Professional Documents
Culture Documents
معالم المدرستين-ج3 - اصلی
معالم المدرستين-ج3 - اصلی
[الجزء الثالث]
البحث الرابع :قيام االمام الحسين (ع) ضّد االنحراف عن سَّنة رسول هّللا (ص) بسبب االجتهاد والعمل بالرأي
ص9:
المدخل :حال المسلمين قبل قيام االمام الحسين (ع)
ص11:
ذكرنا في ما سبق كيف اجتهد الخلفاء بعد رسول هّللا في أحكام االسالم حكما بعد حكم بما رأوا فيRRه مصRRلحة عاّم ة
أو مصلحة خاّصة مّم ا حفلت بذكره كتب الخالف وأوردنا بعضها في ما سRRبق ،وإلى جRRانب ذلRRك وّج ه المسRRلمون
توجيها خاّصا إلى تقديس مقام الخليفتين أبي بكر وعمر خاصة بحيث أصبح مستساغا لدى عRRاّم تهم أن يشترط في
البيعة بعد الخليفة عمر :العمل بكتاب هّللا وسّنة نبّيه وسيرة الشيخين ،وبذلك أقّر المسلمون أن تكون سيرة الشيخين
في عداد كتاب هّللا وسنة نبّيه ،مصدرا للتشريع في المجتمع االسالمي ،واستمّر االمر كذلك حتى إذا جاء إلى الحكم
االمام علي (ع) بقوة الجماهير بعد عثمان ،لم يستطع أيضا أن يعيد إلى المجتمع االحكام االسالمية اّلتي اجتهد فيها
الخلفRRاء ،وتعRRالت صيحات :وا سّRنة عمRRراه ،من جيشه عندما نهRRاهم عن إقامRRة صالة النافلRRة جماعRRة في شRRهر
رمضان ،ولم يرضوا بسّنة الرسول بديال عن سّنة عمر في هذا الحكم ،ذلك الن الجماهير المسلمة عندما بايعتRRه لم
تكن تدرك أّنه مخالف في أّتجاهه في الحكم سيرة الشيخين ،وهذا ما كان يحRاول معاويRة جاهدا أن ينّب ه الجمRRاهير
االسالمية اليه ليثوروا عليه.
واالمام إن لم يستطع أن يعيد إلى المجتمع االحكام االسالمية اّلتي جاء بهRRا الرسRRول بRRديال عن اجتهRRادات الخلفRRاء،
فقد استطاع هو وُثّل ة من صحبه أن ينشروا بين المسRلمين من حRديث الرسRول ماكRان محظRورا نشره قبRل ذاك.
فأنتجت هذه النهضة من االمام علّي وجماعته في نشر الحديث المحظور عن الرسول ،تّيارا فكريا مخالفا لمRRا ألفRRه
المسلمون زهاء خمس وعشرين سنة مّد ة حكومة الخلفاء الثالثة قبلRRه ،وهذا ماأشRRار اليRRه سRRليم بن قيس حين قRRال
المير
ص12:
المؤمنين:
«أني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبّي هّللا (ص) أنتم تخRRالفونهم فيهRRا،
وتزعمون أن ذلك كّله باطل ،أفترى الناس يكذبون على رسول هّللا متعّم دين ويفّسرون القرآن برأيهم ...؟».
كان ما سمعه سليم من سلمان وأبي ذر والمقداد وليس غيرهم قبل هذا ،بتكّتم ،وأتمان على سّر ثّم سRRمعه بعRRد ذلRRك
من أمير المؤمنين وصحبه جهارا وفي غير سٍّر من قبل مناشدة أمير المؤمRنين الركبRان في رحبRة مسRجد الكوفة:
من سمع النبٍى يقول في غدير خم( :من كنت مواله فهذا علّي مواله) فليشهد .فقام اثنا عشر بRRدريا وشRRهدوا بRRذلك،
وما كشفه عن واقع االمر في خطبته الشقشقية حين قال:
«أما وهّللا لقد تقّم صها فالن -إبن أبي قحافة -وإّنه ليعلم أّن محّلي منها محّل القطب من الّرحى ،ينحRRدر عّني السRRيل
وال يرقى إلّي الطير ،فسدلت دونها ثوبا ،وطويت عنها كشحا ،وطفقت أرتئي بين أن أصول بيRRد ج ّRذ اء ،أو أصبر
على طخية عمياء ،يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ،ويكدح فيهRRا مRRؤمن حRتى يلقى رّب ه ،فرأيت أّن الصRRبر
على هاتا أحجى ،فصبرت وفي العين قذًى وفي الحلق شجًى ،أرى تراثي نهبا حّتى مضى االول لسبيله فأدلى إلى
فالن بعده.
ويوم حّيان أخي جابر شّتان ما يومي على كورها
فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته ،إذ عقدها الخر بعد وفاته ،لشّد ما تشّطرا ضرعيها ،فصّيرها في حوزة خشناء
يغلظ كالمها ،ويخشن مُّسها ،ويكثر العثار فيها ،واالعتذار منها ،فصاحبها كRRراكب الّص عبة؛ إن أشRRنق لهRRا خRRرم،
وإن أسلس لها تقَّحم ،فمني الّناس -لعمر هّللا -بخط وشماس وتلُّو ن
ص13:
واعتراض؛ فصبرت على طول المَّد ة وشَّد ة المحنة؛ حّتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أّني أحRRدهم ،فيRRا
هّلل وللشورى! متى اعترض الريب فَّي مع االّول منهم حّتى صرت أقرن إلى هذه النظائر!! لكّني أسففت اذ أسّفوا،
وطرت إذ طاروا؛ فصغى رجل منهم لضغنه ،ومال االخر لصهره ،معن هن وهن إلى أن أقام ثالث القوم حضRRتيه
بين نثيله ومعتلفه ،وقام معه بنو أبيه يخضمون مال هّللا خضمة االبل نبتة الّربيع ،إلى أن انتكث فتله ،وأجهRز عليRه
عمله ،وكبت به بطنته ،فما راعني إاّل والّن اس كعRRرف الّض بع إلَّي ينثRRالون علّي من كّRRل جRRانب؛ حّتى لقد وطىء
الحسنان ،وشّق عطفاي ،مجتمعين حولي كربيضة الغنم .فلّم ا نهضت باالمر نكثت طائفة ،ومرقت ُأخRRرى ،وقسRRط
1
آخرون ...الخطبة.
ومثل قوله :قد عملت الوالة قبلي أعماال خالفوا فيهRRا رسRRول هّللا (ص) متعِّم دين لخالفة ،ناقضRRين لعهRRده مغّي رين
لسّنته ،ولو حملت الناس على تركها ،وحّو لتها إلى مواضعها ،وإلى ماكانت عليه في عهد رسول هّللا (ص) ،لتفّرق
عّني جندي حّتى أبقى وحدي ،أو قليل من شيعتي اّلذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب هّللا عّز وّجل وسّRRنة
رسول هّللا (ص).
.)1 ( 1روضة الكافي ،ص ،59ط .الثانية سنة 1389ه ،-دار الكتب االسالمية بطهران.
انقسام االمة إلى قسمين
تلكم التظاهرة الضخمة في االقوال أّد ت إلى انقسام االمة إلى قسRRمين ،وذلRRك أّن الناس مRRدى الRRدهر ينقسRRمون إلى
قسمين:
2
)1همج رعاع ،أتباع كّل ناعق ،يميلون مع كّل ريح ،كما وصفهم االمام علي (ع).
ص14:
)2وقسم آخر يتحّركون ،واعين لتحّركهم .هادفين .وينظر في تقويم أفعال الناس في المجتمع وتعليلها إلى الواعين
الهادفين .والواعون الهادفون في المجتمع يومذاك انقسموا على أثر تلك التظاهرة إلى قسمين:
.)2 ( 2ترجمة االمام علي بتاريخ دمشق البن عساكر ،ط .االولى سنة 1935ه -بمطبعة العاملية 285 /2االحاديث 528 -501خاصة رقم -521
.522
.)1 ( 3اما انتشار ذكر الرسول فواضح ،وأما اسم علي فمن مواقفه في بدر وُأحد والخندق وخيبر ،ومن أحاديث الرسول في شأنه في تلك المواقف
وفي تبوك والغدير ،وعمل الرسول في المباهلة ،وعند نزول آية التطهير ،وآيات صدر سورة براءة.
من كل ذلك ونظائره انتشر له ذكر جميل ،وسعى معاوية الخفاء معالمه.
.)1 ( 4راجع قبله الفصل الثاني من الباب الثاني من هذا الكتاب ،باب« على عهد معاوية».
فنجح في ما دّبر نجاحا منقطع النظير حين انتشرت بين االمة على أثر ذلRRك أحRRاديث تRRروي عن رسRRول هّللا (ص)
أّنه قال في مناجاته لرّبه :إّني بشر أغضب كما يغضب البشر فأّيما مؤمن لعنته أو سببته ،فاجعلها له صالة وزكRRاة
5
وقربة تقّربه بها أليك يوم القيامة .وفي رواية «طهورا :أجرا».
وأّنه قال« :أنتم أعلم بأمر دنياكم» أو قال« :وإذا أمرتكم بشيء من رأي
ص16:
فإّنما أنا بشر» ،وإّنه قال ذلك عندما نهاهم عن تأبير النخل وفسد تمRRرهم 6،أو أّن ه رفع زوجتRRه عائشة لتنظRRر إلى
8
رقص الحبشة بمسجده 7،أو أّنه ُأقيم مجلس الغناء في داره.
هذه االحاديث إلى عشرات غيرها ،نراها قد وضعت بإمعان في عصر معاوية 9وامتد أثرها على مدرسRRة الخلفRRاء
إلى يومنا الحاضر ،واّنها هي اّلتي جعلت طائفة من المسلمين ال ترى لرسول هّللا القدرة على اتيان المعجزات ،وال
الشفاعة ،وال حرمة لقبره ،وال ميزة له بعد موته.
أّم ا االمRام علّي (ع) فقد نجح معاويRة في تحطيم شخصRيته في المجتمRع االسRالمي يومRذاك إلى حِّRد أن المسRلمين
واصلوا لعنه فوق جميع منابرهم في شرق االرض وغربها ،خاّصة في خطبة الجمعة كفريضة من فرائض صالة
الجمعة زهاء ألف شهر مّد ة حكم آل ُأمّية ،وإلى جانب ذلك نجح معاوية في رفع مقام
ص17:
10
الخالفة في نفوس المسلمين.
واستمّرت االمة بعده في سيرها الفكري على هذا االتجاه إلى حِّد أّن ه أمكن الRوالة أن يقولRوا على منابر المسRلمين
أخليفة أحدكم أكرم عنده أم رسوله؟ أي أّن الخليفة الذي يعتبرونه خليفRRة هّللا في االرض أكRRرم على هّللا من رسRRوله
خاتم النبيين!!.
نتيجة مساعي الخليفة معاوية
وكانت نتيجة تلك المساعي أّن المسلمين وغير المسلمين منذ عهد معاوية وإلى اليوم عرفوا رسRRول هّللا وابن عّم ه
والخلفاء الثالثة وشخصيات إسالمّية ُأخرى من خالل ما وضع من حRRديث على عهRRد معاويRRة وكمRRا أراد معاويRRة،
وكان ما أراده خالف الواقRRع الRRذي كRRانوا عليRRه ،وباالضRRافة إلى ذلRRك كRRان لمعاويRRة اجتهRRادات في تغيRRير االحكRRام
11
االسالمّية بّد ل منها ما بّد ل باجتهاده ،سّم ي بعضها ،بأّولّيات معاوية.
.)2 ( 5صحيح مسلم باب« من لعنه النبي( ص) أو سبه ...كان له زكاة وأجرا ورحمة» من كتاب البر ،ح ،97 -88وسنن أبي داود كتاب السنة،
الباب ،12وسنن الدارمي ،الرقاق ،52ومسند أحمد 317 /2و 390و 448و 449و 493و 496و 33 /3و 391و 440و 437 /5و 439
و .45 /6
.)1 ( 6صحيح مسلم ،باب« وجوب امتثال ما قاله شرعا ،دون ما ذكره( ص) من معايش الRRدنيا على سRRبيل الRRرأي» من كتRRاب الفضRRائل ح -139
،141وابن ماجة باب تلقيح النخل ،ومسند أحمد 162 /1و .152 /3
.)2 ( 7صحيح البخاري ،كتاب الصالة ،باب أصحاب الحراب في المسجد ،وكتاب العيدين ،باب ،25وكتاب الجهاد ،باب .79وكتاب النكاح :باب
نظر المرأة إلى الَحَبش ونحوهم من غير ريبة ،وباب حسن المعاشرة مع االهل ،وكتاب المناقب ،باب قصة الحبش.
وصحيح مسلم ،كتاب صالة العيدين :باب الرخصة في اللعب الذي ال معصية فيه ،وكتاب المساجد ،18والنسائي 34و ،35ومسند أحمRRد 368 /2
و 56 /6و 83و 84و 85و 166و .186
.)3 ( 8صحيح البخاري« كتاب فضائل النبي» باب مقدم أصحاب النبي المدينة ،وكتاب العيدين :باب سنة العيدين الهل االسالم ،وباب إذا فاته العيد
يصلي ركعتين ،وباب الحراب والدرق ،وكتاب مناقب االنصار ص ،46وصحيح مسلم ،باب اللعب الذي ال معصية فيRRه ،وكتRRاب العيRRدين ص ،16
وسنن ابن ماجة ،تصحيح محمد فؤاد عبد الباقي ،كتاب النكاح ،باب الغناء والدف ،ص ،612رقم الحديث ،1898ومسند أحمد .134 /6
.)4 ( 9راجع فصل« مع معاوية» من كتاب« أحاديث ُأم المؤمنين عائشة» للمؤلف.
.)1 ( 10سيأتي بيانه ان شاء هّللا تعالى.
.)2 ( 11ذكر بعضها اليعقوبي في تأريخه ،والسيوطي في تاريخ الخلفاء في ذكر سيرة معاوية.
إستطاع معاوية بّك ل تلك الجهود أن يبِّدل االسالم ويعّرفه كما يشتهي ،حتى لم يبRRق من االسRRالم في آخRRر عهRRده إاّل
اسمه ،ومن القرآن إاّل رسمه ،وإّنما حافظ معاويRRة ومن جRRاء بعRRده على اسRRم االسRRالم الّنهم كRRانوا يحكمRRون باسRRم
االسالم.
كذلك كانت حالة المسلمين عندما توفي معاوية في سنة ستين واستولى على الحكم ابنه يزيRد ،فمRا كRان أمRام سRبط
الرسول ووريثه إاّل واحدة من اثنتين :إّم ا البيعة ،وإّم ا القتال .وبيعRRة الحسRRين (ع) ليزيRRد تعRRني اقRRراره على أفعالRRه
وتصديقه القواله .فأبى الحسين (ع) أن يبايع يزيد واستشهد في سبيل ذلك.
ص18:
االمام الحسين (ع) امتنع من بيعة يزيد
فكيف كان يزيد في أفعاله وأقواله؟ ولماذا أبى االمام أن يبايعه؟ وهل كان يعرف مصيره حين أبى؟ وماذا كان أثر
استشهاده على االسالم والمسلمين؟
في ما يلي نحاول تفّهم كل ذلك من كتب الحديث والسيرة ان شاء هّللا تعالى.
أّوال :يزيد في أفعاله وأقواله
في تاريخ ابن كثير :كان يزيد صاحب شراب ،فأحب معاوية أن يعظRه في رفق فقال :يRا بRنّي مRا أقRدرك على أن
تصل حاجتك من غير تهّتك يذهب بمروءتك وقدرك ويشمت بك عدّوك ويسRRيء بRRك صديقك ،ثّم قRRال :يRRابنّي إّني
منشدك أبياتا فتأّد ب بها واحفظها فأنشده:
واصبر على هجر الحبيب القريب انصب نهارا في طالب العال
12
يسعى بها كل عدّو مريب ولّذ ة االحمق مكشوفة
وقال :وكان فيه أيضا اقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات ،في
ص19:
13
بعض االوقات ،واقامتها في غالب االوقات.
***
لّم ا أراد معاوية أن يأخذ البيعة ليزيد من الناس ،طلب من زياد أن يأخذ بيعRRة المسRRلمين في البصRRرة ،فكRRان جRRواب
زياد له :ما يقول الناس إذا دعونRاهم إلى بيعRة يزيRد ،وهو يلعب بRالكالب ،والقرود ،ويلبس المصّRبغات ،ويRدمن
فاغزى معاوية يزيد الصائفة مع الجيش الغازي الروم «فتثاقل واعتّل وأمسك عنه أبوه» 15فأصاب المسلمين حّم ى
وجدري في بالد الروم ويزيد حينذاك كان مصطبحا بدير مّRران مRع زوجتRه أم كلثRوم بنت عبدهّللا بن عRامر ،فلّم ا
بلغة خبرهم قال:
بدير مّران عندي أّم كلثوم إذا ارتفقت على االنماط مصطبحا
16
ب( -الغذقدونة) من حمّى ومن موم فما أبالي بما القت جنودهم
ص20:
17
في المهالك وارتحالي فيوشك أن يريحك من بالئي نزلي
وأرسل معاوية يزيد إلى الحّج وقيل بل أخذه معه فجلس يزيد بالمدينة على شراب فاستأذن عليه عبدهّللا بن العّب اس
والحسين بن علي فأمر بشرابه فرفع ،وقيل له :اّن ابن عباس إن وجد ريح شرابك عرفه ،فيحجبRRه واذن للحسRRين،
فلما دخل وجد رائحة الشراب مع الطيب ،فقال :ما هذا يRRا أبن معاويRRة؟ فقال :يRRا أبRRا عبدهّللا هذا طيب يصRRنع لنا
بالشام ،ثّم دعا بقدح فشربه ثّم دعRRا بقدح آخRRر فقال :اسRRق أبRRا عبدهّللا يRRاغالم .فقال الحسRRين :عليRRك شRRرابك أّيهRRا
المءر ....
