير الجماعات الضاغطة في صنع السياسة العامة في الجزائر‬

‫يف هذا املبحث سوف نتطرق إىل مشاركة اجلماعات الضاغطة يف عملية صنع السياسة العامة‬

‫المطلب االول ‪:‬دور المواطن في صنع السياسة العامة‬

‫إن التمكني للمواطن ليكون فاعال مؤثرا يف عملية صنع السياسات املختلفة يدخل يف نطاق‬
‫ترسيخ وبلورة مفهوم املواطنة كفضاء للحقوق والواجبات ضمن األنساق املختلفة‪ ،‬اجتماعية وسياسية‬
‫واقتصادية وثقافية داخل الوطن ‪ ،‬ومن الطبيعي أن نؤكد هنا أن اخلروج من األزمات والتوترات اليت متر هبا‬
‫البالد حاليا لن يتحقق إال بإعادة االعتبار يف السياسات واإلجراءات إىل مفهوم املواطنة والعمل على‬
‫صياغة فضاء وطين جديد ‪ ،‬قوامه األساسي ومرتكزة الرئيس هو املواطنة بصرف النظر عن األيديولوجية‬
‫أو العرقية‪ .‬إن املواطنة بكل ما حتتضن من متطلبات واليات تعد حجرا أساسيا يف أي مشروع لبناء‬
‫الوطن و الرجوع إىل تقييم مشاركة املواطن يف السياسات العامة يف اجلزائر نالحظ أن اجنازات فرتة‬
‫التعددية السياسية حمدودة للغاية‪ .‬فرغم أننا شهدنا مشاركة املواطن يف عدة استفتاءات شعبية كاالستفتاء‬
‫الشعيب حول التعديل الدستوري يف ‪ ،1996/11/28‬وكذلك االستفتاء حول قانون الوئام املدين يف‬
‫‪ 1999/09/16‬واالستفتاء حول ميثاق السلم واملصاحلة الوطنية يف ‪ ،2005/09/29‬وهي‬
‫استفتاءات تدخل يف نطاق إعادة الطمأنينة للمواطن وحتقيق االستقرار االجتماعي والسياسي‪ ،‬إال أن‬
‫هذه املشاركة م حتجيمها عندما تعلق األمر بالتعديل الدستوري األخري‪ ،‬واليت م مبقتضاه مراجعة املادة‬
‫‪ 74‬اليت حتدد العهدة الرئاسية وعددها‪ .‬إن تفادي النخبة احلاكمة إجراء االستفتاء واالكتفاء فقط بتمرير‬
‫التعديل يف الربملان يعرب عن عدم اكتمال الثقة بني هذه النخبة واملواطن‪.1‬‬

‫‪ 1‬صـالــح زيـانــي و حـجـيــج أم ــال" إشكـالية تفعيـل املنظمـات غيـر الـرمسيـة فـي صناعـة السياسة العامة " م تصفح املوقع ‪12‬افريل ‪ 2019‬سا ‪20:00‬‬

‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/article/52716‬‬

‫‪36‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مشاركة األحزاب السياسية في صنع السياسة العامة‬

‫لقد كانت األحزاب السياسية ومازالت من املؤسسات الضرورية للعملية الدميقراطية ملا هلا من دور‬
‫يف تنمية الرأي العام والتعبري عنه يف القضايا الرئيسية بني الفرد والدولة‪ .‬وعليه عادة ما تقوم هذه‬
‫األحزاب بتقدمي نفسها على أهنا املعرب الفعلي عن تطلعات ومطالب املواطنني‪ ،‬وإهنا اآللية األساسية‬
‫للتعبري وكذلك جتميع املصاحل والعمل على بلورهتا يف شكل بدائل لسياسات عامة‪.‬‬

‫إن ما يالحظ عن الظاهرة احلزبية يف اجلزائر إفراغها من حمتواها‪ .‬ويبدو أن االنفتاح السياسي الواعد يف‬
‫بداياته األوىل مل يفض إىل ترسيخ ونضج يف العمل احلزيب‪ .‬إن انغالق النظام السياسي بعد فرتة قليلة من‬
‫االنفتاح‪ ،‬وتشبثه بفكرة السلطة املركزية غري القابلة للتداول أو االستحواذ جعل من األحزاب السياسية‬
‫تتنافس فقط على جزء من السلطة عادة ما تكون سلطة حملية أو نيابية دون التنافس على السلطة‬
‫املركزية‪.‬‬

‫إن تقييد املمارسة احلزبية يف اجلزائر أفرز ظاهرة تستحق االهتمام وهي عودة تكريس املمارسة‬
‫األحادية واليت من مؤشراهتا االئتالف بني األحزاب السياسية الثالثة الكربى يف اجلزائر (حزب جبهة‬
‫التحرير الوطين‪ ،‬التجمع الوطين الدميقراطي‪ ،‬وحركة جمتمع السلم)‪ .‬فإذا كان عدم حصول أي حزب‬
‫سياسي على األغلبية املطلقة من األصوات يف انتخابات معينة كاالنتخابات التشريعية ‪ 1997‬مربرا وراء‬
‫هذه االئتالفات‪ ،‬فان الوضع خيتلف يف وضعيات ومناسبات أخرى‪ ،‬فمثال رغم حصول حزب جبهة‬
‫التحرير الوطين على األغلبية املطلقة من املقاعد يف تشريعيات ‪ 2002‬واملقدرة بـ‪ 199‬مقعد‪ ،‬وهو ما‬
‫كان يسمح له بتشكيل حكومة األغلبية ‪ ،‬إال انه آثر اللجوء إىل اختيار االئتالف مع أحزاب أخرى‪. 1‬‬

‫وتبقى االحزاب السياسية يف االنظمة الغري دميقراطية جمرد العوبة سياسية ما مل يتم هيكلتها وتنظيمها‬
‫تنظيم حمكم مع مراعاة عنصر القدرة والكفاءة ملمثليها‬

‫‪ 1‬صـالــح زيـانــي و حـجـيــج أم ــال" مرجع سابق‬

‫‪37‬‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬تاثير الجماعات الضاغطة على المؤسسات الرسمية‬

‫يف هذا املبحث سوف نتطرق اىل مظاهر تاثري احلماعات الضاغطة على املؤسسات الرمسية كفاعل يف‬
‫صنع السياسة العامة‬

‫المطلب االول‪ :‬التاثير على المؤسسة التشريعية (البرلمان)‪.‬‬

‫بالنسبة لدور اجلماعات الضاغطة يف إطار السلطة التشريعية‪ ،‬تعمل تلك اجلماعات على (تقدمي‬
‫املعلومات الفنية واإلحصاءات واألحباث العلمية‪ ،‬والدراسات املستفيضة‪ ،‬اليت قد تغري من تقدير األمور‬
‫وتوجيه السياسة التشريعية لصاحل أهداف هذه اجلماعات ‪ .‬وقد تسمح املؤسسة التشريعية جلماعات‬
‫الضغط بان تقرر مبا تراه مباشرة أمام جلان الربملان املختلفة … كذلك تعمل تلك اجلماعات على تأييد‬
‫‪1‬‬
‫مرشحني معينني يف االنتخابات أو معارضة إعادة انتخاهبم)‪.‬‬

‫ويتباين تأثري مجاعات الضغط على السلطة التشريعية من دولة ألخرى‪ ،‬ومن نظام سياسي آلخر‪،‬‬
‫ففي األنظمة الرئاسية يكون دور ونشاط مجاعات الضغط أقوى وأوسع أثرا من األنظمة الربملانية ‪.‬‬

