Professional Documents
Culture Documents
إعداد
دكتورة /ثناء حممد علي اجلمل
أستاذ مساعد بكلية العلوم واآلداب بجامعة الجوف
ومدرس الحديث وعلومه بكلية الدراسات اإلسالمية
والعربية للبنات بالمنصورة
Suspicion of suicide of the Prophet (peace be upon him) and refutation in the light of the
Sunnah
Dr. Thanaa Mohamed Ali Elgamal
7733
Al-Hadith Department - Faculty of Islamic and Arabic Studies (girls) – Al Azhar
university - El Mansoura - El Dakahlia – Egypt
E-mail: elgamal.thanaa@yahoo.com
thmalgamal@ju.edu.sa
Research summary
All praise is to Allah; Lord of the worlds, Prayers and peace to the master of the first two
and the others, our Prophet Muhammad and his family, his companions and those who
guided him to the Day of Judgment. This research deals with one of the suspicions raised
about the master of creation, our Prophet Muhammad (peace be upon him), which is the
suicide of the Prophet as a result of the interruption of Amin Revelation Jibril (peace be
upon him) for a period of time, after coming down in the cave of Hira as they claim. The
intention behind this is to challenge the infallibility of the Messenger (peace and blessings
of Allah be upon him), reduce his fate and prestige, and questioning his followers in him.
This case is not new, since the mission of Muhammad (peace be upon him), his enemies
spare no effort in getting from him by challenging his words one time and accusing him
another time. They forgot that the Lord of the Worlds is the one who ensured his
preservation and his infallibility from all what touches his mind, belief and morals badly
“and Allah will protect you from the people”. The research aims to defend the master of
creation (peace be upon him), respond to this alleged suspicion and demonstrate the
falsehood and invalidity. Moreover, to state that this suspicion is just allegations and
slander against the master of creation (peace be upon him) and does not have a valid
scientific support. This research has been divided into a preface, an introduction, three
detectives and conclusion. Preface mentioned the reason for choosing the topic and the
plan followed in this research. However, introduction mentioned briefly the infallibility of
the prophets. The first detective dealt with the concept of suspicion, its content and
evidence of those who say it. The second topic allocated to respond to the initial narration
that they inferred in the Sahih al-Bukhari where the third topic devoted to respond to the
rest of the evidences. However conclusion mentioned the most important findings,
recommendations, sources and references. The research concludes many findings such as
the increase in Saheeh al-Bukhari, which was inferred by the Prophet's attempt to
commit suicide, is not on condition of Saheeh. This because it is one of the reports of Az-
Zuhri as stipulated by imam al-Bukhari and not connected but it is rather discontinuous
and a weak type. Perhaps Al-Bukhari mentioned the increase to alert us to the violation of
the increase to what is true of start revelation hadeeth. Also, Prove the infallibility of
Prophet Muhammad (peace be upon him) from all that touches his faith and his mind
badly and this is due to that Allah protected him from the whispers of Satan and his
absolutism. The study recommended that scholars should encompass the suspicions raised
about the Prophets, especially the Prophet (peace be upon him), and study these
suspicions and respond to them. As well as every believer who loves Allah and His
Messenger (peace be upon him) and jealous of his religion to defend and triumph for His
Messenger. Moreover, every Muslim should do everything precious and do everything in
his power to respond to this ferocious attack against Islam and Muslims. Whatever we do,
it is little in the right of our Messenger (peace be upon him).
اإلهداء
7733
يشرفنى أن أقدم هذا العمل خالصا لوجه اهلل الكريم ،وأهديه على استحياء إلى
الغر المحجلين سيد ِ
ولد آدم ،وا ِ
مام المرسلين وقائد َّ سيدي وحبيبيى وقدوتيِ ،
رسول اهلل محمد -صلى اهلل عليه وسلم -
عسى أن أنال شفاعته يوم ال ينفع مال والبنون .
إلى الذين وهبهم اهلل البصيرة واإلنصاف .
إلى كل من يبحث عن الحقيقة وال يخشى فى اهلل لومة الئم.
إلى كل من يساهم فى إظهار صورة اإلسالم الصحيحة ونبيه محمد صلّى اهلل
عليه وسلم .
إلي والداي اللذان غرسا في نفسي منذ الصغر حب كتاب اهلل وسنة نبيه صلّى
اهلل عليه وسلم.
أهدى هذا البحث
7733
الر ِح ِيم
الر ْح َم ِن َّ بسِم ِ
اهلل َّ ْ
المقدمة
نحمده ونستعي ُنه ونستغفره ،ونعوُذ باهلل من شرور أنفسنا ُ الحمد هلل،َ إن
أشهد
هادي له ،و ُ ضلل فال ض َّل له ،ومن ُي ْ يهد ِه اهلل فال م ِ وسيئات أعمالنا ،من ِ
َ ُ ُ َ
عبده ورسوله. محمدا ُ ً أشهد أن
وحده ال شريك له ،و ُ إله إال اهللُ َ أن ال َ
سلِ ُم َ ين آم ُنوا اتَّقُوا اللَّ َه ح َّ ِ ِ
ق تُقَاته َوَال تَ ُموتُ َّن إَِّال َوأَ ْنتُ ْم ُم ْ
{يا أَي َِّ
1
ون} َ ُّها الذ َ َ َ َ
ق ِم ْن َها َز ْو َج َها اح َد ٍة َو َخلَ َ س وِ ِ ِ
اس اتَّقُوا َرَّب ُك ُم الَّذي َخلَقَ ُك ْم م ْن َن ْف ٍ َ ُّها َّ
الن ُ {يا أَي َ * َ
ام إِ َّن اللَّ َه ير وِنساء واتَّقُوا اللَّ َه الَِّذي تَساءلُ َ ِ ِ ِ وب َّ ِ
ون به َو ْاأل َْر َح َ َ َ ث م ْن ُه َما ِر َج ًاال َكث ًا َ َ ً َ ََ
ان َعلَ ْي ُك ْم َرِق ً
2
يبا} َك َ
صلِ ْح لَ ُك ْم أ ْ
َع َمالَ ُك ْم يدا (ُ )07ي ْ س ِد ً
آم ُنوا اتَّقُوا اللَّ َه َوقُولُوا قَ ْوًال َ
ين َ ُّها الَِّذ َ
* { َيا أَي َ
ِ ِ ِ
وب ُك ْم َو َم ْن ُيط ِع اللَّ َه َو َر ُ
3
يما}
سولَ ُه فَقَ ْد فَ َاز فَ ْوًاز َعظ ً َوَي ْغف ْر لَ ُك ْم ُذ ُن َ
أما بعد:
محمد صلى اهلل عليه ٍ هدي الهدي ِ
ُ أحسن َ الحديث كتاب اهلل ،و َ أصدق
َ فإن
بدعة ضاللةَّ ،
وكل ٍ محدثة بدعة ،وكل ٍ ش َّر األمور محدثاتُها ،وان َّ
كل وسلم ،و َ
ضاللة في النار. ٍ
وبعد ،فقد كان محمد -صلّى اهلل عليه وسلم -خير الخلق فى طفولته ،وأطهر
المطهرين فى شبابه ،وأنجب البرية فى كهولته ،وأزهد الناس فى حياته ،وأعدل
القضاة فى قضائه ،وأشجع قائد فى دفاعه عن الحق ،وخير قدوة للمصلحين،
وخير أسوة للمربين.
1
[ -آل عمران.]172 :
2
[ -النساء.]1 :
3
[ -األحزاب.]01 ،07 :
7733
اختصه اهلل بكل خلق نبيل ،وحرسه بعنايته ،وحفظه برعايته ،وأيده بجوامع
الكلم ،مع الفصاحة وقوة الحجة ،وأمر العالمين بطاعته ،وجعل طاعته صلّى
َطاع اللَّ َه ] [م ْن ُي ِط ِع َّ
1
ول فَقَ ْد أ َ
س َ الر ُ اهلل عليه وسلم مقرونة بطاعته تعالىَ :
اس ] . 2 الن ِصم َك ِم َن َّ ِ كما عصمه من كل خطأ ومن الناسَّ َ :
[والل ُه َي ْع ُ
وطهره من كل دنس ،وهداه الصراط المستقيم ،ومنحه من اآليات والمعجزات
[ه َو الَِّذي
مالم يمنحه غيره ،وأدبه فأحسن تأديبه ،وعلمه ما لم يكن يعلمُ :
ِّين ُكلِّ ِه َو َكفى ِباللَّ ِه َ
ش ِهيداً ] ق لِ ُي ْظ ِه َرهُ َعلَى الد ِ سولَ ُه ِبا ْل ُهدى َوِد ِ
ين ا ْل َح ِّ س َل َر ُ
أ َْر َ
3
،ولم يسجد صلّى اهلل عليه وسلم لصنم من األصنام ولم يشرك فى عيد من
أعيادها.
كان محمد مثال كامال لإلنسان الكامل ،ذا شخصية قوية جذابة ،ال يدانيه أحد
فى كماله وعظمته ،وصدقه وأمانته ،وزهده وعفته.
اعترف كل من عرفه بعلو نفسه ،وصفاء طبعه ،وطهارة قلبه ،ونبل خلقه،
ورجاحة عقله ،وتفوق ذكائه ،وحضور بديهته ،وقوة إرادته ،وثبات عزيمته،
ولين جانبه ،وتمسكه بالحق ،واقامة العدل .فكان خير قدوة للناس جميعا.
1
( -النساء. )07 :
2
( -المائدة . )70 :وهذه تسمي خطبة الحاجة وقد أخرجها :أبو داود في سننه
كتاب النكاح – باب في خطبة النكاح 230 / 2ح ، 2110والترمذي في سننه أبواب
النكاح -باب ما جاء في خطبة النكاح 474 / 2ح ، 1171والنسائي في السنن
الكبري كتاب النكاح – باب ما يستحب من الكالم عند النكاح 103 / 9ح ، 17213
، 17214وابن ماجه في سننه كتاب النكاح – باب خطبة النكاح 00 ،00/ 3ح
. 1092
3
( -الفتح)20 :
7733
كان َي ْر ُجوا اللَّ َه َوا ْل َي ْوَم ْاآل ِخ َر
س َن ٌة لِ َم ْن َ كان لَ ُكم ِفي رس ِ ِ
ول اللَّه أ ْ
ُس َوةٌ َح َ َ ُ [لَقَ ْد َ ْ
َوَذ َك َر اللَّ َه َك ِثي ارً ] . 1
خلقه اهلل عظيما ،فكانت عظمة فطرية طبيعية ،وكان عظيما منذ والدته،
فى كهولته ،فى شيخوخته، عظيما فى صباه ،فى شبابه ،فى رجولته،
عظيما قبل الرسالة ،و بعدها.
خلقه اهلل عظيما كما شاء ليعده ألداء رسالته ،وهو فى األربعين فأداها خير
أداء .وكان رسوال وهاديا للبشرية المتنازعة المتنافرة ،وقدوة مثالية سامية
للناس كافة.
ومع هذا كله فإنه صلي اهلل عليه وسلم منذ بعثته والجهر بدعوته لم يسلم
من األذي كغيره من األنبياء السابقين ،فقديما اتهم عليه الصالة والسالم
بالسحر ،والجنون ،والكهانة ،والشعر ،والكذب ،وبرأه اهلل عز وجل من ذلك
[وما ُه َو
ون ) ] ،وقال أيضا َ :
2
ت ِب ِن ْع َم ِة َرِّب َك ِب َم ْج ُن ٍ
[ما أَ ْن َ
كله قال تعالي َ :
كاه ٍن َقلِيالً َما تَ َذ َّك ُر َ
ون ،وال ِبقَو ِل ِ ِ ِ
ِبقَ ْو ِل شاع ٍر َقليالً َما تُ ْؤ ِم ُن َ َ
3
[وما ون ] َ ، ْ
َي ْن ِط ُ
ق َع ِن ا ْل َهوى ،إِ ْن ُه َو إِالَّ َو ْح ٌي ُيوحى ]
4
1
( -األحزاب.)21 :
2
( -القلم ) 2
3
( -القلم )42 ، 41
4
( -النجم )4 ، 3
7733
والدعوة إلي أن القرآن الكريم وحده فيه كفاية لألمة عن كل ما سواه ،فالسنة
ليست مصد ارً تشريعياً ،ال مع القرآن ،وال منفردة ،مكررين بذلك نفس الشبهات
التي أثارها أعداء اإلسالم من المستشرقين دون بحث أو تقص إذ أنهم ال صلة
لهم بالدراسات اإلسالمية بعامة ،وال بالحديث وأصوله بخاصة ،وكل ما في
األمر أن ق أروا بعض كتب التراث ،وأخذوا يبحوث كما في زعمهم عن "الشبهات
" التي ظنوا أنها تفيدهم في تشوية حقائق اإلسالم ،وعزله عن المسلمين ،أو
عزل المسلمين عنه ،1وقد أتيحت لهم وسائل اإلعالم المسموعة والمرئية
علي مصراعيها لنشر هذه الشبهات واثارتها بين العامة ،وتشكيكهم في
مصدرهم الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم بدعوي حرية الفكر والتعبير ،وكان
من بين هذه الشبهات التي أثيرت في الفترة األخيرة وكثر تداولها وتناولتها
وسائل اإلعالم شبهة محاولة النبي االنتحار بعد انقطاع أمين الوحي جبريل
عليه السالم فترة من الزمن ،مما يعني الطعن في عصمته صلي اهلل عليه
وسلم وأنه بشر يجوز في حقه ما يجوز في حق سائر البشر من الذنوب ،و
وعولوا عليها كثي ارً في النيل
هذه الشبهة مما ردده منكرو السنة المعاصرونَّ ،
من السنة النبوية علي صاحبها أفضل الصالة والسالم ،مستندين في ذلك إلى
بعض األحاديث التى قد يتوهم من ظاهرها عدم عصمة رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم فى عقيدته وقلبه ،وبالغه للوحى ،واجتهاده ،وسلوكه وهديه ،
وهذا ما دفعنى إلي كتابة بحث حول ذلك الموضوع .
أسباب اختيار البحث :
1
-الشبهات الثالثون المثارة إلنكار السنة النبوية -تأليف د .عبد العظيم إبراهيم محمد
المطعني -مكتبة وهبة
الطبعة األولى 1427هـ 1999 -م ص( 9بتصرف ) .
7733
-1في إطار الحمالت المسعورة ضد اإلسالم والتي تهدف إلي تشكيك
المسلمين في قدوتهم وأسوتهم صلي اهلل عليه وسلم أشرف بكتابة
هذا البحث مساهمة متواضعة في إظهار الحق ورد هذه الشبهة
المثارة حول نبينا صلي اهلل عليه وسلم حتي أنال شفاعته يوم
العرض العظيم
-2بعد حصولي علي درجة الدكتوراة نصحني أخي وشيخي فضيلة األستاذ
الدكتور /كمال علي الجمل بكتابة بحث للترقية وعندما طلبت منه
علي بهذا الموضوع ،
َ المساعدة الختيار موضوع للبحث أشار
وكنت وأنا طالبة الحديث الشريف أول مرة أسمع عن هذه الشبهة
وأن دليلها موجود في أصح الكتب بعد كتاب اهلل تعالي أال وهو
صحيح البخاري ،مما دفعني بالفعل إلي البحث حول هذا
الموضوع خصوصا وأنه يتعلق بشخص أشرف الخلق و أفضلهم
صلي اهلل عليه وسلم.
-3ظل هذا الموضوع في ذهني فترة طويلة دون البدء الفعلي في الكتابة
فيه إلي أن تمت إعارتي إلي جامعة الجوف بالمملكة العربية
السعودية وكانت معي زميلة تدرس مقرر فقه السيرة النبوية
بعد سؤال الطالبات شاحبة الوجه مستفهمة وجاءتني
إياها :كيف يقدم النبي صلي اهلل عليه وسلم علي االنتحار ؟وأن
مجرد محاولته ذلك يطعن في عصمته وأطلعتني علي أن ذلك
موجود في صحيح البخاري ومذكور في كتاب الرحيق المختوم
دون بيان لمدي صحة هذه الزيادة من عدمها فعزمت من يومها
علي الشروع في كتابة البحث .
7733
-4إثبات العصمة لجميع األنبياء وفي مقدمتهم سيدنا رسول اهلل صلى
اهلل عليه وسلم إذ هي بمثابة ضرورة دينية ،ألنها سبيل حجية
وحى اهلل تعالى من القرآن والسنة7
-1أن يكون هذا البحث بمثابة النور و الهداية للحائرين من أبناء
اإلسالم الذين تأثروا بشبهة أعداء السنة حول عصمة رسول
اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،و األخذ بأيديهم إلى بر األمان7
خطة البحث :
يتكون هذا البحث من مقدمة ،وتمهيد ،وثالثة مباحث ،وخاتمة .
أوال :المقدمة ،وتشتمل علي :
(أ) سبب الكتابة في هذا الموضوع وأهميته .
منهج البحث والطريقة التي سرت عليها في إعداده وكتابته . (ب)
ثانيا :التمهيد ،وقد اشتمل علي :التعريف بالعصمة ،وبيان داللتها على
حجية القرآن الكريم ،والسنة النبوية ،واالقتداء بالنبى صلى
اهلل عليه وسلم 7
ثالثا :المبحث األول ،وهو صلب البحث ،
تناولت فيه الحديث عن مفهوم الشبهة في اللغة واالصطالح أوال ،ثم
وضحت بعد ذلك مضمون الشبهة التي أثارها هؤالء المشككون ،ثم ذكرت
القائلين بهذه الشبهة وأدلتهم علي ذلك .
رابعا :المبحث الثاني ،أفردته للرد علي الدليل األول الموجود في
صحيح البخاري ،وقد بسطت القول فيه نظ ار للمكانة التي يحتلها
7733
صحيح البخاري بين كتب السنة النبوية المشرفة فهو كما نعلم جميعا
أصح الكتب بعد كتاب اهلل عز وجل وقد تلقته األمة بالقبول .
خامسا :المبحث الثالث ،ذكرت فيه الرد علي الدليلين اآلخرين الموجودين في
الطبقات الكبري البن سعد ،وتاريخ الطبري ومدي صحة هذين الخبرين
سادسا :الخاتمة ،وقد اشتملت علي نتائج هذا البحث ،والتوصيات،
والفهارس العلمية للبحث7
المنهج الذي اتبعته عند إعداد هذا البحث :
-1قمت بتتبع واستقراء ماكتب حول هذه الشبهة المتضمنة للطعن في
عصمة سيدنا رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم ،ثم قرنته بالرد الحاسم
الذي يبين بطالن هذه الشبهة وزيفها معتمدة في ذلك علي القرآن الكريم
والروايات الصحيحة وأقوال علمائنا من السلف الصالح رضي اهلل عنهم
أجمعين .
-2ذكرت مواضع اآليات التى وردت فى البحث بذكر اسم السورة ،ورقم اآلية
فى الهامش ،مع وضع اآلية بين قوسين7
-3حينما ذكرت أدلة القائلين بالشبهة أوردتها كاملة وان كان في بعضها
إطالة ألن المقام استدعي ذلك ،حيث إن في بعضها مخالفة صريحة
للروايات الصحيحة فكان البد من ذكرها كاملة وبيان تلك المخالفات .