فقال يزيد:
دعوتك ثم لم تجب أال يا صاح للعجب
18
فوثب الحسين عليه وقال :بل فؤادك يا ابن معاوية تبلت.
وحّج معاوية :وحاول أن يأخذ البيعة من أهل مّك ة والمدينة فأبى عبدهّللا ابن عمRRر وقRRال :نبRRايع من يلعب بRRالقرود
والكالب ويشرب الخمر ويظهر الفسوق ،ما حّجتنا عند هّللا ؟
.)2 ( 14تاريخ اليعقوبي .220 /2
.)3 ( 15هذا نص ابن االثير في تاريخه 181 /3في ذكر حوادث سنة .49
.)4 ( 16تاريخ اليعقوبي ،229 /2واالغاني ط .ساسي ،33 /16وأنساب االشراف .3 /2 /4
.)1 ( 17ترجمة دير مّر ان والغذقدونة :من معجم البلدان.
.)2 ( 18االغاني ،61 /14وتاريخ ابن االثير 50 /4في ذكره سيرة يزيد .وقد أوردت الخبر بايجاز.
وقال ابن الزبير :ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقد أفسد علينا ديننا 19 .وفي رواية :إّن الحسين قال له :كأنك
تصف محجوبا أو تنعت غائبا
ص21:
أو تخبر عّم ا كان احتويته لعلم خاّص ،وقد دّل يزيد من نفسه على موقع رأيه ،فخذ ليزيد في مRRا أخRRذ من اسRRتقرائه
الكالب المهارشة عند التحارش ،والحمام السَّبق التRRرابهّن ،والقينات ذوات المعRRازف ،وضRRروب المالهي ،تجRRده
ناصرا ،ودع عنك ما تحاول 20انتهى.
قال المؤّلف :لست أدري أكان هذا الحوار من سبط النبي مع معاوية وحوار ابن الزبير وابن عمRRر معRRه في مجلس
واحد أم في مجلسين ،ومهما يكن من أمره فاّن معاويRة لم يسRتطع أن يأخRذ البيعRة من هؤالء ،واسRتطاع أن يأخRذ
البيعة من أهل الحرمين ويمّو ه عليهم أمر العباد له في بيعة ابنه ،وارتحل عنهم.
***
وجدنا يزيد في سفريه إلى الحّج والغزو يتظRRاهر بالالمبRRاالة بالمقدسRRات االسRRالمية وعRRدم االكRRتراث بنكبRRة الجيش
االسالمي الغازي ،خالفا لرغبة أبيه معاوية ووصّية دعّيه زياد بأن يتظاهر بالتّخ لق بRاالخالق االسRRالمية حRوال أو
حRولين عسRRاهم أن يمّو هوا على الناس أمRRره ،ولم يكتRف بRذلك حRتى نظم في سRRكره واعالم أمRRره مRRا سRRارت بRه
الركبان.
21
واتركوا ذكر المثاني واشربوا كأس مدام
وقوله:
ص22:
لما كان عندي مسحة للتيّم م ولو لم يمّس االرض فاضل بردها
إلى أحٍد حتى أقام البواكيا حديث أبي سفيان قدما سما بها
أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا فإّن اّلذي حّد ثت عن يوم بعثنا
22
إلى غير ذلك مّم ا نقلت من ديوانه .انتهى نقال عن تذكرة خواّص االّم ة.
يخاطب يزيد في هذه القصيدة حبيبته ويقول لها :ترّنمي وأعلني قّصة أبي سفيان لّم ا جاء إلى أحRRد وفعRRل مRRا فعRRل،
حتى أقام البواكي على حمزة وغيره من شهداء ُأحد ،أعلني ذلك وال تذكريه في نجوى ،واسRRقيني على ذلRRك خمRRرا
تخِّيرها
ص23:
الساقي من كروم الشام ،فإّنا إذا نظرنا في ُأمور قديمة من أعراف قريش وآل ُأمّية في الجاهلية وجدنا حالال شربها
متواليا وأّم ا ما قيل لنا عن البعث فهو من قبيل أساطير (طسم) تشغل قلبنا ،فال بعث والنشور ،فإذا مّت فانكحي
بعدي اذ ال تالقي بعد الموت ،ثّم يستهزىء بالرسول ،ويقول :والبَّد أن ألقاه بخمرة باردة تروي عظامي ،كان يزيد
يستهين بمشاعر المسلمين وينادم النصارى.
وروى صاحب االغاني وقال :كان يزيد بن معاوية أّول من سّن المالهي في االسRRالم من الخلفRRاء ،وآوى المغّنين،
وأظهر الفتك ،وشرب الخمر ،وكان ينادم عليها سرجون النصراني مواله ،واالخطRل -الشاعر النصRRراني -وكRRان
23
يأتيه من المغّنين سائب خاثر فيقيم عنده فيخلع عليه ....
كان يزيد بن معاوية أّول من أظهر شرب الشراب ،واالستهتار بالغناء ،والصيد واتخRRاذ القيRRان والغلمRRان ،والتفُّك ه
24
بما يضحك منه المترفون من القرود والمعافرة بالكالب والديكة.
وكان من الطبيعي أن تتأثر بيزيد حاشيته ،ويتظاهر الخلعاء والماجنون بأمرهم كمRا ذكRره المسRعودي في مروجRه
قال :وغلب على أصحاب يزيد وعّم اله ما كان يفعله من الفسوق ،وفي أّيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة ،واستعملت
المالهي ،وأظهر الناس شرب الشراب.
وكان له قرد يكّنى بأبي قيس يحضره مجلس منادمته ،ويطرح له مّتكأ ،وكان قردا خبيثRRا ،وكRRان يحملRRه على أتRRان
وحشّية قد ريضت وذلّلت لذلك بسرج ولجام ويسابق بها الخيل يRRوم الحلبRRة ،فجRRاء في بعض االيRRام سRRابقا ،فتناول
القصبة ودخل الحجرة قبل الخيل وعلى أبي قيس قباء من الحرير االحمر واالصفر مشّم ر،
ص24:
.)1 ( 22تذكرة خواص االمة -ص 164تأليف أبي المظفر يوسف بن قزاوغلي أي السبط وكان سبط جمال الRدين عبRد الRرحمن ابن الجRوزي ،من
مؤلفاته التاريخ المسمى بمرآة الزمان( ت )654 :راجع ترجمة جده في وفيات االعيان البن خلكان.
.)1 ( 23االغاني .68 /16
.)2 ( 24أنساب االشراف للبالذري ج 4القسم االول ص ،1المعافرة كالمهارشة.
وعلى رأسه قلنسوة من الحرير ذات االلوان بشقائق ،وعلى االتان سرج من الحرير االحمر منقوش ملّم ع بRRأنواع
من االلوان ،فقال في ذلك بعض شعراء الشام في ذلك اليوم:
25
جياد أمير المؤمنين أتان أال من رأى القرد الذي سبقت به
وروى البالذري عن قّصة هذا القرد وقال :كان ليزيد بن معاوية قرد يجعله بين يديه ويكّنيه أبا قيس ،ويقول :هذا
شيخ من بني اسرائيل أصاب خطيئة فمسخ وكان يسقيه النبيذ ويضحك مّم ا يصنع ،وكان يحمله على أتRRان وحشّية
26
ويرسلها مع الخيل فيسبقها ،فحمله يوما وجعل يقول تمّسك ...البيتين.
واشتهر يزيد بمنادمة القرود حتى قال فيه رجل من التنوخ:
فحّن إلى أرض القرود يزيد يزيد صديق القرد مّل جوارنا
27
صحابته االدنون منه قرود فتّبا لمن أمسى علينا خليفة
وقال ابن كثير :اشتهر يزيد بالمعازف وشRRرب الخمRRور ،والغناء والصRRيد ،واِّتخRRاذ القيRRان والكالب ،والنطRRاح بين
االكابش والدباب والقرود ،ومRRا من يRRوم إاّل ويصRRبح فيRRه مخمRRورا .وكRRان يشّد القرد على فرس مسRRرجة بحبRRال
ويسوق به،
ص25:
ويلبس القرد قالنس الذهب وكذلك الغلمان ،وكان يسابق بين الخيل وكان إذا مات القرد حزن عليه وقيRRل إن سRRبب
28
موته أّنه حمل قردة وجعل ينقزها فعّضته ....
وروى البالذري عن شيخ من أهل الشام :أّن سبب وفاة يزيRRد أّن ه حمRRل قRRردة على االتRRان وهو سRRكران ثّم ركض
خلفها فسقط فاندّقت عنقه أو انقطع في جوفه شيء.
وروي عن ابن عّياش أّنه قال :خرج يزيد يتصّيد بحّوارين وهو سRكران فركب وبين يديRه أتRان وحشّية قRد حمRل
عليها قردا وجعل يركض االتان ويقول:
فليس عليها إن هلكت ضمان أبا خلف احتل لنفسك حيلة
29
فسقط واندّقت عنقه.
وال منافاة بين هذه الروايات فمن الجائز أّنه أركب قردة على أتان وركب هو أيضRRا وركض خلفRRه وجعRRل ينقزها
فعّضته وسقط واندّقت عنقه وانقطع في جوفه شيء وهكذا استشهد الخليفة قتيل القرد.
***
ص27:
الفصل االول :أستشهاد االمام الحسين أيقظ االمة من سباتها العميق
ص29:
ينبغي لنا في سبيل دراسة آثار استشهاد االمRRام الحسRRين (ع) على االسRRالم وأهلRRه أن نRRدرس جميRRع جوانبRRه بRRدءا
بدراسة ما ورد من أنباء بأستشهاده قبل وقوعه عن االنبياء السابقين وخاتم االنبياء واالمRRام علي مّم ا مهRRد السRRبيل
لقيامه كما يأتي بيانه.
ص30:
أنباء باستشهاد الحسين (ع) قبل وقوعه
-1خبر رأس الجالوت:
روى الطRبري والبالذري ،والطRبراني ،وأبن سRعد ،واللفRظ لالّو ل ،عن رأس الجRالوت عن أبيRه قRال :مRا مRررت
بكربال ،إاّل وأنا ُأركُض داّبتي حّتى أخلRف المكRان ،قRال :قلت :لم؟ قRال :كّن ا نتحّRد ث أّن ولRد نRبّي مقتRول في ذلRك
المكان وكنت أخاف أن أكون أنا ،فلّم ا قتل الحسين قلنا :هذا الRRذي كّن ا نتحّRد ث ،وكنت بعRRد ذلRRك إذا مRRررت بRRذلك
30
المكان أسير وال أركض.
-2خبر كعب:
روى الذهبي والهيثمّي والعسقالنّي وابن كثير عن عّم ار الدهنّي قال :مّر علي (ع) على كعب فقال :يقتRRل من ولRRد
هذا رجل في عصابة ال يجف عرق خيولهم حّتى يردوا على محّم د (ص) ،فمّRر حسRن (ع) فقالوا :هذا؟ قRال :ال،
31
فمّر حسين (ع) فقالوا :هذا؟ قال :نعم.
ص31:
وأخرج ابن قولويه (ت 367 :ه )-أربع روايات في باب علم االنبياء بمقتل الحسين من كتابRRه كامRRل الزيRRارة ،وفي
باب علم المالئكة حديثا واحدا ،وفي بRRاب لعن هّللا ولعن االنبيRRاء لقاتليRRه روايRRتين إحRRداهما مRRا رواها عن كعب ان
32
إبراهيم وموسى وعيسى أنبأوا بقتله ولعنوا قاتله.
.)1 ( 30تاريخ الطبري طُ .أوربا 287 /2وترجمة االمام الحسين بمعجم الطبراني الكبير تأليف أبي القاسم سليمان بن أحمد( ت 360 :ه ،)-ح 61
ص .128وقد طبع ضمن مجموعة باسم« الحسين والسنة» اختيار وتنظيم السيد عبد العزيز الطباطبائي بمطبعة مهر ،قم .وفي المجموعة باالظافة
إليه فضائل الحسين من كتاب فضائل امام الحنابلRة أحمRد بن حنبRل ،وفي تRاريخ ابن عسRاكر ح 641وفي لفظRة« فلمRا قتRل حسRين كنت أسRير على
هيئتي» ،وسير النبالء 195 /3بايجاز.
.)2 ( 31معجم الطبراني الكبير ح ،85وطبقات ابن سعد بترجمة االمام الحسRRين ح ،277وتRRاريخ ابن عسRRاكر ح 639و ،640وتRRاريخ االسRRالم
للذهبي ،11 /3وسير النبالء له ،195 /3ومجمع الزوائد ،139 /9وفي مقتل الخوارزمي أخبار من كعب بقتل الحسين ،165 /1وتهذيب التهذيب
،347 /2والروض النضير ،شرح مجموع الفقه الكبير تأليف الحسين بن أحمRRد بن الحسRRين السRRياغي الحيمي الصRRنعاني( ت 1221 :ه )-وفي لفRRظ
بعضهم مع بعض اختالف .نقلنا هذا الخبر عن كعب مع عدم اعتمادنا عليه ،لتواتر االخبار عن رسول هّللا أّنه أنبأ بقتل الحسين فلعل كعبRRا سRRمع ممن
سمع من النبي( ص) ،ومن الجائز أنه قرأ شيئا من ذلك في كتب أهل الكتاب.
.)1 ( 32كامل الزيارة البن قولويه ط .المرتضوية -النجف سنة 1356ص ،67 -64االبواب 19و 20و 21من الكتاب.
فلّم ا ولد الحسين فجاءني النبي (ص) فقال :يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء ،فأَّذ َن في اذنه اليمRRنى،
وأقام في اليسرى ،ثّم وضعه في حجره وبكى ،قالت أسماء :فقلت فداك أبي وُأّم ي مّم بكاؤك؟ قال :على ابRRني هذا.
قلت :انه ولد الساعة ،قال :يا أسماء تقتله الفئة الباغية ال أنالهم هّللا شفاعتي ،ثم قال:
33
ياأسماء ال تخبري فاطمة بهذا ،فإَّنها قريبة عهد بوالدته .الحديث.
ص32:
-4حديث ُأم الفضل:
في مسRRتدرك الصRRحيحين وتRRأريخ ابن عسRRاكر ومقتRRل الخRRوارزمّي وغيرها واللفRRظ لالّول ،عن أّم الفضRRل بنت
الحارث:
اّنها دخلت على رسول هّللا (ص) فقالت :يا رسول هّللا أّني رأيُت حلما منكرا الليلة ،قال :وما هو؟ قالت :أّن ه شRRديد.
قال :وما هو؟ قRRالت :رأيُت كRRأّن قطعRRة من جسRRدك قطعت ووضRRعت في حجRRري ،فقال رسRRول هّللا (ص) :رأيِت
خيرا ،تلد فاطمة -إن شاء هّللا -غالما فيكون في حجرك ،فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري -كمRRا قRRال رسRRول
هّللا (ص) -فدخلت يوما إلى رسول هّللا (ص) فوضعته في حجره ثم حانت مّني التفاتRة فإذا عينا رسRRول هّللا (ص)
تهريقان من الدموع .قRRالت :فقلت :يRRانبي هّللا ! بRRأبي أنت وُأمي مالRRك؟ قRRال :أتRRاني جبرئيRRل عليRRه الصRRالة والسRRالم
فأخبرني اّن اّم تي ستقتل ابني هذا ،فقلت :هذا؟ قال :نعم ،وأتاني بتربة من تربته حمراء.
34
قال الحاكم :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
-5في مقتل الخوارزمي:
لما أتى على الحسين من والدته سنة كاملة هبط على رسول هّللا (ص) اثنا عشر ملكا محمَّRRرة وجRRوههم قRRد نشروا
أجنحتهم وهم يقولون :يا محّم د! سينزل
ص33:
بولدك الحسين مانزل بهابيل من قابيل ،وسيعطى مثل أجر هابيل ،ويحمل على قاتله مثل وزر قابيل قRRال :ولم يبRRق
في السماء ملك إاّل ونزل على النبّي (ص) يعّز يه بالحسين ويخبره بثواب ما ُيْع طى ،ويعرض عليه تربتRRه ،والنبي
يقول :اللهم اخذل من خذله ،واقتل من قتله ،وال تمتعه بما طلبه.
