You are on page 1of 185

‫ص‪3:‬‬

‫[الجزء الثالث]‬

‫البحث الرابع‪ :‬قيام االمام الحسين (ع) ضّد االنحراف عن سَّنة رسول هّللا (ص) بسبب االجتهاد والعمل بالرأي‬

‫بسم هّللا الّرحمن الّرحيم‬


‫َفَبِّش ْر ِع َباِد اَّلِذ يَن َيْسَتِم عُوَن الَقْو َل َفَيَّتِبُعوَن َأْح َس َنُه ُأوَلِئَك اَّلِذ يَن َهَد اُهُم ُهّللا وُأوَلِئَك ُهْم ُأولوا االلَباِب‪.‬‬
‫الزمر‪.18 -17 /‬‬
‫ص‪7:‬‬
‫البحث الرابع‬
‫قيام االمام الحسين (ع) ضّد االنحراف عن سَّنة‬

‫رسول هّللا (ص) بسبب االجتهاد والعمل بالرأي‬

‫ص‪9:‬‬
‫المدخل‪ :‬حال المسلمين قبل قيام االمام الحسين (ع)‬
‫ص‪11:‬‬
‫ذكرنا في ما سبق كيف اجتهد الخلفاء بعد رسول هّللا في أحكام االسالم حكما بعد حكم بما رأوا في‪RR‬ه مص‪RR‬لحة عاّم ة‬
‫أو مصلحة خاّصة مّم ا حفلت بذكره كتب الخالف وأوردنا بعضها في ما س‪RR‬بق‪ ،‬وإلى ج‪RR‬انب ذل‪RR‬ك وّج ه المس‪RR‬لمون‬
‫توجيها خاّصا إلى تقديس مقام الخليفتين أبي بكر وعمر خاصة بحيث أصبح مستساغا لدى ع‪RR‬اّم تهم أن يشترط في‬
‫البيعة بعد الخليفة عمر‪ :‬العمل بكتاب هّللا وسّنة نبّيه وسيرة الشيخين‪ ،‬وبذلك أقّر المسلمون أن تكون سيرة الشيخين‬
‫في عداد كتاب هّللا وسنة نبّيه‪ ،‬مصدرا للتشريع في المجتمع االسالمي‪ ،‬واستمّر االمر كذلك حتى إذا جاء إلى الحكم‬
‫االمام علي (ع) بقوة الجماهير بعد عثمان‪ ،‬لم يستطع أيضا أن يعيد إلى المجتمع االحكام االسالمية اّلتي اجتهد فيها‬
‫الخلف‪RR‬اء‪ ،‬وتع‪RR‬الت صيحات‪ :‬وا س‪ّR‬نة عم‪RR‬راه‪ ،‬من جيشه عندما نه‪RR‬اهم عن إقام‪RR‬ة صالة النافل‪RR‬ة جماع‪RR‬ة في ش‪RR‬هر‬
‫رمضان‪ ،‬ولم يرضوا بسّنة الرسول بديال عن سّنة عمر في هذا الحكم‪ ،‬ذلك الن الجماهير المسلمة عندما بايعت‪RR‬ه لم‬
‫تكن تدرك أّنه مخالف في أّتجاهه في الحكم سيرة الشيخين‪ ،‬وهذا ما كان يح‪R‬اول معاوي‪R‬ة جاهدا أن ينّب ه الجم‪RR‬اهير‬
‫االسالمية اليه ليثوروا عليه‪.‬‬

‫واالمام إن لم يستطع أن يعيد إلى المجتمع االحكام االسالمية اّلتي جاء به‪RR‬ا الرس‪RR‬ول ب‪RR‬ديال عن اجته‪RR‬ادات الخلف‪RR‬اء‪،‬‬
‫فقد استطاع هو وُثّل ة من صحبه أن ينشروا بين المس‪R‬لمين من ح‪R‬ديث الرس‪R‬ول ماك‪R‬ان محظ‪R‬ورا نشره قب‪R‬ل ذاك‪.‬‬
‫فأنتجت هذه النهضة من االمام علّي وجماعته في نشر الحديث المحظور عن الرسول‪ ،‬تّيارا فكريا مخالفا لم‪RR‬ا ألف‪RR‬ه‬
‫المسلمون زهاء خمس وعشرين سنة مّد ة حكومة الخلفاء الثالثة قبل‪RR‬ه‪ ،‬وهذا ماأش‪RR‬ار الي‪RR‬ه س‪RR‬ليم بن قيس حين ق‪RR‬ال‬
‫المير‬
‫ص‪12:‬‬
‫المؤمنين‪:‬‬

‫«أني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبّي هّللا (ص) أنتم تخ‪RR‬الفونهم فيه‪RR‬ا‪،‬‬
‫وتزعمون أن ذلك كّله باطل‪ ،‬أفترى الناس يكذبون على رسول هّللا متعّم دين ويفّسرون القرآن برأيهم ‪...‬؟»‪.‬‬
‫كان ما سمعه سليم من سلمان وأبي ذر والمقداد وليس غيرهم قبل هذا‪ ،‬بتكّتم‪ ،‬وأتمان على سّر ثّم س‪RR‬معه بع‪RR‬د ذل‪RR‬ك‬
‫من أمير المؤمنين وصحبه جهارا وفي غير سٍّر من قبل مناشدة أمير المؤم‪R‬نين الركب‪R‬ان في رحب‪R‬ة مس‪R‬جد الكوفة‪:‬‬
‫من سمع النبٍى يقول في غدير خم‪( :‬من كنت مواله فهذا علّي مواله) فليشهد‪ .‬فقام اثنا عشر ب‪RR‬دريا وش‪RR‬هدوا ب‪RR‬ذلك‪،‬‬
‫وما كشفه عن واقع االمر في خطبته الشقشقية حين قال‪:‬‬
‫«أما وهّللا لقد تقّم صها فالن‪ -‬إبن أبي قحافة‪ -‬وإّنه ليعلم أّن محّلي منها محّل القطب من الّرحى‪ ،‬ينح‪RR‬در عّني الس‪RR‬يل‬
‫وال يرقى إلّي الطير‪ ،‬فسدلت دونها ثوبا‪ ،‬وطويت عنها كشحا‪ ،‬وطفقت أرتئي بين أن أصول بي‪RR‬د ج ‪ّR‬ذ اء‪ ،‬أو أصبر‬
‫على طخية عمياء‪ ،‬يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير‪ ،‬ويكدح فيه‪RR‬ا م‪RR‬ؤمن ح‪R‬تى يلقى رّب ه‪ ،‬فرأيت أّن الص‪RR‬بر‬
‫على هاتا أحجى‪ ،‬فصبرت وفي العين قذًى وفي الحلق شجًى ‪ ،‬أرى تراثي نهبا حّتى مضى االول لسبيله فأدلى إلى‬
‫فالن بعده‪.‬‬
‫ويوم حّيان أخي جابر‬ ‫شّتان ما يومي على كورها‬

‫فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته‪ ،‬إذ عقدها الخر بعد وفاته‪ ،‬لشّد ما تشّطرا ضرعيها‪ ،‬فصّيرها في حوزة خشناء‬
‫يغلظ كالمها‪ ،‬ويخشن مُّسها‪ ،‬ويكثر العثار فيها‪ ،‬واالعتذار منها‪ ،‬فصاحبها ك‪RR‬راكب الّص عبة؛ إن أش‪RR‬نق له‪RR‬ا خ‪RR‬رم‪،‬‬
‫وإن أسلس لها تقَّحم‪ ،‬فمني الّناس‪ -‬لعمر هّللا ‪ -‬بخط وشماس وتلُّو ن‬
‫ص‪13:‬‬
‫واعتراض؛ فصبرت على طول المَّد ة وشَّد ة المحنة؛ حّتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أّني أح‪RR‬دهم‪ ،‬في‪RR‬ا‬
‫هّلل وللشورى! متى اعترض الريب فَّي مع االّول منهم حّتى صرت أقرن إلى هذه النظائر!! لكّني أسففت اذ أسّفوا‪،‬‬
‫وطرت إذ طاروا؛ فصغى رجل منهم لضغنه‪ ،‬ومال االخر لصهره‪ ،‬معن هن وهن إلى أن أقام ثالث القوم حض‪RR‬تيه‬
‫بين نثيله ومعتلفه‪ ،‬وقام معه بنو أبيه يخضمون مال هّللا خضمة االبل نبتة الّربيع‪ ،‬إلى أن انتكث فتله‪ ،‬وأجه‪R‬ز علي‪R‬ه‬
‫عمله‪ ،‬وكبت به بطنته‪ ،‬فما راعني إاّل والّن اس كع‪RR‬رف الّض بع إلَّي ينث‪RR‬الون علّي من ك‪ّRR‬ل ج‪RR‬انب؛ حّتى لقد وطىء‬
‫الحسنان‪ ،‬وشّق عطفاي‪ ،‬مجتمعين حولي كربيضة الغنم‪ .‬فلّم ا نهضت باالمر نكثت طائفة‪ ،‬ومرقت ُأخ‪RR‬رى‪ ،‬وقس‪RR‬ط‬
‫‪1‬‬
‫آخرون ‪ ...‬الخطبة‪.‬‬

‫ومثل قوله‪ :‬قد عملت الوالة قبلي أعماال خالفوا فيه‪RR‬ا رس‪RR‬ول هّللا (ص) متعِّم دين لخالفة‪ ،‬ناقض‪RR‬ين لعه‪RR‬ده مغّي رين‬
‫لسّنته‪ ،‬ولو حملت الناس على تركها‪ ،‬وحّو لتها إلى مواضعها‪ ،‬وإلى ماكانت عليه في عهد رسول هّللا (ص)‪ ،‬لتفّرق‬
‫عّني جندي حّتى أبقى وحدي‪ ،‬أو قليل من شيعتي اّلذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب هّللا عّز وّجل وس‪ّRR‬نة‬
‫رسول هّللا (ص)‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 1‬روضة الكافي‪ ،‬ص ‪ ،59‬ط‪ .‬الثانية سنة ‪ 1389‬ه‪ ،-‬دار الكتب االسالمية بطهران‪.‬‬
‫انقسام االمة إلى قسمين‬
‫تلكم التظاهرة الضخمة في االقوال أّد ت إلى انقسام االمة إلى قس‪RR‬مين‪ ،‬وذل‪RR‬ك أّن الناس م‪RR‬دى ال‪RR‬دهر ينقس‪RR‬مون إلى‬
‫قسمين‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ )1‬همج رعاع‪ ،‬أتباع كّل ناعق‪ ،‬يميلون مع كّل ريح‪ ،‬كما وصفهم االمام علي (ع)‪.‬‬
‫ص‪14:‬‬
‫‪ )2‬وقسم آخر يتحّركون‪ ،‬واعين لتحّركهم‪ .‬هادفين‪ .‬وينظر في تقويم أفعال الناس في المجتمع وتعليلها إلى الواعين‬
‫الهادفين‪ .‬والواعون الهادفون في المجتمع يومذاك انقسموا على أثر تلك التظاهرة إلى قسمين‪:‬‬

‫أ‪ -‬مّحب الهل البيت‪ ،‬مواٍل لهم‪ ،‬مقّر بفضلهم‪.‬‬


‫ب‪ -‬مستنكر لالستهانة بمقام الشيخين‪ ،‬مستهزىء بأقوال االمام‪ ،‬يزداد حقدهم له يوما بع‪RR‬د ي‪R‬وم‪ ،‬وك‪RR‬ان ج‪ّR‬ل هؤالء‬
‫الحاقدين على االمام مّم ن ثار قبل ذلك على عثمان حّتى قتلوه‪ .‬وهؤالء هم الخوارج ال‪RR‬ذين رفع‪RR‬وا ش‪RR‬عار‪« :‬ال حكم‬
‫إاّل هّلل » وُأشرَب في قلوبهم حّب الشيخين‪ ،‬والسخط على عائشة‪ ،‬وطلحة والزبير‪ ،‬وعثم‪R‬ان‪ ،‬وعلّي ‪ .‬وخ‪R‬رج هؤالء‬
‫على االمام فقاتلهم في النه‪R‬روان ولم يقض عليهم‪ ،‬فأردوه ق‪R‬تيال في محراب‪R‬ه‪ ،‬واس‪R‬تولى على الحكم معاوي‪R‬ة بع‪R‬ده‪،‬‬
‫فبذل جهده في عشرين سنة‪ -‬مّد ة حكمه‪ -‬في توجيه االمة توجيه‪RR‬ا تس‪RR‬اير في‪RR‬ه هواه‪ ،‬وتس‪RR‬ير طائع‪RR‬ة راغب‪RR‬ة إلى م‪RR‬ا‬
‫يشتهيه‪.‬‬
‫وكان معاوية‪ -‬باالضافة إلى ذلك‪ -‬يغيظ‪R‬ه انتشار ذك‪RR‬ر ب‪R‬ني هاش‪RR‬م أع‪RR‬داء ُأس‪R‬رته التقلي‪R‬ديّين عاّم ة‪ ،‬وخاصة ذك‪RR‬ر‬
‫الرسول وابن عّم ه االمام علّي ‪ ،‬وذلك النتشار ذكرهما بين المسلمين انتشارا هائال‪ 3‬في مقابل خمول ذكر ب‪RR‬ني أبي‪RR‬ه‬
‫أمثال عتبة‪ ،‬وشيبة‪ ،‬وأبي سفيان‪ ،‬والحكم بن أبي العاص أّو ال‪ ،‬وثانيا لما يناقض انتشار ذكر الرسول وابن عمه م‪RR‬ا‬
‫يتوخاه من تركيز الخالفة لنفسه‪ ،‬وتوريثه‬
‫ص‪15:‬‬
‫لعقبة‪ ،‬إذ بانتشار ذكرهما تّتجه أنظ‪R‬ار المس‪RR‬لمين إلى ش‪RR‬بليهما الحس‪RR‬ن والحس‪RR‬ين‪ ،‬له‪RR‬ذا كّل ه ج‪ّR‬د معاوي‪R‬ة في إطف‪RR‬اء‬
‫نورهم عاّم ة‪ ،‬وذكر الرسول وابن عّم ه خاصة فقّد ر لهذا ودّبر ما يلي‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫أ‪ -‬رفع ذكر الخليفتين أبي بكر وعمر‪ ،‬وألحق بهما أخيرا ابن عّم ه عثمان ثالث الخلفاء‪.‬‬
‫ب‪ -‬عمل سَّرا على تحطيم شخصية الرسول في نفوس المسلمين‪ ،‬وجهارا لتحطيم شخصية ابن عّم ه‪.‬‬
‫وللوصول إلى هذين الهدفين‪ ،‬دفع قوما من الصحابة والتابعين ليضعوا أحاديث في ما يرفع ذك‪R‬ر الخلف‪R‬اء‪ ،‬ويض‪R‬ع‬
‫من كرامة الرسول وابن عّم ه‪ ،‬وصرف حوله وطوله في إنج‪RR‬اح هذا الت‪RR‬دبير‪ ،‬وكتم أنف‪RR‬اس من خالف‪RR‬ه من ذل‪RR‬ك من‬
‫أولياء علي وأهل بيته وقتلهم شَّر قتله‪ ،‬صلبا على جذوع النخل‪ ،‬وتمثيال بهم‪ ،‬ودفنهم أحياء‪.‬‬

‫‪ .)2 ( 2‬ترجمة االمام علي بتاريخ دمشق البن عساكر‪ ،‬ط‪ .‬االولى سنة ‪ 1935‬ه‪ -‬بمطبعة العاملية ‪ 285 /2‬االحاديث ‪ 528 -501‬خاصة رقم ‪-521‬‬
‫‪.522‬‬
‫‪ .)1 ( 3‬اما انتشار ذكر الرسول فواضح‪ ،‬وأما اسم علي فمن مواقفه في بدر وُأحد والخندق وخيبر‪ ،‬ومن أحاديث الرسول في شأنه في تلك المواقف‬
‫وفي تبوك والغدير‪ ،‬وعمل الرسول في المباهلة‪ ،‬وعند نزول آية التطهير‪ ،‬وآيات صدر سورة براءة‪.‬‬
‫من كل ذلك ونظائره انتشر له ذكر جميل‪ ،‬وسعى معاوية الخفاء معالمه‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 4‬راجع قبله الفصل الثاني من الباب الثاني من هذا الكتاب‪ ،‬باب« على عهد معاوية»‪.‬‬
‫فنجح في ما دّبر نجاحا منقطع النظير حين انتشرت بين االمة على أثر ذل‪RR‬ك أح‪RR‬اديث ت‪RR‬روي عن رس‪RR‬ول هّللا (ص)‬
‫أّنه قال في مناجاته لرّبه‪ :‬إّني بشر أغضب كما يغضب البشر فأّيما مؤمن لعنته أو سببته‪ ،‬فاجعلها له صالة وزك‪RR‬اة‬
‫‪5‬‬
‫وقربة تقّربه بها أليك يوم القيامة‪ .‬وفي رواية «طهورا‪ :‬أجرا»‪.‬‬
‫وأّنه قال‪« :‬أنتم أعلم بأمر دنياكم» أو قال‪« :‬وإذا أمرتكم بشيء من رأي‬
‫ص‪16:‬‬
‫فإّنما أنا بشر»‪ ،‬وإّنه قال ذلك عندما نهاهم عن تأبير النخل وفسد تم‪RR‬رهم‪ 6،‬أو أّن ه رفع زوجت‪RR‬ه عائشة لتنظ‪RR‬ر إلى‬
‫‪8‬‬
‫رقص الحبشة بمسجده‪ 7،‬أو أّنه ُأقيم مجلس الغناء في داره‪.‬‬

‫هذه االحاديث إلى عشرات غيرها‪ ،‬نراها قد وضعت بإمعان في عصر معاوية‪ 9‬وامتد أثرها على مدرس‪RR‬ة الخلف‪RR‬اء‬
‫إلى يومنا الحاضر‪ ،‬واّنها هي اّلتي جعلت طائفة من المسلمين ال ترى لرسول هّللا القدرة على اتيان المعجزات‪ ،‬وال‬
‫الشفاعة‪ ،‬وال حرمة لقبره‪ ،‬وال ميزة له بعد موته‪.‬‬
‫أّم ا االم‪R‬ام علّي (ع) فقد نجح معاوي‪R‬ة في تحطيم شخص‪R‬يته في المجتم‪R‬ع االس‪R‬المي يوم‪R‬ذاك إلى ح‪ِّR‬د أن المس‪R‬لمين‬
‫واصلوا لعنه فوق جميع منابرهم في شرق االرض وغربها‪ ،‬خاّصة في خطبة الجمعة كفريضة من فرائض صالة‬
‫الجمعة زهاء ألف شهر مّد ة حكم آل ُأمّية‪ ،‬وإلى جانب ذلك نجح معاوية في رفع مقام‬
‫ص‪17:‬‬
‫‪10‬‬
‫الخالفة في نفوس المسلمين‪.‬‬

‫واستمّرت االمة بعده في سيرها الفكري على هذا االتجاه إلى حِّد أّن ه أمكن ال‪R‬والة أن يقول‪R‬وا على منابر المس‪R‬لمين‬
‫أخليفة أحدكم أكرم عنده أم رسوله؟ أي أّن الخليفة الذي يعتبرونه خليف‪RR‬ة هّللا في االرض أك‪RR‬رم على هّللا من رس‪RR‬وله‬
‫خاتم النبيين!!‪.‬‬
‫نتيجة مساعي الخليفة معاوية‬
‫وكانت نتيجة تلك المساعي أّن المسلمين وغير المسلمين منذ عهد معاوية وإلى اليوم عرفوا رس‪RR‬ول هّللا وابن عّم ه‬
‫والخلفاء الثالثة وشخصيات إسالمّية ُأخرى من خالل ما وضع من ح‪RR‬ديث على عه‪RR‬د معاوي‪RR‬ة وكم‪RR‬ا أراد معاوي‪RR‬ة‪،‬‬
‫وكان ما أراده خالف الواق‪RR‬ع ال‪RR‬ذي ك‪RR‬انوا علي‪RR‬ه‪ ،‬وباالض‪RR‬افة إلى ذل‪RR‬ك ك‪RR‬ان لمعاوي‪RR‬ة اجته‪RR‬ادات في تغي‪RR‬ير االحك‪RR‬ام‬
‫‪11‬‬
‫االسالمّية بّد ل منها ما بّد ل باجتهاده‪ ،‬سّم ي بعضها‪ ،‬بأّولّيات معاوية‪.‬‬

‫‪ .)2 ( 5‬صحيح مسلم باب« من لعنه النبي( ص) أو سبه ‪ ...‬كان له زكاة وأجرا ورحمة» من كتاب البر‪ ،‬ح ‪ ،97 -88‬وسنن أبي داود كتاب السنة‪،‬‬
‫الباب ‪ ،12‬وسنن الدارمي‪ ،‬الرقاق ‪ ،52‬ومسند أحمد ‪ 317 /2‬و ‪ 390‬و ‪ 448‬و ‪ 449‬و ‪ 493‬و ‪ 496‬و ‪ 33 /3‬و ‪ 391‬و ‪ 440‬و ‪ 437 /5‬و ‪439‬‬
‫و ‪.45 /6‬‬
‫‪ .)1 ( 6‬صحيح مسلم‪ ،‬باب« وجوب امتثال ما قاله شرعا‪ ،‬دون ما ذكره( ص) من معايش ال‪RR‬دنيا على س‪RR‬بيل ال‪RR‬رأي» من كت‪RR‬اب الفض‪RR‬ائل ح ‪-139‬‬
‫‪ ،141‬وابن ماجة باب تلقيح النخل‪ ،‬ومسند أحمد ‪ 162 /1‬و ‪.152 /3‬‬
‫‪ .)2 ( 7‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب أصحاب الحراب في المسجد‪ ،‬وكتاب العيدين‪ ،‬باب ‪ ،25‬وكتاب الجهاد‪ ،‬باب ‪ .79‬وكتاب النكاح‪ :‬باب‬
‫نظر المرأة إلى الَحَبش ونحوهم من غير ريبة‪ ،‬وباب حسن المعاشرة مع االهل‪ ،‬وكتاب المناقب‪ ،‬باب قصة الحبش‪.‬‬
‫وصحيح مسلم‪ ،‬كتاب صالة العيدين‪ :‬باب الرخصة في اللعب الذي ال معصية فيه‪ ،‬وكتاب المساجد ‪ ،18‬والنسائي ‪ 34‬و ‪ ،35‬ومسند أحم‪RR‬د ‪368 /2‬‬
‫و ‪ 56 /6‬و ‪ 83‬و ‪ 84‬و ‪ 85‬و ‪ 166‬و ‪.186‬‬
‫‪ .)3 ( 8‬صحيح البخاري« كتاب فضائل النبي» باب مقدم أصحاب النبي المدينة‪ ،‬وكتاب العيدين‪ :‬باب سنة العيدين الهل االسالم‪ ،‬وباب إذا فاته العيد‬
‫يصلي ركعتين‪ ،‬وباب الحراب والدرق‪ ،‬وكتاب مناقب االنصار ص ‪ ،46‬وصحيح مسلم‪ ،‬باب اللعب الذي ال معصية في‪RR‬ه‪ ،‬وكت‪RR‬اب العي‪RR‬دين ص ‪،16‬‬
‫وسنن ابن ماجة‪ ،‬تصحيح محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب الغناء والدف‪ ،‬ص ‪ ،612‬رقم الحديث ‪ ،1898‬ومسند أحمد ‪.134 /6‬‬
‫‪ .)4 ( 9‬راجع فصل« مع معاوية» من كتاب« أحاديث ُأم المؤمنين عائشة» للمؤلف‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 10‬سيأتي بيانه ان شاء هّللا تعالى‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 11‬ذكر بعضها اليعقوبي في تأريخه‪ ،‬والسيوطي في تاريخ الخلفاء في ذكر سيرة معاوية‪.‬‬
‫إستطاع معاوية بّك ل تلك الجهود أن يبِّدل االسالم ويعّرفه كما يشتهي‪ ،‬حتى لم يب‪RR‬ق من االس‪RR‬الم في آخ‪RR‬ر عه‪RR‬ده إاّل‬
‫اسمه‪ ،‬ومن القرآن إاّل رسمه‪ ،‬وإّنما حافظ معاوي‪RR‬ة ومن ج‪RR‬اء بع‪RR‬ده على اس‪RR‬م االس‪RR‬الم الّنهم ك‪RR‬انوا يحكم‪RR‬ون باس‪RR‬م‬
‫االسالم‪.‬‬
‫كذلك كانت حالة المسلمين عندما توفي معاوية في سنة ستين واستولى على الحكم ابنه يزي‪R‬د‪ ،‬فم‪R‬ا ك‪R‬ان أم‪R‬ام س‪R‬بط‬
‫الرسول ووريثه إاّل واحدة من اثنتين‪ :‬إّم ا البيعة‪ ،‬وإّم ا القتال‪ .‬وبيع‪RR‬ة الحس‪RR‬ين (ع) ليزي‪RR‬د تع‪RR‬ني اق‪RR‬راره على أفعال‪RR‬ه‬
‫وتصديقه القواله‪ .‬فأبى الحسين (ع) أن يبايع يزيد واستشهد في سبيل ذلك‪.‬‬
‫ص‪18:‬‬
‫االمام الحسين (ع) امتنع من بيعة يزيد‬
‫فكيف كان يزيد في أفعاله وأقواله؟ ولماذا أبى االمام أن يبايعه؟ وهل كان يعرف مصيره حين أبى؟ وماذا كان أثر‬
‫استشهاده على االسالم والمسلمين؟‬
‫في ما يلي نحاول تفّهم كل ذلك من كتب الحديث والسيرة ان شاء هّللا تعالى‪.‬‬
‫أّوال‪ :‬يزيد في أفعاله وأقواله‬
‫في تاريخ ابن كثير‪ :‬كان يزيد صاحب شراب‪ ،‬فأحب معاوية أن يعظ‪R‬ه في رفق فقال‪ :‬ي‪R‬ا ب‪R‬نّي م‪R‬ا أق‪R‬درك على أن‬
‫تصل حاجتك من غير تهّتك يذهب بمروءتك وقدرك ويشمت بك عدّوك ويس‪RR‬يء ب‪RR‬ك صديقك‪ ،‬ثّم ق‪RR‬ال‪ :‬ي‪RR‬ابنّي إّني‬
‫منشدك أبياتا فتأّد ب بها واحفظها فأنشده‪:‬‬
‫واصبر على هجر الحبيب القريب‬ ‫انصب نهارا في طالب العال‬

‫واكتحلت بالغمض عين الرقيب‬ ‫حتى إذا الليل أتى بالدجى‬

‫فإّنما اللّيل نهار االريب‬ ‫فباشر الليل بما تشتهي‬

‫باشر الليل بأمر عجيب‬ ‫كم فاسق تحسبه ناسكا قد‬

‫فبات في أمن وعيش خصيب‬ ‫غّطى عليه الليل أستاره‬

‫‪12‬‬
‫يسعى بها كل عدّو مريب‬ ‫ولّذ ة االحمق مكشوفة‬

‫وقال‪ :‬وكان فيه أيضا اقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات‪ ،‬في‬
‫ص‪19:‬‬
‫‪13‬‬
‫بعض االوقات‪ ،‬واقامتها في غالب االوقات‪.‬‬

‫***‬
‫لّم ا أراد معاوية أن يأخذ البيعة ليزيد من الناس‪ ،‬طلب من زياد أن يأخذ بيع‪RR‬ة المس‪RR‬لمين في البص‪RR‬رة‪ ،‬فك‪RR‬ان ج‪RR‬واب‬
‫زياد له‪ :‬ما يقول الناس إذا دعون‪R‬اهم إلى بيع‪R‬ة يزي‪R‬د‪ ،‬وهو يلعب ب‪R‬الكالب‪ ،‬والقرود‪ ،‬ويلبس المص‪ّR‬بغات‪ ،‬وي‪R‬دمن‬

‫‪ .)1 ( 12‬تاريخ ابن كثير ‪.228 /8‬‬


‫‪ .)1 ( 13‬تاريخ ابن كثير ‪.230 /8‬‬
‫الشراب‪ ،‬ويمشي على الدفوف وبحضرتهم الحس‪RR‬ين بن علي‪ ،‬وعبدهّللا بن عب‪RR‬اس‪ ،‬وعبدهّللا بن الزب‪RR‬ير‪ ،‬وعبدهّللا بن‬
‫‪14‬‬
‫عمر؟ ولكن تأمره يتخّلق بأخالق هؤالء حوال أو حولين فعسانا أن نمّو ه على الناس‪.‬‬

‫فاغزى معاوية يزيد الصائفة مع الجيش الغازي الروم «فتثاقل واعتّل وأمسك عنه أبوه»‪ 15‬فأصاب المسلمين حّم ى‬
‫وجدري في بالد الروم ويزيد حينذاك كان مصطبحا بدير م‪ّR‬ران م‪R‬ع زوجت‪R‬ه أم كلث‪R‬وم بنت عبدهّللا بن ع‪R‬امر‪ ،‬فلّم ا‬
‫بلغة خبرهم قال‪:‬‬
‫بدير مّران عندي أّم كلثوم‬ ‫إذا ارتفقت على االنماط مصطبحا‬

‫‪16‬‬
‫ب‪( -‬الغذقدونة) من حمّى ومن موم‬ ‫فما أبالي بما القت جنودهم‬

‫وبعده في معجم البلدان‪:‬‬


‫فبلغ معاوية ذلك فقال‪ :‬الجرم ليلحّقن بهم ويصيبه ما أصابهم وإاّل خلعته فتهّيأ للرحيل وكتب اليه‪:‬‬
‫لتقطع حبل وصلك من حبالي‬ ‫تجّنى ال تزال تعُّد ذنبا‬

‫ص‪20:‬‬
‫‪17‬‬
‫في المهالك وارتحالي‬ ‫فيوشك أن يريحك من بالئي نزلي‬

‫وأرسل معاوية يزيد إلى الحّج وقيل بل أخذه معه فجلس يزيد بالمدينة على شراب فاستأذن عليه عبدهّللا بن العّب اس‬
‫والحسين بن علي فأمر بشرابه فرفع‪ ،‬وقيل له‪ :‬اّن ابن عباس إن وجد ريح شرابك عرفه‪ ،‬فيحجب‪RR‬ه واذن للحس‪RR‬ين‪،‬‬
‫فلما دخل وجد رائحة الشراب مع الطيب‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا ي‪RR‬ا أبن معاوي‪RR‬ة؟ فقال‪ :‬ي‪RR‬ا أب‪RR‬ا عبدهّللا هذا طيب يص‪RR‬نع لنا‬
‫بالشام‪ ،‬ثّم دعا بقدح فشربه ثّم دع‪RR‬ا بقدح آخ‪RR‬ر فقال‪ :‬اس‪RR‬ق أب‪RR‬ا عبدهّللا ي‪RR‬اغالم‪ .‬فقال الحس‪RR‬ين‪ :‬علي‪RR‬ك ش‪RR‬رابك أّيه‪RR‬ا‬
‫المءر ‪....‬‬
‫فقال يزيد‪:‬‬
‫دعوتك ثم لم تجب‬ ‫أال يا صاح للعجب‬

‫ت والصهباء والطرب‬ ‫إلى القينات والّلذا‬

‫عليها سادة العرب‬ ‫وباطية مكّللة‬

‫فؤادك ثّم لم تتب‬ ‫وفيهّن اّلتي تبلت‬

‫‪18‬‬
‫فوثب الحسين عليه وقال‪ :‬بل فؤادك يا ابن معاوية تبلت‪.‬‬
‫وحّج معاوية‪ :‬وحاول أن يأخذ البيعة من أهل مّك ة والمدينة فأبى عبدهّللا ابن عم‪RR‬ر وق‪RR‬ال‪ :‬نب‪RR‬ايع من يلعب ب‪RR‬القرود‬
‫والكالب ويشرب الخمر ويظهر الفسوق‪ ،‬ما حّجتنا عند هّللا ؟‬
‫‪ .)2 ( 14‬تاريخ اليعقوبي ‪.220 /2‬‬
‫‪ .)3 ( 15‬هذا نص ابن االثير في تاريخه ‪ 181 /3‬في ذكر حوادث سنة ‪.49‬‬
‫‪ .)4 ( 16‬تاريخ اليعقوبي ‪ ،229 /2‬واالغاني ط‪ .‬ساسي ‪ ،33 /16‬وأنساب االشراف ‪.3 /2 /4‬‬
‫‪ .)1 ( 17‬ترجمة دير مّر ان والغذقدونة‪ :‬من معجم البلدان‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 18‬االغاني ‪ ،61 /14‬وتاريخ ابن االثير ‪ 50 /4‬في ذكره سيرة يزيد‪ .‬وقد أوردت الخبر بايجاز‪.‬‬
‫وقال ابن الزبير‪ :‬ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقد أفسد علينا ديننا‪ 19 .‬وفي رواية‪ :‬إّن الحسين قال له‪ :‬كأنك‬
‫تصف محجوبا أو تنعت غائبا‬
‫ص‪21:‬‬
‫أو تخبر عّم ا كان احتويته لعلم خاّص ‪ ،‬وقد دّل يزيد من نفسه على موقع رأيه‪ ،‬فخذ ليزيد في م‪RR‬ا أخ‪RR‬ذ من اس‪RR‬تقرائه‬
‫الكالب المهارشة عند التحارش‪ ،‬والحمام السَّبق الت‪RR‬رابهّن ‪ ،‬والقينات ذوات المع‪RR‬ازف‪ ،‬وض‪RR‬روب المالهي‪ ،‬تج‪RR‬ده‬
‫ناصرا‪ ،‬ودع عنك ما تحاول‪ 20‬انتهى‪.‬‬

‫قال المؤّلف‪ :‬لست أدري أكان هذا الحوار من سبط النبي مع معاوية وحوار ابن الزبير وابن عم‪RR‬ر مع‪RR‬ه في مجلس‬
‫واحد أم في مجلسين‪ ،‬ومهما يكن من أمره فاّن معاوي‪R‬ة لم يس‪R‬تطع أن يأخ‪R‬ذ البيع‪R‬ة من هؤالء‪ ،‬واس‪R‬تطاع أن يأخ‪R‬ذ‬
‫البيعة من أهل الحرمين ويمّو ه عليهم أمر العباد له في بيعة ابنه‪ ،‬وارتحل عنهم‪.‬‬
‫***‬
‫وجدنا يزيد في سفريه إلى الحّج والغزو يتظ‪RR‬اهر بالالمب‪RR‬االة بالمقدس‪RR‬ات االس‪RR‬المية وع‪RR‬دم االك‪RR‬تراث بنكب‪RR‬ة الجيش‬
‫االسالمي الغازي‪ ،‬خالفا لرغبة أبيه معاوية ووصّية دعّيه زياد بأن يتظاهر بالتّخ لق ب‪R‬االخالق االس‪RR‬المية ح‪R‬وال أو‬
‫ح‪R‬ولين عس‪RR‬اهم أن يمّو هوا على الناس أم‪RR‬ره‪ ،‬ولم يكت‪R‬ف ب‪R‬ذلك ح‪R‬تى نظم في س‪RR‬كره واعالم أم‪RR‬ره م‪RR‬ا س‪RR‬ارت ب‪R‬ه‬
‫الركبان‪.‬‬

‫وأكثر يزيد من نظم الشعر في الخمر والغناء مثل قوله‪:‬‬


‫واسمعوا صوت االغاني‬ ‫معشر الندمان قوموا‬

‫‪21‬‬
‫واتركوا ذكر المثاني‬ ‫واشربوا كأس مدام‬

‫عن صوت االذان‬ ‫شغلتني نغمة العيدان‬

‫عجوزا في الدنان‬ ‫وتعّو ضت من الحور‬

‫وقوله‪:‬‬
‫ص‪22:‬‬
‫لما كان عندي مسحة للتيّم م‬ ‫ولو لم يمّس االرض فاضل بردها‬

‫وأظهر ذات صدره في قصيدته التي يقول فيها‪:‬‬


‫بذلك إّني ال أحب التناجيا‬ ‫علّية هاتي وترّنمي‬

‫إلى أحٍد حتى أقام البواكيا‬ ‫حديث أبي سفيان قدما سما بها‬

‫‪ .)3 ( 19‬تاريخ اليعقوبي ‪.228 /2‬‬


‫‪ .)1 ( 20‬االمامة والسياسة البن قتيبة ‪.170 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 21‬في االصل‪ «:‬المعاني» تحريف‪ ،‬ويقصد بالمثاني‪ :‬السبع المثاني أي اتركوا قراءة الحمد في الصالة‪.‬‬
‫تخّيرها العنسي كرما شآميا‬ ‫أال هات سّقيني على ذاك قهوة‬

‫وجدنا حالال شربها متواليا‬ ‫إذا ما نظرنا في ُأمور قديمة‬

‫والتأملي بعد الِفراق تالقيا‬ ‫وإن مّت يا أّم االحيمر فانكحي‬

‫أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا‬ ‫فإّن اّلذي حّد ثت عن يوم بعثنا‬

‫بمشمولة صفراء تروي عظاميا‬ ‫والبّد لي من أن أزور محمدا‬

‫‪22‬‬
‫إلى غير ذلك مّم ا نقلت من ديوانه‪ .‬انتهى نقال عن تذكرة خواّص االّم ة‪.‬‬
‫يخاطب يزيد في هذه القصيدة حبيبته ويقول لها‪ :‬ترّنمي وأعلني قّصة أبي سفيان لّم ا جاء إلى أح‪RR‬د وفع‪RR‬ل م‪RR‬ا فع‪RR‬ل‪،‬‬
‫حتى أقام البواكي على حمزة وغيره من شهداء ُأحد‪ ،‬أعلني ذلك وال تذكريه في نجوى‪ ،‬واس‪RR‬قيني على ذل‪RR‬ك خم‪RR‬را‬
‫تخِّيرها‬
‫ص‪23:‬‬
‫الساقي من كروم الشام‪ ،‬فإّنا إذا نظرنا في ُأمور قديمة من أعراف قريش وآل ُأمّية في الجاهلية وجدنا حالال شربها‬
‫متواليا وأّم ا ما قيل لنا عن البعث فهو من قبيل أساطير (طسم) تشغل قلبنا‪ ،‬فال بعث والنشور‪ ،‬فإذا مّت فانكحي‬
‫بعدي اذ ال تالقي بعد الموت‪ ،‬ثّم يستهزىء بالرسول‪ ،‬ويقول‪ :‬والبَّد أن ألقاه بخمرة باردة تروي عظامي‪ ،‬كان يزيد‬
‫يستهين بمشاعر المسلمين وينادم النصارى‪.‬‬

‫وروى صاحب االغاني وقال‪ :‬كان يزيد بن معاوية أّول من سّن المالهي في االس‪RR‬الم من الخلف‪RR‬اء‪ ،‬وآوى المغّنين‪،‬‬
‫وأظهر الفتك‪ ،‬وشرب الخمر‪ ،‬وكان ينادم عليها سرجون النصراني مواله‪ ،‬واالخط‪R‬ل‪ -‬الشاعر النص‪RR‬راني‪ -‬وك‪RR‬ان‬
‫‪23‬‬
‫يأتيه من المغّنين سائب خاثر فيقيم عنده فيخلع عليه ‪....‬‬
‫كان يزيد بن معاوية أّول من أظهر شرب الشراب‪ ،‬واالستهتار بالغناء‪ ،‬والصيد واتخ‪RR‬اذ القي‪RR‬ان والغلم‪RR‬ان‪ ،‬والتفُّك ه‬
‫‪24‬‬
‫بما يضحك منه المترفون من القرود والمعافرة بالكالب والديكة‪.‬‬
‫وكان من الطبيعي أن تتأثر بيزيد حاشيته‪ ،‬ويتظاهر الخلعاء والماجنون بأمرهم كم‪R‬ا ذك‪R‬ره المس‪R‬عودي في مروج‪R‬ه‬
‫قال‪ :‬وغلب على أصحاب يزيد وعّم اله ما كان يفعله من الفسوق‪ ،‬وفي أّيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة‪ ،‬واستعملت‬
‫المالهي‪ ،‬وأظهر الناس شرب الشراب‪.‬‬
‫وكان له قرد يكّنى بأبي قيس يحضره مجلس منادمته‪ ،‬ويطرح له مّتكأ‪ ،‬وكان قردا خبيث‪RR‬ا‪ ،‬وك‪RR‬ان يحمل‪RR‬ه على أت‪RR‬ان‬
‫وحشّية قد ريضت وذلّلت لذلك بسرج ولجام ويسابق بها الخيل ي‪RR‬وم الحلب‪RR‬ة‪ ،‬فج‪RR‬اء في بعض االي‪RR‬ام س‪RR‬ابقا‪ ،‬فتناول‬
‫القصبة ودخل الحجرة قبل الخيل وعلى أبي قيس قباء من الحرير االحمر واالصفر مشّم ر‪،‬‬
‫ص‪24:‬‬

‫‪ .)1 ( 22‬تذكرة خواص االمة‪ -‬ص ‪ 164‬تأليف أبي المظفر يوسف بن قزاوغلي أي السبط وكان سبط جمال ال‪R‬دين عب‪R‬د ال‪R‬رحمن ابن الج‪R‬وزي‪ ،‬من‬
‫مؤلفاته التاريخ المسمى بمرآة الزمان( ت‪ )654 :‬راجع ترجمة جده في وفيات االعيان البن خلكان‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 23‬االغاني ‪.68 /16‬‬
‫‪ .)2 ( 24‬أنساب االشراف للبالذري ج ‪ 4‬القسم االول ص ‪ ،1‬المعافرة كالمهارشة‪.‬‬
‫وعلى رأسه قلنسوة من الحرير ذات االلوان بشقائق‪ ،‬وعلى االتان سرج من الحرير االحمر منقوش ملّم ع ب‪RR‬أنواع‬
‫من االلوان‪ ،‬فقال في ذلك بعض شعراء الشام في ذلك اليوم‪:‬‬

‫فليس عليها إن سقطت ضمان‬ ‫تمّسك أبا قيس بفضل عنانها‬

‫‪25‬‬
‫جياد أمير المؤمنين أتان‬ ‫أال من رأى القرد الذي سبقت به‬

‫وروى البالذري عن قّصة هذا القرد وقال‪ :‬كان ليزيد بن معاوية قرد يجعله بين يديه ويكّنيه أبا قيس‪ ،‬ويقول‪ :‬هذا‬
‫شيخ من بني اسرائيل أصاب خطيئة فمسخ وكان يسقيه النبيذ ويضحك مّم ا يصنع‪ ،‬وكان يحمله على أت‪RR‬ان وحشّية‬
‫‪26‬‬
‫ويرسلها مع الخيل فيسبقها‪ ،‬فحمله يوما وجعل يقول تمّسك ‪ ...‬البيتين‪.‬‬
‫واشتهر يزيد بمنادمة القرود حتى قال فيه رجل من التنوخ‪:‬‬
‫فحّن إلى أرض القرود يزيد‬ ‫يزيد صديق القرد مّل جوارنا‬

‫‪27‬‬
‫صحابته االدنون منه قرود‬ ‫فتّبا لمن أمسى علينا خليفة‬

‫وقال ابن كثير‪ :‬اشتهر يزيد بالمعازف وش‪RR‬رب الخم‪RR‬ور‪ ،‬والغناء والص‪RR‬يد‪ ،‬واِّتخ‪RR‬اذ القي‪RR‬ان والكالب‪ ،‬والنط‪RR‬اح بين‬
‫االكابش والدباب والقرود‪ ،‬وم‪RR‬ا من ي‪RR‬وم إاّل ويص‪RR‬بح في‪RR‬ه مخم‪RR‬ورا‪ .‬وك‪RR‬ان يشّد القرد على فرس مس‪RR‬رجة بحب‪RR‬ال‬
‫ويسوق به‪،‬‬
‫ص‪25:‬‬
‫ويلبس القرد قالنس الذهب وكذلك الغلمان‪ ،‬وكان يسابق بين الخيل وكان إذا مات القرد حزن عليه وقي‪RR‬ل إن س‪RR‬بب‬
‫‪28‬‬
‫موته أّنه حمل قردة وجعل ينقزها فعّضته ‪....‬‬

‫وروى البالذري عن شيخ من أهل الشام‪ :‬أّن سبب وفاة يزي‪RR‬د أّن ه حم‪RR‬ل ق‪RR‬ردة على االت‪RR‬ان وهو س‪RR‬كران ثّم ركض‬
‫خلفها فسقط فاندّقت عنقه أو انقطع في جوفه شيء‪.‬‬
‫وروي عن ابن عّياش أّنه قال‪ :‬خرج يزيد يتصّيد بحّوارين وهو س‪R‬كران فركب وبين يدي‪R‬ه أت‪R‬ان وحشّية ق‪R‬د حم‪R‬ل‬
‫عليها قردا وجعل يركض االتان ويقول‪:‬‬
‫فليس عليها إن هلكت ضمان‬ ‫أبا خلف احتل لنفسك حيلة‬

‫‪29‬‬
‫فسقط واندّقت عنقه‪.‬‬
‫وال منافاة بين هذه الروايات فمن الجائز أّنه أركب قردة على أتان وركب هو أيض‪RR‬ا وركض خلف‪RR‬ه وجع‪RR‬ل ينقزها‬
‫فعّضته وسقط واندّقت عنقه وانقطع في جوفه شيء وهكذا استشهد الخليفة قتيل القرد‪.‬‬
‫***‬

‫‪ .)1 ( 25‬مروج الذهب ‪.68 -67 /3‬‬


‫‪ .)2 ( 26‬أنساب االشراف ‪ 2 -1 /1 /4‬وفي لفظ البيتين اختالف يسير مع رواية المسعودي‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 27‬أنساب االشراف ‪.2 /1 /4‬‬
‫‪ .)1 ( 28‬ابن كثير ‪.436 /8‬‬
‫‪ .)2 ( 29‬أنساب االشراف ‪ 2 /1 /4‬ويبدو ان هذا القرد الذي كناه أبا خلف غير الذي كناه أبا قيس‪.‬‬
‫كان هذا شيئا من سيرة يزيد‪ ،‬وكان أبناء االّم ة آنذاك قد تبّلد احساسهم وأخلدوا إلى سبات عمي‪RR‬ق‪ ،‬وم‪RR‬ا غّي ر ح‪RR‬الهم‬
‫تلك عدا استشهاد االمام الحسين (ع) كما نشرحه في الباب التالي‪.‬‬

‫ص‪27:‬‬
‫الفصل االول‪ :‬أستشهاد االمام الحسين أيقظ االمة من سباتها العميق‬
‫ص‪29:‬‬
‫ينبغي لنا في سبيل دراسة آثار استشهاد االم‪RR‬ام الحس‪RR‬ين (ع) على االس‪RR‬الم وأهل‪RR‬ه أن ن‪RR‬درس جمي‪RR‬ع جوانب‪RR‬ه ب‪RR‬دءا‬
‫بدراسة ما ورد من أنباء بأستشهاده قبل وقوعه عن االنبياء السابقين وخاتم االنبياء واالم‪RR‬ام علي مّم ا مه‪RR‬د الس‪RR‬بيل‬
‫لقيامه كما يأتي بيانه‪.‬‬

‫ص‪30:‬‬
‫أنباء باستشهاد الحسين (ع) قبل وقوعه‬
‫‪ -1‬خبر رأس الجالوت‪:‬‬
‫روى الط‪R‬بري والبالذري‪ ،‬والط‪R‬براني‪ ،‬وأبن س‪R‬عد‪ ،‬واللف‪R‬ظ لالّو ل‪ ،‬عن رأس الج‪R‬الوت عن أبي‪R‬ه ق‪R‬ال‪ :‬م‪R‬ا م‪R‬ررت‬
‫بكربال‪ ،‬إاّل وأنا ُأركُض داّبتي حّتى أخل‪R‬ف المك‪R‬ان‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬قلت‪ :‬لم؟ ق‪R‬ال‪ :‬كّن ا نتح‪ّR‬د ث أّن ول‪R‬د ن‪R‬بّي مقت‪R‬ول في ذل‪R‬ك‬
‫المكان وكنت أخاف أن أكون أنا‪ ،‬فلّم ا قتل الحسين قلنا‪ :‬هذا ال‪RR‬ذي كّن ا نتح‪ّR‬د ث‪ ،‬وكنت بع‪RR‬د ذل‪RR‬ك إذا م‪RR‬ررت ب‪RR‬ذلك‬
‫‪30‬‬
‫المكان أسير وال أركض‪.‬‬
‫‪ -2‬خبر كعب‪:‬‬
‫روى الذهبي والهيثمّي والعسقالنّي وابن كثير عن عّم ار الدهنّي قال‪ :‬مّر علي (ع) على كعب فقال‪ :‬يقت‪RR‬ل من ول‪RR‬د‬
‫هذا رجل في عصابة ال يجف عرق خيولهم حّتى يردوا على محّم د (ص)‪ ،‬فم‪ّR‬ر حس‪R‬ن (ع) فقالوا‪ :‬هذا؟ ق‪R‬ال‪ :‬ال‪،‬‬
‫‪31‬‬
‫فمّر حسين (ع) فقالوا‪ :‬هذا؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ص‪31:‬‬
‫وأخرج ابن قولويه (ت‪ 367 :‬ه‪ )-‬أربع روايات في باب علم االنبياء بمقتل الحسين من كتاب‪RR‬ه كام‪RR‬ل الزي‪RR‬ارة‪ ،‬وفي‬
‫باب علم المالئكة حديثا واحدا‪ ،‬وفي ب‪RR‬اب لعن هّللا ولعن االنبي‪RR‬اء لقاتلي‪RR‬ه رواي‪RR‬تين إح‪RR‬داهما م‪RR‬ا رواها عن كعب ان‬
‫‪32‬‬
‫إبراهيم وموسى وعيسى أنبأوا بقتله ولعنوا قاتله‪.‬‬

‫‪ -3‬حديث أسماء بنت عميس‪:‬‬


‫عن علي بن الحسين (ع) قال‪ :‬حدثتني أسماء بنت عميس قالت‪ :‬قّبلُت جّد تك فاطمة بالحسن والحسين ‪...‬‬

‫‪ .)1 ( 30‬تاريخ الطبري ط‪ُ .‬أوربا ‪ 287 /2‬وترجمة االمام الحسين بمعجم الطبراني الكبير تأليف أبي القاسم سليمان بن أحمد( ت‪ 360 :‬ه‪ ،)-‬ح ‪61‬‬
‫ص ‪ .128‬وقد طبع ضمن مجموعة باسم« الحسين والسنة» اختيار وتنظيم السيد عبد العزيز الطباطبائي بمطبعة مهر‪ ،‬قم‪ .‬وفي المجموعة باالظافة‬
‫إليه فضائل الحسين من كتاب فضائل امام الحنابل‪R‬ة أحم‪R‬د بن حنب‪R‬ل‪ ،‬وفي ت‪R‬اريخ ابن عس‪R‬اكر ح ‪ 641‬وفي لفظ‪R‬ة« فلم‪R‬ا قت‪R‬ل حس‪R‬ين كنت أس‪R‬ير على‬
‫هيئتي»‪ ،‬وسير النبالء ‪ 195 /3‬بايجاز‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 31‬معجم الطبراني الكبير ح ‪ ،85‬وطبقات ابن سعد بترجمة االمام الحس‪RR‬ين ح ‪ ،277‬وت‪RR‬اريخ ابن عس‪RR‬اكر ح ‪ 639‬و ‪ ،640‬وت‪RR‬اريخ االس‪RR‬الم‬
‫للذهبي ‪ ،11 /3‬وسير النبالء له ‪ ،195 /3‬ومجمع الزوائد ‪ ،139 /9‬وفي مقتل الخوارزمي أخبار من كعب بقتل الحسين ‪ ،165 /1‬وتهذيب التهذيب‬
‫‪ ،347 /2‬والروض النضير‪ ،‬شرح مجموع الفقه الكبير تأليف الحسين بن أحم‪RR‬د بن الحس‪RR‬ين الس‪RR‬ياغي الحيمي الص‪RR‬نعاني( ت‪ 1221 :‬ه‪ )-‬وفي لف‪RR‬ظ‬
‫بعضهم مع بعض اختالف‪ .‬نقلنا هذا الخبر عن كعب مع عدم اعتمادنا عليه‪ ،‬لتواتر االخبار عن رسول هّللا أّنه أنبأ بقتل الحسين فلعل كعب‪RR‬ا س‪RR‬مع ممن‬
‫سمع من النبي( ص)‪ ،‬ومن الجائز أنه قرأ شيئا من ذلك في كتب أهل الكتاب‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 32‬كامل الزيارة البن قولويه ط‪ .‬المرتضوية‪ -‬النجف سنة ‪ 1356‬ص ‪ ،67 -64‬االبواب ‪ 19‬و ‪ 20‬و ‪ 21‬من الكتاب‪.‬‬
‫فلّم ا ولد الحسين فجاءني النبي (ص) فقال‪ :‬يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء‪ ،‬فأَّذ َن في اذنه اليم‪RR‬نى‪،‬‬
‫وأقام في اليسرى‪ ،‬ثّم وضعه في حجره وبكى‪ ،‬قالت أسماء‪ :‬فقلت فداك أبي وُأّم ي مّم بكاؤك؟ قال‪ :‬على اب‪RR‬ني هذا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬انه ولد الساعة‪ ،‬قال‪ :‬يا أسماء تقتله الفئة الباغية ال أنالهم هّللا شفاعتي‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫‪33‬‬
‫ياأسماء ال تخبري فاطمة بهذا‪ ،‬فإَّنها قريبة عهد بوالدته‪ .‬الحديث‪.‬‬
‫ص‪32:‬‬
‫‪ -4‬حديث ُأم الفضل‪:‬‬

‫في مس‪RR‬تدرك الص‪RR‬حيحين وت‪RR‬أريخ ابن عس‪RR‬اكر ومقت‪RR‬ل الخ‪RR‬وارزمّي وغيرها واللف‪RR‬ظ لالّول‪ ،‬عن أّم الفض‪RR‬ل بنت‬
‫الحارث‪:‬‬
‫اّنها دخلت على رسول هّللا (ص) فقالت‪ :‬يا رسول هّللا أّني رأيُت حلما منكرا الليلة‪ ،‬قال‪ :‬وما هو؟ قالت‪ :‬أّن ه ش‪RR‬ديد‪.‬‬
‫قال‪ :‬وما هو؟ ق‪RR‬الت‪ :‬رأيُت ك‪RR‬أّن قطع‪RR‬ة من جس‪RR‬دك قطعت ووض‪RR‬عت في حج‪RR‬ري‪ ،‬فقال رس‪RR‬ول هّللا (ص)‪ :‬رأيِت‬
‫خيرا‪ ،‬تلد فاطمة‪ -‬إن شاء هّللا ‪ -‬غالما فيكون في حجرك‪ ،‬فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري‪ -‬كم‪RR‬ا ق‪RR‬ال رس‪RR‬ول‬
‫هّللا (ص)‪ -‬فدخلت يوما إلى رسول هّللا (ص) فوضعته في حجره ثم حانت مّني التفات‪R‬ة فإذا عينا رس‪RR‬ول هّللا (ص)‬
‫تهريقان من الدموع‪ .‬ق‪RR‬الت‪ :‬فقلت‪ :‬ي‪RR‬انبي هّللا ! ب‪RR‬أبي أنت وُأمي مال‪RR‬ك؟ ق‪RR‬ال‪ :‬أت‪RR‬اني جبرئي‪RR‬ل علي‪RR‬ه الص‪RR‬الة والس‪RR‬الم‬
‫فأخبرني اّن اّم تي ستقتل ابني هذا‪ ،‬فقلت‪ :‬هذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وأتاني بتربة من تربته حمراء‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫قال الحاكم‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬
‫‪ -5‬في مقتل الخوارزمي‪:‬‬
‫لما أتى على الحسين من والدته سنة كاملة هبط على رسول هّللا (ص) اثنا عشر ملكا محم‪َّRR‬رة وج‪RR‬وههم ق‪RR‬د نشروا‬
‫أجنحتهم وهم يقولون‪ :‬يا محّم د! سينزل‬
‫ص‪33:‬‬
‫بولدك الحسين مانزل بهابيل من قابيل‪ ،‬وسيعطى مثل أجر هابيل‪ ،‬ويحمل على قاتله مثل وزر قابيل ق‪RR‬ال‪ :‬ولم يب‪RR‬ق‬
‫في السماء ملك إاّل ونزل على النبّي (ص) يعّز يه بالحسين ويخبره بثواب ما ُيْع طى‪ ،‬ويعرض عليه تربت‪RR‬ه‪ ،‬والنبي‬
‫يقول‪ :‬اللهم اخذل من خذله‪ ،‬واقتل من قتله‪ ،‬وال تمتعه بما طلبه‪.‬‬

‫ولّم ا أتت على الحسين من مولده سنتان كاملتان خرج النبي في سفر فلّم ا ك‪R‬ان في بعض الطري‪R‬ق وق‪R‬ف فأس‪R‬ترجع‬
‫ودمعت عيناه‪ ،‬فسئل عن ذلك فقال‪ :‬هذا جبريل يخبرني عن أرض بشاطىء الفرات يقال له‪RR‬ا‪ :‬ك‪RR‬ربالء‪ ،‬يقت‪RR‬ل فيه‪RR‬ا‬
‫ولدي الحسين بن فاطمة‪ ،‬فقيل‪ :‬من يقتله يا رسول هّللا ؟ فقال‪ :‬رج‪RR‬ل يقال ل‪RR‬ه يزي‪RR‬د‪ ،‬ال ب‪RR‬ارك هّللا في نفس‪RR‬ه‪ ،‬وك‪RR‬أّني‬
‫أنظر إلى منصرفه ومدفنه بها‪ ،‬وقد ُأهدي رأسه‪ ،‬وهّللا ماينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إاّل خالف هّللا بين‬
‫قلبه ولسانه (يعني ليس في قلبه ما يكون بلسانه من الشهادة)‪.‬‬

‫‪ .)2 ( 33‬مقتل الحسين للخوارزمي ‪ ،88 -87 /1‬وذخائر العقبى ‪ 119‬واللفظ لالول‪ ،‬ال تستقيم هذه الرواية مع الواقع الت‪R‬اريخي فإن أس‪R‬ماء ك‪R‬انت‬
‫بالحبشة ورجعت مع زوجها جعفر بعيد فتح خيبر‪ ،‬وقد ولد الحسنان( ع) قبل ذلك‪ ،‬ولع‪RR‬ل الص‪RR‬حيح س‪RR‬لمى بنت عميس زوج‪RR‬ة حم‪RR‬زة س‪RR‬يد الشهداء‪،‬‬
‫ترجمتها باسد الغابة ‪.479 /5‬‬
‫‪ .)1 ( 34‬مستدرك الصحيحين ‪ ،176 /3‬وباختصار في ص ‪ 179‬منه‪ ،‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬ح ‪ ،631‬وقريب منه في ح ‪ ،630‬وفي مجمع الزوائ‪RR‬د‬
‫‪ ،179 /9‬ومقتل الخوارزمي ‪ ،159 /1‬وفي ‪ 162‬بلفظ آخر‪ ،‬وت‪R‬اريخ ابن كث‪R‬ير ‪ ،230 /6‬وأش‪R‬ار الي‪R‬ه في ‪ ،199 /8‬وأم‪R‬الي الشجري ص ‪،188‬‬
‫وراجع الفصول المهمة البن الصباغ المالكي ص ‪ ،145‬والروض النضير ‪ ،89 /1‬والص‪R‬واعق ص ‪ ،115‬وفي ط‪ ،190 .‬وراج‪RR‬ع ك‪RR‬نز العم‪RR‬ال ط‪.‬‬
‫القديمة ‪ ،223 /6‬والخصائص الكبرى ‪ ،152 /2‬وفي كتب أتباع مدرسة أهل البيت جاء في مثير االحزان ص ‪ 8‬واللهوف البن طاووس ص ‪.7 -6‬‬
‫قال‪ :‬ثم رجع النبي من سفره ذلك مغموما فصعد المنبر فخطب ووعظ والحسين بين يديه مع الحسن‪ ،‬فلما فرغ من‬
‫خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسين ورفع رأسه إلى السماء وق‪RR‬ال‪ :‬الّلهم إّني محّم د عب‪RR‬دك ونبّي ك‪ ،‬وهذان‬
‫أطائب عترتي وخيار ذرّيتي وأرومتي ومن أخلفها بعدي‪ ،‬اللهم وقد أخبرني جبريل بأَّن ولدي هذا مقتول مخ‪RR‬ذول‪،‬‬
‫الّلهم فبارك لي في قتله‪ ،‬واجعله من سادات الشهداء إنك على كل شيء قدير‪ ،‬الّلهم وال تبارك في قاتله وخاذله‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫قال‪ :‬فضّج الناس في المسجد بالبكاء‪ ،‬فقال النبي‪ :‬أتبكون وال تنصرونه؟! ألّلهم فكن له أنت وليا وناصرا‪.‬‬
‫‪ -6‬رواية زينب بنت جحش في بيتها‪:‬‬
‫في تاريخ ابن عساكر ومجمع الزوائد وتأريخ ابن كثير وغيرها واللفظ لالّول‬
‫ص‪34:‬‬
‫عن زينب‪ ،‬قالت‪ :‬بينما رسول هّللا (ص) في بي‪RR‬تي وحس‪RR‬ين عندي حين درج‪ ،‬فغفلت عنه‪ ،‬فدخل على رس‪RR‬ول هّللا‬
‫(ص) فقال‪ :‬دعيه‪ -‬الى قولها‪ -‬ثم قام فصّلى فلّم ا قام احتضنه إليه فإذا رك‪RR‬ع أو جلس وض‪RR‬عه ثم جلس فبكى‪ ،‬ثم م‪ّR‬د‬
‫يده فقلت حين قضى الصالة‪ :‬يا رسول هّللا ! إّني رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك تصنعه؟ قال‪ :‬إّن جبري‪RR‬ل أت‪RR‬اني‬
‫‪36‬‬
‫فأخبرني أّن هذا تقتله ُأّم تي‪ ،‬فقلت‪ :‬فأرني تربته‪ ،‬فأتاني بتربة حمراء‪.‬‬

‫‪ -7‬حديث أنس بن مالك‪:‬‬


‫في مسند أحمد‪ ،‬والمعجم الكبير للطبراّني‪ ،‬وتأريخ ابن عس‪RR‬اكر وغيرها‪ ،‬واللف‪RR‬ظ لالّو ل‪ ،‬عن أنس بن مال‪RR‬ك‪ ،‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫استأذن ملك القطر رّبه أن يزور النبّي (ص) فأذن له وكان في يوم أم سلمة‪ :‬فقال النبّي (ص)‪ :‬ي‪RR‬ا أم س‪RR‬لمة احفظي‬
‫علينا الباب‪ ،‬ال يدخل علينا أحد‪ .‬قال‪ :‬فبينما هي على الباب إذ جاء الحس‪RR‬ين بن علي (ع) فاقتحم ففتح الب‪R‬اب فدخل‬
‫فجعل النبي (ص) يلتزمه ويقبله‪ ،‬فقال الملك‪ :‬أتحّبه؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬ان أمتك ستقتله‪ ،‬ان شئت أريتك المك‪RR‬ان ال‪RR‬ذي‬
‫ُيقتل فيه؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فقبض قبضة من المكان الذي قتل فيه فأراه فجاء بس‪R‬هلة أو ت‪R‬راب أحم‪R‬ر فأخذت‪R‬ه ُأم س‪R‬لمة‬
‫‪37‬‬
‫فجعلته في ثوبها‪ .‬قال ثابت‪ :‬فكنا نقول إّنها كربالء‪.‬‬
‫ص‪35:‬‬
‫‪ -8‬حديث أبي امامة‪:‬‬

‫في تاريخ ابن عساكر‪ ،‬وال‪R‬ذهبي ومجم‪R‬ع الزوائ‪R‬د‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللف‪R‬ظ لالّول‪ ،‬عن أبي امام‪R‬ة‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬ق‪R‬ال رس‪R‬ول هّللا‬
‫(ص) لنسائه‪« :‬ال ُتبكوا هذا الصبّي » يعني حسينا‪ .‬قال‪ :‬وكان ي‪R‬وم أّم س‪RR‬لمة فنزل جبرئي‪R‬ل فدخل على رس‪RR‬ول هّللا‬
‫(ص) الداخل وقال الّم سلمة‪« :‬ال تدعي أحدا أن يدخل علّي » فجاء الحس‪RR‬ين فلّم ا نظ‪R‬ر إلى النبّي (ص) في ال‪R‬بيت‬
‫أراد أن يدخل فأخذته أم سلمة فاحتضنته وجعلت تناغيه وتسكته فلما اشتّد في البك‪RR‬اء خّلت عنه‪ ،‬فدخل حّتى جلس‬
‫في حجر النبّي (ص) فقال جبريل للنبّي (ص)‪ :‬إّن ُأمتك ستقتل ابنك هذا‪ ،‬فقال النبي (ص) «يقتلون‪RR‬ه وهم مؤمنون‬
‫بي»؟ قال‪ :‬نعم يقتلونه‪ .‬فتناول جبريل تربة فقال‪ :‬مك‪RR‬ان ك‪RR‬ذا وك‪RR‬ذا‪ ،‬فخ‪R‬رج رس‪RR‬ول هّللا (ص) وق‪R‬د احتض‪RR‬ن حس‪RR‬ينا‬
‫كاسف البال‪ ،‬مهموما‪ .‬فظّنت أم سلمة أّنه غضب من دخول الصبّي عليه فقالت‪ :‬يا ن‪RR‬بي هّللا ! ُجعلت ل‪RR‬ك الف‪RR‬داء إّن ك‬

‫‪ .)1 ( 35‬مقتل الخوارزمي ‪ 164 -163 /1‬وقد أوردنا ما ذكره باختصار‪.‬‬


‫‪ .)1 ( 36‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ 629‬ومجمع الزوائد ‪ ،188 /9‬وكنز العمال ‪ ،112 /13‬وأشار إليه ابن كثير بتاريخه ‪ ،199 /8‬وجاء في كتب أتباع‬
‫مدرسة أهل البيت بامالي الشيخ الطوسي ‪ ،323 /1‬ومثير االحزان ص ‪ ،8 -7‬وجاء قسم منه في ص ‪ ،10 -9‬وفي آخ‪RR‬ره تتّم ة مهم‪RR‬ة‪ ،‬وك‪RR‬ذلك في‬
‫اللهوف ص ‪.9 -7‬‬
‫‪ .)2 ( 37‬مسند أحمد ‪ 242 /3‬و ‪ ،265‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ 615‬و ‪ ،617‬وتهذيب‪RR‬ه ‪ ،325 /4‬واللف‪RR‬ظ ل‪RR‬ه‪ ،‬وبترجم‪RR‬ة الحس‪RR‬ين من المعجم الكب‪RR‬ير‬
‫للطبراني ح ‪ ،47‬ومقتل الخوارزمي ‪ ،162 -160 /1‬والذهبي في تاريخ االسالم ‪ ،10 /3‬وسير النبالء ‪ ،194 /3‬وذخائر العقبى ص ‪-146‬‬
‫قلت لنا‪ :‬ال تبكوا هذا الصبي‪ ،‬وأمرتني أن ال أدع أحدا يدخل عليك‪ ،‬فجاء فخّليت عنه‪ ،‬فلم ي‪RR‬رّد عليه‪RR‬ا‪ ،‬فخ‪RR‬رج إلى‬
‫‪38‬‬
‫أصحابه وهم جلوس فقال «إّن ُأمتي يقتلون هذا» وفي القوم أبو بكر وعمر‪ ،‬وفي آخر الحديث‪ :‬فأراهم تربته‪.‬‬
‫ص‪36:‬‬
‫‪ -9‬روايات أم سلمة‪:‬‬

‫أ‪ -‬عن عبدهّللا بن وهب بن زمعة‪:‬‬


‫في مستدرك الصحيحين‪ ،‬وطبقات ابن سعد‪ ،‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللفظ لالّو ل‪ ،‬قال‪ :‬أخبرتني أم س‪RR‬لمة‪:‬‬
‫رضي هّللا عنها‪ :‬أّن رسول هّللا (ص) اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو حائر‪ 39،‬ثم اض‪RR‬طجع فرق‪RR‬د‪ ،‬ثم اس‪RR‬تيقظ‬
‫وهو حائر دون ما رأيت به المرة االولى‪ ،‬ثم اضطجع فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقِّبلها‪ 40،‬فقلت‪ :‬ما هذه الترب‪RR‬ة‬
‫يا رسول هّللا ؟ قال‪ :‬أخبرني جبريل (عليه الصالة والسالم) ان هذا يقت‪R‬ل ب‪R‬أرض الع‪RR‬راق‪ -‬للحس‪RR‬ين‪ -‬فقلت لجبري‪R‬ل‪:‬‬
‫أرني تربة االرض التي ُيقتل بها‪ .‬فهذه تربتها‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫فقال‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬
‫ب‪ -‬عن صالح بن أربد‪:‬‬
‫روي الطبراني‪ ،‬وابن أبي شيبة‪ ،‬والخوارزمي‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬واللفظ لالول‪ ،‬عن صالح بن أربد‪ ،‬عن أّم س‪RR‬لمة رض‪RR‬ي‬
‫هّللا عنها‪ ،‬قالت‪ :‬قال رسول هّللا (ص)‪ :‬اجلسي بالباب‪ ،‬وال يلجّن علّي أحد‪ ،‬فقمت بالباب إذ جاء‬
‫ص‪37:‬‬
‫الحسين رضي هّللا عنه فذهبت أتناوله فسبقني الغالم فدخل على جّد ه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا نبّي هّللا جعلني هّللا فداك أمرت‪RR‬ني أن‬
‫ال يلج عليك أحد‪ ،‬واّن ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني‪ ،‬فلّم ا طال ذلك تطّلعت من الباب فوجدتك تقّلب بكفّيك ش‪RR‬يئا‬
‫ودموعك تسيل والصبّي على بطنك؟‬
‫‪42‬‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬أتاني جبريل (ع) فأخبرني اّن ُأمتي يقتلونه‪ ،‬وأتاني بالتربة التي يقتل عليها فهي التي أقّلب بكفّي ‪.‬‬
‫ج‪ -‬عن المطلب بن عبد هّللا بن حنطب‪:‬‬
‫في معجم الطبراني‪ ،‬وذخائر العقبى‪ ،‬ومجمع الزوائد‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللف‪RR‬ظ لالول‪ ،‬عن المطلب بن عبدهّللا بن حنطب‪،‬‬
‫عن أم سلمة قالت‪:‬‬
‫كان رسول هّللا (ص) جالسا ذات يوم في بيتي فقال‪ :‬ال يدخل علّي أحد فانتظرت فدخل الحس‪RR‬ين رض‪RR‬ي هّللا عنه‪،‬‬
‫فسمعت نشيج رسول هّللا (ص) يبكي‪ ،‬فاَّطلعت فاذا حسين في حجره والنبّي (ص) يمسح جبينه وهو يبكي‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫وهّللا ما علمت حين دخل فقال‪ :‬اّن جبريل (ع) كان معنا في البيت فقال‪ :‬تحّب ه؟ قلت‪ :‬أم‪RR‬ا من ال‪RR‬دنيا فنعم‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬ان‬

‫‪ .)1 ( 38‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،618‬وتهذيبه ‪ ،325 /4‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪ ،10 /3‬وسير النبالء له ‪ ،10 /3‬ومجمع الزوائد ‪ ،189 /9‬وتاريخ‬
‫ابن كثير ‪ ،199 /8‬وأمالي الشجري ص ‪ ،186‬وفي الروض النضير ‪ ،94 -93 /1‬اسناده حسن‪ ،‬وأبو امامة هذا َص َّدى بن عجالن‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 39‬كذا في لفظة الحاكم والبيهقي وفي غيرهما من االصول‪ :‬خائر‪ ،‬وفي النهاية‪ :‬أصبح رسول هّللا وهو خائر النفس‪ ،‬أي ثقيل النفس غير طيب‬
‫وال نشيط ه‪.-‬‬
‫‪ .)2 ( 40‬في الحديث االتي« يقِّلبها»‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 41‬مستدرك الصحيحين ‪ ،398 /4‬والمعجم الكبير للطبراني ح ‪ ،55‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ ،621 -619‬وترجمة الحسين بطبقات ابن س‪RR‬عد‬
‫ترجمة الحسين ح‪ ،267 ،‬والذهبي في تاريخ االسالم ‪ ،11 /3‬وسير النبالء ‪ ،195 -194 /3‬والخوارزمي في المقتل ‪ ،159 -158 /1‬باختص‪R‬ار‪،‬‬
‫والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص ‪ ،149 -148‬وتاريخ ابن كثير ‪ ،230 /6‬وكنز العمال للمتقي ‪.266 /16‬‬
‫‪ .)1 ( 42‬ترجمة الحسين في المعجم الكبير للطبراني ح ‪ 54‬ص ‪ ،124‬وطبقات ابن سعد ح ‪ ،268‬ومقتل الخوارزمي ‪ ،158 /1‬وكنز العم‪RR‬ال ‪/16‬‬
‫‪ ،226‬وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج ‪ 12‬بلفظ آخر‪.‬‬
‫ُأمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها‪ :‬كربالء‪ .‬فتناول جبرئيل (ع) من تربتها فأراها النبّي (ص)‪ .‬فلم‪RR‬ا ُأحي‪RR‬ط بحس‪RR‬ين‬
‫‪43‬‬
‫حين قتل قال‪ :‬ما اسم هذه االرض؟ قالوا‪ :‬كربالء‪ ،‬قال‪ :‬صدق هّللا ورسوله‪ ،‬أرض كرب وبال‪.‬‬
‫ص‪38:‬‬
‫د‪ -‬عن شقيق بن سلمة‪:‬‬

‫في معجم الطبراني‪ ،‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬ومجمع الزوائد‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللّفظ لالول‪ ،‬عن أبي وايل ش‪RR‬قيق بن س‪RR‬لمة‪،‬‬
‫عن ُأم سلمة قالت‪ :‬كان الحسن والحسين رضي هّللا عنهما يلعبان بين يدي النبي (ص) في بيتي‪ ،‬فنزل جبري‪RR‬ل (ع)‬
‫فقال‪ :‬يامحّم د! اّن أّم ت‪R‬ك تقت‪R‬ل ابنك هذا من بع‪RR‬دك‪ ،‬فأوم‪RR‬أ بي‪R‬ده إلى الحس‪RR‬ين‪ ،‬فبكى رس‪RR‬ول هّللا (ص) وض‪ّR‬م ه إلى‬
‫صدره‪ ،‬ثم قال رسول هّللا (ص)‪ :‬وديعة عنِد ك هذه التربة‪ ،‬فشمها رسول هّللا (ص) وقال‪ :‬ويح كرب وبالء‪ .‬قالت‪:‬‬
‫وقال رسول هّللا (ص) يا ُأّم سلمة اذا تحّولت هذه التربة دم‪R‬ا فاعلمي أن اب‪R‬ني ق‪R‬د قت‪R‬ل‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬فجعلته‪R‬ا أم س‪R‬لمة في‬
‫‪44‬‬
‫قارورة‪ ،‬ثم جعلت تنظر اليها كل يوم وتقول‪ :‬اّن يوما تتحَّو لين فيه دما ليوم عظيم‪.‬‬
‫ه‪ :-‬عن سعيد بن أبي هند‪:‬‬
‫في تاريخ ابن عساكر‪ ،‬وذخائر العقبى‪ ،‬وتذكرة خواّص االّم ة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللف‪RR‬ظ لالول‪ ،‬عن عب‪RR‬د هّللا بن س‪RR‬عيد بن‬
‫أبي هند‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬قالت أّم سلمة رضي هّللا عنها‪:‬‬
‫كان النبي (ص) نائما في بيتي فجاء حسين رض‪RR‬ي هّللا عنه ي‪R‬درج‪ ،‬فقع‪RR‬دت على الب‪R‬اب فأمس‪RR‬كته مخافة أن ي‪R‬دخل‬
‫فيوقظه‪ ،‬ثم غفلت في شيء فدَّب فدخل فقعد على بطنه‪ ،‬قالت‪ :‬فسمعت نحيب رسول هّللا (ص) فجئت فقلت‪ :‬يا‬
‫ص‪39:‬‬
‫رسول هّللا ! وهّللا ما علمت به فقال‪ :‬إنّم ا جاءني جبريل (ع)‪ -‬وهو على بط‪RR‬ني قاع‪RR‬د‪ -‬فقال لي‪ :‬أتحب‪RR‬ه؟ فقلت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫قال‪ :‬اّن ُأمتك ستقتله‪ ،‬أال أريك التربة التي يقتل بها؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫‪45‬‬
‫وإذا في يده تربة حمراء وهو يبكي ويقول‪ :‬يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟‪.‬‬

‫و‪ :‬عن شهر بن حوشب‪:‬‬


‫في فضائل ابن حنبل‪ ،‬وتأريخ ابن عساكر‪ ،‬وذخائر العقبى‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللفظ لالول‪ ،‬عن ش‪RR‬هر بن حوش‪RR‬ب‪ ،‬عن اّم‬
‫سلمة قالت‪ :‬كان جبريل عند النبي (ص) والحسين معي فبكى فتركته‪ ،‬فدنا من النبي (ص) فقال جبري‪RR‬ل‪ :‬أتحب‪RR‬ه ي‪RR‬ا‬
‫محّم د؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬اّن ُأمتك ستقتله‪ ،‬وان شئت أريتك من تربة االرض التي يقتل بها‪ ،‬فأراه إّياها فإذا االرض‬
‫‪46‬‬
‫يقال‪ :‬لها كربالء‪.‬‬
‫ز‪ :‬عن داود‪:‬‬

‫‪ .)2 ( 43‬معجم الطبراني ح ‪ ،53‬ص ‪ ،125‬ومجمع الزوائد ‪ ،189 -188 /9‬وكنز العمال ‪ ،265 /16‬وفي ذخائر العقبى ص ‪ ،147‬بايجاز‪ ،‬وراجع‬
‫نظم الدرر ص ‪ 215‬للحافظ جمال الدين الزرندي‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 44‬معجم الطبراني ح ‪ ،51‬ص ‪ ،124‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ ،622‬وتهذيبه ‪ ،328 /4‬وبايجاز في ذخائر العقبى ص ‪ ،147‬ومجمع الزوائد ‪/9‬‬
‫‪ ،189‬وراجع طرح التثريب للحافظ العراقي ‪ ،42 /1‬والم‪R‬واهب اللدني‪R‬ة ‪ ،195 /2‬والخص‪R‬ائص الك‪R‬برى للس‪R‬يوطي ‪ ،152 /2‬والص‪R‬راط الس‪R‬وي‪،‬‬
‫للشيخاني المدني ‪ ،93‬وجوهرة الكالم ص ‪ ،120‬والروض النضير ‪.93 -92 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 45‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،626‬وذخائر العقبى ص ‪ ،147‬وراج‪R‬ع الفص‪R‬ول المهم‪R‬ة ص ‪ ،154‬وت‪R‬ذكرة خ‪R‬واص االم‪R‬ة ‪ 142‬نقال عن االم‪R‬ام‬
‫الحسين( ع) وأمالي الشجري ص ‪ 163‬و ‪ 166‬و ‪.181‬‬
‫‪ .)2 ( 46‬فضائل الحسن والحسين عن كتاب الفضائل تأليف أحمد بن حنبل ح ‪ ،44‬ص ‪ 23‬من المجموعة وطبقات ابن س‪RR‬عد ح ‪ ،272‬وت‪RR‬اريخ ابن‬
‫عساكر ح ‪ ،624‬والعقد الفريد في الخلفاء وتواريخهم‪ ،‬وقد أسنده إلى أم سلمة‪ ،‬وذخائر العقبى ص ‪.147‬‬
‫في تأريخ ابن عساكر‪ ،‬وغيره‪ ،‬واللفظ ل‪RR‬ه‪ ،‬عن داود‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬ق‪RR‬الت أم س‪RR‬لمة‪ :‬دخ‪RR‬ل الحس‪RR‬ين على رس‪RR‬ول هّللا فف‪RR‬زع‪،‬‬
‫فقالت أم سلمة‪ :‬مالك يا رس‪R‬ول هّللا ؟ ق‪R‬ال‪ :‬اّن جبري‪R‬ل أخ‪R‬برني أّن اب‪R‬ني هذا يقت‪R‬ل‪ ،‬واّن ه اش‪R‬تّد غض‪R‬ب هّللا على من‬
‫‪47‬‬
‫يقتله‪.‬‬
‫ص‪40:‬‬
‫‪48‬‬
‫بعدي؟‬

‫د‪ -‬عن عبدهّللا بن سعيد‪:‬‬


‫في طبقات ابن س‪R‬عد ومعجم الط‪R‬براني وغيرهم‪R‬ا واللف‪R‬ظ لالخ‪R‬ير‪ ،‬عن عبدهّللا ابن س‪R‬عيد عن أبي‪R‬ه عن عائشة‪ :‬اّن‬
‫الحسين بن علي دخل على رسول هّللا (ص) فقال النبي (ص)‪ :‬يا عائشة! أال أعجبك! لقد دخ‪RR‬ل علّي مل‪RR‬ك آنف‪RR‬ا م‪RR‬ا‬
‫دخل علّي قّط فقال‪ :‬اّن ابني هذا مقتول‪ :‬وقال‪ :‬ان شئت أريت‪R‬ك ترب‪R‬ة يقت‪R‬ل فيه‪RR‬ا‪ ،‬فتناول المل‪R‬ك بي‪R‬ده فأراني ترب‪R‬ة‬
‫‪49‬‬
‫حمراء‪.‬‬
‫ه‪ :-‬عن ُأم سلمة أو عائشة‪:‬‬
‫كما في مسند أحمد وفضائله‪ ،‬وطبقات ابن سعد وتاريخ االس‪RR‬الم‪ ،‬وس‪RR‬ير النبالء لل‪R‬ذهبي‪ ،‬ومجم‪RR‬ع الزوائ‪R‬د‪ ،‬واللف‪RR‬ظ‬
‫لالول‪ ،‬عن عبد هّللا بن سعيد عن أبيه عن عائشة أو أم سلمة‪ -‬شك عبدهّللا ‪ -‬أّن النبّي ق‪RR‬ال الح‪RR‬دهما‪ :‬لقد دخ‪RR‬ل علَّي‬
‫البيت ملك لم يدخل علّي قبلها‪ ،‬فقال لي‪ :‬إّن ابنك هذا حسينا مقتول‪ ،‬وإن شئت أريت‪RR‬ك من ترب‪RR‬ة االرض ال‪RR‬تي يقت‪RR‬ل‬
‫‪50‬‬
‫بها‪ ،‬قال‪ :‬فأخرج تربة حمراء‪.‬‬
‫ص‪41:‬‬
‫ح‪ -‬في معجم الطبراني‪ ،‬وتأريخ ابن عساكر‪ ،‬وغيرهم‪RR‬ا‪ ،‬واللف‪RR‬ظ لالول عن أّم س‪RR‬لمة ق‪R‬الت‪ :‬ق‪R‬ال رس‪RR‬ول هّللا (ص)‬
‫‪51‬‬
‫يقتل الحسين بن علي (رض) على رأس ستين من مهاجري‪.‬‬

‫ط‪ -‬في معجم الطبراني عن أّم سلمة‪ ،‬قالت‪:‬‬


‫قال رسول هّللا يقتل الحسين حين يعلوه القتير‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫قال الطبراني‪ :‬القتير‪ :‬الشيب‪.‬‬
‫‪ -10‬روايات عائشة‪:‬‬
‫أ‪ -‬عن أبي سلمة بن عبد الرحمان في تاريخ ابن عساكر‪ ،‬ومقتل الخ‪RR‬وارزمي‪ ،‬ومجم‪RR‬ع الزوائ‪RR‬د‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللف‪RR‬ظ‬
‫للثاني‪ ،‬عن عائشة‪ ،‬قالت‪ :‬اّن رسول هّللا (ص) أجلس حسينا على فخذه فجاء جبري‪RR‬ل إلي‪RR‬ه‪ ،‬فقال‪ :‬هذا ابنك؟ ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬أما اّن ُأمتك ستقتله بعدك‪ ،‬فدمعت عينا رسول هّللا ‪ ،‬فقال جبريل‪ :‬إْن شئت أريتك االرض التي يقت‪R‬ل فيه‪R‬ا‪.‬‬
‫قال‪« :‬نعم» فأراه جبريل ترابا من تراب الطف‪.‬‬

‫‪ .)3 ( 47‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،623‬وتهذيبه ‪ ،325 /4‬وكنز العمال ‪ ،112 /23‬والروض النضير ‪.93 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 48‬ترجمة الحسين من طبقات ابن سعد ح ‪ ،270‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪.628‬‬
‫‪ .)2 ( 49‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،627‬ومعجم الطبراني ح ‪ 49‬ص ‪ ،124‬من المجموعة‪ ،‬وكنز العمال ‪ ،113 /13‬وتاريخ ابن كثير ‪ .119 /8‬ولدى‬
‫أتباع مدرسة أهل البيت بمثير االحزان ص ‪ ،8‬وعبدهّللا بن سعيد أبو هند الفزاري والء‪ ،‬المدني( ت‪ 147 :‬ه‪ )-‬من رجال الصحاح السّتة‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 50‬مسند أحمد ‪ 294 /6‬وبترجمة الحسين من فضائل أحمد ح ‪ ،10‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ ،625‬وقال الذهبي في تاريخ االسالم ‪ ،11 /3‬اسناده‬
‫صحيح‪ .‬وفي سير النبالء ‪ ،195 /3‬ومجمع الزوائد ‪ ،187 /9‬وكنز العمال ‪ ،111 /13‬والصواعق المحرقة ‪ 115‬وفي طبعة دار الطباعة المحمدية‬
‫بالقاهرة‪ :‬ص ‪ ،190‬وراجع طرح التثريب ‪ 41 /1‬للعراقي‪ ،‬والروض النضير ‪ ،94 /1‬وأمالي الشجري ص ‪.184‬‬
‫‪ .)1 ( 51‬ترجم‪RR‬ة الحس‪RR‬ين ح ‪ 41‬ص ‪ 121‬من المجموع‪RR‬ة وت‪RR‬اريخ ابن عس‪RR‬اكر ح ‪ ،634‬وتهذيب‪RR‬ه ‪ ،325 /4‬ومجم‪RR‬ع الزوائ‪RR‬د ‪ ،189 /9‬ومقت‪RR‬ل‬
‫الخوارزمي ‪ ،161 /1‬وأمالي الشجري ص ‪.184‬‬
‫‪ .)2 ( 52‬ترجمة الحسين من معجم الطبراني ح ‪ 42‬ص ‪ 121‬من المجموعة‪ ،‬وأمالي الشجري ص ‪.184‬‬
‫‪53‬‬
‫وفي لفظ آخر‪ :‬فأشار له جبريل إلى الطّف بالعراق فأخذ تربة حمراء‪ ،‬فأراه اّياها فقال‪ :‬هذه من تربة مصرعه‪.‬‬
‫ص‪42:‬‬
‫ب‪ -‬عن عروة بن الزبير‪:‬‬

‫في مجمع الط‪RR‬براني وغ‪RR‬يره واللف‪RR‬ظ للط‪RR‬براني‪ ،‬عن ع‪RR‬روة بن الزب‪RR‬ير عن عائشة رض‪RR‬ي هّللا عنه‪RR‬ا‪ ،‬ق‪RR‬الت‪ :‬دخ‪RR‬ل‬
‫الحسين بن علّي رضي هّللا عنه على رسول هّللا (ص) وهو ي‪RR‬وحى إلي‪RR‬ه فنزا على رس‪RR‬ول هّللا (ص) وهو منكّب ‪،‬‬
‫ولعب على ظهره‪ ،‬فقال جبريل لرسول هّللا (ص)‪ :‬أتحبه يا محّم د؟ قال‪ :‬يا جبريل وما لي ال أحب اب‪RR‬ني؟ ق‪RR‬ال‪ :‬فإّن‬
‫ُأمتك ستقلته من بعدك‪ ،‬فمّد جبريل (ع) يده فأتاه بتربة بيضاء فقال‪ :‬في هذه االرض يقتل ابنك هذا يا محّم د واسمها‬
‫الطف‪ ،‬فلم‪RR‬ا ذهب جبري‪RR‬ل (ع) من عند رس‪RR‬ول هّللا (ص) والترب‪RR‬ة في ي‪RR‬ده يبكي فقال‪ :‬ي‪RR‬ا عائشة ان جبري‪RR‬ل (ع)‬
‫أخبرني اّن الحسين ابني مقتول في أرض الّطف‪ ،‬وأَّن ُأّم تي ستفتتن بعدي‪ ،‬ثم خرج إلى اصحابه‪ ،‬فيهم علُّي ‪ ،‬وأب‪RR‬و‬
‫بكر وعمر وحذيفة وعّم ار وأبو ذر‪ ،‬رضي هّللا عنهم‪ ،‬وهو يبكي فقالوا‪ :‬ما يبكيك يا رسول هّللا ؟‬
‫فقال‪ :‬أخ‪RR‬برني جبري‪RR‬ل أَّن اب‪RR‬ني الحس‪RR‬ين يقت‪RR‬ل بع‪RR‬دي ب‪RR‬أرض الّط ف‪ ،‬وج‪RR‬اءني به‪RR‬ذه الترب‪RR‬ة‪ ،‬وأخ‪RR‬برني أّن فيه‪RR‬ا‬
‫‪54‬‬
‫مضجعه‪.‬‬
‫ج‪ -‬عن المقبري‪:‬‬
‫في طبقات ابن سعد وتاريخ ابن عساكر واللفظ للث‪R‬اني‪ ،‬عن عثم‪R‬ان بن مقس‪R‬م عن المقبري عن عائشة ق‪R‬الت‪ :‬بينا‬
‫رسول هّللا (ص) راقد اذ جاء الحسين يحبو إليه فّنحيته عنه ثم قمت لبعض أمري‪ ،‬فدنا منه فاس‪RR‬تيقظ يبكي‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫ما يبكيك؟ قال‪ :‬اّن جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين‪ ،‬فاشتّد غضب هّللا على من يسفك دمه‪ ،‬وبس‪RR‬ط ي‪RR‬ده‬
‫فاذا فيها قبضة من بطحاء فقال‪ :‬يا عائشة والذي نفسي بيده!‪ 55‬اّنه ليحزنني‪ ،‬فمن هذا من ُأمتي يقتل حسينا‪.‬‬
‫ص‪43:‬‬
‫‪ -11‬رواية معاذ بن جبل‪:‬‬

‫في معجم الطبراني‪ ،‬ومقتل الخوارزمي‪ ،‬وكنز العمال‪ ،‬واللفظ لالول‪ ،‬عن عب‪R‬د هّللا بن عم‪R‬رو بن الع‪R‬اص أَّن مع‪R‬اذ‬
‫بن جب‪R‬ل أخ‪R‬بره ق‪R‬ال‪ :‬خ‪R‬رج علينا رس‪RR‬ول هّللا (ص) متغّي ر الل‪R‬ون فقال‪ :‬أن‪R‬ا محّم د ُأوتيت فواتح الكلم وخواتم‪RR‬ه‪،‬‬
‫فأطيعوني ما دمت بين أظه‪RR‬ركم‪ ،‬فاذا ذهب بي فعليكم بكت‪RR‬اب هّللا عّز وج‪ّRR‬ل أحّل وا حالل‪RR‬ه‪ ،‬وحِّرم‪RR‬وا حرام‪RR‬ه‪ ،‬أتتكم‬
‫الموتة‪ ،‬أتتكم بالروح والراح‪R‬ة‪ ،‬كت‪R‬اب من هّللا س‪R‬بق‪ ،‬أتتكم فتن كقط‪R‬ع اللي‪R‬ل المظلم‪ ،‬كلم‪R‬ا ذهب رس‪R‬ل ج‪R‬اء رس‪R‬ل‪،‬‬
‫تناسخت النبوة فصارت ملكا رحم هّللا من أخذها بحقها‪ ،‬وخرج منها كما دخلها‪.‬‬
‫أمسك يا معاذ وأحص‪ ،‬قال‪ :‬فلما بلغت خمسة‪ .‬قال‪ :‬يزيد ال بارك هّللا في يزيد‪ ،‬ثم ذرفت عيناه (ص)‪ ،‬ثم ق‪RR‬ال‪ :‬نعي‬
‫الّي حسين‪ُ ،‬أتِيُت بتربه‪ ،‬وُأخبرت بقاتله‪ ،‬والذي نفسي بيده ال يقتل بين ظهراني قوم ال يمنعونه‪ 56‬إال خ‪RR‬الف هّللا بين‬

‫‪ .)3 ( 53‬طبقات ابن سعد ح ‪ ،269‬وتاريخ ابن عساكر بترجمة الحسين ح ‪ ،627‬ومقتل الخوارزمي ‪ 159 /1‬واللفظ له ‪ ،..‬ومجمع الزوائد ‪-187 /9‬‬
‫‪ ،188‬وكنزالعمال ‪ ،108 /13‬وفي ط‪ .‬القديمة ‪ ،223 /6‬والصواعق المحرقة البن حجر‪ ،‬ص ‪ ،115‬وفي ط‪ ،19 :‬وراجع خصائص السيوطي ‪/2‬‬
‫‪ 125‬و ‪ ،126‬وجوهرة الكالم للقرهغولي ص ‪ ،117‬وفي أمالي الشيخ الطوسي من كتب أتباع مدرسة أهل البيت ‪ ،325 /1‬وفي أمالي الشجري ص‬
‫‪ ،77‬بتفصيل‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 54‬بترجمة الحسين( ع) من معجم الطبراني ح ‪ 48‬وص ‪ 123‬من المجموعة‪ ،‬ومجمع الزوائد ‪ ،187 /9‬وراجع أعالم النبوة للم‪RR‬اوردي ص‬
‫‪ ،83‬وأمالي الشجري ص ‪.166‬‬
‫‪ .)2 ( 55‬في نسخة تاريخ ابن عساكر؛ الكلمة غير واضحة‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 56‬في مجمع الزوائد ‪ «190 -189 /9‬ال يمنعوه» وهو خطأ‪.‬‬
‫صدورهم وقلوبهم‪ ،‬وسّلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا‪ ،‬ثم قال‪ :‬واها لف‪RR‬راخ آل محم‪RR‬د (ص) من خليف‪RR‬ة مس‪RR‬تخلف‬
‫‪57‬‬
‫مترف‪ ،‬يقتل خلفي وخلف الخلف‪ ،‬الحديث‪.‬‬
‫‪ -12‬رواية سعيد بن جمهان‪:‬‬
‫في تاريخ ابن عساكر‪ ،‬وال‪R‬ذهبي‪ ،‬وابن كث‪R‬ير‪ ،‬واللف‪RR‬ظ لالول‪ ،‬عن س‪RR‬عيد ابن جمه‪RR‬ان‪ :‬أّن النبي (ص) أت‪R‬اه جبري‪R‬ل‬
‫‪58‬‬
‫بتراب من تراب القرية التي يقتل بها الحسين‪ ،‬فقال‪ :‬اسمها كربالء‪ ،‬فقال رسول هّللا (ص) كرب وبالء‪.‬‬
‫ص‪44:‬‬
‫‪ -13‬روايات ابن عباس‪:‬‬

‫أ‪ -‬أبو الضحى‪:‬‬


‫في مقتل الخوارزمي‪ ،‬عن أبي الضحى‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬ما كّنا نشك أهل البيت وهم متوافرون اّن الحس‪RR‬ين بن‬
‫‪59‬‬
‫علي يقتل بالطف‪.‬‬
‫ب‪ -‬سعيد بن جبير‪:‬‬
‫في تاريخ ابن عساكر‪ ،‬عن سعيد بن جبير‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أوحى هّللا تعالى‪ :‬يامحّم د‪ ،‬أّني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألف‪RR‬ا‪ ،‬وإنّي قات‪RR‬ل ب‪RR‬ابن ابنت‪RR‬ك س‪RR‬بعين ألف‪RR‬ا‪ ،‬وس‪RR‬بعين‬
‫‪60‬‬
‫ألفا‪.‬‬
‫وسنذكر بقية رواياته في باب سبب استشهاد الحسين (ع) ان شاء هّللا تعالى‪.‬‬
‫وروى ابن قولويه في باب قول رسول هّللا (ص)‪« :‬ان الحسين (ع) تقتل‪RR‬ه ُأّم ت‪RR‬ه من بع‪RR‬ده» في كام‪RR‬ل الزي‪RR‬ارة س‪RR‬بع‬
‫‪61‬‬
‫روايات عن رسول هّللا (ص)‪.‬‬
‫‪ -14‬روايات االمام علي (ع)‪:‬‬
‫أ‪ -‬عن أبي حبرة‪:‬‬
‫في ترجمة االمام الحسين (ع) بمعجم الطبراني عن أبي حبرة‪ ،‬قال‪ :‬صحبت عليا (رض) حتى أتى الكوفة فص‪RR‬عد‬
‫المنبر‪ ،‬فحمد هّللا وأثنى عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬كيف أنتم اذا نزل بذرّي ة ن‪RR‬بيكم بين ظه‪RR‬رانيكم؟ ق‪RR‬الوا‪ :‬اذن نبلى هّللا فيهم بالء‬
‫حسنا‪ ،‬فقال‪ :‬والذي نفسي بيده لينزّلن بين ظهرانيكم ولتخرجّن اليهم فلتقتلّنهم‪ .‬ثم أقبل يقول‪:‬‬
‫ص‪45:‬‬
‫‪62‬‬
‫أجيبوا ال وال عذرا‬ ‫هم أوردوهم بالغرور وعّردوا‬

‫ب‪ -‬عن هانىء بن هانىء‪:‬‬


‫في معجم الطبراني‪ ،‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬وتاريخ االسالم لل‪RR‬ذهبي‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللف‪RR‬ظ البن عس‪RR‬اكر عن هانىء بن‬
‫هانىء عن علّي ‪ ،‬قال‪ :‬ليقتَّلن الحسين قتال وإنّي العرف تربة االرض التي يقتل بها‪ ،‬يقتل‬

‫‪ .)2 ( 57‬معجم الطبراني ح ‪ 95‬ص ‪ ،140‬ومقتل الخوارزمي ‪ ،161 -160‬وكنز العمال ‪ ،113 /13‬وأمالي الشجري ص ‪ ،169‬ومجمع الزوائد ‪/9‬‬
‫‪.190 -189‬‬
‫‪ .)3 ( 58‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،632‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪ ،11 /3‬وتاريخ ابن كثير ‪.200 /8‬‬
‫‪ .)1 ( 59‬مقتل الخوارزمي ‪.160 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 60‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،684‬وتهذيبه ‪ ،342 /4‬وامالي الشجري ص ‪.160‬‬
‫‪ .)3 ( 61‬كامل الزيارة‪ ،‬ص ‪ ،71 -68‬الباب ‪.22‬‬
‫‪ .)1 ( 62‬معجم الطبراني ح ‪ 57‬ص ‪ ،128‬وفي مجمع الزوائد ‪ «191 /9‬أجيبوا دعاه»‪ ،‬وأنساب االشراف للبالذري ص ‪ 38‬عن مجاهد بايجاز‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫بقرية (بتربة) قريبة من النهرين‪.‬‬
‫ج‪ -‬في مقتل الخوارزمي‪:‬‬
‫اّن أمير المؤمنين عليا (ع) لما سار إلى صفين نزل بكربالء وقال البن عباس‪ :‬أتدري ما هذه البقعة؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪:‬‬
‫لو عرفتها لبكيت بكائي‪ ،‬ثم بكى بكاء شديدا‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما لي والل أبي سفيان؟ ثم التفت إلى الحسين وقال‪ :‬صبرا ي‪RR‬ا‬
‫‪64‬‬
‫ُبنَّي فقد لقي أبوك منهم مثل الذي تلقى بعده‪.‬‬
‫د‪ -‬عن الحسن بن كثير‪ ،‬في صفين‪:‬‬
‫عن الحسن بن كثير‪ ،‬عن أبيه‪ :‬اّن علّيا أتى كربالء فوقف بها‪ ،‬فقيل‪ :‬يا أمير المؤمنين هذه كربالء؟ قال‪ :‬ذات كرب‬
‫وبالء‪ ،‬ثم أومأ بيده إلى المكان فقال هاهنا موضع رحالهم‪ ،‬ومناخ ركابهم‪ ،‬وأومأ إلى موضع آخر فقال‪ :‬هاهنا‬
‫ص‪46:‬‬
‫‪65‬‬
‫مهراق دمائهم‪.‬‬

‫ه‪ :-‬عن االصبغ بن نباتة‪:‬‬


‫وفي ذخائر العقبى وغيره‪ ،‬عن االصبغ بن نباتة قال‪ :‬أتينا مع علّي فمررنا بموضع ق‪RR‬بر الحس‪RR‬ين‪ ،‬فقال علي (ع)‪:‬‬
‫هاهنا مناخ ركابهم‪ ،‬وهاهنا موضع رحالهم‪ ،‬هاهنا مهراق دمائهم‪ ،‬فتي‪RR‬ة من آل محّم د ُيقتل‪RR‬ون به‪RR‬ذه العرصة تبكي‬
‫‪66‬‬
‫عليهم السماء واالرض‪.‬‬
‫و‪ -‬عن غرفة االزدي‪:‬‬
‫في ُأسد الغابة‪ ،‬عن غرفة االزدي قال‪ :‬دخل‪RR‬ني ش‪ّR‬ك من ش‪RR‬أن علي خ‪RR‬رجت مع‪RR‬ه على ش‪RR‬اطىء الف‪RR‬رات فع‪RR‬دل عن‬
‫الطريق ووقف‪ ،‬ووقفنا حوله‪ ،‬فقال بيده‪ :‬هذا موضع رواحلهم ومناخ ركابهم ومهراق دم‪RR‬ائهم‪ ،‬ب‪RR‬أبي من ال ناصر‬
‫له في االرض وال في السماء إاّل هّللا ‪ ،‬فلما ُقِتَل الحسين خرجُت حتى اتيت المكان الذي ُقِتلوا فيه فإذا هو كما قال م‪RR‬ا‬
‫أخطأ شيئا‪ .‬قال فأستغفرت هّللا مما كان مّني من الّش ك‪ ،‬وعلمُت أّن علّي ا رض‪RR‬ي هّللا عنه لم يقدم إاّل بم‪RR‬ا عه‪RR‬د إلي‪RR‬ه‬
‫‪67‬‬
‫فيه‪.‬‬
‫ز‪ -‬عن أبي جحيفة‪:‬‬
‫في صفين لنصر بن مزاحم عن أبي جحيفة قال‪ :‬جاء عروة البارقي إلى سعيد بن وهب‪ ،‬فس‪RR‬أله وأن‪RR‬ا أس‪RR‬مع‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫حديث حّد ثتنيه عن علي بن أبي طالب‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬بعثني مخنف بن سليم الى علّي فأتيته بكربالء‪ ،‬فوجدته‬
‫ص‪47:‬‬
‫يشير بيده ويقول‪« :‬هاهنا‪ ،‬هاهنا» فقال له رجل‪ :‬وما ذلك ي‪R‬ا أم‪R‬ير المؤم‪R‬نين؟ ق‪R‬ال‪« :‬ثقل الل محّم د ي‪R‬نزل هاهنا‬
‫فويل لهم منكم‪ ،‬ووي‪R‬ل لكم منهم‪ ،‬فقال ل‪R‬ه الرج‪R‬ل‪ :‬م‪R‬ا مع‪R‬نى هذا الكالم ي‪R‬ا أم‪R‬ير المؤم‪R‬نين؟ ق‪R‬ال‪« :‬وي‪R‬ل لهم منكم‬
‫تقتلونهم وويل لكم منهم‪ :‬يدخلكم هّللا بقتلهم النار»‪.‬‬

‫‪ .)2 ( 63‬معجم الطبراني ح ‪ 57‬ص ‪ ،128‬وفي لفظه‪ «:‬ليقتلن الحسين قتال‪ ،‬وإّني العرف التربة التي يقتل فيها قريبا من النهرين»‪ ،‬وتاريخ االسالم‬
‫للذهبي ‪ ،11 /3‬وسير النبالء له ‪ ،195 /3‬ومجمع الزوائد ‪ ،190 /9‬وكنز العمال ‪ ،279 /16‬ومن كتب حديث أهل البيت بكمال الزيارة ص ‪.72‬‬
‫‪ .)3 ( 64‬مقتل الخوارزمي ‪.162 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 65‬صفين‪ ،‬لنصر بن مزاحم ص ‪ ،142‬وشرح نهج البالغة ‪.278 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 66‬ذخائر العقبى ص ‪ ،97‬وراجع دالئل النبوة البي نعيم ‪ ،211 /3‬وفي تذكرة خواص االمة ص ‪ «142‬هذا مصرع الرجل ثم ازداد بكاؤه»‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 67‬أسد الغابة ‪ 169 /4‬قال في ترجمة غرقة االزدي‪ «:‬يقال ل‪R‬ه صحبة وهو مع‪R‬دود في الكوفيين‪ ،‬وروي عنه أب‪R‬و صادق ق‪R‬ال‪ :‬وك‪R‬ان من‬
‫أصحاب النبي( ص) ومن أصحاب الصفة‪ ،‬وهو الذي دعا له النبي( ص) أن يبارك في صفقته» ثم أورد الخبر ال‪R‬ذي أوردن‪R‬اه في المتن‪ ،‬ثم ق‪R‬ال بع‪R‬د‬
‫انتهائه« أخرجه ابن الدباغ مستدركا على أبي عمر»‪ .‬وأشار اليه ابن حجر في ترجمته باالصابة‪.‬‬
‫وقد روي هذا الكالم على وجه آخر‪ :‬أّنه (ع) قال‪« :‬فويل لكم منهم وويل لكم عليهم» قال الرجل‪ :‬أما ويل لنا منهم‬
‫‪68‬‬
‫فقد عرفت وويل لنا عليهم ماهو؟ قال ترونهم يقتلون وال تستطيعون نصرهم‪.‬‬
‫ح‪ -‬عون بن أبي جحيفة‪:‬‬
‫في تاريخ ابن عساكر‪ ،‬عن عون بن أبي جحيف‪RR‬ة‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬اّن ا لجل‪RR‬وس عند دار أبي عب‪RR‬د هّللا الج‪RR‬دلي‪ ،‬فأتان‪RR‬ا مل‪RR‬ك بن‬
‫صحار الهمدانّي ‪ ،‬فقال‪ :‬دّلوني على منزل فالن‪ ،‬قال‪ :‬قلنا له‪ :‬أال ترسل الي‪R‬ه فيجيء؟ اذ ج‪R‬اء فقال‪ :‬أت‪R‬ذكر اذ بعثنا‬
‫أبو مخنف الى أمير المؤمنين وهو بشاطىء الفرات‪ ،‬فقال‪ :‬ليحلّن هاهنا ركب من آل رس‪RR‬ول هّللا (ص) يم‪ّRR‬ر به‪RR‬ذا‬
‫‪69‬‬
‫المكان فيقتلونهم‪ ،‬فويل لكم منهم وويل لهم منكم‪.‬‬
‫ط‪ -‬في تاريخ ابن كثير‪:‬‬
‫روى محّم د بن سعد وغيره من غير وج‪R‬ه‪ ،‬عن علّي بن أبي ط‪R‬الب‪ :‬أّن ه م‪ّRR‬ر بك‪RR‬ربالء عند أش‪RR‬جار الحنظ‪R‬ل وهو‬
‫ذاهب الى صفين‪ ،‬فسأل عن أسمها فقيل‪ :‬كربالء‪ .‬فقال‪ :‬كرب وبالء‪ ،‬فنزل وصّلى عند شجرة هناك ثم ق‪RR‬ال‪ :‬يقت‪RR‬ل‬
‫هاهنا شهداء هم خير الشهداء غير الصحابة‪ ،‬يدخلون الجنة بغير حساب‪ -‬وأش‪RR‬ار الى مك‪RR‬ان هناك‪ -‬فعَّلم‪RR‬وه بشيء‬
‫‪70‬‬
‫فّقِتل فيه الحسين‪.‬‬
‫ص‪48:‬‬
‫ي‪ -‬عن نجي الحضرمي‪:‬‬

‫في مسند أحمد‪ ،‬ومعجم الطبراني‪ ،‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللفظ لالول‪ ،‬عن عبدهّللا بن نجّي عن أبي‪RR‬ه‪ :‬أّن ه‬
‫سار مع علّي رضي هّللا عنه‪ ،‬فلما جاؤوا نينوى وهو منطلق الى صفين‪ ،‬فنادى علُّي ‪ :‬اصبر أب‪R‬ا عبدهّللا ‪ ،‬اصبر أب‪R‬ا‬
‫عبد هّللا ! بشط الفرات‪ ،‬قلت‪ :‬وماذا؟ قال‪ :‬دخلت على رس‪RR‬ول هّللا (ص) ذات ي‪RR‬وم عيناه تفيض‪RR‬ان‪ .‬قلت‪ :‬ي‪RR‬ا ن‪RR‬بّي هّللا‬
‫أغضبك أحد؟ ما شأن عينك تفيضان؟ قال‪ :‬بل قام من عندي جبريل قبل‪ ،‬فحدثني‪ :‬أّن الحسين يقت‪RR‬ل بشط الف‪RR‬رات‪،‬‬
‫قال فقال‪ :‬هل لك الى أن أِشَّم ك من تربته؟ ق‪R‬ال‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬فم‪ّR‬د ي‪R‬ده فقبض قبض‪R‬ة من ت‪R‬راب فأعطانيه‪R‬ا‪ ،‬فلم أمل‪R‬ك‬
‫‪71‬‬
‫عينَّي أن فاضتا‪.‬‬
‫وفي رواية‪« :‬وكان صاحب مطهرته‪ ،‬فلّم ا حاذوا نينوى وهو منطل‪RR‬ق الى صفين ن‪RR‬ادى علّي ‪ :‬صبرا أب‪RR‬ا عب‪RR‬د هّللا ‪،‬‬
‫‪72‬‬
‫صبرا أبا عبد هّللا بشط الفرات‪ ،‬قلت‪ :‬ومن ذا أبو عبد هّللا ؟ ‪ ،...‬هل لك أن أشمك من تربتة؟ ‪.»...‬‬
‫ك‪ -‬عن عامر الشعبي‪:‬‬
‫في طبقات ابن سعد‪ ،‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬والذهبي وتذكرة خواص االم‪R‬ة‪ ،‬عن ع‪R‬امر الشعبي‪ :‬أّن علي‪R‬ا ق‪R‬ال وهو‬
‫بشط الفرات‪ :‬صبرا أبا عبدهّللا ‪،‬‬
‫ص‪49:‬‬

‫‪ .)1 ( 68‬صفين لنصر بن مزاحم ص ‪.142‬‬


‫‪ .)2 ( 69‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ 635‬وتهذيبه ‪.325 /4‬‬
‫‪ .)3 ( 70‬تاريخ ابن كثير ‪ ،200 -199 /8‬ومجمع الزوائد ‪.191 /9‬‬
‫‪ .)1 ( 71‬في مسند أحمد ‪ ،85 /1‬وقال‪ :‬بهامشه‪ :‬اسناده صحيح‪ ،‬ومعجم الطبراني ح ‪ 45‬ص ‪ ،121‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ ،612 -611‬وتهذيبه ‪/4‬‬
‫‪ ،325‬ومجمع الزوائد ‪ ،187 /9‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪ ،10 /3‬والنبالء ‪ ،193 /3‬وتهذيب التهذيب ‪ ،347 /2‬وتاريخ ابن كثير ‪ ،199 /8‬وتذكرة‬
‫خ‪RR‬واص االّم ة بلف‪RR‬ظ آخ‪RR‬ر في ص ‪ ،142‬ومقت‪RR‬ل الخ‪RR‬وارزمي ‪ ،170 /1‬والص‪RR‬واعق البن حج‪RR‬ر ص ‪ ،115‬وفي ذخ‪RR‬ائر العقبى ص ‪ ،148‬من«‬
‫دخلت ‪ »...‬إلى آخر الحديث‪ ،‬وراجع الخصائص الكبرى للسيوطي ‪ ،126 /2‬ولدى أتباع مدرسة أهل البيت بمثير االحزان ص ‪ ،9‬وأمالي الشجري‬
‫ص ‪.150‬‬
‫‪ .)2 ( 72‬كما في أحاديث تاريخ ابن كثير‪ ،‬والروض النضير ‪.92 /1‬‬
‫ثم قال‪ :‬دخلت على رسول هّللا (ص) وعيناه تفيض‪R‬ان‪ ،‬فقلت‪ :‬أح‪R‬دث ح‪R‬دث أق‪R‬ال‪« :‬أخ‪R‬برني جبري‪R‬ل أّنحس‪R‬ينا ُيقَت ل‬
‫بشاطىء الفرات ثم قال‪ :‬أتحب أن أريك من تربته؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقبض قبضة من تربتها فوضعها في كّفي فما ملكت‬
‫‪73‬‬
‫عينّي أن فاضتا»‪.‬‬

‫ل‪ -‬عن كدير الّضبي‪:‬‬


‫في تاريخ ابن عساكر عن كدير الّضبي قال‪ :‬بينا أنا مع علّي بكربالء‪ ،‬بين أشجار الحرمل‪ -‬اذ‪ -‬أخذ بع‪RR‬رة ففركه‪RR‬ا‪،‬‬
‫‪74‬‬
‫ثّم شّم ها‪ ،‬ثم قال‪ :‬ليبعّثن هّللا من هذا الموضع قوما يدخلون الجّنة بغير حساب‪.‬‬
‫م‪ -‬عن هرثمة‪:‬‬
‫في معجم الطبراني عن هرثمة‪ ،‬كنت مع علي (رض) بنهر كربالء فمّر بشجرة تحتها بعر غزالن فأخذ منه قبضة‬
‫‪75‬‬
‫فشّم ها‪ ،‬ثم قال‪ :‬يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجّنة بغير حساب‪.‬‬
‫قد روى عن هرثمة حضوره مع االمام علّي بكربالء وما تبع ذلك غير واح‪RR‬د وك‪ّRR‬ل راٍو يؤِّي د م‪RR‬ا قال‪RR‬ه االخ‪RR‬ر كم‪RR‬ا‬
‫نذكره في ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬رواية نشيط مولى هرثمة‪:‬‬
‫في مقتل الخوارزمي بسنده الى نشيط أبي فاطمة قال‪ :‬جاء موالي هرثمة من صفين فأتيناه فسّلمنا عليه فمّرت شاة‬
‫وبعرت فقال‪ :‬لقد ذكرتني هذه الشاة حديثا‪ :‬أقبلنا م‪RR‬ع علّي ونحن راجع‪RR‬ون من صّفين فنزلنا ك‪RR‬ربالء‪ ،‬فص‪ّR‬لى بنا‬
‫الفجر‬
‫ص‪50:‬‬
‫بين شجرات ثم أخذ بعرات من بعر الغزال ففتها في ي‪RR‬ده‪ ،‬ثّم ش‪ّR‬م ها فالتفت الينا وق‪RR‬ال‪ :‬يقت‪RR‬ل فى هذا المك‪RR‬ان ق‪RR‬وم‬
‫‪76‬‬
‫يدخلون الجّنة بغير حساب‪.‬‬

‫‪ -2‬رواية أبي عبد هّللا الضبي‪:‬‬


‫في طبقات ابن سعد‪ ،‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬بسنده عن أبي عب‪RR‬د هّللا الض‪RR‬بي ق‪RR‬ال‪ :‬دخلنا على هرثم‪RR‬ة الض‪RR‬بي‪ 77‬حين‬
‫أقبل من صفين‪ ،‬وهو مع علّي ‪ ،‬وهو جالس على دّك ان له‪ ،‬ول‪R‬ه ام‪R‬رأة يقال له‪R‬ا ج‪R‬رداء وهي أش‪ّR‬د حّب ا لعلّي وأش‪ّR‬د‬
‫لقوله تصديقا‪ ،‬فجاءت شاة له فبعرت‪ ،‬فقال لها‪ :‬لقد ذكرني بعر هذه الشاة ح‪RR‬ديثا لعلي‪ ،‬ق‪RR‬الوا وم‪RR‬ا علم به‪RR‬ذا «ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫أقبلنا مرجعنا من صفين فنزلنا كربالء‪ ،‬فصّلى بنا علّي صالة الفجر بين شجرات ودوحات حرمل‪ ،‬ثّم أخذ كّف ا من‬
‫بعر الغزالن فشّم ه‪ ،‬ثم قال‪« :‬اوه‪ ،‬اوه‪ ،‬يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجّنة بغير حساب» ق‪RR‬ال‪ :‬ق‪RR‬الت ج‪RR‬رداء‪ :‬وم‪RR‬ا‬
‫‪78‬‬
‫تنكر من هذا؟ هو أعلم بما قال منك‪ ،‬نادت بذلك وهي في جوف البيت‪.‬‬
‫‪ -3‬عن هرثمة بن سليم‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 73‬طبقات ابن سعد ح ‪ ،173‬وتاريخ ابن عساكر ص ‪ ،393‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪ ،10 /3‬والنبالء ‪ ،194 /3‬وأشار الي‪RR‬ه ابن كث‪RR‬ير في ‪/8‬‬
‫‪ 199‬من تاريخه‪ ،‬وتذكرة خواص االمة ص ‪.142‬‬
‫‪ .)2 ( 74‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،638‬وتهذيبه ‪.326 /4‬‬
‫‪ .)3 ( 75‬معجم الطبراني ح ‪ 59‬ص ‪.128‬‬
‫‪ .)1 ( 76‬مقتل الخوارزمي ‪ 166 -165 /1‬وفي لفظ أبو هرثمة‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 77‬في االصل« أبي هرثمة» تحريف‪ .‬وان اعالم هذا الحديث وغير هذا الحديث الذين ذكروا في هذا البحث بحاج‪RR‬ة إلى تحقي‪RR‬ق لم يتس‪RR‬ن لنا‬
‫القيام به‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 78‬في طبقات ابن سعد ح ‪ ،276‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ ،636‬وفي مقتل الخوارزمي ‪ 165 /1‬عن نشيط أبي فاطمة قال‪:‬‬
‫جاء موالي أبو هرثمة من صفين‪ ،‬فأتيناه فسلمنا عليه فمرت شاة فبعرت ‪ ...‬وليس في لفظة« وما علم بهذا»‪.‬‬
‫عن أبي عبده‪ ،‬عن هرثمة بن سليم قال‪ :‬غزونا مع علّي بن أبي طالب غزوة صّفين‪ ،‬فلّم ا نزلنا بك‪RR‬ربالء صّلى بنا‬
‫صالة‪ ،‬فلما سّلم رفع اليه من تربتها فشّم ها ثّم قال‪ :‬واها لك أيتها الترب‪R‬ة‪ ،‬ليحشرن منك ق‪R‬وم ي‪R‬دخلون الجّن ة بغ‪RR‬ير‬
‫حساب‪ .‬فلما رجع هرثمة من غزوته الى امرأته‪ -‬وهي جرداء بنت سمير‪ -‬وكانت شيعة‬
‫ص‪51:‬‬
‫لعلّي فقال لها زوجها هرثمة‪ :‬أال أعجبك من صديقك أبي الحسين؟ لّم ا نزلنا ك‪RR‬ربالء رفع الي‪R‬ه من تربته‪RR‬ا فشّم ها‬
‫وقال‪ :‬واها لك يا تربة‪ ،‬ليحشرّن منك قوم يدخلون الجّنة بغير حساب‪ ،‬وما علم‪RR‬ه ب‪RR‬الغيب؟ فقالت‪ :‬دعنا منك أّيه‪RR‬ا‬
‫الرجل‪ ،‬فاّن أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين لم يقل إاّل حّق ا‪ .‬فلّم ا بعث عبي‪RR‬د هّللا بن زي‪RR‬اد البعث ال‪RR‬ذي بعث‪RR‬ه الى الحس‪RR‬ين بن علّي‬
‫وأصحابه‪ ،‬قال‪ :‬كنت فيهم في الخيل التي بعث اليهم‪ ،‬فلّم ا انتهيت الى القوم وحسين وأصحابه عرفت المنزل ال‪RR‬ذي‬
‫نزل بنا علي فيه والبقعة التي رفع إليه من ترابها‪ ،‬والقول الذي قاله‪ ،‬فك‪RR‬رهت مس‪RR‬يري‪ ،‬فأقبلت على فرس‪RR‬ي ح‪RR‬تى‬
‫وقفت على الحسين‪ ،‬فسّلمت عليه‪ ،‬وحّد ثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل‪ ،‬فقالالحس‪RR‬ين‪ :‬معنا أنت أو علينا؟‬
‫فقلت أي ابن رسول هّللا ال معك وال عليك‪ .‬تركت أهلي وولدي وعيالي أخ‪RR‬اف عليهم من ابن زي‪RR‬اد‪ .‬فقال الحس‪RR‬ين‪:‬‬
‫فوّل حّتى ال ترى لنا مقتال‪ ،‬فَو الذي نفس محّم د بيده ال يرى مقتلنا اليوم رجل وال يغيثنا إاّل أدخل‪RR‬ه هّللا النار‪ .‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫‪79‬‬
‫فأقبلت في االرض هاربا حّتى خفي علّي مقتلهم‪.‬‬

‫‪ -4‬عن جرداء بنت سمير‪:‬‬


‫عن زوجها هرثمة بن سلمى‪ ،‬قال‪ :‬خرجنا م‪R‬ع علّي في بعض غزوات‪R‬ه فس‪R‬ار ح‪R‬تى انتهى الى ك‪R‬ربالء‪ ،‬فنزل الى‬
‫شجرة فصّلى اليها فأخذ تربة من االرض فشّم ها‪ ،‬ثم قال‪ :‬واها لك تربة ليقتّلن بك قوم يدخلون الجّنة بغ‪RR‬ير حس‪RR‬اب‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقفلنا من غزوتنا وقتل علّي ونسيت الحديث‪ ،‬قال‪ :‬وكنت في الجيش الذين ساروا الى الحسين فلّم ا انتهيت اليه‬
‫نظرت الى الشجرة‪ ،‬فذكرت الح‪R‬ديث‪ ،‬فتقّد مت على فرس لي فقلت‪ :‬أبّش رك ابن بنت رس‪R‬ول هّللا (ص)‪ ،‬وحّد ثت‪R‬ه‬
‫الحديث‪ ،‬قال‪ :‬معنا أو علينا؟ قلت ال معك وال عليك‪ ،‬تركت عياال‬
‫ص‪52:‬‬
‫وتركت‪ -‬كذا وكذا‪ 80-‬قال‪ :‬أّم ا ال فوّل في االرض‪ ،‬فَو اّل ذي نفس حس‪RR‬ين بي‪RR‬ده‪ ،‬ال يشهد قتلنا الي‪RR‬وم رج‪RR‬ل إاّل دخ‪RR‬ل‬
‫‪81‬‬
‫جهّنم‪ .‬فانطلقت هاربا مولّيا في االرض حّتى خفي علّي مقتله‪.‬‬

‫ن‪ -‬عن شيبان بن مخرم‪:‬‬


‫في معجم الطبراني‪ ،‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬ومجمع الزوائد‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللف‪R‬ظ البن عس‪R‬اكر‪ ،‬عن ميم‪R‬ون عن ش‪R‬يبان‬
‫بن مخرم‪ -‬وكان عثمانيا يبغض عليا‪ -‬قال‪ :‬رجعنا مع علي الى صفين فانتهينا الى موضع‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪ :‬ما سّم ي هذا‬
‫الموضع؟ قال‪ :‬قلنا‪ :‬كربالء قال‪ :‬كرب وبالء قال‪ :‬ثّم قعد على داّبت‪RR‬ه‪ ،‬وق‪RR‬ال‪ :‬يقت‪RR‬ل هاهنا ق‪RR‬وم أفض‪RR‬ل ش‪RR‬هداء على‬
‫ظهر االرض ال يكون ش‪R‬هداء رس‪R‬ول هّللا (ص)‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬قلت بعض كذبات‪R‬ه ورّب الكعب‪R‬ة‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬فقلت لغالمي‪ ،‬وثّم ة‬
‫حمار مّيت‪ :‬جئني برجل هذا الحمار فأوتدته في المقع‪RR‬د ال‪RR‬ذي ك‪RR‬ان في‪RR‬ه قاع‪RR‬دا‪ ،‬فلّم ا قت‪RR‬ل الحس‪RR‬ين قلت الصحابنا‪:‬‬
‫‪82‬‬
‫انطلقوا ننظر‪ ،‬فانتهينا الى المكان فاذا جسد الحسين على رجل الحمار واذا أصحابه ربضة حوله‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 79‬صفين‪ ،‬البن مزاحم‪ ،‬ص ‪ ،141 -140‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ 636‬و ‪ 638‬باختصار‪ ،‬وأمالي الشجري ص ‪.184‬‬
‫‪ .)1 ( 80‬تهذيب ابن عساكر ‪.328 /4‬‬
‫‪ .)2 ( 81‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،677‬وأمالي الشجري ص ‪ ،184‬وفي لفظ« عن جرد ابنة شمير»‪ ،‬واالمالي للصدوق( ره) ط‪.‬‬
‫االسالمية طهران سنة ‪ 1396‬ه‪ -‬ص ‪.136‬‬
‫‪ .)3 ( 82‬ترجمة الحسين من طبقات ابن سعد ح ‪ ،275‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ ،675‬وتهذيب ابن عساكر ‪ ،338 -337 /4‬وقريب منه لفظ الحديث‬
‫‪ ،676‬في التأريخ وأسقطه في التهذيب‪ ،‬والطبراني ح ‪ 60‬ص ‪ ،128‬والمقتل للخوارزمي ‪ ،161 /1‬وك‪RR‬نز العم‪RR‬ال ‪ ،265 /16‬ومجم‪RR‬ع الزوائ‪RR‬د ‪/9‬‬
‫‪83‬‬
‫وأخرج ابن قولوية في باب قول أمير المؤمنين في قتل الحسين من كامل الزيارة أربعة أحاديث‪.‬‬
‫ص‪53:‬‬
‫‪ -15‬رواية أنس بن الحارث واستشهاده‪:‬‬

‫في تاريخ البخ‪R‬اري‪ ،‬وابن عس‪R‬اكر‪ ،‬واالس‪R‬تيعاب‪ ،‬وغيرها؛ اّن أنس بن الح‪R‬ارث بن نبي‪R‬ه قت‪R‬ل م‪R‬ع الحس‪R‬ين‪ ،‬ق‪R‬ال‪:‬‬
‫سمعت رس‪RR‬ول هّللا (ص) يقول‪« :‬اّن اب‪RR‬ني هذا‪ -‬يع‪RR‬ني الحس‪RR‬ين‪ -‬يقت‪RR‬ل ب‪RR‬أرض يقال له‪RR‬ا ك‪RR‬ربالء‪ ،‬فمن ش‪RR‬هد ذل‪RR‬ك‬
‫فلينصره»‪ ،‬فخرج أنس بن الحارث الى كربالء فقتل بها مع الحسين‪.‬‬
‫وفي مثير االحزان‪ :‬خرج أنس بن الحارث الكاهلي وهو يقول‪:‬‬
‫والخندفيون وقيس عيالن‬ ‫قد علمت كاهلنا وذودان‬

‫يا قوم كونوا كأسود خّفان‬ ‫بأّن قومي آفة لالقران‬

‫آُل علٍّي شيعة الرحمن‬ ‫واستقبلوا القوم بضرب االن‬

‫‪84‬‬
‫وآل حرب شيعة الشيطان‪.‬‬
‫‪ -16‬رجل من بني أسد‪:‬‬
‫روى ك‪ّR‬ل من ابن س‪R‬عد‪ ،‬وابن عس‪R‬اكر‪ ،‬عن العري‪R‬ان بن هيثم بن االس‪R‬ود النخعي الك‪R‬وفي االع‪R‬ور‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬ك‪R‬ان أبي‬
‫يتبّد ى‪ 85‬فينزل قريبا من الموضع اّلذي كان فيه معركة الحسين‪ ،‬فكّنا ال نبدو‪ 86‬إاّل وجدنا رجال من بني أسد هناك‪،‬‬
‫فقال له أبى‪ :‬أّني أراك مالزما هذا المكان؟ قال‪ :‬بلغني اّن حسينا يقتل هاهنا‪ ،‬فأنا أخرج لعّلي ُأصادفه‪ ،‬فاقت‪RR‬ل مع‪RR‬ه‪،‬‬
‫فلّم ا قتل الحسين‪ ،‬قال أبي‪ :‬انطلقوا‬
‫ص‪54:‬‬
‫‪87‬‬
‫ننظر‪ ،‬هل االسدي في من قتل؟ وأتينا المعركة فطّوفنا فإذا االسدي مقتول‪.‬‬