-4عزوت األحاديث التى أوردتها فى البحث إلى مصادرها األصلية من كتب
السنة المعتمدة ،فإن كان الحديث فى الصحيحين أو أحدهما اكتفيت
بالعزو إليهما ،بذكر اسم الكتاب ،واسم الباب ،وذكر الجزء والصفحة ورقم
الحديث ،وأقدم فى التخريج من ذكرت لفظه ،مع البيان غالباً لدرجة
الحديث من خالل أقوال أهل العلم بالحديث ،أو دراستى للسند ،إن كان
الحديث فى غير الصحيحين.
7737
-1التزمت عند النقل من أى مرجع ،أو االستفادة منه اإلشارة إلى رقم جزئه
وصفحته باإلضافة إلى ذكر طبعات المراجع عند الذكر ألول مرة في البحث
ثم الفهرست7
-7عند النقل من فتح البارى ،أو المنهاج شرح مسلم للنووى ،أذكر رقم الجزء
والصفحة ورقم الحديث الوارد فيه الكالم المنقول ،تيسي ارً للوصول إلى
الكالم المنقول ،نظ ارً الختالف رقم الصفحات تبعاً للطبعات المتعددة7
-0عند الترجمة للصحابة الكرام رضوان اهلل عليهم أجمعين اكتفيت بذكر
مصادر تراجمهم بذكر رقم الجزء والصفحة ورقم الترجمة للمشهورين منهم
،ولم أترجم لهم لعدالتهم جميعاً ،أما من لم يكن مشهو ار فقد قمت
بالترجمة له .
-0قمت بالترجمة لكثير من األعالم الذين جرى نقل شئ من كالمهم ،مع
ذكر مصادر تراجمهم ،بذكر رقم الجزء والصفحة ورقم الترجمة7
-9شرحت المفردات الغريبة التى وردت فى بعض األحاديث مستعيناً فى ذلك
بكتب غريب الحديث ،ومعاجم اللغة ،وشروح الحديث7
-17وضعت ثبتا وفهارس لمراجع البحث التي استفدت منها مهما كانت
االستفادة كثيرة أوقليلة ،وقد رتبت المراجع والمصادر حسب الترتيب
الهجائي ألسماء الكتب حتي يسهل الرجوع إليها .
- 9وضعت فهرسا للموضوعات التي بحثت في آخر البحث 7
وهذا جهد المقل ،فإن فاتنى شئ فى أثناء الكتابة ،أو لم أذكر أم ارً
كان ينبغى ذكره أو ط أر على سهو أو نسيان ،فهذا ألنه عمل إنساني ال يخلو
من نقص مهما كانت درجة إتقانه .وعذرى فى ذلك ان الكمال المطلق هلل عز
وجل7
7733
فما كان فى البحث من صواب ،فهو من اهلل عز وجل وبتوفيقه ،وما كان
من خطأ فمن نفسى ،ومن الشيطان ،واهلل برئ منه ورسوله ،وهلل وحده
الكمال والعزة والجالل7
1
-هو المبارك بن محمد الشيبانى الجزرى ،يكنى أبا السعادات ،ويلقب مجد الدين ،ويعرف
بابن األثير وهو واحد من األئمة األعالم فى الحديث والفقه والنحو ،قال ابن خلكان :كان
فقيهاً محدثاً ورعاً مهيباً ،من مؤلفاته الغزيرة والنافعة النهاية فى غريب الحديث ،وأسد
الغابة وغير ذلك مات سنة 777هـ .
7733
صم ُة اهلل َع ْب َده أن صمة في كالم العرب الم ْنعُ ِ ِ 2
وع ْ َ وقال ابن منظور :الع ْ
ِ ِ
ووقَاه .صماً م َن َعه َ صمه َي ْعص ُمه َع ْ َي ْعص َمه مما ُيوِبقُه َع َ
الح َّذ ُ
3
اق من النحويين على أن وقال صاحب اللسان أيضا :اتفق األزهري و ُ
فالن باهلل إذاص َم ٌ اعتَ َعاص َم بمعنى ال م ِان َع وأنه فاع ٌل ال مفعول ،و ْ ِ قولَه ال
تامتنع َ ت باهلل إذاص ْم ُ ِ
ْ اعتَ َ
ص َم و ْص ْمتُه فا ْن َع َ
صمة :الح ْفظ يقال َع َ الع ْ
امتنع به ،و َ
صيةبلُ ْط ِفه من المع ِ
َْ
َعصام الجمع أ ْ ِ ِ ِ
ِ ص ٌم وجمعُصم ُة :القالدةُ والجمعُ ع َ والع ْ
ينظر ترجمته في :وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان -أبو العباس شمس الدين أحمد بن
محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي -المحقق :إحسان عباس -الناشر:
دار صادر – بيروت 141/4
1
-النهاية في غريب الحديث واألثر -البن األثير -الناشر :المكتبة العلمية -بيروت،
1399هـ 1909 -م -تحقيق :طاهر أحمد الزاوى -محمود محمد الطناحي 249/ 3
-2ابن منظور هو :االمام اللغوى الحجة محمد بن مكرم بن على ،أبو الفضل ،جمال
الدين ابن منظور االنصاري الرويفعى االفريقى ،صاحب (لسان العرب) 011 - 737( ،ه
= 1311 - 1232م) .
األعالم -خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس ،الزركلي الدمشقي -
الناشر :دار العلم للماليين -الطبعة :الخامسة عشر -أيار /مايو 2772م 170 /0
3
-هو العالمة أبو منصور محمد بن أحمد بن األزهر الهروي اللغوي النحوي
الشافعي( 307-202هـ 901 -091 ،م ) ،صاحب " تهذيب اللغة " وغيره من المصنفات
الكبار ،الجليلة المقدار ،بهراة ،في ربيع اآلخر ،وله ثمان وثمانون سنة.
العبر في خبر من غبر -شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أحمد بن عثمان بن قَ ْايماز
الذهبي -المحقق :أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول -الناشر :دار الكتب
العلمية – بيروت 110 /1
7733
ص َمه تقول إذا حب ُل ُّ العص ِ قال الزجاج :1أص ُل ِ
سك شيئاً فقد َع َ وكل ما أ َْم َ مة ال ْ ْ
2
صم ُة . ِ ِ
ت فقد زالت الع ْ
كفَ ْر َ
ت باهلل،
ص ْم ُ ِ ِ 3
اعتَ َ
ص َم .و ْ
ص ْمتُ ُه فا ْن َع َ
ص َم ُة :الح ْفظُ .يقالَ :ع َوقال الجوهري :والع ْ
4
امتنعت بلُ ْطفه من المعصية .
َ إذا
وبالنظر فيما سبق نجد أن لكلمة العصمة عدة معان هي :
-2الحفظ7 -1المنع7
-4الحبل7 -3القالدة7
وجميعها يرجع إلى المعنى األول الذى هو "المنع" فالحفظ منع للشئ من
الوقوع فى المكروه أو المحظور ،والقالدة تمنع سقوط الخرز منها ،والحبل
يمنع من السقوط والتردى7
1
-إبراهيم بن السري ،أبو إسحاق الزجاج نحوي العراق وصاحب المبرد .صنف التصانيف
الكثيرة ،وتوفي سنة إحدى عشرة وثالثمئةفي جمادى اآلخرة وقد شاخ .العبر ، 111/ 1
الوافي بالوفيات 219 /2
2
-ينظر لسان العرب -محمد بن مكرم بن على ،أبو الفضل ،جمال الدين ابن منظور
األنصاري الرويفعى اإلفريقى -الناشر :دار صادر – بيروت -الطبعة :الثالثة 1414 -
هـ 473 /12بتصرف .
العربية " ،كانت
ّ ي ،صاحب صحاح اللغة " وتاج
حماد الجوهر ّ -3أبو ٍ
نصر إسماعيل بن ّ
وفاته فيما يقارب سنة خمسين وثالثمائة ،وقيل :سنة 393هـ .واهلل أعلم.
لسان الميزان -أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقالني -
المحقق :دائرة المعرف النظامية – الهند -الناشر :مؤسسة األعلمي للمطبوعات بيروت –
لبنان -الطبعة :الثانية1397 ،هـ 1901/م ، 477 / 1الوافي بالوفيات . 174 / 3
4
-الصحاح في اللغة للجوهري -تحقيق :أحمد عبد الغفور عطار -الناشر :دار العلم
للماليين – بيروت -الطبعة :الرابعة 1470هـ 1900 -م 401 /1
7733
وقد وردت لفظة العصمة في القرآن الكريم -بجميع مشتقاتها المختلفة -
مرة ،بهذا المعني (المنع ) فى آيات كثيرة في القرآن الكريم منها :
ثالث عشرة ّ
قوله تعالي في حق سيدنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :يا أيها الرسول
بلغ ما أنزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته واهلل يعصمك من
الناس ,1وقوله تعالي حكاية علي لسان سيدنا نوح وابنه :يا بنى اركب
معنا وال تكن مع الكافرين .قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال ال
عاصم اليوم من أمر اهلل إال من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين
،2وكذا قوله تعالي :لسان امرأة العزيز :ولقد راودته عن نفسه فاستعصم
3
كما وردت بنفس المعني في السنة االنبوية المطهرة علي صاحبها أفضل
الصالة والسالم منها :قوله صلى اهلل عليه وسلم " :أمرت أن أقاتل الناس
حتى يشهدوا أن ال إله إال اهلل ويؤمنوا بى وبما جئت به .فإذا فعلوا ذلك
()4
عصموا منى دمائهم وأموالهم إال بحقها .وحسابهم على اهلل"
1
( -المائدة .) 70 :
2
( -هود 7 )43 ،42:
3
( -يوسف 32 :جزء من اآلية )7
( )4أخرجه البخارى في صحيحه -كتاب اإليمان ،باب ( فإن تابوا وأقاموا الصالة وآتوا
الزكاة فخلوا سبيلهم ) (التوبة 14/ 1 ) 1:ح 21من حديث ابن عمر رضى اهلل عنهما .
ومسلم في صحيحه – كتاب اإليمان -باب األمر بقتال الناس حتى يقولوا ال إله إال اهلل
رقم 13/ 1ح 22
7733
وحول هذا المعنى ورد كالم المهرة من المفسرين واألثريين ،قال البغوي 1في
ستَ ِق ٍيم ) :2أي: ِ ٍ
ي إِلَى ص َراط ُم ْ
ِ ِ ِ
(و َم ْن َي ْعتَص ْم ِباللَّه فَقَ ْد ُهد َ
تفسير قوله تعالى َ
صر ٍ
اط يمتنع باهلل ويستمسك بدينه وطاعته { ،فَقَ ْد ُه ِدي إِلَى ِ
َ َ
ستَ ِق ٍيم }أي :طريق واضح ،وقال ابن جريج :ومن يعتصم باهلل أيُ :يؤمن ُم ْ
3
باهلل ،وأصل العصمة :المنع ،فكل مانع شيئا فهو عاصم له.
اس } :أي يحفظك ويمنعك من صم َك ِم َن َّ
الن ِ ِ َّ
وفي تفسير قوله تعالي{ َوالل ُه َي ْع ُ
الناس ،و قيل :معناه يعصمك من القتل فال يصلون إلى قتلك ،4وفي تفسير
قوله تعالي قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال ال عاصم اليوم من
:أي سأصير وألتجئ إلى جبل يمنعني من الغرق .7 ()1
أمر اهلل
1
الفراء البغوي الشافعي ويلقب بركن الدين
-هو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد َّ
،أحد العلماء الذين خدموا الكتاب العزيز ،والسنة النبوية ،بالعكوف على دراستهما،
وتدريسهما ،وكشف كنوزهما ،وأسرارهما ،والتأليف فيهما.
-سير أعالم النبالء لإلمام الذهبي -المحقق :مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ
شعيب األرناؤوط -الناشر :مؤسسة الرسالة -الطبعة :الثالثة 1471 ،هـ /
1901م ،439/19و األعالم للزركلي .219/2
2
( -آل عمران.)171:
3
-معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي -المؤلف :محيي السنة ،أبو
محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي -المحقق :عبد الرزاق
المهدي -الناشر :دار إحياء التراث العربي –بيروت -الطبعة :األولى 1427 ،هـ
. 409/ 1
- 4المرجع السابق . 417/ 2
(( )1هود7) 43 :
- 7معالم التنزيل . 417 / 2
7733
من خالل ماسبق يتضح أن كالم اإلمام البغوي -رحمه اهلل تعالي -يدل على
أن مادة (عصم) فى القرآن الكريم حيثما وردت بشتى تصريفاتها تدور على
المنع واالمتناع ،وهو أصلها فى الوضع اللغوى.
ثانيا التعريف الشرعي :
المتكلمين والمحدثين في تعريف اختلف العلماء رضوان اهلل عليهم من
العصمة هل هي بمعنى الحفظ من الذنوب مطلقا ،أوأنها بمعنى الحفظ من
اإلقرار عليها ،وهذا االختالف يعود إلي أن بعضهم منع أن يكون للمعصوم
اختيا ار في أفعاله ،وبعضهم أوجبه ،وهذه بعض تعريفات العلماء للعصمة :
2
قال الجرجاني : 1ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها.
عص َمة ْاألَ ْن ِب َياء َعلَى َن ِب ّي َنا َو َعلَ ْي ِه ْم َّ
3
الس َالم
الص َالة َو َّ وقال الحافظ ابن حجر ْ :
ص َرة َوالثََّبات ِفي يسة َو ُّ
الن ْ النف َ
صيصهم ِبا ْل ِكم َاال ِت َّ ِ
َ ْ
النقَ ِائص وتَ ْخ ِ
َ ِح ْفظُ ُهم ِم ْن َّ
ْ
1
-الجرجاني هو :علي بن محمد بن علي ،المعروف بالشريف الجرجاني :فيلسوف ،من
كبار العلماء بالعربية ،ولد في تاكو (قرب استراباد) ودرس في شيراز ،ت 017ه =
1413م.االعالم للزركلي 0/ 1
2
-التعريفات للجرجاني -المحقق :ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر
-الناشر :دار الكتب العلمية بيروت –لبنان -الطبعة :األولى 1473هـ 1903-م 0 /1
3
-هو أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقالني أبو الفضل شهاب الدين بن حجر ،
من أئمة العلم والتاريخ ،أصله :من عسقالن (بفلسطين) ومولده ووفاته بالقاهرة ،ولع
باألدب والشعر ثم أقبل على الحديث ،ورحل إلى اليمن والحجاز وغيرهما لسماع الشيوخ،
وعلت شهرته فقصده الناس لألخذ عنه وأصبح حافظ اإلسالم في عصره ، .كانت وفاته سنة
اثنتين وخمسين وثمانمائة .
األعالم للزركلي . 100 ، / 1
7733
هم ِ الس ِكي َنة ،وا ْلفَرق ب ْينهم وب ْين َغ ْيرهم أ َّ ِ
ص َمة في َحقّ ْ
َن ا ْلع ْ ْ َ ْ َ ْ ََ ُمور َوِا ْن َزال َّ ْاأل ُ
هم ِبطَ ِري ِ ق ا ْل ُو ُجوب َوِفي َح ّ ِب َ
ط ِري ِ
1
ق ا ْل َج َواز . ق َغ ْير ْ
وقال أبوالبقاء الكفومي(الراغب) :2هي لطف من اهلل يحمل العبد على فعل
الخير ويزجره عن فعل الشر مع بقاء االختيار تحقيقا لالبتالء ،وعصمة
األنبياء حفظ اهلل إياهم أوال بما خصهم به من صفاء الجوهر ثم بما أوالهم من
الفضائل الجسمية النفيسة ثم بالنصرة وتثبيت األقدام ثم بإنزال السكينة عليهم
وبحفظ قلوبهم وبالتوفيق.
وقال في المعجم الوسيط :العصمة :ملكة إلهية تمنع من فعل المعصية
3
والميل إليها مع القدرة عليه .
1
-فتح الباري شرح صحيح البخاري -البن حجر العسقالني -الناشر :دار المعرفة -
بيروت 1309 ،هـ -رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه :محمد فؤاد عبد الباقي -قام بإخراجه
وصححه وأشرف على طبعه :محب الدين الخطيب . 414/ 10
2
-أبو البقاء هو :أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي ،أبو البقاء :صاحب
الكليات ،كان من قضاة االحناف،عاش وولي القضاء في (كفه) بتركيا ،وبالقدس ،وببغداد
،وعاد إلى استانبول فتوفي بها ،ودفن في تربة خالد عام ، 1794و قيل غير ذلك .األعالم
. 30 /2
-3المعجم الوسيط -المؤلف :مجمع اللغة العربية بالقاهرة (إبراهيم مصطفى /أحمد
الزيات /حامد عبد القادر /محمد النجار) -الناشر :دار الدعوة .112 /4
7733
صمة بعدَّة تعريفات ،أحسن وأسلم هذه التَّعريفات ما ِ وعلى ٍّ
كل فقد ُعِّرفت الع ْ
"لطف من اهلل -تعالى َ -يحمل
ٌ ذكره صاحب كتاب" نسيم الرياض " َّ
بأنها:
االختيار تحقيقًا ِ
لالبتالء". 1 ِ ويزجره عن َّ
الشِّر ،مع بقاء النبي على فعل الخيرْ ،
َّ
فالعصمة تعنى حفظ اهلل تعالى ألنبيائه عن مواقعة الذنوب الظاهرة والباطنة،
وأن العناية اإللهية لم تنفك عنهم فى كل أطوار حياتهم قبل النبوة وبعدها،
فهى محيطة بهم تحرسهم من الوقوع فى منهى عنه شرعاً أو عقال .
مما سبق يتضح أن اهلل سبحانه لم يعط العصمة ألحد من خلقه إال لرسله
الذين اصطفاهم لتبليغ وحيه وبيانه ،فهم وحدهم المحاطون برعايته في التبليغ
والبيان ،فالعصمة كالمعجزة ضرورة من ضرورات صدق الرسالة ،ومن
مقتضيات حكمة من أرسل الرسل عليهم السالم وهي نوعان :
أوال :العصمة في التحمل عن اهلل تعالى والتبليغ إلى الناس :
إن الرسل اتفاقا معصومون من النسيان في تحمل الرسالة فهم ال ينسون
شيئا مما أرسلهم اهلل تعالى به كما قال اهلل تعالى لرسوله محمد صلى اهلل
سا َن َك لِتَ ْع َج َل ِب ِه . ِ ِ
سى } وقال َ { :ال تُ َحِّر ْك ِبه ل َ
2
س ُن ْق ِرُئ َك فَ َال تَ ْن َ
عليه وسلم َ { :
إِ َّن َعلَ ْي َنا َج ْم َع ُه َوقُ ْرآ َن ُه .فَِإ َذا قَ َأْر َناهُ فَاتَِّب ْع قُ ْرآ َن ُه } وقال تعالى َ { :و َما َي ْن ِط ُ
3
ق
وحى } وسبب عصمتهم في ذلك ما يلي : َع ِن ا ْل َه َوى .إِ ْن ُه َو إَِّال َو ْح ٌي ُي َ
-1أن األمر ال يستقيم إذا أخطأ الرسول في التبليغ عن اهلل تعالى إذ يترتب
على ذلك أحد أمرين :
1
-نسيم الرياض فى شرح الشفا للقاضى عياض -لشهاب الدين الخفاجى ،دار الكتاب
العربى بيروت39/4 7
2
( -األعلي .) 7 :
3
( -القيامة . )10 ، 10 ،17 :
7737
أ -إما أن يسكت الوحي عن تصحيح الخطأ الذي وقع من النبي مما يعني أن
اهلل تعالى أراد أن يبلغ الناس أم ار معينا ثم رضي تعالى أن يبلغ عنه النبي
غير ما أمره وهذا ال يجوز على اهلل تعالى .