ولّم ا أتت على الحسين من مولده سنتان كاملتان خرج النبي في سفر فلّم ا كRان في بعض الطريRق وقRف فأسRترجع
ودمعت عيناه ،فسئل عن ذلك فقال :هذا جبريل يخبرني عن أرض بشاطىء الفرات يقال لهRRا :كRRربالء ،يقتRRل فيهRRا
ولدي الحسين بن فاطمة ،فقيل :من يقتله يا رسول هّللا ؟ فقال :رجRRل يقال لRRه يزيRRد ،ال بRRارك هّللا في نفسRRه ،وكRRأّني
أنظر إلى منصرفه ومدفنه بها ،وقد ُأهدي رأسه ،وهّللا ماينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إاّل خالف هّللا بين
قلبه ولسانه (يعني ليس في قلبه ما يكون بلسانه من الشهادة).
.)2 ( 33مقتل الحسين للخوارزمي ،88 -87 /1وذخائر العقبى 119واللفظ لالول ،ال تستقيم هذه الرواية مع الواقع التRاريخي فإن أسRماء كRانت
بالحبشة ورجعت مع زوجها جعفر بعيد فتح خيبر ،وقد ولد الحسنان( ع) قبل ذلك ،ولعRRل الصRRحيح سRRلمى بنت عميس زوجRRة حمRRزة سRRيد الشهداء،
ترجمتها باسد الغابة .479 /5
.)1 ( 34مستدرك الصحيحين ،176 /3وباختصار في ص 179منه ،وتاريخ ابن عساكر ،ح ،631وقريب منه في ح ،630وفي مجمع الزوائRRد
،179 /9ومقتل الخوارزمي ،159 /1وفي 162بلفظ آخر ،وتRاريخ ابن كثRير ،230 /6وأشRار اليRه في ،199 /8وأمRالي الشجري ص ،188
وراجع الفصول المهمة البن الصباغ المالكي ص ،145والروض النضير ،89 /1والصRواعق ص ،115وفي ط ،190 .وراجRRع كRRنز العمRRال ط.
القديمة ،223 /6والخصائص الكبرى ،152 /2وفي كتب أتباع مدرسة أهل البيت جاء في مثير االحزان ص 8واللهوف البن طاووس ص .7 -6
قال :ثم رجع النبي من سفره ذلك مغموما فصعد المنبر فخطب ووعظ والحسين بين يديه مع الحسن ،فلما فرغ من
خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسين ورفع رأسه إلى السماء وقRRال :الّلهم إّني محّم د عبRRدك ونبّي ك ،وهذان
أطائب عترتي وخيار ذرّيتي وأرومتي ومن أخلفها بعدي ،اللهم وقد أخبرني جبريل بأَّن ولدي هذا مقتول مخRRذول،
الّلهم فبارك لي في قتله ،واجعله من سادات الشهداء إنك على كل شيء قدير ،الّلهم وال تبارك في قاتله وخاذله.
35
قال :فضّج الناس في المسجد بالبكاء ،فقال النبي :أتبكون وال تنصرونه؟! ألّلهم فكن له أنت وليا وناصرا.
-6رواية زينب بنت جحش في بيتها:
في تاريخ ابن عساكر ومجمع الزوائد وتأريخ ابن كثير وغيرها واللفظ لالّول
ص34:
عن زينب ،قالت :بينما رسول هّللا (ص) في بيRRتي وحسRRين عندي حين درج ،فغفلت عنه ،فدخل على رسRRول هّللا
(ص) فقال :دعيه -الى قولها -ثم قام فصّلى فلّم ا قام احتضنه إليه فإذا ركRRع أو جلس وضRRعه ثم جلس فبكى ،ثم مّRد
يده فقلت حين قضى الصالة :يا رسول هّللا ! إّني رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك تصنعه؟ قال :إّن جبريRRل أتRRاني
36
فأخبرني أّن هذا تقتله ُأّم تي ،فقلت :فأرني تربته ،فأتاني بتربة حمراء.
في تاريخ ابن عساكر ،والRذهبي ومجمRع الزوائRد ،وغيرها ،واللفRظ لالّول ،عن أبي امامRة .قRال :قRال رسRول هّللا
(ص) لنسائه« :ال ُتبكوا هذا الصبّي » يعني حسينا .قال :وكان يRوم أّم سRRلمة فنزل جبرئيRل فدخل على رسRRول هّللا
(ص) الداخل وقال الّم سلمة« :ال تدعي أحدا أن يدخل علّي » فجاء الحسRRين فلّم ا نظRر إلى النبّي (ص) في الRبيت
أراد أن يدخل فأخذته أم سلمة فاحتضنته وجعلت تناغيه وتسكته فلما اشتّد في البكRRاء خّلت عنه ،فدخل حّتى جلس
في حجر النبّي (ص) فقال جبريل للنبّي (ص) :إّن ُأمتك ستقتل ابنك هذا ،فقال النبي (ص) «يقتلونRRه وهم مؤمنون
بي»؟ قال :نعم يقتلونه .فتناول جبريل تربة فقال :مكRRان كRRذا وكRRذا ،فخRرج رسRRول هّللا (ص) وقRد احتضRRن حسRRينا
كاسف البال ،مهموما .فظّنت أم سلمة أّنه غضب من دخول الصبّي عليه فقالت :يا نRRبي هّللا ! ُجعلت لRRك الفRRداء إّن ك
.)1 ( 38تاريخ ابن عساكر ح ،618وتهذيبه ،325 /4وتاريخ االسالم للذهبي ،10 /3وسير النبالء له ،10 /3ومجمع الزوائد ،189 /9وتاريخ
ابن كثير ،199 /8وأمالي الشجري ص ،186وفي الروض النضير ،94 -93 /1اسناده حسن ،وأبو امامة هذا َص َّدى بن عجالن.
.)1 ( 39كذا في لفظة الحاكم والبيهقي وفي غيرهما من االصول :خائر ،وفي النهاية :أصبح رسول هّللا وهو خائر النفس ،أي ثقيل النفس غير طيب
وال نشيط ه.-
.)2 ( 40في الحديث االتي« يقِّلبها».
.)3 ( 41مستدرك الصحيحين ،398 /4والمعجم الكبير للطبراني ح ،55وتاريخ ابن عساكر ح ،621 -619وترجمة الحسين بطبقات ابن سRRعد
ترجمة الحسين ح ،267 ،والذهبي في تاريخ االسالم ،11 /3وسير النبالء ،195 -194 /3والخوارزمي في المقتل ،159 -158 /1باختصRار،
والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص ،149 -148وتاريخ ابن كثير ،230 /6وكنز العمال للمتقي .266 /16
.)1 ( 42ترجمة الحسين في المعجم الكبير للطبراني ح 54ص ،124وطبقات ابن سعد ح ،268ومقتل الخوارزمي ،158 /1وكنز العمRRال /16
،226وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج 12بلفظ آخر.
ُأمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها :كربالء .فتناول جبرئيل (ع) من تربتها فأراها النبّي (ص) .فلمRRا ُأحيRRط بحسRRين
43
حين قتل قال :ما اسم هذه االرض؟ قالوا :كربالء ،قال :صدق هّللا ورسوله ،أرض كرب وبال.
ص38:
د -عن شقيق بن سلمة:
في معجم الطبراني ،وتاريخ ابن عساكر ،ومجمع الزوائد ،وغيرها ،واللّفظ لالول ،عن أبي وايل شRRقيق بن سRRلمة،
عن ُأم سلمة قالت :كان الحسن والحسين رضي هّللا عنهما يلعبان بين يدي النبي (ص) في بيتي ،فنزل جبريRRل (ع)
فقال :يامحّم د! اّن أّم تRك تقتRل ابنك هذا من بعRRدك ،فأومRRأ بيRده إلى الحسRRين ،فبكى رسRRول هّللا (ص) وضّRم ه إلى
صدره ،ثم قال رسول هّللا (ص) :وديعة عنِد ك هذه التربة ،فشمها رسول هّللا (ص) وقال :ويح كرب وبالء .قالت:
وقال رسول هّللا (ص) يا ُأّم سلمة اذا تحّولت هذه التربة دمRا فاعلمي أن ابRني قRد قتRل ،قRال :فجعلتهRا أم سRلمة في
44
قارورة ،ثم جعلت تنظر اليها كل يوم وتقول :اّن يوما تتحَّو لين فيه دما ليوم عظيم.
ه :-عن سعيد بن أبي هند:
في تاريخ ابن عساكر ،وذخائر العقبى ،وتذكرة خواّص االّم ة ،وغيرها ،واللفRRظ لالول ،عن عبRRد هّللا بن سRRعيد بن
أبي هند ،عن أبيه قال :قالت أّم سلمة رضي هّللا عنها:
كان النبي (ص) نائما في بيتي فجاء حسين رضRRي هّللا عنه يRدرج ،فقعRRدت على البRاب فأمسRRكته مخافة أن يRدخل
فيوقظه ،ثم غفلت في شيء فدَّب فدخل فقعد على بطنه ،قالت :فسمعت نحيب رسول هّللا (ص) فجئت فقلت :يا
ص39:
رسول هّللا ! وهّللا ما علمت به فقال :إنّم ا جاءني جبريل (ع) -وهو على بطRRني قاعRRد -فقال لي :أتحبRRه؟ فقلت :نعم،
قال :اّن ُأمتك ستقتله ،أال أريك التربة التي يقتل بها؟ قال :فقلت :بلى ،قال :فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة ،قالت:
45
وإذا في يده تربة حمراء وهو يبكي ويقول :يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟.
.)2 ( 43معجم الطبراني ح ،53ص ،125ومجمع الزوائد ،189 -188 /9وكنز العمال ،265 /16وفي ذخائر العقبى ص ،147بايجاز ،وراجع
نظم الدرر ص 215للحافظ جمال الدين الزرندي.
.)1 ( 44معجم الطبراني ح ،51ص ،124وتاريخ ابن عساكر ح ،622وتهذيبه ،328 /4وبايجاز في ذخائر العقبى ص ،147ومجمع الزوائد /9
،189وراجع طرح التثريب للحافظ العراقي ،42 /1والمRواهب اللدنيRة ،195 /2والخصRائص الكRبرى للسRيوطي ،152 /2والصRراط السRوي،
للشيخاني المدني ،93وجوهرة الكالم ص ،120والروض النضير .93 -92 /1
.)1 ( 45تاريخ ابن عساكر ح ،626وذخائر العقبى ص ،147وراجRع الفصRول المهمRة ص ،154وتRذكرة خRواص االمRة 142نقال عن االمRام
الحسين( ع) وأمالي الشجري ص 163و 166و .181
.)2 ( 46فضائل الحسن والحسين عن كتاب الفضائل تأليف أحمد بن حنبل ح ،44ص 23من المجموعة وطبقات ابن سRRعد ح ،272وتRRاريخ ابن
عساكر ح ،624والعقد الفريد في الخلفاء وتواريخهم ،وقد أسنده إلى أم سلمة ،وذخائر العقبى ص .147
في تأريخ ابن عساكر ،وغيره ،واللفظ لRRه ،عن داود ،قRRال :قRRالت أم سRRلمة :دخRRل الحسRRين على رسRRول هّللا ففRRزع،
فقالت أم سلمة :مالك يا رسRول هّللا ؟ قRال :اّن جبريRل أخRبرني أّن ابRني هذا يقتRل ،واّن ه اشRتّد غضRب هّللا على من
47
يقتله.
ص40:
48
بعدي؟
.)3 ( 47تاريخ ابن عساكر ح ،623وتهذيبه ،325 /4وكنز العمال ،112 /23والروض النضير .93 /1
.)1 ( 48ترجمة الحسين من طبقات ابن سعد ح ،270وتاريخ ابن عساكر ح .628
.)2 ( 49تاريخ ابن عساكر ح ،627ومعجم الطبراني ح 49ص ،124من المجموعة ،وكنز العمال ،113 /13وتاريخ ابن كثير .119 /8ولدى
أتباع مدرسة أهل البيت بمثير االحزان ص ،8وعبدهّللا بن سعيد أبو هند الفزاري والء ،المدني( ت 147 :ه )-من رجال الصحاح السّتة.
.)3 ( 50مسند أحمد 294 /6وبترجمة الحسين من فضائل أحمد ح ،10وتاريخ ابن عساكر ح ،625وقال الذهبي في تاريخ االسالم ،11 /3اسناده
صحيح .وفي سير النبالء ،195 /3ومجمع الزوائد ،187 /9وكنز العمال ،111 /13والصواعق المحرقة 115وفي طبعة دار الطباعة المحمدية
بالقاهرة :ص ،190وراجع طرح التثريب 41 /1للعراقي ،والروض النضير ،94 /1وأمالي الشجري ص .184
.)1 ( 51ترجمRRة الحسRRين ح 41ص 121من المجموعRRة وتRRاريخ ابن عسRRاكر ح ،634وتهذيبRRه ،325 /4ومجمRRع الزوائRRد ،189 /9ومقتRRل
الخوارزمي ،161 /1وأمالي الشجري ص .184
.)2 ( 52ترجمة الحسين من معجم الطبراني ح 42ص 121من المجموعة ،وأمالي الشجري ص .184
53
وفي لفظ آخر :فأشار له جبريل إلى الطّف بالعراق فأخذ تربة حمراء ،فأراه اّياها فقال :هذه من تربة مصرعه.
ص42:
ب -عن عروة بن الزبير:
في مجمع الطRRبراني وغRRيره واللفRRظ للطRRبراني ،عن عRRروة بن الزبRRير عن عائشة رضRRي هّللا عنهRRا ،قRRالت :دخRRل
الحسين بن علّي رضي هّللا عنه على رسول هّللا (ص) وهو يRRوحى إليRRه فنزا على رسRRول هّللا (ص) وهو منكّب ،
ولعب على ظهره ،فقال جبريل لرسول هّللا (ص) :أتحبه يا محّم د؟ قال :يا جبريل وما لي ال أحب ابRRني؟ قRRال :فإّن
ُأمتك ستقلته من بعدك ،فمّد جبريل (ع) يده فأتاه بتربة بيضاء فقال :في هذه االرض يقتل ابنك هذا يا محّم د واسمها
الطف ،فلمRRا ذهب جبريRRل (ع) من عند رسRRول هّللا (ص) والتربRRة في يRRده يبكي فقال :يRRا عائشة ان جبريRRل (ع)
أخبرني اّن الحسين ابني مقتول في أرض الّطف ،وأَّن ُأّم تي ستفتتن بعدي ،ثم خرج إلى اصحابه ،فيهم علُّي ،وأبRRو
بكر وعمر وحذيفة وعّم ار وأبو ذر ،رضي هّللا عنهم ،وهو يبكي فقالوا :ما يبكيك يا رسول هّللا ؟
فقال :أخRRبرني جبريRRل أَّن ابRRني الحسRRين يقتRRل بعRRدي بRRأرض الّط ف ،وجRRاءني بهRRذه التربRRة ،وأخRRبرني أّن فيهRRا
54
مضجعه.
ج -عن المقبري:
في طبقات ابن سعد وتاريخ ابن عساكر واللفظ للثRاني ،عن عثمRان بن مقسRم عن المقبري عن عائشة قRالت :بينا
رسول هّللا (ص) راقد اذ جاء الحسين يحبو إليه فّنحيته عنه ثم قمت لبعض أمري ،فدنا منه فاسRRتيقظ يبكي ،فقلت:
ما يبكيك؟ قال :اّن جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين ،فاشتّد غضب هّللا على من يسفك دمه ،وبسRRط يRRده
فاذا فيها قبضة من بطحاء فقال :يا عائشة والذي نفسي بيده! 55اّنه ليحزنني ،فمن هذا من ُأمتي يقتل حسينا.
ص43:
-11رواية معاذ بن جبل:
في معجم الطبراني ،ومقتل الخوارزمي ،وكنز العمال ،واللفظ لالول ،عن عبRد هّللا بن عمRرو بن العRاص أَّن معRاذ
بن جبRل أخRبره قRال :خRرج علينا رسRRول هّللا (ص) متغّي ر اللRون فقال :أنRا محّم د ُأوتيت فواتح الكلم وخواتمRRه،
فأطيعوني ما دمت بين أظهRRركم ،فاذا ذهب بي فعليكم بكتRRاب هّللا عّز وجّRRل أحّل وا حاللRRه ،وحِّرمRRوا حرامRRه ،أتتكم
الموتة ،أتتكم بالروح والراحRة ،كتRاب من هّللا سRبق ،أتتكم فتن كقطRع الليRل المظلم ،كلمRا ذهب رسRل جRاء رسRل،
تناسخت النبوة فصارت ملكا رحم هّللا من أخذها بحقها ،وخرج منها كما دخلها.
أمسك يا معاذ وأحص ،قال :فلما بلغت خمسة .قال :يزيد ال بارك هّللا في يزيد ،ثم ذرفت عيناه (ص) ،ثم قRRال :نعي
الّي حسينُ ،أتِيُت بتربه ،وُأخبرت بقاتله ،والذي نفسي بيده ال يقتل بين ظهراني قوم ال يمنعونه 56إال خRRالف هّللا بين
.)3 ( 53طبقات ابن سعد ح ،269وتاريخ ابن عساكر بترجمة الحسين ح ،627ومقتل الخوارزمي 159 /1واللفظ له ،..ومجمع الزوائد -187 /9
،188وكنزالعمال ،108 /13وفي ط .القديمة ،223 /6والصواعق المحرقة البن حجر ،ص ،115وفي ط ،19 :وراجع خصائص السيوطي /2
125و ،126وجوهرة الكالم للقرهغولي ص ،117وفي أمالي الشيخ الطوسي من كتب أتباع مدرسة أهل البيت ،325 /1وفي أمالي الشجري ص
،77بتفصيل.