‫وتستخدم مجاعات الضغط تأثريها يف السلطة التشريعية من خالل عالقتها باألحزاب السياسية‪..‬‬
‫حيث تشرتك كل من األحزاب ومجاعات الضغط يف حتقيق وظيفة واحدة هي التعبري عن املصاحل‪ ،‬ومن‬
‫شان ذلك يوفر مصدر فعال للتأثري يف السياسات العامة‪ ..‬ويف بريطانيا تبدو العالقة بني حزب العمال‬
‫الربيطاين واحتادات العمال وثيقة‪ ،‬وهذه األخرية مصدر لعضوية األوىل‪ ،‬ومنها جتند بعض القيادات كما‬
‫أهنا مصدر لتمويل احلزب‪.2‬‬

‫‪ 1‬حممد فايز توهيل ‪،‬علم االجتماع السياسي ( القاهرة‪ :‬مكتبة الفالح‪ ،)1999 ،‬ص‪167‬‬
‫‪ 2‬بسيوين محادة‪ ،‬وسائل االتصال يف صنع القرارات‪ ،‬نقال عن د‪ .‬وصال الزاوي و د‪ .‬رواء زكي‪،‬السياسة العامة يف تركيا‪( ،‬بغداد‪ :‬مركز الدراسات الدولية‪،‬‬
‫‪ ،)2002‬ص‪21‬‬
‫‪38‬‬
‫أما يف الدول النامية‪ ،‬فجماعات الضغط بوجه عام ليس هلا أي استقالل عن احلكومة‪ ،‬وتكمن‬
‫مهمتها األساسية يف حشد التأييد الشعيب للنظام وسياسته‪ ..‬وإذا كانت اجلماعات مرتبطة حبزب معني‬
‫فان وزنه السياسي وتأثريها يتوقفان بدرجة كبرية على ما للحزب من نفوذ‪ .1‬وطبيعة نظمها وجتربتها تربز‬
‫ضعف اجملموعات املتحدة (مجاعات الضغط يف توضيح املصاحل وافتقارها إىل االستقاللية‪ ..‬ففي أنظمة‬
‫احلزب الواحد‪ ،‬أو احلكم العسكري‪ ،‬تربز سيطرة الدولة على اجملموعات القائمة‪ ،‬لتصبح أجهزة تابعة‬
‫للحزب أو الدولة‪ ..‬فاحلزب الواحد ينظر لنفسه كونه املمثل الوحيد للمجتمع املدين‪ ،‬ويفرتض يف هذا‬
‫املفهوم بالضرورة أن االحتادات اليت تسعى لتوضيح مصاحل معينة‪ ،‬جيب عليها أن تقوم بذلك من خالل‬
‫اإلطار احلزيب‪ .‬وما أن يصبح االحتاد حتت وصاية احلزب حىت يتم إخضاعه للتوجهات السياسية ومينع‬
‫من التعبري عن وجهات نظر ختالف مذهب احلزب أو مصاحله‪.2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التاثير على المؤسسة التنفيذية‬

‫يف إطار العالقة مع السلطة التنفيذية‪ ،‬فكون السلطة التنفيذية هي اقدر وفق حقيقة الواقع السياسي‬
‫على ممارسة اقرتاح القوانني باعتبارها تتوىل مهمة التنفيذ‪ ،‬ومن مث تكون أقرب إىل ملس احلاجات التشريعية‬
‫للمجتمع‪ ،‬وهي متلك األدوات الفنية الالزمة ألعداد اقرتاح مشروع التشريع‪ ،‬لذلك فان اجلماعات حتاول‬
‫التأثري يف أعضاء املؤسسة التنفيذية على أساس أن االقرتاح هو األصل الذي ينبثق عنه التشريع‪ ،‬مث أن‬
‫السلطة التنفيذية متلك حق االعرتاض على القوانني‪ ،‬ويف إمكاهنا التغيري يف التشريع عن طريق التفسري‬
‫والكيفية اليت ينفذ هبا‪ ،‬ومجاعات الضغط تستخدم نفس األساليب لتحقيق تأثريها يف السلطة التنفيذية‪.3‬‬

‫‪ 1‬خريي عبد القوي ‪،‬دراسة السياسة العامة ( الكويت‪ :‬ذات السالسل‪ ،‬ط(‪ ، )1988 ،)1‬ص‪45‬‬
‫‪ 2‬كمال املنويف‪ ،‬مرجع ‪ ،‬سابق‪ ،‬ص‪13‬‬
‫‪ 3‬خريي عبد القوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪46‬‬
‫‪39‬‬
‫المطلب الثالث ‪:‬التاثير على المؤسسة القضائية‬

‫يف إطار العالقة مع السلطة القضائية فانه بالرغم من اإلمجاع على استقالل السلطة القضائية‬
‫فاجلماعات الضاغطة متلك وسائل عدة يف التأثري عليها من خالل الدخول كطرف يف اخلصومة القضائية‬
‫فتعمل اجلماعات على تقدمي الدراسات والبيانات واملعلومات إىل احملكمة‪ ،‬وقد تتدخل يف اختبار القضاة‬
‫ويف انتخاهبم يف النظم اليت تأخذ بوسيلة االنتخاب يف تعيني بعض قضاهتا‪ 1‬فتاثريها يكون مباشر وغري‬
‫مباشر‬

‫المطلب الرابع ‪:‬التاثير على الجهاز االداري‬

‫ميارس اجلهاز اإلداري جمموعات عدة من الوظائف تكون ذات طبيعة مرفقية وخدمية ووظائف‬
‫إنتاجيه ووظائف حمليه إقليميه‪ ،‬وكل هذه اجملموعات يتم التعبري عنها يف السياسة العامة ويف توجهات‬
‫النظام احلاكم يقوم اجلهاز اإلداري مبهام تتعلق بتنفيذ القوانني وتنفيذ القواعد والتعليمات‪ ،‬واجلهاز‬
‫اإلداري هو الذي حيتكر جانب املخرج من النظام السياسي‪.‬‬

‫ويتجاوز دور اجلهاز اإلداري مهمة التنفيذ إىل التأثري يف عملية صنع السياسة العامة‪ ،‬ولعل ذلك‬
‫يعود الرتباط اجلهاز اإلداري الوثيق بالسلطة التنفيذية مما جعله (جزءا هاما من السلطة التنفيذية يف‬
‫الدولة‪ ،‬مما فسح هلا جمال التأثري غري املباشر يف صنع القرارات وذلك من خالل الدور الذي تلعبه السلطة‬
‫التنفيذية يف صنع السياسة العامة للدولة مع السلطة التشريعية)‪.2‬‬

‫وارتباط الوظيفة اإلدارية بالسلطة التنفيذية ومهامها‪ ،‬يعين‪ ،‬استبعادها عن السلطتني القضائية‬
‫والتشريعية‪ ،‬وسبب هذا االستبعاد يعود إىل أن‪ ،‬اهليئات التشريعية والقضائية ذات مهام خاصة ترتتب‬

‫‪ 1‬خريي عبد القوي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪47‬‬


‫‪ 2‬مها عبد اللطيف احلديثي ‪،‬العالقة بني السياسة واإلدارة يف دول العامل الثالث‪ ،‬جملة قضايا سياسية (جامعة صدام ‪:‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬عدد(‪،)1‬‬
‫(‪ ،)2000‬ص‪142‬‬
‫‪40‬‬
‫عليها مشكالهتا اخلاصة الدقيقة اليت تربز من طبيعة تكوينها ونشاطها ووجودها‪ ،‬وهذا يستلزم ترتيبات‬
‫ومقاييس خاصة‪ ،‬ألصله هلا مبيدان اإلدارة العامة‪،‬لذلك ال ختتلط الوظيفة اإلدارية بالوظيفة القضائية اليت‬
‫تنحصر يف تطبيق القانون وال بالسلطة التشريعية اليت تتمثل عادة يف وضع القواعد اليت حتكم النشاطات‬
‫العامة أو اخلاصة دون أن ختوض يف تفاصيل التطبيق‪. 1‬‬