ب -واما أن ينزل الوحي بالتصحيح فيعود الرسول ويقول :إن اهلل أمرني أن
أبلغكم كذا ولكني أخطأت في التبليغ وهذا هو تصحيح البالغ فينتج عن ذلك ال
ص ّور عن النبي لما سبق
محالة أن يفقد الناس الثقة به وكال األمرين غير ُمتَ َ
أن بيناه .
-2أن األمر ال يستقيم كذلك إذا أخطأ النبي في تنفيذ ما أوحى اهلل به إليه ؛
ألن القدوة تنتفي حينئذ ويضطرب األمر في نفوس األتباع الذين اتبعوا الرسل
فال يعرفون أي طريق يسلكون .
و ألنه لو جاز عليه الخطأ أو السهو أو مجانبة الحق والصواب أو اختيار
غير األولى فى مناطق وميادين التبليغ عن اهلل لتطرق الشك إلى صلب
الرسالة والوحى والبالغ ،بل والى حكمة من اصطفاه وأرسله ليكون ُحجة على
الناس.
ضروريا من شروط رسالة جميع
ً طا
كذلك كانت العصمة صفة أصيلة وشر ً
الرسل عليهم السالم،فالرسول فى هذا النطاق نطاق التبليغ عن اهلل {وما
ينطق عن الهوى * إن هو إال وحى يوحى } . 1وبالغه ما هو بقول بشر ،
ولذلك كانت طاعته فيه طاعة هلل ،وبغير العصمة ال يتأتى له هذا المقام.
أما اجتهادات الرسول صلى اهلل عليه وسلم فيما ال وحى فيه ،والتى هى ثمرة
إلعماله لعقله وقدراته وملكاته البشرية ،فلقد كانت تصادف الصواب واألولى ،
كما كان يجوز عليها غير ذلك ..ومن هنا رأينا كيف كان الصحابة ،رضوان
اهلل عليهم فى كثير من المواطن وبإزاء كثير من مواقف وق اررات وآراء
1
( -النجم . )4 ، 3 :
7733
واجتهادات الرسول صلى اهلل عليه وسلم يسألونه -قبل اإلدالء بمساهماتهم
فى الرأي .
فالعصمة للرسول صلى اهلل عليه وسلم ،فيما يبلغ عن اهلل شرط الزم لتحقيق
الصدق والثقة فى البالغ اإللهى ،وبدونها ال يكون هناك فارق بين الرسول
وغيره من الحكماء والمصلحين ،ومن ثم ال يكون هناك فارق بين الوحى
المعصوم والمعجز ،وبين الفلسفات واإلبداعات البشرية التى يجوز عليها
الخطأ والصواب ..فبدون العصمة تصبح الرسالة والوحى والبالغ قول بشر ،
بينما هى بالعصمة قول اهلل سبحانه وتعالى الذى بلغه وبينه المعصوم عليه
الم َبلِّغ هى الشرط لعصمة البالغ ..بل إنها ً
أيضا الصالة والسالم ،فعصمة ُ
الشرط لنفى العبث وثبوت الحكمة لمن اصطفى الرسول وبعثه وأوحى إليه بهذا
البالغ.
ثانيا :العصمة من الذنوب :لقد عصم اهلل تعالى أنبياءه من ارتكاب الذنوب
والمعاصي وطهرهم من ذلك فال تقع منهم كبيرة مطلقا عمدا وال سهوا كما أنهم
ال يتعمدون ارتكاب صغيرة ذلك أن الناس مأمورون باتباع الرسل واالقتداء بهم
ْن اللَّ ِه } 1وقال اع ِبِإذ ِ
ط َول إَِّال لِ ُي َ
س ٍ ِ
س ْل َنا م ْن َر ُ
كما قال اهلل تعالى َ { :و َما أ َْر َ
س َن ٌة لِ َم ْن َك َ
ان َي ْر ُجو اللَّ َه َوا ْل َي ْوَم ان لَ ُكم ِفي رس ِ ِ
ول اللَّه أ ْ
ُس َوةٌ َح َ َ ُ تعالى { :لَقَ ْد َك َ ْ
ْاآل ِخ َر } 2فلو جازت المعصية الكبيرة في حقهم النتفت عنهم القدوة .فكل ما
ينسب إلى األنبياء من المعاصي واآلثام والقبائح إنما هو كذب وافتراء عليهم ؛
ألن اهلل تعالى قد عصمهم من ذلك فال يقع منهم ال اختيا ار وال اضط ار ار وكيف
ينسب إلى أنبياء اهلل تعالى شرب الخمر ،والزنا ،بل وزنا المحارم والخيانة
وغير ذلك من المنكرات وقد زّكاهم اهلل تعالى ومدحهم وهو الخبير بأحوالهم .
1
( -النساء . ) 74:
2
( -األحزاب . )21 :
7733
فإذا وقع خطأ في البيان نزل الوحي بالتسديد كما هو واضح في أكثر من آية
في القرآن ،وما سواهم من الخلق مهما كانت منزلتهم ،فهم بشر يخطئون
ويصيبون ،فما أصابوا يؤخذ منهم ،وما أخطؤوا فيه ،فيعذرون فيه إذا كانوا
1
أهال لالجتهاد وال يقلدون فيما أخطؤوا فيه
و خالصة القول :
أن اهلل عز وجل قد عصم أنبياءه ورسله من الوقوع فى المحظور أيا كان
سواء كان قوال أوفعال أواعتقادا أوتبليغا حتى أدوا رسالتهم علي أكمل وجه
ولحقوا ببارئهم جل وعال ،وزاد في حق نبينا صلى اهلل عليه وسلم عصمة
بدنه الشريف من القتل7
فعصمة األنبياء صلوات اهلل وسالمه عليهم أجمعين ثابتة لهم سواء كان ذلك
قبل البعثة أوبعدها فى الكبائر والصغائر ،جهرها وسرها على األصح ،فى
ظاهرهم وباطنهم ورضاهم وغضبهم ،ألن حال األنبياء قبل البعثة يؤثر على
مستقبل دعوتهم بعدها سلباً وايجاباً7
وأنه يمتنع وقوع صورة المعصية من األنبياء عليهم الصالة والسالم قبل
بعثتهم ،ال لكونها معصية حقيقية تترتب عليها المؤاخذة والعقاب ،بل ألن اهلل
تعالى خلقهم مجبولين على مجانبتها والمنافرة لها ،لما علمه جل شأنه من
أنهم سيكونون مصابيح الظالم ،وهداة األنام ،يخرجونهم من الظلمات إلى
النور ،ويرشدونهم إلى صراط العزيز الحميد .فال تمر بهم طرفة عين إال وهم
1
-شبهات المشككين – تأليف مجموعة من المؤلفين -موقع وزارة األوقاف المصرية
97 / 1بتصرف .
7733
مراقبون لحضرته ،مشاهدون لعظمته كما تشهد بذلك سوابقهم الحميدة،
1
وتواريخهم المجيدة7
قلت :إذا كان أتباع الديانات األخري الزائفة الباطلة قد اثبتوا العصمة
لمؤسسي هذه الديانات ،بل رفعوا بعضهم إلي درجة االلوهية ،فأولي بهذه
العصمة من اختارهم اهلل عز وجل واصطفاهم للتبليغ عنه وهم أنبياؤه ورسله
عليهم السالم أجمعين .
1
-رد شبهات حول عصمة النبي صلى اهلل عليه وسلم في ضوء الكتاب والسنة ،د .عماد
السيد الشربيني ،دار الصحيفة ،مصر ،ط1424 ،1هـ2773 /م ،ص 20بتصرف .
7733
المبحث األول
شبهة انتحار النبي صلي اهلل عليه وسلم
أوال :تعريف الشبهة
شتَِبهات من الم ْ
االلتباس .و ُُ ش ْب َه ُة: 1
الشبهة في اللغة :قال الجوهري :ال ُ
بيه:
ش ُ َّه فالن بكذا .والتَ ْ شب َ الت .وتَ َ ماث ُ هات :المتَ ِ المتشا ِب ُ ش ِك ُ
ُ الت .و ُ األمور :الم ْ
التمثي ُل" .
َّه
شب ُ ال " :تُ َ يث ُح َذ ْيفَ َة :وَذ َكر ِفتْ َن ًة فَقَ َ وكذا قال ابن منظور 2و ازد :وِفي ح ِد ِ
َ َ
َّه ْت َعلَى ا ْلقَ ْوِم ش ِمٌرَ :م ْع َناهُ :أَن ا ْل ِفتْ َن َة إِ َذا أَقبلت َ
شب َ ُم ْق ِبلَ ًة وتَُب ِّي ُن ُم ْد ِب َرةً "؛ قَ َ
ال َ
وي ْرَك ُبوا ِم ْن َها َما َال َي ِح ُّل ،فَِإ َذا أَدبرت يها َ
ِ
ق َحتَّى َي ْد ُخلُوا ف َوأ ََرتْ ُه ْم أَنهم َعلَى ا ْل َح ِّ
طِأ.
ان َعلَى ا ْل َخ َ فعلِ َم َم ْن دخل فيهاأَنه َك َ َمرهاَ ، بان أ ُ ض ْت َ َوا ْنقَ َ
ضا. ش ِب ُه ُ
بعضها َب ْع ً ش ِكلَة ُي ْش ِّب َه ٌةُ :م ْ شتَِبه ٌة ُ
وم َ ُمور ُم ْ
االلتباس .وأ ٌُ و ُّ
الش ْبه ُة:
3
ش ْب َه ُة :االلتباس ،واشتبه األمر عليه :اختلط،
وجاء في المعجم الوسيط " :ال ُ
شك في صحتها" . واشتبه في المسألةَّ :
فيتبين مما سبق أن الشبهة في اللغة هي :االلتباس ،واالختالط والتماثل
،وعدم وضوح الحقيقة .
أما المفهوم االصطالحي للشبهة :
فقد عرفها ابن القيم( 4رحمه اهلل) في كتابه تعريفاً جيداً فقال( :وارد يرد على
القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق). 1
1
-الصحاح 2237 /7
2
-لسان العرب 173/13
3
401/1 -
4
-هو :الشيخ اإلمام العالمة شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي ثم
الدمشقي الفقيه الحنبلي بل المجتهد المطلق المفسر النحوي األصولي ،الشهير بابن قيم
7733
س ِّم َي ْت
َّس ُ يد ِة ا ْل َمأ َ
ْخ ُذ ا ْل ُملَب ُ الش ْب َه ُة ِفي ا ْل َع ِق َ وعرفها أبو العباس الحموي 2فقال ُّ :
ِ 3
ش َارَك ُة ِفي َم ْع ًنى ِم ْن ا ْل َم َعاني. ش َاب َه ُة ا ْل ُم َ ش ْب َه ًة ِأل ََّن َها تُ ْ
ش ِب ُه ا ْل َحقَّ ،فَا ْل ُم َ ُ
ِ ِ ِِ س ِب َ ِ
يل إلَى َم ْع ِرفَة َحقيقَتهُ ،
فالمتَتَِّبعُ لَ ُها ُم ْبتَ ٍغ وعرفها ابن منظور بأنها :ما َال َ
سه إِلَ ْي ِه . س ُك ُن َن ْف ُ
اد ي ْنتَ ِهي إِلَى َ ٍ
ش ْيء تَ ْ
ِِ ِ
ل ْلفتْ َنة ألَنه َال َي َك ُ َ
حق ُه َو أم حرام َو ّ وفي المعجم الوسيط َ :ما ا ْلتبس أمره فَ َال يدرى أحالل ُه َو أم َ
1 ب ِ
اطل . َ
الجوزية ،وامامها .ولد سنة إحدى وتسعين وستمائة .وسمع الحديث واشتغل بالعلم ،وبرع
في علوم متعددة ال سيما علم التفسير والحديث وله مصنفات قيمة بلغت ستا وتسعين
مؤلفا ،منها' :زاد المعاد' و'إعالم الموقعين' و'بدائع الفوائد' وغيرها .مات رحمه اهلل تعالى
في ثالث عشر من شهر رجب سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ،وعاش ستين سنة وكانت
جنازته حافلة جدا.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب -المؤلف :عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد
العكري الحنبلي -حققه :محمود األرناؤوط -الناشر :دار ابن كثير ،دمشق -بيروت
َ
الطبعة :األولى 1477 ،هـ 1907 -م ، 292 -200 /0الدرر الكامنة في أعيان
المائة الثامنة البن حجر -المحقق :محمد عبد المعيد ضان -الناشر :مجلس دائرة
المعارف العثمانية -صيدر اباد /الهند -الطبعة :الثانية1392 ،هـ1902 /م -130/1
.147
1
مفتاح دار السعادة ومنشور والية العلم واإلرادة البن القيم – الناشر :دار الكتب العلمية
بيروت 147/1
لغوي ،اشتهر بكتابه
ّ - 2هو :أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي ،أبو العباس:
(المصباح المنير -ط) ولد ونشأ بالفيوم (بمصر) ورحل إلى حماة (بسورية) فقطنها .قال
ابن حجر :كأنه عاش إلى بعد 007ه .الدرر الكامنة ، 302/ 1األعالم للزركلي 244/1
3
-المصباح المنير في غريب الشرح الكبير -المؤلف :أبو العباس أحمد بن محمد بن
علي الفيومي ثم الحموي( ،المتوفى :نحو 007هـ) -الناشر :المكتبة العلمية – بيروت 1
. 373/
7733
َّ
الشك واالرتياب في صدق إذا فالشبهة يدور معناها حول :كل ما يثير
الداعي وحقيقة ما يدعو إليه ،فتمنع المدعو من رؤية الحق واالستجابة له،
ٍ
بعادة موروثة، غالبا ما ترتبط إثارةُ الشبهة أو ِّ
تؤخر هذه االستجابة ،كما أنه ً
ٍ
غبش حمية جاهلية ،أو سوء ظن ،أو ٍ أو مصلحة قائمة ،أو شهوة دنيوية ،أو
في الرؤية ،فتتأثر النفوس الضعيفة المتصلة بهذه األشياء ،وتجعلها حجة
وبرها ًنا تدفع به الحق .
مضمون الشبهة
منذ بعثة النبي صلي اهلل عليه وسلم وظهور دعوته منذ أكثر من أربعة عشر
قرنا لم يأل أعداؤه سواء كانوا من المستشرقين ،أوممن يزعمون أنهم ينتسبون
إلي اإلسالم جهدا في الكيد لإلسالم والمسلمين فتارة حاولوا الطعن في المصدر
األول لإلسالم وهو القرآن الكريم ولكنهم لم يفلحوا ألن اهلل عز وجل تكفل
بحفظه حيث قال جل شأنه" :إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " ،ومن ثم
حاولوا الطعن في المصدر الثاني للتشريع وهو السنة النبوية علي صاحبها
أفضل الصالة والسالم من خالل الطعن في شخصه الكريم يبتغون من
وراء ذلك التقليل من قدره واالنتقاص من حقه ،وال تزال الشبهات القديمة
تظهر حتى اليوم فى أثواب جديدة يحاول مروجوها أن يضيفوا عليها طابعا
علميا زائفا.
ومن تلك الطعون :زعمهم أن النبي صلي اهلل عليه وسلم حاول االنتحار في
العهد المكي بعد لقائه األول بجبريل عليه السالم وفتوره بعد ذلك مدة من
الزمن .
1
401/1 -
7333
القائلون بالشبهة
إن الطعن في مصدر السنة النبوية علي صاحبها أفضل الصالة والسالم
وادعاء أنه ليس معصوما إذ اتهامه بمحاول االنتحار يعد طعنا في عصمته ،
مما ردده منكروا السنة النبوية قديما وحديثا ،واعتمدوا عليها في النيل من
السنة ،والطعن في أساسها وهوالنبي صلي اهلل عليه وسلم ،وما حملهم علي
ذلك إال الحقد الدفين والحسد البغيض لمن أرسله ربه رحمة للعالمين .
فمن القدماء :
اإل ِ ِ
ال ِْ ْ
2 1
ض :م َّوهَ َب ْع ُ س َماعيل ُّي َ ماذكره الحافظ ابن حجر في الفتح قال :قَ َ
اب ِفي ُن ُب َّوِت ِه َحتَّى َن َي ْرتَ َوز لِ َّلن ِب ِّي أ ْ
ف َي ُج ُ ال َ :ك ْي َ ين فَقَ َ ين علَى ا ْلمحد ِ
ِّث َ َُ
ِِ
الطَّاعن َ َ
شاهُ َو َحتَّى ُيوِف َي ِب ِذ ْرَوِة َج َب ٍل لُِي ْل ِق َي ِم ْن َها يج َة َما َي ْخ َ ير ِجع إِلَى ورقَ َة وي ْ ِ ِ
ش ُكو ل َخد َ ََ ََ َْ َ
از ِل
الن ِاب معَ م َع َاي َن ِة َّ ال َولَ ِئ ْن َج َاز أ ْ اء ِفي ِرَو َاي ِة َم ْع َم ٍر قَ َ
َن َي ْرتَ َ َ ُ س ُه َعلَى َما َج َ
َن ْف َ
اءهُ ِب ِه َم َع َع َدِم ا ْل ُم َع َاي َن ِة .
يما َج َ
ف ي ْن َكر علَى م ِن ارتَ ِ
اب ف َ
ِ
َعلَ ْيه م ْن َرِّبه فَ َك ْي َ ُ ُ َ َ ْ َ
ِ ِ
1
. 377/ 12 -
اعيلِ ُّي
اإلسم ِ ِ
الج ْر َجان ُّي ِ َ
َّاس ُالعب ِ بن َ
بن إِسم ِ
اع ْي َل ِ َحم ُد ُ ِ ِ
بن إ ْب َراه ْي َم ِ ْ َ -هو :أ َُبو َب ْك ٍر أ ْ َ
2
1
-هو :كولونيل رونالد فيكتور كورتيناي بودلي ذو الصليب العسكري الذي يعرف اختصا ار
ب ، R.V.C.Bodlyكان ضابطا في الجيش البريطاني ،صحفي ومستشرق ،ولد في
باريس عام 1092بفرنسا ،وتوفي ببريطانيا عام . 1907ترجم له أ.د /مهدي رزق اهلل
أحمد في مقدمة كتابه مزاعم وأخطاء وتناقضات وشبهات بودلي في كتابه "الرسول .حياة
محمد "دراسة ندية
2
-الرسول حياة محمد ص - 73 -72تأليف ر.ف.بودلي ترجمة محمد محمد فرج –
عبد الحميد جودة السحار -الناشر مكتبة مصر 3ش كامل صدقي – الفجالة .
3
-رد شبهات حول عصمة النبي صلي اهلل عليه وسلم في ضوء السنة النبوية ص
. 271 ،277
-4شيعى إمامى ،ولد فى الكاظمية ببغداد سنة 1297هـ .من مؤلفاته :أبو هريرة،
والنص واالجتهاد ،مات سنة 1300هـ – 1910م .ترجم له :محمد صادق الصدر فى
مقدمة كتاب النص واالجتهاد ص39 – 1
7333
الملَ ْك بعد مجيئه إليه ،وفى القرآن بعد نزوله عليه،
فى نبوته بعد تمامها ،وفى َ
وأنه كان من الخوف على نفسه فى حاجة إلى زوجته تشجعه ،والى ورقة
1
األعمى الجاهلى..،
وكذلك جعفر مرتضي العاملي 2إذ يقول أيضا :كيف يجوز إرسال نبى يجهل
نبوة نفسه ،ويحتاج فى تحقيقها إلى االستعانة بامرأة ،أو نصرانى؟ ألم تكن هى
فضالً عن ذلك النصرانى أجدر بمقام النبوة من ذلك الخائف المرعوب الشاك؟
ثم كيف يتناسب ذلك مع كونه أراد أن يلقى نفسه من شواهق الجبال"
ومن باب األمانة العلمية وليس دفاعا عنهما ،بعد الرجوع إلي مؤلفات هذين
الكاتبين اتضح لي أنهم لم يقولوا بذلك بل أنكروا وقوعه من النبي صلي اهلل
عليه وسلم ،فقد قال الموسوي تكملة لكالمه ":والى ورقة األعمى الجاهلى
المتنصر يثبت قدمه ،ويربط علي قلبه ،ويخبره عن مستقبله إذ يخرجه قومه
،وكل ذلك ممتنع محال .