‫***‬
‫أوردنا في ما سبق من االحاديث التي فيها إنباء باستشهاد االمام الحسين قبل وقوعه‪ ،‬ما رواها الفريقان أو ما تف‪ّRR‬رد‬
‫بروايتها أتباع مدرسة الخلفاء‪ ،‬وتركنا ايراد ما تفّرد بروايتها أتب‪RR‬اع مدرس‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت‪ 88‬وتخّيرن‪RR‬ا في م‪RR‬ا رواها‬
‫الفريقان لفظ روايات مدرسة الخلفاء‪ ،‬وينبغي أن نبحث بعد هذا عن سبب استشهاد االمام الحس‪R‬ين ونرج‪R‬ع في هذا‬
‫البحث في مايلي الى كتب الفريقين المشهورة دونما تخّير رواية فريق على آخر‪.‬‬

‫ص‪55:‬‬

‫‪ ،191 -190‬وفي االصل« رجع» تحريف‪ ،‬وربضة‪ :‬الجّثة الجاثمة‪ ،‬ومن الناس الجماعة‪ ،‬والجاثم‪ :‬الذي لزم االرض‪ .‬لسان العرب وغيره‪.‬‬
‫‪ .)4 ( 83‬كامل الزيارة‪ ،‬باب ‪ 23‬ص ‪.72 -71‬‬
‫‪ .)1 ( 84‬ترجمة أنس بن الحارث في الجرح والتعديل للرازي ‪ ،287 /1‬وفي تاريخ البخاري الكبير ‪ ،30 /1‬رقم الترجمة ‪ ،1583‬وابن عساكر ح‬
‫‪ ،680‬وتهذيبه ‪ ،338 /4‬واالستيعاب‪ ،‬وأسد الغابة ‪ ،123 /1‬واالصابة ومقتل الخوارزمي ‪ ،160 -159 /1‬وتاريخ ابن كثير ‪ ،199 /8‬والروض‬
‫النضير ‪ ،93 /1‬ومثير االحزان ص ‪.47 -46‬‬
‫‪ .)2 ( 85‬يتبّد ي‪ :‬أي يقيم في البادية وفي االصل« يبتدى» تحريف‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 86‬نبدو‪ :‬أي نخرج إلى البادية‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 87‬بترجمة الحسين من كل من طبقات ابن سعد ح ‪ ،280‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪.666‬‬
‫‪ .)2 ( 88‬مثل ما روى الصدوق في أماليه‪ .‬ط‪ .‬النجف‪ ،‬ص ‪ ،112‬وط‪ .‬دار الكتب االسالمية طه‪RR‬ران س‪RR‬نة ‪ 1355‬ش‪ .‬ه‪ -‬ص ‪ 127 -126‬عن ميثم‬
‫رواية مفّص لة‪ ،‬وما جاء في أمالي الشيخ الطوسي( ره) ‪ ،324 -323 /1‬ومثير االحزان ص ‪.13 -9‬‬
‫سبب استشهاد االمام الحسين (ع)‬
‫ينبغي أن نبحث في هذا المقام في أمرين‪:‬‬
‫أ‪ -‬قاتل االمام الحسين لماذا أقدم على قتله؟‬
‫ب‪ -‬االمام الحسين لماذا اختار القتل؟‬
‫لقد روى الطبري وغيره واللفظ للطبري‪ 89‬في بيان ذلك وقال‪ :‬بويع ليزيد ابن معاوي‪RR‬ة بالخالفة بع‪RR‬د وفاة أبي‪RR‬ه في‬
‫رجب سنة ستين وأمير المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان‪ ،‬ولم يكن ليزيد ِهَّم ٌة‪ -‬حين ولي‪ -‬إاّل بيع‪RR‬ة النف‪RR‬ر ال‪RR‬ذين‬
‫أبوا على معاوية االجابة الى بيعة يزيد حين دعا الناس الى بيعته واّنه ولي عهده بع‪RR‬ده والف‪RR‬راغ من أم‪RR‬رهم‪ ،‬فكتب‬
‫الى الوليد يخبره بموت معاوية‪ ،‬وكتب اليه في صحيفة كأّنها أُذ ن فأرة‪ :‬أّم ا بع‪RR‬د‪ .‬فخ‪RR‬ذ حس‪RR‬ينا وعب‪RR‬د هّللا بن عم‪RR‬ر‪،‬‬
‫وعبد هّللا بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسالم‪.‬‬
‫فأشار عليه مروان أن يبعث اليهم في تلك الساعة ويدعوهم الى البيعة وال‪R‬دخول في الطاع‪R‬ة‪ ،‬فان فعل‪R‬وا قب‪R‬ل منهم‬
‫وكّف عنهم‪ ،‬وان أب‪R‬وا ق‪ّR‬د مهم فض‪R‬رب أعناقهم فإّنهم ان علم‪R‬وا بم‪R‬وت معاوي‪R‬ة وثب ك‪R‬ل منهم في ج‪R‬انب وأظه‪R‬ر‬
‫الخالف والمنابذة‪ ،‬ودعا الى نفسه‪ ،‬عدا ابن عمر فاّنه ال يرى القتال اال أن يدفع االمر اليه عفوا‪.‬‬
‫فأرسل الوليد عبد هّللا بن عمرو بن عثمان الى الحسين وابن الزبير يدعوهما‬
‫ص‪56:‬‬
‫فوجدهما في المسجد فدعاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس‪ .‬فقاال‪ :‬انص‪RR‬رف‪ ،‬االن نأتي‪R‬ه‪ .‬فقال‪ :‬حس‪RR‬ين‬
‫البن الزبير‪ :‬أرى طاغيتهم قد هلك فبعث الينا ليأخ‪RR‬ذنا بالبيع‪RR‬ة قب‪RR‬ل أن يفشو في الناس الخ‪RR‬بر‪ .‬فقال‪ :‬وأن‪RR‬ا م‪RR‬اأظّن‬
‫غيره‪ .‬فقام الحسين وجمع اليه مواليه وأهل بيته وسار الى باب الوليد وقال لهم‪ :‬إّني داخل فأن دع‪RR‬وتكم او س‪RR‬معتم‬
‫صوته قد عال فأقتحموا علي‪ ،‬وإاّل فال تبرحوا حتى أخ‪RR‬رج اليكم‪ ،‬فدخل على الولي‪RR‬د وم‪RR‬روان ج‪RR‬الس عنده فأقرأه‬
‫الوليد كتاب ودعاه الى البيعة‪ ،‬فاسترجع الحسين وق‪RR‬ال‪ :‬اّن مثلي ال يعطي بيعت‪RR‬ه س‪RR‬را وال أراك تج‪RR‬تزىء به‪RR‬ا مّني‬
‫سرا دون أن تظهرها على رؤوس الناس عالني‪RR‬ة‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬أج‪RR‬ل‪ .‬ق‪RR‬ال‪ :‬فإذا خ‪RR‬رجت الى الناس فدعوتهم الى البيع‪RR‬ة‬
‫دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحدا‪ .‬فقال له الوليد‪ ،‬وكان يحّب العافية‪ :‬انصرف على اسم هّللا ‪ ،‬فقال له مروان‪ :‬وهّللا‬
‫لئن فارقك الساعة ولم يبايع ال قدرت منه على مثله‪R‬ا حّتى تك‪R‬ثر القتلى بينكم وبينه؛ احبس الرج‪R‬ل وال يخ‪R‬رج من‬
‫عندك حّتى يبايع أو تضرب عنقه‪ .‬فوثب عند ذلك الحسين‪ ،‬فقال‪ :‬يا ابن الزرقاء!‪ 90‬أنت تقتلني أم هو؟ ك‪RR‬ذبت وهّللا‬
‫‪91‬‬
‫وأثمت‪.‬‬

‫وفي تاريخ ابن أعثم‪ ،‬ومقتل الخ‪RR‬وارزمي ومث‪RR‬ير االح‪RR‬زان‪ 92،‬والله‪RR‬وف‪ ،‬واللف‪RR‬ظ لالخ‪RR‬ير‪ 93،‬كتب يزي‪RR‬د الى الولي‪RR‬د‬
‫يأمره بأخذ البيعة على أهلها عاّم ة‬
‫ص‪57:‬‬

‫‪ .)1 ( 89‬الطبري‪ ،‬باب خالفة يزيد بن معاوية ‪.188 /6‬‬


‫‪ .)1 ( 90‬قال ابن االثير في تاريخه الكامل ‪ 160 /4‬ط‪ .‬أوربا وكان يقال له‪ -‬أي لمروان‪ -‬ولولده‪ :‬بنو الزرق‪R‬اء‪ .‬ويقول ذل‪R‬ك من يري‪R‬د ذّم هم وعيبهم‬
‫وهي الزرقاء بنت موهب جّد ة مروان بن الحكم البيه وكانت من ذوات الراي‪R‬ات ال‪R‬تي ُيس‪َR‬تَدل به‪R‬ا على بي‪R‬وت البغ‪R‬اء فله‪R‬ذا ك‪R‬انوا ي‪R‬ذمون به‪R‬ا‪ ،‬وق‪R‬ال‬
‫البالذري‪ :‬اسمها مارية ابنة موهب وكان قينا‪ ،‬أنساب االشراف ‪.126 /5‬‬
‫‪ .)2 ( 91‬الطبري ‪.190 /6‬‬
‫‪ .)3 ( 92‬مثير االحزان‪ ،‬البن نما‪ :‬نجم الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء( ت‪ 645 :‬ه‪ )-‬ط‪ .‬المطبعة الحيدرية في النج‪RR‬ف س‪RR‬نة ‪ 1369‬ه‪ -‬ص ‪-14‬‬
‫‪.15‬‬
‫‪ .)4 ( 93‬اللهوف في قتل الطفوف ط‪ .‬مكتبة االندلس بيروت ص ‪ ،10 -9‬ت‪R‬أليف علي بن موس‪R‬ى ابن جعف‪R‬ر بن ط‪R‬اووس الحس‪R‬يني( ت‪ 614 :‬ه‪،)-‬‬
‫وفتوح ابن أعثم ‪ ،10 /5‬ومقتل الخوارزمي ‪.185 ،180 /1‬‬
‫وخاّص ة على الحسين (ع) ويقول له‪ :‬إن أبى عليك فاضرب عنقه‪ ،‬ثم أوردوا الخ‪R‬بر نظ‪R‬ير م‪R‬ا ذك‪R‬ره الط‪R‬بري الى‬
‫قولهم‪ ،‬فغضب الحسين وقال‪ :‬ويلي عليك يا ابن الزرقاء أنت تأمر بض‪RR‬رب عنقي؟ ك‪RR‬ذبت ول‪RR‬ؤمت‪ ،‬نحن أهل بيت‬
‫النبوة ومعدن الرسالة ويزيد فاسق شارب الخمر وقاتل النفس ومثلي ال يبايع مثله‪.‬‬

‫قال الطبري‪ :‬فقال‪ :‬له الوليد‪ -‬وكان يحّب العافية‪ :-‬انصرف عل اسم هّللا ‪ .‬وفي الرواية االولى‪ :‬فلّم ا أصبح الحس‪RR‬ين‬
‫لقيه مروان فقال أطعني ترشد‪ ،‬قال‪ :‬قل‪ ،‬قال‪ :‬بايع أمير المؤمنين يزيد فهو خير لك في الدارين‪ .‬فقال الحسين‪« :‬إّنا‬
‫‪95‬‬
‫هّلل وإّنا إليه راجعون»‪ 94‬وعلى االسالم السالم اذ قد بليت االّم ة براع مثل يزيد‪.‬‬
‫اّم ا ابن الزبير فاّنهم الحوا عليه وتعّلل ولم يحضر دار الوليد‪ ،‬وبعث الوليد الى عبد هّللا بن عمر فقال‪ :‬ب‪RR‬ايع ليزي‪RR‬د‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫فقال‪ :‬اذا بايع الناس بايعت‪ ،‬فانتظر حتى جاءت البيعة من البلدان فتقّد م الى الوليد فبايعه‪.‬‬
‫وفي رواية‪ :‬أّن الحسين خرج من منزله بعد ذلك وأتى قبر جّد ه فقال‪ :‬الس‪RR‬الم علي‪RR‬ك ي‪RR‬ا رس‪RR‬ول هّللا أن‪RR‬ا الحس‪RR‬ين بن‬
‫فاطم‪RR‬ة فرخ‪RR‬ك وابن فرخت‪RR‬ك وس‪RR‬بطك والثقل ال‪RR‬ذي خّلفت‪RR‬ه في أّم ت‪RR‬ك‪ ،‬فاش‪RR‬هد عليهم ي‪RR‬ا ن‪RR‬بي هّللا اّنهم ق‪RR‬د خ‪RR‬ذلوني‬
‫وضّيعوني ولم يحفظوني‪ ،‬وهذه شكواي اليك حتى ألقاك صّلى هّللا عليك‪.‬‬
‫ثّم صّف قدميه فلم يزل راكعا ساجدا‪ 97‬الى الفجر‪.‬‬
‫ص‪58:‬‬
‫وفي رواية ُأخرى‪ :‬فصّلى ركعات فلّم ا فرغ من صالته جعل يقول‪ :‬اللهم هذا قبر نبّي ك محّم د (ص) وأن‪RR‬ا ابن بنت‬
‫نبّي ك وق‪RR‬د حض‪RR‬رني من االم‪RR‬ر م‪RR‬ا ق‪RR‬د علمت‪ ،‬اللهم إّني أحّب المع‪RR‬روف وُأنك‪RR‬ر المنك‪RR‬ر وإّني أس‪RR‬ألك ي‪RR‬اذا الجالل‬
‫واالكرام بحق هذا القبر ومن فيه ااّل اخترت من أمري ما هو لك رض‪R‬ى ولرس‪R‬ولك رض‪R‬ى وللمؤم‪R‬نين رض‪R‬ى‪ ،‬ثّم‬
‫جعل يبكي عند القبر حتى اذا كان قريبا من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى فإذا هو برس‪RR‬ول هّللا ق‪RR‬د أقب‪RR‬ل في‬
‫كتيبة من المالئكة عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلف‪RR‬ه فج‪R‬اء وض‪ّR‬م الحس‪RR‬ين الى صدره وقّب ل بين عينه وق‪R‬ال‬
‫«حبيبي يا حسين كأّني أراك عن قريب مرّم ال بدمائك‪ ،‬مذبوحا بأرض ك‪RR‬ربالء‪ ،‬بين عص‪RR‬ابة من أّم تي‪ ،‬وأنت في‬
‫ذلك عطشان ال تسقى‪ ،‬وظمآن ال تروى‪ ،‬وهم في ذلك يرجون شفاعتي‪ ،‬مالهم ال أنالهم هّللا شفاعتي‪ .‬مالهم ال أنالهم‬
‫هّللا شفاعتي يوم القيامة‪ ،‬وما لهم عند هّللا من خالق‪ ،‬حبيبي يا حسين! اّن أباك وأّم ك وأخ‪R‬اك ق‪R‬دموا علّي وهم الي‪R‬ك‬
‫مشتاقون‪ ،‬واّن لك في الجّنة لدرجات لن تنالها إاّل بالشهادة‪ 98.‬الحديث‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫وذهب الى قبر أّم ه وأخيه ووّد عهما‪.‬‬
‫وروى عمر بن على االطرف وقال‪:‬‬
‫لّم ا امتنع أخي الحسين (ع) عن البيعة ليزيد بالمدينة دخلُت عليه فوجدته خاليا‪ ،‬فقلت له‪ُ :‬جعلت فداك يا أبا عبد هّللا ‪:‬‬
‫حّد ثني أخوك أبو محّم د الحسن عن أبيه (ع)‪ .‬ثم سبقتني الدمع‪RR‬ة‪ ،‬وعال ش‪RR‬هيقي‪ ،‬فض ‪ّR‬م ني إلي‪RR‬ه‪ ،‬وق‪RR‬ال‪ :‬أح‪ّR‬د ثك أّني‬
‫مقت‪RR‬ول؟ فقلت‪ :‬حوش‪RR‬يت ب‪RR‬ا ابن رس‪RR‬ول هّللا ‪ .‬فقال‪ :‬س‪RR‬ألتك بح‪RR‬ق أبي‪RR‬ك‪ ،‬بقتلي خّب رك أبي؟ فقلُت نعم‪ ،‬فل‪RR‬وال ت‪RR‬أّولت‬
‫وبايعت‪ .‬فقال‪ :‬حّد ثني أبي‪ :‬اّن رسول هّللا (ص) أخبره بقتله وقتلي وأّن تربتي تكون بقرب تربته‪ ،‬فتظّن‬
‫ص‪59:‬‬
‫‪ .)1 ( 94‬لم أجد االسترجاع في اللهوف‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 95‬مثير االحزان ص ‪ ،15 -14‬اللهوف ص ‪ ،10 -9‬وفتوح ابن أعثم ومقتل الخوارزمي‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 96‬الطبري ‪.191 -190 /6‬‬
‫‪ .)4 ( 97‬مقتل الخوارزمي ‪.186 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 98‬فتوح ابن أعثم ‪ ،29 /5‬ومقتل الخوارزمي ‪.187 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 99‬اللهوف‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫أنك علمت ما لم أعلمه؟! واّني ال أعطي الدنية من نفسي أبدا‪ ،‬ولتلقيّن فاطمة أباها شاكية م‪R‬ا لقيت ذرّيته‪R‬ا من أّم ت‪R‬ه‬
‫‪100‬‬
‫وال يدخل الجّنة أحد آذاها في ذريتها‪.‬‬

‫***‬
‫كان حّك ام ذلك العصر وأشياعهم قد اعتادوا على تسمية تغيير أحكام هّللا بالتأويل‪ -‬كما ش‪RR‬رحناه في بحث االجته‪RR‬اد‪-‬‬
‫حّتى أصبح المتبادر الى الذهن من لفظ التأويل هو التغي‪RR‬ير‪ ،‬وأصبح ذل‪RR‬ك ش‪RR‬ائعا وس‪RR‬ائغا‪ ،‬ومن ثّم ك‪RR‬ان معاصرو‬
‫االمام الحسين (ع) الذين بلغهم نبأ استشهاد الحسين في العراق عن رسول هّللا يلّحون على االمام الحسين أن ي‪R‬ؤول‬
‫قضاء هّللا هذا‪ ،‬أي يغّيره بعدم ذهابه الى العراق‪ ،‬وبعضهم كان يضيف الى ذلك طلبه من االمام أن يؤول‪RR‬ه بالبيع‪RR‬ة‪،‬‬
‫أي يغّيره بالبيعة‪ ،‬وهذا ما عناه عمر بن علي بقوله‪( :‬فلوال تأّو لت وبايعت) أي فلوال أّو لت قضاء هّللا بقتلك ببيعتك‪،‬‬
‫وكذلك كان قصد محّم د بن الحنفية في ما حاور أخاه الحسين وان لم يصّرح به‪.‬‬

‫كما روى الطبري والمفيد وغيرهما واللفظ للمفيد‪ :‬اّن محّم د بن الحنفية قال للحسين (ع) لّم ا عزم على الخروج من‬
‫المدينة‪ :‬يا أخي أنت أحّب الناس إلّى وأعّز هم علّي ولست أّد خر النصيحة الحد من الخل‪RR‬ق‪ ،‬إاّل ل‪RR‬ك وأنت أح ‪ّR‬ق به‪RR‬ا‬
‫تنّح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن االمص‪RR‬ار م‪RR‬ا اس‪RR‬تطعت‪ ،‬ثّم ابعث رس‪RR‬لك الى الناس فادعهم الى نفس‪RR‬ك فان‬
‫بايعك الناس وبايعوا لك حمدت هّللا على ذلك‪ ،‬وان اجتمع الناس على غ‪RR‬يرك لم ينقص هّللا ب‪RR‬ذلك دينك وال عقل‪RR‬ك‪،‬‬
‫وال تذهب به مروءتك وال فضلك اّني أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه االمص‪RR‬ار فيختل‪RR‬ف الناس بينهم فمنهم‬
‫طائفة معك وُأخرى عليك فيقتتلون فتكون الّول االسّنة غرضا‪ ،‬فاذا خير هذه االّم ة كلها نفسا وأبا وأما أضيعها دما‬
‫ص‪60:‬‬
‫وأذلها أهال‪ .‬فقال له الحسين (ع)‪ :‬فاين أذهب ياأخي؟ قال‪ :‬انزل مّك ة فان اطمأَّنت ب‪R‬ك ال‪R‬دار به‪RR‬ا فس‪RR‬بيل ذل‪R‬ك‪ ،‬وان‬
‫نبت بك لحقت بالرمال وشعف الجبال وخرجت من بلد الى بلد ح‪RR‬تى تنظ‪RR‬ر الى م‪RR‬ا يص‪RR‬ير أم‪RR‬ر الناس إلي‪RR‬ه‪ ،‬فّان‪RR‬ك‬
‫‪101‬‬
‫أصوب ما تكون رأيا حين تستقبل االمر استقباال‪.‬‬

‫وفي فتوح ابن أعثم ومقتل الخوارزمي بعده‪ :‬فقال‪ :‬له الحسين‪ :‬ي‪R‬ا أخي‪ :‬وهّللا ل‪R‬و لم يكن في ال‪R‬دنيا ملج‪R‬أ وال م‪R‬أوى‬
‫لما بايعت يزيد بن معاوية أبدا‪ ،‬وقد قال (ص)‪ :‬اللهم ال تبارك في يزيد‪ .‬فقطع محمد بن الحنفية الكالم وبكى‪ ،‬فبكى‬
‫معه الحسين ساعة ثّم قال‪ :‬جزاك هّللا يا أخي عِّني خيرا لقد نص‪R‬حت وأش‪R‬رت بالص‪R‬واب‪ ،‬وأن‪R‬ا أرج‪R‬و أن يك‪R‬ون ان‬
‫شاء هّللا رأيك موّفقا مسّد دا‪ ،‬واني قد عزمت على الخ‪R‬روج الى مك‪R‬ة‪ ،‬وق‪R‬د تهّي أت ل‪R‬ذلك أن‪R‬ا واخ‪R‬وتي وبنو اخ‪R‬وتي‬
‫وشيعتي وأمرهم أمري ورأيهم رأيي وأما أنت يا أخي فال عليك أن تقيم بالمدينة فتك‪R‬ون لي عينا عليهم‪ ،‬وال تخ‪R‬ف‬
‫علّي شيئا من أمورهم‪ .‬ثّم دعا بدواة وبياض وكتب‪ 102‬هذه الوصية الخيه محّم د‪.‬‬
‫ص‪61:‬‬
‫‪103‬‬
‫وصّية الحسين (ع)‬
‫بسم هّللا الرحمن الرحيم‪ -‬هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب الى أخيه محّم د المع‪RR‬روف ب‪RR‬ابن الحنفّي ة‬
‫اّن الحسين يشهد أن ال اله إاّل هّللا وحده ال شريك له وأّن محّم دا عب‪RR‬ده ورس‪RR‬وله‪ ،‬ج‪RR‬اء ب‪RR‬الحّق من عند الح‪ّR‬ق ‪ ،‬وأّن‬
‫الجّنة والنار حّق ‪ ،‬وأّن الساعة آتية ال ريب فيها‪ ،‬وأّن هّللا يبعث من فى القبور‪ ،‬واّني لم أخ‪RR‬رج أش‪RR‬را وال بط‪RR‬را وال‬
‫‪ .)1 ( 100‬اللهوف‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ .)1 ( 101‬ارشاد الشيخ المفيد ص ‪.183‬‬
‫‪ .)2 ( 102‬الفتوح البن أعثم ‪.33 -32 /5‬‬
‫‪ .)1 ( 103‬اخترنا لفظ محمد بن أبي طالب الموسوي حسب رواية المجلسي في البحار ‪.329 /44‬‬
‫مفسدا وال ظالما‪ ،‬واّنما خرجت لطلب االصالح في أّم ة جدي (ص)‪ ،‬أريد أن آم‪RR‬ر ب‪RR‬المعروف وأنهى عن المنك‪RR‬ر‪،‬‬
‫وأسير بسيرة جّد ي وأبي علي بن أبي طالب فمن قبلني بقبول الحّق فاهّلل أولى بالحّق ومن رّد علّي هذا أصبر حّتى‬
‫يقضي هللا بيني وبين القوم بالحّق وهو خير الحاكمين‪ ،‬وهذه وصّيتى يا أخي اليك وما توفيقي إاّل باهّلل عليه ت‪RR‬وكلت‬
‫واليه أنيب‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫ثّم طوى الحسين الكتاب‪ ،‬وختمه بخاتمه‪ ،‬ودفعه الى أخيه محّم د‪ ،‬ثّم وّد عه وخرج في جوف الليل‪.‬‬
‫ص‪62:‬‬
‫مسير االمام الحسين (ع) الى مّك ة المكّرمة‬
‫وروى الطبري والمفيد‪ :‬أّن الوليد أرسل الى ابن الزبير بعد خروج الحسين فطاوله حتى خرج في جوف اللي‪RR‬ل الى‬
‫مّك ة وتنّك ب الطريق‪ ،‬فلّم ا أصبحوا سَّرح في طلبه الرجال فلم يدركوه فرجعوا وتشاغلوا ب‪RR‬ه عن الحس‪RR‬ين (ع) فلّم ا‬
‫أمسوا‪ ،‬أرسل الى الحسين فقال لهم‪ :‬اصبحوا ثم ترون ونرى‪ ،‬فكفوا عنه فسار من ليلته الى مكة وهو يتلو (فخ‪RR‬رج‬
‫‪105‬‬
‫منها خائفا يترّقب قال رّب نجني من القوم الظالمين) وأبى أن يتنكب الطريق االعظم مثل ابن الزبير‪.‬‬
‫وفي تاريخ الطبري وغيره‪ ،‬أّن عبد هّللا بن عمر التقى بالحس‪R‬ين وابن الزب‪R‬ير في الطري‪R‬ق فقال لهم‪R‬ا‪ :‬اّتقي‪R‬ا هّللا وال‬
‫‪106‬‬
‫تفّرقا جماعة المسلمين‪.‬‬
‫ولقي الحسيَن ‪ -‬أيضا‪ -‬عبد هّللا بن مطيع‪ ،‬فقال له‪ُ :‬جعلت فداك اين تريد؟ قال‪ :‬أّم ا االن فمكة وأّم ا بعد فاّني اس‪RR‬تخير‬
‫هّللا ‪ .‬قال‪ :‬خاَر هّللا لك وجعلنا فداءك‪ ،‬فاذا أتيت مّك ة فإّياك أن تقرب الكوفة فإّنها بلدة مشؤومة؛ بها قتل أبوك وخ‪RR‬ذل‬
‫أخوك واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه‪ .‬الزم الحرم فاّنك سّيد العرب ال تعدل بك أهل الحجاز أح‪RR‬دا‪ ،‬ويت‪RR‬داعى‬
‫اليك الناس من كّل جانب‪ .‬ال تفارق الحرم فداك عّم ي وخالي فَو هّللا لئن هلكت لنسترقّن بعدك‪.‬‬
‫وسار الحسين حتى دخل مّك ة يوم الجمعة لثالث مضين من شعبان وهو‬
‫ص‪63:‬‬
‫يقرأ‪( :‬ولّم ا توجه تلقاء مدين‪ ،‬قال عسى رّبي أن يهدين سواء السبيل)‪ ،‬ودخل ابن الزبير مّك ة ولزم الكعب‪RR‬ة‪ ،‬يص‪ّR‬لي‬
‫عندها عاّم ة النهار‪ ،‬ويطوف ويأتي حسينا في من يأتيه‪ ،‬ويشير عليه بالرأي‪ ،‬وهو أثقل خل‪R‬ق هّللا على ابن الزب‪R‬ير‪،‬‬
‫قد عرف اّن أهل الحجاز ال يبايعونه أبدا م‪R‬ا دام الحس‪R‬ين بالبل‪R‬د‪ ،‬وأّن ه أعظم في أعينهم وأنفس‪R‬هم منه‪ ،‬وأط‪R‬وع في‬
‫‪107‬‬
‫الناس منه‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫فأقبل أهلها يختلفون اليه ويأتيه المعتمرون وأهل االفاق‪.‬‬
‫وفيهذه السنة عزل يزيد الوليد وولّى على الحرمين عمرو بن س‪RR‬عيد‪ 109،‬وبل‪RR‬غ أهل الكوفة م‪RR‬وت معاوي‪RR‬ة وامتناع‬
‫الحسين وابن الزبير وابن عمر عن البيعة؛ فاجتمعوا وكتبوا الي‪RR‬ه كتاب‪RR‬ا واح‪RR‬دا ‪ ...‬أّم ا بع‪RR‬د‪ :‬فالحم‪RR‬د هّلل ال‪RR‬ذي قص‪RR‬م‬
‫عدّوك الجّبار العنيد الذي انتزى على هذه االّم ة فابتزها أمرها وتآمر عليها بغير رضى منها ‪ ...‬فبعدا له كما بعدت‬

‫‪ .)2 ( 104‬فتوح ابن أعثم ‪ ،34 /5‬ومقتل الخوارزمي ‪ ،188 /1‬وبعد سيرة جدي وأبي‪ ،‬أضافت يد التحريف« وس‪R‬يرة الخلف‪R‬اء الراش‪R‬دين المه‪R‬ديين‬
‫رضي هّللا عنهم» وان الراشدين اصطالح تأخر استعماله عن عصر الخالفة االموية ولم يرد في نص ثبت وجوده قبل ذلك‪ ،‬ويقصد بالراشدين ال‪RR‬ذين‬
‫أتوا إلى الحكم بعد رسول هّللا متواليا من ضمنهم االمام علي‪ ،‬فال يصح أن يعطف الراشدين على اسم االمام‪ ،‬كل هذا يدلنا على أن الجمل‪RR‬ة أدخلت في‬
‫لفظ االمام الحسين‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 105‬تاريخ الطبري ‪ ،190 /6‬وارشاد المفيد ص ‪.184‬‬
‫‪ .)2 ( 106‬تاريخ الطبري ‪.191 /6‬‬
‫‪ .)1 ( 107‬تاريخ الطبري ‪.197 -196 /6‬‬
‫‪ .)2 ( 108‬الطبري ‪.196 /6‬‬
‫‪ .)3 ( 109‬الطبري ‪.191 /6‬‬
‫ثمود‪ .‬اّنه ليس علينا امام فأقبل لعّل هّللا أن يجمعنا بك على الح‪ّR‬ق ‪ ،‬والنعم‪RR‬ان بن بشير‪ -‬ال‪RR‬والي‪ -‬في قص‪RR‬ر االم‪RR‬ارة‬
‫لسنا نجتمع معه في جمعة وال عيد‪ ،‬ولو قد بلغنا أّنك قد أقبلت أخرجناه حتى نلحقه بالشام ‪ ...‬وبعث‪RR‬وا بالكت‪RR‬اب م‪RR‬ع‬
‫رجلين فأغّذ ا السير حتى قدما على االمام الحسين لعشر مضين من شهر رمضان‪ .‬ثّم مكث‪RR‬وا ي‪RR‬ومين وس‪ّRR‬رحوا الي‪RR‬ه‬
‫ثالثة رجال معهم نحو من ثالث وخمسين صحيفة من الرجل واالثنين واالربعة‪ ،‬ثّم لبثوا ي‪RR‬ومين آخ‪RR‬رين وأرس‪RR‬لوا‬
‫رس‪RR‬ولين وكتب‪R‬وا معهم‪RR‬ا ‪ ...‬الى الحس‪RR‬ين بن علي من ش‪RR‬يعته المؤم‪RR‬نين والمس‪RR‬لمين‪ ،‬أّم ا بع‪RR‬د فحّي هال فإّن الناس‬
‫ينتظرونك وال رأي لهم في غيرك‪ ،‬فالعجل العجل والسالم عليك‪.‬‬
‫وكتب اليه رؤوس من رؤساء الكوفة كتابا ورد فيه‪ :‬فأقدم على جند لك‬
‫ص‪64:‬‬
‫‪110‬‬
‫مجّندة والسالم عليك‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫وفي رواية الطبري‪ :‬كتب اليه أهل الكوفة «أّنه معك مائة ألف»‪.‬‬
‫ص‪65:‬‬
‫ارسال مسلم بن عقيل الى الكوفة‬
‫وهكذا تالقت الرسل وتكّد ست الكتب لديه فكتب االمام في جوابهم‪:‬‬
‫الى المال من المؤمنين والمسلمين‪ .‬أّم ا بعد ‪ ...‬قد فهمت كّل الذي اقتصص‪RR‬تم وذك‪RR‬رتم‪ ،‬ومقال‪RR‬ة جّلكم أّن ه ليس علينا‬
‫امام فاقبل لعّل هّللا أن يجمعنا بك على الهدى والحق‪ ،‬وقد بعثت اليكم أخي وابن عّم ي وثقتي من أهل بيتي‪ ،‬وأمرت‪RR‬ه‬
‫أن يكتب الّي بحالكم وأمركم ورأيكم‪ ،‬فان كتب إلّي انه قد اجمع رأي ملئكم وذوي الفض‪RR‬ل والحجى منكم على مث‪RR‬ل‬
‫ما قدمت علّي به رسلكم وقرأت في كتبكم‪ ،‬أقدم عليكم وش‪R‬يكا اْن ش‪R‬اء هّللا فلعم‪R‬ري م‪R‬ا االم‪R‬ام إاّل العام‪R‬ل بالكت‪R‬اب‪،‬‬
‫‪112‬‬
‫واالخذ بالقسط‪ ،‬والدائن بالحق‪ ،‬والحابس نفسه على ذات هّللا ‪ .‬والسالم‪.‬‬
‫وأرسل اليهم مسلم بن عقيل‪ 113،‬فأقبل حّتى دخ‪RR‬ل الكوفة‪ ،‬فاجتمع الي‪RR‬ه الشيعة واس‪RR‬تمعوا الى كت‪RR‬اب الحس‪RR‬ين وهم‬
‫‪114‬‬
‫يبكون‪ ،‬وبايعه ثمانية عشر ألفا‪.‬‬
‫فكتب مسلم بن عقيل الى الحسين‪:‬‬
‫أّم ا بعد فإّن الرائد ال يكذب أهله‪ ،‬وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا‪ ،‬فعّجل االقبال حين يأتيك كتابي‪ ،‬فاّن‬
‫الناس كّلهم معك ليس لهم في آل‬
‫ص‪66:‬‬
‫‪115‬‬
‫معاوية رأي وال هوى والسالم‪.‬‬

‫وفي رواية بايع مسلم بن عقيل خمسة وعشرون ألفا‪.‬‬


‫‪116‬‬
‫وفي رواية ُأخرى أربعون ألفا‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 110‬الطبري ‪ ،197 /6‬وراجع أنساب االشراف ص ‪.158 -157‬‬


‫‪ .)2 ( 111‬الطبري ‪ ،221 /6‬ومثير االحزان ص ‪.16‬‬
‫‪ .)1 ( 112‬الطبري ‪ ،198 /6‬واالخبار الطوال للدينوري ‪.238‬‬
‫‪ .)2 ( 113‬الطبري ‪.198 /6‬‬
‫‪ .)3 ( 114‬الطبري ‪ ،221 /6‬ومثير االحزان ص ‪ ،21‬واللهوف ص ‪.10‬‬
‫‪ .)1 ( 115‬الطبري ‪.211 /6‬‬
‫‪ .)2 ( 116‬تاريخ ابن عساكر ‪.649‬‬
‫قال المؤلف ولعل أهل الكوفه استمروا على البيعه لمسلم بعد ارساله الكتاب الى االمام الحسين ح‪RR‬تى بلغ‪RR‬وا خمس‪RR‬ة‬
‫وعشرين او اربعين الفا‪.‬‬
‫قال الطبري‪ :‬اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة وتذاكروا أمر الحسين‪ ،‬والتحق بعضهم به وسار معه حتى استشهد‪،‬‬
‫‪117‬‬
‫وكتب اليهم الحسين يستنصرهم‪.‬‬
‫قال‪ :‬وع‪R‬زل يزي‪R‬د نعم‪R‬ان بن بشير عن والي‪R‬ة الكوفة وولّي عبيدهّللا بن زي‪R‬اد عليه‪R‬ا‪ 118‬باالض‪R‬افة الى واليت‪R‬ه على‬
‫البصرة‪ ،‬وكتب إليه ان يطلب مسلم بن عقيل حتى يقتله فقدم الكوفة وتتبع الشيعة‪ ،‬فثار عليه مسلم بن عقيل‪ ،‬وخذله‬
‫من بايعه من أهل الكوفة وبقي وحيدا يح‪RR‬ارب جنود ابن زي‪RR‬اد‪ ،‬فض‪RR‬رب بس‪RR‬يف قط‪RR‬ع ش‪RR‬فته العلي‪RR‬ا ونص‪RR‬لت ثناي‪RR‬اه‬
‫وأخذوا يرمونه بالحجارة من فوق البيوت‪ ،‬ويلهبون النار في أطناب القصب ثم يقلبونها عليه‪ ،‬فتقّد م الي‪RR‬ه محّم د بن‬
‫االشعث وقال‪ :‬لك االمان ال تقتل نفسك‪ ،‬وكان قد أثخن بالحجارة وعجز عن القتال وانبهر وأس‪RR‬ند ظه‪RR‬ره الى جنب‬
‫الدار‪ .‬فدنا منه ابن االشعث فقال‪ :‬لك االمان قال‪ :‬آمن أنا؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬وقال القوم‪ :‬أنت آمن‪ .‬فقال‪ :‬أما لو لم تؤمنوني‬
‫ما وضعت يدي على أيديكم فاجتمعوا حوله وانتزعوا س‪RR‬يفه من عنقه فقال‪ :‬هذا أّول الغ‪RR‬در! أين أم‪RR‬انكم؟ ثّم أقب‪RR‬ل‬
‫على ابن االشعث وقال له‪ :‬إّني أراك وهّللا ستعجز‬
‫ص‪67:‬‬
‫عن أماني فهل عندك خير؟ تستطيع أن تبعث من عندك رجال على لس‪RR‬اني يبل‪RR‬غ حس‪RR‬ينا فاّني ال أراه إاّل ق‪RR‬د خ‪RR‬رج‬
‫اليكم اليوم مقبال أو هو خارج غدا وأهل بيته‪ ،‬وان ما ترى من جزعي لذلك فيقول‪ :‬اّن ابن عقيل بعث‪R‬ني الي‪R‬ك وهو‬
‫في أيدي القوم أسير ال يرى أن يمسي حتى يقتل‪ ،‬ارجع بأهل بيتك وال يغّرك أهل الكوفة فإَّنهم أصحاب أبيك ال‪RR‬ذي‬
‫كان يتمّنى فراقهم بالموت أو القتل‪ ،‬اّن أهل الكوفة قد ك‪R‬ذبوك وك‪R‬ذبوني وليس لمك‪R‬ذوب رأي‪ .‬فقال االش‪R‬عث‪ :‬وهّللا‬
‫الفعلّن واُل علمن ابن زياد اّني قد أمنتك‪.‬‬

‫وادخل مسلم على ابن زياد على تلك الحالة‪ ،‬وجرت بينهما محاورة فقال له ابن زياد‪ :‬لعمري لتقتلّن ‪.‬‬
‫قال‪ :‬كذلك؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فدعني أوص الى بعض قومي‪ .‬فنظر الى جلساء عبيد هّللا وفيهم عمر بن سعد‪ .‬فقال‪ :‬ي‪RR‬ا‬
‫عمر! اّن بيني وبينك قرابة‪ ،‬ولي اليك حاجة‪ ،‬وقد يجب لي عليك نجح حاجتي وهو سُّر ‪ ،‬فأبى أن يمّك نه من ذكرها‪.‬‬
‫فقال له عبيد هّللا ‪ :‬ال تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عّم ك‪ ،‬فقام معه فجلس حيث ينظر اليه ابن زياد فقال ل‪RR‬ه‪ :‬اّن علّي‬
‫بالكوفة دينا استدنته منذ قدمت الكوفة سبعمائة درهم فاقضها عّني‪ ،‬وانظر جّثتي فاس‪RR‬توهبها من ابن زي‪R‬اد فوارها‪،‬‬
‫وابعث الى حسين من يرّد ه فاّني قد كتبت اليه أعلمه اّن الناس معه وال أراه إاّل مقبال‪ .‬فأخبر ابن سعد ابن زي‪RR‬اد بم‪RR‬ا‬
‫قال مسلم فقال ابن زياد‪ :‬اّن ه ال يخون‪R‬ك االمين ولكن ق‪R‬د ي‪R‬ؤتمن الخ‪R‬ائن‪ ،‬وأم‪RR‬ر بمس‪RR‬لم أن يص‪RR‬عد ب‪R‬ه فوق القص‪RR‬ر‬
‫ويضرب عنقه‪ .‬فقال البن االشعث‪ :‬أما وهّللا ل‪R‬وال أّن ك أمنت‪R‬ني م‪RR‬ا استس‪RR‬لمت‪ .‬قم بس‪RR‬يفك دوني فقد أخف‪RR‬رت ذمت‪R‬ك‪.‬‬
‫فصعد به وهو يكّبر ويستغفر ويصّلي على مالئكة هّللا ورس‪RR‬له ويقول‪ :‬اللهم احكم بيننا وبين ق‪RR‬وم غّرون‪RR‬ا وك‪RR‬ذبونا‬
‫وأذّلونا‪ .‬واشرف به وضربت عنقه وأتبع جسده رأسه‪.‬‬
‫وأمر ابن زياد بهانىء ب عروة فاخرج الى السوق فضربت عنقه‪ ،‬وأرسل‬
‫ص‪68:‬‬

‫‪ .)3 ( 117‬الطبري ‪.200 -198 /6‬‬


‫‪ .)4 ( 118‬الطبري ‪.215 -199 /6‬‬
‫ابن زياد برأسيهما مع كتاب الى يزيد‪ ،‬فكتب اليه يزيد‪ :‬أّم ا بعد فاّنك لم تعد ان كنت كما أحّب ‪ ،‬علمت عمل الحازم‪،‬‬
‫‪119‬‬
‫وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش‪ ،‬فقد أغنيت وكفيت وصّد قت ظني بك ورأيي فيك ‪ ...‬الكتاب‪.‬‬

‫ص‪69:‬‬
‫عزم االمام الحسين (ع) على المسير الى العراق‬
‫هكذا استشهد مسلم بن عقيل‪ ،‬أّم ا االمام الحسين فقد استعّد بعد تسّلمه كتاب سفيره مسلم‪ -‬االنف ال‪RR‬ذكر‪ -‬للتوّج ه الى‬
‫العراق‪ ،‬ولّم ا علم ابن الزبير بقصده قال له‪ :‬أما لو كان لي بها مثل شيعتك ما عدلت بها‪ ،‬ثم خشي أن يّتهم‪RR‬ه فقال‪:‬‬
‫أما اّنك لو أقمت بالحجاز ثّم أردت هذا االمر هاهنا ما خولف عليك ان شاء هّللا ‪ .‬ولّم ا خرج من عند االمام الحس‪RR‬ين‬
‫قال االمام‪ :‬اّن هذا ليس شيء يؤتاه من الدنيا أحّب اليه من أن أخرج من الحجاز الى العراق‪ ،‬وق‪R‬د علم أّن ه ليس ل‪R‬ه‬
‫‪120‬‬
‫من االمر معي شيء واّن الناس لم يعدلوه بي؛ فوَّد أّني خرجت منها لتخلوله‪.‬‬
‫وفي يوم التروية التقيا بين الحجر والباب فقال له ابن الزبير‪ :‬ان شئت أقمت فوليت هذا االم‪RR‬ر آزرن‪R‬اك وس‪RR‬اعدناك‬
‫ونصحناك وبايعناك‪ .‬فقال له الحسين‪ :‬اّن أبي حّد ثني أّن بها كبشا يستحّل حرمتها؛ فما أحب أن أك‪RR‬ون ذل‪RR‬ك الكبش‪.‬‬
‫فقال له ابن الزب‪R‬ير‪ :‬فاقم ان ش‪R‬ئت وتولي‪R‬ني أن‪R‬ا االم‪R‬ر فتط‪R‬اع وال تعص‪R‬ى‪ ،‬فقال‪ :‬وم‪R‬ا أري‪R‬د هذا‪ ،‬ثّم اّنهم‪R‬ا أخفي‪R‬ا‬
‫‪121‬‬
‫كالمها‪.‬‬
‫وفي رواية‪ :‬فساّر ابن الزبير الحسين فالتفت الينا الحسين‪ ،‬فقال‪ :‬يقول ابن الزب‪R‬ير‪ :‬أقم في هذا المس‪RR‬جد أجم‪RR‬ع ل‪R‬ك‬
‫الناس‪ ،‬ثم قال‪ :‬وهّللا الن أقتل‬
‫ص‪70:‬‬
‫خارجا منها أحّب إلّي من أن ُأقتل داخال منها بشبر‪ ،‬وأيم هّللا لو كنت في جحر هامة من هذه اله‪RR‬وام الس‪RR‬تخرجوني‬
‫‪122‬‬
‫حتى يقضوا فّي حاجتهم‪ ،‬ووهّللا ليعتّد ن علّي كما اعتدت اليهود في السبت‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫وفي تاريخ ابن عساكر وابن كثير‪ :‬الن ُأقتل بمكان كذا وكذا أحّب إلّي من أن تستحّل بي‪ -‬يعني مّك ة‪.-‬‬
‫‪124‬‬
‫ثم طاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة‪ ،‬وقّص من شعره‪ ،‬وأحّل من احرامه وجعلها عمرة‪.‬‬
‫الحسين مع ابن عباس‪:‬‬
‫وفي تاريخ الطبري وغيره‪ :‬لما عزم على الخروج أتاه ابن عباس وقال له في ما ق‪R‬ال‪ :‬أقم في هذا البل‪R‬د فاّن ك س‪ّR‬يد‬
‫أهل الحجاز‪ ،‬فان كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينف‪RR‬وا ع‪RR‬املهم وع‪RR‬دِّو هم ثم اق‪RR‬دم عليهم‪ ،‬فان‬
‫أبيت إاّل أن تخرج؛ فسر إلى اليمن فاّن بها حصونا وشعابا‪ ،‬وهي أرض عريض‪RR‬ة طويل‪RR‬ة والبي‪RR‬ك به‪RR‬ا ش‪RR‬يعة وأنت‬
‫عن الناس في عزلة‪ ،‬فتكتب إلى الناس وترسل وتبّث دعاتك‪ ،‬فاني أرجوا أن يأتيك عند ذل‪R‬ك ال‪R‬ذي تحّب ‪ .‬فقال ل‪R‬ه‬
‫الحسين‪ :‬يا ابن عّم ‪ :‬اّني وهّللا أعلم أنك ناصح مشفق‪ ،‬وقد أزمعت وأجمعت المسير‪ ،‬فقال ل‪RR‬ه ابن عب‪RR‬اس‪ :‬فان كنت‬
‫سائر فال تسر بنسائك وصبيتك‪ ،‬فاني خائف أن تقتل كما قتل عثمان‪ ،‬ونساؤه وولده ينظرون إليه‪.‬‬
‫وفي االخبار الطوال بعده‪ :‬قال الحسين‪ :‬يا ابن عّم ماأرى الخروج إاّل‬

‫‪ .)1 ( 119‬الطبري ‪ ،215 -199 /6‬وارشاد المفيد ‪.200 -199‬‬


‫‪ .)1 ( 120‬الطبري ‪.216 /6‬‬
‫‪ .)2 ( 121‬الطبري ‪ ،317 /6‬وراجع أنساب االشراف ص ‪.164‬‬
‫‪ .)1 ( 122‬الطبري ‪ ،217 /6‬وابن االثير ‪ ،16 /4‬وقوله« ليعتدن علي ‪ »....‬في طبقات ابن سعد ح ‪ ،278‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ ،664‬وابن كث‪R‬ير‬
‫‪.16608‬‬
‫‪ .)2 ( 123‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،648‬وابن كثير ‪.166 /8‬‬
‫‪ .)3 ( 124‬ارشاد المفيد ص ‪ ،201‬وتاريخ ابن كثير ‪.166 /8‬‬
‫ص‪71:‬‬
‫‪125‬‬
‫باالهل والولد‪.‬‬
‫‪126‬‬
‫وفي رواية‪ :‬فقال الحسين‪ :‬الن اقتل بمكان كذا وكذا أحّب إلّي من أن أقتل بمك‪RR‬ة وتس‪RR‬تحّل بي‪ ،‬فبكى ابن عب‪RR‬اس‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫وفي رواية فقال‪ :‬فذلك الذي سال بنفسي عنه‪.‬‬
‫كتابة إلى بني هاشم‪:‬‬
‫في كامل الزيارة قال‪ :‬كتب الحسين بن علّي من مكة إلى محمد بن علي‪:‬‬
‫بسم هّللا الرحمن الرحيم ‪ ...‬من الحسين بن علّي إلى محّم د بن علي ومن قبله من بني هاشم‪ ،‬أما بعد‪ :‬فاّن من لح‪RR‬ق‬
‫‪128‬‬
‫بي استشهد ومن تخّلف لم يدرك الفتح والسالم‪.‬‬
‫ق‪R‬ال ابن عس‪R‬اكر‪ :‬وبعث حس‪R‬ين إلى المدينة فقدم علي‪R‬ه من خ‪ّR‬ف مع‪R‬ه من ب‪R‬ني عب‪R‬د المطلب ‪ ...‬وتبعهم محّم د بن‬
‫‪129‬‬
‫الحنفية بمكة ‪....‬‬
‫االمام الحسين مع أخيه محمد بن الحنفية‪:‬‬
‫في اللهوف‪ :‬سار محّم د بن الحنفية إلى الحسين (ع) في الليلة التي أراد الخ‪R‬روج في صبيحتها عن مك‪R‬ة‪ ،‬فقال‪ :‬ي‪R‬ا‬
‫أخي‪ :‬اّن أهل الكوفة من عرفت غدرهم بأبيك وأخيك وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى‪ ،‬فان رأيت‬
‫ص‪72:‬‬
‫أن تقيم فاّنك أعّز من في الحرم وأمنعه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أخي خفت أن يغتالني يزي‪RR‬د ابن معاوي‪RR‬ة في الح‪RR‬رم‪ ،‬فأكون ال‪RR‬ذي‬
‫‪130‬‬
‫ُتستباح به حرمة هذا البيت‪.‬‬

‫خروج االمام الحسين من مكة وممانعة رسل الوالي اياه‪:‬‬


‫خرج االمام الحسين من مّك ة يوم الثالثاء لثمان مض‪RR‬ين من ذي الحج‪RR‬ة‪ 131،‬فاعترض‪RR‬ه رس‪RR‬ل ال‪RR‬والي من قب‪RR‬ل يزي‪RR‬د‬
‫عمرو بن سعيد‪ ،‬وتدافع الفريقان واض‪RR‬طربوا‪ ،‬بالس‪RR‬ياط‪ ،‬وامتنع الحس‪RR‬ين وأصحابه منهم امتناع‪RR‬ا قوي‪R‬ا‪ ،‬ومض‪RR‬ى‪،‬‬
‫فنادوه‪ :‬يا حسين‪ :‬أال تّتقي هّللا ! تخرج من الجماع‪RR‬ة وتف‪ِّRR‬رق بين هذه االّم ة‪ .‬فت‪R‬أّول الحس‪RR‬ين ق‪R‬ول هّللا عَّز وج‪R‬ل (لي‬
‫‪132‬‬
‫عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مّم ا أعمل وأنا بريء مّم ا تعملون)‪.‬‬
‫مع عبد هّللا بن جعفر وكتاب الوالي‪:‬‬
‫فكتب إليه عبد هّللا بن جعفر مع ابنيه عون ومحّم د‪ :‬أّم ا بعد‪ ،‬فإّني أس‪RR‬ألك باهّلل لّم ا انص‪RR‬رفت حين تنظ‪RR‬ر في كت‪RR‬ابي‬
‫فاّني مشفق عليك من الوجه الذي توجهت له أن يكون فيه هالك‪R‬ك واستئص‪R‬ال أهل بيت‪R‬ك‪ ،‬وان هلكت الي‪R‬وم طفىء‬
‫نور االرض‪ ،‬فاّنك علم المهتدين‪ ،‬ورجاء المؤمنين‪ ،‬فال تعجل بالسير‪ ،‬فإّني في أثر الكتاب والسالم‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 125‬الطبري ‪ ،217 -216 /6‬وابن االثير ‪ ،16 /4‬واالخبار الطوال ص ‪.244‬‬
‫‪ .)2 ( 126‬تاريخ ابن عساكر بترجمة االمام الحسين‪ ،‬الحديث ‪ ،644 -642‬وابن كثير ‪ ،165 /8‬وذخائر العقبى ص ‪ ،151‬ومقت‪R‬ل الخ‪R‬وارزمي ‪/1‬‬
‫‪.219‬‬
‫‪ .)3 ( 127‬معجم الطبراني ح ‪ ،93‬ومجمع الزوائد ‪.192 /9‬‬
‫‪ .)4 ( 128‬كامل الزيارة ص ‪ ،75‬باب ‪ ،75‬وفي اللهوف عن الكليني‪ :‬ان هذا الكتاب كتبه إليهم لما فصل من مكة ولفظه من الحسين بن علي إلى بني‬
‫هاشم أما بعد‪ ،‬فانه من لحق بي منكم استشهد‪ ،‬ومن تخلف عني لم يبلغ الفتح‪ ،‬اللهوف ص ‪ ،25‬ومثير االحزان ص ‪.27‬‬
‫‪ .)5 ( 129‬بترجمة االمام الحسين في تاريخ ابن عساكر‪ ،‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪.343 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 130‬اللهوف ص ‪.25 -24‬‬
‫‪ .)2 ( 131‬الطبري ‪.211 /6‬‬
‫‪ .)3 ( 132‬الطبري ‪ ،218 -217 /6‬وابن االثير ‪ ،17 /4‬وابن كثير ‪ ،166 /8‬وأنساب االشراف ص ‪.164‬‬
‫وطلب من عمرو بن سعيد أن يكتب له أمانا ويمِّنيه البّر والصلة ويبعث به إليه‪ ،‬فكتب‪ :‬أّم ا بعد‪ ،‬فإّني أس‪RR‬ال هّللا أن‬
‫يصرفك عّم ا يوبقك‪ ،‬وان يهديك لما يرشدك‪ ،‬بلغني أّنك توجهت إلى العراق‪ ،‬وإّني أعيذك باهّلل من الشقاق‪ ،‬فإني‬
‫ص‪73:‬‬
‫أخاف عليك فيه الهالك‪ ،‬وقد بعثُت إليك عبد هّللا بن جعفر‪ ،‬ويحيى بن سعيد‪ -‬أخا الوالي‪ -‬فأقبل الّي معهما‪ ،‬فاّن ل‪RR‬ك‬
‫عندي االمان‪ ،‬والصلة والبّر وحسن الجوار ‪ ...‬فذهبا بالكتاب ولحقا االمام الحسين‪ ،‬واقرأه يحيى الكتاب فجهدا به‪،‬‬
‫وكان مّم ا اعتذر به أن قال‪ :‬اني رأيت رؤيا فيها رسول هّللا (ص) وأمرت فيها بأمر أنا ماض ل‪RR‬ه علّي ك‪RR‬ان أو لي‪،‬‬
‫‪133‬‬
‫فقاال‪ :‬فما تلك الرؤيا؟ قال‪ :‬ماحدثت بها أحدا وما أنا محدث به حّتى ألقى رّبي‪.‬‬

‫وكتب االمام الحسين (ع) في جواب عمرو بن سعيد‪ :‬أّم ا بعد فاّنه لم يشاقق هّللا ورس‪RR‬وله من دع‪RR‬ا إلى هّللا عّز وج‪ّRR‬ل‬
‫وقال أّنني من المسلمين‪ ،‬وقد دعوت إلى االمان والّبر والصلة‪ ،‬فخير االم‪R‬ان أم‪R‬ان هّللا ‪ ،‬ولن ي‪R‬ؤمن هّللا ي‪R‬وم القيام‪R‬ة‬
‫من لم يخفه في الدنيا‪ ،‬فنسئل هّللا مخافة في ال‪RR‬دنيا ت‪RR‬وجب لن أماَن ُه ي‪RR‬وم القيام‪RR‬ة‪ ،‬فان كنت ن‪RR‬ويت بالكت‪RR‬اب صلتي‬
‫‪134‬‬
‫وبّري‪َ ،‬فُج ِزيَت خيرا‪.‬‬
‫كتاب عمرة بنت عبد الرحمن‪:‬‬
‫وفي تاريخ ابن عساكر‪ :‬كتبت إليه عمرة بن عبد الرحمن تعّظم عليه ما يري‪RR‬د أن يص‪RR‬نع‪ ،‬وت‪RR‬أمره بالطاع‪RR‬ة ول‪RR‬زوم‬
‫الجماعة‪ ،‬وتخبرة أّنه إّنما يساق إلى مصرعه‪ ،‬وتقول‪ :‬اشهد لحّد ثتني عائشة أّنه‪RR‬ا س‪RR‬معت رس‪RR‬ول هّللا (ص) يقول‪:‬‬
‫‪135‬‬
‫يقتل حسين بأرض بابل‪ :‬فلما قرأ كتابها‪ ،‬قال‪ :‬فالبّد لي إذا من مصرعي‪ ،‬ومضى‪.‬‬
‫ص‪74:‬‬
‫مع ابن عمر‪:‬‬

‫وفيه أيضا‪ :‬ان عبد هّللا بن عمر كان بمال له فبلغه ان الحس‪RR‬ين بن علي ق‪RR‬د توج‪RR‬ه إلى الع‪RR‬راق‪ ،‬فلحقه على مس‪RR‬يرة‬
‫‪136‬‬
‫ثالثة ليال‪ ،‬ونهاه عن المسير إلى العراق فأبى الحسين‪ ،‬فاعتنقه ابن عمر‪ ،‬وقال‪ :‬استودعك هّللا من قتيل‪.‬‬
‫وفي فتوح ابن اعثم‪ ،‬ومقتل الخوارزمي‪ ،‬ومثير االحزان‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللف‪RR‬ظ لالخ‪R‬ير‪ :‬اّن ابن عم‪RR‬ر لّم ا بلغ‪RR‬ه توّج ه‬
‫الحسين إلى العراق لحقه وأشار عليه بالطاعة واالنقياد‪ ،‬فقال له الحسين‪ :‬يا عبد هّللا ! أما علمت أّن من هوان ال‪RR‬دنيا‬
‫على هّللا أّن رأس يحيى بن زكرّيا ُأهدى إلى بغّي من بغايا بني اسرائيل‪ -‬إلى قوله‪ -‬فلم يعِّج ل هّللا عليهم ب‪RR‬ل أخ‪RR‬ذهم‬
‫‪137‬‬
‫بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر‪ ،‬ثّم قال‪ :‬اّتق هّللا يا أبا عبد الرحمن وال تدعّن نصرتي‪.‬‬
‫ص‪75:‬‬
‫توّجه االمام الحسين (ع) إلى العراق‬
‫خطبة االمام (ع)‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 133‬الطبري ‪ ،220 -219 /6‬وابن االثير ‪ ،17 /4‬وابن كثير ‪ ،167 /8‬وفي ‪ 163‬منه بايجاز‪ ،‬وارشاد المفي‪RR‬د ص ‪ ،202‬وت‪RR‬اريخ االس‪RR‬الم‬
‫للذهبي ‪.343 /2‬‬
‫‪ .)2 ( 134‬في الطبري وابن االثير‪ ،‬وابن كثير تتمة للخبر السابق‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 135‬تاريخ ابن عساكر بعد الحديث ‪ ،653‬وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة االنصارية المدنيه أكثرت عن عائشة‪ ،‬ثقة من الثالث‪RR‬ة‪،‬‬
‫ماتت قبل المائة‪ ،‬تقريب التهذيب ‪.607 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 136‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ 645‬و ‪ ،646‬وتهذيبه ‪ ،329 /4‬وقد أوردنا موجزا من الحديث‪ ،‬وأنساب االشراف ح ‪ 21‬ص ‪.163‬‬
‫‪ .)2 ( 137‬الفتوح البن أعثم ‪ ،43 -42 /5‬والمقتل ‪ ،193 -192 /1‬ومثير االحزان ‪ ،29‬واللهوف ص ‪ ،13‬ويبدو أَّن ابن عمر حاور الحسين في هذا‬
‫االمر مرتين‪ :‬أوالهما عند توجهه إلى مكة‪ ،‬والثانية بعد خروجه منها متوجها إلى العراق‪.‬‬
‫وفي مثير االحزان بعد المحاورة السابقة‪ :‬ثّم قام خطيبا فقال‪ :‬الحم‪RR‬د هّلل وماش‪RR‬اء هّللا ‪ ،‬وال ق‪ّRR‬وة إاّل باهّلل ‪ ،‬خ‪ّR‬ط الم‪RR‬وت‬
‫على ولد آدم مخّط القالدة على جيد الفتاة‪ ،‬وما أولهني إلى أسالفي اشتياق يعقوب إلى يوسف‪ ،‬وخير لي مصرع أنا‬
‫القيه‪ ،‬كأّني بأوصالي تقّطعها عسالن الفلوات بين النواويس وكربال‪ ،‬فيمالن مّني أكراش‪RR‬ا جوفا وأحوي‪RR‬ة س‪RR‬غبا‪ ،‬ال‬
‫محيص عن يوم خّط بالقلم‪ ،‬رضا هّللا رضانا أهل البيت‪ ،‬نصبر على بالئه ويوّفينا ُأج‪RR‬ور الص‪RR‬ابرين‪ ،‬لن تشّذ عن‬
‫رسول هّللا لحمته‪ ،‬وهي مجموعة له في حظيرة القدس‪ ،‬تقّر بهم عينه وينجز بهم وعده‪ ،‬من كان باذال فينا مهجت‪RR‬ه‪،‬‬
‫وموّطنا على لقاء هّللا نفسه‪ ،‬فليرحل معنا فإّني راحل مصبحا إن شاء ‪.‬‬
‫هّللا ‪138‬‬

‫لفت نظر‪:‬‬
‫لم نتوّخ في ايراد هذه المحاورات تسجيلها حسب تسلس‪RR‬لها الزم‪RR‬اني أو المك‪RR‬انّي كي نبحث عنه‪RR‬ا ثّم ن‪RR‬رّتب ت‪RR‬دوينها‬
‫حسبما يؤدي إليه البحث الّنا استهدفنا في هذا البحث اعطاء صورة عن رؤية االمام الحسين (ع) ورؤية معاصرية‬
‫لواقعة استشهاده‪ ،‬لنتمّك ن من معرفة حكمة استشهاده وآثارها‪ ،‬وكان يكفينا‬
‫ص‪76:‬‬
‫في هذا المقام ايراد المحاورات والحوادث حسبما أّد ى إليه ظّننا‪ ،‬وهكذا فعلنا‪.‬‬

‫أوامر الخليفة يزيد‪:‬‬


‫ولما بلغ يزيد نبأ مسير االمام كتب إلى ابن زياد‪ :‬أّنه قد بلغني أّن حسينا قد سار إلى الكوفة‪ ،‬وق‪RR‬د ابتلي ب‪RR‬ه زمان‪RR‬ك‬
‫من بين االزمان‪ ،‬وبلدك من بين البلدان‪ ،‬وابتليت به أنت من بين العّم ال‪ ،‬وعندما تعت‪RR‬ق أو تع‪RR‬ود عب‪RR‬دا كم‪RR‬ا تعتب‪RR‬د‬
‫‪139‬‬
‫العبيد‪.‬‬
‫لعّل يزيد يشير في كتابه إلى أّن زيادا والد عبيد هّللا بن زياد‪ ،‬ول‪R‬د من أب‪R‬وين عب‪R‬دين وهم‪RR‬ا عبي‪R‬د وس‪RR‬مّية‪ ،‬وبع‪RR‬د أن‬
‫ألحقه معاوية بأبيه أبي سفيان‪ ،‬أصبح أمويا‪ 140‬ومن االحرار في حساب العرف القبلي الجاهلي‪ ،‬أن يزي‪RR‬د يه ‪ّR‬د د ابن‬
‫زياد إن لم يقم بواجبه في القضاء على الحسين فاّنه سينفيه من نسب آل أبي سفيان فيعود عبدا‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫وفي رواية‪ :‬اّن عمرو بن سعيد أيضا كتب إلى ابن زياد نظير هذا الكتاب‪.‬‬
‫مع الفرزدق‪:‬‬
‫سار االمام الحسين (ع) حتى انتهى إلى الصفاح‪ 142‬فلقيه الفرزدق بن غالب الشاعر فقال لالمام‪ :‬بأبي أنت وأمي يا‬
‫ابن رسول هّللا ما أعجلك عن‬
‫ص‪77:‬‬
‫الحّج ‪ .‬فقال‪ :‬لو لم أعجل الخذت‪.‬‬

‫ثم سأل الفرزدق عن نبأ الناس خلفه فقال له الفرزدق‪ :‬قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والقض‪RR‬اء ي‪RR‬نزل من‬
‫السماء‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 138‬مثير االحزان ص ‪ ،29‬وفي اللهوف ص ‪ 23‬انه خطب بها في مكة لما عزم على الخروج وفي لفظة« أجربة سغبا»‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 139‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،657‬وفي ح ‪ ،656‬أمر بمحاربته‪ ،‬وفي تهذيب‪RR‬ه ‪ ،332 /4‬ومعجم الط‪RR‬براني ح ‪ ،80‬وأنس‪RR‬اب االش‪RR‬راف للبالذري‬
‫بترجمة الحسين ح ‪ ،180‬ص ‪ ،160‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪ ،344 /2‬وتاريخ ابن كثير ‪.165 /8‬‬
‫‪ .)2 ( 140‬راجع كتاب« عبدهّللا بن سبأ» ج ‪ 1‬فصل استلحاق زياد‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 141‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،653‬وتهذيبه ‪ ،326 /4‬وتاريخ ابن كثير ‪ ،165 /8‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪.343 /2‬‬
‫‪ .)4 ( 142‬الصفاح بين حنين وانصاب الحرم يسرة الداخل إلى مكة‪.‬‬
‫فقال له الحسين‪ :‬صدقت‪ ،‬هّلل االمر‪ ،‬وهّللا يفعل ما يشاء‪ ،‬وكّل يوم رّبنا في شأن ان نزل القضاء بما نحّب فنحم‪RR‬د هّللا‬
‫على نعمائه‪ ،‬وهو المستعان على اداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من ك‪RR‬ان الح‪RR‬ق نيت‪RR‬ه‪ ،‬والتقوى‬
‫‪143‬‬
‫سريرته‪ ،‬ثم حّرك الحسين راحلته فقال‪ :‬السالم عليك‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫ولّم ا بلغ الحاجز أرسل إلى أهل الكوفة بكتاب يخبرهم فيه انه خرج من مكة يوم التروية متجها اليهم‪.‬‬
‫‪145‬‬
‫مع عبد هّللا بن مطيع‪:‬‬
‫وفي بعض المياه التقى بعبد هّللا بن مطيع الع‪R‬دوي فقال ابن مطي‪R‬ع‪ :‬ب‪R‬أبي أنت وأمي ي‪R‬ا ابن رس‪R‬ول هّللا م‪R‬ا أق‪R‬دمك؟‬
‫فأخبره الحسين بخبره فقال ابن مطيع‪ُ :‬أذِّك رك هّللا يا ابن رسول هّللا وحرمة االسالم أن تنتهك‪ ،‬أنشدك هّللا في حرمة‬
‫رسول هّللا (ص)‪ ،‬أنشدك هّللا في حرمة العرب‪ ،‬فَو هّللا لئن طلبت مافي أيدي بني أمّية ليقتلّنك‪ ،‬لئن قتلوك ال يهابون‬
‫بعدك أحدا أبدا‪ ،‬وهّللا اّنها لحرمة‬
‫ص‪78:‬‬
‫االسالم ُتنتهك‪ ،‬وحرم‪RR‬ة ق‪RR‬ريش وحرم‪RR‬ة الع‪RR‬رب‪ ،‬فال تفع‪RR‬ل وال ت‪RR‬أت الكوفة وال تع‪ّRR‬رض لب‪RR‬ني أمّي ة‪ ،‬فأبى إاّل أن‬
‫‪146‬‬
‫يمضي‪.‬‬
‫‪147‬‬
‫وفي رواية‪ ،‬فقال الحسين‪ :‬لن يصيبنا إاّل ما كتب هّللا لنا‪ ،‬ثم وّد عه ومضى‪.‬‬
‫من رأى أن الحسين (ع) ال يجوز فيه السالح‪:‬‬
‫خالفا لمن سبق ذكر رأيه كان عبد هّللا بن عمرو بن العاص من عص‪RR‬بة الخالفة من الص‪RR‬حابة ي‪R‬أمر الناس باّتب‪R‬اع‬
‫االمام الحسين (ع)‪ ،‬قال‪ :‬الفرزدق بعد ذكر لقاءه لالمام الحسين (ع)‪:‬‬
‫ثّم مضيت فإذا بفسطاط مضروب في الحرم وهيئته حسنة فأتيته فاذا هو لعب‪RR‬د هّللا بن عم‪RR‬رو بن الع‪RR‬اص‪ ،‬فس‪RR‬ألني‬
‫فأخبرته بلقاء الحسين بن علي‪ ،‬فقال لي‪ :‬ويلك فهاّل اتبعته؛ َفّو هّللا ليملكّن واليجوز السالح فيه وال في أصحابه‪.‬‬
‫قال فهممت وهّللا ان الح‪RR‬ق ب‪RR‬ه ووق‪RR‬ع في قل‪RR‬بي مقالت‪RR‬ه‪ ،‬ثّم ذك‪RR‬رت االنبي‪RR‬اء وقتلهم فص‪ّR‬د ني ذل‪RR‬ك عن اللح‪RR‬اق بهم ‪...‬‬
‫‪148‬‬
‫الحديث‪.‬‬
‫مع زهير بن القين‪:‬‬
‫سار االمام الحسين حتى نزل زرود فالتقى فيه بزهير بن القين‪ -‬وكان عثمانيا‪ -149‬قال الراوي الذي كان مع زهير‪:‬‬
‫أقبلنا من مكة نساير الحسين فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل‪ ،‬فإذا سار الحسين تخّلف زهير‬
‫ص‪79:‬‬

‫‪ .)1 ( 143‬الطبري ‪ ،218 /6‬وابن االثير ‪ ،16 /4‬وارشاد المفيد ص ‪ ،201‬وابن كثير ‪ ،167 /8‬وأنساب االشراف ص ‪.166 -165‬‬
‫‪ .)2 ( 144‬الطبري ‪ ،224 -223 /6‬واالخبار الطوال للدينوري ص ‪ ،245‬وكان الحاجر ببطن الرمة‪ ،‬ويجتمع فيه أهل الكوفة والبص‪R‬رة بطري‪R‬ق‬
‫مكة‪ -‬مادة الحاجر وبطن الرمة بمعجم البلدان‪ ،‬وراجع أنساب االشراف ص ‪.166‬‬
‫‪ .)3 ( 145‬عبد هّللا بن مطيع بن االسود العدوي المدني‪ ،‬له رؤية‪ ،‬وكان رأس قريش يوم الحرة‪ ،‬وأَّم ره ابن زبير على الكوفة ثّم قتل مع‪RR‬ه س‪RR‬نة ثالث‬
‫وسبعين‪ ،‬أخرج حديثه البخاري ومسلم‪ ،‬تقريب التهذيب ‪.452 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 146‬الطبري ‪ ،224 /6‬وارشاد المفيد‪ ،‬ص ‪ ،203‬وأنساب االشراف ص ‪.155‬‬
‫‪ .)2 ( 147‬االخبار الطوال للدينوري ‪.246‬‬
‫‪ .)3 ( 148‬الطبري ‪.219 -218 /6‬‬
‫‪ .)4 ( 149‬في أنساب االشراف ط‪ .‬االولى‪ ،1397 ،‬ص ‪ ،167‬وص ‪ ،168‬وتاريخ ابن االثير ‪ 17 /4‬انه كان عثمانيا‪ ،‬وزرود في وسط عالج ك‪RR‬ان‬
‫منزال للحاج العراقي‪.‬‬
‫وإذا نزل تقّد م‪ ،‬حتى نزلنا منزال لم نجد بّد ا من أن ننازله فيه‪ ،‬فنزل الحسين في جانب ونزلنا في ج‪R‬انب‪ ،‬فبينا نحن‬
‫جلوس نتغّد ى إذ أقبل رسول الحسين فسّلم‪ ،‬وق‪R‬ال‪ :‬ي‪R‬ازهير بن القين! اّن أب‪R‬ا عب‪R‬د هّللا الحس‪R‬ين بن علي بعث‪R‬ني إلي‪R‬ك‬
‫لتأتيه‪ ،‬قال‪ :‬فطرح كّل انسان ما في يده حّتى كاّننا على رؤوسنا الطير‪.‬‬
‫فقالت له زوجته‪ :‬أيبعث اليك ابن رسول هّللا ثّم ال تأتيه؟ سبحان هّللا ! ل‪RR‬و أتيت‪RR‬ه فس‪RR‬معت من كالم‪RR‬ه! فأت‪RR‬اه زهير بن‬
‫القين‪ ،‬فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه‪ ،‬فأمر بفسطاطه ومتاعه فحمل إلى الحس‪RR‬ين‪ ،‬ثّم ق‪RR‬ال المرأت‪RR‬ه‪ :‬أنت‬
‫طالق‪ .‬الحقي بأهلك‪ ،‬فاّني ال أحّب أن يصيبك من سببي إاّل خير‪ ،‬ثّم قال‪ :‬الصحابه‪ :‬من أحّب منكم أن يتبع‪RR‬ني وإاّل‬
‫فاّنه آخر العهد‪( .‬وفي رواي‪RR‬ة‪ :‬من أحّب منكم الشهادة فليقم ومن كرهه‪RR‬ا فليتقّد م)‪ 150.‬اّني س‪RR‬أحّد ثكم ح‪RR‬ديثا‪ ،‬غزون‪RR‬ا‬
‫بلنجر؛ ففتح هّللا علينا وأصبنا غنائم‪ ،‬فقال لنا‪ :‬سلمان الباهلي‪ :‬أفرحتم عليكم وأصبتم من المغ‪RR‬انم؟ فقلنا‪ :‬نعم‪ .‬فقال‬
‫لنا إذا أدركتم شباب آل محّم د‪ -‬وفي رواية‪ :‬سيد شباب أهل محّم د‪ -151‬فكونوا أشّد فرحا بقتالكم معهم بما اصبتم من‬
‫الغنائم‪ ،‬فاما أنا فاستودعكم هّللا ‪ 152.‬فقالت له زوجته‪ :‬خار هّللا لك‪ ،‬وأسألك أن تذكرني يوم القيام‪RR‬ة عند ج‪ّR‬د الحس‪RR‬ين‬
‫(ع)‪.‬‬
‫ص‪80:‬‬
‫وصول خبر قتل مسلم وهانىء‬
‫لما وصل االمام إلى الثعلبّي ة‪ 153‬أخ‪R‬بره أس‪R‬دّيان عن صاحبهم أّن ه لم يخ‪R‬رج من الكوفة ح‪R‬تى قت‪R‬ل مس‪R‬لم بن عقي‪R‬ل‬
‫وهانىء بن عروة ورآهما ُيجّران في االسواق بأرجلهما‪.‬‬
‫فقال االمام‪ :‬اّنا هّلل واّنا إليه راجعون‪ ،‬رحمة هّللا عليهما‪ ،‬ورّد د ذلك مرارا‪ ،‬فقاال‪ :‬ننشدك هّللا في نفس‪RR‬ك وأهل بيت‪RR‬ك‬
‫ااّل انصرفت من مكانك هذا فاّنه ليس لك بالكوفة ناصر وال شيعة بل نتخوف أن تكون عليك‪ ،‬فوثب عند ذل‪RR‬ك بنو‬
‫عقيل‪ ،‬وقالوا‪ :‬ال وهّللا ال نبرح حّتى ندرك ثارنا أو نذوق ما ذاق أخونا‪ .‬فنظر الحسين إلى االس‪R‬دّيين وق‪R‬ال‪ :‬ال خ‪R‬ير‬
‫في العيش بعد هؤالء‪.‬‬
‫‪154‬‬
‫قاال‪ :‬فعلمنا اّنه عزم له رأيه على المسير‪ ،‬فقلنا‪ :‬خار هّللا لك‪ ،‬فقال‪ :‬رحمكما هّللا ‪.‬‬
‫رسوال ابن االشعث وابن سعد إلى الحسين (ع)‪:‬‬
‫في تاريخ االسالم للذهبي‪ :‬أرسل ابن سعد رجال على ناقة إلى الحسين يخبره بقتل مسلم بن عقيل‪.‬‬
‫وفي االخبار الطوال‪ :‬لما وافى زبالة وافاه بها رسول محّم د بن االشعث‪،‬‬
‫ص‪81:‬‬
‫وعمر بن سعد بما كان سأله مسلم أن يكتب به إليه من أمره وخذالن أهل الكوفة اّياه بعد أن بايعوه‪ ،‬وقد كان مس‪RR‬لم‬
‫‪155‬‬
‫سأل محّم د بن االشعث ذلك‪ .‬فلما قرأ الكتاب استيقن بصحة الخبر‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 150‬االخبار الطوال ص ‪ ،247 -246‬وأنساب االشراف ص ‪.168‬‬


‫‪ .)2 ( 151‬ابن االثير ‪.17 /4‬‬
‫‪ .)3 ( 152‬نقلنا الرواية من الطبري ‪ .225 -224 /6‬وسلمان المذكور في الخبر هو ابن ربيعة الباهلي أرسله الخليفة عثمان لغزو اران من آذربايجان‬
‫ففتح كورها صلحا وحربا وقتل خلف نهر بلنجر‪ ،‬فتوح البلدان ص ‪ ،241 -240‬وراجع ترجمته في أسد الغابة ‪.225 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 153‬الثعلبية من منازل طريق الحاج من العراق‪ ،‬مثير االحزان ص ‪ ،33‬واللهوف ص ‪.27‬‬
‫‪ .)2 ( 154‬تاريخ الطبري ‪ ،225 /6‬وابن االثير ‪ ،17 /4‬والدينوري ص ‪ 247‬باختصار‪ ،‬وابن كثير ‪.168 /8‬‬
‫‪ .)1 ( 155‬الدينوري في االخبار الطوال ص ‪ ،248‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪ 270 /2‬و ‪ ،344‬وزبالة منزل مشهور كان به حصن وجامع لبني أسد‪.‬‬
‫وروى الطبري‪ :‬ان محّم د بن االشعث أرسل اياس بن العثل الطائي‪ ،‬وقال له‪ :‬الق حسينا فأبلغه هذا الكت‪RR‬اب وكتب‬
‫فيه الذي أمره مسلم بن عقيل فاستقبله بزبالة واخبره الخبر وبّلغه الرسالة‪ ،‬فقال حسين‪ :‬كّل ما حّم ن‪R‬ازل‪ ،‬وعند هّللا‬
‫‪156‬‬
‫نحتسب أنفسنا وفساد ُأّم تنا‪.‬‬
‫ص‪82:‬‬
‫االمام يخبر الناس بقتل مسلم ويحلهم من بيعته‬
‫قال الطبري وغيره‪ :‬كان الحسين ال يمّر بأهل ماء إاّل اّتبعوه حتى انتهى إلى زبالة وفيها ج‪R‬اءه خ‪R‬بر قت‪R‬ل ابن زي‪R‬اد‬
‫عبد هّللا بن يقطر‪ -‬وكان قد سَّرحه إلى أهل الكوفة‪ -‬فأخرج الحسين (ع) للناس كتابا فقرأه علهيم‪:‬‬
‫بسم هّللا الرحمن الرحيم أّم ابعد‪ ،‬فاّنه قد أتانا خبر فظيع‪ ،‬قتل مسلم بن عقيل وهانىء بن عروة‪ ،‬وعبد هّللا بن يقط‪RR‬ر‪،‬‬
‫وقد خذلتنا شيعتنا فمن أحّب منكم االنصراف فلينصرف ليس عليه مّنا ذمام‪ ،‬فتفّرق الناس عنه يمينا وش‪RR‬ماال حّتى‬
‫بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة واّنما فعل ذلك الّنه ظّن اّنما اتبعه االعراب الّنهم ظنوا اّنه ي‪RR‬أتي بل‪RR‬دا‬
‫استقامت له طاعة أهله فكره أن يسيروا معه أاّل وهم يعلمون على ما يقدمون وق‪RR‬د علم أّنهم إذا بيَّن لهم لم يص‪RR‬حبه‬
‫اال من يريد مواساته‪.‬‬
‫رجل من بني عكرمة‪:‬‬
‫قال الراوي‪ :‬فلما كان من السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء وأك‪RR‬ثروا‪ ،‬ثم س‪RR‬ار ح‪RR‬تى ن‪RR‬زل ببطن العقب‪RR‬ة‪ 157،‬وفي هذا‬
‫المكان لقيه رجل من بني عكرمة فسأله‪ :‬أين تريد؟ فحّد ثه الحسين فقال له‪ :‬اّنى أنشدك هّللا لما انص‪RR‬رفت‪ ،‬فو هّللا ال‬
‫تقدم إاّل على االسَّنة وحّد السيوف‪ ،‬فان هؤالء اّلذين بعثوا اليك لو كانوا كفوك مؤونة‬
‫ص‪83:‬‬
‫القتال ووّطأوا لك االشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا‪ ،‬فاما على هذه الحال التي تذكرها فاني ال أرى لك ان تفع‪RR‬ل‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫فقال له‪ :‬يا عبد هّللا ‪ ،‬اّنه ليس ُيخفى علَّي ‪ ،‬الرأي ما رأيت‪ ،‬ولكن هّللا ال ُيغلُب على أمره‪.‬‬

‫وفي االخبار الطوال‪ :‬واخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية إلى العذيب رصدا ل‪RR‬ه‪ -‬وفي لفظ‪RR‬ه‪ -‬فال تتكلن‬
‫‪159‬‬
‫على اّلذين كتبوا لك؛ فاّن أولئك أّول الناس مبادرة إلى حربك ‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫وفي رواية ثّم قال‪ :‬وهّللا ال يدعوني حّتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي‪ ،‬فإذا فعلوا سّلط هّللا عليهم من يذّلهم حتى‬
‫‪160‬‬
‫يكونوا أذّل فرق االمم‪.‬‬
‫نذير آخر‪:‬‬
‫وفي تاريخ ابن عساكر وابن كثير قال ال‪RR‬راوي‪ :‬رأيت أخبي‪RR‬ة مض‪RR‬روبة بفالة من االرض‪ ،‬فقلت‪ :‬لمن هذه؟ ق‪RR‬الوا‪:‬‬
‫هذه لحسين‪ .‬قال‪ :‬فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن والدموع تسيل على خّد يه ولحيته‪ ،‬قلت‪ :‬بأبي وُأمي يا ابن رسول هّللا !‬

‫‪ .)2 ( 156‬الطبري ‪.211 /6‬‬


‫‪ .)1 ( 157‬الطبري ‪ ،226 /6‬وأنساب االشراف ص ‪ ،168‬وابن كثير ‪ ،169 -168 /8‬وقد تخيرت لفظ الطبري في هذا الخبر وما قبله إاّل ما ذكرت‬
‫مصدره‪ ،‬والعقبة أيضا من منازل الطريق‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 158‬الطبري ‪ ،226 /6‬وابن االثير ‪ ،18 -17 /3‬وابن كثير ‪.171 -168 /8‬‬
‫‪ .)2 ( 159‬االخبار الطوال ص ‪.248‬‬
‫‪ .)3 ( 160‬ارشاد المفيد ص ‪ ،206‬وقد روي كالم الحسين هذا أيضا غيره ولم يذكروا أين خطب‪ ،‬مثل الطبري في ‪ ،223 /6‬وابن االثير ‪،16 /3‬‬
‫وابن كثير ‪ ،169 /8‬وفي لفظهما« حتى يكونوا أذل من فرام االمة» أو فرمة االمة‪ ،‬قال ابن االثير بعده« والفرام خرقة تجعله‪RR‬ا الم‪RR‬رأة في قبله‪RR‬ا إذا‬
‫حاضت» وطبقات ابن سعد ح ‪.268‬‬
‫ما أنزلك هذه البالد والفالة التي ليس بها أحد! فقال‪ :‬هذه كتب أهل الكوفة الَّي ‪ ،‬وال أراهم إاّل قاتلَّي ‪ ،‬فاذا فعلوا ذل‪RR‬ك‬
‫‪161‬‬
‫لم يدعوا هّلل حرمة إاّل انتهكوها‪ ،‬فيسلط هّللا عليهم من يّذ لهم حّتى يكونوا أذّل من َفَر ِم االَم ِة‪ -‬يعني مقنعتها‪.-‬‬
‫ص‪84:‬‬
‫ويبدو من مقارنة الروايات بعضها ببعض اّن االم‪RR‬ام ك‪RR‬ان ق‪RR‬د أخ‪RR‬بر ب‪RR‬أنهم س‪RR‬يقتلونه وي‪RR‬ذّلهم هّللا ويس‪RR‬لط عليهم‪ ،‬في‬
‫محاورته مع ثالثة أشخاص وفي ثالثة أماكن‪.‬‬

‫وكذلك كان يكّر ر التصريح بأمثال هذه االقوال‪ .‬قال علي بن الحسين‪ :‬خرجنا مع الحسين (ع) فم‪RR‬ا ن‪RR‬زل م‪RR‬نزال وال‬
‫ارتحل منه إاّل ذكر يحيى بن زكرّيا ومقتله‪ ،‬وقال يوما‪ :‬ومن هوان الدنيا على هّللا اّن رأس يح‪R‬يى بن زكرّي ا أهدي‬
‫‪162‬‬
‫إلى بغّي من بغايا بني اسرائيل‪.‬‬
‫ص‪85:‬‬
‫لقاء االمام الحسين (ع) الحّر‬
‫‪164‬‬
‫سار الحسين حتى نزل شراف‪ 163،‬فلّم ا كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فاكثروا‪.‬‬
‫وسار الحسين من شراف‪ ،‬فلما انتصف النهار كَّبر رجل من أصحابه فقال له‪ :‬مما كبرت؟ قال‪ :‬رأيت النخل‪ .‬فقال‬
‫رجالن من بني أسد‪ :‬ما بهذه االرض نخلة قط‪ .‬فقال الحسين فما هو؟ فقاال‪ :‬ال ن‪RR‬راه إاّل هوادي الخي‪RR‬ل‪ .‬فقال وأن‪RR‬ا‬
‫أيضا أراه ذلك وقال لهما‪ :‬أما لنا ملجأ نلجأ إليه نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد؟ فقاال‪ :‬بلى هذا ذو‬
‫حسم إلى جنبك تميل إليه عن يسارك فان سبقت القوم إليه فهو كما تريد‪ .‬فمال إلي‪RR‬ه فم‪RR‬ا ك‪RR‬ان باس‪RR‬رع من ان طلعت‬
‫الخيل وعدلوا اليهم فسبقهم الحسين إلى الجبل فنزل‪ .‬وج‪RR‬اء القوم وهم أل‪RR‬ف فارس م‪RR‬ع الح‪ّRR‬ر بن يزي‪RR‬د التميمي ثّم‬
‫اليربوعي فوقفوا مقابل الحسين وأصحابه في نحر الظهيرة‪ ،‬فقال الحسين الصحابه وفتيانه‪ :‬اسقوا القوم وأرُو وهم‬
‫من الماء ورّش فوا الخيل ترشيفا فسقوا القوم من الماء حتى ارووهم‪ ،‬واقبلوا يمالون‬
‫ص‪86:‬‬
‫القصاع واالتوار والطساس من الماء ثّم يدنونها من الفرس‪ ،‬فاذا عّب في‪RR‬ه ثالثا أو أربع‪RR‬ا أو خمس‪RR‬ا عزلوها عنه‬
‫وسقوا آخر حتى سقوا الخيل كلها‪ ،‬قال علي بن الطعان المحاربي‪ :‬كنت آخر من جاء من أصحاب الح‪ّRR‬ر فلّم ا رأى‬
‫الحس‪R‬ين م‪RR‬ابي وبفرس‪RR‬ي من العطش ق‪R‬ال‪ :‬انخ الرواي‪R‬ه‪ ،‬والرواي‪R‬ه عندي الس‪RR‬قاء‪ ،‬ثّم ق‪R‬ال‪ :‬ي‪R‬ا ابن أخي انخ الجم‪RR‬ل‬
‫فانخته‪ ،‬فقال‪ :‬اشرب فجعلت كلّم ا شربت سال الماء من السقاء‪ ،‬فقال الحسين أخنث السقاء أي اعطف‪R‬ه ق‪R‬ال‪ :‬فجعلت‬
‫ال أدري كيف أفعل‪ ،‬قال‪ :‬فقام الحسين فخنثه فشربت وسقيت فرسي‪.‬‬

‫قال المؤلف‪ :‬اال يجد الباحث في أمر االمام بارواء الف فارس وفرس‪R‬ه في هذا الي‪R‬وم تعليال لم‪R‬ا أم‪R‬ر ب‪R‬ه فتيان‪R‬ه في‬
‫سحر هذا اليوم أن يستقوا وانهم استقوا وأكثروا؟ اال يجوز أن يكون االمام الحس‪RR‬ين ق‪R‬د س‪RR‬مع من ج‪R‬ده الرس‪RR‬ول في‬
‫هذا الشأن خاّصة أنباء تلقاها الرسول عن عاّل م الغيوب؟‬

‫‪ .)4 ( 161‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،665‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪ 345 /2‬وفي هامشه( َفَر م االمة أي خرقة حيضها»‪ ،‬وتاريخ ابن كثير ‪.169 /8‬‬
‫‪ .)1 ( 162‬ارشاد المفيد ص ‪ ،236‬واعالم الورى ص ‪.218‬‬
‫‪ .)1 ( 163‬بين شراف والواقصة ميالن كان بها ثالثة آبار كبار‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 164‬خبر لقاء الحسين مع الحر إلى آخره من تاريخ الطبري ‪ ،227 /6‬وابن االثير ‪ ،21 -9 /4‬وابن كثير ‪ ،174 -172 /8‬وقد بدأ هذه الفصل‬
‫بقوله‪ :‬وهذه صفة مقتله( رض) مأخوذه من كالم أئمة هذا الشأن ال كما يزعمه أهل التشيع من الكذب والبهتان‪ ،‬ثم جاء بسياق الطبري الذي سنلتزمه‬
‫ان شاء هّللا ‪ ،‬واالخبار الطوال للدينوري ص ‪ ،253 -248‬وأنساب االشراف ص ‪ ،176 -169‬وارش‪RR‬اد المفي‪RR‬د ‪ ،210 -205‬واعالم ال‪RR‬وري ‪-229‬‬
‫‪ ،231‬وقد تخيرت اللفظ من الطبري وأوجزته‪.‬‬
‫قال الطبري وغيره‪ :‬وكان مجيء الحّر من القادسية‪ ،‬أرسله الحصين بن نمير في هذه االلف‪ ،‬وذلك ان عبيد هّللا بن‬
‫زياد لما بلغه اقبال الحسين بعث الحصين التميمي وكان على شرطه فأمره أن ي‪RR‬نزل القادس‪RR‬ية ويض‪RR‬ع المس‪RR‬الح م‪RR‬ا‬
‫بين القطقطانة إلى خّفان فارسل الحصين الح‪ّR‬ر ليس‪RR‬تقبل الحس‪RR‬ين‪ .‬فلم ي‪R‬زل موافقا الحس‪RR‬ين ح‪R‬تى حض‪RR‬رت صالة‬
‫الظهر فأمر الحسين مؤذنه باالذان فأّذ ن‪ ،‬فخرج الحسين اليهم‪ ،‬فحمد هّللا وأثنى عليه ثّم قال‪ :‬أيها الناس! انها معذرة‬
‫إلى هّللا عّز وجل واليكم اّني لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت علّي رسلكم ان أقدم علينا فان‪RR‬ه ليس لنا ام‪RR‬ام لع‪RR‬ل هّللا‬
‫يجمعنا بك على الهدى‪ ،‬فان كنتم على ذلك فقد جئتكم‪ ،‬فان تعط‪R‬وني م‪R‬ا اطمئّن إلي‪R‬ه من عه‪R‬ودكم وم‪R‬واثيقكم أق‪R‬دم‬
‫مصركم وان لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين‪ ،‬انصرف عنكم إلى المكان اّلذي أقبلت منه اليكم‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬فس‪R‬كتوا عنه‬
‫وقالوا للمؤذن أقم فأقام الصالة فقال الحسين (ع) للحر‪ :‬أتريد أن تصلي بأصحابك؛ قال‪ :‬ال‪ ،‬بل تصلي أنت‬
‫ص‪87:‬‬
‫ونصلي بصالتك قال فصّلى بهم الحسين‪ .‬ثّم انه دخل واجتمع إليه أصحابه وانصرف الحر إلى مكانه الذي كان ب‪RR‬ه‬
‫فدخل خيمة قد ضربت له فاجتمع إليه جماعة من أصحابه وعاد أصحابه إلى صفهم ال‪RR‬ذي ك‪RR‬انوا في‪RR‬ه فأع‪RR‬ادوه‪ ،‬ثّم‬
‫أخذ كل رجل منهم بعنان داّبته وجلس في ظّلها فلّم ا كان وقت العصر أمر الحسين أن يتهيأوا للرحيل ثّم ان‪RR‬ه خ‪RR‬رج‬
‫فأمر مناديه فنادى بالعصر وأقام فاستقدم الحسين فصّلى بالقوم ثّم سّلم وانصرف إلى القوم بوجهه‪ ،‬فحمد هّللا وأثنى‬
‫عليه ثّم قال‪:‬‬

‫أّم ا بعد أّيها الناس‪ :‬فانكم ان تّتقوا وتعرفوا الحّق الهل‪RR‬ه يكن أرض‪RR‬ى هّلل ونحن أهل ال‪RR‬بيت أولى بوالي‪RR‬ة هذا االم‪RR‬ر‬
‫عليكم من هؤالء المّد عين ما ليس لهم‪ ،‬والسائرين فيكم ب‪R‬الجور والع‪R‬دوان‪ ،‬وان أنتم كرهتمون‪R‬ا وجهلتم حّقنا وك‪R‬ان‬
‫رأيكم غير ما أتتني كتبكم وقدمت به علّي رسلكم انصرفت عنكم‪.‬‬
‫فقال له الحّر بن يزيد‪ :‬إّنا وهّللا ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر؟‬
‫فقال الحسين‪ :‬يا عقبة بن سمعان!‪ 165‬أخ‪R‬رج الخ‪R‬رجين الل‪R‬ذين فيهم‪RR‬ا كتبهم الّي ‪ .‬فأخرج خ‪R‬رجين ممل‪R‬وءين صحفا‬
‫فنثرها بين أيديهم‪.‬‬
‫فقال الحّر‪ :‬فأنا لسنامن هؤالء الذين كتبوا اليك‪ ،‬وقد ُأمرنا إذا نحن لقيناك أاّل نفارقك حتى نقدمك على عبي‪RR‬د هّللا بن‬
‫زياد‪ .‬فقال له الحسين‪ :‬الموت أدنى اليك من ذلك‪ .‬ثّم قال الصحابه قوم‪RR‬وا فاركبوا فركب‪RR‬وا وانتظ‪RR‬روا ح‪RR‬تى ركبت‬
‫نساؤهم فقال الصحابه‪ :‬انصرفوا بنا‪ ،‬فلّم ا ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين االنص‪R‬راف فقال الحس‪R‬ين للح‪ّR‬ر‪:‬‬
‫ثكلتك امك‪ ،‬ما تريد؟ قال أما وهّللا لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال اّل تي أنت عليه‪RR‬ا م‪RR‬ا ت‪RR‬ركت‬
‫ذكر اّم ه بالثكل ان أقوله كائنا من كان‪ ،‬ولكن وهّللا ما لي إلى ذكر اّم ك من سبيل إاّل‬
‫ص‪88:‬‬
‫بأحسن ما يقدر عليه‪ ،‬فقال له الحسين‪ :‬فما تريد؟ قال الحّر‪ُ :‬أريد وهّللا أن أنطلق بك إلى عبي‪RR‬د هّللا بن زي‪RR‬اد‪ .‬ق‪RR‬ال ل‪RR‬ه‬
‫الحسين‪ :‬اذن وهّللا ال اتبعك فقال له الحّر‪ :‬اذن وهّللا ال أدعك‪ .‬فتراّد ا القول ثالث مّرات‪ ،‬ولّم ا كثر الكالم بينهما ق‪RR‬ال‬
‫له الحّر‪ :‬أِّني لم ُأومر بقتالك وانما ُأمرت ان ال أفارقك حتى اقدمك الكوفة؛ فاذا أبيت فخذ طريقا ال ت‪RR‬دخلك الكوفة‬
‫وال ترُّد ك إلى المدينة تكون بيني وبينك نصفا حتى أكتب إلى ابن زي‪RR‬اد وتكتب انت إلى يزي‪RR‬د بن معاوي‪RR‬ة إن أردت‬
‫ان تكتب اليه أو إلى عبيد هّللا ابن زياد ان شئت‪ ،‬فلعّل هّللا إلى ذاك أن يأتي ب‪RR‬أمر يرزق‪RR‬ني في‪RR‬ه العافي‪RR‬ة من أن أبتلى‬

‫‪ .)1 ( 165‬كان عقبة بن سمعان مولى الرباب بنت امرىء القيس الكلبية أم سكينة بنت الحسين‪ ،‬أنساب االشراف بترجمة الحسين ص ‪.205‬‬
‫بشيء من أمرك‪ .‬قال فخذ هاهنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسّية وبينه وبين الع‪R‬ذيب ثماني‪R‬ة وثالثون ميال‪ .‬ثَّم‬
‫ان الحسين سار في أصحابه والحّر يسايره‪.‬‬

‫وخطب الحسين أصحابه وأصحاب الحّر بالبيضة فحمد هّللا وأثنى علي‪RR‬ه ثّم ق‪RR‬ال‪ :‬أّيه‪RR‬ا الناس! ان رس‪RR‬ول هّللا (ص)‬
‫قال من رأى سلطانا جائرا مستحال لح‪R‬رم هّللا ‪ ،‬ناكث‪R‬ا لعه‪R‬د هّللا ‪ ،‬مخالف‪R‬ا لس‪ّR‬نة رس‪R‬ول هّللا (ص)‪ ،‬يعم‪R‬ل في عب‪R‬اد هّللا‬
‫باالثم والعدوان‪ ،‬فلم يغّير عليه بفعل وال قول؛ كان حّقا على هّللا أن يدخله مدخله‪ ،‬أال واّن هؤالء ق‪RR‬د لزم‪RR‬وا طاع‪RR‬ة‬
‫الشيطان وتركوا طاعة الرحمن‪ ،‬وأظهروا الفساد وعّطلوا الح‪R‬دود‪ ،‬واس‪R‬تأثروا ب‪R‬الفيء وأحّل وا ح‪R‬رام هّللا وحّرم‪R‬وا‬
‫حالله‪ ،‬وأنا أحق من غّير‪ ،‬وقد أتتني كتبكم وقدمت علَّي رسلكم ببيعتكم اّنكم ال تس‪RR‬لموني وال تخ‪RR‬ذلوني‪ ،‬فان تممتم‬
‫على بيعتكم تصيبوا رشدكم فأنا الحسين بن علّي وابن فاطمة بنت رسول هّللا (ص) نفس‪RR‬ي م‪RR‬ع أنفس‪RR‬كم‪ ،‬وأهلي م‪RR‬ع‬
‫أهليكم فلكم فَّي ُأس‪RR‬وٌة‪ ،‬وان لم تفعل‪RR‬وا ونقض‪RR‬تم عه‪RR‬دكم وخلعتم بيع‪RR‬تي من أعناقكم فلعم‪RR‬ري م‪RR‬ا هي لكم بنك‪RR‬ر‪ ،‬لقد‬
‫فعلتموها بأبي وأخي وابن عّم ى مسلم‪ ،‬والمغرور من اغتر بكم فحّظكم أخطأتم‪ ،‬ونصيبكم ضّيعتم‪ ،‬ومن نكث فاّنما‬
‫ينكث على نفسه‪ ،‬وسيغني هّللا عنكم والسالم عليكم ورحمة هّللا وبركاته‪.‬‬
‫ص‪89:‬‬
‫وخطب بذي حسم فحمد هّللا وأثنى عليه ثّم قال‪ :‬اّنه قد نزل من االمر ما قد ت‪R‬رون‪ ،‬وان ال‪R‬دنيا ق‪R‬د تغّي رت وتنك‪R‬رت‬
‫وأدبر معروفها واستمّرت جّذ اء فلم يبق منها إاّل صبابة كصبابة االناء‪ ،‬وخسيس عيش كالمرعى الوبيل‪ .‬اال ت‪RR‬رون‬
‫اّن الحّق ال يعمل به واّن الباطل ال يتناهى عنه‪ ،‬ليرغب المؤمن في لقاء هّللا محّق ا فاّني ال أرى الم‪RR‬وت إاّل ش‪RR‬هادة‬
‫وال الحياة مع الظالمين إاّل برما‪.‬‬

‫فقام زهير بن القين البجلّي فقال الصحابه‪ :‬تكّلم‪R‬ون أم أتكّلم؟ ق‪R‬الوا ال ب‪R‬ل تكّلم فحم‪R‬د هّللا فأثنى علي‪R‬ه‪ ،‬ثّم ق‪R‬ال‪ :‬ق‪R‬د‬
‫سمعنا‪ -‬هداك هّللا يا ابن رسول هّللا ‪ -‬مقالتك‪ ،‬وهّللا لو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخّلدين إاّل اّن فراقها في نصرك‬
‫ومواساتك‪ ،‬الثرنا الخروج معك على االقامة فيها‪ .‬فدعا له الحسين ثّم قال له خيرا‪ ،‬وأقبل الحّر يسايره وهو يقول‬
‫له‪ :‬يا حسين اّني أذكرك هّللا في نفسك فاّني اشهد لئن قاتلت لتقتلّن ‪ ،‬ولئن قوتلت لتهلكّن فيما أرى‪ ،‬فقال له الحس‪RR‬ين‪:‬‬
‫افبالموت تخّوفني؟! وهل يعدو بكم الخطب ان تقتلوني؟! ما أدري ما أقول ل‪RR‬ك! ولكن أق‪RR‬ول كم‪RR‬ا ق‪RR‬ال أخ‪RR‬و االوس‬
‫البن عّم ه ولقيه وهو يريد نصرة رسول هّللا (ص) فقال له‪ :‬اين تذهب فانك مقتول! فقال‪:‬‬
‫إذا ما نوى حّقا وجاهد مسلما‬ ‫سأمضي وما بالموت عار على الفتى‬

‫وفارق مثبورا يغش ويرغما‬ ‫وآسى الرجال الصالحين بنفسه‬

‫فّلما سمع ذلك منه الحّر تنّحى عنه‪ ،‬وكان يس‪RR‬ير باصحابه في ناحي‪RR‬ة وحس‪RR‬ين في ناحي‪RR‬ة اخ‪RR‬رى‪ ،‬ح‪RR‬تى انته‪RR‬وا إلى‬
‫عذيب الهجانات وكان بها هجائن النعمان ت‪R‬رعى هنال‪R‬ك‪ ،‬فاذا هم بأربع‪R‬ة نف‪R‬ر ق‪R‬د اقبل‪R‬وا من الكوفة على رواحلهم‬
‫يجنبون فرسا لنافع بن هالل يقال له الكامل ومعهم دليلهم الطرّم اح بن عدي على فرسه وهو يقول‪:‬‬
‫وشّم ري قبل طلوع الفجر‬ ‫يا ناقتي ال تذعري من زجري‬

‫حّتى تحلي بكريم النجر‬ ‫بخير ركبان وخير سفر‬


‫ص‪90:‬‬
‫أتى به هّللا لخير أمر‬ ‫الماجد الّحر رحيب الصدر‬

‫ثّم ت ابقاه بقاء الدهر‬


‫قال فلّم ا انتهوا إلى الحسين انشدوه هذه االبيات فقال‪ :‬أما وهّللا انّي الرج‪R‬و أن يك‪R‬ون خ‪R‬يرا م‪R‬ا أراد هّللا بنا؛ قتلنا أم‬
‫ظفرنا‪.‬‬
‫وأقبل إليهم الحّر بن يزيد فقال‪ :‬اّن هؤالء النفر الذين من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك وأن‪RR‬ا حابس‪RR‬هم أو راّد هم‪.‬‬
‫فقال‪ :‬له الحسين‪ :‬المنعّنهم مما أمنع منه نفسي انما هؤالء أنصاري وأعواني وقد كنت اعطيت‪RR‬ني أن ال تع‪RR‬رض لي‬
‫بشيء حتى يأتيك كتاب من ابن زياد‪ .‬فقال‪ :‬أجل لكن لم يأتوا مع‪RR‬ك‪ .‬ق‪RR‬ال‪ :‬هم أصحابي وهم بمنزل‪RR‬ة من ج‪RR‬اء معي‬
‫فان تممت على ما كان بيني وبينك وإاّل ناجزت‪RR‬ك‪ ،‬فك‪ّR‬ف عنهم الح‪ّRR‬ر‪ ،‬ثّم ق‪RR‬ال لهم الحس‪RR‬ين‪ :‬أخ‪RR‬بروني خ‪RR‬بر الناس‬
‫وراءكم‪.‬‬
‫فقال‪ :‬له مجّم ع بن عبد هّللا العائذي‪ ،‬وهو أحد النفر االربعة الذين جاؤوه‪ :‬اّم ا أش‪R‬راف الناس فقد ُأعظمت رش‪R‬وتهم‬
‫وملئت غرائرهم‪ُ ،‬يستمال وّد هم‪ ،‬ويستخلص به نصيحتهم‪ ،‬فهم ألب واحد عليك‪ ،‬وأّم ا سائر الناس بعد فإن أفئدتهم‬
‫تهوي اليك وسيوفهم غدا مشهورة عليك‪ .‬قال‪ :‬أخبروني فهل لكم برسولي اليكم؛ قالوا‪ :‬من هو؟ قال قيس بن ُم ْس ِه ر‬
‫الصيداوّي‪ ،‬فقالوا‪ :‬نعم أخذه الحصين بن نمير فبعث به إلى ابن زياد فأمره ابن زياد أن يلعنك ويلعن أباك؛ مص ‪ّR‬لى‬
‫عليك وعلى أبيك ولعن ابن زياد وأباه‪ ،‬ودعا إلى نصرتك‪ ،‬وأخبرهم بقدومك‪ ،‬فأمر ب‪R‬ه ابن زي‪R‬اد فُألقي من طم‪R‬ار‬
‫القصر‪ ،‬فترقرقت عين الحس‪R‬ين (ع) ولم يمل‪R‬ك دمع‪R‬ة ثّم ق‪R‬ال‪( :‬منهم من قض‪R‬ى نحب‪R‬ه ومنهم من ينتظ‪R‬ر وم‪R‬ا ب‪ّR‬د لوا‬
‫تبديال)‪ ،‬الّلهم اجعل لنا الجّنة نزال‪ ،‬واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك‪.‬‬
‫ثّم دنا الطرّم اح بن عّد ي من الحسين فقال له‪ :‬وهّللا اّني النظر فما أرى‬
‫ص‪91:‬‬
‫معك أحدا‪ ،‬ولو لم يقاتلك إاّل هؤالء اّلذين أراهم مالزميك لكان كفى بهم‪ ،‬وقد رأيت قبل خ‪RR‬روجي من الكوفة الي‪RR‬ك‬
‫بيوم ظه‪R‬ر الكوفة وفي‪R‬ه من الناس م‪R‬ا لم ت‪R‬رعين في صعيد واح‪R‬د جمع‪R‬ا أك‪R‬ثر منه‪ ،‬فس‪R‬ألت عنهم فقي‪R‬ل اجتمع‪R‬وا‬
‫ليعرضوا ثّم يس‪ِّRR‬رحون إلى الحس‪RR‬ين‪ ،‬فأنشدك هّللا ان ق‪RR‬درت على أن ال تقدم عليهم ش‪RR‬برا إاّل فعلت‪ ،‬فان أردت أن‬
‫تنزل بلدا يمنعك هّللا به حتى ترى من رأيك ويستبين لك ما أنت صانع‪ ،‬فسر ح‪R‬تى أنزل‪R‬ك مناع جبلنا اّل ذي ي‪R‬دعى‬
‫أجأ‪ ،‬امتنعنا وهّللا به من ملوك غّسان وحمير‪ ،‬ومن النعمان بن المنذر‪ ،‬ومن االسود واالحم‪RR‬ر‪ ،‬وهّللا ان دخ‪RR‬ل علينا‬
‫ذّل قُّط‪ ،‬فأسير معك ح‪R‬تى أنزل‪R‬ك القري‪R‬ة ثّم نبعث إلى الرج‪R‬ال ممن بأج‪R‬ا وس‪RR‬لمى من طّييء فَو هّللا ال ي‪R‬أتي علي‪R‬ك‬
‫عشرة أّيام حتى يأتيك طييء رجاال وركبانا‪ ،‬ثّم أقم فينا ما ب‪RR‬دا ل‪RR‬ك‪ ،‬فان هاج‪RR‬ك هيج فأن‪RR‬ا زعيم ل‪RR‬ك بعشرين أل‪RR‬ف‬
‫طائّي يضربون بين يديك بأسيافهم وهّللا ال يوصل اليك أبدا ومنهم عين تطرف‪ .‬فقال‪ :‬له‪ :‬جزاك هّللا وقوم‪RR‬ك خ‪R‬يرا‪،‬‬
‫اّنه قد كان بيننا وبين هؤالء القوم قول لسنا نقدر معه على االنصراف وال ندري على ما تنصرف بنا وبهم االم‪R‬ور‬
‫في عاقبة‪ .‬ومضى الحسين حتى انتهى إلى قصر بني مقاتل فنزل به فاذا هو بفس‪R‬طاط مض‪R‬روب‪ ،‬فقال‪ :‬لمن هذا‬
‫الفسطاط؟ فقيل‪ :‬لعبيدهّللا بن الحّر الجعفّي ‪ ،‬قال‪ :‬ادعوه لي‪ .‬وَبَع ث إليه فلّم ا اتاه الرسول‪ ،‬قال‪ :‬هذا الحس‪RR‬ين بن علي‬
‫يدعوك‪ ،‬فقال عبيد هّللا بن الحّر‪ :‬إّنا هّلل وإنا إليه راجعون‪ ،‬وهّللا ما خرجت من الكوفة إاّل كراهة أن ي‪RR‬دخلها الحس‪RR‬ين‬
‫وأنا بها‪ ،‬وهّللا ما أريد أن أراه وال يراني‪ ،‬فأتاه الرسول فأخبره‪ ،‬فأخذ الحسين نعليه فانتعل‪ ،‬ثّم قام فجاءه حتى دخل‬
‫عليه‪ ،‬فسّلم وجلس‪ ،‬ثّم دعاه إلى الخروج معه‪ ،‬فأعاد إلي‪RR‬ه ابن الح‪ّRR‬ر تل‪RR‬ك المقال‪RR‬ة‪ ،‬فقال‪ :‬فإاّل تنص‪RR‬رنا فاّتق هّللا أن‬
‫تكون ممن يقاتلنا‪َ ،‬فو هّللا ال يسمع واعيتنا أحد ثّم ال ينصرنا إاّل هلك‪ ،‬قال‪ :‬أّم ا هذا فال يكون أبدا إن شاء هّللا ‪ ،‬ثّم ق‪RR‬ام‬
‫الحسين من عنده حتى دخل رحله‪.‬‬

‫ص‪92:‬‬
‫قال المؤلف‪ :‬لعل الباحث يجد بادىء ذي بدء تناقضا بين موقف االمام مّم ن تجمع عليه في منزل زبالة يف‪ّRR‬رقهم من‬
‫حول‪R‬ه‪ ،‬وموق‪R‬ف االم‪R‬ام هنا م‪R‬ع ابن الح‪ّR‬ر وقبل‪R‬ه م‪R‬ع ابن القين‪ ،‬وك‪R‬ذلك م‪R‬ع غيرهم‪R‬ا‪ ،‬حيث ك‪R‬ان ي‪R‬دعوهم فرادى‬
‫وجماعات إلى نصرته‪ ،‬ولكنه إذا تدّبر خطب االمام وكالمه في كل مكان ومع أّي انسان كان‪ ،‬أدرك ان االمام كان‬
‫يبحث عن أنصار ينضُّم ون تحت لوائه ويبايعونه على االم‪R‬ر ب‪R‬المعروف والنهي عن المنك‪R‬ر واس‪R‬تنكار بيع‪R‬ة ائم‪R‬ة‬
‫الضاللة أمثال يزيد على الحكم‪ ،‬أنصارا واعين الهداف قيامه‪ ،‬يقاومون االغراء بالدنيا‪ ،‬يص‪R‬ارعون الحكم الغاش‪R‬م‬
‫حتى يقتلوا في سبيل ذلك!‬

‫استقاء مرة اخرى‪:‬‬


‫روي الطبري وغيره واللفظ للطبري‪ 166،‬عن عقبة بن سمعان‪ ،‬قال‪ :‬لّم ا كان في آخر الّليل أم‪RR‬ر الحس‪RR‬ين باالس‪RR‬تقاء‬
‫من الماء ثّم أمرنا بالرحيل ففعلنا‪ .‬قال‪ :‬فلّم ا ارتحلنا من قصر بني مقاتل وسرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة ثّم‬
‫انتبه وهو يقول‪ :‬اّنا هّلل واّنا إليه راجعون‪ ،‬والحمد هّلل رب العالمين‪.‬‬
‫قال‪ :‬ففعل ذلك مرتين أو ثالثا‪.‬‬
‫قال‪ :‬فأقبل إليه ابنه علّي بن الحسين على فرس له‪ ،‬فقال‪ :‬ي‪RR‬اأبت ُجعلت فداك مّم حم‪RR‬دت هّللا واس‪RR‬ترجعت؟ ق‪RR‬ال‪ :‬ي‪RR‬ا‬
‫بنّي ‪ ،‬اّني خفقت برأسي خفقة فعّن لي فارس على فرس‪ ،‬فقال‪ :‬القوم يس‪R‬يرون والمناي‪R‬ا تس‪R‬ري اليهم‪ ،‬فعلمت اّنه‪R‬ا‬
‫أنفسنا نعيت إلينا قال له‪ :‬يا أبت‪ ،‬ال أراك هّللا سوءا! ألسنا على الحّق ؟ قال‪ :‬بلى واّلذي إلي‪RR‬ه مرج‪RR‬ع العب‪RR‬اد‪ .‬ق‪RR‬ال‪ :‬ي‪RR‬ا‬
‫ابت‪ :‬اذا ال نبالي‪ ،‬نموت محّقين‪ ،‬فقال له‪ :‬جزاك هّللا من ولد خير ما جزى ولدا عن والده‪.‬‬
‫ص‪93:‬‬

‫نزول ركب آل الرسول (ص) أرض كربالء‬


‫قال أبو مخنف‪ :‬فلّم ا أصبح نزل فصّلى الغداة ثّم عّجل الركوب فأخذ يتساير بأصحابه يريد أن يف‪ّRR‬رقهم فيأتي‪RR‬ه الح‪ّRR‬ر‬
‫بن يزيد فيرّد هم فيرّد ه‪ ،‬فجعل إذا رّد هم إلى الكوفة رّد ا ش‪R‬ديدا امتنع‪R‬وا علي‪R‬ه‪ ،‬فارتفعوا فلم يزال‪R‬وا يتس‪R‬ايرون ح‪R‬تى‬
‫انتهوا إلى نينوى المكان الذي نزل به الحسين‪.‬‬
‫قال‪ :‬فاذا راكب على نجيب له وعليه السالح‪ ،‬متنّك ب قوسا‪ ،‬مقبل من الكوفة فوقف‪RR‬وا جميع‪RR‬ا ينتظرون‪RR‬ه‪ ،‬فلّم ا انتهى‬
‫إليهم سّلم على الحّر بن يزيد وأصحابه ولم يسّلم على الحسين (ع) وأصحابه‪ ،‬فدفع إلى الحّر كتابا من عبي‪RR‬د هّللا بن‬
‫زياد فإذا فيه‪ :‬أّم ا بعد فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي‪ ،‬فال تنزله إاّل بالعراء في غير حصن‬
‫وعلى غير ماء وقد أمرت رسولي أن يلزمك وال يفارقك حتى يأتيني بانفاذك أمري والسالم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلّم ا قرأ الكتاب‪ ،‬قال لهم الحّر‪ :‬هذا كتاب االمير عبيد هّللا بن زياد يأمرني فيه أن أجعجع بكم في المكان اّل ذي‬
‫يأتيني فيه كتابه‪ ،‬وهذا رسوله‪ ،‬وقد أمره أن اليفارقني حتى أنفذ رأيه وأمره‪ ،‬فنظر إلى رس‪RR‬ول عبي‪RR‬د هّللا ‪ ،‬يزي‪RR‬د بن‬
‫زياد بن المهاصر أبو الشعثاء الكندّي ثّم البهدلي فعّن له فقال‪ :‬امالك بن النسير البدّي؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وك‪RR‬ان أح‪RR‬د كندة‪،‬‬

‫‪ .)1 ( 166‬المصادر ال تزال هي التي ذكرناها في أول فصل« لقاء االمام الحسين( ع) الحر»‪.‬‬
‫فقال له يزيد بن زياد‪ :‬ثكلتك اّم ك! ماذا جئت فيه؟ قال‪ :‬وما جئت في‪R‬ه‪ ،‬أطعت ام‪R‬امي ووفيت ببيع‪R‬تي‪ ،‬فقال ل‪R‬ه أب‪R‬و‬
‫الشعثاء‪ :‬عصيت رّبك وأطعت امامك في هالك نفسك‪ ،‬كسبت العار والنار‪ ،‬قال هّللا عّز وجل‪:‬‬
‫(وجعلناهم أئّم ة يدعون إلى النار ويوم القيامة ال‬
‫ص‪94:‬‬
‫ينصرون)‬

‫فهو إمامك‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأخذ الحّر بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان على غير ماء وال في قرية فقالوا دعنا ننزل في هذه القرية‪-‬‬
‫يعنون نينوى‪ -‬أو هذه القرية‪ -‬يعنون الغاضرية‪ -‬أو هذه االخرى‪ -‬يعنون شفية‪ -‬فقال‪ :‬ال وهّللا ما استطيع ذل‪RR‬ك‪ ،‬هذا‬
‫رجل قد بعث إلّي عينا‪ .‬فقال له زهير بن القين‪ :‬ي‪RR‬ا ابن رس‪RR‬ول هّللا ! ان قت‪RR‬ال هؤالء أهون من قت‪RR‬ال من يأتينا من‬
‫بعدهم فلعمري ليأتينا من بعد من ترى ماال قبل لنا ب‪RR‬ه‪ ،‬فقال ل‪RR‬ه الحس‪RR‬ين‪ :‬م‪RR‬ا كنت الب‪RR‬دأهم بالقت‪RR‬ال‪ .‬وفي االخب‪RR‬ار‬
‫الطوال بعده‪:‬‬
‫فقال له زهير‪ :‬فهاهنا قرية بالقرب مّنا على شّط الف‪RR‬رات‪ ،‬وهي في ع‪RR‬اقول‪ 167‬حص‪RR‬ينة‪ ،‬الف‪RR‬رات يح‪RR‬دق به‪RR‬ا إاّل من‬
‫وجه واحد‪.‬‬
‫قال الحسين‪ :‬وما اسم تلك القرية؟‬
‫قال‪ :‬العقر‪.‬‬
‫‪168‬‬
‫قال الحسين‪ :‬نعوذ باهّلل من العقر‪.‬‬
‫قال الحسين للحِّر‪ :‬سر بنا قليال‪ ،‬ثم ننزل‪.‬‬
‫فسار معه حتى أتوا كربالء‪ ،‬فوقف الحّر وأصحابه أمام الحسين ومنعوهم من المس‪R‬ير‪ ،‬وق‪R‬ال‪ :‬ان‪R‬زل به‪R‬ذا المك‪R‬ان‪،‬‬
‫فالفرات منك قريب‪.‬‬
‫‪169‬‬
‫قال الحسين‪ :‬وما اسم هذا المكان؟‬
‫قالوا له‪ :‬كربالء‪.‬‬
‫قال‪ :‬ذات كرب وبالء‪ ،‬ولقد مّر أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صّفين‪ ،‬وأنا معه‪ ،‬فوقف‪ ،‬فسأل عنه‪ ،‬فُأخبر باسمه‬
‫فقال‪« :‬هاهنا محط ركابهم‪،‬‬
‫ص‪95:‬‬
‫وهاهنا مهراق دمائهم»‪ ،‬فسئل عن ذلك‪ ،‬فقال‪« :‬ثقل الل بيت محّم د‪ ،‬ينزلون هاهنا»‪ 170.‬وقبض قبضة منها فشّم ها‬
‫وقال هذه وهّللا هي االرض اّلتي أخبر بها جبرئيل رسول هّللا اّنني ُأقتل فيها‪ ،‬أخبرتني أّم سلمة‪ ،‬قالت‪ :‬كان جبرئي‪RR‬ل‬
‫عند رسول هّللا (ص) وأنت معي فبكيت‪ .‬فقال رس‪RR‬ول هّللا دعي اب‪R‬ني‪ ،‬فتركت‪R‬ك فأخ‪R‬ذك ووض‪RR‬عك في حج‪R‬ره‪ ،‬فقال‬
‫جبرئيل‪ :‬أتحّبه؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فاّن ُأّم تك ستقتله‪ ،‬وان شئت أريتك تربة أرض‪RR‬ه اّل تي يقت‪RR‬ل فيه‪RR‬ا‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬نعم‪ .‬فبس‪RR‬ط‬
‫‪171‬‬
‫جبرئيل جناحه على أرض كربالء فأراها اّياها‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 167‬عاقول الوادي ما اعوج منه‪ ،‬واالرض العاقول التي ال يهتدي إليها‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 168‬مكان قرب كربالء من نواحي الكوفة‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 169‬روى هذه المحاورة الدينوري في االخبار الطوال ص ‪ ،253 -252‬وراجع تاريخ الخميس ‪ ،297 /2‬ومجمع الزوائد ‪.192 /9‬‬
‫‪ .)1 ( 170‬المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 171‬أوردتها بلفظ سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص االمة ‪.142‬‬
‫وفي رواية‪ :‬لّم ا أحيط بالحسين بن علي‪ ،‬قال‪ :‬ما اسم هذه االرض؟ قي‪R‬ل‪ :‬ك‪RR‬ربالء‪ .‬فقال‪ :‬صدق النبي (ص) اّنه‪RR‬ا‬
‫‪172‬‬
‫أرض كرب وبالء‪.‬‬
‫قال المؤرخون‪ :‬ثّم أمر بأثقاله فحّطت بذلك المكان يوم االربعاء غّرة محرم سنة ‪ 61‬ه‪ 173،-‬أو ي‪RR‬وم الخميس الث‪RR‬اني‬
‫‪174‬‬
‫من المحّرم‪.‬‬
‫ولّم ا نزل ك‪RR‬ربالء كتب إلى ابن الحنفّي ة وجماع‪RR‬ة من ب‪RR‬ني هاش‪RR‬م‪ :‬أم‪RR‬ا بع‪RR‬د‪ :‬فك‪RR‬أّن ال‪RR‬دنيا لم تكن‪ ،‬وك‪RR‬أّن االخ‪RR‬رة لم‬
‫‪175‬‬
‫تزل‪.‬‬
‫ص‪96:‬‬
‫قدوم عمر بن سعد على الحسين (ع)‬
‫قال الطبري وغيره والّلفظ للطبري‪ 176:‬فلما كان من الغد؛ قدم عليهم عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد بن أبي وق‪RR‬اص من الكوفة في‬
‫أربعة آالف‪ ،‬قال‪ :‬وكان سبب خروج ابن س‪RR‬عد إلى الحس‪RR‬ين (ع) ان عبي‪RR‬د هّللا بن زي‪RR‬اد بعث‪RR‬ه على أربع‪RR‬ة االف من‬
‫أهل الكوفة يسير بهم إلى َدسَتبى وكان الديلم قد خرجوا إليها وغلبوا عليها‪ ،‬فكتب إلي‪RR‬ه ابن زي‪RR‬اد عه‪RR‬ده على ال‪ّRR‬ري‬
‫وأمره بالخروج‪ ،‬فخرج معسكرا بالناس بحّم ام أعين‪ ،‬فلّم ا كان من أمر الحسين ما كان وأقب‪RR‬ل إلى الكوفة دع‪RR‬ا ابن‬
‫زياد عمر بن سعد فقال‪ :‬سر إلى الحسين فاذا فرغنا مّم ا بيننا وبينة س‪R‬رت إلى عمل‪R‬ك‪ ،‬فقال ل‪R‬ه عم‪R‬ر بن س‪R‬عد‪ :‬ان‬
‫رأيت رحمك هّللا أن تعفيني فافعل‪ ،‬فقال له عبيد هّللا ‪ :‬نعم‪ ،‬على ان ترّد لنا عه‪R‬دنا‪ .‬فلّم ا ق‪R‬ال ل‪R‬ه ذل‪R‬ك ق‪R‬ال عم‪R‬ر بن‬
‫سعد‪ :‬امهلني اليوم حتى انظر‪ ،‬فانصرف عمر يستشير نص‪RR‬حاءه‪ ،‬فلم يكن يستشير أح‪RR‬دا إاّل نه‪RR‬اه وج‪RR‬اء حم‪RR‬زة بن‬
‫المغيرة بن شعبة وهو ابن اخته‪ ،‬فقال‪ :‬أنشدك هّللا يا خال أن تسير إلى الحسين فتأثم بربك‪ ،‬وتقط‪RR‬ع رحم‪RR‬ك‪ ،‬فَو هّللا‬
‫الن تخرج من دنياك ومالك وسلطان االرض كّلها لو كان لك؛ خير لك من أن تلقى هّللا بدم الحسين‪،‬‬
‫ص‪97:‬‬
‫فقال له عمر بن سعد‪ :‬فاّني أفعل ان شاء هّللا ‪.‬‬

‫وروى عن عبدهّللا بن يس‪RR‬ار الجهّني ق‪RR‬ال‪ :‬دخلت على عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد وق‪RR‬د أم‪RR‬ر بالمس‪RR‬ير إلى الحس‪RR‬ين فقال لي‪ :‬اّن‬
‫االمير أمرني بالمسير إلى الحسين‪ ،‬فأبيت ذلك عليه‪ .‬فقلت له‪ :‬أصاب هّللا بك‪ ،‬أرشدك هّللا ‪ ،‬أجل فال تفعل‪ ،‬وال تسر‬
‫إليه‪ ،‬قال‪ :‬فخرجت من عنده فأتاني آت وقال‪ :‬هذا عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد يندب الناس إلى الحس‪RR‬ين‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬فأتيت‪RR‬ه فأذا هو‬
‫جالس‪ ،‬فلّم ا رآني أعرض بوجهه‪ ،‬فعرفت اّنه قد عزم على المسير إليه‪ ،‬فخرجت من عنده‪.‬‬
‫وروى الطبري وقال‪ :‬فأقبل عمر بن سعد الى ابن زياد‪ ،‬فقال‪ :‬أصلحك هّللا اّنك وليتني هذا العم‪RR‬ل وكتبت لي العه‪RR‬د‬
‫وسمع به الناس‪ ،‬فان رأيت أن تنفذ لي ذلك فافعل‪ ،‬وابعث إلى الحسين في هذا الجيش من أشراف الكوفة من لس‪RR‬ت‬
‫بأغنى وال أجزأ عنك في الحرب منه‪ ،‬فسّم ى له اناسا فقال ل‪R‬ه ابن زي‪R‬اد‪ :‬ال تعلم‪R‬ني بأش‪R‬راف أهل الكوفة‪ ،‬ولس‪R‬ت‬