‫هذا االستبعاد للوظيفة اإلدارية عن مهام السلطتني التشريعية والقضائية ال يعين بأي حال من‬
‫األحوال تصرف تلك األوىل حبرية تامة دون مراعاة هلاتني السلطتني‪ ،‬فهاتني السلطتني هلما حق الرقابة‬
‫وتقييم أعمال السلطة التنفيذية مبا يف ذلك أعمال اجلهاز اإلداري وكيفية تنفيذه للسياسات العامة‬
‫(حيث متارس اهليئات التشريعية والقضائية رقابة خارجية على الدوائر احلكومية‪ ،‬فلجان التحقيق‪،‬‬
‫واالستفسارات اليت قد يطرحها أعضاء اهليئة التشريعية على الوكاالت اإلدارية‪ ،‬واإلجراءات القضائية‬
‫اخلاصة مبراقبة التجاوزات اإلدارية‪ ،‬قد يكون هلا مجيعا تأثري على األداء اإلداري…وهذا يتضح يف البلدان‬
‫االسكندنافية وبريطانيا وأملانيا ودور مؤسسه التحقيق يف الشكاوى‪ ،‬حيث حيقق مكتب الشكاوى يف‬
‫االدعاءات اليت يتقدم هبا األفراد بوقوع ظلم أو ضرر عليهم نتيجة أعمال احلكومة‪ ،‬ويقوم بإجراءات‬
‫أسرع واقل كلفة من إجراءات احملاكم‪ ،‬ويقدم مكتب الشكاوى تقريره إىل اهليئة التشريعية لتصحيح‬
‫الوضع)‬

‫ويعد دور اجلهاز اإلداري يف عملية تنفيذ السياسات العامة دور حيوي وهام ال يستطيع أي نظام‬
‫سياسي حديث االستغناء عنه (فاجلهاز اإلداري يعد العصب الرئيس يف الدولة احلديثة‪ ،‬وهو املنفذ‬
‫األكثر فاعليه لألهداف اليت تضعها السلطة السياسية‪ ،‬لذلك م تنظيم العالقة بني اجلهاز اإلداري‬

‫‪1‬‬
‫املرجع نفس ه ‪،‬ص(‪.)142‬‬

‫‪41‬‬
‫وسلطته وبني السلطة السياسية يف الدول احلديثة وفق القواعد القانونية النابعة من اإلدارة االجتماعية‬
‫لتحقيق أهداف اجملتمع السياسي)‪.1‬‬

‫ويكون اجلهاز اإلداري يف األنظمة السياسية احلديثة مسؤوال عن أمور عدة تتعلق يف التنظيم‬
‫والتفسري والتطبيق للسياسات العامة والتشريعات الصادرة من اجلهاز التشريعي يف الدولة ‪.‬‬

‫ففي (جانب التنظيم) يشري إىل ضرورة تكون اجلهاز اإلداري الالزم للتنفيذ ‪ ..‬وهذه املسألة تتطلب‬
‫من اجلهاز اإلداري أن يكون على اتصال مستمر مع املسؤولني عن رسم السياسة من ناحية‪،‬‬
‫واملستفيدين منها واملطالبني بإطاعتها من ناحية أخرى‪ ،‬لذلك فاإلداريون بطبيعة عملهم يقومون بأعمال‬
‫خترج من جمرد التطبيق البسيط لقواعد حل املشاكل أو صراعات اجملتمع …أما يف (جمال التفسري)‪..‬‬
‫فاملسالة هنا ترتبط‪ ،‬بكون العملية السياسية ال تنتهي بصدور قانون أو قرار برسم سياسة عامة‪ ،‬بل‬
‫تستمر بصورة واضحة إىل مرحلة التنفيذ… ففعالية تطبيق قرار السياسة العامة يتطلب أن تصدر‬
‫لإلداريني التنفيذيني تعليمات واضحة حتدد ما يلزم القيام به من أعمال‪ ،‬وكيفية القيام هبا‪ ،‬إذ أن عدم‬
‫وضوح هذه التعليمات يؤدي إىل االختالف يف تفسري التشريع بالصورة اليت تتناسب وهدف سنه‪ ،‬وهذا‬
‫يتطلب ضرورة صدور قرارات تنفيذية حتدد بوضوح وتفصيل اخلطط وإجراءات وبرامج العمل ومعدالت‬
‫التنفيذ … اخل‪ ،‬أما فيما يتعلق (بالتطبيق) فيقصد به قيام اجلهاز اإلداري فعال بأداء األعمال ملتزما يف‬
‫ذلك باخلطط والربامج واخلطوات والتعليمات اإلجرائية اليت تعد يف مرحلة التفسري‪ ..‬وعمليه التطبيق هي‬
‫‪2‬‬
‫عمليه ديناميكية تعترب امتداد ونتيجة طبيعية ألنشطه التنظيم والتفسري ‪.‬‬

‫ويتباين دور اجلهاز اإلداري يف تنفيذ السياسات العامة وحتقيق املصلحة واملنفعة العامة بتباين‬
‫األنظمة السياسية ويتوقف ذلك على دور هذا اجلهاز يف أي مؤسسة من مؤسسات النظام السياسي‬
‫وعلى نوعية العالقة القائمة بني السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فيما إذا كانت قائمة على‬

‫‪ 1‬مها عبد اللطيف‪ :‬العالقة بني السياسة واإلدارة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪138‬‬
‫‪ 2‬خريي عبد القوي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪161‬‬
‫‪42‬‬
‫التوازن أو التنازع يف االختصاص‪ ،‬باإلضافة إىل مكانة اجلهاز اإلداري يف اجملتمع والكيفية اليت يعمل هبا‬
‫على حتقيق متطلبات اجملتمع ‪.‬‬

‫ففي اليابان‪ ،‬للجهاز اإلداري تنظيمات ثابتة نسبيا‪ ..‬ويعمل على تطوير كفاءات متخصصة ذات‬
‫قيمة عالية يف جماالت معينة من احلكم ‪ ..‬وللبريوقراطية اليابانية دور هام يف رسم السياسة العامة‪ ،‬ولعل‬
‫ذلك يعود للتقاليد اليابانية اليت عززت من هذا التوجه الذي أعطى للبريوقراطية نفوذا قويا نسبيا‪ ،‬فقد‬
‫كان للبريوقراطية بشكل دائم تقريبا‪ ،‬تأثري كبري يف احلكومة‪ ..‬وقد تعودت الوزارات على ذلك وعزز نفوذ‬
‫البريوقراطية ومكانتها توظيف أفضل خرجيي النظام التعليمي النخبوي‪ ،‬منذ فرتة ما قبل احلرب العاملية‬
‫الثانية حىت اليوم‪ ،‬فالنفوذ القوي للبريوقراطية يف اليابان جعل جزء كبري من املشاريع اليت يدرسها الربملان‬
‫مقدمة يف األصل من الوزارات‪ ،‬وقدمت عن طريق جملس الوزراء بدال من أن تتم صياغاهتا عن طريق‬
‫جملس الدايت القومي (الربملان)‪. 1‬‬

‫والتفويض الكبري للوزارات يف صياغة التشريعات‪ ،‬جعلها تستخدم أداة أكثر (هتذيبا) لتنفيذ‬
‫سياساهتا الوزارية‪ ،‬تدعى (التوجهات اإلدارية) واليت يقصد هبا ممارسات تعمل الوزارات القومية مبوجبها‬
‫على إقناع القطاع اخلاص باالنصياع للسياسات مستخدمة التحذير‪ ،‬بشكل ضمين أو علين‪ ،‬من‬
‫‪2‬‬
‫عقوبات بناء على السلطة الواسعة اليت تفوضها هلا التشريعات‬