وتوجه إلي الطعن في الحديث فقال :بأن الحديث باطل من حيث متنه وباطل
من حيث سنده وحسبك في بطالنه من هذه الحيثية كونه من المراسيل بدليل
3
أنه حديث عما قبل والدة عائشة بسنين عديدة .
وكذلك فعل العاملي فقد أنكر إقدام النبي صلي اهلل عليه وسلم علي ذلك وقال
في نهاية كالمه :نعوذ باهلل من الزلل في القول والعمل ،وتوجه إلي الطعن
1
-النص واالجتهاد -تأليف العالمة السيد شرف الدين – موقع الضياء للدراسات
المعاصرة ص. 301
2
-كاتب شيعى ،إمامى ،معاصر ،من مؤلفاته :الحياة السياسية لإلمام الرضا ،والصحيح
من سيرة النبى األعظم صلى اهلل عليه وسلم ،نال به جائزة الكتاب األول فى مجال كتابة
السيرة من الجمهورية اإلسالمية بإيران لعام 1413هـ
3
-النص واالجتهاد ص. 302
7337
في رواة الحديث فوصف الزهري ألنه من الظالمين ،كما وصف عروة بأنه من
المنافقين ،أما أم المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها فقد قال بأنها أرسلت هذه
1
الرواية ولم تبين عمن روتها .
الروايات التي استدل بها علي الشبهة
اعتمد هؤالء الطاعنون في زعمهم هذا علي ثالث روايات أساسية هي -:
رواية البخاري من حديث أم المؤمنين عائشة 2رضي اهلل عنها -1
ق َح َّدثََنا قال َ :ح َّدثََنا َح َّدثَِني َع ْب ُد اللَّ ِه ْب ُن ُم َح َّم ٍد َح َّدثََنا َع ْب ُد َّ
الرَّاز ِ
ش َة ر ِ
ض َي اللَّ ُه َع ْن َها أ ََّن َها ِ ي فَأ ْ ِ ال ُّ
الزْه ِر ُّ
َخ َب َرني ُع ْرَوةُ َع ْن َعائ َ َ َم ْع َمٌر قَ َ
قَالَ ْت :
الص ِادقَ ُة
الر ْؤَيا َّ ِم ْن ا ْل َو ْح ِي ُّ سلَّ َم ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
ِ
سو ُل اللَّه َ
ِ ِ
أ ََّو ُل َما ُبدئَ ِبه َر ُ
الص ْب ِح 3فَ َك َ ِ ِ اء ْت ِم ْث َل َفلَ ِ ِفي النَّ ْوِم فَ َك َ
اء
ان َيأْتي ح َر ً ُّ ق ان َال َي َرى ُر ْؤَيا إَِّال َج َ
َوَيتََزَّوُد لِ َذلِ َك ثُ َّم َي ْر ِجعُ إِلَى ات ا ْل َع َد ِد-
ُّد 2اللَّيالِي َذو ِ
َ َ َ يه َ -و ُه َو التَّ َعب ُثِ 1ف ِ فَ َيتَ َحنَّ ُ
4
1
-الصحيح من سيرة النبي األعظم – السيد جعفر مرتضي العاملي – الناشر دار
-الطبعة الثانية 1420ه – 2770م 10-14 /3بتصرف .
2
--ترجمتها في :االستيعاب في معرفة األصحاب البن عبد البر ،100 /4أسد الغابة
في معرفة الصحابة البن األثير ، 100 / 0اإلصابة في تمييز الصحابة البن حجر / 13
30
الص ْب ِح ِ اد ِب َفلَ ِ 3
اؤهُ
ض َي ُ ق ُّ -قال الحافظ ابن حجر أي َ :ب َيانه وانشقاقه ،وقيل :ا ْل ُمَر ُ
ش َّك ِف ِاض ِح الَِّذي َال َ ورِه ا ْلو ِ ص ِبالتَّ ْ ِ ِ
يه .فتح اباري . 170 ، 23 /1 ش ِبيه لظُ ُه ِ َ وُ َ،خ َّ
- 4قال اإلمامِ :حراء بالمد َج َبل بينه وبين مكة قدر ثالثة أميال عن يسارك إذا ِس ْر َت إلى
ِم ًنى ،ويجوز فيه التذكير والتأنيث وتذكيره أكثر.
أعرف وهو الصحيح. ُ از َال ِرَو َاي ًة ،واألوليه َغ ْي ُر َذلِ َك َج َو ًا
وحكي فيه ا ْلفَتْ ِح وا ْلقَص ِر ،وح ِكي ِف ِ
َ ْ َُ َ
7333
اء فَجاءه ا ْلملَ ُك ِف ِ
يه َغ ِ ٍ ِ 4 قَ 3و ُه َو ِفي يج َة فَتَُزِّوُدهُ لِ ِم ْثلِ َها َحتَّى فَ ِج َئ ُه ا ْل َح ُّ ِ
ار ح َر َ َ ُ َ َخد َ
َخ َذ ِني
ئ فَأ َار ٍ
ت َما أََنا ِبقَ ِ
فَ ُق ْل ُ سلَّ َم ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ ال لَ ُه َّ
الن ِب ُّي َ ْر فَقَ َ ال اق َأْ فَقَ َ
َخ َذ ِني ار ٍ
ئ فَأ َ ت َما أََنا ِبقَ ِ ال اق َأْ
ْر فَ ُق ْل ُ سلَ ِني فَقَ َ ِ َّ ِ 1
فَ َغطني َحتَّى َبلَ َغ م ِّني ا ْل َج ْه ُد ثُ َّم أ َْر َ
7
ار ٍ
ئ ت َما أََنا ِبقَ ِ ال اق َأْ
ْر فَ ُق ْل ُ سلَ ِني فَقَ َ ِ َّ ِ
فَ َغطني الثان َي َة َحتَّى َبلَ َغ م ِّني ا ْل َج ْه ُد ثُ َّم أ َْر َ
َّ ِ
سلَ ِني فَقَا َل ِ َِّ َّ ِ
َخ َذني فَ َغطني الثالثَ َة َحتَّى َبلَ َغ م ِّني ا ْل َج ْه ُد ثُ َّم أ َْر َ
فَأ َ ِ
عياض
وسى بن َ عياض بن ُم َالحافظ أبى الفضل َ سِلم -لِ ِ
إل َمام َ
ِِ ِِ
الم ْعلم بفَ َوائد ُم ْ
كما ُل ُ
ِ
إ َ
يحيى إِسم ِ
اعيل -طبعة دار الوفاء للطباعة الي ْحص ِبى ت 144هـ ِ ْ -
تحقيق الدكتور ْ َ ْ َ َ َ
والنشر والتوزيع -ج .م .ع – المنصورة -الطبعة األولى 1419هـ 1990 -م 407 /1
1
-قال النووي :التحنث فسره بالتعبد وهو تفسير صحيح وأصل الحنث اإلثم فمعنى
يتحنث يتجنب الحنث فكأنه بعبادته يمنع نفسه من الحنث ومثل يتحنث يتحرج ويتأثم أي
ف أَي يتَِّبع الحنيفية و ِهي ِد ُ ِ ِ ِ
اء
يم َوا ْلفَ ُ
ين إ ْبَراه َ َ َ يجتنب الحرج واإلثم ،وقيل :ه َي ِب َم ْع َنى َيتَ َح َّن ُ ْ َ ُ
ير ِم ْن َك َال ِم ِه ْم
اء ِفي َك ِث ٍ
تُْب َد ُل ثَ ً
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج -المؤلف :أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف
النووي (المتوفى707 :هـ) -الناشر :دار إحياء التراث العربي – بيروت -الطبعة :الثانية،
1392ه ، 190 /2افتح الباري 23 /1
ي َك َما َجَزَم ِب ِه الطِّي ِب ُّي ،
الزْه ِر ِّ ،و ُه َو ِم ْن تَ ْف ِس ِ
ير ُّ ِ
ُّد َ :ه َذا ُم ْد َر ٌج في ا ْل َخ َب ِر َ
-قَ ْولُ ُه َو ُه َو التَّ َعب ُ
2
اإل ْدَار ِج .فتح الباري 23/ 1 ير َما َي ُد ُّل َعلَى ِْ س َع ْن ُه ِفي التَّ ْف ِس ِ ق ُيوُن َ وقد روي ِم ْن طَ ِري ِ
- 3أي جاءه الوحي بغتة فإنه صلى اهلل عليه وسلم لم يكن متوقعا للوحي .شرح
النووي 190 /2
ان .المصدر السابق ير ُ ِ ِ - 4هو َن ْق ِ
ب في ا ْل َج َبل َو َج ْم ُع ُه غ َ ٌ
ِ ق َكأ ََّن ُه أ ََر َ ِ ٍ ٍ
ي ِبتَاء ُمثََّناة م ْن فَ ْو ُ ِ
،وِفي ِرَو َاية الطَّ َب ِر ِّ ٍ ٍ ٍ
ِ -ب َغ ْي ٍن ُم ْع َج َمة َوطَاء ُم ْه َملَة َ
1
ض َّمني اد َ
ق .فتح اد َغ َّم ِني َو ِم ْن ُه ا ْل َخ ْن ُ س و ِم ْن ُه َغطَّ ُه ِفي ا ْلم ِ
اء أ َْو أََر َ َ النفَ ِ َ س َّ :ح ْب ُ
ط َ و َعصرِني ،وا ْل َغ ُّ
َ َ ََ
الباري 24/ 1
َي َبلَغَ ِم ِّني
الرْف ِع أ ْ ي ِب َّ
الض ِّم َو َّ سعي َوُر ِو َ
النص ِب أَي بلَغَ ا ْل َغطُّ ِم ِّني َغاي َة و ِ
َ ُ ْ ْ َ ي ِبا ْلفَتْ ِح َو َّ ْ ُ -ر ِو َ
7
ب ِع ْن َد فََز ِعط ِر ُ
ضَ ق تَ ْ يب َ :ج ْمعُ َب ِاد َرة َو ِهي اللَّ ْح َم ُة الَِّتي َب ْي َن ا ْل َم ْن ِك ِب َوا ْل ُع ُن َِه ِل اللُّ َغ ِة َوا ْل َغ ِر ِ
أْ
َ
ان ِفي ال َغضب.شرح النووي ،277/ 2النهاية سِ سبق ِم َن ِْ
اإل ْن َ
ِ ،و ِ ِ
الباد َرة م َن ال َكالم :الَّذي َي ْ َ
في غريب الحديث واالثر البن االثير 177 / 1
اب َولُفُّوِني طوِني ِبالثَِّي ِ ات م َكَّرر مَّرتَ ْي ِن وم ْع َنى َزِّملُوِني :أي أ َغ ُّ َ - 2ه َك َذا ُهو ِفي ِّ ِ
ََ الرَو َاي ُ ٌ َ َ
ِب َها .شرح النووي 277/2
3
-قال القاضي عياض :ليس بمعنى الشك فيما أتاه من اهلل ،لكنه عساه خشى أنه ال
يقوى على مقاومة هذا األمر ،وال يقدر على حمل أعباء الوحى فتزهق نفسه ،أو ينخلع قلبه
لشدة ما لقيه أوالً عند لقاء الملك .
وقد ذكر ابن حجر للخشية المذكورة اثني عشر سببا رجح منها السبب الثالث وما بعده
الر ْع ِب ت ِم ْن ِشد ِ
َّة ُّ ث:و هوا ْل َم ْو ُ اب الثَّالِ ُ
َسلَم َها ِم َن ِاال ْرِت َي ِ فقال َ :وأ َْولَى َه ِذ ِه ْاألَق َْو ِال ِب َّ ِ
الص َواب َوأ ْ ُ
ض ، ض َوقد جزم ِب ِه بن أَِبي َج ْم َرةَ ،والخامس :وهو َد َوام ا ْل َمَر ِ ان َب ْع َدهُ ،الرابع :ا ْل َم َر ُ َواللَّ َذ ِ
ُ
ق. ض َواللَّ ُه ا ْل ُم َوفِّ ُ اها فَ ُه َو ُم ْعتََر ٌ َو َما َع َد َ
إكمال المعلم ، 401 ،404 /1فتح الباري 24/ 1بتصرف
ِ ِ ِ ِ
ض ِّم ا ْل َياء َوِبا ْل َخاء ا ْل ُم ْع َج َمة ،كما في رواية يونس وعقيل َوا ْلخ ْز ُ يكِ :ب َ
4
ي َ -ال ُي ْخ ِز َ
ب فيما قُلتَه ِ ِ
نس َب إليك َكذ ٌ يثبتُ َك حتى ال ُي َ يفض ُحك و ال ُيهي ُنك ،ب ُل ّ ان ،أي :ال َ يح ُة َوا ْل َه َو ُ
ا ْلفَض َ
وال يسلَّط عليك شيطان بتخبطه الذى حذرتَه ،وفي رواية معمر قال :يحزنك ِبا ْلح ِ
اء َ َ َُ
يح ،أى يوقع ما تخافه من ِ ِ ِ ِ ِ
وز فَتْ ُح ا ْل َياء في أ ََّولِه َو َ الن ِ ِ
ا ْلم ْهملَة َو ُّ
صح ٌ ض ُّم َها َوك َال ُه َما َ ون َوَي ُج ُ ُ َ
ذلك.
إكمال المعلم ، 401 /1شرح النووي 271/ 2بتصرف
7333
ق ثُ َّم ين َعلَى َن َو ِائ ِب 2ا ْل َح ِّ ف َوتُِع ُ يث َوتَ ْح ِم ُل ا ْل َك َّل َوتَ ْق ِري الض ْ
َّي َ
1
ق ا ْل َح ِد َص ُد ُ
َوتَ ْ
ِ ا ْنطَلَقَ ْت ِب ِه َخ ِديج ُة حتَّى أَتَ ْت ِب ِه ورقَ َة ْب َن َنوَف ِل ْب ِن أ ِ
ص ٍّي َسد ْب ِن َع ْبد ا ْل ُع َّزى ْب ِن قُ َ َ ْ ََ َ َ
اهلِي ِصر ِفي ا ْلج ِ ِ
ب ان َي ْكتُ ُ َّة َو َك َ َ ام َأرً تََن َّ َ
ان ْ يها َو َك َيج َة أَ ُخو أَِب ََو ُه َو ْاب ُن َع ِّم َخد َ
ش ْي ًخاان َ ب َو َك َ
3
َن َي ْكتُ َاء اللَّ ُه أ ْ
ش َ يل َما َ َّة ِم ْن ِْ
اإل ْن ِج ِ ا ْل ِكتَاب ا ْلعرِب َّي فَي ْكتُب ِبا ْلعرِبي ِ
َ ُ ََ َ ََ
يك فَقَا َل َخ َ ير قَ ْد ع ِمي فَقَالَ ْت لَ ُه َخ ِديج ُة :أَي ْاب َن ع ِّم اسمع ِم ْن ْاب ِن أ ِ َك ِب ًا
َ َْ ْ ْ َ َ َ
سلَّ َم َما َأرَى فَقَ َ ِ ِ
ال صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ الن ِب ُّي ََخ َبرهُ َّ
َو َرقَ ُة ْ :اب َن أَخي َما َذا تََرى فَأ ْ َ
ِ ِ النام ِ 4
وس الَّذي أُْن ِز َل َعلَى ُم َ َو َرقَ ُة َه َذا َّ ُ ُ
1
ون َحيًّا يها َج َذ ًعا أَ ُك ُ وسى َيا لَ ْيتَني ف َ
ب ِسِّر َّ
الشِّر ِ
صاح ُ وس َ اس ُ
اح ِ
ب سِّر ا ْل َخ ْي ِر َ ،وا ْل َج ُص ُ
ِ ِ
وس في اللُّ َغة َ
ِ
ام ُ َّ ِ ِ ِ
َو َغ ِريب ا ْل َحديث :الن ُ
ِِ الن ِ ِ ِ ِ السَّر ِبفَتْ ِح ُّ
الر ُج َل
ت َّسُ
ي َكتَ ْمتُ ُه َوَن َم ْ
سا أَ ْ س ُه ِب َك ْ
س ِر ا ْلميم َن ْم ً ون َوا ْلميم أَ ْنم ُ ت ِّسُ
َوُيقَا ُل َن َم ْ
7333
سلَّ َم :أ ََو ُم ْخ ِر ِج َّي ُه ْم ِ ِ ِح َ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ سو ُل اللَّه َ ال َر ُ ين ُي ْخ ِر ُج َك قَ ْو ُم َك فَقَ َ
ي َوِا ْن ُي ْد ِرْك ِني َي ْو ُم َك ود َت ِب ِه إَِّال ُع ِ
ْت َر ُج ٌل قَطُّ ِب ِم ْث ِل َما ِج ْئ َ ال ورقَ ُة َ :نعم لَم يأ ِ
َْ ْ َ ؟فَقَ َ َ َ
َن تُُوفِّ َي َوفَتََر ا ْل َو ْح ُي فَتَْرةً َحتَّى َح ِز َن ش ْب َو َرقَ ُة أ ْ ص ًار ُم َؤَّزًار ثُ َّم لَ ْم َي ْن َص ْر َك َن ْ أَ ْن ُ
ار َك ْي َيتََردَّى ِم ْن يما َبلَ َغ َنا ُح ْزًنا َغ َدا ِم ْن ُه ِم َرًا الن ِب ُّي صلَّى اللَّ ُه علَ ْي ِه و َّ ِ
سل َم ف َ َ َ َ َ َّ
ِ ِ ِ ِ شو ِ
س ُه تََبدَّى لَ ُه ال فَ ُكلَّ َما أ َْوفَى ِبذ ْرَوِة َج َب ٍل ل َك ْي ُي ْلق َي م ْن ُه َن ْف َ ق ا ْل ِج َب ِ
اه ِ وس َ َ ُرُء ِ
ال يا مح َّم ُد إِ َّن َك رسو ُل اللَّ ِه حقًّا فَيس ُك ُن ِل َذلِ َك جأْ ُ ِ 2
س ُهش ُه َوتَق ُّر َن ْف ُ َ َ َْ َ ُ ِج ْب ِري ُل فَقَ َ َ ُ َ
فَ َي ْر ِجعُ فَِإ َذا طَالَ ْت َعلَ ْي ِه فَتْ َرةُ ا ْل َو ْح ِي َغ َدا لِ ِم ْث ِل َذلِ َك فَِإ َذا أ َْوفَى ِب ِذ ْرَوِة َج َب ٍل تََبدَّى
ال لَ ُه ِمثْ َل َذلِ َك .3 لَ ُه ِج ْب ِري ُل فَقَ َ
2
همزة أَي قلبه .فتح الباري . 97 /1
-قَ ْوله جأشه :بس ُكون ا ْل َ
3
-أخرجه بلفظه :
7333
-1عبد الرزاق في مصنفه كتاب المغازي -باب ما جاء في حفر زمزم ،وقد دخل في
الحج أول ماذكر من عبد المطلب 321/1ح ( )9010ومن طريقه أخرجه كل من :
– 2البخاري في صحيحه كتاب التعبير – باب أول مابديء به رسول اهلل صلي اهلل عليه
وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة 29/9ح . 7902
-3وأحمد في مسنده 114 /43ح . 21919
-4واسحاق بن راهويه في مسنده باب ما يروي عن عروة بن الزبير عن خالته عائشة 2
314 /ح . 047
-1وابن حبان كتاب الوحي -باب كيف بدء الوحي 217 /1ح . 33
-7وابن منده في كتاب اإليمان – باب ذكر وجوب اإليمان بما أتي به المصطفي عليه
الصالة والسالم 709 /2ح . 701
وأخرجه بدون هذه الزيادة :
-1أخرجه البخاري في صحيحه كتاب بدء الوحي – باب كيف كان بدء الوحي إلي
رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم 0 / 1ح 3
وكذا كتاب التفسير -باب ما ودعك ربك وما قلي 103 / 7ح . 4913
-2ومسلم في صحيحه كتاب اإليمان – باب بدء الوحي إلي رسول اهلل صلي اهلل
عليه وسلم 139/ 1ح . 177
-3والحاكم في المستدرك 272 /3ح 4043
قال الحاكم :هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه .وسكت عنه
الذهبي .