‫‪ .)3 ( 172‬ترجمة الحسين بمعجم الطبراني ح ‪ ،46‬وكنز العمال ‪ ،266 -260‬ومجمع الزوائد ‪ 192 /9‬ذيل الرواية التي أوردناها آنفا بلفظ سبط ابن‬
‫الجوزي‪.‬‬
‫‪ .)4 ( 173‬الدينوري في االخبار الطوال ص ‪.253‬‬
‫‪ .)5 ( 174‬الطبري ‪ ،232 /6‬وابن كثير ‪ ،174 /8‬وأنساب االشراف للبالذري ص ‪ ،176‬وارشاد المفيد ص ‪.210‬‬
‫‪ .)6 ( 175‬كامل الزيارة البن قولوليه ص ‪ 75‬باب ‪ ،23‬وقد استفاد بعد إالمام الحسين الحسن البصري منه وكتب إلى عمر بن عبد العزيز كما يبدو‪،‬‬
‫وراجع االغاني ط ساسي ‪.105 /8‬‬
‫‪ .)1 ( 176‬رجعنا إلى رواية المصادر التي ذكرناها في أول فصل« لقاء االمام الحسين( ع) الحر» وم‪R‬ا ك‪R‬ان من غيرها‪ ،‬صرحنا ب‪R‬ه في اله‪R‬امش‪،‬‬
‫وهي تاريخ الطبري ‪ ،270 -232 /6‬وابن االثير ‪ ،38 -19‬وابن كثير ‪ ،198 -172 /8‬والدينوري في االخبار الطوال ص ‪ ،261 -253‬وهو يوجز‬
‫االخبار‪ ،‬وأنساب االشراف للبالذري ص ‪ ،227 -176‬وسياقه غير سياق الطبري‪ ،‬وارشاد المفي‪R‬د ‪ ،236 -210‬وإعالم ال‪R‬ورى ‪ ،250 -231‬وم‪R‬ا‬
‫تفرد به أحدهم صرحنا به وكذلك ما نقلناه عن غير هؤالء‪.‬‬
‫أستأمرك فيمن أريد ان أبعث‪ ،‬ان سرت بجندنا وإاّل فابعث الينا بعهدنا‪ ،‬فلّم ا رآه قد لَّج‪ ،‬قال‪ :‬فإّني سائر‪ ،‬قال‪ :‬فأقبل‬
‫في أربعة آالف حتى نزل بالحسين من الغد من يوم نزل الحسين نينوى‪.‬‬
‫ابن سعد يسأل الحسين عن الذي جاء به‬
‫قال‪ :‬فبعث عمر بن سعد إلى الحسين (ع) عزرة بن قيس االحمسي‪ ،‬فقال‪ :‬ائته فسله ما الذي جاء به؟ وم‪RR‬اذا يري‪RR‬د؟‬
‫وكان عزرة مّم ن كتب إلى الحسين‪ ،‬فاستحيا منه ان يأتيه‪ ،‬قال‪ :‬فعرض ذلك على الرؤساء اّل ذين ك‪RR‬اتبوه فكّلهم أبى‬
‫وكرهه‪ ،‬قال‪ :‬وقام إليه كثير بن عبد هّللا الشعبي‪ ،‬وكان فارسا شجاعا ليس يرّد وجهه شيء‪ ،‬فقال‪ :‬أن‪RR‬ا أذهب إلي‪RR‬ه‪،‬‬
‫وهّللا لئن شئت الفتكّن به‪ ،‬فقال‪ :‬له عمر بن سعد‪ :‬ما أريد أن يفتك به‪ ،‬ولكن ائته فسله ما الذي ج‪RR‬اء ب‪RR‬ه؟ فأقب‪RR‬ل إلي‪RR‬ه‬
‫فلّم ا رآه أبو ثمامة الصائدّي قال للحسين‪ :‬أصلحك هّللا أبا عبدهّللا‬
‫ص‪98:‬‬
‫قد جاءك شّر أهل االرض وأجرأه على دم وأفتكه‪ ،‬فقام إليه‪ ،‬فقال‪ :‬ض‪R‬ع س‪R‬يفك‪ :‬ق‪R‬ال‪ :‬ال وهّللا وال كرام‪R‬ة‪ ،‬اّنم‪R‬ا أن‪R‬ا‬
‫رسول فان سمعتم مّني أبلغتكم ما أرسلت به اليكم‪ ،‬وإن أبيتم انصرفت عنكم‪ ،‬فقال ل‪RR‬ه‪ :‬فإّني آخ‪RR‬ذ بقائم س‪RR‬يفك‪ ،‬ثم‬
‫تكّلم بحاجتك‪ ،‬قال‪ :‬ال وهّللا ال تمّسه! فقال له‪ :‬أخبرني ما جئت به وأنا أبلغه عنك وال أدعك تدنو منه‪ ،‬فاّن ك فاجر!‬
‫قال‪ :‬فاستّبا ثم انصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر‪ ،‬فدعا عمر ق‪ّR‬رة بن قيس الحنظلّي فقال ل‪R‬ه‪ :‬ويح‪R‬ك ي‪R‬اقّرة!‬
‫الق حسينا‪ ،‬فسله ما جاء به؟ وماذا يريد؟ قال فأتاه قّرة بن قيس‪ ،‬فلّم ا رآه الحس‪RR‬ين مقبال ق‪RR‬ال‪ :‬أتعرفون هذا؟ فقال‬
‫حبيب بن مظاهر‪ :‬نعم هذا رجل من حنظلة تميمّي وهو ابن اختنا‪ ،‬ولقد كنت أعرفه بحس‪RR‬ن ال‪RR‬رأي‪ ،‬وم‪RR‬ا كنت أراه‬
‫يشهد هذا المشهد! قال‪ :‬فجاء حتى سّلم على الحسين‪ ،‬وأبلغه رسالة عمر ابن سعد إليه‪ ،‬فقال ل‪RR‬ه الحس‪RR‬ين‪ :‬كتب الّي‬
‫أهل مصركم هذا ان اقدم فأما إذ كرهوني فأنا أنصرف عنهم‪ .‬قال‪ :‬ثم قال له حبيب بن مظ‪RR‬اهر‪ :‬ويح‪RR‬ك ي‪RR‬ا ق‪ّRR‬رة بن‬
‫قيس! أّنى ترجع إلى القوم الظالمين! انصر هذا الرجل الذي بآبائه اّي دك هّللا بالكرام‪RR‬ة واّيان‪RR‬ا مع‪RR‬ك! فقال ل‪RR‬ه ق‪ّRR‬رة‪:‬‬
‫أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي‪ ،‬قال‪ :‬فانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر‪ ،‬فقال ل‪R‬ه عم‪R‬ر بن‬
‫سعد‪ :‬اّني الرجو أن يعافيني هّللا من حربه وقتاله‪.‬‬

‫المكاتبة بين ابن سعد وابن زياد‪:‬‬


‫قال‪ :‬كتب عمر بن سعد إلى عبيد هّللا بن زياد‪ :‬بسم هّللا الرحمن الرحيم‪ ،‬أّم ا بع‪RR‬د‪ ،‬فاّني حيث ن‪R‬زلت بالحس‪R‬ين بعثت‬
‫إليه رسولي فسألته عّم ا اقامه وماذا يطلب ويسأل‪ ،‬فقال‪ :‬كتب الّي أهل هذه البالد وأتت‪RR‬ني رس‪RR‬لهم فس‪RR‬ألوني القدوم‬
‫ففعلت‪ ،‬فأّم ا إذ كرهوني فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم‪.‬‬
‫فلّم ا ُقرىء الكتاب على ابن زياد قال‪:‬‬
‫ص‪99:‬‬
‫يرجو ال والت حين مناص‬ ‫أالن اذ علقت مخالبنا به‬

‫وكتب إلى عمر بن سعد‪ :‬بسم هّللا الرحمن الرحيم‪ ،‬أّم ا بع‪RR‬د‪ ،‬فقد بلغ‪RR‬ني كتاب‪R‬ك وفهمت م‪RR‬ا ذك‪RR‬رت‪ ،‬فاعرض على‬
‫الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية هو وجميع أصحابه فاذا فعل ذلك رأينا رأينا والسالم‪.‬‬
‫قال فلما أتى عمر بن سعد الكتاب‪ ،‬قال‪ :‬قد حسبت أن ال يقبل ابن زياد العافية‪.‬‬
‫ابن زياد يأمر بالنفير العام‪:‬‬
‫وروى البالذري في أنساب االشراف وقال‪ :‬لما سرح ابن زياد عمر بن سعد‪ ،‬أمر الناس فعسكروا بالنخيلة‪ ،‬وأم‪RR‬ر‬
‫أن ال يتخلف أحد منهم‪ ،‬وصعد المنبر فقّرض معاوي‪R‬ة وذك‪R‬ر احس‪R‬انه وادراره االعطي‪R‬ات وعنايت‪R‬ه بأهل الثغ‪R‬ور‪،‬‬
‫وذكر اجتماع االلفة به وعلى يده‪ ،‬وقال‪ :‬ان يزيد ابنه‪ ،‬المتقّيل له‪ 177،‬السالك لمناهجه‪ ،‬المتحذي لمثال‪RR‬ه‪ ،‬وق‪RR‬د زادكم‬
‫مئة مئة في أعطيتكم‪ ،‬فال يبقين رجل من العرفاء والمناكب والتجار والسكان إاّل خ‪RR‬رج فعس‪RR‬كر معي‪ ،‬فأّيم‪RR‬ا رج‪RR‬ل‬
‫وجدناه بعد يومنا هذا متخلفا عن العسكر برئت منه الّذ مة‪.‬‬
‫ثم خرج ابن زياد فعسكر‪ ،‬وبعث إلى الحصين بن تميم وكان بالقادسية في أربعة آالف‪ ،‬فقدم النخيل‪RR‬ة فى جمي‪RR‬ع من‬
‫معه‪.‬‬
‫ثم دعا ابن زياد كث‪RR‬ير بن ش‪RR‬هاب الح‪RR‬ارثي‪ ،‬ومحّم د بن االش‪RR‬عث بن قيس ابن القعقاع بن س‪RR‬ويد بن عب‪RR‬د الرحم‪RR‬ان‬
‫المنقري‪ ،‬وأسماء بن خارجة الفزاري وقال‪ :‬طوفوا في الناس فم‪RR‬روهم بالطاع‪RR‬ة واالس‪RR‬تقامة‪ ،‬وخّوفوهم ع‪RR‬واقب‬
‫االمور والفتنة والمعصية‪ ،‬وحثوهم على العسكرة (كذا) فخرجوا فعزروا وداروا‬
‫ص‪100:‬‬
‫بالكوفة‪ .‬ثّم لحقوا به غير كثير بن شهاب‪ ،‬فأّنه كان مبالغا ي‪RR‬دور بالكوفة ي‪RR‬أمر الناس بالجماع‪RR‬ة‪ ،‬ويح‪ّR‬ذ رهم الفتنة‬
‫والفرقة ويخّذ ل الحسين!!!‬

‫وسّرح ابن زياد أيضا حصين بن تميم في االربعة االالف الذين كانوا معه إلى الحصين بعد شخوص عمر بن سعد‬
‫بيوم أو يومين‪.‬‬
‫ووّجه أيضا إلى الحسين حّجار بن أبجر العجلي في ألف‪.‬‬
‫وتمارض شبث بن ربعي‪ ،‬فبعث إليه فدعاه وعزم عليه أن يشخص إلى الحسين في ألف ففعل‪.‬‬
‫وكان الرجل يبعث في ألف فال يصل إاّل في ثالثمائة وأربعمائة وأقّل من ذلك كراهة منهم لهذا الوجه‪.‬‬
‫ووّجه أيضا يزيد بن الحرث بن يزيد بن رويم في ألف أو أقّل‪.‬‬
‫ثّم اّن ابن زياد استخلف على الكوفة عمرو بن حريث‪ ،‬وأمر القعقاع بن سويد بن عبد الرحم‪R‬ان بن بج‪R‬ير المنقري‬
‫بالتطواف بالكوفة في خيل فوجد رجال من همدان قد قدم يطلب ميراثا بالكوفة؛ فأتى ب‪RR‬ه ابن زي‪RR‬اد فقتل‪RR‬ه‪ ،‬فلم يب‪RR‬ق‬
‫بالكوفة محتلم إاّل خرج إلى العسكر بالنخيلة‪.‬‬
‫ثم جعل ابن زياد يرسل العشرين والثالثين والخمسين إلى المئة غدوة وضحوة ونصف النه‪R‬ار وعشية من النخيل‪R‬ة‬
‫يمّد بهم عمر بن سعد‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫ذكر ابن نما في مثير االحزان‪ :‬ان عددهم بلغ لست خلون من المحّرم عشرين ألفا‪.‬‬
‫وروى البالذري في أنساب االشراف وقال‪ :‬ووضع ابن زياد المناظر على الكوفة‪ 179‬لئال يج‪RR‬وز أح‪RR‬د من العس‪RR‬كر‬
‫مخافة أن يلحق الحسين مغيثا له‪ ،‬ورتب‬
‫ص‪101:‬‬
‫المسالح حولها‪ 180،‬وجعل على حرس الكوفة زحر بن قيس الجعفي‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 177‬أي المشبه له المتخلق بأخالقه وسجيته‪.‬‬


‫‪ .)1 ( 178‬مثير االحزان ص ‪ ،37 -36‬واللهوف ص ‪.33‬‬
‫‪ .)2 ( 179‬المناظر‪ :‬جمع المنظرة‪ :‬القوم يصعدون إلى أعلى االماكن ينظرون ويراقبون‪ ،‬ما ارتفع من االرض أو البناء‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 180‬المسالح‪ :‬جمع المسلحة‪ :‬المرقب أو قوم ذوو سالح يحرسون ويراقبون‪.‬‬
‫‪182‬‬
‫ورتب بينه وبين عسكر عمر بن سعد خيال مضمرة مقدحة‪ 181،‬فكان خبر ما قبله يأتيه في كل وقت‪.‬‬
‫ص‪102:‬‬
‫منع الماء عن عترة الرسول (ص)‬
‫روى الطبري عن ُحميد بن مسلم االزدي قال‪ :‬جاء من عبيد هّللا بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد‪ :‬أّم ا بعد فُح ْل بين‬
‫الحسين وأصحابه وبين الماء وال يذوقوا منه قط‪R‬رة كم‪R‬ا صنع ب‪R‬التقّي ال‪R‬زكّي المظل‪R‬وم أم‪R‬ير المؤم‪R‬نين عثم‪R‬ان بن‬
‫عّفان‪.‬‬
‫قال‪ :‬فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحّج اج على خمسمائة فارس فنزلوا على الشريعة وحالوا بين حسين وأصحابه‬
‫وبين الماء أن يسقوا منه قطرة وذلك قبل قتل الحسين بثالث قال‪ :‬ونازل‪RR‬ه عب‪RR‬د هّللا بن أبي حص‪RR‬ين االزدُّي وع‪RR‬داده‬
‫في بجيلة فقال‪ :‬يا حسين! أاّل تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء! وهّللا ال تذوق منه قط‪RR‬رة حّتى تم‪RR‬وت َع َطشا‪ ،‬فقال‬
‫حسين‪ :‬الّلهم اقتله عطشا وال تغفر له أبدا قال ُحميد ابن مسلم وهّللا لعدته بعد ذلك في مرمضه فُو هّللا ال‪RR‬ذي ال إل‪RR‬ه إاّل‬
‫هو لقد رأيته يشرب حّتى يبغر ثم يقيء ثّم يعود فيشرب حتى يبغر فما يروى‪ ،‬فما زال ذلك دأبه ح‪R‬تى لف‪R‬ظ غّص ته‬
‫يعني نفسه‪.‬‬
‫معركة على الماء‪:‬‬
‫قال‪ :‬ولّم ا اشتّد على الحسين وأصحابه العطش دع‪RR‬ا أخ‪RR‬اُه العّب اس بن علّي ابن أبي ط‪RR‬الب فبعث‪RR‬ه في ثالثين فارس‪RR‬ا‬
‫وعشرين راجال‪ ،‬وبعث معهم بعشرين قربة فجاؤوا حتى دنوا من الماء ليال واستقدم امامهم ب‪RR‬اللواء ن‪RR‬افع بن هالل‬
‫الجملّي ‪ ،‬فقال عمرو بن الحّجاج الُّز بيدي‪ :‬من الرجل؟ فجيء ما جاء بك‪.‬‬
‫قال‪ :‬جئنا نشرب من هذا الماء الذي حالتمونا عنه‪ ،‬قال‪ :‬فاشرب هنيئا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ص‪103:‬‬
‫ال وهّللا ال أشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن ترى من أصحابه‪ ،‬فطلعوا عليه‪ ،‬فقال‪ :‬ال سبيل إلى س‪RR‬قي هؤالء‬
‫إّنما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء‪ ،‬فلّم ا دنا منه أصحابه قال لرجاله‪ :‬امالوا ق‪R‬ربكم فشّد الرّجال‪R‬ة فمالوا ق‪R‬ربهم‬
‫وثار إليهم عمرو بن الحّجاج وأصحابه‪ ،‬فحم‪RR‬ل عليهم العّب اس بن علّي ون‪RR‬افع ابن هالل فكّف وهم‪ ،‬ثّم انص‪RR‬رفوا إلى‬
‫رحالهم فقالوا‪ :‬امض‪RR‬وا وقُف وا دونهم فعط‪RR‬ف عليهم عم‪RR‬رو بن الحّج اج وأصحابه واّط ردوا قليال‪ ،‬ثّم اّن رجال من‬
‫صداء طعن من أصحاب عمرو بن الحّجاج‪ ،‬طعنه نافع بن هالل فظّن انها ليست بشيء ثّم اّنها انتفضت بعد ذل‪RR‬ك‪،‬‬
‫فمات منها وجاء أصحاب حسين بالقرب فأدخلوها عليه‪.‬‬

‫اعذار االمام قبل القتال‪:‬‬


‫وروى عن هانىء بن ثبيت الحضرمّي وكان قد شهد قتل الحسين‪ ،‬قال‪ :‬بعث الحسين (ع) إلى عمر بن سعد عمرو‬
‫بن قرضة بن كعب االنص‪RR‬ارّي ان القني اللي‪RR‬ل بين عس‪RR‬كري وعس‪RR‬كرك ق‪RR‬ال‪ :‬فخ‪RR‬رج عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد في نح‪RR‬و من‬
‫عشرين فارسا وأقبل حسين في مثل ذل‪R‬ك فلّم ا التقوا أم‪R‬ر الحس‪R‬ين أصحابه أن يتنّح وا عنه وأم‪R‬ر عم‪R‬ر بن س‪R‬عد‬
‫أصحابه بمثل ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فانكشفنا عنهما بحيث ال نسمع أصواتهما‪ ،‬وال كالمهما‪ ،‬فتكّلما فأطاال حتى ذهب من الليل‬
‫هزيع‪ ،‬ثّم انصرف كّل واحد منهما إلى عسكره بأصحابه‪ ،‬وتحّد ث الناس فيم‪RR‬ا بينهم‪RR‬ا ظّن ا يظّنون‪R‬ه ان حس‪RR‬ينا ق‪R‬ال‬
‫لعمر بن سعد اخرج معي إلى يزيد بن معاوية وندع العسكرين قال عمر إذن تهدم داري‪ .‬قال‪ :‬أن‪RR‬ا أبنيه‪RR‬ا ل‪RR‬ك‪ .‬ق‪RR‬ال‬

‫‪ .)2 ( 181‬مقدحة من قولهم‪ «:‬قدح الفرس»‪ :‬ضمره‪ .‬أي صيره هزاال خفيف اللحم كي يكون عند الجري سريعا يسبق أقرانه إلى الهداف‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 182‬الروايتان االولى والثانية في أنساب االشراف ح ‪ 33‬بترجمة الحسين‪.‬‬
‫اذن تؤخذ ضياعي‪ .‬قال‪ :‬إذن أعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز‪ .‬قال‪ :‬فتكّره ذلك عمر‪ ،‬قال‪ :‬فتحّد ث الناس ب‪RR‬ذلك‬
‫وشاع فيهم من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا وال علموه‪.‬‬
‫ص‪104:‬‬
‫وروى عن عقبة بن سمعان قال صحبت حس‪RR‬ينا فخ‪RR‬رجت مع‪RR‬ه من المدينة إلى مّك ة‪ ،‬ومن مّك ة إلى الع‪RR‬راق‪ ،‬ولم‬
‫افارقه حتى قتل وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة وال بمّك ة وال في الطريق وال ب‪RR‬العراق وال في عس‪RR‬كر إلى‬
‫يوم مقتله إاّل وقد سمعتها‪ ،‬أاّل وهّللا ما أعط‪RR‬اهم م‪RR‬ا يت‪RR‬ذاكر الناس وم‪RR‬ا يزعم‪RR‬ون من أن يض‪RR‬ع ي‪RR‬ده في ي‪RR‬د يزي‪RR‬د بن‬
‫معاوية وال أن يسّيروه إلى ثغر من ثغور المسلمين‪ ،‬ولكنه قال‪ :‬دع‪RR‬وني فالذهب في هذه االرض العريض‪RR‬ة ح‪RR‬تى‬
‫ننظر ما يصير أمر الناس‪.‬‬

‫وروى عن أبي مخنف عن رجاله‪ :‬أّنهما كانا التقيا مرارا ثالثا أو أربعا حسين وعمر بن سعد ق‪RR‬ال‪ :‬فكتب عم‪RR‬ر بن‬
‫سعد إلى عبيد هّللا بن زيادا‪ :‬أّم ا بعد فاّن هّللا قد أطفأ النائرة‪ ،‬وجمع الكلمة وأصلح أمر االّم ة‪ ،‬هذا حسين قد أعط‪RR‬اني‬
‫أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى‪ ،‬أو أن نسيره أي ثغر من ثغور المسلمين شئنا فيكون رجال من المسلمين له م‪RR‬ا‬
‫لهم وعليه ما عليهم‪ ،‬أو أن يأتي يزيد أمير المؤمنين فيضع يده في ي‪R‬ده فيرى فيم‪R‬ا بينه وبينه رأي‪R‬ه‪ ،‬وفي هذا لكم‬
‫رضى ولالّم ة صالح‪ ،‬قال‪ :‬فلما قرأ عبيد هّللا الكتاب قال‪ :‬هذا كتاب رجل ناصح الميره مشفق على قوم‪RR‬ه‪ ،‬نعم ق‪RR‬د‬
‫قبلت‪ .‬قال‪ :‬فقام إليه شمر بن ذي الجوشن‪ ،‬فقال‪ :‬أتقبل هذا منه وق‪RR‬د ن‪RR‬زل بأرض‪RR‬ك إلى جنب‪RR‬ك! وهّللا لئن رح‪RR‬ل من‬
‫بلدك‪ ،‬ولم يضع يده في يدك‪ ،‬ليكونّن أولى بالقّو ة والعز‪ ،‬ولتكونّن أولى بالضعف والعج‪RR‬ز فال تعط‪RR‬ه هذه المنزل‪RR‬ة‪،‬‬
‫فإّنها من الوهن‪ ،‬ولكن لينزل على حكمك‪ ،‬هو وأصحابه‪ ،‬فإن عاقبت فأنت ولّي العقوبة‪ ،‬وان غفرت كان ذلك ل‪RR‬ك‪،‬‬
‫وهّللا لقد بلغني ان حسينا وعمر بن سعد يجلسان بين العسكرين فيتح‪ّR‬د ثنان عاّم ة اللي‪R‬ل‪ ،‬فقال ل‪R‬ه ابن زي‪R‬اد‪ :‬نعم م‪RR‬ا‬
‫رأيت‪ ،‬الرأي رأيك‪.‬‬
‫ابن زياد يمنع االمام من الرجوع‬
‫قال‪ :‬ثّم ان عبيد هّللا بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له‪ :‬اخرج‬
‫ص‪105:‬‬
‫بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد‪ ،‬فليعرض على الحس‪RR‬ين وأصحابه ال‪RR‬نزول على حكمي‪ ،‬فإن فعل‪RR‬وا فليبعث بهم إلَّي‬
‫سلما‪ ،‬وان هم أبوا فليقاتلهم‪ ،‬فإن فعل فاسمع له وأطع‪ ،‬وان هو أبى فقاتلهم‪ ،‬فأنت أمير الناس‪ ،‬وِثب علي‪RR‬ه فاض‪RR‬رب‬
‫عنقه‪ ،‬وابعث إلَّي برأسه‪.‬‬

‫قال‪ :‬ثّم كتب عبيد هّللا بن زياد إلى عمر بن سعد‪ :‬أّم ا بع‪RR‬د فإّني لم أبعث‪RR‬ك إلى حس‪RR‬ين لتك‪ّR‬ف عنه وال لتطاول‪RR‬ه‪ ،‬وال‬
‫لتمّنيه السالمة والبقاء‪ ،‬وال لتقعد له عندي شافعا‪ ،‬انظر‪ ،‬فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستس‪RR‬لموا‪ ،‬فابعث‬
‫بهم إلّي سلما‪ ،‬وإن أبوا فازحف إليهم ح‪R‬تى تقتلهم‪ ،‬وتمّث ل بهم‪ ،‬فإنهم ل‪R‬ذلك مس‪R‬تحقون‪ ،‬فإن قت‪R‬ل حس‪R‬ين فأوطىء‬
‫الخيل صدره وظهره‪ ،‬فإنه عاّق مشاّق قاطع ظلوم‪ ،‬وليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ولكن علّي قول‬
‫لو قد قتلته فعلت هذا به! ان أنت مضيت المرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع‪ ،‬وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا‬
‫وخّل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر‪ ،‬فإّنا قد أمرناه بأمرنا والسالم‪.‬‬
‫أمان ابن زياد للعباس واخوته‪:‬‬
‫قال‪ :‬لّم ا قبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب‪ ،‬قام هو وعبد هّللا بن أبي المحّل‪ ،‬وكانت عّم ته ُأُّم البنين ابنة حزام عند‬
‫علّي بن أبي طالب (ع) فولدت له العّباس وعبد هّللا وجعفرا وعثمان‪ ،‬فقال عبد هّللا بن المحّل بن ح‪RR‬زام بن خال‪RR‬د بن‬
‫ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كالب‪ :‬أصلح هّللا االمير ان بني اختنا مع الحس‪RR‬ين‪ ،‬فان رأيت أن تكتب لهم‬
‫أمانا‪ ،‬فعلت‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬ونعمة عين‪ ،‬فأمر كاتبه فكتب لهم أمانا فبعث به عبد هّللا بن أبي المح‪ّRR‬ل م‪RR‬ع م‪RR‬ولى ل‪RR‬ه يقال‬
‫له‪ :‬كزمان‪ ،‬فلّم ا قدم عليهم دعاهم فقال‪ :‬هذا أمان بعث به خالكم‪ ،‬فقال له الفتية‪ :‬أقرىء خالنا السالم‪ ،‬وقل له‪ :‬ان ال‬
‫حاجة لنا في أمانكم‪ ،‬أمان‬
‫ص‪106:‬‬
‫هّللا خير من أمان ابن سمّية‪ .‬قال‪ :‬فأقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيد هّللا بن زياد إلى عمر بن سعد‪ ،‬فلّم ا قدم به‬
‫عليه‪ ،‬فقرأه‪ ،‬قال له عمر‪ :‬مالك! ويلك ال قّرب هّللا دارك‪ ،‬وقبح هّللا ما قدمت به علّي ‪ ،‬وهّللا اّني الظّنك أنت ثنيته أن‬
‫يقبل ما كتبت به إليه‪ ،‬أفسدت علينا أمرا كّنا رجونا أن يصلح‪ ،‬ال يستسلم وهّللا حسين‪ ،‬إن نفسا أبّية لبين جنبيه‪ ،‬فقال‬
‫له شمر‪ :‬أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي المر أميرك وتقتل عدّوه؟ وإاّل فخّل بيني وبين الجند والعس‪R‬كر‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬ال!‬
‫وال كرامة لك‪ ،‬وأنا أتولّى ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فدونك وكن أنت على الرجال‪.‬‬

‫قال‪ :‬وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين فقال اين بنو اختنا؟ فخرج إليه العّباس وجعفر وعثمان بنو علّي‬
‫فقالوا له‪ :‬مالَك وما تريد؟ قال‪ :‬أنتم يا بني اختي آمنون‪ ،‬قال له الفتية‪ :‬لعنك هّللا ولعن أمانك‪ ،‬لئن كنت خالنا اتؤمننا‬
‫وابن رسول هّللا ال أمان له!؟‬
‫ص‪107:‬‬
‫ليلة العاشر من محّرم‬
‫قال‪ :‬ثّم اّن عمر بن سعد نهض إليه عشية الخميس لتسع مضين من المحّرم‪ ،‬ونادى‪ :‬يا خيل هّللا اركبي وابشري‪.‬‬
‫فركب في الناس‪ ،‬ثّم زحف نحوهم بعد صالة العصر‪ ،‬وحسين جالس أمام بيته محتبي‪RR‬ا بس‪RR‬يفه إذ خف‪RR‬ق برأس‪RR‬ه على‬
‫ركبتيه وسمعت اخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت‪ :‬يا أخي! أم‪R‬ا تس‪R‬مع االصوات ق‪R‬د اق‪R‬تربت ق‪R‬ال‪ :‬فرفع‬
‫الحسين رأسه‪ ،‬فقال‪ :‬إّني رأيت رسول هّللا (ص) في المنام فقال لي أّن ك ت‪RR‬روح إلينا‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬فلطمت ُأخت‪RR‬ه وجهه‪RR‬ا‪،‬‬
‫وقالت‪ :‬يا وليتا! فقال‪ :‬ليس لك الويل يا اخّية اسكني؛ رحمك الرحمن‪ ،‬وقال العّب اس بن علّي ‪ :‬ي‪RR‬ا أخي أت‪RR‬اك القوم‪،‬‬
‫قال‪ :‬فنهض‪ ،‬ثّم قال يا عّباس! اركب بنفسي أنت يا أخي حّتى تلقاهم فتقول لهم‪ :‬مالكم وم‪RR‬ا ب‪RR‬دا لكم؟ وتس‪RR‬ألهم عّم ا‬
‫جاء بهم‪ ،‬فأتاهم العّباس‪ ،‬فاستقبلهم في نحو من عشرين فارس‪RR‬ا فيهم زهير بن القين وح‪RR‬بيب بن مظ‪RR‬اهر فقال لهم‬
‫العباس‪ :‬ما بدا لكم وما تريدون؟ قالوا جاء أمر االمير بأن نعرض عليكم أن ت‪RR‬نزلوا على حكم‪RR‬ه‪ ،‬أو ننازلكم‪ .‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫فال تعجلوا حّتى ارجع إلى أبي عبد هّللا فأعرض عليه ما ذكرتم‪ ،‬قال‪ :‬فوقفوا‪ ،‬ثّم قالوا‪ :‬القه فأعلمه ذلك‪ ،‬ثّم القنا بما‬
‫يقول‪ .‬قال‪ :‬فانصرف العّباس راجعا يركض إلى الحسين يخبر بالخبر‪ ،‬ووقف أصحابه يخاطبون القوم‪ ،‬فقال حبيب‬
‫بن مظ‪RR‬اهر لزهير بن القين كّلم القوم‪ ،‬ان ش‪RR‬ئت‪ ،‬وان ش‪RR‬ئت كّلمتهم‪ ،‬فقال ل‪RR‬ه زهير‪ :‬أنت ب‪RR‬دأت به‪RR‬ذا‪ ،‬فكن أنت‬
‫تكّلمهم‪ ،‬فقال لهم حبيب بن مظاهر‪ :‬أما وهّللا لبئس القوم عند هّللا غدا قوم‬
‫ص‪108:‬‬
‫يقدمون عليه قد قتلوا ذّرّي ة نبي‪R‬ه (ص) وعترت‪R‬ه‪ ،‬وأهل بيت‪R‬ه (ع) وُعّب اد أهل هذا المص‪RR‬ر المجته‪RR‬دين باالس‪R‬حار‬
‫والذاكرين هّللا كثيرا‪ ،‬فقال له عزرة بن قيس‪ :‬اّنك لتزكي نفسك ما استطعت‪ ،‬فقال ل‪RR‬ه زهير‪ :‬ي‪RR‬ا ع‪RR‬زرة! اّن هّللا ق‪RR‬د‬
‫زّك اها وهداها‪ ،‬فاّتق هّللا يا عزرة! فاّني لك من الناصحين‪ ،‬أنشدك هّللا ي‪RR‬ا ع‪RR‬زرة أن تك‪RR‬ون مّم ن يعين الض‪R‬اّل ل على‬
‫قتل النفوس الزكية‪ ،‬قال‪ :‬يا زهير! ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنم‪R‬ا كنت عثماني‪R‬ا! ق‪R‬ال‪ :‬أفلس‪R‬ت تس‪R‬تدّل‬
‫بموقفي هذا اّني منهم؟ أما وهّللا ما كتبت إليه كتابا قّط‪ ،‬وال أرسلت إليه رسوال قّط‪ ،‬وال وعدته نص‪RR‬رتي ق ‪ّR‬ط‪ ،‬ولكن‬
‫الطريق جمع بيني وبينه‪ ،‬فلّم ا رأيته ذك‪R‬رت ب‪R‬ه رس‪R‬ول هّللا (ص) ومكان‪R‬ه منه‪ ،‬وع‪R‬رفت م‪R‬ا يقدم علي‪R‬ه من ع‪R‬دّوه‬
‫وحزبكم؛ فرأيت أن أنصره‪ ،‬وأن أكون في حزب‪R‬ه‪ ،‬وأن أجع‪R‬ل نفس‪R‬ي دون‪R‬ه حفظ‪R‬ا لم‪R‬ا ض‪ّR‬يعتم من ح‪ّR‬ق هّللا ‪ ،‬وح‪ّR‬ق‬
‫رسوله (ص)‪.‬‬

‫طلب الحسين (ع) المهلة‪:‬‬


‫قال‪ :‬وأتى العّباس بن علّي حسينا بما عرض عليه عمر بن سعد‪ ،‬فقال ل‪R‬ه‪ :‬ارج‪R‬ع إليهم فان اس‪R‬تطعت أن ت‪R‬ؤّخ رهم‬
‫إلى غدوة وتدفعهم عّنا العشّية لعّلنا نصّلي لرّبنا وندعوه ونس‪RR‬تغفره فه‪RR‬و يعلم اّني ق‪RR‬د كنت أحُّب الص‪RR‬الة ل‪RR‬ه وتالوة‬
‫كتابه وكثرة الدعاء واالستغفار‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأقبل العّب اس بن علّي ي‪RR‬ركض حّتى انتهى إليهم‪ ،‬فقال‪ :‬ي‪RR‬ا هؤالء ان أب‪RR‬ا عب‪RR‬د هّللا يس‪RR‬ألكم أن تنص‪RR‬رفوا هذه‬
‫العشية‪ ،‬حتى ينظر في هذا االمر فإّن هذا أمر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق‪ ،‬فإذا أصبحنا التقينا ان ش‪RR‬اء هّللا ‪ ،‬فإّم ا‬
‫رضيناه‪ ،‬فأتينا باالمر الذي تسألونه وتسومونه‪ ،‬أو كرهنا فرددن‪R‬اه‪ ،‬وانم‪R‬ا أراد ب‪R‬ذلك أن ي‪R‬رّد هم عنه تل‪R‬ك العشّية‪،‬‬
‫حتى يأمر بأمره ويوصي أهله‪ ،‬فلّم ا أتاهم العّباس بن علّي بذلك‪ ،‬قال عمر بن سعد‪ :‬ما ترى يا شمر! قال‪ :‬ما ترى‬
‫ص‪109:‬‬
‫أنت‪ ،‬أنت االمير والرأي رأيك! قال قد أردت أن ال أكون‪ ،‬ثّم أقبل على الناس فقال‪ :‬م‪RR‬اذا ت‪RR‬رون؟ فقال عم‪RR‬رو بن‬
‫الحّجاج بن سلمة الزبيدّي‪ :‬سبحان هّللا ! وهّللا لو كانوا من الديلم ثّم س‪R‬ألوك هذه المنزل‪R‬ة‪ ،‬لك‪R‬ان ينبغي ل‪R‬ك أن تجيبهم‬
‫إليها‪ ،‬وقال قيس بن االشعث‪ :‬أجبهم إلى ما سألوك فلعمري ليصبحّنك بالقتال غدوًة‪ ،‬فقال‪ :‬وهّللا ل‪RR‬و أعلم أن يفعل‪RR‬وا‬
‫ما أّخ رتهم العشّية‪.‬‬

‫وروى عن علّي بن الحسين قال‪ :‬أتانا رسول من قبل عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد فقام مث‪RR‬ل حيث يس‪RR‬مع الص‪RR‬وت فقال‪ :‬أّن ا ق‪RR‬د‬
‫أّجلناكم إلى غد‪ ،‬فإن استسلمتم سّرحنا بكم إلى أميرنا عبيد هّللا بن زياد وإن أبيتم فلسنا تاركيكم‪.‬‬
‫خطبة الحسين (ع) في أصحابه ليلة العاشر‪:‬‬
‫وروى عن علي بن الحسين‪ ،‬قال‪ :‬جمع الحسين أصحابه بعد ما رجع عمر ابن سعد‪ ،‬وذلك عند قرب المس‪RR‬اء‪ ،‬ق‪RR‬ال‬
‫علّي بن الحسين‪ :‬فدنوت منه السمع وأنا مريض فسمعت أبي وهو يقول الصحابه‪ :‬أثني على هّللا تب‪RR‬ارك وتع‪RR‬الى‬
‫أحسن الثناء‪ ،‬وأحمده على الّسراء والضّراء‪ ،‬الّلهم! إّني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبّوة وعّلمتنا القرآن‪ ،‬وفّقهتنا في‬
‫الدين‪ ،‬وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة‪ ،‬ولم تجعلنا من المشركين‪ ،‬أّم ا بعد فإّني ال أعلم أصحابا أولى وال خ‪RR‬يرا‬
‫من أصحابي‪ ،‬وال أهل بيت أّبر وال أوصل من أهل بيتي‪ ،‬فج‪RR‬زاكم هّللا عّني جميع‪RR‬ا خ‪RR‬يرا‪ ،‬أاّل وإني أظّن يومنا من‬
‫هؤالء االعداء غدا‪ ،‬أاّل وإّني ق‪R‬د رأيت لكم‪ ،‬فانطلقوا جميع‪R‬ا في ح‪ّR‬ل ليس عليكم مّني ذم‪R‬ام‪ .‬هذا اللي‪R‬ل ق‪R‬د غشيكم‬
‫فاتخذوه جمال‪ ،‬ثّم ليأخذ كّل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي‪ ،‬ثّم تفّرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفّرج هّللا ‪ ،‬فإن‬
‫القوم اّنما يطلبونني‪ ،‬ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري‪.‬‬
‫ص‪110:‬‬
‫جواب أهل بيته وأصحابه‪:‬‬
‫فقا له اخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد هّللا بن جعف‪RR‬ر‪ِ :‬لَم نفع‪RR‬ل؟ لنبقى بع‪RR‬دك؟ ال أران‪RR‬ا هّللا ذل‪RR‬ك أب‪RR‬دا‪ ،‬ب‪RR‬دأهم به‪RR‬ذا‬
‫القول العّباس بن علّي ‪ ،‬ثّم اّنهم تكّلموا بهذا ونحوه‪ ،‬فقال الحسين (ع)‪ :‬يا بني عقيل! حسبكم من القتل بمسلم‪ ،‬إذهبوا‬
‫قد أذنت لكم‪ ،‬قالوا‪ :‬فما يقول الناس؟ يقولون‪ :‬إّنا تركنا شيخنا وسّيدنا وبني عمومتنا خ‪RR‬ير االعم‪RR‬ام‪ ،‬ولم ن‪RR‬رم معهم‬
‫بسهم‪ ،‬ولم نطعن معهم برمح‪ ،‬ولم نضرب معهم بسيف‪ ،‬وال ندري ما صنعوا! ال وهّللا ال نفعل! ولكن تفديك أنفس‪RR‬نا‬
‫وأموالنا‪ ،‬وأهلونا‪ ،‬ونقاتل معك حتى نرد موردك‪ ،‬فّقبح هّللا العيش بعدك‪.‬‬
‫وقال‪ :‬فقام إليه مسلم بن عوسجة االسدي‪ ،‬فقال‪ :‬أنحن نخّلي عنك ولما نعذر إلى هّللا في اداء حّقك؟! أم‪RR‬ا وهّللا ! حّتى‬
‫اكسر في صدورهم رمحي‪ ،‬وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي‪ ،‬وال افارقك‪ ،‬ولو لم يكن معي سالح اقاتلهم به‬
‫لقذفتهم بالحجارة دونك‪ ،‬حتى أموت معك‪.‬‬
‫قال وقال سعد بن عبد هّللا الحنفّي ‪ :‬وهّللا ال نخليك حّتى يعلم هّللا اّنا ق‪R‬د حفظنا غيب‪R‬ة رس‪R‬ول هّللا (ص) في‪R‬ك‪ ،‬وهّللا ل‪R‬و‬
‫علمت اّني ُأقتل‪ ،‬ثّم أحيا‪ ،‬ثّم احرق حّيا‪ ،‬ثّم ُأذّر‪ ،‬يفعل ذلك بي س‪RR‬بعين م‪ّRR‬رة‪ ،‬م‪RR‬ا فارقت‪RR‬ك حّتى ألقى حم‪RR‬امي دون‪RR‬ك‪،‬‬
‫فكيف ال أفعل ذلك؟ واّنما هي قتلة واحدة‪ ،‬ثّم هي الكرامة التي ال انقضاء لها أبدا‪ ،‬قال‪ :‬وق‪RR‬ال زهير بن القين‪ :‬وهّللا‬
‫لوددت اّني قتلت ثّم نشرت‪ ،‬ثّم قتلت‪ ،‬ح‪R‬تى ُأْقَت ل ك‪R‬ذا أل‪R‬ف قتل‪R‬ة‪ ،‬وأّن هّللا ي‪R‬دفع ب‪R‬ذلك القت‪R‬ل عن نفس‪R‬ك وعن أنفس‬
‫هؤالء الفتية من أهل بيتك‪ ،‬قال‪ :‬وتكّلم جماعة أصحابه بكالم يشبه بعض‪RR‬ه بعض‪RR‬ا في وج‪R‬ه واح‪R‬د‪ ،‬فقالوا‪ :‬وهّللا ال‬
‫نفارقك‪ ،‬ولكن أنفسنا لك الفداء‪ ،‬نفديك بنحورنا‪ ،‬وجباهنا وأيدينا فإذا نحن قتلنا كّنا وفينا وقضينا ما علينا‪.‬‬
‫ص‪111:‬‬
‫سند آخر لهذه الرواية‪:‬‬

‫وروى الطبري هذه الرواية بايجاز عن الضّح اك بن عبد هّللا المشرقّي قال‪ :‬قدمت ومالك بن النضر االرح‪RR‬بّي على‬
‫الحسين فسّلمنا عليه ثّم جلسنا إليه فرّد علينا فرّحب بنا وسألنا عما جئنا له فقلنا‪ :‬جئنا لنس‪ّR‬لم علي‪RR‬ك ون‪RR‬دعو هّللا ل‪RR‬ك‬
‫بالعافية‪ ،‬ونحدث بك عهدا‪ ،‬ونخبرك خبر الناس‪ ،‬وإّنا نحّد ثك انهم قد جمعوا على حرب‪RR‬ك فَر رأي‪RR‬ك‪ .‬فقال الحس‪RR‬ين‬
‫(ع)‪ :‬حسبي هّللا ونعم الوكيل‪ .‬قال‪ :‬فتذّم منا وسّلمنا عليه ودعونا هّللا له قال‪ :‬فما يمنعكما من نصرتي؟ فقال مالك بن‬
‫النضر‪ :‬علّي دين ولي عيال‪ ،‬فقلت له‪ :‬اّن علّي دينا وإّن لي لعياال ولكنك ان جعلتني في ح‪ّRR‬ل من االنص‪RR‬راف إذا لم‬
‫أجد مقاتال قاتلت عنك ما كان لك نافعا وعنك دافعا‪.‬‬
‫قال‪ :‬قال‪ :‬فأنت في حّل فأقمت معه‪.‬‬
‫‪183‬‬
‫ثّم نقل الضّح اك الخبر السابق بايجاز‪.‬‬
‫الحسين ينعى نفسه ويوصي اخته بالصبر‪:‬‬
‫روى الطبري عن علّي بن الحسين بن عّلي‪ ،‬قال‪ :‬إّني جالس في تلك العشّية التي قتل أبي صبيحتها‪ ،‬وعمتي زينب‬
‫عندي تمّرضني إذ اعتزل أبي بأصحابه في خب‪RR‬اء ل‪RR‬ه وعنده ح‪RR‬وّي م‪RR‬ولى أبي ذّر الغف‪RR‬اري‪ 184‬وهو يع‪RR‬الج س‪RR‬يفه‬
‫ويصلحه وأبي يقول‪:‬‬
‫كم لك باالشراق واالصيل‬ ‫يا دهر اّف لك من خليل‬

‫والدهر ال يقنع بالبديل‬ ‫من صاحب أو طالب قتيل‬

‫‪ .)1 ( 183‬الطبري ‪ 322 -321 /2‬ط‪ .‬أوربا‪.‬‬


‫‪ .)2 ( 184‬جاء في مقتل الخوارزمي وغيره في خبر مقتله بلفظ« جون»‪.‬‬
‫وكُّل حّي سالك السبيل‬ ‫وإّنما االمر إلى الجليل‬

‫ص‪112:‬‬
‫قال فأعادها مّرتين أو ثالثا حّتى فهمتها فعرفت ما أراد‪ ،‬فخنقتني عبرتي فرددت دمعي ول‪R‬زمت الس‪RR‬كوت‪ ،‬فعلمت‬
‫أّن البالء قد نزل‪ ،‬فأما عّم تي فإّنها سمعت ما سمعت‪ -‬وهي امرأة وفي النساء الرق‪RR‬ة والج‪RR‬زع‪ -‬فلم تمل‪RR‬ك نفس‪RR‬ها ان‬
‫وثبت تجّر ثوبها وإّنها لحاسرة حتى انتهت إليه فقالت‪ :‬واثكاله! ليت الم‪RR‬وت أع‪RR‬دمني الحي‪RR‬اة! الي‪RR‬وم م‪RR‬اتت فاطم‪RR‬ة‬
‫ُأّم ي! وعلّي أبي! وحسن أخي! يا خليفة الماضي وثمال الباقي‪ ،‬فنظر إليها الحسين (ع)‪ ،‬فقال‪ :‬ي‪RR‬ا ُأخّي ة! ال ي‪RR‬ذهبّن‬
‫حلمك الشيطان‪ ،‬قالت‪ :‬بأبي أنت وُأّم ي‪ ،‬يا أبا عبد هّللا استقتلت! نفسي فداك! فرّد غّصته وترقرقت عيناه وق‪RR‬ال‪ :‬ل‪RR‬و‬
‫ُتِرَك القطا ليال لنام‪ .‬قالت‪ :‬يا وليتا! أفتغصب نفسك اغتصابا! فذلك أقرح لقلبي! وَأشّد على نفس‪R‬ي! ولطمت وجهه‪R‬ا‬
‫وأهوت إلى جيبها وشّقته! وخّرت مغشّيا عليها! فقام إليها الحسين‪ ،‬فصّب على وجهها الماء! وق‪RR‬ال له‪RR‬ا‪ :‬ي‪RR‬ا ُأخّي ة!‬
‫اّتقي هّللا ! وتعزي بعزاء هّللا واعلمي اّن أهل االرض يموتون‪ ،‬واّن أهل السماء ال يبقون‪ ،‬واّن ك‪RR‬ل ش‪RR‬يء هال‪RR‬ك إاّل‬
‫وجه هّللا الذي خلق االرض بقدرت‪R‬ه‪ ،‬ويبعث الخل‪R‬ق فيع‪RR‬ودون‪ ،‬وهو فرد وح‪R‬ده‪ ،‬أبي خ‪R‬ير مّني‪ ،‬وُأّم ي خ‪R‬ير مّني‪،‬‬
‫وأخي خير مني‪ ،‬ولي ولهم ولكل مسلم برسول هّللا اسوة‪ ،‬قال‪ :‬فعّز اها بهذا ونحوه‪ ،‬وق‪RR‬ال له‪RR‬ا‪ :‬ي‪RR‬ا ُأخّي ة! إني أقس‪RR‬م‬
‫عليك فأبريء قسمي‪ .‬ال تشّقي علّي جيبا! وال تخمشي علّي وجه‪RR‬ا! وال ت‪RR‬دعي علّي بالوي‪RR‬ل والثب‪RR‬ور إذا أن‪RR‬ا هلكت!‬
‫قال‪ :‬ثّم جاء بها حّتى أجلسها عندي‪ ،‬وخرج إلى أصحابه فأمرهم أن يقّرب‪RR‬وا بعض بي‪RR‬وتهم من بعض وأن ي‪RR‬دخلوا‬
‫االطناب بعضها في بعض‪ ،‬وأن يكونوا هم بين البيوت‪ ،‬إاّل الوجه الذي يأتيهم منه عدّوهم‪.‬‬

‫ص‪113:‬‬
‫إحياؤهم الليل بالعبادة‪:‬‬

‫وروى عن الضّحاك بن عبد هّللا المشرقّي قال‪ :‬فلّم ا أمسى حسين وأصحابه‪ ،‬قاموا الليل كّله يصّلون‪ ،‬ويس‪RR‬تغفرون‪،‬‬
‫ويدعون ويتضّرعون‪ ،‬قال‪ :‬فتمّر بنا خيل لهم‪ ،‬تحرسنا‪ ،‬واّن حسينا ليقرأ‪( :‬وال يحسبَّن اّل ذين كف‪R‬روا انم‪R‬ا نملي لهم‬
‫خير النفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين‪ ،‬ما كان هّللا ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه ح‪RR‬تى يم‪RR‬يز‬
‫الخبيث من الطيب) فسمعها رجل من تل‪R‬ك الخي‪R‬ل ال‪R‬تي ك‪R‬انت تحرس‪R‬نا‪ ،‬فقال‪ :‬نحن ورّب الكعب‪R‬ة الطيب‪R‬ون! مّيزن‪R‬ا‬
‫منكم! قال فعرفته فقلت لبرير بن حضير‪ :‬تدري من هذا؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قلت‪ :‬هذا أبو حرب الس‪RR‬بيعي عب‪RR‬د هّللا بن ش‪RR‬هر‪،‬‬
‫وكان مضحاكا بطاال‪ ،‬وكان شريفا شجاعا فاتك‪R‬ا‪ ،‬وك‪R‬ان س‪R‬عيد بن قيس رّبم‪R‬ا حبس‪R‬ه في جناي‪R‬ة‪ ،‬فقال ل‪R‬ه بري‪R‬ر بن‬
‫حضير‪ :‬يا فاسق! أنت يجعلك هّللا في الطّيبين! فقال له‪ :‬من أنت؟ قال‪ :‬انا برير بن حض‪R‬ير‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬إّن ا هّلل ع‪ّR‬ز علّي !‬
‫هلكت وهّللا ! هلكت وهّللا يا برير‪ ،‬قال‪ :‬يا أب‪R‬ا ح‪R‬رب هل ل‪َR‬ك أن تت‪R‬وب إلى هّللا من ذنوب‪R‬ك العظ‪R‬ام؟! فَو هّللا إّن ا لنحن‬
‫الطّيبون ولكنكم النتم الخبيثون‪ ،‬قال‪ :‬وأنا على ذلك من الّش اهدين‪ .‬قلت‪ :‬ويح‪RR‬ك! أفال ينفع‪RR‬ك معرفت‪RR‬ك؟ ق‪RR‬ال‪ :‬جعلت‬
‫فداك فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل‪ ،‬قال‪ :‬ها هو ذا معي‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬قّبح هّللا رأي‪RR‬ك على ك‪ّRR‬ل ح‪RR‬ال‪.‬‬
‫أنت سفيه! قال‪ :‬ثّم انصرف عّنا وكان الذي يحرسنا بالليل في الخيل عزرة بن قيس االحمسّي وكان على الخيل‪.‬‬
‫ص‪114:‬‬
‫يوم عاشوراء‬
‫قال‪ :‬فلّم ا صّلى عمر بن سعد الغداة يوم الجمعة‪ -‬وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء‪ -‬خرج فيمن مع‪RR‬ه من الناس‪ ،‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫وعّبأ الحسين أصحابه وصّلى بهم صالة الغداة‪ ،‬وكان معه اثنان وثالثون فارسا وأربعون راجال‪ ،‬فجع‪RR‬ل زهير بن‬
‫القين في ميمنة أصحابه‪ ،‬وحبيب بن مظ‪RR‬اهر في ميس‪RR‬رة أصحابه‪ ،‬وأعطى رايت‪RR‬ه العّب اس بن علّي أخ‪RR‬اه‪ ،‬وجعل‪RR‬وا‬
‫البيوت في ظهورهم‪ ،‬وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم‪.‬‬
‫قال‪ :‬وكان الحسين (ع) أتي بقصب وحطب إلى مكان من ورائهم منخفض كأنه ساقية فحفروه في ساعة من الليل‪،‬‬
‫فجعلوه كالخندق‪ ،‬ثّم ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب‪ ،‬وقالوا‪ :‬اذا غدوا علينا فقاتلونا القينا في‪RR‬ه النار كيال ن‪RR‬ؤتى من‬
‫ورائنا‪ ،‬وقاتلونا من وجه واحد‪ ،‬ففعلوا‪ ،‬وكان لهم نافعا‪.‬‬
‫وقال‪ :‬لّم ا خرج عمر بن سعد بالناس كان على ربع أهل المدينة يومئذ عب‪RR‬د هّللا بن زهير بن س‪RR‬ليم االزدّي‪ ،‬وعلى‬
‫ربع مذحج وأسد عبد الرحمن بن أبي سبرة الحنفي‪ ،‬وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن االشعث بن قيس‪ ،‬وعلى ربع‬
‫تميم وهمدان الحّر بن يزيد الرياحّي ‪ ،‬فشهد هؤالء كّلهم مقتل الحسين إاّل الحر بن يزيد فاّنه عدل إلى الحسين وقت‪RR‬ل‬
‫معه‪ ،‬وجعل عمر على ميمنته عمرو بن الحّجاج الُّز بي‪RR‬دي‪ ،‬وعلى ميس‪RR‬رته ش‪RR‬مر بن ذي الجوش‪RR‬ن بن ش‪RR‬رحبيل بن‬
‫االعور ابن عمر بن معاوية وهو الضّباب بن كالب‪ ،‬وعلى الخيل عزرة بن قيس االحمس‪ّR‬ي ‪ ،‬وعلى الرج‪R‬ال ش‪R‬بث‬
‫بن ربعّي اليربوعّي ‪ ،‬وأعطى الراية ذويدا مواله‪.‬‬
‫ص‪115:‬‬
‫استبشارهم بالشهادة‪:‬‬

‫وروى عن غالم لعب‪RR‬د ال‪RR‬رحمن بن عب‪RR‬د رّب ه االنص‪RR‬ارّي‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬كنت م‪RR‬ع م‪RR‬والي فلّم ا حض‪RR‬ر الناس وأقبل‪RR‬وا إلى‬
‫الحسين‪ ،‬أمر الحسين بفسطاط فضرب‪ ،‬ثّم أمر بمسك فميث في جفنة عظيمة أو صحفة‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثّم دخل الحسين ذلك الفسطاط فتطّلى بالنورة‪ ،‬قال‪ :‬وم‪RR‬والي عب‪RR‬د ال‪RR‬رحمن بن عب‪RR‬د رّب ه‪ ،‬وبري‪RR‬ر بن حض‪RR‬ير‬
‫الهمداني على بابه الفسطاط‪ ،‬تحتّك مناكبهما‪ ،‬فازدحما أّيهما يَّطلي على أثره‪ ،‬فجعل برير يهازل عبد الرحمن فقال‬
‫له عبد الرحمن‪ :‬دعنا فَو هّللا ما هذه بساعة باطل‪ ،‬فقال له برير‪ :‬وهّللا لقد علم قومي اّني م‪RR‬ا أحببت الباط‪RR‬ل ش‪RR‬اّبا وال‬
‫كهال‪ ،‬ولكن وهّللا اّني لمستبشر بما نحن القون‪ ،‬وهّللا إْن بيننا وبين الحور العين إاّل أن يميل هؤالء علينا بأس‪RR‬يافهم‪،‬‬
‫ولوددت أنهم قد مالوا علينا بأسيافهم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلّم ا فرغ الحسين دخلنا فأّطلينا‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثّم ان الحسين ركب داّبته ودعا بمصحف فوضعه أمامه‪ 185.‬قال‪ :‬فاقتتل أصحابه بين يدي‪RR‬ه قت‪RR‬اال ش‪RR‬ديدا‪ ،‬فلّم ا‬
‫رأيت القوم قد صرعوا افلُّت وتركتهم‪.‬‬
‫دعاء الحسين (ع) يوم عاشوراء‪:‬‬
‫وروى الطبري‪ ،‬وقال‪ :‬لّم ا صّبحت الخيل الحسين رفع الحسين يديه‪ ،‬فقال‪ :‬الّلهم أنت ثقتي في كّل ك‪R‬رب‪ ،‬ورج‪R‬ائي‬
‫في كّل شدة‪ ،‬وأنت لي في كّل أمر نزل بي ثقة وعدة‪ ،‬كم من هّم يضعف فيه الفؤاد‪ ،‬وتقّل في‪RR‬ه الحيل‪RR‬ة‪ ،‬ويخ‪RR‬ذل في‪RR‬ه‬
‫الصديق‪ ،‬ويشمت فيه العدّو‪ ،‬أنزلته بك‪ ،‬وشكوته إليك‪ ،‬رغبًة مّني إليك‬
‫ص‪116:‬‬
‫‪186‬‬
‫عّم ن سواك ففّرجته وكشفته‪ ،‬فأنت ولّي كّل نعمة‪ ،‬وصاحب كّل حسنة ومنتهى كّل رغبة‪.‬‬

‫وروى عن الضّحاك المشرقّي قال‪ :‬لّم ا أقبلوا نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كّنا ألهبنا‬
‫فيه النار من ورائنا لئاّل يأتونا من خلفنا‪ ،‬إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل االداة فلم يكّلمنا حتى م‪ّRR‬ر‬
‫‪ .)1 ( 185‬في تذكرة خواص االمة أنه نشره على رأسه وخاطبهم( كما يأتي ان شاء هّللا )‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 186‬ورواه باالضافة إلى الطبري ومن ذكرنا؛ ابن عساكر ح ‪ ،667‬وتهذيبه ‪ ،333 /4‬وفي لفظه« منتهى كل غاية»‪.‬‬
‫على أبياتنا فنظر إلى أبياتنا فإذا هو ال يرى إاّل حطبا تلتهب النار فيه‪ ،‬فرجع راجعا فنادى بأعلى صوته‪ :‬يا حسين!‬
‫استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة؟!‬
‫فقال الحسين‪ :‬من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن! فقالوا‪ :‬نعم أصلحك هّللا هو هو‪ ،‬فقال‪ :‬ي‪RR‬ا ابن راعي‪RR‬ة المع‪RR‬زى!‬
‫أنت أولى بها صلّيا‪.‬‬
‫فقال له مسلم بن عوسجة‪ :‬ي‪R‬ا ابن رس‪RR‬ول هّللا ! جعلت فداك‪ .‬أال أرمي‪R‬ه بس‪RR‬هم‪ ،‬فاّن ه ق‪R‬د أمكنني وليس يس‪RR‬قط س‪RR‬هم‪،‬‬
‫فالفاسق من أعظم الجّبارين‪ .‬فقال له الحسين‪ :‬ال ترمه فإني أكره أن أبدأهم‪ ،‬وكان مع الحسين فرس له يدعى الحقا‬
‫عليه ابنه علّي بن الحسين‪.‬‬
‫خطبة الحسين االولى‪:‬‬
‫قال‪ :‬فلّم ا دنا منه القوم دعا براحلته‪ ،‬فركبها‪ ،‬ثّم نادى بأعلى صوته دعاء ُيْس ِم ُع ج‪ّRR‬ل الناس‪ :‬أيه‪RR‬ا الناس! اس‪RR‬معوا‬
‫ق‪RR‬ولي‪ ،‬وال تعجل‪RR‬وني ح‪RR‬تى أعظكم بم‪RR‬ا الح ‪ّR‬ق لكم علّي ‪ ،‬وح‪RR‬تى اعت‪RR‬ذر إليكم من مقدمي عليكم‪ ،‬فإن قبلتم ع‪RR‬ذري‬
‫وصّد قتم قولي وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد‪ ،‬ولم يكن لكم علّي سبيل‪ ،‬وان لم تقبلوا مني الع‪R‬ذر ولم تعط‪R‬وا‬
‫النصف من أنفسكم‪ ،‬فأجمعوا أمركم وشركاءكم‪ ،‬ثّم ال يكن أمركم عليكم غّم ة‪ ،‬ثّم اقضوا إلَّي وال تنظرون‪ ،‬اّن‬
‫ص‪117:‬‬
‫‪187‬‬
‫ولّيي هّللا الذي نّز ل الكتاب‪ ،‬وهو يتولى الّصالحين‪.‬‬

‫قال‪ :‬فلّم ا سمع اخواته كالمه هذا‪ ،‬صحن وبكين وبكت بناته‪ ،‬فارتفعت أصواتهّن ‪ ،‬فأرس‪RR‬ل إليهّن أخ‪RR‬اه العّب اس بن‬
‫علّي ‪ ،‬وعلّيا ابنه‪ ،‬وقال لهما أسكتاهّن فلعمري ليكثرّن بكاؤهّن ‪ .‬فلّم ا سكتن‪ ،‬حمد هّللا وأثنى عليه‪ ،‬وذكر هّللا بم‪RR‬ا هو‬
‫أهله‪ ،‬وصّلى على محّم د صّلى هّللا عليه وعلى مالئكته وأنبيائه فذكر من ذل‪RR‬ك م‪RR‬ا هّللا أعلم‪ ،‬وم‪RR‬ا ال يحص‪RR‬ى ذك‪RR‬ره‪،‬‬
‫قال‪:‬‬
‫فَو هّللا ما سمعت متكِّلما قّط قبله وال بعده أبلغ في منطق منه‪ ،‬ثّم قال‪ :‬أّم ا بعد فانسبوني فانظروا من أن‪RR‬ا‪ ،‬ثّم ارجع‪RR‬وا‬
‫إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحّل لكم قتلي وانتهاك حرم‪RR‬تي؟ ألس‪RR‬ت ابن بنت ن‪RR‬بيكم (ص) وابن وصيه وابن‬
‫عّم ه واّول المؤمنين باهّلل والمصّد ق لرسوله بما جاء به من عند رب‪ّRR‬ه؟ أوليس حم‪RR‬زة س‪ّRR‬يد الشهداء عّم أبي؟ أوليس‬
‫جعف‪R‬ر الشهيد الطّي ار ذو الجناحين عّم ي؟ أو لم يبلغكم ق‪R‬ول مس‪R‬تفيض فيكم‪ :‬ان رس‪R‬ول هّللا (ص) ق‪R‬ال لي والخي‬
‫«هذان سّيدا شباب أهل الجّنة»؟ فإن صّد قتموني بما أقول وهو الحق‪ ،‬وهّللا ما تعّم دت ك‪RR‬ذبا م‪RR‬ذ علمت اّن هّللا يمقت‬
‫عليه أهله‪ ،‬ويضّر به من اختلقه! وان كّذ بتموني فاّن فيكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم‪ ،‬سلوا ج‪RR‬ابر بن عب‪RR‬د هّللا‬
‫االنصاري‪ ،‬أو أبا سعيد الخدرّي‪ ،‬أو سهل بن س‪RR‬عد الس‪RR‬اعدي‪ ،‬أو زي‪RR‬د بن أرقم‪ ،‬أو أنس ابن مال‪RR‬ك‪ ،‬يخ‪RR‬بروكم أّنهم‬
‫سمعوا هذه المقالة من رسول هّللا (ص) لي والخي‪ ،‬أفما في هذا ح‪RR‬اجز لكم عن س‪RR‬فك دمي؟ فقال ل‪RR‬ه ش‪RR‬مر بن ذي‬
‫الجوشن‪ :‬هو يعبد هّللا على حرف‪ ،‬ان كان يدري ما تقول‪ ،‬فقال له حبيب بن مظاهر‪ :‬وهّللا اّني الراك تعب‪RR‬د هّللا على‬
‫سبعين حرفا‪ ،‬وأنا اشهد اّنك صادق ما تدري ما يقول‪،‬‬
‫ص‪118:‬‬
‫قد طبع هّللا على قلبك‪ ،‬ثّم قال لهم الحسين‪ :‬فإن كنتم في شّك من هذا القول أفتشّك ون أثرا م‪RR‬ا اّني ابن بنت ن‪RR‬بّيكم؟‬
‫فَو هّللا ما بين المشرق والمغ‪RR‬رب ابن بنت ن‪RR‬بّي غ‪RR‬يري منكم وال من غ‪RR‬يركم‪ .‬أن‪RR‬ا ابن بنت ن‪RR‬بّيكم خاّص ة‪ ،‬اخ‪RR‬بروني‬
‫أتطلبونني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم استهلكته؟! أو بقصاص من جراحة؟‬

‫‪ .)1 ( 187‬رواها ابن نما في مثير االحزان في اليوم السادس من المحرم وراجع الطبري ط‪ .‬اوربا ‪.230 -229 /2‬‬
‫قال‪ :‬فأخذوا ال يكّلمونه‪ ،‬قال‪ :‬فنادى‪ :‬يا شبث بن ربعّي ! ويا حّجار ابن أبج‪R‬ر! وي‪R‬ا قيس بن االش‪R‬عث! وي‪R‬ا يزي‪R‬د بن‬
‫الحارث! ألم تكتبوا إلّي أن قد أينعت الثم‪RR‬ار‪ ،‬واخض‪َّRR‬ر الجناب وطّم ت الجم‪RR‬ام‪ ،‬واّنم‪RR‬ا تقدم على جند ل‪RR‬ك مجَّن دة‪،‬‬
‫فأقبل؟! قالوا له‪ :‬لم نفعل‪ .‬فقال‪ :‬سبحان هّللا ! بلى وهّللا لقد فعلتم!‬
‫ثّم قال‪ :‬أّيها الناس! إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من االرض‪ ،‬قال‪ :‬فقال ل‪RR‬ه قيس بن االش‪RR‬عث‪:‬‬
‫أو ال تنزل على حكم بني عّم ك‪ ،‬فاّنهم لن يروك إاّل ما تحب‪ ،‬ولن يصل إليك منهم مفكروه‪ ،‬فقال ل‪R‬ه الحس‪RR‬ين‪ :‬أنت‬
‫أخو خيك‪ ،‬أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل! ال وهّللا ال أعطيهم بيدي اعط‪RR‬اء ال‪RR‬ذليل‪ ،‬وال ُأق‪ُّRR‬ر‬
‫اقرار العبيد‪ .‬اّني عذت برّبي وربكم أن ترجمون‪ .‬أعوذ برّبي وربكم من كِّل متكبر ال يؤمن بيوم الحساب‪ .‬ق‪RR‬ال‪ :‬ثّم‬
‫اّنه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها‪ ،‬وأقبلوا يزحفون نحوه‪.‬‬
‫خطبة زهير بن القين‪:‬‬
‫وروى عن كثير بن عبد هّللا الشعبّي ‪ ،‬قال‪ :‬لّم ا زحفنا قبل الحسين‪ ،‬خرج إلينا زهير بن القين على فرس ل‪RR‬ه ذن‪RR‬وب‬
‫شاك في السالح فقال‪ :‬يا أهل الكوفة! نذار لكم من عذاب هّللا نذار! إّن حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم‪ ،‬ونحن‬
‫حتى االن اخوة‪ ،‬وعلى دين واحد‪ ،‬ومّلة واحدة‪ ،‬مالم يقع بيننا وبينكم الس‪RR‬يف‪ ،‬وأنتم للنص‪RR‬حية مّن ا أهل‪ ،‬فإذا وق‪RR‬ع‬
‫السيف انقطعت العصمة‪ ،‬وكّنا اّم ة وأنتم امة‪ ،‬اّن هّللا قد ابتالنا واّياكم بذرّية نبّيه محّم د (ص)‪ ،‬لينظر ما نحن‬
‫ص‪119:‬‬
‫وأنتم عاملون‪ ،‬إّنا ندعوكم إلى نصرهم‪ ،‬وخذالن الطاغية عبيد هّللا بن زياد‪ ،‬فانكم ال تدركون منهما إاّل بسوء عم‪RR‬ر‬
‫سلطانهما كّله! ليسمالن أعينكم! ويقطعان أي‪RR‬ديكم وأرجلكم! ويمثالن بكم! ويرفع‪RR‬انكم على ج‪RR‬ذوع النخ‪RR‬ل! ويقتالن‬
‫أماثلكم وقّراءكم أمثال حجر بن عدي وأصحابه وهانئ بن عروة وأشباهه‪.‬‬

‫قال‪ :‬فسّبوه واثنوا على عبيد هّللا بن زياد ودعوا له وقالوا‪ :‬وهّللا ال نبرح حتى نقتل صاحبك ومن مع‪RR‬ه! أو نبعث ب‪RR‬ه‬
‫وبأصحابه إلى االمير عبيد هّللا سلما! فقال لهم‪ :‬عباد هّللا ! اّن ولد فاطمة رضوان هّللا عليها أحّق ب‪RR‬الوّد والنص‪RR‬ر من‬
‫ابن سمّية‪ ،‬فإن لم تنصروهم فأعيذكم باهّلل أن تقتلوهم‪ ،‬فخّلوا بين هذا الرجل وبين ابن عّم ه يزيد بن معاوية فلعمري‬
‫اّن يزيد ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين‪.‬‬
‫قال‪ :‬فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم! وقال‪ :‬اسكت أسكت هّللا نأمتك أبرمتنا بكثرة كالمك‪ .‬فقال له زهير‪ :‬ي‪RR‬ا ابن‬
‫البّو ال على عقبه! ما إّياك اخاطب‪ ،‬إّنما أنت بهيمة‪ ،‬وهّللا م‪R‬ا أظّن ك تحكم من كت‪R‬اب هّللا آي‪R‬تين‪ ،‬فأبشر الخ‪R‬زي ي‪R‬وم‬
‫القيامة والعذاب االليم! فقال له شمر‪ :‬اّن هّللا قاتلك وصاحبك عن ساعة‪ ،‬قال‪ :‬أفبالموت تخّوفني؟ فَو هّللا للموت مع‪RR‬ه‬
‫أحب إلّي من الخلد معكم‪ ،‬قال‪ :‬ثّم أقبل على الناس رافعا صوته‪ ،‬فقال‪ :‬عب‪RR‬اد هّللا ! ال يغ‪RR‬رنكم من دينكم هذا الجل‪RR‬ف‬
‫الجافي وأشباهه‪ ،‬فَو هّللا ال تنال شفاعة محّم د (ص) قوما هرقوا دماء ذرّيت‪RR‬ه وأهل بيت‪RR‬ه‪ ،‬وقتل‪RR‬وا من نص‪RR‬رهم وذّب‬
‫عن حريمهم‪ .‬قال‪ :‬فناداه رجل فقال له‪ :‬اّن أبا عبد هّللا يقول ل‪RR‬ك أقب‪RR‬ل! فلعم‪RR‬ري لئن ك‪RR‬ان م‪RR‬ؤمن آل فرع‪RR‬ون نص‪RR‬ح‬
‫لقومه وأبلغ في الدعاء لقد نصحت لهؤالء وأبلغت لو نفع النصح واالبالغ‪.‬‬
‫ص‪120:‬‬
‫توبة الحّر‪:‬‬

‫وروى عن عدّي بن حرملة قال‪ :‬اّن الحّر بن يزيد لّم ا زحف عمر بن س‪RR‬عد ق‪RR‬ال ل‪RR‬ه‪ :‬أصلحك هّللا ! مقات‪RR‬ل أنت هذا‬
‫الرجل؟! قال‪ :‬إي وهّللا قتاال أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح االي‪R‬دي! ق‪R‬ال‪ :‬أفم‪R‬ا لكم في واح‪R‬دة من الخص‪R‬ال ال‪R‬تي‬
‫عرض عليكم رضى؟! قال عمر بن سعد‪ :‬أما وهّللا لو كان االمر إلّي لفعلت! ولكن أميرك قد أبى ذلك‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬فأقب‪RR‬ل‬
‫حّتى وقف من الناس موقفا‪ ،‬ومعه رجل من قومه يقال له قّرة بن قيس‪ ،‬فقال‪ :‬ي‪RR‬ا ق‪RR‬رة! هل س‪RR‬قيت فرس‪RR‬ك الي‪RR‬وم؟!‬
‫قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬أفما تريد أن تسقيه؟ قال‪ :‬فظننت وهّللا اّنه يريد أن يتنّحى فال يشهد القت‪RR‬ال‪ ،‬وك‪RR‬ره أن أراه حين يص‪RR‬نع‬
‫ذلك فيخاف أن أرفعه عليه‪ ،‬فقلت له‪ :‬لم اسقه‪ ،‬وأنا منطلق فساقيه‪ .‬قال‪ :‬فاعتزلت ذلك المكان الذي ك‪RR‬ان في‪RR‬ه‪ ،‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫فَو هّللا لو اّنه أطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحس‪RR‬ين‪ .‬ق‪RR‬ال‪ :‬فأخ‪RR‬ذ ي‪RR‬دنوا من حس‪RR‬ين‪ ،‬قليال قليال‪ ،‬فقال ل‪RR‬ه‬
‫رجل من قومه يقال له المهاجر بن أوس‪ :‬ما تريد يا ابن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخ‪RR‬ذه مث‪RR‬ل الع‪RR‬رواء؛ فقال‬
‫له‪ :‬يا ابن يزيد! وهّللا إَّن أمرك لمريب! وهّللا ما رأيت منك في موق‪RR‬ف ق‪ّR‬ط مث‪RR‬ل ش‪RR‬يء أراه االن! ول‪RR‬و قي‪RR‬ل لي من‬
‫أشجع أهل الكوفة رجال؟ ما عدوتك! فما هذا الذي أرى منك؟ قال‪ :‬إّني وهّللا أخّير نفسي بين الجّن ة والّن ار‪ ،‬وهّللا ال‬
‫أختار على الجّنة شيئا ولو ُقطعُت وُحّر ْقُت ‪ ،‬ثّم ضرب فرسه فلح‪R‬ق بحس‪R‬ين (ع) فقال ل‪R‬ه‪ :‬جعل‪R‬ني هّللا فداك ي‪R‬ا ابن‬
‫رسول هّللا أنا صاحبك اّلذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق‪ ،‬وجعجعت بك في هذا المك‪RR‬ان‪ ،‬وهّللا ال‪RR‬ذي‬
‫ال إله إاّل هو ما ظننت ان القوم يرّد ون عليك ما عرضت عليهم أبدا‪ ،‬وال يبلغون منك هذه المنزلة‪ .‬فقلت في نفسي‪:‬‬
‫ال ابالي أن أطيع القوم في بعض أم‪R‬رهم وال ي‪R‬رون أّني خ‪R‬رجت من ط‪R‬اعتهم‪ ،‬وأّم ا هم فس‪R‬يقبلون من حس‪R‬ين هذه‬
‫الخصال التي يعرض عليهم‪ ،‬ووهّللا لو ظننت انهم ال يقبلونها منك ما ركبتها منك‪ ،‬واّني قد جئتك تائبا مّم ا‬
‫ص‪121:‬‬
‫كان مّني إلى رّبي‪ ،‬ومواسيا لك بنفسي ح‪R‬تى أم‪R‬وت بين ي‪R‬ديك‪ ،‬أفترى ذل‪R‬ك لي توب‪ًR‬ة؟ ق‪R‬ال‪ :‬نعم يت‪R‬وب هّللا علي‪R‬ك‪،‬‬
‫ويغفر لك‪ ،‬ما اسمك؟ قال‪ :‬أّنا الح‪ّR‬ر بن يزي‪R‬د! ق‪R‬ال أنت الح‪ّR‬ر‪ ،‬كم‪R‬ا س‪ّR‬م تك ُأّم ك‪ ،‬أنت الح‪ّR‬ر ان ش‪R‬اء هّللا في ال‪R‬دنيا‬
‫واالخرة‪ ،‬إنزل! قال‪ :‬أنا لك فارسا‪ ،‬خير مّني راجال‪ ،‬أقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النزول ما يصير آخر أمري‪،‬‬
‫قال الحسين‪ :‬فاصنع يرحمك هّللا ما بدا لك‪.‬‬

‫موعظة الحّر الهل الكوفة‪:‬‬


‫فاستقدم أمام أصحابه ثّم قال‪ :‬أّيها القوم! أال تقبلون من حسين خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيع‪RR‬افيكم‬
‫هّللا من حربه وقتاله؟ قالوا‪ :‬هذا االمير عمر بن سعد فكّلمه‪ ،‬فكّلمه بمثل ما كّلمه به قبل‪ ،‬وبمثل ما كّلم به أصحابه‪،‬‬
‫قال عمر‪ :‬قد حرصت‪ ،‬لو وجدت إلى ذلك سبيال فعلت‪ ،‬فقال‪ :‬يا أهل الكوفة! الّم كم الهبل والعبر إذ دعوتموه ح‪RR‬تى‬
‫إذا أتاكم أسلمتموه‪ ،‬وزعمتم انكم قاتلو أنفسكم دونه ثّم عدوتم عليه لتقتلوه‪ ،‬أمسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه وأحطتم به‬
‫من كّل جانب‪ ،‬فمنعتموه التوّجه في بالد هّللا العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيت‪RR‬ه‪ ،‬وأصبح في أي‪RR‬ديكم كاالس‪RR‬ير ال‬
‫يملك لنفسه نفعا وال يدفع ض‪R‬را‪ ،‬وحالتم‪R‬وه ونس‪R‬اءه وأَص ْيِبَيَتُه وأصحابه عن م‪R‬اء الف‪R‬رات الج‪R‬اري ال‪R‬ذي يشربه‬
‫اليهودّي والمجوسّي والنصرانّي ‪ ،‬وتمّر ُغ فيه خنازير الس‪RR‬واد وكالب‪RR‬ه‪ ،‬وهاهم ق‪RR‬د صرعهم العطش‪ ،‬بئس‪RR‬ما خلفتم‬
‫محّم دا في ذريّته‪ ،‬ال سقاكم هّللا يوم الظمأ‪ ،‬ان لم تتوبوا وتنزعوا عّم ا أنتم علي‪RR‬ه من ي‪RR‬ومكم هذا‪ ،‬في س‪RR‬اعتكم هذه‪،‬‬
‫فحملت عليه رّج الة لهم ترميه بالنبل‪ ،‬فأقبل حتى وقف أمام الحسين‪.‬‬
‫خطبة الحسين الثانية‪:‬‬
‫قال سبط ابن الجوزي‪ :‬ثّم ان الحسين عليه السالم ركب فرس‪R‬ه‪ ،‬وأخ‪R‬ذ مص‪R‬حفا ونشره على رأس‪R‬ه‪ ،‬ووق‪R‬ف ب‪R‬ازاء‬
‫القوم وقال‪ :‬يا قوم! اّن بيني وبينكم‬
‫ص‪122:‬‬
‫‪188‬‬
‫كتاب هّللا وسنة جدي رسول هّللا (ص)‬

‫وقال الخوارزمي‪ :‬لّم ا عّبأ ابن سعد أصحابه‪ ،‬فأحاطوا بالحسين من كّل جانب حّتى جعل‪RR‬وه في مث‪RR‬ل الحلقة‪ ،‬خ‪RR‬رج‬
‫الحسين من أصحابه فأتاهم فاستنصتهم‪ ،‬فابوا أن ينصتوا فقال لهم‪ :‬ويلكم! ما علكيم أن تنصتوا إلّي فتسمعوا قولي!‬
‫وإّنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد! فتالوم أصحاب عمر بن سعد‪ ،‬وقالوا‪ :‬أنصتوا له‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫تّبا لكم أيّتها الجماعة وترحا! أحين استصرختمونا والهين‪ ،‬فأصرخناكم موجفين‪ ،‬سللتم علينا سيفا لنا في ايم‪RR‬انكم‪،‬‬
‫وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدّونا وعدّوكم‪ ،‬فأصبحتم ألبا العدائكم على أولي‪RR‬ائكم‪ ،‬بغ‪RR‬ير ع‪RR‬دل أفشوه فيكم‪،‬‬
‫وال أمل أصبح لكم فيهم‪ ،‬فهاّل لكم الويالت تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن‪ ،‬والرأي لم‪RR‬ا يستحص‪RR‬ف‪ ،‬ولكن‬
‫أسرعتم إليها كط‪R‬يرة ال‪R‬دبا‪ ،‬وت‪R‬داعيتم عليه‪RR‬ا كته‪RR‬افت الف‪RR‬راش‪ ،‬ثّم نقض‪RR‬تموها‪ ،‬فس‪RR‬حقا لكم ي‪R‬ا عبي‪R‬د االم‪RR‬ة! وش‪RR‬ذاذ‬
‫االحزاب‪ ،‬ونبذة الكتاب‪ ،‬ومحّرفي الكلم‪ ،‬وعصبة االثم ونفثة الشيطان‪ ،‬ومطفئي السنن‪ ،‬ويحكم! أهؤالء تعضدون‪،‬‬
‫وعّنا تتخاذلون؟! أجل وهّللا غدر فيكم قديم‪ ،‬وش‪RR‬جت علي‪RR‬ه أصولكم‪ ،‬وت‪RR‬أزرت فروعكم‪ ،‬فكنتم أخبث ثم‪RR‬ر‪ ،‬ش‪RR‬جى‬
‫للناظر وأكلة للغاصب!‬
‫أال وإن الدعّي ابن الدعّي قد ركز بين اثنتين‪ ،‬بين الس‪ّR‬لة‪ ،‬والذّل ة وهيه‪RR‬ات منا الذّل ة‪ ،‬ي‪RR‬أبى هّللا لنا ذل‪RR‬ك‪ ،‬ورس‪RR‬وله‬
‫والمؤمنون‪ ،‬وحجور طابت وطهرت‪ ،‬وانوف حمّية ونفوس أبّية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام‪ ،‬أال‬
‫‪189‬‬
‫وإّني زاحف بهذه االسرة على قّلة العدد وخذالن الناصر‪ ،‬ثّم أنشد أبيات فروة بن مسيك المرادي‪:‬‬
‫ص‪123:‬‬
‫وإن نهزم فغير مهّز مينا‬ ‫فان نهزم فهّز امون قدما‬

‫منايانا ودولة آخرينا‬ ‫وما إن طّبنا جبن ولكن‬

‫سيلقى الشامتون كما لقينا‬ ‫فقل للشامتين بنا أفيقوا‬

‫بكلكله أناخ بآخرينا‬ ‫إذا ما الموت رفع عن أناس‬

‫أما وهّللا ال تلبثون بعدها إاّل كريثما ُيركب الفرس‪ ،‬حّتى تدور بكم دور الرحى‪ ،‬وتقلق بكم قلق المحور‪ ،‬عهْد عه‪RR‬دُه‬
‫إلّي أبي عن جّد ي رسول هّللا «فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثّم ال يكن أمركم عليكم غّم ة ثّم اقضوا إلي وال تنظرون‪،‬‬
‫‪190‬‬
‫إني توكلت على هّللا ربّي وربكم ما من داّبة إاّل هو آخذ بناصيتها إّن ربّي على صراط مستقيم»‪.‬‬
‫ثّم رفع يديه نحو السماء وق‪R‬ال‪ :‬الّلهم احبس عنهم قط‪R‬ر الس‪RR‬ماء‪ ،‬وابعث عليهم س‪RR‬نين كس‪RR‬ني يوس‪RR‬ف‪ ،‬وس‪R‬لط عليهم‬
‫‪191‬‬
‫غالم ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة‪ ،‬فانهم كذبونا وخذلونا وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك المصير‪.‬‬
‫‪192‬‬
‫وهّللا ال يدع أحدا منهم إاّل انتقم لي منه‪ ،‬قتلة بقتلة وضربة بضربة‪ ،‬وإنه لينتصر لي والهل بيتي وأشياعي‪.‬‬
‫استجابة دعاء الحسين علي ابن حوزة‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 188‬تذكرة الخواص ص ‪.252‬‬


‫‪ .)2 ( 189‬قال ابن حجر في االصابة ج ‪ 3‬ص ‪ ،205‬في ترجمة فروة بن مسيك‪ :‬وفد على النبي( ص) سنة تسع مع مذحج واستعمله النبي على مراد‬
‫ومذحج وزبيد‪ ،‬وفي االستيعاب سكن الكوفة أيام عمر‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 190‬تاريخ ابن عساكر ح ‪ ،670‬وتهذيبه ج ‪ 2‬ص ‪ ،334‬والمقتل للخوارزمي ج ‪ 2‬ص ‪ 7‬وق‪R‬د ذك‪R‬را البي‪R‬تين االول والث‪R‬اني ولم ينس‪R‬باهما إلى‬
‫أحد‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 191‬اللهوف ص ‪ 56‬ط‪ .‬صيدا‪ ،‬والمقتل للخوارزمي ج ‪ 2‬ص ‪.7‬‬
‫‪ .)3 ( 192‬راجع‪ :‬مقتل العوالم ص ‪.84‬‬
‫وروى الطبري‪ ،‬قال‪ :‬إّن رجال من بني تميم يقال ل‪R‬ه‪ :‬عب‪R‬د هّللا بن ح‪R‬وزة‪ ،‬ج‪R‬اء حّتى وق‪R‬ف أم‪R‬ام الحس‪R‬ين فقال‪ :‬ي‪R‬ا‬
‫حسين! يا حسين! فقال حسين‪ :‬ما‬
‫ص‪124:‬‬
‫تشاء؟ قال‪ :‬أبشر بالنار! قال‪ :‬كاّل ! أّني أق‪R‬دم على رّب رحيم‪ ،‬وش‪RR‬فيع مط‪R‬اع‪ ،‬من هذا! ق‪R‬ال ل‪R‬ه أصحابه‪ :‬هذا ابن‬
‫حوزة‪ .‬قال‪ :‬رّب حزه إلى النار‪ ،‬قال‪ :‬فاضطرب ب‪RR‬ه فرس‪RR‬ه في ج‪RR‬دول‪ ،‬فوق‪RR‬ع في‪RR‬ه‪ ،‬وتعّلقت رجل‪RR‬ه بالرك‪RR‬اب ووق‪RR‬ع‬
‫رأسه في االرض ونفر الفرس فأخذه يمّر به فيضرب برأسه كّل حجر‪ ،‬وكّل شجرة‪ ،‬حّتى مات‪.‬‬

‫وفي رواية ان عبد هّللا بن حوزة حين وقع عن‪ 193‬فرسه بقيت رجله اليسرى في الرك‪R‬اب وارتفعت اليم‪R‬نى فط‪R‬ارت‬
‫وعدا به فرسه يضرب رأسه كّل حجر وأصل شجرة حتى مات‪.‬‬
‫وروى عن عبد الجّبار بن وائل الحضرمّي عن أخيه مسروق بن وائ‪RR‬ل ق‪RR‬ال‪ :‬كنت في أوائ‪RR‬ل الخي‪RR‬ل ّم من س‪RR‬ار إلى‬
‫الحسين فقلت‪ :‬أكون في أوائلها لعلي ُأصيب رأس الحسين‪ ،‬فأصيب ب‪RR‬ه منزل‪RR‬ة عند عبي‪RR‬د هّللا بن زي‪RR‬اد‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬فلّم ا‬
‫انتهينا إلى حسين تقّد م رجل من القوم يقال له ابن حوزة فقال‪ :‬أفيكم حسين؟ قال‪ :‬فسكت حسين‪ ،‬فقالها ثانية فأسكت‬
‫حّتى إذا كانت الثالثة‪ ،‬قال‪ :‬قولوا له نعم‪ ،‬هذا حسين فما حاجتك؟ قال‪ :‬يا حسين! أبشر بالنار‪ ،‬ق‪RR‬ال ك‪RR‬ذبت ب‪RR‬ل أق‪RR‬دم‬
‫على رّب غفور‪ ،‬وشفيع مطاع‪ ،‬فمن أنت؟ قال‪ :‬ابن حوزة‪ ،‬قال‪ :‬فرفع الحس‪RR‬ين يدي‪R‬ه ح‪R‬تى رأينا بي‪R‬اض ابطي‪R‬ه من‬
‫فوق الثياب ثّم قال‪ :‬الّلهم حزه إلى النار‪ ،‬قال‪ :‬فغضب ابن حوزة فذهب ليقحم إليه الفرس‪ ،‬وبينه وبينه نه‪RR‬ر‪ ،‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫فعلقت قدمه بالركاب وجالت به الفرس فسقط عنها‪ ،‬قال‪ :‬فانقطعت قدمه وس‪RR‬اقه وفخ‪RR‬ذه وبقي جانب‪RR‬ه االخ‪RR‬ر متعّلقا‬
‫بالركاب‪ ،‬قال‪ :‬فرجع مسروق‪ ،‬وترك الخيل من ورائه‪ ،‬قال‪ :‬فسألته‪ ،‬فقال‪ :‬لقد رأيت من أهل هذا البيت‬
‫ص‪125:‬‬
‫‪194‬‬
‫شيئا ال اقاتلهم أبدا‪ ،‬قال‪ :‬ونشب القتال‪.‬‬

‫ص‪126:‬‬
‫زحف جيش الخالفة على معسكر الحسين (ع)‬
‫وروى الطبري عن ُحميد بن مسلم‪ ،‬قال‪ :‬وزحف عمر بن سعد نحوهم ثّم نادى يا ذويد! ‪ 195‬ادن رايتك‪ ،‬قال‪ :‬فادناها‬
‫ثّم وضع سهما في كبد قوسه ثّم رمى فقال‪ :‬اشهدوا أّني أّو ل من رمى‪.‬‬
‫وفي رواية المقريزي‪ :‬اشهدوا لي عند االمير أّني أّو ل من رمى‪.‬‬
‫قال الطبري والمفيد‪ :‬ثّم ارتمى الناس وتبارزوا‪ ،‬فبرز يسار مولى زياد وس‪RR‬الم م‪RR‬ولى عبي‪RR‬د هّللا بن زي‪RR‬اد فقاال‪ :‬من‬
‫يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم قال‪ :‬فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن حضير فقال لهما حسين اجلسا‪ ،‬فقام عبد هّللا بن‬
‫عمير الكلبي من بني عليم وك‪RR‬ان ق‪RR‬د خ‪RR‬رج م‪RR‬ع امرأت‪RR‬ه اّم وهب لم‪RR‬ا رأى القوم بالنخيل‪RR‬ة يعرض‪RR‬ون ليس‪RR‬رحوا إلى‬
‫الحسين فسأل عنهم فقيل له‪ :‬يسرحون إلى حسين بن فاطمة بنت رس‪RR‬ول هّللا (ص) فقال‪ :‬وهّللا لقد كنت على جه‪RR‬اد‬
‫أهل الشرك حريصا‪ ،‬واّني الرجوا أال يكون جهاد هؤالء الذين يغزون ابن بنت نبّيهم أيسر ثوابا عند هّللا من ثواب‪RR‬ه‬
‫أّياي في جهاد المشركين‪ ،‬فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع وأعلمها بما يريد‪ ،‬فقال‪ :‬أصبت‪ ،‬أصاب هّللا بك أرشد‬
‫أمورك افعل وأخرجني معك‪ ،‬قال‪ :‬فخرج بها ليال‪ ،‬حّتى أتى حسينا فأقام معه‪ ،‬فلّم ا برز يسار وسالم قام عبد هّللا بن‬

‫‪ .)1 ( 193‬في االصل‪ :‬وقع فرسه‪ ،‬وهو خطأ‪.‬‬


‫‪ .)1 ( 194‬في أمالي الشجري ص ‪ ،160‬وفي تاريخ ابن عساكر ح ‪ 716‬بايجاز‪ ،‬والطبري ط‪ .‬أوربا ‪.338 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 195‬جاء في نسخة« زويد» وفي أخرى« دويد»‪.‬‬
‫عمير الكلبّي فقال‪ :‬أبا عبدهّللا ! رحمك هّللا ! ائذن لي فالخرج اليهما فرأى حس‪RR‬ين رجال آدم ط‪R‬ويال ش‪RR‬ديد الس‪RR‬اعدين‬
‫بعيد ما بين‬
‫ص‪127:‬‬
‫المنكبين‪ ،‬فقال حسين‪ :‬اّني الحسبه لالقران قّتاال اخرج ان ش‪R‬ئت‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬فخ‪R‬رج إليهم‪R‬ا فقاال ل‪R‬ه‪ :‬من أنت؟ فانتس‪R‬ب‬
‫لهما‪ ،‬فقاال‪ :‬ال نعرفك‪ ،‬ليخرج إليها زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر أو برير بن حضير ويسار مستنتل‪ 196‬أم‪RR‬ام‬
‫سالم فقال له الكلبّي ‪ :‬يا ابن الزانية! وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس‪ ،‬ويخرج إلي‪RR‬ك أح‪RR‬د من الناس‪ ،‬ااّل وهو‬
‫خير منك؟ ثّم شّد عليه فضربه بسيفه حتى برد‪ ،‬فإّنه لمشتغل به يضربه بسيفه إذ شّد عليه سالم فصاح به‪ :‬قد رهقك‬
‫العبد‪ ،‬قال‪ :‬فلم يأبه له حتى غشيه فبدره الضربة فاّتقاه الكلبّي بيده اليسرى فأطار أصابع كّفه اليسرى ثّم م‪RR‬ال علي‪RR‬ه‬
‫الكلبّي ‪ ،‬فضربه حتى قتله‪ ،‬وأقبل الكلبّي مرتجزا وهو يقول وقد قتلهما جميعا‪:‬‬

‫حسبي ببيتي في ُع َلْيٍم حسبي‬ ‫إّن تنكروني فأنا ابن كلِب‬

‫ولست بالخّوار عند النكب‬ ‫إّني امرؤ ذو مّرة وعصب‬

‫بالطعن فيهم مقدما والضرب‬ ‫اّني زعيم لك اّم وهب‬

‫ضرب غالم مؤمن بالّر ِب‬


‫فأخذت أّم وهب امرأته عمودا ثّم اقبلت نحو زوجها تقول له‪ :‬فداك أبي وُأّم ي قاتل دون الطّيبين ذرّية محّم د‪ ،‬فأقب‪RR‬ل‬
‫إليها يرّد ها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه ثّم قالت‪ :‬إّني لن أدعك دون أن أموت معك‪ ،‬فناداها حسين فقال‪ :‬جزيتم‬
‫من أهل بيت خيرا‪ ،‬ارجعي رحمك هّللا إلى النساء فاجلسي معهّن ‪ ،‬فاّنه ليس على النساء قتال‪ ،‬فانصرفت اليهّن ‪.‬‬
‫زحف الميمنة واستمداد قائد الفرسان‪:‬‬
‫قال وحمل عمرو بن الحّجاج وهو على ميمنة الناس في الميمنة‪ ،‬فلّم ا ان دن‪RR‬ا من حس‪RR‬ين‪ ،‬جث‪RR‬وا ل‪RR‬ه على ال‪RR‬ركب‪،‬‬
‫واشرعوا الرماح نحوهم‪ ،‬فلم تقدم خيلهم‬
‫ص‪128:‬‬
‫على الرماح فذهبت الخيل لترجع‪ ،‬فرشقهم أصحاب الحسين بالنبل‪ ،‬فصرعوا منهم رجاال‪ ،‬وجرحوا منهم آخرين‪.‬‬

‫قال‪ :‬وقاتلهم أصحاب الحسين قتاال شديدا وأخذت خيلهم تحمل وإَّنم‪R‬ا هم اثنان وثالثون فارس‪R‬ا‪ ،‬وأخ‪R‬ذت ال تحم‪R‬ل‬
‫على جانب من خيل أهل الكوفة إاّل كشفته‪ ،‬فلّم ا رأى ذل‪RR‬ك ع‪RR‬زرة بن قيس وهو على خي‪RR‬ل أهل الكوفة اّن خيل‪RR‬ه‬
‫تنكشف من كّل جانب بعث إلى عمر بن سعد‪ ،‬عبد الرحمن بن حصن‪ ،‬فقال‪ :‬أما ترى ما تلقى خيلي منذ الي‪RR‬وم من‬
‫هذه العّد ة اليسيرة؟ ابعث إليهم الرجال والرماة‪ ،‬فقال لشبث بن ربعّي ‪ :‬ااّل تقدم اليهم‪ ،‬فقال‪ :‬س‪RR‬بحان هّللا أتعم‪RR‬د إلى‬
‫شيخ مصر وأهل المصر عاّم ة‪ ،‬تبعثه في الرماة لم تجد من تندب لهذا ويجزي عنك غيري؟! قال‪ :‬وما زالوا يرون‬
‫من شبث الكراهة لقتاله‪ ،‬قال‪ :‬وقال أبو زهير العبسّي ‪ :‬فانا سمعته في امارة مص‪RR‬عب يقول‪ :‬ال يعطي هّللا أهل هذا‬
‫المصر خيرا أبدا! وال يسّد دهم لرشد‪ ،‬أال تعجبون اّنا قاتلنا مع علّي بن أبي طالب ومع ابنه من بع‪RR‬ده آل أبي س‪RR‬فيان‬
‫خمس سنين‪ ،‬ثّم عدونا على ابنه وهو خير أهل االرض نقاتله مع آل معاوية‪ ،‬وابن سمّية الزانية! ضالل يا ل‪RR‬ك من‬

‫‪ .)1 ( 196‬مستنتل‪ :‬اي متقدم أمام الصف‪.‬‬


‫ضالل‪ .‬قال‪ :‬ودعا عمر بن سعد الحصين بن تميم فبعث معه المُج فَّفة وخمسمائة من المرامية فأقبلوا حّتى إذا دن‪RR‬وا‬
‫من الحسين وأصحابه‪ ،‬رشقوهم بالنبل فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم‪ ،‬وصاروا رّجالة كّلهم‪.‬‬
‫قال‪ :‬وكان أّيوب بن مشرح الخيواني يقول‪ :‬انا وهّللا عقرت بالحّر بن يزيد فرس‪RR‬ه حشأته س‪RR‬هما فم‪RR‬ا لبث ان أرع‪RR‬د‬
‫الفرس واضطرب وكبا‪ ،‬فوثب عنه الحّر كأَّنه ليث والسيف في يده وهو يقول‪:‬‬
‫أشجع من ذي لبد هزبر‬ ‫ان تعقروا بي‪ ،‬فأنا ابن الحر‬

‫قال‪ :‬فما رأيت أحدا قّط يفري فريه‪ ،‬قال‪ :‬فقال له أشياخ من الحّي ‪ :‬أنت قتلته‪ ،‬قال‪ :‬ال وهّللا ما أن‪RR‬ا قتلت‪RR‬ه‪ ،‬ولكن قتل‪RR‬ه‬
‫غيري وما أحّب أّني قتلته‪،‬‬
‫ص‪129:‬‬
‫فقال له أبو الوّد اك‪ :‬وِلَم ؟! قال‪ :‬اّنه كان زعموا من الص‪R‬الحين فَو هّللا لئن ك‪R‬ان ذل‪R‬ك اثم‪R‬ا الن القى هّللا ب‪R‬إثم الجراح‪R‬ة‬
‫والموقف احّب إلّي من ألقاه بإثم قت‪R‬ل أح‪R‬د منهم‪ ،‬فقال ل‪R‬ه أب‪R‬و ال‪R‬وّد اك‪ :‬م‪RR‬ا أراك إاّل س‪RR‬تلقى هّللا ب‪R‬اثم قتلهم أجمعين‪،‬‬
‫أرأيت ل‪RR‬و أَّن ك رميت ذا فعقرت ذا‪ ،‬ورميت آخ‪RR‬ر ووقفت موقف‪RR‬ا وك‪RR‬ررت عليهم وحّرض‪RR‬ت أصحابك وك‪RR‬ثرت‬
‫أصحابك‪ ،‬وحمل عليك فكرهت أن تفّر‪ ،‬وفعل آخر من أصحابك كفعلك وآخر وآخر‪ ،‬ك‪RR‬ان هذا وأصحابه يقتل‪R‬ون‪.‬‬
‫أنتم شركاء كّلكم في دمائهم! فقال له‪ :‬يا أبا الوّد اك! اّنك لتقِّنطنا من رحمة هّللا ؛ ان كنت ولّي حسابنا يوم القيام‪RR‬ة فال‬
‫غفر هّللا لك ان غفرت لنا‪ .‬قال هو ما أقول لك‪.‬‬

‫زحف الميسرة ومقتل الكلبي وزوجته‪:‬‬


‫قال‪ :‬وحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة على أهل الميسرة فثبتوا له‪ ،‬فطاعنوه وأصحابه‪ ،‬وحمل على حس‪RR‬ين‬
‫وأصحابه من كّل جانب‪ ،‬فقتل الكلبّي وقد قتل رجلين بعد الرجلين االّولين‪ ،‬وقاتل قتاال شديدا فحمل علي‪RR‬ه هاني بن‬
‫ثبيت الحضرمي‪ ،‬وبكير بن حيّي التيمّي من تيم هّللا بن ثعلبة‪ ،‬فقتاله وكان القتيل الثاني من أصحاب الحسين‪.‬‬
‫قال‪ :‬وخرجت امرأة الكلبي تمشي إلى زوجها حتى جلست عند رأسه تمسح عنه ال‪R‬تراب وتقول‪ :‬هنيئا ل‪R‬ك الجّن ة‪.‬‬
‫فقال شمر بن ذي الجوشن لغالم يسّم ى رستم‪ :‬اضرب رأسها بالعمود‪ ،‬فضرب رأسها فشدخه فماتت مكانها‪.‬‬
‫زحف الميمنة ومقتل مسلم بن عوسجة‪:‬‬
‫قال‪ :‬ثّم اّن عمرو بن الحّجاج حم‪RR‬ل على الحس‪RR‬ين في ميمنة عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد من نح‪RR‬و الف‪RR‬رات‪ ،‬فاض‪RR‬طربوا س‪RR‬اعة‪،‬‬
‫فصرع مسلم بن عوسجة االسدي اّول أصحاب الحسين‪ ،‬ثّم انصرف عمرو بن الحّجاج وأصحابه وارتفعت الغ‪RR‬برة‬
‫فإذا هم به صريع‪ ،‬فمشى إليه الحسين فإذا به رمق‪ ،‬فقال رحمك ربك يا مسلم بن‬
‫ص‪130:‬‬
‫عوسجة‪ ،‬منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وم‪RR‬ا ب‪ّR‬د لوا تب‪RR‬ديال‪ ،‬ودن‪RR‬ا منه ح‪RR‬بيب بن مظ‪RR‬اهر‪ ،‬فقال‪ :‬ع‪ّR‬ز علّي‬
‫مصرعك يا مسلم أبشر بالجّنة‪ .‬فقال له مسلم قوال ضعيفا‪ :‬بَّش رك هّللا بخير‪ ،‬فقال ل‪RR‬ه ح‪RR‬بيب‪ :‬ل‪RR‬وال اّني أعلم اّني في‬
‫أثرك الحق بك من ساعتي هذه الحببت أن توصيني بكّل ما أهّم ك حتى أحفظك في ك‪ّRR‬ل ذل‪RR‬ك بم‪RR‬ا أنت أهل ل‪RR‬ه في‬
‫القرابة والدين‪ ،‬قال‪ :‬بل أنا ُأوصيك بهذا رحمك هّللا ‪ ،‬وأهوى بي‪R‬ده إلى الحس‪R‬ين‪ ،‬أن تم‪R‬وت دون‪R‬ه! ق‪R‬ال‪ :‬أفع‪R‬ل ورّب‬
‫الكعبة‪ ،‬قال‪ :‬فما كان باسرع من ان مات في أيديهم وصاحت جارية له فقالت‪ :‬يا ابن عوسجتاه! ي‪RR‬ا س‪ّRR‬يداه! فتنادى‬
‫أصحاب عمرو بن الحّجاج‪ :‬قتلنا مسلم بن عوسجة االسدي‪.‬‬
‫فقال شبث لبعض من حوله من اصحابه‪ :‬ثكلتكم اّم ه‪RR‬اتكم‪ ،‬اّنم‪RR‬ا تقتل‪RR‬ون أنفس‪RR‬كم بأي‪RR‬ديكم‪ ،‬وت‪RR‬ذّللون أنفس‪RR‬كم لغ‪RR‬يركم‪،‬‬
‫تفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة! أما والذي أسلمت له لرّب موقف له قد رأيته في المسلمين كريم‪ ،‬لقد رأيته‬
‫يوم سلق آذربيجان قتل سّتة من المشركين قبل تتاّم خيول المسلمين! أفُيقتل منكم مثله وتفرحون؟!‬
‫قال‪ :‬وكان الذي قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبد هّللا الضبابّي وعبد الرحمن بن أبي خشكارة البجلّي ‪.‬‬
‫يزيد بن زياد يرمي بين يدي الحسين (ع)‪:‬‬
‫قال الطبري‪ :‬وكان أبو الشعثاء يزيد بن زياد بن المهاصر من بني بهدلة خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين‪ ،‬فلّم ا‬
‫رّد وا الشروط على الحسين مال إليه وقاتل معه‪ ،‬جثا على ركبتيه بين يدي الحسين فرمى بمائة سهم م‪R‬ا س‪R‬قط منه‪R‬ا‬
‫إاّل خمسة أسهم‪ ،‬وكان راميا فكان كّلما رمى قال أنا ابن بهدلة فرس‪RR‬ان العرجل‪RR‬ة؛ ويقول حس‪RR‬ين‪ :‬اللهم س‪ّR‬د د رميت‪RR‬ه‬
‫واجعل ثوابه الجّنة‪ .‬فلّم ا رمى بها قام فقال‪:‬‬
‫ص‪131:‬‬
‫ما سقط منها إاّل خمسة أسهم ولقد تبّين لي اّني قتلت خمسة نفر وكان في أّو ل من قتل وكان رجزه يومئذ‪:‬‬

‫أشجع من ليث بغيل خادْر‬ ‫أنا يزيد وأبي مهاصر‬

‫والبن سعد تارك وهاجر‬ ‫يا رّب إنّي للحسين ناصْر‬

‫أربعة استشهدوا في مكان واحد‪:‬‬


‫قال الطبري‪ :‬وبرز عمر بن خالد وجابر بن الحارث الس‪R‬لماني‪ ،‬وس‪R‬عد م‪R‬ولى عم‪R‬ر بن خال‪R‬د‪ ،‬ومجّم ع بن عب‪R‬د هّللا‬
‫العائذي فشّد وا مقدمين بأسيافهم على الناس وقاتلوا فلّم ا وغلوا؛ عطف عليهم الناس‪ ،‬فأخذوا يحوزونهم‪ ،‬وقطع‪RR‬وهم‬
‫من أصحابهم غير بعيد‪ ،‬فحمل عليهم العّباس بن علّي فاستنقذهم‪ ،‬فجاؤوا قد جرح‪R‬وا فلّم ا دن‪R‬ا منهم ع‪R‬دّو هم‪ ،‬ش‪ّR‬د وا‬
‫بأسيافهم فقاتلوا في أّول االمر حّتى قتلوا في مكان واحد‪.‬‬
‫مقتل برير‪:‬‬
‫وروى الطبري عن عفيف بن زهير بن أبي االخنس وكان قد شهد مقت‪R‬ل الحس‪RR‬ين‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬خ‪R‬رج يزي‪R‬د بن معقل من‬
‫بني عميرة بن ربيعة‪ ،‬وهو حليف لبني سليمة من عبد القيس‪ ،‬فقال‪ :‬يا برير بن حضير! كيف ت‪R‬رى هّللا صنع ب‪R‬ك؟‬
‫قال‪ :‬صنع هّللا وهّللا بي خيرا‪ ،‬وصنع هّللا بك شرا‪ .‬قال‪ :‬كذبت! وقبل اليوم ما كنت كّذ ابا! هل تذكر وان‪R‬ا اماش‪R‬يك في‬
‫بني لوذان‪ ،‬وأنت تقول‪ :‬إن عثمان ابن عّفان كان على نفسه مسرفا وإّن معاوية بن أبي سفيان ض‪RR‬اّل‪ ،‬مض‪ّRR‬ل‪ ،‬وإّن‬
‫إمام الهدى والحّق علّي بن أبي طالب؟ فقال له برير‪ :‬أشهد أَّن هذا رأي وقولي‪ ،‬فقال له يزيد بن معقل‪ :‬فاّني أش‪RR‬هد‬
‫أّنك من الضالين! فقال ل‪R‬ه بري‪R‬ر بن حض‪R‬ير‪ :‬هل ل‪R‬ك فالباهل‪R‬ك ولندع هّللا أن يلعن الك‪R‬اذب وان يقت‪R‬ل المبط‪R‬ل‪ ،‬ثّم‬
‫اخرج‪ ،‬فالبارزك؟‬
‫ص‪132:‬‬
‫قال فخرجا فرفع‪RR‬ا أي‪RR‬ديهما إلى هّللا يدعوان‪RR‬ه أن يلعن الك‪RR‬اذب‪ ،‬وان يقت‪RR‬ل المح‪ُّR‬ق المبط‪َR‬ل ثّم ب‪RR‬رز ك‪ّRR‬ل واح‪RR‬د منهم‪RR‬ا‬
‫لصاحبه‪ ،‬فاختلفا ضربتين فضرب يزيد ابن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تّضره شيئا‪ ،‬وض‪R‬ربه بري‪R‬ر بن‬
‫حضير ضربة قّد ت المغفر وبلغت ال‪R‬دماغ‪ ،‬فخ‪ّR‬ر كأنم‪R‬ا هوى من ح‪R‬الق‪ ،‬وإن س‪R‬يف ابن حض‪R‬ير لث‪R‬ابت في رأس‪R‬ه‬
‫فكأّني انظر إليه ينضنضه من رأسه‪ ،‬وحمل عليه رض‪ّR‬ي بن ُم نقذ العب‪RR‬دّي‪ ،‬فاعتنق بري‪RR‬را فاعترك‪RR‬ا س‪RR‬اعة‪ ،‬ثّم اَّن‬
‫بريرا قعد على صدره فقال رضّي ‪ :‬أين أهل المصاع والدفاع؟!‬

‫قال فذهب كعب بن جابر بن عمرو االزدّي ليحمل عليه‪ ،‬فقلت‪ :‬اّن هذا برير بن حضير القارىء الذي ك‪RR‬ان يقرئنا‬
‫القرآن في المسجد! فحمل عليه بالرمح حتى وضعه في ظهره‪ ،‬فلّم ا وجد مّس ال‪RR‬رمح‪ ،‬ب‪RR‬رك علي‪RR‬ه‪ ،‬فعّض بوجه‪RR‬ه‪،‬‬
‫وقطع طرف أنفه فطعنه كعب بن جابر حّتى القاه عنه‪ ،‬وقد غّيب الس‪R‬نان في ظه‪R‬ره‪ ،‬ثّم أقب‪R‬ل علي‪R‬ه يض‪R‬ربه بس‪R‬يفه‬
‫حّتى قتله‪.‬‬
‫قال عفيف‪ :‬كأّني أنظر إلى العبدّي الصريع‪ ،‬قام ينفض التراب عن قبائه‪ ،‬ويقول‪ :‬أنعمت علّي يا أخا االزد نعمة لن‬
‫أنساها أبدا‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقلت أنت رأيت هذا؟ قال‪ :‬نعم رأي عيني وَسْمَع ُأذني‪ ،‬فلّم ا رج‪RR‬ع كعب بن ج‪RR‬ابر ق‪RR‬الت ل‪RR‬ه امرأت‪RR‬ه‪ ،‬أو اخت‪RR‬ه‬
‫الّنوار بنت جابر‪ :‬أعنت على ابن فاطمة! وقتلت سّيد القّراء! لقد أتيت عظيما من االمر‪ ،‬وهّللا ال اكّلم‪RR‬ك من رأس‪RR‬ي‬
‫كلمة أبدا‪ ،‬وقال كعب بن جابر‪:‬‬
‫غداة حسين والرماح شوارع‬ ‫سلي تخبري عّني وأنت ذميمة‬

‫علَّي غداة الروع ما أنا صانع‬ ‫ألم آت أقصى ما كرهت ولم ُيِخ ْل‬

‫وأبيض مخشوب الغرارين قاطع‬ ‫معي يزنُّي لم تخنه كعوبه‬

‫بديني واّني بابن حرب لقانع‬ ‫فجردته في عصبة ليس دينهم‬

‫وال قبلهم في الناس إذ أنا يافع‬ ‫ولم تَر عيني مثلهم في زمانهم‬

‫ص‪133:‬‬

‫أاّل كُّل من يحمي الذمار مقارع‬ ‫أشّد قراعا بالسيوف لدى الوغى‬

‫وقد نازلوا لو أن ذلك نافع‬ ‫وقد صبروا للطعن والضرب حسّرا‬

‫بأّني مطيع للخليفة سامع‬ ‫فأبلغ عبيد هّللا أّم ا لقيته‬

‫أبا منقذ لّم ا دعا من يماصع‬ ‫قتلُت بريرا ثَّم حملت نعمة‬

‫وروى عن عبد الرحمن بن جندب قال‪ :‬سمعته في امارة مص‪R‬عب بن الزب‪R‬ير وهو يقول‪ :‬ي‪R‬ا رّب إّن ا ق‪R‬د وفينا فال‬
‫تجعلنا يا رّب كمن قد غدر! فقال ل‪RR‬ه أبي‪ :‬صدق ولقد وفى وك‪RR‬رم وكس‪RR‬بت لنفس‪RR‬ك ش‪ّRR‬را‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬كاّل اّني لم أكس‪RR‬ب‬
‫لنفسي ّش را ولكني كسبت لها خيرا‪ ،‬قال‪ :‬وزعموا ان رض‪ّR‬ي بن منقذ العب‪RR‬دّي رّد بع‪RR‬د على كعب بن ج‪RR‬ابر ج‪RR‬واب‬
‫قوله فقال‪:‬‬
‫وال جعل النعماء عندي ابن جابر‬ ‫لو شاء ربّي ما شهدت قتالهم‬
‫يعّيره االبناء بعد المعاشر‬ ‫لقد كان ذاك اليوم عارا وسّبة‬

‫ويوم حسين كنت في رمس قابر‬ ‫فياليت أّني كنت من قبل قتله‬

‫عمرو بن قرظة االنصاري‬


‫قال‪ :‬وخرج عمرو بن قرظة االنصاري يقاتل دون حسين‪ ،‬وهو يقول‪:‬‬
‫أّني سأحمي حوزة الذمار‬ ‫قد علمت كتيبة االنصار‬

‫دون حسين مهجتي وداري‬ ‫ضرب غالم غير نكش شاري‬

‫فقتل عمرو بن قرظة بن كعب وك‪R‬ان م‪R‬ع الحس‪R‬ين وك‪R‬ان علّي أخ‪R‬وه م‪R‬ع عم‪R‬ر ابن س‪R‬عد فنادى علّي بن قرظ‪R‬ة ي‪R‬ا‬
‫حسين! يا ك‪ّR‬ذ اب ابن الك‪ّR‬ذ اب! أض‪R‬للت أخي وغررت‪R‬ه حّتى قتلت‪R‬ه! ق‪R‬ال‪ :‬اّن هّللا لم يض‪ّR‬ل أخ‪R‬اك ولكّن ه هدى أخ‪R‬اك‬
‫وأض ‪ّR‬لك! ق‪RR‬ال‪ :‬قتل‪RR‬ني هّللا ان لم أقتل‪RR‬ك! أو أم‪RR‬وت دون‪RR‬ك! فحم‪RR‬ل علي‪RR‬ه فاعترض‪RR‬ه ن‪RR‬افع بن هالل الم‪RR‬رادّي فطعنه‬
‫فصرعه‪ ،‬فحمله أصحابه‪ ،‬فاستنقذوه َفُد ِووَي بعد فبرأ‪.‬‬
‫ص‪134:‬‬
‫مبارزة يزيد بن سفيان والحر‪:‬‬

‫وروى عن أبي زهير العبسّي ان الحّر بن يزيد لّم ا لحق بحسين قال يزيد بن سفيان من بني شقرة وهم بنو الحارث‬
‫بن تميم‪ :‬أما وهّللا لو اّني رأيت الحّر بن يزيد حين خرج التبعته السنان‪ ،‬قال‪ :‬فبينا الناس يتجاولون ويقتتلون والحّر‬
‫ابن يزيد يحمل على القوم مقدما ويتمّثل قول عنترة‪:‬‬
‫ولبانه حّتى تسربل بالدّم‬ ‫ما زلت أرميهم بثغرة نحره‬

‫وإن فرسه لمضروب على اذنيه وحاجبه وإن دماءه تسيل‪ ،‬فقال الحص‪RR‬ين ابن تميم‪ -‬وك‪RR‬ان على ش‪RR‬رطة عبي‪RR‬د هّللا ‪-‬‬
‫ليزيد بن سفيان‪ :‬هذا الحّر بن يزيد الذي كنت تتمّنى ق‪R‬ال‪ :‬نعم‪ ،‬فخ‪R‬رج إلي‪R‬ه فقال ل‪R‬ه‪ :‬هل ل‪R‬ك ي‪R‬ا ح‪ّR‬ر بن يزي‪R‬د في‬
‫المبارزة؟! قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد شئت‪ ،‬فبرز له قال‪ :‬فأنا سمعت الحصين بن تميم يقول‪ :‬وهّللا لبرز له فكأّنما كانت نفسه في‬
‫يده فما لبثه الحّر حين خرج إليه ان قتله‪.‬‬
‫قال‪ :‬وقاتلوهم حتى انتصف النهار أشّد قتال خلقه هّللا وأخذوا ال يقدرون على أن يأتوهم إاّل من وجه واحد الجتماع‬
‫أبنيتهم وتقارب بعضها من بعض‪ .‬ق‪R‬ال فلّم ا رأى ذل‪R‬ك عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد أرس‪RR‬ل رج‪R‬اال يقّوض‪RR‬ونها عن ايم‪RR‬انهم وعن‬
‫شمائلهم ليحيطوا بهم قال فأخذ الثالثة واالربعة من أصحاب الحسين يتخّلل‪RR‬ون ال‪RR‬بيوت فيشّد ون على الرج‪RR‬ل وهو‬
‫يقّوض وينتهب فيقتلونه ويرمونه من قريب ويعقرونه‪.‬‬
‫إحراق الخيام‪:‬‬
‫قال‪ :‬فأمر بها (أي الخيام) عمر بن سعد عند ذلك فقال احرقوها بالنار‪ ،‬وال تدخلوا بيتا وال تقّوضوه‪ ،‬فجاؤوا بالنار‬
‫فأخذوا يحّرقون‪ ،‬فقال حسين‪ :‬دعوهم فليحّرقوها‪ ،‬فانهم لو قد حّرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها‪ ،‬وكان‬
‫ص‪135:‬‬
‫ذلك كذلك‪ ،‬وأخذوا ال يقاتلونهم إاّل من وجه واحد‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وحمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين برمحه ونادى‪ :‬علَّي بالنار ح‪R‬تى اح‪R‬رق هذا ال‪R‬بيت‬
‫على أهله‪ ،‬قال‪ :‬فصاَح النساء وخرجن من الفسطاط‪ ،‬قال‪ :‬وصاح به الحسين يا ابن ذي الجوشن! أنت تدعو بالنار‬
‫لتحرق بيتي على أهلي! حّرقك هّللا بالنار‪.‬‬
‫وروى عن حميد بن مسلم قال‪ :‬قلت لشمر بن ذي الجوشن‪ :‬سبحان هّللا ! اّن هذا ال يصلح لك‪ ،‬أتري‪RR‬د أن تجم‪RR‬ع على‬
‫نفسك خصلتين تعّذ ب بعذاب هّللا ‪ ،‬وتقتل الولدان والنس‪RR‬اء‪ ،‬وهّللا اّن في قتل‪RR‬ك الرج‪RR‬ال لم‪RR‬ا ترض‪RR‬ي ب‪RR‬ه أم‪RR‬يرك‪ .‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫فقال‪ :‬من أنت؟! قال‪ :‬قلت‪ :‬ال اخبرك من أنا‪ ،‬قال‪ :‬وخشيت وهّللا ان ل‪RR‬و عرفني أن يض‪ّRR‬رني عند الس‪RR‬لطان! ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫فجاءه رجل كان أطوع له مّني‪ ،‬شبث بن ربعي‪ ،‬فقال‪ :‬ما رأيت مقاال أسوأ من قول‪RR‬ك‪ ،‬وال موقف‪RR‬ا أقبح من موقف‪RR‬ك!‬
‫أمرعبا للنساء صرت! قال‪ :‬فأشهد انه استحيا فذهب لينصرف‪ ،‬وحمل عليه زهير بن القين في رجال من أصحابه‬
‫عشرة فشّد على ش‪RR‬مر بن ذي الجوش‪RR‬ن وأصحابه فكشفهم عن ال‪RR‬بيوت ح‪RR‬تى ارتفع‪RR‬وا عنه‪RR‬ا‪ ،‬فص‪RR‬رعوا أب‪RR‬ا ع‪ّR‬ز ة‬
‫الضبابّي ‪ ،‬فقتلوه فكان من أصحاب شمر‪ ،‬وتعطف الناس عليهم فكثروهم فال يزال الرجل من أصحاب الحس‪RR‬ين ق‪RR‬د‬
‫قتل‪ ،‬فإذا قتل منهم الرجل والرجالن تبيّن فيهم‪ ،‬وأولئك كثير ال يتبين فيهم ما يقتل منهم‪.‬‬
‫صالة الخوف‪:‬‬
‫قال‪ :‬فلّم ا رأى ذلك أبو ثمامة عمرو بن عبد هّللا الصائدّي قال للحسين‪ :‬يا أب‪RR‬ا عب‪RR‬د هّللا ! نفس‪RR‬ي ل‪RR‬ك الف‪RR‬داء‪ ،‬اّني أرى‬
‫هؤالء قد اقتربوا منك‪ ،‬وال وهّللا ال تقتل حّتى ُأقتل دونك ان شاء هّللا ‪ ،‬وأحُّب أن ألقى ربّي وقد صّليت هذه الص‪RR‬الة‬
‫التي قد دنا وقتها‪ .‬قال‪ :‬فرفع الحسين رأسه‪ ،‬ثّم قال‪ :‬ذكرت الصالة‪،‬‬
‫ص‪136:‬‬
‫جعلك هّللا من المصّلين الذاكرين! نعم‪ ،‬هذا أّول وقتها‪ ،‬ثّم قال‪ :‬سلوهم أن يكّفوا عّنا حّتى نصّلي‪ .‬فقال لهم الحص‪RR‬ين‬
‫بن تميم‪ :‬اّنها ال تقبل! فقال له حبيب ابن مظاهر‪ :‬ال تقبل! زعمت الصالة من آل رس‪RR‬ول هّللا (ص) ال ُتقَب ُل‪ ،‬وتقب‪RR‬ل‬
‫منك يا حمار! قال‪ :‬فحمل عليهم حصين بن تميم‪ ،‬وخ‪RR‬رج إلي‪RR‬ه ح‪RR‬بيب بن مظ‪RR‬اهر‪ ،‬فض‪RR‬رب وج‪RR‬ه فرس‪RR‬ه بالس‪RR‬يف‪،‬‬
‫فشّب ووقع عنه‪ ،‬وحمله أصحابه واستنقذوه‪.‬‬

‫مقتل حبيب بن مظاهر‪:‬‬


‫وحمل حبيب وهو يقول‪:‬‬
‫‪197‬‬
‫أو شطركم وليتم أكتادا‬ ‫أقسم لو كّنا لكم أعدادا‬

‫يا شّر قوم حسبا وآدا‬


‫وجعل يقول يومئذ‪:‬‬
‫فارس هيجاء وحرب تسعر‬ ‫أنا حبيب وأبي مظاهر‬

‫ونحن أوفى منكم وأصبر‬ ‫أنتم أعّد عّد ة وأكثر‬

‫حّقا وأتقى منكم وأعذر‬ ‫ونحن أعلى حّجة وأظهر‬

‫‪ .)1 ( 197‬أكتادا‪ :‬أي جماعات‪.‬‬


‫وقاتل قتاال شديدا فحمل عليه رجل من بني تميم فطعنه فوق‪RR‬ع‪ ،‬فذهب ليقوم فض‪RR‬ربه الحس‪RR‬ين بن تميم على رأس‪RR‬ه‬
‫بالسيف فوقع‪ ،‬ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه فقال له الحصين‪ :‬انّي لشريكك في قتل‪RR‬ه‪ ،‬فقال االخ‪RR‬ر‪ :‬وهّللا م‪RR‬ا قتل‪RR‬ه‬
‫غيري‪ ،‬فقال الحصين‪ :‬أعطنيه أعّلقه في عنق فرسي كيما يرى الناس ويعلموا أّني شركت في قتله ثّم خذه أنت بعد‬
‫فامض به إلى عبيد هّللا بن زياد فال حاجة لي في ما تعطاه على قتلك أّياه‪ ،‬قال‪ :‬فأبى عليه فاصلح قومه فيم‪RR‬ا بينهم‪RR‬ا‬
‫على هذا‪ ،‬فدفع إليه رأس حبيب بن مظاهر فجال به في العسكر قد عّلقه في عنق‬
‫ص‪137:‬‬
‫فرسه ثّم دفعه إليه بعد ذلك‪ ،‬فلّم ا رجعوا إلى الكوفة‪ ،‬أخذ االخر رأس حبيب فعّلقه في لب‪RR‬ان فرس‪RR‬ه‪ ،‬ثَّم أقب‪RR‬ل ب‪RR‬ه إلى‬
‫ابن زياد في القصر‪ ،‬فبصر به ابنه القاسم ابن حبيب وهو يومئذ قد راهق‪ ،‬فاقبل مع الفارس ال يفارق‪RR‬ه‪ ،‬كّلم‪RR‬ا دخ‪RR‬ل‬
‫القصر دخل معه وإذا خرج خرج معه‪ ،‬فارتاب به فقال‪ :‬مال‪R‬ك ي‪R‬ا ب‪R‬نّي تتبع‪RR‬ني؟ ق‪R‬ال‪ :‬ال ش‪RR‬يء‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬بلى ي‪R‬ا ب‪R‬نّي‬
‫أخبرني‪ ،‬قال له‪ :‬اّن هذا الرأس الذي معك رأس أبي أفتعطينيه حتى أدفنه‪ .‬قال يا بنّي ال يرض‪RR‬ى االم‪RR‬ير أن ي‪RR‬دفن‪،‬‬
‫وأنا أريد أن يثيبني االمير على قتله ثوابا حسنا‪ ،‬قال له الغالم‪ :‬لكّن هّللا ال يثيبك على ذلك إاّل أسوأ الثواب‪ ،‬أما وهّللا‬
‫لقد قتلت خيرا منك وبكى‪ ،‬فمكث الغالم حّتى إذا أدرك لم يكن له ِهّم ة إاّل أّتباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غ‪ّRR‬رة فيقتل‪RR‬ه‬
‫بأبيه‪ ،‬فلّم ا ك‪R‬ان زم‪R‬ان مص‪R‬عب بن الزب‪R‬ير‪ ،‬وغ‪R‬زا مص‪R‬عب ب‪R‬اُجميرا؛ دخ‪R‬ل عس‪R‬كر مص‪R‬عب‪ ،‬فإذا قات‪R‬ل أبي‪R‬ه في‬
‫فسطاطه‪ ،‬فأقبل في طلبه والتماس غّرته‪ ،‬فدخل عليه وهو قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتى برد‪.‬‬

‫ولّم ا قتل حبيب بن مظاهر‪ ،‬هّد ذلك حسينا‪ ،‬وقال‪ :‬عند هّللا أحتسب نفسي وحماة أصحابي‪ ،‬ق‪R‬ال فأخ‪R‬ذ الح‪ّR‬ر يرتج‪R‬ز‬
‫ويقول‪:‬‬
‫ولن أصاب اليوم إاّل مقبال‬ ‫آليت ال أقتل حتى أقتال‬

‫ال ناكال عنهم وال مهّلال‬ ‫أضربهم بالسيف ضربا مقصال‬

‫وأخذ يقول أيضا‪:‬‬


‫عن خير من حّل مني والخيف‬ ‫أضرب في أعراضهم بالسيف‬

‫فقاتل هو وزهير بن القين قتاال شديدا فكان إذا شّد أحدهما فان استلحم شّد االخر حتى يخّلصه‪ ،‬ففعال ذلك ساعة‪ ،‬ثّم‬
‫اّن رّجالة شّد ت على الحّر بن يزيد فقتل‪ ،‬وقتل أبو ثمامة الصائدي ابن عّم له كان عدوا له‪ ،‬ثّم صّلوا الظهر‪ ،‬صل‬
‫بهم الحسين صالة الخوف‪.‬‬
‫ص‪138:‬‬
‫سعيد الحنفي‪:‬‬

‫ثّم اقتتلوا بعد الظهر فاشتّد قت‪R‬الهم وُوِص َل إلى الحس‪R‬ين فاس‪R‬تقدم الحنفي أمام‪R‬ه فاس‪R‬تهدف لهم يرمون‪R‬ه بالنب‪R‬ل يمينا‬
‫وشماال قائما بين يديه‪َ ،‬فما زال ُيرمى حتى سقط‪ .‬وذكر الخوارزمي اّنه كان يرتجز ويقول‪:‬‬
‫وشيخك الخير عليا ذا الندى‬ ‫أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا‬