‫ويف فرنسا للجهاز اإلداري أيضا دور هام يف السياسات العامة‪ ،‬وقد ازدادت أمهيه ذلك الدور‪ ،‬ومل‬
‫تعد النظرة للجهاز اإلداري يف فرنسا قاصرة على القدرة يف تنفيذ السياسات‪ ،‬ولكن أيضا املسامهة‬
‫بفاعليه يف صياغة أو وضع السياسات العامة‪.3‬‬

‫‪ 1‬هشام عبداهلل‪،‬مرجع سابق‪569 ،‬‬


‫‪ 2‬املرجع نفسه‪،‬ص‪569‬‬
‫سل وى شعراوي‪ ،‬أمناط القيادة والسياسة العامة‪ ،‬يف حتليل السياسات العامة (القاهرة ‪ :‬دار االهلية ‪ ،) 1985 ،‬ص‪29‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪43‬‬
‫ولعل ذلك يعود إىل مديات االهتمام باجلهاز اإلداري من قبل النظام السياسي الفرنسي‪ ،‬والعمل‬
‫على تطوير هذا اجلهاز‪ ،‬من خالل املدرسة الوطنية لإلدارة ومدرسة البوليتكنيك مع املدارس العليا‬
‫األخرى ودورها األساسي يف توظيف النخبة اإلدارية والسياسية واالقتصادية‪.1‬‬

‫أما دور اجلهاز اإلداري يف صنع السياسات العامة يف األنظمة السياسية للدول النامية‪ ،‬فيعتمد على‬
‫طبيعة ونوعية العالقة بني املؤسسات السياسية بعضها مع البعض األخر‪ ،‬من جهة‪ ،‬وعالقتها مع‬
‫مؤسسات اجملتمع من جهة أخري‪ ،‬وهذا يعود جملموعة من العوامل تأثرت هبا أنظمة تلك البلدان أدت‬
‫إىل أن تكون العالقة بني اجلهاز اإلداري والسلطة السياسية انعكاس لتلك العوامل‪ ،‬مثل (التأثريات‬
‫االستعمارية وطبيعة البنية االجتماعية وتقييماهتا التقليدية‪ ،‬لعبت دورها يف عدم حيادية اجلهاز اإلداري‪،‬‬
‫وبالتايل خضوعه لشروط اجملتمع التقليدي التعددي) ‪.2‬‬

‫وتكمن أهم مسات اجلهاز اإلداري يف الدول النامية ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن اجلهاز اإلداري يف هذه الدول هو جهاز مقلد أكثر منه أصيل‪ ،‬حيث أن معظم الدول‬
‫حىت تلك اليت مل ختضع لالستعمار حتاول أن تنقل صورة البريوقراطية الغربية‪ ،‬فاإلدارة يف هذه الدول‬
‫حتاول تقليد منوذج أداري معني مع استعارة بعض املظاهر األخرى من أنظمة أداريه أخرى‪.‬‬

‫‪ -2‬افتقار البريوقراطيات إىل الكوادر املاهرة القادرة على ختطيط وتنفيذ الربامج التنموية ‪.‬‬

‫‪ -3‬وجود االجتاهات غري اإلنتاجية يف األجهزة اإلدارية‪ ،‬حيث يوجه نشاط البريوقراطيات خلدمة‬
‫أهداف أخرى غري األهداف العامة‪ ،‬فهناك رغبه لدى البريوقراطيني لتفضيل املصاحل الفردية أو مصاحل‬
‫الطبقة البريوقراطية نفسها على حساب املصلحة العامة ‪.‬‬

‫‪ 1‬هشام عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪352‬‬

‫‪ 2‬مها عبد اللطيف‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪138‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ -4‬تتمتع البريوقراطية يف هذه الدول بدرجه استقالل كبرية‪ ..‬فالبريوقراطية‪ ،‬فيها‪ ،‬حتتكر اخلربة‬
‫الفنية وتنتفع مبزايا اهليبة اليت تعنيها هذه اخلربة يف جمتمع يهدف إىل التصنيع والنمو االقتصادي‪.1‬‬

‫وهذه األنظمة‪ ،‬مل يكن لديها بنيان أداري مبعىن البنيان اإلداري القادر على إدارة دفه األمور وفق‬
‫منهج وطين يتطلع إىل التنمية باعتبارها هدفا حموريا حتقيق من خالهلا الرقي االقتصادي واإلداري‬
‫واالجتماعي والثقايف‪ ،‬والعاملون يف األجهزة اإلدارية ألفوا منطا معينا وهنجا معينا هو النهج والنمط‬
‫السائد يف حقبة اهليمنة االستعمارية وليس لديهم اإلدراك الكايف ملتطلبات املرحلة اجلديدة‪ ،‬يف حقبة ما‬
‫بعد املستعمر ‪.‬‬

‫واستمرت تأثريات تلك األوضاع مع غريها من العوامل االقتصادية واالجتماعية والسياسية اليت ألقت‬
‫بظالهلا على عملية تنفيذ السياسات العامة من قبل اجلهاز اإلداري يف تلك األنظمة‪.‬‬

‫فتأثريات الوضع االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وافتقار اإلدارة للجهاز الكفوء يف حتقيق وتطبيق مقررات‬
‫السياسة العامة‪ ..‬خلق أزمة داخل تلك البلدان هي أزميت التغلغل واالنتشار املنوطة أساسا باجلهاز‬
‫اإلداري‪ ،‬الذي عادة ما يتميز يف هذه النظم‪ ،‬بعدم استعداده وتقبله للتغري االجتماعي‪ ،‬بفعل عوامل‬
‫ضغط اجملتمع التقليدي عليه‪ ،‬لذلك أصبح قوة ضاغطة على اجملتمع وليس أداة تنفيذية لتحقيق مطالب‬
‫اجملتمع السياسي‪. 2‬‬

‫وللنظام احلزيب تأثرياته أيضا يف اجلهاز اإلداري سواء اخذ هذا النظام باألحادية احلزبية أو التعددية‬
‫احلزبية‬

‫ففي نظام احلزب الواحد‪ ،‬ميتاز اجلهاز اإلداري بدرجة بالغة يف التعقيد وخيضع يف الوقت ذاته‬
‫ألشراف احلزب مما يستدعي وجود شبكات رقابة تعمل حتت أشراف الفئة العليا من القيادة احلزبية وهذا‬

‫‪1‬‬
‫(عمان‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ص‪184‬‬
‫فريييل هيدي ‪،‬االدارة العامة‪،‬منظور مقارن‪،‬ترمجة‪،‬حممد قاسم القريويت َ‬
‫‪ 2‬اسامة عبد الرمحن ‪ ،‬املأزق العريب الراهن ( بريوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط(‪،)1999 ، )1‬ص‪50‬‬
‫‪45‬‬
‫يعين أن للحزب الكلمة العليا حيث ميارس الرقابة اليت يراها مناسبة وغالبا ما بتم عن طريق أشغال‬
‫الشخص وظيفتني حزبيه وأداريه يتم بواسطتها إخضاع اجلهاز اإلداري للسلطة احلزبية‪.1‬‬

‫هذا يعين أن العالقة بني اجلهاز اإلداري واحلزب الواحد ينبغي أن تأخذ بنظر االعتبار مسالتني أساسيتني‬
‫مها ‪:‬‬

‫‪ )1‬أن شروط التعيني يف الوظائف اإلدارية املهمة أن يكون املرشح‪ ،‬حزبيا‪ ،‬أو على األقل‪ ،‬من‬
‫أنصار احلزب دون األخذ بنظر االعتبار توفر املؤهالت العلمية واخلربة الفنية ‪.‬‬