7333
ش ْع َب ُة َع ْن َع ْم ِرو ْب ِن ِدي َن ٍ
ار َخ َب َرَنا ُاسِم ا ْل ِك َن ِان ُّي .أ ْ
اشم ْب ُن ا ْلقَ ِ ِ
َخ َب َرَنا َه ُ أْ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْي ِه َع ْن ُع َب ْيد ْب ِن ُع َم ْي ٍر قال :أول سورة أنزلت على النبي َ
ِ
1
اسِم َرِّب َك»ْر ِب ْ سلَّ َم« .اق َأْ َو َ
ِ ِ ِ ِ
وسى ، يم ْب ُن ُم َح َّمد ْب ِن أَِبي ُم َ الَ :ح َّدثَني إ ْب َراه ُ َخ َب َرَنا ُم َح َّم ُد ْب ُن ُع َم َر قَ َأْ
،ع ِن ْاب ِن َعب ٍ ان ْب ِن َ ٍ ،ع ْن أَِبي َغ َ
ط ِريف َ ص ْي ِن َ َع ْن َد ُاوَد ْب ِن ا ْل ُح َ
2
َّاس طفَ َ
سلَّ َم -لَ َّما َن َز َل ِ ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ سو َل اللَّه َ - َن َر ُ رضي اهلل عنهما أ َّ
يدا َحتَّى ش ِد ًيل .فَ َح ِز َن ُح ْزًنا َ َّاما ال َي َرى ِج ْب ِر َ ث أَي ً اء َم َك َ علَ ْي ِه ا ْلو ْحي ِب ِحر ٍ
َ ُ َ َ
س ُه ِم ْن ُه. يد أ ْ ِ
َن ُي ْلق َي َن ْف َ اء َم َّرةً ُي ِر ُير م َّرةً وِالَى ِحر ٍ
َ ان َي ْغ ُدو إِلَى ثَِب ٍ َ َ
3
َك َ
ض ِت ْل َك ام ًدا لِ َب ْع ِفَب ْي َنا رسو ُل اللَّ ِه -صلَّى اللَّ ُه علَ ْي ِه وسلَّم َ -ك َذلِ َك ع ِ
َ َ َ ََ َ َ َ ُ
صلَّى ِ ِ ِ ِ
سو ُل اللَّه َ - ف َر ُ الس َماء .فَ َوقَ َ ص ْوتًا م َن َّ سم َع َ َن َ ال إِلَى أ ْ ا ْل ِج َب ِ
سلَّ َم - ِ
اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
اء َواأل َْر ِ السم ِ ِ لص ْو ِت ثُ َّم رفَ َع أر َ ِ ِ ص ِعقًا لِ َّ
ض ُمتََرِّب ًعا ْس ُه فَإ َذا ج ْب ِري ُل َعلَى ُك ْرس ٍّي َب ْي َن َّ َ َ َ َ
سو ُل ف َر ُ ص َر َ ال :فَا ْن َسو ُل اللَّ ِه َحقًّا َوأََنا ِج ْب ِري ُل .قَ َ ت َر ُ َعلَ ْي ِه َيقُو ُلَ :يا ُم َح َّم ُد أَ ْن َ
سلَّ َم - ِ ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ اللَّه َ -
1
( -العلق . )1:
2
-ينظر ترجمته في :الطبقات الكبري البن سعد ، 371 / 2أسد الغابة البن األ ثير / 3
، 297سير أعالم النبالء للذهبي ، 331 / 3اإلصابة في تميز الصحابة البن حجر / 2
. 337
اء في ديار ُم َزْينة ،أقطعه النبي صلى وف ِع ْن َد م َّكةَ .و ُهو اسم م ٍ
الجبل ا ْل َم ْع ُر ُ - 3ثَِب َ
َ َ ُْ َ َ يرُ :ه َو َ
بمكةَ ،إِّن َما ُه َو
وغيرهَّ :
ِ ضمرة ،وقال الزبيدي :قو ُل اب ِن األ َِث ِ
ير شريس ْب َن ْ َ اهلل عليه وسلم
تَ َج ُّوٌز ،أَي بقُْرِبها ،وهو علي يمين الذاهب إلي عرفة كما قال النووي .النهاية البن األثير
الرزاق
محمد بن عبد ّ محمد بن ّ ، 270/1تاج العروس من جواهر القاموس -المؤلفّ :
الحسيني ،أبو الفيض ،الملقّب بمرتضىَّ ،
الزبيدي (المتوفى1271 :هـ) -المحقق :مجموعة
من المحققين -الناشر :دار الهداية 379 / 1بتصرف .
7333
1
ش ُه .ثُ َّم تَتَ َاب َع ا ْل َو ْح ُي َب ْع ُد َو َح ِم َي.
َوقَ ْد أَقََّر اللَّ ُه َع ْي َن ُه َو َرَبطَ َجأْ َ
-3رواية الطبري قال :
الَ :ح َّدثَِني قَ َ اق،
س َح َ ِ
َح َّدثََنا ابن حميد ،قالَ :ح َّدثََنا سلمة ،عن ُم َح َّمد ْب ِن إِ ْ
ُّ
الزَب ْي ِرَ ،و ُه َو ت َع ْب َد اللَّ ِه ْب َن س ِم ْع ُ
الَ : الزَب ْي ِر ،قَ َ آل ُّ ان م ْولَى ِ
س َ َ ب ْب ُن َك ْي َ َو ْه ُ
ان َب ْد ُء َما َك َ فادةَ اللَّ ْي ِث ِّيَ :ح ِّدثْ َنا َيا ُع َب ْي ُد َك ْي َ َيقُو ُل لِ ُع َب ْي ِد ْب ِن ُع َم ْي ِر ْب ِن قَتَ َ
سلَّ َم من النبوة حين جاء جبريل ِ ِ ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ سو ُل اهلل َ ْابتُدئَ ِبه َر ُ
الزَب ْي ِر َو َم ْن ِّث َع ْب َد اللَّ ِه ْب َن ُّ اضٌر ُي َحد ُ ال عب ْي ٌد -وأََنا ح ِ
َ َ عليه السالم ؟ فَقَ َ ُ َ
سلَّ َم يجاور في حراء ِ ِع ْن َدهُ ِم َن َّ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ ان رسول اهلل َ اسَ :ك َ الن ِ
اهِلي ِش ِفي ا ْلج ِ ث ِب ِه قَُرْي ٌ ان َذلِ َك ِم َّما تَ َح َّن َ س َن ٍة َ
َّة- َ ش ْه ًراَ ،و َك َ من ُك ِّل َ
ق لَيرقَى ِفي ِحر ٍ ال أَبو َ ِ
از ٌل.فكان رسول اء َوَن ِ َ :و َار ٍ َ ْ طال ٍب َ ث :التََّب ُّرُرَ -وقَ َ ُ َوالتَّ َح ُّن ُ
س َن ٍةُ ،ي ْط ِع ُم من ِ
الش ْه َر م ْن ُك ِّل َ اوُر َذلِ َك َّ سلَّم ُي َج ِ ِ اهلل َ َّ َّ
صلى الل ُه َعلَ ْيه َو َ َ
ِ
سلَّ َم ِج َو َارهُ صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ جاءه من المساكين ،فإذا قضى رسول اهلل َ
ارِه -ا ْل َك ْع َب َة قَ ْب َل ف ِم ْن ِج َو ِ ص َر َ ِ
ان أ ََّو ُل َما َي ْب َدأُ ِبه -إِ َذا ا ْن َ ش ْه ِرِه َذلِ َكَ ،ك َ ِم ْن َ
اء اللَّ ُه ِم ْن َذِل َك ،ثُ َّم َي ْر ِجعُ إِلَى ش َ س ْب ًعا ،أ َْو َما َ وف ِب َها َ َن َي ْد ُخ َل َب ْيتَ ُه ،فَ َيطُ ُ أْ
ام ِت ِه،اد م ْن َك َر َ
يه ما أَر َ ِ ِ ِ
اد الل ُه َع َّز َو َج َّل ف َ َ
الش ْهر الَِّذي أَر َ َّ
َ ان َّ ُ َب ْي ِت ِهَ ،حتَّى إِ َذا َك َ
صلَّى سو ُل اهلل َ انَ ،خ َر َج َر ُ ض َ ش ْه ِر َرَم َ يهاَ ،وَذلِ َك ِفي َ ِ ِم َن َّ ِ ِ
الس َنة الَّتي َب َعثَ ُه ف َ
َهلُ ُهَ ،حتَّى إِ َذا ارِهَ -م َع ُه أ ْ ان َي ْخ ُر ُج لِ ِج َو ِ اءَ -ك َما َك َ اللَّ ُه علَ ْي ِه وسلَّم إِلَى ِحر ٍ
َ َ َ ََ
اءهُ جبريل اد ِب َهاَ ،ج َ سالَ ِت ِه َوُر ِح َم ا ْل ِع َب ُ يها ِب ِر َ
ِ ِ
َكا َنت اللَّْيلَ ُة الَّتي أَ ْك َرَم ُه اللَّ ُه ف َ
ِ
اء ِني َوأََنا َن ِائ ٌم ِب َن َم ٍط سلَّ َم ،فَ َج َ
ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ بأمر اهلل [فقال رسول اهلل َ
ت أَنَّ ُه ْرُ؟ فَ َغتَِّنيَ ،حتَّى َ
ظ َن ْن ُ تَ :ما أَق َأ ْرْ ،فَ ُق ْل ُ ال:اق َأاب ،فَقَ َ ِم ْن ِديب ٍ ِ ِ ِ
اج ،فيه كتَ ٌ َ
ِ ِ ِ
ْرُ؟ َو َما أَقُو ُل َذل َك إِال افْت َد ً
اء تَ :ما َذا أَق َأ ْرْ ،فَ ُق ْل ُال :اق َأ سلَني فَقَ َ ت ،ثُ َّم ْأر َ ا ْل َم ْو ُ
ق» إِلَى اسِم َرِّب َك الَِّذي َخلَ َ ْر ِب ْ ال« :اق َأْ ص َن َع ِبي ،قَ َ ِ
ود إِلَ َّي ِبم ْث ِل َما َ َن َي ُع َِم ْن ُه أ ْ
1
-أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبري .114 / 1
7333
ال :ثُ َّم ا ْنتَ َهى ،ثُ َّمقَ َ ال :فَقَ َأرْتُ ُه، سان َما لَ ْم َي ْعلَ ْم» ،قَ َ اإل ْن َ قَ ْولِ ِهَ « :علَّم ِْ
َ
ِكتَ ًابا] . ب ِفي َق ْل ِبي ِ
ت م ْن َن ْو ِميَ ،و َكأ ََّن َما ُكت َ
ف ع ِّني و َهب ْب ُ ِ
ص َر َ َ َ َ ا ْن َ
ش ِ ض إِلَ َّي ِم ْن َ ال :ولَم ي ُك ْن ِم ْن َخ ْل ِ ِ
ت ال ونُ ،ك ْن ُاع ٍر أ َْو َم ْج ُن ٍ َح ٌد أ َْب َغ َ ق اللَّه أ َ [قَ َ َ ْ َ
ش ِ ِ أِ
ون، اعٌر أ َْو َم ْج ُن ٌ س ُه -لَ َ ت إِ َّن األ َْب َع َدَ -ي ْعني َن ْف َ الُ :ق ْل ُ َن أَ ْنظُ َر إِلَ ْي ِه َما ،قَ َ يق أ ُْط ُ
ط َر َح َّن َن ْف ِسي ق ِم َن ا ْل َج َب ِل فَألَ ْ َع َم َد َّن إِلَى َحالِ ٍ ش أ ََب ًدا! أل ْ ِّث ِب َها َع ِّني قَُرْي ٌ ال تُ َحد ُ
س ٍط ِم َن يد َذلِ َك ،حتَّى إِ َذا ُك ْن ُ ِ
ت في َو َ َ ت أ ُِر ُ ال ،فَ َخ َر ْج ُ يح َّن قَ َ َستَ ِر َم ْن ُه فَألَقْتُلَ َّن َها فَأل ْ
ِ
سو ُل اللَّ ِهَ ،وأََنا ِج ْب ِري ُل، ت َر ُ اء َيقُو ُلَ :يا ُم َح َّم ُد ،أَ ْن َ السم ِ ِ
ص ْوتًا م َن َّ َ ت َ س ِم ْع ُ
ا ْل َج َب ِلَ ،
ال:قَ َ
قاف قَ َد َم ْي ِه ِفي أُفُ ِ ص ٍّ ورِة َر ُج ٍل َ ص َ
ِ
فرفعت راسى الى السماء ،فإذا جبرئيل في ُ
ت أَ ْنظُُر إِلَ ْي ِه،ال :فَ َوقَ ْف ُ سو ُل اللَّ ِه وانا جبرئيل قَ َ ت َر ُ اءَ ،يقُو ُلَ :يا ُم َح َّم ُد ،أَْن َ السم ِ
َّ َ
ف َو ْج ِهي َع ْن ُه ِفي َص ِر ُ
تأ ْ َخ ُرَ ،و َج َع ْل ُ ت ،فَما أَتَقَدَّم َوما أَتَأ َّ
ُ َ
وَ ِ ِ
ش َغلَني َذل َك َع َّما أ ََرْد ُ َ َ
َّم احي ٍة ِم ْنها إِال أر َْيتُ ُه َك َذلِ َك ،فَما ِزْل ُ ِ ِ ِ ق َّ ِ آفَا ِ
ت َواقفًا َما أَتَقَد ُ َ َ َ الس َماء فَال أَ ْنظُُر في َن َ
سلَ َها ِفي طَلَ ِبيَ ،حتَّى َبلَ ُغوا َم َّك َة يج ُة ُر ُ
ِ ِ
َماميَ ،وال أ َْر ِجعُ َو َرائيَ ،حتَّى َب َعثَ ْت َخد َ
أ ِ
َ
َهِلي، اج ًعا إِلَى أ ْْت ر ِ
ص َرف ُ َ ف َع ِّني َوا ْن َ ص َر َ ِ
ف في َم َكاني ثُ َّم ا ْن َ
ورجعوا إِلَ ْيها وأََنا و ِاق ٌ ِ
َ َ َ َََُ
ضيفًا فَقَالَ ْت: ت إِلَى فَ ِخ ِذ َها م ِ سُ حتَّى أَتَ ْي ُ ِ
ُ يج َة ،فَ َجلَ ْ ت َخد َ َ
طلَ ِب َكَ ،حتَّى َبلَ ُغوا َم َّك َة سلِي ِفي َ ت ُر ُ اسِم ،أ َْي َن كنت؟ فو اهلل لَقَ ْد َب َعثْ ُ يا أَبا ا ْلقَ ِ
َ َ
ون ،فَقَالَ ْت: اعٌر أ َْو َم ْج ُن ٌ ش ِ ت لَ َها :إِ َّن األ َْب َع َد لَ َ الُ :ق ْل ُ َو َر َج ُعوا إِلَ َّي قَ َ
ص َن َع َذلِ َك ِب َك َم َع َما ِ
ان اللَّ ُه ل َي ْ اسِم! َما َك َ ُعي ُذ َك ِباللَّ ِه ِم ْن َذلِ َك يا أَبا ا ْلقَ ِ
َ َ
أِ
صلَ ِة يث َك ،و ِعظَِم أَما َن ِت َك ،وحس ِن ُخلُ ِق َك ،و ِ
َ َُ ْ َ َ
ق ح ِد ِ ِ ِ
َعلَ ُم م ْن َك م ْن ص ْد ِ َ
أْ ِ
ت لَ َهاَ :ن َع ْم ثُ َّم ال :فَ ُق ْل ُ ش ْي ًئا؟ قَ َ ت َ اك يا بن َع ٍّم! لَ َعلَّ َك َأر َْي َ َر ِح ِم َك! َو َما َذ َ
س ِ َح َّدثْتُ َها ِبالَِّذي َأر َْي ُ
ت ،فَقَالَ ْت :أ َْبش ْر يا بن عم واثبت ]،فو الذى َن ْف ُ
ام ْت فَ َج َم َع ْت ون َن ِب َّي َه ِذ ِه األ َّ ِ يج َة ِب َي ِد ِه إِِّني أل َْر ُجو أ ْ ِ
ُمة ،ثُ َّم قَ َ َن تَ ُك َ َخد َ
َس ٍدَ -و ُه َو ْاب ُن َع ِّم َها، َعلَ ْي َها ث َي َاب َها ،ثُ َّم ا ْنطَلَقَ ْت إِلَى َو َرقَ َة ْب ِن َن ْوَف ِل ْب ِن أ َ
ِ
7333
يل- اإل ْن ِج ِ اة َو ِ َه ِل التَّور ِ س ِم َع ِم ْن أ ْ
َْ بَ ،و َص َر َوقَ َأرَ ا ْل ُكتُ َ ان َو َرقَ ُة قَ ْد تََن َّ َو َك َ
ال َو َرقَ ُة: س ِم َع ،فَقَ َ سو ُل اهلل ص أَنَّ ُه َأرَى َو َ
ِ
َخ َب َرَها ِبه َر ُ َخ َب َرتْ ُه ِب َما أ ْ
فَأ ْ
ِ ِِ ِ ِِ ِ ِ
يج ُة، ص َدقْتني َيا َخد َ س َو َرقَ َة ِب َيده ،لَئ ْن ُك ْنت َ ُّوس! َوالَّذي َن ْف ُ ُّوس ،قُد ٌ قُد ٌ
ان َيأ ِْتي وس األَ ْك َب ُرَ -ي ْع ِني بالناموس جبرئيل ع الَِّذي َك َ ام ُ لَقَ ْد َج َ َّ
اءهُ الن ُ
ِ موسى -وِا َّن ُه لَ َن ِب ُّي َه ِذ ِه األ َّ ِ
يج ُة إِلَى ُمة ،فَقُولِي لَ ُه َف ْل َيثْ ُب ْت فََر َج َع ْت َخد َ َ ُ َ
ض َما ُه َو س َّه َل َذلِ َك َعلَ ْي ِه َب ْع َ َخ َب َرتْ ُه ِبقَ ْو ِل َو َرقَ َة ،فَ َ رسول اهلل ص ،فَأ ْ
ص َن َع َك َما ف َ ص َر َ ضى رسول اهلل ص ِج َو َارهَُ ،وا ْن َ يه ِم َن ا ْل َه ِّمَ ،فلَ َّما قَ َ ِف ِ
اف ِب َها َفلَ ِق َي ُه َو َرقَ ُة ْب ُن َن ْوَف ٍل ،وهو يطوف ص َنعَُ ،وَب َدأَ ِبا ْل َك ْع َب ِة فَطَ َ ان َي َْك َ
َخ َب َرهُ رسول ت ،فَأ ْ س ِم ْع َ
ت أ َْو َ َخ ِب ْرِني ِب َما َأر َْي َ
َخي ،أ ْ بالبيت ،فقال :يا بن أ ِ
ُم ِةَ ،ولَقَ ْد ال لَ ُه َو َرقَ ُةَ :والَِّذي َن ْف ِسي ِب َي ِد ِه ،إِ َّن َك لَ َن ِب ُّي َه ِذ ِه األ َّ اهلل ص ،فَقَ َ
وسىَ ،ولَتُ َك ِّذ ُب َّن ُه َولَتُ ْؤِذ َي َّن ُه، ِ
اء إِلَى ُم َ وس األَ ْك َب ُر الَّذي َج َ ام ُ َّ
اء َك الن ُ َج َ
ولَتُ ْخ ِرجنَّ ُه ،ولَتُقَ ِاتلُنَّ ُه ،ولَ ِئ ْن أََنا أَ ْدرْك ُ ِ
ص ًار َي ْعلَ ُم ُه ثُ َّم ص َر َّن اللَّ َه َن ْ ت َذل َك ألَ ْن ُ َ َ ُ َ َ
وخ ُه ،ثم انصرف رسول اهلل ص ،إِلَى َم ْن ِزلِ ِه. َّل َيافُ َْس ُه فَقَب َ أ َْد َنى َأر َ
1
يه ِم َن ا ْل َه ِّم. ان ِف ِ ض َما َك َ ف َع ْن ُه َب ْع َ ادهُ َذلِ َك ِم ْن قَ ْو ِل َو َرقَ َة ثََباتًاَ ،و َخفَّ َ َوقَ ْد َز َ
-كما استدلوا علي محاولة النبي صلي اهلل عليه وسلم االنتحار بعد
فتور الوحي بأن القرآن الكريم آنسه في ذلك فنزلت سورة الضحي
1
-أخرجه الطبري في تاريخه – باب ذكر الخبرعما كان من أمر نبي اهلل عند ابتداء اهلل
. تعالي ذكره إياه بإكرامه بإرسال جبريل عليه السالم إليه بوحيه 299 ،290 / 2
2
( -الضحي .) 3،2،1:
7337
صلي اهلل عليه وسلم حاول اإلنتحار م ار ار وتك ار ار وذلك بأن يلقي بنفسه من
شواهق الجبال كما يزعمون بعد أن فتر الوحي .