‫وعّم ك القرم الهجان االصيدا‬ ‫وحسنا كالبدر وافى االسعدا‬


‫‪198‬‬
‫في جّنة الفردوس تعلو صعدا‬ ‫وحمزة ليث االله االسدا‬

‫زهير بن القين‬
‫وقاتل زهير بن القين قتاال شديدا وأخذ يقول‪:‬‬
‫أذودهم بالسيف عن حسين‬ ‫أنا زهير وأنا ابن القين‬

‫قال‪ :‬وأخذ يضرب على منكب حسين ويقول‪:‬‬


‫فاليوم تلقى جّد ك النبّيا‬ ‫أقدم هديت هاديا مهدّيا‬

‫وذا الجناحين الفتى الكمّيا‬ ‫وحسنا والمرتضى عليا‬

‫وأسد هّللا الشهيد الحّيا‬


‫فشّد عليه كثير بن عبد هّللا الشعبي ومهاجر بن أوس فقتاله‪.‬‬
‫نافع بن هالل الجملي‪:‬‬
‫قال‪ :‬وكان نافع بن هالل الجملي قد كتب اسمه على أفواق نبله‪ ،‬فجعل يرمي بها مسمومة وهو يقول‪ :‬أن‪RR‬ا الجملي‪،‬‬
‫أنا على دين علّي ‪.‬‬
‫وقال الخوارزمي‪ :‬وكان يرمي ويقول‪:‬‬
‫والنفس ال ينفعها اشفاقها‬ ‫أرمي بها معلمة أفواقها‬

‫ص‪139:‬‬
‫لتمالّن أرضها رشاقها‬ ‫مسمومة يجري بها أخفاقها‬

‫ويقول‪:‬‬
‫ابن هالل الجملي‬ ‫أنا على دين علّي‬
‫‪199‬‬
‫تحت عجاج القسطل‬ ‫أضربكم بمنصلي‬

‫فلم يزل يرميهم حّتى فنيت سهامه‪ ،‬ثّم ضرب إلى قائم سيفه فاستّله‪ ،‬وحمل وهو يقول‪:‬‬
‫ديني على دين حسين وعلي‬ ‫أنا الغالم اليمنّي الجملّي‬

‫وذاك رأيي وأالقي عملي‬ ‫إن ُأقتل اليوم فهذا أملي‬

‫‪200‬‬
‫فقتل ثالثة عشر رجال ‪....‬‬
‫قال الطبري‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 198‬مقتل الخوارزمي ‪.20 /2‬‬


‫‪ .)1 ( 199‬مقتل الخوارزمي ‪.15 -14 /2‬‬
‫‪ .)2 ( 200‬مقتل الخوارزمي ‪.21 -20 /2‬‬
‫خرج إليه رجل يقال له مزاحم بن حريث فقال‪ :‬أنا على دين عثمان‪ ،‬فقال له‪ :‬أنت على دين شيطان! ثّم حمل علي‪RR‬ه‬
‫فقتله‪ ،‬فصاح عمرو بن الحّجاج بالناس‪ :‬يا حمقى! أتدرون من تقاتلون؟ فرسان المصر‪ ،‬قوما مستميتين‪ .‬ال ي‪RR‬برزّن‬
‫لهم منكم أحد! فاّنهم قليل‪ ،‬وقّل ما يبقون‪ ،‬وهّللا لو لم ترموهم إاّل بالحجارة لقتلتموهم‪ .‬فقال عم‪R‬ر بن س‪R‬عد‪ :‬صدقت‪،‬‬
‫الرأي ما رأيت‪ .‬وأرسل إلى الناس يعزم عليهم إاّل يبارز رجل منكم رجال منهم‪.‬‬
‫قال‪ :‬ودنا عمرو بن الحّجاج من أصحاب الحسين يقول‪ :‬يا أهل الكوفة الزم‪RR‬وا ط‪RR‬اعتكم وجم‪RR‬اعتكم وال ترت‪RR‬ابوا في‬
‫قتل من مرق من الدين وخالف االمام‪ ،‬فقال له الحسين‪ :‬يا عمرو بن الحّجاج! أعلّي تحّرض الناس؟! أنحن مرقنا‪،‬‬
‫وأنتم ثّبتم عليه؟! أما وهّللا لتعلمّن لو قد قبض‪R‬ت أرواحكم ومّتم على أعم‪R‬الكم‪ ،‬أّينا م‪R‬رق من ال‪R‬دين! ومن هو أولى‬
‫بصلّي النار!‬
‫ص‪140:‬‬
‫وقال الطبري‪ :‬فقتل اثني عشر من أصحاب عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد س‪RR‬وى من ج‪RR‬رح‪ .‬ق‪RR‬ال‪ :‬فُض رب حّتى كس‪RR‬رت عض‪RR‬داه‬
‫وُأخذ أسيرا‪ .‬قال‪ :‬فأخذه شمر بن ذي الجوشن ومعه أصحاب له يسوقون نافعا حتى ُأِتَي به عمر بن س‪R‬عد‪ ،‬فقال ل‪R‬ه‬
‫عمر بن سعد‪ :‬ويحك يا نافع! ما حملك على ما َص نعَت بنفسك!؟ قال‪ :‬اّن ربّي يعلم م‪RR‬ا أردت‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬وال‪RR‬دماء تس‪RR‬يل‬
‫على لحيته وهو يقول‪ :‬وهّللا لقد قتلت منكم اثني عشر سوى من جرحت وما ألوم نفس‪RR‬ي على الجه‪RR‬د‪ ،‬ول‪RR‬و بقيت لي‬
‫عضد وساعد ما أسرتموني‪ ،‬فقال له شمر‪ :‬اقتله أصلحك هّللا ‪ ،‬قال‪ :‬أنت جئت ب‪RR‬ه فإن ش‪RR‬ئت فاقتل‪RR‬ه‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬فانتض‪RR‬ى‬
‫شمر سيفه‪ ،‬فقال له نافع‪ :‬أما وهّللا ان لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى هّللا ب‪RR‬دمائنا‪ ،‬فالحم‪RR‬د هّلل اّل ذي جع‪RR‬ل‬
‫منايانا على يدي شرار خلقه‪ ،‬فقتله‪ .‬قال‪ :‬ثّم أقبل شمر يحمل عليهم وهو يقول‪:‬‬

‫يضربهم بسيفه وال يفّر‬ ‫خّلوا عداة هّللا خّلوا عن شمر‬

‫وهو لكم صاب وسّم ومقّر‬


‫قال فلّم ا رأى أصحاب الحسين انهم قد ُك ِثروا وأنهم ال يقدرون على أن يمنع‪RR‬وا حس‪RR‬ينا وال أنفس‪RR‬هم؛ تنافس‪RR‬وا في أن‬
‫ُيقتلوا بين يديه‪.‬‬
‫الغفاريان‪:‬‬
‫فجاءه عبد هّللا وعبد الرحمن ابنا عزرة الغفارّيان فقاال‪ :‬يا أبا عبد هّللا ! علي‪R‬ك الس‪R‬الم حازن‪R‬ا الع‪R‬دّو إلي‪R‬ك فأحببنا أن‬
‫نقتل بين يديك‪ ،‬نمنعك وندفع عنك‪ ،‬قال‪ :‬مرحبا بكما‪ ،‬ادنوا مّني‪ ،‬فدنوا منه فجعال يقاتالن قريبا منه‪ ،‬أحدهما يقول‪:‬‬
‫وخندف بعد بني نزار‬ ‫علمت حّقا بنو غفار‬

‫بكّل عضب صارم بّتار‬ ‫لنضربّن معشر الفّجار‬

‫ص‪141:‬‬
‫بالمشرفّي والقنا الخّطار‬ ‫يا قوم ذودوا عن بني االحرار‬

‫الجابرّيان وحنظلة‪:‬‬
‫قال‪ :‬وجاء الفتيان الجابرّيان سيف بن الحارث بن سريع‪ ،‬ومالك بن عبد ابن سريع‪ ،‬وهما ابنا عّم وأخوان الّم فأتي‪RR‬ا‬
‫حسينا فدنوا منه وهما يبكيان‪ ،‬فقال‪ :‬أي ابني أخي ما يبكيكما؟! فَو هّللا اني الرجوا أن تكونا عن ساعة قريري عين‪،‬‬
‫قاال‪ :‬جعلنا هّللا فداك‪ ،‬ال وهّللا ما على أنفسنا نبكي‪ ،‬ولكّنا نبكي عليك‪ ،‬نراك قد أحيط بك‪ ،‬وال نقدر على أن نمنع‪RR‬ك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬جزاكما هّللا يا ابني أخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما اّياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين‪.‬‬
‫قال‪ :‬وجاء حنظلة بن أسعد الشبامي فقام بين يدي الحسين فأخذ ينادي‪ :‬يا قوم! اّني أخاف عليكم مثل يوم االحزاب‪،‬‬
‫مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود واّلذين من بعدهم وما هّللا يريد ظلما للعب‪R‬اد‪ ،‬وي‪R‬ا ق‪R‬وم! إّني أخ‪R‬اف عليكم ي‪R‬وم التناد‬
‫يوم توّلون مدبرين مالكم من هّللا من عاصم‪ ،‬ومن يضلل هّللا فما ل‪R‬ه من هاد‪ ،‬ي‪R‬ا ق‪R‬وم ال تقتل‪R‬وا حس‪R‬ينا فُيس‪R‬حتكم هّللا‬
‫بعذاب وقد خاب من افترى‪ ،‬فقال له الحسين‪ :‬يا ابن أسعد! رحمك هّللا أّنهم قد استوجبوا العذاب حين رّد وا عليك ما‬
‫دعوتهم إليه من الحّق ‪ ،‬ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك‪ ،‬فكيف بهم االن وق‪RR‬د قتل‪RR‬وا اخوان‪RR‬ك الص‪RR‬الحين‪ ،‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫صدقت ُجعلت فداك‪ ،‬أنت أفقه مّني وأحّق بذلك‪ ،‬أفال نروح إلى االخ‪RR‬رة ونلح‪RR‬ق باخواننا؟ فقال‪ :‬رح إلى خ‪RR‬ير من‬
‫الدنيا وما فيها‪ ،‬وإلى ملك ال يبلى‪ ،‬فقال‪ :‬السالم عليك يا أبا عبد هّللا ‪ ،‬صّلى هّللا عليك وعلى أهل بيتك‪ ،‬وعّرف بيننا‬
‫وبينك في جّنته‪ ،‬فقال‪ :‬آمين آمين‪ ،‬فاستقدم فقاتل حّتى قتل‪.‬‬
‫ثّم استقدم الفتيان الجابرّيان يلتفتان إلى الحسين ويقوالن‪ :‬الس‪RR‬الم علي‪RR‬ك ي‪RR‬ا ابن رس‪RR‬ول هّللا ‪ ،‬فقال‪ :‬وعليكم‪RR‬ا الس‪RR‬الم‬
‫ورحمة هّللا ‪ ،‬فقاتال حّتى قتال‪.‬‬
‫ص‪142:‬‬
‫عابس بن أبي شبيب وشوذب‪:‬‬

‫قال وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى شاكر‪ ،‬فقال‪ :‬يا شوذب ما في نفس‪RR‬ك أن تص‪RR‬نع؟ ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫ما أصنع؟! أقاتل معك دون ابن بنت رسول هّللا (ص) حّتى ُأقَتَل ‪ ،‬قال‪ :‬ذلك الظّن بك أمال‪ ،‬فتقّد م بين ي‪RR‬دي أبي عب‪RR‬د‬
‫هّللا حّتى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه وحتى أحتسبك أنا‪ ،‬فاّنه لو كان معي الساعة أحد أولى به مّني بك‬
‫لسَّرني أن يتقّد م بين يدّي حتى أحتسبه فاّن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب االجر فيه بكّل ما قدرنا عليه‪ ،‬فاّن ه ال عم‪RR‬ل‬
‫بعد اليوم‪ ،‬وإّنما هو الحساب‪ ،‬قال‪ :‬فتقّد م فسّلم على الحسين ثّم مضى فقاتل حّتى ُقِتَل ‪ ،‬ثّم قال عابس بن أبي ش‪RR‬بيب‪:‬‬
‫يا أبا عبد هّللا أما وهّللا ما أمسى على ظهر االرض قريب وال بعيد أعّز علّي وال أحّب إلّي منك‪ ،‬ولو قدرت على أن‬
‫أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعّز علّي من نفسي ودمي لفعلته‪ ،‬الس‪RR‬الم علي‪R‬ك ي‪R‬ا أب‪R‬ا عب‪R‬د هّللا ‪ ،‬أش‪RR‬هد هّللا أّني على‬
‫هديك وهدي أبيك‪ ،‬ثّم مشى بالسيف مصلتًا نحوهم وبه ضربة على جبينه‪.‬‬
‫وروى عن ربيع بن تميم الهمدانّي وقد شهد ذلك اليوم قال‪ :‬لّم ا رأيته مقباًل عرفته وقد ش‪RR‬اهدته في المغ‪RR‬ازي وك‪RR‬ان‬
‫أشجع الناس فقلت‪ :‬أيها الناس! هذا االسد االسود‪ ،‬هذا ابن أبي شبيب‪ ،‬اليخ‪RR‬رجّن إلي‪RR‬ه أح‪RR‬د منكم‪ .‬فأخ‪RR‬ذ ينادي‪ :‬أاّل‬
‫رجل لرجل! فقال عمر بن سعد‪ :‬ارضخوه بالحج‪R‬ارة‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬فُر ِم َي بالحج‪R‬ارة من ك‪ّR‬ل ج‪R‬انب‪ ،‬فلّم ا رأى ذل‪R‬ك ألقى‬
‫درعه ومغفره‪ ،‬ثّم شّد على الناس فوهّللا لرأيته يكرد أكثر من مائتين من الناس‪ ،‬ثّم أّنهم تعّطفوا عليه من كّل ج‪RR‬انب‬
‫فُقِتل‪ ،‬قال‪ :‬رأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عّد ة‪ ،‬هذا يقول‪ :‬أنا قتلته‪ ،‬وهذا يقول‪ :‬أنا قتلت‪RR‬ه‪ ،‬فأتوا عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد‪،‬‬
‫فقال‪ :‬التختصموا‪ ،‬هذا لم يقتله سنان واحد ففّرق بينهم‪.‬‬
‫ص‪143:‬‬
‫فرار الضّحاك المشرقي‪:‬‬

‫وروى عن عبد هّللا المشرقي‪ ،‬قال‪ :‬لّم ا رأيت أصحاب الحسين قد ُأصيبوا وق‪R‬د ُخ لص إلي‪R‬ه وإلى أهل بيت‪R‬ه ولم يب‪R‬ق‬
‫معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عم‪RR‬رو الحض‪RR‬رمي‪ ،‬قلت ل‪RR‬ه‪ :‬ي‪RR‬ا ابن رس‪RR‬ول هّللا ! ق‪RR‬د‬
‫علمت ما كان بيني وبينك‪ ،‬قلت لك‪ :‬أقاتل عنك ما رأيت مقاتال فإذا لم أر مقاتال فانا في ح‪ّRR‬ل من االنص‪RR‬راف‪ ،‬فقلت‬
‫لي‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪ :‬صدقت وكيف لك بالنجاء؟ ان قدرت على ذلك فأنت في حّل‪ .‬قال‪ :‬فأقبلت إلى فرسي وقد كنت‬
‫حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر أقبلت بها حتى أدخلته‪RR‬ا فس‪RR‬طاطا الصحابنا بين ال‪RR‬بيوت وأقبلت اقات‪RR‬ل معهم راجال‬
‫فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر‪ ،‬وقال لي الحسين يومئذ مرارا‪ :‬ال تشلل‪ ،‬ال يقط‪RR‬ع هّللا ي‪RR‬دك‪،‬‬
‫جزاك هّللا خيرا عن أهل بيت نبّيك (ص) فلّم ا أذن لي استخرجت الف‪RR‬رس من الفس‪RR‬طاط ثّم اس‪RR‬تويت على متنه‪RR‬ا‪ ،‬ثّم‬
‫ضربتها حّتى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم فأفرجوا لي واتبع‪RR‬ني منهم خمس‪RR‬ة عشر رجال حّتى‬
‫انتهيت إلى شفّية‪ ،‬قرية قريبة من ش‪RR‬اطئ الف‪RR‬رات‪ ،‬فلّم ا لحقوني عطفت عليهم فعرفني كث‪RR‬ير بن عب‪RR‬د هّللا الشعبي‬
‫وأيوب بن مشرح الخيواني‪ ،‬وقيس بن عبد هّللا الصائدي وقالوا‪ :‬هذا الضّحاك بن عبد هّللا المشرقي‪ ،‬هذا ابن عّم نا‬
‫ننشدكم هّللا لما كففتم عنه‪ .‬فقال ثالثة نفر من ب‪R‬ني تميم ك‪R‬انوا معهم‪ :‬بلى وهّللا لنجيبّن اخواننا وأهل دعوتنا إلى م‪R‬ا‬
‫أحّبوا من الكّف عن صاحبهم‪ ،‬قال‪ :‬فلّم ا تابع التميميون أصحابي كّف االخرون‪ ،‬قال‪ :‬فنّجاني هّللا ‪.‬‬
‫قال الطبري‪ :‬وكان آخر من بقي مع الحسين من أصحابه سويد بن عمرو ابن أبي المطاع الخثعمي‪.‬‬
‫قال المؤلف‪ :‬إلى هنا أوردنا أخبار تاريخ الطبري في مقتل أصحاب الحسين دون أن نلتزم بسياقه في ت‪RR‬رتيب ذك‪RR‬ر‬
‫الحوادث لما يظهر منه عدم االكتراث‬
‫ص‪144:‬‬
‫بذكر الح‪RR‬وادث كم‪RR‬ا وقعت‪ ،‬ولم يكن ترتيبنا أيض‪RR‬ا بنتيج‪RR‬ة البحث العلمي في غ‪RR‬ير أخب‪RR‬ار الط‪RR‬بري وإّنم‪RR‬ا الحظنا‬
‫القرائن الداّلة في أخباره على الترتيب اّلذي أوردناه وصّرحنا بمصادر االخبار التي أضفناها إلى أخباره‪ ،‬وبم‪RR‬ا أن‬
‫الطبري لم يستوعب في تاريخه جميع أخبار أصحاب الحسين وكان في بعضها مزيد ايضاح لم‪RR‬ا نحن بص‪RR‬دده من‬
‫إدراك سبب استشهاد الحسيٌن فإّنا نورد يسيرا منها في ما يلي‪.‬‬

‫ص‪145:‬‬
‫شهداء آخرون‬
‫عمرو بن خالد‪:‬‬
‫قال الخوارزمي‪ :‬وبرز عمرو بن خالد االزدي وهو يقول‪:‬‬
‫تمضين بالروح وبالريحان‬ ‫اليوم يا نفس إلى الرحمن‬

‫قد كان منك غابر االزمان‬ ‫اليوم تجزين على االحسان‬

‫فاليوم زال ذاك بالغفران‬ ‫ما خط باللوح لدى الدّيان‬

‫والصبر أحظى لك باالمان‬ ‫ال تجزعي فكل حّي فان‬

‫فقاتل حتى قتل‪.‬‬


‫سعد بن حنظلة‪:‬‬
‫ثّم خرج من بعده سعد بن حنظلة التميمي وهو يقول‪:‬‬
‫صبرا عليها لدخول الجّنه‬ ‫صبرا على االسياف واالسّنه‬
‫لمن يريد الفوز ال بالظّنه‬ ‫وحور عين ناعمات هّنه‬

‫وفي طالب الخير فارغبّنه‬ ‫يا نفس للراحة فاطرحّنه‬

‫‪201‬‬
‫ثّم حمل فقاتل قتاال شديدا فقتل‪.‬‬
‫عبد الرحمن بن عبد هّللا اليزني‪:‬‬
‫قال‪ :‬ثّم خرج عبد الرحمن بن عبد هّللا اليزني وهو يقول‪:‬‬
‫ص‪146:‬‬
‫ديني على دين حسين وحسن‬ ‫نا ابن عبد هّللا من آل يزن‬

‫أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن‬ ‫اضربكم ضرب فتى من اليمن‬

‫ثّم حمل فقاتل حّتى قتل‪.‬‬


‫قرة بن أبي قرة‪:‬‬
‫ثّم خرج قّرة بن أبي قّرة الغفاري وهو يقول‪:‬‬
‫وخندف بعد بني نزار‬ ‫قد علمت حقا بنو غفار‬

‫الضربّن معشر الفّجار‬ ‫بأنني الليث الهزبر الضاري‬

‫يشّع لي في ظلمة الغبار‬ ‫بحّد عضب ذكر بّتار‬

‫رهط النبي أحمد المختار‬ ‫دون الهداة السادة االبرار‬

‫ثّم حمل فقاتل حتى قتل‪.‬‬


‫عمر بن مطاع‪:‬‬
‫وبرز عمر بن مطاع الجعفي وهو يقول‪:‬‬
‫وفي يميني مرهف ّقطاع‬ ‫أنا ابن جعفي وأبي مطاع‬

‫يرى له من ضوئه شعاع‬ ‫واسمر سنانه لّم اع‬

‫دون حسين وله الدفاع‬ ‫قد طاب لي في يومي القراع‬

‫‪202‬‬
‫ثّم حمل فقاتل حّتى قتل‬
‫جون مولى أبي ذر‪:‬‬
‫في مثير االحزان واللهوف‪ :‬ثّم تقّد م جون مولى أبي ذّر وك‪R‬ان عب‪R‬دا أس‪R‬ود فقال ل‪R‬ه‪ :‬أنت في اذن مّني فإَّنم‪R‬ا تبعتنا‬
‫طلبا للعافية فال تبتل بطريقنا‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫‪ .)1 ( 201‬مقتل الخوارزمي ‪.14 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 202‬مقتل الخوارزمي ‪.18 -17 /2‬‬
‫ص‪147:‬‬
‫ابن رس‪RR‬ول هّللا ! أن‪RR‬ا في الرخ‪RR‬اء الحس قص‪RR‬اعكم وفي الشدة أخ‪RR‬ذلكم؟ وهّللا اّن ريحي لمنتن‪ ،‬وحس‪RR‬بي لل‪RR‬ئيم ول‪RR‬وني‬
‫السود؛ فتنّفس علّي بالجّنة فيطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيّض وجهي‪ ،‬ال وهّللا ال افارقكم حّتى يختل‪RR‬ط هذا ال‪RR‬دم‬
‫‪203‬‬
‫االسود مع دمائكم‪ ،‬ثّم قاتل حّتى قتل‪.‬‬

‫وفي مقتل الخوارزمي‪ :‬فجعل يقول وهو يحمل عليهم‪:‬‬


‫بالمشرِّفي القاطع المهّند‬ ‫كيف يرى الفجار ضرب االسود‬

‫أذّب عنهم باللسان واليد‬ ‫احمي الخيار من بني محّم د‬

‫‪204‬‬
‫من االله الواحد الموّحد‬ ‫أرجو بذاك الفوز عند المورد‬

‫فقتل خمسة وعشرين وُقِتل‪ ،‬فوقف عليه الحسين وقال‪ :‬الّلهم بّيض وجهه وطِّيب ريحه‪ ،‬واحشره مع محّم د (ص)‪،‬‬
‫وعّرف بينه‬
‫‪205‬‬
‫وبين آل محّم د‪.‬‬
‫أنيس بن معقل‪:‬‬
‫وفي مقتل الخوارزمي‪ :‬ثّم خرج من بعده أنيس بن معقل االصبحي‪ ،‬فجعل يقول‪:‬‬
‫وفي يميني نصل سيف فيصل‬ ‫أنا أنيس وأنا ابن معقل‬

‫حتى أزيل خطبه فينجلي‬ ‫أعلو به الهامات بين القسطل‬

‫ابن رسول هّللا خير مرسل‬ ‫عن الحسين الفاضل المفّضل‬

‫الحجاج بن مسروق‪:‬‬
‫قال‪ :‬وبرز الحّج اج بن مسروق وهو مؤذن الحسين (ع) فجعل يقول‪:‬‬
‫ص‪148:‬‬
‫اليوم نلقى جّد ك النبّيا‬ ‫أقدم حسين هاديا مهديا‬

‫والحسن الخير الرضا الولّيا‬ ‫ثّم أباك ذا العال علّيا‬

‫وأسد هّللا الشهيد الحّيا‬ ‫وذا الجناحين الفتى الكمّيا‬

‫ثّم حمل فقاتل حتى قتل‪.‬‬


‫جنادة بن الحرث‪:‬‬
‫قال‪ :‬وبرز جنادة بن الحرث االنصاري وهو يقول‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 203‬مثير االحزان ‪ ،47‬واللهوف ‪.41‬‬


‫‪ .)2 ( 204‬مقتل الخوارزمي ‪.19 /2‬‬
‫‪ .)3 ( 205‬راجع‪ :‬مقتل العوالم ص ‪.88‬‬
‫لست بخّوار وال بناكث‬ ‫أنا جنادة أنا ابن الحارث‬

‫من فوق شلٍو في الصعيد ماكث‬ ‫عن بيعتي حّتى يقوم وارثي‬

‫فحمل ولم يزل يقاتل حتى قتل‪.‬‬


‫عمرو بن جنادة‪:‬‬
‫ثّم خرج من بعده عمرو بن جنادة وهو ينشد ويقول‪:‬‬
‫في عقره بفوارس االنصار‬ ‫اضق الخناق من ابن هند وارمه‬

‫تحت العجاجة من دم الكّفار‬ ‫ومهاجرين مخضبين رماحهم‬

‫فاليوم تخضب من دم الفّجار‬ ‫خضبت على عهد النبي محّم د‬

‫رفضوا القرآن لنصرة االشرار‬ ‫واليوم تخضب من دماء معاشر‬

‫بالمرهفات وبالقنا الخّطار‬ ‫طلبوا بثأرهم ببدر وانثنوا‬

‫لفاسقين بمرهف بّتار‬ ‫وهّللا رّبي ال أزال مضاربا‬

‫في كل يوم تعانق وحوار‬ ‫هذا علَّي اليوم حّق واجب‬

‫ثّم حمل فقاتل حّتى قتل‪.‬‬


‫غالم يتيم‪:‬‬
‫ثّم خرج من بعده شاٌب قتل أبوه في المعركة‪ ،‬وكانت ُأّم ه عنده‪ ،‬فقالت‪ :‬يا‬
‫ص‪149:‬‬
‫بني اخرج فقاتل بين يدي ابن رسول هّللا حّتى تقتل‪ ،‬فقال‪ :‬أفعل‪ ،‬فخرج فقال الحسين‪ :‬هذا شاب قتل أبوه ولعل اّم ه‬
‫تكره خروجه‪ ،‬فقال الشاب‪ :‬اّم ي أمرتني يا ابن رسول هّللا ‪ .‬فخرج وهو يقول‪:‬‬

‫سرور فؤاد البشير النذير‬ ‫أميري حسين ونعم االمير‬

‫فهل تعلمون له من نظير‬ ‫علّي وفاطمة والداه‬

‫ثّم قاتل فقتل وحَّز رأسه ورمي به إلى عسكر الحسين‪ ،‬فأخذت اّم ه رأسه وقالت له‪ :‬أحسنت يا بنّي ! يا ق‪ّRR‬رة عي‪RR‬ني!‬
‫وسرور قلبي! ثّم رمت برأس ابنها رجال فقتلته وأخذت عمود خيمة وحملت على القوم وهي تقول‪:‬‬
‫بالية خالية نحيفه‬ ‫أنا عجوز في النسا ضعيفه‬

‫دون بني فاطمة الشريفه‬ ‫أضربكم بضربة عنيفه‬

‫‪206‬‬
‫فضربت رجلين فقتلتهما فأمر الحسين (ع) بصرفها ودعا لها‪.‬‬
‫قال الخوارزمي‪ :‬وكان يأتي الحسين الرجل بعد الرجل‪ ،‬فيقول‪ :‬الس‪R‬الم علي‪R‬ك ي‪R‬ا ابن رس‪R‬ول هّللا ‪ .‬فيجيب‪R‬ه الحس‪R‬ين‪:‬‬
‫وعليك السالم ونحن خلفك‪ ،‬ويقرأ‪( :‬فمنهم من قضى نحب‪RR‬ه ومنهم من ينتظ‪RR‬ر وم‪RR‬ا ب‪ّR‬د لوا تب‪RR‬ديال)‪ ،‬ثّم يحم‪RR‬ل فيقت‪RR‬ل!‬
‫‪207‬‬
‫هكذا استمّر القتال حّتى قتلوا عن آخرهم‬
‫ص‪150:‬‬
‫مقتل عترة الرسول‬
‫‪208‬‬
‫وقال‪ :‬لّم ا لم يبق مع الحسين إاّل أهل بيته‪ .‬اجتمعوا ووّد ع بعضهم بعضا وعزموا على الحرب‪.‬‬
‫أّول شهيد من عترة رسول هّللا ‪:‬‬
‫قال الطبري‪ :‬وكان أّو ل قتيل من بني أبي طالب يومئذ علّي االكبر بن الحسين بن علي‪ ،‬وأّم ه ليلى ابنة أبي مّرة بن‬
‫عروة بن مسعود الثقفي‪ 209،‬وكانت أّم ُأِّم ه ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب‪ 210‬ومن هذا اعطي له االمان يوم‪RR‬ذاك‪،‬‬
‫وقالوا له كما ذكره المصعب الزبيري‪« :‬اّن لك قرابة بأمير المؤمنين‪ -‬يعني يزيد ابن معاوية‪ -‬ونريد أن يرعى هذا‬
‫الرحم‪ ،‬فان شئت آمّناك»‪.‬‬
‫‪211‬‬
‫فقال علّي ‪« :‬لقرابة رسول هّللا (ص) أّحق أن ترعى» وحمل وهو يقول ‪....‬‬
‫قال الخوارزمي‪ :‬فلّم ا رآه الحسين رفع شيبته نحو السماء‪ ،‬وقال‪ :‬اللهّم اشهد على هؤالء القوم فقد ب‪R‬رز إليهم غالم‬
‫أشبه الناس َخ ْلقا وُخ ُلقا ومنطقا‬
‫ص‪151:‬‬
‫برسولك محّم د (ص) وكّنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرن‪R‬ا إلى وجه‪R‬ه‪ ،‬اللهّم فامنعهم برك‪R‬ات االرض‪ ،‬وفرقهم‬
‫تفريقا ومّز قهم تمزيقا‪ ،‬واجعلهم طرائق قددا‪ ،‬وال ترض الوالة عنهم أبدا‪ ،‬فاّنهم دعون‪R‬ا لينص‪RR‬رونا‪ ،‬ثّم ع‪RR‬دوا علينا‬
‫يقاتلونا‪.‬‬

‫ثّم صاح بعمر بن سعد‪ :‬ما لَك قطع هّللا رحمك‪ ،‬وال بارك هّللا في أمرك وسّلط عليك من ي‪RR‬ذبحك على فراش‪RR‬ك‪ ،‬كم‪RR‬ا‬
‫قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول هّللا ‪ .‬ثّم رفع صوته وق‪R‬رأ‪ :‬اّن هّللا اصطفى آدم ونوح‪R‬ا وآل إب‪R‬راهيم وآل‬
‫عمران على العالمين ذرّية بعضها من بعض وهّللا سميع عليم‪.‬‬
‫وحمل علي بن الحسين وهو يقول‪:‬‬
‫نحن وبيت هّللا أولى بالنبي‬ ‫أنا علي بن الحسين بن علّي‬

‫‪ .)1 ( 206‬مقتل الخوارزمي ‪.22 -19 /2‬‬


‫‪ .)2 ( 207‬مقتل الخوارزمي ‪.25 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 208‬مقتل الخوارزمي ‪.26 /2‬‬
‫‪ .)2 ( 209‬مقاتل الطالبيين ص ‪ ،80‬وتاريخ الطبري ط‪ .‬أوربا ‪.357 -356 /2‬‬
‫‪ .)3 ( 210‬مقاتل الطالبيين ص ‪ ،80‬ونسب قريش لمصعب ص ‪ ،57‬واالصابة ‪ 178 /4‬ترجمة أبي مرة‪.‬‬
‫‪ .)4 ( 211‬نسب قريش ص ‪.57‬‬
‫أطعنكم بالرمح حّتى ينثني‬ ‫وهّللا ال يحكم فينا ابن الدعّي‬

‫ضرب غالم هاشمّي علوّي‬ ‫أضربكم بالسيف حّتى يلتوي‬

‫فلم يزل يقاتل حتى ضّج أهل الكوفة‪ ،‬ثّم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبة! العطش ق‪RR‬د قتل‪RR‬ني‬
‫وثقل الحديد أجهدني‪ ،‬فهل إلى شربة من ماء سبيل أتقّو ى بها على االعداء؟ فبكى الحسين وق‪R‬ال‪ :‬ي‪R‬ا ب‪R‬نّي ع‪ّR‬ز على‬
‫محّم د‪ ،‬وعلى علّي ‪ ،‬وعلى أبيك أن تدعوهم فال يجيبونك وتستغيث بهم فال يغيثونك‪ .‬ودفع إليه خاتمه‪ ،‬وقال له‪ :‬خ‪RR‬ذ‬
‫هذا الخاتم في فيك وارجع إلى قتال عدّوك‪ ،‬فاّني الرج‪RR‬و أن ال تمس‪RR‬ي حّتى يس‪RR‬قيك ج‪ّR‬د ك بكأس‪RR‬ه االوفى ش‪RR‬ربة ال‬
‫تظمأ بعدها أبدا‪ ،‬فرجع علي بن الحسين إلى القتال وحمل وهو يقول‪:‬‬
‫وظهرت من بعدها مصادق‬ ‫الحرب قد بانت لها حقائق‬

‫‪212‬‬
‫جموعكم أو تغمد البوارق‬ ‫وهّللا رّب العرش ال نفارق‬

‫ص‪152:‬‬
‫قال الطبري‪ :‬ففعل ذلك مرارا فبصر به مّرة بن منقذ بن النعمان العبدّي ثّم الليثّي فقال‪ :‬علّي آثام العرب ان مّر بي‬
‫يفعل مث‪R‬ل م‪R‬ا ك‪R‬ان يفع‪R‬ل ان لم أثكل‪R‬ه أب‪R‬اه‪ ،‬فم‪ّR‬ر يشّد على الناس بس‪R‬يفه فاعترض‪R‬ه م‪ّR‬رة بن منقذ فطعنه فص‪R‬رع‬
‫واحتوشه‪ 213‬الناس فقَّطعوه بأسيافهم‪.‬‬

‫وقال الخوارزمي‪ :‬ضربه منقذ بن مّرة العبدي على مفرق رأسه ض‪RR‬ربة صرعه فيه‪RR‬ا‪ ،‬وض‪RR‬ربه الناس بأس‪RR‬يافهم‪،‬‬
‫فاعتنق الفرس فحمله الفرس إلى عسكر عدّوه‪ ،‬فقطعوه بأسيافهم اربا اربا‪ ،‬فلّم ا بلغت روحه ال‪RR‬تراقي ن‪RR‬ادى ب‪RR‬اعلى‬
‫صوته‪ :‬يا أبتاه! هذا جّد ي رسول هّللا قد سقاني بكأسه االوفى شربة ال أظمأ بعدها أبدا وهو يقول ل‪R‬ك‪ :‬العج‪R‬ل فاّن‬
‫‪214‬‬
‫لك كأسا مذخورة‪ ،‬فصاح الحسين ‪....‬‬
‫وروى الطبري‪ :‬عن ُحميد بن مسلم االزدي قال‪ :‬سماع أذني يومئذ من الحسين يقول‪ :‬قتل هّللا قوما قتل‪RR‬وك ي‪RR‬ا ب‪RR‬نّي ‪،‬‬
‫ما أجرأهم على ال‪RR‬رحمن وعلى انته‪RR‬اك حرم‪RR‬ة الرس‪RR‬ول‪ ،‬على ال‪RR‬دنيا بع‪RR‬دك العف‪RR‬اء‪ .‬ق‪RR‬ال‪ :‬وك‪RR‬أّني أنظ‪RR‬ر إلى أم‪RR‬رأة‬
‫خرجت مسرعة كأّنها الشمس الطالعة تنادي‪ :‬يا ُأخّياه ويا ابن أخاه! قال‪ :‬فسألت عنها فقيل‪ :‬هذه زينب أبنة فاطم‪RR‬ة‬
‫بنت رسول هّللا ‪ ،‬فجاءت حّتى أكَّبت عليه‪ ،‬فجاءها الحس‪RR‬ين‪ ،‬فأخ‪RR‬ذ بي‪RR‬دها فرّد ها إلى الفس‪RR‬طاط‪ ،‬وأقب‪RR‬ل الحس‪RR‬ين إلى‬
‫ابنه‪ ،‬وأقبل فتيانه إليه فقال‪ :‬إحملوا أخاكم‪ .‬فحملوه من مصرعه حّتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون‬
‫أمامه‪.‬‬
‫ص‪153:‬‬
‫مقتل آل أبي طالب‪:‬‬

‫عبد هّللا بن مسلم بن عقيل‪:‬‬


‫ثّم برز من بعده عبد هّللا بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب‪ ،215‬وُأّم ه رقّية الكبرى بنت االمام علي (ع)‪ 216‬وهو يقول‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 212‬مقتل الخوارزمي ‪.31 -30 /2‬‬


‫‪ .)1 ( 213‬في الطبري‪ :‬وأحتولُه‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 214‬مقتل الخوارزمي ‪.31 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 215‬ذكره الطبري بعد مقتل علي االكبر ط‪ .‬أوربا ‪.357 /2‬‬
‫‪ .)2 ( 216‬نسب قريش للمصعب الزبيري ص ‪ ،45‬ومقاتل الطالبيين ‪.94‬‬
‫‪217‬‬
‫وفتيًة بادوا على دين النبي‬ ‫اليوم ألقى مسلما وهو أبي‬

‫قال الطبري‪ :‬ثّم إن عمرو بن صبيح الصدائّي رمى عبد هّللا بن مسلم ابن عقيل بسهم فوضع كّفه على جبهت‪RR‬ه يَّتقي‪RR‬ه‬
‫فأصاب السهم كّفه ونفذ إلى جبهته فّسمرها به‪ 218.‬فأخذ ال يستطيع أن يح‪ّRR‬رك كَّفي‪RR‬ه‪ ،‬ثّم انتحى ل‪RR‬ه بس‪RR‬هم آخ‪RR‬ر ففل‪RR‬ق‬
‫قلبه‪ ،‬قال‪ :‬فاعتورهم الناس من كل جانب‪.‬‬
‫جعفر بن عقيل‪:‬‬
‫قال الخوارزمي وابن شهر آشوب‪ :‬برز جعفر بن عقيل بن أبي طالب وهو يقول‪:‬‬
‫من معشر في هاشم من غالِب‬ ‫أنا الغالم االبطحُّي الطالبي‬

‫هذا حسين أطيب االطايِب‬ ‫ونحن حّقا سادة الذوائِب‬

‫‪219‬‬
‫فقاتل حّتى قتل‪ ،‬قتله بشر بن سوط الهمداني‪.‬‬
‫ص‪154:‬‬
‫وقال الطبري‪ :‬ورمى عبد هّللا بن عزرة الخثعمي جعفر بن عقيل بن أبي طالب فقتله‪.‬‬

‫عبد الرحمن بن عقيل‪:‬‬


‫وبرز بعده أخوه عبد الرحمن بن عقيل وهو يرتجز‪:‬‬
‫من هاشم وهاشم إخواني‬ ‫أبي عقيٌل فاعرفوا مكاني‬

‫هذا حسين شامخ البنيان‬ ‫كهول صدٍق سادة االقران‬

‫وسِّيُد الشباب في الجنان‬


‫فقاتل حّتى ُقِتَل ‪ .‬قتله عثمان بن خالد الجهني‪.‬‬
‫وقال الطبري‪ :‬وشّد عثم‪R‬ان بن خال‪R‬د الجه‪R‬ني وبشر بن س‪R‬وط الهم‪R‬داني ثّم القابض‪R‬ي على عب‪R‬د ال‪R‬رحمن بن عقي‪R‬ل‬
‫فقتاله‪.‬‬
‫محمد بن عبد هّللا بن جعفر‪:‬‬
‫قال الخوارزمي وابن شهر آشوب‪ :‬ثّم برز محّم د بن عبد هّللا بن جعفر وهو ينشد‪:‬‬
‫فعال قوم في الردى عميان‬ ‫أشكو إلى هّللا من العدوان‬

‫ومحكم التنزيل والتبيان‬ ‫قد بّد لوا معالم القرآن‬

‫وأظهروا الكفر مع الطغيان‬


‫فقاتل قتاال شديدا حتى ُقِتَل ‪ .‬قتله عامل بن نهشل التميمّي ‪.‬‬

‫‪ .)3 ( 217‬مناقب ابن شهر آشوب ‪ ،220 /2‬ومقتل الخوارزمي ‪.26 /2‬‬
‫‪ .)4 ( 218‬هذه الزيادة في سياق االرشاد ص ‪.223‬‬
‫‪ .)5 ( 219‬نقلنا في مقتل ابني عقيل وابني جعفر بعدهما االراجيز من مقتل الخوارزمي ومناقب ابن شهر آشوب وكان الطبري ق‪R‬د اس‪R‬قط أراج‪R‬يزهم‬
‫من خبر مقتلهم على عادته في حذف االراجيز في أغلب ما يروي من أخبار الحروب‪.‬‬
‫عون بن عبد هّللا بن جعفر‪:‬‬
‫ثّم برز أخوه عون فحمل وهو يقول‪:‬‬
‫شهيد صدٍق في الجنان أزهر‬ ‫إن تنكروني فأنا ابن جعفر‬

‫كفى بهذا شرفا في محشر‬ ‫يطير فيها بجناٍح أخضر‬

‫ص‪155:‬‬
‫‪220‬‬
‫فقاتل حّتى ُقِتَل ‪ .‬قتله عبد هّللا بن قطبة الطائّي ‪.‬‬

‫نجال السبط االكبر‪:‬‬


‫ثّم برز عبد هّللا بن الحسن بن علّي وهو يقول‪:‬‬
‫سبط النبي المصطفى المؤتمن‬ ‫إن تنكروني فأنا فرع الحسن‬

‫بين ُأناٍس ال سقوا صوب المزن‬ ‫هذا حسين كاالسير المرتهن‬

‫‪221‬‬
‫فقاتل حتى ُقِتَل ‪ .‬قتله هاني بن شبيب الحضرمّي ‪.‬‬
‫ثّم برز أخوه القاسم بن الحسن وهو غالم صغير لم يبل‪R‬غ الحلم فلّم ا نظ‪R‬ر إلي‪R‬ه الحس‪RR‬ين اعتنقه وجعال يبكي‪R‬ان‪ ،‬ثّم‬
‫استأذن الغالم للحرب فأبى عّم ه الحسين أن يأذن له‪ ،‬فلم يزل الغالم يقّبل يديه ورجلي‪RR‬ه ويس‪RR‬أله االذن حّتى أذن ل‪RR‬ه‪،‬‬
‫فخرج ودموعه تسيل على خّد يه‪ 222‬عليه ثوب وازار ونعالن فقط وكأّنه فلقه قمر وأنشأ يقول‪:‬‬
‫نحن وبيت هّللا أولى بالنبي‬ ‫إّني أنا القاسم من نسل علّي‬

‫‪223‬‬
‫من شمر ذي الجوشن أو ابن الدعي‬
‫وروى الطبري عن ُحميد بن مسلم‪ ،‬قال‪ :‬خرج إلينا غالم كأن وجهه شّقة قمر في يده السيف‪ ،‬علي‪RR‬ه قميص وإزار‪،‬‬
‫ونعالن قد انقطع شسع أحدهما ما أنسى أّنها اليسرى‪ ،‬فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل االزدي‪ :‬وهّللا الشّدّن‬
‫ص‪156:‬‬
‫عليه‪ ،‬فقلت له‪ :‬سبحان هّللا وما تريد إلى ذلك‪ ،‬يكفي‪R‬ك قتل‪R‬ه هؤالء ال‪R‬ذين ت‪R‬راهم ق‪R‬د احتوش‪RR‬وهم‪ 224‬ق‪R‬ال‪ :‬فقال‪ :‬وهّللا‬
‫الشّدّن عليه‪ ،‬فشّد عليه فما وّلى حّتى ضرب رأسه بالسيف‪ ،‬فوقع الغالم لوجهه‪ ،‬فقال‪ :‬يا عّم اه! قال‪ :‬فجّلى الحسين‬
‫كما يجّلي الصقر‪ ،‬ثّم شّد شّد ة ليث أغضب‪ ،‬فضرب عمرا بالسيف‪ ،‬فاّتقاه بالساعد فأطّنها من لدن المرفق‪ ،‬فص‪RR‬اح‪-‬‬
‫صيحة سمعها أهل العسكر‪ 225-‬ثّم تنحى عنه‪ ،‬وحملت خي‪RR‬ل الهل الكوفة ليس‪RR‬تنقذوا عم‪RR‬را من حس‪RR‬ين‪ ،‬فاس‪RR‬تقبلت‬
‫عمرا بصدورها فحركت حوافرها وج‪RR‬الت الخي‪RR‬ل بفرس‪RR‬انها علي‪RR‬ه‪ ،‬فتوّطأت‪RR‬ه حّتى م‪RR‬ات‪ ،‬وانجلت الغ‪RR‬برة فإذا أن‪RR‬ا‬
‫بالحسين قائم على رأس الغالم‪ ،‬والغالم يفحص برجليه‪ ،‬وحسين يقول‪ :‬بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم ي‪RR‬وم القيام‪RR‬ة‬

‫‪ .)1 ( 220‬مناقب ابن شهر آشوب ‪ ،220 /2‬ومقتل الخوارزمي ‪ ،27 /2‬ويتفق سياق رواية الطبري معهما فيما عدا حذفه الرجزين‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 221‬مناقب ابن شهر آشوب ‪ ،220 /2‬وفي مقتل الخوارزمي ‪ 27 /2‬نسب البيتين إلى القاسم أو عبد هّللا وفي إعالم الورى ص ‪ :213‬وكان عبد‬
‫هّللا بن الحسن قد زوجه الحسين ابنته سكينة فقتل قبل أن يبني بها‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 222‬مقتل الخوارزمي ‪.27 /2‬‬
‫‪ .)4 ( 223‬مناقب ابن شهر آشوب ‪.221 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 224‬في الطبري‪ :‬إحتولهم‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 225‬الطبري ‪ ،359 -358 /2‬وارشاد المفيد ص ‪.223‬‬
‫فيك جّد ك ثّم قال‪ :‬عّز وهّللا على عّم ك‪ ،‬أن ت‪R‬دعوه فال يجيب‪R‬ك‪ ،‬أو يجيب‪R‬ك فال ينفع‪R‬ك‪ .‬صوٌت وهّللا ك‪R‬ثر وات‪R‬ره وق‪ّR‬ل‬
‫ناصره‪ .‬ثّم احتمله فكأّني أنظر إلى رجلي الغالم يخّطان في االرض وقد وض‪R‬ع حس‪R‬ين صدره على صدره‪ ،‬ق‪R‬ال‪:‬‬
‫فقلت في نفسي‪ :‬ما يصنع به‪ ،‬فجاء ب‪RR‬ه حّتى القاه م‪RR‬ع ابنه علّي ابن الحس‪RR‬ين وقتلى ق‪RR‬د قتلت حول‪RR‬ه من أهل بيت‪RR‬ه‪،‬‬
‫فسألت عن الغالم فقيل‪ :‬هو القاسم بن الحسن بن علّي بن أبي طالب‪.‬‬

‫ص‪157:‬‬
‫‪226‬‬
‫مقتل إخوة الحسين‬
‫أبو بكر بن علي (ع)‪:‬‬
‫ثّم تقدم اخوة الحسين (ع) عازمين على أن ُيقتلوا من دونه‪ ،‬فأّول من تقّد م منهم أبو بك‪R‬ر بن علي‪ ،‬واس‪R‬مه عب‪R‬د هّللا ‪،‬‬
‫وُأّم ه ليلى بنت‬
‫مسعود بن خالد ابن ربعي بن مسلم بن جندل بن نهشل بن دارم التميمّية‪ ،‬فبرز أبو بكر وهو يقول‪:‬‬
‫من هاشم الصدق الكريم المفضل‬ ‫شيخي علّي ذو الفخار االطول‬

‫نذود عنه بالحسام الفيصل‬ ‫هذا الحسين ابن النبّي المرسل‬

‫يا رّب فامنحني الثواب المجزل‬ ‫تفديه نفسي من أخ مبّجل‬

‫فحمل زحر بن قيس النخعي فقتله‪.‬‬


‫عمر بن علي (ع)‪:‬‬
‫ثّم خرج من بعد أبي بكر بن علي‪ ،‬أخوه عمر بن علي‪ ،‬فحمل وهو يقول‪:‬‬
‫ذاك الشقّي بالنبي قد كفر‬ ‫أضربكم وال أرى فيكم زحر‬

‫من عمرلعّلك اليوم تبوء بسقر‬ ‫يا زحر يا زحر تدان‬

‫فاّنك الجاحد يا شّر البشر‬ ‫شّر مكان في حريق وسعر‬

‫ثّم قصد قاتل أخيه فقتله‪ ،‬وجعل يضرب بسيفه ضربا منكرا ويقول في حمالته‪:‬‬
‫ص‪158:‬‬
‫خّلوا عن الّليث العبوس المكفهّر‬ ‫خّلوا عداة هّللا خّلوا عن عمر‬

‫وليس يغدو كالجبان المنجحر‬ ‫يضربكم بسيفه وال يفر‬

‫ولم يزل ُيقاتل حّتى ُقِتل‪.‬‬


‫عثمان بن علي (ع)‪:‬‬
‫ثّم خرج من بعده عثمان بن علي واّم ه أّم البنين بنت حزام بن خالد‪ ،‬من بني كالب وهو يقول‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 226‬إلى آخر هذا الفصل أوردناه بلفظ الخوارزمي ‪.29 -28 /2‬‬
‫شيخي علُّي ذو الفعال الطاهر‬ ‫إّني أنا عثمان ذو المفاخر‬

‫ما بين كّل غائب وحاضر‬ ‫صنو النبّي ذو الرشاد السائر‬

‫ثّم قاتل حّتى قتل‪.‬‬


‫جعفر بن علي (ع)‪:‬‬
‫ثّم خرج أخوه جعفر بن علي وأّم ه أّم البنين أيضا فحمل وهو يقول‪:‬‬
‫نجل علّي الخير ذو النوال‬ ‫إّني أنا جعفر ذو المعالي‬

‫وبالحسام الواضح الصّقال‬ ‫أحمي حسينا بالقنا العّسال‬

‫ثّم قاتل حّتى قتل‪.‬‬


‫عبد هّللا بن علي (ع)‪:‬‬
‫ثّم خرج من بعده أخوه عبد هّللا بن علي‪ ،‬وأّم ه ُأّم البنين أيضا‪ ،‬فحمل وهو يقول‪:‬‬
‫ذاك علّي الخير في الفعال‬ ‫أنا ابن ذي النجدة واالفضال‬

‫وكاشف الخطوب واالهوال‬ ‫سيف رسول هّللا ذو النكال‬

‫‪227‬‬
‫فحمل وقاتل حّتى ُقتل‪.‬‬
‫ص‪159:‬‬
‫وروى الطبري عن حميد بن مسلم قال‪ :‬سمعت الحسين يومئذ وهو يقول‪ :‬اللهّم أمسك عنهم قط‪RR‬ر الس‪RR‬ماء‪ ،‬وامنعهم‬
‫بركات االرض‪ ،‬اللهّم فان متعتهم إلى حين ففّرقهم فرقا واجعلهم طرائ‪RR‬ق ق‪RR‬ددا وال ت‪RR‬رض عنهم ال‪RR‬والة أب‪RR‬دا‪ .‬فانهم‬
‫دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا‪ ،‬قال‪ :‬وضارب الرّجالة حّتى انكشفوا عنه‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬ولّم ا بقي الحس‪RR‬ين في ثالثة‬
‫رهط أو أربعة‪ ،‬دعا بسراويل محّققة يلم‪RR‬ع فيه‪RR‬ا البص‪R‬ر يم‪RR‬انّي محّق ق فف‪RR‬رزه ونكث‪R‬ه لكي ال يس‪RR‬لبه فقال ل‪R‬ه بعض‬
‫أصحابه‪ :‬لو لبست تحته ُتّبانا‪ .‬قال ذلك ثوب مذّلة وال ينبغي لي أن ألبسه قال‪ :‬فلّم ا قت‪RR‬ل أقب‪RR‬ل بح‪RR‬ر بن كعب فس‪RR‬لبه‬
‫اّياه فتركه مجّردا‪.‬‬

‫قال أب‪RR‬و محنف‪ :‬فح‪ّR‬د ثني عم‪RR‬رو بن ش‪RR‬عيب عن محّم د بن عب‪RR‬د ال‪RR‬رحمن أّن ي‪RR‬دي بح‪RR‬ر بن كعب كانت‪RR‬ا في الشتاء‬
‫ينضحان الماء وفي الصيف ييبسان كأّنهما عود‪.‬‬
‫مقتل العباس ابن أمير المؤمنين (ع)‪:‬‬
‫في مقاتل الطالبِّيين‪ :‬كان رجال وسيما جميال ي‪R‬ركب الف‪RR‬رس المطّهم ورجاله تّخ ط‪R‬ان في االرض‪ ،‬وك‪RR‬ان يقال ل‪R‬ه‪:‬‬
‫قمر بني هاشم‪ ،‬وكان لواء الحسين معه ي‪R‬وم قت‪R‬ل‪ ،‬وهو أك‪RR‬بر ول‪R‬د أّم الب‪R‬نين‪ ،‬وهو آخ‪R‬ر من قت‪R‬ل من إخوت‪R‬ه الّم ه‬
‫‪228‬‬
‫وأبيه‪.‬‬
‫وفي مقتل الخوارزمي‪ :‬ثّم خرج العباس وهو السّقاء فحمل وهو يقول‪:‬‬
‫‪ .)1 ( 227‬ذكر الطبري ومن تبعه خبر مقتل إخوة الحسين( ع) بايجاز‪ ،‬وفي مناقب ابن شهر آشوب ذكر ارجاز إخوة العّباس اُل ّم ه‪ .‬وما ذكرناه هنا‬
‫نقلناه من مقتل الخوارزمي ‪ 29 -28 /2‬وبلفظه‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 228‬مقاتل الطالبيين ص ‪.84‬‬
‫وبالحجون صادقا وزمزم‬ ‫أقسمت باهّلل االعّز االعظم‬

‫ليخضبّن اليوم جسمي بدمي‬ ‫وبالحطيم والفنا المحّرم‬

‫‪229‬‬
‫إمام أهل الفضل والتكرم‬ ‫دون الحسين ذي الفخار االقدم‬

‫ص‪160:‬‬
‫وفي االرشاد ومثير االحزان والله‪RR‬وف‪ 230:‬واش‪RR‬تّد العطش بالحس‪RR‬ين (ع) فركب المس‪ّR‬ناة يري‪RR‬د الف‪RR‬رات وبين يدي‪RR‬ه‬
‫العباس أخوه فاعترضه خيل ابن سعد‪.‬‬

‫وفي مناقب ابن شهر آشوب‪ :‬مضى يطلب الماء فحملوا عليه وحمل عليهم وهو يقول‪:‬‬
‫حّتى أوارى في المصاليت لقا‬ ‫ال أرهب الموت إذا الموت رقى‬

‫إّني أنا العّباس أغدو بالسقا‬ ‫نفسي لنفس المصطفى الطهر وقا‬

‫وال أخاف الشّر يوم الملتقى‬


‫ففّرقهم فكمن له زيد بن الورقاء الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي فضربه على يمينه فأخ‪RR‬ذ‬
‫السيف بشماله وحمل عليه وهو يرتجز‪:‬‬
‫أّني أحامي أبدا عن ديني‬ ‫وهّللا ان قطعتُم يميني‬

‫نجل النبِّي الطاهر االمين‬ ‫وعن إماٍم صادق اليقين‬

‫فقاتل حّتى ضعف‪ ،‬فكمن له حكيم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة فضربه على شماله‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫وأبشري برحمة الجّبار‬ ‫يا نفُس ال تخشي من الكّفار‬

‫قد قطعوا ببغيهم يساري‬ ‫مع النبّي السّيد المختار‬

‫فأصلهم يا رّب حّر النار‬


‫‪231‬‬
‫فقتله الملعون بعمود من حديد‪.‬‬
‫‪232‬‬
‫وفي مقتل الخوارزمي‪ :‬فقال الحسين‪ :‬االن إنكسر ظهري وقّلت حيلتي‪.‬‬
‫ص‪161:‬‬
‫مقتل أطفال آل الرسول (ص)‬
‫قتل الطفل الرضيع‪:‬‬

‫‪ .)2 ( 229‬مقتل الخوارزمي ‪.30 -29 /2‬‬


‫‪ .)1 ( 230‬االرشاد ص ‪ ،24‬وإعالم الورى ص ‪ ،244‬ومثير االحزان ص ‪ ،53‬واللهوف ص ‪.45‬‬
‫‪ .)2 ( 231‬مناقب ابن شهر آشوب ‪.222 -221 /2‬‬
‫‪ .)3 ( 232‬مقتل الخوارزمي ‪.30 /2‬‬
‫في مقتل الخ‪R‬وارزمي وغ‪RR‬يره‪ :‬تقّد م الحس‪RR‬ين إلى ب‪R‬اب الخيم‪RR‬ة وق‪R‬ال‪ :‬ن‪R‬اولوني علّي ا الطف‪RR‬ل حّتى أوّد ع‪RR‬ه‪ ،‬فناولوه‬
‫الصبّي ‪ ،‬فجعل يقّبله ويقول‪ :‬ويل لهؤالء القوم إذ كان خصمهم ج‪ّR‬د ك‪ ،‬فبينا الص‪RR‬بّي في حج‪R‬ره إذ رم‪RR‬اه حرمل‪R‬ة بن‬
‫كاهل االسدي فذبحه في حجره فتّلقى الحسين دمه حّتى امتالت كّفه ثّم رمى به نحو السماء‪ ،‬وقال‪ :‬اللهّم ان حبس‪RR‬ت‬
‫عّنا النصر فاجعل ذلك لما هو خير لنا‪ ،‬وانتقم من هؤالء الظالمين‪ ،‬ثّم نزل الحسين عن فرسه وحفر للص‪RR‬بي بجفن‬
‫‪233‬‬
‫سيفه وزّم له بدمه وصّلى عليه‪.‬‬
‫مقتل طفل آخر للحسين (ع)‪:‬‬
‫قال الطبري‪ :‬ورمى عبد هّللا بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسين بن علّي بسهم فقتله فلذلك يقول الشاعر وهو ابن‬
‫أبي عقب‪:‬‬
‫وفي أسد أخرى تعّد وتذكر‬ ‫وعند غنّي قطرة من دمائنا‬

‫معركة في طريق الفرات‪:‬‬


‫روى الطبري عّم ن شهد الحسين في عسكره‪ ،‬أّن حسينا حين غلب على عسكره‪ ،‬ركب المسّناه‪ ،‬يريد الفرات‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقال رجل من بني أبان بن دارم‪:‬‬
‫ص‪162:‬‬
‫ويلكم حولوا بينه وبين الماء ال تتاّم إليه شيعته‪ ،‬قال‪ :‬وضرب فرس‪RR‬ه واّتبع‪RR‬ه الناس حّتى ح‪RR‬الوا بينه وبين الف‪RR‬رات‬
‫فقال الحسين‪ :‬الّلهم أظمه! قال‪ :‬وينتزع االبانّي بسهم فأثبته في حنك الحسين‪.‬‬

‫وفي رواية‪ :‬فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه‪ -‬وفي رواية في حنكه‪ -‬قال‪ :‬فانتزع الحس‪RR‬ين الس‪RR‬هم ثّم بس‪RR‬ط‬
‫كَّفيه فامتالتا دما فرمى به إلى السماء‪ ،‬ثّم حمد هّللا وأثنى عليه ثّم جمع يديه فقال‪ :‬اللهم اّني أشكو إليك ما ُيفعُل ب‪R‬ابن‬
‫بنت نبّيك‪ ،‬اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا وال تذر على االرض منهم أحدا‪.‬‬
‫وروى الطبري وقال‪ :‬فانتزع الحسين السهم ثّم بسط كَّفيه فامتالتا دما ثّم قال الحسين‪ :‬الّلهم إّني أشكو إليك ما ُيفع‪RR‬ل‬
‫بابن بنت نبّيك قال‪ :‬فَو هّللا ان مكث الرجل إاّل يس‪RR‬يرا حّتى صّب هّللا علي‪R‬ه الظم‪RR‬أ فجع‪RR‬ل ال ي‪R‬روى‪ ،‬ق‪R‬ال القاس‪RR‬م ابن‬
‫االصبغ‪ :‬لقد رأيتني فيمن يرّوح عنه‪ ،‬والماء ُيبَّرُد له فيه السّك ر وعساس فيه‪R‬ا اللبن وقالل فيه‪R‬ا الم‪R‬اء واّن ه ليقول‪:‬‬
‫ويلكم اسقوني قتلني الظمأ فيعطى القّلة أو العّس كان مرويا أهل البيت فيشربه فاذا نزعه من فيه اض‪RR‬طجع الهنيه‪RR‬ة‬
‫ثّم يقول‪ :‬ويلكم اسقوني قتلني الظمأ قال‪ :‬فَو هّللا ما لبث إاّل يسيرا حّتى انقّد بطنه انقداد بطن البعير‪.‬‬
‫مقتل طفل مذعور‪:‬‬
‫روى الطبري عن هانىء بن ثبيت الحضرمّي ‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬كنت مّم ن ش‪R‬هد قت‪R‬ل الحس‪R‬ين‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬فَو هّللا اّني لواق‪R‬ف عاش‪R‬ر‬
‫عشرة ليس منا رجل إاّل على فرس وقد جالت الخيل وتصعصعت؛ إذ خرج غالم من آل الحسين وهو ممسك بعود‬
‫من تلك االبنية عليه أزار وقميص وهو مذعور يتلفت يمينا وشماال فكأني أنظر إلى درتين في أذني‪RR‬ه تذب‪RR‬ذبان كلم‪RR‬ا‬
‫التفت‪ ،‬إذ أقبل رجل يركض حّتى إذا دنا منه مال‬
‫ص‪163:‬‬
‫عن فرسه‪ ،‬ثّم اقتصد الغالم فقطعه بالسيف‪ ،‬قال الراوي‪ :‬هانىء بن ثبيت‪ ،‬هو صاحب الغالم‪ ،‬فلّم ا عتب عليه كّنى‬
‫عن نفسه‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 233‬مقتل الخوارزمي ‪ ،32 /2‬وتاريخ الطبري ط‪ .‬أوربا ‪ ،360 /2‬وابن كثير ‪.188 /8‬‬
‫مقتل غالم لالمام الحسن (ع)‪:‬‬
‫قال الطبري‪ :‬ثّم ان شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرّجالة نحو الحسين فأخذ الحسين يشّد عليهم فينكشفون عنه‪ ،‬ثّم‬
‫اّنهم أحاطوا به إحاطة وأقبل إلى الحسين عبد هّللا بن الحسن‪ 234‬من عند النس‪RR‬اء وهو غالم لم يراهق فأخذت‪RR‬ه أخت‪RR‬ه‬
‫زينب ابنة علي لتحبسه‪ ،‬فقال لها الحسين‪ :‬احبسيه‪ .‬فأبى الغالم وجاء يشتّد إلى الحس‪R‬ين فقام إلى جنب‪R‬ه‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬وق‪R‬د‬
‫أهوى بح‪RR‬ر بن كعب بن عبي‪RR‬د هّللا من ب‪RR‬ني تيم هّللا ابن ثعلب‪RR‬ة بن عكاب‪RR‬ة إلى الحس‪RR‬ين بالس‪RR‬يف فقال الغالم‪ :‬ي‪RR‬ا ابن‬
‫الخبيثة! أتقتل عّم ي؟! فضربه بالسيف فاتقاه الغالم بيده‪ ،‬فأطّنها إلى الجلدة فإذا ي‪RR‬ده معّلقة فنادى الغالم ي‪RR‬ا أمت‪RR‬اه!‬
‫فأخذه الحسين فضّم ه إلى صدره وقال‪ :‬يا ابن أخي! إصبر على م‪RR‬ا ن‪RR‬زل ب‪RR‬ك‪ ،‬واحتس‪RR‬ب في ذل‪RR‬ك الخ‪RR‬ير‪ ،‬فاّن هّللا‬
‫يلحقك بآبائ‪RR‬ك الص‪RR‬الحين ‪ ...‬برس‪RR‬ول هّللا (ص) وعلي بن أبي ط‪RR‬الب وحم‪RR‬زة وجعف‪RR‬ر والحس‪RR‬ن بن علي صلى هّللا‬
‫عليهم أجمعين!‪.‬‬
‫مقتل الحسين (ع) وسلبه‪:‬‬
‫روى الطبري وقال‪ :‬ومكث الحسين طويال من النهار كّلم‪RR‬ا انتهى إلي‪RR‬ه رج‪RR‬ل من الناس انص‪RR‬رف عنه‪ ،‬وك‪RR‬ره أن‬
‫يتوّلى قتله وعظيم اثمه عليه‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬وإّن رجال يقال ل‪RR‬ه‪ :‬مال‪RR‬ك بن النس‪RR‬ير من ب‪RR‬ني ب‪ّR‬د اء‪ ،‬أت‪RR‬اه فض‪RR‬ربه على رأس‪RR‬ه‬
‫بالسيف وعليه برنس له فقطع البرنس وأصاب السيف رأسه فأدمى رأسه فامتال البرنس دما‬
‫ص‪164:‬‬
‫فقال له الحسين‪ :‬ال أكلت بها وال شربت‪ ،‬وحشرك هّللا مع الظالمين‪ ،‬قال‪ :‬فألقى ذلك البرنس ثّم دعا بقلنسوة فلبس‪RR‬ها‬
‫واعتّم وقد أعيا وبّلد‪ ،‬وجاء الكندي حتى أخذ البرنس وكان من خّز فلما قدم به بعد ذلك على امرأته أّم عبد هّللا ابنة‬
‫الحّر ُأخت حسين بن الحّر البّد ي؛ أقبل يغسل البرنس من الدّم فقالت ل‪RR‬ه امرأت‪RR‬ه‪ :‬أس‪RR‬لب ابن بنت رس‪RR‬ول هّللا (ص)‬
‫‪235‬‬
‫تدخل بيتي؟! أخرجه عّني‪ .‬فذكر أصحابه أّنه لم يزل فقيرا بشّر حّتى مات‪.‬‬

‫رجالة جيش الخالفة تهجم على مخيم ذراري رسول هّللا (ص)‪:‬‬
‫قال أبو مخنف في حديثه‪ :‬ثّم إن شمر بن ذي الجوشن أقبل في نفر نحو من عشرة من رّجالة أهل الكوفة قبل منزل‬
‫الحسين الذي فيه ثقله وعياله فمشى نحوه‪ ،‬فقال الحسين‪ :‬ويلكم ان لم يكن لكم دين وال تخافون يوم المع‪RR‬اد‪ ،‬فكون‪RR‬وا‬
‫في أمر دنياكم أحرارا ذوي أحساب‪ ،‬امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهالكم! فقال ابن ذي الجوشن‪ :‬ذلك لك ي‪RR‬ا‬
‫ابن فاطمة‪ .‬قال‪ :‬وأقدم عليه بالرّجالة منهم أبو الجنوب واسمه عب‪RR‬د ال‪RR‬رحمن الجعفي‪ ،‬والقشعم بن عم‪RR‬رو بن يزي‪RR‬د‬
‫الجعفي‪ ،‬وصالح بن وهب ال‪RR‬يزني‪ ،‬وس‪RR‬نان بن أنس النخعي‪ ،‬وخ‪RR‬ولي بن يزي‪RR‬د االصبحي‪ ،‬فجع‪RR‬ل ش‪RR‬مر بن ذي‬
‫الجوشن يحّرضهم فمّر بأبي الجنوب وهو شاك في السالح فقال له‪ :‬أقدم عليه قال‪ :‬وما يمنع‪R‬ك أن تقدم علي‪R‬ه أنت؟‬
‫وقال له شمر‪ :‬ألي تقول ذا؟ قال‪ :‬وأنت لي تقول ذا؟ فاس‪RR‬تّبا فقال ل‪RR‬ه أب‪RR‬و الجنوب؛ وك‪RR‬ان ش‪RR‬جاعا‪ :‬وهّللا لهممت أن‬
‫‪236‬‬
‫أخضخض السنان في عينك قال‪ :‬فانصرف عنه شمر وقال‪ :‬وهّللا لئن قدرت على أن أضّرك الضّرنك‪.‬‬
‫ص‪165:‬‬
‫آخر قتال الحسين (ع)‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 234‬في الطبري ط‪ .‬أوربا ‪ «:363 /2‬غالم من أهله» والتصحيح من ارشاد المفيد ص ‪.225‬‬
‫‪ .)1 ( 235‬الطبري ‪ 448 /5‬ط‪ .‬دار المعارف بمصر‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ط‪ .‬أوربا ‪.360 -359 /2‬‬
‫‪ .)2 ( 236‬الطبري ‪ 363 -362 /2‬ط‪ .‬أوربا‪.‬‬
‫وروى الطبري عن أبي مخنف عن الحجاج بن عبد هّللا بن عّم ار بن عبد يغوث البارقي أّن ه عتب على عب‪RR‬د هّللا بن‬
‫عّم ار مشهده قتل الحسين فقال عبد هّللا ابن عّم ار‪ :‬اّن لي عند بني هاشم ليدا‪ ،‬قلنا له‪ :‬وما يدك عندهم؟ ق‪RR‬ال‪ :‬حملت‬
‫على حسين بالرمح فانتهيت إليه فّو هّللا لو شئت لطعنته‪ ،‬ثّم انصرفت عنه غير بعيد وقلت‪ :‬ما أصنع بأن أتوّلى قتله؛‬
‫يقتله غيري‪ ،‬قال‪ :‬فشّد عليه رّجالة مّم ن عن يمينه وشماله‪ ،‬فحمل على من عن يمينه حّتى ابذعّروا‪ ،‬وعلى من عن‬
‫شماله حّتى ابذعّروا‪ ،‬وعليه قميص له من خّز وهو معتّم ‪ ،‬قال‪ :‬فَو هّللا ما رأيت مكثورا قّط قد قت‪RR‬ل ول‪RR‬ده وأهل بيت‪RR‬ه‬
‫واصحابه أربط جأشا وال أمضى جنانا منه وال أجرأ مقدما‪ ،‬وهّللا م‪RR‬ا رأيت قبل‪RR‬ه وال بع‪RR‬ده مثل‪RR‬ه ان ك‪RR‬انت الرّجال‪RR‬ة‬
‫لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شّد فيها الذئب‪.‬‬
‫صرخة زينب‪:‬‬
‫قال‪ :‬فَو هّللا اّنه لكذالك إذ خرجت زينب ابنة فاطم‪R‬ة ُأخت‪R‬ه وهي تقول‪ :‬ليت الس‪R‬ماء تط‪R‬ابقت على االرض‪ ،‬وق‪R‬د دن‪R‬ا‬
‫عمر بن سعد من حسين فقالت‪ :‬يا عمر بن سعد! أيقتل أبو عبد هّللا وأنت تنظر إليه؟! قال‪ :‬فك‪RR‬أني أنظ‪RR‬ر إلى دم‪RR‬وع‬
‫‪237‬‬
‫عمر وهي تسيل على خديه ولحيته قال‪ :‬وصرف بوجهه عنها‪.‬‬
‫ص‪166:‬‬
‫‪238‬‬
‫مقتل سبط النبي (ص)‬
‫قال أبو مخنف‪ :‬حّد ثني الصقعب بن الزبير عن ُحميد بن مسلم قال‪ :‬كانت علي‪RR‬ه جب‪RR‬ة من خ‪ّR‬ز ‪ ،‬وك‪RR‬ان معتّم ا وك‪RR‬ان‬
‫مخضوبا بالوسمة قال‪ :‬سمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع يّتقي الرمية ويفترص‬
‫العورة‪ ،‬ويشّد على الخيل وهو يقول‪ :‬أعلى قتلي تح‪RR‬اثون! أم‪RR‬ا وهّللا ال تقتل‪RR‬ون بع‪RR‬دي عب‪RR‬دا من عب‪RR‬اد هّللا هّللا أس‪RR‬خط‬
‫عليكم لقتله مّني! وأيم هّللا اّني الرجو أن يكرمني هّللا بهوانكم ثّم ينتقم لي منكم من حيث ال تشعرون‪ ،‬أما وهّللا ان لو‬
‫قتلتموني لقد ألقى هّللا بأسكم بينكم وسفك دماءكم‪ ،‬ثّم ال يرضى لكم بذلك حّتى يضاعف لكم العذاب االليم‪ ،‬قال‪ :‬ولقد‬
‫مكث طويال من النهار ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا‪ ،‬ولكّنهم كان يّتقي بعضهم ببعض‪ ،‬ويحّب هؤالء أن يكفيهم‬
‫هؤالء قال‪ :‬فنادى شمر في الناس‪ :‬ويحكم ماذا تنظرون بالرجل؟ اقتل‪RR‬وه ثكلتكم ُأّم ه‪RR‬اتكم ق‪RR‬ال‪ :‬فحم‪RR‬ل علي‪RR‬ه من ك‪ّRR‬ل‬
‫جانب فضربت كّفه اليسرى ضربة ضربها شريك التميمي‪ ،‬وضرب على عاتقه‪ ،‬ثّم انص‪RR‬رفوا وهو ينوء ويكب‪RR‬و‪،‬‬
‫قال‪ :‬وحمل عليه في تل‪RR‬ك الح‪RR‬ال س‪RR‬نان بن أنس بن عم‪RR‬رو النخعي فطعنه ب‪RR‬الرمح فوق‪RR‬ع‪ ،‬ثّم ق‪RR‬ال لخ‪RR‬ولّي بن يزي‪RR‬د‬
‫االصبحي احتّز رأسه‪ ،‬فأراد أن يفعل فضعف فأرعد فقال له سنان بن أنس‪ :‬فّت هّللا عضديك وأبان يديك فنزل إليه‬
‫فذبحه واحتّز رأسه ثّم دفعه إلى خولّي بن يزيد وقد ضرب قبل ذلك بالسيوف‪.‬‬
‫ص‪167:‬‬
‫قال أبو مخنف عن جعفر بن محّم د بن علي قال‪ :‬وجد بالحسين (ع) حين قتل ثالث وثالثون طعنة‪ ،‬وأربع وثالثون‬
‫ضربة‪ ،‬قال‪ :‬وجعل سنان بن أنس ال يدنو أحد من الحسين إاّل شّد عليه مخافة أن يغلب على رأس‪RR‬ه حّتى أخ‪RR‬ذ رأس‬
‫الحسين (ع) فدفعه إلى خولّي ‪.‬‬

‫جيش الخالفة يسلب ذراري رسول هّللا (ص)‪:‬‬


‫قال‪ :‬وسلب الحسين ما كان عليه؛ فأخ‪R‬ذ س‪RR‬راويله بح‪R‬ر بن كعب‪ ،‬وأخ‪R‬ذ قيس بن االش‪RR‬عث قطيفت‪R‬ه وك‪RR‬انت من خ‪ّR‬ز‬
‫وكان يسّم ى بعد قيس قطيفة‪ ،‬وأخذ نعليه رجل من بني أود يقال ل‪R‬ه االس‪R‬ود‪ ،‬وأخ‪R‬ذ س‪R‬يفه رج‪R‬ل من ب‪R‬ني نهشل بن‬

‫‪ .)1 ( 237‬الطبري ‪ 365 -364 /2‬ط‪ .‬أوربا‪.‬‬


‫‪ .)1 ( 238‬الطبري ‪ 368 -365 /2‬ط‪ .‬أوربا‪.‬‬
‫دارم فوقع بعد ذلك إلى أهل حبيب بن بديل‪ ،‬قال‪ :‬ومال الناس على الورس والحلل واالب‪RR‬ل وانتهبوها‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬وم‪RR‬ال‬
‫الناس على نساء الحسين وثقله ومتاعه فان كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حّتى تغلب عليه فيذهب به منها‪.‬‬
‫آخر شهيد‪:‬‬
‫وروى عن زهير بن عبد الرحمن الخثعمي‪ ،‬أَّن سويد بن عمرو بن أبي المطاع كان صرع فأثخن فوق‪RR‬ع بين القتلى‬
‫مثخنا فسمعهم يقولون‪ :‬قتل الحسين فوجد افاقة فإذا معه سّك ين وقد ُأخذ سيفه‪ ،‬فقاتلهم بسكينه ساعة ثّم اّنه قتل‪ ،‬قتل‪RR‬ه‬
‫عروة بن بطار التغلبي وزيد بن رقاد الجنبي وكان آخر شهيد‪.‬‬
‫وعن حمي‪RR‬د بن مس‪RR‬لم ق‪RR‬ال‪ :‬انتهيت إلى علّي بن الحس‪RR‬ين بن علي‪ ،‬االصغر‪ 239‬وهو منبس‪RR‬ط على فراش ل‪RR‬ه وهو‬
‫مريض وإذا شمر بن ذي الجوشن في رّجالته يقولون‪ :‬أال نقتل هذا؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬س‪RR‬بحان هّللا أنقت‪RR‬ل الص‪RR‬بيان؟! إّنم‪RR‬ا‬
‫هذا صبّي ‪ .‬قال فما زال ذلك دأبي أدفع عنه كل من جاء حّتى جاء عمر بن سعد‬
‫ص‪168:‬‬
‫فقال‪ :‬أال ال يدخلّن بيت هؤالء النسوة أحد‪ ،‬وال يعرضّن له‪RR‬ذا الغالم الم‪RR‬ريض‪ ،‬ومن أخ‪RR‬ذ من مت‪RR‬اعهم ش‪RR‬يئا فل‪RR‬يرّد ه‬
‫عليه‪ ،‬قال‪ :‬فَو هّللا ما رّد أحد شيئا‪ ،‬قال‪ :‬فقال علي بن الحسين‪ُ :‬ج ِزيَت من رجل خيرا فَو هّللا لقد دفع هّللا عّني بمقالتك‬
‫‪240‬‬
‫شرا‪.‬‬

‫قاتل الحسين يطلب الجائزة‪:‬‬


‫قال‪ :‬فقال الناس لسنان بن أنس‪ :‬قتلت حسين بن علي وابن فاطمه ابنة رسول هّللا ‪ ،‬قتلت أعظم العرب خط‪RR‬را؛ ج‪RR‬اء‬
‫إلى هؤالء يريد أن يزيلهم عن ملكهم‪ ،‬فأت أمراءك فاطلب ثواب‪R‬ك منهم‪ ،‬واّنهم ل‪R‬و عط‪R‬وك بي‪R‬وت أم‪RR‬والهم في قت‪R‬ل‬
‫الحسين كان قليال‪ .‬فأقبل على فرسه وكان شجاعا وكانت به لوثة‪ ،‬فأقبل حتى وقف على باب فسطاط عمر بن سعد‬
‫ثّم نادى بأعلى صوته‪:‬‬
‫أنا قتلت الملك المحّجبا‬ ‫أوقر ركابي فّضة وذهبا‬

‫وخيرهم إذ ينسبون نسبا‬ ‫قتلت خير الناس ُأّم ا وأبا‬

‫فقال عمر بن سعد‪ :‬أشهد إّنك لمجنون ما صححت قّط‪ ،‬أدخلوه علَّي ‪ .‬فلّم ا أدخل حذفه بالقضيب‪ ،‬ثّم قال‪ :‬ي‪RR‬ا مجنون‬
‫أتتكّلم بهذا الكالم! أما وهّللا لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك‪.‬‬
‫نجاة عقبة بن سمعان وأسر المرقع‪:‬‬
‫قال‪ :‬وأخذ عمر بن سعد عقب‪RR‬ة بن س‪RR‬معان‪ ،‬وك‪RR‬ان م‪RR‬ولى للرب‪RR‬اب بنت ام‪RR‬رىء القيس الكلبّي ة‪ ،‬وهي اّم س‪RR‬كينة بنت‬
‫الحسين‪ ،‬فقال له‪ :‬م‪RR‬ا أنت؟ ق‪RR‬ال‪ :‬أن‪RR‬ا عب‪RR‬د ممل‪RR‬وك فخّلى س‪RR‬بيله‪ ،‬فلم ينج منهم أح‪RR‬د غ‪RR‬يره‪ ،‬إاّل ان المرق‪RR‬ع بن ثمام‪RR‬ة‬
‫االسدي كان قد نثر نبله وجثا على ركبتيه فقاتل‪ ،‬فجاءه نفر من قومه فقالوا له‪ :‬أنت‬
‫ص‪169:‬‬
‫‪241‬‬
‫آمن‪ُ ،‬أخرج إلينا‪ ،‬فخرج إليهم فلّم ا قدم بهم عمر بن سعد على ابن زياد وأخبره سّيره إلى الزارة‪.‬‬

‫يوطئون الخيل جسد الحسين (ع)‪:‬‬


‫‪ .)1 ( 239‬لم يكن بعلي االصغر‪ ،‬وكان قد ولد له محمد الباقر يومذاك‪ ،‬بل هو علي االوسط‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 240‬الطبري ‪ 367 /2‬ط‪ .‬أوربا‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 241‬الطبري ‪ 368 /2‬ط‪ .‬أوربا‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثّم إّن عمر بن سعد نادى في أصحابه‪ ،‬من ينت‪R‬دب للحس‪R‬ين ويوطئه فرس‪R‬ه؟ فانت‪R‬دب عشرة‪ ،‬منهم اس‪R‬حاق بن‬
‫حياة الحضرمي وهو الذي سلب قميص الحسين فبرص بع‪RR‬د‪ ،‬وأحبش بن مرثد بن علقم‪RR‬ة بن س‪RR‬المة الحض‪RR‬رمي‪،‬‬
‫فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حّتى رّضوا ظهره وصدره‪ ،‬فبلغ‪RR‬ني أّن أحبش بن مرثد بع‪RR‬د ذل‪R‬ك بزم‪RR‬ان أت‪R‬اه س‪RR‬هم‬
‫‪242‬‬
‫غرب وهو واقف في قتال ففلق قلبه فمات‬
‫ص‪170:‬‬
‫من نعى االمام في المدينة‬
‫أ‪ -‬أم سلمة‪:‬‬
‫في سنن الترمذي‪ ،‬وسير النبالء‪ ،‬والرياض النضرة‪ ،‬وتاريخ ابن كثير‪ ،‬وتاريخ الخميس‪ ،‬وغيرها‪ ،‬واللف‪RR‬ظ لالول‪،‬‬
‫عن سلمى‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫دخلت على أّم س‪RR‬لمة وهي تبكي فقلت‪ :‬م‪RR‬ا يبكي‪RR‬ك؟ ق‪RR‬الت‪ :‬رأيت رس‪RR‬ول هّللا (ص)‪ -‬تع‪RR‬ني في المنام‪ -‬وعلى رأس‪RR‬ه‬
‫‪243‬‬
‫ولحيته التراب فقلت‪ :‬مالَك يا رسول هّللا ؟ قال‪ :‬شهدت قتل الحسين آنفا‪.‬‬
‫وقال اليعقوبي‪ :‬وكان أّول صارخة صرخت في المدينة أّم سلمة زوج رسول هّللا ‪ ،‬كان دفع اليها قارورة فيه‪RR‬ا ترب‪RR‬ة‬
‫وقال لها‪( :‬اّن جبريل أعلمني اّن ُأمتي تقت‪RR‬ل الحس‪RR‬ين) وأعط‪RR‬اني هذه الترب‪RR‬ة‪ ،‬وق‪RR‬ال لي‪( :‬إذا صارت دم‪RR‬ا عبيط‪RR‬ا‬
‫فاعلمي أّن الحسين قد ُقتل)‪ ،‬وكانت عندها‪ ،‬فلّم ا حضر ذلك الوقت جعلت تنظر إلى القارورة في ك‪ّRR‬ل س‪RR‬اعة‪ ،‬فلّم ا‬
‫رأتها قد صارت دما صاحت‪ ،‬واحسيناه! يا ابن رسول هّللا ! وتصارخت النساء في كّل ناحية ح‪RR‬تى ارتفعت المدينة‬
‫‪244‬‬
‫بالرّجة التي ما سمع بمثلها قّط‪.‬‬
‫ص‪171:‬‬
‫ب‪ -‬ابن عباس‪:‬‬

‫في مسند أحمد بن حنبل‪ ،‬وفضائله‪ ،‬والمعجم الكب‪R‬ير للط‪R‬براني‪ ،‬والمس‪RR‬تدرك للح‪R‬اكم والري‪R‬اض النض‪RR‬رة‪ ،‬وغيرها‬
‫واللفظ لالول‪ :‬عن عمار بن أبي عّم ار عن ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬رأيت رسول هّللا (ص) في المنام نصف النهار أش‪RR‬عث‬
‫أغبر‪ ،‬معه قارورة فيها دم‪ ،‬فقلت بأبي وُأمي يا رسول هّللا ما هذا؟ قال‪« :‬هذا دم الحس‪RR‬ين وأصحابه لم أزل ألتقط‪RR‬ه‬
‫‪245‬‬
‫منذ اليوم» قال عّم ار‪ :‬فأحصينا ذلك اليوم فوجدناه قد قتل فيه‪.‬‬
‫وفي تاريخ ابن عساكر وابن كثير‪ :‬عن علي بن زيد بن جدعان قال‪ :‬استيقظ ابن عباس من نومه فاسترجع‪ ،‬وق‪RR‬ال‪:‬‬
‫قتل الحسين وهّللا ! فقال له أصحابه‪ :‬لم ي‪R‬ا ابن عب‪R‬اس؟ فقال‪ :‬رأيت رس‪R‬ول هّللا (ص) ومع‪R‬ه زجاج‪R‬ة من دم‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«أتعلم ما صنعت اّم تي من بعدي؟ قتلوا الحسين! وهذا دمه ودم أصحابه أرفعهما إلى هّللا »‪.‬‬
‫فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه وتلك الساعة‪ ،‬فما لبثوا إاّل أربعة وعشرين يوما حّتى جاءهم الخبر بالمدينة اّن ه قت‪RR‬ل‬
‫‪246‬‬
‫في ذلك اليوم وفي تلك الساعة‪.‬‬

‫‪ .)2 ( 242‬الطبري ‪ 368 /2‬ط‪ .‬أوربا‪.‬‬


‫‪ .)1 ( 243‬سنن الترمذي ‪ ،194 -193 /13‬مستدرك الحاكم ‪ ،19 /4‬وسير النبالء ‪ ،213 /3‬والرياض النضرة ص ‪ ،148‬وتاريخ ابن االثير ‪،38 /3‬‬
‫وابن كثير ‪ ،201 /8‬وتاريخ السيوطي ص ‪ ،208‬وتاريخ ابن عساكر ح ‪ ،726‬وتهذيبه ‪.240 /4‬‬
‫‪ .)2 ( 244‬تاريخ اليعقوبي ‪.248 -247 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 245‬مسند أحمد ‪ 242 /1‬و ‪ ،282‬وفضائل أحمد‪ ،‬الحديث ‪ 20‬و ‪ 22‬و ‪ ،26‬والمعجم للط‪RR‬براني ح ‪ ،56‬ومس‪RR‬تدرك الح‪RR‬اكم ‪ ،398 /4‬وق‪RR‬ال‪:‬‬
‫صحيح على شرط مسلم‪ ،‬وسير النبالء ‪ ،323 /3‬والرياض النضرة ‪ ،148‬ومجمع الزوائد ‪ 193 /9‬و ‪ ،194‬وتذكرة سبط ابن الج‪RR‬وزي ص ‪،152‬‬
‫وتاريخ ابن االثير ‪ ،38 /3‬وابن كثير ‪ 231 /6‬و ‪ ،200 /8‬وقال اسناده قوي‪ ،‬وتاريخ الخميس ‪ ،300 /2‬واالصابة ‪ ،334 /1‬وتاريخ السيوطي ص‬
‫‪ ،208‬وأمالي الشجري ص ‪.160‬‬
‫‪ .)2 ( 246‬تاريخ ابن كثير ‪ ،200 /8‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬الحديث ‪.725 -723‬‬
‫ج‪ -‬ناع ثالث‪:‬‬
‫روى الطبري وغيره واللفظ للطبري‪ ،‬عن عمرو بن عكرمة‪ ،‬قال أصبحنا صبيحة قتل الحسين بالمدينة فإذا م‪RR‬ولى‬
‫لنا يحّد ثنا‪ ،‬قال‪ :‬سمعت‬
‫ص‪172:‬‬
‫البارحة مناديا ينادي وهو يقول‪:‬‬

‫أبشروا بالعذاب والتنكيل‬ ‫أّيها القاتلون جهال حسينا‬

‫من نبّي وملئك وقبيل‬ ‫كّل أهل السماء يدعو عليكم‬

‫وموسى وحامل االنجيل‬ ‫قد لعنتم على لسان ابن داود‬

‫وهناك روايات ُأخرى عن أم سلمة وغيرها أنهم سمعوا نوح الجّن على الحسين وهم يقولون‪:‬‬
‫أبشروا بالعذاب والتنكيل‬ ‫أّيها القاتلون جهال حسينا‬

‫ونبّي ومرسل وقبيل‬ ‫كّل أهل السماء يدعو عليكم‬

‫‪247‬‬
‫وموسى وصاحب االنجيل‬ ‫قد لعنتم على لسان ابن داود‬

‫ص‪173:‬‬
‫ما وقع بعد استشهاد االمام الحسين (ع)‬
‫قتل من أصحاب الحسين (ع) اثنان وسبعون رجال‪ ،‬ودفن الحسين وأصحابه أهل الغاض‪RR‬رية من ب‪RR‬ني أس‪RR‬د بع‪RR‬دما‬
‫قتلوا بيوم‪ ،‬وُقتل من أصحاب عمر بن س‪RR‬عد ثماني‪RR‬ة وثم‪RR‬انون رجال س‪RR‬وى الج‪RR‬رحى‪ ،‬فص‪RR‬لى عليهم عم‪RR‬ر بن س‪RR‬عد‬
‫ودفنهم‪ .‬قال‪ :‬وما هو إاّل أن قتل الحسين فسّرح برأسه من يومه ذلك مع خ‪RR‬ولّي ابن يزي‪RR‬د وُحمي‪RR‬د بن مس‪RR‬لم االزدي‬
‫إلى عبيد هّللا بن زياد‪ ،‬فأقبل به خولّي فأراد القصر فوجد ب‪R‬اب القص‪R‬ر مغلقا فأتى منزل‪R‬ه فوض‪R‬عه تحت اّجان‪R‬ة في‬
‫منزله وله امرأتان امرأة من بني أسد واالخرى من الحضرمّيين يقال لها‪ :‬النّوار ابنة مالك ابن عقرب‪ ،‬وكانت تلك‬
‫الليلة ليلة الحضرمّية‪ ،‬قال هشام‪ :‬فحدثني أبي عن النّوار بنت مالك قالت‪ :‬أقبل خولّي برأس الحسين فوض‪RR‬عه تحت‬
‫اّجانة في الدار ثّم دخل البيت فأوى إلى فراشه فقلت له‪ :‬ما الخبر؟ ما عندك؟! ق‪RR‬ال جئت‪RR‬ك بغ‪RR‬نى ال‪RR‬دهر‪ ،‬هذا رأس‬
‫الحسين معك في الدار! قالت‪ :‬فقلت ويلك! جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رس‪RR‬ول هّللا (ص)؟ ال وهّللا‬
‫ال يجمع رأسي ورأسك بيت أبدا‪ ،‬قالت‪ :‬فقمت من فراشي فخرجت إلى الدار‪ ،‬فدعا االسدّية فأدخلها إلي‪RR‬ه‪ ،‬وجلس‪RR‬ت‬
‫أنظر‪ ،‬قالت‪ :‬فَو هّللا ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من الس‪R‬ماء إلى االّجان‪R‬ة ورأيت ط‪R‬يرا بيض‪R‬ا ترفرف‬
‫حولها قال‪ :‬فلّم ا أصبح غدا بالرأس إلى عبيد هّللا بن زياد وأقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد ثّم أمر حميد بن بك‪RR‬ير‬
‫االحمري فأّذ ن في الناس بالرحيل إلى الكوفة وحمل معه بنات الحسين واخواته‪ ،‬ومن كان معه من الصبيان وعلي‬
‫بن الحسين‬
‫ص‪174:‬‬

‫‪ .)1 ( 247‬تاريخ ابن كثير ‪ ،201 /8‬وراجع سير النبالء ‪ ،214 /3‬وتاريخ السيوطي ص ‪ ،280‬وتاريخ ابن عساكر‪ ،‬الحديث ‪.739 -733‬‬
‫‪248‬‬
‫مريض‪.‬‬

‫وروى الطبري عن ق‪ّR‬ر ة بن قيس التميمي ق‪R‬ال‪ :‬نظ‪R‬رت إلى تل‪R‬ك النس‪R‬وة لّم ا م‪R‬ررن بحس‪R‬ين وأهل‪R‬ه وول‪R‬ده صحن‬
‫ولطمن وجوههّن ‪ ....‬قال‪ :‬فما نسيت من االشياء ال أنسى قول زينب ابنة فاطمة حين مّرت بأخيها الحسين صريعا‬
‫وهي تقول‪ :‬ي‪R‬ا محّم داه ي‪R‬ا محّم داه!‪ ،‬صّلى علي‪R‬ك مالئك‪R‬ة الس‪R‬ماء‪ ،‬هذا حس‪R‬ين ب‪R‬العراء‪ ،‬مرّم ل بال‪ّR‬د ماء‪ ،‬مقّط ع‬
‫االعضاء‪ ،‬يا محّم داه! وبناتك سبايا‪ ،‬وذّرّيتك مقّتلة تسفي عليها الص‪RR‬با‪ .‬ق‪RR‬ال‪ :‬فأبكت وهّللا ك‪ّRR‬ل ع‪RR‬دّو وصديق ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫وقطف رؤوس الباقين فسّرح باثنين وسبعين رأسا مع شمر بن ذي الجوشن قيس بن االش‪RR‬عث وعم‪RR‬رو بن الحج‪RR‬اج‬
‫‪249‬‬
‫وعزرة بن قيس فأقبلوا حّتى قدموا بها على عبيد هّللا بن زياد‪.‬‬
‫ص‪175:‬‬
‫رؤوس الشهداء يتقاسمها القتلة من جيش الخالفة‬
‫وروى الطبري عن أبي مخنف‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬ولّم ا ُقت‪R‬ل الحس‪R‬ين بن علي (ع) جيء ب‪R‬رؤوس من ُقت‪R‬ل مع‪R‬ه من أهل بيت‪R‬ه‬
‫وشيعته وأنصاره إلى عبيد هّللا بن زي‪RR‬اد‪ ،‬فج‪RR‬اءت كندة بثالثة عشر رأس‪RR‬ا وصاحبهم قيس بن االش‪RR‬عث‪ ،‬وج‪RR‬اءت‬
‫هوازن بعشرين رأسا وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن‪ ،‬وجاءت تميم بس‪R‬بعة عشر رأس‪R‬ا‪ ،‬وج‪R‬اءت بنو أس‪R‬د بس‪R‬تة‬
‫أرؤس‪ ،‬وجاءت مذحج بسبعة أرؤس‪ ،‬وجاء سائر الجيش بسبعة أرؤس‪ ،‬فذلك س‪RR‬بعون رأس‪RR‬ا ق‪RR‬ال‪ :‬وقت‪RR‬ل الحس‪RR‬ين‬
‫واّم ه فاطمة بنت رسول هّللا (ص) قتله س‪R‬نان بن أنس النخعي ثّم االصبحي‪ ،‬وج‪R‬اء برأس‪R‬ه خ‪R‬ولّي بن يزي‪R‬د‪ ،‬وقت‪R‬ل‬
‫العّباس بن علي بن أبي طالب وأّم ه أّم البنين ابنة حزام بن خال‪RR‬د بن ربيع‪RR‬ة بن الوحي‪RR‬د‪ ،‬قتل‪RR‬ه زي‪RR‬د بن رق‪RR‬اد الجنبي‬
‫وحكيم بن الطفيل السنبسي‪ ،‬وقتل جعفر بن علي بن أبي طالب وأّم ه أّم البنين أيضا‪ ،‬وقتل عب‪RR‬د هّللا بن علّي بن أبي‬
‫طالب وُأّم ه ُأّم البنين أيضا‪ ،‬وُقتل عثمان بن علي بن أبي طالب وأّم ه أم الب‪RR‬نين أيض‪RR‬ا رم‪RR‬اه خ‪RR‬ولي بن يزي‪RR‬د بس‪RR‬هم‬
‫فقتله‪ ،‬وُقتل محمد بن علي بن أبي طالب وأّم ه أّم ولد‪ ،‬قتله رجل من بني أبان بن دارم‪ ،‬وُقت‪RR‬ل أب‪RR‬و بك‪RR‬ر بن علي بن‬
‫أبي طالب وأّم ه ليلى ابنة مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل بن نهشل بن دارم‪ ،‬وق‪RR‬د ش‪RR‬رك في‬
‫قتله‪ ،‬وُقتل علّي بن الحسين بن علي وأّم ه ليلى ابنة أبي مرة ابن ع‪RR‬روة بن مس‪RR‬عود بن معتب الثقفي وأّم ه‪RR‬ا ميمون‪RR‬ة‬
‫ابنة أبي سفيان بن حرب قتله مّرة بن منقذ بن النعمان العبدي‪ ،‬وقتل عبد هّللا بن الحسين بن علي وأّم ه الرب‪RR‬اب ابنة‬
‫امرىء القيس بن عدّي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم من‬
‫ص‪176:‬‬
‫كلب‪ ،‬قتله هانىء بن ثبيت الحضرمي‪ ،‬واستصغر علي بن الحسين بن علّي فلم ُيْقَتْل ‪ 250،‬وُقتل أب‪RR‬و بك‪RR‬ر بن الحس‪RR‬ن‬
‫بن علّي بن أبي طالب وُأُّم ه ُأُّم ولد قتله عبد هّللا ابن عقبة الغنوّي‪ ،‬وُقتل عبد هّللا بن الحس‪RR‬ين بن علّي بن أبي ط‪RR‬الب‬
‫وُأُّم ه ُأُّم ولد‪ ،‬قتله حرملة بن كاهل رماه بسهم‪ ،‬وُقتل القاسم بن الحسن بن علّي وُأُّم ه ُأُّم ولد‪ ،‬قتله سعد بن عم‪RR‬رو بن‬
‫نفيل االزدي‪ ،‬وُقتل عون بن عبد هّللا بن جعفر ابن أبي طالب وُأُّم ه ّجمانة ابنة المسيب بن نجبة بن ربيعة بن ري‪RR‬اح‬
‫من بني فزارة قتله عبد هّللا بن قطب‪RR‬ة الط‪RR‬ائي ثّم النبه‪RR‬اني‪ ،‬وُقت‪RR‬ل محّم د بن عب‪RR‬د هّللا بن جعف‪RR‬ر بن أبي ط‪RR‬الب وُأُّم ه‬
‫الخوصاء ابنة خصفة بن ثقيف بن ربيعة بن عائذ بن الحارث ابن تيم هّللا بن ثعلبة من بكر بن وائل‪ ،‬قتله ع‪RR‬امر بن‬
‫نهشل التيمي‪ ،‬وُقتل جعفر بن عقي‪R‬ل بن أبي ط‪R‬الب وُأُّم ه ُأُّم الب‪R‬نين ابنة الشقر بن الهض‪RR‬اب‪ ،‬قتل‪R‬ه بشر ابن ح‪R‬وط‬
‫الهمداني‪ ،‬وُقتل عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب وُأُّم ه ُأُّم ولد رماه عمرو بن صبيح الصدائي فقتله‪ ،‬وُقتل مس‪RR‬لم‬

‫‪ .)1 ( 248‬الطبري ‪ 369 -368 /2‬ط‪ .‬أوربا‪.‬‬


‫‪ .)2 ( 249‬الطبري ‪ 370 /2‬ط‪ .‬أوربا‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 250‬لم يكن صغيرا بل كان مريضا فلم يقتل وكان له من االوالد محمد الباقر كما ذكرناه‪.‬‬
‫بن عقيل بن أبي طالب وُأُّم ه ُأُّم ولد بالكوفة‪ ،‬وُقتل عبد هّللا بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب وُأُّم ه رقّية ابنة علي ابن‬
‫أبي طالب وُأُّم ها ُأُّم ولد قتله عمرو بن صبيح الصدائي‪ ،‬وقيل قتله أسيد بن مال‪RR‬ك الحض‪RR‬رمي‪ ،‬وُقت‪RR‬ل محّم د بن أبي‬
‫سعيد بن عقيل‪ ،‬وُأُّم ه ُأُّم ولد قتله لقيط ابن ياسر الجهني‪ ،‬واستصغر الحس‪RR‬ن بن الحس‪RR‬ن بن علي‪ ،‬وُأُّم ه خول‪RR‬ة ابنة‬
‫منظور ابن رّيان بن سّيار الفزاري‪ ،‬واستصغر عمرو بن الحسن بن علّي فترك فلم يقت‪RR‬ل وُأُّم ه ُأُّم ول‪RR‬د‪ ،‬وُقت‪RR‬ل من‬
‫الموالي سليمان مولى الحسين بن علي قتل‪RR‬ه س‪RR‬ليمان بن ع‪RR‬وف الحض‪RR‬رمي‪ ،‬وُقت‪RR‬ل منجح م‪RR‬ولى الحس‪RR‬ين بن علي‪،‬‬
‫‪251‬‬
‫وُقتل عبد هّللا بن ُيقطُر؛ رضيع الحسين بن علّي ‪.‬‬

‫ص‪177:‬‬
‫جيش الخالفة يسوق حرم الرسول إلى الكوفة‬
‫في فتوح ابن أعثم ومقتل الخوارزمي وغيرهما‪ ،‬قالوا‪ :‬وساق القوم ح‪RR‬رم رس‪RR‬ول هّللا (ص) كم‪RR‬ا تس‪RR‬اق االس‪RR‬ارى‪،‬‬
‫حّتى إذا بلغ‪R‬وا بهم الكوفة خ‪R‬رج الناس ينظ‪R‬رون اليهم‪ ،‬وجعل‪R‬وا يبك‪R‬ون ويتوّجع‪R‬ون‪ ،‬وعلي بن الحس‪R‬ين م‪R‬ريض‪،‬‬
‫مغلول مكّبل بالحديد‪ ،‬قد نهكته العّلة‪ ،‬فقال‪ :‬أال إّن هؤالء يبك‪RR‬ون ويتوّجع‪RR‬ون من أجلنا‪ ،‬فمن قتلنا إذن؟ (فأش‪RR‬رفت‬
‫امرأة من الكوفة وق‪R‬الت‪ :‬من أّي االس‪R‬ارى أنتّن ؟ فقلن‪ :‬نحن أس‪RR‬ارى آل محّم د (ص) فنزلت وجمعت مالء وأزرا‬
‫‪252‬‬
‫ومقانع وأعطتهّن )‪.‬‬
‫خطبة زينب (ع)‪:‬‬
‫وقال بشير بن حذيم االسدي‪ :‬نظرُت إلى زينب بنت علي يومئذ‪ -‬ولم أر خفرة قّط انطق منها كأّنما تنطق عن لسان‬
‫أمير المؤم‪R‬نين علي بن أبي ط‪R‬الب (ع) وتف‪R‬رغ عنه‪ -‬وأوم‪R‬أت إلى الناس أن اس‪R‬كتوا فارت‪ّR‬د ت االنف‪R‬اس‪ ،‬وس‪R‬كنت‬
‫االجراس‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫«الحمد هّلل ‪ ،‬والصالة على أبي محّم د رسول هّللا وعلى آله الطّيبين االخيار آل هّللا وبع‪RR‬د! ي‪R‬ا أهل الكوفة! وي‪R‬ا أهل‬
‫الختل‪ ،‬والخذل‪ ،‬والغدر! أتبكون؟ فال رقأت الدمعة وال هدأت الرّنة‪ ،‬اّنما مثلكم كمثل ال‪R‬تي نقض‪RR‬ت غزله‪RR‬ا من بع‪RR‬د‬
‫قّوة أنكاثا‪ .‬تتخذون أيمانكم دخال بينكم! أال وهل فيكم إاّل الصلف‪،‬‬
‫ص‪178:‬‬
‫والطنف‪ ،‬والشنف‪ 253،‬وملق االماء وغمز االعداء‪ ،‬أو كمرعى على دمنة‪ ،‬أو كقصة‪ 254‬على ملح‪RR‬ودة‪ ،‬أال س‪RR‬اء م‪RR‬ا‬
‫ق‪RR‬دمت لكم أنفس‪RR‬كم أن س‪RR‬خط هّللا عليكم وفي الع‪RR‬ذاب أنتم خال‪RR‬دون‪ ،‬أتبك‪RR‬ون وتنتحب‪RR‬ون؟! إي وهّللا فابكوا كث‪RR‬يرا‬
‫واضحكوا قليال‪ ،‬فلقد ذهبتم بعارها وشنارها‪ ،‬ولن ترحضوها بغسل بعدها أب‪RR‬دا‪ ،‬وأنى ترحض‪RR‬ون قت‪RR‬ل س‪RR‬ليل خ‪RR‬اتم‬
‫االنبياء وسّيد شباب أهل الجّنة ومالذ خيرتكم ومفزع نازلتكم‪ ،‬ومنار حّجتكم ومدره‪ 255‬السنتكم أال ساء م‪RR‬ا ت‪RR‬زرون‬
‫وبعدا لكم وسحقا‪ ،‬فلقد خاب السعي وتبت االيدي‪ ،‬وخسرت الصفقة وب‪RR‬ؤتم بغض‪RR‬ب من هّللا ‪ ،‬وض‪RR‬ربت عليكم الذّل ة‬
‫والمسكنة‪.‬‬

‫ويلكم يا أهل الكوفة!‬

‫‪ .)2 ( 251‬الطبري ‪ ،270 -269 /6‬ط‪ .‬االولى المطبعة الحسينية المصرية‪ ،‬وطبعة تصحيح محمد أبو الفضل إبراهيم ‪ ،469 -468 /5‬وط‪ .‬أوربا ‪/2‬‬
‫‪.288 -287‬‬
‫‪ .)1 ( 252‬ما بين القوسين في مثير االحزان ص ‪ ،66‬ثّم رجعنا إلى رواية ابن أعثم‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 253‬االّو ل الوقاحة والثاني فساد االخالق والثالث الكراهة‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 254‬وهي الجص‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 255‬كمنبر‪ ،‬المقدم من اللسان‪.‬‬
‫أتدرون أّي كبد لرسول هّللا فريتم؟ وأّي دم له سفكتم؟ وأّي كريمة له أبرزتم؟ وأّي حريم له أصبتم؟ واّي حرم‪R‬ة ل‪R‬ه‬
‫انتهكتم؟ لقد جئتم شيئا إّد ا‪ ،‬تكاد السموات يتفّطرن منه‪ ،‬وتنشُق االرض منه‪ ،‬وتخ‪ّR‬ر الجب‪R‬ال هّد ا‪ ،‬اّن م‪RR‬ا جئتم به‪RR‬ا‬
‫لصلعاء‪ ،‬وعنقاء س‪RR‬وءاء فقم‪RR‬اء خرق‪RR‬اء ش‪RR‬وهاء‪ ،‬كطالع االرض ومالء الس‪RR‬ماء‪ .‬أفعجبتم أن قط‪RR‬رت الس‪RR‬ماء دم‪RR‬ا؟‬
‫ولعذاب االخرة أشّد وأخزى وأنتم ال تنصرون‪ ،‬فال يستخّفّنكم المهل‪ ،‬فاّنه ع ‪ّR‬ز وج‪ّRR‬ل ال يحف‪RR‬زه الب‪RR‬دار‪ ،‬وال يخ‪RR‬اف‬
‫فوت الثار‪ ،‬كاّل اّن ربكم لبالمرصاد»‪.‬‬
‫قال بشير‪ :‬فَو هّللا لقد رأيت الناس يومئذ حيارى‪ ،‬كأّنهم كانوا سكارى‪ ،‬يبكون ويحزنون‪ ،‬ويتفّجعون ويتأّسفون‪ ،‬وق‪RR‬د‬
‫وضعوا أيديهم في أفواههم‪ .‬قال‪ :‬ونظرت إلى شيخ من أهل الكوفة ك‪RR‬ان واقف‪RR‬ا إلى جنبي‪ ،‬ق‪RR‬د بكى حّتى اخض‪َّR‬لت‬
‫لحيته بدموعه وهو يقول‪ :‬صدقِت بأبي وأّم ي‪ ،‬كهولكم خير الكهول‪،‬‬
‫ص‪179:‬‬
‫‪256‬‬
‫وشّبانكم خير الشّبان‪ ،‬ونساؤكم خير النسوان‪ ،‬ونسلكم خير نسل ال يخزى وال يبزى‪.‬‬

‫خطبة فاطمة ابنة الحسين (ع)‪:‬‬


‫وفي مثير االحزان واللهوف‪ :‬وخطبت فاطمة الصغرى فقالت‪ :‬الحمد هّلل عدد الرمل والحص‪RR‬ى‪ ،‬وزن‪RR‬ة الع‪RR‬رش إلى‬
‫الثرى‪ ،‬أحمده وأومن به وأتوّك ل عليه‪ ،‬وأشهد أن ال إله إاّل هّللا وأّن محّم دا عب‪RR‬ده ورس‪RR‬وله وأّن أوالده ذبح‪RR‬وا بشّط‬
‫الفرات من غير ذحل وال ترات‪ .‬اللهّم إّني أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب أو أن أقول خالف م‪RR‬ا أن‪RR‬زلت علي‪RR‬ه من‬
‫أخذ العهود لوصّيه علي بن أبي طالب‪ ،‬المقتول‪ -‬كما ُقتل ولده باالمس‪ -‬في بيت من بي‪R‬وت هّللا ‪ ،‬في‪R‬ه معشر مس‪RR‬لمة‬
‫بألس‪R‬نتهم‪ ،‬تعس‪R‬ا لرؤوس‪R‬هم م‪R‬ا دفعت عنه ض‪R‬يما في حيات‪R‬ه وبع‪R‬د وفات‪R‬ه‪ ،‬حّتى قبض‪R‬ته الي‪R‬ك محم‪R‬ود النقيب‪R‬ة طّيب‬
‫العريكة‪ ،‬معروف المناقب مشهور المذاهب‪ ،‬لم تأخذه فيك لومة الئم‪ ،‬زاهدا في الدنيا‪ ،‬ومجاهدا في سبيلك‪ ،‬فهديت‪RR‬ه‬
‫إلى صراطك المستقيم‪.‬‬
‫أّم ا بعد يا أهل الكوفة! يا أهل المكر والغدر والخيالء! فأّنا أهل بيت ابتالنا هّللا بكم وابتالكم بنا؛ فجعل بالءنا حس‪RR‬نا‬
‫وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا‪ ،‬فنحن عيبة علمه‪ ،‬أكرمنا بكرامته‪ ،‬وفّضلنا بمحّم د نبّي ه صّلى هّللا علي‪RR‬ه وآل‪RR‬ه على‬
‫كثير ّم من خلق تفضيال فكّذ بتمونا ورأيتم قتالنا حالال وأموالنا نهبا‪ ،‬كأّنا أوالد ت‪RR‬رك أو كاب‪RR‬ل‪ ،‬فال ت‪RR‬دعوّنكم أنفس‪RR‬كم‬
‫إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا‪ ،‬ونالت أيديكم من أموالنا‪ ،‬فكأّن العذاب قد حّل بكم‪ ،‬وأتت نقمات‪ ،‬أال لعنة هّللا على‬
‫الظالمين‪ ،‬تّبا لكم يا أهل الكوفة! أّي ترات لرسول هّللا صّلى هّللا عليه ِقَبَلُك م وذحول له لديكم بم‪RR‬ا عندتم بأخي‪RR‬ه علي‬
‫بن أبي طالب جدي وبنيه وعترته‬
‫ص‪180:‬‬
‫وافتخر بذلك مفتخركم فقال‪:‬‬

‫بسيوف هندّية ورماح‬ ‫نحن قتلنا علّيا وبني علّي‬

‫ونطحناهم فأّي نطاح‬ ‫وسبينا نساءهم سبي ترك‬

‫بفيك الكثكث واالثلب‪ ،‬افتخرت بقتل قوم زّك اهم هّللا في كتابه وطهرهم وأذهب عنهم الرجس فَأْقِع كم‪RR‬ا أقعى أب‪RR‬وك‪،‬‬
‫واّنما لكل امرىء ما اكتسب‪ ،‬أحسدتمونا على ما فّضلنا هّللا تعالى به؟ ذلك فضل هّللا يؤتيه من يشاء ومن لم يجع‪RR‬ل‬

‫‪ .)1 ( 256‬تاريخ ابن أعثم ‪ 226 -221 /5‬ومقتل الخوارزمي ‪ ،42 -40 /2‬وال يبزى‪ :‬ال يقهر‪.‬‬
‫هّللا له نورا فما له من نور‪ .‬فض‪ّRR‬ج الموض‪RR‬ع بالبك‪RR‬اء والح‪RR‬نين وق‪RR‬الوا‪ :‬حس‪RR‬بك ي‪RR‬ا ابنة الطّي بين فقد أح‪RR‬رقِت قلوبنا‬
‫وأضرمِت أجوافنا فسكتت‪.‬‬
‫خطبة أم كلثوم‪:‬‬
‫وقال‪ :‬وخطبت أّم كلثوم بنت علي (ع) وقد غلب عليها البكاء فقالت‪ :‬يا أهل الكوفة‪ ،‬سوءة لكم! ما لكم خذلتم حسينا‬
‫وقتلتم‪RR‬وه‪ ،‬وانتهبتم أموال‪RR‬ه وس‪RR‬بيتم نس‪RR‬اءه ونكبتم‪RR‬وه؟! فّتب‪RR‬ا لكم وس‪RR‬حقا‪ .‬ويلكم أت‪RR‬درون أّي دواه دهتكم! وأّي دم‪RR‬اء‬
‫سفكتموها! وأّي كريمة أصبتموها! وأّي أموال انتهبتموها! قتلتم خير رجاالت بعد النبي صّلى علي‪RR‬ه وآل‪RR‬ه! أال أّن‬
‫حزب هّللا هم الفائزون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثّم قالت‪:‬‬
‫ستجزون نارا حّرها يتوّقد‬ ‫قتلتم أخي صبرا فويل الّم كم‬

‫وحّرمها القرآن ثّم محمد‬ ‫سفكتم دماء حرم هّللا سفكها‬

‫لفي سقر حّقا يقينا تخلدوا‬ ‫أال فابشروا بالنار إنكم غدا‬

‫على خير من بعد النبي سيولد‬ ‫واّني البكي في حياتي على أخي‬

‫على الخّد مني ذايبا ليس يجمد‬ ‫بدمع غزير مستهّل مكفكف‬

‫‪257‬‬
‫فضّج الناس بالبكاء والنوح‪.‬‬
‫ص‪181:‬‬
‫آل رسول هّللا (ص) في دار االمارة‬
‫روى الطبري بسنده‪ ،‬عن ُحميد بن مسلم‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬دع‪R‬اني عم‪R‬ر بن س‪R‬عد فس‪R‬رحني إلى أهل‪R‬ه البّش رهم بفتح هّللا علي‪R‬ه‬
‫وبعافيته‪ ،‬فأقبلت حّتى أتيت أهله فأعلمتهم ذلك‪ ،‬ثّم أقبلت حّتى أدخل فأجد ابن زياد قد جلس للناس‪ ،‬وأج‪RR‬د الوفد ق‪RR‬د‬
‫قدموا عليه فأدخلهم وأذن للناس فدخلت فيمن دخل‪ ،‬فإذا برأس الحسين موضوع بين يديه‪ ،‬وإذا هو ينكت بقض‪RR‬يب‬
‫بين ثنّيتيه ساعة‪ ،‬فلّم ا رآه زيد بن أرقم ال ينجم عن نكته بالقضيب‪ ،‬قال له‪ :‬أعل به‪RR‬ذا القض‪RR‬يب عن هاتين الثنّي تين‬
‫فَو اّلذي ال إله غيره‪ ،‬لقد رأيت شفتي رسول هّللا (ص) على هاتين الشفتين يقّبلهما‪ ،‬ثّم انفض‪R‬ح الشيخ يبكي فقال ل‪R‬ه‬
‫ابن زياد‪ :‬أبكى هّللا عينيك فَو هّللا لوال أّنك شيخ قد خرفت وذهب عقل‪RR‬ك لض‪RR‬ربت عنقك‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬فنهض فخ‪RR‬رج‪ ،‬فلّم ا‬
‫خرج سمعت الناس يقولون‪ :‬وهّللا لقد قال زيد بن أرقم قوال لو سمعه ابن زي‪R‬اد لقتل‪R‬ه فقلت‪ :‬م‪RR‬ا ق‪R‬ال؟ ق‪R‬الوا‪ :‬م‪ّRR‬ر بنا‬
‫وهو يقول؛ مّلك عبد عبدا فاّتخذهم ُتلدا‪ .‬أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطم‪RR‬ة وأّم رتم ابن مرجان‪RR‬ة‬
‫فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم فرضيتم بالذّل فبعدا لمن رضي بالذّل‪ ،‬قال‪ :‬فّلما دخ‪RR‬ل ب‪RR‬رأس حس‪RR‬ين وصبيانه‬
‫وأخوانه ونسائه على عبيد هّللا بن زياد لبست زينب ابنة فاطمة أرذل ثيابها وتنّك رت وحّفت بها اماؤها‪ ،‬فلّم ا دخلت‬
‫جلست فقال عبيد هّللا بن زياد‪ :‬من هذه الجالسة؟ فلم تكّلمه‪ ،‬فقال ذلك ثالثا‪ ،‬ك‪ّR‬ل ذل‪R‬ك ال تكّلم‪R‬ه‪ ،‬فقال بعض امائه‪R‬ا‪:‬‬
‫هذه زينب ابنة فاطمة قال‪ :‬فقال لها عبيد هّللا ‪ :‬الحم‪R‬د هّلل ال‪R‬ذي فض‪R‬حكم وقتلكم وأك‪R‬ذب اح‪R‬دوثتكم‪ .‬فقالت‪ :‬الحم‪R‬د هّلل‬
‫الذي أكرمنا بمحّم د (ص) وطّهرنا تطهيرا‪ ،‬ال‬
‫ص‪182:‬‬

‫‪ .)1 ( 257‬مثير االحزان ‪ ،69 -66‬واللهوف‪ ،‬وابن شهر آشوب في المناقب‪.‬‬


‫كما تقول أنت‪ ،‬اّنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر‪ ،‬قال‪ :‬فكيف رأيت صنع هّللا بأهل بيتك؟ ق‪R‬الت‪ :‬كتب عليهم القت‪R‬ل‬
‫فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع هّللا بينك وبينهم فتحاّجون إليه وتخاصمون عنده‪ .‬قال‪ :‬فغضب ابن زياد واستشاط‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقال له عمرو بن حريث‪ :‬أصلح هّللا االمير اّنما هي امرأة وهل تؤاخذ المرأة بشيء من منطقها؟ اّنها ال تؤاخذ‬
‫بقول وال تالم على خطل‪ ،‬فقال لها ابن زياد‪ :‬قد أشفى هّللا نفسي من طاغيتك والعصاة المردة من أهل بيت‪RR‬ك! ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫فبكت‪ ،‬ثّم ق‪R‬الت‪ :‬لعم‪RR‬ري لقد قتلت كهلي‪ ،‬وأب‪R‬رت أهلي‪ ،‬وقطعت فرعي‪ ،‬واجتثثت أصلي‪ ،‬فان يشفك هذا‪ ،‬فقد‬
‫اشتفيت‪ ،‬فقال لها عبيد هّللا ‪ :‬هذه سّجاعة! قد لعمري كان أبوك شاعرا س‪ّRR‬جاعا! ق‪RR‬الت‪ :‬م‪RR‬ا للم‪RR‬رأة والس‪RR‬جاعة ان لي‬
‫عن السجاعة‪ 258‬لشغال ولكِّني نفثى ما أقول‪.‬‬

‫وروى عن ُحميد بن مسلم قال‪ :‬اّني لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه علي بن الحسين‪ ،‬فقال له‪ :‬ما اسمك؟ قال‪:‬‬
‫أنا علّي بن الحسين‪ ،‬قال‪ :‬أو لم يقتل هّللا علّي بن الحسين؟ فسكت‪ .‬فقال له ابن زياد‪ :‬ما لَك ال تتكّلم؟ قال‪ :‬قد كان لي‬
‫أخ يقال له أيضا علّي فقتلته الناس‪ .‬قال‪ :‬اّن هّللا قد قتله‪ .‬قال‪ :‬فسكت علّي ‪ .‬فقال ل‪RR‬ه‪ :‬مال‪َRR‬ك ال تتكّلم؟ ق‪RR‬ال‪ :‬هّللا يت‪RR‬وّفى‬
‫االنفس حين موتها وما كان لنفس أن تموت إاّل ب‪R‬اذن هّللا ‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬أنت وهّللا منهم (ويح‪R‬ك انظ‪R‬روا هل أدرك وهّللا اّني‬
‫الحسبه رجال)‪ 259‬قال‪ :‬فكشف عنه ُم ِّرُّي بن معاذ االحمري فقال‪ :‬نعم‬
‫ص‪183:‬‬
‫قد أدرك‪ .‬فقال ُأقُتلُه‪ .‬فقال علّي بن الحسين‪ :‬من توّك ل بهؤالء النسوة؟ وتعّلقت ب‪RR‬ه زينب عّم ت‪RR‬ه فقالت‪ :‬ي‪RR‬ا ابن زي‪RR‬اد‬
‫حسبك مّنا أما رويت من دمائنا؟ وهل أبقيت مّنا أحدا؟ قال‪ :‬فاعتنقته فقالت‪ :‬أسألك باهّلل ان كنت مؤمنا إْن قتلت‪RR‬ه لّم ا‬
‫قتلتني معه‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬ون‪R‬اداه علّي فقال‪ :‬ي‪R‬ا ابن زي‪R‬اد إن ك‪R‬انت بينك وبينهم قراب‪R‬ة فابعث معهّن رجال تقّي ا يص‪R‬حبهّن‬
‫بصحبة االسالم قال‪ :‬فنظر اليها ساعة ثّم نظر إلى القوم فقال‪ :‬عجبا للرحم وهّللا اّني الظّنها وّد ت ل‪RR‬و أِّني قتلت‪RR‬ه أّني‬
‫قتلتها معه‪ .‬دعوا الغالم‪ .‬انطلق مع نسائك‪.‬‬

‫قال ُحميد بن مسلم‪ :‬لّم ا دخل عبيد هّللا القصر ودخل الناس نودي الصالة جامعة؛ فاجتمع الناس في المسجد االعظم‬
‫فصعد المنبر ابن زياد فقال‪ :‬الحمد هّلل الذي أظهر الحق وأهل‪RR‬ه‪ ،‬ونص‪RR‬ر أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين يزي‪RR‬د بن معاوي‪RR‬ة وحزب‪RR‬ه‪،‬‬
‫وقتل الكّذ اب الحسين بن علّي وشيعته فلم يف‪RR‬رغ ابن زي‪R‬اد من مقالت‪R‬ه حّتى وثب إلي‪R‬ه عب‪R‬د هّللا بن عفي‪R‬ف االزدي ثّم‬
‫الغامدي ثّم أحد بني والبة‪ -‬وكان من شيعة علّي كّرم هّللا وجهه وكانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل مع علّي فلّم ا‬
‫كان يوم صّفين ضرب على رأسه ضربة واخرى على حاجبه فذهبت عينه االخرى‪ ،‬فكان ال يك‪RR‬اد يف‪RR‬ارق المس‪RR‬جد‬
‫االعظم يصّلي فيه إلى الليل ثّم ينصرف‪ -‬قال‪ :‬فلّم ا سمع مقالة ابن زياد قال‪ :‬يا ابن مرجانة! اّن الكّذ اب ابن الكّذ اب‬
‫أنت وأبوك والذي واّل ك وأبوه! يا ابن مرجانة! أتقتلون أبناء النبّيين وتكّلمون بكالم الصّد يقين! فقال ابن زياد‪ :‬علّي‬
‫به‪ .‬قال‪ :‬فوثبت عليه الجالوزة فأخذوه قال‪ :‬فنادى بشعار االزد‪ :‬يا مبرور! قال‪ :‬وعبد ال‪RR‬رحمن بن مخنف االزدي‬
‫جالس‪ ،‬فقال‪ :‬ويح غيرك! أهلكت نفسك وأهلكت قومك‪ ،‬قال‪ :‬وحاضر الكوفة يومئذ من االزد سبعمائة مقاتل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فوثب إليه فتية من االزد‪ ،‬فانتزعوه فأتوا به أهله‪ ،‬فأرسل إليه من أت‪RR‬اه ب‪RR‬ه فقتل‪RR‬ه‪ ،‬فأمر بص‪RR‬لبه في الس‪RR‬بخة فص‪RR‬لب‬
‫هناك‪.‬‬
‫ص‪184:‬‬

‫‪ .)1 ( 258‬السجع‪ :‬الكالم المقفى أو مواالة الكالم على روي واحد‪ ،‬وقد يطلق الّسجع على الكالم المسجع وسجع الخطيب سجعا نطق بكالم له فواصل‬
‫فهو سجاع وسجاعة بتشديد الجيم وهذا ما أراده ابن زياد في قوله وأجابته زينب بأن لها ما يشغلها عن س‪RR‬جع الكالم وم‪RR‬ا ج‪RR‬اء في النس‪RR‬خة( الشجاع‬
‫والشجاعة) تحريف‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 259‬ان علي بن الحسين السجاد كان قد ولد له محمد الباقر( ع) يومذاك‪ ،‬ومع هذا ال يستقيم هذا القول وهذه الجمل‪RR‬ة زي‪RR‬ادة في الرواي‪RR‬ة لم ت‪RR‬رد‬
‫ضمن رواية الطبرسي في إعالم الورى‪.‬‬
‫رأس االمام يدار في سكك الكوفة‪:‬‬

‫قال أبو مخنف‪ :‬ثّم إن عبيد هّللا بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة فجعل يدار به في الكوفة‪.‬‬
‫ص‪185:‬‬
‫اخبار مدينة الرسول (ص) بقتل سبط الرسول (ع)‬
‫وروى الطبري بسنده عن عوانة بن الحكم قال‪ :‬لّم ا قتل عبيد هّللا بن زياد الحسين بن علي‪ ،‬وجيء برأسه إليه‪ ،‬دعا‬
‫عبد الملك بن أبي الحارث السلمي فقال‪ :‬انطلق حّتى تقدم المدينة على عم‪RR‬رو بن س‪RR‬عيد بن الع‪RR‬اص‪ ،‬فبّش ره بقت‪R‬ل‬
‫الحسين‪ ،‬وكان عمرو بن سعيد بن العاص أم‪RR‬ير المدينة يومئذ‪ .‬ق‪RR‬ال‪ :‬فذهب ليعت‪RR‬ل ل‪RR‬ه فزج‪RR‬ره وك‪RR‬ان عبي‪RR‬د هّللا ال‬
‫يصطلى بناره‪ ،‬فقال‪ :‬انطلق حّتى تأتي المدينة وال يس‪RR‬بقك الخ‪RR‬بر‪ ،‬وأعط‪RR‬اه دن‪RR‬انير وق‪RR‬ال‪ :‬ال تعت‪ّRR‬ل وان ق‪RR‬امت ب‪RR‬ك‬
‫راحلتك فاكتر راحلة قال عبد الملك‪ :‬فقدمت المدينة فلقي‪RR‬ني رج‪RR‬ل من ق‪RR‬ريش فقال‪ :‬م‪RR‬ا الخ‪RR‬بر؟ فقلت‪ :‬الخ‪RR‬بر عند‬
‫االمير‪ .‬فقال‪ :‬أّنا هّلل وإّنا إليه راجعون‪ ،‬قتل الحسين بن علي‪ ،‬قال‪ :‬فدخلت على عم‪R‬رو بن س‪R‬عيد فقال‪ :‬م‪R‬ا وراءك؟‬
‫فقلت‪ :‬ما َس َّر االمير‪ ،‬قتل الحسين بن علي‪ ،‬فقال‪ :‬ناد بقتله‪ ،‬فناديت بقتله‪ ،‬فلم أسمع وهّللا واعية قّط مثل واعي‪RR‬ة نس ‪ِR‬أ‬
‫بني هاشم في دورهّن على الحسين! فقال عمرو بن سعيد وضحك‪:‬‬
‫كعجيج نسوتنا غداة االرنب‬ ‫عّجت نساء بني زياد عّجة‬