.)1 ( 54بترجمة الحسين( ع) من معجم الطبراني ح 48وص 123من المجموعة ،ومجمع الزوائد ،187 /9وراجع أعالم النبوة للمRRاوردي ص
،83وأمالي الشجري ص .166
.)2 ( 55في نسخة تاريخ ابن عساكر؛ الكلمة غير واضحة.
.)1 ( 56في مجمع الزوائد «190 -189 /9ال يمنعوه» وهو خطأ.
صدورهم وقلوبهم ،وسّلط عليهم شرارهم وألبسهم شيعا ،ثم قال :واها لفRRراخ آل محمRRد (ص) من خليفRRة مسRRتخلف
57
مترف ،يقتل خلفي وخلف الخلف ،الحديث.
-12رواية سعيد بن جمهان:
في تاريخ ابن عساكر ،والRذهبي ،وابن كثRير ،واللفRRظ لالول ،عن سRRعيد ابن جمهRRان :أّن النبي (ص) أتRاه جبريRل
58
بتراب من تراب القرية التي يقتل بها الحسين ،فقال :اسمها كربالء ،فقال رسول هّللا (ص) كرب وبالء.
ص44:
-13روايات ابن عباس:
.)2 ( 57معجم الطبراني ح 95ص ،140ومقتل الخوارزمي ،161 -160وكنز العمال ،113 /13وأمالي الشجري ص ،169ومجمع الزوائد /9
.190 -189
.)3 ( 58تاريخ ابن عساكر ح ،632وتاريخ االسالم للذهبي ،11 /3وتاريخ ابن كثير .200 /8
.)1 ( 59مقتل الخوارزمي .160 /1
.)2 ( 60تاريخ ابن عساكر ح ،684وتهذيبه ،342 /4وامالي الشجري ص .160
.)3 ( 61كامل الزيارة ،ص ،71 -68الباب .22
.)1 ( 62معجم الطبراني ح 57ص ،128وفي مجمع الزوائد «191 /9أجيبوا دعاه» ،وأنساب االشراف للبالذري ص 38عن مجاهد بايجاز.
63
بقرية (بتربة) قريبة من النهرين.
ج -في مقتل الخوارزمي:
اّن أمير المؤمنين عليا (ع) لما سار إلى صفين نزل بكربالء وقال البن عباس :أتدري ما هذه البقعة؟ قال :ال ،قال:
لو عرفتها لبكيت بكائي ،ثم بكى بكاء شديدا ،ثم قال :ما لي والل أبي سفيان؟ ثم التفت إلى الحسين وقال :صبرا يRRا
64
ُبنَّي فقد لقي أبوك منهم مثل الذي تلقى بعده.
د -عن الحسن بن كثير ،في صفين:
عن الحسن بن كثير ،عن أبيه :اّن علّيا أتى كربالء فوقف بها ،فقيل :يا أمير المؤمنين هذه كربالء؟ قال :ذات كرب
وبالء ،ثم أومأ بيده إلى المكان فقال هاهنا موضع رحالهم ،ومناخ ركابهم ،وأومأ إلى موضع آخر فقال :هاهنا
ص46:
65
مهراق دمائهم.
.)2 ( 63معجم الطبراني ح 57ص ،128وفي لفظه «:ليقتلن الحسين قتال ،وإّني العرف التربة التي يقتل فيها قريبا من النهرين» ،وتاريخ االسالم
للذهبي ،11 /3وسير النبالء له ،195 /3ومجمع الزوائد ،190 /9وكنز العمال ،279 /16ومن كتب حديث أهل البيت بكمال الزيارة ص .72
.)3 ( 64مقتل الخوارزمي .162 /1
.)1 ( 65صفين ،لنصر بن مزاحم ص ،142وشرح نهج البالغة .278 /1
.)2 ( 66ذخائر العقبى ص ،97وراجع دالئل النبوة البي نعيم ،211 /3وفي تذكرة خواص االمة ص «142هذا مصرع الرجل ثم ازداد بكاؤه».
.)3 ( 67أسد الغابة 169 /4قال في ترجمة غرقة االزدي «:يقال لRه صحبة وهو معRدود في الكوفيين ،وروي عنه أبRو صادق قRال :وكRان من
أصحاب النبي( ص) ومن أصحاب الصفة ،وهو الذي دعا له النبي( ص) أن يبارك في صفقته» ثم أورد الخبر الRذي أوردنRاه في المتن ،ثم قRال بعRد
انتهائه« أخرجه ابن الدباغ مستدركا على أبي عمر» .وأشار اليه ابن حجر في ترجمته باالصابة.
وقد روي هذا الكالم على وجه آخر :أّنه (ع) قال« :فويل لكم منهم وويل لكم عليهم» قال الرجل :أما ويل لنا منهم
68
فقد عرفت وويل لنا عليهم ماهو؟ قال ترونهم يقتلون وال تستطيعون نصرهم.
ح -عون بن أبي جحيفة:
في تاريخ ابن عساكر ،عن عون بن أبي جحيفRRة ،قRRال :اّن ا لجلRRوس عند دار أبي عبRRد هّللا الجRRدلي ،فأتانRRا ملRRك بن
صحار الهمدانّي ،فقال :دّلوني على منزل فالن ،قال :قلنا له :أال ترسل اليRه فيجيء؟ اذ جRاء فقال :أتRذكر اذ بعثنا
أبو مخنف الى أمير المؤمنين وهو بشاطىء الفرات ،فقال :ليحلّن هاهنا ركب من آل رسRRول هّللا (ص) يمّRRر بهRRذا
69
المكان فيقتلونهم ،فويل لكم منهم وويل لهم منكم.
ط -في تاريخ ابن كثير:
روى محّم د بن سعد وغيره من غير وجRه ،عن علّي بن أبي طRالب :أّن ه مّRRر بكRRربالء عند أشRRجار الحنظRل وهو
ذاهب الى صفين ،فسأل عن أسمها فقيل :كربالء .فقال :كرب وبالء ،فنزل وصّلى عند شجرة هناك ثم قRRال :يقتRRل
هاهنا شهداء هم خير الشهداء غير الصحابة ،يدخلون الجنة بغير حساب -وأشRRار الى مكRRان هناك -فعَّلمRRوه بشيء
70
فّقِتل فيه الحسين.
ص48:
ي -عن نجي الحضرمي:
في مسند أحمد ،ومعجم الطبراني ،وتاريخ ابن عساكر ،وغيرها ،واللفظ لالول ،عن عبدهّللا بن نجّي عن أبيRRه :أّن ه
سار مع علّي رضي هّللا عنه ،فلما جاؤوا نينوى وهو منطلق الى صفين ،فنادى علُّي :اصبر أبRا عبدهّللا ،اصبر أبRا
عبد هّللا ! بشط الفرات ،قلت :وماذا؟ قال :دخلت على رسRRول هّللا (ص) ذات يRRوم عيناه تفيضRRان .قلت :يRRا نRRبّي هّللا
أغضبك أحد؟ ما شأن عينك تفيضان؟ قال :بل قام من عندي جبريل قبل ،فحدثني :أّن الحسين يقتRRل بشط الفRRرات،
قال فقال :هل لك الى أن أِشَّم ك من تربته؟ قRال :قلت :نعم ،فمّRد يRده فقبض قبضRة من تRراب فأعطانيهRا ،فلم أملRك
71
عينَّي أن فاضتا.
وفي رواية« :وكان صاحب مطهرته ،فلّم ا حاذوا نينوى وهو منطلRRق الى صفين نRRادى علّي :صبرا أبRRا عبRRد هّللا ،
72
صبرا أبا عبد هّللا بشط الفرات ،قلت :ومن ذا أبو عبد هّللا ؟ ،...هل لك أن أشمك من تربتة؟ .»...
ك -عن عامر الشعبي:
في طبقات ابن سعد ،وتاريخ ابن عساكر ،والذهبي وتذكرة خواص االمRة ،عن عRامر الشعبي :أّن عليRا قRال وهو
بشط الفرات :صبرا أبا عبدهّللا ،
ص49:
.)1 ( 73طبقات ابن سعد ح ،173وتاريخ ابن عساكر ص ،393وتاريخ االسالم للذهبي ،10 /3والنبالء ،194 /3وأشار اليRRه ابن كثRRير في /8
199من تاريخه ،وتذكرة خواص االمة ص .142
.)2 ( 74تاريخ ابن عساكر ح ،638وتهذيبه .326 /4
.)3 ( 75معجم الطبراني ح 59ص .128
.)1 ( 76مقتل الخوارزمي 166 -165 /1وفي لفظ أبو هرثمة.
.)2 ( 77في االصل« أبي هرثمة» تحريف .وان اعالم هذا الحديث وغير هذا الحديث الذين ذكروا في هذا البحث بحاجRRة إلى تحقيRRق لم يتسRRن لنا
القيام به.
.)3 ( 78في طبقات ابن سعد ح ،276وتاريخ ابن عساكر ح ،636وفي مقتل الخوارزمي 165 /1عن نشيط أبي فاطمة قال:
جاء موالي أبو هرثمة من صفين ،فأتيناه فسلمنا عليه فمرت شاة فبعرت ...وليس في لفظة« وما علم بهذا».
عن أبي عبده ،عن هرثمة بن سليم قال :غزونا مع علّي بن أبي طالب غزوة صّفين ،فلّم ا نزلنا بكRRربالء صّلى بنا
صالة ،فلما سّلم رفع اليه من تربتها فشّم ها ثّم قال :واها لك أيتها التربRة ،ليحشرن منك قRوم يRدخلون الجّن ة بغRRير
حساب .فلما رجع هرثمة من غزوته الى امرأته -وهي جرداء بنت سمير -وكانت شيعة
ص51:
لعلّي فقال لها زوجها هرثمة :أال أعجبك من صديقك أبي الحسين؟ لّم ا نزلنا كRRربالء رفع اليRه من تربتهRRا فشّم ها
وقال :واها لك يا تربة ،ليحشرّن منك قوم يدخلون الجّنة بغير حساب ،وما علمRRه بRRالغيب؟ فقالت :دعنا منك أّيهRRا
الرجل ،فاّن أمRRير المؤمRRنين لم يقل إاّل حّق ا .فلّم ا بعث عبيRRد هّللا بن زيRRاد البعث الRRذي بعثRRه الى الحسRRين بن علّي
وأصحابه ،قال :كنت فيهم في الخيل التي بعث اليهم ،فلّم ا انتهيت الى القوم وحسين وأصحابه عرفت المنزل الRRذي
نزل بنا علي فيه والبقعة التي رفع إليه من ترابها ،والقول الذي قاله ،فكRRرهت مسRRيري ،فأقبلت على فرسRRي حRRتى
وقفت على الحسين ،فسّلمت عليه ،وحّد ثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل ،فقالالحسRRين :معنا أنت أو علينا؟
فقلت أي ابن رسول هّللا ال معك وال عليك .تركت أهلي وولدي وعيالي أخRRاف عليهم من ابن زيRRاد .فقال الحسRRين:
فوّل حّتى ال ترى لنا مقتال ،فَو الذي نفس محّم د بيده ال يرى مقتلنا اليوم رجل وال يغيثنا إاّل أدخلRRه هّللا النار .قRRال:
79
فأقبلت في االرض هاربا حّتى خفي علّي مقتلهم.
.)1 ( 79صفين ،البن مزاحم ،ص ،141 -140وتاريخ ابن عساكر ح 636و 638باختصار ،وأمالي الشجري ص .184
.)1 ( 80تهذيب ابن عساكر .328 /4
.)2 ( 81تاريخ ابن عساكر ح ،677وأمالي الشجري ص ،184وفي لفظ« عن جرد ابنة شمير» ،واالمالي للصدوق( ره) ط.
االسالمية طهران سنة 1396ه -ص .136
.)3 ( 82ترجمة الحسين من طبقات ابن سعد ح ،275وتاريخ ابن عساكر ح ،675وتهذيب ابن عساكر ،338 -337 /4وقريب منه لفظ الحديث
،676في التأريخ وأسقطه في التهذيب ،والطبراني ح 60ص ،128والمقتل للخوارزمي ،161 /1وكRRنز العمRRال ،265 /16ومجمRRع الزوائRRد /9
83
وأخرج ابن قولوية في باب قول أمير المؤمنين في قتل الحسين من كامل الزيارة أربعة أحاديث.
ص53:
-15رواية أنس بن الحارث واستشهاده:
في تاريخ البخRاري ،وابن عسRاكر ،واالسRتيعاب ،وغيرها؛ اّن أنس بن الحRارث بن نبيRه قتRل مRع الحسRين ،قRال:
سمعت رسRRول هّللا (ص) يقول« :اّن ابRRني هذا -يعRRني الحسRRين -يقتRRل بRRأرض يقال لهRRا كRRربالء ،فمن شRRهد ذلRRك
فلينصره» ،فخرج أنس بن الحارث الى كربالء فقتل بها مع الحسين.
وفي مثير االحزان :خرج أنس بن الحارث الكاهلي وهو يقول:
والخندفيون وقيس عيالن قد علمت كاهلنا وذودان
84
وآل حرب شيعة الشيطان.
-16رجل من بني أسد:
روى كّRل من ابن سRعد ،وابن عسRاكر ،عن العريRان بن هيثم بن االسRود النخعي الكRوفي االعRور ،قRال :كRان أبي
يتبّد ى 85فينزل قريبا من الموضع اّلذي كان فيه معركة الحسين ،فكّنا ال نبدو 86إاّل وجدنا رجال من بني أسد هناك،
فقال له أبى :أّني أراك مالزما هذا المكان؟ قال :بلغني اّن حسينا يقتل هاهنا ،فأنا أخرج لعّلي ُأصادفه ،فاقتRRل معRRه،
فلّم ا قتل الحسين ،قال أبي :انطلقوا
ص54:
87
ننظر ،هل االسدي في من قتل؟ وأتينا المعركة فطّوفنا فإذا االسدي مقتول.
***
أوردنا في ما سبق من االحاديث التي فيها إنباء باستشهاد االمام الحسين قبل وقوعه ،ما رواها الفريقان أو ما تفّRRرد
بروايتها أتباع مدرسة الخلفاء ،وتركنا ايراد ما تفّرد بروايتها أتبRRاع مدرسRRة أهل الRRبيت 88وتخّيرنRRا في مRRا رواها
الفريقان لفظ روايات مدرسة الخلفاء ،وينبغي أن نبحث بعد هذا عن سبب استشهاد االمام الحسRين ونرجRع في هذا
البحث في مايلي الى كتب الفريقين المشهورة دونما تخّير رواية فريق على آخر.
ص55:
،191 -190وفي االصل« رجع» تحريف ،وربضة :الجّثة الجاثمة ،ومن الناس الجماعة ،والجاثم :الذي لزم االرض .لسان العرب وغيره.
.)4 ( 83كامل الزيارة ،باب 23ص .72 -71
.)1 ( 84ترجمة أنس بن الحارث في الجرح والتعديل للرازي ،287 /1وفي تاريخ البخاري الكبير ،30 /1رقم الترجمة ،1583وابن عساكر ح
،680وتهذيبه ،338 /4واالستيعاب ،وأسد الغابة ،123 /1واالصابة ومقتل الخوارزمي ،160 -159 /1وتاريخ ابن كثير ،199 /8والروض
النضير ،93 /1ومثير االحزان ص .47 -46
.)2 ( 85يتبّد ي :أي يقيم في البادية وفي االصل« يبتدى» تحريف.
.)3 ( 86نبدو :أي نخرج إلى البادية.
.)1 ( 87بترجمة الحسين من كل من طبقات ابن سعد ح ،280وتاريخ ابن عساكر ح .666
.)2 ( 88مثل ما روى الصدوق في أماليه .ط .النجف ،ص ،112وط .دار الكتب االسالمية طهRRران سRRنة 1355ش .ه -ص 127 -126عن ميثم
رواية مفّص لة ،وما جاء في أمالي الشيخ الطوسي( ره) ،324 -323 /1ومثير االحزان ص .13 -9
سبب استشهاد االمام الحسين (ع)
ينبغي أن نبحث في هذا المقام في أمرين:
أ -قاتل االمام الحسين لماذا أقدم على قتله؟
ب -االمام الحسين لماذا اختار القتل؟
لقد روى الطبري وغيره واللفظ للطبري 89في بيان ذلك وقال :بويع ليزيد ابن معاويRRة بالخالفة بعRRد وفاة أبيRRه في
رجب سنة ستين وأمير المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ،ولم يكن ليزيد ِهَّم ٌة -حين ولي -إاّل بيعRRة النفRRر الRRذين
أبوا على معاوية االجابة الى بيعة يزيد حين دعا الناس الى بيعته واّنه ولي عهده بعRRده والفRRراغ من أمRRرهم ،فكتب
الى الوليد يخبره بموت معاوية ،وكتب اليه في صحيفة كأّنها أُذ ن فأرة :أّم ا بعRRد .فخRRذ حسRRينا وعبRRد هّللا بن عمRRر،
وعبد هّللا بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسالم.