‫‪ )2‬حق الرقابة واألشراف الذي متتلكه اهليئات احلزبية على اإلدارة يف خمتلف مستوياهتا واليت قد‬
‫تأخذ شكل رقابه خارجية من فروع احلزب وشعبه وخالياه على اجلهاز اإلداري‪ ،‬ومن خالل نشر مبادئ‬
‫احلزب والوعي احلزيب بني املوظفني‪ ،‬وهذا التغلغل كان هدفه تامني إخضاع اإلدارة خضوعا كليا‬
‫‪2‬‬
‫لتوجيهات احلزب الواحد‬

‫أن هذه العالقة تعين أن اجلهاز ال يستطيع تنفيذ أي سياسات عامة ال تتماشى مع توجهات‬
‫ومتطلبات احلزب وأال فان تلك السياسات مصريها الفشل‪ ،‬أال أن املشكلة األساسية ال تكمن يف‬
‫ضرورة كون السياسات تتماشى مع توجيهات احلزب الن احلزب هو الذي يقرر تلك السياسات أوال‬
‫وأخريا‪ ،‬لكن املشكلة يف مقدار توافق تلك السياسات مع متطلبات ومقتضيات املصلحة العامة‪ ،‬ومبا أن‬
‫النظام الشمويل وسلطه احلزب الواحد مرتسخة ومتجذرة يف اجملتمع وهي متنع أي صوت يعلو على‬
‫صوت احلزب‪ ،‬فان حتميات فشل السياسات العامة باقية ويصعب جتاوزها مادامت العالقة القائمة بني‬
‫الدولة واجملتمع هي ليست عالقة تبادل أراء وأفكار واخذ مطالب وحتويلها إىل قرارات بقدر ما هي‬
‫عالقة قائمه وفق النموذج األبوي يف القرار والذي يقوم على صدور القرارات من األعلى إىل األسفل‬
‫بغض النظر عن كوهنا لقيت قبول يف أوساط اجملتمع أم ال ‪.‬‬

‫‪ 1‬مها عبد اللطيف‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪150‬‬


‫‪ 2‬فرييل هيدي‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪239‬‬
‫‪46‬‬
‫أما يف ظل نظام التعدد احلزيب يف الدول النامية‪ ،‬فالصورة ال ختتلف من حيث كون اجلهاز اإلداري‬
‫هو مرتبط وتابع للحزب احلاكم‪ ،‬وان أحزاب املعارضة (خارج السلطة) غري قادرة يف التأثري على‬
‫البريوقراطية لكوهنا تتجسد بيد احلزب احلاكم‪ ،‬باإلضافة إىل أن نزعة تسييس اجلهاز اإلداري بارز يف هذه‬
‫النظم‪ ،‬وهذا يربز يف أمريكا الالتينية بوضوح‪ ..‬فهناك نسبه كبرية من الوظائف اإلدارية اهلامة ال تزال‬
‫خاضعة لسياسات احلزب احلاكم‪ ،‬فلم تنجح تلك الدول‪ ،‬إضافة إىل الدول اليت أخذت بالتعددية احلزبية‬
‫الحقا‪ ،‬التخلص من موروث الفساد يف أجهزهتا اإلدارية‪ ،‬مما انعكس على العمل السياسي بشكل سليب‬
‫ويف فراغ السلطة يف الكثري من أقاليم تلك الدول‪. 1‬‬

‫هنا البد من اإلشارة إىل أن اجلهاز اإلداري يف النظام التعددية احلزيب ال ينجح يف تنفيذ السياسات‬
‫العامة‪ ،‬إال بقدرة النظام السياسي وأهليته يف حتقيق التوازن وإجياد فرص احلياة اجملتمعية املشرتكة وتوفري‬
‫قدر الزم من احلريات املدنية والسياسية‪ ،‬فلو كان النظام السياسي قائم على التعدد احلقيقي سياسيا‬
‫واقتصاديا مع موازنات التعدد االجتماعي ألمكن تنفيذ السياسات العامة بصورة ناجحة من خالل‬
‫جهاز أداري يعكس حاله التوازن القائمة يف اجملتمع وتكون مهمته يف التغلغل يف مؤسسات اجملتمع أكثر‬
‫يسر وهي متطلبات ضرورية لنجاح اإلدارة احلديثة‪ ،‬وجناح اجلهاز اإلداري يف تنفيذ السياسات العامة‬
‫أيضا يتوقف على (االلتزام باحلياد السياسي وبقاؤه خارج تأثري املنافسات احلزبية واخلضوع يف الوقت‬
‫نفسه كرقابه اجمللس النيايب والرأي العام‪( ،‬وااللتزام) و تسلطه غري الشخصية اليت تعترب من أهم خصائص‬
‫النظام السياسي القائم على القواعد القانونية) ‪. 2‬‬

‫‪ 1‬مها عبد اللطيف ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪152‬‬

‫‪2‬‬
‫املرجع نفسه‪،‬ص ‪152‬‬

‫‪47‬‬
48
‫تعد ظاهرة اجلماعات بشكل عام ظاهرة قدمية‪ ،‬متحورت اهتماماهتا األوىل حول مصاحل اقتصادية و‬
‫ماليــة و مل يتعد نطاقها املصاحل األسرية أو العائلية‪ .‬أما اجلماعات الضاغطة مبفهومها احلديث فهي‬
‫مجاعات مصلحة يف شكل تنظيم يسعى للضغط على اجلهاز احلكومي أو على أعضاء الربملان من أجل‬
‫حتقيق مصلحة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية معينة‪.‬‬

‫لقد ظهر هذا النوع من اجلماعات يف الواليات املتحدة األمريكية و اجملتمعات األوروبية الغربية على‬
‫اخلصوص حيث ساهم املناخ الدميقراطي يف ظهورها و تقوية نفوذها و تعدد أنواعها‪ .‬أما بالنس ــبة للدول‬
‫املغاربية و اجلزائر خصوصا فإن تأثري هذا النوع من اجلماعات ال يكاد يتجاوز مرحلة االنتخابات‪ ،‬مما‬
‫يوحي هبشاشة الرابطة السياسية و املصلحية بني أفراد اجلماعة‪ ،‬و ضعف مستوى التجنيد لدى‬
‫منتسبيها‪..‬‬

‫فقد يكون جلماعات الضغط دور اجيايب يف التعبري عن مصاحل و مطالب اجلماهري‪،‬كما ميكن أن‬
‫تتحالف مع السلطة و تتبىن أجنداهتا السياسية مقابل حتقيق مطالبها اخلاصة ‪ ،‬ولعل التجارب اليت‬
‫عرفتها بعض الدول العربية كتونس و مصر توحي بتشكل مجاعات ضغط من نوع خاص رغم صعوبة‬
‫هيكلتها و قلة ضمانات استمراريتها و حجم املخاطر اليت قد ختلفها‪ ،‬إهنا مجاعة ضغط الشارع املعرب‬
‫عن طموحات شرائح واسعة من اجملتمع ‪،‬تسعى لتكريس ممارسة دميقراطية حقيقية تكفل املشاركة الفعلية‬
‫يف إدارة شؤون بلداهنا ‪ ،‬كما إن ارتفاع مستوى الوعي احلقوقي السياسي لدى األفراد يف جمتمع ما‪،‬‬
‫مجعت بينهم مصاحل وأهداف مشرتكة ‪ ،‬تتولد لديهم الرغبة يف اإلحتاد فيما بينهم‪ ،‬والدخول يف شكل‬
‫تنظيمات قد تكون رمسية (األحزاب) أو غري رمسية (الكتل الضاغطة) وذلك من أجل محاية هذه املصاحل‬
‫والدفاع عنها‪ ،‬أو العمل على حتقيقها‪ ،‬وعلى هذا األساس ظهرت إىل جانب األحزاب السياسية ما‬
‫يسمى باجلماعات الضاغطة يف بريطانيا ويف الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬فتنوعت بتنوع املصاحل اليت‬
‫تدافع عنها وذلك بالتأثريعلى املوظفني الرمسيني‪ ،‬وكذلك املنتخبني‪ ،‬مبختلف الوسائل املشروعة‬
‫وغرياملشروعة‪....‬‬