7333
المبحث الثاني
الرد علي الشبهة
أوال :بالنسبة لرواية اإلمام البخاري :
طعن البعض في رواية أم المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها بالكلية وقالوا بأن
الحديث باطل من حيث المتن والسند ألنه مرسل وال يعرف عمن أرسلته ، 1وقد
سبق الحديث عن ذلك .
ونجيب علي ذلك فنقول :
بأن الحديث الذي طعنوا فيه (بدون الزيادة) حديث صحيح سندا ومتنا ،بل إنه
في أعلي درجات الصحة فقد اتفقا البخاري ومسلم علي إخراجه في صحيحيهما
كما أخرجه غيرهم من أئمة الحديث في مصنفاتهم كما سبق ذكره عند تخريج
الحديث ،وال يضعف الحديث كونه مرسال حيث إن أم المؤمنين عائشة لم
تدرك القصة لألسباب التالية :
- 1تعد روايتها رضي اهلل عنها من مراسيل الصحابة ، 2وحكمها كما قال
س َن ِدِ ،أل َّ
َن ِرَو َايتَ ُه ْم َع ِن ص ِ
ول ا ْل ُم ْ
ِ ِ 3
ابن الصالح وغيره :أنها في ُح ْكم ا ْل َم ْو ُ
1
-ينظ ارلدفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين لصالح الورداني ، 240 -241
والنص واالجتهاد ص ، 302الصحيح من سيرة النبي األعظم 10 -14 / 3
سلَّ َم -أ َْو َن ْح ِوِه ِم َّما ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
ِ
سو ُل اللَّه َ -
ارِه ،ع ْن َ ٍ
ش ْيء فَ َعلَ ُه َر ُ إخ َب ِ َ -معناها ْ :
2
1
-أخرجه البخاري في صحيحه كتاب بدء الوحي – باب كيف كان بدء الوحي إلي رسول
اهلل صلى اهلل عليه وسلم 0/1ح 4وكذا كتاب التفسير باب وثيابك فطهر 172 / 7ح1
،492و باب والرجز فاهجر 173 / 7ح ، 4927وباب ما ودعك ربك وماقلي 103 /7
ح . 4913
ومسلم في صحيحه كتاب اإليمان -باب بدء ا الوحي إلي رسول اهلل صلى اهلل عليه
وسلم 143/1ح . 171
والترمذي في سننه أبواب تفسير القرآن -باب ومن سورة المدثر 420 / 1ح
. 3321
وأحمد في مسنده 379 ،370 /22ح ، 14403وكذا 207 / 23ح 202 ، 11733
ح 11731
2
-هو :محمد ابن مسلم ابن عبيد اهلل ابن عبد اهلل ابن شهاب ابن عبد اهلل ابن الحارث
ابن زهرة ابن كالب القرشي الزهري [وكنيته] أبو بكر الفقيه الحافظ متفق على جاللته
واتقانه [وثبته] وهو من رؤوس الطبقة الرابعة مات سنة خمس وعشرين وقيل قبل ذلك
بسنة أو سنتين .تقريب التهذيب البن حجر 177/1ت . 7209
3
-هو :معمر ابن راشد األزدي موالهم أبو عروة البصري نزيل اليمن ثقة ثبت فاضل
إال أن في روايته عن ثابت واألعمش [وعاصم بن أبي النجود] وهشام ابن عروة شيئا وكذا
7333
ويونس ،2وقد تفرد بهذه الزيادة معمر وحده دون وعقيل، 1
بقية الرواة كما عند البخاري ،وكما قال الحافظ ابن حجر: 3
يما َبلَ َغ َنا الن ِب ُّي صلَّى اللَّ ُه علَ ْي ِه و َّ ِ قَ ْولُ ُه ُه َنا :فَتْرةً َحتَّى َح ِز َن َّ
سل َم ف َ َ َ َ َ َ
اد ِة معم ٍر علَى ِرواي ِة عقَ ْي ٍل ويوُنس و ِ ِ
صنيعُ َُ َ َ َ ََ ُ َه َذا َو َما َب ْع َدهُ م ْن ِزَي َ َ ْ َ َ
اخ ٌل ِفي ِرَو َاي ِة ُعقَ ْي ٍل َوقَ ْد َج َرى َعلَى َذلِ َك ف يو ِهم أ ََّن ُه َد ِ
ا ْل ُم َؤل ُ ُ
ِّ ِ
يث إِلَى قَ ْولِ ِه َوفَتََر ا ْل َو ْح ُي .ثُ َّم اق ا ْل َح ِد َ س َ ِِ
ي في َج ْمعه فَ َ
ا ْلحم ْي ِد ُّ ِ 4
َُ
ث َذ َك ْرَنااب إِلَى َح ْي ُ ال :ا ْنتَ َهى َح ِديث عقيل ا ْلم ْفرد َعن ابن ِش َه ٍ قَ َ
ُ
ي فَقَا َل: يث ِه ا ْل ُم ْقتَ ِر ِن ِب َم ْع َم ٍر َع ِن ُّ
الزْه ِر ِّ ي ِفي ح ِد ِ
َ اد َع ْن ُه ا ْل ُب َخ ِ
ار ُّ ،و َز َ
َ
َن،والَِّذي ِع ْن ِدي أ َّ ِ
ساقَ ُه إِلَى آخ ِرِه َ َوفَتََر ا ْل َو ْح ُي فَتْ َرةً َحتَّى َح ِز َن فَ َ
يق ُعقَ ْي ٍل أ َُبو ُن َع ْيٍم
َخ َر َج طَ ِر َ اص ٌة ِب ِرَو َاي ِة َم ْع َم ٍر فَقَ ْد أ ْ
ادةَ َخ َّ الزَي ََه ِذ ِه ِّ
فيما حدث به بالبصرة من كبار السابعة مات سنة أربع وخمسين وهو ابن ثمان وخمسين
سنة .المصدر السابق 141 / 1ت 7073
1
-هو :عقيل بالضم ابن خالد ابن عقيل بالفتح األيلي بفتح الهمزة بعدها تحتانية ساكنة
ثم الم أبو خالد األموي موالهم ثقة ثبت سكن المدينة ثم الشام ثم مصر من السادسة مات
سنة أربع وأربعين على الصحيح.
المصدر السابق 397/1ت 4711
2
-هو :يونس ابن يزيد ابن أبي النجاد األيلي بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها الم
أبو يزيد مولى آل أبي سفيان ثقة إال أن في روايته عن الزهري وهما قليال وفي غير الزهري
خطأ من كبار السابعة مات سنة تسع وخمسين على الصحيح وقيل سنة ستين .المصدر
السابق 714/1ت 0912
3
-فتح الباري 319/ 12
4
-بحثت عن الرواية في مسند أم المؤمنين عائشة ،وكذا مسند جابر بن عبد اهلل فلم
أقف عليها .
7333
ي َع ْن َي ْح َيى ْب ِن ُب َك ْي ٍر ق أَِبي ُزْر َع َة َّ
الر ِ
از ِّ ستَ ْخ َر ِج ِه ِ 1م ْن طَ ِري ِ في ُم ْ
ِ
َخ َر َج ُه َم ْق ُروًنا ُه َنا اب ِب ُدوِن َها َ
،وأ ْ يه ِفي أ ََّو ِل ا ْل ِكتَ ِ ي ِف ِ ش ْي ِخ ا ْل ُب َخ ِ
ار ِّ َ
اع ِ
اإلسم ِ ِ َن اللَّ ْف َ ِ ِب ِرَو َاي ِة َم ْع َم ٍر َوَبي َ
َن
يل ُّي أ َّ ص َّر َح ِْ ْ َ ظ ل َم ْع َم ٍر َو َك َذل َك َ َّن أ َّ
اعيلِ ُّي اإلسم ِ
،و ِْ ْ َ
سل ٌم َ
َحم ُد ،وم ِ
َخ َر َج ُه أ ْ َ َ ُ ْ
ِ
ادةَ في ِرَو َاية َم ْع َم ٍر َ
،وأ ْ الزي َ ِ
ِّ َ
اب اللَّ ْي ِث َع ِن َص َح ِ ِ
ق َج ْم ٍع م ْن أ ْ ط ِري ِ ضا ِم ْن َ َو َغ ْي ُرُه ْم َوأ َُبو ُن َع ْيٍم أ َْي ً
2
1
-المسند المستخرج علي صحيح مسلم كتاب اإليمان -باب ذكر أول ما بديء به
رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم من الوحي 221 / 1ح 470
2
-المصدر السابق .
3
-مستخرج أبي عوانة كتاب اإليمان -باب بيان صفة مبعث النبي صلي اهلل عليه
وسلم 172/1ح 320من طريق يونس بن عبد األعلي قال :أنبأ ابن وهب قال :أخبرني
يونس بن يزيد ...............به .
4
-كتاب اإليمان باب ذكر وجوب اإليمان بما أتي به المصطفي عليه الصالة والسالم 2
709 /ح 701
7333
لذلك جأشه و تقر نفسه فيرجع ،فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل
ذلك ،فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل ،فيقول له مثل ذلك ) التي
استدل بها هؤالء المشككون لم تثبت عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
ال قوال وال فعال ،فهى ال تصح سنداً وال متناً.
والدليل علي عدم صحتها من حيث السند ما يلي :
فيها أن النبي والتي ورد الحديث الزيادة المذكورة في أوال :
صلى اهلل عليه ـ كان يتردَّى من رؤوس شواهق الجبال جاءت في رواية معمر
وغيره عن الزهري ،والزهري ـ كما هو معلوم عند علماء الحديث ـ تابعي لم
ُيعاصر النبي ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ أو يراه أو يسمع منه ،فالواسطة بينه
وبين النبي ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ مجهولة ،ولم يذكر الزهري َمن أبلغه بهذه
القصة ،فتكون هذه الزيادة -التي فيها محاولة االنتحار -مرسلة ،والحديث
المرسل من أقسام الحديث الضعيف الذي لم يثبت كما سبق بيانه ،ولذلك هذه
الرواية تسمى من :بالغات الزهري ،والدليل علي ذلك قوله" :حزن النبى صلى
()1
،لكن اهلل عليه وسلم ،فيما بلغنا…" فالقائل "فيما بلغنا" هو اإلمام الزهرى
من أبلغه بذلك مجهول ،وال ُيعرف هل هو عدل أم ال؟ ،وهل هو ضابط للحفظ
أم ال ؟ ،والعدالة والضبط من شروط صحة الحديث عند علماء الحديث،واإلمام
الزهري مع كونه متفق علي إمامته وحفظه واتقانه ،لكن ال يقبل منه ما رواه
من غير سند ،ومن ثم فحكم هذه الزيادة اإلرسال ،يضاف إلي ذلك أن الزهري
يعد من صغار التابعين ،ومعظم روايته عن كبار التابعين ،وأقلها عن صغار
1
( ) على ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر ،وتبعه فى ذلك السيوطى ،والقسطالنى ،خالفاً
للقاضى عياض ،حيث جزم بأن البالغ من قول معمر ،ينظر :فتح البارى 307/1
رقم ،7902والمواهب اللدنية للقسطالنى وشرحها للزرقانى 472/1قلت :سواء كان
هذا البالغ من قول معمر أو الزهرى فهو غير مسند ،وهذا مطعن فيه من جهة السند،
فال وجه لقبوله ،ألن البالغ من قبيل المنقطع وهو من أنواع الضعيف7
7333
()1
فكيف بالكبار منهم ،السيما من شهدوا بدء الوحى إلى رسول اهلل الصحابة
()2
صلى اهلل عليه وسلم
وقد روى اإلمام البخاري حديث نزول الوحي أكثر من مرة في صحيحه دون
أن يشير إلى هذه القصة ،ولم يورد معها نص الزهري ،والرواية التي ذكرت
هذه الحادثة قد وردت ُمدرجة في الحديث ،فالبخاري نقل نصين مختلفين،
األول :حديثا صحيحاً متصل السند عن عائشة رضي اهلل عنها ليس فيه
هذه القصة الباطلة ،والثاني فيه زيادة ضعيفة للزهري ال سند لها .
لكن هؤالء المشككين ينقلون الثاني ويخفون األول وال يذكرون تضعيف
العلماء لزيادة الزهري ليوهموا الناس أنهما حديثاً واحداً ،وأن البخاري يصحح
هذه الزيادة ،ومن ثم يطعنون في النبي صلى اهلل عليه وسلم ،أو يطعنون
في البخاري وصحيحه الذي تلقته األمة بالقبول ،واتفقت علي أنه أصح الكتب
بعد كتاب اهلل تعالي
ي َو َم ْع َنى ا ْل َك َالِم أ َّ
َن يما َبلَ َغ َنا ُه َو ُّ
الزْه ِر ُّ ِ ِ ِ 3
قال الحافظ ابن حجر :ثُ َّم إ َّن ا ْلقَائ َل ف َ
سلَّ َم ِفي َه ِذه ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
ِفي جملَ ِة ما وص َل إِلَ ْي َنا ِم ْن َخب ِر رس ِ ِ
ول اللَّه َ َ َ ُ ُْ َ َ َ
صوًال. صة و ُهو ِم ْن ب َال َغ ِ
ات ُّ
الزْه ِر ِّ ِ
س َم ْو ُ ي َولَ ْي َ َ ا ْلق َّ َ َ
1
-هو:محمد بن يوسف بن علي بن سعيد ،شمس الدين الكرماني :عالم بالحديث .
( 007 - 010هـ = 1304 - 1310م) األعالم للزركلي 113/ 0
سى بن َم ْرَد َوْيه َص َب َهان ،أ َُبو َب ْك ٍر أ ْ العالَّ َمةُُ ،م َحد ُ ِ 2
بن ُم ْو َ
َح َم ُد ُ ِّث أ ْ الم َج ِّوُدَ ،
الحافظُُ ، -هو َ :
ب (التَّ ْف ِس ْير ال َك ِب ْير) َ ،و (التَّ ِ
ارْيخ) َ ،و ِ
صاح ُ
ِ
َص َب َهان ُّيَ ،سى بن َج ْعفَ ٍر األ ْ بن فُ ْوَرك بن ُم ْو َ
مائةَ ،ع ْن سبع ش ٍر َوأ َْرَبع َ
س َن َة َع ْ اتَ : مائة َم ْجلِس (َ ، )2و َغ ْير َذلِ َكَ .م َ َمالِي) الثَّالَث َ (األ َ
س َن ًة .بحثت عن تفسيره فلم أقف عليه .سير أعالم النبالء ، 370 /10شذرات ِ
َوثَ َمان ْي َن َ
الذهب 197 / 3
ب
3
-هو :يحيى بن معين بن عون ،و قيل ابن غياث بن زياد المرى الغطفانى ،أبو زكريا
البغدادى الحافظ ،قال الحافظ ابن حجر :ثقة حافظ مشهور إمام الجرح و التعديل ،توفي
233هـ بـ المدينة النبوية .تاريخ بغداد تأليف أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي
-المحقق :الدكتور بشار عواد معروف -الناشر :دار الغرب اإلسالمي – بيروت -الطبعة:
األولى1422 ،هـ 2772 -م
، 273/ 17وفيات األعيان ، 129 / 1سير أعالم النبالء ، 01 / 11تقريب التهذيب
190 / 1
4
-هو :يحيى ابن سعيد ابن فروخ بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وسكون الواو ثم
معجمة التميمي أبو سعيد القطان البصري ثقة متقن حافظ إمام قدوة من كبار التاسعة مات
7333
س ِل ي َ ِ س ُل ُّ
الزْه ِر ِّ
ِ ٍ3 ِ 2
شٌّر م ْن ُم ْر َ الُ :م ْر َ
يد ،قَ َ سعَو َرَوى ا ْل َب ْي َهق ُّي َ ،ع ْن َي ْح َيى ْب ِن َ
َن
ب أْ س َّمىَ ،وِا َّن َما َيتُْر ُك َم ْن َال ُي ِح ُّ
س ِّم َي َ
َن ُي َ
َغ ْي ِرِه ; ِألَنَّ ُه ح ِ
افظٌَ ،و ُكلَّ َما قَ َد َر أ ْ َ
س ِّم َي ُه.
ُي َ
سنة ثمان وتسعين [ومائة] وله ثمان وسبعون .تاريخ بغداد ، 273 / 17تذكرة الحفاظ
للذهبي ،290 / 1تهذيب التهذيب ،17 / 11تقريب التهذيب 191 / 1
1
-هو :محمد بن إدريس بن العباس أبو عبد اهلل الشافعي المكي نزيل مصر رأس الطبقة
التاسعة وهو المجدد ألمر الدين على رأس المائتين مات سنة أربع ومائتين وله أربع
وخمسون سنة .