فأشار عليه مروان أن يبعث اليهم في تلك الساعة ويدعوهم الى البيعة والRدخول في الطاعRة ،فان فعلRوا قبRل منهم
وكّف عنهم ،وان أبRوا قّRد مهم فضRرب أعناقهم فإّنهم ان علمRوا بمRوت معاويRة وثب كRل منهم في جRانب وأظهRر
الخالف والمنابذة ،ودعا الى نفسه ،عدا ابن عمر فاّنه ال يرى القتال اال أن يدفع االمر اليه عفوا.
فأرسل الوليد عبد هّللا بن عمرو بن عثمان الى الحسين وابن الزبير يدعوهما
ص56:
فوجدهما في المسجد فدعاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس .فقاال :انصRRرف ،االن نأتيRه .فقال :حسRRين
البن الزبير :أرى طاغيتهم قد هلك فبعث الينا ليأخRRذنا بالبيعRRة قبRRل أن يفشو في الناس الخRRبر .فقال :وأنRRا مRRاأظّن
غيره .فقام الحسين وجمع اليه مواليه وأهل بيته وسار الى باب الوليد وقال لهم :إّني داخل فأن دعRRوتكم او سRRمعتم
صوته قد عال فأقتحموا علي ،وإاّل فال تبرحوا حتى أخRRرج اليكم ،فدخل على الوليRRد ومRRروان جRRالس عنده فأقرأه
الوليد كتاب ودعاه الى البيعة ،فاسترجع الحسين وقRRال :اّن مثلي ال يعطي بيعتRRه سRRرا وال أراك تجRRتزىء بهRRا مّني
سرا دون أن تظهرها على رؤوس الناس عالنيRRة ،قRRال :أجRRل .قRRال :فإذا خRRرجت الى الناس فدعوتهم الى البيعRRة
دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحدا .فقال له الوليد ،وكان يحّب العافية :انصرف على اسم هّللا ،فقال له مروان :وهّللا
لئن فارقك الساعة ولم يبايع ال قدرت منه على مثلهRا حّتى تكRثر القتلى بينكم وبينه؛ احبس الرجRل وال يخRرج من
عندك حّتى يبايع أو تضرب عنقه .فوثب عند ذلك الحسين ،فقال :يا ابن الزرقاء! 90أنت تقتلني أم هو؟ كRRذبت وهّللا
91
وأثمت.
وفي تاريخ ابن أعثم ،ومقتل الخRRوارزمي ومثRRير االحRRزان 92،واللهRRوف ،واللفRRظ لالخRRير 93،كتب يزيRRد الى الوليRRد
يأمره بأخذ البيعة على أهلها عاّم ة
ص57:
قال الطبري :فقال :له الوليد -وكان يحّب العافية :-انصرف عل اسم هّللا .وفي الرواية االولى :فلّم ا أصبح الحسRRين
لقيه مروان فقال أطعني ترشد ،قال :قل ،قال :بايع أمير المؤمنين يزيد فهو خير لك في الدارين .فقال الحسين« :إّنا
95
هّلل وإّنا إليه راجعون» 94وعلى االسالم السالم اذ قد بليت االّم ة براع مثل يزيد.
اّم ا ابن الزبير فاّنهم الحوا عليه وتعّلل ولم يحضر دار الوليد ،وبعث الوليد الى عبد هّللا بن عمر فقال :بRRايع ليزيRRد.
96
فقال :اذا بايع الناس بايعت ،فانتظر حتى جاءت البيعة من البلدان فتقّد م الى الوليد فبايعه.
وفي رواية :أّن الحسين خرج من منزله بعد ذلك وأتى قبر جّد ه فقال :السRRالم عليRRك يRRا رسRRول هّللا أنRRا الحسRRين بن
فاطمRRة فرخRRك وابن فرختRRك وسRRبطك والثقل الRRذي خّلفتRRه في أّم تRRك ،فاشRRهد عليهم يRRا نRRبي هّللا اّنهم قRRد خRRذلوني
وضّيعوني ولم يحفظوني ،وهذه شكواي اليك حتى ألقاك صّلى هّللا عليك.
ثّم صّف قدميه فلم يزل راكعا ساجدا 97الى الفجر.
ص58:
وفي رواية ُأخرى :فصّلى ركعات فلّم ا فرغ من صالته جعل يقول :اللهم هذا قبر نبّي ك محّم د (ص) وأنRRا ابن بنت
نبّي ك وقRRد حضRRرني من االمRRر مRRا قRRد علمت ،اللهم إّني أحّب المعRRروف وُأنكRRر المنكRRر وإّني أسRRألك يRRاذا الجالل
واالكرام بحق هذا القبر ومن فيه ااّل اخترت من أمري ما هو لك رضRى ولرسRولك رضRى وللمؤمRنين رضRى ،ثّم
جعل يبكي عند القبر حتى اذا كان قريبا من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى فإذا هو برسRRول هّللا قRRد أقبRRل في
كتيبة من المالئكة عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفRRه فجRاء وضّRم الحسRRين الى صدره وقّب ل بين عينه وقRال
«حبيبي يا حسين كأّني أراك عن قريب مرّم ال بدمائك ،مذبوحا بأرض كRRربالء ،بين عصRRابة من أّم تي ،وأنت في
ذلك عطشان ال تسقى ،وظمآن ال تروى ،وهم في ذلك يرجون شفاعتي ،مالهم ال أنالهم هّللا شفاعتي .مالهم ال أنالهم
هّللا شفاعتي يوم القيامة ،وما لهم عند هّللا من خالق ،حبيبي يا حسين! اّن أباك وأّم ك وأخRاك قRدموا علّي وهم اليRك
مشتاقون ،واّن لك في الجّنة لدرجات لن تنالها إاّل بالشهادة 98.الحديث.
99
وذهب الى قبر أّم ه وأخيه ووّد عهما.
وروى عمر بن على االطرف وقال:
لّم ا امتنع أخي الحسين (ع) عن البيعة ليزيد بالمدينة دخلُت عليه فوجدته خاليا ،فقلت لهُ :جعلت فداك يا أبا عبد هّللا :
حّد ثني أخوك أبو محّم د الحسن عن أبيه (ع) .ثم سبقتني الدمعRRة ،وعال شRRهيقي ،فض ّRم ني إليRRه ،وقRRال :أحّRد ثك أّني
مقتRRول؟ فقلت :حوشRRيت بRRا ابن رسRRول هّللا .فقال :سRRألتك بحRRق أبيRRك ،بقتلي خّب رك أبي؟ فقلُت نعم ،فلRRوال تRRأّولت
وبايعت .فقال :حّد ثني أبي :اّن رسول هّللا (ص) أخبره بقتله وقتلي وأّن تربتي تكون بقرب تربته ،فتظّن
ص59:
.)1 ( 94لم أجد االسترجاع في اللهوف.
.)2 ( 95مثير االحزان ص ،15 -14اللهوف ص ،10 -9وفتوح ابن أعثم ومقتل الخوارزمي.
.)3 ( 96الطبري .191 -190 /6
.)4 ( 97مقتل الخوارزمي .186 /1
.)1 ( 98فتوح ابن أعثم ،29 /5ومقتل الخوارزمي .187 /1
.)2 ( 99اللهوف ،ص .11
أنك علمت ما لم أعلمه؟! واّني ال أعطي الدنية من نفسي أبدا ،ولتلقيّن فاطمة أباها شاكية مRا لقيت ذرّيتهRا من أّم تRه
100
وال يدخل الجّنة أحد آذاها في ذريتها.
***
كان حّك ام ذلك العصر وأشياعهم قد اعتادوا على تسمية تغيير أحكام هّللا بالتأويل -كما شRRرحناه في بحث االجتهRRاد-
حّتى أصبح المتبادر الى الذهن من لفظ التأويل هو التغيRRير ،وأصبح ذلRRك شRRائعا وسRRائغا ،ومن ثّم كRRان معاصرو
االمام الحسين (ع) الذين بلغهم نبأ استشهاد الحسين في العراق عن رسول هّللا يلّحون على االمام الحسين أن يRؤول
قضاء هّللا هذا ،أي يغّيره بعدم ذهابه الى العراق ،وبعضهم كان يضيف الى ذلك طلبه من االمام أن يؤولRRه بالبيعRRة،
أي يغّيره بالبيعة ،وهذا ما عناه عمر بن علي بقوله( :فلوال تأّو لت وبايعت) أي فلوال أّو لت قضاء هّللا بقتلك ببيعتك،
وكذلك كان قصد محّم د بن الحنفية في ما حاور أخاه الحسين وان لم يصّرح به.
كما روى الطبري والمفيد وغيرهما واللفظ للمفيد :اّن محّم د بن الحنفية قال للحسين (ع) لّم ا عزم على الخروج من
المدينة :يا أخي أنت أحّب الناس إلّى وأعّز هم علّي ولست أّد خر النصيحة الحد من الخلRRق ،إاّل لRRك وأنت أح ّRق بهRRا
تنّح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن االمصRRار مRRا اسRRتطعت ،ثّم ابعث رسRRلك الى الناس فادعهم الى نفسRRك فان
بايعك الناس وبايعوا لك حمدت هّللا على ذلك ،وان اجتمع الناس على غRRيرك لم ينقص هّللا بRRذلك دينك وال عقلRRك،
وال تذهب به مروءتك وال فضلك اّني أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه االمصRRار فيختلRRف الناس بينهم فمنهم
طائفة معك وُأخرى عليك فيقتتلون فتكون الّول االسّنة غرضا ،فاذا خير هذه االّم ة كلها نفسا وأبا وأما أضيعها دما
ص60:
وأذلها أهال .فقال له الحسين (ع) :فاين أذهب ياأخي؟ قال :انزل مّك ة فان اطمأَّنت بRك الRدار بهRRا فسRRبيل ذلRك ،وان
نبت بك لحقت بالرمال وشعف الجبال وخرجت من بلد الى بلد حRRتى تنظRRر الى مRRا يصRRير أمRRر الناس إليRRه ،فّانRRك
101
أصوب ما تكون رأيا حين تستقبل االمر استقباال.
وفي فتوح ابن أعثم ومقتل الخوارزمي بعده :فقال :له الحسين :يRا أخي :وهّللا لRو لم يكن في الRدنيا ملجRأ وال مRأوى
لما بايعت يزيد بن معاوية أبدا ،وقد قال (ص) :اللهم ال تبارك في يزيد .فقطع محمد بن الحنفية الكالم وبكى ،فبكى
معه الحسين ساعة ثّم قال :جزاك هّللا يا أخي عِّني خيرا لقد نصRحت وأشRرت بالصRواب ،وأنRا أرجRو أن يكRون ان
شاء هّللا رأيك موّفقا مسّد دا ،واني قد عزمت على الخRروج الى مكRة ،وقRد تهّي أت لRذلك أنRا واخRوتي وبنو اخRوتي
وشيعتي وأمرهم أمري ورأيهم رأيي وأما أنت يا أخي فال عليك أن تقيم بالمدينة فتكRون لي عينا عليهم ،وال تخRف
علّي شيئا من أمورهم .ثّم دعا بدواة وبياض وكتب 102هذه الوصية الخيه محّم د.
ص61:
103
وصّية الحسين (ع)
بسم هّللا الرحمن الرحيم -هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب الى أخيه محّم د المعRRروف بRRابن الحنفّي ة
اّن الحسين يشهد أن ال اله إاّل هّللا وحده ال شريك له وأّن محّم دا عبRRده ورسRRوله ،جRRاء بRRالحّق من عند الحّRق ،وأّن
الجّنة والنار حّق ،وأّن الساعة آتية ال ريب فيها ،وأّن هّللا يبعث من فى القبور ،واّني لم أخRRرج أشRRرا وال بطRRرا وال
.)1 ( 100اللهوف ،ص .11
.)1 ( 101ارشاد الشيخ المفيد ص .183
.)2 ( 102الفتوح البن أعثم .33 -32 /5
.)1 ( 103اخترنا لفظ محمد بن أبي طالب الموسوي حسب رواية المجلسي في البحار .329 /44
مفسدا وال ظالما ،واّنما خرجت لطلب االصالح في أّم ة جدي (ص) ،أريد أن آمRRر بRRالمعروف وأنهى عن المنكRRر،
وأسير بسيرة جّد ي وأبي علي بن أبي طالب فمن قبلني بقبول الحّق فاهّلل أولى بالحّق ومن رّد علّي هذا أصبر حّتى
يقضي هللا بيني وبين القوم بالحّق وهو خير الحاكمين ،وهذه وصّيتى يا أخي اليك وما توفيقي إاّل باهّلل عليه تRRوكلت
واليه أنيب.
104
ثّم طوى الحسين الكتاب ،وختمه بخاتمه ،ودفعه الى أخيه محّم د ،ثّم وّد عه وخرج في جوف الليل.
ص62:
مسير االمام الحسين (ع) الى مّك ة المكّرمة
وروى الطبري والمفيد :أّن الوليد أرسل الى ابن الزبير بعد خروج الحسين فطاوله حتى خرج في جوف الليRRل الى
مّك ة وتنّك ب الطريق ،فلّم ا أصبحوا سَّرح في طلبه الرجال فلم يدركوه فرجعوا وتشاغلوا بRRه عن الحسRRين (ع) فلّم ا
أمسوا ،أرسل الى الحسين فقال لهم :اصبحوا ثم ترون ونرى ،فكفوا عنه فسار من ليلته الى مكة وهو يتلو (فخRRرج
105
منها خائفا يترّقب قال رّب نجني من القوم الظالمين) وأبى أن يتنكب الطريق االعظم مثل ابن الزبير.
وفي تاريخ الطبري وغيره ،أّن عبد هّللا بن عمر التقى بالحسRين وابن الزبRير في الطريRق فقال لهمRا :اّتقيRا هّللا وال
106
تفّرقا جماعة المسلمين.
ولقي الحسيَن -أيضا -عبد هّللا بن مطيع ،فقال لهُ :جعلت فداك اين تريد؟ قال :أّم ا االن فمكة وأّم ا بعد فاّني اسRRتخير
هّللا .قال :خاَر هّللا لك وجعلنا فداءك ،فاذا أتيت مّك ة فإّياك أن تقرب الكوفة فإّنها بلدة مشؤومة؛ بها قتل أبوك وخRRذل
أخوك واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه .الزم الحرم فاّنك سّيد العرب ال تعدل بك أهل الحجاز أحRRدا ،ويتRRداعى
اليك الناس من كّل جانب .ال تفارق الحرم فداك عّم ي وخالي فَو هّللا لئن هلكت لنسترقّن بعدك.
وسار الحسين حتى دخل مّك ة يوم الجمعة لثالث مضين من شعبان وهو
ص63:
يقرأ( :ولّم ا توجه تلقاء مدين ،قال عسى رّبي أن يهدين سواء السبيل) ،ودخل ابن الزبير مّك ة ولزم الكعبRRة ،يصّRلي
عندها عاّم ة النهار ،ويطوف ويأتي حسينا في من يأتيه ،ويشير عليه بالرأي ،وهو أثقل خلRق هّللا على ابن الزبRير،
قد عرف اّن أهل الحجاز ال يبايعونه أبدا مRا دام الحسRين بالبلRد ،وأّن ه أعظم في أعينهم وأنفسRهم منه ،وأطRوع في
107
الناس منه.
108
فأقبل أهلها يختلفون اليه ويأتيه المعتمرون وأهل االفاق.
وفيهذه السنة عزل يزيد الوليد وولّى على الحرمين عمرو بن سRRعيد 109،وبلRRغ أهل الكوفة مRRوت معاويRRة وامتناع
الحسين وابن الزبير وابن عمر عن البيعة؛ فاجتمعوا وكتبوا اليRRه كتابRRا واحRRدا ...أّم ا بعRRد :فالحمRRد هّلل الRRذي قصRRم
عدّوك الجّبار العنيد الذي انتزى على هذه االّم ة فابتزها أمرها وتآمر عليها بغير رضى منها ...فبعدا له كما بعدت
.)2 ( 104فتوح ابن أعثم ،34 /5ومقتل الخوارزمي ،188 /1وبعد سيرة جدي وأبي ،أضافت يد التحريف« وسRيرة الخلفRاء الراشRدين المهRديين
رضي هّللا عنهم» وان الراشدين اصطالح تأخر استعماله عن عصر الخالفة االموية ولم يرد في نص ثبت وجوده قبل ذلك ،ويقصد بالراشدين الRRذين
أتوا إلى الحكم بعد رسول هّللا متواليا من ضمنهم االمام علي ،فال يصح أن يعطف الراشدين على اسم االمام ،كل هذا يدلنا على أن الجملRRة أدخلت في
لفظ االمام الحسين.