‫‪49‬‬
‫ان عملية جناح أو فشل السياسات العامة للدولة تتوقف بدرجة كبرية على قدرة النظام السياسي يف‬
‫أداء مهام ووظائف السياسة العامة على حنو صحيح ومتوازن على كافة فئات اجملتمع‪ ،‬وتتعلق تلك‬
‫الوظائف يف السياسات االستخراجية‪ ،‬الضريبية‪ ،‬والسياسات التوزيعية أي عدالة والية التوزيع االقتصادي‬
‫واالجتماعي والسياسي‪ ،‬والسياسات التنظيمية أي عملية ضبط وتنظيم احلركة داخل اجملتمع أفقيا‬
‫وعموديا‪ ،‬ويقصد بذلك احلركة والتفاعل بني فئات اجملتمع املختلفة وبينها وبني النظام السياسي‪،‬‬
‫والسياسات الرمزية وهو ما يتعلق بالشعارات والرموز اليت يطرحها النظام السياسي وإمكانية حتقيقها ‪.‬‬

‫ومجاعات الضغط تتباين يف تأثريها يف السياسات العامة من نظام سياسي ألخر حبسب طبيعة ذلك‬
‫النظام وقوة تلك اجلماعات ووسائلها اليت تستخدمها يف التأثري وحرية حركتها يف ذلك‪ ،‬ففي الوقت‬
‫الذي تكون فيه لتلك اجلماعات قدرة على التأثري يف السياسات العامة لدول معينة مثل الواليات‬
‫املتحدة وبريطانيا وفرنسا كما هو احلال يف نشاط مجاعات الضغط الصهيونية فان مجاعات الضغط يف‬
‫نظم سياسية أخرى ال تكاد متارس أي تأثري يف السياسات العامة وان دورها ال يعدو أن يكون تابعا‬
‫وموجها من قبل النظام السياسي كما هو احلال يف كثري من األنظمة السياسية للدول النامية (حيث‬
‫ختضع تلك اجلماعات إلرادة الدولة‪ ،‬وتعتمد ماليا على اإلعانات اليت تقدمها هلا‪ ،‬وهو ما يفقدها‬
‫استقالليتها‪ ،‬ويف املقابل تقوم الدولة بفرض قيود على مطالب هذه اجلماعات وقياداهتا وأساليب‬
‫عملها)‪.‬‬

‫و يف ظل احلراك السياسي الذي يشهده الشـارع العريب و املغاربـ ــي خاصة يف اآلونـ ـ ـ ـ ــة‬
‫األخي ــرة‪ ،‬و رغم انفتاح األفق السياسي و جمال املمارسة الدميقراطية‪ ،‬يبدو أن األحزاب السياسية عاجزة‬
‫عن تأطري هذا الطموح و التعبري عن مطالب اجملتمع‪ ،‬و هنا تربز مجاعات الضغط أو مجاعات املصاحل‬
‫كقوة فاعلة يف اجملتمع اعتبارا أن شرائح واسعة منه حتجم عن االنطواء حتت األطر احلزبية و تفضل البقاء‬
‫ضمن ما يعرف باألغلبية الصامتة أو غري احلزبية‬

‫‪50‬‬
‫ان اجلماعات الضاغطة تتمتع بدور هام على صعيد احلياة العامة‪ ،‬إال أن هذا الدور يفرتض ضرورة‬
‫التحرز إزاءه‪ ،‬لربوزه كسيف ذو حدين‪ ،‬فقد يربز من زاوية معربة عن إحساسات وطموحات عامة‪ ،‬كما‬
‫قد يربز من زاوية معربة عن اهتمامات ومصاحل ضيقة‬

‫‪51‬‬
‫التوصيات‬

‫ان ما يالحظ يف األنظمة السياسية العربية‪ ،‬أن مجاعة الضغط ال يكاد يذكر هلا تأثري ‪.‬فدورها‬
‫خيتلف عن مجاعات الضغط يف الدميقراطيات الغربية ‪،‬فهو ينحصر يف التنافس حول الوالء للسلطة‬
‫احلاكمة‪ ،‬والتموقع إىل جانبها أكثر من العمل على التأثريعلى قرارات احلكومة أو عمل الربملان وهذا يعين‬
‫أن السياسات العامة يف البلدان املتقدمة بعدما وصلت إىل مرحلة بناء وترسيخ الوحدة الوطنية انتقلت‬
‫إىل مرحلة أخرى من مراحل حتقيق املتطلبات اجملتمعية‪ ،‬ويعين أيضا أن سياسات إشراك املواطنني يف‬
‫السياسة والضمانات الدستورية والنوعية والتنشئة على قيم عامة مشرتكة مثلت سياسات ناجحة ومثمرة‬
‫يف حتقيق الوحدة الوطنية ‪.‬‬

‫اما بالنسبة للبلدان النامية كاجلزائر فان على نظمها السياسية القيام بسياسات عامة هتدف إىل‬
‫تعزيز الوحدة الوطنية‪ ،‬ولعل من أهم تلك السياسات‬

‫‪ )1‬إشراك اجلماهري يف مسؤولية احلكم‪ ،‬فجوهر مشكلة حتقيق الوحدة الوطنية يكمن يف وجوب أن‬
‫تكتسب اجلماهري ال احلكومات وحدها‪ ،‬الشعور باملسؤولية يف إدارة الشؤون العامة‪ ،‬سواء يف جمال العمل‬
‫السياسي أو يف عملية التنمية والتطوير االجتماعي واالقتصادي‪.‬‬

‫‪ )2‬حتسني ظروف احلياة االقتصادية للمواطنني وإزالة العقبات واحلواجز بني الريف واملدينة والقضاء‬
‫على عقبات التباعد اجلغرايف من خالل حتسني وسائل االتصال واملواصالت بني الريف واملدينة وإيصال‬
‫احلركة اإلنتاجية ألرجاء اإلقليم كافة‪.‬‬

‫‪ )3‬إقامة أحزاب سياسية على صعيد قومي‪ ،‬واليت تدخل فعال يف عملية التحول االجتماعي‬
‫والثقايف والسياسي‪ ،‬إذ أن األحزاب الوطنية ال جتلب أفكارا وقيما جديدة إىل املناطق النائية فحسب‪،‬‬
‫وإمنا تنتظم أفراد ذوي حتسس نسيب أو وعي سياسي نوعا ما يف الوحدات اإلنتاجية الصغرية العشائرية‬
‫والطائفية واإلقليمية ‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫والواقع أن جناح هذه العملية موكول بنجاح التنمية والتطوير يف تلك املناطق ومبدى شعور هؤالء‬
‫األفراد بإمكانية االستفادة من األحوال اجلديدة ‪.‬‬
‫‪ )4‬التوعية واإلعالم‪ ،‬ذلك من خالل وسائل التنشئة االجتماعية السياسية اليت تعزز الروابط‬
‫والصالت بني أبناء اجملتمع من جهة وبينهم وبني النظام السياسي من جهة أخرى ‪.‬‬
‫‪ )5‬الضمانات الدستورية ‪ .‬فتحقيق الوحدة الوطنية ال يعين بالضرورة صهر اجملاميع السكانية يف‬
‫وحدة حبيث تغلب جمموعة على أخرى مهما كانت طبيعة هذه اجملاميع ومهما كانت الوسيلة املستعملة‬
‫يف ذلك‪ ،‬وإمنا املقصود بذلك هو التقريب بني هذه الوحدات ووضعها يف إطار وطين عام وتعزيز الشعور‬
‫الوطين لدى أفرادها بانتماءاهتم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا إىل الدولة القائمة‪ ،‬لذلك جيب أن ال يفرط‬
‫حبقوق ومصاحل جمموعة اثنية أو إقليمية حلساب األغلبية‪ ،‬وإال فان طغيان مصلحة فئة على فئات أخرى‬
‫لن يؤدي أال إىل التمرد على السلطات القائمة وتفكيك الوحدة الوطنية ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫قائمة المراجع والمصادر‬