الجرح والتعديل الجرح والتعديل -المؤلف :أبو محمد عبد الرحمن بن محمد التميمي،
الحنظلي ،الرازي ابن أبي حاتم -الناشر :طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية -بحيدر
آباد الدكن – الهند -دار إحياء التراث العربي – بيروت -الطبعة :األولى 1201 ،هـ
1912م
، .271 / 0سير أعالم النيالء ، 1 / 17تهذيب التهذيب ، 21 / 9تقريب التهذيب 1
470/
بن َعلِ ِّي
س ْي ِن ِ
الح َ
بن ُ سالَِم ،أ َُبو َب ْك ٍر أ ْ
َح َم ُد ُ اإل ْ ت ،الفَ ِق ْي ُهَ ،
ش ْي ُخ ِ العالَّ َمةُ ،الثَّْب ُ ِ
الحافظُ َ ُ -ه َو َ
2
1
-الموقظة في علم مصطلح الحديث 47 / 1
2
-ينظر في ذلك تدريب الراوي ، 232 /1و -الموقظة في علم مصطلح الحديث / 1
، 47وشرح علل الترمذي . 131 / 1
7333
.القسم الثاني :وهو األحاديث المعلقة؛ والحديث المعلق هو الذي سقط من
أول إسناده راو فأكثر على التوالي ،وهذه األحاديث المعلقة يوردها اإلمام
البخاري في تراجم األبواب ومقدماتها.
وحكم الحديث المعلق أنه مردود؛ ألنه فقد شرطا من شروط القبول ،وهو
اتصال السند ،وذلك بحذف راو أو أكثر من إسناده مع عدم علمنا بحال ذلك
المحذوف.
وقد قام الحافظ ابن حجر -رحمه اهلل -بجهد جهيد تجاه األحاديث المعلقة
ص ِحيح ِ
الواردة في صحيح البخاري في كتاب سماه ( تغليق التَّ ْعليق على َ
ي) ،وذلك بتتبع أسانيدها فوجد أنها قد وردت بأسانيد متصلة في الب َخ ِ
ار ّ ُ
دواوين السنة المختلفة ،وأنها قد بلغت درجة الصحيح إال النذر اليسير منها.
.القسم الثالث :الموقوفات؛ وهي أقوال الصحابة أو التابعين ،وهذه الموقوفات
منها ما هو صحيح ،ومنها ما هو غير ذلك ،وتعرف الصحة من غيرها
بواسطة أسانيد هذه الموقوفات
واإلمام البخاري -رحمه اهلل -يجزم منها بما صح عنده ولم يكن على
شرطه ،واليجزم بما كان في إسناده ضعف أو انقطاع ،إال حيث يكون منجبرا،
إما بمجيئه من وجه آخر واما بشهرته عمن قال . 1
.ولو نظرنا إلى صنيع اإلمام البخاري في هذه الزيادة المرسلة لوجدناه قد
أشار إلى تمريضها حينما أورد جملة اإلمام الزهري االعتراضية -فيما بلغنا
-وهي بالشك صيغة من صيغ التمريض والتضعيف.
وفي هذا رد علي من اتخذ وجود هذه الزيادة في صحيح البخاري ذريعة للطعن
في الصحيح تارة فزعم أن فيه روايات ضعيفة ومنكرة بل ومكذوبة كالزيادة
1
-هدي الساري مقدمة فتح الباري ،ابن حجر العسقال ني ،دار الريان ،القاهرة ،ط،1
1470هـ1907 /م ،ص 374بتصرف .
7333
المذكورة في رواية أم المؤمنين عائشة ،والطعن في صاحبه تارة أخري فاتهم
البخاري بأنه يقلد ويغتر وأنه لم ينتبه إلي خطورة تلك القصة المفبركة ،كما
اتهمه بالساجة العلمية إلخراجه تلك الزيادة في صحيحه .
بل ذهب إلي ما هو أبعد من ذلك فاتهم الحافظ ابن حجر الذي شرح الصحيح
بأنه لم ينتبه لروايات شديدة النكارة حينا ،وتكلف التبرير حينا آخر ،وأخطأ
في التقرير والتوجيه كثي ار ،متهما إياه بتقديس الجامع الصحيح الذي تقرر
قبله ،وبأنه لم يكن يمكنه التمرد عليه ،مدعيا أن الدافع إلي حدة موقفه هو
الغيرة علي سنة نبينا صلي اهلل عليه وسلم 1
قلت :تناسي هذا المدعي وأمثاله أن هؤالء األئمة رضوان اهلل عليهم أجمعين
قد أفنوا حياتهم في العمل علي نشر سنة نبينا صلي اهلل عليه وسلم والد فاع
عنها .
وقد يتساءل أحدهم فيقول :إذا كانت هذه الموقوفات والمعلقات ضعيفة فلم
في الوقت الذي اشترط فيه الصحة؟ ذكرها البخاري في صحيحه
وقد أجاب الحافظ ابن حجر -رحمه اهلل عن هذا التساؤل الملح ،وهو سبب
إيراد اإلمام البخاري الموقوفات والمعلقات في صحيحه فقال رحمه اهلل:
"إنما يورد ما يورد من الموقوفات من فتاوى الصحابة والتابعين وتفاسيرهم
لكثير من اآليات على سبيل االستئناس والتقوية لما يختاره من المذاهب في
المسائل التي فيها الخالف بين األئمة .
1
-رد شبهــات حـول عصمــة النــبى صلى اهلل عليه وسلم فى ضوء السنة النبوية
الشريفة ص 273بتصرف .
2
-فتح البارى 30 /1ح . 4
7333
تقديم شئ عطفته – وهو حديث عائشة المتقدم – ثم قال ابن شهاب – أى
بالسند المذكور – وأخبرنى أبو سلمة بخبر آخر ،وهو حديث جابر عن فترة
الوحى) 7
إذا فال سند صحيح يعتمد عليه فيما ذهب إليه هؤالء الطاعنون .
ثانيا :أما من ناحية بطالن هذه الزيادة من حيث المتن فالدليل علي ذلك
مايلي :
-لقد تحدثنا في التمهيد كيف أن اهلل عز وجل عصم أنبياءه ورسله من
الوقوع فى المحظور أيا كان سواء كان قوال أوفعال أواعتقادا أوتبليغا حتى
فعصمة جل وعال ، ولحقوا ببارئهم أدوا رسالتهم علي أكمل وجه
األنبياء صلوات اهلل وسالمه عليهم أجمعين ثابتة لهم سواء كان ذلك قبل
البعثة أوبعدها فى الكبائر والصغائر ،جهرها وسرها على األصح ،فى
ظاهرهم وباطنهم ورضاهم وغضبهم ،لكن الزيادة المذكورة تعارض هذا
األصل من أصول الدين وهو عصمة األنبياء ،حيث إن هذا البالغ
صلى اهلل عليه وسلم مكاناً فى مدة المذكور لم يبق لعصمة النبى
الحزن اليائس التى تقول أقصوصة هذا البالغ إنه صلى اهلل عليه وسلم
مكثها وهو يغدو م ار ارً كى يتردى من شواهق الجبال .
-إن هذه الزيادة تعارض ما يجب أن يكون أن يكون عليه النبي صلى اهلل
عليه وسلم من كمال اليقين ورسوخ اإليمان برسالته ،فما ورد في هذه
الزيادة من ظهور جبريل للنبي صلى اهلل عليه وسلم كلما أوفي بذروة
جبل لكي يلقي نفسه منها وقوله له :يامحمد أنت رسول اهلل ،وعود
النبي صلى اهلل عليه وسلم لمثل ذلك ثانية إذا طالت فترة الوحي يوضح
لنا مدي الحزن واليأس الذي ملك نفس النبي صلى اهلل عليه وسلم حتي
جعله يشك في ظهور جبريل عليه السالم له واخباره إياه أنه رسول اهلل .
7333
يقينه باصطفاء اهلل عز وجل له بالرسالة التى شرفه بها قبل فترة فأين
الوحى ،وأنزل عليه فى أول مراتب وحيها فى غار حراء قرآناً يتلى ،حتى يعود
عن عزيمته إللقاء نفسه من ذ ار شواهق الجبال إذا طالت عليه فترة
الوحى؟!71
-إن اتهام النبي صلي اهلل عليه وسلم باالنتحار لمجرد ارتقائه أعالي الجبال
المقدمات ،فما كان ذلك ليعدو
ّ وشواهقها أمر غير مقبول عقال وال تبرره
اختالفه إلى الجبال أكثر من ذي قبل ،فقد كان من دأبه أن ينطلق إلى
النزاع إلى
الجبال قبل تلقّيه الوحي بزمن طويل .ولقد كان طبيعيا ،وهو ّ
التأمل ،أن يلتمس العزلة في الجبال ،وهي خير مكان يستطيع فيه أن يفرغ
ّ
للتح ّنث والتف ّكر .وهكذا فليس ثمة أيما سبب يدعونا إلى االفتراض أنه
قصد إلى الجبال وفي نيته أن ينتحر ،خصوصا وأن هذااالمر من األمور
الغيبية والباطنة والتي اليعلمها وال يطلع عليها اال اهلل سبحانه وتعالي و ال
يمكن معرفتها إال بإخبار صاحبها الذى دار فى نفسه ،أو إخبار من
أظهرهم عليه وكل ذلك لم يثبت عنه عليه الصالة والسالم !.7
-إن الرأي القائل بأن الرسول ف ّكر في االنتحار اليتفق مع سيرته عليه
السالم ،فمنذ صباه كان قلبه يتوهج بالرغبة في اإلصالح اإلنساني فهل
يعقل أن يفكر باالنتحار بعد أن عهد اهلل إليه بأداء هذه الرسالة نفسها؟
سلَّ َم يجد أنه قد مرت ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
إن المتبحر في سيرة رسول اهلل َ
عليه أثناء الدعوة إلي اهلل عز وجل حاالت أشد وأقسي من هذه الحالة
وأدعاها إلى إثارة الخيبة وبالرغم من ذلك لم يتزعزع إيمانه بالعون اإللهي
لحظة واحدة ،ولم يتراجع هو قيد شعرة أمام أدهى المصاعب وأقساها ،
- 1رد شبهات حول عصمة النبي صلي اهلل عليه وسلم ص 170 ،277بتصرف.
7333
ض َي والدليل علي ذلك ما أخرجه البخاري 1بسنده عن عروة أن عائشة ر ِ
َ
صلَّى ِ ِ
سلَّ َمَ ،ح َّدثَتْ ُه أَنَّ َها قَالَ ْت ل َّلن ِب ِّي َ
صلَّى اهللُ َعلَ ْيه َو َ اللَّ ُه َع ْن َهاَ ،ز ْو َج َّ
الن ِب ِّي َ
ال " :لَقَ ْد لَ ِق ُ
يت ُح ٍد ،قَ َ ان أَ َ ِ
ش َّد م ْن َي ْوِم أ ُ سلَّ َمَ :ه ْل أَتَى َعلَ ْي َك َي ْوٌم َك َ ِ
اهللُ َعلَ ْيه َو َ
ت َن ْف ِسي ضُ العقَ َب ِة ،إِ ْذ َع َر ْ
يت م ْن ُه ْم َي ْوَم َ
ش َّد ما لَ ِق ُ ِ
ان أَ َ َ يتَ ،و َك َ ِم ْن قَ ْو ِم ِك َما لَ ِق ُ
ت َوأََناطلَ ْق ُ
ت ،فَا ْن َ يل ْب ِن َع ْب ِد ُكالَ ٍلَ ،فلَ ْم ُي ِج ْب ِني إِلَى َما أ ََرْد ُ َعلَى ْاب ِن َع ْب ِد َيالِ َ
ق إَِّال َوأََنا ِبقَ ْر ِن الثَّ َعالِ ِب ...الحديث ). َستَ ِف ْوم َعلَى َو ْج ِهيَ ،فلَ ْم أ ْ َم ْه ُم ٌ
فهنا ذكر النبي -صلى اهلل عليه وسلم -أن أشد ما وقع عليه ،هو ذلك األذى
مهموما حزي ًنا لم
ً النفسي الحاصل من تكذيب أهل الطائف له ،حتى إنه بقي
يستفق إال وهو بعيد عن الطائف ،نعم إن حزن النبي صلى اهلل عليه وسلم
على فتور الوحي ثابت في نصوص أخرى ،غير أن حزنه ما كان ليبلغ حد
الرغبة في إلقاء نفسه من عل ،واال لكان هذا أجدر بالذكر من حادثة الطائف
المذكورة هنا .
-إن ارتقاء النبي صلى اهلل عليه وسلم ألعالي الجبال وشواهقها بعد فترة
الوحي والتي اختلف العلماء في تحديدها اختالفا كبي ار ،فبعضهم يذهب
إلى أن الوحي انقطع قريبا من سنتين ،و ذكر الحافظ ابن حجر 2عن
:أنها كانت سنتين ونصفا ،و عن عبد اللَّه بن عباس كانت 3
الشعبي
1
-البخاري في صحيحه كتاب بدء الخلق – باب إذا قال أحدكم آمين والمالئكة في
السماء ،آمين فوافقت إحداهما األخري غفر له ماتقدم من ذنبه 111 /4ح ، 3231
ومسلم في صحيحه كتاب الجهاد والسير – باب مالقي النبي من أذي المشركين والمنافقين
1427 / 3ح . 1091
2
-فتح الباري . 377/ 12
- 3هو :عامر بن شراحيل الشعبي بفتح المعجمة أبو عمرو ثقة مشهور فقيه ،قال
مكحول :ما رأيت أفقه منه مات بعد المائة وله نحو من ثمانين .تقريب التهذيب / 1
. 200
7373
1
للزجاج كانت خمسة عشر يوما، أربعين يوما ،وفي كتاب معاني القرآن
2
ورجحه بعضهم وقال :ولعل هذا هو األشبه
وفي تفسير مقاتل ثالثة أيامّ ،
بحاله عند ربه ، 3والذي في السيرة البن هشام عن ابن إسحاق عدم
التحديد بمدة .4
وهذا ما رجحه فضيلة الشيخ محمد أبوشهبة فقال :
أرجحه وأميل إليه هو :أن المدة كانت أياما ،وأن أقصاها أربعون يوما،
والذي ّ
وأما األقوال األ خري فإني أستبعدها ،فالفترة إنما كانت ليسترد النبي صلّى اهلل
عليه وسلّم أنفاسه مما حدث له من ضغط جبريل ،وما عراه من الهول والفزع
ألول لقاء بين بشر وملك ،وليحصل للنبي الشوق إلى لقاء جبريل بعد هذه
الفترة.
1
-معاني القرآن واعرابه معاني القرآن واعرابه -المؤلف :إبراهيم بن السري ،أبو
إسحاق الزجاج
المحقق :عبد الجليل عبده شلبي -الناشر :عالم الكتب – بيروت -الطبعة :األولى
1470هـ 1900 -م . 339 / 1
2
-تفسير مقاتل بن سليمان -المؤلف :أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير األزدي
البلخى
المحقق :عبد اهلل محمود شحاته -الناشر :دار إحياء التراث – بيروت -الطبعة :األولى
1423 -هـ . 031/ 4
3
-إمتاع األسماع للمقريزي 31/1
4
السيرة النبوية البن هشام -المؤلف :عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري،
أبو محمد ،جمال الدين -تحقيق :مصطفى السقا وابراهيم األبياري وعبد الحفيظ الشلبي
الناشر :شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده بمصر -الطبعة :الثانية،
1301هـ 1911 -م 241/1
7373
أما أن يقضي النبي ثالث سنين أو سنتين ونصف من عمر الدعوة اإلسالمية
1
من غير وحي ودعوة فهذا ما ال تقبله العقول ،وال يدل عليه نقل صحيح.
وكذا قال منير الغضبان :نالحظ أن المقريزي رجح اآلراء التي تعتبر فترة
انقطاع الوحي فترة قصيرة حول األربعين ،والخمسة عشر ،والثالثة من األيام،
وفي ترجيح المقريزي يزول اإلشكال الكبير حول هذه الفترة التي ال نجد لها
ذك ار أو تاريخا ،ولو حسبت هاتان السنتان والنصف من المرحلة السرية لكانت
مرحلة الدعوة فيها ال تعدو سنة و نصف ،ومن المستبعد جدا أن يكون ذلك"
2
- 1السيرة النبوية علي ضوء القرآن والسنة ألبي شهبة -الناشر :دار القلم – دمشق
الطبعة :الثامنة 1420 -هـ . 274/1
-المنهج الحركي للسيرة النبوية محمد الغضبان -الناشر :مكتبة المنار -األردن – 2
الزرقاء الطبعة :السادسة 1411 ،هـ 1997 -م 27/ 1
7373
استعداده لتبليغ رسالته إلى الخلق كافة بصبر وقوة ،ويقين ال يدانيه يقين في
1
أن اهلل عز وجل سيتم عليه نعمته
هذا وقد فسر العلماء ارتقاء النبي صلى اهلل عليه وسلم لهذه األماكن في فترة
الوحي بعدة تفسيرات منها :
ان َذلِ َك
ان َو َك َ َخ ِرِه ُم َّدةً ِم َن َّ
الزَم ِ َع ْن تَأ ُّ ور ا ْل َو ْح ِي ِع َب َارةٌ
-قال ابن حجر َ :وفُتُ ُ
ف ص َل لَ ُه التَّ َ
ش ُّو ُ َو َج َدهُ ِم َن َّ
الر ْوِع َولِ َي ْح ُ سلَّ َم ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ ان َ
ب َما َك َ لِ َيذ َ
ْه َ
إِلَى ا ْل َع ْوِد ،فلما تقلصت ظالل الحيرة ،وثبتت أعالم الحقيقة ،وعرف صلى
اهلل عليه وسلم معرفة اليقين أنه أضحى نبيا هلل الكبير المتعال ،وأن ما
جاءه سفير الوحي ينقل إليه خبر السماء وصار تشوفه وارتقابه لمجيء
2
الوحي سببا في ثباته واحتماله عند ما يعود ،وجاءه جبريل للمرة الثانية.
.
-وقال المقريزي :إنه صلى اهلل عليه وسلم فعل ذلك شوقا منه إلى ما عاين
3
أول مرة من حالوة مشاهدة وحي اللَّه إليه.
-وقال الشيخ محمد أبوشهبة :والتعليل الصحيح لكثرة غشيانه صلّى اهلل
أن اإلنسان إذا حصل
عليه وسلّم في مدة الفترة رؤوس الجبال وشواهقهاّ ،
له خير أو نعمة في مكان ما فإنه يحب هذا المكان ،ويتلمس فيه ما
افتقده ،فلما انقطع الوحي صار صلّى اهلل عليه وسلّم يكثر من ارتياد قمم
الجبال ،وال سيما حراء ،رجاء أنه إن لم يجد جبريل في حراء ،فليجده في
غيره ،فر آه راوي هذه الزيادة وهو يرتاد الجبال ،فظن أنه يريد هذا ،وقد
أخطأ الراوي المجهول في ظنه قطعا.