.)1 ( 105تاريخ الطبري ،190 /6وارشاد المفيد ص .184
.)2 ( 106تاريخ الطبري .191 /6
.)1 ( 107تاريخ الطبري .197 -196 /6
.)2 ( 108الطبري .196 /6
.)3 ( 109الطبري .191 /6
ثمود .اّنه ليس علينا امام فأقبل لعّل هّللا أن يجمعنا بك على الحّRق ،والنعمRRان بن بشير -الRRوالي -في قصRRر االمRRارة
لسنا نجتمع معه في جمعة وال عيد ،ولو قد بلغنا أّنك قد أقبلت أخرجناه حتى نلحقه بالشام ...وبعثRRوا بالكتRRاب مRRع
رجلين فأغّذ ا السير حتى قدما على االمام الحسين لعشر مضين من شهر رمضان .ثّم مكثRRوا يRRومين وسّRRرحوا اليRRه
ثالثة رجال معهم نحو من ثالث وخمسين صحيفة من الرجل واالثنين واالربعة ،ثّم لبثوا يRRومين آخRRرين وأرسRRلوا
رسRRولين وكتبRوا معهمRRا ...الى الحسRRين بن علي من شRRيعته المؤمRRنين والمسRRلمين ،أّم ا بعRRد فحّي هال فإّن الناس
ينتظرونك وال رأي لهم في غيرك ،فالعجل العجل والسالم عليك.
وكتب اليه رؤوس من رؤساء الكوفة كتابا ورد فيه :فأقدم على جند لك
ص64:
110
مجّندة والسالم عليك.
111
وفي رواية الطبري :كتب اليه أهل الكوفة «أّنه معك مائة ألف».
ص65:
ارسال مسلم بن عقيل الى الكوفة
وهكذا تالقت الرسل وتكّد ست الكتب لديه فكتب االمام في جوابهم:
الى المال من المؤمنين والمسلمين .أّم ا بعد ...قد فهمت كّل الذي اقتصصRRتم وذكRRرتم ،ومقالRRة جّلكم أّن ه ليس علينا
امام فاقبل لعّل هّللا أن يجمعنا بك على الهدى والحق ،وقد بعثت اليكم أخي وابن عّم ي وثقتي من أهل بيتي ،وأمرتRRه
أن يكتب الّي بحالكم وأمركم ورأيكم ،فان كتب إلّي انه قد اجمع رأي ملئكم وذوي الفضRRل والحجى منكم على مثRRل
ما قدمت علّي به رسلكم وقرأت في كتبكم ،أقدم عليكم وشRيكا اْن شRاء هّللا فلعمRري مRا االمRام إاّل العامRل بالكتRاب،
112
واالخذ بالقسط ،والدائن بالحق ،والحابس نفسه على ذات هّللا .والسالم.
وأرسل اليهم مسلم بن عقيل 113،فأقبل حّتى دخRRل الكوفة ،فاجتمع اليRRه الشيعة واسRRتمعوا الى كتRRاب الحسRRين وهم
114
يبكون ،وبايعه ثمانية عشر ألفا.
فكتب مسلم بن عقيل الى الحسين:
أّم ا بعد فإّن الرائد ال يكذب أهله ،وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا ،فعّجل االقبال حين يأتيك كتابي ،فاّن
الناس كّلهم معك ليس لهم في آل
ص66:
115
معاوية رأي وال هوى والسالم.
وادخل مسلم على ابن زياد على تلك الحالة ،وجرت بينهما محاورة فقال له ابن زياد :لعمري لتقتلّن .
قال :كذلك؟ قال :نعم .قال :فدعني أوص الى بعض قومي .فنظر الى جلساء عبيد هّللا وفيهم عمر بن سعد .فقال :يRRا
عمر! اّن بيني وبينك قرابة ،ولي اليك حاجة ،وقد يجب لي عليك نجح حاجتي وهو سُّر ،فأبى أن يمّك نه من ذكرها.
فقال له عبيد هّللا :ال تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عّم ك ،فقام معه فجلس حيث ينظر اليه ابن زياد فقال لRRه :اّن علّي
بالكوفة دينا استدنته منذ قدمت الكوفة سبعمائة درهم فاقضها عّني ،وانظر جّثتي فاسRRتوهبها من ابن زيRاد فوارها،
وابعث الى حسين من يرّد ه فاّني قد كتبت اليه أعلمه اّن الناس معه وال أراه إاّل مقبال .فأخبر ابن سعد ابن زيRRاد بمRRا
قال مسلم فقال ابن زياد :اّن ه ال يخونRك االمين ولكن قRد يRؤتمن الخRائن ،وأمRRر بمسRRلم أن يصRRعد بRه فوق القصRRر
ويضرب عنقه .فقال البن االشعث :أما وهّللا لRوال أّن ك أمنتRني مRRا استسRRلمت .قم بسRRيفك دوني فقد أخفRRرت ذمتRك.
فصعد به وهو يكّبر ويستغفر ويصّلي على مالئكة هّللا ورسRRله ويقول :اللهم احكم بيننا وبين قRRوم غّرونRRا وكRRذبونا
وأذّلونا .واشرف به وضربت عنقه وأتبع جسده رأسه.
وأمر ابن زياد بهانىء ب عروة فاخرج الى السوق فضربت عنقه ،وأرسل
ص68:
ص69:
عزم االمام الحسين (ع) على المسير الى العراق
هكذا استشهد مسلم بن عقيل ،أّم ا االمام الحسين فقد استعّد بعد تسّلمه كتاب سفيره مسلم -االنف الRRذكر -للتوّج ه الى
العراق ،ولّم ا علم ابن الزبير بقصده قال له :أما لو كان لي بها مثل شيعتك ما عدلت بها ،ثم خشي أن يّتهمRRه فقال:
أما اّنك لو أقمت بالحجاز ثّم أردت هذا االمر هاهنا ما خولف عليك ان شاء هّللا .ولّم ا خرج من عند االمام الحسRRين
قال االمام :اّن هذا ليس شيء يؤتاه من الدنيا أحّب اليه من أن أخرج من الحجاز الى العراق ،وقRد علم أّن ه ليس لRه
120
من االمر معي شيء واّن الناس لم يعدلوه بي؛ فوَّد أّني خرجت منها لتخلوله.
وفي يوم التروية التقيا بين الحجر والباب فقال له ابن الزبير :ان شئت أقمت فوليت هذا االمRRر آزرنRاك وسRRاعدناك
ونصحناك وبايعناك .فقال له الحسين :اّن أبي حّد ثني أّن بها كبشا يستحّل حرمتها؛ فما أحب أن أكRRون ذلRRك الكبش.
فقال له ابن الزبRير :فاقم ان شRئت وتوليRني أنRا االمRر فتطRاع وال تعصRى ،فقال :ومRا أريRد هذا ،ثّم اّنهمRا أخفيRا
121
كالمها.
وفي رواية :فساّر ابن الزبير الحسين فالتفت الينا الحسين ،فقال :يقول ابن الزبRير :أقم في هذا المسRRجد أجمRRع لRك
الناس ،ثم قال :وهّللا الن أقتل
ص70:
خارجا منها أحّب إلّي من أن ُأقتل داخال منها بشبر ،وأيم هّللا لو كنت في جحر هامة من هذه الهRRوام السRRتخرجوني
122
حتى يقضوا فّي حاجتهم ،ووهّللا ليعتّد ن علّي كما اعتدت اليهود في السبت.
123
وفي تاريخ ابن عساكر وابن كثير :الن ُأقتل بمكان كذا وكذا أحّب إلّي من أن تستحّل بي -يعني مّك ة.-
124
ثم طاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة ،وقّص من شعره ،وأحّل من احرامه وجعلها عمرة.
الحسين مع ابن عباس:
وفي تاريخ الطبري وغيره :لما عزم على الخروج أتاه ابن عباس وقال له في ما قRال :أقم في هذا البلRد فاّن ك سّRيد
أهل الحجاز ،فان كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفRRوا عRRاملهم وعRRدِّو هم ثم اقRRدم عليهم ،فان
أبيت إاّل أن تخرج؛ فسر إلى اليمن فاّن بها حصونا وشعابا ،وهي أرض عريضRRة طويلRRة والبيRRك بهRRا شRRيعة وأنت
عن الناس في عزلة ،فتكتب إلى الناس وترسل وتبّث دعاتك ،فاني أرجوا أن يأتيك عند ذلRك الRذي تحّب .فقال لRه
الحسين :يا ابن عّم :اّني وهّللا أعلم أنك ناصح مشفق ،وقد أزمعت وأجمعت المسير ،فقال لRRه ابن عبRRاس :فان كنت
سائر فال تسر بنسائك وصبيتك ،فاني خائف أن تقتل كما قتل عثمان ،ونساؤه وولده ينظرون إليه.
وفي االخبار الطوال بعده :قال الحسين :يا ابن عّم ماأرى الخروج إاّل
.)1 ( 125الطبري ،217 -216 /6وابن االثير ،16 /4واالخبار الطوال ص .244
.)2 ( 126تاريخ ابن عساكر بترجمة االمام الحسين ،الحديث ،644 -642وابن كثير ،165 /8وذخائر العقبى ص ،151ومقتRل الخRوارزمي /1
.219
.)3 ( 127معجم الطبراني ح ،93ومجمع الزوائد .192 /9
.)4 ( 128كامل الزيارة ص ،75باب ،75وفي اللهوف عن الكليني :ان هذا الكتاب كتبه إليهم لما فصل من مكة ولفظه من الحسين بن علي إلى بني
هاشم أما بعد ،فانه من لحق بي منكم استشهد ،ومن تخلف عني لم يبلغ الفتح ،اللهوف ص ،25ومثير االحزان ص .27
.)5 ( 129بترجمة االمام الحسين في تاريخ ابن عساكر ،وتاريخ االسالم للذهبي .343 /2
.)1 ( 130اللهوف ص .25 -24
.)2 ( 131الطبري .211 /6
.)3 ( 132الطبري ،218 -217 /6وابن االثير ،17 /4وابن كثير ،166 /8وأنساب االشراف ص .164
وطلب من عمرو بن سعيد أن يكتب له أمانا ويمِّنيه البّر والصلة ويبعث به إليه ،فكتب :أّم ا بعد ،فإّني أسRRال هّللا أن
يصرفك عّم ا يوبقك ،وان يهديك لما يرشدك ،بلغني أّنك توجهت إلى العراق ،وإّني أعيذك باهّلل من الشقاق ،فإني
ص73:
أخاف عليك فيه الهالك ،وقد بعثُت إليك عبد هّللا بن جعفر ،ويحيى بن سعيد -أخا الوالي -فأقبل الّي معهما ،فاّن لRRك
عندي االمان ،والصلة والبّر وحسن الجوار ...فذهبا بالكتاب ولحقا االمام الحسين ،واقرأه يحيى الكتاب فجهدا به،
وكان مّم ا اعتذر به أن قال :اني رأيت رؤيا فيها رسول هّللا (ص) وأمرت فيها بأمر أنا ماض لRRه علّي كRRان أو لي،
133
فقاال :فما تلك الرؤيا؟ قال :ماحدثت بها أحدا وما أنا محدث به حّتى ألقى رّبي.
وكتب االمام الحسين (ع) في جواب عمرو بن سعيد :أّم ا بعد فاّنه لم يشاقق هّللا ورسRRوله من دعRRا إلى هّللا عّز وجّRRل
وقال أّنني من المسلمين ،وقد دعوت إلى االمان والّبر والصلة ،فخير االمRان أمRان هّللا ،ولن يRؤمن هّللا يRوم القيامRة
من لم يخفه في الدنيا ،فنسئل هّللا مخافة في الRRدنيا تRRوجب لن أماَن ُه يRRوم القيامRRة ،فان كنت نRRويت بالكتRRاب صلتي
134
وبّريَ ،فُج ِزيَت خيرا.
كتاب عمرة بنت عبد الرحمن:
وفي تاريخ ابن عساكر :كتبت إليه عمرة بن عبد الرحمن تعّظم عليه ما يريRRد أن يصRRنع ،وتRRأمره بالطاعRRة ولRRزوم
الجماعة ،وتخبرة أّنه إّنما يساق إلى مصرعه ،وتقول :اشهد لحّد ثتني عائشة أّنهRRا سRRمعت رسRRول هّللا (ص) يقول:
135
يقتل حسين بأرض بابل :فلما قرأ كتابها ،قال :فالبّد لي إذا من مصرعي ،ومضى.
ص74:
مع ابن عمر:
وفيه أيضا :ان عبد هّللا بن عمر كان بمال له فبلغه ان الحسRRين بن علي قRRد توجRRه إلى العRRراق ،فلحقه على مسRRيرة
136
ثالثة ليال ،ونهاه عن المسير إلى العراق فأبى الحسين ،فاعتنقه ابن عمر ،وقال :استودعك هّللا من قتيل.
وفي فتوح ابن اعثم ،ومقتل الخوارزمي ،ومثير االحزان ،وغيرها ،واللفRRظ لالخRير :اّن ابن عمRRر لّم ا بلغRRه توّج ه
الحسين إلى العراق لحقه وأشار عليه بالطاعة واالنقياد ،فقال له الحسين :يا عبد هّللا ! أما علمت أّن من هوان الRRدنيا
على هّللا أّن رأس يحيى بن زكرّيا ُأهدى إلى بغّي من بغايا بني اسرائيل -إلى قوله -فلم يعِّج ل هّللا عليهم بRRل أخRRذهم
137
بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر ،ثّم قال :اّتق هّللا يا أبا عبد الرحمن وال تدعّن نصرتي.
ص75:
توّجه االمام الحسين (ع) إلى العراق
خطبة االمام (ع):
.)1 ( 133الطبري ،220 -219 /6وابن االثير ،17 /4وابن كثير ،167 /8وفي 163منه بايجاز ،وارشاد المفيRRد ص ،202وتRRاريخ االسRRالم
للذهبي .343 /2
.)2 ( 134في الطبري وابن االثير ،وابن كثير تتمة للخبر السابق.
.)3 ( 135تاريخ ابن عساكر بعد الحديث ،653وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة االنصارية المدنيه أكثرت عن عائشة ،ثقة من الثالثRRة،
ماتت قبل المائة ،تقريب التهذيب .607 /2
.)1 ( 136تاريخ ابن عساكر ح 645و ،646وتهذيبه ،329 /4وقد أوردنا موجزا من الحديث ،وأنساب االشراف ح 21ص .163
.)2 ( 137الفتوح البن أعثم ،43 -42 /5والمقتل ،193 -192 /1ومثير االحزان ،29واللهوف ص ،13ويبدو أَّن ابن عمر حاور الحسين في هذا
االمر مرتين :أوالهما عند توجهه إلى مكة ،والثانية بعد خروجه منها متوجها إلى العراق.
وفي مثير االحزان بعد المحاورة السابقة :ثّم قام خطيبا فقال :الحمRRد هّلل وماشRRاء هّللا ،وال قّRRوة إاّل باهّلل ،خّRط المRRوت
على ولد آدم مخّط القالدة على جيد الفتاة ،وما أولهني إلى أسالفي اشتياق يعقوب إلى يوسف ،وخير لي مصرع أنا
القيه ،كأّني بأوصالي تقّطعها عسالن الفلوات بين النواويس وكربال ،فيمالن مّني أكراشRRا جوفا وأحويRRة سRRغبا ،ال
محيص عن يوم خّط بالقلم ،رضا هّللا رضانا أهل البيت ،نصبر على بالئه ويوّفينا ُأجRRور الصRRابرين ،لن تشّذ عن
رسول هّللا لحمته ،وهي مجموعة له في حظيرة القدس ،تقّر بهم عينه وينجز بهم وعده ،من كان باذال فينا مهجتRRه،
وموّطنا على لقاء هّللا نفسه ،فليرحل معنا فإّني راحل مصبحا إن شاء .
هّللا 138
لفت نظر:
لم نتوّخ في ايراد هذه المحاورات تسجيلها حسب تسلسRRلها الزمRRاني أو المكRRانّي كي نبحث عنهRRا ثّم نRRرّتب تRRدوينها
حسبما يؤدي إليه البحث الّنا استهدفنا في هذا البحث اعطاء صورة عن رؤية االمام الحسين (ع) ورؤية معاصرية
لواقعة استشهاده ،لنتمّك ن من معرفة حكمة استشهاده وآثارها ،وكان يكفينا
ص76:
في هذا المقام ايراد المحاورات والحوادث حسبما أّد ى إليه ظّننا ،وهكذا فعلنا.
ثم سأل الفرزدق عن نبأ الناس خلفه فقال له الفرزدق :قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والقضRRاء يRRنزل من
السماء.
.)1 ( 138مثير االحزان ص ،29وفي اللهوف ص 23انه خطب بها في مكة لما عزم على الخروج وفي لفظة« أجربة سغبا».
.)1 ( 139تاريخ ابن عساكر ح ،657وفي ح ،656أمر بمحاربته ،وفي تهذيبRRه ،332 /4ومعجم الطRRبراني ح ،80وأنسRRاب االشRRراف للبالذري
بترجمة الحسين ح ،180ص ،160وتاريخ االسالم للذهبي ،344 /2وتاريخ ابن كثير .165 /8
.)2 ( 140راجع كتاب« عبدهّللا بن سبأ» ج 1فصل استلحاق زياد.