‫اوال الكتب‬

‫‪ .1‬امحد سليمان ‪،‬قحطان ‪ .‬االساس يف العلوم السياسية ‪ ٠‬األردن ‪ :‬دار جمدالوي للنشر والتوزيع ‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ .2‬أندرسون‪،‬مجس ‪٠‬صنع السياسة العامة ‪ ،‬ترمجة عامر‪ ،‬الكبيسي ‪ ،‬ط‪.1‬عمان ‪ :‬دار املسرية للنشر‬
‫والتوزيع والطباعة ‪.1999،‬‬
‫‪ .3‬باطا ‪،‬ادمون ‪٠‬الوسيط يف القانون الدستوري ‪ .‬القاهرة ‪:‬دار النهضة ‪.1980‬‬
‫‪ .4‬تامر كامل حممد اخلزرجي ‪ ،‬النظم السياسية احلديثة والسياسات العامة ‪ ٠‬عمان‪2004 . :‬‬
‫‪ .5‬توهيل ‪،‬حممد فايز ‪.‬علم االجتماع السياسي‪ .‬القاهرة‪:‬مكتبة الفالح‪.1999 ،‬‬
‫‪ .6‬جديد ‪،‬حممد موفق ‪.‬إدارة األعمال احلكومية‪.‬عمان ‪ :‬دار املناهج‪.2002 ،‬‬
‫‪ .7‬احلسيين ‪،‬امحد مصطفى ‪.‬حتليل السياسات‪ .‬مدخل جديد يف التخطيط يف األنظمة‬
‫احلكومية‪.‬ديب‪ :‬مطابع البيان التجارية ‪. 1994،‬‬
‫‪ .8‬احلطيب‪،‬حسن أبشر ‪.‬الدولة العصرية دولة مؤسسات‪.‬القاهرة‪:‬الدار الثقافية‪.2006 ،‬‬
‫‪ .9‬محادة ‪،‬بسيوين ‪.‬وسائل االتصال يف صنع القرارات‪ ،‬نقال عن د‪ .‬وصال الزاوي و د‪ .‬رواءزكي‪:‬السياسة‬
‫العامة يف تركيا‪.‬بغداد‪:‬مركز الدراسات الدولية‪. 2002 .‬‬
‫اخلزرجي ‪،‬تامر كامل حممد ‪ ,‬النظم السياسية احلديثة والسياسات العامة ‪ ,‬عمان‪.2004:‬‬ ‫‪.10‬‬
‫اخلطيب‪،‬نعمان أمحد ا‪٠‬الوسيط يف النظم السياسية والقانون الدستورالقاهرة‪:‬دار النهضة‬ ‫‪.11‬‬
‫‪.1983‬‬
‫درويش‪ ،‬إبراهيم ‪ .‬النظام السياسي‪٠‬دراسة فلسفية حتليلية‪ ،‬القاهرة‪:‬النهضة العربية‪.1968،‬‬ ‫‪.12‬‬

‫‪54‬‬
‫الربايعة‪ ،‬فاطمة ‪ .‬حتليل السياسات العامة يف الوطن العريب‪ ،‬القاهرة مركز دراسات واستثمارات‬ ‫‪.13‬‬
‫االدارة العامة ‪.2004 ،‬‬
‫سامي غبغوب‪ ،‬حتليل السياسات العامة البيئية يف اجلزائر‪ ،‬اشراف حممد رضا مزوي‪ ،‬مذكرة ماجستري( كلية‬ ‫‪.14‬‬
‫العلوم السياسية واالعالم ‪ ،‬جامعة اجلزائر(‪2013 : )3‬‬
‫سلوى شعراوي‪ ،‬أمناط القيادة والسياسة العامة‪ ،‬يف حتليل السياسات العامة (القاهرة‪:‬دار االهلية ‪)1985‬‬ ‫‪.15‬‬
‫عبد القوي‪،‬خريي ‪،‬دراسة السياسة العامة‪ ،‬الكويت‪:‬ذات السالسل‪ ،‬ط(‪1988 ،)1‬‬ ‫‪.16‬‬
‫عبد اهلل‪،‬هشام ‪،‬مرتمجاً ‪،‬السياسة املقارنة يف وقتنا احلاضر‪ ،‬عمان ‪ :‬الدار األهلية‪.1997،‬‬ ‫‪.17‬‬
‫عبد النور‪،‬ناجي ‪ ،‬املدخل اىل علم السياسة ‪ .‬اجلزائر‪:‬دار العلوم النشر والتوزيع ‪. 2007،‬‬ ‫‪.18‬‬
‫عجيلة ‪،‬عاصم امحد ‪ ،‬و رفعت عبد الوهاب‪ ،‬حممد‪ .‬النظم السياسية ‪.‬القاهرة ‪:‬دار النهضة‬ ‫‪.19‬‬
‫العربية ط‪ 1‬القاهرة ‪. 1992‬‬
‫الفهداوي‪،‬فهمي خليفة ‪.‬السياسة العامة منظور كلي يف البيىة والتحليل ‪ ،‬ط ‪.3‬عمان دار‬ ‫‪.20‬‬
‫املسرية‬
‫عمان‪ :‬دار الفكر‪1980 ،‬‬
‫فريييل هيدي ‪،‬االدارة العامة‪،‬منظور مقارن‪،‬ترمجة‪،‬حممد قاسم القريويت ‪َ .‬‬ ‫‪.21‬‬
‫اسامة عبد الرمحن ‪ ،‬املأزق العريب الراهن ‪ ،‬بريوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط(‪1999 ، )1‬‬ ‫‪.22‬‬
‫الكبيسي ‪،‬عامر خضري ‪ ،‬السياسات العامة مدخل لتطوير أداء احلكومات‪ .‬القاهرة ‪ :‬إصدارات‬ ‫‪.23‬‬
‫املنظمة العربية للتنمية اإلدارية ‪.2008،‬‬
‫املغريب‪،‬حممد زاهـي بشري‪،‬ق ـراءات يف السياسة املقارنة‪.‬بنغازي‪:‬منشورات جامعة قاربونس‬ ‫‪.24‬‬
‫‪.1994،‬‬
‫املنويف‪،‬كمال ‪ ،‬السياسة العامة وأداء النظام السياسي‪.‬القاهرة ‪ :‬مركز البحوث والدراسات‬ ‫‪.25‬‬
‫السياسية ‪.1987‬‬
‫مهنا ‪،‬حممد ناصر‪ ،‬النظرية السياسية والسياسة املقارنة ‪ .‬االسكندرية ‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‬ ‫‪.26‬‬

‫‪55‬‬
‫هالل ‪،‬علي الدين ‪،‬حمرر حتليل السياسة العامة قضايا نظرية ومنهجية ‪.‬القاهرة‪:‬مركز البحوث‬ ‫‪.27‬‬
‫والدراسات السياسية ‪. 1988،‬‬
‫ياسني‪،‬السيد ‪ ،‬السياسة العامة ‪.‬مصر‪:‬مكتبة النهضة املصرية‪.1988 ،‬‬ ‫‪.28‬‬
‫الرسائل الجامعية‬