‫واالرنب وقعة كانت لبني زبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب من رهط عبد الم‪RR‬دان وهذا ال‪RR‬بيت لعم‪RR‬رو‬
‫بن معدي كرب ثّم قال عمرو‪ :‬هذه واعية بواعية عثمان بن عّفان‪ ،‬ثّم صعد المنبر فأعلم الناس قتله‪.‬‬
‫وفي االغاني‪ :‬أمر عمرو صاحب شرطته على المدينة بعد خروج الحسين‬
‫ص‪186:‬‬
‫‪260‬‬
‫ان يهدم دور بني هاشم ففعل وبلغ منهم كّل مبلغ‪.‬‬

‫وروى الطبري بسنده وقال‪ :‬لّم ا بلغ عب‪RR‬د هّللا بن جعف‪RR‬ر بن أبي ط‪RR‬الب مقت‪RR‬ل ابني‪RR‬ه م‪RR‬ع الحس‪RR‬ين‪ ،‬دخ‪RR‬ل علي‪RR‬ه بعض‬
‫مواليه والناس يعّز ونه قال‪ -:‬وال أظّن مواله ذلك إاّل أبا اللسالس‪-‬؛ فقال‪ :‬هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين‪ .‬قال‪:‬‬
‫فحذفه عبد هّللا بن جعفر بنعله‪ ،‬ثّم قال‪ :‬يا ابن اللخناء! أللحس‪RR‬ين تقول هذا؟! وهّللا ل‪RR‬و ش‪RR‬هدته الحببت أن ال ُأفارق‪RR‬ه‬
‫حتى ُأقتل معه‪ ،‬وهّللا اّنه لّم ما يسخي بنفسي عنهما‪ ،‬ويهون علّي المص‪RR‬اب بهم‪RR‬ا‪ ،‬أّنهم‪RR‬ا ُأصيبا م‪RR‬ع أخي وابن عّم ي‬
‫بمصرع الحسين‪ .‬إاّل يكن آست حسينا يدي فقد آساه ولدي قال‪ :‬ولّم ا أتى أهل المدينة مقت‪RR‬ل الحس‪RR‬ين خ‪RR‬رجت ابنة‬
‫عقيل بن أبي طالب ومعها نساؤها وهي حاسرة تلوى بثوبها وهي تقول‪:‬‬
‫ماذا فعلتم وأنتم آخر االمم‬ ‫ماذا تقولون إن قال النبّي لكم‬

‫منهم أسارى ومنهم ُضِّرجوا بدم‬ ‫بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي‬

‫دفن أجساد آل الرسول وأنصارهم‪:‬‬


‫وفي أثبات الوصّية للمسعودي‪ :‬أقبل زين العابدين في اليوم الثالث عشر من المحّرم لدفن أبي‪RR‬ه‪ 261.‬وق‪RR‬ال المفي‪RR‬د في‬
‫االرشاد‪ :‬لّم ا رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد ك‪RR‬انوا ن‪RR‬زوال بالغاض‪RR‬رّية إلى الحس‪RR‬ين واصحابه فص‪ّR‬لوا عليهم‬

‫‪ .)1 ( 260‬االغاني ‪.155 /4‬‬


‫‪ .)2 ( 261‬اثبات الوصية للمسعودي ص ‪.173‬‬
‫ودفنوا الحسين (ع) حيث قبره االن‪ ،‬ودفنوا ابنه علي بن الحسين االصغر عند رجله وحفروا للشهداء من أهل بيته‬
‫وأصحابه الذين صرعوا حوله‪ ،‬مّم ا يلي رجلي‬
‫ص‪187:‬‬
‫الحسين (ع)‪ ،‬وجمعوهم فدفنوهم جميعا معا‪ ،‬ودفنوا العّباس بن علي (ع) في موض‪RR‬عه ال‪RR‬ذي قت‪RR‬ل في‪RR‬ه على طري‪RR‬ق‬
‫‪262‬‬
‫الغاضرّية حيث قبره االن‪.‬‬

‫إخبار الخليفة يزيد بقتل الحسين (ع)‪:‬‬


‫روى الطبري بسنده وقال‪ :‬لّم ا قتل الحسين وجيء باالثقال واالس‪RR‬ارى حّتى وردوا بهم الكوفة إلى عبي‪RR‬د هّللا ‪ ،‬فبينا‬
‫القوم محتبسون‪ ،‬إذ وقع حجر في السجن معه كتاب مربوط وفي الكتاب‪ :‬خرج البريد بأمركم في يوم كذا وكذا إلى‬
‫يزيد بن معاوية وهو سائر كذا وكذا يوما‪ ،‬وراجع ك‪RR‬ذا وك‪RR‬ذا‪ ،‬فان س‪RR‬معتم التكب‪RR‬ير فأيقنوا بالقت‪RR‬ل‪ ،‬وان لم تس‪RR‬معوا‬
‫تكبيرا فهو االمان ان شاء هّللا ‪ ،‬قال‪ :‬فلّم ا كان قب‪R‬ل ق‪R‬دوم البري‪R‬د بي‪R‬ومين أو ثالثة إذا حج‪R‬ر ُألقي في الس‪R‬جن‪ ،‬ومع‪R‬ه‬
‫كتاب مربوط ومّو سى‪ ،‬وفي الكتاب أوصوا وأعهدوا فاّنم‪RR‬ا ينتظ‪RR‬ر البري‪RR‬د ي‪RR‬وم ك‪RR‬ذا وك‪RR‬ذا‪ ،‬فج‪RR‬اء البري‪RR‬د ولم يس‪RR‬مع‬
‫‪263‬‬
‫التكبير‪ ،‬وجاء كتاب بأن سّرح االسارى إلّي ‪.‬‬
‫إرسال أسارى آل البيت (ع) إلى عاصمة الخالفة الشام‪:‬‬
‫روى الطبري أيضا وقال‪ :‬إّن عبيد هّللا أمر بنساء الحسين وصبيانه فجه‪RR‬زن وأم‪RR‬ر بعلّي بن الحس‪RR‬ين فغ‪ّRR‬ل بغ‪ّRR‬ل إلى‬
‫عنقه‪ ،‬ثّم سّرح بهم مع محّفز بن ثعلبة العائذّي عائذة قريش‪ ،‬وم‪RR‬ع ش‪RR‬مر بن ذي الجوش‪RR‬ن‪ ،‬فانطلقا بهم حّتى ق‪RR‬دموا‬
‫على يزيد‪ ،‬فلم يكن علّي بن الحسين يكّلم أحدا منهما في الطريق كلمة حّتى بلغوا‪.‬‬
‫وفي فتوح ابن أعثم‪ :‬قال‪ :‬دعا ابن زياد زحر بن قيس الجعفي‪ ،‬فسّلم إليه رأس الحسين بن علّي رض‪RR‬ي هّللا عنهم‪RR‬ا‪،‬‬
‫ورؤوس اخوته ورأس علي بن‬
‫ص‪188:‬‬
‫الحسين ورؤوس أهل بيته وشيعته‪ ،‬رضي هّللا عنهم أجمعين‪ .‬ودعا علي بن الحسين (أيضا) فحمله وحم‪RR‬ل أخوات‪RR‬ه‬
‫وعّم اته وجميع نسائهم إلى يزيد بن معاوية‪ ،‬قال‪ :‬فسار القوم بحرم رسول هّللا (ص) من الكوفة إلى بالد الشام على‬
‫‪264‬‬
‫محامل بغير وطاء من بلد إلى بلد‪ ،‬ومن منزل إلى منزل‪ ،‬كما تساق أسارى الترك والديلم‪.‬‬

‫ص‪189:‬‬
‫استقبال الخليفة وعاصمته الل الرسول (ص)‬
‫استقبال خليفة المسلمين رؤوس آل رسول هّللا (ع) وأنصارهم‪:‬‬
‫في تذكرة سبط ابن الجوزي‪ :‬روى عن الزهري‪ ،‬قال‪ :‬لّم ا جاءت الرؤوس كان يزيد في منظرة على ُر َبى ج‪RR‬يرون‬
‫فأنشد لنفسه‪:‬‬
‫تلك الشموس على ُربى جيرون‬ ‫لّم ا بدت تلك الحمول وأشرقت‬

‫‪ .)1 ( 262‬ارشاد المفيد ص ‪.227‬‬


‫‪ .)2 ( 263‬الطبري ط‪ .‬أوربا ‪.380 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 264‬فتوح أعثم ‪ ،236 /5‬وقريب منه نص الطبري ط‪ .‬أوربا ‪.375 -374 /2‬‬
‫‪265‬‬
‫فلقد قضيت من الغريم ديوني‬ ‫نعب الغراب فقلت صح أو ال تصح‬

‫حاجة أّم كلثوم إلى شمر‪:‬‬


‫في مثير االحزان واللهوف‪ ،‬انهم لّم ا قربوا من دمشق دنت أم كلثوم من شمر وقالت له‪ -:‬لي إليك حاجة‪ .‬فقال‪ :‬م‪RR‬ا‬
‫حاجتك؟ قالت‪ -:‬إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النّظ ارة‪ ،‬وتقّد م إليهم أن يخرج‪RR‬وا هذه ال‪RR‬رؤوس من بين‬
‫المحامل وينُّح ونا عنها‪ ،‬فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ونحن في مثل هذه الحال‪.‬‬
‫فأمر في جواب سؤالها أن يجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل‬
‫ص‪190:‬‬
‫‪266‬‬
‫وسلك بهم بين النظارة حتى اتى بهم باب دمشق‪.‬‬

‫عيد بعاصمة الخالفة‪:‬‬


‫في مقتل الخوارزمي عن سهل بن سعد قال‪ :‬خرجت إلى بيت المقدس حّتى توّسطُت الشام فاذا أن‪RR‬ا بمدينة مَّط ردة‬
‫االنهار كثيرة االشجار قد عّلقوا الستور والحجب والديباج‪ ،‬وهم فرحون مستبشرون‪ ،‬وعندهم نساء يلعبن بالدفوف‬
‫والطبول‪ ،‬فقلت في نفسي‪ :‬لعّل الهل الشام عيدا ال نعرفه نحن‪ ،‬فرأيت قوما يتحّد ثون‪ ،‬فقلت‪ :‬ي‪R‬ا هؤالء ألكم بالشام‬
‫عيد ال نعرفه نحن؟! قالوا‪ :‬ي‪R‬ا ش‪RR‬يخ! ن‪R‬راك غريب‪R‬ا؟ فقلت‪ :‬أن‪R‬ا س‪RR‬هل بن س‪RR‬عد‪ ،‬ق‪R‬د رأيت رس‪RR‬ول هّللا (ص) وحملت‬
‫حديثه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا سهل! ما أعجب‪R‬ك الس‪RR‬ماء ال تمط‪R‬ر دم‪RR‬ا! واالرض ال تخس‪RR‬ف بأهله‪RR‬ا! قلت‪ :‬ولم ذاك؟ فقالوا هذا‬
‫رأس الحسين عترة رسول هّللا (ص) يهدى من أرض العراق إلى الشام وس‪R‬يأتي االن‪ .‬قلت‪ :‬واعجب‪R‬ا! أيه‪R‬دى رأس‬
‫الحسين والناس يفرحون؟! فمن أي باب يدخل؟ فأشاروا إلى باب يقال له‪ :‬باب الساعات‪ ،‬فسرت نحو الباب‪ ،‬فبينما‬
‫أنا هنالك‪ ،‬إذ جاءت الرايات يتلو بعضها بعضا‪ ،‬وإذا أنا بفارس بي‪RR‬ده رمح م‪RR‬نزوع الس‪RR‬نان‪ ،‬وعلي‪RR‬ه رأس من أش‪RR‬به‬
‫الناس وجها برسول هّللا ‪ ،‬وإذا بنسوة من ورائه على جمال بغير وطاء‪.‬‬
‫حاجة سكينة‪:‬‬
‫قال سهل‪ :‬فدنوت من احداهّن فقلت‪ :‬يا جارية من أنت؟ فقالت‪ :‬سكينة بنت الحسين‪ .‬فقلت لها‪ :‬ألك حاج‪RR‬ة الَّي ؟ فأن‪RR‬ا‬
‫سهل بن سعد ّم من رأى جّد ك وسمع حديثه‪ .‬قالت‪ :‬يا سهل قل لصاحب الرأس‪ :‬أن يتقّد م بالرأس‬
‫ص‪191:‬‬
‫أمامنا حّتى يشتغل الناس بالنظر إليه فال ينظرون إلينا! فنحن ح‪R‬رم رس‪R‬ول هّللا ‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬فدنوت من صاحب ال‪R‬رأس‬
‫وقلت له‪ :‬هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ مّني أربعمائة دينار؟! قال‪ :‬وما هي؟ قلت‪ :‬تقّد م الرأس أمام الحرم‪ ،‬ففعل‬
‫‪267‬‬
‫ذلك ودفعت له ما وعدته‪.‬‬

‫ص‪192:‬‬
‫دخول أسرى آل الرسول (ص) عاصمة الخالفة االسالمّية‬

‫‪ .)1 ( 265‬تذكرة الخواص ‪ ،148 /2‬وجيرون كان خارج دمشق‪ ،‬راجع مادة جيرون من معجم البلدان‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 266‬مثير االحزان ص ‪ ،77‬واللهوف ص ‪.67‬‬
‫‪ .)1 ( 267‬مقتل الخوارزمي ‪.61 -60 /2‬‬
‫روى ابن أعثم وغيره‪ 268‬واللفظ البن أعثم‪ ،‬قال‪ :‬وأتي بحرم رسول هّللا (ص) حتى ُأدخل‪RR‬وا مدينة دمشق من ب‪RR‬اب‬
‫يقال له‪ :‬باب توما‪ ،‬ثّم أتي بهم حّتى وقفوا على درج باب المسجد حيث يقام السبي وإذا شيخ قد أقب‪RR‬ل حّتى دن‪RR‬ا منهم‬
‫وق‪RR‬ال‪ :‬الحم‪RR‬د هّلل اّل ذي قتلكم وأهلككم وأراح الرج‪RR‬ال من س‪RR‬طوتكم وأمكن أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين منكم! فقال ل‪RR‬ه علّي بن‬
‫الحسين‪ :‬يا شيخ هل قرأت القرآن؟ فقال‪ :‬نعم قد قرأته‪ ،‬قال‪ :‬فعرفت هذه االية ق‪R‬ل ال أس‪R‬ألكم علي‪R‬ه أج‪R‬را إاّل الم‪R‬وّد ة‬
‫في القربى؟‪ 269‬قال الشيخ‪ :‬قد قرأت ذلك‪ ،‬قال علي بن الحسين رض‪RR‬ي هّللا عنه‪ :‬فنحن القربى ي‪RR‬ا ش‪RR‬يخ‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬فه‪RR‬ل‬
‫قرأت في سورة بني اسرائيل وآت ذا القربى حّقه؟‪ 270‬قال الشيخ‪ :‬قد ق‪RR‬رأت ذل‪RR‬ك‪ ،‬فقال علّي رض‪RR‬ي هّللا عنه‪ :‬نحن‬
‫‪271‬‬
‫القربى يا شيخ‪ ،‬ولكن هل قرأت هذه االية‪ :‬وأعلموا أّنما غنمتم من شيء فاّن هّلل خمسه وللرسول ول‪R‬ذي القربى؟‬
‫[قال الشيخ‪ :‬قد قرأت ذلك‪،‬‬
‫ص‪193:‬‬
‫قال علي‪ 272]:‬فنحن ذو القربى يا شيخ‪ ،‬ولكن هل قرأت هذه االية‪ :‬اّنما يري‪RR‬د هّللا لي‪RR‬ذهب عنكم ال‪RR‬رجس أهل ال‪RR‬بيت‬
‫ويطّهركم تطهيرا؟‪ 273‬قال الشيخ‪ :‬قد قرأت ذلك‪ ،‬قال علي‪ :‬فنحن أهل ال‪RR‬بيت ال‪RR‬ذين خّصص‪RR‬نا بآي‪RR‬ة التطه‪RR‬ير‪ .‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫فبقي الشيخ ساعة ساكتا نادما على ما تكّلمه ثّم رفع رأسه إلى السماء وقال‪ :‬الّلهم إّني ت‪RR‬ائب إلي‪RR‬ك مّم ا تكلمت‪RR‬ه ومن‬
‫بغض هؤالء القوم‪ ،‬اللهم إّني أبرأ إليك من عدّو محّم د وآل محّم د من الجّن واالنس‪.‬‬

‫ادخال آل الرسول مجلس الخالفة‪:‬‬


‫روى الط‪R‬بري وق‪R‬ال‪ :‬جلس يزي‪R‬د بن معاوي‪R‬ة ودع‪R‬ا أش‪R‬راف أهل الشام فأجلس‪R‬هم حول‪R‬ه ثّم دع‪R‬ا بعلّي بن الحس‪R‬ين‬
‫وصبيان الحسين ونساءه فُأدخوا عليه والناس ينظرون‪.‬‬
‫‪274‬‬
‫وروى سبط ابن الجوزي وغيره وقالوا‪ :‬اّن الصبيان والصبيات من بنات رسول هّللا كانوا موثقين في الحبال‪.‬‬
‫وروى الطبري وغيره قالوا‪ :‬لّم ا وضعت الرؤوس بين يدي يزيد‪ ،‬رأس الحسين وأهل بيته وأصحابه قال يزيد‪:‬‬
‫علينا وهم كانوا أعّق وأظلما‬ ‫يفّلقن هاما من رجال أعّز ة‬

‫فقال يحيى بن الحكم أخو مروان‪:‬‬


‫من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل‬ ‫لهام بجنب الطّف أدنى قرابة‬

‫ص‪194:‬‬
‫وبنت رسول هّللا ليس لها نسل‬ ‫سمّية أمسى نسلها عدد الحصى‬

‫‪275‬‬
‫فضرب يزيد في صدر يحيى وقال‪ :‬اسكت‬
‫بين السجاد (ع) ويزيد‪:‬‬
‫‪ .)1 ( 268‬فيت‪RR‬اريخ ابن أعثم ‪ ،243 -242 /5‬وذكرها الط‪RR‬بري متفرق‪R‬ة في تفس‪RR‬ير االي‪RR‬ات بتفس‪RR‬يره وبعض‪R‬ه بتفس‪RR‬ير ابن كث‪RR‬ير ‪ ،112 /4‬ومقت‪RR‬ل‬
‫الخوارزمي ‪ ،61 /2‬ويختلف سياق اللهوف ص ‪ ،67‬وأمالي الصدوق ص ‪ 116‬مع هذا السياق‪ ،‬كان باب توما في الشمال الشرقي من مدينة دمشق‪،‬‬
‫راجع الخريطة الملحقة بالمجلدة الثانية من تاريخ دمشق‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 269‬سورة الشورى االية ‪.23‬‬
‫‪ .)3 ( 270‬سورة االسراء االية ‪.26‬‬
‫‪ .)4 ( 271‬سورة االنفال االية ‪.41‬‬
‫‪ .)1 ( 272‬هكذا جاء في النسخة‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 273‬االحزاب ‪.33‬‬
‫‪ .)3 ( 274‬تذكرة خواص االمة ص ‪ ،149‬وفي اللهوف‪ ،‬ومثير االحزان ص ‪ 79‬واللفظ للتذكرة‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 275‬الطبري ط‪ .‬أوربا ‪.377 /2‬‬
‫وفي مثير االحزان وغيره‪ ،‬فقال علّي بن الحس‪R‬ين‪ :‬أت‪R‬أذن لي في الكالم؟ فقال‪ :‬ق‪R‬ل وال تقل هج‪R‬را! فقال علّي بن‬
‫الحسين‪ :‬لقد وقفت موقفا ال ينبغي لمثلي أن يقول الهجر‪ ،‬ما ظّنك برس‪RR‬ول هّللا ل‪RR‬و رآني في غ‪ّRR‬ل؟ فقال لمن حول‪RR‬ه‪:‬‬
‫‪276‬‬
‫حّلوه‪.‬‬
‫وفي تاريخ الطبري وغيره‪ :‬قال يزيد لعلي بن الحس‪RR‬ين‪ :‬أب‪R‬وك اّل ذي قط‪R‬ع رحمي وجه‪RR‬ل حّقي ون‪R‬ازعني س‪RR‬لطاني‬
‫فصنع هّللا به ما قد رأيت‪.‬‬
‫قال علّي ‪ :‬ما أصابكم من مصيبة في االرض وال في أنفسكم إاّل في كتاب من قبل أن نبرأها‪.‬‬
‫فقال يزيد البنه خالد‪ :‬أردد عليه‪ ،‬قال‪ :‬فما درى خالد ما يرّد عليه‪ ،‬فقال له يزيد‪ :‬قل‪ :‬م‪RR‬ا اصابكم من مص‪RR‬يبة فبم‪RR‬ا‬
‫كسبت أيديكم ويعفو عن كثير‪ ،‬ثّم سكت عنه‪.‬‬
‫حبر من اليهود يستنكر على يزيد‪:‬‬
‫في فتوح ابن أعثم‪ ،‬قال‪ :‬فالتفت حبر من أحبار اليهود وكان حاضرا فقال‪ :‬من هذا الغالم يا أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين؟ فقال‪:‬‬
‫هذا‪ ،‬صاحب الرأس أبوه‪ .‬قال‪ :‬ومن هو صاحب الرأس يا أمير المؤمنين؟ قال‪ :‬الحسين بن علّي بن أبي‬
‫ص‪195:‬‬
‫طالب‪ ،‬قال‪ :‬فمن أّم ه؟ قال‪ :‬فاطمة بنت محّم د (ص)‪.‬‬

‫فقال الحبر‪ :‬يا سبحان هّللا هذا ابن (بنت) نبّيكم قتلتموه في هذه السرعة؟ بئس ما خّلفتموه في ذريت‪R‬ه‪ ،‬وهّللا ل‪R‬و خّل ف‬
‫فينا موسى بن عمران سبطا من صلبه لكّنا نعبده من دون هّللا ‪ ،‬وأنتم إَّنما فارقكم نبّيكم باالمس فوثبتم على ابن نبّيكم‬
‫فقتلتموه‪ .‬سوءة لكم من اّم ة! قال‪ :‬فأمر يزي‪R‬د بك‪ٍّR‬ر ‪ 277‬في حلقه‪ ،‬فقال الح‪R‬بر‪ :‬ان ش‪R‬ئتم فاض‪R‬ربوني أو فاقتلوني أو‬
‫قّرروني‪ ،‬فاّني أجد في التوراة أنه من قتل ذرّية نبي ال يزال مغلوبا أبدا ما بقي‪ ،‬فإذا مات يصليه هّللا نار جه م‪.‬‬
‫ّن ‪278‬‬

‫شامُّي يطلب عترة الرسول (ص) جارية له‪:‬‬


‫روى الطبري عن فاطم‪R‬ة بنت الحس‪R‬ين اّنه‪R‬ا ق‪R‬الت‪ :‬اّن رجال من أهل الشام أحم‪R‬ر ق‪R‬ام إلى يزي‪R‬د‪ ،‬فقال‪ :‬ي‪R‬ا أم‪R‬ير‬
‫المؤمنين هب لي هذه‪ -‬أتخذها أمة‪ 279-‬يعنيني وكنت جارية وض‪RR‬يئة فأرع‪RR‬دت وفرقت‪ ،‬وظننت اّن ذل‪RR‬ك ج‪RR‬ائز لهم‬
‫وأخذت بثياب عّم تي‪ 280‬زينب‪ ،‬قالت‪ :‬وكانت عمتي زينب أكبر مّني وأعقل‪ ،‬وكانت تعلم أّن ذلك ال يك‪RR‬ون‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫كذبت وهّللا ولؤمت‪ ،‬ما ذلك لك وله‪ .‬فغضب يزيد فقال‪ :‬كذبت وهّللا ان ذلك لي‪ ،‬ول‪RR‬و ش‪RR‬ئت ان أفعل‪RR‬ه لفعلت‪ .‬ق‪RR‬الت‪:‬‬
‫كال وهّللا ! ما جعل هّللا ذلك لك إاّل أن تخرج من مّلتنا‪ ،‬وتدين بغير ديننا‪ ،‬قالت‪ :‬فغضب يزيد واستطار ثّم قال‪ :‬أّي اي‬
‫تستقبلين بهذا؟ إّنما خرج من الدين أبوك وأخوك‪ ،‬فقالت زينت‪ :‬بدين هّللا ودين أبي ودين أخي وج ‪ّR‬د ي اهت‪RR‬ديت أنت‬
‫وأبوك وجّد ك‪ .‬قال‪ :‬كذبِت يا عدّوة هّللا ‪ ،‬قالت‪ :‬أنت أمير مسّلط تشتم‬
‫ص‪196:‬‬
‫ظالما وتقهر بسلطانك‪ ،‬قالت‪ :‬فَو هّللا لكأّن ه اس‪RR‬تحى فس‪RR‬كت‪ ،‬ثّم ع‪RR‬اد الشامّي فقال‪ :‬ي‪RR‬ا أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين هب لي هذه‬
‫الجارية‪ ،‬قال‪ُ :‬أغرب وهب هّللا لك حتفا قاضيا‪.‬‬

‫رأس سبط رسول هّللا (ص) بين يدي خليفة المسلمين‪:‬‬

‫‪ .)2 ( 276‬مثير االحزان ص ‪.78‬‬


‫‪ .)1 ( 277‬أي‪ :‬بضرب في حلقه‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 278‬فتوح ابن أعثم ‪.246 /5‬‬
‫‪ .)3 ( 279‬ما بين الخطين في مقاتل الطالبيين ص ‪.120‬‬
‫‪ .)4 ( 280‬في االصل‪ُ :‬أختي محرف‪.‬‬
‫في فتوح ابن أعثم وغيره واللف‪RR‬ظ البن أعثم‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬وض‪RR‬ع رأس الحس‪RR‬ين بين ي‪R‬دي يزي‪R‬د بن معاوي‪R‬ة في طس‪RR‬ت من‬
‫‪281‬‬
‫ذهب‪ ،‬فدعا بقضيب خيزران فجعل ينكت به ثنايا الحسين‪ ،‬وهو يقول‪ :‬لقد كان أبو عبد هّللا حسن الثغر‪.‬‬
‫قال الطبري وغيره واللفظ للطبري‪ :‬فقال رجل من أصحاب رسول هّللا (ص) يقال ل‪R‬ه أب‪R‬و ب‪R‬رزة االس‪R‬لمي‪ :‬أتنكت‬
‫بقضيبك في ثغر الحسين؟ أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا‪ ،‬لرّبم‪RR‬ا رأيت رس‪RR‬ول هّللا (ص) يرش‪RR‬فه! أم‪RR‬ا ان‪RR‬ك ي‪RR‬ا‬
‫يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك! ويجيء هذا يوم القيامة ومحّم د شفيعه! ثّم قام فولّى ‪.‬‬
‫وفي اللهوف عن االمام زين العابدين (ع)‪ ،‬قال‪ :‬لّم ا أتي برأس الحسين (ع) إلى يزي‪RR‬د ك‪RR‬ان يّتخ‪RR‬ذ مج‪RR‬الس الشرب‬
‫ويأتي برأس الحسين ويضعه بين يديه ويشرب علي‪RR‬ه فحض‪RR‬ر ذات ي‪RR‬وم في مجلس‪RR‬ه رس‪RR‬ول مل‪RR‬ك ال‪RR‬روم وك‪RR‬ان من‬
‫أشراف الروم وعظمائهم‪ ،‬فقال يا ملك الع‪R‬رب هذا رأس من؟ فقال ل‪R‬ه يزي‪R‬د م‪R‬ا ل‪R‬ك وله‪R‬ذا ال‪R‬رأس؟ فقال‪ :‬إّني إذا‬
‫رجعت إلى ملكنا يسألني عن كّل شيء رأيته فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه حّتى يشاركك في الفرح‬
‫والسرور‪ .‬فقال يزيد‪ :‬هذا رأس الحسين بن علّي بن أبي طالب‪ ،‬فقال الرومي‪ :‬وأّم ه؟ فقال‪ :‬فاطمة بنت رس‪RR‬ول هّللا ‪،‬‬
‫فقال النصراّني‪ :‬أّف ل‪RR‬ك ول‪RR‬دينك‪ ،‬لي دين أحس‪RR‬ن من دينكم‪ .‬اّن أبي من حوافد داود (ع) وبي‪RR‬ني وبينه آب‪RR‬اء كث‪RR‬يرة‬
‫والنصارى‬
‫ص‪197:‬‬
‫‪282‬‬
‫يعظمونني‪ ،‬وأنتم تقتلون ابن بنت رسول هّللا (ص) وما بينه وبين نبّيكم إاّل أّم واحدة! فاّي دين دينكم ‪...‬؟!‬

‫خليفة المسلمين يتمثل بابيات ابن الزبعري‪:‬‬


‫روى ابن أعثم والخوارزمي وابن كثير وغيرهم‪ ،‬أّن خليفة المسلمين يزيد جعل يتمّثل بابيات ابن الزبعري‪:‬‬
‫جزع الخزرج من وقع االسل‬ ‫‪ -1‬ليت أشياخي ببدر شهدوا‬

‫ثّم قالوا يا يزيد ال تشّل‬ ‫‪ -2‬الهّلوا واستهّلوا فرحا‬

‫وعدلنا ميل بدر فاعتدل‬ ‫‪ -3‬قد قتلنا القرم من ساداتهم‬

‫قال ابن أعثم‪:‬‬


‫ثّم زاد فيها هذا البيت من نفسه‪:‬‬
‫من بني أحمد ما كان فعل‬ ‫‪ -4‬لست من عتبة ان لم أنتقم‬

‫وفي تذكرة خواّص االّم ة‪« :‬المشهور عن يزيد في جميع الروايات أّنه لّم ا حضر الرأس بين يديه جم‪RR‬ع أهل الشام‬
‫وجعل ينكت عليه بالخيزران ويقول أبيات ابن الزبعري‪:‬‬
‫وقعة الخزرج من وقع االسل‬ ‫ليت أشياخي ببدر شهدوا‬

‫‪ .)1 ( 281‬في فتوح ابن أعثم ‪ «241 /5‬المنطق»‪ ،‬وفي غيره« الثغر» كما أثبتناه‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 282‬اللهوف‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫وعدلنا ميل بدر فاعتدل‬ ‫قد قتلنا القرن من ساداتهم‬

‫وقال‪ :‬قال الشعبي‪ :‬وزاد عليها يزيد فقال‪:‬‬


‫اخبٌر جاء وال وحي نزل‬ ‫‪« -5‬لعبت هاشم بالملِك فل‬

‫‪283‬‬
‫من بني أحمد ما كان فعل»‪.‬‬ ‫لست من خندف ان لم أنتقم‬

‫ص‪198:‬‬
‫قال المؤّلف‪ :‬لّم ا كانت أبيات ابن الزبعري مشهورة ترويه الرواة قبل تمّثل يزيد ببعضها ثّم تمّثل بها يزيد وأضاف‬
‫إليها االبيات الثاني والرابع والخامس فأخذها الرواة عنه وأحيانا أضافوا إلى ما أنشده يزيد ما كان في ذاكرتهم من‬
‫أصل االبيات ومن ثّم حصل بعض االختالف في الفاظ الروايات‪.‬‬

‫كما أّننا نعرف من رواية االمام زين العابدين االنفة وال‪R‬تي ورد فيه‪R‬ا (أّن يزي‪R‬د ك‪R‬ان يّتخ‪R‬ذ مج‪R‬الس الشرب وي‪R‬أتي‬
‫برأس الحسينويضعه بين يديه سبب تعّد د ما روي من قصص عن مجلس يزيد عندما كان رأس الحسين أمامه‪.‬‬
‫خطبة حفيدة رسول هّللا (ص) في مجلس الخالفة‪:‬‬
‫في مثير االحزان واللهوف بعده‪ 284:‬فقامت زينب بنت علي بن أبي طالب‪ ،‬فقالت‪ :‬الحمد هّلل رّب الع‪RR‬المين‪ ،‬وصّلى‬
‫هّللا على رسوله وآله أجمعين‪ ،‬صدق هّللا سبحانه حيث يقول‪ :‬ثّم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كّذ بوا‬
‫ص‪199:‬‬
‫بآيات هّللا وكانوا بها يستهزئون‪ .‬أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار االرض‪ ،‬وآفاق الس‪RR‬ماء‪ ،‬فأصبحنا نس‪RR‬اق‬
‫كما تس‪R‬اق االس‪R‬ارى؛ اّن بنا على هّللا هوان‪R‬ا‪ ،‬وب‪R‬ك علي‪R‬ه كرام‪R‬ة‪ ،‬وان ذل‪R‬ك لعظم خط‪R‬رك عنده؟ فشمخت بأنف‪R‬ك‪،‬‬
‫ونظرت في عطفك‪ ،‬ج‪RR‬ذالن مس‪RR‬رورا‪ ،‬حين رأيت ال‪RR‬دنيا ل‪RR‬ك مستوس‪RR‬قة‪ ،‬واالم‪RR‬ور مّتس‪RR‬قة‪ ،‬وحين صفا ل‪RR‬ك ملكنا‬
‫وسلطاننا فمهال مهال‪ ،‬أنسيت قول هّللا تعالى‪ :‬وال تحسبّن اّل ذين كف‪RR‬روا اّنم‪RR‬ا نملي لهم خ‪RR‬يٌر النفس‪RR‬هم إّنم‪RR‬ا نملي لهم‬
‫ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين؟‬

‫«أمن العدل يا ابن الطلقاء‪ ،‬تخديرك حرائرك وإماءك؟ وسوقك بنات رسول هّللا سبابا‪ ،‬قد ُهتكت ستورهّن ‪ ،‬وُأبديت‬
‫وجوههّن ‪ ،‬تحدو بهَّن االعداء من بل‪R‬د إلى بل‪R‬د‪ ،‬ويستشرفهّن أهل المناهل والمعاق‪R‬ل‪ ،‬ويتص‪ّR‬فح وج‪R‬وههَّن القريب‬
‫‪ .)2 ( 283‬ان أبيات ابن الزبعري جاءت في سيرة ابن هشام ‪ ،97 /3‬وشرح نهج البالغة البن أبي الحديد ‪ ،382 /2‬وجاء في ما تمثل ب‪RR‬ه يزي‪RR‬د في‬
‫فتوح ابن أعثم ‪ 241 /5‬بعد البيت الثاني‪:‬‬
‫حين ألقت بقب‪RR‬اء بركهاواس‪RR‬تحَّر القت‪RR‬ل في عب‪RR‬د االش‪RR‬ل وهذا من أبي‪RR‬ات ابن الزبع‪RR‬ري‪ ،‬وك‪RR‬ذلك ج‪RR‬اء في ت‪RR‬اريخ ابن كث‪RR‬ير ‪ ،192 /8‬وج‪RR‬اء في مقت‪RR‬ل‬
‫الخوارزمي ‪ 58 /2‬قبل البيت االّو ل‪:‬‬
‫إّنما تندب أمرا قد فعل‬ ‫يا غراب البين ما شئت فقل‬

‫وبنات الدهر يلعبن بكل‬ ‫كل ملك ونعيم زائل‬

‫وجاء فيه أيضا وفي اللهوف ص ‪ 69‬بعد البيت الرابع‪:‬‬


‫خبٌر جاء وال وحٌي نزل‬ ‫َلعبت هاشم بالملك فال‬

‫وفي نسختنا من مثير االحزان ص ‪ 80‬سقط البيت الرابع‪ ،‬وفي تاريخ ابن كثير ‪ ،204 /8‬رواها عن تاريخ ابن عساكر عن ريا حاضنة يزيد واكتفى‬
‫بذكر البيت االول‪ ،‬واكتفى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص ‪ 120‬بذكر البيت االول والثالث‪ .‬وذكرنا في المتن لفظ تذكرة خ‪RR‬واص االم‪RR‬ة ص ‪،148‬‬
‫وراجع أيضا طبقات فحول الشعراء ص ‪ ،200‬وسمط النجوم العوالي ‪ ،199 /3‬فقد روى عنهما بهامش فتوح ابن أعثم‪ ،‬وراجع أيضا االم‪RR‬الي البي‬
‫علي القالي ‪.142 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 284‬مثير االحزان ص ‪ ،80‬واللهوف ص ‪.70‬‬
‫والبعيد‪ ،‬والدنّي والشريف‪ ،‬ليس معهّن من حماتهّن حمّي وال من رجالهّن ولّي ‪ ،‬وكيف يرتجى مراقبة من لف‪R‬ظ فوُه‬
‫أكباد االزكياء‪ ،‬ونبت لحمه من دماء الشهداء‪ ،‬وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنآن‪،‬‬
‫واالَح ِن واالضغان‪ ،‬ثّم تقول غير متأثم وال مستعظم‪:‬‬
‫ثّم قالوا يا يزيد ال تشّل‬ ‫الهّلوا واستهلوا فرحا‬

‫منحنيا على ثنايا أبي عبد هّللا سيد شباب أهل الجّن ة تنكته‪R‬ا بمخص‪R‬رتك وكي‪R‬ف ال تقول ذل‪R‬ك‪ ،‬وق‪R‬د نك‪R‬أت القرح‪R‬ة‪،‬‬
‫وأستاصلت الشأفة‪ ،‬بإراقتك دماء ذرّية محّم د (ص) ونجوم االرض من آل عبد الّم طلب‪ ،‬وتهتف بأش‪RR‬ياخك زعمت‬
‫أّنك تناديهم فلتردّن وشيكا موردهم‪ ،‬ولتوّدّن أّنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت»‪.‬‬
‫اللهم خذ لنا بحّقنا‪ ،‬وانتقم ّم من ظلمنا‪ ،‬واحلل غضبك بمن سفك دماءنا‪ ،‬وقتل حماتنا‪ .‬فَو هّللا ما فريت إاّل جل‪RR‬دك‪ ،‬وال‬
‫حززت إاّل لحمك‪ ،‬ولتردّن على رسول هّللا (ص) بما تحّم لت من سفك دماء ذّريّته‪ ،‬وانتهكت من حرمته في‬
‫ص‪200:‬‬
‫عترته ولحمته‪ ،‬حيث يجمع هّللا شملهم‪ ،‬ويلّم شعثهم ويأخذ بحّقهم؛ (وال تحسبّن اّلذين قتل‪RR‬وا في س‪RR‬بيل هّللا أموات‪RR‬ا ب‪RR‬ل‬
‫أحياء عند رّبهم يرزقون)‪.‬‬

‫«وحسبك باهّلل حاكما‪ ،‬وبمحّم د (ص) خصيما‪ ،‬وبجبريل ظهيرا‪ ،‬وسيعلم من سّول لك ومَّك نك من رق‪R‬اب المس‪R‬لمين‬
‫بئس للظالمين بدال‪ ،‬وأّيكم شّر مكانا واضعف جندا‪ ،‬ولئن ج‪ّRR‬رت علّي ال‪RR‬دواهي مخاطبت‪RR‬ك‪ ،‬إّني الستص‪RR‬غر ق‪RR‬درك‬
‫واستعظم تقريعك‪ ،‬واستكثر توبيخك‪ ،‬ولكن العيون عبرى‪ ،‬والصدور حّرى‪ .‬أال فالعجب كّل العجب لقتل حزب هّللا‬
‫النجباء‪ ،‬بحزب الشيطان الطلقاء‪ ،‬فهذه االيدي تنطف من دمائنا‪ ،‬واالفواه تتحّلب من لحومنا‪ ،‬وتلك الجثث الطواهر‬
‫الزواكي تنتابها العواسل‪ ،‬وتعفرها أّم هات الفراعل‪ ،‬ولئن اتخذتنا مغنما‪ ،‬لتجدنا وشيكا مغرم‪RR‬ا‪ ،‬حين ال تج‪RR‬د إاّل م‪RR‬ا‬
‫قّد مت يداك وما رُّبك بظاّل م للعبيد‪ ،‬وإلى هّللا المشتكى وعليه المعّول»‪.‬‬
‫«فكد كيدك‪ ،‬واسع سعيك‪ ،‬وناصب جهدك‪َ ،‬فوهّللا ال تمحو ذكرنا‪ ،‬وال تميت وحينا‪ ،‬وال ُيرحض عنك عارها‪ ،‬وهل‬
‫رأيك إاّل فند وأّيامك إاّل عدد‪ ،‬وجمعك إاّل بدد‪ ،‬يوم ينادي المنادي أال لعنة هّللا على الظالمين»‪.‬‬
‫«والحمد هّلل رّب العالمين‪ ،‬الذي ختم الّولنا بالسعادة والمغفرة‪ ،‬والخرنا بالشهادة والرحمة‪ ،‬ونسأل هّللا أن يكمل لهم‬
‫الثواب‪ ،‬ويوجب لهم المزيد‪ ،‬ويحسن علينا الخالفة‪ ،‬اّنه رحيم ودود‪ ،‬وهو حسبنا ونعم الوكيل»‪.‬‬
‫فقال يزيد‪:‬‬
‫ما أهون النوح على النوائح‬ ‫يا صيحة تحمد من صوائح‬

‫استنكار زوجة الخليفة‪:‬‬


‫وفي تأريخ الطبري ومقتل الخوارزمي‪ :‬اّن زوجة يزيد‪ -‬وس‪ّR‬م اها الط‪R‬بري هند ابنة عب‪R‬د هّللا بن ع‪R‬امر بن كري‪R‬ز‪-‬‬
‫سمعت بما دار في مجلس يزيد فخرجت‬
‫ص‪201:‬‬
‫من خ‪RR‬درها ودخلت المجلس وق‪RR‬الت‪ :‬ي‪RR‬ا أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين! أرأس الحس‪RR‬ين ابن فاطم‪RR‬ة بنت رس‪RR‬ول هّللا (ص)؟ ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫‪285‬‬
‫نعم ‪....‬‬

‫‪ .)1 ( 285‬تاريخ الطبري ط‪ .‬أوربا مسلسل ‪ ،382 /2‬ومقتل الخوارزمي ‪.74 /2‬‬
‫‪286‬‬
‫وفي ِس َيِر أعالم النبالء وتاريخ ابن كثير وغيرهما‪ :‬اّن رأس الحسين صلب بمدينة دمشق ثالثة أّيام‪.‬‬
‫رأس سبط الّرسول (ص) ُيهدى إلى عصبة الخالفة بمدينة الرسول (ص)‪:‬‬
‫‪287‬‬
‫قال البالذري والذهبي‪ :‬ثّم بعث يزيد رأسه إلى المدينة‪.‬‬
‫فقال عمرو بن سعيد‪ :‬وددت وهّللا أّن أمير المؤمنين لم يبعث إلينا برأسه‪ .‬فقال مروان‪ :‬بئس وهّللا م‪RR‬ا قلت! هات‪RR‬ه‪ ،‬ثّم‬
‫أخذ الرأس وقال‪:‬‬
‫‪288‬‬
‫ولونك االحمر في الخدين‬ ‫يا حّبذا بردك في اليدين‬

‫وقال فجيء برأس الحسين فنصب فصرخ نساء آل أبي طالب‪ ،‬فقال مروان‪:‬‬
‫كعجيج نسوتنا غداة االرنب‬ ‫عّجت نساء بني زبيد عّجة‬

‫ثّم صحن فقال مروان‪:‬‬


‫‪289‬‬
‫أثبتت أركان ملك فاستقر‬ ‫ضربت دوسر فيهم ضربة‬

‫ص‪202:‬‬
‫قال‪ :‬وقام ابن أبي حبيش وعمرو يخطب‪ ،‬فقال‪ :‬رحم هّللا فاطمة‪ ،‬فمضى عمرو في خطبت‪RR‬ه ش‪RR‬يئا‪ ،‬ثّم ق‪RR‬ال‪ :‬واعجب‪RR‬ا‬
‫لهذا االلثغ‪ ،‬وما أنت وفاطمة؟ قال‪ :‬اّم ها خديجة‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬نعم وهّللا وابنة محّم د أخ‪R‬ذتها يمينا وش‪RR‬ماال‪ ،‬وددت وهّللا أّن‬
‫‪290‬‬
‫أمير المؤمنين كان نّحاه عّني ولم يرسل به إلَّي ‪ ،‬وددت وهّللا أّن رأس الحسين كان على عنقه وروحه في جسده‪.‬‬
‫‪291‬‬
‫وقال‪ :‬ثّم رّد إلى دمشق‪.‬‬
‫خطبة السجاد (ع) في مسجد دمشق‪:‬‬
‫وفي فتوح ابن أعثم ومقتل الخوارزمي‪ :‬اّن يزيد أمر الخطيب أن يرقى المنبر ويثني على معاوي‪RR‬ة‪ ،‬ويزي‪RR‬د‪ ،‬وينال‬
‫من االمام علّي واالمام الحسين‪ ،‬فصعد الخطيب المنبر‪ ،‬فحمد هّللا وأثنى علي‪R‬ه‪ ،‬وأك‪R‬ثر الوقيع‪R‬ة في علّي والحس‪R‬ين‪،‬‬
‫وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد‪ ،‬فصاح به علي بن الحسين‪ :‬ويلك أّيها الخاطب! اشتريت رض‪RR‬ا المخل‪RR‬وق بس‪RR‬خط‬
‫الخالق؛ فتبّوأ مقعدك من النار‪ .‬ثّم قال‪ :‬يا يزيد ائذن لي حّتى أصعد هذه االع‪RR‬واد‪ ،‬فأتكّلم بكلم‪RR‬ات فيّهن هّلل رض‪RR‬ا‪،‬‬
‫ولهؤالء الجالسين أجر وثواب‪ .‬فأبى يزيد‪ ،‬فقال الناس‪ :‬يا أمير المؤمنين أئذن له ليصعد‪ ،‬فعّلنا نسمع منه شيئا فقال‬
‫لهم‪ :‬ان صعد المنبر هذا لم ينزل إاّل بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان‪ ،‬فقالوا‪ :‬وما قدر ما يحس‪RR‬ن هذا؟ فقال‪ :‬اّن ه‬
‫من أهل بيت قد زّقوا العلم زّقا‪ .‬ولم يزالوا به حتى أذن له بالصعود فصعد المنبر فحمد هّللا واثنى عليه وقال‪:‬‬
‫ص‪203:‬‬

‫‪ .)2 ( 286‬سير أعالم النبالء ‪ ،216 /3‬ومقتل الخوارزمي ‪ ،75 /2‬وتاريخ ابن كثير ‪ ،204 /8‬وتاريخ ابن عساكر الح‪RR‬ديث ‪ ،296‬وراج‪RR‬ع خط‪RR‬ط‬
‫المقريزي ‪ ،289 /2‬واالتحاف بحب االشراف ص ‪.23‬‬
‫‪ .)3 ( 287‬أنساب االشراف ص ‪.219‬‬
‫‪ .)4 ( 288‬أنساب االشراف ص ‪ ،217‬وتاريخ اال سالم ‪.351 /2‬‬
‫‪ .)5 ( 289‬أنساب االشراف ص ‪ ،218‬وتذكرة خواص االمة ص ‪ ،151‬وفي أمالي الشجري ص ‪ 186 -185‬بايج‪RR‬از‪ ،‬ودوس‪RR‬ر‪ :‬اس‪RR‬م كتيب‪RR‬ة ك‪RR‬انت‬
‫للنعمان بن المنذر ملك الحيرة وكانت أشد بطشا‪ ،‬حتى قيل في المثل« أبطش من دوسر» وكتيبة دوسر ودوسرة‪ :‬مجتمعة‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 290‬أنساب االشراف ص ‪.218‬‬
‫‪ .)2 ( 291‬أنساب االشراف ص ‪.219‬‬
‫قال المؤلف‪ :‬ان البالذري لم يكتب خطبة عمرو بن سعيد لنعرف سبب اع‪R‬تراض ابن أبي ح‪RR‬بيش علي‪RR‬ه‪ ،‬وق‪R‬د م‪RR‬ر بي في م‪RR‬ا ق‪R‬رأت أن‪RR‬ه خ‪RR‬اطب ق‪R‬بر‬
‫الرسول‪ ،‬وقال‪ :‬يوم بيوم بدر‪.‬‬
‫أّيها الّناس‪ُ ،‬أعطينا سّتا وُفّضلنا بسبع‪ُ :‬أعطينا العلم‪ ،‬والحلم‪ ،‬والسماحة والفص‪RR‬احة‪ ،‬والشجاعة والمحّب ة في قل‪RR‬وب‬
‫المؤمنين‪ ،‬وُفّضلنا بأّن مّنا النبي المختار محّم دا (ص)‪ ،‬ومّنا الصّد يق‪ ،‬ومّنا الطيار‪ ،‬ومّن ا أس‪RR‬د هّللا وأس‪RR‬د الرس‪RR‬ول‪،‬‬
‫ومّنا سّيدة نساء العالمين فاطمة البتول‪ ،‬ومّنا سبطي هذه االّم ة وسّيدي شباب أهل الجّنة؛ فمن عرفني فقد عرفني‪،‬‬
‫ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي‪:‬‬

‫أنا ابن مّك ة ومنى‪ ،‬أنا ابن زمزم والصفا‪ ،‬أنا ابن من حمل الزكاة بأطراف الرداء‪ ،‬أنا ابن خير من ائتزر وارت‪RR‬دى‪،‬‬
‫أنا ابن خير من انتعل واحتفى‪ ،‬أنا ابن خير من طاف وسعى‪ ،‬أنا ابن من حّج ولّبى‪ ،‬أن‪RR‬ا ابن من حم‪RR‬ل على ال‪RR‬براق‬
‫في الهواء‪ ،‬أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد االقصى‪ ،‬فسبحان من أس‪RR‬رى‪ ،‬أن‪RR‬ا ابن من بل‪RR‬غ ب‪RR‬ه‬
‫جبرئيل إلى سدرة المنتهى‪ ،‬أنا ابن من دنا فتدّلى فكان قاب قوسين أو أدنى‪ ،‬أن‪RR‬ا ابن محّم د المص‪RR‬طفى‪ ،‬أن‪RR‬ا ابن من‬
‫ضرب خراطيم الخلق حّتى قالوا ال إله إاّل هّللا ‪ ،‬أنا ابن من بايع البيعتين‪ ،‬وصّلى القبلتين‪ ،‬وقات‪RR‬ل بب‪RR‬در وح‪RR‬نين‪ ،‬ولم‬
‫يكفر باهّلل طرفة عين‪ ،‬يعسوب المسلمين‪ ،‬وقاتل الناكثين والقاس‪RR‬طين والم‪RR‬ارقين‪ ،‬س‪RR‬مح س‪RR‬خي‪ ،‬بهل‪RR‬ول زكّي ‪ ،‬ليث‬
‫الحجاز وكبش العراق‪ ،‬مكّي مدنّي ‪ ،‬أبطحّي تهامّي ‪ ،‬خيفّي عقبّي ‪ ،‬بدرّي‪ ،‬أحدّي‪ ،‬شجرّي مه‪RR‬اجرّي‪ ،‬أبي الس‪RR‬بطين‪،‬‬
‫الحسن والحسين‪ ،‬علي بن أبي طالب‪ ،‬أنا ابن فاطمة الزهراء‪ ،‬أنا ابن سّيدة النساء‪ ،‬أنا ابن بضعة الرسول ‪...‬‬
‫قال‪ :‬ولم يزل يقول أنا أنا حّتى ضّج الناس بالبك‪RR‬اء والنحيب‪ ،‬وخشي يزي‪RR‬د أن تك‪RR‬ون فتنة فأمر الم‪RR‬ؤّذ ن أن ي‪RR‬ؤّذ ن‬
‫فقطع عليه الكالم وسكت‪ ،‬فلّم ا ق‪RR‬ال الم‪RR‬ؤذن‪ :‬هّللا أك‪RR‬بر‪ .‬ق‪RR‬ال علي بن الحس‪RR‬ين‪ :‬كّب رت كب‪RR‬يرا ال يقاس‪ ،‬وال ي‪RR‬درك‬
‫بالحواّس ‪ ،‬وال شيء أكبر من هّللا ‪ ،‬فلّم ا قال‪ :‬أش‪R‬هد أن ال إل‪R‬ه إاّل هّللا ‪ ،‬ق‪R‬ال علي‪ :‬ش‪R‬هد به‪R‬ا ش‪R‬عري وبشري‪ ،‬ولحمي‬
‫ودمي وُم ّخ ي وعظمي‪ ،‬فلّم ا قال أشهد أن محّم دا رسول هّللا التفت علي من أعلى المنبر إلى يزي‪RR‬د وق‪RR‬ال‪ :‬ي‪RR‬ا يزي‪RR‬د!‬
‫محّم د هذا‬
‫ص‪204:‬‬
‫جّد ي أم جّد ك؟ فان زعمت أّنه جّد ك فقد كذبت‪ ،‬وان قلت اّنه جّد ي فِلَم قتلت عترته؟ ق‪RR‬ال وفرغ الم‪RR‬ؤّذ ن من االذان‬
‫‪292‬‬
‫واالقامة فتقّد م يزيد وصّلى الظهر‪.‬‬

‫اقامة المأتم في عاصمة الخالفة‪:‬‬


‫يبدو أّن يزيد اضطّر بعد هذا إلى أن يغّير سلوكه مع ذراري الرسول (ص) ويرّفه عنهم بعض الشيء ويس‪RR‬مح لهم‬
‫باقامة المأتم على شهدائهم‪.‬‬
‫فقد روى ابن أعثم بعد ذكر ما سبق وقال‪ :‬فلّم ا فرغ من صالته أمر بعلي ابن الحسين وأخواته وعّم اته رضوان هّللا‬
‫عليهم َفُفِّرغت لهم دار فنزلوها وأقاموا أّياما يبكون وينوحون على الحسين رضي هّللا عنه‪.‬‬
‫قال‪ :‬وخرج علي بن الحسين ذات يوم‪ ،‬فجعل يمشي في أسواق دمشق‪ ،‬فاستقبله المنهال بن عمرو الص‪RR‬حابي فقال‬
‫له‪ :‬كيف أمسيت يا ابن رسول هّللا ؟ قال‪ :‬أمسينا كبني اسرائيل في آل فرعون‪ ،‬يذّبحون أبناءهم ويستحيون نس‪RR‬اءهم‪،‬‬
‫يا منهال أمست العرب تفتخر على العجم باّن محّم دا منهم‪ ،‬وأمس‪R‬ت ق‪R‬ريش تفتخ‪R‬ر على س‪R‬ائر الع‪R‬رب ب‪R‬أّن محّم دا‬
‫منها‪ ،‬وأمسينا أهل بيت محّم د ونحن مغصوبون مظلومون مقهورون مقّتلون مثبورون مطّردون‪ ،‬فاّنا هّلل وإّن ا إلي‪RR‬ه‬
‫‪293‬‬
‫راجعون على ما أمسينا فيه يا منهال‪.‬‬
‫ص‪205:‬‬

‫‪ .)1 ( 292‬فتوح ابن أعثم ‪ ،249 -247 /5‬ومقتل الخوارزمي ‪ ،71 -69 /2‬وقد أوجزنا لفظ الخطبة‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 293‬فتوح ابن أعثم ‪.250 -249 /5‬‬
‫أرجاع ذرّية الرسول (ص) إلى مدينة جّد هم‬
‫لم يكن ما جرى في عاصمة أمّية بعد وصول سبايا آل الرسول إليها في صالح حكم آل أمّية فرأى يزيد أن يرجعهم‬
‫إلى مدينة جّد هم مع نعمان بن بشير‪ .‬كما قال الطبري وغيره والّلفظ للطبري‪:‬‬
‫قال يزيد بن معاوية‪ :‬يا نعمان بن بشير! جِّه ْز هم بم‪RR‬ا يص‪RR‬لحهم‪ ،‬وابعث معهم رجال من أهل الشام أمينا صالحا‪،‬‬
‫وابعث معه خيال وأعوانا فيسير بهم إلى المدينة‪ ،‬ثّم أمر بالنس‪R‬وة أن ي‪R‬نزلن في دار على ح‪R‬دة‪ ،‬معهّن م‪R‬ا يص‪R‬لحهّن‬
‫وأخوهّن معهّن علي بن الحسين في الدار التي هّن فيها‪ ،‬قال‪ :‬فخرجن حّتى دخلن دار يزيد‪ ،‬فلم تبق من آل معاوي‪RR‬ة‬
‫امرأة إاّل استقبلتهّن تبكي وتنوح على الحسين‪ ،‬فأقاموا عليه المناحة ثالثا‪.‬‬
‫قال‪ :‬فدعا ذات يوم عمرو بن الحسن بن علّي وهو غالم صغير فقال لعم‪RR‬رو بن الحس‪RR‬ن‪ :‬أتقات‪RR‬ل هذا الف‪RR‬تى‪ -‬يع‪RR‬ني‬
‫خالدا ابنه‪ -‬قال‪ :‬ال ولكن أعطني سكينا واعطه س‪RR‬كينا ثّم أقاتل‪RR‬ه‪ .‬فقام ل‪RR‬ه يزي‪RR‬د وأخ‪RR‬ذه فض‪ّR‬م ه إلي‪RR‬ه ثّم ق‪RR‬ال‪ :‬شنشنة‬
‫أعرفها من أخزم‪ ،‬هل تلد الحّية إاّل حّية‪ ،‬قال‪ :‬ولّم ا أرادوا أن يخرج‪R‬وا أوصى بهم ذل‪R‬ك الرس‪R‬ول‪ .‬ق‪R‬ال‪ :‬فخ‪R‬رج بهم‬
‫وكان يسايرهم بالليل فيكونون أمامه حيث ال يفوتون طرفه‪ ،‬فإذا نزل‪R‬وا تنّحى عنهم وتف‪ّR‬رق هو وأصحابه ح‪R‬ولهم‬
‫كهيئة الحرس لهم وينزل منهم بحيث إذا أراد إنسان منهم وضوءا أو قضاء حاجة لم يحتشم‪ ،‬فلم ي‪RR‬زل ينازلهم في‬
‫الطريق هكذا ويسألهم عن حوائجهم ويلطفهم‪.‬‬
‫ص‪206:‬‬
‫وصول آل الرسول إلى كربالء‪:‬‬

‫في مثير االح‪R‬زان والله‪R‬وف‪ :‬اّن آل الرس‪R‬ول لّم ا بلغ‪R‬وا الع‪R‬راق طلب‪R‬وا من ال‪R‬دليل ان يم‪ّR‬ر بهم على ك‪R‬ربالء‪ ،‬فلّم ا‬
‫وصلوا مصرع الشهداء وجدوا جابر بن عبد هّللا االنصاري وجماع‪RR‬ة من ب‪RR‬ني هاش‪RR‬م ق‪RR‬دموا لزي‪RR‬ارة ق‪RR‬بر الحس‪RR‬ين‪،‬‬
‫فوافوا في وقت واحد فتالقوا بالحزن والبكاء‪ ،‬واجتمع إليهم نساء ذلك السواد وأقاموا على ذل‪RR‬ك أّيام‪RR‬ا‪ ،‬ثّم انفص‪RR‬لوا‬
‫من كربالء قاصدين مدينة جدهم‪.‬‬
‫إقامة العزاء خارج المدينة‪:‬‬
‫روى بشير بن جذلم وقال‪ :‬لّم ا قربنا من المدينة حّط علي بن الحسين رحله وضرب فسطاطه وأن‪R‬زل نس‪R‬اءه وق‪R‬ال‪:‬‬
‫يا بشير! رحم هّللا أباك لقد كان شاعرا فهل تقدر على ش‪RR‬يء منه؟ فقال‪ :‬بلى ي‪RR‬ا ابن رس‪RR‬ول هّللا (ص) اّني ش‪RR‬اعر‪.‬‬
‫فقال (ع)‪ :‬ادخل المدينة وانع أبا عبد هّللا ‪.‬‬
‫قال بشير‪ :‬فركبت فرس‪RR‬ي وركض‪RR‬ت حّتى دخلت المدينة‪ ،‬فلّم ا بلغت مس‪RR‬جد النبي (ص) رفعت صوتي بالبك‪RR‬اء‬
‫وأنشأت أقول‪:‬‬
‫قتل الحسين فأدمعي مدرار‬ ‫يا أهل يثرب ال مقام لكم بها‬

‫والرأس منه على القناة يدار‬ ‫الجسم منه بكربالء مضّرج‬

‫قال‪ :‬ثّم قلت‪ :‬هذا علي بن الحس‪R‬ين (ع) م‪R‬ع عّم ات‪R‬ه وأخوات‪R‬ه ق‪R‬د حّل وا بس‪R‬احتكم ونزل‪R‬وا بفنائكم وأن‪R‬ا رس‪R‬وله إليكم‬
‫أعّرفكم مكانه‪ ،‬قال‪ :‬فلم يبق في المدينة مخّد رة وال محّجبة إاّل برزن من خدورهّن وهّن بين باكية ونائحة والطمة‪،‬‬
‫فلم ُير يوم أّم ر على أهل المدينة منه‪ ،‬وسألوه‪ :‬من أنت؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬أنا بشير ابن ج‪RR‬ذلم‪ ،‬وَّجه‪RR‬ني علي بن الحس‪RR‬ين‬
‫وهو نازل في موضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد هّللا ونسائه‪ ،‬قال‪ :‬فتركوني مك‪RR‬اني وب‪RR‬ادروني‪ ،‬فض‪RR‬ربت فرس‪RR‬ي‬
‫حتى رجعت إليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسي وتخَّطيُت‬
‫ص‪207:‬‬
‫رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط‪ ،‬وك‪R‬ان علي بن الحس‪R‬ين داخال فخ‪R‬رج وبي‪R‬ده خرق‪R‬ة يمس‪R‬ح به‪R‬ا دموع‪R‬ه‬
‫وخادم معه كرسّي فوضعه وجلس وهو مغلوب على لوعته‪ ،‬فعّز اه الناس فأوم‪RR‬أ إليهم أن اس‪RR‬كتوا فس‪RR‬كنت فورتهم‬
‫فقال‪ :‬الحمد هّلل رّب العالمين مالك يوم الدين‪ ،‬بارىء الخالئق أجمعين‪ ،‬الذي َبُعد فارتفع في السموات العلى وق‪RR‬رب‬
‫فشهد النجوى‪ ،‬نحمده على عظائم االمور وفجائع الدهور‪ ،‬وجليل الرزء وعظيم المص‪RR‬ائب‪ .‬أّيه‪RR‬ا القوم أّن هّللا ول‪RR‬ه‬
‫الحمد ابتالنا بمصيبة جليله‪ ،‬وثلمة في االسالم عظيمة‪ ،‬قتل أبو عب‪RR‬د هّللا وعترت‪RR‬ه‪ ،‬وس‪RR‬بي نس‪RR‬اؤه وصبيته‪ ،‬وداروا‬
‫برأسه في البلدان من فوق عالي السنان‪ ،‬أّيها الناس فأّي رجاالت يسّرون بعد قتله؟ أّي ة عين تحبس دمعه‪RR‬ا وتض‪RR‬ن‬
‫عن انهمالها‪ ،‬فلقد بكت الس‪R‬بع الشداد لقتل‪R‬ه‪ ،‬وبكت البح‪R‬ار والس‪RR‬موات واالرض واالش‪RR‬جار والحيت‪R‬ان‪ ،‬والمالئك‪RR‬ة‬
‫المقّربون وأهل السموات أجمعون‪ .‬أّيها الناس أّي قلب ال ينصدع لقتله؟ أم أّي فؤاد ال يحّن إليه؟ أم أّي س‪RR‬مع يس‪RR‬مع‬
‫هذه الثلمة التي ثلمت في االسالم فال ُيَص ُّم ؟‬

‫أّيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين‪ ،‬مذّو دين شاسعين‪ ،‬كأّنا أوالد ترك أو كاب‪RR‬ل‪ ،‬من غ‪RR‬ير ج‪RR‬رم اجترمناه‪ ،‬وال‬
‫مكروه ارتكبناه‪ ،‬ما سمعنا بهذا في آبائنا االّولين ان هذا إاّل اختالق‪ ،‬وهّللا لو أّن النبي تقّد م إليهم في قتالنا كم‪RR‬ا تقّد م‬
‫إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوه‪ ،‬فاّنا هّلل وإّنا إليه راجعون‪.‬‬
‫‪294‬‬
‫فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان وكان زمينا فاعتذر إليه فقبل عذره وشكر له‪ ،‬وترّحم على أبيه‪.‬‬
‫بعد وصولهم إلى المدينة‪:‬‬
‫روى الطبري بسنده عن الحارث بن كعب‪ ،‬قال‪ :‬قالت لي فاطمة بنت‬
‫ص‪208:‬‬
‫علّي ‪ :‬قلت الختي زينب‪ :‬يا ُأخَّيُة لقد أحسن هذا الرجل الشامي إلينا في صحبتنا فهل لك أن نص‪RR‬له؟ فقالت‪ :‬وهّللا م‪RR‬ا‬
‫معنا شيء نصله به إاّل حلّينا ق‪R‬الت له‪R‬ا‪ :‬فنعطي‪R‬ه حلّينا ق‪R‬الت‪ :‬فأخ‪R‬ذت س‪R‬واري ودملجي‪ ،‬وأخ‪R‬ذت أخ‪R‬تي س‪R‬وارها‬
‫ودملجها‪ ،‬فبعثنا بذلك إليه واعتذرنا إليه وقلنا له‪ :‬هذا جزاؤك بصحبتك اّيانا بالحسن من الفعل‪ .‬قال‪ :‬ل‪RR‬و ك‪RR‬ان اّل ذي‬
‫صنعت اّنما هو لل‪RR‬دنيا ك‪RR‬ان في حلّيكّن م‪RR‬ا يرض‪RR‬يني ودون‪RR‬ه‪ ،‬ولكن وهّللا م‪RR‬ا فعلت‪RR‬ه إاّل هّلل ولقرابتكم من رس‪RR‬ول هّللا‬
‫‪295‬‬
‫(ص)‪.‬‬

‫السّجاد (ع) يقيم العزاء أربعين سنة‪:‬‬


‫في الله‪RR‬وف‪ :‬روى عن االم‪RR‬ام الص‪RR‬ادق (ع) أّن ه ق‪RR‬ال‪ :‬اّن زين العاب‪RR‬دين (ع) بكى على أبي‪RR‬ه أربعين س‪RR‬نة؛ صائما‬
‫نهاره‪ ،‬وقائما ليله‪ ،‬فإذا حضر االفطار وجاء غالمه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول‪ :‬كل يا موالي‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫قتل ابن رسول هّللا (ص) عطشانا فال يزال يكّرر ذل‪R‬ك ويبكي حّتى يبت‪ّR‬ل طعام‪RR‬ه من دموع‪RR‬ه‪ ،‬فلم ي‪R‬زل ك‪RR‬ذلك حّتى‬
‫لحق باهّلل عّز وجّل‪.‬‬
‫قال‪ :‬وحّد ث مولى له قال‪ :‬إّنه برز يوما إلى الصحراء فتبعت‪RR‬ه فوجدت‪RR‬ه ق‪RR‬د س‪RR‬جد على حج‪RR‬ارة خشنة‪ ،‬فوقفت وأن‪RR‬ا‬
‫أسمع شهيقه‪ ،‬وأحصيت عليه ألف مّرة يقول‪( :‬ال إله إاّل هّللا حقا حقا ال إل‪RR‬ه إاّل هّللا تعّب دا ورّق ا‪ ،‬ال إل‪RR‬ه إاّل هّللا ايمان‪RR‬ا‬
‫وصدقا) ثّم رفع رأسه من سجوده واّن لحيته ووجهه قد غمرا من دموع عينيه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا س‪ّRR‬يدي أم‪RR‬ا آن لحزن‪RR‬ك أن‬
‫ينقضي‪ ،‬ولبكائك أن يقّل؟ فقال‪ :‬ويحك! اّن يعقوب بن إسحاق بن إب‪RR‬راهيم ك‪RR‬ان نبّي ا وابن ن‪RR‬بّي ‪ ،‬ل‪RR‬ه اثنا عشر ابنا‬

‫‪ .)1 ( 294‬مثير االحزان ص ‪ ،91 -90‬واللهوف ‪.77 -76‬‬


‫‪ .)1 ( 295‬تاريخ الطبري ط‪ .‬أوربا ‪.379 /2‬‬
‫فغّيب هّللا واحدا منهم فشاب رأسه من الحزن‪ ،‬واحدودب ظه‪RR‬ره من الغّم ‪ ،‬وذهب بص‪RR‬ره من البك‪RR‬اء‪ ،‬وابنه حّي في‬
‫دار الدنيا‪ ،‬وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من‬
‫ص‪209:‬‬
‫‪296‬‬
‫أهل بيتي صرعى مقتولين‪ ،‬فكيف ينقضي حزني ويقّل بكائي‪.‬؟‬

‫رأس ابن زياد بين يدي السجاد (ع)‪:‬‬


‫وذكر اليعقوبي وقال‪ :‬وّجه المختار برأس عبيد هّللا بن زياد إلى علي بن الحس‪RR‬ين في المدينة م‪RR‬ع رج‪RR‬ل من قوم‪RR‬ه‪،‬‬
‫وقال له‪ :‬قف بباب علي بن الحسين‪ ،‬فإذا رأيت أبوابه قد فتحت ودخل الناس‪ ،‬فذلك الذي فيه طعام‪RR‬ه‪ ،‬فادخ‪RR‬ل إلي‪RR‬ه‪،‬‬
‫فجاء الرسول إلى باب علّي بن الحسين‪ ،‬فلّم ا فتحت أبوابه‪ ،‬ودخل الناس للطعام‪ ،‬دخل ونادى بأعلى صوته‪ :‬يا أهل‬
‫بيت النبّو ة ومعدن الرسالة ومهبط المالئكة‪ ،‬ومنزل الوحي‪ ،‬أنا رسول المخت‪RR‬ار بن أبي عبي‪RR‬د‪ ،‬معي رأس عبي‪RR‬د هّللا‬
‫ابن زياد‪ .‬فلم تبق في شيء من دور بني هاشم امرأة إاّل صرخت‪ ،‬ودخل الرسول فأخرج الرأس‪ ،‬فلّم ا رآه علي بن‬
‫الحسين قال‪ :‬أبعده هّللا إلى النار‪.‬‬
‫وروى بعضهم أّن علي بن الحسين لم ُيَر ضاحكا قّط منذ قت‪RR‬ل أب‪RR‬وه‪ ،‬إاّل في ذل‪RR‬ك الي‪RR‬وم‪ ،‬واّن ه ك‪RR‬ان ل‪RR‬ه اب‪RR‬ل تحم‪RR‬ل‬
‫الفاكهة من الشام‪ ،‬فلّم ا أتي برأس عبيد هّللا ابن زياد أمر بتلك الفاكهة ففّرقت بين أهل المدينة‪ ،‬وامتشطت نس‪R‬اء آل‬
‫‪297‬‬
‫رسول هّللا (ص) واختضبن‪ ،‬وما امتشطت أمرأة وال اختضبت منذ قتل الحسين بن علي‪.‬‬
‫ص‪210:‬‬
‫حالة مدرسة الخلفاء بعد استشهاد الحسين (ع)‬
‫أ‪ -‬عطاء وحبوة‪:‬‬
‫قال ابن أعثم‪ :‬فلّم ا قتل الحس‪RR‬ين ‪ 2‬استوس‪RR‬ق العراق‪RR‬ان جميع‪RR‬ا لعبي‪RR‬د هّللا ابن زي‪RR‬اد‪ ،‬ووصله يزي‪RR‬د ب‪RR‬ألف ال‪RR‬ف درهم‬
‫جائزة‪ ،‬فبنى قصريه الحمراء والبيضاء في البصرة وأنفق عليهما ماال جزيال‪ ،‬فك‪RR‬ان يشّتي في الحم‪RR‬راء ويص‪ّRR‬يف‬
‫‪298‬‬
‫في البيضاء‪ ،‬وعال أمره وانتشر ذكره‪ ،‬وبذل االموال واصطنع الرجال‪ ،‬ومدحته الشعراء‪.‬‬
‫وقال المسعودي‪ :‬جلس‪ -‬يزيد‪ -‬ذات يوم على شرابه‪ ،‬وعن يمينه ابن زياد وذلك بعد قتل الحسين فأقبل على ساقيه‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫ثّم ِم ْل فاسِق مثلها ابن زياد‬ ‫اسقني شربة ترّوي ُم شاشي‬

‫ولتسديد مغنمي وجهادي‬ ‫صاحب السّر واالمانة عندي‬

‫‪299‬‬
‫ثّم أمر المغّنين فغّنوا به‪.‬‬
‫قال المؤلف‪ :‬نرى المقصود من ابن زياد في شعر يزيد اّنما هو عبيد هّللا وليس بأخيه سلم كما ذكره ابن أعثم وقال‪:‬‬
‫اّن يزيد قال له‪ :‬لقد وجبت محبَّتكم يا ب‪RR‬ني زي‪RR‬اد على آل س‪RR‬فيان‪ ،‬ثّم ق‪RR‬ال‪ :‬ي‪RR‬ا غالم أطعمنا‪ ،‬فقّد مت المائ‪RR‬دة فطعم‪RR‬ا‬
‫جميعا‪ ،‬فلّم ا أكال دعا يزيد بالشراب‪ ،‬فلّم ا دارت الكأس التفت يزيد إلى ساقيه‬
‫ص‪211:‬‬
‫‪ .)1 ( 296‬اللهوف ص ‪ ،80‬وفي مثير االحزان ص ‪ 92‬بايجاز‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 297‬تاريخ اليعقوبي ‪.259 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 298‬فتوح ابن أعثم ‪.252 /5‬‬
‫‪ .)2 ( 299‬المسعودي‪ ،‬مروج الذهب ‪.67 /3‬‬
‫وجعل يقول‪:‬‬

‫ثّم مل فاسق مثلها ابن زياد‬ ‫اسقني شربة ترّوي عظامي‬

‫‪300‬‬
‫وعلى ثغر مغنم وجهاد‬ ‫موضع العدل واالمانة عندي‬

‫فاّن هذا القول من يزيد يناسب عبيد هّللا وليس أخاه سلما‪ ،‬ولعّله أنشد البيتين لالخوين في مجلسين للشرب‪.‬‬
‫ويؤيد ذلك ما قاله سبط ابن الج‪R‬وزي في الت‪R‬ذكرة فاّن ه ق‪R‬ال‪ :‬إس‪R‬تدعى ابن زي‪R‬اد إلي‪R‬ه وأعط‪R‬اه أم‪R‬واال كث‪R‬يرة وتحف‪R‬ا‬
‫عظيمة‪ ،‬وقرب مجلسه ورفع منزلته‪ ،‬وأدخله على نسائه وجعله نديمه‪ ،‬وسكر ليل‪RR‬ة وق‪RR‬ال للمغّني غن ثّم ق‪RR‬ال يزي‪RR‬د‬
‫‪301‬‬
‫بديها‪ :‬اسقني شربة ‪....‬‬
‫قال المؤّلف‪ :‬هكذا كان عطاؤه وحباؤه لقائد جنده‪ ،‬أّم ا عطاؤه للجنود فقد ذك‪RR‬ره البالذري وق‪RR‬ال‪ :‬كتب يزي‪RR‬د إلى ابن‬
‫‪302‬‬
‫زياد‪ :‬أّم ا بعد‪ ،‬فزد أهل الكوفة أهل السمع والطاعة في أعطياتهم مائة مائة‪.‬‬
‫عاش قتلة الحسين هكذا في حبور وسرور واستبشار حّتى إذا ظهرت آثار أفعالهم ندموا على ما فعلوا‪.‬‬
‫ب‪ -‬ندم عصبة الخالفة بعد ظهور نتائج أفعالهم‪:‬‬
‫قال ابن كثير وغيره واللفظ البن كثير‪ :‬لّم ا قتل ابن زياد الحسين ومن مع‪RR‬ه وبعث برؤوس‪RR‬هم إلى يزي‪RR‬د‪ ،‬س‪ّRR‬ر بقتلهم‬
‫أّوال‪ ،‬وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده‪ ،‬ثّم لم يلبث إاّل قليال حتى ندم وقال‪ :‬بّغ ضني بقتله إلى المسلمين‪ ،‬وزرع‬
‫ص‪212:‬‬
‫‪303‬‬
‫في قلوبهم العداوة فأبغضني البّر والفاجر‪.‬‬

‫وكذلك يظهر ندم ابن زياد وعمر بن سعد وسائر قتلة آل رسول هّللا مما جاء في كتب التواريخ‪ ،‬وق‪RR‬د أعرض‪RR‬نا عن‬
‫نقله‪R‬ا روم‪R‬ا لالختص‪R‬ار‪ .‬واّنم‪R‬ا ن‪R‬دموا من فعلهم بس‪R‬بب م‪R‬ا رأوا من آثار س‪R‬خط المس‪R‬لمين عليهم أّوال‪ ،‬ثّم لث‪R‬ورات‬
‫المسلمين المستمّر ة عليهم بعد ذلك كما نشرحه في الباب االتي بحوله تعالى‪.‬‬
‫ص‪213:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬ثورات أهل الحرمين وغيرهم بعد استشهاد االمام الحسين (ع)‬
‫ص‪215:‬‬
‫ثورة أهل الحرمين‬

‫غايتنا من إيراد خبر مقتل االمام الحسين (ع)‬


‫لم أقصد في ما أوردت من أخبار مقتل االم‪RR‬ام الحس‪RR‬ين (ع) استقص‪RR‬اء أخب‪R‬ار مقتل‪R‬ه وال تحقي‪R‬ق حوادثه‪ ،‬وال بي‪R‬ان‬
‫زمانها وتحديد مكانها‪ ،‬بل توّخ يت في ما أوردت فهم آثار مقتله على مدرستي االمامة والخالفة في االسالم‪ ،‬وك‪RR‬ان‬
‫يكفيني في هذا الصدد ما أوردته على سبيل التنبيه‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 300‬الفتوح البن أعثم ‪.254 /5‬‬


‫‪ .)2 ( 301‬تذكرة خواص االمة ص ‪.164‬‬
‫‪ .)3 ( 302‬أنساب االشراف ص ‪.220‬‬
‫‪ .)1 ( 303‬ابن كثير ‪ ،232 /8‬وتاريخ االسالم للذهبي ‪.351 /2‬‬
‫وكان من آثار مقتله على مدرسة الخالفة ثورات المس‪R‬لمين المس‪R‬تمّرة على حكم آل أمّي ة وفي مقّد متها ثورة أهل‬
‫الحرمين كما نبينها في ما يلي‪:‬‬
‫قال المسعودي‪ :‬لّم ا شمل الناس جور يزيد وعّم اله‪ ،‬وعّم هم ظلمه وما ظه‪RR‬ر من فس‪RR‬قه من قتل‪R‬ه ابن بنت رس‪RR‬ول هّللا‬
‫(ص) وأنصاره‪ ،‬وما أظهر من ش‪RR‬رب الخم‪RR‬ور‪ ،‬وس‪RR‬يره س‪RR‬يرة فرع‪RR‬ون‪ ،‬ب‪R‬ل ك‪RR‬ان فرع‪RR‬ون أع‪RR‬دل منه في رعّيت‪R‬ه‬
‫وأنصف منه لخاّصته وعاّم ته‪ 304،‬امتنع ابن الزبير من بيعة يزي‪RR‬د‪ ،‬وك‪RR‬ان يس‪ّR‬م يه الس‪ِّR‬ك ير الخّم ير‪ ،‬وكتب إلى أهل‬
‫‪305‬‬
‫المدنية ينتقصه‪ ،‬ويذكر فسوقه‪ ،‬ويدعوهم إلى معاضدته على حربه‪.‬‬
‫وقال الطبري وغيره‪ :‬لّم ا قتل الحسين (ع) ق‪R‬ام ابن الزب‪R‬ير في أهل مك‪RR‬ة‪ ،‬وعّظم مقتل‪R‬ه‪ ،‬وع‪RR‬اب على أهل الكوفة‬
‫خاّصة‪ ،‬والم أهل العراق عاّم ة‪ ،‬فقال‬
‫ص‪216:‬‬
‫بعد أن حمد هّللا وأثنى عليه وصّلى على محّم د (ص)‪:‬‬

‫أّن أهل العراق غدر فجر إاّل قليال‪ ،‬واّن أهل الكوفة شرار أهل العراق‪ ،‬وإنهم دعوا حسينا لينصروه ويوّلوه عليهم؛‬
‫فلّم ا قدم عليهم ثاروا إليه فقالوا له‪ :‬إّم ا أن تضع يدك في أيدينا فنبعث بك إلى ابن زياد ابن سمّية سلما فيمضي في‪RR‬ك‬
‫حكمه‪ ،‬وإّم ا أن ُتحارب‪ ،‬فرأى وهّللا أَّنه هو وأصحابه قليل في كثير وان كان هّللا عّز وجّل لم يطلع على الغيب أحدا‬
‫اّنه مقتول ولكّنه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة فرحم هّللا حسينا وأخزى قاتل حسين‪ ،‬لعمري لقد كان من‬
‫خالفهم اّياه وعصيانهم ما كان في مثله واعظ ون‪R‬اه عنهم‪ ،‬ولكّن ه م‪RR‬ا حّم ن‪R‬ازل‪ ،‬وإذا أراد هّللا أم‪RR‬را لن ُي دَفع‪ ،‬أفبع‪RR‬د‬
‫الحسين نطمئّن إلى هؤالء القوم ونصّد ق قولهم ونقبل لهم عهدا؟ ال‪ ،‬وال نراهم لذلك أهال‪ ،‬أما وهّللا لقد قتلوه ط‪RR‬ويال‬
‫بالليل قيامه‪ ،‬كثيرا في النهار صيامه‪ ،‬أحّق بما هم فيه منهم‪ ،‬وأولى به في ال‪R‬دين والفض‪R‬ل‪ ،‬أم‪R‬ا وهّللا م‪R‬ا ك‪R‬ان يب‪ّR‬د ل‬
‫بالقرآن الغناء وال بالبكاء من خشية هّللا الحداء‪ ،‬وال بالصيام شرب الحرام‪ ،‬وال ب‪RR‬المجلس في حل‪RR‬ق ال‪RR‬ذكر ال‪RR‬ركض‬
‫في تطالب الصيد‪ -‬يعّرض بيزيد‪ -‬فسوف يلقون غّيا‪ ،‬فثار إليه أصحابه‪ ،‬فقالوا له‪ :‬أّيها الرجل! أظهر بيعتك فاّنه لم‬
‫يبق أحد‪ -‬إذ هلك حسين‪ -‬ينازعك هذا االمر‪ ،‬وق‪R‬د ك‪RR‬ان يب‪R‬ايع الناس س‪RR‬را ويظه‪RR‬ر أّن ه عائ‪R‬ذ ب‪R‬البيت‪ ،‬فقال لهم‪ :‬ال‬
‫تعجلوا‪ .‬وعمرو بن سعيد بن العاص يومئذ عامل مّك ة‪ ،‬وقد كان أشّد شيء علي‪RR‬ه وعلى أصحابه‪ ،‬وك‪RR‬ان م‪RR‬ع ش‪َّR‬د ته‬
‫عليهم يداري ويرفق فلّم ا استقّر عند يزيد ابن معاوية م‪R‬ا ق‪R‬د جم‪R‬ع ابن الزب‪R‬ير من الجم‪R‬وع بمك‪R‬ة؛ أعطى هّللا عه‪R‬دا‬
‫ليوثقّنه في سلسلة‪ ،‬فبعث بسلسلة من فّضة فمّر بها البري‪RR‬د على م‪RR‬روان بن الحكم بالمدينة فأخبر خ‪RR‬بر م‪RR‬ا ق‪RR‬دم ل‪RR‬ه‬
‫وبالسلسلة التي معه فقال مروان‪:‬‬
‫وفيها مقال المرىء متضّعف‬ ‫خذها فليست للعزيز بخّطة‬

‫ثّم مضى من عنده حّتى قدم على ابن الزبير‪ ،‬فأتى ابن الزبير فأخبره بممّر‬
‫ص‪217:‬‬
‫البريد على مروان وتمّثل مروان بهذا البيت فقال ابن الزبير‪ :‬ال وهّللا ! ال أكون أنا ذلك المتضّعف‪ ،‬ورّد ذلك البري‪RR‬د‬
‫رّد ا رفيقا‪ .‬وعال أمر ابن الزبير بمكة وكاتبه أهل المدينة‪ ،‬وقال الناس‪ :‬أما إذ هل‪RR‬ك الحس‪RR‬ين (ع) فليس أح‪RR‬د ينازع‬
‫‪306‬‬
‫ابن الزبير‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 304‬مروج الذهب ‪ ،68 /3‬وتاريخ ابن كثير ‪.219 /8‬‬


‫‪ .)2 ( 305‬التنبيه واالشراف ص ‪.263‬‬
‫‪ .)1 ( 306‬الطبري ط‪ .‬أوربا ‪ ،397 -396 /2‬وط‪ .‬مصر ‪.275 -274 /5‬‬
‫رسل يزيد مع ابن الزبير‪:‬‬
‫روى خبر رسل يزيد م‪RR‬ع ابن الزب‪RR‬ير ابن أعثم وال‪RR‬دينوري وغيرهم‪RR‬ا واللف‪RR‬ظ البن أعثم ق‪RR‬ال‪ :‬وتح‪ّRR‬رك عب‪RR‬د هّللا بن‬
‫‪307‬‬
‫الزبير ودعا الناس إلى نفسه‪.‬‬
‫قال ولّم ا بلغ يزيد بن معاوية ما فيه عبد هّللا بن الزبير من بيع‪R‬ة الناس ل‪R‬ه واجتم‪R‬اعهم علي‪R‬ه؛ دع‪R‬ا بعشرة نف‪R‬ر من‬
‫وجوه أصحابه منهم النعمان بن بشير االنصاري‪ ،‬وعبد هّللا بن عضاءة االشعري ‪...‬‬
‫ثّم قال لهم‪ :‬إّن عبد هّللا بن الزبير قد تحّرك بالحجاز وأخرج يده من طاعتي ودعا الناس إلى سّبي وس‪ّRR‬ب أبي‪ ،‬وق‪RR‬د‬
‫اجتمعت إليه قوم يعينونه على ذلك‪ ... ،‬صيروا إلي‪RR‬ه‪ ،‬فإذا دخلتم علي‪RR‬ه فعّظم‪RR‬وا حّق ه وح‪ّR‬ق أبي‪RR‬ه‪ ،‬وس‪RR‬لوه أن يل‪RR‬زم‬
‫الطاعة وال يفارق الجماعة؛ فإن أج‪R‬اب فخ‪R‬ذوا بيعت‪R‬ه‪ ،‬وإن أبى فخّوفوه م‪R‬ا ن‪R‬زل بالحس‪R‬ين بن علّي ‪ ،‬وليس الزب‪R‬ير‬
‫عندي بأفضل من علّي بن أبي طالب وال ابنه عبد هّللا بأفضل من الحسين‪ ،‬وانظروا أن ال تلبثوا عنده فاني متعّل ق‬
‫القلب بورود خبركم علَّي ‪ ،‬فخرج القوم إلى مّك ة ودخلوا على ابن الزب‪R‬ير وأدوا إلي‪R‬ه رس‪R‬الة يزي‪R‬د فقال‪ :‬وم‪R‬ا اّل ذي‬
‫يريد مّني يزيد؟ اّنما أنا رجل مجاور هذا البيت عائذ من شر يزيد وغير يزيد‪ ،‬فان تركني فيه وإاّل انتقلت عنه إلى‬
‫بلد غيره وكنت فيه إلى‬
‫ص‪218:‬‬
‫أن يأتيني الموت‪ ،‬ثّم أمر لهم بمنزل فصاروا إليه يومهم ذلك ولّم ا كان من الغد خ‪RR‬رج فص ‪ّR‬لى بأصحابه الفج‪RR‬ر‪ ،‬ثّم‬
‫أقبل فجلس في الحجر واجتمع إليه أصحابه‪ ،‬وأقبل إليه هؤالء الوفد اّلذين قدموا عليه من عند يزيد‪ ،‬وتكّلموا كالم‪RR‬ا‬
‫يرجون به اتباعه ليزيد وطاعته له‪ ،‬قال‪ :‬فأقبل إليه النعمان بن بشير فقال‪ :‬بلغ يزيد عنك أّنك تصعد المنبر فت‪RR‬ذكره‬
‫وتذكر أباه معاوية بكّل قبيح‪ ،‬وأنت تعلم أّنه امام وقد بايعه الناس‪ ،‬وال نحّب لك أن تخرج يدك من الطاع‪R‬ة وتف‪R‬ارق‬
‫الجماعة‪ ،‬وبعد فاّن الغيبة ال خير فيها‪ ،‬قال‪ :‬فقطع عليه الكالم عبد هّللا بن الزبير‪ ،‬ثّم قال‪ :‬يا ابن بشير! اّن الفاس‪RR‬ق‬
‫ال غيبة له‪ ،‬وما قلت فيه إاّل ما قد علمه الناس منه‪ ،‬ول‪RR‬و ك‪RR‬ان على م‪RR‬ا ك‪RR‬ان علي‪RR‬ه االئم‪RR‬ة االخي‪RR‬ار س‪RR‬معنا وأطعنا‬
‫ولذكرناه بكّل جميل‪ ،‬وبعد فاّني أنا في هذا البيت بمنزلة حمام‪R‬ة من حم‪R‬ام مّك ة‪ ،‬أفتح‪ّR‬ل لكم أن ت‪R‬ؤذوا حم‪R‬ام مّك ة؟‬
‫قال‪ :‬فغضب عبد هّللا بن عضاءة االشعري‪ ،‬فقال‪ :‬نعم وهّللا يا ابن الزبير‪ ،‬نؤذي حمام مّك ه ونقت‪RR‬ل حم‪RR‬ام مّك ه‪ ،‬وم‪RR‬ا‬
‫حرمة مّك ة؟ يا ابن الزبير! أتصعد المنبر وتتكلم في أمير المؤمنين بكّل قبيح ثّم تشبه نفسك بحمام مكة؟ ثّم ق‪RR‬ال‪ :‬ي‪RR‬ا‬
‫غالم‪ ،‬إئتني بقوسي وسهمي‪ .‬قال‪ :‬فُأتي بقوسه وسهامه فأخذ سهما فوضعه في كبد قوسه ثّم س‪ّR‬د ده نح‪R‬و حم‪R‬ام مّك ة‬
‫وقال‪ :‬يا حمامة! أيشرب أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين ويفج‪RR‬ر؟ ق‪RR‬ولي نعم‪ .‬أم‪RR‬ا وهّللا ل‪RR‬و قلت‪ :‬نعم‪ ،‬لم‪RR‬ا أخط‪RR‬أك س‪RR‬همي هذا‪ ،‬ي‪RR‬ا‬
‫حمامة! أيلعب أمير المؤم‪RR‬نين ب‪R‬القرود والفه‪RR‬ود ويفس‪R‬ق في ال‪R‬دين؟ ق‪R‬ولي‪ :‬نعم‪ .‬أم‪RR‬ا وهّللا لئن قلت‪ :‬نعم‪ ،‬ال أخط‪R‬أك‬
‫سهمي هذا‪ ،‬يا حمامة فتقبلين‪ 308‬أم تخلعين الطاعة وتفارقين الجماعة وتقيمين في الحرم عاصية؟ ق‪R‬ولي‪ :‬نعم‪ .‬ق‪R‬ال‪:‬‬
‫ثّم أقبل عبد هّللا بن عضاءة على ابن الزبير فقال له‪ :‬مالي ال أرى الحمامة تنطق بشيء وأنت الناطق ما كّلمتها في‪RR‬ه‬
‫على المنبر‪ ،‬أما وهّللا يا ابن الزب‪R‬ير إّني خ‪R‬ائف علي‪R‬ك‪ ،‬وأقس‪R‬م باهّلل قس‪R‬ما صادقا لتب‪R‬ايعّن يزي‪R‬د طائع‪R‬ا أو كارها أو‬
‫لتعرفّني في هذه البطحاء‬

‫ص‪219:‬‬
‫‪309‬‬
‫وفي يدي راية االشعرّيين‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 307‬االخبار الطوال للدينوري ص ‪ ،263‬وقد أوردتها ملخصة من فتوح ابن أعثم ‪ ،290 -262 /5‬وط‪ .‬حيدر آباد الدكن الهند سنة ‪ 1392‬ه‪-‬‬
‫‪.281 -279 /5‬‬
‫‪ .)1 ( 308‬في المصدر فتقتلين وقد اشار المصحح إلى ما أثبتناه‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 309‬وقريب منه لفظ االصبهاني في االغاني ‪.33 /1‬‬
‫وذكر ابن أعثم وقايع بين ابن الزبير وعمرو بن سعيد‪ ،‬كانت الغلبة فيها البن الزبير‪.‬‬
‫‪310‬‬
‫وذكر الطبري أّنه عزل عمرو بن سعيد وولى الوليد بن عتبة فأقام الحج سنة ‪ 61‬ه‪.-‬‬
‫قال‪ 311:‬وأقام الوليد يريد ابن الزبير فال يجده إاّل متحّذ را متمّنع‪RR‬ا‪ ،‬وأفاض بالناس من عرفة ثّم أفاض ابن الزب‪RR‬ير‬
‫بأصحابه‪ ،‬ثّم اّن ابن الزبير عمل بالمكر في أمر الوليد فكتب إلى يزيد اّن ك بعثت إلينا رجال أخ‪R‬رق ال يتج‪R‬ه الم‪R‬ر‬
‫رشد‪ ،‬وال يرعوي لعظة الحكيم‪ ،‬فلو بعثت رجال سهل الخلق رجوت أن يسهل من االمور م‪RR‬ا اس‪RR‬توعر منه‪RR‬ا‪ ،‬وان‬
‫يجتمع ما تفّرق‪ ،‬فعزل يزيد الوليد وولّى عثمان بن محّم د بن أبي سفيان‪.‬‬
‫وفد أهل المدينة عند يزيد‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬كان عثمان فتى غرا لم يجّرب االمور ولم يحّنكه السّن فبعث إلى يزيد وفدا من أهل المدينة فيهم‪ :‬عبد هّللا بن‬
‫حنظلة غسيل المالئكة االنصاري‪ ،‬وعبد هّللا بن أبي عمرو المخ‪RR‬زومي‪ ،‬والمنذر بن الزب‪RR‬ير‪ ،‬ورج‪RR‬اال كث‪RR‬يرين من‬
‫أشراف أهل المدينة فقدموا على يزيد فأكرمهم وأحسن إليهم وأعظم جوائزهم‪ ،‬فأعطى عب‪R‬د هّللا بن حنظل‪R‬ة‪ -‬وك‪RR‬ان‬
‫شريفا فاضال عابدا سّيدا‪ -‬مائة ألف درهم‪ ،‬وك‪R‬ان مع‪R‬ه ثماني‪R‬ة ب‪R‬نين فاعطى ك‪ّR‬ل ول‪R‬د عشرة آالف س‪R‬وى كس‪R‬وتهم‬
‫وحمالنهم‪ ،‬فلّم ا رجعوا‬
‫ص‪220:‬‬
‫قدموا المدينة وأظهروا شتم يزيد وعيبه وقالوا قدمنا من عند رجل ليس له دين‪ ،‬يشرب الخمر ويضرب بالطنابير‪،‬‬
‫ويعزف عنده القيان ويلعب بالكالب ويسمر عنده الخّراب والفتيان! وإّنا نشهدكم أّنا خلعناه! وقام عبد هّللا بن حنظلة‬
‫الغسيل‪ ،‬فقال‪ :‬جئتكم من عند رجل ل‪R‬و لم أج‪R‬د إاّل ب‪R‬نّي هؤالء لجاهدت‪R‬ه بهم‪ ،‬ق‪R‬الوا‪ :‬ق‪R‬د بلغنا أّن ه أج‪R‬داك وأعط‪R‬اك‬
‫وأكرمك‪ ،‬قال‪ :‬قد فعل وما قبلت منه عطاءه إاّل التقوى به‪ ،‬فخلعه الناس وبايعوا عبد هّللا بن حنظلة على خلع يزيد‪،‬‬
‫ووّلوه عليهم‪.‬‬

‫أّم ا المنذر بن الزبير فكان قد أجازه بمائة ألف وكان قوله لّم ا قدم المدينة‪ :‬اّن يزيد وهّللا لقد أجازني بمائة ألف درهم‬
‫وإّنه ال يمنعني ما صنع إلّي أن أخ‪RR‬بركم خ‪RR‬بره وأصدقكم عنه‪ .‬وهّللا اّن ه ليشرب الخم‪RR‬ر‪ ،‬وأّن ه ليس‪RR‬كر حّتى ي‪RR‬دع‬
‫‪312‬‬
‫الصالة‪ .‬وعابه بمثل ما عابه به أصحابه الذين كانوا معه وأشّد‬
‫ص‪221:‬‬
‫ثورة الصحابة والتابعين‬
‫ثورة أهل المدينة وبيعتهم لعبد هّللا بن حنظلة‬
‫وقال الذهبي في تاريخ االسالم‪ :‬اجتمعوا على عبد هّللا بن حنظلة وبايعهم على الموت‪ ،‬قال‪ :‬ي‪RR‬ا ق‪RR‬وم اّتقوا هّللا فَو هّللا‬
‫ما خرجنا على يزيد حّتى خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء‪ ،‬إّنه رجل ينكح أّم ه‪RR‬ات االوالد والبنات واالخ‪RR‬وات‪،‬‬
‫‪313‬‬
‫ويشرب الخمر ويدع الصالة‪.‬‬
‫وقال اليعقوبّي ‪ :‬أتى ابن مينا عامل صوافي معاوية إلى عثمان بن محّم د والي المدينة من قبل يزيد فاعلمه أّن ه أراد‬
‫حمل ما كان يحمله في كّل سنة من تلك الصوافي من الحنط‪RR‬ة والتم‪RR‬ر‪ ،‬واّن أهل المدينة منع‪RR‬وه من ذل‪RR‬ك‪ .‬فأرس‪RR‬ل‬

‫‪ .)2 ( 310‬الطبري ‪ 275 -273 /6‬في آخر ذكر حوادث سنة احدى وستين‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 311‬الطبري ‪ ،5 -2 /8‬في ذكر حوادث سنة اثنين وستين‪ .‬وتخيرت اللفظ من تاريخ ابن االثير ‪.42 -40 /4‬‬
‫‪ .)1 ( 312‬تاريخ الطبري ‪ ،13 -3 /7‬وابن االثير ‪ ،41 -40 /4‬وابن كثير ‪ ،216 /8‬والعقد الفريد ‪.388 /4‬‬
‫‪ .)1 ( 313‬تاريخ االسالم ‪.356 /2‬‬
‫عثمان إلى جماعة منهم فكّلمهم بكالم غليظ فوثبوا به وبمن كان معه بالمدينة من بني أمّية وأخرج‪RR‬وهم من المدينة‬
‫‪314‬‬
‫وأتبعوهم يرجمونهم بالحجارة‪.‬‬
‫وفي االغاني‪ :‬وأقام ابن الزبير على خلع يزيد ومااله على ذلك أكثر الناس‪ ،‬فدخل عليه عبد هّللا بن مطيع وعب‪RR‬د هّللا‬
‫بن حنظلة وأهل المدينة المس‪RR‬جد‪ ،‬وأت‪R‬وا المنبر فخلع‪RR‬وا يزي‪R‬د‪ ،‬فقال عب‪R‬د هّللا بن أبي عم‪RR‬رو بن حفص بن المغ‪RR‬يرة‬
‫المخزومي‪ :‬خلعت يزي‪R‬د كم‪RR‬ا خلعت عم‪RR‬امتي‪ ،‬ونزعه‪RR‬ا عن رأس‪RR‬ه‪ ،‬وق‪R‬ال‪ :‬اّني الق‪R‬ول هذا وق‪R‬د وصلني وأحس‪RR‬ن‬
‫جائزتي‪ ،‬ولكّن عدّو هّللا ِس ِّك ير ِخِّم ير‪ .‬وقال آخر‪ :‬خلعته كما‬
‫ص‪222:‬‬
‫خلعت نعلي‪ .‬وقال آخر‪ :‬خلعته كما خلعت ثوبي‪ ،‬وقال آخر‪ :‬قد خلعته كما خلعت خّفي‪ ،‬حّتى كثرت العمائم والنعال‬
‫والخفاف‪ ،‬وأظهروا البراءة منه وأجمعوا على ذلك‪ .‬وامتنع منه عب‪RR‬د هّللا بن عم‪RR‬ر‪ ،‬ومحّم د بن علي بن أبي ط‪RR‬الب‬
‫(ع) وجرى بين محّم د خاّص ة وبين أصحاب ابن الزبير فيه قول كثير‪ ،‬حّتى أرادوا اكراهه على ذل‪RR‬ك‪ ،‬فخ‪RR‬رج إلى‬
‫مّك ة وكان هذا أّول ما هاج الشّر بينه وبين ابن الزبير‪ ،‬واجتمع أهل المدينة الخراج بني أمية عنه‪RR‬ا‪ ،‬فأخ‪RR‬ذوا عليهم‬
‫العهود أاّل يعينوا عليهم الجيش‪ ،‬وأن يرّد وهم عنهم فان لم يقدروا على رّد هم ال يرجعوا إلى المدينة معهم‪.‬‬

‫السّجاد (ع) يؤوي حريم بني أمية‪:‬‬


‫قال‪ :‬فأتى مروان عبد هّللا بن عمر فقال‪ :‬يا أبا عبد الرحمن! اّن هؤالء القوم قد ركبونا بما ترى‪ ،‬فضّم عيالنا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫لست من أمركم وأمر هؤالء في شيء‪ ،‬فقام مروان وهو يقول‪ :‬قّبح هّللا هذا أمرا وهذا دينا‪ .‬ثّم أتى علّي بن الحس‪RR‬ين‬
‫(ع) فس‪R‬أله أن يض‪ّR‬م أهل‪R‬ه وثقل‪R‬ه ففع‪R‬ل‪ ،‬ووَّجههم وامرأت‪R‬ه أّم أب‪R‬ان بنت عثم‪R‬ان إلى الط‪R‬ائف ومعه‪R‬ا ابناه‪ :‬عب‪R‬د هّللا‬
‫‪315‬‬
‫ومحّم د‪.‬‬
‫وقال الطبري وابن االثير‪ :‬وقد كان مروان بن الحكم كّلم ابن عمر لّم ا أخرج أهل المدينة عامل يزيد وبني أمّية في‬
‫أن يغيب أهله عنده فلم يفعل‪ ،‬فكّلم علّي بن الحسين وقال‪ :‬يا أبا الحسن! ان لي رحما‪ ،‬وح‪R‬رمي تك‪R‬ون م‪R‬ع حرم‪R‬ك‪.‬‬
‫‪316‬‬
‫فقال‪ :‬افعل‪ .‬فبعث بحرمه إلى علّي بن الحسين‪ ،‬فخرج بحرمه وحرم مروان حّتى وضعهم بينبع‪.‬‬
‫وفي تاريخ ابن االثير‪ :‬فبعث بامرأته‪ -‬وهي عائشة ابنة عثمان بن عّفان‬
‫ص‪223:‬‬
‫‪ -‬وحرمه إلى علي بن الحسين‪ ،‬فخرج علّي بحرمه وحرم مروان إلى ينبع‪.‬‬

‫وفي االغاني‪ :‬واخرجوا بني أمّية فأراد مروان أن يصّلي بمن معه فمنعوه وقالوا‪ :‬ال يصّلي وهّللا بالناس أبدا‪ ،‬ولكن‬
‫‪317‬‬
‫إذا أراد أن يصّلي بأهله فليصِّل ‪ ،‬فصّلى بهم ومضى‪.‬‬
‫استغاثة بني أمية بيزيد‪:‬‬
‫قال الطبري وغيره‪ :‬فخرج بنو أمّية بجم‪RR‬اعتهم حّتى نزل‪RR‬وا دار م‪RR‬روان‪ ،‬فحاصرهم الناس به‪RR‬ا حص‪RR‬ارا ض‪RR‬عيفا‪،‬‬
‫فارسل بنو أمّية بكتاب إلى يزيد يستغيثونه‪ .‬فقال يزيد للرسول‪ :‬أما يكون بنو أمّي ة وم‪RR‬واليهم أل‪RR‬ف رج‪RR‬ل بالمدينة؟‬
‫قال‪ :‬بلى وهّللا وأكثر‪ ،‬قال‪ :‬فما استطاعوا أن يقاتلوا ساعة من نهار؟! قالو‪ :‬فبعث إلى عمرو بن سعيد فأقرأه الكتاب‬
‫وأخبره الخبر وأمره أن يسير إليهم فأبى‪ ،‬وبعث إلى عبيد هّللا بن زي‪RR‬اد ي‪RR‬أمره بالمس‪RR‬ير إلى المدينة ومحاصرة ابن‬
‫‪ .)2 ( 314‬اليعقوبي ‪.250 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 315‬االغاني ‪.35 -34 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 316‬الطبري ‪ ،7 /7‬وابن االثير ‪.45 /4‬‬
‫‪ .)1 ( 317‬االغاني ‪.36 /1‬‬
‫الزبير فأبى وقال‪ :‬وهّللا ال جمعتها للفاسق‪ .‬أقتل ابن بنت رسول هّللا (ص) وأغ‪RR‬زو ال‪RR‬بيت‪ .‬وك‪RR‬انت ُأّم ه مرجان‪RR‬ة ق‪RR‬د‬
‫‪318‬‬
‫عّنفته حين قتل الحسين وقالت له‪ :‬ويلك ماذا صنعت وماذا ركبت؟!‪.‬‬
‫فبعث إلى مسلم بن عقبة المّري وكان معاوية قد قال ليزيد‪ :‬اّن لك من أهل المدينة يوما‪ ،‬فان فعل‪R‬وا فارمهم بمس‪R‬لم‬
‫‪319‬‬
‫بن عقبة فاّنه رجل قد عرفت نصيحته‪ ،‬فلّم ا جاءه مسلم وجده شيخا ضعيفا مريضا‪.‬‬
‫قال صاحب االغاني‪ :‬قال مسلم ليزيد‪ :‬ما كنت مرسال إلى المدينة أحدا‬
‫ص‪224:‬‬
‫إاّل قّصر‪ ،‬وما صاحبهم غيري‪ ،‬إّني رأيت في منامي شجرة غرقد تصيح‪ :‬على ي‪R‬دي مس‪RR‬لم‪ ،‬فأقبلت نح‪R‬و الص‪RR‬وت‬
‫فسمعت قائال‪ :‬أدرك ثأرك‪ ،‬أهل المدينة قتلة عثمان‪.‬‬

‫أوامر الخليفة لقائد جيشه‪:‬‬


‫قال الطبري‪ :‬فانتدبه لذلك وقال له‪ :‬ان حدث بك حدث فاستخلف على الجيش الحصين بن نمير السكوني‪ ،‬وقال له‪:‬‬
‫أدع القوم ثالثا فان أجابوك وإاّل فقاتلهم فإذا ظه‪RR‬رت عليهم فأبحه‪RR‬ا ثالثا‪ ،‬فم‪RR‬ا فيه‪RR‬ا من م‪RR‬ال أو ورق‪RR‬ة أو س‪RR‬الح أو‬
‫طعام فهو للجند فاذا مضت الثالث فاكفف عن الناس‪ ،‬وانظر علّي بن الحسين فاكفف عنه واستوص به خيرا وادن‬
‫مجلسه فاّنه لم يدخل في شيء مّم ا دخلوا فيه‪ ،‬وأمر مناديه فنادى أن س‪RR‬يروا إلى الحج‪RR‬از على أخ‪RR‬ذ أعطي‪RR‬اتكم كمال‬
‫ومعونة مائة دينار توضع في يد الرجل من ساعته‪ ،‬فانتدب لذلك اثنا عشر ألف رجل‪.‬‬
‫وفي لفظ المس‪RR‬عودي في التنبي‪RR‬ه واالش‪RR‬راف‪ :‬وإذا ق‪RR‬دمت إلى المدينة فمن عاق‪RR‬ك عن دخوله‪RR‬ا أو نص‪RR‬ب ل‪RR‬ك حرب‪RR‬ا‬
‫فالسيف السيف وال ُتبِق عليهم وانتهبه‪RR‬ا عليهم ثالثا وأجه‪RR‬ز على ج‪R‬ريحهم واقت‪R‬ل م‪RR‬دبرهم‪ ،‬وان لم يعرض‪R‬وا ل‪R‬ك؛‬
‫فامض إلى مّك ة‪ ،‬فقاتل ابن الزبير‪.‬‬
‫وفي لفظه في مروج الذهب‪ :‬فسّير إليهم يزيد‪ ،‬مسلم بن عقبة اّلذي سّم ى المدينة نتنة وقد سّم اها رسول هّللا طيبة‪.‬‬
‫قال هو والدينوري‪:‬‬
‫ما أنشده خليفة المسلمين‪:‬‬
‫لّم ا عرض على يزيد الجيش أنشأ يقول‪:‬‬
‫ص‪225:‬‬
‫وهبط القوم على وادي القرى‬ ‫أبلغ أبا بكر إذا الليل سرى‬

‫أجمع سكران من الخمر ترى‬ ‫عشرون ألفا بين كهل وفتى‬

‫أم جمع يقظان نفى عنه الكرى‬


‫كانت كنية ابن الزبير أبا بكر وأبا خبيب وكان ابن الزبير يسّم ي يزيد‪ :‬السكران الخّم ير‪.‬‬
‫قال المسعودي‪ :‬وكتب يزيد إلى ابن الزبير‪:‬‬
‫أدعو عليك رجال عّك وأشعر‬ ‫أدع الهك في السماء فاّنني‬

‫‪ .)2 ( 318‬في أمالي الشجري ص ‪.164‬‬


‫‪ .)3 ( 319‬الطبري ‪ ،13 -5 /7‬وابن االثير ‪ ،45 -44 /4‬وابن كثير ‪ ،219 /8‬واالغاني ‪.36 -35 /1‬‬
‫‪320‬‬
‫فاحتل لنفسك قبل أتي العسكر‬ ‫كيف ال أبا خبيب منهم‬

‫قال الطبري وغيره واللفظ البن االثير‪ :‬ولّم ا سمع عبد الملك بن مروان اّن يزيد ق‪R‬د س‪ّR‬ير الجنود إلى المدينة ق‪R‬ال‪:‬‬
‫ليت السماء وقعت على االرض‪ ،‬اعظاما لذلك ثّم ابتلي بعد ذلك ب‪RR‬أْن وّج ه الحّج اج فحاصر مّك ة‪ ،‬ورمى الكعب‪RR‬ة‪،‬‬
‫بالمنجنيق‪ ،‬وقتل ابن الزبير‪.‬‬
‫مسير جيش الخالفة إلى الحرمين‪:‬‬
‫لّم ا أقبل مسلم بالجيش وبلغ أهل المدينة خبرهم‪ ،‬اشتّد حصارهم لبني أمّية بدار م‪RR‬روان وق‪RR‬الوا‪ :‬وهّللا ال نك ‪ّR‬ف عنكم‬
‫حّتى نستنزلكم ونضرب أعناقكم أو‬
‫ص‪226:‬‬
‫تعطون‪RR‬ا عه‪RR‬د هّللا وميثاق‪RR‬ه أن ال تبغون‪RR‬ا غائل‪RR‬ة‪ ،‬وال ت‪RR‬دلوا لنا على ع‪RR‬ورة‪ ،‬وال تظ‪RR‬اهروا علينا ع‪RR‬دّوا فنك‪RR‬ف عنكم‬
‫ونخرجكم عّنا‪ ،‬فعاهدوهم على ذل‪RR‬ك‪ ،‬فأخرجوهم من المدينة‪ ،‬فس‪RR‬اروا باثقالهم حّتى لقوا مس‪RR‬لم بن عقب‪RR‬ة ب‪RR‬وادي‬
‫القرى‪ ،‬فدعا بعمرو بن عثمان بن عّفان أّول الناس فقال له‪ :‬خبرني ما وراءك‪ ،‬وأش‪RR‬ر علَّي ‪ ،‬فقال‪ :‬ال أس‪RR‬تطيع‪ .‬ق‪R‬د‬
‫أخذ علينا العهود والمواثي‪R‬ق أن ال ن‪R‬دّل على ع‪R‬ورة وال نظ‪R‬اهر ع‪R‬دوا‪ .‬فانتهره‪ ،‬وق‪R‬ال‪ :‬وهّللا ل‪R‬وال أّن ك ابن عثم‪R‬ان‬
‫لضربت عنقك‪ ،‬وايم هّللا ال أقيلها قرشّيا بعدك‪ ،‬فخرج إلى أصحابه فأخبرهم خبره‪ ،‬فقال مروان بن الحكم البنه عبد‬
‫الملك‪ :‬أدخل قبلي لعَّله يجتزي بك عّني فدخل عبد الملك فقال‪ :‬هات ما عندك‪ .‬فقال‪ :‬نعم أرى أن تس‪RR‬ير بمن مع‪RR‬ك‬
‫فإذا انتهيت إلى ذي نخلة نزلت فاستظّل الناس في ظّله فأكلوا من صقره‪ 321‬فإذا أصبحت من الغد مض‪RR‬يت وت‪RR‬ركت‬
‫المدينة ذات اليسار‪ ،‬ثّم درت بها حّتى تأتيهم بها من قبل الحّرة مشرقا‪ ،‬ثّم تستقبل القوم فإذا اس‪RR‬تقبلتهم وق‪RR‬د أش‪RR‬رقت‬
‫عليهم الشمس طلعت بين أكتاف أصحابك فال تؤذيهم وتقع في وجوههم فيؤذيهم حُّر ها ويصيبهم أذاها‪ ،‬ويرون‪ -‬م‪RR‬ا‬
‫دمتم مشرقين‪ -‬من ائتالق بيضكم وحرابكم وأسّنة رماحكم وسيوفكم ودروعكم ماال ترون‪R‬ه أنتم م‪R‬ا دام‪R‬وا مغ‪R‬ربين‪،‬‬
‫ثّم قاتلهم واستعن باهّلل عليهم‪ ،‬فقال له مسلم‪ :‬هّلل أبوك أي امرىء ولد! ثّم أّن مروان دخل عليه فقال ل‪RR‬ه‪ :‬اي‪RR‬ه‪ :‬فقال‪:‬‬
‫أليس قد دخل عليك عبد الملك؟! قال‪ :‬بلى واّي رجل عبد الملك‪ ،‬قّلما كّلمت من رجال قريش رجال شبيها به‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إذا لقيت عبد الملك فقد لقيتني‪ .‬ثّم اّنه صار في كّل مكان يصنع ما أمر به عبد الملك‪ .‬فجاءهم من قب‪RR‬ل المشرق‪ ،‬ثّم‬
‫أمهلهم ثالثا‪ ،‬فلّم ا مضت الثالث قال‪ :‬يا أهل المدينة ما تصنعون؟ أتسالمون أم تحاربون؟ قالوا‪ :‬ب‪RR‬ل نح‪RR‬ارب‪ .‬فقال‬
‫لهم‪ :‬ال تفعلوا بل ادخلوا في الطاعة ونجعل حّد نا وشوكتنا على أهل هذا‬

‫ص‪227:‬‬
‫الملحد الذي قد جمع إلي‪R‬ه الم‪ّR‬راق والفّس اق من ك‪R‬ل أوب‪ -‬يع‪R‬ني ابن الزب‪R‬ير‪ -‬فقالوا ل‪R‬ه‪ :‬ي‪R‬ا أع‪R‬داء هّللا ل‪R‬و أردتم أن‬
‫‪322‬‬
‫تجوزوا إليه ما تركناكم‪ ،‬نحن ندعكم أن تأتوا بيت هّللا الحرام وتخيفوا أهله وتستحّلوا حرمته؟! ال وهّللا ال نفعل!‪.‬‬

‫قال المسعودي وال‪R‬دينورّي واللف‪RR‬ظ لالول‪ :‬احتف‪RR‬ر أهل المدينة خندق رس‪RR‬ول هّللا (ص) ال‪R‬ذي ك‪RR‬ان ق‪R‬د حف‪RR‬ره ي‪R‬وم‬
‫االحزاب‪ ،‬وشكوا المدينة بالحيطان‪ ،‬وقال شاعرهم مخاطبا ليزيد‪:‬‬
‫لضربا يبدي عن النشوات‬ ‫أّن بالخندق المكّلل بالمجد‬

‫‪ .)1 ( 320‬التنبيه واالشراف ص ‪ ،263‬ومروج الذهب ‪ ،69 -68 /3‬واالخبار الطوال ص ‪ ،265‬والبيتان االخيران جاءا فيه‪ ،‬وذكرت الشعر االول‬
‫بلفظ الطبري ‪ ،6 /8‬وابن االثير‪ ،‬وراجع تاريخ االسالم للذهبي ‪.355 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 321‬الصقر بكسر القاف‪ :‬التمر الذي يصلح للدبس‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 322‬الطبري ‪ ،8 -6 /7‬وابن االثير ‪.46 -45 /4‬‬
‫يا مضيع الصالة للشهوات‬ ‫لست مّنا وليس خالك مّنا‬

‫‪323‬‬
‫واشرب الخمر واترك الجمعات‬ ‫فإذا ما قتلنا فتنّصر‬

‫قال الذهبي‪ :‬فكان ابن حنظلة ي‪R‬بيت تل‪R‬ك اللي‪R‬الي في المس‪R‬جد‪ ،‬وم‪R‬ا يزي‪R‬د على أن يشرب يفط‪R‬ر على ش‪R‬ربة س‪R‬ويق‬
‫ويصوم الدهر‪ ،‬وما رئي رافعا رأسه إلى السماء أحيانا‪ ،‬فلّم ا ق‪R‬رب القوم خطب أصحابه وحّرض‪R‬هم على القت‪R‬ال‪،‬‬
‫وأمرهم بالصدق في اللقاء وقال‪ :‬الّلهم اّنا بك واثقون‪ .‬فصّبح القوم المدينة‪ ،‬فقاتل أهل المدينة قتاال ش‪RR‬ديدا‪ ،‬فس‪RR‬معوا‬
‫التكبير خلفهم من المدينة وأقحم عليهم بنو حارثة وهم على الح‪R‬رة فانهزم الناس وعب‪R‬د هّللا بن حنظل‪R‬ة متس‪RR‬اند إلى‬
‫بعض بنيه يغّط نوما فنّبهه ابنه‪ ،‬فلّم ا رأى ما جرى أمر أكبر بني‪R‬ه فقات‪R‬ل ح‪R‬تى قت‪R‬ل‪ ،‬ثّم لم ي‪R‬زل يقّد مهم واح‪R‬دا بع‪R‬د‬
‫واحد حّتى أتى على آخرهم!‬
‫قال‪ :‬وبقي ابن حنظلة يمشي بها مع عصابة من الناس أصحابه‪ ،‬فقال لمولى ل‪RR‬ه‪ :‬احم ظه‪RR‬ري حّتى أصّلي الظه‪RR‬ر‪،‬‬
‫فلّم ا صّلى‪ ،‬قال له مواله‪ :‬ما بقي أحد فعالم نقيم؟ ولواؤه قائم‪ ،‬ما حوله إاّل خمسة‪ ،‬فقال‪ :‬ويحك اّنما خرجنا على أن‬
‫نموت‪ ،‬قال وأهل المدينة كالنعام الشرود‪ ،‬وأهل الشام يقتلون فيهم‪ .‬فلّم ا‬
‫ص‪228:‬‬
‫هزم الناس طرح الدرع وقاتلهم حاسرا حّتى قتلوه‪ .‬فوقف عليه م‪RR‬روان وهو م‪RR‬اّد أصبعه الس‪ّRR‬بابة‪ ،‬فقال‪ :‬وهّللا لئن‬
‫‪324‬‬
‫نصبتها مّيتا فطالما نصبتها حّيا‪.‬‬

‫جيش الخالفة يستبيح حرم الرسول (ص)‪:‬‬


‫‪325‬‬
‫قال الطبري وغيره‪ :‬وأباح مسلم المدينة ثالثا يقتلون الناس ويأخذون االموال‪.‬‬
‫‪326‬‬
‫قال اليعقوبي‪ :‬فلم يبق بها كثير أحد إاّل قتل‪ ،‬وأباح حرم رسول هّللا حتى ولدت االبكار ال يعرف من أولدهن‪.‬‬
‫وفي تاريخ ابن كثير‪ :‬قتل يوم الحرة سبعمائة رجل من حملة القرآن‪ ،‬وكان فيهم ثالثة من أصحاب رسول هّللا !‬
‫‪327‬‬
‫وقال‪ :‬قتل بشر كثير حّتى كاد ال يفلت أحد من أهلها‪.‬‬
‫وقال‪ :‬ووقعوا على النساء‪ ،‬حّتى قيل‪ :‬إّنه حبلت ألف امرأة في تلك االّيام من غير زوج!!‬
‫وروى عن هشام بن حّسان أّنه قال‪ :‬ولدت ألف امرأة من أهل المدينة بعد وقعة الحّرة من غير زوج!‬
‫وروى عن الزهري أّن ه ق‪RR‬ال‪ :‬ك‪RR‬ان القتلى س‪RR‬بعمائة من وج‪RR‬وه المه‪RR‬اجرين واالنص‪RR‬ار‪ ،‬ووج‪RR‬وه الم‪RR‬والي‪ ،‬ومّم ن ال‬
‫‪328‬‬
‫أعرف من حّر أو عبد وغيرهم عشرة آالف‪.‬‬
‫ص‪229:‬‬
‫وفي تاريخ السيوطي‪ :‬وكانت وقعة الحّرة بباب طيب‪R‬ة؛ قت‪R‬ل فيه‪R‬ا خل‪R‬ق من الص‪R‬حابة ومن غ‪R‬يرهم‪ ،‬ونهبت المدينة‬
‫‪329‬‬
‫وافتّض فيها ألف بكر!‪.‬‬

‫‪ .)2 ( 323‬التنبيه واالشراف ص ‪ ،264‬واالخبار الطوال ص ‪.265‬‬


‫‪ .)1 ( 324‬تاريخ االسالم للذهبي ‪.357 -356 /2‬‬
‫‪ .)2 ( 325‬تاريخ الطبري ‪ ،11 /7‬وابن االثير ‪ ،47 /3‬وابن كثير ‪.220 /8‬‬
‫‪ .)3 ( 326‬تاريخ اليعقوبي ‪.251 /6‬‬
‫‪ .)4 ( 327‬تاريخ ابن كثير ‪.243 /6‬‬
‫‪ .)5 ( 328‬تاريخ ابن كثير ‪.22 /8‬‬
‫‪ .)1 ( 329‬تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ‪ ،209‬وراجع تاريخ الخميس ‪.302 /2‬‬
‫قال الدينوري والذهبي واللفظ لالّول‪ :‬وذكر أبو هارون العبدي‪ ،‬قال‪ :‬رأيت أبا سعيد الخدري‪ ،‬ولحيته بيضاء‪ ،‬وق‪RR‬د‬
‫خّف جانباها وبقي وسطها‪ ،‬فقلت‪« :‬يا أبا سعيد! ما حال لحيتك؟» فقال‪« :‬هذا فع‪RR‬ل ظلم‪RR‬ة أهل الشام ي‪RR‬وم الح‪ّRR‬رة‪،‬‬
‫دخلوا علَّي بيتي‪ ،‬فانتهبوا ما فيه حّتى أخ‪RR‬ذوا ق‪RR‬دحي ال‪RR‬ذي كنت أش‪RR‬رب في‪RR‬ه الم‪RR‬اء ثّم خرج‪RR‬وا‪ ،‬ودخ‪RR‬ل علّي بع‪RR‬دهم‬
‫عشرة نفر‪ ،‬وأنا قائم أصّلي‪ ،‬فطلبوا البيت‪ ،‬فلم يجدوا فيه شيئا‪ ،‬فأسفوا لذلك‪ ،‬فاحتملوني من مصاّل ي‪ ،‬وضربوا بي‬
‫االرض‪ ،‬وأقبل كّل رجل منهم على ما يليه من لحيتي‪ ،‬فنتفه‪ ،‬فما ترى خفيفا فه‪R‬و موض‪R‬ع النت‪R‬ف‪ ،‬وم‪R‬ا ت‪R‬راه عافي‪R‬ا‬
‫‪330‬‬
‫فهو ما وقع في التراب‪ ،‬فلم يصلوا إليها‪ ،‬وسأدعها كما ترى حّتى أوافي بها ربّي ‪.‬‬
‫هكذا انتهت االّيام الثالثة على مدينة الرسول (ص)‪.‬‬
‫أخذ البيعة من أهل المدينة على أنهم عبيد للخليفة يزيد‪:‬‬
‫قال الطبري وغيره‪ :‬فدعا الناس للبيع‪RR‬ة على أّنهم خ‪R‬ول ليزي‪R‬د بن معاوي‪R‬ة يحكم في دم‪RR‬ائهم وأم‪RR‬والهم وأهليهم م‪RR‬ا‬
‫‪331‬‬
‫شاء‪.‬‬
‫وقال المسعودّي ‪ :‬وبايع من بقي من أهلها على أنهم قّن ليزيد‪ ،‬غير علي ابن الحس‪RR‬ين بن علي بن أبي ط‪RR‬الب؛ الّن ه‬
‫لم يدخل فيما دخ‪R‬ل في‪R‬ه أهل المدينة‪ ،‬وعلي بن عب‪R‬د هّللا بن العّب اس فان من ك‪R‬ان في الجيش من أخوال‪R‬ه من كندة‬
‫‪332‬‬
‫منعوه‪ .‬وقال‪ :‬ومن أبى أمّره على السيف‪.‬‬
‫ص‪230:‬‬
‫وفي طبقات ابن سعد‪ :‬إّن مسلم بن عقبة لّم ا قتل الناس وسار إلى العقيق سأل عن علي بن الحسين أحاضر فقيل له‪:‬‬
‫‪333‬‬
‫نعم‪ ،‬فقال‪ :‬مالي ما أراه؟ فجاءه مع ابني عّم ه محّم د بن الحنفّية فلّم ا رآه رّحب به وأوسع له على سريره‪.‬‬

‫وفي تاريخ الطبري‪ :‬قال‪ :‬مرحبا وأهال‪ ،‬ثّم أجلسه معه على السرير والطنفسة‪ ،‬ثّم قال‪ :‬اّن أمير المؤمنين أوصاني‬
‫بك قبال‪ ،‬واّن هؤالء الخبثاء شغلوني عنك وعن وصلتك‪ ،‬ثّم ق‪RR‬ال لعلّي ‪ :‬لع‪ّRR‬ل أهل‪RR‬ك فزع‪RR‬وا‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬اي وهّللا ! فأمر‬
‫‪334‬‬
‫بداّبته فاسرجت ثّم حمله فرّد ه عليها‪.‬‬
‫قال الدينوري‪ :‬فلّم ا كان اليوم الرابع جلس مسلم بن عقبة‪ ،‬فدعاهم إلى البيعة‪ ،‬فكان أّو ل من أتاه يزيد بن عبد هّللا بن‬
‫ربيعة بن االسود‪ ،‬وجّد ته أّم سلمة زوج النبي (ص)‪ .‬فقال له مسلم‪ :‬بايعني‪ .‬قال‪ُ :‬أبايعك على كت‪RR‬اب هّللا وس ‪ّR‬نة نبّي ه‬
‫(ص)‪ .‬فقال مسلم‪ :‬بل بايع على أّنك فٌي المير المؤمنين‪ ،‬يفعل في أم‪RR‬والكم وذراريكم م‪RR‬ا يشأ‪ .‬فأبى أن يب‪RR‬ايع على‬
‫‪335‬‬
‫ذلك‪ ،‬فأمر به‪ ،‬فضربت عنقه‪.‬‬
‫وقال الطبري‪ :‬دعا الناس مسلم بن عقبة بقبا إلى البيعة وطلب االمان لرجلين من قريش ليزيد بن عبد هّللا بن زمعة‬
‫ومحّم د بن أبي الجهم فأتي بهما بعد الوقعة بيوم فقال‪ :‬بايعا‪ .‬فقاال‪ :‬نبايعك على كتاب هّللا وس ‪ّR‬نة نبّي ه‪ ،‬فقال‪ :‬ال وهّللا‬
‫ال أقيلكم هذا أب‪RR‬دا‪ ،‬فقّد مهما فض‪RR‬رب أعناقهم‪RR‬ا‪ ،‬فقال ل‪RR‬ه م‪RR‬روان‪ :‬س‪RR‬بحان هّللا أتقت‪RR‬ل رجلين من ق‪RR‬ريش أتي‪RR‬ا ليؤمنا‬
‫فضربت أعناقهما‪ ،‬فنخس بالقضيب في خاصرته‪ ،‬ثّم قال‪ :‬وأنت وهّللا لو قلت بمقالتهما ما رأيت السماء إاّل برقة‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأتي بيزيد بن وهب بن زمعة‪ ،‬فقال‪ :‬بايع‪ .‬قال‪ :‬ابايعك على سّنة‬
‫ص‪231:‬‬