.)3 ( 141تاريخ ابن عساكر ح ،653وتهذيبه ،326 /4وتاريخ ابن كثير ،165 /8وتاريخ االسالم للذهبي .343 /2
.)4 ( 142الصفاح بين حنين وانصاب الحرم يسرة الداخل إلى مكة.
فقال له الحسين :صدقت ،هّلل االمر ،وهّللا يفعل ما يشاء ،وكّل يوم رّبنا في شأن ان نزل القضاء بما نحّب فنحمRRد هّللا
على نعمائه ،وهو المستعان على اداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كRRان الحRRق نيتRRه ،والتقوى
143
سريرته ،ثم حّرك الحسين راحلته فقال :السالم عليك.
144
ولّم ا بلغ الحاجز أرسل إلى أهل الكوفة بكتاب يخبرهم فيه انه خرج من مكة يوم التروية متجها اليهم.
145
مع عبد هّللا بن مطيع:
وفي بعض المياه التقى بعبد هّللا بن مطيع العRدوي فقال ابن مطيRع :بRأبي أنت وأمي يRا ابن رسRول هّللا مRا أقRدمك؟
فأخبره الحسين بخبره فقال ابن مطيعُ :أذِّك رك هّللا يا ابن رسول هّللا وحرمة االسالم أن تنتهك ،أنشدك هّللا في حرمة
رسول هّللا (ص) ،أنشدك هّللا في حرمة العرب ،فَو هّللا لئن طلبت مافي أيدي بني أمّية ليقتلّنك ،لئن قتلوك ال يهابون
بعدك أحدا أبدا ،وهّللا اّنها لحرمة
ص78:
االسالم ُتنتهك ،وحرمRRة قRRريش وحرمRRة العRRرب ،فال تفعRRل وال تRRأت الكوفة وال تعّRRرض لبRRني أمّي ة ،فأبى إاّل أن
146
يمضي.
147
وفي رواية ،فقال الحسين :لن يصيبنا إاّل ما كتب هّللا لنا ،ثم وّد عه ومضى.
من رأى أن الحسين (ع) ال يجوز فيه السالح:
خالفا لمن سبق ذكر رأيه كان عبد هّللا بن عمرو بن العاص من عصRRبة الخالفة من الصRRحابة يRأمر الناس باّتبRاع
االمام الحسين (ع) ،قال :الفرزدق بعد ذكر لقاءه لالمام الحسين (ع):
ثّم مضيت فإذا بفسطاط مضروب في الحرم وهيئته حسنة فأتيته فاذا هو لعبRRد هّللا بن عمRRرو بن العRRاص ،فسRRألني
فأخبرته بلقاء الحسين بن علي ،فقال لي :ويلك فهاّل اتبعته؛ َفّو هّللا ليملكّن واليجوز السالح فيه وال في أصحابه.
قال فهممت وهّللا ان الحRRق بRRه ووقRRع في قلRRبي مقالتRRه ،ثّم ذكRRرت االنبيRRاء وقتلهم فصّRد ني ذلRRك عن اللحRRاق بهم ...
148
الحديث.
مع زهير بن القين:
سار االمام الحسين حتى نزل زرود فالتقى فيه بزهير بن القين -وكان عثمانيا -149قال الراوي الذي كان مع زهير:
أقبلنا من مكة نساير الحسين فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل ،فإذا سار الحسين تخّلف زهير
ص79:
.)1 ( 143الطبري ،218 /6وابن االثير ،16 /4وارشاد المفيد ص ،201وابن كثير ،167 /8وأنساب االشراف ص .166 -165
.)2 ( 144الطبري ،224 -223 /6واالخبار الطوال للدينوري ص ،245وكان الحاجر ببطن الرمة ،ويجتمع فيه أهل الكوفة والبصRرة بطريRق
مكة -مادة الحاجر وبطن الرمة بمعجم البلدان ،وراجع أنساب االشراف ص .166
.)3 ( 145عبد هّللا بن مطيع بن االسود العدوي المدني ،له رؤية ،وكان رأس قريش يوم الحرة ،وأَّم ره ابن زبير على الكوفة ثّم قتل معRRه سRRنة ثالث
وسبعين ،أخرج حديثه البخاري ومسلم ،تقريب التهذيب .452 /1
.)1 ( 146الطبري ،224 /6وارشاد المفيد ،ص ،203وأنساب االشراف ص .155
.)2 ( 147االخبار الطوال للدينوري .246
.)3 ( 148الطبري .219 -218 /6
.)4 ( 149في أنساب االشراف ط .االولى ،1397 ،ص ،167وص ،168وتاريخ ابن االثير 17 /4انه كان عثمانيا ،وزرود في وسط عالج كRRان
منزال للحاج العراقي.
وإذا نزل تقّد م ،حتى نزلنا منزال لم نجد بّد ا من أن ننازله فيه ،فنزل الحسين في جانب ونزلنا في جRانب ،فبينا نحن
جلوس نتغّد ى إذ أقبل رسول الحسين فسّلم ،وقRال :يRازهير بن القين! اّن أبRا عبRد هّللا الحسRين بن علي بعثRني إليRك
لتأتيه ،قال :فطرح كّل انسان ما في يده حّتى كاّننا على رؤوسنا الطير.
فقالت له زوجته :أيبعث اليك ابن رسول هّللا ثّم ال تأتيه؟ سبحان هّللا ! لRRو أتيتRRه فسRRمعت من كالمRRه! فأتRRاه زهير بن
القين ،فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه ،فأمر بفسطاطه ومتاعه فحمل إلى الحسRRين ،ثّم قRRال المرأتRRه :أنت
طالق .الحقي بأهلك ،فاّني ال أحّب أن يصيبك من سببي إاّل خير ،ثّم قال :الصحابه :من أحّب منكم أن يتبعRRني وإاّل
فاّنه آخر العهد( .وفي روايRRة :من أحّب منكم الشهادة فليقم ومن كرههRRا فليتقّد م) 150.اّني سRRأحّد ثكم حRRديثا ،غزونRRا
بلنجر؛ ففتح هّللا علينا وأصبنا غنائم ،فقال لنا :سلمان الباهلي :أفرحتم عليكم وأصبتم من المغRRانم؟ فقلنا :نعم .فقال
لنا إذا أدركتم شباب آل محّم د -وفي رواية :سيد شباب أهل محّم د -151فكونوا أشّد فرحا بقتالكم معهم بما اصبتم من
الغنائم ،فاما أنا فاستودعكم هّللا 152.فقالت له زوجته :خار هّللا لك ،وأسألك أن تذكرني يوم القيامRRة عند جّRد الحسRRين
(ع).
ص80:
وصول خبر قتل مسلم وهانىء
لما وصل االمام إلى الثعلبّي ة 153أخRبره أسRدّيان عن صاحبهم أّن ه لم يخRرج من الكوفة حRتى قتRل مسRلم بن عقيRل
وهانىء بن عروة ورآهما ُيجّران في االسواق بأرجلهما.
فقال االمام :اّنا هّلل واّنا إليه راجعون ،رحمة هّللا عليهما ،ورّد د ذلك مرارا ،فقاال :ننشدك هّللا في نفسRRك وأهل بيتRRك
ااّل انصرفت من مكانك هذا فاّنه ليس لك بالكوفة ناصر وال شيعة بل نتخوف أن تكون عليك ،فوثب عند ذلRRك بنو
عقيل ،وقالوا :ال وهّللا ال نبرح حّتى ندرك ثارنا أو نذوق ما ذاق أخونا .فنظر الحسين إلى االسRدّيين وقRال :ال خRير
في العيش بعد هؤالء.
154
قاال :فعلمنا اّنه عزم له رأيه على المسير ،فقلنا :خار هّللا لك ،فقال :رحمكما هّللا .
رسوال ابن االشعث وابن سعد إلى الحسين (ع):
في تاريخ االسالم للذهبي :أرسل ابن سعد رجال على ناقة إلى الحسين يخبره بقتل مسلم بن عقيل.
وفي االخبار الطوال :لما وافى زبالة وافاه بها رسول محّم د بن االشعث،
ص81:
وعمر بن سعد بما كان سأله مسلم أن يكتب به إليه من أمره وخذالن أهل الكوفة اّياه بعد أن بايعوه ،وقد كان مسRRلم
155
سأل محّم د بن االشعث ذلك .فلما قرأ الكتاب استيقن بصحة الخبر.
وفي االخبار الطوال :واخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية إلى العذيب رصدا لRRه -وفي لفظRRه -فال تتكلن
159
على اّلذين كتبوا لك؛ فاّن أولئك أّول الناس مبادرة إلى حربك ...الحديث.
وفي رواية ثّم قال :وهّللا ال يدعوني حّتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ،فإذا فعلوا سّلط هّللا عليهم من يذّلهم حتى
160
يكونوا أذّل فرق االمم.
نذير آخر:
وفي تاريخ ابن عساكر وابن كثير قال الRRراوي :رأيت أخبيRRة مضRRروبة بفالة من االرض ،فقلت :لمن هذه؟ قRRالوا:
هذه لحسين .قال :فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن والدموع تسيل على خّد يه ولحيته ،قلت :بأبي وُأمي يا ابن رسول هّللا !
وكذلك كان يكّر ر التصريح بأمثال هذه االقوال .قال علي بن الحسين :خرجنا مع الحسين (ع) فمRRا نRRزل مRRنزال وال
ارتحل منه إاّل ذكر يحيى بن زكرّيا ومقتله ،وقال يوما :ومن هوان الدنيا على هّللا اّن رأس يحRيى بن زكرّي ا أهدي
162
إلى بغّي من بغايا بني اسرائيل.
ص85:
لقاء االمام الحسين (ع) الحّر
164
سار الحسين حتى نزل شراف 163،فلّم ا كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فاكثروا.
وسار الحسين من شراف ،فلما انتصف النهار كَّبر رجل من أصحابه فقال له :مما كبرت؟ قال :رأيت النخل .فقال
رجالن من بني أسد :ما بهذه االرض نخلة قط .فقال الحسين فما هو؟ فقاال :ال نRRراه إاّل هوادي الخيRRل .فقال وأنRRا
أيضا أراه ذلك وقال لهما :أما لنا ملجأ نلجأ إليه نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد؟ فقاال :بلى هذا ذو
حسم إلى جنبك تميل إليه عن يسارك فان سبقت القوم إليه فهو كما تريد .فمال إليRRه فمRRا كRRان باسRRرع من ان طلعت
الخيل وعدلوا اليهم فسبقهم الحسين إلى الجبل فنزل .وجRRاء القوم وهم ألRRف فارس مRRع الحّRRر بن يزيRRد التميمي ثّم
اليربوعي فوقفوا مقابل الحسين وأصحابه في نحر الظهيرة ،فقال الحسين الصحابه وفتيانه :اسقوا القوم وأرُو وهم
من الماء ورّش فوا الخيل ترشيفا فسقوا القوم من الماء حتى ارووهم ،واقبلوا يمالون
ص86:
القصاع واالتوار والطساس من الماء ثّم يدنونها من الفرس ،فاذا عّب فيRRه ثالثا أو أربعRRا أو خمسRRا عزلوها عنه
وسقوا آخر حتى سقوا الخيل كلها ،قال علي بن الطعان المحاربي :كنت آخر من جاء من أصحاب الحّRRر فلّم ا رأى
الحسRين مRRابي وبفرسRRي من العطش قRال :انخ الروايRه ،والروايRه عندي السRRقاء ،ثّم قRال :يRا ابن أخي انخ الجمRRل
فانخته ،فقال :اشرب فجعلت كلّم ا شربت سال الماء من السقاء ،فقال الحسين أخنث السقاء أي اعطفRه قRال :فجعلت
ال أدري كيف أفعل ،قال :فقام الحسين فخنثه فشربت وسقيت فرسي.
قال المؤلف :اال يجد الباحث في أمر االمام بارواء الف فارس وفرسRه في هذا اليRوم تعليال لمRا أمRر بRه فتيانRه في
سحر هذا اليوم أن يستقوا وانهم استقوا وأكثروا؟ اال يجوز أن يكون االمام الحسRRين قRد سRRمع من جRده الرسRRول في
هذا الشأن خاّصة أنباء تلقاها الرسول عن عاّل م الغيوب؟
.)4 ( 161تاريخ ابن عساكر ح ،665وتاريخ االسالم للذهبي 345 /2وفي هامشه( َفَر م االمة أي خرقة حيضها» ،وتاريخ ابن كثير .169 /8
.)1 ( 162ارشاد المفيد ص ،236واعالم الورى ص .218
.)1 ( 163بين شراف والواقصة ميالن كان بها ثالثة آبار كبار.
.)2 ( 164خبر لقاء الحسين مع الحر إلى آخره من تاريخ الطبري ،227 /6وابن االثير ،21 -9 /4وابن كثير ،174 -172 /8وقد بدأ هذه الفصل
بقوله :وهذه صفة مقتله( رض) مأخوذه من كالم أئمة هذا الشأن ال كما يزعمه أهل التشيع من الكذب والبهتان ،ثم جاء بسياق الطبري الذي سنلتزمه
ان شاء هّللا ،واالخبار الطوال للدينوري ص ،253 -248وأنساب االشراف ص ،176 -169وارشRRاد المفيRRد ،210 -205واعالم الRRوري -229
،231وقد تخيرت اللفظ من الطبري وأوجزته.
قال الطبري وغيره :وكان مجيء الحّر من القادسية ،أرسله الحصين بن نمير في هذه االلف ،وذلك ان عبيد هّللا بن
زياد لما بلغه اقبال الحسين بعث الحصين التميمي وكان على شرطه فأمره أن يRRنزل القادسRRية ويضRRع المسRRالح مRRا
بين القطقطانة إلى خّفان فارسل الحصين الحّRر ليسRRتقبل الحسRRين .فلم يRزل موافقا الحسRRين حRتى حضRRرت صالة
الظهر فأمر الحسين مؤذنه باالذان فأّذ ن ،فخرج الحسين اليهم ،فحمد هّللا وأثنى عليه ثّم قال :أيها الناس! انها معذرة
إلى هّللا عّز وجل واليكم اّني لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت علّي رسلكم ان أقدم علينا فانRRه ليس لنا امRRام لعRRل هّللا
يجمعنا بك على الهدى ،فان كنتم على ذلك فقد جئتكم ،فان تعطRوني مRا اطمئّن إليRه من عهRودكم ومRواثيقكم أقRدم
مصركم وان لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين ،انصرف عنكم إلى المكان اّلذي أقبلت منه اليكم .قRال :فسRكتوا عنه
وقالوا للمؤذن أقم فأقام الصالة فقال الحسين (ع) للحر :أتريد أن تصلي بأصحابك؛ قال :ال ،بل تصلي أنت
ص87:
ونصلي بصالتك قال فصّلى بهم الحسين .ثّم انه دخل واجتمع إليه أصحابه وانصرف الحر إلى مكانه الذي كان بRRه
فدخل خيمة قد ضربت له فاجتمع إليه جماعة من أصحابه وعاد أصحابه إلى صفهم الRRذي كRRانوا فيRRه فأعRRادوه ،ثّم
أخذ كل رجل منهم بعنان داّبته وجلس في ظّلها فلّم ا كان وقت العصر أمر الحسين أن يتهيأوا للرحيل ثّم انRRه خRRرج
فأمر مناديه فنادى بالعصر وأقام فاستقدم الحسين فصّلى بالقوم ثّم سّلم وانصرف إلى القوم بوجهه ،فحمد هّللا وأثنى
عليه ثّم قال:
أّم ا بعد أّيها الناس :فانكم ان تّتقوا وتعرفوا الحّق الهلRRه يكن أرضRRى هّلل ونحن أهل الRRبيت أولى بواليRRة هذا االمRRر
عليكم من هؤالء المّد عين ما ليس لهم ،والسائرين فيكم بRالجور والعRدوان ،وان أنتم كرهتمونRا وجهلتم حّقنا وكRان
رأيكم غير ما أتتني كتبكم وقدمت به علّي رسلكم انصرفت عنكم.
فقال له الحّر بن يزيد :إّنا وهّللا ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر؟
فقال الحسين :يا عقبة بن سمعان! 165أخRرج الخRرجين اللRذين فيهمRRا كتبهم الّي .فأخرج خRرجين مملRوءين صحفا
فنثرها بين أيديهم.