- 1رد شبهات حول عصمة النبي صلى اهلل عليه وسلم ص. 233
- 2فتح الباري .20 /1
- 3إمتاع األسماع . 31/1
7377
وليس أدل على ضعف هذه الزيادة وتهافتها من أن جبريل كان يقول للنبي
كلما أو فى بذروة جبل« :يا محمد إنك رسول اهلل حقا» وأنه كرر ذلك م اررا،
ولو صح هذا لكانت مرة واحدة تكفي في تثبيت النبي صلّى اهلل عليه وسلّم
1
حدثته به نفسه كما زعموا. وصرفه عما ّ
وعلي أية حال فإن الحكمة من تأخر الوحي مدة من الزمان طالت أو قصرت
سلَّ َم تعد من الغيبيات التي ال يعلم حقيقتها إال اهلل ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َعلي النبي َ
صلَّى
سبحانه وتعالي ،والتي تعد بمثابة الرحمة واللطف منه سبحانه بنبيه َ
سلَّ َم حتي تهدأ نفسه ويستعيد قوته من هول ما رأي من شدة ِ
اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
الوحي و يستوعب ذلك ،وليحصل له التشوق إلى العود وتتابع الوحي ،ويهيأ
ألداء األمانة التي اصطفاه اهلل عز وجل لتبليغها وكله يقين وثبات بأنه
سبحانه سيتم فضله ونعمته عليه ألداء تلك المهمة الثقيلة .
صلَّى
وعلي فرض صحة الرواية المذكورة فليس فيها ما يعيب شخص النبي َ
سلَّ َم إذ كان ذلك مجرد هم (يعني فكرة ) ولم ينتقل إلي مرحلة ِ
اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
سلَّ َم (ومن هم بسيئة فلم يعملها ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
التنفيذ وذلك نظير قوله َ
كتبها اهلل له عنده حسنة كاملة ،فإن هو هم بها فعملها كتبها اهلل له سيئة
واحدة). 2
قال بدر الدين العيني :هناك فرق بين العزم والهم فإن ا ْل َع ْزم ُه َو توطين
3
اس ِت ْق َرار .
النفس من غير ْ فه َو تحديث َّ َّ
النفس على فعل الشيء ،أما ا ْلهم ُ
1
-السيرة النبوية علي ضوء القرآن والسنة ألبي شهبة . 277 /1
2
-أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الرقاق ،باب من هم بحسنة أو بسيئة 173 / 0
ح ()7491واللفظ له ،ومسلم في صحيحه ،كتاب اإليمان ،باب إذا هم العبد بحسنة كتبت
واذا هم بسيئة لم تكتب 110 / 1ح (. )314
3
-عمدة القاري . 07 /23
7373
ض ِب ِه كما ش ْرعٌ ِب َّ
الن ْهي َع ْن قتل النفس فَ ُي ْعتََر َ هذا باإلضافة إلي أنه لَ ْم َي ِرْد َب ْع ُد َ
القصة في بداية أمر الوحي ،فكيف تكون تلك ّ ذكر القاضي عياض 1،إذ
صحتها -مدخالً للطعن فيه صلّى اهلل عليه وسلّم؟!
الحادثة -على فرض ّ
وبهذا يتضح أن الشبهة المذكورة باطلة من األساس إذ أنها غير ثابتة السندا
والمتنا .
1
-الشفا بتعريف حقوق المصطفي . 241/ 2
7373
المبحث الثالث
الرد علي روايتي ابن سعد ،والطبري ،سبب نزول سورة الضحي
أوال :رواية ابن سعد في الطبقات الكبري عن عبد اهلل بن عباس رضي اهلل
عنهما :
من خالل دراسة اإلسناد والترجمة لرواته اتضح لي :
الو ِاق ِد ُّ
ي ،وقد أجمع من يعتد أن الحديث من رواية محمد بن عمر وهو َ -1
به من علماء الحديث علي أنه متروك الحديث بالرغم من سعة علمه
.
يترتب علي ذلك أن الرواية التي استدل بها هؤالء المشككون مردودة ألنها من
رواية رجل متروك الحديث وهو محمد بن عمر الواقدي كما ذكر غير واحد من
أهل العلم ،فالرواية الترتقي إلي التصحيح حتي وان كان لها شواهد أخري .
باإلضافة إلي ما سبق فإن شيخ محمد بن عمروهو :إبراهيم بن محمد بن أبي
موسي مجهول الحال فقد بحثت عنه فيما وقفت عليه من مصادر فلم أعثر له
علي ترجمة .
ثانيا :رواية الطبري في تاريخه عن عبيد بن عمير :
وهي شاذة سندا ومتنا ،أما من حيث السند فبعد دراسة السند والترجمة لرواته
اتضح لي ما يلي :
– 1أن هذه الرواية مرسلة ألنها من رواية عبيد بن عمير 1وهو من كبار
صلَّى اللَّ ُه
التابعين وليس صحابيا مما يعني سقوط الواسطة بينه وبين النبي َ
االستيعاب في معرفة األصحاب البن عبد البر ، 1710/ 3أسد الغابة في معرفة الصحابة
البن األثير ، 147/ 3سير أعالم النبالء ، 110 ،117/ 4تهذيب الكمال في أسماء
الرجال للمزي . 223 / 19
،وقَا َل أ َُبو َح ِاتٍم :الَ ِ َّ ض ِل َّ
1
ش َ .وثقَ ُهْ :اب ُن َمع ْي ٍن ،وابن سعد َ الر ِاز ُّ
ي األ َْب َر ُ بن الفَ ْ
-هو سلمة ُ
ُي ْحتَ ُّج ِب ِه.
ي الَ َير َغ ُب ْو َن
الر ِّ
َه ُل َّ
ال أ َُبو ُزْر َعةَ :أ ْ
،وقَ َ
ف َض ِع ْي ٌ
س ِائ ُّيَ : ،وقَا َل َّ
الن َ
ِ ار ُّ ِ
ي :ع ْن َدهُ َم َناك ْي ُر َ الب َخ ِ
َوقَا َل ُ
مائ ٍة،
س ِع ْي َن َو َس َن َة إِ ْح َدى َوِت ْ
ِّ ِ
ان قَ ِوّياً في َ
الم َغ ِ
ازي.تُُوف َيَ : ت(الذهبي )َ :ك َ ِف ْي ِه؛ لِظُ ٍلم ِف ْي ِه ،قُ ْل ُ
الم ِد ْي ِن ِّيَ ،وتََرَكه ،وقال عنه ابن حجر “ :صدوق كثير الخطأ” .،التاريخ وقَ ْد ِ ِ
سم َع م ْن ُه ْاب ُن َ َ َ
الكبير ، ، 04 / 4الجرح والتعديل ،170 / 4ميزان االعتدال ،192 / 3تهذيب التهذيب
،113 / 4تقريب التهذيب . 204/1
الر ِاز ُّ افظُ ال َك ِب ْير ،أَبو ع ْب ِد ِ ي العالَّمةُ ،الح ِ بن ُح َم ْي ِد ِ 2
ي. اهلل َّ ُ ُ َ َ الر ِاز ُّ َ َ َّان َّ
بن َحي َ -هو ُ :م َح َّم ُد ُ
بن ُم َح َّم ٍدُ :ك َّنا َنتَّ ِه ُم ْاب َن ُح َم ْي ٍد َ ،وقَ َ
ال صالِ ُح ُ ار ُّ ِ ِ ِ ِ
ي :في َحد ْيثه َنظٌَر َ ،وقَا َل َ الب َخ ِ
ال ُ قَ َ
النس ِائ ُّي :لَ ْيس ِب ِثقَ ٍة ،وقَا َل العقَ ْيلِ ُّي :ح َّدثَِني إِ ْبر ِ
الَ :كتَ َب أ َُبو ُزْر َع َة ، ف ،قَ َ سَ بن ُي ْو ُ
اه ْي ُم ُ َ َ ُ َ َ َّ َ
ت بن ُح َم ْي ٍد َح ِد ْيثاً َك ِث ْي ارً ،ثَُّم تََرَكا ِّ
الرَو َاي َة َع ْن ُه.قُ ْل ُ سلٍِمَ ،ع ْن ُم َح َّم ِد ِ
بن ُم ْ َو ُم َح َّم ُد ُ
ان َوأ َْرَب ِع ْي َنس َن َة ثَ َم ٍ ٍ
ات ْاب ُن ُح َم ْيدَ : (الذهبي ):قَ ْد أَ ْكثََر َع ْن ُه = ْاب ُن َج ِرْي ٍر ِفي ُكتُِب ِهَ .م َ
مائتَ ْي ِن .التاريخ الكبير ، 79 / 1الضعفاء الكبير للعقيلي ، 71 / 4تاريخ بغداد 2
َو َ
، 274 ،219 /ميزان االعتدال . 131 ،137 / 3
7373
هذا فيما يتعلق بالسند ،أما فيما يتعلق بالمتن فإن فيه شذوذا
بينا في عدة مواضع هي :
سلَّ َم ِ ِ -قوله ):فَج ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
اءني َوأََنا َنائ ٌم) حيث جعل رؤية النبي َ
َ َ
لجبريل عليه السالم أول مرة منامية مخالفا في ذلك جميع الروايات التي
تثبت أنها رؤية حقيقية حال اليقظة دون المنام .
سلَّ َم كان ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
ْرُ؟) والتي يفهم منها أن النبي َ
(ما أَق َأ
-قوله َ :
يعرف القراءة وأن سؤاله إنما كان عن المقروء وذلك مخالف أيضا لكل
الروايات الصحيحة الثابتة والتي ورد فيها قوله عليه الصالة والسالم ( ما
سلَّ َم لم يكن يعرف ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
أنا بقاريء ) والتي تدل علي أنه َ
القراءة والكتابة .
-يفهم من الرواية أنه عليه السالم رأي جبريل مرة ثانية بعد أن استيقظ من
نومه مباشرة وأراد إلقاء نفسه من فوق شواهق الجبال قائال له (:يامحمد
وأنا جبريل ) مع أن الثابت في الروايات الصحيحة أن أنت رسول اهلل
سلَّ َم لم يري جبريل مرة ثانية إالبعد فتوره وانقطاعه ِ النبي صلي اللَّ ُه
َعلَ ْيه َو َ
والتي كانت سببا في إقدام النبي عليه السالم علي مدة من الزمن
االنتحار كما يزعمون .
-كذلك ذكرت الرواية أن السيدة خديجة بعد أن طمأنت النبي صلي اللَّ ُه َعلَ ْي ِه
سلَّ َم وهدأت من روعه هي التي ذهبت بمفردها إلي ابن عمها ورقة بن َو َ
سلَّ َم ،وأن ورقة قابل النبي ِ
نوفل لتقص له ماحدث للنبي صلي اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
وهو يطوف بالكعبة وبشره بأنه رسول اهلل وأن هذا الذي أتاه في الغار إنما
هو الناموس األكبر الذي نزل علي موسي عليه السالم ،مخالفة في ذلك
7373
جميع الروايات الصحيحة التي تثبت أن السيدة خديجة إنما انطلقت مع
النبي بعد أن هدأ روعه إلي ورقة في بيته وبشره بذلك هناك .
-ثالثا :سبب نزول سورة الضحي :
سلَّ َم ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
سبق وذكرت أن هؤالء المشككين في عصمة النبي َ
من خالل اتهامه بمحاولة االنتحار قالوا بأن القرآن الكريم آنس النبي في
ذلك ونزلت سورة الضحي .
وبالبحث عن سبب نزول السورة اتضح لي :أن المدة التي نزلت بسبها سورة
الضحي وهي ليلتين أو ثالثا كما ذكرت الرواية الصحيحة غير المدة التي فتر
فيها الوحي كما بينا ذلك سابقا ،وأن نزولها لم يكن في أول البعثة ،كما
ذكر أئمة الحديث أكثر من سبب لنزولها أصحها ما رواه الشيخان في
شتَ َكى ال« :ا ْ ض َي اللَّ ُه َع ْن ُه ،قَ َ ان 2ر ِ 1
س ْف َي َ َ ب ْب َن ُ صحيحيهما من حديث ُج ْن ُد َ
ِ ِ
ام َأرَةٌاء ْت ْسلَّ َم َفلَ ْم َيقُ ْم لَ ْيلَتَ ْي ِن -أ َْو ثَالَ ثًا ،»-فَ َج َ
صلَّى اهللُ َعلَ ْيه َو َ سو ُل اللَّه َ َر ُ
ش ْيطَا ُن َك قَ ْد تََرَك َك ،لَ ْم أ ََرهُ قَ ِرَب َك ُم ْن ُذ
ون َ
َن َي ُك َ فَقَالَ ْتَ :يا ُم َح َّم ُد ،إِ ِّني َأل َْر ُجو أ ْ
1
-أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير – باب ما ودعك ربك وما قلي 03 / 7ح
4917واللفظ له ،وكذا 102 / 7ح ، 4903ومسلم في صحيحه كتاب الجهاد والسير
– باب ما لقي النبي صلي اهلل عليه وسلم من أذي المشركين والمنافقين 1422 / 3ح
. 1090
ط ٌن ِم ْن َب ِجيلَ َة ، ان ا ْل َب َجلِ ُّي َو ُه َو ا ْل َعلَ ِق ُّي َ ،و َعلَقَ ُة َ :ب ْ ِ ِ
ب ْب ُن َع ْبد اللَّه ْب ِن ُ
س ْف َي َ -هو ُ :ج ْن ُد ُ
2
__________
7373
ٍ
ُّحى َواللَّْي ِل إِ َذا َ
س َجىَ ،ما {والض َ لَ ْيلَتَ ْي ِن -أ َْو ثَالَ ثَة -فَأَ ْن َز َل اللَّ ُه َع َّز َو َج َّلَ :
ُّك َو َما َقلَى} [الضحى: َّع َك َرب َ
{ما َود َُّك َو َما َقلَى} [الضحى ]2 :قَ ْولُ ُهَ : َّع َك َرب َ
َود َ
ال ْاب ُن َعب ٍ
َّاس: ُّك» َوقَ َ اح ٍدَ ،ما تََرَك َك َرب َ
يفِ ،بمع ًنى و ِ
َْ َ
يد والتَّ ْخ ِف ِ « :]3تُ ْق أرُ ِبالتَّ ْ ِ ِ
شد َ َ
ض َك»
« َما تََرَك َك َو َما أ َْب َغ َ
أما ماعدا ذلك من أسباب النزول فروايات ضعيفة ال تثبت .
ف يه َم ْن َال ُي ْع َر ُ ت ْاآل َن ِفي الطَّبرِان ِّي ِ 2بِإس َن ٍاد ِف ِ 1
قال الحافظ ابن حجر َ :و َج ْد ُ
ْ ََ
صلَّى يرِه َ س ِر ِ
ت َ ود َج ْر ِو َك ْل ٍب تَ ْح َ ب نُ ُزولِ َها[أي سورة الضحي ] ُو ُج ُ س َب َ
َن َ أ َّ
اء ِج ْب ِري َل ص ُة إِ ْبطَ ِ ش ُع ْر ِب ِه فَأ َْبطَأَ َع ْن ُه ِج ْب ِري ُل لِ َذلِ َك َوِق َّ سلَّ َم لَ ْم َي ْ ِ
اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ
ول َه ِذ ِه ْاآل َي ِة ب ُن ُز ِ س َب َ
ِ
ورةٌ ،لَك ْن َك ْوُن َها َ ش ُه َ يرِه َم ْ س ِر ِت َ س َب ِب َك ْو ِن ا ْل َك ْل ِب تَ ْح َ
ِب َ
ث ب ثَالِ ٌ س َب ٌ
ِِ
َعلَ ُم َ ،و َو َرَد ل َذل َك َ يح َواللَّ ُه أ ْالص ِح ِود ِب َما ِفي َّ اذ َم ْرُد ٌش ٌّيب َب ْل َ َغ ِر ٌ
ال لَ َّما َن َز َل َّاس قَ َ ق ا ْل َع ْوِف ِّي َع ِن بن َعب ٍ ي ِ 3م ْن طَ ِري ِ َخ َر َج ُه الطَّ َب ِر ُّ
َو ُه َو َ :ما أ ْ
ِ سلَّ َم ا ْلقُ ْر َ ِ علَى رس ِ ِ
آن أ َْبطَأَ َع ْن ُه ج ْب ِري ُل أَي ً
َّاما فَتَ َغي ََّر صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ ول اللَّه َ َ َ ُ
ِ
ُّك َو َما قلى َو ِم ْن َّع َك َرب َ ُّه َوقَ َالهُ فَأَ ْن َز َل اللَّ ُه تَ َعالَى َما َود َ ِب َذل َك فَقَالُوا َود َ
َّع ُه َرب ُ
ق َذِل َك َعلَى َّ
الن ِب ِّي ال فَتََر ا ْل َو ْح ُي َحتَّى َ
ش َّ آل ُّ
الزَب ْي ِر قَ َ يل م ْولَى ِ ق إِ ِ
ط ِري ِ ْ
س َماع َ َ َ
اح ِبي قَ َال ِني ون ص ِ
َن َي ُك َ َ يت أ ْال لَقَ ْد َخ ِش ُ َح َزَن ُه فَقَ َسلَّ َم َوأ ْ ِ
صلَّى اللَّ ُه َعلَ ْيه َو َ َ
ِ
يرِة الَّتي َج َم َع َها ِ ِ
ان التَّْيم ُّي في ِّ
الس َ سلَ ْي َم ُُّحى َوَذ َك َر ُ ورِة َوالض َ س َ اء ِج ْب ِري ُل ِب ُ فَ َج َ
ان ع ْن أَِب ِ ِ اها ُم َح َّم ُد ْب ُن َع ْب ِد ْاأل ْ
يه قَا َل َوفَتََر سلَ ْي َم َ َ َعلَى َع ْن ُم ْعتَم ِر ْب ِن ُ َو َرَو َ
ان ِم ْن ِع ْن ِد اللَّ ِه لَتَتَ َاب َع َولَ ِك َّن اللَّ َه قَ َالهُ فَأَ ْن َز َل اللَّ ُه ا ْل َو ْح ُي فَقَالُوا لَ ْو َك َ
الرواي ِ ِِ ِ
َن ا ْلفَتْ َرةَ ق :أ َّ ت َوا ْل َح ُّ ات َال تَثْ ُب ُ ش َر ْح ِب َك َمال ِه َما َو ُك ُّل َهذه ِّ َ َ ُّحى َوأَلَ ْم َن ْ َوالض َ
ول والضُّحى َغ ْير ا ْلفَتْرِة ا ْلم ْذ ُكورِة ِفي ْاب ِت َد ِ ا ْلم ْذ ُك ِ
اء ا ْل َو ْح ِي َ َ َ ُ س َب ِب ُن ُز ِ َ َ ورةَ في َ َ َ
1
-الفتح . 017 / 0
2
-المعجم الكبير 437 / 23ح . 1747
3
-التاريخ . 377 ، 299 / 2
7333
ض َّاما َو َه ِذ ِه لَ ْم تَ ُك ْن إَِّال لَ ْيلَتَ ْي ِن أ َْو ثََال ثًا فَ ْ
اختَلَطَتَا َعلَى َب ْع ِ ام ْت أَي ً
ِ ِ
فَإ َّن ت ْل َك َد َ
ير ْاأل َْم ِر ِفي َذلِ َك َما َب َّي ْنتُ ُه. ُّ ِ
الرَواة َوتَ ْح ِر ُ
وبهذا يتضح أن الشبهة المذكورة وهي اتهام النبي بمحاولة االنتحار شبهة
باطلة وال أساس لها من الصحة وال تصح أن تكون ذريعة للطعن في سيد
الخلق صلي اهلل عليه وسلم الذي اصطفاه ربه و أدبه وزكاه فقال جل
شأنه "ما ضل صاحبكم ماغوي " صلي اهلل عليك وسلم يا سيدي يارسول
اهلل .