‫‪ .)2 ( 330‬الدينوري في االخبار الطوال ص ‪ ،269‬والذهبي في تاريخ االسالم ‪.357 /2‬‬


‫‪ .)3 ( 331‬تاريخ الطبري ‪.13 /7‬‬
‫‪ .)4 ( 332‬التنبية واالشراف ص ‪ ،264‬ومروج الذهب ‪.71 /3‬‬
‫‪ .)1 ( 333‬طبقات ابن سعد ‪ ،215 /5‬وفيه( مسرف) وهو خطأ‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 334‬تاريخ الطبري ‪ ،12 -11 /7‬وط‪ .‬أوربا ‪ ،421 /2‬وفتوح ابن أعثم ‪.300 /5‬‬
‫‪ .)3 ( 335‬تاريخ الطبري ‪ ،12 -11 /7‬وط‪ .‬أوربا ‪.420 -418 /2‬‬
‫عمر‪ ،‬قال‪ُ :‬أقتلوه‪ .‬قال‪ :‬أنا أبايع‪ .‬قال‪ :‬ال وهّللا ال أقيلك عثرت‪RR‬ك‪ ،‬فكّلم‪RR‬ه م‪RR‬روان بن الحكم لص‪RR‬هر ك‪RR‬ان بينهم‪RR‬ا فأمر‬
‫‪336‬‬
‫بمروان فُو ِج َئت عنقه ثّم قال‪ :‬بايعوا على أنكم خول ليزيد بن معاوية‪ ،‬ثّم أمر به فقتل‪.‬‬

‫ارسال الرؤوس إلى الخليفة يزيد‪:‬‬


‫قال ابن عبد رّبه‪ :‬وبعث مسلم بن عقبة برؤوس أهل المدينة إلى يزيد‪ ،‬فلّم ا ألقيت بين يديه‪ ،‬جع‪R‬ل يتمّث ل بشعر ابن‬
‫الِّز بعري يوم أحد‪:‬‬
‫جزع الخزرج من وقع االسل‬ ‫ليت أشياخي ببدر شهدوا‬

‫ثّم قالوا‪ :‬يا يزيد ال تشل‬ ‫الهّلوا واستهّلوا فرحا‬

‫فقال له رجل من أصحاب رسول هّللا (ص)‪ :‬ارتددت عن االسالم يا أمير المؤم‪RR‬نين! ق‪RR‬ال‪ :‬بلى! نس‪RR‬تغفر هّللا ‪ ،‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫‪337‬‬
‫وهّللا ال أساكنك أرضا أبدا‪ ،‬وخرج عنه‪.‬‬
‫وفي رواية ابن كثير‪ ،‬جاء بعد البيت االول‪:‬‬
‫واستحّر القتل في عبد االشل‬ ‫حين حّلت بقباء بركها‬

‫وعدلنا ميل بدر فاعتدل‬ ‫قد قتلنا الضعف من أشرافهم‬

‫ثّم قال‪ :‬وزاد بعض الروافض فيها فقال‪:‬‬


‫ملك جاء وال وحي نزل‬ ‫لعبت هاشم بالملك فال‬

‫قال ابن كثير بعده‪ :‬فهذا ان قاله يزيد بن معاوية فلعنة هّللا عليه ولعنة الالع‪R‬نين وان لم يكن قال‪R‬ه فلعنة هّللا على من‬
‫‪338‬‬
‫وضعه عليه‪.‬‬
‫قال المؤّلف‪ :‬قد وهم ابن كثير وظّن أّنهم قالوا‪ :‬أضاف يزيد هذا البيت‬
‫ص‪232:‬‬
‫على شعر ابن الزبعري في هذا المقام فأنكره بينما هم لم ينقلوا ذلك واّنما روى الشعبي وغيره أّن يزيد أضاف هذا‬
‫البيت على شعر ابن الزبعري عندما تمّثل بشعره ورأس الحس‪RR‬ين بين يدي‪RR‬ه‪ ،‬ولم يكن الشعبي رافض‪ّRR‬يا وال ش‪RR‬يعّيا‪،‬‬
‫وانما كان من كبار المتعصبين لمدرسة الخالفة‪ .‬ولست أدري لماذا لم يعتذر ابن كثير عن يزيد ويقول‪ :‬اّنه مجتهد‪،‬‬
‫واّنه أنشد هذا البيت باجتهاده؟!‬

‫ص‪233:‬‬
‫في سبيل طاعة الخليفة‬
‫مسير جيش الخالفة إلى مّك ة ومناجاة أميره ساعة االحتضار ووصيته‪:‬‬
‫قال الطبري وغيره‪ :‬ولّم ا فرغ مسلم من قتال أهل المدينة وإنهاب جنده أموالهم ثالثا‪ ،‬ش‪RR‬خص بمن مع‪RR‬ه من الجند‬
‫متوّجها إلى مّك ة حّتى إذا انتهى إلى المشّلل‪ ،‬نزل به الموت وذلك في آخر المح‪ّRR‬رم من س‪RR‬نة ‪ 64‬ه‪ ،-‬فدعا حص‪RR‬ين‬
‫‪ .)1 ( 336‬االخبار الطوال ص ‪.265‬‬
‫‪ .)2 ( 337‬العقد الفريد ‪.390 /4‬‬
‫‪ .)3 ( 338‬ابن كثير ‪ ،224 /8‬وفي رواية الدينوري في االخبار الطوال ص ‪.267‬‬
‫بن نمير السكوني فقال له‪ :‬يا ابن برذعة الحمار! أما وهّللا لو كان هذا االمر إلّي م‪RR‬ا ولّيت‪RR‬ك هذا الجند‪ ،‬ولكن أم‪RR‬ير‬
‫المؤمنين واّل ك بعدي وليس المر أمير المؤمنين مرّد ‪ ،‬فاحفظ ما اوصيك ب‪RR‬ه! عّم االخب‪RR‬ار وال ت‪RR‬رع س‪RR‬معك قرش‪ّRR‬يا‬
‫أبدا! وال ترّد ن أهل الشام عن ع‪RR‬دّو هم! وال تقيمّن إاّل ثالثا حّتى تناجز ابن الزب‪RR‬ير الفاس‪RR‬ق! ثّم ق‪RR‬ال‪ :‬الّلهم اّني لم‬
‫‪339‬‬
‫أعمل عمال قّط بعد شهادة أن ال إله إاّل هّللا وأّن محمدا عبده ورسوله أحّب وال أرجى عندي في االخرة‪.‬‬
‫وفي لفظ ابن كثير‪ :‬أحّب إلّي من قتل أهل المدينة‪ ،‬وأجزى عندي في االخرة وان دخلت النار بعد ذل‪RR‬ك انّي لشقّي !‬
‫‪340‬‬
‫ثّم مات‪.‬‬
‫وفي ت‪R‬اريخ اليعقوبي‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬الّلهم ان ع‪ّR‬ذ بتني بع‪R‬د ط‪R‬اعتي لخليفت‪R‬ك يزي‪R‬د ابن معاوي‪R‬ة وقت‪R‬ل أهل الح‪ّR‬رة فاّني إذا‬
‫‪341‬‬
‫لشقّي ‪.‬‬
‫وفي فتوح ابن أعثم‪ ،‬أن مسلم بن عقبة قال في وصيته للحصين بن نمير‪:‬‬
‫ص‪234:‬‬
‫فانظر أن تفعل في أهل مكة وفي عبد هّللا بن الزبير كما رأيتني فعلت بأهل المدينة‪ .‬ثّم جع‪RR‬ل يقول‪ :‬الّلهم اّن ك تعلم‬
‫أّني لم أعص خليفة قّط‪ ،‬الّلهم اّني ال أعمل عمال أرجو به ال إاّل ما فعلت بأهل المدينة‪ .‬ثّم اش‪R‬تّد ب‪R‬ه االم‪R‬ر فم‪R‬ات‪.‬‬
‫فغّسلوه وكّفنوه ودفنوه‪ ،‬وبايع الناس للحصين بن نمير السكوني من بعده‪ ،‬وسار القوم يري‪R‬دون مك‪RR‬ة‪ ،‬وخ‪R‬رج أهل‬
‫ذلك المنزل فنبشوه من قبره وصلبوه على نخلة‪ .‬قال‪ :‬وبلغ ذلك أهل العسكر فرجعوا إلى أهل ذلك المنزل فوضعوا‬
‫‪342‬‬
‫السيف فيهم‪ ،‬فقتل منهم من قتل وهرب الباقون‪ ،‬ثّم أنزلوه من النخلة فدفنوه ثّم أجلسوا على قبره من يحفظه‪.‬‬
‫جيش الخالفة يحرق الكعبة في حرب ابن الزبير وينشد االراجيز‪:‬‬
‫قال المسعودي‪ :‬فسار الحصين حّتى أتى مكة وأحاط بها‪ ،‬وعاذ ابن الزبير بالبيت الحرام‪ ،‬ونصب الحصين في من‬
‫معه من أهل الشام المجانيق والعّر ادات على البيت‪ ،‬ورمى مع االحجار بالنار والنفط ومّش اقات الكّتان وغ‪RR‬ير ذل‪RR‬ك‬
‫من المحروقات فانهدمت الكعبة واحترقت البنّية‪.‬‬
‫ووقعت صاعقة فأحرقت من أصحاب المنجنيق أحد عشر رجال فكان ذلك يوم السبت لثالث خلون من ربيع االول‬
‫وقبل وفاة يزيد بأحد عشر يوما‪ ،‬واشتّد االمر على أهل مكة وابن الزبير‪ ،‬واتصل االذى باالحجار والنار والس‪RR‬يف‬
‫فقال راجزهم‪:‬‬
‫‪343‬‬
‫قد أحرق المقام والمصلّى‬ ‫ابن نمير بئسما تولّى‬

‫وقال اليعقوبي‪ :‬رمى حصين بن نمير بالنيران حّتى أحرق الكعبة‪ ،‬وكان عبيد هّللا بن عمير الليثي قاّص ابن الزبير‬
‫إذا تواقف الفريقان قام على الكعبة‬
‫ص‪235:‬‬
‫فنادى بأعلى صوته‪ :‬يا أهل الشام! هذا حرم هّللا الذي كان مأمننا في الجاهلية‪ ،‬يأمن فيه الط‪RR‬ير والص‪RR‬يد‪ ،‬فاّتقوا هّللا‬
‫يا أهل الشام‪ ،‬فيصيح الشامّيون‪ :‬الطاعة الطاعة‪ ،‬الكّر الكّر‪ ،‬الرواح قبل المساء‪ ،‬فلم يزل على ذل‪RR‬ك حّتى اح‪RR‬ترقت‬

‫‪ .)1 ( 339‬تاريخ الطبري ‪ ،14 /7‬وابن االثير ‪ ،49 /3‬وابن كثير ‪.225 /8‬‬
‫‪ .)2 ( 340‬تاريخ ابن كثير ‪.225 /8‬‬
‫‪ .)3 ( 341‬تاريخ اليعقوبي ‪.251 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 342‬فتوح ابن أعثم ‪.301 /5‬‬
‫‪ .)2 ( 343‬مروج الذهب ‪.72 -71 /3‬‬
‫الكعبة‪ .‬فقال أصحاب ابن الزبير‪ :‬نطفىء النار‪ .‬فمنعهم وأراد أن يغضب الناس للكعب‪RR‬ة‪ .‬فقال بعض أهل الشام إن‬
‫‪344‬‬
‫الحرمة والطاعة اجتمعتا فغلبت الطاعة الحرمة!!‬

‫وفي تاريخ الخميس وتاريخ الخلفاء للسيوطي‪ :‬واحترقت من ش‪RR‬رارة ن‪RR‬يرانهم اس‪RR‬تار الكعب‪RR‬ة وس‪RR‬قفها وقرن‪RR‬ا الكبش‬
‫‪345‬‬
‫الذي فدى هّللا اسماعيل وكان معّلقا في الكعبة!‬
‫وقال الطبري وغيره‪ :‬أقاموا عليه يقاتلونه بقّية المحّرم وصفر كّله‪ ،‬حّتى إذا مضت ثالثة أيام من شهر ربي‪RR‬ع االّول‬
‫يوم السبت سنة ‪ 64‬ه‪ -‬قذفوا البيت بالمجانيق وحّرقوه بالنار وأخذوا يرتجزون ويقولون‪:‬‬
‫نرمي بها أعواد هذا المسجد‬ ‫ّخ طارة مثل الفنيق المزبد‬

‫ويقول راجزهم‪:‬‬
‫تأخذهم بين الصفا والمروة‬ ‫كيف ترى صنيع ُأّم فروة‬

‫يعني ب‪ُ« -‬أّم فروة» المنجنيق‪.‬‬


‫قالوا‪ :‬واستمّر الحصار إلى مستهّل ربيع االخر حين جاءهم نعي يزي‪RR‬د وأّن ه ق‪RR‬د م‪RR‬ات الرب‪RR‬ع عشرة ليل‪RR‬ة خلت من‬
‫‪346‬‬
‫ربيع االّول‪.‬‬
‫وفي تاريخ الطبري وغيره‪ :‬بينا حصين بن نمير يقاتل ابن الزبير إذ جاء موت يزيد‪ ،‬فصاح بهم ابن الزبير وق‪RR‬ال‪:‬‬
‫اّن طاغيتكم قد هلك؛ فمن شاء‬
‫ص‪236:‬‬
‫منكم أن يدخل في م‪R‬ا دخ‪R‬ل في‪R‬ه الناس فليفع‪R‬ل‪ ،‬فمن ك‪R‬ره فليلح‪R‬ق بشامه‪ ،‬فغ‪R‬دوا علي‪R‬ه يقاتلون‪R‬ه‪ .‬فقال ابن الزب‪R‬ير‬
‫للحصين بن نمير‪ُ :‬أدُن منّي أحّد ثك‪ .‬فدنا منه فحّد ثه فجعل فرس أحدهما يجفل‪( ،‬الجفل‪ :‬الروث) فجاء حم‪RR‬ام الح‪RR‬رم‬
‫يلتقط من الجفل فكّف الحصين فرسه عنّهن‪ ،‬فقال له ابن الزبير‪ :‬ما لك؟ قال‪ :‬أخاف أن يقت‪R‬ل فرس‪RR‬ي حم‪RR‬ام الح‪R‬رم‪،‬‬
‫فقال له ابن الزبير‪ :‬أتحّرج من هذا وتريد أن تقتل المسلمين؟! فقال‪ :‬ال أقاتل‪RR‬ك؛ فاذن لنا نط‪RR‬ف ب‪RR‬البيت وننص‪RR‬رف‬
‫عنك‪ .‬ففعل‪ ،‬قالوا‪ :‬فأقبل الحصيِن بمن معه نحو المدينة‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬واجترأ أهل المدينة وأهل الحجاز على أهل الشام‪ ،‬فذّلوا حّتى كان ال ينفرد منهم رجل إاّل أخذ بلجام داّبت‪RR‬ه ثّم‬
‫نكس عنها! فكانوا يجتمعون في معسكرهم فال يفترقون‪ ،‬وقالت لهم بنو أمّي ة‪ :‬ال ت‪RR‬برحوا ح‪RR‬تى تحملون‪RR‬ا معكم إلى‬
‫‪347‬‬
‫الشام ففعلوا‪ ،‬فمضى ذلك الجيش حتى دخل الشام‪.‬‬
‫الحجاج يرمي الكعبة ثانية‪:‬‬
‫قال ابن االثير وغيره‪ :‬أرسل عبد الملك بن مروان الحّجاج لحرب ابن الزبير بمكة فنزل الط‪RR‬ائف‪ ،‬وأم‪ّR‬د ه بط‪RR‬ارق‬
‫فقدم المدينة في ذي القعدة سنة ‪ 72‬ه‪ -‬وأخرج عامل ابن الزبير عنها وجعل عليها رجال من أهل الشام اسمه ثعلبة‪،‬‬
‫‪348‬‬
‫فكان ثعلبة يخرج المّخ على منبر النبّي (ص) يأكله ويأكل عليه التمر ليغيظ أهل المدينة‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 344‬تاريخ اليعقوبي ‪.252 -251 /2‬‬


‫‪ .)2 ( 345‬تاريخ الخميس ‪ ،303 /2‬تاريخ السيوطي ص ‪.9‬‬
‫‪ .)3 ( 346‬تاريخ الطبري ‪ ،15 -14 /7‬وابن االثير ‪ ،49 /4‬وابن كثير ‪.225 /8‬‬
‫‪ .)1 ( 347‬تاريخ الطبري ‪ 17 -16 /7‬في ذكر حوادث سنة ‪ 65‬ه‪ -‬ذكر الطبري وغيره محادثات أخرى بين ابن الزبير والحصين لم تكن ثمة حاجة‬
‫لذكرها وانما ذكرنا رجوع الجيش إلى الشام بايجاز‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 348‬تاريخ ابن االثير ‪.135 /3‬‬
‫وقال الدينوري‪ :‬فقال الحّجاج الصحابه‪ :‬تجّهزوا للحّج‪ -‬وكان ذلك في‬
‫ص‪237:‬‬
‫أيام الموسم‪ -‬ثّم سار من الطائف حّتى دخل مّك ة ونصب المنجنيق على أبي قبيس‪ ،‬فقال االقيشر االسدي‪:‬‬

‫ولم أَر جيشا مثلنا غير ما خرس‬ ‫[ف‪ ]-‬لم أَر جيشا غّر بالحّج مثلنا‬

‫بأحجارنا زفن الوالئد في العرس‬ ‫دلفنا لبيت هّللا نرمي ستوره‬

‫بجيش كصدر الفيل ليس بذي رأس‬ ‫دلفنا له يوم الثالثاء من منى‬

‫نصّل الّيام السباسب والنحس‬ ‫فإاّل ُتِرحنا من ثقيف وملكها‬

‫فطلبه الحّجاج فهرب‪ .‬وأناخ الحجاج بابن الزبير‪ ،‬وتحّص ن منه ابن الزب‪RR‬ير في المس‪RR‬جد‪ ،‬واس‪RR‬تعمل الحّج اج على‬
‫المنجنيق ابن خزيمة الخثعمي‪ ،‬فجعل يرمي أهل المسجد ويقول‪:‬‬
‫‪349‬‬
‫نرمي بها عّواذ أهل المسجد‬ ‫خّطارة مثل الفنيق الملبد‬

‫قال المسعودي‪ :‬وكتب الحّجاج إلى عبد الملك بحصار ابن الزب‪R‬ير وظف‪RR‬ره ب‪R‬أبي ق‪R‬بيس‪ ،‬فلّم ا ورد كتاب‪R‬ه كّب ر عب‪R‬د‬
‫الملك‪ ،‬فكّبر من معه في داره‪ ،‬واّتصل التكبير بمن في جامع دمشق فكّبروا‪ ،‬واَّتصل ذلك بأهل االس‪RR‬واق فكّب روا‪،‬‬
‫ثّم سألوا عن الخبر فقيل لهم‪ :‬اّن الحجاج حاصر ابن الزبير بمّك ة وظفر بأبي قبيس‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال نرض‪RR‬ى حّتى يحمل‪RR‬ه‬
‫‪350‬‬
‫إلينا مكّبال‪ ،‬على رأسه برنس‪ ،‬على جمل يمّر بنا في االسواق‪ ،‬هذا الترابي الملعون!‬
‫كان «أبو تراب» كنية االمام علّي كّناه بها رسول هّللا ؛ فاَّتخ‪RR‬ذها بنو امّي ة ن‪RR‬بزا لالم‪RR‬ام وس‪ّR‬م وا ش‪RR‬يعته ترابّي ا به‪RR‬ذه‬
‫المناسبة‪ ،‬وأصبح هذا اللقب في عرف آل أمّية وشيعتهم طعنا‪ ،‬فنبزوا بها ابن الزبير أيضا‪.‬‬
‫قال ابن االثير‪ :‬قدم الحّجاج مّك ة في ذي القعدة وقد أحرم بحّجة‪ ،‬فنزل‬
‫ص‪238:‬‬
‫بئر ميمون وحّج بالناس في تلك السّنة الحّجاج إاّل أّنه لم يطف حول الكعبة وال سعى بين الصفا والمروة‪ ،‬منعه ابن‬
‫الزبير من ذلك‪.‬‬

‫قال‪ :‬ولم يحّج ابن الزبير وال أصحابه الّنهم لم يقفوا بعرفة ولم يرموا الجمار‪.‬‬
‫قال‪ :‬ولّم ا َح َص َر الحّج اج ابن الزبير‪ ،‬نصب المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة‪ ،‬وكان عبد الملك ينك‪RR‬ر ذل‪RR‬ك‬
‫‪351‬‬
‫أّيام يزيد بن معاوية‪ ،‬ثّم أمر به‪ ،‬فكان الناس يقولون ُخ ِذ ل في دينه‪.‬‬
‫وقال الذهبي‪ :‬وألّح عليه الحّجاج بالمنجنيق وبالقتال من كّل وجه‪ ،‬وحبس عنهم الميرة فجاعوا‪ ،‬وكانوا يشربون من‬
‫‪352‬‬
‫زمزم‪ ،‬فتعصبهم وجعلت الحجارة تقع في الكعبة‪.‬‬
‫‪353‬‬
‫قال ابن كثير‪ :‬وكان معه خمس مجانيق‪ ،‬فالّح عليها بالرمي من كّل مكان‪ .‬ثّم ذكر مثل قول الذهبي‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 349‬االخبار الطوال ص ‪.314‬‬


‫‪ .)2 ( 350‬مروج الذهب ‪.113 /3‬‬
‫‪ .)1 ( 351‬تاريخ ابن االثير ‪.136 /4‬‬
‫‪ .)2 ( 352‬تاريخ االسالم للذهبي ‪.114 /3‬‬
‫‪ .)3 ( 353‬ابن كثير ‪.329 /8‬‬
‫احتراق الكعبة ونزول الصواعق‪:‬‬
‫وفي تاريخ الخميس بسنده قال‪ :‬اّن الحّج اج رمى الكعبة بالحجارة والنيران حّتى تعّلقت بأس‪RR‬تار الكعب‪RR‬ة واش‪RR‬تعلت‪،‬‬
‫فجاءت سحابة من نحو جّد ة مرتفعة يسمع منها الرعد ويرى فيها البرق‪ ،‬واستوت فوق الكعب‪RR‬ة والمط‪RR‬اف فأطف‪RR‬أت‬
‫النار وسال الميزاب في الحجر‪ ،‬ثّم عدلت إلى أبي قبيس فرمت بالصاعقة وأحرقت منج‪R‬نيقهم ق‪R‬در ك‪ّR‬وة‪ ،‬وأح‪R‬رقت‬
‫تحت‪R‬ه أربع‪R‬ة رج‪R‬ال‪ ،‬فقال الحّج اج‪ :‬ال يه‪R‬ولّنكم هذا فاّنه‪R‬ا أرض صواعق فأرس‪R‬ل هّللا صاعقة أخ‪R‬رى‪ ،‬فأحرقت‬
‫‪354‬‬
‫المنجنيق وأحرقت معه أربعين رجال‪.‬‬
‫ص‪239:‬‬
‫‪355‬‬
‫وقال الذهبي‪ :‬وجعل الحّجاج يصيح بأصحابه‪ :‬يا أهل الشام‪ ،‬هّللا هّللا في الطاعة‪.‬‬

‫وروى الطبري وغيره عن يوسف بن ماهك قال‪ :‬رأيت المنجنيق يرمى به فرعدت الس‪RR‬ماء وب‪R‬رقت‪ ،‬وعال صوت‬
‫الرعد والبرق على الحجاج فاشتمل عليها‪ ،‬فأعظم ذل‪RR‬ك أهل الشام فأمس‪RR‬كوا بأي‪RR‬ديهم‪ ،‬فرفع الحّج اج برك‪RR‬ة قبائ‪RR‬ه‬
‫فغرزها في منطقته‪ ،‬ورفع حج‪R‬ر المنج‪R‬نيق فوض‪RR‬عه في‪R‬ه‪ ،‬ثّم ق‪R‬ال‪ :‬ارم‪RR‬وا ورمى معهم‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬ثّم أصبحوا فج‪R‬اءت‬
‫صاعقة تتبعها اخرى فقتلت من أصحابه اثني عشر رجال فانكس‪R‬ر أهل الشام‪ ،‬فقال الحّج اج‪ :‬ي‪R‬ا أهل الشام! ال‬
‫تنكروا هذا فاّني ابن تهامة‪ ،‬هذه صواعق تهامة‪ ،‬هذا الفتح قد حضر فابشروا اّن القوم يص‪RR‬يبهم مث‪RR‬ل م‪RR‬ا أصابكم‪،‬‬
‫فصعقت من الغد فأصيب من أصحاب ابن الزبير عّد ة‪ ،‬فقال الحّج اج‪ :‬أال ت‪RR‬رون أّنهم يص‪RR‬ابون وأنتم على الطاع‪RR‬ة‬
‫‪356‬‬
‫وهم على خالف الطاعة‪.‬‬
‫وجاء في تاريخ ابن كثير بعده‪ :‬وكان أهل الشام يرتجزون وهم يرمون بالمنجنيق ويقولون‪:‬‬
‫نرمي بها أعواد هذا المسجد‬ ‫ّخ طارٌة مثل الفنيق المزبد‬

‫فنزلت صاعقة على المنجنيق فأحرقته فتوّقف أهل الشام عن الرمي والمحاصرة فخطبهم الحّج اج‪ ،‬فقال‪ :‬ويحكم!‬
‫ألم تعلموا أّن النار كانت تنزل على من قبلنا فتأكل قربانهم إذا تقّب ل منهم؟ فل‪RR‬وال اّن عملكم مقب‪RR‬ول م‪RR‬ا ن‪RR‬زلت النار‬
‫‪357‬‬
‫فأكلته‪.‬‬
‫ص‪240:‬‬
‫وفي فتوح ابن أعطم أمر الحّج اج أصحابه أن يتفّرق‪R‬وا من ك‪ّR‬ل وج‪R‬ه‪ :‬من ذي ط‪R‬وى‪ ،‬ومن أس‪R‬فل مّك ة‪ ،‬ومن قب‪R‬ل‬
‫االبطح‪ ،‬فاشتّد الحصار على عبد هّللا بن الزبير وأصحابه فنصبوا المجانيق وجعلوا يرمون البيت الحرام بالحجارة‬
‫وهم يرتجزون باالشعار‪ ،‬وتقع الحجارة في المسجد الحرام كالمطر‪ ،‬وكان رماة المنجنيق إذا ون‪RR‬وا وس‪RR‬كتوا س‪RR‬اعة‬
‫فلم يرموا يبعث إليهم الحّجاج فيشتمهم‪ ،‬ويتهّد دهم بالقتل‪ ،‬فأنشأ بعضهم يقول‪:‬‬

‫من االمر ما أمست تعذلني نفسي‬ ‫لعمر أبي الحّجاج لو خفت ما أرى‬

‫‪358‬‬
‫االبيات‬
‫نشيد الحجاج عندما رأى البيت يحترق‪:‬‬
‫‪ .)4 ( 354‬الطبري ‪ 202 /7‬في ذكر حوادث سنة ‪ 73‬ه‪.-‬‬
‫‪ .)1 ( 355‬الذهبي‪ ،‬تاريخ االسالم ‪.114 /3‬‬
‫ّخ‬
‫‪ .)2 ( 356‬الطبري‪ ،‬ط‪ .-‬أوربا ‪ ،845 -844 /2‬وابن كثير ‪ ،329 /8‬وليس فيه كلمة( طارة) وانما نقلناها من االخبار الطوال ص ‪.314‬‬
‫‪ .)3 ( 357‬تاريخ الخميس ‪.305 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 358‬الفتوح ‪.276 -275 /6‬‬
‫قال‪ :‬فلم يزل الحّجاج وأصحابه يرمون بيت هّللا الحرام بالحجارة حّتى انص‪RR‬دع الحائ‪RR‬ط ال‪RR‬ذي على ب‪RR‬ئر زم‪RR‬زم عن‬
‫آخره‪ ،‬وانتقضت الكعبة من جوانبها‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثّم أمرهم الحّجاج فرموا بكيزان النفط والنار حّتى احترقت الستارات كّلها فص‪RR‬ارت رم‪RR‬ادا‪ ،‬والحّج اج واق‪RR‬ف‬
‫ينظر في ذلك كيف تحترق الستارات وهو يرتجز ويقول‪:‬‬
‫وهّللا في ما يزعمون جارها‬ ‫أما تراها ساطعا غبارها‬

‫ونفرت منها معا أطيارها‬ ‫فقد وهت وصدعت أحجارها‬

‫وحرقت منها معا أستارها‬ ‫وحان من كعبتها دمارها‬

‫‪359‬‬
‫لّم ا عالها نفطها ونارها‬
‫قال الطبري وغيره واللفظ للطبري‪ :‬فلم تزل الحرب بين ابن الزبير‬
‫ص‪241:‬‬
‫والحّجاج حّتى كان قبيل مقتله‪ ،‬وقد تفّرق عنه أصحابه‪ ،‬وخرج عاّم ة أهل مّك ة إلى الحّجاج في االم‪RR‬ان‪ ،‬وخذل‪R‬ه من‬
‫معه خذالنا شديدا‪ ،‬حّتى خرج إلى الحّجاج نحو من عشرة آالف‪ ،‬وفيهم ابناه حم‪R‬زة وخ‪R‬بيب فأخ‪R‬ذا منه النفس‪R‬هما‬
‫أمانا‪.‬‬

‫نهاية أمر ابن الزبير وارسال الرؤوس إلى عبد الملك‪:‬‬


‫فقاتل قتاال شديدا حّتى قتل‪ ،‬وبعث الحّح اج برأس ابن الزبير وعبد هّللا ابن صفوان وعمارة بن عم‪RR‬رو بن ح‪RR‬زم إلى‬
‫‪360‬‬
‫المدينة فنصبت بها‪ ،‬ثّم ذهب بها إلى عبد الملك بن مروان‪.‬‬
‫وفي تاريخ ابن كثير‪ :‬وأرسل بالرؤوس مع رجل من االزد‪ ،‬وأمرهم إذا مّروا بالمدينة أن ينصبوا ال‪RR‬رؤوس به‪RR‬ا ثّم‬
‫يسيروا بها إلى الشام ففعلوا ما أمرهم‪ ،‬وأعطاهم عبد المل‪R‬ك خمس‪R‬مائة دينار‪ ،‬ثّم دع‪R‬ا بمقراض فأخ‪R‬ذ من ناصيته‬
‫ونواصي أوالده فرحا بمقتل ابن الزبير!‬
‫قال‪ :‬ثّم أمر الحّجاج بجّثة ابن الزبير فصلبت على ثنية كداء عند الحجون‪ ،‬يقال‪ :‬منّك سة‪ .‬ثّم أنزل عن الج‪RR‬ذع ودفن‬
‫‪361‬‬
‫هناك‪.‬‬
‫قال الذهبي‪ :‬واستوسق االمر لعبد الملك بن مروان واستعمل على الحرمين الحّجاج بن يوسف‪ ،‬فنقض الكعبة ال‪RR‬تي‬
‫‪362‬‬
‫من بناء ابن الزبير وكانت تشّعثت من المنجنيق‪ ،‬وانفلق الحجر االسود من المنجنيق فشعبوه‪.‬‬
‫الحجاج يختم أعناق أصحاب النبي (ص)‪:‬‬
‫وقال الطبري بعده‪ :‬ثّم انصرف إلى المدينة في صفر‪ ،‬فأقام بها ثالثة أشهر‬
‫ص‪242:‬‬
‫يتعَبث باهل المدينة ويتعنتهم‪ ،‬وبنى بها مسجدا في بني سلمة فهو ينسب إليه‪ ،‬واس‪RR‬تخّف فيه‪RR‬ا بأصحاب رس‪RR‬ول هّللا‬
‫(ص) فختم في أعناقهم‪ ،‬وكان جابر بن عبد هّللا مختوما في يده وأنس مختوما في عنقه يريد أن يذّله بذلك‪.‬‬

‫‪ .)2 ( 359‬فتوح ابن أعثم ‪.276 -275 /6‬‬


‫‪ .)1 ( 360‬تاريخ الطبري ‪.205 -202 /8‬‬
‫‪ .)2 ( 361‬تاريخ ابن كثير ‪ ،332 /8‬وفي فتوح ابن أعثم ‪ 279 /6‬أكد أنه صلبه منكوسا‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 362‬تاريخ االسالم للذهبي ‪.115 /3‬‬
‫وأرسل إلى سهل بن سعد فدعاه فقال‪ :‬ما منعك أن تنص‪RR‬ر أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين عثم‪RR‬ان بن عّف ان‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬ق‪R‬د فعلت‪ ،‬ق‪R‬ال‪:‬‬
‫‪363‬‬
‫كذبت‪ ،‬ثّم أمر به فختم في عنقه برصاص‪.‬‬
‫انتهاء ثورة الحرمين وقيام ثورات أخرى‪:‬‬
‫هكذا انتهت ثورة الحرمين‪ ،‬وثارت معها وبعدها بالد أخرى‪ ،‬مثل ثورة التّوابين في سنة خمس وس‪RR‬تين في الكوفة‬
‫الذين خرجوا ينادون‪ :‬يالثارات الحسين! وقاتلوا جيش الخالفة بعين الوردة ح‪RR‬تى استشهدوا‪ ،‬ثّم ثورة المخت‪RR‬ار في‬
‫الكوفة سنة ست وستين‪ ،‬وقيامه بقتل قتلة الحسين (ع)‪.‬‬
‫ثّم ثورات العلويين مثل زي‪R‬د الشهيد وابنه يح‪R‬يى‪ 364،‬وأخ‪R‬يرا ثورة العباس‪RR‬يين وقي‪R‬امهم باس‪RR‬م ال‪R‬دعوة الل محّم د‪،‬‬
‫وتهديمهم الخالفة االموّية‪ ،‬واقامتهم الخالفة العباسّية بهذا االسم؛ فقد كان أبو سلمة الخاّل ل يسّم ى‪ :‬وزير آل محّم د‪،‬‬
‫وأبو مسلم‪ :‬أمير آل محّم د!‬
‫ولما قتل أبو سلمة‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫‪365‬‬
‫أودى فمن يشناك كان وزيرا‬ ‫اّن الوزير وزير آل محّم د‬

‫ص‪243:‬‬
‫الثائرون أضعفوا الخالفة واالئمة (ع) أعادوا أحكام االسالم‪:‬‬

‫وقعت كّل تلكم الثورات اثر استشهاد الحسين (ع) ومن قبل القائمين بها في جانب‪ .‬وفي جانب آخر استطاع االئم‪RR‬ة‬
‫على اثر استشهاد الحسين أن يجّد دوا شريعة جّد هم سيد الرسل بعد اندراس‪RR‬ها‪ ،‬ونشطت مدرس‪RR‬تهم في نشر أحك‪RR‬ام‬
‫االسالم‪ ،‬كما يأتي بيانه في الباب التالي‪.‬‬
‫ص‪245:‬‬
‫البحث الخامس‪ :‬إعادة ائّم ة أهل البيت (ع) سنة الرسول (ص) إلى المجتمع بعد قيام االمام الحسين (ع)‬
‫ص‪246:‬‬
‫الفصل االول‪ :‬نتيجة استشهاد االمام الحسين (ع)‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تقويم كتب الحديث بمدرسة أهل البيت (ع)‬


‫الفصل الثالث‪ :‬رأيا المدرستين في تقويم كتب الحديث‬
‫ص‪247:‬‬
‫الفصل االول‪ :‬نتيجة استشهاد االمام الحسين (ع)‬
‫ص‪249:‬‬
‫نتيجة لكل ما سبق ذكره تيقظت ضمائر بعض أبناء االّم ة االس‪R‬المّية من س‪R‬باتها العمي‪R‬ق‪ ،‬واش‪R‬مأّز ت نفوس‪R‬هم من‬
‫أوضاع الخالفة‪ ،‬وانتشر حّب آل بيت النبّي (ص) في االوساط االس‪RR‬المّية غ‪RR‬ير المنتفع‪RR‬ة ب‪RR‬الحكم‪ ،‬وزمن الص‪RR‬راع‬
‫بين االمويين والعباسيين حول الخالفة‪ُ ،‬فِسَح المجال للواعين منهم الن يلتّفوا حول االم‪RR‬امين الب‪R‬اقر والص‪RR‬ادق (ع)‬
‫ومن ثّم تمّك ن االمامان من نشر االحكام االسالمية التي جاء بها رس‪RR‬ول هّللا (ص) وبي‪RR‬ان زي‪RR‬ف االحك‪RR‬ام المحّرفة‪،‬‬
‫‪ .)1 ( 363‬تاريخ الطبري ‪ 206 /7‬في ذكر حوادث سنة ‪ 74‬ه‪.-‬‬
‫‪ .)2 ( 364‬راجع تاريخ الطبري‪ ،‬وابن االثير‪ ،‬وابن كثير في ذكرهم حوادث سني ‪ 65‬و ‪ 67 -66‬و ‪ 122 -121‬و ‪.125‬‬
‫‪ .)3 ( 365‬تاريخ اليعقوبي ‪ 345 /2‬و ‪ ،353 -352‬وابن االثير ‪ 144 /5‬و ‪ 148‬في ذكر حوادث سنة ‪ 130‬ه‪ ،-‬ومروج الذهب ‪.286 /3‬‬
‫ودحض الشبهات المثارة حول بعض االيات القرآنية‪ .‬فعال ذلك تارة بالرواية عن كتاب علّي «الجامعة»‪ ،‬وأخ‪RR‬رى‬
‫بالح‪RR‬ديث عن رس‪RR‬ول هّللا (ص)‪ ،‬أو ببي‪RR‬ان حكم هّللا دونم‪RR‬ا ذك‪RR‬ر س‪RR‬ند ل‪RR‬ه‪ ،‬وفي هذا الص‪RR‬دد ُأتيحت الفرصة لالم‪RR‬ام‬
‫الصادق أكثر من غيره من سائر أئمة أهل البيت‪ ،‬فاجتمع حوله في بعض االحيان آالف من رّواد العلوم االسالمية‬
‫ورواة أحاديثه‪ ،‬وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات على اختالفهم في االراء والمقاالت فك‪RR‬انوا‬
‫أربعة آالف‪ 366،‬مثل الحافظ أبي العّباس ابن عقدة (ت‪ 333 :‬ه‪ )-‬اّلذي صَّنف كتابا جمع في‪RR‬ه رواة حديث‪RR‬ه‪ ،‬وأنه‪RR‬اهم‬
‫‪367‬‬
‫إلى أربعة آالف‪.‬‬

‫ص‪250:‬‬
‫وفي عصر االمام الكاظم (ع) كان جماعة من أصحابه وأهل بيته وش‪RR‬يعته يحض‪RR‬رون مجلس‪RR‬ه ومعهم في أكم‪RR‬امهم‬
‫الواح آبنوس لطاف‪ ،‬وأميال‪ ،‬فإذا نطق ابو الحسن كلمة أو أفتى في نازلة‪ ،‬أثبتوا ما سمعوه منه في ذلك‪.‬‬

‫هكذا دّون أصحاب االئمة ما سمعوه منهم‪ ،‬وبلغت مؤلفاتهم االالف‪ ،‬نج‪RR‬د تراجمه‪RR‬ا في فهرس‪RR‬تي النجاش‪RR‬ي والشيخ‬
‫الطوسي‪ ،‬وكل واحد منهما يروي تلك الكتب عن مؤّلفيها بسنده الخاّص اليهم‪.‬‬
‫وفي عصر االئمة دّون أصحابهم االصول‪ ،‬واالصل في اصطالح المح‪ّR‬د ثين من مدرس‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت هو الكت‪RR‬اب‬
‫اّلذي جمع فيه مصّنفه االحاديث التي رواها هو عن المعصوم أو عن الراوي عن المعصوم ولم ينقل في‪RR‬ه الح‪RR‬ديث‬
‫عن كتاب م‪RR‬دون‪ .‬وك‪RR‬ان من داب أصحاب االصول أنهم إذا س‪RR‬معوا من أح‪RR‬د االئم‪RR‬ة ح‪RR‬ديثا ب‪RR‬ادروا إلى اثبات‪RR‬ه في‬
‫اصولهم لئاّل يعرض لهم نسياٌن لبعضه أو كّله بتمادي االّيام‪ ،‬واستقر أمر المتقدمين على أربعمائة أصل مّم ا دّون‬
‫منذ عص‪R‬ر أم‪R‬ير المؤم‪R‬نين علي بن أبي ط‪R‬الب (ع) إلى عص‪R‬ر أبي محّم د الحس‪R‬ن العس‪R‬كري وس‪R‬ميت باالصول‬
‫االربعمائة‪ ،‬وجّل االصول االربعمائة دّونت من قبل أصحاب االم‪RR‬ام الص‪RR‬ادق س‪RR‬واء ك‪RR‬انوا مختص‪RR‬ين ب‪RR‬ه أو ممن‬
‫‪368‬‬
‫أدركوا أباه االمام الباقر أو ممن أدركوا ولده االمام الكاظم (ع) بعده‪.‬‬
‫ص‪251:‬‬
‫كيف أخذ المصنفون من رسائل أصحاب االئمة وُأصولهم؟‬

‫لمعرفة كيفية أخذهم من االصول وم‪RR‬دّونات أصحاب االئم‪RR‬ة؛ ن‪RR‬درس في كتب المشايخ الثالثة كيفي‪RR‬ة أخ‪RR‬ذهم من‬
‫«أصل ظريف» أو كتاب الديات رواية ظريف بن ناصح‪ ،‬بعد تعريف ظريف وأصله في ما يلي‪:‬‬
‫ظريف بن ناصح وأصله أو كتابه‪:‬‬
‫أ‪ -‬ظريف بن ناصح‪:‬‬
‫‪370‬‬
‫كان أبوه بياع االكفان‪ 369.‬أدرك ظريف االمام الباقر (ع)‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 366‬راجع االرشاد‪ ،‬للشيخ المفيد( ت‪ 413 :‬ه‪ )-‬ص ‪ 254‬منه‪ ،‬وإعالم الورى من ‪ 276‬تأليف الفضل الطبرسي من أعالم القرن السادس‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 367‬ابن عقدة الحافظ أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني الكوفي كان زيديا جاروديا( ت‪ 332 :‬ه‪ )-‬ن مؤّلفاته‪ :‬كتاب أسماء الرجال ال‪RR‬ذين رووا‬
‫عن الصادق أربعة آالف رجل خرج فيه لكل رجل الحديث الذي رواه‪ -‬ترجمته في الكنى وااللقاب ‪ .346 /1‬وسنة وفاته فيه‪ 333 (:‬ه‪.)-‬‬
‫‪ .)1 ( 368‬وأول موسوعة حديثية جامع‪R‬ة الفت بمدرس‪R‬ة أهل ال‪R‬بيت هو كت‪R‬اب الك‪R‬افي‪ ،‬أّلف‪R‬ه ثقة االس‪R‬الم أب‪R‬و جعف‪R‬ر محم‪R‬د بن يعقوب بن اس‪R‬حاق‬
‫الكليني( ت‪ 329 :‬أو ‪ 328‬ه‪ )-‬حاول مؤلفه أن يجمع فيه االصول والمدونات الحديثية الصغيرة االخرى‪ ،‬وجاب من أجله البالد في عشرين سنة‪.‬‬
‫وأخذ من الكافي ومن االصول والمدونات الحديثية االخرى الشيخ الص‪RR‬دوق أب‪RR‬و جعف‪RR‬ر محم‪RR‬د ابن علي بن الحس‪RR‬ين بن بابوي‪RR‬ه القمي( ت‪ 381 :‬ه‪)-‬‬
‫الروايات الخاصة بالفقه وألف فقيه من ال يحضره الفقيه وهو أول موسوعة حديثية في فقه مدرسة أهل البيت‪ ،‬ونحا نحوه من بعده الشيخ أب‪RR‬و جعف‪RR‬ر‬
‫محمد بن الحسن الطوسي( ت‪ 460 :‬ه‪ )-‬في كتابه تهذيب االحك‪R‬ام ال‪R‬ذي ش‪R‬رح في‪R‬ه مقنع‪R‬ة الشيخ المفي‪R‬د ثّم في كتاب‪R‬ه االستبص‪R‬ار في م‪R‬ا اختل‪R‬ف من‬
‫االخبار‪ ،‬وسميت هذه الكتب بالكتب االربعة للمجتهدين الثالثة‪ ،‬وأصبحت مدار البحث في الحلقات التدريسية بمدرس‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت منذ تأليفه‪RR‬ا ح‪RR‬تى‬
‫اليوم‪ ،‬شأنها في ذلك شأن الصحاح السّتة بمدرسة الخلفاء عدا ان مدرسة أهل البيت ال تلتزم بصحة جميع ما في كتاب ما عدا كتاب هّللا جّل جالله‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 369‬ترجمته بجامع الرواة ‪.423 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 370‬ترجمته بمجمع الرجال ‪.232 /3‬‬
‫‪371‬‬
‫قال النجاشي في ترجمته‪ :‬كوفي نشأ ببغداد وكان ثقة في حديثه صدوقا‪.‬‬
‫وله كتب اخرى ذكرها النجاشي والشيخ في ترجمته‪ ،‬وروايات الكتاب منتشرة في الموس‪RR‬وعات الحديثي‪RR‬ة‪ ،‬ذكرها‬
‫االردبيلي في ترجمته بجامع الرواة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أصل ظريف‪:‬‬
‫ليس ما يسمى بأصل ظريف أو كتاب في الديات تأليف ظريف‪ ،‬وانما هو كت‪RR‬اب كتب‪RR‬ه أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين علي بن أبي‬
‫طالب (ع) المرائه ورؤساء أجناده‪ ،‬كما يعرف ذلك من سند رواية الكليني (د)‪ 372‬عن أبي عمرو المتطبب‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ص‪252:‬‬
‫عرضته على أبي عبد هّللا ‪ ،‬قال‪ -‬أي عرض‪RR‬ت كت‪RR‬اب ال‪RR‬ديات موض‪RR‬وع البحث على أبي عب‪RR‬د هّللا الص‪RR‬ادق فقال في‬
‫تعريف الكتاب‪:-‬‬

‫أفتى أمير المؤمنين‪ ،‬فكتب الناس فتياه‪ ،‬وكتب به أمير المؤمنين إلى امرائه وُرؤوس أجناده ‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫وفي سند رواية الكليني (ج) عن محّم د بن عيس‪RR‬ى وعن ي‪R‬ونس جميع‪RR‬ا‪ ،‬ق‪R‬اال‪ :‬عرض‪RR‬نا كت‪R‬اب الف‪RR‬رائض عن أم‪RR‬ير‬
‫المؤمنين على أبي الحسن الرضا‪ ،‬فقال هو صحيح ‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫يتضح من هذه الروايات وغيرها ان كتاب ديات ظري‪RR‬ف أّنم‪RR‬ا نس‪RR‬ب إلي‪RR‬ه لرواي‪RR‬ة جم‪RR‬ع من المشايخ عنه‪ 373،‬وق‪RR‬د‬
‫صّرح بذلك الشيخ الطوسي في ترجمت‪R‬ه محّم د ابن أبي عم‪R‬رو حيث ق‪R‬ال‪ :‬محّم د بن أبي عم‪R‬رو الط‪R‬بيب‪ ،‬ك‪R‬وفي‪،‬‬
‫‪374‬‬
‫روى كتاب الديات عن أبي عبد هّللا (ع) وهو المنسوب إلى ظريف بن ناصح‪ ،‬الّنه طريقه‪.‬‬
‫ويستفاد أيضا من تلك االسانيد‪ -‬خاصة م‪RR‬ا ج‪RR‬اء في س‪RR‬ند ح‪RR‬ديث الك‪RR‬افي (د) عن االم‪RR‬ام الص‪RR‬ادق‪ -‬أّن بعض ش‪RR‬يعة‬
‫االمام علي في عصره كانوا قد كتبوا الكتاب عن امالئه أو خطه‪.‬‬
‫ويظهر أيضا من تلك الروايات ان كتاب الديات هذا لم يكن جزءا من كتاب الجامع‪RR‬ة لالم‪RR‬ام علي‪ ،‬واّنم‪RR‬ا س‪ّR‬م ي في‬
‫الروايات بكتاب الديات‪ ،‬وكتاب ما أفتى به عن أمير المؤمنين‪ ،‬وكتاب الف‪R‬رائض عن أم‪R‬ير المؤم‪R‬نين‪ ،‬وهو أيض‪R‬ا‬
‫غير صحيفة الفرائض عن أمير المؤمنين في المواريث والتي كانت بخّط أمير المؤمنين‪.‬‬
‫هذا ما وجدنا عن ظريف وأصله‪ ،‬أّم ا سند المصنفين إلى رواة الكتاب فانه يتصل باالئمة بسلس‪RR‬لة متص‪RR‬لة الحلقات‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫ص‪253:‬‬
‫أسانيد المصِّنفين إلى كتاب الديات رواية ظريف‪:‬‬

‫تتصل أسانيد المشايخ في روايتهم كتاب الديات ال‪R‬ذي ك‪R‬ان ب‪R‬إمالء أم‪R‬ير المؤم‪R‬نين ب‪R‬اثنين من أئم‪R‬ة أهل ال‪R‬بيت‪ :‬أ‪-‬‬
‫االمام الصادق (ع)؛ ب‪ -‬االمام الرضا (ع)‪.‬‬
‫وندرس في ما يلي اسانيد المشايخ إلى كل امام على حدة‪:‬‬
‫أ‪ -‬أسانيدهم إلى االمام الصادق (ع)‪:‬‬

‫‪ .)3 ( 371‬ترجمته برجال النجاشي ص ‪.156‬‬


‫‪ .)4 ( 372‬قسمنا روايات الكافي عن ظريف إلى خمسة‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما جاء في ‪ 311 /7‬منه‪ ،‬وب‪ -‬في ‪ ،324 /7‬وج‪ -‬ما في ‪ ،327 /7‬ود‪ -‬ما في ‪ 342 -330 /7‬منه وه‪ --‬رواية الفقيه‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 373‬الذريعة إلى تصانيف الشيعة ‪ 161 /2‬في البحث عن االصول‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 374‬مجمع الرجال ‪.117 /5‬‬
‫تنقسم أسانيد الكتب إلى االمام الصادق إلى مجموعتين نوردهما في ما يلي‪:‬‬
‫أسانيد المجموعة االولى‪:‬‬
‫جاءت أسانيد المجموعة االولى في روايات الشيخ الكليني والشيخ الطوسي كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬الشيخ الكليني‪:‬‬
‫قال الكليني في باب «ما يمتحن به من يصاب في سمعه ‪.»...‬‬
‫من كتاب الديات في الكافي‪:‬‬
‫‪ -1‬عّد ة من أصحابنا‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن الحسن بن ظريف‪ ،‬عن أبي‪R‬ه ظري‪R‬ف بن ناصح‪ ،‬عن رج‪R‬ل يقال ل‪R‬ه‬
‫‪375‬‬
‫عبد هّللا بن أيوب‪ ،‬قال‪ :‬حّد ثني أبو عمرو المتّطبب‪ ،‬قال‪ :‬عرضت هذا الكتاب على أبي عبد هّللا (ع)‪ .‬الحديث‪.‬‬
‫وقصد الكليني من عّد ة من أصحابنا في طري‪R‬ق س‪R‬هل بن زي‪R‬اد بكت‪R‬اب الك‪R‬افي‪ :‬علي بن محّم د بن إب‪R‬راهيم‪ ،‬عاّل ن‪،‬‬
‫ومحّم د بن الحسن الصفار‪ ،‬ومحّم د‬
‫ص‪254:‬‬
‫‪376‬‬
‫ابن جعفر أبا عبد هّللا االسدي‪ ،‬ومحّم د بن عقيل الكليني‪.‬‬

‫روى الكليني بهذا السند هنا بعض أحكام الديات من الكتاب المذكور‪.‬‬
‫وروى في «باب آخر» من نفس الكتاب كثيرا من أحكام الديات من الكتاب المذكور بنفس السند وفي لفظه (حدثني‬
‫رجل يقال له عبد هّللا بن أيوب قال‪ :‬حدثني أبو عمرو المتطبب‪ ،‬قال‪ :‬عرضته على أبي عبد هّللا (ع) قال‪ :‬أفتى ب‪RR‬ه‬
‫‪377‬‬
‫أمير المؤمنين (ع) فكتب إلى امرائه ورؤوس أجناده فمما كان فيه إن أصيب شفر العين فشتر ‪ )...‬الحديث‪.‬‬
‫وتبعه الشيخ الطوسي في التهذيب‪ 378‬في باب (ديات االعضاء والجوارح ‪ )...‬وقال‪« :‬سهل بن زياد» ثّم أورد س‪RR‬ند‬
‫الكليني بلفظه‪ ،‬وفي لفظ الحديث عند الطوسي‪« :‬أفتى أمير المؤمنين فكتب الناس فتي‪R‬اه‪ ،‬وكتب أم‪R‬ير المؤم‪R‬نين ب‪R‬ه‬
‫إلى امرائه ورؤوس أجناده فمما كان فيه‪ :‬ان أصيب شفر العين ‪ »...‬الحديث إلى آخر دية الشتر والح‪R‬اجب‪ ،‬وانم‪R‬ا‬
‫‪379‬‬
‫قلنا تبع الشيخ الطوسي الشيخ الكليني في هذه الرواية الّنه قال في مشيخة تهذيب االحكام‪:‬‬
‫وما ذكرته عن سهل بن زياد فقد رويته بهذه االسانيد عن محّم د بن يعقوب أي الكليني‪.‬‬
‫وأورد الكليني أيضا بنفس السند في باب «القسامة» ما يخّص القسامة‪ 380.‬وهكذا وّز ع الكلي‪RR‬ني كت‪RR‬اب ال‪RR‬ديات على‬
‫أبواب كتاب الكافي‪.‬‬
‫أّم ا الشيخ الطوسي فقد أورد بعضه في أبواب التهذيب متفرقا‪ ،‬وأورد جميع‬
‫ص‪255:‬‬
‫الكتاب مّرة واحدة كما يأتي ذكره‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشيخ الطوسي‪:‬‬


‫قال الشيخ الطوسي في باب «ديات الشجاج ‪ »...‬من كتاب التهذيب‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 375‬الكافي ‪.324 /7‬‬
‫‪ .)1 ( 376‬وفي جامع الرواة ‪ «465 /2‬علي بن محمد بن عالن» خطأ والتصويب من مجمع الرجال ‪ ،201 /7‬ومستدرك الوسائل ‪.541 /3‬‬
‫‪ .)2 ( 377‬الكافي ‪.342 -330 /7‬‬
‫‪ .)3 ( 378‬تهذيب الشيخ الطوسي ‪.258 /10‬‬
‫‪ .)4 ( 379‬مشيخة تهذيب االحكام ص ‪.55 -54‬‬
‫‪ .)5 ( 380‬الكافي ‪.363 -362 /7‬‬
‫‪ -2‬محّم د بن الحسن بن الوليد‪ ،‬عن محّم د بن الحسن الّصفار‪ ،‬عن أحمد ابن محّم د بن عيس‪RR‬ى‪ ،‬عن الحس‪RR‬ن بن علي‬
‫بن فّض ال‪ ،‬عن ظريف بن ناصح‪.‬‬
‫‪ -3‬وروى أحمد بن محّم د بن يحيى عن العّباس بن معروف عن الحسن ابن علّي بن فّض ال عن ظريف بن ناصح‪.‬‬
‫‪ -4‬وعلّي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فّض ال عن ظريف بن ناصح‪.‬‬
‫‪ -5‬وسهل بن زياد عن الحسن بن ظريف عن أبيه ظريف بن ناصح‪.‬‬
‫‪ -6‬ورواه محّم د بن الحسن بن الوليد عن أحم‪RR‬د بن ادريس عن محّم د بن حس‪RR‬ان ال‪RR‬رازي عن اس‪RR‬ماعيل بن جعف‪RR‬ر‬
‫الكندي عن ظريف بن ناصح‪ ،‬قال‪ :‬حّد ثني رجل يقال له‪ :‬عبد هّللا بن أيوب‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبو عمرو المتطبب‪ ،‬ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫عرضت هذه الرواية على أبي عبد هّللا (ع)‪.‬‬
‫‪381‬‬
‫ثّم أورد بعدها أسانيد الرسالة إلى االمام الرضا (ع) ثّم أورد جميع كتاب الديات‪.‬‬
‫في هذه االسانيد‪:‬‬
‫أّو ال‪ :‬محّم د بن الحسن بن الوليد‪ .‬قال الشيخ في مشيخة التهذيب‪ :‬وما ذكرت‪RR‬ه عن محّم د بن الحس‪RR‬ن بن الولي‪RR‬د‪ ،‬فقد‬
‫‪382‬‬
‫أخبرني به الشيخ أبو عبد هّللا ‪ -‬المفيد‪ -‬عن أبي جعفر محّم د بن علي بن الحسين عن محّم د بن الحسن بن الوليد‪.‬‬
‫ص‪256:‬‬
‫ثانيا‪ :‬أحمد بن محّم د بن يحيى‪ .‬قال الشيخ الطوسي في رجاله‪ :‬أخبرنا عنه الحس‪RR‬ين بن عبي‪RR‬د هّللا وأب‪RR‬و الحس‪RR‬ين بن‬
‫‪383‬‬
‫أبي جّيد القمي وسمع منه سنة ست وخمسين وثالثمائة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ .‬قال الشيخ الطوسي في مشيخة التهذيب‪ 384:‬وم‪RR‬ا ذكرت‪RR‬ه عن علي بن إب‪RR‬راهيم بن هاش‪RR‬م فقد‬
‫رويته بهذه االسانيد عن محّم د بن يعقوب أي الكليني‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬سهل بن زياد‪ .‬وسبق قولنا فيه ان الشيخ‪ -‬أيضا‪ -‬ينقل روايته عن الكافي‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬محّم د بن الحسن بن الوليد‪ .‬وسبق القول فيه‪.‬‬
‫أسانيد المجموعة الثانية‪:‬‬
‫تنحصر برواية الشيخ الصدوق ومن تبعه‪ :‬قال الشيخ الصدوق في باب «دية جوارح االنسان ‪ »...‬من كتاب‪ :‬فقي‪RR‬ه‬
‫من ال يحضره الفقيه‪:‬‬
‫‪ -7‬روى الحسن بن علي بن فّض ال عن ظريف بن ناصح عن عبد هّللا بن أّيوب‪ ،‬قال ح‪ّR‬د ثني حس‪RR‬ين الرواس‪RR‬ي عن‬
‫ابن أبي عم‪R‬رو الط‪R‬بيب‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬عرض‪R‬ت هذه الرواي‪R‬ة على أبي عب‪R‬د هّللا (ع) فقال‪ :‬نعم هي ح‪ّR‬ق ‪ ،‬وق‪R‬د ك‪R‬ان أم‪R‬ير‬
‫‪385‬‬
‫المؤمنين (ع) يأمر عّم اله بذلك‪ ،‬قال‪ :‬أفتى (ع) في كل عظيم له مّخ ‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫روى الشيخ الصدوق هنا كتاب الديات عن الحسن بن علي بن فّضال‬
‫ص‪257:‬‬

‫‪ .)1 ( 381‬تهذيب االحكام ‪.308 -295 /10‬‬


‫‪ .)2 ( 382‬مشيخة التهذيب ص ‪.75‬‬
‫هّللا‬
‫‪ .)1 ( 383‬مجمع الرجال ‪ ،168 /1‬وفي مشيخة التهذيب ص ‪ ،34‬واخبرني به أيضا الحسين بن عبيد وأبو الحسين بن أبي الجيد القمي جميعا عن‬
‫أحمد بن محمد بن يحيى‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 384‬مشيخة التهذيب ص ‪.29‬‬
‫‪ .)3 ( 385‬فقيه من ال يحضرُه الفقيه ‪.54 /4‬‬
‫وقال في مشيخة كتابه‪ :‬وما كان فيه عن الحسن بن علي بن فّضال فقد رويته عن أبي‪ -‬علي بن الحس‪RR‬ين بن بابوي‪RR‬ه‬
‫‪386‬‬
‫القمي‪ -‬رضي هّللا عنه‪ ،‬عن سعد بن عبد هّللا ‪ ،‬عن أحمد بن محّم د بن عيسى‪ ،‬عن الحسن بن علي بن فّضال‪.‬‬

‫ذكر الشيخ الصدوق بهذا السند في هذا الب‪R‬اب جمي‪R‬ع كت‪R‬اب ال‪R‬ديات أو فرائض علي في اثنتي عشرة صفحة من‬
‫‪387‬‬
‫اخريات كتابه‪.‬‬
‫أسانيد اخرى للكتاب إلى ظريف فحسب‪:‬‬
‫قال الشيخ الطوسي بترجمة ظريف من الفهرست‪:‬‬
‫‪ -8‬له كتاب الديات‪ ،‬أخبرنا به الشيخ المفيد أبو عبد هّللا رحم‪RR‬ه هّللا عن أبي الحس‪RR‬ين أحم‪RR‬د بن محّم د بن الحس‪RR‬ن بن‬
‫الوليد‪.‬‬
‫‪ -9‬وأخبرنا ابن أبي جيد‪ ،‬عن محّم د بن الحسن الص‪RR‬فار‪ ،‬عن أحم‪RR‬د بن محّم د بن عيس‪RR‬ى‪ ،‬عن الحس‪RR‬ن بن علي بن‬
‫‪388‬‬
‫فّضال‪ ،‬عنه‪.‬‬
‫‪ -10‬وقال أبو العّباس أحمد بن علي بن أحمد بن العّباس النجاشي (ت‪ 405 :‬ه‪ )-‬في ترجمة ظريف من رجاله‪ :‬ل‪RR‬ه‬
‫كتب‪ ،‬منها كتاب الديات‪ ،‬رواه عّد ة من أصحابنا‪.‬‬
‫‪ -11‬أخبرنا عّد ة من أصحابنا عن أبي غالب أحمد بن محّم د‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬ق‪R‬رأ علَّي عب‪R‬د هّللا بن جعف‪R‬ر وأن‪R‬ا اس‪R‬مع‪ ،‬ق‪R‬ال‪:‬‬
‫‪389‬‬
‫حّد ثنا الحسن بن ظريف‪ ،‬عن أبيه به‪.‬‬
‫ص‪258:‬‬
‫انتهت أسانيد المشايخ في روايتهم الكتاب عن االمام الصادق إلى عشرة أسانيد حسب احصائنا له‪RR‬ا في مص‪RR‬نفاتهم‪،‬‬
‫وتنقسم سالسل أسانيدهم إلى االمام الصادق إلى قسمين‪:‬‬

‫أ‪ -‬من ظريف إلى االمام الصادق‪.‬‬


‫ب‪ -‬من المشايخ إلى ظريف‪.‬‬
‫أ‪ -‬أسانيد الكتاب من ظريف إلى االمام الصادق (ع)‪:‬‬
‫جاء سند ظريف إلى االمام الصادق (ع) في المجموعة االولى كما يلي‪ :‬ظري‪RR‬ف بن ناصح عن عب‪RR‬د هّللا بن أّي وب‬
‫عن ابن أبي عمرو الطبيب عن االمام الصادق‪ ،‬وفي المجموعة الثانية‪ :‬ظري‪RR‬ف بن ناصح‪ ،‬عن عب‪RR‬د هّللا بن أي‪RR‬وب‬
‫عن حسين الرواسي‪ ،‬عن ابن أبي عمرو الطبيب عن االمام الصادق‪.‬‬
‫جاء في سند المجموعة الثانية «حسين الرواسي وابن أبي عمرو» بين عبد هّللا بن أيوب وأبي عم‪RR‬رو‪ ،‬بينا لم ي‪RR‬رد‬
‫اسماهما في سند المجموعة االولى‪ ،‬ونرى اّن منشأ ذلك أّوال سقوط لفظ (ابن) قبل (أبي عمرو) من نسخهم وب‪RR‬ذلك‬
‫أصبح (أبو عمرو) االب هو الراوي عن االمام الصادق وهو المتطبب‪ ،‬بينا الراوي عن االمام كان ابنه محّم د بن‬
‫أبي عمرو‪ ،‬وكان من أصحاب الصادق‪ 390‬وكان هو الطبيب كما جاء في ترجمت‪RR‬ه بمجم‪RR‬ع الرج‪RR‬ال وج‪RR‬امع ال‪RR‬رواة‬

‫‪ .)1 ( 386‬مشيخة كتاب الفقيه بآخر المجلد الرابع منه ص ‪.95‬‬


‫‪ .)2 ( 387‬فقيه من ال يحضره الفقيه ‪.66 -54 /4‬‬
‫‪ .)3 ( 388‬فهرست الشيخ الطوسي ص ‪.112‬‬
‫‪ .)4 ( 389‬رجال النجاشي ص ‪.156‬‬
‫‪ .)1 ( 390‬رمز في ترجمته ب‪ «-‬ق» إلى انه من أصحاب الصادق كما هو ديدنهم‪ ،‬ونقل ذلك في الذريعة ‪ 161 /2‬عن رجال الشيخ الطوسي‪.‬‬
‫نقال عن رجال الشيخ ق‪RR‬ال‪ :‬محّم د بن أبي عم‪RR‬رو الط‪RR‬بيب ك‪RR‬وفي روى كت‪RR‬اب ال‪RR‬ديات عن أبي عب‪RR‬د هّللا (ع) وهو‬
‫‪391‬‬
‫المنسوب إلى ظريف بن ناصح‪ ،‬النه طريقه‪.‬‬
‫هذا عن ابن أبي عمرو‪ ،‬أّم ا رواية عبد هّللا بن أّيوب في المجموعة الثانية عن حسين الرواسي عن ابن أبي عم‪R‬رو‪،‬‬
‫وفي المجموعة االوى عن ابن أبي عمرو‬
‫ص‪259:‬‬
‫بال واسطة فذلك يعني ان ابن أّي وب ي‪R‬روي الكت‪R‬اب عن الرواس‪R‬ي عن ابن أبي عم‪R‬رو ت‪R‬ارة‪ ،‬واخ‪R‬رى عن ابن أبي‬
‫عمرو مباشرة‪ ،‬وقد جاء نظير ذلك في رواية االقران كثيرا‪ .‬ويبين الجدول االتي سند ظري‪RR‬ف إلى االم‪RR‬ام الص‪RR‬ادق‬
‫(ع) لدى المجموعتين االولى والثانية‪:‬‬
‫‪392‬‬

‫نمايش تصوير‬
‫ص‪260:‬‬
‫ب‪ -‬أسانيد الكتاب من المشايخ إلى ظريف‪:‬‬

‫أوردنا آنفا أسانيد المجموعتين إلى ظريف‪ ،‬ونكتفي هنا بايرادهما في جدولين ليسهل البحث حولهما‪:‬‬
‫أ‪ -‬أسانيد المجموعة االولى‪:‬‬
‫نمايش تصوير‬
‫ص‪261:‬‬
‫نمايش تصوير‬
‫‪393‬‬

‫‪394‬‬

‫ص‪262:‬‬
‫ب‪ -‬جدول سند المجموعة الثانية‪:‬‬

‫سند الشيخ الصدوق‪:‬‬


‫ظريف بن ناصح‬
‫نمايش تصوير‬
‫***‬
‫كانت هذه سلسلة أسانيد المشايخ إلى االم‪R‬ام الص‪R‬ادق في رواي‪R‬ة كت‪R‬اب ال‪R‬ديات قض‪R‬اء أم‪R‬ير المؤم‪R‬نين وفي م‪R‬ا يلي‬
‫أسانيدهم إلى االمام الرضا (ع)‪.‬‬

‫ب‪ -‬أسانيدهم إلى االمام الرضا في روايتهم كتاب الديات‪:‬‬


‫‪ .)2 ( 391‬ترجمته بمجمع الرجال ‪ 117 /5‬وجامع الرواة ‪.50 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 392‬كتبنا محمد بن أبي عمرو بناء على ما رجحناه من ان اسمه سقط سهوا لديهم كما بيناه في محله‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 393‬سبق شرحها فى أسانيد المجموعة األولى‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 394‬ذكر شيخ الطوسى فى مشيخة التهذيب ص ‪ 8‬انه يروي الكافى المفيد عن أبي القاسم جعفر بن محّم د بن قولويه عن الكلينى‪.‬‬
‫يروي المشايخ كتاب الديات الذي كان بخّط االمام علي أو بامالئه عن االمام الرضا بثالثة أسانيد‪.‬‬
‫أوال‪ -‬سند الحسن بن علي المشهور بابن فضال‪:‬‬
‫‪ -1‬أخرج الكليني في عّد ة أبواب من كتابه الكافي أقساما من رواية كتاب الديات عن ابن فّض ال هذا‪ ،‬منه‪RR‬ا م‪RR‬ا في‬
‫باب «دية الجراحات»‪.‬‬
‫ص‪263:‬‬
‫أخرج فيه عن علّي بن إبراهيم‪ ،‬عن إبراهيم بن هاش‪R‬م‪ ،‬عن ابن فّض ال‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬عرض‪RR‬ت الكت‪R‬اب على أبي الحس‪RR‬ن‪،‬‬
‫‪395‬‬
‫فقال‪ :‬هو صحيح‪« .‬قضى أمير المؤمنين في دية جراحات االعضاء كّلها ‪ ...‬ثّم أورد قسما من كتاب الديات»‪.‬‬

‫وتبعه الشيخ الطوسي وأورد هذا القسم من كتاب الديات‪ ،‬في باب ديات الشجاج من تهذيب‪R‬ه بلف‪R‬ظ الكلي‪R‬ني في س‪R‬نده‬
‫‪396‬‬
‫ومتنه‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬سند يونس بن عبد الرحمن مولى آل يقطين‪:‬‬
‫روى الكليني في باب «ما يمتحن به من يصاب ‪ »...‬من كتابه الكافي‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محّم د بن عيس‪RR‬ى‪،‬‬
‫عن يونس‪ .‬قال يونس‪ :‬عرضت عليه الكتاب فقال‪« :‬هو صحيح»‪ .‬وأورد من الكتاب م‪RR‬ا يخص كيفي‪RR‬ة امتح‪RR‬ان من‬
‫‪397‬‬
‫اصيب في احدى عينيه‪.‬‬
‫وتبعه الشيخ الطوس‪RR‬ي وأورده بلف‪RR‬ظ الكلي‪RR‬ني في س‪RR‬نده ومتنه بب‪RR‬اب «دي‪RR‬ات االعض‪RR‬اء والج‪RR‬وارح ‪ »...‬من كت‪RR‬اب‬
‫‪398‬‬
‫التهذيب‪.‬‬
‫ويجمع المشايخ بين السندين في جّل ما أوردوه في روايتهم الكتاب عن االمام الرضا‪.‬‬
‫في المثال االّول‪ ،‬قال الكليني والطوسي‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محّم د بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن أبي الحس‪RR‬ن (ع)‪.‬‬
‫وعنه عن أبيه‪ ،‬عن ابن فّض ال‪ ،‬قال‪ :‬عرضت الكتاب على أبي الحسن‪ ،‬فقال‪ :‬هو صحيح ‪...‬‬
‫ص‪264:‬‬
‫وفي المثال الثاني‪ ،‬قاال‪ :‬علّي بن إبراهيم‪ ،‬عن محّم د بن عيسى‪ ،‬عن ي‪RR‬ونس‪ .‬وعن أبي‪RR‬ه عن ابن فّض ال جميع‪RR‬ا عن‬
‫أبي الحسن الرضا (ع)‪ .‬قال يونس‪ :‬عرضت عليه الكتاب فقال هو صحيح ‪...‬‬

‫وكذلك فعل الكليني في «باب آخر» من كتاب الديات وقال‪ :‬علّي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن فّضال‪ .‬ومحّم د بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن يونس جميعا‪ ،‬قاال‪ :‬عرضنا كتاب الفرائض عن أمير المؤمنين (ع) على أبي الحسن الرضا (ع) فقال‪:‬‬
‫«هو صحيح» ‪...‬‬
‫ثّم أورد قسما كبيرا من كتاب الديات في هذا الباب‪ 399،‬وتبعه الشيخ الطوسي في إيراد أحد أسانيد الكلي‪R‬ني وم‪RR‬ا في‪R‬ه‬
‫‪400‬‬
‫بيان شترالعين وفقد الحاجب من أّو ل ما أورده الكليني‪.‬‬
‫‪401‬‬
‫وفي باب «القسامة» من الكافي أيضا أورد الكليني من الكتاب ما يخص القسامة بالسندين المذكورين‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 395‬الكافي ‪.327 /7‬‬


‫‪ .)2 ( 396‬التهذيب للشيخ الطوسي ‪.292 /10‬‬
‫‪ .)3 ( 397‬الكافي ‪.324 /7‬‬
‫‪ .)4 ( 398‬تهذيب الشيخ الطوسي ‪.267 /10‬‬
‫‪ .)1 ( 399‬الكافي ‪ ،342 -330 /7‬وذكر أحيانا مع ما في كتاب الديات روايات اخرى تناسب الباب‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 400‬تهذيب الشيخ الطوسي ‪ ،258 /10‬ذكر سند الكليني إلى االمام الصادق ولم يذكر سنده إلى االمام الرضا( ع)‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 401‬الكافي ‪.363 -362 /7‬‬
‫وقال الكليني في باب «ما تجب فيه الدية كامل‪RR‬ة من الجراح‪RR‬ات ‪ »...‬علي ابن اب‪RR‬راهيم‪ ،‬عن محّم د بن عيس‪RR‬ى‪ ،‬عن‬
‫يونس‪ .‬وعّد ة من أصحابنا‪ ،‬عن س‪RR‬هل ابن زي‪RR‬اد‪ ،‬عن محّم د بن عيس‪RR‬ى‪ ،‬عن ي‪RR‬ونس‪ .‬ان‪RR‬ه ع‪RR‬رض على أبي الحس‪RR‬ن‬
‫الرضا كتاب الديات‪ ،‬وكان فيه ذهاب السمع ‪...‬‬
‫ثّم أورد من الكتاب ما يخّص الب‪RR‬اب‪ ،‬وبع‪RR‬د انتهائ‪RR‬ه من إي‪RR‬راد م‪RR‬ا أراد‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬علي‪ ،‬عن أبي‪RR‬ه‪ ،‬عن ابن فّض ال‪ ،‬عن‬
‫‪402‬‬
‫الرضا مثله‪.‬‬
‫ص‪265:‬‬
‫وتبعه الشيخ الطوسي في باب ديات االعضاء والجوارح ‪ ..‬من التهذيب وأورد هذا القس‪RR‬م مّم ا أورده الكلي‪RR‬ني هنا‬
‫‪403‬‬
‫بسنده ومتنه‪.‬‬

‫امتاز هذا الحديث على ما سبقه بروايته عن محّم د بن عيسى بطريقين‪:‬‬


‫أ‪ -‬علي بن إبراهيم‪.‬‬
‫ب‪ -‬عّد ة من أصحابنا‪ ،‬عن سهل بن زياد‪.‬‬
‫وروى الشيخ في كتاب التهذيب بباب «الحوامل والحمول ‪ »...‬وفي االستبصار بباب «دي‪R‬ة الج‪R‬نين»‪ ،‬عن علّي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن فّضال‪ ،‬ومحّم د بن عيسى‪ ،‬عن يونس جميعا‪ ،‬قاال‪ :‬عرض‪RR‬نا كت‪RR‬اب الف‪RR‬رائض عن أم‪RR‬ير‬
‫المؤمنين على أبي الحسن (ع) ق‪R‬ال‪« :‬هو صحيح»‪ .‬وك‪RR‬ان مّم ا في‪R‬ه‪ :‬اّن أم‪RR‬ير المؤم‪RR‬نين جع‪RR‬ل دي‪R‬ة الج‪R‬نين مائ‪R‬ة‬
‫‪404‬‬
‫دينار ‪....‬‬
‫وقال الشيخ الطوسي أيضا في باب «ديات الشجاج وكسر العظ‪R‬ام ‪ »...‬من الته‪RR‬ذيب بع‪RR‬د إي‪R‬راده اس‪RR‬ناده إلى االم‪RR‬ام‬
‫الصادق‪ :‬وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فّضال‪ ،‬ومحّم د بن عيسى‪ ،‬عن ي‪RR‬ونس جميع‪RR‬ا‪ ،‬عن الرض‪RR‬ا (ع)‬
‫‪406‬‬
‫قاال‪ :‬عرضنا عليه الكتاب‪ ،‬فقال‪ :‬نعم هو حّق ‪ 405،‬وقد كان أمير المؤمنين يأمر عّم اله بذلك ‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫ص‪266:‬‬
‫ثالثا‪ -‬رواية الحسن بن الجهم‪:‬‬

‫قال الكليني في باب «ما يمتحن به من يصاب في سمعه ‪ »...‬عّد ة من أصحابنا‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن الحس‪RR‬ن بن‬
‫ظريف ‪ ...‬إلى قول‪R‬ه‪ ،‬ح‪ّR‬د ثني أب‪R‬و عم‪R‬رو المتطبب‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬عرض‪R‬ت هذا الكت‪R‬اب على أبي عب‪R‬د هّللا (ع)‪ .‬وعلي ابن‬
‫فّض ال عن الحسن بن الجهم‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬عرض‪R‬ته على أبي الحس‪R‬ن الرض‪R‬ا (ع) فقال لي‪ :‬ارووه فاّن ه صحيح‪ ،‬ثّم ذك‪R‬ر‬
‫‪407‬‬
‫مثله‪.‬‬
‫قصد الكليني ان عّد ة من أصحابنا رووا عن س‪RR‬هل بن زي‪RR‬اد‪ ،‬عن الحس‪RR‬ن ابن ظري‪RR‬ف رواي‪RR‬ة ع‪RR‬رض الكت‪RR‬اب على‬
‫االمام الصادق (ع)‪.‬‬

‫‪ .)4 ( 402‬الكافي ‪.311 /7‬‬


‫‪ .)1 ( 403‬تهذيب الشيخ الطوسي ‪.245 /10‬‬
‫‪ .)2 ( 404‬تهذيب الشيخ ‪ ،285 /10‬واالستبصار ‪.299 /4‬‬
‫‪ .)3 ( 405‬في االصل« هو نعم حق» ورأينا الصواب« نعم هو حق» كما جاء في رواية الصدوق في الفقيه نظيره‪.‬‬
‫‪ .)4 ( 406‬تهذيب الشيخ الطوسي ‪.308 -295 /10‬‬
‫‪ .)1 ( 407‬الكافي ‪.324 /7‬‬
‫واّن اولئك العدة من أصحابنا أيضا رووا عن سهل بن زياد عن علّي بن فّضال رواية ع‪RR‬رض الكت‪RR‬اب على االم‪RR‬ام‬
‫الرضا‪ ،‬وهذا دأب الكليني وسائر المشايخ المحدثين في اختصار السند‪ ،‬وحذف صدر السند الثاني إذ ك‪RR‬ان ق‪RR‬د ج‪RR‬اء‬
‫في صدر الحديث السابق‪.‬‬
‫وقصد الكليني من علي بن فّضال‪ :‬علي بن الحس‪RR‬ن بن علي بن فّض ال‪ ،‬فه‪RR‬ذا روى بواس‪RR‬طة الحس‪RR‬ن بن الجهم عن‬
‫االمام الرضا‪ ،‬وروى أبوه الحسن بن علي بن فضال عن االمام الرض‪R‬ا بال واس‪R‬طة كم‪R‬ا م‪ّR‬ر بيان‪R‬ه في بحث الس‪R‬ند‬
‫االّول‪.‬‬
‫كان هذا ما وجدنا من أسانيد كتاب الديات إلى االمام الرضا (ع) كما تبينه الجداول الثالثة االتية‪:‬‬
‫ص‪267:‬‬
‫نمايش تصوير‬
‫ص‪268:‬‬
‫نمايش تصوير‬

‫ص‪269:‬‬

‫نمايش تصوير‬

‫ص‪270:‬‬

‫نمايش تصوير‬

‫ص‪271:‬‬

‫خالصة البحث‬
‫إّن كتاب الديات المنسوب إلى ظريف بن ناصح‪ ،‬كان االمام علُّي قد كتبه بخطه أو اّنه كان قد أماله‪ ،‬وكتب ب‪RR‬ه إلى‬
‫امرائه‪ ،‬وكتبه شيعته وتوارثوه جيال بعد جيل حتى إذا انتهوا إلى عص‪RR‬ر االم‪RR‬ام الص‪RR‬ادق عرض‪RR‬وه علي‪R‬ه فقال عن‬
‫الرواية‪« :‬نعم هو حق وقد كان أمير المؤمنين يأمر عماله بذلك»‪.‬‬
‫وفي وراية‪ :‬أفتى أمير المؤمنين فكتب الناس فتياه‪ ،‬وكتب أمير المؤمنين به إلى امرائه ورؤوس أجناده‪.‬‬
‫ثّم تسلسل الرواة عن االمام الصادق حتى عصر المشايخ‪ ،‬وفي هؤالء الرواة من أدرك االمام الرضا (ع) وعرض‬
‫الكتاب عليه‪ ،‬فقال الحدهم‪ :‬نعم هو حق‪ ،‬قد كان أمير المؤمنين يأمر عّم اله بذلك!‬
‫وقال للثاني‪ :‬هو صحيح‪.‬‬
‫وقال للثالث‪ُ :‬أرووه فاّنه صحيح‪.‬‬
‫ثّم تسلسل الرواة أيض‪RR‬ا عن االم‪RR‬ام إلى المشايخ‪ ،‬وأدرج‪RR‬ه المشايخ في الكتب االربع‪RR‬ة‪ :‬الك‪RR‬افي والفقي‪RR‬ه والته‪RR‬ذيب‬
‫واالستبصار‪.‬‬
‫فّرق الكليني الكتاب على أبواب الديات في الكافي‪ .‬وأورد الصدوق جميعه مرة واحدة وفي باب واحد من الفقيه‪.‬‬
‫وأورد الشيخ الطوسي جميعه في مكان واحد من التهذيب‪ ،‬وأورده أيضا متفرقا في أبواب مختلفة منه‪.‬‬
‫وأورد قسما منه في باب واحد من االستبصار‪.‬‬
‫ص‪272:‬‬
‫تسلسلت رواي‪RR‬ات المشايخ إلى االئم‪RR‬ة في نقل كت‪RR‬اب ال‪RR‬ديات عنهم‪ ،‬وأوردوا أح‪RR‬اديث اخ‪RR‬رى عن االئم‪RR‬ة في نفس‬
‫مواضيع كتاب الديات‪ ،‬وبنفس المغزى‪ ،‬مثاله ما قاله الكليني في باب «دية الجنين»‪:‬‬

‫وبهذا االسناد‪ ،‬أي باالسناد الذي أورده في أّول الباب إلى االمامين (الصادق والرضا) في نقل كتاب الديات‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪ -1‬وبهذا االسناد عن أمير المؤمنين (ع) قال‪ :‬جعل دية الجنين مائة دينار وجعل م‪RR‬ني الرج‪RR‬ل إلى أن يك‪RR‬ون جنينا‬
‫خمسة أجزاء‪ :‬فإذا كان جنينا قبل أن تلجه الُّر وح مائة دينار وذلك اّن هّللا عّز وج‪ّRR‬ل خل‪RR‬ق االنس‪RR‬ان من س‪RR‬اللة وهي‬
‫النطفة فهذا جزء‪ ،‬ثَّم علقة فهو جزءان‪ ،‬ثّم مضغة فهو ثالثة أجزاء‪ ،‬ثَّم عظم‪RR‬ا فه‪RR‬و أربع‪RR‬ة أج‪RR‬زاء‪ ،‬ثّم يكس‪RR‬ى لحم‪RR‬ا‬
‫فحينئذ تّم جنينا فكملت له خمسة أجزاء مائة دينار‪ ،‬والمائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائ‪RR‬ة عشرين‬
‫دينارا‪ ،‬وللعلقة خمسي المائة أربعين دينارا‪ ،‬وللمضغة ثالثة أخم‪RR‬اس المائ‪RR‬ة‪ ،‬س‪ّR‬تين دينارا وللعظم أربع‪RR‬ة أخم‪RR‬اس‬
‫المائة‪ ،‬ثمانين دينارا‪ ،‬فإذا ُك ِس َي الّلحم كانت له مائة دنيار كاملة‪ ،‬فإذا نشأ فيه خل‪RR‬ق آخ‪RR‬ر وهو ال‪ُّRR‬ر وح؛ فه‪RR‬و حينئذ‬
‫نفس فيه ألف دينار دية كاملة إن كان ذك‪R‬را‪ ،‬وإن ك‪R‬ان اثنى فخمس‪R‬مائة دينار‪ ،‬وإن قتلت ام‪R‬رأة وهي حبلى فتّم فلم‬
‫يسقط ولدها ولم يعلم أذكر هو أم ُأنثى‪ ،‬ولم يعلم أبعدها مات أو قبلها؛ فديته نصفان‪ ،‬نصف دية الذكر ونص‪RR‬ف دي‪RR‬ة‬
‫االنثى‪ ،‬ودية المرأة كاملة بعد ذلك وذلك سّتة أجزاء من الجنين‪ ،‬وأفتى (ع) في م‪RR‬نّي الرج‪RR‬ل يف‪RR‬زع‪ 408‬من عرس‪RR‬ه‬
‫فيعزل عنهاالماء‪ .‬ولم يرد ذلك نصف خمس المائة عشرة دنانير‪ ،‬وإذا أفرغ فيها عشرين دينارا‪ ،‬وقض‪RR‬ى في دي‪RR‬ة‬
‫جراح الجنين من حس‪RR‬اب المائ‪R‬ة على م‪RR‬ا يك‪RR‬ون من ج‪R‬راح ال‪R‬ذكر واالن‪R‬ثى الرج‪R‬ل والم‪RR‬رأة كامل‪R‬ة‪ ،‬وجع‪RR‬ل ل‪R‬ه في‬
‫قصاص جراحته‬
‫ص‪273:‬‬
‫‪409‬‬
‫ومعقلته على قدر ديته وهي مائة دينار‪.‬‬

‫وجاء أيضا في نفس الباب عن سعيد بن المسّيب قال‪ :‬سألت علّي بن الحسين (ع) عن رج‪RR‬ل ض‪RR‬رب ام‪RR‬رأة ح‪RR‬امال‬
‫برجله فطرحت ما في بطنها ميتا فقال‪ :‬إن كان نطفة فإَّن عليه عشرين دينارا‪ ،‬قلت‪ :‬فما حُّد النطفة؟ فقال‪ :‬هي اّلتي‬
‫إذا وقعت في الرحم فاستقّرت فيه أربعين يوما‪ ،‬قال‪ :‬وإن طرحته وهو علقة؛ فإّن علي‪RR‬ه أربعين دينارا‪ ،‬قلت‪ :‬فم‪RR‬ا‬
‫حُّد العلقة؟ فقال‪ :‬هي اّلتي إذا وقعت في الرحم فاستقَّرت فيه ثمانين يوما‪ ،‬وإن طرحته وهو مضغة؛ فإَّن عليه سّتين‬

‫‪ .)1 ( 408‬في الكافي ‪ (343 /7‬يفرغ) وهو خطأ‪.‬‬


‫‪ .)1 ( 409‬الكافي ‪.343 /7‬‬
‫دينارا‪ ،‬قلت‪ :‬فما حُّد المضغة؟ فقال‪ :‬هي اّلتي إذا وقعت في ال‪R‬رحم فاس‪R‬تقَّرت في‪R‬ه مائ‪R‬ة وعشرين يوم‪R‬ا‪ ،‬ق‪R‬ال‪ :‬وإن‬
‫‪410‬‬
‫طرحته وهو نسمة مخّلقة له عظم ولحم مزّيل الجوارح قد نفخ فيه روح العقل فإّن عليه دية كاملة ‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫وجاء فيه عن محّم د بن مسلم قال‪ :‬سألت أب‪R‬ا جعف‪R‬ر (ع) عن الّرج‪R‬ل يض‪R‬رب الم‪R‬رأة فتط‪R‬رح النطف‪R‬ة؟ فقال‪ :‬علي‪R‬ه‬
‫عشرون دينارا‪ ،‬فقلت‪ :‬يضربها فتطرح العلقة؟ فقال‪ :‬عليه أربعون دينارا‪ ،‬قلت‪ :‬فيضربها فتط‪RR‬رح المض‪RR‬غة؟ ق‪RR‬ال‪:‬‬
‫عليه سّتون دينارا‪ ،‬قلت‪ :‬فيضربها فتطرحه وقد صار له عظم؟ فقال‪ :‬عليه الدية كاملة‪ ،‬وبهذا قضى أمير المؤمنين‬
‫(ع)‪ ،‬قلت‪ :‬فما صفة خلقة النطفة اّلتي تعرف بها؟ فقال‪ :‬النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة فتمكث في الرحم‬
‫إذا صارت فيه أربعين يوما ثّم تصير إلى علقة‪ ،‬قلت‪ :‬فما صفة خلقة العلقة اّلتي تعرف بها؟ فقال‪ :‬هي علقة كعلقة‬
‫الدم المحجمة الجامدة تمكث في ال‪R‬رحم بع‪RR‬د تحوله‪RR‬ا عن النطف‪RR‬ة أربعين يوم‪RR‬ا‪ ،‬ثَّم تص‪RR‬ير مض‪RR‬غة‪ ،‬قلت‪ :‬فم‪RR‬ا صفة‬
‫المضغة وخلقتها اّلتي تعرف بها؟ قال‪ :‬هي مضغة لحم حمراء فيها عروق خضر‬
‫ص‪274:‬‬
‫مشتبكة‪ ،‬ثّم تصير إلى عظم‪ ،‬قلت‪ :‬فما صفة خلقته إذا كان عظم‪RR‬ا؟ فقال‪ :‬إذا ك‪RR‬ان عظم‪RR‬ا ش‪ّR‬ق ل‪RR‬ه الس‪RR‬مع والبص‪RR‬ر‬
‫‪411‬‬
‫ورّتبت جوارحه فإذا كان كذلك فإَّن فيه الدية كاملة‪.‬‬

‫وعن ابن مسكان‪ ،‬عن أبي عبد هّللا (ع) ق‪RR‬ال‪ :‬دي‪RR‬ة الج‪RR‬نين خمس‪RR‬ة أج‪RR‬زاء‪ :‬خمس للنطف‪RR‬ة عشرون دينارا‪ ،‬وللعلقة‬
‫خمسان أربعون دينارا‪ ،‬وللمضغة ثالثة أخماس سّتون دينارا‪ ،‬وللعظم أربعة أخماس ثمانون دينارا‪ ،‬فإذا تّم الج‪RR‬نين‬
‫كانت له مائة دينار‪ ،‬فإذا أنشأ في‪R‬ه ال‪ّR‬روح فديت‪R‬ه أل‪R‬ف دينار أو عشرة آالف درهم إن ك‪R‬ان ذك‪R‬را‪ ،‬وإن ك‪R‬ان ُأن‪R‬ثى‬
‫فخمسمائة دينار‪ ،‬وإن قتلت المرأة وهي حبلى فلم يدر أذكر كان ولدها أو ُأنثى فدية الولد نصفان نصف دي‪RR‬ة ال‪RR‬ذكر‬
‫‪412‬‬
‫ونصف دية االنثى وديتها كاملة‪.‬‬
‫في هذا المورد وجدنا الحكم المبّين في حديث االمام الصادق (ع) نظ‪RR‬ير الحكم المشروح في ح‪RR‬ديث االم‪RR‬ام الب‪RR‬اقر‬
‫(ع)‪ ،‬والحكم في حديثيهما نظير الحكم في حديث االمام السّج اد (ع)‪ ،‬والحكم في أحاديثهم هذه نظ‪RR‬ير م‪RR‬ا في كت‪RR‬اب‬
‫الديات الذي أماله االمام علي (ع)‪ ،‬وفي الباب أيضا حديثان آخران عن االمامين الباقر والص‪RR‬ادق (ع) ال يختلف‪RR‬ان‬
‫‪413‬‬
‫عّم ا سبق إاّل بمقدار ما بين الموجز والمفّصل والمجمل والمبّين‪.‬‬
‫وكذلك نجد في باب «دية الجنين» ثالثة أحاديث عن االمام الصادق (ع) بمغزى واحد‪ ،‬روى االّو ل أبو بصير عن‬
‫أبي عبد هّللا ‪ ،‬قال‪ :‬إن ضرب رجٌل بطن امرأة حبلى فألقت ما في بطنها ميتا؛ فإّن عليه غّرة عبد أو أمة يدفعها‬
‫ص‪275:‬‬
‫‪414‬‬
‫إليها‪.‬‬

‫وروى الثاني داود بن فرقد‪ ،‬عن أبي عبد هّللا (ع) قال‪ :‬جاءت أمرأة فاستعدت على اعرابي قد أفزعها فالقت جنينا‬
‫‪415‬‬
‫فقال االعرابّي لم يهّل ولم يصح ومثله يطل فقال النبُّي (ص)‪ :‬اسكت سّج اعة‪ :‬عليك غّرة وصيف‪ ،‬عبُد أو أمة‪.‬‬

‫‪ .)2 ( 410‬الكافي ‪.347 /7‬‬


‫‪ .)1 ( 411‬الكافي ‪.345 /7‬‬
‫‪ .)2 ( 412‬الكافي ‪.343 /7‬‬
‫‪ .)3 ( 413‬الحديثان السادس والثامن في الباب ص ‪ 344‬و ‪.345‬‬
‫‪ .)1 ( 414‬الحديث الرابع ص ‪ 344‬من الكافي ج ‪.7‬‬
‫‪.)2 ( 415‬‬
‫وروى الثالث السكونّي ‪ ،‬عن أبي عبد هّللا (ع) قال‪ :‬قضى رسول هّللا (ص) في جنين الهاللّي ة حيث رميت ب‪RR‬الحجر‬
‫‪416‬‬
‫فألقت ما بطنها؛ غّرة عبد أو أمة‪.‬‬
‫في هذا المورد‪ ،‬أفتى االمام الصادق في الحديث االّو ل وبيّن حكم هّللا دون أن ينسبه إلى أح‪RR‬د‪ ،‬أّم ا الح‪RR‬ديثان الث‪RR‬اني‬
‫والثالث فقد رواهما عن رسول هّللا مع بيان الحادث الذي حكم فيه رسول هّللا (ص)‪.‬‬
‫ونجد نظير ما ذكرنا في كتاب الديات من الكافي كثيرا حيث نرى الحكم الواحد مبينا في رواية ما عن أح‪RR‬د االئم‪RR‬ة‬
‫تارة‪ ،‬وُأخرى يرويه االمام عن االمام علي (ع)‪ ،‬وثالثة عن جّد هم الرسول (ص)‪ ،‬كما جاء في الصفحات‪ 265 :‬و‬
‫‪ 266‬و ‪ 268‬و ‪ 281‬و ‪ 284‬و ‪ 285‬و ‪ 320‬و ‪ 323‬و ‪ 326‬و ‪ 329‬و ‪ 331‬و ‪ 333‬و ‪ 334‬و ‪ 353‬و ‪ 357‬و‬
‫‪ 360‬و ‪ 364‬و ‪ 368‬و ‪ 370‬و ‪ 371‬و ‪ 373‬و ‪ 375‬من الجزء السابع من الكافي‪.‬‬
‫وكذلك االمر في غير الديات من الكافي‪ ،‬وكذلك أيضا في غير الكافي من الموسوعات الحديثية االمامية مثل الفقيه‬
‫والتهذيب واالستبصار‪.‬‬
‫وإذا انتهينا من البحث في كتاب الديات إلى هنا‪ ،‬فالبَّد لنا عندئ‪R‬ذ من التع‪ّR‬رف على الرج‪R‬ال الوس‪R‬طاء بين المشايخ‬
‫واالئمة في ما يلي‪:‬‬
‫ص‪276:‬‬
‫معرفة رواة كتاب الديات‬

‫انقطعت صلة الرواة بمن أخذه عن االمام في عصر بني امّية على أثر نشاط خلفاء ب‪RR‬ني أمّي ة الع‪RR‬دائي ض‪RR‬د االئم‪RR‬ة‬
‫من آل علي (ع) وشيعتهم‪ ،‬حتى إذا كان عصر االم‪RR‬ام الص‪RR‬ادق (ع)‪ ،‬عرض‪RR‬وا الكت‪RR‬اب ال‪RR‬ذي ورثوه من أس‪RR‬الفهم‬
‫عليه‪ ،‬ومن بعده عرضوه على االمام الرضا (ع) فتسلسل الرواة عنهم‪RR‬ا إلى المشايخ‪ .‬وفي م‪RR‬ا يلي تعري‪RR‬ف اولئك‬
‫الرواة‪:‬‬
‫أ‪ -‬من روى كتاب الديات عن االمام الصادق (ع) في المجموعة االولى‪:‬‬
‫أوال‪ :‬سند الشيخ الكليني في الكافي‪:‬‬
‫روى الشيخ الكليني كتاب الديات عن «عّد ة» عن سهل بن زياد‪ .‬ومن ُأولئك العّد ة‪:‬‬
‫‪ -1‬محمد بن جعفر بن محمد بن عون االسدي‪:‬‬
‫قال النجاشي في ترجمته‪ :‬أبو الحسين الكوفي‪ ،‬ساكن الري‪ ،‬له ‪ ...‬أخبرنا ‪ ...‬بجميع كتبه‪ ،‬ومات سنة ‪ 312‬ه‪.-‬‬
‫‪417‬‬
‫وقال الطوسي‪ :‬له كتاب ‪ ...‬أخبرنا به جماعة ‪ ...‬ورواياته بجامع الرواة‪.‬‬
‫ص‪277:‬‬
‫‪ -2‬محمد بن الحسن الصفار‪:‬‬

‫سبقت ترجمته‪.‬‬
‫‪ -3‬علي بن محمد بن أبان الرازي الكليني المعروف بعاّل ن‪:‬‬

‫‪ .)3 ( 416‬الكافي ‪ 344 /7‬الحديث السابع‪.‬‬


‫‪ .)1 ( 417‬مجمع الرجال ‪ ،177 /5‬وجامع الرواة ‪.86 /2‬‬
‫قال النجاشي في ترجمة الكليني‪ :‬وكان خاله عاّل ن الكليني‪ .‬وقال في ترجمة عاّل ن‪ :‬يكّنى أبا الحسن‪ ،‬ثقة‪ ،‬عين‪ ،‬ل‪RR‬ه‬
‫‪418‬‬
‫كتاب أخبار القائم‪ ،‬وقتل بطريق مكة‪ .‬وفي مجمع الرواة‪ .‬ثقة‪ ،‬عين‪.‬‬
‫‪ -4‬محمد بن عقيل الكليني‪:‬‬
‫لم يفردوا له ترجمة النهم إّنما يترجمون أصحاب االصول والم‪RR‬دّو نات ولم يكن محّم د بن عقي‪R‬ل هذا من أصحاب‬
‫‪419‬‬
‫المؤّلفات‪ ،‬واّنما هو من الرواة‪ ،‬وذكر في مجمع الرجال وفي جامع الرواة ما روي عنه من حديث‪.‬‬
‫وسهل بن زياد االدمي‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬أبو سعيد الرازي‪ ،‬له كتاب النوادر‪ ،‬أخبرناه ‪...‬‬
‫وقال الشيخ الطوسي‪ :‬له كتاب أخبرنا به ‪ ...‬أدرك االمام الجواد والهادي وكتاب االمام الحسن العسكري سنة ‪250‬‬
‫‪420‬‬
‫ه‪ -‬وقد ضَّعفوه في الرواية‪.‬‬
‫وروي سهل بن الحسن بن ظريف‪:‬‬
‫قال النجاشي في ترجمته‪ :‬أبو محّم د‪ ،‬ثقة‪ ،‬والرواة عنه كثير‪ :‬أخبرنا‬
‫ص‪278:‬‬
‫اجازة ‪...‬‬

‫وقال الشيخ الطوسي في ترجمت‪R‬ه‪ :‬ل‪R‬ه كت‪R‬اب أخبرن‪R‬ا ب‪R‬ه ع‪ّR‬د ة من أصحابنا ‪ ...‬وذك‪R‬ر االردبيلي روايات‪R‬ه في ج‪R‬امع‬
‫الرواة‪ ... 421‬وروى الحسن بن ظريف‪ ،‬عن أبيه ظريف بن ناصح وسبقت ترجمته‪.‬‬
‫وروى ظريف بن ناصح عن عبد هّللا بن أيوب بن راشد الزهري‬
‫قال النجاشي في ترجمته‪ :‬بّياع الزطي‪ ،‬روى عن جعفر بن محّم د (ع)‪ .‬له كتاب النوادر‪ ،‬أخبرنا ‪...‬‬
‫‪422‬‬
‫وقال الشيخ الطوسي في ترجمته‪ :‬له كتاب رويناه عن جماعة ‪ ...‬وتعريف رواياته بجامع الرواة‪.‬‬
‫وروى ابن أيوب كتاب الديات عن محّم د بن أبي عمرو الطبيب عن االم‪RR‬ام الص‪RR‬ادق (ع)‪ ،‬وق‪R‬د س‪RR‬بقت ترجم‪RR‬ة ابن‬
‫أبي عمرو‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سند الشيخ الطوسي‪:‬‬
‫تنتهي أسانيد الشيخ الطوسي إلى ظريف بثالثة طرق‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬سند الشيخ الكليني الذي درسناه آنفا‪:‬‬
‫يتصل سند الشيخ الطوسي إلى الشيخ الكليني في رواي‪R‬ة كت‪R‬اب الك‪R‬افي بواس‪R‬طة جماع‪R‬ة ذك‪R‬رهم في مشيخة كت‪R‬اب‬
‫التهذيب‪ ،‬قال‪ :‬فما ذكرنا في هذا الكتاب عن محّم د بن يعقوب الكليني (ره) فقد أخبرنا به الشيخ أب‪RR‬و عب‪RR‬د هّللا محّم د‬
‫بن محّم د بن النعمان (ره)‪ ،‬عن أبي القاسم جعفر بن محّم د بن‬
‫ص‪279:‬‬

‫‪ .)1 ( 418‬رجال النجاشي ص ‪ 292‬وص ‪ ،198‬ومجمع الرجال ‪ ،214 /4‬وجامع الرواة ‪.596 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 419‬مجمع الرجال ‪ ،265 /5‬وجامع الرواة ‪.150 /2‬‬
‫‪ .)3 ( 420‬رجال النجاشي ص ‪ ،140‬والفهرست ص ‪ ،106‬وجامع الرواة ‪ ،393 /1‬ومجمع الرجال ‪.179 /3‬‬
‫‪ .)1 ( 421‬رجال النجاشي ص ‪ ،146‬وفهرست الطوسي ص ‪ ،130‬وجامع الرواة ‪ 477 /1‬و ‪ ،474 /1‬ومجمع الرجال ‪ 256 /3‬و ‪.117 /2‬‬
‫‪ .)2 ( 422‬رجال النجاشي ص ‪ ،146‬وفهرست الطوسي ص ‪ ،130‬وجامع الرواة ‪ 477 /1‬و ‪ ،474 /1‬ومجمع الرجال ‪ 256 /3‬و ‪.117 /2‬‬
‫قولويه (ره)‪ ،‬عن محّم د بن يعقوب و ‪ 423...‬نكتفي بهذا السند وندرس الواسطتين فيه‪:‬‬

‫أ‪ -‬الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان‪:‬‬


‫قال النجاشي‪ :‬شيخنا واستاذنا (رض) فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكالم والرواية والثقة والعلم‪ ،‬له كتب‬
‫‪( ...‬ت‪ 413 :‬ه‪.)-‬‬
‫‪424‬‬
‫سمعنا منه هذه الكتب كّلها؛ بعضها قراءة عليه‪ ،‬وبعضها يقرأ عليه غير مّرة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الشيخ أبو القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬كان أبو القاسم من ثقات أصحابنا وأجاّل ئهم في الحديث والفقه‪ ،‬روى عن أبيه وأخيه عن سعد وق‪RR‬ال‪:‬‬
‫ما سمعت من سعد إاّل أربعة أحاديث‪ ،‬وعليه قرأ شيخنا أبو عبد هّللا الفقيه‪ ،‬ومنه حمل‪.‬‬
‫وله كتب ‪ ...‬قرأت أكثر هذه الكتب على شيخنا أبي عبد هّللا (رض)‪ ،‬وعلى الحسين بن عبيد هّللا ‪.‬‬
‫وقال الطوسي في الفهرست‪ :‬ثقة‪ ،‬له تصانيف كثيرة على عدد أبواب الفقه منها ‪ ...‬وغ‪RR‬ير ذل‪RR‬ك‪ ،‬وهي كث‪RR‬يرة‪ ،‬ول‪RR‬ه‬
‫فهرست ما رواه من الكتب واالصول أخبرنا برواياته‪ ،‬وفهرس كتبه جماعة منهم ‪...‬‬
‫وقال في رجاله‪ :‬أخبرنا عنه محّم د بن محّم د بن النعمان‪ -‬الشيخ المفي‪RR‬د‪ -‬و ‪ ...‬م‪RR‬ات س‪RR‬نة ثم‪RR‬ان وس‪RR‬تين وثالثمائ‪RR‬ة‪.‬‬
‫‪425‬‬
‫وعيَّن في جامع الرواة من أخرج حديثه من المصِّنفين‪.‬‬
‫ص‪280:‬‬
‫‪ -2‬سند الطوسي بواسطة المفيد والصدوق‪:‬‬

‫روى الشيخ الطوسي عن شيخه المفيد‪ ،‬والمفي‪R‬د عن الشيخ أبي جعف‪R‬ر محّم د ابن علّي بن الحس‪R‬ين بن بابوي‪R‬ه‪ ،‬عن‬
‫محّم د بن الحسن بن الوليد‪ ،‬عن أحمد بن ادريس‪ ،‬عن محّم د بن حس‪R‬ان ال‪R‬رازي‪ ،‬عن اس‪R‬ماعيل بن جعف‪R‬ر الكندي‪،‬‬
‫عن ظريف بن ناصح‪... ،‬‬
‫أوال‪ -‬الشيخ المفيد‪:‬‬
‫مضت ترجمته‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه بن موسى القمي نزيل الري‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان‪ ،‬وكان ورد بغداد سنة خمس وخمس‪R‬ين وثالثمائ‪R‬ة وس‪R‬مع منه‬
‫شيوخ الطائفة وهو حدث السن‪ ،‬وله كتب كثيرة منها ‪...‬‬
‫أخبرنا بجميع كتبه‪ ،‬وقرأت بعض‪RR‬ها على وال‪RR‬دي علي بن أحم‪RR‬د بن العّب اس النجاش‪RR‬ي (رض)‪ ،‬وق‪RR‬ال لي‪ :‬أج‪RR‬ازني‬
‫جميع كتبه لّم ا سمعنا منه ببغداد‪ ،‬ومات سنة (‪ 381‬ه‪.)-‬‬
‫وقال الشيخ في الفهرست‪ :‬كان جليال حافظا لالحاديث‪ ،‬بصيرا بالرجال‪ ،‬ناقدا لالخبار‪ ،‬لم ي‪R‬ر في القم‪RR‬يين مثل‪R‬ه في‬
‫حفظه وكثرة‬
‫علمه‪ ،‬له نحو من ثالثمائة مصّنف ‪...‬‬
‫‪426‬‬
‫أخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا‪ ،‬منهم ‪ ...‬كّلهم عنه‪ ،‬وذكر نظير هذا القول في رجاله‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 423‬قاله الشيخ الطوسي في مشيخة كتابه‪ :‬التهذيب ص ‪.23 -5‬‬
‫‪ .)2 ( 424‬مجمع الرجال ‪.38 -33 /6‬‬
‫‪ .)3 ( 425‬فهرست الطوسي ص ‪ ،67‬ومجمع الرجال ‪ ،38 -37 /2‬روضات الجنات ‪ ،171 /2‬وجامع الرواة ‪.158 -157 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 426‬مجمع الرجال ‪ ،273 -269 /5‬وجامع الرواة ‪.154 /2‬‬
‫ص‪281:‬‬
‫ثالثا‪ :‬محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد‪:‬‬

‫قال النجاشي‪ :‬أبو جعفر شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم‪ ،‬ثقة‪ ،‬ثقة‪ ،‬عين مس‪R‬كون إلي‪R‬ه‪ ،‬ل‪R‬ه كتب منه‪R‬ا ‪ ...‬أخبرن‪R‬ا ‪...‬‬
‫بجميع كتبه وأحاديثه‪ ،‬مات سنة (‪ 343‬ه‪.)-‬‬
‫وقال الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬جليل القدر‪ ،‬ع‪R‬ارف بالرج‪R‬ال‪ ،‬موثوق ب‪R‬ه‪ ،‬ل‪R‬ه كتب جماع‪R‬ة‪ ،‬منه‪R‬ا ‪ ...‬أخبرن‪R‬ا‬
‫برواياته ابن أبي جيد عنه‪ ،‬وأخبرنا جماعة عن ‪ ...‬وأخبرنا جماعة ‪ ...‬عنه ‪ ...‬وق‪RR‬ال نظ‪RR‬ير هذا في رجال‪RR‬ه‪ ،‬وعين‬
‫‪427‬‬
‫االردبيلي أماكن رواياته في الكتب‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬أحمد بن ادريس‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬أبو علي االشعري القمي‪ ،‬كان ثقة‪ ،‬فقيها في أصحابنا‪ ،‬كث‪RR‬ير الح‪RR‬ديث‪ ،‬صحيح الرواي‪RR‬ة ول‪RR‬ه كت‪RR‬اب‬
‫النوادر‪ ،‬أخبرني‬
‫عّد ة من أصحابنا اجازة‪ .‬توفي بالقرعاء في طريق مكة سنة ست وثالثمائة‪.‬‬
‫وقال الطوسي في الفهرست‪ :‬له كتاب النوادر كبير‪ ،‬كثير الفوائد‪ ،‬أخبرنا بسائر رواياته الحسين بن عبيد هّللا ‪...‬‬
‫وقال في رجاله‪ :‬وروى في رجاله عن التلعكبري انه قال‪ :‬سمعت عنه أح‪RR‬اديث يس‪RR‬يرة في دار ابن هم‪RR‬ام وليس لي‬
‫‪428‬‬
‫منه اجازة‪ .‬وفي جامع الرواة أماكن رواياته‪.‬‬
‫يعرف مّم ا سبق ان النجاشي لم يسمع كتاب نوادره من شيخ‪ ،‬ولم يقرأه على ش‪RR‬يخ‪ ،‬وانم‪RR‬ا ل‪RR‬ه اج‪RR‬ازة بروايت‪RR‬ه‪ ،‬واّن‬
‫الشيخ الطوسي سمع رواياته من شيوخه‪ ،‬عدا كتاب النوادر‪ ،‬وهذا ال ينافي اّن الشيخ الطوسي روى كتاب الديات‪،‬‬
‫ص‪282:‬‬
‫برواية ظريف بوسايط عنه‪ ،‬فان كتاب الديات كان من مروّياته الالتي أخبره بها اساتذته‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬محمد بن حسان الرازي الزينبي أو الزيني‪:‬‬


‫قال الشيخ في الفهرست‪ :‬له كتب منها ‪ ...‬أخبرنا به‪.‬‬
‫‪429‬‬
‫وقال النجاشي‪ :‬له كتب منها ‪ ...‬أخبرنا ابن شاذان عن ‪ ...‬بكتبه‪ .‬وذكر صاحب جامع الرواة رواياته‪.‬‬
‫واسماعيل بن جعفر الكندي‪:‬‬
‫لم يكن من أصحاب التواليف فلم يفردوا له ترجمة خاّصة‪.‬‬
‫‪ -3‬سند الشيخ الطوسي إلى الحسن بن فّضال ومنه إلى ظريف‪:‬‬
‫تّتصل أسانيد الشيخ الطوسي بالحسن بن فّضال في ثالث سالسل‪:‬‬
‫أوال‪ -‬بواسطة الكليني في الكافي وهذا اسناده‪ :‬روى الشيخ الطوسي عن شيخه المفي‪R‬د‪ ،‬عن ش‪R‬يخه جعف‪R‬ر بن محّم د‬
‫بن قولويه‪ ،‬عن الشيخ الكلي‪RR‬ني في الك‪RR‬افي‪ .‬ورواه الكلي‪RR‬ني في الك‪RR‬افي‪ ،‬عن علي بن إب‪RR‬راهيم‪ ،‬عن أبي‪RR‬ه اب‪RR‬راهيم بن‬
‫هاشم‪ ،‬عن الحسين بن علي بن فّض ال‪ ،‬عن ظريف‪.‬‬
‫وفي ما يلي تراجم من لم يترجم له في ما سبق‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 427‬النجاشي ص ‪ ،297‬وفهرست الطوسي ص ‪ ،184‬ومجمع الرجال ‪ ،183 -182 /5‬جامع الرواة ‪.90 /2‬‬
‫‪ .)2 ( 428‬مجمع الرجال ‪ ،94 -93 /1‬وجامع الرواة ‪.41 -40 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 429‬مجمع الرجال ‪ ،180 /5‬وجامع الرواة ‪.88 /2‬‬
‫‪ -1‬إبراهيم بن هاشم القمي‪:‬‬
‫قال الكشي‪ :‬من أصحاب موسى بن جعفر (ع)‪.‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬كوفي انتقل إلى قم‪ ،‬وهو أول من نشر حديث الكوفيين بقم‪ ،‬له كتب‪ ،‬منها ‪ ...‬أخبرن‪RR‬ا ‪ ...‬عن علي بن‬
‫إبراهيم عن أبيه بها‪.‬‬
‫وقال الطوسي‪ :‬ذكروا اّنه لقي الرضا‪ ،‬والذي أعرف من كتبه ‪ ...‬و ‪ ...‬أخبرن‪RR‬ا بهم‪RR‬ا جماع‪RR‬ة من أصحابنا منهم ‪...‬‬
‫كّلهم عن علي بن إبراهيم بن هاشم‪،‬‬
‫ص‪283:‬‬
‫‪430‬‬
‫عن أبيه‪ .‬وفي جامع الرواة تعريف رواياته‪.‬‬

‫‪ -2‬علي بن إبراهيم بن هاشم القمي‪:‬‬


‫قال النجاشي‪ :‬أبو الحسن ثقة في الحديث‪ ،‬ثبت معتمد‪ ،‬صحيح المذهب‪ ،‬سمع فاكثر‪ ،‬وصنف كتبا‪ ،‬له ‪ ...‬أخبرنا ‪...‬‬
‫باجازة سائر حديثه وكتبه‪.‬‬
‫وقال الطوسي‪ :‬له كتب‪ ،‬منها ‪ ...‬أخبرنا بجميعها جماعة ‪ ...‬عن علي ابن إبراهيم إاّل حديثا واحدا استثناه من كت‪R‬اب‬
‫الشرائع في تحريم لحم البعير‪ ،‬وقال‪ :‬ال أرويه‪ ،‬وروى حديث تزويج المأمون اّم الفضل من محّم د بن علي‪ ،‬رويناه‬
‫‪431‬‬
‫باالسناد االّول‪ .‬وفي جامع الرواة تعريف برواياته‪.‬‬
‫‪ -3‬الحسن بن علي بن فّضال التيمي الكوفي‪:‬‬
‫وقال النجاشي‪ :‬من أصحاب الرضا‪ ،‬أخبرنا ابن شاذان ‪ ...‬عن الحس‪RR‬ن بكتاب‪RR‬ه الزهد‪ ،‬وأخبرن‪RR‬ا ابن ش‪RR‬اذان عن ‪...‬‬
‫عنه بكتابه المتعة‬
‫وكتاب الرجال (ت‪ 224 :‬ه‪.)-‬‬
‫وقال الشيخ الطوس‪R‬ي في الفهرس‪R‬ت‪ :‬ك‪R‬ان خصيص‪R‬ا بالرض‪R‬ا‪ ،‬ل‪R‬ه كتب‪ ،‬منه‪R‬ا ‪ ...‬أخبرن‪R‬ا بجمي‪R‬ع روايات‪R‬ه ع‪ّR‬د ة من‬
‫‪432‬‬
‫أصحابنا ‪ ...‬عنه وأخبرنا ‪ ...‬عنه‪ .‬وفي جامع الرواة تعريف رواياته‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬سند الطوسي إلى ابن فضال بسلسلة ثانية غير سلسلة الكليني‪:‬‬
‫روى الشيخ الطوسي‪ ،‬عن الحسين بن عبيد هّللا ‪ ،‬وأبي الحسين بن جّيد‪ -‬كليهما‪ -‬عن أحمد بن محّم د بن يح‪RR‬يى‪ ،‬عن‬
‫العباس بن معروف‪ ،‬عن الحسن‬
‫ص‪284:‬‬
‫ابن علّي بن فّض ال‪ ،‬عن ظريف بن ناصح‪.‬‬

‫وفي ما يلي تعريف رواة هذا السند‪:‬‬


‫‪ -1‬الحسين بن عبيد هّللا بن إبراهيم الغضايري‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬أبو عبد هّللا شيخنا (ره) له كتب منها ‪ ...‬أجازنا جميعها وجميع رواياته (ت‪ 411 :‬ه‪.)-‬‬
‫‪433‬‬
‫وقال الشيخ الطوسي في رجاله‪ :‬سمعنا منه واجاز لنا بجميع رواياته‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 430‬مجمع الرجال ‪ ،80 -79 /1‬وجامع الرواة ‪.38 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 431‬النجاشي ص ‪ ،197‬وفهرست الطوسي ص ‪ ،115‬وجامع الرواة ‪ ،545 /1‬ومجمع الرجال ‪.152 /2‬‬
‫‪ .)3 ( 432‬مجمع الرجال ‪ ،183 -182 /2‬وجامع الرواة ‪.246 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 433‬رجال النجاشي ص ‪ ،28 -26‬وفهرست الطوسي ص ‪ ،73‬وجامع الرواة ‪ ،214 /1‬ومجمع الرجال ‪.137 -131 /2‬‬
‫‪ -2‬علي بن أحمد بن محمد بن أبي جيد القمي‪:‬‬
‫في جامع الرواة ومجمع الرجال‪ :‬أبو الحسين شيخ النجاشي والطوسي‪.‬‬
‫‪434‬‬
‫وفي شرح مشيخة التهذيب‪ :‬سمع أحمد بن محّم د بن يحيي العطار سنة (‪ 356‬ه‪ )-‬وله منه اجازة ‪....‬‬
‫‪ -3‬أحمد بن محمد بن يحيى العطار القمي‪:‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬أخبرنا عنه الحسين بن عبيد هّللا وأبو الحسين بن أبي جّيد وسمع منه سنة سّت وخمسين وثالثمائ‪RR‬ة ول‪RR‬ه‬
‫‪435‬‬
‫منه اجازة‪ ،‬وذكر طرقه إليه في مشيخة التهذيب‪ .‬وتعريف رواياته في جامع الرواة‪.‬‬
‫‪ -4‬والعباس بن معروف‪ ،‬أبو الفضل م‪R‬ولى جعف‪R‬ر بن عب‪R‬د هّللا االش‪R‬عري من أصحاب االم‪R‬امين الرض‪R‬ا واله‪R‬ادي‬
‫(ع)‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬قمي ثقة‪ ،‬له كتاب االدب و ‪ ...‬حّد ثنا بجميع حديثه ومصنفاته ‪...‬‬
‫وقال الشيخ‪ :‬له كتب عّد ة أخبرنا بها جماعة ‪ ...‬وتعريف روايته بجامع‬
‫ص‪285:‬‬
‫‪436‬‬
‫الرواة‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬الشيخ الطوسي إلى ابن فضال بسلسلة ثالثة غير سلسلة الكليني‪:‬‬
‫روى الشيخ الطوسي‪ :‬عن الشيخ المفيد‪ ،‬عن أبي جعفر الصدوق‪ ،‬عن محّم د بن الحس‪RR‬ن بن الولي‪RR‬د‪ ،‬عن محّم د بن‬
‫الحسن الصفار‪ ،‬عن أحمد بن محّم د ابن عيسى‪ ،‬عن الحسن بن علي بن فّضال‪.‬‬
‫وفي ما يلي تراجم من لم يترجم له في ما سبق‪:‬‬
‫أ‪ -‬أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬أبو جعفر االشعري القمي‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬شيخ القميين ووجههم وفقيههم‪ .‬لقي الرضا وأبا جعفر الثاني وأبا الحسن العسكري‪ .‬له كتب‪ ،‬منها ‪...‬‬
‫أخبرنا بكتبه ‪...‬‬
‫وقال الشيخ الطوسي‪ :‬أخبرن‪RR‬ا بجمي‪RR‬ع كتب‪RR‬ه وروايات‪RR‬ه ع‪ّR‬د ة من أصحابنا‪ ،‬منهم ابن أبي جي‪RR‬د ‪ ...‬وتعري‪RR‬ف روايات‪RR‬ه‬
‫‪437‬‬
‫بجامع الرواة‪.‬‬
‫***‬
‫بالطرق الثالث االنفة روى الشيخ الطوس‪RR‬ي‪ ،‬عن ظري‪R‬ف بن ناصح‪ ،‬عن عب‪R‬د هّللا بن أي‪R‬وب‪ ،‬عن ابن أبي عم‪RR‬رو‬
‫الطبيب‪ ،‬عن االمام الصادق (ع)‪.‬‬

‫كانت هذه أسانيد المجموعة االولى‪ .‬ونذكر في ما يلي سلسلة سند المجموعة الثانية‪.‬‬
‫سلسلة سند الشيخ الصدوق في كتاب الفقيه‪:‬‬
‫روى الشيخ الصدوق في كتاب الفقيه‪ ،‬عن علي بن الحسين بن بابويه‪ ،‬عن سعد بن عبد هّللا ‪ .‬عن احمد بن محّم د بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن الحسن بن علّي بن‬

‫‪ .)2 ( 434‬مجمع الرجال ‪ ،164 /4‬وجامع الرواة ‪ ،554 /1‬وشرح مشيخة التهذيب ص ‪.34‬‬
‫‪ .)3 ( 435‬مجمع الرجال ‪ ،168 -167 /1‬ومشيخة التهذيب ص ‪ ،34‬وجامع الرواة ‪.71 /1‬‬
‫‪ .)1 ( 436‬مجمع الرجال ‪ ،250 /3‬وجامع الرواة ‪.423 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 437‬النجاشي ص ‪ ،64‬والفهرست ص ‪ ،49 -48‬وجامع الرواة ‪ ،69 /1‬ومجمع الرجال ‪.165 -161 /1‬‬
‫ص‪286:‬‬
‫فّض ال‪ ،‬عن ظريف بن ناصح‪ ،‬عن عبد هّللا بن أّيوب‪ ،‬عن حسين الّرواسي‪ ،‬عن محّم د بن أبي عمرو الطبيب‪ ،‬عن‬

‫االمام الصادق‪.‬‬
‫وسبق تعريف رواة هذه السلسلة عدا ثالثة منهم‪ ،‬وهم‪:‬‬
‫‪ -1‬علي بن الحسين بن موسى بن بابويه‪ ،‬أبو الحسن القمي‪:‬‬
‫ق‪RR‬ال النجاش‪RR‬ي‪ :‬ش‪RR‬يخ القم‪RR‬يين في عص‪RR‬ره‪ ،‬وفقيههم‪ ،‬وثقتهم‪ ،‬ل‪RR‬ه كتب‪ ،‬منه‪RR‬ا ‪ ...‬ق‪RR‬دم بغ‪RR‬داد س‪RR‬نة ثم‪RR‬ان وعشرين‬
‫وثالثمائة‪ ،‬واجاز فيها العباس بن عمر الكلوذاني بجميع كتبه‪ ،‬وتوفي سنة تسع وعشرين وثالثمائة‪.‬‬
‫وقال الطوسي‪ :‬كان فقيها جليال ثقة‪ ،‬له كتب كثيرة‪ ،‬منها ‪ ...‬أخبرنا بجميع كتبه ورواياته الشيخ المفي‪R‬د ‪ ...‬وع‪ّRR‬رف‬
‫‪438‬‬
‫االردبيلي رواياته بجامع الرواة‪.‬‬
‫سعد بن عبد هّللا بن أبي خلف االشعري القمي‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬شيخ هذه الطائفة وفقيهها‪ ،‬ووجهها‪ ،‬سمع من حديث العاّم ة شيئا كثيرا وصّنف كتبا كثيرة‪ ،‬وق‪RR‬ع إلينا‬
‫منه‪RR‬ا ‪ ...‬أخبرن‪RR‬ا بكتب‪RR‬ه ‪ ...‬و ‪ ...‬ق‪RR‬اال‪ :‬ح‪ّRR‬د ثنا س‪RR‬عد بكتب‪RR‬ه؛ ق‪RR‬ال الحس‪RR‬ين بن عبي‪RR‬د هّللا الغض‪RR‬ايري‪ :‬جئت بكتاب‪RR‬ه‬
‫(المنتخبات) إلى أبي القاسم بن قولويه (ره) أقرأها عليه‪ ،‬فقلت‪ :‬حّد ثك سعد؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬بل ح ‪ّR‬د ثني أبي وأخي عنه‪،‬‬
‫وأنا لم أسمع من سعد إاّل حديثين (ت‪ 301 :‬أو ‪ 299‬ه‪.)-‬‬
‫وقال الشيخ الطوسي‪ :‬أخبرنا بجميع كتبه وروايات‪RR‬ه ع‪ّR‬د ة من أصحابنا‪ ،‬عن محّم د بن علي بن الحس‪RR‬ين‪ ،‬عن أبي‪RR‬ه‪.‬‬
‫ومحّم د بن الحسن‪ ،‬عن سعد بن عبد هّللا ‪ ،‬عن رجاله‪.‬‬
‫قال محّم د بن علي بن الحسين‪ :‬إاّل كتاب المنتخبات فاّني لم أروها عن محّم د‬
‫ص‪287:‬‬
‫ابن الحسن إاّل أجزاء قرأته‪R‬ا علي‪R‬ه‪ ،‬واعلمت على االح‪R‬اديث اّل تي رواها محّم د بن موس‪R‬ى ‪ ...‬وفي ج‪R‬امع ال‪R‬رواة‬
‫‪439‬‬
‫تعيين رواياته‪.‬‬

‫‪ -3‬حسين بن عثمان بن زياد الرواسي‪:‬‬


‫روى عنه الكشي في رجاله ص ‪ ،236‬وذكره مع غيره في ص ‪ 372‬منه‪ ،‬ثّم قال‪ :‬كّلهم فاضلون‪ ،‬خيار؛ ثقات‪.‬‬
‫‪440‬‬
‫وقال الشيخ الطوسي في فهرسته‪ :‬له كتاب‪ ،‬رويناه باالسناد‪ ،‬وعيّن االردبيلي رواياته في كتب الحديث‪.‬‬
‫***‬
‫أوردنا في ما سبق تعري‪R‬ف سلس‪R‬لة رواة كت‪R‬اب ال‪R‬ديات عن االم‪R‬ام الص‪R‬ادق (ع)‪ ،‬وفي م‪R‬ايلي نع‪ّR‬رف سلس‪R‬لة رواة‬
‫الكتاب عن االمام الرضا (ع)‪ .‬يرتفع سند الكتاب إلى االمام الرضا بثالثة طرق‪:‬‬

‫أ‪ -‬سلسلة الرواة عن الحسن بن علي بن فّضال‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 438‬مجمع الرجال ‪ ،188 -186 /4‬وجامع الرواة ‪.574 /1‬‬


‫‪ .)1 ( 439‬مجمع الرجال ‪ ،107 -105 /3‬وجامع الرواة ‪.356 -355 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 440‬فهرست الشيخ الطوسي ص ‪ ،82‬ومجمع الرجال ‪ ،186 /2‬وجامع الرواة ‪ .247 /1‬ونقصد من« رجال الكشي» اختيار معرفة الرج‪R‬ال‬
‫للشيخ الطوسي‪ ،‬ط‪ .‬دانشگاه مشهد سنة ‪ 1348‬ه‪ .-‬ش‪.‬‬
‫روى الشيخ الطوسي بسنده عن الشيخ الكلي‪R‬ني عن علي بن إب‪R‬راهيم‪ ،‬عن أبي‪R‬ه إب‪R‬راهيم بن هاش‪R‬م‪ ،‬عن الحس‪R‬ن بن‬
‫علي بن فّض ال‪ ،‬عن االمام الرضا (ع)‪ .‬وقد سبقت تراجمهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬سلسلة الرواة عن يونس بن عبد الرحمن‪:‬‬
‫وهم‪ :‬الشيخ الطوسي بسنده‪ ،‬عن الشيخ الكليني عن عّد ة من أصحابنا‪،‬‬
‫ص‪288:‬‬
‫عن سهل بن زياد‪ ،‬عن محّم د بن عيسى‪ ،‬عن يونس بن عبد ال‪RR‬رحمن‪ ،‬عن االم‪RR‬ام الرض‪RR‬ا‪ ،‬وعن علي بن إب‪RR‬راهيم‪،‬‬
‫عن محّم د بن عيسى كذلك‪.‬‬