‫‪ .1‬طياب ‪،‬أمحد ‪،‬دور املعلومات يف رسم السياسة العامة يف اجلزائر ‪ -‬دراسـة حالة اجمللس‬
‫االقتصادي الوطين االقتصادي واالجتماعي ‪ -‬مذكرة لنيل شهادة املاجستري‪ ،‬غري منشورة‬
‫العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ .‬اجلزائر‪2007:‬‬
‫‪ .2‬خملوف حممد خملوف ‪.‬رسالة ماجستري ‪ ،‬غري منشورة ‪.‬طرابلس ‪ :‬اكادميية الدراسات العليا ‪2010،‬‬

‫المجالت‬

‫‪ .1‬احلديثي مها عبد اللطيف ‪،‬العالقة بني السياسة واإلدارة يف دول العامل الثالث‪ ،‬جملة قضايا سياسية (جامعة صدام‬
‫‪:‬كلية العلوم السياسية‪ ،‬عدد(‪،2000 ،)1‬‬
‫ثالثا مواقع االنترنات‬

‫صـالــح زيـانــي و حـجـيــج أم ــال" إشكـالية تفعيـل املنظمـات غيـر الـرمسيـة فـي صناعـةالسياسة العامة"‬
‫جامعة باتنة اجلزائر‪https://www.asjp.cerist.dz/en/article/52716‬‬

‫‪56‬‬
‫الفهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرس‬

‫‪02‬‬ ‫الشكر والعرفان ‪.....................................................................:‬‬


‫‪03‬‬ ‫االهداء‪......................................................................‬‬
‫‪05‬‬ ‫مقدمة‪..............................................................................:‬‬
‫‪06‬‬ ‫امهية الدراسة‪........................................................................:‬‬
‫‪06‬‬ ‫اهداف الدراسة‪.....................................................................:‬‬
‫‪07‬‬ ‫الدراسات السابقة‪...................................................................:‬‬
‫‪07‬‬ ‫اشكالية الدراسة ‪................................................................. :‬‬
‫‪08‬‬ ‫التسؤالت الفرعية ‪.................................................................. :‬‬
‫‪08‬‬ ‫فرضيات الدراسة‪................................................................... :‬‬
‫‪08‬‬ ‫مناهج ومقرتبات الدراسة ‪.......................................................... :‬‬
‫‪09‬‬ ‫حدود الدراسة ‪.................................................................... :‬‬
‫‪09‬‬ ‫تقسيم الدراسة ‪.................................................................... :‬‬
‫‪12‬‬ ‫الفصل األول ‪:‬ماهية اجلماعات الضاغطة والسياسة العامة‪...............................‬‬
‫‪13‬‬ ‫املبحث األول ‪:‬ماهية اجلماعات الضاغطة‪..............................................‬‬
‫‪13‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف اجلماعات الضاغطة و تصنيفها‪...................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬وسائل وأساليب عمل اجلماعات الضاغطة‪................................‬‬
‫‪19‬‬ ‫املطلب الثالث ‪:‬مجاعة الضغط واألحزاب السياسية‪......................................‬‬
‫‪21‬‬ ‫املطلب الرابع‪.‬متييز مجاعات الضغط عن االحزاب السياسية ‪.. ...........................‬‬
‫‪22‬‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬ماهية السياسة العامة‪....................................................‬‬
‫‪22‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬تعريف السياسة العامة ومراحل تطورها‪...................................‬‬
‫‪57‬‬
‫‪27‬‬ ‫املطلب الثاين ‪:‬عناصر السياسة العامة وأنواعها‪..........................................‬‬
‫‪30‬‬ ‫املطلب الثالث ‪:‬مراحل صنع السياسة العامة‪.............................................‬‬
‫الفصل الثاين ‪:‬مشاركة اجلماعات الضاغطة يف صنع السياسة العامة يف اجلزائر و تأثريها على‬
‫‪34‬‬ ‫املؤسسات الرمسية ‪..............................................................‬‬
‫‪35‬‬ ‫املبحث األول ‪ :‬خصائص اجلماعات الضاغطة و السياسة العامة يف اجلزائر ‪...........‬‬
‫‪35‬‬ ‫املطلب األول ‪:‬خصائص مجاعات الضغط ‪..................... ......................‬‬
‫‪35‬‬ ‫املطلب الثاين ‪:‬السياسة العامة يف اجلزائر ‪.................. ....... .....................‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬تاثري اجلماعات الضاغطة يف صنع السياسة العامة ‪36 ............... .........‬‬
‫‪37‬‬ ‫املطلب األول ‪:‬دور املواطن يف صنع السياسة العامة ‪......................................‬‬
‫‪38‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬دور االحزاب السياسية يف صنع السياسة العامة‪............................‬‬
‫‪39‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬تأثري اجلماعات الضاغطة على االفواعل الرمسية واجلهاز االداري ‪...........‬‬
‫‪40‬‬ ‫املطلب األول ‪ :‬التأثري على املؤسسة التشريعية‪...........................................‬‬
‫‪41‬‬ ‫املطلب الثاين ‪:‬التأثري على املؤسسة التنفيذية‪.............................................‬‬
‫‪41‬‬ ‫املطلب الثالث ‪:‬التأثري على املؤسسة القضائية‪............................................‬‬
‫‪41‬‬ ‫املطلب الرابع التاثري على اجلهاز االداري ‪............... ..............................‬‬
‫‪49‬‬ ‫اخلامتة‪...............................................................................‬‬
‫‪53‬‬ ‫التوصيات‪............................................................................‬‬
‫‪56‬‬ ‫قائمة املراجع واملصادر ‪...............................................................‬‬
‫‪57‬‬ ‫الفهرس‪........... ..................................................................‬‬
‫‪59‬‬ ‫ملخص‪...............................................................................‬‬

‫‪58‬‬
‫ملخص‬

‫ان مجاعات الضغط تتباين يف تأثريها يف السياسات العامة من نظام سياسي ألخر حبسب طبيعة ذلك النظام وقوة تلك‬
‫ ففي الوقت الذي تكون فيه لتلك اجلماعات قدرة على التأثري‬،‫اجلماعات ووسائلها اليت تستخدمها يف التأثري وحرية حركتها يف ذلك‬
‫يف السياسات العامة لدول معينة مثل الواليات املتحدة وبريطانيا وفرنسا كما هو احلال يف نشاط مجاعات الضغط الصهيونية فان‬
‫مجاعات الضغط يف نظم سياسية أخرى ال تكاد متارس أي تأثري يف السياسات العامة وان دورها ال يعدو أن يكون تابعا وموجها من‬
‫ وتعتمد‬،‫قبل النظام السياسي كما هو احلال يف كثري من األنظمة السياسية للدول النامية (حيث ختضع تلك اجلماعات إلرادة الدولة‬
‫ ويف املقابل تقوم الدولة بفرض قيود على مطالب هذه اجلماعات‬،‫ وهو ما يفقدها استقالليتها‬،‫ماليا على اإلعانات اليت تقدمها هلا‬
.)‫وقياداهتا وأساليب عملها‬

‫االكلمات املفتاحية اجلماعات الضاغطة السياسة العامة‬

Summary

The pressure groups vary in their impact on public policies from one political system
to another depending on the nature of the system and the power and influence of
these groups and their means of influence and freedom of movement in that, while
these groups have the ability to influence the policies of certain countries such as the
United States, Britain and France As in the case of the activity of the Zionist
lobbyists, pressure groups in other political systems have almost no influence in
public policies and their role is only subordinate to and guided by the political
system, as is the case in many political systems of developing countries To the will of
the state, and depends financially on the subsidies it provides, which is losing its
independence, and in return the state to impose restrictions on the demands of these
groups and their leaders and working methods

The pressure groups +Lobbies public policie °

59

You might also like