‫وفي هذا السند‪:‬‬


‫محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني‪ ،‬مولى أسد خزيمة‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬أبو جعفر‪ ،‬جليل في أصحابنا‪ ،‬ثقة عين‪ ،‬كثير الرواي‪RR‬ة‪ ،‬حس‪RR‬ن التص‪RR‬انيف‪ ،‬س‪RR‬كن بغ‪RR‬داد‪ ،‬وروى عن‬
‫أبي جعفر الثاني‬
‫‪ -‬االمام الجواد‪ -‬مكاتبة ومشافهة‪ ،‬له من الكتب ‪...‬‬
‫ثّم ذكر سنده في رواية كتبه إلى الحميري اّلذي قال‪ :‬حدثنا محّم د بن عيسى بكتبه ورواياته‪.‬‬
‫وروى النجاشي عن أحمد بن محّم د‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عنه بالمسائل‪.‬‬
‫وذكر الشيخ الطوسي في الفهرس‪RR‬ت كتب‪RR‬ه‪ ،‬وق‪RR‬ال‪ :‬أخبرن‪RR‬ا به‪RR‬ا جماع‪RR‬ة عن ‪ ...‬وعيّن االردبيلي أم‪RR‬اكن روايات‪RR‬ه في‬
‫‪441‬‬
‫الكتب‪.‬‬
‫‪ -2‬يونس بن عبد الرحمن‪ ،‬مولى علي بن يقطين‪ ،‬مولى بني أسد‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬كان وجها في أصحابنا‪ ،‬متقّد ما‪ ،‬عظيم المنزلة‪ ،‬ولد في أّي ام هشام بن عب‪RR‬د المل‪RR‬ك‪ ،‬ورأى جعف‪RR‬ر بن‬
‫محّم د (ع) ولم يرو عنه‪ ،‬وروى عن االمامين‪ :‬موس‪RR‬ى بن جعف‪RR‬ر وابنه الرض‪RR‬ا‪ ،‬ك‪RR‬ان الرض‪RR‬ا يشير إلي‪RR‬ه في العلم‬
‫والفتيا‪.‬‬
‫له تصانيف كثيرة‪ ،‬منها ‪ ...‬ثّم ذكر سنده في رواية الكتب إلى محّم د بن عيسى اّلذي قال‪ :‬حّد ثنا يونس بجميع كتبه‪.‬‬
‫وقال الشيخ في الفهرست‪ :‬له كتب كث‪RR‬يرة أك‪RR‬ثر من ثالثين ‪ ...‬أخبرن‪RR‬ا بجمي‪RR‬ع كتب‪RR‬ه وروايات‪RR‬ه جماع‪RR‬ة ‪ ...‬وأحص‪RR‬ى‬
‫االردبيلي رواياته مع تعيين‬
‫ص‪289:‬‬
‫‪442‬‬
‫أماكنها‪.‬‬

‫ج‪ -‬سلسلة الرواة عن الحسن بن جهم‪:‬‬


‫روى الشيخ الكلي‪RR‬ني‪ ،‬عن ع ‪ّR‬د ة من أصحابنا‪ ،‬عن س‪RR‬هل بن زي‪RR‬اد‪ ،‬عن علّي بن الحس‪RR‬ن بن علّي بن فّض ال‪ ،‬عن‬
‫الحسن بن الجهم‪ ،‬عن االمام الرضا (ع)‪.‬‬
‫وعلي بن الحسن بن فّض ال مولى عكرمة بن ربعي الفياض‪.‬‬
‫في رجال الكشي‪ :‬لم يكن كتاب عن االئمة (ع) في كّل صنف إاّل وقد كان عنده‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 441‬مشيخة تهذيب االحكام ص ‪ 83‬ومجمع الرجال ‪ ،18 -17 /6‬وجامع الرواة ‪.166 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 442‬رجال النجاشي ص ‪ ،369‬والفهرست ص ‪ ،211‬ومجمع الرجال ‪ ،307 -293 /6‬وجامع الرواة ‪.358 -356 /2‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬أبو الحسن‪ ،‬كان فقيه أصحابنا بالكوفة‪ ،‬ووجههم وثقتهم‪ ،‬وعارفهم بالح‪RR‬ديث‪ ،‬والمس‪RR‬موع قول‪RR‬ه في‪RR‬ه‪،‬‬
‫سمع منه شيئا كثيرا‪ ،‬ولم يعثر له على زّلة فيه وال ما يشينه‪ ،‬وقّل ما روى عن ضعيف‪ ،‬وكان فطحيا ولم ي‪RR‬رو عن‬
‫أبيه شيئا‪ ،‬قال‪ :‬كنت أقابله وسّني ثماني عشرة سنة بكتب‪RR‬ه وال أفهم إدراك الرواي‪RR‬ات‪ ،‬وال اس‪RR‬تحّل أن أرويه‪RR‬ا عنه‪،‬‬
‫وروى عن أخويه‪ ،‬عن أبيهما‪ .‬وقد صّنف كتبا كثيرة‪ ،‬ومنها ما وقع إلينا كتاب ‪...‬‬
‫وقال‪ :‬ورأيت جماعة من شيوخنا يذكرون‪ :‬أن الكتاب المنسوب إلى علّي ابن الحسن بن فّضال المعروف باصفياء‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬موضوع علي‪RR‬ه‪ ،‬ال أصل ل‪RR‬ه‪ ،‬ق‪RR‬الوا‪ :‬وهذا الكت‪RR‬اب الص‪RR‬ق روايت‪RR‬ه إلى أبي العب‪RR‬اس بن عقدة وابن‬
‫الزبير‪ ،‬ولم نر أحدا مّم ن روى عن هذين الرجلين‪ ،‬يقول‪ :‬قرأته على الشيخ‪ ،‬غير أّنه يضاف إلى ك‪ّR‬ل رج‪R‬ل منهم‪R‬ا‬
‫باالجازة‪ ،‬حسب‪.‬‬
‫قصد النجاشي‪ :‬ان كتاب «أصفياء أمير المؤمنين» اّنما روي اجازة عن ابن‬
‫ص‪290:‬‬
‫عقدة وابن الزبير عن علّي بن فّض ال‪ ،‬ولم نجد أح‪RR‬دا من تالم‪RR‬ذة ال‪RR‬رجلين يقول‪ :‬قرأت‪RR‬ه عليهم‪RR‬ا إذا لم يتص‪RR‬ل س‪RR‬ند‬
‫الكتاب قراءة إلى علّي بن فّضال‪.‬‬

‫ثّم قال النجاشي‪ :‬قرأ أحمد بن الحسين كتاب الصالة والزكاة؛ ومناسك الحّج ‪ ،‬والصيام ‪ ...‬على أحمد بن عبد الواحد‬
‫في مّد ة سمعتها معه‪.‬‬
‫وقرأت أنا كتاب الصيام عليه في مشهد العتيقة؛ عن ابن الزب‪RR‬ير‪ ،‬عن علي ابن الحس‪RR‬ن‪ .‬وأخبرن‪RR‬ا بس‪RR‬ائر كتب ابن‬
‫فّضال بهذه الطريق‪.‬‬
‫إذا فالشيخ النجاشي سمع قراءة زميله كتب ابن فّضال على شيخه‪ .‬كما قرأ الشيخ النجاش‪RR‬ي أيض‪RR‬ا بنفس‪RR‬ه كتب ابن‬
‫فّض ال على شيخه في مشهد العتيقة‪ ،‬ثّم قال النجاشي‪ :‬وأخبرنا محّم د بن جعف‪RR‬ر في آخ‪RR‬رين عن أحم‪RR‬د بن محّم د بن‬
‫سعيد‪ ،‬عن علي بن الحسن بكتبه‪.‬‬
‫يعني النجاشي‪ :‬اّن محّم د بن جعفر كان قد أخ‪RR‬ذ عن أحم‪RR‬د بن محّم د بن س‪RR‬عيد وهذا عن ابن فّض ال كتب‪RR‬ه‪ ،‬وأخ‪RR‬بر‬
‫محّم د بن جعفر بهذا السند جماع‪R‬ة بكتب ابن فّض ال ك‪R‬ان من ض‪R‬منهم النجاش‪R‬ي‪ ،‬وبه‪R‬اتين الطريقتين روى الشيخ‬
‫النجاشي كتب ابن فّضال‪.‬‬
‫وقال الطوسي في الفهرست‪ :‬كوفّي ‪ ،‬ثقة‪ ،‬كثير العلم‪ ،‬واس‪R‬ع االخب‪R‬ار‪ ،‬جّي د التص‪R‬انيف؛ غ‪R‬ير معان‪R‬د‪ ،‬وك‪R‬ان ق‪R‬ريب‬
‫االمر إلى أصحابنا االمامية القائلين باالثني عشر؛ عليهم السالم؛ وكتبه مس‪RR‬توفاة في االخب‪RR‬ار؛ حس‪RR‬نة؛ وقي‪RR‬ل‪ :‬اّنه‪RR‬ا‬
‫ثالثون كتابا؛ منها ‪...‬‬
‫أخبرنا بكتبه قراءة عليه أكثرها‪ ،‬والباقي إجازة؛ أحمد بن عبدون عن علّي ابن محّم د بن الزبير سماعا واجازة عن‬
‫‪443‬‬
‫علّي بن الحسن بن فّض ال‪ .‬وذكر االردبيلي رواياته في جامع الرواة‪.‬‬
‫ص‪291:‬‬
‫والحسن بن الجهم‪:‬‬

‫قال النجاشي‪ :‬الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين الشيباني الزراري‪ .‬أبو محّم د‪ ،‬ثقة‪ .‬روى عن أبي الحس‪RR‬ن موس‪RR‬ى‬
‫والرضا؛ له كتاب ‪ ...‬أخبرنا عّد ة من أصحابنا ‪...‬‬

‫‪ .)1 ( 443‬رجال النجاشي ص ‪ ،196 -195‬وفهرست الطوسي ص ‪ ،118‬وجامع الرواة ‪ 569 /1‬ومجمع الرجال ‪.182 -180 /4‬‬
‫‪444‬‬
‫وقال الطوسي في الفهرست‪ :‬له مسائل‪ ،‬أخبرنا بها ‪ ...‬وبحث االردبيلي في جامع الرواة عن رواياته‪.‬‬
‫تداخل االسانيد وتشابكها‪:‬‬
‫وجدنا في ما سبق‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن عبد هّللا بن أيوب يروي الكتاب عن حس‪RR‬ين الرواس‪RR‬ي‪ ،‬عن ابن أبي عم‪RR‬رو ت‪R‬ارة‪ ،‬وعن ابن أبي عم‪RR‬رو نفس‪RR‬ه‬
‫تارة ُأخرى‪.‬‬
‫ب‪ -‬وان الحسن بن علي بن فّض ال‪ ،‬مرة يروي الكتاب عن االمام الصادق عن ظريف بن ناصح‪ ،‬واخرى يع‪RR‬رض‬
‫الكتاب بنفسه على االمام الرضا ويرويه عنه‪.‬‬
‫ج‪ -‬وأن سهل بن زي‪R‬اد ي‪R‬روي الكت‪R‬اب عن الحس‪RR‬ن بن ظري‪R‬ف‪ ،‬عن أبي‪R‬ه ظري‪R‬ف‪ ،‬عن أي‪R‬وب‪ ،‬عن ابن أبي عم‪RR‬رو‬
‫الطبيب عن االمام الصادق‪ .‬كما يرويه عن محّم د بن عيسى‪ ،‬عن يونس بن عبد الرحمن‪ ،‬عن االمام الرضا (ع)‪.‬‬
‫د‪ -‬وان محمد بن الحسن الصفار‪ ،‬يروي عن أحمد بن عيسى‪ ،‬عن الحسن ابن علّي بن فّض ال‪ ،‬عن ظريف‪ ،‬وس‪RR‬هل‬
‫بن زياد‪ ،‬عن الحسن بن ظريف‪ ،‬عن ظري‪R‬ف بس‪R‬نده إلى االم‪R‬ام الص‪R‬ادق (ع)‪ .‬كم‪R‬ا روى عن س‪R‬هل بن زي‪R‬اد‪ ،‬عن‬
‫محّم د ابن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن االمام الرضا (ع)‪.‬‬
‫ص‪292:‬‬
‫ه‪ --‬واّن علي بن إبراهيم يروي عن أبيه‪ ،‬عن الحسن بن فّض ال‪ ،‬عن ظريف بسنده عن االمام الرض‪RR‬ا‪ .‬كم‪RR‬ا ي‪RR‬روي‬
‫عن محّم د بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن االمام الرضا‪.‬‬

‫و‪ -‬واّن محمد بن الحسن بن الوليد‪ ،‬يروي عن أحمد بن ادريس‪ ،‬عن محّم د بن حسان عن اس‪RR‬ماعيل‪ ،‬عن ظري‪RR‬ف‪،‬‬
‫وعن محّم د بن الحسن الصّفار‪ ،‬عن أحمد بن عيسى‪ ،‬عن الحسن بن فّضال‪ ،‬عن ظريف بسنده إلى االمام الص‪RR‬ادق‬
‫(ع)‪.‬‬
‫ز‪ -‬واّن الشيخ الكليني يروي‪ :‬بأربع‪RR‬ة أس‪RR‬انيد‪ ،‬عن س‪RR‬هل‪ ،‬وبس‪RR‬ندين عن محّم د بن عيس‪RR‬ى وي‪RR‬ونس‪ .‬وينتهي بثالثة‬
‫اسانيد إلى االمام الرضا‪.‬‬
‫ح‪ -‬واّن الشيخ الصدوق يروي عن محّم د بن الحسن بطريقيه السابقين‪ ،‬إلى االمام الصادق (ع) وإلى االمام الرضا‬
‫(ع)‪ .‬وكذا تتداخل االسانيد‪ ،‬وتتشابك في رواية أمثال كتاب الديات‪ ،‬ومن ثّم يعلم اّن ضعف أحد الرواة في سند ما‪،‬‬
‫يجبر بتسلسل رواة عدول في السند االخر‪.‬‬
‫أضف إليه اّنه أحيانا كان عندهم االصل أو الكت‪R‬اب ال‪R‬ذي يأخ‪R‬ذون عنه‪ ،‬مشتهرا في عص‪R‬رهم‪ ،‬مت‪R‬واترا نقل‪R‬ه عن‬
‫مؤّلفه‪ ،‬مثل اشتهار الكتب االربعة‪ :‬الكافي والفقيه والتهذيب واالستبصار اليوم لدينا‪ ،‬ولم يكونوا بحاج‪RR‬ة إلى اثب‪RR‬ات‬
‫الكتاب إلى مؤّلفة‪ ،‬واّنما كانوا يذكرون اتصال سندهم قراءة إلى مؤلفه‪ ،‬وأحيانا إجازة بواسطة أو بوس‪RR‬ائط مض‪RR‬افا‬
‫إلى اتصال سندهم قراءة بوسائط اخرى‪.‬‬
‫وكذلك يعلم اّن انقطاع سند هذا الكتاب إلى أبي االئمة (االمام علي (ع» ال يقدح في صحة انتسابه اليهم بعد اّتصال‬
‫سالسل أسانيده إلى االمامين الصادق والرضا (ع)‪.‬‬
‫***‬
‫ص‪293:‬‬

‫‪ .)1 ( 444‬رجال النجاشي ص ‪ ،40‬وفهرست الطوسي ‪ ،72‬وجامع الرواة ‪ ،191 /1‬ومجمع الرجال ‪.101 -100 /2‬‬
‫هكذا أدخل أصل ظريف‪ -‬أو باالحرى كتاب الديات برواية ظريف‪ -‬في الموس‪RR‬وعات الحديثي‪RR‬ة وأصبح ج‪RR‬زءا من‬
‫آحادها وانتهى إلينا بوساطتها‪ ،‬مع بقاء أصله منف‪R‬ردا بين أي‪R‬دي المح‪ّR‬د ثين‪ ،‬يروي‪R‬ه مح‪ّR‬د ث عن مح‪ّR‬د ث‪ ،‬حيث ق‪R‬ال‬
‫الشيخ أبو زكريا يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحس‪R‬ن اله‪R‬ذلي المول‪R‬ود بالكوفة (‪ 601‬ه‪ )-‬و (ت‪ 689 :‬أو ‪ 690‬ه‪)-‬‬
‫بالحّلة‪ 445،‬في آخر باب الديات من كتابه «جامع الشرايع»‪.‬‬

‫فصل‪ :‬فلّم ا انتهيت إلى هنا‪ ،‬وهو المقصود بالكتاب‪ ،‬سأل من وجب حقه‪ ،‬اثب‪RR‬ات كت‪RR‬اب ال‪RR‬ديات لظري‪RR‬ف بن ناصح‬
‫(رض) باسناده‪ ،‬وأجبته إلى ذلك‪ ،‬ها أنا ذاكره على وجهه ان شاء هّللا تعالى‪ .‬أخبرني‪:‬‬
‫ثّم أورد أسانيده البالغة ثمانية إلى الشيخ الكليني والطوسي‪ ،‬مثل قول‪RR‬ه‪ :‬أخ‪RR‬برني الشيخ محّم د بن أبي البرك‪RR‬ات بن‬
‫إبراهيم الصنعاني في شهر رجب سنة ست وثالثين وستمائة‪ ،‬عن الشيخ أبي عبد هّللا الحسين بن هبة هّللا بن رطب‪RR‬ة‬
‫‪446‬‬
‫السوراوي‪ ،‬عن أبي علي‪ ،‬عن والده الشيخ أبي جعفر الطوسي‪.‬‬
‫وقال شيخنا صاحب الذريعة‪ :‬و «نسخة الجامع» هذه اّلتي عليها خّط المؤّلف‪ ،‬وقد قرئت عليه؛ موجودة في مكتب‪RR‬ة‬
‫سّيدنا الحسن صدر الدين بالكاظمية وهذه صورة خّطه‪« :‬انهاه قراءة وسماعا له‪ ،‬وفقه هّللا واّيانا لمرض‪RR‬اته بمحّم د‬
‫وآله‪ ،‬وكتب يحيى بن سعيد في ج ‪.»681 /2‬‬
‫وق‪R‬ال النوري في ش‪RR‬رح ح‪R‬ال الكتب ومؤّلفيه‪RR‬ا من خاتم‪RR‬ة مس‪RR‬تدرك الوس‪RR‬ائل‪ 447:‬كت‪R‬اب ال‪R‬ديات هو من االصول‬
‫المشهورة واعتمد عليها المشايخ ‪ ...‬إلى قوله‪:‬‬
‫ص‪294:‬‬
‫وبالجملة فهذا الكتاب مع‪RR‬روف مشهور معتم‪RR‬د علي‪RR‬ه وق‪RR‬د نقل‪RR‬ه في الوس‪RR‬ائل‪ -‬وس‪RR‬ائل الشيعة إلى تحص‪RR‬يل مس‪RR‬ائل‬
‫الشريعة‪ -448‬عن الكافي والتهذيب والفقيه وفّرق أج‪R‬زاءه على االب‪R‬واب‪ ،‬ونحن نقلناه عن االصل وبينهم‪R‬ا اختالف‬
‫في بعض المواضع ‪...‬‬
‫***‬
‫وجدنا هذا االصل أو هذا الكتاب منذ القرن االّول الهج‪RR‬ري إلى عص‪RR‬رنا هذا‪( :‬القرن الخ‪RR‬امس عشر الهج‪RR‬ري)‬
‫تتداوله أيدي المحدثين‪ ،‬يرجعون إلى نسخة االصل أحيانا وآونة إلى من نقل عنه‪ ،‬ولم تنقطع صلتهم ب‪RR‬ه‪ ،‬واّن آخ‪RR‬ر‬
‫من رجع إلى نسخة االصل من المحّد ثين هو المحّد ث النوري المتوفي ‪ 1320‬ه‪ -‬فج‪RR‬زأ أحاديث‪RR‬ه على أب‪RR‬واب كت‪RR‬اب‬
‫الديات من مستدرك الوسائل‪.‬‬

‫***‬
‫ض‪RR‬ربنا مثال لرج‪RR‬وع المشايخ إلى االصول والم‪RR‬دّو نات الحديثي‪RR‬ة الص‪RR‬غيرة برج‪RR‬وعهم إلى كت‪RR‬اب ال‪RR‬ديات رواي‪RR‬ة‬
‫ظريف‪ ،‬وفي ختام البحث ينبغي أن ندرس كيفي‪R‬ة اتص‪R‬ال أس‪R‬انيد المشايخ إلى أصحاب تل‪R‬ك االصول والم‪R‬دّونات‬
‫الصغيرة ومنها إلى أئمة أهل البيت (ع)‪.‬‬

‫ص‪295:‬‬
‫اّتصال سالسل أسانيد المشايخ‪ :‬في مدرسة أهل البيت (ع) بهم‬

‫‪ .)1 ( 445‬الذريعة ‪ 61 /5‬في ترجمة جامع الشرايع‪.‬‬


‫‪ .)2 ( 446‬مستدرك البحار ‪.308 /3‬‬
‫‪ .)3 ( 447‬تأليف الحاج ميرزا حسين النوري‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 448‬تأليف الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي( ت‪ 1104 :‬ه‪.)-‬‬
‫في سبيل هذه المعرفة ندرس أوال بعض مصطلح المحدثين في ما يلي‪:‬‬
‫قسم المحِّدثون طرق تحّم ل الحديث ونقله إلى الدرجات التالية‪:‬‬
‫أولها‪ :‬السماع من الشيخ‪:‬‬
‫يعتبر السماع من لفظ الشيخ‪ -‬سواء أكان من حفظ الشيخ أو من كتابه‪ -‬أرفع الطرق عندهم‪ .‬ويقول التلميذ عندئذ في‬
‫مقام الرواية‪ :‬سمعت فالنا‪ ،‬أو حّد ثني؛ لداللته على قراءة الشيخ عليه‪.‬‬
‫وقد يقول‪ :‬أنبأنا‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬القراءة على الشيخ‪:‬‬
‫وُتسّم ى‪ :‬العرض‪ ،‬الّن القارىء يعرض الحديث على الشيخ‪ ،‬سواء ك‪R‬انت القراءة من حف‪R‬ظ ال‪R‬راوي أو من كت‪R‬اب‪،‬‬
‫وسواء كان الشيخ يعارض المقرّو على أصل بيده أو بيد ثقة غيره أو يعارضه على ما يحفظه‪.‬‬
‫ويقول التلميذ إذا أراد رواية ذلك‪ :‬قرأت على فالن‪ ،‬أو قرىء عليه وأنا أسمع فأقّر الشيخ به‪ ،‬ول‪RR‬ه أن يقول‪ :‬ح‪RR‬دثنا‬
‫وأخبرنا مقّيدين بقوله‪ :‬قراءة عليه‪.‬‬
‫وفي الحالتين ان كان معه غيره‪ ،‬قال‪ :‬حّد ثنا وأنبأنا بلفظ الجمع‪ ،‬وبعد الفراغ من سماع الحديث كّله أو الكت‪RR‬اب بع‪RR‬د‬
‫الفراغ منه يجيز الشيخ للسامعين روايته‪.‬‬
‫ص‪296:‬‬
‫‪449‬‬
‫ثالثها‪ :‬المناولة‪:‬‬

‫وهي نوعان‪:‬‬
‫أ‪ -‬المناولة المقرونة باالجازة‪ ،‬ويسّم ى عرض المناولة في مقابل عرض القراءة‪ ،‬وهي دون السماع في المرتبة‪.‬‬
‫ب‪ -‬المناولة المجردة عن االجازة‪ ،‬بان يناوله كتابا ويقول‪ :‬هذا سماعي أو روايتي من غير أن يقول‪ :‬اروه عّني أو‬
‫أجزت لك روايته عّني‪ ،‬والصحيح اّنه ال يجوز له الرواية بها‪ ،‬وجَّو زها بعض المحّد ثين‪.‬‬
‫وإذا روى بها‪ ،‬قال‪ :‬حّد ثنا فالن مناول‪R‬ة أو أخبرن‪R‬ا مناول‪R‬ة‪ ،‬غ‪R‬ير مقتص‪R‬ر على ح‪ّR‬د ثنا وأخبرن‪R‬ا اليهام‪R‬ه الس‪R‬ماع أو‬
‫القراءة‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬الكتابة‪:‬‬
‫وهي أن يكتب الشيخ مروّية لغائب أو حاضر بخّطه أو يأذن لثقة يكتبه له‪ ،‬وهي أيضا نوعان‪:‬‬
‫أ‪ -‬مقرونة باالجازة‪ :‬بأن يكتب إليه‪ :‬أجزت لك ما كتبته لك أو كتبت به إليك ونحو ذلك من عبارات االج‪RR‬ازة‪ .‬وهي‬
‫في الصحة والقّوة كالمناولة المقرونة باالجازة‪.‬‬
‫ب‪ -‬مجردة عن االجازة‪ :‬واختلفوا في جواز الرواية بها وعدمه‪.‬‬
‫خامسها‪ :‬االجازة‪:‬‬
‫االجازة‪ :‬إذٌن وتسويٌغ ‪ ،‬مثل قول الشيخ‪ :‬أجزتك رواية كذا‪ ،‬أو الكتاب‬
‫ص‪297:‬‬

‫‪ .)1 ( 449‬لقد جعلها الشهيدان رابعا وجعال االجازة ثالثا‪ ،‬غير ان ما ذكرا في المناولة المقرونة باالجازة بأنها أعلى أنواع االجازة على االطالق‪... ،‬‬
‫جعلني أعتبرها ثالثة وجعلت االجازة بالكتابة رابعة لقولهما فيه‪R‬ا‪ :‬هي في الص‪R‬حة والقوة كالمناول‪R‬ة المقرون‪R‬ة‪ ،‬وذك‪R‬رت االج‪R‬ازة بع‪R‬د هذه وجعلته‪R‬ا‬
‫خامسة في الترتيب‪.‬‬
‫الفالني‪ ،‬أو رواية مسموعاتي أو ما اشتمل عليه فهرستي هذا‪ .‬وال تجوز االجازة بما لم يتحّم له المجيز من حديث‪.‬‬

‫ويصّح للمجاز له اجازة المجاز لغيره‪ ،‬فيقول‪ :‬أجزت لك رواية ما اجيز لي روايته‪.‬‬
‫سادسها‪ :‬االعالم‪:‬‬
‫وهو أن يعلم الشيخ الطالب أّن هذا الكتاب أو الحديث روايته‪ ،‬أو س‪RR‬ماعه من فالن‪ ،‬من غ‪RR‬ير أن يقول‪ :‬إروه عّني‪،‬‬
‫أو أذنت لك في روايته ونحوه‪ .‬وفي جواز الرواية به قوالن‪ :‬الجواز والمنع‪.‬‬
‫سابعها‪ :‬الوجادة‪:‬‬
‫وهو أن يجد انسان بخّط معاصر له‪ ،‬أو غير معاصر‪ ،‬ولم يسمعه منه‪ ،‬وليس ل‪R‬ه منه اج‪R‬ازة‪ ،‬وال خالف بينهم في‬
‫منع الرواية بها‪ ،‬واّنما يقول‪ :‬وجدت‪ ،‬أو قرأت بخّط فالن «ح‪RR‬دثنا فالن» ويس‪RR‬وق ب‪RR‬اقي االس‪RR‬ناد والمتن‪ ،‬أو يقول‪:‬‬
‫‪450‬‬
‫وجدت بخط فالن‪ ،‬أو في كتاب فالن‪ ،‬عن فالن ‪....‬‬
‫***‬
‫في كّل هذه الص‪R‬ور ليس الكالم من مجه‪R‬ول لمجه‪R‬ول عن مجه‪R‬ول‪ ،‬وأّنم‪R‬ا الكالم ح‪R‬ول ش‪R‬يخ وط‪R‬الب وح‪R‬ديث أو‬
‫كتاب‪ ،‬موجود كّل واحد منه في الخارج‪ ،‬ومعلوم ومشخص‪.‬‬

‫ص‪298:‬‬
‫دراسة اّتصال المشايخ بأئّم ة أهل البيت (ع)‬
‫على ضوء ما أوردنا من تعريف مصطلحاتهم ندرس ألف‪R‬اظهم في االس‪R‬انيد لنعلم م‪R‬دى اّتص‪R‬ال المشايخ في رواي‪R‬ة‬
‫الحديث بأئمة أهل البيت‪:‬‬
‫في ترجمة ظريف‪:‬‬
‫قال النجاشي‪ :‬كان ثقة في حديثه‪ ،‬صدوقا‪ ،‬له كتب‪ ،‬منها كتاب الديات‪ ،‬رواه عّد ة من أصحابنا‪.‬‬
‫أخبرنا عّد ة من أصحابنا‪ ،‬عن أبي غالب أحمد بن محّم د‪ ،‬قال‪ :‬قرأ علَّي عبد هّللا بن جعف‪RR‬ر وأن‪RR‬ا أس‪RR‬مع‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬ح‪ّR‬د ثنا‬
‫الحسن بن ظريف‪ ،‬عن أبيه به‪.‬‬
‫‪451‬‬
‫وقال الطوسي‪ :‬له كتاب الديات‪ ،‬أخبرنا الشيخ أبو عبد هّللا ‪ ...‬وأخبرنا ابن أبي جّيد ‪....‬‬
‫قال النجاشي‪( :‬أخبرنا عّد ة من أصحابنا‪ ،‬عن أبي غالب) وأخبرنا‪ -‬في اصطالحهم‪ -‬مشترك بين س‪RR‬ماع التلمي‪RR‬ذ من‬
‫الشيخ‪ ،‬وقراءة التلميذ أو قراءة زميله على الشيخ والشيخ يسمع‪ ،‬ولعّل كّل ذلك وقع في رواي‪RR‬ة ع‪ّR‬د ة من االصحاب‬
‫عن أبي غالب‪ ،‬أّم ا رواية أبي غالب عن شيخه وإلى آخر سلس‪R‬لة الس‪R‬ند فقد ك‪R‬انت س‪R‬ماعا عن الشيخ حس‪R‬ب مف‪R‬اد‬
‫االلفاظ الواردة في السند‪.‬‬
‫وقال الطوسي هنا أي في الفهرست‪« :‬أخبرنا المفيد وابن أبي جّيد» وذكر‬
‫ص‪299:‬‬
‫صدر السند‪ ،‬بينما هو يحذف صدور االسانيد في رواياته بكتابيه‪ :‬االستبصار والتهذيب ويختزل الفاظ االسانيد‪.‬‬

‫وكذلك فعل الصدوق في الفقيه وقبله الكليني في الكافي وحذفا صدور أسانيد كتاب الديات‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 450‬أوردته ملخصا من الباب الثالث« في تحمل الحديث وطرق نقله» من كت‪RR‬اب دراي‪RR‬ة الشهيد الث‪RR‬اني زين ال‪R‬دين الع‪RR‬املي( ت‪ 975 :‬ه‪ )-‬ط‪.‬‬
‫مطبعة النعمان بالنجف ص ‪ 108 -82‬وقد ذكر المامقاني تفصيل أقوال أهل الفن في مقباس الهداية ص ‪.102 -95‬‬
‫‪ .)1 ( 451‬مجمع الرجال ‪.233 /3‬‬
‫وكذلك دأب المشايخ مع أسانيد جّل رواياتهم يحذفون صدور االس‪R‬انيد ويرم‪R‬زون إلى مقص‪R‬ودهم أحيان‪R‬ا‪ ،‬واخ‪R‬رى‬
‫يجملون القول‪ ،‬مثل قولهم‪« :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه»‪« ،‬وعّد ة من أصحابنا‪ ،‬أو عّد ة عن سهل بن زياد»‪.‬‬
‫ثّم يشرحون في محّل آخر رمزهم‪ ،‬ويبّينون تفصيل ذلك المجمل‪ ،‬ويذكرون تمام السند‪ ،‬كما فعل الصدوق في ذكر‬
‫مشيخته بآخر الفقيه‪ ،‬والطوسي في شرح مشيخته بآخر االستبصار والتهذيب‪.‬‬
‫وقد قصدنا في ما أوردنا ببحث «معرفة رواة كتاب الديات» اراءة شرحهم لكيفية تلّقيهم الرواي‪RR‬ة من ك‪RR‬ل ش‪RR‬يخ في‬
‫ترجمة ذلك الشيخ‪ ،‬ووجدنا في ما ذكروا بتلك التراجم تثبتا في تحمل الحديث ونقله بما ال مزي‪R‬د علي‪R‬ه؛ فه‪RR‬ذا الع‪RR‬الم‬
‫يروي عن شيخه أربعة من أحاديثه بال واسطة الّنه قد سمعها منه بنفسه‪ ،‬ويروي سائر رواياته عنه بواس‪RR‬طة أبي‪RR‬ه‬
‫وأخيه‪.‬‬
‫وآخر يسمع من أبيه كتبه مقابلة ومع ذلك فاّنه ال يرويها عنه بال واسطة الن سّنه كان عند سماعه اّياها عنه ثماني‪RR‬ة‬
‫عشر عام ولم يكن يفهم معنى الحديث تماما‪ .‬وله‪R‬ذا فه‪R‬و ي‪R‬روي تل‪R‬ك الكتب عن أبي‪R‬ه بواس‪R‬طة أخوي‪R‬ه الّل ذين س‪R‬مع‬
‫الكتب منهما في حال كمال ادراكه‪.‬‬
‫وذلك الشيخ الثالث يروي جميع ما في كتاب الشرائع ويس‪RR‬تثني منه ح‪RR‬ديثا واح‪RR‬دا في حكم لحم البع‪RR‬ير ويحت‪RR‬اط في‬
‫روايته‪.‬‬
‫والرابع يقول‪ :‬سمعت منه روايات يسيرة في دار ابن همام وليس لي منه اجازة‪.‬‬
‫***‬
‫ص‪300:‬‬
‫من كّل ما أوردن‪RR‬اه آنف‪RR‬ا ومن نظ‪RR‬ائره الكث‪RR‬يرة في سالس‪RR‬ل أس‪RR‬انيد الرواي‪RR‬ات ومحتوي‪RR‬ات رس‪RR‬ائل االج‪RR‬ازات يطمئن‬
‫الباحث إلى سالمة اتصال سالسل أسانيد المشايخ إلى أئمة أهل البيت في حدود القدرات البشرية‪.‬‬

‫وبعد البرهنة على ذلك ينبغي البحث في كيفية اتصال فقهاء مدرسة أهل البيت عبر القرون بالموس‪R‬وعات الحديثّي ة‬
‫اّلتي أّلفها ُأولئك المشايخ‪ .‬ولنضرب مثال لذلك اتصالهم بأول الموسوعات الحديثي‪RR‬ة بمدرس‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت‪ ،‬وأق‪RR‬دمها‬
‫زمنا‪ ،‬وهو كتاب الكافي ت‪RR‬أليف محّم د بن يعقوب الكلي‪RR‬ني‪ ،‬وفي هذا الص‪RR‬دد ق‪RR‬ال الشيخ الطوس‪RR‬ي في الفهرس‪RR‬ت‪:‬‬
‫«محّم د بن يعقوب الكليني‪ ،‬يكّنى أبا جعفر‪ ،‬ثقة‪ ،‬عارف باالخبار‪ ،‬ل‪RR‬ه كتب منه‪RR‬ا كت‪RR‬اب الك‪RR‬افي‪ ،‬وهو يشتمل على‬
‫ثالثين كتابا‪ ،‬أّوله كتاب العقل»‪ .‬ثّم سّجل أسماء ُكُتِب الكتاب الكافي‪ ،‬وقال في آخره‪« :‬كتاب الروض‪RR‬ة آخ‪RR‬ر كت‪RR‬اب‬
‫الكافي»‪.‬‬
‫وقال‪ :‬أخبرنا بجميع كتبه ورواياته الشيخ أبو عبد هّللا محّم د بن محّم د بن النعمان‪ ،‬عن أبي القاس‪RR‬م جعف‪RR‬ر بن محّم د‬
‫بن قولويه‪ ،‬عن محّم د بن يعقوب بجميع كتبه‪.‬‬
‫وأخبرنا الحسين بن عبيد هّللا قراءة عليه أك‪R‬ثر هذا الكت‪R‬اب الك‪R‬افي عن جماع‪R‬ة‪ ،‬منهم‪ :‬أب‪R‬و غ‪R‬الب أحم‪R‬د بن محّم د‬
‫الزراري‪ ،‬وأبو القاسم جعفر بن محّم د ابن قولويه‪ ،‬وأبو عبد هّللا أحم‪RR‬د بن إب‪RR‬راهيم الص‪RR‬يمري المع‪RR‬روف ب‪RR‬ابن أبي‬
‫رافع‪ ،‬وأبو محّم د هارون بن موسى التلعكبري‪ ،‬وأب‪RR‬و المفّض ل محّم د بن عب‪RR‬د هّللا بن المّطلب الشيباني‪ ،‬كّلهم عن‬
‫محّم د بن يعقوب‪.‬‬
‫وأخبرنا االجّل المرتضى‪ ،‬عن أبي الحسين أحمد بن علي بن شعيب الكوفي‪ ،‬عن محّم د بن يعقوب‪.‬‬
‫وأخبرنا أبو عبد هّللا أحمد بن عبدون‪ ،‬عن أحمد بن إبراهيم الص‪RR‬يمري‪ ،‬وأبي الحس‪RR‬ين عب‪RR‬د الك‪RR‬ريم بن عب‪RR‬د هّللا بن‬
‫نصر البّز از‪ ،‬بتفليس وبغداد‪ ،‬عن أبي‬
‫ص‪301:‬‬
‫جعفر محّم د بن يعقوب الكليني بجميع مصّنفاته ورواياته ‪ -...‬انتهى‪.‬‬

‫إذا فالشيخ الطوسي عّرف كتب الكافي واحدا بعد االخر وكان أّولها كتاب العقل وآخرها كتاب الروضة‪.‬‬
‫وقال‪ :‬اّنه يرويه عن أربعة من شيوخه‪ ،‬وكان هؤالء االربعة يروون الكتاب عن تالميذ الكليني‪ ،‬وكان أح‪RR‬د ش‪RR‬يوخ‬
‫الطوسي يروي الكتاب عن خمسة من تالميذ الكليني‪ ،‬وآخر عن اثنين منهم‪.‬‬
‫وروى الطوسي عن شيوخه بلفظ (أخبرنا) وأخبرنا مشترك بين سماع لفظ الشيخ والقراءة على الشيخ‪ ،‬غ‪R‬ير اّن ه‬
‫لّم ا ذكر في روايته عن الحسين بن عبيد هّللا اّنه يروي الكتاب عنه قراءة عليه أكثرها‪ ،‬نفهم بأّن ه ق‪RR‬د روى الكت‪RR‬اب‬
‫من بقية شيوخه في سلسلة هذا السند سماعا منهم‪.‬‬
‫هذا ما كان عن الشيخ الطوسي‪ .‬أّم ا النجاشي فقد قال‪ ... :‬صّنف الكتاب الكبير المع‪RR‬روف ب‪RR‬الكليني‪ ،‬يس ‪ّR‬م ى الك‪RR‬افي‬
‫في عشرين سنة‪ ،‬شرح كتبه‪ :‬كتاب العقل ‪ ...‬كتاب الروضة‪.‬‬
‫يظهر مما ذكره النجاشي وغيره اّن الكتاب كما كان يسّم ى باسم «الكافي» كان يسّم ى أحيانا باسم مؤّلفه «الكليني»‬
‫كما نسّم ي نحن اليوم أحيانا كتاب «تاريخ االمم والملوك» تأليف الطبري باسم مؤّلفه «الطبري»‪.‬‬
‫ويظهر أيضا من تعريف النجاشي والطوسي للكافي اّنه كان مقّسما حسب مواضيعه إلى ثالثين كتاب‪RR‬ا على صورة‬
‫أجزاء‪ ،‬كّل كتاب منه في مجّلد واحد‪ ،‬غير اّنها لم تكن مرّقمة بالتسلسل‪ ،‬كما هو شأن مجّلدات الكتب في عص‪RR‬رنا‪،‬‬
‫لذلك حصل بعض التقديم والت‪RR‬أخير في ذك‪RR‬ر أس‪RR‬ماء كتب‪RR‬ه‪ ،‬ع‪RR‬دا اس‪RR‬م االّو ل‪ :‬كت‪RR‬اب العقل‪ ،‬واس‪RR‬م الكت‪RR‬اب االخ‪RR‬ير‪،‬‬
‫الروضة‪.‬‬
‫وقال النجاشي أيضا‪ :‬كنت أترّد د إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي‪ ،‬وهو مسجد نفطويه النحوي‪ ،‬أق‪RR‬رأ القرآن‬
‫على صاحب المسجد‪ ،‬وجماعة من‬
‫ص‪302:‬‬
‫أصحابنا يقرأون كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفي الكاتب‪« :‬حّد ثكم محّم د بن يعقوب الكلي‪RR‬ني»‬
‫ورأيت أبا الحسن العقراوي يرويه عنه‪.‬‬

‫إذا فالشيخ النجاشي أدرك اثنين من تالميذ الكليني يرويان الكافي عنه‪ ،‬أح‪RR‬دهما ك‪RR‬ان يخ‪RR‬اطب تالمي‪RR‬ذه عندما يقرأ‬
‫الكافي‪ ،‬وهو يقول‪« :‬حّد ثكم محّم د ابن يعقوب الكلي‪RR‬ني» وذل‪RR‬ك بحكم س‪RR‬ماعه الكت‪RR‬اب عن الكلي‪RR‬ني واجازت‪RR‬ه ل‪RR‬ه أن‬
‫يرويه عنه‪ ،‬ولكن النجاشي ال يروي الكافي عن هذين الشيخين من تالميذ الكلي‪RR‬ني وان أدركهم‪RR‬ا وس‪RR‬معهما‪ ،‬واّنم‪RR‬ا‬
‫يرويه عن تالميذ الكليني فقد قال‪:‬‬
‫وروينا كتبه كّلها عن جماعة شيوخنا‪ ،‬منهم‪ :‬محّم د بن محّم د‪ -‬الشيخ المفيد‪ ،-‬والحس‪R‬ين بن عبي‪R‬د هّللا ‪ -‬الغض‪R‬ايري‪،-‬‬
‫وأحمد بن علي بن نوح‪ ،‬عن أبي القاسم جعفر بن قولويه‪ ،‬عنه رحمه هّللا ‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ولنشرح بعد هذا العرض اسلوب الدراسة يومذاك لنتفّهم مغزى أقوالهم‪.‬‬
‫ص‪303:‬‬
‫اسلوب الدراسة في عصر الكليني فما بعد‬
‫كان اسلوب الدراسة في عصر الكليني وقبله‪ -‬حسبما يستفاد مّم ا بقي لدينا من اجازات رواية االصول االربعمائ‪RR‬ة‬
‫والمدّونات الحديثية الصغيرة االخرى‪ -‬ان يقرأ الشيخ كتابه على تالميذه وهم يستمعون إليه‪ ،‬أو يقرأ ت‪RR‬أليف الشيخ‬
‫أحد طالبه على الشيخ ويستمع زمالء الطالب إليه وينتبه‪R‬ون إلى تعلي‪R‬ق ش‪R‬يخهم ان ك‪R‬ان ثّم ة تعلي‪R‬ق‪ ،‬وبع‪R‬د انته‪R‬اء‬
‫الطالب من دراسة كتاب الشيخ علي‪RR‬ه باح‪RR‬د االس‪RR‬لوبين الم‪RR‬ذكورين يمنح الشيخ طاّل ب‪RR‬ه اج‪RR‬ازة رواي‪RR‬ة تأليف‪RR‬ه عنه‪،‬‬
‫ويصبح هؤالء الطلبة بعد ذلك شيوخا للطلبة من الجيل الجديد الصاعد‪ ،‬ويدّرسونهم الكتاب كذلك‪ ،‬ثّم يجيزونهم أن‬
‫يرووا ذلك الكتاب بواسطتهم عن مؤّلفه‪ .‬وهكذا دواليك جيال بعد جيل‪ ،‬فكّل طالب يقرأ الكت‪RR‬اب على مؤلف‪RR‬ه أو على‬
‫شيخ تتصل سلسلة قراءته وروايته بمؤّلف الكتاب‪.‬‬
‫هكذا كانت الحال في عصر الكليني وقبله وبعده حتى عصر الشيخ الطوسي وبعد انتقاله إلى النجف االش‪RR‬رف س‪RR‬نة‬
‫(‪ 448‬ه‪ )-‬وتأسيسه الحوزة العلمية هناك‪.‬‬
‫بعد تأسيس الحوزة العلمية في النجف االشرف‪:‬‬
‫أّسس الشيخ الطوسي الحوزة العلمية في النجف بعد انتقاله إليها وبقي زعيمها حّتى توفي سنة (‪ 460‬ه‪.)-‬‬
‫في هذه الحوزة‪ -‬منذ عصر الشيخ الطوسي‪ -‬وفي الحوزات المماثلة والمؤسسة‬
‫ص‪304:‬‬
‫بعدها كانت الموسوعات الحديثية االربع‪:‬‬

‫الكافي والفقيه واالستبصار والتهذيب؛ محورا للدراسات الفقهية إلى العص‪RR‬ور االخ‪RR‬يرة يدرس‪RR‬ونها على من تتص‪RR‬ل‬
‫قراءتهم لها بمؤلفيها‪.‬‬
‫وهكذا بقيت الكتب الحديثية متداولة بين أيدي الطلبة ح‪RR‬تى الي‪RR‬وم ش‪RR‬أنها في ذل‪RR‬ك ش‪RR‬أن الفي‪RR‬ة ابن مال‪RR‬ك ال‪RR‬تي قرأها‬
‫الطالب على شيوخهم في الحوزات العلمية منذ تأليفها حّتى اليوم‪.‬‬
‫وشأنها شأن كتب ابن سينا في الطّب والفلسفة وشأن غيرها من الكتب الدراس‪RR‬ية اّل تي بقيت تت‪R‬داولها أي‪R‬دي الطلب‪R‬ة‬
‫الدارسين لها جيال بعد جيل منذ تأليفها حّتى اليوم‪ ،‬غير أّن العناية بكتب الحديث كانت أكثر من أّي كتاب بعد كتاب‬
‫هّللا ‪ ،‬وبقي اسلوب روايتها سماعا وقراءة واجازة معموال به في دراستها إلى القرون االخيرة كما يشهد ب‪RR‬ه م‪RR‬ا تبقى‬
‫لدينا من اجازات الرواية اّلتي جمع بعضها المجلسي في المجلد السابع والعشرين من موسوعته البحار‪ ،‬واس‪RR‬تدرك‬
‫عليه جّد نا ش‪RR‬يخ المح‪ّR‬د ثين الشيخ م‪RR‬رزا محّم د الشريف العس‪RR‬كري في خمس‪RR‬ة مجل‪RR‬دات من مس‪RR‬تدركه على بح‪RR‬ار‬
‫االنوار‪ ،‬ومن أمثلة تلك االجازات المصّر حة باتصال قراءة الموسوعات الحديثية بمؤلفيه‪RR‬ا م‪RR‬ا ج‪RR‬اء في االج‪RR‬ازات‬
‫التالية‪:‬‬
‫اج‪R‬ازة الشيخ فخ‪R‬ر ال‪R‬دين محّم د (ت‪ 771 :‬ه‪ )-‬ابن العاّل م‪R‬ة الحلي الحس‪R‬ن بن يوس‪R‬ف بن علي بن مطه‪R‬ر‪ ،‬للشيخ‬
‫محسن بن مظاهر‪ ،‬جاء فيها‪ :‬وأجزت له أيضا أن يروي عّني مصّنفات الشيخ االعظم واالمام االقدم‪ ،‬مقّرر قواعد‬
‫الشريعة‪ ،‬شيخ الشيعة عماد الدين أبي جعفر محمد بن الحس‪RR‬ن الطوس‪RR‬ي ق‪ّR‬د س هّللا روح‪RR‬ه‪ ،‬فمن ذل‪RR‬ك كت‪RR‬اب ته‪RR‬ذيب‬
‫االحكام فاّني قرأته على والدي درسا بع‪R‬د درس‪ ،‬وتّم ت قراءت‪R‬ه في جرج‪R‬ان س‪R‬نة اثني عشر وس‪R‬بعمائة عّني عن‬
‫والدي‪ ،‬ثّم والدي قرأه على والده أبي المظفر يوسف بن علّي بن المطّهر وأجاز له روايته‪ ،‬ثَّم يوسف المذكور قرأه‬
‫على الشيخ معمر بن هبة هّللا بن نافع الوّراق وأجاز له‬
‫ص‪305:‬‬
‫روايته‪ ،‬ثَّم الفقيه معمر المذكور قرأه على الفقيه أبي جعفر محّم د بن شهر آش‪R‬وب وأج‪R‬از ل‪R‬ه روايت‪R‬ه‪ ،‬ثّم ابن ش‪R‬هر‬
‫آشوب قرأه على مصّنفه أبي جعفر محّم د بن الحسن الطوس‪R‬ي ق‪ّR‬د س هّللا س‪R‬ره وق‪R‬رأه ج‪ّR‬د ي م‪ّR‬رة ثاني‪R‬ة على الشيخ‬
‫يحيى بن محّم د بن يحيى ابن الفرج السوراوي وأجاز له روايته‪ ،‬والشيخ يحيى الم‪R‬ذكور ق‪R‬رأه على الفقي‪R‬ه الحس‪R‬ين‬
‫بن هبة هّللا بن رطبة وأج‪R‬از ل‪R‬ه روايت‪R‬ه‪ ،‬والشيخ يح‪R‬يى الم‪R‬ذكور ق‪R‬رأه على المفي‪R‬د أبي عب‪R‬د هّللا محّم د بن الحس‪R‬ن‬
‫الطوسّي وأجاز له روايته‪ ،‬والمفيد قرأه على والده وأجاز ل‪RR‬ه روايت‪RR‬ه وعندي مجّل د واح‪RR‬د من الكت‪RR‬اب اّل ذي ق‪RR‬رأه‬
‫المفيد على والده وهو بخّط المصّنف والده وقرأت أنا هذا المجّلد على والدي وباقي المجّلدات في نسخة ُأخرى‪.‬‬

‫وأّم ا كتاب النهاية والجمل فاّني قرأتهما على والدي درسا بعد درس وأجاز لي روايتهما بالطريق الثاني عن وال‪RR‬ده‬
‫قرأه عليه عن باقي أهل السند المذكور قراءة‪ 452.‬انتهى موضع الحاجة من االجازة‪.‬‬
‫هذا القسم من اجازة ابن العاّل مة للشيخ محسن بن مظاهر‪ ،‬يقول المجيز وهو في النصف الث‪RR‬اني من القرن الث‪RR‬امن‬
‫الهجري‪ ،‬اّنه قرأ تهذيب الشيخ الطوسي على والده العاّل مة درسا بعد درس‪ ،‬واّن والده العاّل م‪R‬ة ك‪R‬ان ق‪R‬د ق‪R‬رأه على‬
‫شيخه‪ ،‬وش‪R‬يخه على ش‪R‬يخه‪ ،‬وهك‪R‬ذا ي‪R‬ذكر سلس‪R‬لة القراءات ح‪R‬تى ينهي تسلس‪R‬ل القراءات إلى ق‪R‬راءة على مؤّل ف‬
‫التهذيب الشيخ الطوسي‪ ،‬ويقول‪ :‬اّن جزءا من كتاب التهذيب اّلذي قرأه على والده كان بخّط مؤّلفه اّل ذي ت‪RR‬وفي في‬
‫النصف االّول من القرن الخامس الهجري‪.‬‬
‫ويقول في اجازته رواية كتاب النهاية‪ :‬اّنه قرأه أيضا على والده العاّل مة‬
‫ص‪306:‬‬
‫درسا بعد درس‪ ،‬ويجيز‪ ،‬الشيخ محسن روايته بطريق آخر أيضا تسلسلت فيه ق‪RR‬راءة ش‪RR‬يخ على ش‪RR‬يخ إلى أن ينهي‬
‫القراءة إلى مؤلف الكتاب‪.‬‬

‫في هذا النوع من أنواع االجازة التي يصدرها الشيخ في رسالة خاصة يمنح فيها تلميذه اجازة رواية مؤّل ف واح‪RR‬د‬
‫أو عّد ة مؤّلفات ومروّيات‪ ،‬تارة يذكر شيوخه‪ ،‬واخرى ال يذكرهم‪ ،‬وعندما يذكر شيوخه نادرا ما يص‪ّRR‬رح بتسلس‪RR‬ل‬
‫سند قراءته الكتاب على شيوخه إلى مؤّلفه‪ ،‬مثل ما مّر في االجازة االنفة‪ ،‬وغالبا م‪RR‬ا ي‪RR‬ذكر ذل‪RR‬ك بلف‪RR‬ظ «رويُت عن‬
‫فالن‪ ،‬عن فالن» أو بلفظ «حّد ثني فالن‪ ،‬عن فالن» أو بلفظ «أخبرني» كّل ذلك اختصارا للسند‪ .‬وك‪RR‬ان هذا دأبهم‬
‫على االكثر في سالسل االجازات‪ ،‬مثاله‪ :‬ما جاء في اج‪R‬ازة العاّل م‪RR‬ة الحلي حس‪RR‬ن بن يوس‪RR‬ف (ت‪ 726 :‬ه‪ )-‬للس‪RR‬يد‬
‫مهّنا بن سنان المدني (ت‪ 754 :‬ه‪ 453)-‬حيث قال فيه‪ :‬وما رويت‪RR‬ه من كت‪RR‬اب أصحابنا الس‪RR‬الفين رض‪RR‬وان هّللا عليهم‬
‫أجمعين باسنادي المتصل إليهم رحمة هّللا عليهم‪.‬‬
‫إلى قوله‪ :‬وأجزت ل‪R‬ه رواي‪R‬ة كتب ش‪R‬يخنا أبي جعف‪R‬ر محّم د بن الحس‪R‬ن بن علي الطوس‪R‬ي‪ -‬ق‪R‬دس هّللا روح‪R‬ه‪ -‬به‪R‬ذه‬
‫الطرق وبغيرها عّني‪ ،‬عن والدي‪.‬‬
‫لم يذكر العاّل مة‪ -‬في هذا القسم من االجازة‪ -‬ما ذكره ابنه فخر ال‪RR‬دين في اجازت‪RR‬ه االنف‪RR‬ة‪ :‬اّن اب‪RR‬اه العاّل م‪RR‬ة ق‪RR‬رأ تل‪RR‬ك‬
‫الكتب على أبيه «يوسف» واّنما أشار إلى سنده إلى الشيخ الطوسي حسب‪ .‬ولكن في اجازته رواية الكافي بعد هذا‬
‫أورد سنده نوعا ما أكثر تفصيال‪،‬‬

‫‪ .)1 ( 452‬البحار ‪ ،223 /107‬وهذه االجازة جاءت ضمن اجازة الشيخ علي بن محمد البياضي( ت‪ )827 :‬للشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 453‬ترجمته في طبقات أعالم الشيعة للشيخ آقا بزرگ الطهراني‪ ،‬القرن الثامن ص ‪.223‬‬
‫حيث قال‪ :‬وأّم ا الكافي للشيخ محّم د بن يعقوب الكلي‪RR‬ني فرويت أحاديث‪RR‬ه الم‪RR‬ذكورة المّتص‪RR‬لة باالئم‪RR‬ة (ع) عّني عن‬
‫والدي والشيخ أبي القاسم جعفر بن سعيد وجمال الدين أحم‪RR‬د بن ط‪RR‬اووس وغ‪RR‬يرهم باس‪RR‬نادهم الم‪RR‬ذكور إلى الشيخ‬
‫المفيد محّم د بن محّم د بن النعمان‪ ،‬عن أبي القاسم جعفر بن‬
‫ص‪307:‬‬
‫محّم د بن قولويه‪ ،‬عن محّم د بن يعقوب الكليني‪ ،‬عن رجاله المذكورة في كِّل حديث عن االئمة (ع)‪.‬‬

‫وكتب حسن بن يوسف بن المطهر الحّلي في ذي الحّجة سنة تسع عشرة وسبعمائة بالحّلة حامدا مصّليا‪.‬‬
‫في هذه االجازة نجد العاّل م‪RR‬ة يقول «رويت أح‪R‬اديث الك‪RR‬افي عن‪ ،‬عن ‪ »..‬وم‪ّRR‬ر س‪RR‬ابقا اّنهم يقص‪RR‬دون من «رويت‪R‬ه‬
‫عن» اّنهم سمعوه من الشيخ وورود «عن فالن» بعده يفيد تسلسل س‪RR‬ماع ش‪RR‬يخ عن ش‪RR‬يخ إلى حيث ينه‪RR‬ون التعب‪RR‬ير‬
‫ب‪« -‬عن»‪.‬‬
‫وجاء نظيره في اجازة المجلسي محّم د باقر لالردبيلي حيث ق‪RR‬ال في‪RR‬ه‪ :‬اّم ا بع‪RR‬د فقد ق‪RR‬رأ علّي وس‪RR‬مع م‪RR‬ني الم‪RR‬ولى‬
‫الفاض‪RR‬ل ‪ ...‬ح‪RR‬اجي محّم د االردبيلي ‪ ...‬كث‪RR‬يرا من العل‪RR‬وم الديني‪RR‬ة ‪ ...‬ال س‪ّRR‬يما كتب االخب‪RR‬ار الم‪RR‬أثورة عن االئم‪RR‬ة‬
‫االطه‪RR‬ار صلوات هّللا عليهم أجمعين‪ ،‬ثّم اس‪RR‬تجازني فاس‪RR‬تخرت هّللا س‪RR‬بحانه وأج‪RR‬زت ل‪RR‬ه أن ي‪RR‬روي عّني ‪ ...‬بح‪RR‬ق‬
‫روايتي واجازتي عن مشايخي الكرام ‪ ...‬فمن ذل‪RR‬ك م‪RR‬ا أخ‪RR‬برني ب‪RR‬ه ع‪ّR‬د ة ‪ ...‬مّم ن ق‪RR‬رأت عليهم أو س‪RR‬معت منهم ‪...‬‬
‫منهم وال‪RR‬دي العاّل م‪RR‬ة وش‪RR‬يخه ‪ ...‬موالن‪RR‬ا حس‪RR‬ن علي التس‪RR‬تري و ‪ ...‬وبح‪RR‬ق روايتهم واج‪RR‬ازتهم عن ش‪RR‬يخ االس‪RR‬الم‬
‫والمسلمين بهاء الملة ‪ ...‬محّم د العاملي قّد س هّللا روحه عن والده‪.‬‬
‫وهكذا سلسل المجلسي في هذه االجازة سنده حتى انتهى إلى فخر الدين محّم د‪ ،‬عن والده العاّل م‪R‬ة الحّلي‪ ،‬ثّم سلس‪R‬ل‬
‫السند منه إلى الشيخ المفيد والكليني والصدوق‪.‬‬
‫ثّم بدأ بذكر سند آخر له وقال‪ :‬ومنه‪R‬ا م‪R‬ا أخ‪R‬برني ب‪R‬ه الع‪ّR‬د ة المتقّد م ذك‪R‬رهم بح‪ّR‬ق روايتهم عن ‪ ،...‬ثّم ذك‪R‬ر سلس‪R‬لة‬
‫مشايخه إلى الشهيد محّم د بن مكي‬
‫ص‪308:‬‬
‫(ت‪ 786 :‬ه‪ 454)-‬وسند روايته عنهم‪.‬‬

‫وهكذا ذكر طرقه واسانيده وأكثرها بلفظ أخبرني مّم ا يدل على السماع من الشيخ أو سماع القراءة علي‪RR‬ه‪ ،‬وتسلس‪RR‬ل‬
‫ذلك إلى صاحب الت‪R‬أليف في اجازت‪R‬ه رواي‪R‬ة تأليف‪R‬ه‪ ،‬ثّم ختم االج‪R‬ازة بقول‪R‬ه‪ :‬كتب بيمينه ‪ ...‬محّم د ب‪R‬اقر بن محّم د‬
‫‪455‬‬
‫تقي ‪ ...‬سنة ثمان وتسعين بعد االلف الهجرية‪.‬‬
‫***‬
‫وج‪R‬اءت نظ‪R‬ائر هذه االج‪R‬ازات كث‪R‬يرا في مجل‪R‬دات اج‪R‬ازات البح‪R‬ار مّم ا فيه‪RR‬ا ذك‪RR‬ر ق‪R‬راءات الكتب على الشيوخ‬
‫المجيزين روايتها‪.‬‬

‫مثل اجازة الشيخ حسن علي ابن المولى عبد هّللا لمحمد تقي المجلس‪RR‬ي س‪RR‬نة (‪ 1034‬ه‪ )-‬حيث ج‪RR‬اء فيه‪RR‬ا‪ :‬وق‪RR‬رأ من‬
‫‪456‬‬
‫الحديث‪ ،‬كثيرا من تهذيب االحكام وسمع منه أيضا‪ ،‬ومن من ال يحضره الفقيه أكثره‪ ،‬ومن الكافي كتبا كثيرة‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 454‬ترجمته في المائة الثامنة من طبقات الشيخ آقا بزرك ص ‪.205‬‬


‫‪ .)2 ( 455‬آخر جامع الرواة ‪.552 -549 /2‬‬
‫‪ .)3 ( 456‬البحار ‪.42 -38 /110‬‬
‫وجاء في اجازة محّم د تقي المجلسي (ت‪ 1070 :‬ه‪ )-‬لمرزا إبراهيم «فمنها ما أخبرني ب‪RR‬ه ق‪RR‬راءة وس‪RR‬ماعا واج‪RR‬ازة‬
‫‪457‬‬
‫بهاء الملة ‪ ...‬والدين محّم د العاملي ‪ ...‬عن الشيخ عبد العالي ‪.»...‬‬
‫وفي إجازة محّم د بن الحسن الحّر العاملي (ت‪ 1104 :‬ه‪ )-‬للشيخ محّم د فاض‪R‬ل المشهدي‪ 458.‬وق‪R‬د ق‪R‬رأ عندي م‪R‬ا‬
‫تيّسر قراءته وهو كتاب من ال يحضره الفقيه‪ ،‬من أّوله إلى آخره‪ ،‬وكتاب االستبصار أيضا بتمامه‪ ،‬وكتاب اصول‬
‫الكافي كّله‪ ،‬وأكثر كتاب التهذيب‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬قراءة بحث وتنقيح وتدقيق‪،‬‬
‫ص‪309:‬‬
‫فأحسن وأجاد وأفاد أكثر مّم ا استفاد بحيث ظهر جّد ه واجتهاده وقابليته واستعداده ‪ ...‬وأهليته لنقل الحديث وروايت‪RR‬ه‬
‫‪459‬‬
‫بل نقده ودرايته وقد التمس مني االجازة فبادرت إلى اجابته ‪....‬‬

‫كان هذا نوعا من أنواع االجازة يحّررها الشيخ في رسالة خاّصة‪ ،‬ونوع ثان منه‪RR‬ا يحّررها الشيخ بظه‪RR‬ر الكت‪RR‬اب‬
‫اّلذي قرأه التلميذ عليه‪ ،‬مثل خمس اجازات للمجلسي محّم د باقر منحها تلمي‪RR‬ذه محّم د ش‪RR‬فيع التويس‪RR‬ركاني وج‪RR‬دناها‬
‫بخّطه في أواخر كتب الكافي من نسخة مخطوطة ثبتنا صورها بآخر الكتاب وهي كاالتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬االجازة االولى مدّونة بآخر كتاب العقل والتوحيد وما يقابل ‪ 167 /1‬ط‪ .‬طهران جاء فيها‪:‬‬
‫بسّم هّللا الرحمن الرحيم‬

‫انهاه المولى الفاضل الكامل التقّي الذكّي االلمعي موالنا محّم د ش‪RR‬فيع التويس‪RR‬ركاني وفقه هّللا تع‪RR‬الى لالرتقاء على‬
‫أعلى مدارج الكمال في العلم والعمل س‪RR‬ماعا وتص‪RR‬حيحا وت‪RR‬دقيقا وض‪RR‬بطا في مج‪RR‬الس آخرها خ‪RR‬امس عشر ش‪RR‬هر‬
‫جمادي االولى من شهور سنة ثالث وثمانين بعد االل‪RR‬ف من الهج‪RR‬رة‪ ،‬وأج‪RR‬زت ل‪RR‬ه أن ي‪RR‬روي عّني ك‪ّRR‬ل م‪RR‬ا صّحت‬
‫روايت‪RR‬ه واجازت‪RR‬ه بح ‪ّR‬ق رواي‪RR‬تي عن مشايخي واس‪RR‬الفي‪ ،‬باس‪RR‬انيدي المتك‪RR‬ثرة المتص‪RR‬لة إليهم‪ ،‬رض‪RR‬وان هّللا عليهم‬
‫أجمعين‪ ،‬وكتب بيمناه الجانية الفانية أحقر عباد هّللا محّم د باقر بن محّم د تقي عفي عنهما حامدا مصليا‪.‬‬
‫ب‪ -‬االجازة الثانية منه كذلك‪ ،‬في آخر الجزء الثاني من الكافي المخطوط حسب تج‪RR‬زئتهم‪ ،‬وال‪RR‬ذي يقاب‪RR‬ل ‪367 /1‬‬
‫ط‪.‬‬
‫طهران مؤرّخ ة بتاريخ ستة أشهر بعد االولى قال فيها‪ :‬أنهاه ‪ ...‬في مجالس آخرها بعض أّيام شهر ذي القعدة س‪RR‬نة‬
‫ثالث وثمانين بعد االلف من الهجرة وأجزت له‪ -‬دام تأييده‪ -‬أن‬
‫ص‪310:‬‬
‫يروي ‪...‬‬

‫ج‪ -‬والثالثة في آخر كتاب الحّجة منه وما يقابل ‪ 548 /1‬ط‪ .‬طهران مؤرخة بتاريخ خمسة أشهر بع‪RR‬د الثاني‪R‬ة‪ ،‬ق‪R‬ال‬
‫فيها‪ :‬أنهاه ‪ ...‬في مجالس آخرها أواخر شهر ربيع الثاني‪ ،‬سنة أربع وثمانين وأجزت له‪ -‬زيد فضله‪ -‬أن يروي ‪...‬‬
‫د‪ -‬والرابعة بآخر كتاب االيمان منه وما يقابل ‪ 464 /2‬ط‪ .‬طهران منحت بع‪RR‬د س‪RR‬نتين وعشرة أش‪RR‬هر من صدور‬
‫الثالثة‪ ،‬قال فيها‪ :‬أنهاه ‪ ...‬في مجالس آخرها محّر م الحرام من شهور سنة سبع وثمانين بعد االلف الهجرية ‪...‬‬

‫‪ .)4 ( 457‬البحار ‪.73 -67 /110‬‬


‫‪ .)5 ( 458‬ترجمته في الفوائد الرضوية للشيخ عباس القمي ص ‪.588‬‬
‫‪ .)1 ( 459‬البحار ‪ ،109 -107 /110‬وراجع ص ‪ 127‬و ‪ 157‬وما بعدها وما قبلها‪.‬‬
‫ه‪ --‬والخامسة في آخر كتاب العشرة منه وما يقاب‪R‬ل ‪ 674 /2‬ط‪ .‬طه‪R‬ران منحت بع‪R‬د ثالثة أش‪R‬هر وثالثة أّي ام من‬
‫تاريخ الرابعة‪ ،‬قال فيها‪ :‬انهاه ‪ ...‬في مجالس آخرها ثالث جمادي االولى من شهور سنة س‪RR‬بع وثم‪RR‬انين بع‪RR‬د االل‪RR‬ف‬
‫هجرية‪ ،‬فاجزت له‪ -‬دام تأييده‪ -‬أن يروي ‪...‬‬
‫في االجازات السابقة وجدنا في بعضها تصريحا بتسلسل ق‪RR‬راءة ش‪RR‬يخ على ش‪RR‬يخ ح‪RR‬تى تنتهي القراءة على مؤل‪RR‬ف‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫وفي بعضها تعبيرا عن ذلك حسب مصطلحهم في علم الحديث‪ ،‬وفي بعض‪R‬ها تعيينا لزم‪R‬ان القراءة ومكانه‪R‬ا واّن ه‬
‫انهى الكتاب قراءة أو سماعا‪.‬‬
‫ووجدنا ذلك معموال به منذ عصر أصحاب الكافي والفقيه والتهذيب وبقي معموال به ك‪R‬ذلك ح‪R‬تى عص‪R‬ر المجلس‪R‬ي‬
‫صاحب البحار‪.‬‬
‫ومن كّل ذلك ثبت عندنا تداول الكتب االربعة في أيدي الطلبة بال انقطاع منذ تأليفها حّتى اليوم‪.‬‬
‫وقلنا حّتى اليوم الننا نعلم استمرار رجوع فقهاء مدرسة أهل البيت في استنباط االحكام الشرعية اليها عبر القرون‬
‫وإلى يومنا الحاضر‪.‬‬
‫فإذا أراد أحد فقهاء هذه المدرسة أن يصدر رسالة فقهّية رجع إلى الكافي‬
‫ص‪311:‬‬
‫والتهذيب واالستبصار والوسائل واستند إلى أحاديثها في ما يصدر من فتوى‪.‬‬

‫وقد مّر بنا كيف أخذ ُأولئك المشايخ الحديث من االصول والمدّو نات الحديثية الصغيرة وألفوا منها كتبهم‪.‬‬
‫واّن أصحاب تلك االصول والمدّو نات كانوا قد أخذوا أحاديثها من أئمة أهل البيت‪.‬‬
‫واّن أئمة أهل البيت حّد ثوا عن الجامعة التي أمالها رسول هّللا وكتبها علي بخّطه‪.‬‬
‫***‬
‫هكذا أصبحت الموسوعات الحديثية االربع منذ تأليفها وإلى عصرنا الحاضر محور البحوث الفقهية بمدرس‪RR‬ة أهل‬
‫البيت‪ ،‬يرجع إليها فقهاؤهم الستكشاف سّنة الرسول في االحكام ومنها يستنبطون أحكام االسالم بعد القرآن‪.‬‬

‫وق‪RR‬د م‪ّRR‬ر بنا ان الموس‪RR‬وعات الحديثي‪RR‬ة االرب‪RR‬ع أخ‪RR‬ذت الح‪RR‬ديث من االصول والم‪RR‬دّونات الحديثي‪RR‬ة الص‪RR‬غيرة‪ ،‬واّن‬
‫االصول والمدّونات الحديثية الصغيرة كانت قد أخذت الحديث من أئمة أهل البيت‪.‬‬
‫واّن أئمة أهل البيت كانوا يتبرأون من القول بالرأي واّنما كانوا يعتمدون جامعة االمام علي في بيان االحكام‪.‬‬
‫واّن جامعة االمام علي كان قد اماله رسول هّللا على االمام وكتبه االمام علي بخّطه‪.‬‬
‫وفي مقابل هذا وجدنا مدرسة الخلفاء تعتمد االجتهاد‪ ،‬واّن الخلفاء كانوا يت‪R‬أَّو لون في مقاب‪R‬ل النص‪R‬وص ال‪R‬واردة في‬
‫الشرع االسالمي‪ ،‬ويعتمدون الرأي في بيان أحكام االسالم‪.‬‬
‫ويوضح الجدول االتي اّتجاه مدرسة أهل البيت في أخذ سّنة الرسول‪:‬‬
‫ص‪312:‬‬
‫مدرسة أهل البيت‬
‫نمايش تصوير‬
‫ص‪313:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تقويم كتب الحديث بمدرسة أهل البيت (ع)‬
‫ص‪315:‬‬

‫أخطاء في نسخ كتب الحديث‬


‫ومع تسلسل االسناد في جوامع الحديث مدرسة أهل البيت إلى رسول هّللا (ص) كما شاهدنا فاّن فقهاء مدرس‪RR‬تهم لم‬
‫يسّم وا أّي جامع من جوامع الحديث لديهم بالصحيح‪ -‬كما فعلته مدرسة الخلفاء وسّم ت بعض جوامع الحديث ل‪RR‬ديهم‬
‫بالص‪RR‬حاح‪ ،-‬ولم يحج‪RR‬روا ب‪RR‬ذلك على العقول‪ ،‬ولم يوصدوا ب‪RR‬اب البحث العلمي في عص‪RR‬ر من العص‪RR‬ور‪ ،‬واّنم‪RR‬ا‬
‫يعرضون كّل حديث في جوامعهم على قواعد دراية الحديث‪ ،‬ويخضعون لنتائج تلك الدرسات‪ ،‬ذل‪R‬ك الّنهم يعلم‪R‬ون‬
‫اّن رواة تلك االحاديث غير معصومين عن الخطأ والنسيان اللذين يعرضان لكّل بشر لم يعصمه هّللا ‪َ ،‬و فعال قد وقع‬
‫الخطأ في أشهر كتب الحديث بمدرسة أهل البيت وهو كتاب الكافي مثل ما جاء في االحاديث الخمس‪RR‬ة المرقم‪RR‬ة‪7 :‬‬
‫و ‪ 9‬و ‪ 14‬و ‪ 17‬و ‪ 18‬من كتاب الحّجة بالكافي في باب ما جاء في االثني عشر والنص عليهم كما نشرحه في م‪RR‬ا‬
‫يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الحديثان السابع والرابع عشر‪:‬‬
‫في كال الح‪R‬ديثين في اصول الك‪R‬افي‪ :‬بس‪R‬نده عن ابن س‪R‬ماعة‪ ،‬عن علّي بن الحس‪R‬ين بن رب‪R‬اط‪ ،‬عن ابن اذينة‪ ،‬عن‬
‫زرارة‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبا جعف‪R‬ر (ع) يقول‪ :‬االثنا عشر االم‪R‬ام من آل محّم د (ع) كّلهم مح‪R‬دث من ول‪R‬د رس‪R‬ول هّللا‬
‫(ص)‪ 460،‬ومن ولد علي؛ فرسول هّللا وعلّي هما الوالدان‪.‬‬
‫ص‪316:‬‬
‫وفي لفظ الحديث السابع بعده «فقال علي بن راشد ‪ »...‬الحديث‪.‬‬

‫ومغزى هذين الحديثين‪ :‬أن يكون عدد االئمة من أهل البيت ثالثة عشر‪ :‬االمام علي مع اثني عشر اماما من ولده‪.‬‬
‫بينما نقل هذه الرواية عن الكافي المفيد في االرشاد‪ ،‬والطبرسي في إعالم ال‪RR‬ورى ولفظهم‪RR‬ا كم‪RR‬ا يلي‪ :‬االثنا عشر‬
‫االئمة من آل محّم د كّلهم محّد ث‪ :‬علّي بن أبي طالب‪ ،‬وأحد عشر من ولده‪ ،‬ورسول هّللا وعلّي هما الوالدان (ع)‪.‬‬
‫وأخرج الرواية عن الكليني أيضا الصدوق في كتابه‪ :‬عيون أخبار الرض‪RR‬ا والخص‪RR‬ال ولفظ‪RR‬ه كم‪RR‬ا يلي‪ :‬اثنا عشر‬
‫‪461‬‬
‫اماما من آل محّم د كّلهم محّد ثون بعد رسول هّللا ‪ ،‬وعلّي بن أبي طالب منهم‪.‬‬
‫نتيجة البحث والمقارنة‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 460‬وجهه المجلسي في مرآة العقول ‪ 223 /6‬وقال‪ :‬أي أكثرهم من ولد رسول هّللا ‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 461‬الحديث السابع في الكافي ‪ 531 /1‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن عبد هّللا بن محمد الخشاب‪ ،‬عن ابن سماعة ‪ ...‬والحديث الرابع عشر ‪533 /1‬‬
‫ولفظ سنده‪ :‬أب‪R‬و علي االش‪R‬عري‪ ،‬عن الحس‪R‬ن ابن عبي‪R‬د هّللا ‪ ،‬عن الحس‪R‬ن بن موس‪R‬ى الخشاب‪ ،‬عن علي بن س‪R‬ماعة ‪ ...‬وفي االرش‪R‬اد ص ‪ 328‬بس‪R‬ند‬
‫الحديث الرابع عشر‪ ،‬وفي إعالم الورى ص ‪ ،369‬وفي عيون أخبار الرضا ‪ ،56 /1‬والخصال ص ‪ 480‬كالهم‪RR‬ا عن الكلي‪RR‬ني بس‪RR‬ند حديث‪RR‬ه الراب‪RR‬ع‬
‫عشر‪.‬‬
‫يظهر من استعراضنا الحديث عن الكافي ومن أخذ منه‪ ،‬أي الشيخ الص‪RR‬دوق والمفي‪RR‬د والطبرس‪RR‬ي‪ ،‬اّن الّنس‪RR‬اخ ق‪RR‬د‬
‫أخطأوا في كتابة الحديث في الكافي بعد عصر الشيخ المفيد‪ ،‬ولم نقل بع‪RR‬د عص‪RR‬ر الطبرس‪RR‬ي‪ ،‬الّن الطبرس‪RR‬ي يأخ‪RR‬ذ‬
‫اخباره في اعالم الورى من كتاب االرشاد للمفيد‪ ،‬وينسج فيه على منواله‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحديث التاسع‪:‬‬
‫بس‪RR‬نده عن محّم د بن الحس‪RR‬ين‪ ،‬عن ابن محب‪RR‬وب‪ ،‬عن أبي الج‪RR‬ارود‪ ،‬عن أبي جعف‪RR‬ر (ع)‪ ،‬عن ج‪RR‬ابر بن عب‪RR‬د هّللا‬
‫االنصاري‪ ،‬قال‪ :‬دخلت على فاطمة (ع)‬
‫ص‪317:‬‬
‫وبين يديها لوح فيه أسماء االوصياء من ولدها‪ ،‬فعددت اثني عشر آخرهم القائم (ع) ثالثة منهم محّم د وثالثة منهم‬
‫علي‪.‬‬

‫ونقل الحديث عن الكافي بهذا اللفظ المفيد في االرشاد وتبعه الطبرسي في اعالم الورى‪.‬‬
‫ومغزى الحديث بهذا اللفظ في الكتب الثالثة أن يكون عدد االئمة أوصياء النبي ثالثة عشر‪ :‬االم‪RR‬ام علي م‪RR‬ع اثني‬
‫عشر من بنيه من ولد فاطمة‪.‬‬
‫بينا ن‪R‬رى الص‪R‬دوق ال‪R‬ذي ي‪R‬روي نفس الح‪R‬ديث باس‪RR‬ناده‪ ،‬وال ينقل‪R‬ه عن الك‪RR‬افي‪ ،‬يخرج‪R‬ه في عي‪R‬ون أخب‪R‬ار الرض‪RR‬ا‬
‫بسندين‪ ،‬وفي اكمال الدين بسند واحد‪ ،‬عن محّم د بن الحسين‪ ،‬ثّم يجتمع سنده م‪RR‬ع س‪RR‬ند الك‪RR‬افي إلى ج‪RR‬ابر ثّم ي‪RR‬روي‬
‫عنه اّنه قال‪ :‬دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماع االوصياء‪ ،‬فعددت اثني عشر‪ ،‬آخرهم القائم‪ ،‬ثالثة‬
‫‪462‬‬
‫منهم محّم د وأربعة علّي ‪.‬‬
‫نتيجة البحث والمقارنة‪:‬‬
‫ظهر اّن في نسخة الكافي جاء «من ولدها» وهي زائدة‪ ،‬وجاء «ثالثة منهم‬
‫ص‪318:‬‬
‫علُّي » محّرفة‪ ،‬واّن الشيخ المفيد نقل عنه في االرشاد ك‪RR‬ذلك‪ ،‬واّن الص‪RR‬واب م‪RR‬ا ج‪RR‬اء في لف‪RR‬ظ الرواي‪RR‬ة عند الشيخ‬
‫الصدوق في العيون والخصال «أربعة منهم علي» وبدون زيادة «من ولدها»‬

‫ثالثا ورابعا‪ :‬الحديثان ‪ 17‬و ‪ 18‬من كتاب الحّجة‪:‬‬


‫وقد رواهما الكليني عن أبي سعيد العصفري‪( :‬ت‪ 150 :‬ه‪ )-‬وبحثنا عن أبي سعيد العصفري فوج‪RR‬دنا الشيخ يقول‬
‫عنه في الفهرست‪:‬‬
‫عباد أبو سعيد العصفري‪ ،‬له كتاب أخبرنا به جماعة عن التلعكبري عن ابن هّم ام‪ ،‬عن محّم د بن خاق‪RR‬ان النه‪RR‬دي‪،‬‬
‫عن محّم د بن علي أبي سمينة‪ ،‬عن أبي سعيد العصفري‪ ،‬واسمه عّباد‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 462‬أ‪ -‬الكافي ‪ 532 /1‬وهذا لفظ السند عنده‪ :‬محمد بن يحيى‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪.‬‬
‫ب‪ -‬االرشاد للمفيد ص ‪ 328‬ولفظ سنده أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد‪ ،‬عن محمد ابن يعقوب‪ ... ،‬وفي لفظ أسماء االوصياء واالئمة‪.‬‬
‫ج‪ -‬إعالم الورى ص ‪ ،366‬ولفظ رواه محمد بن يعقوب الكليني ‪ ...‬وآخره« وأربعة منهم علي»‪.‬‬
‫د‪ -‬عيون أخبار الرضا للصدوق ‪ 46 /1‬و ‪ ،47‬ولفظ سنده حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار( رض)؛ قال‪ :‬حدثنا أبي‪ ،‬عن محمد بن الحسين ‪...‬‬
‫ولفظ سند الحديث الثاني‪ :‬حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس( رض)‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبي‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيس‪R‬ى وإب‪R‬راهيم بن هاش‪R‬م جميع‪R‬ا‪ ،‬عن‬
‫الحسن بن محبوب ‪ ،...‬وبهذا السند في اكم‪RR‬ال ال‪RR‬دين ‪ .213 /1‬وفي م‪RR‬رآة العقول ‪ 228 /6‬من ول‪RR‬دها أي االح‪RR‬د عشر أو على المج‪RR‬از وأش‪RR‬ار إلى‬
‫التصحيف في« ثالثة منهم علي»‪.‬‬
‫وقال النجاشي‪ :‬كوفي‪ ،‬أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محّم د بن عمران‪ ،‬ق‪RR‬ال‪ :‬ح‪ّR‬د ثنا محّم د بن هّم ام ق‪RR‬ال‪ :‬ح‪ّR‬د ثنا أب‪RR‬و‬
‫‪463‬‬
‫جعفر محّم د بن أحمد بن خاقان النهدي‪ ،‬قال‪ :‬حّد ثنا أبو سمينة بكتاب عّباد‪.‬‬
‫وبحثنا عن كتابه فوجدنا صاحب الذريعة‪ 464‬يقول‪:‬‬
‫أصل عباد العصفري أبي سعيد الكوفي هو من االصول الموجودة‪ ،‬ووجدناه يقول عن هذا االصل وأصل عاصم‪:‬‬
‫استنسخ من نسخة الوزير منصور بن الحسن االبي‪ ،‬وهو كتبها عن أصل محّم د بن الحس‪RR‬ن القمي ال‪RR‬ذي رواه عن‬
‫أبي محّم د هارون بن موسى التلعكبري سنة ‪ 374‬ه‪.-‬‬
‫ووجدنا الشيخ النوري يبحث في مستدركه عن أصل أبي سعيد بتفصيل واف‪ ،‬ويقول‪ :‬في‪RR‬ه تس‪RR‬عة عشر ح‪RR‬ديثا‪ ،‬ثّم‬
‫يصف أحاديثه‪ ،‬وينقل تراجم أبي‬
‫ص‪319:‬‬
‫‪465‬‬
‫سعيد عن مختلف كتب الرجال‪.‬‬

‫ووجدنا نس‪R‬خة خطي‪R‬ة من اصل العص‪R‬فري بنفس االوصاف ال‪R‬تي ج‪R‬اءت عنه في المس‪R‬تدرك والذريع‪R‬ة بالمكتب‪R‬ة‬
‫‪466‬‬
‫المركزية لجامعة طهران ضمن مجموعة باسم االصول االربعمائة‪.‬‬
‫فقارّنا بين الحديثين في أصل العصفري هذا‪ ،‬ونسخة الكافي الموجودة لدينا‪ ،‬فوجدنا ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحديث السابع عشر‪:‬‬
‫‪ -17‬محّم د بن يحيى‪ ،‬عن محّم د بن أحمد‪ ،‬عن محّم د بن الحسين‪ ،‬عن أبي سعيد العصفري ‪ 467‬عن عمرو بن ثابت‪،‬‬
‫عن أبي الجارود‪ ،‬عن أبي جعفر (ع) قال‪ :‬قال رسول هّللا (ص)‪« :‬اني واثني عشر من ولدي‪ 468‬وأنت ي‪RR‬ا علي زّر‬
‫االرض‪ -‬يعني أوتادها وجباله‪R‬ا‪ -‬بنا أوت‪R‬د هّللا االرض أن تس‪R‬يخ بأهله‪R‬ا‪ ،‬فإذا ذهب االثنا عشر من ول‪R‬دي س‪R‬اخت‬
‫‪469‬‬
‫االرض بأهلها‪ ،‬ولم ينظروا»‪.‬‬
‫وفي أصل العصفري‪ :‬عّباد‪ ،‬عن عم‪R‬رو‪ ،‬عن أبي الج‪R‬ارود‪ ،‬عن أبي جعف‪R‬ر (ع) ق‪R‬ال‪ :‬ق‪R‬ال رس‪R‬ول هّللا (ص)‪ :‬اني‬
‫وأحد عشر من ولدي وأنت يا علي زّر االرض‪ -‬يعني أوتادهه [و]‪ 470‬جبالها‪[ -‬بنا أوتد هّللا ]‪ 471‬االرض أن تسيخ‬
‫ص‪320:‬‬
‫‪472‬‬
‫بأهلها‪ ،‬فإذا ذهب االحد عشر من ولدي ساخت االرض بأهلها ولم ينظروا‪.‬‬

‫نتيجة المقارنة‪:‬‬
‫و «اثني عشر من ول‪RR‬دي» و «االثنا عشر من ول‪RR‬دي» في نس‪RR‬خة الك‪RR‬افي تحري‪RR‬ف والص‪RR‬واب م‪RR‬ا ج‪RR‬اء في أصل‬
‫العصفري‪« :‬وأحد عشر من ولدي» و «االحد عشر من ولدي» والذي يروي الكليني الحديث عنه‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 463‬مجمع الرجال ‪.242 /3‬‬


‫‪ .)2 ( 464‬الذريعة ‪ 163 /2‬في بحثه عن االصول‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 465‬مستدرك الوسائل ‪ 300 -299 /3‬في الفائدة الثانية في شرح حال الكتب‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 466‬نسخة« كتابخانه اهدائي مشكاة بكتابخانه مركزي دانشكاه تهران» ضمن المجموعة المسّم اة‪ :‬االصول االربعمائة والمرّقمة ‪ 962‬الرسالة‬
‫الثانية‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 467‬في نسخة الكافي لدينا« العصفوري» تحريف‪.‬‬
‫‪ .)4 ( 468‬وفي مرآة العقول ‪ :232 /6‬روى الشيخ في كتاب الغيبة بسند آخر« إني واحد عشر من ولدي» وهو أظهر‪.‬‬
‫‪ .)5 ( 469‬الكافي ‪.534 /1‬‬
‫‪ .)6 ( 470‬في نسخة االصول سقط[ و]‪.‬‬
‫‪ .)7 ( 471‬في نسخة االصل[ وقال وتد] تحريف‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 472‬أصل العصفري‪ ،‬الحديث ‪.6‬‬
‫ب‪ -‬الحديث الثامن عشر‪:‬‬
‫جاء في الكافي‪ -18 :‬وبهذا االسناد‪ ،‬عن أبي سعيد رفعه‪ ،‬عن أبي جعفر‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هّللا (ص)‪ :‬من ولدي اثنا‬
‫‪473‬‬
‫عشر نقيبا‪ ،‬نجباء محّد ثون‪ ،‬مفهمون‪ ،‬آخرهم القائم بالحق يمالها عدال كما ملئت جورا‪.‬‬
‫وفي أصل العصفري‪ :‬عّباد‪ ،‬رفعه إلى أبي جعفر‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هّللا (ص)‪ :‬من ولدي أح‪RR‬د عشر نقب‪RR‬اء‪ ،‬نجب‪RR‬اء‪،‬‬
‫‪474‬‬
‫محدثون‪ ،‬مفهمون‪ ،‬آخرهم القائم بالحق‪ ،‬يمالها عدال كما ملئت جورا‪.‬‬
‫نتيجة المقارنة‪:‬‬
‫ما جاء في نسخة الكافي (اثنا عشر) تحريف وما جاء في أصل العصفري (أحد عشر) هو الصواب‪.‬‬
‫وال يحتاج هذا البيان إلى استدالل عليه الّن الكليني اّنما روى في الكافي عن أصل العصفري‪ ،‬ونرى اّن الخطأ من‬
‫قلم النّساخ‪.‬‬
‫ص‪321:‬‬
‫ولفظ سندي الحديثين من التلعكبري راوي هذا االصل عن عباد العصفري فه‪R‬و ال‪R‬ذي يقول في صدري الح‪R‬ديثين‬
‫(عّباد) وهو الذي يقول‪ :‬في سند الحديث الثاني (عّباد‪ ،‬رفعه) كما جاء في االصل‪ ،‬وفي نسخة الكافي‪.‬‬

‫ص‪322:‬‬

‫أئمة أهل البيت يعّينون مقاييس لمعرفة الحديث‬


‫هكذا يقع الخطأ في رواية الحديث وغ‪RR‬يره‪ ،‬ولم يعص‪R‬م هّللا أي كت‪R‬اب من الباط‪R‬ل ع‪RR‬دا كتاب‪R‬ه العزي‪R‬ز ال‪R‬ذي ال يأتي‪R‬ه‬
‫‪475‬‬
‫الباطل من بين يديه وال من خلفه‪.‬‬
‫أضف إليه اّنه قد ُك ِذَب على رس‪RR‬ول هّللا وك‪RR‬ذلك ُك ِذَب على االئم‪RR‬ة من أهل بيت‪RR‬ه‪ ،‬وانتشر الح‪RR‬ديث المك‪RR‬ذوب على‬
‫رسول هّللا واالئمة من أهل بيته في كتب الحديث واختلط الحّق بالباطل والصحيح بالزائف‪ ،‬فعالج أئمة أهل ال‪RR‬بيت‬
‫هذا وذاك بأمرين‪:‬‬
‫‪476‬‬
‫أوال‪ -‬التشهير بالكذابين مّم ن يروون الحديث وطردهم ولعنهم أمثال أبي الخّط اب محّم د بن أبي زينب الك‪RR‬وفي‪،‬‬
‫والمغيرة بن سعيد‪ 477،‬وبنان بن بيان‪ 478،‬وغيرهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬وضع قواعد وموازين خاّصة لمعرفة سليم الحديث من سقيمه‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما رواه االمام أبو عبد هّللا الصادق (ع) عن جّد ه الرسول (ص)‪ ،‬قال‪ :‬خطب النبّي بمنى فقال «أّيه‪RR‬ا الناس! م‪RR‬ا‬
‫جاءكم عّني يوافق كتاب هّللا فانا‬
‫ص‪323:‬‬
‫‪479‬‬
‫ُقْلُته‪ ،‬وما جاءكم يخالف كتاب هّللا فلم اقله»‪.‬‬

‫‪ .)2 ( 473‬الكافي ‪.534 /1‬‬


‫‪ .)3 ( 474‬أصل العصفري‪ ،‬الحديث ‪.4‬‬
‫‪ .)1 ( 475‬سورة فصلت‪.42 /‬‬
‫‪ .)2 ( 476‬مجمع الرجال ‪.115 -106 /5‬‬
‫‪ .)3 ( 477‬مجمع الرجال ‪.121 -117 /6‬‬
‫‪ .)4 ( 478‬مجمع الرجال ‪.117 /6‬‬
‫‪ .)1 ( 479‬وسائل الشيعة ‪ ،79 /18‬ح ‪ 15‬من الباب ‪ 9‬من أبواب صفات القاضي‪ ،‬عن المحاسن‪.‬‬
‫ب‪ -‬ما جاء في كتاب االمام علي لمالك االشتر‪( ... :‬فان تنازعتم في شيء فرّد وه إلى هّللا والرسول) فالّراد إلى هّللا‬
‫‪480‬‬
‫االخذ بمحكم كتابه والّراد إلى الرسول االخذ بسّنته الجامعة غير المفّرقة‪.‬‬
‫ج‪ -‬ما قاله االمام الباقر (ع)‪ :‬إذا جاءكم عّنا حديث فوجدتم عليه ش‪RR‬اهدا‪ ،‬أو ش‪RR‬اهدين من كت‪R‬اب هّللا فخ‪R‬ذوا ب‪R‬ه‪ ،‬وإاّل‬
‫‪481‬‬
‫فقفوا عنده‪ ،‬ثّم رّد وه إلينا حّتى يستبين لكم‪.‬‬
‫د‪ -‬ما جاء عن االمام الصادق (ع)‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب هّللا ‪ ،‬فما وافق كت‪RR‬اب هّللا فخ‪RR‬ذوه‪ ،‬وم‪RR‬ا خ‪RR‬الف كت‪RR‬اب هّللا‬
‫‪482‬‬
‫فرّد وه ‪...‬‬
‫‪483‬‬
‫‪ -2‬كّل شيء مردود إلى الكتاب والسّنة‪ ،‬وكّل حديث ال يوافق كتاب هّللا فهو زخرف‪.‬‬
‫‪484‬‬
‫‪ -3‬أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كالمنا‪ ،‬اّن الكلمة لتنصرف على وجوه‪.‬‬
‫جاء أمثال هذا أحاديث كثيرة عن أئمة أهل البيت‪ ،‬وجاءت عنهم أيضا أحاديث يشيرون فيها إلى‪ :‬االخذ بما يخ‪R‬الف‬
‫رأي مدرسة الخلفاء‪.‬‬
‫ص‪324:‬‬
‫جاء عن االمام الصادق (ع) في تعليل ذلك أّنه قال‪ :‬أتدري لم أمرتم باالخذ بخالف ما تقول العاّم ة؟ فقلت‪ :‬ال أدري‬
‫فقال‪ :‬إّن علّيا (ع) لم يكن يدين هّللا بدين إاّل خالف عليه االّم ة إلى غ‪R‬يره إرادة البط‪R‬ال أم‪R‬ره وك‪R‬انوا يس‪R‬ألون أم‪R‬ير‬
‫‪485‬‬
‫المؤمنين (ع) عن الشيء اّلذي ال يعلمونه فإذا أفتاهم جعلوا له ضّد ا من عندهم ليلبسوا على الّناس‪.‬‬

‫ومن بحث سيرة معاوية وجد فيها االدلة الكافية على م‪RR‬ا قال‪RR‬ه االم‪RR‬ام وباالض‪RR‬افة إلى ذل‪RR‬ك‪ ،‬فاّن في م‪RR‬ا مض‪RR‬ى من‬
‫بحوث موارد االجتهاد بمدرسة الخلف‪R‬اء من هذا الكت‪R‬اب أدّل ة وافرة على اعتم‪R‬اد مدرس‪R‬ة الخلف‪R‬اء في بي‪R‬ان أحك‪R‬ام‬
‫االسالم على الرأي واالجتهاد في مقابل سّنة الرسول‪.‬‬
‫وم‪RR‬ر علينا‪ -‬أيض‪RR‬ا‪ -‬في أول الج‪RR‬زء الث‪RR‬اني تحت عنوان «كي‪RR‬ف وج‪RR‬د الح‪RR‬ديثان المتناقض‪RR‬ان» وفي آخ‪RR‬ر ب‪RR‬اب‬
‫«المجتهدون فيالقرن االّو ل وموارد اجتهادهم» كيف كانوا يضعون االحاديث تأييدا لمواقف الخلف‪RR‬اء‪ ،‬وك‪RR‬ذلك نج‪RR‬د‬
‫مزيد ايضاح لذلك في ما جاء بآخر الجزء االول‪ ،‬في بحث اتجاه السلطة زهاء ثالثة عشر قرن‪RR‬ا‪ .‬وعلى م‪RR‬ا ذكرن‪RR‬ا‬
‫‪486‬‬
‫في هذه البحوث من الصحيح أن نترك من الحديثين المتعارضين ما وافق اتجاه مدرسة الخلفاء‪.‬‬
‫ولّم ا كان أتباع مدرسة الخلفاء كثيرا ما يسألون أئمة أهل ال‪RR‬بيت عن تل‪RR‬ك المس‪RR‬ائل في مج‪RR‬الس عاّم ة حيث لم يكن‬
‫بمقدور االئمة حينذاك ان ي‪RR‬بّينوا حكم هّللا وس‪ّR‬نة الرس‪RR‬ول في م‪RR‬ورد الس‪RR‬ؤال واّل ذي ك‪RR‬ان مخالف‪RR‬ا الجته‪RR‬اد مدرس‪RR‬ة‬
‫الخلفاء‪ ،‬صونا لدمائهم ودماء شيعتهم‪ ،‬وكانوا مكرهين أحيانا على االجابة بما يوافق رأي مدرسة الخلفاء‪ ،‬حّتى إذا‬
‫ُأتيحت لهم فرصة االجابة دونما تقّية‪ ،‬بّينوا حكم هّللا‬
‫ص‪325:‬‬

‫‪ .)2 ( 480‬نهج البالغة في كتاب االمام لمالك االشتر‪ ،‬والوسائل ‪ ،86 /18‬ح ‪ ،38‬غير المفرقة‪ :‬أي السَّنة التي اجتمعت عليها االمة‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 481‬الكافي ‪ ،222 /2‬ج ‪ ،4‬ووسائل الشيعة ‪ ،80 /18‬ح ‪.18‬‬
‫‪ .)4 ( 482‬وسائل الشيعة ‪ ،84 /18‬ح ‪.29‬‬
‫‪ .)5 ( 483‬وسائل الشيعة ‪ ،79 /18‬ح ‪ ،14‬والزخرف‪ :‬الباطل الممّؤ ه‪.‬‬
‫‪ .)6 ( 484‬معاني االخبار ص ‪ ،1‬ح ‪ ،1‬ووسائل الشيعة ‪.84 /18‬‬
‫‪ .)1 ( 485‬علل الشرايع ‪ ،218 /2‬ح ‪ ،1‬ووسائل الشيعة ‪.84 ،83 /18‬‬
‫‪ .)2 ( 486‬ال يفهم هذا البحث حق الفهم ما لم تراجع البحوث الثالثة المذكورة في المتن‪.‬‬
‫وسّنة الرسول في المسألة‪ ،‬فمن ثّم جاء بعض االحاديث عنهم في مسألة واحدة مختلف‪RR‬ة في بي‪R‬ان الحكم كم‪RR‬ا صّرح‬
‫به االمام الصادق (ع) وقال‪ :‬ما سمعته مّني يشبه قول الناس فيه التقية‪ ،‬وما س‪RR‬معت م‪RR‬ني ال يشبه ق‪RR‬ول الناس فال‬
‫‪487‬‬
‫تقّية فيه‪.‬‬

‫وقال‪ :‬إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب هّللا ‪ ،‬فما وافق كتاب هّللا فخذوه‪ ،‬وما خالف كت‪RR‬اب هّللا‬
‫فرّد وه‪ ،‬فان لم تج‪R‬دوهما في كت‪R‬اب هّللا فاعرض‪RR‬وهما على أخب‪R‬ار العاّم ة‪ ،‬فم‪RR‬ا وافق أخب‪R‬ارهم فذروه‪ ،‬وم‪RR‬ا خ‪R‬الف‬
‫‪488‬‬
‫أخبارهم فخذوه‪.‬‬
‫هكذا ذكر االئمة هذه القاعدة مع بيان علتها وأحيانا غير معّللة‪ ،‬وجاء عنهم أيض‪R‬ا قواع‪R‬د أخ‪R‬رى لمعرفة الح‪R‬ديث‪،‬‬
‫مثل حديث االمام الرضا (ع)‪.‬‬
‫وقد سئل يوما وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا يتنازعون في الح‪RR‬ديثين المختلفين عن رس‪RR‬ول هّللا (ص)‬
‫في الشيء الواحد فقال (ع)‪ :‬إّن هّللا حّرم حراما وأحّل حالال وفرض فرائض‪ ،‬فما جاء في تحليل ما حّرم هّللا أو في‬
‫تحريم ما أحّل هّللا أو دفع فريضة في كتاب هّللا رسمها بيِّن قائم بال ناسخ نسخ ذلك فذلك م‪RR‬ا ال يس‪RR‬ع االخ‪RR‬ذ ب‪RR‬ه‪ ،‬الَّن‬
‫رسول هّللا (ص) لم يكن ليحّرم ما أحّل هّللا وال ليحّلل ما حّرم هّللا وال ليغّير فرائض هّللا وأحكامه‪ ،‬كان في ذل‪R‬ك كّل ه‬
‫مّتبعا مسّلما مؤِّديا عن هّللا ‪ ،‬وذلك قول هّللا (ان أتبع إاّل ما يوحى إلَّي ) فكان (ع) مّتبعا هّلل مؤِّديا عن هّللا م‪RR‬ا أم‪RR‬ره ب‪RR‬ه‬
‫من تبليغ الرسالة‪ ،‬قلت‪ :‬فانه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول هّللا (ص) ّم ما ليس في الكتاب وهو في الس‪ّR‬نة‬
‫ثَّم يرد خالفه فقال‪ :‬كذلك قد نهى رسول هّللا (ص) عن أشياء نهي حرام‬
‫ص‪326:‬‬
‫فوافق في ذلك نهيه نهي هّللا ‪ ،‬وأمر بأشياء فصار ذلك االمر واجبا الزما كعدل فرائض هّللا فوافق في ذلك أمره أمر‬
‫هّللا ‪ ،‬فما جاء في النهي عن رسول هّللا (ص) نهي حرام ثَّم جاء خالفه لم يسع استعمال ذل‪R‬ك‪ ،‬وك‪R‬ذلك فيم‪R‬ا أم‪R‬ر ب‪R‬ه‪،‬‬
‫الّنا ال نرّخ ص فيما لم يرّخ ص فيه رسول هّللا (ص)‪ ،‬وال نأمر بخالف ما أمر به رس‪RR‬ول هّللا (ص) إاّل لعّل ة خ‪RR‬وف‬
‫ضرورة‪ ،‬فأّم ا أن نستحَّل ما حَّرم رسول هّللا (ص) أو نحِّرم ما استحّل رس‪RR‬ول هّللا (ص) فال يك‪RR‬ون ذل‪RR‬ك أب‪RR‬دا‪ ،‬الّن ا‬
‫تابعون لرسول هّللا (ص) مسّلمون له كما كان رسول هّللا (ص) تابعا المر رّبه مسّلما ل‪R‬ه‪ ،‬وق‪R‬ال هّللا ع‪ّR‬ز وج‪ّR‬ل‪ :‬م‪R‬ا‬
‫آتاكم الّرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وإّن هّللا نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة وكراهة‪ ،‬وأمر بأشياء‬
‫ليس بأمر فرض وال واجب بل أمر فضل ورجحان في الِّدين‪ ،‬ثّم رّخ ص في ذلك للمعلول وغير المعلول‪ ،‬فما ك‪RR‬ان‬
‫عن رسول هّللا (ص) نهي إعافة أو أمر فضل فذلك اّلذي يسع استعمال الّرخصة فيه‪ ،‬اذا ورد عليكم عّنا الخبر في‪RR‬ه‬
‫باّتفاق يرويه من يرويه في الّنهي وال ينكره وكان الخ‪R‬بران صحيحين مع‪R‬روفين بأّتف‪R‬اق الّناقل‪R‬ة فيهم‪R‬ا يجب االخ‪R‬ذ‬
‫بأحدهما أو بهما جميعا أو بأّيهما شئت وأحببت‪ ،‬موّسع ذلك لك من باب الّتسليم لرسول هّللا (ص) والرّد إليه وإلينا‪،‬‬
‫وكان تارك ذلك من باب العناد واالنكار وترك الّتس‪RR‬ليم لرس‪RR‬ول هّللا (ص) مشركا باهّلل العظيم‪ ،‬فم‪RR‬ا ورد عليكم من‬
‫خبرين مختلفين فاعرض‪RR‬وهما على كت‪RR‬اب هّللا ‪ ،‬فم‪RR‬ا ك‪RR‬ان في كت‪RR‬اب هّللا موج‪RR‬ودا حالال أو حرام‪RR‬ا فاّتبعوا م‪RR‬ا وافق‬
‫الكتاب‪ ،‬وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول هّللا (ص) فما ك‪RR‬ان في الس‪ّR‬نة موج‪RR‬ودا منهّي ا عنه نهي‬
‫حرام ومأمورا به عن رسول هّللا (ص) أمر إلزام فاّتبعوا ما وافق نهي رسول هّللا (ص) وأمره‪ ،‬وما كان في الس ‪ّR‬نة‬
‫نهي إعافة أو كراهة ثّم كان الخبر االخير خالفه فذلك رخص‪R‬ة فيم‪R‬ا عافه رس‪R‬ول هّللا (ص) وكرهه ولم يحّرم‪R‬ه‪،‬‬
‫فذلك اّلذي يسع االخذ بهما جميعا وبأّيهما شئت وسعك االختيار من باب الّتسليم واالّتباع والرّد إلى رسول‬

‫‪ .)1 ( 487‬وسائل الشيعة ‪.88 /18‬‬


‫‪ .)2 ( 488‬وسائل الشيعة ‪ ،84 /18‬ح ‪.29‬‬
‫ص‪327:‬‬
‫هّللا (ص)‪ ،‬وما لم تجدوه في شيء من هذه الوج‪RR‬وه فّردوا الينا علم‪RR‬ه فنحن أولى ب‪RR‬ذلك‪ ،‬وال تقول‪RR‬وا في‪RR‬ه ب‪RR‬آرائكم‪،‬‬
‫‪489‬‬
‫وعليكم بالكّف والتّثبت والوقوف‪ ،‬وأنتم طالبون باحثون حّتى يأتيكم البيان من عندنا‪.‬‬

‫ص‪328:‬‬
‫مقاييس العلماء لمعرفة الحديث‬
‫هكذا وضع أئّم ة أهل البيت قواعد لمعرفة صحيح الح‪RR‬ديث من س‪RR‬قيمه‪ ،‬واتخ‪RR‬ذها فقه‪RR‬اء مدرس‪RR‬تهم ميزان‪RR‬ا في فقه‬
‫الحديث جيال بعد جيل‪ ،‬وقد جمعها بعض العلماء ونّسقها مثل الشيخ محّم د بن الحس‪RR‬ن الح‪ّRR‬ر الع‪RR‬املي في الفائ‪RR‬دتين‬
‫‪490‬‬
‫التاسعة والعاشرة من خاتمة وسائل الشيعة‪ ،‬والشيخ حسين النوري في الفائدة الرابعة من مستدركه‪.‬‬
‫وفي أخريات القرن السابع الهجري راجت قاعدة جديدة لمعرفة الحديث‪ ،‬نس‪RR‬ب كشفها‪ 491‬البن ط‪RR‬اووس أحم‪RR‬د بن‬
‫موس‪RR‬ى الحلي (ت‪ 673 :‬ه‪ 492)-‬والعاّل م‪RR‬ة الحّلي الحس‪RR‬ن بن يوس‪RR‬ف بن علّي بن المطَّه ر (ت‪ 726 :‬ه‪ 493)-‬حيث‬
‫ُص ّنف الحديث بالنظر إلى روايه منذ عصرهما إلى أربعة أصناف‪:‬‬
‫أ‪ -‬الصحيح‪ :‬وهو ما اّتصل سنده إلى المعصوم بنقل االمامي العدل‪ ،‬عن مثله في جميع الطبقات‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحسن‪ ،‬وهو ما اّتصل سنده إلى المعصوم بامامي ممدوح من غير نّص على عدالته‪ ،‬مع تحقق ذلك في جمي‪RR‬ع‬
‫الطبقات‪.‬‬
‫ص‪329:‬‬
‫ج‪ -‬الموّثق ويقال له‪ :‬القوي أيضا وهو ما دخل في طريقه من نّص االصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته بان كان‬
‫من احدى الفرق االسالمية المخالفة لالمامية وان كان من الشيعة‪.‬‬

‫د‪ -‬الضعيف‪ :‬وهو ما ال تجتمع فيه شروط أحد الثالثة المتقدمة؛ بان يشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه‪ ،‬أو‬
‫‪494‬‬
‫مجهول الحال أو ما دون ذلك‪ ،‬كالوضاع‪.‬‬
‫***‬
‫اشتهرت القاعدة االنفة منذ عصر العاّل مة فما بعد‪ ،‬وغالى بعض العلماء في اعتمادهم على هذه القاع‪RR‬دة‪ ،‬وع‪RR‬رض‬
‫جميع االخبار واالحاديث عليها‪.‬‬
‫‪495‬‬
‫فعّد وا مثال أحاديث من السيرة ال يصَّد ق محتواها وال يمكن أن يقع في الخارج‪ -‬بموجب هذا الميزان‪ -‬صحيحة‪.‬‬
‫كما ضعف هذا البعض عن قبول أحاديث صحيحة ال يصّححها هذا الميزان‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 489‬عيون االخبار‪ ،‬ط‪ .‬قم ج ‪ 2‬ص ‪ ،20‬ح ‪ ،45‬والوسائل ‪ ،86 -81 /18‬ح ‪21‬‬
‫‪ .)1 ( 490‬وسائل الشيعة ‪ 96 /10‬الفائدة التاسعة من الخاتمة‪ ،‬ومستدركه ‪ 535 /3‬الفائدة الرابعة‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 491‬وسائل الشيعة ‪ ،112 -96 /10‬وخاصة ص ‪ 102‬منه‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 492‬ترجمته بمصفى المقال ص ‪.71‬‬
‫‪ .)4 ( 493‬ترجمته بالكنى وااللقاب للقّم ي ‪.436 /2‬‬
‫‪ .)1 ( 494‬دراية الشهيد الثاني ص ‪ ،24 -19‬الباب االول في أقسام الحديث‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 495‬راجع فصل« عبد هّللا بن سبأ في كتب الحديث» من عبد هّللا بن سبأ‪ -‬ج ‪.2‬‬
‫وقابل أولئك جماعة من االخباريين‪ ،‬فشّذ وا في تص‪RR‬حيحهم جمي‪RR‬ع م‪RR‬ا ج‪RR‬اء في الموس‪RR‬وعات الحديثي‪RR‬ة االرب‪RR‬ع وم‪RR‬ا‬
‫شاكلها‪ 496‬ووقع هؤالء في تهافت عجيب‪ ،‬وكال الجانبين ابتعدا عن الصواب في معرفة الحديث‪ ،‬وليس ثّم ة مج‪RR‬ال‬
‫للخوض في هذا البحث‪.‬‬
‫ومن نتائج التصنيف االخير للحديث واعتمادهم المطلق عليه؛ اّنهم وزنوا أحاديث الكافي بالجمل‪R‬ة علي‪R‬ه وق‪R‬الوا‪ :‬ان‬
‫الكافي يشتمل على تسعة وتسعين ومائة حديث وستة عشر ألف حديث‪ ،‬منها‪ 5072 :‬حديثا صحيح‪ 144 .‬حديثا‬
‫ص‪330:‬‬
‫حسن‪ 1118 .‬حديثا موثق‪ 312 .‬حديثا قوّي‪ 9485 .‬حديثا ضعيف‪ 16121 497.‬المجموع‪.‬‬

‫يعتمد هذا التقسيم على تصنيف الروايات بالنظر إلى درج‪RR‬ة رواته‪RR‬ا بحس‪RR‬ب الم‪RR‬يزان المشهور منذ عه‪RR‬د العاّل م‪RR‬ة‬
‫الحّلي‪ ،‬ثّم اعتمادا على معرفة علماء تلكم العصور بحال الرواة‪ ،‬ومع غّض النظر عن الم‪RR‬وازين اّل تي نقلناها عن‬
‫االئمة قبل هذا‪.‬‬
‫ومع كّل ذلك فاّن الحوزات العلمية بمدرسة أهل البيت لم توصد باب البحث العلمي في ي‪RR‬وم من االّي ام‪ ،‬ب‪RR‬ل اس‪RR‬تمر‬
‫جهدها المثمر مدى العصور في جهتين من الحديث‪:‬‬
‫أ‪ -‬في المحافظة على نصوص الروايات المبينة لالحكام‪.‬‬
‫ب‪ -‬في طرح البحوث العلمية حول أسانيد االحاديث ومتونها ومنطوقها ومدلولها و ‪...‬‬
‫وأخيرا فاّنها خضعت لنتيجة ما وعته من نصوص الكتاب والسّنة ولم تجتهد‬
‫ص‪331:‬‬
‫في مقابلهما بتاتا‪.‬‬

‫وبذلك حافظت على االحكام االسالمية من الضياع‪ ،‬وتسلسلت أسانيدها إلى أئّم ة أهل البيت (ع)‪ ،‬ومنهم إلى ج‪RR‬دهم‬
‫الرسول (ص)‪ ،‬ومنه إلى جبرئيل إلى الباري‪ ،‬ولنعم ما قال الشاعر‪:‬‬
‫روى جدنا عن جبرئيل عن الباري‬ ‫ووال أناسا قولهم وحديثهم‬

‫ص‪333:‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬رأيا المدرستين في تقويم كتب الحديث‬
‫ص‪335:‬‬
‫نختم بحوث مصادر الشريعة االسالمية لدى المدرستين ببيان تقويمهما لكتب الحديث ونقول‪:‬‬

‫أ‪ -‬تقويم كتب الحديث بمدرسة الخلفاء‪:‬‬

‫‪ .)3 ( 496‬راجع الفائدتين التاسعة والعاشرة من خاتمة وسائل الشيعة‪.‬‬


‫‪ .)1 ( 497‬قال الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين ص ‪ 394‬ق‪R‬ال بعض مشايخنا المت‪RR‬أخرين‪ :‬أم‪RR‬ا الك‪RR‬افي فجمي‪RR‬ع« أحاديث‪RR‬ه ‪ »...‬وهك‪RR‬ذا نقل‪R‬ه‬
‫النوري عن لؤلؤة البحرين في شرح حال الكليني من خاتمة المستدرك ‪ .541 /3‬وقال النوري‪ :‬والظاهر أن المراد من القوي م‪R‬ا ك‪R‬ان بعض رج‪R‬ال‬
‫سنده‪ ،‬أو كله الممدوح من غير االمامي‪ ،‬ولم يكن فيه من يضعف به الحديث‪ ،‬وله اطالق آخر ‪...‬‬
‫ويختلف الجمع الذي ذكره البرحاني والنوري مع حاصل جمع هذه االرقام كما ذكرناه في المتن‪ ،‬وينقص( تسعة) عن المجموع ال‪RR‬ذي ذك‪RR‬ره صاحب‬
‫الروضات بترجمة الكليني ‪ ،116 /6‬ويختلف عما في الذريعة ‪ 245 /17‬فقد ذكر المجموع ستة عشر ألف حديث‪ ،‬والموثق ‪ ،178‬وأراه من الخطأ‬
‫في النسخ‪.‬‬
‫وقد يكون هذا االختالف‪ ،‬واالختالف في المجموع الوارد في المتن نتيجة لحذف المكررات عند البعض‪.‬‬
‫مّر بنا في البحوث السابقة أن الخلفاء االوائل منعوا نشر ح‪RR‬ديث الرس‪RR‬ول (ص) ونه‪RR‬وا المس‪RR‬لمين عن كتابت‪RR‬ه‪ ،‬وان‬
‫النهي استمّر حتى عصر عم‪RR‬ر ابن عب‪R‬د العزي‪R‬ز حين رفع الحض‪RR‬ر عن ت‪R‬دوين ح‪R‬ديث الرس‪RR‬ول (ص) وأم‪RR‬ر ب‪R‬ه‪،‬‬
‫فتسابق محّد ثو مدرستهم بتدوين ما كان متداوال بينهم من الحديث‪ ،‬وألفوا مختلف كتب الحديث‪ ،‬ثم اشتهرت عندهم‬
‫الكتب السّتة االتية بالصحاح‪:‬‬
‫أ‪ -‬صحيح البخاري‪ ،‬تأليف محمد بن اسماعيل (ت‪ 256 :‬ه‪.)-‬‬
‫ب‪ -‬صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت‪ 261 :‬ه‪.)-‬‬
‫ج‪ -‬سنن ابن ماجة‪ ،‬تأليف محمد بن يزيد القزويني (ت‪ 273 :‬ه‪.)-‬‬
‫د‪ -‬سنن أبي داود‪ ،‬تأليف سليمان بن االشعث السجستاني (ت‪ 275 :‬ه‪.)-‬‬
‫ه‪ :-‬سنن الترمذي‪ ،‬تأليف محمد بن عيسى الترمذي (ت‪ 279 :‬ه‪.)-‬‬
‫و‪ -‬سنن النسائي تأليف أحمد بن شعيب النسائي (ت‪ 303 :‬ه‪.)-‬‬
‫وبعضهم يجعل بدل سنن النسائي سنن الدارمي تأليف عبد هّللا بن عبد الرحمن (ت‪ 255 :‬ه‪ )-‬من الصحاح السّتة‪.‬‬
‫وكان نتيجة ذلك أن علماء مدرسة الخلفاء بتقليدهم العلماء الستة في تقويم الحديث‪ ،‬أوصدوا باب البحث العلمي في‬
‫تمحيص االحاديث على مدرسة‬
‫ص‪336:‬‬
‫‪498‬‬
‫الخلفاء وقّلدوا العلماء الستة المذكورين خاّص ة البخاري ومسلم حتى اليوم‪ ،‬كما فعلوا ذلك في سّد ب‪RR‬اب االجته‪RR‬اد‬
‫على مدرسة الخلفاء بتقليدهم العلماء االربعة االتية أسماءهم‪:‬‬

‫أ‪ -‬أبو حنيفة عتيك بن زوطي‪ 499‬المعروف بالنعمان بن ثابت (ت‪ 150 :‬ه‪.)-‬‬
‫ب‪ -‬مالك بن أنس (ت‪ 179 :‬ه‪.)-‬‬
‫ج‪ -‬محمد بن ادريس الشافعي (ت‪ 204 :‬ه)‪.‬‬
‫د‪ :‬أحمد بن حنبل (ت‪ 241 :‬ه‪.)-‬‬
‫ومن الحنابلة تفّرعت السلفية أتباع ابن تيمّية أحمد بن عبد الحليم (ت‪ 726 :‬ه‪.)-‬‬
‫ومن السلفية تفّرعت الوهابية أتباع محمد بن عبد الوهاب (ت‪.)1206 :‬‬
‫كان ذلكم تقويم الحديث بمدرسة الخلفاء وأثره‪.‬‬
‫ب‪ -‬تقويم كتب الحديث بمدرسة أهل البيت‪:‬‬
‫نلّخ ص هنا ما سبق ذكره في هذا الباب ونضيف إليه ونقول‪:‬‬
‫أّن أول من دّون الحديث في مدرسة أهل البيت هو االمام علي (ع) حيث دّون م‪R‬ا أماله علي‪R‬ه رس‪R‬ول هّللا (ص) في‬
‫كتب منها الجامعة التي كان طولها سبعون ذراعا في عرض االديم‪ ،‬ما على االرض ش‪RR‬يء يحت‪R‬اج إلي‪R‬ه الناس من‬
‫أحكام‬
‫ص‪337:‬‬

‫‪ .)1 ( 498‬إنهم أوصدوا‪ -‬بسد باب االجتهاد‪ -‬باب استنباط االحكام من الكتاب والسّنة كما هو متداول لدى فقهاء مدرسة أهل البيت( ع)‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 499‬بترجمته في تاريخ بغداد‪ :‬النعمان بن ثابت بن زوطي‪ ،‬وكان زوطي مملوكا لبني تيم هّللا ابن ثعلبة‪ ،‬فاعتق‪ ،‬فوالؤه لبني تيم ‪ ،‬أصله من‬
‫هّللا‬
‫كابل‪ ،‬وزاَد ابن خلكان بعد زوطي ابن ماه‪ .‬وذكر الخطيب ان أبا حنيفة اسمه عتيك بن زوطرة فسمى نفسه النعمان وأباه ثابتا‪.‬‬
‫االسالم اال وهو في‪RR‬ه‪ .‬ثم ت‪RR‬وارث االئم‪RR‬ة من ول‪RR‬ده كتب‪RR‬ه ورووا منه‪RR‬ا عن رس‪RR‬ول هّللا (ص) لتالمي‪RR‬ذهم‪ ،‬ودونه‪RR‬ا من‬
‫أصحابهم من دّون ما سمعه في رس‪RR‬ائل صغار‪ ،‬وك‪RR‬ان الشيخ الكلي‪RR‬ني (ت‪ 329 :‬ه‪ )-‬أّو ل من أّل ف بمدرس‪RR‬ة أهل‬
‫البيت موسوعة حديثية عاّم ة جمع فيها م‪RR‬ا أمكنه من تلكم الرس‪RR‬ائل‪ ،‬ثم تاله الشيخ الص‪RR‬دوق (ت‪ 381 :‬ه‪ )-‬وأل‪RR‬ف‬
‫كذلك مدينة العلم وهي مفقودة على أثر إحراق كتب أتباع مدرس‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت ومكتب‪RR‬اتهم ومط‪RR‬ادرتهم وتشريدهم‪.‬‬
‫وختم تأليف الموسوعات الحديثية العاّم ة بمدرسة أهل البيت بموسوعة المجلسي (ت‪ 1111 :‬ه‪ )-‬في الح‪R‬ديث وهو‬
‫البحار‪ ،‬والعوالم للبحراني (من تالمذة المجلسي) واهتّم علماء مدرسة أهل البيت باحاديث االحكام وعنوا بها عناية‬
‫فائقة‪ .‬وكان الشيخ الصدوق أّول من أّلف موس‪RR‬وعة فقهي‪R‬ة من الح‪R‬ديث س‪ّR‬م اها «من ال يحض‪RR‬ره الفقي‪R‬ه»‪ ،‬وتاله في‬
‫ذل‪RR‬ك الشيخ الطوس‪RR‬ي (ت‪ 460 :‬ه‪ )-‬وأّل ف «االستبص‪RR‬ار والته‪RR‬ذيب»‪ .‬ثم اش‪RR‬تهر الك‪RR‬افي ومن ال يحض‪RR‬ره الفقي‪RR‬ه‪،‬‬
‫والتهذيب واالستبصار من الموسوعات الحديثية اشتهارا واسعا‪ ،‬على اّن الذي ُأِّلَف بعدها جاء أوسع منه‪R‬ا وأفض‪R‬ل‬
‫تبويبا مثل الوسائل للشيخ الحّر العاملي (ت‪ 1104 :‬ه‪ )-‬وجامع أحاديث الشيعة للس‪RR‬يد حس‪RR‬ين بن علي ال‪RR‬بروجردي‬
‫(ت‪ 1380 :‬ه‪ .)-‬وهذا االخير أكثر إتقانا وشموال من كل ما سبقه‪ ،‬غير اّن الفضل للمتقّد م‪.‬‬

‫ص‪338:‬‬
‫علماء أهل البيت (ع) ال يقلدون السلف في الفقه وال في دراية الحديث‬
‫تمت‪R‬از مدرس‪R‬ة أهل ال‪R‬بيت (ع) على مدرس‪R‬ة الخلف‪R‬اء بأنه‪R‬ا ال تعت‪R‬بر أّي كت‪R‬اب ع‪R‬دا كت‪R‬اب هّللا من أول‪R‬ه إلى آخ‪R‬ره‬
‫صحيحا‪ ،‬وال تقّلد أّي واحدا من السلف الصالح من العلماء في ما اّتخ‪RR‬ذه من رأي فقهي أو م‪RR‬ا اعت‪RR‬بره صحيحا من‬
‫حديث مروي‪ ،‬خالفا لما عليه مدرس‪RR‬ة الخلف‪RR‬اء من تقلي‪RR‬دهم العلم‪RR‬اء االربع‪RR‬ة في الفقه وس‪ّR‬د هم ب‪RR‬اب االجته‪RR‬اد على‬
‫غيرهم إلى اليوم‪ ،‬وكذلك اعتبارهم م‪RR‬ا ج‪R‬اء في الكتب الس‪RR‬تة من الح‪R‬ديث صحيحا وخاصة م‪RR‬ا في صحيح مس‪RR‬لم‬
‫والبخاري‪ ،‬وسّد هم بذلك باب البحث العلمي في دراية الحديث على أنفسهم إلى اليوم‪.‬‬
‫ويدّلك على ما ذكرنا بالنسبة إلى مدرسة أهل البيت اّن ما انتخب‪R‬ه العالم‪RR‬ة الحلي الحس‪RR‬ن بن يوس‪RR‬ف (ت‪ 726 :‬ه‪)-‬‬
‫من حديث‪ ،‬ودّونه في عشرة أجزاء‪ ،‬وس‪ّR‬م اه «ال‪R‬دّر والمرج‪R‬ان في االح‪R‬اديث الص‪R‬حاح والحس‪R‬ان»‪ 500،‬وك‪R‬ذلك م‪R‬ا‬
‫انتخبه من حديث صحيح حسب اجتهاده وجمعه في تأليف وسّم اه «النهج الوضاح في االحاديث الصحاح»‪ 501،‬وما‬
‫انتخبه الشيخ حس‪R‬ن (ت‪ 1011 :‬ه‪ )-‬ابن الشهيد الث‪R‬اني من ح‪R‬ديث مقتفي‪R‬ا أثر العالم‪R‬ة وس‪ّR‬م اه «منتقى الجم‪R‬ان في‬
‫االحاديث الصحاح والحسان»‪ 502‬لم تتداول في الحوزات العلمية‪ ،‬ولم يعتّد بها العلماء‪ ،‬وانما‬
‫ص‪339:‬‬
‫اعتبروا عملهما اجتهادا شخصيا‪ ،‬رغم اشتهار سائر مؤلفاتهما لديهم وتداولها بينهم حتى الي‪RR‬وم‪ ،‬مث‪RR‬ل كت‪RR‬اب مع‪RR‬الم‬
‫االصول للشيخ حسن الذي بقي منذ عصر مؤلفه إلى اليوم أول كتاب دراسي يدرسه طالب اصول الفقه‪ ،‬ودرس‪RR‬ه‬
‫عاّم ة الفقهاء في سّلم الدراسات االصولية‪ ،‬ومن جّراء ذلك اشتهر مؤلفه بين العلم‪RR‬اء بص‪RR‬احب المع‪RR‬الم‪ ،‬وم‪RR‬ع ذل‪RR‬ك‬
‫نسيت مؤلفاتهم في صحاح االحاديث وحسانها‪ ،‬ولعّل في العلماء بمدرسة أهل البيت من لم يسمع بأس‪RR‬ماء كتبهم في‬
‫صحاح االحاديث وحسانها فضال عن التمّسك بما جاء فيها من حديث بعنوان الصحيح والحسن‪.‬‬

‫ص‪341:‬‬
‫باب استنباط االحكام الفقهّية من السّنة النبوية‬
‫‪ .)1 ( 500‬راجع ترجمة الكتاب في حرف الدال من الذريعة‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 501‬راجع ترجمة الكتاب في حرف النون من الذريعة‪.‬‬
‫‪.)3 ( 502‬‬
‫ص‪343:‬‬
‫تقويم أحاديث الكتب االربعة‬
‫اّن مدرسة أهل البيت لم تعتبر جميع أحاديث الكتب االربعة‪ :‬الكافي والفقيه واالستبصار والته‪RR‬ذيب‪ ،‬صحيحة كم‪RR‬ا‬
‫هو الشأن لدى مدرسة الخلفاء بالنسبة إلى صحيحي مسلم والبخاري‪ ،‬واّن أقدم الكتب االربعة زمان‪RR‬ا وأنبهه‪RR‬ا ذك‪RR‬را‬
‫وأكثرها شهرة هو كتاب الكافي للشيخ الكليني‪ ،‬وقد ذك‪RR‬ر المح‪ّR‬د ثون بمدرس‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت اّن فيه‪RR‬ا خمس‪RR‬ة وثم‪RR‬انين‬
‫وأربعمائة وتسعة آالف حديث ضعيف من مجموع ‪ 16199‬حديثا‪ ،‬واذا رجعت إلى ش‪RR‬رح الك‪RR‬افي المس ‪ّR‬م ى بم‪RR‬رآة‬
‫العقول وجدت مؤلفه المجلسي (أحد كبار علماء الحديث‪ -‬يذكر لك في تقويمه أحاديث الك‪RR‬افي ض‪RR‬عف م‪RR‬ايراه منه‪RR‬ا‬
‫ضعيفا‪ ،‬وصحة ما يرى منها صحيحا‪ ،‬ووثاقة ما يرى منها موثقا أو قويا باصطالح أهل الحديث‪.‬‬
‫وقد أّلف أحد الباحثين في عصرنا صحيح الكافي‪ 503‬واعتبر من مجموع‬
‫ص‪344:‬‬
‫‪ 16121‬ح‪RR‬ديثا من أح‪RR‬اديث الك‪RR‬افي ‪ 4428‬ح‪RR‬ديثا صحيحا وت‪RR‬رك ‪ 11693‬ح‪RR‬ديثا منه‪RR‬ا لم يرها حس‪RR‬ب اجته‪RR‬اده‬
‫صحيحة‪.‬‬

‫وما ذكرناُه يدلك على أن مدرسة أهل البيت ال تعتبر أّي كتاب حديث لديها صحيحا‪ ،‬سواء الك‪RR‬افي منه‪RR‬ا وم‪RR‬ا دون‪RR‬ه‬
‫شهرة‪ ،‬وبعدُه زمانا‪.‬‬
‫وانها ُتؤمن بأن كتاب هّللا القرآن وحده صحيح من الجلد إلى الجلد وال شريك له في الصحة‪.‬‬
‫قول مجهول قائله‬
‫أما ما قيل من أّن المهدي (ع) قال‪ :‬أّن الكافي كاٍف لشيعتنا‪ ،‬فاّنه قول مجهول راويه ولم يسّم أحد اسمه‪ ،‬ويدّل على‬
‫بطالن‪RR‬ه ت‪RR‬أليف مئات كتب الح‪RR‬ديث بمدرس‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت بع‪RR‬د الك‪RR‬افي مث‪RR‬ل‪ :‬من ال يحض‪RR‬ره الفقي‪RR‬ه‪ ،‬ومدينة العلم‪،‬‬
‫والتهذيب‪ ،‬واالستبصار‪ ،‬والبحار‪ ،‬ووسائل الشيعة‪ ،‬وجامع أحاديث الشيعة‪ ،‬إلى غيرها‪.‬‬
‫االحاديث الصحيحة لدى فقهاء مدرسة أهل البيت‬
‫بما اّن أتباع مدرسة أهل البيت لم يسّد وا باب االجته‪R‬اد‪ -‬أي اس‪R‬تنباط االحك‪R‬ام من الكت‪R‬اب والس‪ّR‬نة‪ ،-‬كم‪R‬ا فع‪R‬ل ذل‪R‬ك‬
‫أتباع مدرس‪RR‬ة الخلف‪RR‬اء‪ ،‬فانهم بحاج‪RR‬ة مس‪RR‬تمرة إلى دراس‪RR‬ة آي‪RR‬ات االحك‪RR‬ام من كالم هّللا ‪ ،‬ودراس‪RR‬ة أح‪RR‬اديث االحك‪RR‬ام‬
‫المنتهية إلى رسول هّللا (ص)‪.‬‬
‫وفي صدد ذلك جمعوا آيات االحكام في رسائل خاصة مثل‪ :‬كنز العرفان في فقه القرآن للس‪RR‬يوري (ت‪ 826 :‬ه‪،)-‬‬
‫ومسالك االفهام إلى آيات االحكام لجواد الكاظمي (توفي أواسط القرن الحادي عشر الهج‪R‬ري)‪ ،‬ثم عنوا بدراس‪RR‬تها‬
‫لدراية منطوقها ومفهومها‪ ،‬خاصها وعامها‪ ،‬محكمها ومتشابهها‪ ،‬إلى غ‪RR‬ير ذل‪RR‬ك من الدراس‪RR‬ات‪ ،‬واس‪RR‬تنبطوا منه‪RR‬ا‬
‫االحكام الشرعية التي دّونوها في كتبهم‬
‫ص‪345:‬‬
‫الفقهية‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 503‬صحيح الكافي تأليف محمد باقر البهبودي‪ ،‬ط‪ .‬بيروت سنة ‪ 1401‬ه‪.-‬‬
‫ولّم ا كان المؤلف قد اعتمد في عمل‪RR‬ه على االق‪RR‬وال المنقول‪RR‬ة عن كت‪RR‬اب الرج‪RR‬ال المنس‪RR‬وب إلى ابن الغض‪RR‬ائري أبي الحس‪RR‬ين أحم‪RR‬د بن الحس‪RR‬ين( ك‪RR‬ان‬
‫معاصرا للنجاشي والطوسي) وعلماء الدراية والرجال ينكرون وجود كتاب كهذا البن الغضائري‪ ،‬لهذا لم يل‪R‬ق عمل‪R‬ه الم‪R‬ذكور القب‪R‬ول في الح‪R‬وزات‬
‫العلمية‪.‬‬
‫راجع حرف الراء من الذريعة بترجمة رجال ابن الغضائري ‪ ،89 -87 /10‬وحرف التاء بترجمة كتاب تفسير العسكري ‪ ،291 -288 /4‬وفصل«‬
‫التشكيك في نسبة الرجال إلى ابن الغضائري» الحكم عليه بالوضع واالختالق من المقّد مة السادسة بمعجم رجال الحديث ‪.102 /1‬‬
‫وكذلك جمعوا االحاديث المروية بواسطة الصحابة المؤمنين وأئمة أهل البيت االطهار في موس‪RR‬وعات كب‪RR‬يرة مث‪RR‬ل‬
‫الفقيه واالستبصار والتهذيب والوسائل وجامع أحاديث الشيعة‪ ،‬ثم عنوا بدراسة أسانيد أحاديثه‪RR‬ا لمعرفة قويه‪RR‬ا من‬
‫ضعيفها وصحيحها من سقيمها‪ ،‬ودراسة متونها لمعرفة عامها وخاصها‪ ،‬مجمله‪R‬ا ومبيّنه‪R‬ا ورجح‪R‬ان م‪R‬ا تع‪R‬ارض‬
‫منها‪ ،‬ثم اثبتوا االحكام التي استخرجوها مما صّح عندهم من تل‪R‬ك االح‪R‬اديث في كتب فقهّي ة‪ ،‬مث‪R‬ل النهاي‪R‬ة للشيخ‬
‫الطوسي‪ ،‬والمختصر النافع وشرايع االسالم للمحقق الحلي (ت‪ 676 :‬ه‪ ،)-‬واللمع‪RR‬ة للشهيد االول (ت‪ 786 :‬ه‪،)-‬‬
‫وشرحها للشهيد الثاني (ت‪ 965 :‬ه‪ )-‬وجواهر الكالم في شرح شرايع االسالم للشيخ محمد حس‪RR‬ن (ت‪ 1266 :‬ه‪)-‬‬
‫إلى نظائرها‪.‬‬
‫ويّتضح مّم ا ذكرنا اّن علم‪RR‬اء مدرس‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت لم ُيج‪RR‬روا في دراس‪RR‬تهم الرس‪RR‬مّية الحوزوي‪RR‬ة على غ‪RR‬ير أح‪RR‬اديث‬
‫االحكام دراسات لتمحيص االحاديث‪ ،‬وأّن االحاديث التي جمعوها (في مثل الوسائل وجامع أح‪R‬اديث الشيعة) اّنم‪R‬ا‬
‫جمعوها ليجري الفقي‪RR‬ه عليه‪RR‬ا دراس‪RR‬اته لمعرفة االح‪RR‬اديث الص‪RR‬حيحة منه‪RR‬ا‪ ،‬ثم اس‪RR‬تنباط االحك‪RR‬ام مّم ا ثبت عندهم‬
‫صّحتها منها‪.‬‬
‫اذا فاالحايث الصحيحة عند فقه‪R‬اء الشيعة هي ال‪R‬تي اس‪R‬تخرجوا منه‪R‬ا المس‪R‬ائل الفقهي‪R‬ة المدّون‪R‬ة في الكتب الفقهي‪R‬ة‬
‫المذكورة آنفا‪ ،‬ومن ثّم ثبت اّن العلماء لم يج‪R‬روا أي دراس‪R‬ة حوزوي‪R‬ة على أح‪R‬اديث الس‪R‬يرة‪ ،‬س‪R‬واء س‪R‬يرة االنبي‪R‬اء‬
‫السابقين‪ ،‬أو خاتم االنبياء وصحابته‪ ،‬أو االئمة وأصحابهم‪ ،‬ورواي‪RR‬ات الت‪RR‬اريخ االس‪RR‬المي الع‪RR‬ام‪ ،‬وال على أح‪RR‬اديث‬
‫تفسير القرآن الك‪RR‬ريم واالدعي‪RR‬ة واالخالق‪ ،‬وك‪RR‬ذلك أغلب أح‪RR‬اديث االعم‪RR‬ال المس‪RR‬تحّبة‪ ،‬وتج‪RR‬دهم يعّول‪RR‬ون في هذه‬
‫المباحث على روايات ورواة ال يعّولون عليها وال عليهم في المباحث الفقهية‪ ،‬بل يطرحونها ويسقطونها‬
‫ص‪346:‬‬
‫من االعتبار‪ .‬ولو سألت أحدهم‪ :‬هل صّح عندك جميع م‪R‬ا ذك‪R‬رت في هذا البحث غ‪R‬ير الفقهي من ح‪R‬ديث؟ الجاب‪R‬ك‬
‫بالنفي وقال‪ :‬انه ليس من مباحث االحكام الشرعّية واّنما هو من أبواب المعارف االسالمّية‪ ،‬واالمر فيه هّين‪.‬‬

‫ومن ثّم يخرجون في مباحث التفسير والسيرة واالدعية واالخالق واالعمال المستحبة روايات عن رواة ال يروون‬
‫عنهم في أبواب الفقه‪ ،‬وقد أكثروا في هذه المباحث من ذكر روايات مدرس‪RR‬ة الخلف‪RR‬اء مّم ا تخ‪RR‬الف الواق‪RR‬ع وانتقدوا‬
‫عليها‪ ،‬دون ان يعلم الناقد ان النقد انما يّتجه إلى روايات مدرسة الخلفاء فيها وليس إلى روايات مدرسة أهل البيت‪،‬‬
‫وإليك ثبتا بذلك فيما يأتي‪.‬‬
‫ص‪347:‬‬
‫انتشار أحاديث مدرسة الخالفة لدى أتباع مدرسة أهل البيت‬
‫ذكرنا في الجزء السابع من «نقش أئمة در احياء دين»‪ 504‬االحاديث التي خرجه‪RR‬ا الشيخ المفي‪RR‬د (ت‪ 413 :‬ه‪ )-‬من‬
‫أحاديث سيف بن عمر الزنديق من رواة أحاديث السيرة والتاريخ بمدرسة الخلفاء‪.‬‬
‫وذكرنا بعض ما اعتمده الشيخ الطوسي من رواياتهم بترجمة القعقاع من رجاله وانتشر منه إلى رج‪RR‬ال االردبيلي‬
‫(ت‪ 1101 :‬ه‪ )-‬والقهبائي (كان حّيا سنة ‪ 1016‬ه‪ )-‬والمامقاني (ت‪ 1351 :‬ه‪.)-‬‬
‫واّن بعض ما أخرجه الشيخ الطوسي‪ -‬أيضا‪ -‬من رواياتهم في تفسيره التبيان انتشرت منه إلى تفس‪RR‬ير‪ :‬أبي الفت‪RR‬وح‬
‫الرازي (ت‪ 554 :‬ه‪ )-‬ومنه إلى تفسير كازر (ت‪ 722 :‬ه‪ )-‬ومنه إلى تفسير الكاشاني (ت‪ 988 :‬ه‪.)-‬‬

‫‪ .)1 ( 504‬راجع في ما نقلناه إلى هنا‪ «:‬نقش أئمة» فارسي ‪ ،75 -61 /7‬ط‪ .‬طهران سنة ‪ 1404‬ه‪ 1363 -‬ش‪ .‬وقد ترجم إلى العربي‪R‬ة باس‪R‬م« قي‪R‬ام‬
‫االئمة باحياء السنة»‪.‬‬
‫واّن من «إحياء عل‪RR‬وم ال‪RR‬دين» للغ‪RR‬زالي (ت‪ 505 :‬ه‪ )-‬انتشر ح‪RR‬ديث موض‪RR‬وع عن س‪RR‬يرة رس‪RR‬ول هّللا الى «ج‪RR‬امع‬
‫السعادات» لمهدي النراقي (ت‪ 1209 :‬ه‪ )-‬ومنه إلى «معراج السعادة» البنه أحمد النراقي (ت‪ 1245 :‬ه‪.)-‬‬
‫واّن ابن طاووس (ت‪ 664 :‬ه‪ )-‬اعتمد في كتاب دعائ‪RR‬ه «المجت‪RR‬نى» على رواي‪RR‬ة نقله‪RR‬ا من ت‪RR‬اريخ ابن االثير (ت‪:‬‬
‫‪ 630‬ه‪ )-‬والتي كان قد نقلها من رواية‬
‫ص‪348:‬‬
‫سيف الزنديق بتاريخ الطبري‪.‬‬

‫وان المجلسي الكبير (ت‪ 1111 :‬ه‪ )-‬أخ‪R‬رج في أب‪R‬واب س‪R‬يرة رس‪R‬ول هّللا (ص) ومقت‪R‬ل االم‪R‬ام علي ووفاة فاطم‪R‬ة‬
‫‪505‬‬
‫بكتاب البحار ‪ 264‬صفحة من روايات كتب أبي الحسن البكري (ت‪ :‬منتصف القرن الثالث الهجري)‪.‬‬
‫‪506‬‬
‫واستنسخ الشيخ الحّر العاملي (ت‪ 1104 :‬ه‪ )-‬كتاب البكري المذكور وألحقه بآخر كت‪RR‬اب «عي‪RR‬ون المعج‪RR‬زات»‬
‫للشيخ حسين بن عبد الوهاب‪.‬‬
‫***‬
‫هكذا انتشر في غير االبواب الفقهي‪R‬ة من كتب علم‪RR‬اء مدرس‪RR‬ة أهل ال‪R‬بيت الشيء الكث‪R‬ير من االح‪R‬اديث الض‪RR‬عيفة‪،‬‬
‫وسّبب ايراد النقد الكثير عليهم‪ ،‬ومن ثّم يرد هذا السؤال‪ :‬انه ما المبرر لهم في تدوين االحاديث الض‪RR‬عيفة في غ‪RR‬ير‬
‫أبواب الفقهية من كتبهم؟ وفي ما يأتي جوابهم على هذا السؤال‪:‬‬

‫االمانة العلمية لدى علماء مدرسة أهل البيت‬


‫لّم ا لم يكن علماء مدرسة أهل ال‪RR‬بيت بص‪RR‬دد ت‪RR‬دوين الح‪RR‬ديث الص‪RR‬حيح في كتبهم‪ -‬كم‪RR‬ا هو ش‪RR‬أن م‪RR‬ؤلفي الص‪RR‬حاح‬
‫بمدرسة الخلفاء وخاصة في غير االبواب الفقهية‪ -‬وكانوا بصدد جمع االح‪R‬اديث المناس‪RR‬بة لك‪ّRR‬ل ب‪R‬اب‪ ،‬فقد اقتض‪RR‬ت‬
‫االمانة العلمية في النقل أن يدّو نوا كل ما انتهى إليهم من حديث في بابه‪ ،‬مع غّض النظر عن صحة الح‪R‬ديث ل‪R‬ديهم‬
‫أو عدمها‪ ،‬كي تصل جميع أحاديث الباب إلى‬
‫ص‪349:‬‬
‫الباحثين في االجيال القادمة كاملة‪ ،‬مهما كان بعض االحاديث مكروها لديهم وضعيفا بموازين النقد العلمي‪ .‬وإنم‪RR‬ا‬
‫كانوا يرون أنفسهم مسؤولين أمام هّللا في تمحيص االح‪RR‬اديث ال‪RR‬تي يعتم‪RR‬دونها في اس‪RR‬تخراج االحك‪RR‬ام الشرعّية في‬
‫تدوين كتبهم الفقهية فحسب‪.‬‬

‫إذا فاّن النقد ي‪RR‬رد عليهم ل‪RR‬و اعتم‪RR‬دوا على ح‪RR‬ديث ض‪RR‬عيف في كتبهم الفقهي‪RR‬ة‪ ،‬وك‪RR‬ذلك ي‪RR‬رد النقد على كتب «منتقى‬
‫الجمان» و «ال‪RR‬دّر والمرج‪RR‬ان في االح‪RR‬اديث الّص حاح والحس‪RR‬ان» و «النهج الوض‪RR‬اح في االح‪RR‬اديث الص‪RR‬حاح» و‬
‫«صحيح الكافي» لو جاء فيها حديث ضعيف‪.‬‬
‫ومن كل ما سبق ذكره يّتضح جّليا اّن مدرسة أهل البيت ال تتسالم على صحة كتاب عدا كتاب هّللا ج‪ّRR‬ل اس‪RR‬مه‪ ،‬واّن‬
‫المؤلفين منه قد ي‪R‬وردون في غ‪RR‬ير الكتب الفقهي‪R‬ة ح‪R‬ديثا ال يعتقدون صّحته ويرون‪R‬ه ض‪RR‬عيفا‪ ،‬الن االمان‪R‬ة العلمّي ة‬

‫‪ .)1 ( 505‬هو أحمد بن عبد هّللا بن محمد من أوالد الخليفة االول أبي بكر قال الذهبي بترجمته‪ «:‬واضع القصص ال‪RR‬تي لم تكن ق‪ّR‬ط» وهو غ‪RR‬ير أبي‬
‫الحسن البكري محمد بن محمد بن عبد الرحمن المتوفي ‪ 954‬ه‪ ،-‬وترجمته في االعالم للزركلي ‪.285 /7‬‬
‫راجع ترجمة أحمد بن عبد هّللا في ميزان االعتدال رقم الترجمة ‪ ،440‬ولسان الميزان رقم الترجمة ‪ ،639‬واالعالم للزركلي ‪.148 /1‬‬
‫‪ .)2 ( 506‬راجع« نقش أئمة» ‪.70 /7‬‬
‫تقتضيهم أن ال يكتموا الباحثين في االجيال القادمة حديثا بدليل انهم يرونه ضعيفا‪ ،‬فال يّتج‪RR‬ه إليهم نقد في غ‪RR‬ير م‪RR‬ا‬
‫دّونوه في االبواب الفقهية‪ ،‬ويرد النقد على مؤلفي الصحاح والحسان االربعة لو وجد فيها حديث ضعيف‪.‬‬
‫***‬
‫بعد أن بلغ البحث إلى هنا رجعنا إلى معجم رجال الحديث‪ 507‬الستاذ الفقهاء السِّيد الخوئي‪ ،‬فوجدناه‪ -‬قِّدس سِّر ه‪ -‬قد‬
‫أفاض في الحديث فى ذلك تحت عنوان «روايات الكتب االربعة قطعي‪RR‬ة الص‪RR‬دور» و «النظ‪RR‬ر في صّحة رواي‪RR‬ات‬
‫‪508‬‬
‫الكافي ومن ال يحضره الفقيه والتهذيبين‪.»...‬‬

‫وأثبت ان الشيخ الطوسي والصدوق وشيخه لم يكونوا يرون صحة جميع ما جاء في الكافي من حديث‪.‬‬
‫ص‪350:‬‬
‫وأن الشيخ الطوسي لم يكن يرى صحة جميع ما جاء في «من ال يحضره الفقيه» من حديث‪.‬‬

‫واالهّم من ذلك أن الكليني نفسه لم يكن يرى جميع ما ذكره من حديث في كتابه الكافي صحيحا‪.‬‬
‫وكذلك الصدوق لم يكن يرى صحة جميع ما ذكر من حديث في (من ال يحضره الفقيه)‪.‬‬
‫والشيخ الطوسي لم يكن يرى صحة جميع ما ذكر من حديث في (التهذيب)‪ ،‬و (واالستبصار)‪.‬‬
‫واستدّل فيما أفاد بأدّلة قوية‪ ،‬منها‪ :‬أنه كي‪R‬ف يص‪ّR‬ح أن يقال ان الشيخ الكلي‪R‬ني او غ‪R‬يره ي‪R‬رى جمي‪R‬ع م‪R‬ا في كت‪R‬اب‬
‫الكافي قطعّي الصدور عن رسول هّللا (ص) أو أحد االئمة من أهل بيته (ع)‪ ،‬وقد نقل فيه الشيخ الكليني أق‪RR‬واال عن‬
‫أشخاص أمثال‪:‬‬
‫أ‪ -‬هشام بن الحكم‪.‬‬
‫ب‪ -‬أبي أيوب النحوي‪.‬‬
‫ج‪ -‬النظر بن سويد‪.‬‬
‫د‪ -‬أسيد بن صفوان‪.‬‬
‫ه‪ --‬ادريس بن عبد هّللا االودي‪.‬‬
‫و‪ -‬الُفَض يل‪.‬‬
‫ز‪ -‬أبي حمزة‪.‬‬
‫ح‪ -‬اليمان بن عبيد هّللا ‪.‬‬
‫ط‪ -‬اسحاق بن ّع مار‪.‬‬
‫ى‪ -‬يونس‪.‬‬
‫ك‪ -‬إبراهيم بن أبي البالد‪.‬‬
‫ص‪351:‬‬
‫ل‪ -‬أبي نعيم الطحان‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 507‬معجم رجال الحديث ‪ ،36 -22 /1‬ط‪ .‬بيروت سنة ‪ 1403‬ه‪.-‬‬
‫‪ .)2 ( 508‬معجم رجال الحديث ‪.97 -85 /1‬‬
‫‪509‬‬
‫م‪ -‬اسماعيل بن جعفر‪.‬‬
‫كيف يصّح وليس هؤالء الرج‪R‬ال اّل ذين أخ‪R‬رج أح‪R‬اديثهم في الك‪RR‬افي ب‪R‬النبّي واالئم‪RR‬ة من أهل بيت‪R‬ه لتك‪RR‬ون أق‪R‬والهم‬
‫أحاديث صحيحة‪.‬‬
‫ص‪353:‬‬
‫خالصة وخاتمة للبحثين الرابع والخامس‬
‫ص‪355:‬‬
‫كانت نتيجة ما ذكرنا من انتشار اجته‪RR‬ادات الخلف‪RR‬اء وفق سياس‪RR‬تهم أن ّغ م أم‪RR‬ر االحك‪RR‬ام االس‪RR‬المية اّل تي ج‪RR‬اء به‪RR‬ا‬
‫الرسول (ص) على المسلمين ونسيت‪ ،‬وأشتهرت بين المسلمين االحكام اّلتي اجتهد فيه‪RR‬ا الخلف‪RR‬اء‪ ،‬وانتشرت باس‪RR‬م‬
‫أحكام االسالم في جميع بالد االس‪R‬الم على وج‪R‬ه االرض من اليمن إلى الحج‪R‬از والشام والع‪RR‬راق وأقاصي اي‪R‬ران‬
‫ومصر إلى أقاصي أفريقّية بعد أن نسيت االحكام التي جاء به‪R‬ا س‪ّR‬يد الرس‪R‬ل في تل‪R‬ك المس‪R‬ائل‪ ،‬ول‪R‬و ع‪R‬رف أحيان‪R‬ا‬
‫الحكم الذي جاء به الرسول وكان مخالفا الوامر الخليفة فالتدّين عندهم في االعراض عن حكم هّللا في سبيل طاع‪RR‬ة‬
‫الخليفة‪ ،‬فقد مّر علينا قول الشامّي في رميه الكعب‪RR‬ة إّن الحرم‪RR‬ة والطاع‪RR‬ة اجتمعت‪RR‬ا فغلبت الطاع‪RR‬ة الحرم‪RR‬ة‪ .‬ون‪RR‬ادى‬
‫الحجاج‪ :‬ياأهل الشام هّللا ! هّللا في الطاعة! ولوال طاعة الخليفة الجتنبوا تلك المعاصي الكبير ة‪ .‬ألم يكن قائد الحمل‪RR‬ة‬
‫(الحصين بن نمير) يخاف هّللا في حمامة الحرم أن تطأها فرسه وهو غافل عنها؟!؟‬

‫وكذلك كان شأن شمر في قتله الحسين (ع) فقد روي الذهبي وقال‪:‬‬
‫كان شمر بن ذي الجوشن يصّلي الفجر ّثم يقعد حّتى يصبح ّثم يصّلي‪ ،‬ويقول في دعائه‪ :‬ألّلهم اغف‪RR‬ر لي! فقي‪RR‬ل ل‪RR‬ه‪:‬‬
‫كيف يغفر هّللا لك وقد خرجت إلى ابن بنت رسول هّللا (ص) فأعنت على قتل‪RR‬ه؟! ق‪RR‬ال‪ :‬ويح‪RR‬ك! فكي‪RR‬ف نص‪RR‬نع!؟ إّن‬
‫‪510‬‬
‫امراءنا هؤالء أمرونا بأمر فلم نخالفهم ولو خالفناهم كّنا شرا من هذه الحمر‪.‬‬
‫ص‪356:‬‬
‫وكان كعب بن جابر‪ّ -‬م من حضر قتال الحسين (ع) في كربالء‪ -‬يقول في مناجاته‪:‬‬

‫(يا رّب ! إّنا قد وفينا فال تجعلنا يا رّب كمن قد غدر) يقصد بمن قد غدر من خالف الخليفة وعصى أوامره‪.‬‬
‫ودنا عمرو بن الحّج اج ي‪RR‬وم عاش‪RR‬وراء من أصحاب الحس‪RR‬ين (ع) ون‪RR‬ادى وق‪RR‬ال‪ :‬ياأهل الكوفة! الزم‪RR‬وا ط‪RR‬اعتكم‬
‫وجماعتكم وال ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف االمام‪.‬‬
‫بلغوا في تدّينهم بطاعة الخليفة إلى حّد أّنه كان أرجى عمل عندهم ليوم القيامة إرتكاب كبائر معاصي هّللا في س‪R‬بيل‬
‫طاعة الخليفة‪ ،‬وقد مّر علينا قول مسلم في حالة النزع‪:‬‬
‫اللهّم إنّي لم أعمل عمال قّط بعد شهادة أن ال إله إاّل هّللا وأّن محّم دا عبده ورسوله أي بعد االسالم أحّب الّي من قت‪RR‬ل‬
‫أهل المدينة وال أرجى عندي في االخرة‪ ،‬وان دخلت النار بعد ذلك إنّي لشقّي ‪.‬‬
‫أرأيت هذا التدّين؟! أرأيت أرجى عمل ليوم القيامة؟! أرأيت كيف استطاعت عصبة الخالفة أن تقلب االس‪RR‬الم إلى‬
‫ضّد ه؟‬

‫‪ .)1 ( 509‬معجم رجال الحديث ‪.91 -89 /1‬‬


‫‪ .)1 ( 510‬تاريخ االسالم للذهبي ‪.19 -18 /3‬‬
‫فاّن الذين قتلوا الحسين (ع) كانوا يصّلون في صالتهم حين يصّلون على محّم د وآل محّم د ّثم يقتلون‪RR‬ه؟! وإن ال‪RR‬ذين‬
‫كانوا يرمون الكعبة بالمنجنيق كانوا يستقبلونها في صالتهم ثم يعقب‪RR‬ون صالتهم برميه‪RR‬ا بالنف‪RR‬ط ومشاّقات الكّت ان‬
‫وأحجار المنجنيق؟!!‬
‫وقع كّل ذلك فيسبيل طاعة الخليفة‪ .‬إذن أصبح الخليفة يوم‪RR‬ذاك مطاع‪RR‬ا دون هّللا ‪ ،‬وك‪RR‬ان الخليف‪RR‬ة ال‪RR‬ذي ي‪RR‬أمر ب‪RR‬رمي‬
‫الكعبة بالمنجنيق أعتى وأطغى من فرعون! فاّن فرعون لم يأمر بهدم بيت عبادته كما فع‪RR‬ل خليف‪RR‬ة المس‪RR‬لمين يزي‪RR‬د‬
‫وعبد الملك‪ .‬هكذا رّبت مدرسة الخالفة المسلمين‪ .‬فكيف أدرك المسلمون الحقيقة؟‬
‫ص‪357:‬‬
‫كيف وعى المسلمون؟‬

‫أصاب شريعة ّسيد المرسلين (ص) بسبب تلك االجتهادات ما أصاب شرايع االنبياء السابقين في تلك المس‪RR‬ائل‪ .‬ولم‬
‫يكن من الممكن إعادة أحكام االسالم إلى المجتمع مع طاعة‪ 511‬أفراده لمقام الخالفة التي اجتهدت في تل‪R‬ك االحك‪RR‬ام‪.‬‬
‫فلم يكن بّد من كسر قدسية مقام الخالفة في نفوس المسلمين كي يتيّسر بعد ذلك أبعاد االحكام ال‪RR‬تي انتشرت بس‪RR‬بب‬
‫اجتهاداتهم‪ّ ،‬ثم إعادة أحكام االسالم التي جاء بها رسول هّللا ألى المجتمع بعد ذلك‪ ،‬وقد أعّد هّللا االمام الحسين للقيام‬
‫بهذه المهّم ة كما يلي بيانه‪.‬‬
‫ص‪358:‬‬
‫أعّد هّللا ورسوله االمام الحسين (ع) للقيام بالتغيير‬
‫قّيض هّللا االمام الحسين (ع) لكسر قدسية مقام الخالفة في نف‪R‬وس المس‪R‬لمين بع‪R‬د أن أع‪ّR‬د ل‪R‬ه االج‪R‬واء النفس‪ّR‬ية في‬
‫المجتمع االسالمي بما أنزل في حّقه ضمن ما أنزل في حّق أهل البيت عامة بقرآنه الكريم‪ ،‬وفي م‪RR‬ا بّل غ المس‪RR‬لمين‬
‫على لسان رسوله في أهل البيت عاّم ة وفي االمام الحسين (ع) خاّصة‪:‬‬
‫فاّنه لما أنزل هّللا سبحانه‪ :‬قل ال أسألكم عليه أجرا إاّل الموّد ة في القربى‪.‬‬
‫‪512‬‬
‫فّسر رسوله (القربى) بعلي وفاطمة والحسن والحسين‪.‬‬
‫وّلم‪RR‬ا أراد هّللا س‪RR‬بحانه أن ي‪RR‬نزل آي‪RR‬ة التطه‪RR‬ير‪ ،‬ورأى رس‪RR‬ول هّللا أّن الرحم‪RR‬ة هابط‪RR‬ة‪ ،‬دع‪RR‬ا علّي ا وفاطم‪RR‬ة والحس‪RR‬ن‬
‫والحسين وضّم هم إلى نفسه تحت الكساء‪ ،‬فانزل هّللا تعالى‪:‬‬
‫إنما يريد هّللا ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطّهركم تطهيرا‪ ،‬فقال رسول هّللا ‪ :‬أللهم إّن هؤالء أهل بي‪R‬تي‪ ،‬وبقي‬
‫طول حياته بعد ذلك يقف على باب دارهم يومّيا خمس مّرات أوقات الصالة اليومية ويقول‪ :‬الس‪RR‬الم عليكم ي‪RR‬ا أهل‬
‫‪513‬‬
‫البيت إّنما يريد هّللا ليذهب ‪....‬‬
‫ص‪359:‬‬

‫‪ .)1 ( 511‬جاء في لسان العرب وتاج العروس بمادة( عبد) عبد عبادة وعبودة وعبوديةاطاعة‪ ،‬والعبادة‪ :‬الطاعة مع الخضوع‪ ،‬وعبد الط‪R‬اغوت‪ :‬أي‬
‫اطاعة يعني الشيطان في ما سّو ل له وأغواه‪ ،‬واعبدوا ربكم أي أطيعوا ربكم‪ ،‬وأياك نعبد أي نطيع الطاعة التي يخضع معها‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 512‬بتفسير االية من تفسير الطبري والزمخشري والسيوطي‪ ،‬ومستدرك الصحيحين ‪ ،172 /3‬وذخائر العقبى للطبري ص ‪ ،138‬وأسد الغابة‬
‫‪ ،367 /5‬وحلية االولياء ‪ ،201 /3‬ومجمع الزوائد ‪ 103 /7‬و ‪.146 /9‬‬
‫‪ .)2 ( 513‬مضت مصادر الخبر في القسم االول من هذا الكتاب‪.‬‬
‫وّلما نزلت االية الكريمة‪ :‬فمن حاّج ك في‪RR‬ه من بع‪RR‬د م‪RR‬ا ج‪RR‬اءك من العلم فقل تع‪RR‬الوا ن‪RR‬دع أبنائنا وأبناءكم ونس‪RR‬اءنا‬
‫ونس‪RR‬اءكم وأنفس‪RR‬نا وأنفس‪RR‬كم ّثم نبته‪RR‬ل فنجع‪RR‬ل لعنة هّللا على الك‪RR‬اذبين (‪ /61‬آل عم‪RR‬ران) وأراد أن يباهل نص‪RR‬ارى‬
‫‪514‬‬
‫نجران؛ دعا رسول هّللا علّيا وفاطمة والحسن والحسين‪.‬‬

‫وفي رواية‪ :‬وقد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلف‪RR‬ه وعلي يمشي خلفه‪RR‬ا‪ ،‬وق‪RR‬ال لهم النبي‪ :‬إذا‬
‫دعوت فأّم نوا‪ ،‬فّلما رآهم أسقف نجران‪ ،‬قال‪ :‬يا معشر النصارى؛ إّني الرى وجوها لو سألوا هّللا أن يزيل جبال من‬
‫مكانه الزاله‪ ،‬فال تبتهلوا فتهلكوا‪ ،‬فصالحهم على دفع الجزية‪ 515.‬هذا بعض ما تلته أبناء ااّل م‪RR‬ة في قرآنه‪RR‬ا وس‪RR‬معته‬
‫في تفسيره عن رسول هّللا له وشاهدته يفّسرُه بعمله‪.‬‬
‫وأيضا سمعت رسول هّللا يقول‪:‬‬
‫‪516‬‬
‫من صّلى صالة لم يصّل فيها علّي وال على أهل بيتي لم تقبل منه‪.‬‬
‫وّلما سألوه كيف يصّلون عليه قال‪:‬‬
‫قولوا‪ :‬اللّهم صّلى على محمد وعلى آل محّم د كما صّليت على آل إبراهيم إّنك حميد مجيد‪ ،‬الّلهّم ب‪RR‬ارك على محّم د‬
‫‪517‬‬
‫وآل محّم د كما باركت على آل إبراهيم إّنك حميد مجيد‪.‬‬
‫ص‪360:‬‬
‫‪518‬‬
‫وسمعته يقول لعلي وفاطمة والحسن والحسين‪ :‬أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم‪.‬‬

‫وفي رواية‪ :‬أنا حرب لمن حاربكم وسلم لم سالمكم‪.‬‬


‫‪519‬‬
‫وأخذ بيد حسن وحسين‪ ،‬فقال‪ :‬من أحّبني وأحّب هذين وأباهما وُأّم هما كان معي في درجتي يوم القيامة‪.‬‬
‫‪520‬‬
‫ويقول‪ :‬الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا‪.‬‬
‫ويقول‪ :‬أاّل أخبركم بخير الناس جدا وج‪ّR‬د ة؟ أاّل أخ‪RR‬بركم بخ‪RR‬ير الناس ّع م‪RR‬ا وعّم ة؟ أاّل أخ‪RR‬بركم بخ‪RR‬ير الناس خ‪RR‬اال‬
‫وخالة؟ أاّل أخبركم بخير الناس أبا وأّم ا‪:‬‬
‫ص‪361:‬‬
‫‪521‬‬
‫الحسن والحسين‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 514‬صحيح مسلم‪ ،‬باب فضائل علي من كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬وسنن الترمذي‪ ،‬ومس‪RR‬تدرك الص‪RR‬حيحين ‪ ،150 /3‬ومس‪RR‬ند أحم‪RR‬د ‪،185 /1‬‬
‫وسنن البيهقي ‪ ،63 /7‬وتفسير االية بتفسير الطبري والسيوطي‪ ،‬والواحدي في أسباب النزول ص ‪ 74‬و ‪.75‬‬
‫‪ .)2 ( 515‬بتفسير االية بتفسير الكشاف للزمخشري‪ ،‬والتفسير الكبير للفخر الرازي‪ ،‬ونور االبصار للشبلنجي ص ‪.100‬‬
‫‪ .)3 ( 516‬سنن البيهقي ‪ ،379 /2‬وسنن الدارقطني ص ‪.136‬‬
‫هّللا‬
‫‪ .)4 ( 517‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الدعوات في باب الصالة على النبي‪ ،‬وفي كتاب التفسير‪ ،‬في باب تفسير قوله تع‪R‬الى‪ i\:‬ان ومالئكت‪R‬ه يص‪R‬لون‬
‫على النبي\‪ ،E‬وصحيح مسلم‪ ،‬في كتاب الص‪RR‬الة‪ ،‬ب‪RR‬اب الص‪RR‬الة على النبي( ص) بع‪RR‬د التشهد‪ ،‬ومس‪RR‬ند أحم‪RR‬د ‪ ،47 /2‬و ‪ ،353 /5‬واالدب المف‪RR‬رد‬
‫للبخاري ص ‪ ،93‬وسنن النسائي وابن ماجة والترم‪RR‬ذي‪ ،‬وال‪RR‬بيهقي ‪ 147 /2‬و ‪ ،279‬وال‪RR‬دارقطني ص ‪ ،135‬ومس‪RR‬ند الشافعي ص ‪ ،23‬ومس‪RR‬تدرك‬
‫الصحيحين ‪ ،269 /1‬وتفسير آية( ان هّللا ومالئكته ‪ )..‬من تفسير الطبري‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 518‬سنن الترمذي كتاب المناقب‪ ،‬وابن ماجة‪ ،‬المقّد مة‪ ،‬ومستدرك الصحيحين ‪ ،149 /1‬ومسند أحمد ‪ ،442 /2‬وأسد الغابة ‪ 11 /3‬و ‪،523 /5‬‬
‫ومجمع الزوائد ‪ ،169 /9‬وتاريخ بغداد ‪ ،136 /8‬والرياض النضرة ‪ ،199 /2‬وذخائر العقبى ص ‪.23‬‬
‫‪ .)2 ( 519‬مسند أحمد ‪ ،77 /1‬وسنن الترمذي كتاب المناقب‪ ،‬وتاريخ بغداد ‪ ،287 /3‬وتهذيب التهذيب ‪ ،430 /10‬وكنز العمال‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 520‬في باب مناقب الحسن والحسين من كتاب بدء الخلق من صحيح البخاري أن رجاًل سأل ابن عمر عن دم البعوض فقال‪ :‬ممن أنت؟ ق‪R‬ال‪:‬‬
‫من أهل العراق‪ ،‬قال‪ :‬انظروا إلى هذا! يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي( ص) وسمعت النبي( ص) يقول‪ :‬هما ريحانتاي من الدنيا‪.‬‬
‫وباب رحمة الولد وتقبيله‪ ،‬واالدب المف‪R‬رد ل‪R‬ه ص ‪ ،14‬وس‪R‬نن الترم‪R‬ذي‪ ،‬ومس‪R‬ند أحم‪R‬د ‪ 85 /2‬و ‪ 93‬و ‪ 114‬و ‪ ،153‬ومس‪R‬ند الطيالس‪R‬ي ‪،160 /8‬‬
‫وخصائص النسائي ص ‪ ،37‬ومستدرك الحاكم ‪ ،165 /3‬والرياض النضرة ‪ ،232 /2‬وحلية أبي نعيم ‪ 201 /3‬و ‪ ،70 /5‬وفتح الباري ‪،100 /8‬‬
‫ومجمع الزوائد ‪.181 /9‬‬
‫‪ .)1 ( 521‬مجمع الزوائد للهيثمي ‪ ،184 /9‬وذخائر العقبى ص ‪ ،130‬وكنز العمال ‪ ،114 -103 /13‬ط‪ .‬الثانية‪.‬‬
‫‪522‬‬
‫ويقول‪ :‬هذان ابناي وابنا ابنتي‪ ،‬اللهّم اّني أحّبهما فأحّبهما وأحّب من يحّبهما‪.‬‬
‫‪523‬‬
‫ويقول‪ :‬من أحّب الحسن والحسين فقد أحّبني‪ ،‬ومن أبغضهما فقد أبغضني‪.‬‬
‫‪524‬‬
‫ويقول‪ :‬كّل بني آدم ينتمون إلى عصبتهم إاّل ولد فاطمة فاّني أنا أبوهم وأنا عصبتهم‪.‬‬
‫وكان يصّلي في مس‪R‬جده فإذا س‪R‬جد وثب الحس‪R‬ن والحس‪R‬ين (ع) على ظه‪R‬ره‪ ،‬وإذا رفع رأس‪R‬ه أخ‪R‬ذهما فوض‪R‬عهما‬
‫‪525‬‬
‫وضعا رفيقا فإذا عاد عادا ‪....‬‬
‫وكان يخطب في مسجده إذ جاء الحسن والحس‪RR‬ين يمشيان ويع‪RR‬ثران‪ ،‬فنزل رس‪RR‬ول هّللا (ص) من المنبر فحملهم‪RR‬ا‬
‫‪526‬‬
‫ووضعهما بين يديه ‪...‬‬
‫ص‪362:‬‬
‫أعّد هّللا ورسوله ااّل مة في االيات واالحاديث االنفة لتنظر إلى أهل البيت عاّم ة بع‪RR‬د رس‪RR‬ول هّللا (ص) نظ‪RR‬رة إجالل‬
‫وإكبار وحّب ووالء‪ ،‬وكذلك في آيات أخ‪RR‬رى مث‪RR‬ل‪ :‬آي‪RR‬ة الخمس وس‪RR‬ورة هل أتى وآي‪RR‬ة وآت ذا القربى حّق ه‪ ،‬وفي‬
‫‪527‬‬
‫أحاديث عن النبي في تفسير تلك االيات وغيرها‪.‬‬

‫وخّص بالذكر من بينهم االم‪R‬ام الحس‪R‬ين في مث‪R‬ل أخب‪R‬ار هّللا نبّي ه باستشهاد االم‪R‬ام الحس‪R‬ين في ي‪R‬وم مول‪R‬ده وبع‪R‬ده‪،‬‬
‫‪528‬‬
‫واخبار رسوله أُّم ته بذلك مّرة بعد أخرى‪.‬‬
‫وكذلك في ما فعل االمام علي (ع) بعد رسول هّللا (ص) مثل روايت‪RR‬ه عن رس‪RR‬ول هّللا (ص) في طريقه إلى صفين‬
‫وغيره باستشهاد االمام الحسين (ع)‪.‬‬
‫وقوله فيبعض أّيام صّفين‪:‬‬
‫أّنني أنفس بهذين يعني الحسن والحس‪RR‬ين (ع) على الم‪RR‬وت لئال ينقط‪RR‬ع بهم‪RR‬ا نس‪RR‬ل رس‪RR‬ول هّللا صّلى هلل علي‪RR‬ه وآل‪RR‬ه‬
‫ّل ‪529‬‬
‫وس م‪.‬‬
‫هكذا ُو ّج َهت ااّل م‪RR‬ة إلى حّب االم‪RR‬ام الحس‪RR‬ين وإجالل مقام‪RR‬ه‪ ،‬أض‪RR‬ف إلى ذل‪R‬ك م‪RR‬ا ك‪RR‬ان عند بعض أبناء االّم ة من‬
‫نصوص عن الرسول في إمامة االئمة االثني عشر‪ ،‬وأّنهم حملة االسالم وحفظته وأن االمام الحسين ثالثهم‪.‬‬
‫ومهما يكن من أمر فان االم‪R‬ام الحس‪R‬ين ك‪R‬ان الرج‪R‬ل الوحي‪R‬د ال‪R‬ذي ورث حب المس‪R‬لمين لج‪R‬ده الرس‪R‬ول (ص) في‬
‫عصره‪.‬‬
‫ص‪363:‬‬

‫‪ .)2 ( 522‬الترمذي‪ ،‬كتاب المناقب‪ ،‬وخصائص النسائي ص ‪ ،220‬وكنز العمال ‪ ،99 /13‬ط‪ .‬الثانية‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 523‬سنن ابن ماجة‪ ،‬في فضائل الحسن والحسين‪ ،‬ومسند أحمد ‪ 288 /2‬و ‪ 440‬و ‪ ،531‬و ‪ ،369 /5‬وتاريخ بغداد ‪ ،141 /1‬وكنوز الحقائق‪.‬‬
‫ط‪ .‬اسالمبول ص ‪ ،134‬ومسند الطيالسي ‪ 327 /10‬و ‪ ،332‬ومجمع الزوائد ‪ 180 /9‬و ‪ 181‬و ‪ ،185‬وسنن البيهقي ‪ ،263 /2‬و ‪ ،28 /4‬وحلية‬
‫االولياء ‪ ،305 /8‬ومستدرك الصحيحين ‪ 166 /3‬و ‪.171‬‬
‫‪ .)4 ( 524‬مستدرك الصحيحين ‪ ،164 /3‬وتاريخ بغداد ‪ ،285 /11‬ومجمع الزوائد ‪ ،172 /9‬وذخائر العقبى ص ‪ ،121‬وكنز العمال ‪ 226 /6‬و‬
‫‪.220‬‬
‫‪ .)5 ( 525‬مستدرك الصحيحين ‪ 163 /3‬و ‪ 165‬و ‪ ،626‬ومسند أحمد ‪ ،513 /2‬و ‪ ،493 /2‬و ‪ ،51 /5‬وسنن البيهقي ‪ ،263 /2‬ومجمع الزوائد‬
‫للهيثمي ‪ 275 /9‬و ‪ 181‬و ‪ ،182‬وذخائر العقبى ص ‪ ،132‬وأسد الغابة ‪ ،389 /2‬والرياض النضرة ص ‪.132‬‬
‫‪ .)6 ( 526‬مسند أحمد ‪ ،389 /4‬و ‪ ،354 /5‬ومستدرك الحاكم ‪ ،287 /1‬و ‪ ،189 /4‬وسنن البيهقي ‪ ،218 /3‬و ‪ ،165 /6‬وسنن ابن ماجة باب لبس‬
‫االحمر للرجال من كتاب اللباس‪ ،‬وسنن النسائي‪ ،‬باب صالة الجمعة والعيدين‪ ،‬وسنن الترمذي‪ ،‬كتاب المناقب‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 527‬أسباب النزول للواحدي ص ‪ ،331‬وأسد الغابة ‪ ،535 /5‬والرياض النضرة ‪ ،227 /2‬ونور االبصار‪ ،‬للشبلنجي‪ ،‬وتفسير االي‪RR‬ة بتفس‪RR‬ير‬
‫السيوطي‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 528‬راجع قبله فصل( أنباء باستشهاد الحسين)‪.‬‬
‫‪ .)3 ( 529‬نهج البالغة‪ ،‬العدد ‪ 205‬من خطبه‪.‬‬
‫ولهذا رغب المسلمون يومذاك في أن يب‪R‬ايعوه بالخالفة ليص‪R‬بح بتل‪R‬ك البيع‪R‬ة الخليف‪R‬ة الشرعي بع‪R‬د معاوي‪R‬ة‪ ،‬يتب‪ّR‬وأ‬
‫عرش الخالفة بحقوقها‪ ،‬ولو أتيح له ذلك وأصبح خليفة المس‪RR‬لمين ب‪RR‬بيعتهم اّي اه لم‪RR‬ا اس‪RR‬تطاع أن يعي‪RR‬د إلى المجتم‪RR‬ع‬
‫االحكام االسالمّية التي بّد لها الخلفاء وغّيروها باجتهاداتهم‪ ،‬كما لم يس‪RR‬تطع االم‪RR‬ام علي (ع) ان يفع‪RR‬ل ذل‪RR‬ك بالنس‪RR‬بة‬
‫إلى اجتهادات الخلفاء الثالثة من قبله‪ 530،‬وكان على االمام الحسين لو ُبويع أن يقّر أحداث معاوية‪ -‬اجتهاداته‪ -‬على‬
‫حالها بما فيها لعن أبيه االمام علي (ع) على جميع منابر المسلمين باالضافة إلى اجتهادات الخلفاء الس‪RR‬ابقين‪ ،‬وّلم‪RR‬ا‬
‫لم يقّد ر للمسلمين أن يبايعوه بالخالفة أصبحت حاله لدى المسلمين حال الحرمين الشريفين‪ ،‬له الحرمة في نفوس‪RR‬هم‬
‫ولكّنهم انتهكوها في سبيل طاعة الخليفة وصّح ماقاله له الفرزدق في هذا الصدد (قلوب الناس مع‪RR‬ك وس‪RR‬يوفهم م‪RR‬ع‬
‫بني أمّية)‪.‬‬

‫في ضوء الدراسات السابقة نستطيع أن نعّرف مشكلة ذلك العصر كما يلي‪.‬‬
‫ص‪364:‬‬
‫حال المسلمين في عصر االمام الحسين عليه السالم‬
‫كان المسلمون في عاصمتي االسالم مك‪R‬ة والمدينة وعاصمتي الخالفة الكوفة والشام ي‪R‬رون التمس‪R‬ك بال‪R‬دين فى‬
‫طاعة الخليفة مهما كانت صفاته وفي كل م‪RR‬ا ي‪R‬أمر‪ ،‬وي‪R‬رون في الخ‪R‬روج علي‪R‬ه ش‪RR‬قا لعص‪RR‬ا المس‪RR‬لمين ومروق‪R‬ا من‬
‫ال‪RR‬دين‪ ،‬هذه ك‪RR‬انت ح‪RR‬التهم وفيهم بقي‪RR‬ة ممن رأى رس‪RR‬ول هّللا وس‪RR‬مع حديث‪RR‬ه‪ ،‬وفيهم الت‪RR‬ابعون باحس‪RR‬ان‪ ،‬وفيهم علّي ة‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫وبالقياس إلى هؤالء‪ ،‬كيف ك‪RR‬انت ح‪RR‬ال المس‪RR‬لمين في س‪RR‬ائر الحواض‪RR‬ر االس‪RR‬المية وبالده النائي‪RR‬ة مث‪RR‬ل من ك‪RR‬ان فى‬
‫أقاصي افريقي‪RR‬ا واي‪RR‬ران والجزي‪RR‬رة العربي‪RR‬ة ممن لم ي‪RR‬روا رس‪RR‬ول هّللا (ص) ولم يص‪RR‬احبوا أهل بيت‪RR‬ه او خ‪RR‬ريجي‬
‫مدرسته؟ اولئك المسلمين ال‪RR‬ذين ك‪RR‬انوا يعرفون االس‪RR‬الم من خالل م‪RR‬ا يرون‪RR‬ه في عاصمة الخالفة وبالط الخليف‪RR‬ة‬
‫خاصة ويمثل االسالم في عرفهم الخليفة وسيرته! وما أدراك ما الخليفة وماسيرته!‬
‫الخليفة الذي ال يردعه رادع من دين عن نيل ما يشتهيه! الخليفة الذي يشرب الخم‪RR‬ر‪ ،‬وي‪RR‬ترك الص‪RR‬الة! ويض‪RR‬رب‬
‫بالطنابير ويعزف عنده القيان ويلعب بالكالب ويسمر عنده الخّراب والفتيان‪.‬‬
‫‪531‬‬
‫الخليفة الذي ينكح ُأمهات االوالد والبنات واالخوات‪.‬‬
‫ص‪365:‬‬
‫الخليفة الذي يأمر بقتل سبط الرسول ويسبي بناته ويبيح حرم الرسول ويرمى الكعبة بالمنجنيق وينشد‪:‬‬
‫‪532‬‬
‫اخبر جاء وال وحي نزل‬ ‫لعبت هاشم بالملك فال‬

‫‪533‬‬
‫هذا هو االسالم الذي كانوا يجدونه لدى خليفة هّللا وخليفة رسوله‪.‬‬
‫وكان يقال للمسلمين في كل مكان‪ :‬اّن التمسك بالدين في طاعة هذا الخليفة‪.‬‬

‫‪ .)1 ( 530‬راجع قبله‪ ،‬شكوى االمام علي من تغيير الوالة قبله أحكام االسالم بباب‪ (:‬شكوى االمام علي( ع) من تغيير السّنة النبوية) في الجزء الثاني‬
‫من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 531‬هكذا وصفه اماثل أهل المدينة الذين وفدوا اليه وشاهدوه من قريب مع انه برهم واكرمهم‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 532‬ذكرنا مصادر هذه االخبار في ما سبق من هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪ .)2 ( 533‬كانت عصبة الخالفة تسِّم ي الخليفة بخليفة هّللا كما مَّرت االشارة إليه‪ ،‬وقد قال مروان ابن أبي حفصة في وصف دفاع معن عن المنصور‬
‫يوم الهاشمية‪:‬‬
‫ما زلت يوم الهاشمية معلنابالسيف دون خليفة الرحمن مروج الذهب ‪.286 /3‬‬
‫إذا فقد تبين ان المشكلة يوم ذاك لم تكن مشكلة تسلط الحاكم الجائر كي يعالج بتبديله بحاكم عادل‪ ،‬بل كانت مشكلة‬
‫ضياع االحكام االسالمية‪ ،‬وتدُّين المسلمين بطاعة الخليفة مهما كانت اوام‪RR‬ره‪ ،‬ورؤيتهم لمقام الخالفة‪ ،‬وم‪RR‬ع هذه‬
‫الحالة كان العالج منحصرا بتغيير رؤية المسلمين هذه وعقيدتهم تلك كي تتيسر بعد ذلك اعادة االحك‪RR‬ام االس‪RR‬المية‬
‫من جديد‪ ،‬وكان االنسان الوحيد الذي يس‪RR‬تطيع ان ينهض بعبء هذا التغي‪RR‬ير هو االم‪RR‬ام الحس‪RR‬ين (ع) لمنزلت‪RR‬ه من‬
‫رسول هّللا (ص) ومقامه منه‪ ،‬ولما جاء في حقه من االيات واالحاديث‪.‬‬
‫كان على هذا االنسان مع تلك الميزات ان يختار يومئذ احد أمرين الثالث لهما‪:‬‬
‫إما ان يبايع يزيد ويحظى بعيش رغيد في الدنيا مع بقاء حّب المسلمين واحترام كافة الناس إّياه وهو يعلم ان بيعته‪:‬‬
‫اوال‪ :‬اقرار منه ليزيد على كل فجوره وكفره وتظاهره بهما!‬
‫ص‪366:‬‬
‫وثانيا‪ :‬إقرار منه للمسلمين في ما يعتقدونه في امثال يزي‪RR‬د ممن ترب‪RR‬ع على دس‪RR‬ت الخالفة بالبيع‪RR‬ة ب‪RR‬انهم الممثل‪RR‬ون‬
‫الشرعيون هلل ورسوله وان طاعتهم واجبة على كل حال وفي كل ما يأمرون!‬

‫وفي كال االقرارين قضاء على شريعة جده سيد المرسلين‪ ،‬وتؤول شريعته بع‪RR‬د ذاك م‪RR‬آل ش‪RR‬ريعة موس‪RR‬ى وعيس‪RR‬ى‬
‫وشرايع سائر النبيين‪ ،‬وبذلك كان سبط رسول هّللا يحمل آثام أهل عصره وآثام من جاء بعدهم إلى يوم القيامة‪ ،‬فانه‬
‫لم يكن قد بقي من الرسول سبط غير الحسين‪ ،‬ولم يمهد الحد ما مهد له كما ذكرنا‪ ،‬ولم يكن ي‪RR‬أتي بع‪RR‬ده من يص‪RR‬بح‬
‫له شأن عند المسلمين كشأن االمام الحسين (ع)‪.‬‬
‫إذن فهو االنسان الوحيد الذي انيطت به تلك المهمة الخطيرة مدى الدهر وعليه ان يختار احد أمرين‪ :‬اما ان يبايع‪،‬‬
‫واما ان ينكر على يزيد اعماله‪ ،‬وينكر على المسلمين كافة اقرارهم اعمال يزيد‪ ،‬وبذلك يغير ما كانوا علي‪RR‬ه ويمكن‬
‫االئمة من بعده من ان يقوموا باحياء ما اندرس من شريعة جده‪ .‬وهذا ما اختاره االمام الحس‪RR‬ين (ع) واس‪RR‬تهدفه في‬
‫قيامه واتخذه شعارا لنفسه‪ ،‬وسلك سبيال يوصله اليه‪ .‬كما نبينه في ما يلي‪:‬‬
‫ص‪367:‬‬
‫هدف االمام الحسين (ع) وشعاره وسبيله‬
‫رفع االمام شعار بطالن حكم الخالفة القائم وان فيه خطرا على االسالم حيث قال‪:‬‬
‫«وعلى االسالم السالم إذ قد بليت االمة براع مثل يزيد»‪.‬‬
‫قال ذلك في جواب من قال له‪:‬‬
‫بايع امير المؤمنين يزيد فهو خير لك في الدارين‪.‬‬
‫قال ذلك في ظرف كان يقال له‪:‬‬
‫ياحسين أال تتقي هّللا تخرج من الجماعة وتفّرق بين هذه االمة!‬
‫قال ذلك في ظرف قال له ابن عمر‪:‬‬
‫‪534‬‬
‫اتق هّللا والتفّرق جماعة المسلمين‪.‬‬
‫في هذا الظرف قال االمام الحسين (ع)‪:‬‬
‫وهّللا لو لم يكن في الدنيا ملجأ وال مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية أبدا‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 534‬الطبري ‪.191 /6‬‬
‫وكان مؤّد ى هذا الشعار صحة امر االمامة وبطالن أمر الخالفة القائم‪RR‬ة ويتض‪RR‬ح ذل‪RR‬ك ب‪RR‬اجلى من هذا في وصيته‬
‫الخيه محمد بن الحنفية حيث كتب فيها‪:‬‬
‫«انما خرجت لطلب االصالح في ُأمة جدي (ص) أريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر‪ ،‬وأسير بس‪R‬يرة ج‪R‬دي‬
‫وأبي علي بن أبي طالب‪ .‬فمن قبلني بقبول‬
‫ص‪368:‬‬
‫الحق فاهلل أولى بالحق‪ ،‬ومن رّد علّي هذا أصبر حتى يقضي هّللا بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين»‪.‬‬

‫أسقط االمام الحسين في هذه الوصية ذكر الخلفاء ابي بكر وعمر وعثمان ومعاوي‪RR‬ة وذك‪RR‬ر س‪RR‬يرتهم‪ ،‬وصرح بان‪RR‬ه‬
‫يريد ان يسير بسيرة جده وابيه‪.‬‬
‫وتتلخص سيرة الخفاء في‪:‬‬
‫مجيئهم إلى الحكم استنادا إلى بيع‪R‬ة المس‪R‬لمين اي‪R‬اهم كي‪R‬ف م‪R‬ا ك‪R‬انت البيع‪R‬ة‪ ،‬ثم حكمهم المس‪R‬لمين وفق اجته‪R‬اداتهم‬
‫الخاصة في االحكام االسالمية‪.‬‬
‫وتتلخص سيرة ابيه وجده في‪:‬‬
‫حملهما االسالم إلى الناس‪ ،‬ودعوتهما الناس إلى العمل به‪ ،‬ووقوفهما عند احكام االسالم‪ ،‬ك‪RR‬انت هذه س‪RR‬يرتهما في‬
‫جميع االحوال‪ ،‬سواء أكانا حاكمين مثل عهد الرسول في المدينة واالمام علي بعد مقت‪RR‬ل عثم‪RR‬ان‪ ،‬أو غ‪RR‬ير ح‪RR‬اكمين‬
‫مثل حالهما قبل ذلك‪ ،‬فقد كان للرس‪R‬ول س‪R‬يرة في مك‪R‬ة ولالم‪R‬ام علي س‪R‬يرة قب‪R‬ل ان يلي الحكم‪ ،‬وس‪R‬يرتهما في كلت‪R‬ا‬
‫الحالين حمل االسالم إلى االمة‪ ،‬أحدهما بّلغه عن هّللا واالخر عن رسوله‪.‬‬
‫في كلتا الحالين دعوا إلى االسالم وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر‪.‬‬
‫واالمام الحسين (ع) يريد ان يسير بسيرتهما كذلك‪ ،‬واليريد ان يس‪RR‬ير بس‪RR‬يرة الخلف‪RR‬اء‪ ،‬فمن قبل‪RR‬ه بقب‪RR‬ول الح‪RR‬ق فاهلل‬
‫اولى بالحق‪ ،‬ومن رّد عليه ذلك صبر حتى يقضي هّللا بينه وبين عصبة الخالفة بالحق‪.‬‬
‫***‬
‫يعرف مما اوردنا ومن سائر اعمال االمام واقواله في ايام قيامه‪ ،‬انه ك‪RR‬ان ق‪RR‬د حم‪RR‬ل إلى الناس ش‪RR‬عار بطالن ام‪RR‬ر‬
‫الخالفة القائمة‪ ،‬وصحة امر االمامة‪ .‬وهدفه من كل ما قال وفع‪RR‬ل‪ ،‬ان ي‪RR‬ؤمن االخ‪RR‬رون به‪RR‬ذا الشعار‪ .‬فمن آمن ب‪RR‬ه‬
‫اهتدى ومن لم يؤمن بعد ان بلغه نداء االمام تمت الحجة عليه‪ ،‬ومن ثم كان يعمل‬

‫ص‪369:‬‬
‫جاهدا في سبيل نشر قضيته‪.‬‬

‫كان هذا شعار االمام وهدفه واتخذ الشهادة سبيال للوصول إلى هدفه‪ ،‬ولنعم ما قال الشاعر على لسانه‪:‬‬
‫إاّل بقتلي ياسيوف خذيني‬ ‫ان كان دين محمد لم يستقم‬

‫ومما يدل على ذلك ما جاء في كتابه إلى بني هاشم‪:‬‬


‫أما بعد‪ ،‬فان من لحق بي استشهد‪ ،‬ومن تخلف لم يدرك الفتح‪.‬‬
‫صرح االمام في هذا الكتاب بأن سبيله الشهادة ومآلها الفتح‪ ،‬وكذلك كان ش‪R‬أن س‪R‬ائر أقوال‪R‬ه وأفعال‪R‬ه في هذا القي‪R‬ام‬
‫فانها كلها توضح ما حمل من شعار‪ ،‬وما اتخذ من سبيل وهدف‪ ،‬وكان حين يدعو ويستنصر ي‪RR‬دعو ويستنص‪RR‬ر من‬
‫يشاركه في كل ذلك على بصيرة من امره‪ ،‬مثل قصته م‪R‬ع زهير بن القين فان االم‪R‬ام حين دع‪R‬اه ذهب إلى االم‪R‬ام‬
‫متكارها‪ ،‬ثم مالبث‪ -‬كما قال الراوي‪ -‬أن جاء مستبشرا قد اسفر وجهه‪ ،‬فأمر بفسطاطه فحمل إلى الحس‪RR‬ين (ع)‪ ،‬ثم‬
‫قال المراته‪ :‬انت طالق! الحقي بأهلك‪ ،‬فاني ال احب ان يص‪RR‬يبك من س‪RR‬ببي إاّل خ‪RR‬ير‪ ،‬ثم ق‪RR‬ال الصحابه‪ :‬من احب‬
‫منكم الشهادة فليقم وإاّل فانه آخر العهد‪.‬‬
‫اخبر زهير بمصيره قبل ان يصل إلى ركب االمام خبر استشهاد مسلم وهانئ وانقالب اهل الكوفة على اعقابهم‪،‬‬
‫واخبرهم انه سمع في غزوة بلنجر من الصحابي سلمان الباهلي ان يستبشروا بادراك هذا اليوم‪.‬‬
‫‪535‬‬
‫كان االمام يدعو انصارا من هذا القبيل‪ ،‬ويبعد عن نفسه من اتبعه أمال بوصول االمام إلى الحكم‪.‬‬
‫اعلن االمام عن سبيله هذا‪ ،‬ورفع شعاره ذلك‪ ،‬مرة بعد اخرى‪ ،‬وفي منزل بعد منزل‪ .‬فقد قال في جواب ابن عمر‪:‬‬
‫ص‪370:‬‬
‫ياعبد هّللا ! أما علمت ان من هوان الدنيا على هّللا ان رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغّي من بغايا بني اسرائيل ‪...‬‬
‫فلم يعجل هّللا عليهم بل اخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر! ثم يقول له‪ :‬اّتق هّللا ‪ ،‬ياأبا عبد الرحمن والتدعَّن نصرتي‪.‬‬

‫كأن االمام يشير في حديثه إلى ان شأنه شأن يحيى ويدعو ابن عمر إلى نصره في ما اختار لنفسه من سبيل‪.‬‬
‫وقال االمام في خطبته عند توجهه إلى العراق‪:‬‬
‫خّط الموت على ولد آدم مخّط القالدة على جيد الفتاة‪ ،‬وما أولهني إلى اسالفي اشتياق يعقوب إلى يوسف‪ ،‬وقد خير‬
‫لي مصرع أنا القيه‪ ،‬كأني بأوصالي تقطعها عسالن الفل‪RR‬وات بين النواويس وك‪RR‬ربال‪ ،‬فيمالن م‪RR‬ني أكراش‪RR‬ا جوفا‪،‬‬
‫واحوي‪RR‬ة س‪RR‬غبا‪ ،‬ال محيص عن ي‪RR‬وم خ ‪ّR‬ط ب‪RR‬القلم‪ .‬رض‪RR‬ا هّللا رض‪RR‬انا أهل ال‪RR‬بيت نص‪RR‬بر على بالئ‪RR‬ه ويوفينا اج‪RR‬ور‬
‫الصابرين‪ ،‬لن تشّذ عن رسول هّللا لحمته‪ ،‬وهي مجموعة له في حضيرة القدس‪ ،‬تقّر بهم عينه وينجز بهم وعده‪.‬‬
‫من كان باذال فينا مهجته‪ ،‬وموطنا على لقاء هّللا نفسه فليرحل معنا ‪....‬‬
‫‪536‬‬
‫وما نزل االمام منزال وال ارتحل منه إاّل ذكر يحيى بن زكريا ومقتله‪.‬‬
‫لّبى االمام نداء أهل الكوفة اتماما للحجة‪:‬‬
‫كان االمام يعلم بالبداهة وبحسب حكم طبايع االشياء‪ ،‬ومع صرف النظ‪R‬ر عّم ا ك‪RR‬ان ق‪R‬د علم‪RR‬ه من االم‪RR‬ور الغيبي‪R‬ة‬
‫بانباء رسول هّللا عن هّللا عّز اسمه بمقتله‪ ،‬كان يعلم ان عليه ان يختار احد اثنين ال ثالث لهما‪ :‬إما البيعة وإما القتل‪،‬‬
‫وكان يشير إلى ذلك في اقواله مرة بعد اخرى‪ ،‬وقد بان ذلك منذ اول مرة طلب منه البيعة بع‪R‬د م‪R‬وت معاوي‪R‬ة حيث‬
‫اشار مروان على والي المدينة ان‬
‫ص‪371:‬‬
‫يأخذ منه البيعة وان يقتله ان أبى‪ ،‬ففّر منهم االمام الى مكة والتجأ إلى بيت هّللا الحرام‪.‬‬
‫وتبين له في مكة ان يزيد يريد ان يغتاله‪ ،‬وخشي ان يكون الذي ُتستباح به حرمة البيت كما صّرح به الخيه محم‪RR‬د‬
‫ابن الحنفية وقاله أيضا البن الزبير حين قال له‪:‬‬

‫‪ .)1 ( 535‬راجع قبله ص ‪.200‬‬


‫‪ .)1 ( 536‬مضى ذكر مصادر هذه االخبار‪.‬‬
‫وايم هّللا لو كنت في جح‪R‬ر هام‪R‬ة من هذه اله‪R‬وام الس‪R‬تخرجوني ح‪R‬تى يقض‪R‬وا فّي ح‪R‬اجتهم‪ ،‬وهّللا ليعت‪R‬دّن علّي كم‪R‬ا‬
‫اعتدت اليهود في السبت ‪...‬‬
‫وهّللا الن أقتل خارجا منها احب الّي من ان اقتل داخال منها بشبر‪.‬‬
‫وقال البن عباس‪:‬‬
‫الن ُأقتل بمكان كذا وكذا أحب الي من أن أقتل بمكة وتستحّل بي‪.‬‬
‫إذا فان االمام كان يعلم انه ال محيص له عن القت‪R‬ل اينم‪RR‬ا ك‪RR‬ان‪ ،‬م‪RR‬ازال ممتنع‪RR‬ا عن بيع‪RR‬ة خليف‪RR‬ة المس‪RR‬لمين يزي‪R‬د بن‬
‫معاوية فاختار سبيل الشهادة لنفسه ولمن تبعه!‬
‫أما أهل الكوفة فانهم بعد ان توالت كتبهم إلى االمام الحسين (ع) يقولون فيها انه ليس علينا ام‪RR‬ام فأقب‪RR‬ل لع‪RR‬ل هّللا ان‬
‫يجمعنا بك على الحق‪ ،‬والنعمان بن بشير في قصر االمارة لسنا نجتمع معه في جمعة وال عيد‪ ،‬ولو قد بلغنا انك قد‬
‫اقبلت اخرجناه حتى نلحقه بالشام‪.‬‬
‫ويقولون‪:‬‬
‫إلى الحسين بن علي من شيعته المؤمنين والمس‪RR‬لمين‪ .‬أم‪RR‬ا بع‪RR‬د فحّي هال‪ ،‬فان الناس ينتظرون‪RR‬ك‪ ،‬وال رأي لهم في‬
‫غيرك‪ ،‬فالعجل العجل ‪....‬‬
‫وكتب اليه رؤساء أهل الكوفة‪ :‬فأقدم على جند لك مجّند‪.‬‬
‫وكتبوا اليه‪ :‬انه معك مائة ألف سيف‪.‬‬
‫بعدما توالت عليه أمثال الكتب االنفة من الرجل واالثنين واالربعة ومن‬
‫ص‪372:‬‬
‫رؤساء أهل الكوفة وتكاثرت حتى مالت خرجين‪.‬‬

‫بعد كل ذلك لو ان االمام لم يلّب دعوة أهل الكوفة‪ ،‬وبايع يزيد‪ ،‬او انه لم يبايع يزيد ولكنه استشهد بمكان آخر‪ ،‬كان‬
‫عندئذ قد فرط في حّق اهل الكوفة‪ .‬وكان الناس أبد الدهر وجيال بعد جيل يسجلون الهل الكوفة الح‪RR‬ق على االم‪RR‬ام‪،‬‬
‫وفي يوم القيامة كانت لهم الحجة على هّللا جّل اسمه‪ ،‬وهلل الحجة البالغة على خلقه‪.‬‬
‫إذن فما فعله االمام الحسين (ع) مع أهل الكوفة كان من باب اتمام الحجة عليهم وليس غ‪RR‬يره‪ ،‬ول‪RR‬و لم يكن هذا ب‪RR‬ل‬
‫كان سبب توجه االمام الحسين (ع) إلى العراق انخداعه بكتب أهل الكوفة وطلبهم الحثيث‪ ،‬لرج‪RR‬ع حين بلغ‪RR‬ه خ‪RR‬بر‬
‫‪537‬‬
‫مقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة‪ ،‬ومن قبل ان يصل اليه الحّر بن يزيد ويالزمه بأيام‪.‬‬
‫اجل ان االمام الحسين (ع) قد أتّم الحج‪R‬ة بم‪R‬ا فع‪R‬ل على اهل الع‪R‬راق وعلى غ‪R‬يرهم وق‪R‬ال هّللا س‪R‬بحانه‪ :‬لئال يك‪R‬ون‬
‫للناس على هّللا حجة بعد الرسل‪.‬‬
‫ذهب إلى العراق التمام الحجة ال لقول بني عقيل‪:‬‬
‫وقد يتوّهم متوّهم ويقول‪ :‬كان سبب ذهاب االمام إلى العراق بعد وصول نبأ مقتل مسلم وهانئ اليه قول بني عقيل‪:‬‬
‫«النبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق اخونا» وان االمام بسبب هذا القول عّرض نفسه ونفوس من معه للقتل‪،‬‬
‫فالحق ان هذا ليس بصحيح وال ينبغي ان يقوله من له مسكة من عقل‪ ،‬وانما الصحيح اّنه لما ك‪RR‬ان س‪ّRR‬يان لالم‪RR‬ام ان‬

‫‪ .)1 ( 537‬راجع قبله ص ‪.220 -198‬‬


‫يتوجه إلى العراق أو إلى اي بلد آخر بالنسبة إلى المصير الذي كان ينتظر االمام‪ ،‬وهو القت‪RR‬ل‪ ،‬م‪RR‬ازال ممتنع‪RR‬ا عن‬
‫بيعة خليفة المسلمين يزيد‪ ،‬وكان من واجبه اتمام الحجة على اهل العراق‬
‫ص‪373:‬‬
‫ولما تتم يوم ذاك‪ ،‬وانما تمت بعد ان ألقى عليهم هو واصحابه الخطبة بع‪R‬د الخطب‪R‬ة منذ ان قاب‪R‬ل جيش الح‪R‬ر ح‪R‬تى‬
‫يوم عاشوراء وعند ذاك فقد تمت الحجة عليهم‪ .‬إذا كان البد لالمام ان يذهب إلى كربالء بعد اطالعه على مصرع‬
‫مسلم وهانئ ايضا‪ ،‬دون الرجوع من حيث اتى أو الذهاب إلى اي بلد آخر‪.‬‬

‫وقد اتم االمام الحجة على اهل الكوفة وعلى من بلغه خبره من معاصريه في انك‪RR‬اره على الط‪RR‬اغوت يزي‪RR‬د انك‪RR‬ارا‬
‫دوى صداه على وجه االرض‪ ،‬وبقي مدويا ما كر الجديدان‪ ،‬فانه لم يكتف باالمتناع عن بيع‪RR‬ة يزي‪RR‬د والجل‪RR‬وس في‬
‫داره حتى يقتل فيها ويذهب ضحية باردة ثم تطمس اجهزة الخالفة على حقيقة خبره‪ ،‬بل قام بك‪R‬ل م‪R‬ا ينشر خ‪R‬بره‪،‬‬
‫ويعلن حقيقة امره وامر الخالفة كما نشرحه في مايلي‪:‬‬
‫ص‪374:‬‬
‫حكمة االمام (ع) في كيفية قيامه‬
‫عارض االمام في المدينة بيعة خليفة اكتسب شرعية حكمه لدى المسلمين ببيعتهم اي‪RR‬اه‪ ،‬وق‪RR‬اوم عص‪RR‬بة الخالفة في‬
‫المدينة حتى انتشر خبره‪ ،‬ثم توجه إلى مكة والتزم الطريق االعظم ولم يتنكبه مثل ابن الزب‪R‬ير‪ ،‬وج‪R‬اء مك‪R‬ة والتج‪R‬أ‬
‫إلى بيت هّللا الحرام فاشرأبت اليه أعناق المعتمرين‪ ،‬وتحلقوا حوله يستمعون إلى سبط نبيهم وهو يحدثهم عن سيرة‬
‫جده ويشرح لهم انحراف الخليفة عن تلك السيرة! ثم أعلن دعوته وكاتب البالد ودع‪RR‬ا االم‪RR‬ة إلى القي‪RR‬ام المس‪RR‬لح في‬
‫وجه الخالفة‪ ،‬وتغيير ما هم عليه‪ ،‬وطلب منهم البيعة على ذلك‪ ،‬وليس على ان يعينوه ليلي الخالفة‪ ،‬ولم يمّن االمام‬
‫احدا بذلك بتاتا ولم يذكره في خطاب ولم يكتبه في كتاب‪ ،‬ب‪R‬ل ك‪R‬ان كّلم‪R‬ا ن‪R‬زل م‪R‬نزال او ارتح‪R‬ل ض‪R‬رب بيح‪R‬يى بن‬
‫زكريا مثال لنفسه‪ ،‬وحق له ذلك فان كال منهم‪R‬ا انك‪R‬ر على ط‪R‬اغوت زمان‪R‬ه الطغي‪R‬ان والفس‪R‬اد‪ ،‬وقاوم‪R‬ه ح‪R‬تى قت‪R‬ل‪،‬‬
‫وحمل رأسه إلى الطاغية! فعل ذلك يحيى بمفرده‪ ،‬والحسين مع اعوان‪RR‬ه وانص‪RR‬اره واهل بيت‪RR‬ه‪ ،‬وال يفع‪RR‬ل ذل‪RR‬ك من‬
‫يريد ان يجمع الناس حوله ويستظهر بهم ليلي الخالفة‪ ،‬بل يمّنيهم بالنصر واالس‪RR‬تيالء على الحكم وال ي‪RR‬ذكر للناس‬
‫ما يؤدي إلى الوهن والفشل‪.‬‬
‫بقي االمام اربعة اشهر في مكة بما فيهن اشهر الحج‪ ،‬واجتمع به المعتمرون اوال ثم الوافدون لحج بيت هّللا الح‪RR‬رام‬
‫من كّل فّج عميق‪ ،‬وهو يروي لهم عن جده الرس‪R‬ول (ص) عن هّللا م‪R‬ايخوفهم معص‪R‬يته‪ ،‬ويح‪R‬ذرهم عذاب‪R‬ه في ي‪R‬وم‬
‫القيامة‪ ،‬ويدعوهم إلى تقوى هّللا وطلب مراضيه‪ ،‬وينبههم إلى خطر‬
‫ص‪375:‬‬
‫الخالفة القائمة على االسالم‪ ،‬فيسمعون منه ما لم يسمعوا من غ‪RR‬يره في ذل‪RR‬ك العص‪RR‬ر‪ ،‬وبقي هك‪RR‬ذا ح‪RR‬تى اقب‪RR‬ل ي‪RR‬وم‬
‫التروية‪ ،‬واحرم الحاج للحج‪ ،‬واتجهوا إلى عرفات ملّبين‪.‬‬

‫في هذا الوقت خالف االمام الحجيج واحل من احرامه وخرج من الح‪RR‬رم ق‪RR‬ائال اخشى ان تغت‪RR‬الني عص‪RR‬بة الخالفة‬
‫الني لم أبايع فتهتك بي حرمة الحرم‪ ،‬والن اقتل خارجا منه بشبر احب الّي من اقتل داخال بشبر‪ .‬ان االم‪R‬ام لم يقل‬
‫عندئذ اذهب إلى العراق اللي الحكم؛ بل قال‪ :‬اذهب القتل خارجا من الحرم بشبر‪.‬‬
‫ويعود الحجيج إلى مواطنهم ويبلغ معهم خبر االمام الحسين إلى منتهى الخّف والحافر‪ ،‬ويبل‪RR‬غ خ‪RR‬بره إلى أي صقع‬
‫من اصقاع االرض يمّر به ركب الحجيج الذي يحمل معه إلى المسلمين في كل مكان النبأ العظيم‪ ،‬نبأ خروج س‪RR‬بط‬
‫نبيهم على الخالفة القائمة ودعوت‪R‬ه المس‪R‬لمين إلى القي‪R‬ام المس‪R‬لح ض‪R‬د الخالفة الن‪R‬ه ي‪R‬رى الخليف‪R‬ة ق‪R‬د انح‪R‬رف عن‬
‫االسالم ويرى الخطر محدقا باالسالم مع استمرار هذا الحكم‪ ،‬فيتعطش المسلمون في كل مك‪RR‬ان لمعرفة م‪RR‬آل هذه‬
‫المعركة‪ ،‬معركة أهل بيت الرسول مع عصبة الخالفة‪ ،‬ويتنسمون اخبارها فيبلغهم ان الحسين (ع) خ‪RR‬رج ال يلوي‪RR‬ه‬
‫شيء‪ ،‬وال يثني عزمه تحذير المحذرين‪ ،‬وال تخ‪RR‬ذيل المخ‪ّR‬ذ لين‪ ،‬ال يلوي‪RR‬ه ق‪RR‬ول عبدهّللا بن عم‪RR‬ر‪ :‬اس‪RR‬تودعك هّللا من‬
‫قتيل‪ ،‬وال قول الفرزدق‪ :‬قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني امية‪ ،‬وال كتاب عمرة وحديثها عن عائشة عن رسول‬
‫هّللا انه يقتل بارض بابل‪ ،‬هكذا تبلغهم اخبار االمام خبرا بعد خبر‪ ،‬ويمضي الحسين (ع) متريثا متهمال اليخفي من‬
‫امره شيئا‪ ،‬بل يبادر إلى كل فعل يشهر مخالفته للخليف‪RR‬ة يزي‪R‬د‪ ،‬فيأخ‪R‬ذ م‪RR‬ا ارس‪RR‬له والي اليمن الى الخليف‪RR‬ة من تح‪R‬ف‬
‫وعطور ويعلن بفعله هذا عدم شرعية تصرف الخليفة‪ ،‬وكذلك يفعل كل ما يتم به الحجة على من اجتمع به او بلغه‬
‫خبره‪ ،‬ويبالغ في ذلك‪ ،‬واخيرا يستقبل بالماء جيش عدوه وقد اجهده العطش في صحراء ال ماء‬
‫ص‪376:‬‬
‫فيها يرويهم وي‪R‬روي م‪R‬راكبهم‪ ،‬وال يقب‪R‬ل ان يب‪R‬اغت هذا الجيش ب‪R‬الحرب‪ ،‬ب‪R‬ل ي‪R‬تركهم ليكون‪R‬وا هم ال‪R‬ذين يبدأون‪R‬ه‬
‫بالحرب‪ ،‬ثم انه يتُّم الحجة على هذا الجيش ويخاطبهم بعد ان يؤمهم بالصالة ويقول‪:‬‬

‫معذرة إلى هّللا عّز وجّل واليكم‪ ،‬إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم‪ ،‬وقدمت علّي رسلكم ان أقدم علينا فانه ليس لنا ام‪RR‬ام‬
‫لعل هّللا يجمعنا بك على الهدى‪ ،‬فان كنتم على ذلك‪ ،‬فقد جئتكم‪ ،‬فان تعطوني ما أطمئن اليه من عهودكم وم‪RR‬واثيقكم‬
‫أقدم مصركم‪ ،‬وان لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين‪ ،‬انصرف عنكم‪.‬‬
‫وقال في خطبته الثانية‪:‬‬
‫إن تتقوا وتعرفوا الحق الهله يكن ارض هلل‪ ،‬ونحن اهل البيت اولى بوالية هذا االمر عليكم من هؤالء الم‪ّR‬د عين م‪RR‬ا‬
‫ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان‪.‬‬
‫وأتّم الحجة أيضا على اصحابه وخطب فيهم وقال‪:‬‬
‫أال ترون ان الحق اليعمل به وان الباطل اليتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء هّللا محقا‪ ،‬فاني ال أرى الم‪RR‬وت إاّل‬
‫سعادة والحياة‪ 538‬مع الظالمين إاّل برما‪.‬‬
‫فقال له اصحابه‪ :‬وهّللا لو كانت الدنيا باقية وكنا فيها مخلدين إاّل ان فراقه‪RR‬ا في نص‪RR‬رك ومواس‪RR‬اتك الثرن‪R‬ا الخ‪R‬روج‬
‫معك على االقامة فيها‪.‬‬
‫وقال في جواب اقتراح الطرّم اح ان يذهب إلى جبلي طّي فيدافع عنه عشرون ألف ط‪RR‬ائي‪ :‬ان‪RR‬ه ق‪RR‬د ك‪RR‬ان بيننا وبين‬
‫هؤالء القوم قول لسنا نقدر معه على االنصراف‪.‬‬
‫إّنه قد كان بين الحسين (ع) وبين أهل العراق عهٌد ان يذهب اليهم وال‬
‫ص‪377:‬‬
‫يقدر ان ينصرف عنهم حتى يتم الحجة عليهم‪.‬‬

‫***‬

‫‪ .)1 ( 538‬في الطبري( إاّل شهادة وال الحياة) تصحيف‪.‬‬


‫أتّم االمام الحسين (ع) الحجة على المسلمين في بالدهم وحواضرهم وعواصمهم مدة خمسة أشهر‪ ،‬سواء من ك‪RR‬ان‬
‫منهم في الحرمين أو العراقين‪ -‬البصرة والكوفة‪ -‬وكذلك من كان في الشام حين اس‪RR‬معهم حجج‪RR‬ه في خطب‪RR‬ه وكتب‪RR‬ه‬
‫وعلى لسان رسله وأبلغهم نبأه‪.‬‬

‫وباشر القيام المسلح بأخذه البيعة ممن بايعه على ذلك‪ ،‬ثم في قتال سفيره مس‪RR‬لم ثم في توجه‪RR‬ه إلى الع‪RR‬راق متريث‪RR‬ا‪،‬‬
‫وك‪RR‬ان بامك‪RR‬ان جم‪RR‬اهير الحجيج ان يلتحقوا بع‪RR‬د الحج بركب‪RR‬ه المتمه‪RR‬ل في الس‪RR‬ير‪ ،‬وك‪RR‬ان بامك‪RR‬ان أهل الح‪RR‬رمين‬
‫والعراقين وسائر البالد االسالمية ان يلّبوا دعوته حين استنصرهم‪ ،‬فانه لم يأخذ على حين غّرة ليكون‪RR‬وا مع‪RR‬ذورين‬
‫النه لم تؤاتهم الفرصة لنصرته‪ ،‬بل انه تنقل من بلد إلى بلد ي‪RR‬داور عص‪RR‬بة الخالفة ويح‪RR‬اور بمنظ‪RR‬ر من المس‪RR‬لمين‬
‫ومخبر‪ ،‬اذن فقد اشترك الجميع في تخذيله‪ ،‬وان تفرد أهل الكوفة بحمل العار في دعوت‪RR‬ه‪ ،‬وتلبي‪RR‬ة دعوت‪RR‬ه ثم قت‪RR‬الهم‬
‫اياه!‪.‬‬
‫***‬
‫أتّم االمام الحسين (ع) الحجة على المسلمين عامة بما ق‪RR‬ال وفع‪RR‬ل من قب‪RR‬ل ان يص‪RR‬ل إلى عرصات ك‪RR‬ربالء‪ ،‬ولم‪RR‬ا‬
‫انتهى اليها وقلب له أهل الع‪R‬راق ظه‪R‬ر المجن‪ ،‬وازدل‪R‬ف الي‪R‬ه هناك عشرات االل‪R‬وف منهم‪ ،‬يتقرب‪R‬ون إلى عص‪R‬بة‬
‫الخالفة بدمه‪ ،‬عند ذاك اتم عليهم‪ -‬على عصبة الخالفة خاصة‪ -‬الحجة بما قال وفعل‪:‬‬

‫فقد اقترح على عصبة الخالفة اوال ان يتركوه فيلقي السالح ويرجع إلى المكان الذي أتى منه او يسير إلى ثغر من‬
‫الثغور فيكون رجال من المسلمين له ما لهم وعليه م‪RR‬ا عليهم‪ ،‬وب‪RR‬ذلك ال يبقى أي خط‪RR‬ر منه على حكمهم كم‪RR‬ا ك‪RR‬ان‬
‫شأن سعد بن أبي وقاص وعبد هّللا بن عمر واسامة بن زيد مع ابيه االمام‬
‫ص‪378:‬‬
‫علي (ع) حين لم يبايعوه‪ ،‬فلما أبى عليه جيش الخالفة إاّل ان يب‪RR‬ايع وي‪RR‬نزل على حكم ابن زي‪RR‬اد‪ ،‬أبى ذل‪RR‬ك واس‪RR‬تعّد‬
‫للقاء هّللا ؛ والتمام ا لحجة على جيش الخالفة من أهل العراق‪ ،‬وعلى اصحابه خاصة‪ ،‬طلب منهم عصر التاسع من‬
‫محرم ان يمهلوه ليلة واحدة ليصلي لربه‪ ،‬ويتضرع ويتلو كتابه فانه يحب ذلك‪ ،‬وبعد الي لّبوا طلبه فجمع اصحابه‬
‫ليلة العاشر من محرم وخطب فيهم وقال في خطبته‪:‬‬

‫أال واني أظن ان يومنا من هؤالء االعداء غدا واني قد أذنت لكم فانطلقوا جميع‪R‬ا في ح‪R‬ل‪ ،‬ليس عليكم م‪R‬ني ذم‪R‬ام‪،‬‬
‫وهذا الليل قد غشيكم فاتخ‪R‬ذوه جمال‪ ،‬وليأخ‪R‬ذ ك‪R‬ل واح‪R‬د منكم بي‪R‬د رج‪R‬ل من أهل بي‪R‬تي فج‪R‬زاكم هّللا جميع‪R‬ا خ‪R‬يرا‪،‬‬
‫وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم فان القوم انما يطلبونني‪ ،‬ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري‪.‬‬
‫فقال له الهاشميون‪:‬‬
‫ِلَم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟ ال أرانا هّللا ذلك أبدا‪.‬‬
‫والتفت إلى بني عقيل وقال‪:‬‬
‫حسبكم من القتل بمسلم‪ ،‬اذهبوا قد أذنت لكم!‬
‫فقالوا‪ :‬ال وهّللا النفعل‪ ،‬ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا‪ ،‬نقاتل معك حتى نرد موردك‪ ،‬فقبح هّللا العيش بعدك!‬
‫ثم تكّلم انصاره فقال مسلم بن عوسجة‪:‬‬
‫أنحن نخّلي عنك؟! وبم‪RR‬اذا نعت‪RR‬ذر إلى هّللا في أداء حقك؟ أم‪RR‬ا وهّللا ال أفارق‪RR‬ك ح‪RR‬تى أطعن في صدورهم ب‪RR‬رمحي‬
‫وأضربهم بسيفي ماثبت قائمه في يدي‪ ،‬ولو لم يكن معي سالح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة حتى اموت معك‪.‬‬
‫وقال سعيد بن الحنفي‪:‬‬
‫وهّللا النخليك حتى يعلم هّللا أنا قد حفظنا غيبة رسوله فيك‪ .‬أما وهّللا لو‬
‫ص‪379:‬‬
‫علمت اني اقتل ثم احيا‪ ،‬ثم احرق حيا ثم ُأذرى‪ُ ،‬يفعُل بي ذلك سبعين مرة‪ ،‬لما فارقتك حتى القى حمامي‪ ،‬فكي‪RR‬ف ال‬
‫افعل ذلك وانما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة ال‪R‬تي ال انقض‪R‬اء له‪R‬ا اب‪R‬دا‪ .‬وتكلم ب‪R‬اقي االصحاب بم‪R‬ا يشبه بعض‪R‬ه‬
‫بعضا‪ .‬وبعد هذه الخطبة تهيأوا للقاء ربهم واحيوا الليل بالعبادة‪ .‬قال الراوي‪:‬‬

‫«لما أمسى الحسين واصحابه قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون»‪.‬‬
‫واستعدوا كذلك للقاء خصومهم واتمام الحجة عليهم في يوم غد‪ ،‬فأمر االمام بمكان منخفض من وراء الخي‪RR‬ام كأّن ه‬
‫ساقية فحفروه في ساعة من الليل‪ ،‬وامر فأتي بحطب وقص‪RR‬ب فألقي في‪RR‬ه‪ ،‬فلم‪RR‬ا اصبحوا اس‪RR‬تقبلوا القوم بوج‪RR‬وهم‬
‫وجعلوا البيوت في ظهورهم وامر بذلك الحطب والقصب من وراء البيوت فُأحرق بالنار كي اليأتوهم من ورائهم‪،‬‬
‫وبذلك منعهم االمام من الحملة عليه بغتة وقتله قبل اتمام الحجة عليهم‪ ،‬ب‪RR‬ل القى عليهم هو واصحابه الخطب‪RR‬ة تل‪RR‬و‬
‫الخطب‪R‬ة‪ .‬وحين تقاب‪R‬ل الجيشان في ي‪R‬وم عاش‪RR‬وراء واس‪RR‬تعّد ا للقت‪R‬ال ب‪R‬دأهم االم‪RR‬ام الحس‪RR‬ين فركب ناقت‪R‬ه واس‪RR‬تقبلهم‬
‫واستنصتهم ثم قال في خطبته‪:‬‬
‫أيها الناس! اسمعوا قولي والتعجلوا حتى اعظكم‪.‬‬
‫آمنتم بالرسول محمد (ص) ثم انكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم ‪....‬‬
‫ايها الناس! انسبوني من أنا‪ ،‬ثم ارجعوا إلى انفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل قتلي وانتهاك حرمتي؟!‬
‫ألست ابن بنت نبيكم؟‬
‫أو لم يبلغكم قول رسول هّللا لي والخي‪ :‬هذان سّيدا شباب أهل الجنة؟ فان كنتم في شك من هذا القول أفتشّك ون أني‬
‫ابن بنت نبيكم؟ فوهّللا ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم وال في غيركم‪ ،‬ويحكم! اتطلبونني‬
‫ص‪380:‬‬
‫بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته او بقصاص جراحة؟!‬

‫ونادى‪:‬‬
‫ياشبث بن ربعي! ويا حّج ار بن ابجر! وياقيس بن االشعث! ويازيد ابن الحارث! ألم تكتب‪RR‬وا الّي أن اق‪RR‬دم ق‪RR‬د أينعت‬
‫الثمار واخضر الجناب‪ ،‬وانما تقدم على جند لك مجّند؟‬
‫وقال‪:‬‬
‫أيها الناس! إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم فقال له قيس بن االشعث‪:‬‬
‫أَو اَل تنزل على حكم بني عّم ك ‪..‬؟‬
‫وقال الحسين (ع)‪:‬‬
‫أال واّن الدعّي بن الدعَّي قد رّك ز بين أثنتين‪ ،‬بين السّلة والذّلة‪ ،‬وهيهات مّنا الذّلة ‪..‬‬
‫وقال‪:‬‬
‫أما وهّللا ال تلبثون بعدها إاّل كريثما ُي رَك ُب الف‪RR‬رس ح‪R‬تى ت‪R‬دور بكم دور ال‪R‬رحى ‪ ...‬عه‪RR‬د عه‪RR‬ده إلّي أبي عن ج‪ّR‬د ي‬
‫رسول هّللا ‪...‬‬
‫ثم رفع يديه إلى السماء وقال‪:‬‬
‫اللهم احبس عنهم قطر السماء ‪ ....‬وسّلط عليهم غالم ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة ‪...‬‬
‫إذن فاّن جيش الخالفة من أمة محم‪RR‬د (ص) يقاتلون ابن بنت ن‪RR‬بيهم من أج‪RR‬ل أن يب‪RR‬ايع يزي‪RR‬د وي‪RR‬نزل على حكم ابن‬
‫زياد‪ ،‬ويتقبل االمام الحسين وجيشه قتل رجالهم وسبي نسائهم وال يفعلون ذلك‪.‬‬
‫جيش الخالفة يقتل ابن بنت نبيه ويسبي عترته من اجل كسب رضا الخليفة‪ ،‬وواليه‪ ،‬وكسب حطام الدنيا منهما‪.‬‬
‫ص‪381:‬‬
‫واالمام وجيشه يستشهدون من أجل كسب رضا هّللا وتحصيل ثوابه في يوم القيامة‪.‬‬

‫يدّل على ذلك باالضافة إلى ما سبق ذكره‪ ،‬جميع أفعال الجيشين وأقوالهما في ذلك اليوم‪.‬‬
‫بدأ القول والفعل أمير جيش الخالفة عمر بن سعد حين وضع سهما في كبد قوس‪RR‬ه ثم رمى وق‪RR‬ال‪ :‬اش‪RR‬هدوا لي عند‬
‫االمير اني اول من رمى‪.‬‬
‫ورفع الحسين (ع) يديه وقال‪:‬‬
‫اللهم انت ثقتي في كّل كرب ورجائي في كل شدة ‪...‬‬
‫وتسابق الجيشان يكشفان عن دخائل نفوسهما في ما يقوالن ويفعالن؛ مثل مسروق ال‪RR‬وائلي من جيش الخالفة حين‬
‫قال‪ :‬كنت في اوائل الخيل ممن سار إلى الحسين فقلت‪ :‬أكون في أوائلها لعلّي اصيب رأس الحسين (ع) فأصيب به‬
‫منزلة عند عبيد هّللا بن زياد‪.‬‬
‫في جيش الخالفة من يريد ان يأخذ رأس ابن بنت نبيه ليتقّرب به إلى ابن زياد‪.‬‬
‫وفي جيش الحسين (ع) جون‪ ،‬مولى أبي ذر‪ ،‬انه يستأذن االمام للقتال فيقول له الحسين‪:‬‬
‫انما تبعتنا طلبا للعافية فأنت في اذن مني‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة اخذلكم! ان رحي لمنتن‬
‫وحسبي للئيم ولوني السود‪ .‬فتنّفس علّي بالجنة ليطيب ريحي ويبيّض لوني‪ ،‬ال وهّللا ال أفارقكم حتى يختلط هذا الدم‬
‫االسود مع دمائكم ‪...‬‬
‫ولّم ا اذن له الحسين (ع) حمل عليهم وهو يقول‪:‬‬
‫بالمشرفِّي القاطع المهّند‬ ‫كيف يرى الفّجار ضرب االسود‬

‫أذّب عنهم باللسان واليد‬ ‫احمي الخيار من بني محمد‬

‫ص‪382:‬‬
‫من االله الواحد الموحد‬ ‫أرجو بذاك الفوز عند المورد‬

‫وبعد ما قتل وقف عليه الحسين (ع) وقال‪:‬‬


‫اللهم بيض وجهه وطّيب ريحه واحشره مع محمد (ص) وعّرف بينه وبين آل محمد (ص)‪.‬‬
‫وفي جيش الحسين (ع) فتى عمره احدى عشرة سنة قتل أبوه في المعركة يستأذن الحسين للقتال فأبى ان ي‪RR‬أذن ل‪RR‬ه‬
‫وقال‪ :‬هذا قتل أبوه‪ ،‬ولعل امه تك‪R‬ره ذل‪R‬ك فقال‪ :‬ان ُأمي أمرت‪R‬ني‪ ،‬فلم‪R‬ا قت‪R‬ل رمي برأس‪R‬ه إلى عس‪R‬كر الحس‪R‬ين (ع)‬
‫فأخذته ُأمه ومسحت الدم عنه وضربت به رجال قريبا منها وع‪RR‬ادت إلى المخيم فأخ‪R‬ذت عم‪RR‬ودا وتقّد مت إلى جيش‬
‫العدى وهي تقول‪:‬‬
‫خاوية بالية نحيفة‬ ‫انا عجوز سيدي ضعيفة‬

‫دون بني فاطمة الشريفة‬ ‫أضربكم بضربة عنيفة‬

‫فأمر الحسين (ع) بردها‪.‬‬


‫وفي جيش الحسين (ع) عمرو االزدّي برز وهو يقول‪:‬‬
‫تمضين بالروح وبالريحان‬ ‫اليوم يانفس إلى الرحمن‬

‫قد كان منك غابر الزمان‬ ‫اليوم تجزين على االحسان‬

‫فاليوم زال ذاك بالغفران‬ ‫ما خّط باللوح لدى الدّيان‬

‫وفي جيش الحسين (ع) خالد ابن هذا القتيل برز وهو يقول‪:‬‬
‫كيما نكون في رضى الرحمن‬ ‫صبرا على الموت بني قحطان‬

‫ياأبتا قد صرت في الجنان‬ ‫ذي المجد والعزة والبرهان‬

‫وفي جيش الحسين (ع) سعد بن حنظلة‪ ،‬برز وهو يقول‪:‬‬


‫صبرا عليها لدخول الجنة‬ ‫صبرا على االسياف واالسنه‬

‫وفي طالب الخير فارغبّنه‬ ‫يانفس للراحة فاطرحّنه‬

‫ومن جيش الحسين‪ ،‬زهير أخذ يضرب على منكب الحسين ويقول‪:‬‬
‫ص‪383:‬‬
‫فاليوم تلقى جّد ك النبيا‬ ‫أقدم هديت هاديا مهدّيا‬

‫وذا الجناحين الفتى الكمّيا‬ ‫وحسنا والمرتضى عليا‬

‫وأسد هّللا الشهيد الحّيا‬


‫ويقول‪:‬‬
‫وشيخك الخير عليا ذا الندى‬ ‫أقدم حسين اليوم تلقى احمدا‬

‫وعمك القرم الهجان االصيدا‬ ‫وحسنا كالبدر وافى االسعدا‬


‫في جنة الفردوس تعلو صعدا‬ ‫وحمزة ليث االله االسدا‬

‫ومن جيش الحسين (ع)‪ ،‬حمل نافع وهو يقول‪:‬‬


‫ديني على دين حسين وعلي‬ ‫أنا الغالم اليمنّي الجملّي‬

‫وذاك رأيي وُأالقي عملي‬ ‫ان أقتل اليوم فهذا أملي‬

‫وفي جيش الحسين (ع) يقول ابنه علي‪:‬‬


‫نحن وبيت هّللا أولى بالنبي‬ ‫أنا علي بن الحسين بن علي‬

‫ويقول القاسم ابن أخيه‪:‬‬


‫سبط النبي المصطفى والمؤتمن‬ ‫إن تنكروني فأنا فرع الحسن‬

‫ويقول محمد بن عبدهّللا بن جعفر‪:‬‬


‫فعال قوم في الردى عميان‬ ‫أشكو إلى هّللا من العدوان‬

‫ومحكم التنزيل والتبيان‬ ‫قد بّد لوا معالم القرآن‬

‫واظهروا الكفر مع الطغيان‬


‫ويقول أخوه العباس بعد ان ُقِط عت يمينُه‪:‬‬
‫إني ُأحامي أبدا عن ديني‬ ‫وهّللا ان قطعُتُم يميني‬

‫نجل النبي الطاهر االمين‬ ‫وعن إماٍم صادق اليقيِن‬

‫ويقول‪:‬‬
‫ص‪384:‬‬
‫وأبشري برحمة الجبار‬ ‫يانفس التخشي من الكفار‬

‫مع النبي السيد المختار‬


‫وفي جيش الخالفة من يرمي الطفل الرضيع في حجر أبيه االمام‪.‬‬
‫وفي جيش الخالفة من يقطع الصبي الذاهل بسيفه أمام أمه‪.‬‬
‫***‬
‫ليت شعري هل قتل جيش الخالفة الطفل الصغير النه لم يبايع خليفتهم؟!‬

‫أم هل سبوا بنات رسول هّللا وساروا بهن من كربالء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام وأحض‪R‬روهن دار االم‪R‬ارة‬
‫في الكوفة وعرض‪RR‬وهن في مح‪RR‬ل ع‪RR‬رض االس‪RR‬ارى في الشام وأحض‪RR‬روهن مجلس الخالفة من اج‪RR‬ل ان يب‪RR‬ايعن‬
‫الخليفة؟!‬
‫لماذا فعلوا ذلك وغير ذلك؟‬
‫لماذا أحرق جيش الخالفة خيام آل الرسول (ص)؟!‬
‫ولماذا داس جيش الخالفة بحوافر خيولهم صدر ابن بنت رسول هّللا وظهره؟!‬
‫ولماذا ترك جسده وأجساد آل بيته وأنصاره في العراء ولم يدفنوهم؟‬
‫ولماذا قطعوا رؤوسهم واقتسموها في ما بينهم وحملوها على أطراف الرماح؟‬
‫انهم فعلوا ذلك من أجل أن يبلغ ابن زياد أنهم سامعون مطيعون‪ .‬فقد قال راجزهم‪:‬‬
‫بأني مطيع للخليفة سامع‬ ‫فأبلغ عبيدهّللا إّم ا لقيته‬

‫إذن فقد استهدفوا من كل ذلك رضا ابن زياد وطاعة الخليفة‪ .‬كما ذكره االخر حين قال‪:‬‬
‫إني قتلت الملك المحجبا‬ ‫إمال ركابي فضة وذهبا‬

‫ص‪385:‬‬
‫‪539‬‬
‫قتلُت خير الناس ُأما وأبا‬
‫من أجل كسب رضا الخليفة وواليه فعلوا كل ذلك‪ ،‬ومن أجل كسب الذهب والفض‪RR‬ة منهم‪RR‬ا‪ .‬من أج‪RR‬ل هذا ينشدون‬
‫أمام قصر ابن زياد‪:‬‬
‫بكل يعبوب شديد االسر‬ ‫نحن رضضنا الصدر بعد الظهر‬

‫وقال خولّي لزوجته‪ :‬جئتك بغنى الدهر‪ ،‬هذا رأس الحسين معك في البيت‪.‬‬
‫إذن فان جيش االمام (ع) عندما يقاتلون كانوا يطلبون بذلك رضا هّللا ورسوله والدار االخرة‪.‬‬
‫وجيش الخليفة يفعلون ذلك في سبيل رضا يزيد وابن زياد وكسب الذهب والفضة‪.‬‬
‫وقد أقّر الخليفة عيونهم فأمر لعبيد هّللا بن زياد بن أبيه بألف ألف‪ ،‬وأمر الهل الكوفة ج‪R‬زاء الس‪R‬امع المطي‪R‬ع‪ ،‬وزاد‬
‫في أعطياتهم مائة مائة‪.‬‬
‫أما لماذا فعل خليفة المسلمين ما فعل؟! ولماذا نكت ثنايا أبي عبد هّللا بالقضيب؟ ولماذ نصب رأسه ثالث في دمشق‬
‫وسار به من بلد إلى بلد؟ فانه بنفسه قد افصح عن سبب أفعاله وأقواله حين أنشد قائال‪:‬‬
‫من بني أحمد ما كان فعل‬ ‫لست من خندف إن لم أنتقم‬

‫وعدلنا ميل بدر فاعتدل‬ ‫قد قتلنا القرم من ساداتهم‬

‫إذن فانها أحقاد بدرية! ألم تبقر هند أم أبيه في ُأحد بطن حمزة‪ ،‬وتمثل به‪ ،‬وتمضغ كبده‪ ،‬ثم أنشأت تقول‪:‬‬
‫حين بقرت بطنه عن الكبد‬ ‫شفيت من حمزة نفسي بُأحد‬

‫أو لم يضرب جده ابو سفيان بزج الرمح في شدق حمزة يومذاك ويقول‪ :‬ذق عقق!!‬
‫ص‪386:‬‬

‫‪ .)1 ( 539‬في تاريخ ابن عساكر‪ ،‬الحديث ‪ ،775‬وتهذيبه ‪ 344 /4‬وفيه( أوقر) مكان( إمال)‪.‬‬
‫فرآه الحليس سيد االحابيش وقال‪:‬‬

‫يابني كنانة! هذا سيد قريش يصنع بابن عمه لحما ما ترون؟!‬
‫ألم يقل جده ابو سفيان على عهد عثمان وبمحضر منه‪:‬‬
‫يابني أمية تلّقفوها تلّقف الكرة‪ ،‬فوالذي يحلف به ابوسفيان مازلت أرجوها لكم ولتصيرّن إلى صبيانكم وراثة؟!‬
‫ألم يمر يومئذ بقبر حمزة ويضربه برجله ويقول‪:‬‬
‫يا أباعمارة! ان االمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس؛ صار بيد غلماننا اليوم يتلعّبون به؟!‬
‫ألم يقل أبوه معاوية‪:‬‬
‫إن أخا بني هاشم‪ -‬ويقصد به رسول هّللا ‪ -‬لُيصاُح به يوميا خمس مرات‪ .‬ال وهّللا إاّل دفنا دفنا!‬
‫ألم يقتل جيش أبيه الخليفة معاوية بقيادة ابن ارطاة في وجهه الذي وّجه‪R‬ه ثالثين ألف‪R‬ا من المس‪R‬لمين وح‪ّR‬رق بي‪R‬وتهم‬
‫‪540‬‬
‫وذبح طفلي عبيد هّللا بن العباس بيده بمدية؟!‬
‫إذا فان خليفة المسلمين يزيد اقتدى بجديه وأبيه في ما قال وفعل‪.‬‬
‫وان عصبة الخالفة يزيد ومروان وسعيدا أيضا اشتفوا من رسول هّللا ما كان فعل!‬
‫ص‪387:‬‬
‫أثر استشهاد الحسين عليه السالم‬
‫لقد قتلوا ذرية الرسول (ص) ومثلوا بهم وطافوا بآل رسول هّللا (ص) سبايا في بالد المس‪RR‬لمين والمس‪RR‬لمون بم‪RR‬رأى‬
‫ومسمع‪ .‬كل تلك االحداث الجسام وقعت بين كربالء والكوفة والشام في اق‪RR‬ل من ش‪RR‬هرين من خ‪RR‬روج الحس‪RR‬ين من‬
‫مكة يوم التروية‪.‬‬
‫وكان قد بلغ خبر خروج االمام على خليفة المسلمين مع عودة الحاج إلى كل فج عميق‪.‬‬
‫وكان طبيعيا ان يتنسم المسلمون أخباره بعد ذلك‪ ،‬وتبلغهم أنباء تلك الفجائع فجيعة بعد فجيعة‪ ،‬وتنكسر لتلك االنباء‬
‫قلوب المؤمنين ويحزنوا‪.‬‬
‫وكان وقع المصيبة حقا عظيما على من بلغه نبأها من المسلمين‪ ،‬فقد وقعت الصيحة في دار يزيد‪ ،‬وش‪RR‬مل االنك‪RR‬ار‬
‫عليه أهل مجلسه ومسجده‪ ،‬وأينما بلغت أخبار فضائعه‪ ،‬وانقسم المسلمون أثر هذه الفجيعة إلى قسمين‪:‬‬
‫قسم انضوى تحت لواء الخالفة ال يثنيه عن والء الخليفة قتل ذرّية الرسول‪ ،‬وال استباحة حرمه‪ ،‬وال هدم الكعب‪RR‬ة‪،‬‬
‫بل ازدادوا قساوة وفضاضة‪.‬‬
‫وقسم آخر انكسر مقام الخالفة في نفسه وتّبرأ من فعل عصبة الخالفة وخ‪RR‬رج عليهم‪ ،‬مث‪RR‬ل أهل المدينة في وقع‪RR‬ة‬
‫الحّرة وغيرهم ّم من ثاروا على عصبة الخالفة‪.‬‬
‫وتوالت الثورات والخروج على الخالفة من قبل الفريق االخر‪ ،‬وقليل من هذا الفريق عرفوا حّق أّئم‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت‬
‫(ع) واّتبعوهم وأّتموا بهم‪ .‬وكان بدء‬
‫ص‪388:‬‬
‫ذلك على عهد قيام االمام الحسين‪ ،‬كما فعل زهير بن القين الذي كان عثمانيا وأصبح بع‪RR‬د االجتم‪RR‬اع باالم‪RR‬ام علوّي ا‬
‫حسينيا‪ ،‬والحّر بن يزيد الرياحي أحد قادة جيش الخالفة لحرب االمام الذي تاب واستشهد دون الحسين (ع)‪.‬‬
‫‪ .)1 ( 540‬راجع تفصيل أخبار أبي سفيان وهند ومعاوية هذه في فصل‪ «:‬مع معاوية» من كتابنا« أحاديث أم المؤمنين عائشة»‪ ،‬ص ‪.250 -213‬‬
‫هذا القليل من هذا الفريق أدرك مجانبة االسالم مع س‪RR‬يرة الخالفة القائم‪RR‬ة‪ ،‬وآمن بص‪RR‬حة امام‪RR‬ة أّئم‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت‪،‬‬
‫وتهّيأت نفسه لقبول أحكام االسالم الذي جاء به رسول هّللا (ص) واّل ذي ك‪RR‬ان مخزون‪RR‬ا ل‪RR‬دى أئم‪RR‬ة أهل ال‪RR‬بيت (ع)‬
‫يتوارثونه كابر عن كابر‪ ،‬ومن ّثم أمكن نشر أحكام االسالم وتبليغها من جديد‪ ،‬فعني ب‪R‬ذلك أئّم ة أهل ال‪R‬بيت‪ ،‬وب‪R‬دأ‬
‫العمل لذلك االمام السّجاد فمّهد له في مرض وفاته كما يلي‪.‬‬
‫ص‪389:‬‬
‫أئّم ة أهل البيت (ع) يتداولون مواريث النبّوة‬

‫االمام السجاد (ع) يدفع مواريث النبوة إلى االمام الباقر (ع) في تظاهرة‬
‫لّم ا حضرت علي بن الحسين (ع) الوفاة أخرج صندوقا عنده‪ ،‬فقال‪ :‬ي‪RR‬ا محم‪RR‬د! إحم‪RR‬ل هذا الص‪RR‬ندوق‪ .‬فحم‪RR‬ل بين‬
‫أربعة‪ ،‬فّلما توّفي جاء اخوته يّد عون في الصندوق‪ ،‬فقال لهم‪ :‬وهّللا ما لكم فيه شيء‪ ،‬ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه‬
‫اّلي‪ .‬وكان في الصندوق سالح رسول هّللا (ص)‪.‬‬
‫ونظر االمام السّجاد (ع) إلى ولده‪ ،‬وهو يجود بنفسه وهم مجتمعون عنده‪ ،‬ثّم نظر إلى ابنه محم‪RR‬د فقال‪ :‬ي‪RR‬ا محم‪RR‬د‬
‫خذ هذا الصندوق فاذهب به إلى بيتك وقال‪ :‬أما إّنه لم يكن فيه دينار وال درهم‪ :،‬ولكن كان ممّلوا علما‪.‬‬
‫هذه التظاهرة في تسليم الكتب اختّص بها االمام الّسجاد (ع) ولم يفعل نظيرها من س‪RR‬بقه من االئم‪RR‬ة وال فع‪RR‬ل مثله‪RR‬ا‬
‫من جاء بعده منهم‪ ،‬والحكمة في عمله تهيئة االجواء لالمام الباقر (ع) كي ينقل للناس أحكام االسالم وعقائ‪RR‬ده عّم ا‬
‫ورثه من رسول هّللا (ص) من كتب في مقابل من كان يفتي برأيه مثل الحكم ابن عتيبة فاّنه اختلف مع االمام الباقر‬
‫(ع) في شيء فقال البنه الصادق (ع)‪ :‬يا بنّى قم‪ ،‬فأخرج كتابا مدروجا عظيم‪R‬ا وجع‪R‬ل ينظ‪R‬ر حّتى أخ‪R‬رج المس‪R‬ألة‬
‫فقال‪ :‬هذا خّط علّي وامالء رسول هّللا ‪ ،‬وأقبل على الحكم وقال‪ :‬يا أبا محمد! اذهب أنت وس‪RR‬لمه وأب‪RR‬و المقدام حيث‬
‫شئتم يمينا وشماال فَو هّللا ال تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل‪.‬‬
‫ص‪390:‬‬
‫هكذا بدأ االمام الب‪RR‬اقر (ع) من بين االئّم ة ب‪RR‬إراءة الكتب ال‪RR‬تي ورثوها عن ج‪ّR‬د ه االم‪RR‬ام علي من امالء رس‪RR‬ول هّللا‬
‫للمسلمين وأقرأها بعضهم‪ ،‬وتابعه في ذلك االمام جعفر الصادق وأكثر من توصيفها والنقل عنه‪RR‬ا وبي‪RR‬ان م‪RR‬ا فيه‪RR‬ا‬
‫واّنها كيف ُك ِتَبْت ‪ ،‬وأّن فيها كّل ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة حّتى ارش الخدش‪.‬‬

‫وكان االئّم ة يص‪RR‬ادمون في عملهم هذا مدرس‪RR‬ة الخالفة في اعتمادها على ال‪RR‬رأي والقي‪RR‬اس في اس‪RR‬تنباط االحك‪RR‬ام‬
‫وبيانها‪ ،‬وكانوا يصّرحون بأّنهم اليعتمدون الرأي واّنما يحِّدثون عن رسول هّللا ‪ ،‬كما قال االمام الصادق (ع)‪:‬‬
‫حديثي حديث أبي‪ ،‬وحديث أبي حديث جّد ي‪ ،‬وحديث جدي حديث الحسين‪ ،‬وحديث الحسين حديث حديث الحس‪RR‬ن‪،‬‬
‫وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين‪ ،‬وحديث أمير المؤمنين حديث رس‪RR‬ول هّللا ‪ ،‬وح‪RR‬ديث رس‪RR‬ول هّللا ق‪RR‬ول هّللا ع‪ّR‬ز‬
‫وجّل‪.‬‬
‫***‬
‫بعدما انصرفت قلوب بعض المسلمين عن مدرسة الخالفة اثر استشهاد الحسين (ع) وأدركوا أّن ُأولئك ليسوا على‬
‫حّق في ما يقولون ويفعلون‪ ،‬ومالت قلوبهم إلى أهل بيت رسول هّللا (ص)؛ عند ذاك اس‪RR‬تطاع أئم‪RR‬ة أهل ال‪R‬بيت أن‬
‫يبّص روا بعضهم أمر دينهم‪ ،‬ويعّرفونهم أّن مدرسة الخلفاء تعتمد الرأي في ال‪R‬دين في قب‪R‬ال أّئم‪RR‬ة أهُل ال‪R‬بيت ال‪R‬ذين‬
‫يبّلغون عن هّللا ورسوله‪ ،‬وكان الفرد المسلم بعد تفهّم هذه الحقيقة‪ ،‬يتهّيأ لقبول ما يبّينه االمام من أئّم ة أهل ال‪RR‬بيت‪،‬‬
‫ومن ثّم بدأ بعض االفراد يتّلقى الحكم االسالمي الذي جاء به رسول هّللا عن ط‪R‬ريقهم‪ .‬وك‪R‬ذلك استبص‪R‬ر الف‪R‬رد بع‪R‬د‬
‫االخر حّتى تكونت منهم جماعات اسالمّية واعية‪ ،‬ومن الجماعات الواعية مجتمعات اس‪RR‬المّية صالحة قائم‪RR‬ة على‬
‫ُأسس من المعرفة االسالمية الصحيحة‪ ،‬وعند ذاك احت‪RR‬اجوا إلى مرش‪RR‬دين فعَّين لهم االئّم ة من يقوم ب‪RR‬ذلك وينوب‬
‫عنهم في أخذ الحقوق المالية‪ ،‬فكانوا يرجعون‬

‫ص‪391:‬‬
‫إلى الوكالء النّواب في ذينك تارة‪ ،‬وأخرى يجتمعون بامامهم اذا تيَّسر لهم السفر اليه‪.‬‬

‫وإلى جانب ذلك ساعدت الظروف أحيانا االئّم ة منذ االمام الباقر (ع) على تكوين حلقات دراسّية يحض‪R‬رها االمث‪R‬ل‬
‫فاالمثل من أهل عصرهم‪ ،‬يح‪ّR‬د ثهم االم‪R‬ام فيه‪R‬ا عن آبائ‪R‬ه عن ج‪ّR‬د ه الرس‪R‬ول (ص) ت‪R‬ارة‪ ،‬وي‪R‬روي لهم عن جامع‪R‬ة‬
‫االمام علي (ع) تارة ُأخرى‪ ،‬وثالثة يبين لهم الحكم دونما اسناد‪ ،‬وتوسّعت تلك الحلقات على عه‪R‬د االم‪R‬ام الص‪R‬ادق‬
‫(ع) حّتى بلغ عدد الدارسين عليه أربعة آالف شخص‪ ،‬وكان تالميذهم يدونون أحاديثهم في رسائل صغيرة تس‪ّR‬م ى‬
‫باالصول‪ ،‬دأبوا على ذلك حّتى بلغوا عصر المهدي‪ ،‬ثاني عشر أئم‪R‬ة أهل ال‪R‬بيت (ع)‪ ،‬وغ‪R‬اب عن أنظ‪R‬ار الناس‬
‫وأرجع بدءا شيعته أينما كانوا إلى نّوابه االربعة التالية أسماؤهم‪:‬‬
‫أ‪ -‬عثمان بن سعيد العمري‪.‬‬
‫ب‪ -‬محمد بن عثمان بن سعيد العمري‪.‬‬
‫ج‪ -‬أبو القاسم حسين بن روح‪.‬‬
‫د‪ -‬أبو الحسن علي بن محمد السمري‪.‬‬
‫ومارس هؤالء النيابة عن االمام زهاء سبعين عاما يتوّسطون بينه وبين الشيعة حّتى تعوّد ت الشيعة على الرج‪R‬وع‬
‫إلى نّواب االمام وحدهم في ما ينوبهم‪ ،‬وأّلّف في هذا العصر ثقة االسالم الكليني أّول موسوعة حديثّي ة في مدرس‪RR‬ة‬
‫أهل البيت (ع) أسماها الكافي‪ ،‬جمع فيها قسما كبيرا من رسائل خرّيجي هذه المدرسة ال‪RR‬تي ك‪RR‬انت ش‪RR‬ائعة في ذل‪RR‬ك‬
‫العصر يرويها المئات عن أصحابها‪ ،‬وبذلك بدأ عهد جديد في تدوين الحديث بمدرسة أهل البيت (ع)‪.‬‬
‫***‬
‫جاهد االئّم ة بعد استشهاد الحسين (ع) العادة االسالم الصحيح إلى‬

‫ص‪392:‬‬
‫المجتمع فأعادوه حكما بعد حكم وعقيدة بعد عقيدة حّتى تّم في نهاية هذا العه‪RR‬د تبلي‪RR‬غ جمي‪RR‬ع م‪RR‬ا ج‪RR‬اء ب‪RR‬ه الرس‪RR‬ول‪،‬‬
‫وُأبعد عنه كّل محّرف وزائف فيحدود من تقّب ل منهم‪ ،‬وتّم ت‪RR‬دوين جمي‪RR‬ع س‪ّR‬نة الرس‪RR‬ول (ص) في رس‪RR‬ائل صغيرة‬
‫ومدّو نات كبيرة‪.‬‬

‫وكذلك جاهدوا في إرشاد أبناء االم‪R‬ة فردا بع‪R‬د فرد ح‪R‬تى تك‪R‬ونت منهم مجتمع‪R‬ات اس‪R‬المية صالحة فيه‪R‬ا علم‪R‬اء‬
‫يرجعون إلى مدّونات حديثية‪ ،‬حوت كّل م‪RR‬ا تحتاج‪RR‬ه أبناء االّم ة من حقائق االس‪RR‬الم‪ ،‬وب‪RR‬ذلك انتهى واجب االئم‪RR‬ة‬
‫التبليغي في نهاية هذا العهد‪ ،‬كما انتهى واجب رسول هّللا التبليغي في آخر سنة من حياته فقبض‪RR‬ه هّللا إلي‪RR‬ه صلوات‬
‫هّللا عليه وآله‪.‬‬
‫وكذلك اقتضت حكمة هّللا أن يحتجب في نهاية هذا العهد االمام المه‪R‬دي (ع) عن االنظ‪R‬ار إلى م‪R‬ا ش‪R‬اء هّللا ‪ ،‬فأرجع‬
‫شيعته إلى فقهاء مدرستهم وأنابهم عنه نيابة عاّم ة دون تع‪RR‬يين أح‪RR‬د بالخص‪RR‬وص‪ ،‬وب‪RR‬ذلك ب‪RR‬دأ عص‪RR‬ر غيب‪RR‬ة االم‪RR‬ام‬
‫المهدي الكبرى‪ ،‬وناب عنه فقهاء مدرستهم في حمل أعباء التبليغ إلى اليوم وإلى ما شاء هّللا ‪ .‬كما نبيّنه في ما يلي‪:‬‬
‫نيابة الفقهاء عن االمام في حمل أعباء التبليغ‬
‫مارس خرّيجو مدرسة أهل البيت (ع) حمل أعباء التبليغ على عهد االئمة تدريجيا‪ ،‬وتكامل عملهم في عصر غيبة‬
‫االمام الصغرى‪ ،‬وتنامى في عصر غيبته الكبرى‪ ،‬حيث تحّولت الحلقات الدراس‪ّR‬ية ال‪R‬تي ك‪R‬انت تعقد في المس‪R‬اجد‬
‫والبيوت على عهد االئمة إلى معاهد تعليمّية وحوزات علمّي ة ش‪ّR‬يدت في بالد كب‪R‬يرة مث‪R‬ل بغ‪R‬داد‪ ،‬على عه‪R‬د المفي‪R‬د‬
‫والمرتضى‪ ،‬والنجف االشرف على عهد الطوسي وغيره‪ ،‬ثّم كربالء والحّل ة واصفهان وخراس‪R‬ان وقم في أزم‪R‬ان‬
‫غيرهم‪.‬‬
‫ولم يزل منذئذ وال يزال يهاجر إلى تل‪RR‬ك المعاهد والح‪RR‬وزات طالب العل‪RR‬وم االس‪RR‬المية من ك‪ّRR‬ل صقع عمال باالي‪RR‬ة‬
‫الكريمة‪:‬‬
‫ص‪393:‬‬
‫فلوال نفر من كّل فرقة منهم طائفة ليتفّقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون التوبة‪.122 /‬‬

‫يجتمعون في تل‪RR‬ك المعاهد والح‪RR‬وزات ح‪RR‬ول أس‪RR‬اطين العلم ويس‪RR‬تقون من معينهم ثّم يرجع‪RR‬ون إلى بالدهم ليقوم‪RR‬وا‬
‫بحمل الدعوة االسالمية إلى كّل صقع‪ ،‬دأبوا على ذلك في خدمة االسالم جيال بع‪RR‬د جي‪RR‬ل‪ ،‬وك‪RR‬انوا وم‪RR‬ا يزال‪RR‬ون م‪RR‬ع‬
‫المسلمين فيكّل نازلة‪ ،‬يحاربون خصوم االسالم أع‪RR‬داء هّللا وأع‪RR‬داء رس‪RR‬وله أب‪RR‬دا‪ ،‬وي‪RR‬دافعون عن المس‪RR‬لمين في ك‪ّRR‬ل‬
‫مكروه وكذلك لم يزل وما يزال يحاربهم بكّل سالح فيكّل عصر؛ كّل ك‪R‬افر وملح‪R‬د ومنافق عليهم يري‪R‬د أن يقض‪R‬ي‬
‫على االسالم! وذلك الن نواب االمام هؤالء حملوا لواء االسالم بعده‪ ،‬وطبيعي أن ُيهاجَم في المعارك حامل اللواء‪.‬‬
‫ونذكر على سبيل المثال من نواب االمام في الغيبة الكبرى الشيخ الكليني‪ ،‬وكان أّو ل موس‪RR‬وعّي في هذه المدرس‪RR‬ة‬
‫اشتهر بتأليفه الكافي‪ ،‬ثّم توالت التآليف الموسوعية بعده غير أّن ال‪RR‬ذين ج‪RR‬اؤوا بع‪RR‬ده ك‪RR‬انوا يعنون بنوع واح‪RR‬د من‬
‫الحديث فيجمعونه في مؤّلفاتهم‪ ،‬وغالبا ما كانت العناي‪R‬ة مّتجه‪R‬ة إلى تجمي‪R‬ع أح‪R‬اديث االحك‪R‬ام مث‪R‬ل م‪R‬ا فعل‪R‬ه الشيخ‬
‫الصدوق في‪« :‬من ال يحضره الفقيه» والشيخ الطوسي في‪« :‬الته‪RR‬ذيب واالستبص‪RR‬ار» والشيخ الح‪ّRR‬ر الع‪RR‬املي في‪:‬‬
‫«وسائل الشيعة» إلى أن لمع نجم المجلسي الكبير وأّلف موسوعته الكبرى «البحار» على غرار موسوعة الُك لي‪RR‬ني‬
‫«الكافي» في تجميعه أنواع االحاديث‪ ،‬وبّز المجلسي الموسوعّيين جميع‪RR‬ا ّلم‪RR‬ا جم‪RR‬ع في موس‪RR‬عته تل‪RR‬ك بين الكت‪RR‬اب‬
‫والسّنة وفّسر آيات كتاب هّللا وش‪RR‬رح بعض االح‪RR‬اديث وبيّن عل‪RR‬ل بعض‪RR‬ها‪ ،‬إلى غ‪RR‬ير ذل‪RR‬ك من المم‪RR‬يزات‪ ،‬وش‪RR‬ارك‬
‫الُك ليني في دراساته حول أحاديث الكافى بكتابه (مرآة العقول) استوعب فيها شرح الف‪R‬اظ الح‪R‬ديث وكشف معانيه‪R‬ا‬
‫وذكر علل الحديث وقّوته وصحته وفق القواعد المتبّناه ل‪R‬دى المح‪ّR‬د ثين منذ عص‪RR‬ر العاّل م‪RR‬ة الحّلي وابن ط‪R‬اووس‪،‬‬
‫وخالفهم‬
‫ص‪394:‬‬
‫أحيانا فقال‪( :‬ضعيف على المشهور معتمد عندي) أو (معتبر عندي) وكان نتيجة تقويمه الحاديث الكافي اّن ه وج‪RR‬د‬
‫منها خمسة وثمانين وأربعمائة وتسعة آالف حديث ضعيف من مجموع ‪ 16121‬حديثا‪.‬‬

‫***‬
‫ص‪395:‬‬
‫إجازات المجلسي (ره) لمن قرأ كتاب الكافى عليه‬

‫نمايش تصوير‬

‫ص‪396:‬‬

‫نمايش تصوير‬

‫ص‪397:‬‬

‫نمايش تصوير‬

‫ص‪398:‬‬
‫نمايش تصوير‬

‫ص‪399:‬‬

‫نمايش تصوير‬

‫ص‪400:‬‬

‫نمايش تصوير‬

‫ص‪401:‬‬
‫نمايش تصوير‬
‫‪541‬‬

‫‪ 541‬عسكرى‪ ،‬مرتضى‪ ،‬معالم المدرستين‪3 ،‬جلد‪ ،‬مركز الطباعة و النشر للمجمع العالمي ألهل البيت عليهم السالم ‪ -‬قم‪ ،‬چاپ‪ :‬دوم‪ 1426 ،‬ه‪.‬ق‪.‬‬

You might also like