فقال الحّر :فأنا لسنامن هؤالء الذين كتبوا اليك ،وقد ُأمرنا إذا نحن لقيناك أاّل نفارقك حتى نقدمك على عبيRRد هّللا بن
زياد .فقال له الحسين :الموت أدنى اليك من ذلك .ثّم قال الصحابه قومRRوا فاركبوا فركبRRوا وانتظRRروا حRRتى ركبت
نساؤهم فقال الصحابه :انصرفوا بنا ،فلّم ا ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين االنصRراف فقال الحسRين للحّRر:
ثكلتك امك ،ما تريد؟ قال أما وهّللا لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال اّل تي أنت عليهRRا مRRا تRRركت
ذكر اّم ه بالثكل ان أقوله كائنا من كان ،ولكن وهّللا ما لي إلى ذكر اّم ك من سبيل إاّل
ص88:
بأحسن ما يقدر عليه ،فقال له الحسين :فما تريد؟ قال الحّرُ :أريد وهّللا أن أنطلق بك إلى عبيRRد هّللا بن زيRRاد .قRRال لRRه
الحسين :اذن وهّللا ال اتبعك فقال له الحّر :اذن وهّللا ال أدعك .فتراّد ا القول ثالث مّرات ،ولّم ا كثر الكالم بينهما قRRال
له الحّر :أِّني لم ُأومر بقتالك وانما ُأمرت ان ال أفارقك حتى اقدمك الكوفة؛ فاذا أبيت فخذ طريقا ال تRRدخلك الكوفة
وال ترُّد ك إلى المدينة تكون بيني وبينك نصفا حتى أكتب إلى ابن زيRRاد وتكتب انت إلى يزيRRد بن معاويRRة إن أردت
ان تكتب اليه أو إلى عبيد هّللا ابن زياد ان شئت ،فلعّل هّللا إلى ذاك أن يأتي بRRأمر يرزقRRني فيRRه العافيRRة من أن أبتلى
.)1 ( 165كان عقبة بن سمعان مولى الرباب بنت امرىء القيس الكلبية أم سكينة بنت الحسين ،أنساب االشراف بترجمة الحسين ص .205
بشيء من أمرك .قال فخذ هاهنا فتياسر عن طريق العذيب والقادسّية وبينه وبين العRذيب ثمانيRة وثالثون ميال .ثَّم
ان الحسين سار في أصحابه والحّر يسايره.
وخطب الحسين أصحابه وأصحاب الحّر بالبيضة فحمد هّللا وأثنى عليRRه ثّم قRRال :أّيهRRا الناس! ان رسRRول هّللا (ص)
قال من رأى سلطانا جائرا مستحال لحRرم هّللا ،ناكثRا لعهRد هّللا ،مخالفRا لسّRنة رسRول هّللا (ص) ،يعمRل في عبRاد هّللا
باالثم والعدوان ،فلم يغّير عليه بفعل وال قول؛ كان حّقا على هّللا أن يدخله مدخله ،أال واّن هؤالء قRRد لزمRRوا طاعRRة
الشيطان وتركوا طاعة الرحمن ،وأظهروا الفساد وعّطلوا الحRدود ،واسRتأثروا بRالفيء وأحّل وا حRرام هّللا وحّرمRوا
حالله ،وأنا أحق من غّير ،وقد أتتني كتبكم وقدمت علَّي رسلكم ببيعتكم اّنكم ال تسRRلموني وال تخRRذلوني ،فان تممتم
على بيعتكم تصيبوا رشدكم فأنا الحسين بن علّي وابن فاطمة بنت رسول هّللا (ص) نفسRRي مRRع أنفسRRكم ،وأهلي مRRع
أهليكم فلكم فَّي ُأسRRوٌة ،وان لم تفعلRRوا ونقضRRتم عهRRدكم وخلعتم بيعRRتي من أعناقكم فلعمRRري مRRا هي لكم بنكRRر ،لقد
فعلتموها بأبي وأخي وابن عّم ى مسلم ،والمغرور من اغتر بكم فحّظكم أخطأتم ،ونصيبكم ضّيعتم ،ومن نكث فاّنما
ينكث على نفسه ،وسيغني هّللا عنكم والسالم عليكم ورحمة هّللا وبركاته.
ص89:
وخطب بذي حسم فحمد هّللا وأثنى عليه ثّم قال :اّنه قد نزل من االمر ما قد تRرون ،وان الRدنيا قRد تغّي رت وتنكRرت
وأدبر معروفها واستمّرت جّذ اء فلم يبق منها إاّل صبابة كصبابة االناء ،وخسيس عيش كالمرعى الوبيل .اال تRRرون
اّن الحّق ال يعمل به واّن الباطل ال يتناهى عنه ،ليرغب المؤمن في لقاء هّللا محّق ا فاّني ال أرى المRRوت إاّل شRRهادة
وال الحياة مع الظالمين إاّل برما.
فقام زهير بن القين البجلّي فقال الصحابه :تكّلمRون أم أتكّلم؟ قRالوا ال بRل تكّلم فحمRد هّللا فأثنى عليRه ،ثّم قRال :قRد
سمعنا -هداك هّللا يا ابن رسول هّللا -مقالتك ،وهّللا لو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخّلدين إاّل اّن فراقها في نصرك
ومواساتك ،الثرنا الخروج معك على االقامة فيها .فدعا له الحسين ثّم قال له خيرا ،وأقبل الحّر يسايره وهو يقول
له :يا حسين اّني أذكرك هّللا في نفسك فاّني اشهد لئن قاتلت لتقتلّن ،ولئن قوتلت لتهلكّن فيما أرى ،فقال له الحسRRين:
افبالموت تخّوفني؟! وهل يعدو بكم الخطب ان تقتلوني؟! ما أدري ما أقول لRRك! ولكن أقRRول كمRRا قRRال أخRRو االوس
البن عّم ه ولقيه وهو يريد نصرة رسول هّللا (ص) فقال له :اين تذهب فانك مقتول! فقال:
إذا ما نوى حّقا وجاهد مسلما سأمضي وما بالموت عار على الفتى
فّلما سمع ذلك منه الحّر تنّحى عنه ،وكان يسRRير باصحابه في ناحيRRة وحسRRين في ناحيRRة اخRRرى ،حRRتى انتهRRوا إلى
عذيب الهجانات وكان بها هجائن النعمان تRرعى هنالRك ،فاذا هم بأربعRة نفRر قRد اقبلRوا من الكوفة على رواحلهم
يجنبون فرسا لنافع بن هالل يقال له الكامل ومعهم دليلهم الطرّم اح بن عدي على فرسه وهو يقول:
وشّم ري قبل طلوع الفجر يا ناقتي ال تذعري من زجري
ص92:
قال المؤلف :لعل الباحث يجد بادىء ذي بدء تناقضا بين موقف االمام مّم ن تجمع عليه في منزل زبالة يفّRRرقهم من
حولRه ،وموقRف االمRام هنا مRع ابن الحّRر وقبلRه مRع ابن القين ،وكRذلك مRع غيرهمRا ،حيث كRان يRدعوهم فرادى
وجماعات إلى نصرته ،ولكنه إذا تدّبر خطب االمام وكالمه في كل مكان ومع أّي انسان كان ،أدرك ان االمام كان
يبحث عن أنصار ينضُّم ون تحت لوائه ويبايعونه على االمRر بRالمعروف والنهي عن المنكRر واسRتنكار بيعRة ائمRة
الضاللة أمثال يزيد على الحكم ،أنصارا واعين الهداف قيامه ،يقاومون االغراء بالدنيا ،يصRارعون الحكم الغاشRم
حتى يقتلوا في سبيل ذلك!
.)1 ( 166المصادر ال تزال هي التي ذكرناها في أول فصل« لقاء االمام الحسين( ع) الحر».
فقال له يزيد بن زياد :ثكلتك اّم ك! ماذا جئت فيه؟ قال :وما جئت فيRه ،أطعت امRامي ووفيت ببيعRتي ،فقال لRه أبRو
الشعثاء :عصيت رّبك وأطعت امامك في هالك نفسك ،كسبت العار والنار ،قال هّللا عّز وجل:
(وجعلناهم أئّم ة يدعون إلى النار ويوم القيامة ال
ص94:
ينصرون)
فهو إمامك.
قال :وأخذ الحّر بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان على غير ماء وال في قرية فقالوا دعنا ننزل في هذه القرية-
يعنون نينوى -أو هذه القرية -يعنون الغاضرية -أو هذه االخرى -يعنون شفية -فقال :ال وهّللا ما استطيع ذلRRك ،هذا
رجل قد بعث إلّي عينا .فقال له زهير بن القين :يRRا ابن رسRRول هّللا ! ان قتRRال هؤالء أهون من قتRRال من يأتينا من
بعدهم فلعمري ليأتينا من بعد من ترى ماال قبل لنا بRRه ،فقال لRRه الحسRRين :مRRا كنت البRRدأهم بالقتRRال .وفي االخبRRار
الطوال بعده:
فقال له زهير :فهاهنا قرية بالقرب مّنا على شّط الفRRرات ،وهي في عRRاقول 167حصRRينة ،الفRRرات يحRRدق بهRRا إاّل من
وجه واحد.
قال الحسين :وما اسم تلك القرية؟
قال :العقر.
168
قال الحسين :نعوذ باهّلل من العقر.
قال الحسين للحِّر :سر بنا قليال ،ثم ننزل.
فسار معه حتى أتوا كربالء ،فوقف الحّر وأصحابه أمام الحسين ومنعوهم من المسRير ،وقRال :انRزل بهRذا المكRان،
فالفرات منك قريب.
169
قال الحسين :وما اسم هذا المكان؟
قالوا له :كربالء.
قال :ذات كرب وبالء ،ولقد مّر أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صّفين ،وأنا معه ،فوقف ،فسأل عنه ،فُأخبر باسمه
فقال« :هاهنا محط ركابهم،
ص95:
وهاهنا مهراق دمائهم» ،فسئل عن ذلك ،فقال« :ثقل الل بيت محّم د ،ينزلون هاهنا» 170.وقبض قبضة منها فشّم ها
وقال هذه وهّللا هي االرض اّلتي أخبر بها جبرئيل رسول هّللا اّنني ُأقتل فيها ،أخبرتني أّم سلمة ،قالت :كان جبرئيRRل
عند رسول هّللا (ص) وأنت معي فبكيت .فقال رسRRول هّللا دعي ابRني ،فتركتRك فأخRذك ووضRRعك في حجRره ،فقال
جبرئيل :أتحّبه؟ قال :نعم ،قال :فاّن ُأّم تك ستقتله ،وان شئت أريتك تربة أرضRRه اّل تي يقتRRل فيهRRا ،قRRال :نعم .فبسRRط
171
جبرئيل جناحه على أرض كربالء فأراها اّياها.
.)1 ( 167عاقول الوادي ما اعوج منه ،واالرض العاقول التي ال يهتدي إليها.
.)2 ( 168مكان قرب كربالء من نواحي الكوفة.
.)3 ( 169روى هذه المحاورة الدينوري في االخبار الطوال ص ،253 -252وراجع تاريخ الخميس ،297 /2ومجمع الزوائد .192 /9
.)1 ( 170المصدر السابق.
.)2 ( 171أوردتها بلفظ سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص االمة .142
وفي رواية :لّم ا أحيط بالحسين بن علي ،قال :ما اسم هذه االرض؟ قيRل :كRRربالء .فقال :صدق النبي (ص) اّنهRRا
172
أرض كرب وبالء.
قال المؤرخون :ثّم أمر بأثقاله فحّطت بذلك المكان يوم االربعاء غّرة محرم سنة 61ه 173،-أو يRRوم الخميس الثRRاني
174
من المحّرم.
ولّم ا نزل كRRربالء كتب إلى ابن الحنفّي ة وجماعRRة من بRRني هاشRRم :أمRRا بعRRد :فكRRأّن الRRدنيا لم تكن ،وكRRأّن االخRRرة لم
175
تزل.
ص96:
قدوم عمر بن سعد على الحسين (ع)
قال الطبري وغيره والّلفظ للطبري 176:فلما كان من الغد؛ قدم عليهم عمRRر بن سRRعد بن أبي وقRRاص من الكوفة في
أربعة آالف ،قال :وكان سبب خروج ابن سRRعد إلى الحسRRين (ع) ان عبيRRد هّللا بن زيRRاد بعثRRه على أربعRRة االف من
أهل الكوفة يسير بهم إلى َدسَتبى وكان الديلم قد خرجوا إليها وغلبوا عليها ،فكتب إليRRه ابن زيRRاد عهRRده على الّRRري
وأمره بالخروج ،فخرج معسكرا بالناس بحّم ام أعين ،فلّم ا كان من أمر الحسين ما كان وأقبRRل إلى الكوفة دعRRا ابن
زياد عمر بن سعد فقال :سر إلى الحسين فاذا فرغنا مّم ا بيننا وبينة سRرت إلى عملRك ،فقال لRه عمRر بن سRعد :ان
رأيت رحمك هّللا أن تعفيني فافعل ،فقال له عبيد هّللا :نعم ،على ان ترّد لنا عهRدنا .فلّم ا قRال لRه ذلRك قRال عمRر بن
سعد :امهلني اليوم حتى انظر ،فانصرف عمر يستشير نصRRحاءه ،فلم يكن يستشير أحRRدا إاّل نهRRاه وجRRاء حمRRزة بن
المغيرة بن شعبة وهو ابن اخته ،فقال :أنشدك هّللا يا خال أن تسير إلى الحسين فتأثم بربك ،وتقطRRع رحمRRك ،فَو هّللا
الن تخرج من دنياك ومالك وسلطان االرض كّلها لو كان لك؛ خير لك من أن تلقى هّللا بدم الحسين،
ص97:
فقال له عمر بن سعد :فاّني أفعل ان شاء هّللا .
وروى عن عبدهّللا بن يسRRار الجهّني قRRال :دخلت على عمRRر بن سRRعد وقRRد أمRRر بالمسRRير إلى الحسRRين فقال لي :اّن
االمير أمرني بالمسير إلى الحسين ،فأبيت ذلك عليه .فقلت له :أصاب هّللا بك ،أرشدك هّللا ،أجل فال تفعل ،وال تسر
إليه ،قال :فخرجت من عنده فأتاني آت وقال :هذا عمRRر بن سRRعد يندب الناس إلى الحسRRين ،قRRال :فأتيتRRه فأذا هو
جالس ،فلّم ا رآني أعرض بوجهه ،فعرفت اّنه قد عزم على المسير إليه ،فخرجت من عنده.
وروى الطبري وقال :فأقبل عمر بن سعد الى ابن زياد ،فقال :أصلحك هّللا اّنك وليتني هذا العمRRل وكتبت لي العهRRد
وسمع به الناس ،فان رأيت أن تنفذ لي ذلك فافعل ،وابعث إلى الحسين في هذا الجيش من أشراف الكوفة من لسRRت
بأغنى وال أجزأ عنك في الحرب منه ،فسّم ى له اناسا فقال لRه ابن زيRاد :ال تعلمRني بأشRراف أهل الكوفة ،ولسRت
.)3 ( 172ترجمة الحسين بمعجم الطبراني ح ،46وكنز العمال ،266 -260ومجمع الزوائد 192 /9ذيل الرواية التي أوردناها آنفا بلفظ سبط ابن
الجوزي.
.)4 ( 173الدينوري في االخبار الطوال ص .253
.)5 ( 174الطبري ،232 /6وابن كثير ،174 /8وأنساب االشراف للبالذري ص ،176وارشاد المفيد ص .210
.)6 ( 175كامل الزيارة البن قولوليه ص 75باب ،23وقد استفاد بعد إالمام الحسين الحسن البصري منه وكتب إلى عمر بن عبد العزيز كما يبدو،
وراجع االغاني ط ساسي .105 /8
.)1 ( 176رجعنا إلى رواية المصادر التي ذكرناها في أول فصل« لقاء االمام الحسين( ع) الحر» ومRا كRان من غيرها ،صرحنا بRه في الهRامش،
وهي تاريخ الطبري ،270 -232 /6وابن االثير ،38 -19وابن كثير ،198 -172 /8والدينوري في االخبار الطوال ص ،261 -253وهو يوجز
االخبار ،وأنساب االشراف للبالذري ص ،227 -176وسياقه غير سياق الطبري ،وارشاد المفيRد ،236 -210وإعالم الRورى ،250 -231ومRا
تفرد به أحدهم صرحنا به وكذلك ما نقلناه عن غير هؤالء.
أستأمرك فيمن أريد ان أبعث ،ان سرت بجندنا وإاّل فابعث الينا بعهدنا ،فلّم ا رآه قد لَّج ،قال :فإّني سائر ،قال :فأقبل
في أربعة آالف حتى نزل بالحسين من الغد من يوم نزل الحسين نينوى.
ابن سعد يسأل الحسين عن الذي جاء به
قال :فبعث عمر بن سعد إلى الحسين (ع) عزرة بن قيس االحمسي ،فقال :ائته فسله ما الذي جاء به؟ ومRRاذا يريRRد؟
وكان عزرة مّم ن كتب إلى الحسين ،فاستحيا منه ان يأتيه ،قال :فعرض ذلك على الرؤساء اّل ذين كRRاتبوه فكّلهم أبى
وكرهه ،قال :وقام إليه كثير بن عبد هّللا الشعبي ،وكان فارسا شجاعا ليس يرّد وجهه شيء ،فقال :أنRRا أذهب إليRRه،
وهّللا لئن شئت الفتكّن به ،فقال :له عمر بن سعد :ما أريد أن يفتك به ،ولكن ائته فسله ما الذي جRRاء بRRه؟ فأقبRRل إليRRه
فلّم ا رآه أبو ثمامة الصائدّي قال للحسين :أصلحك هّللا أبا عبدهّللا
ص98:
قد جاءك شّر أهل االرض وأجرأه على دم وأفتكه ،فقام إليه ،فقال :ضRع سRيفك :قRال :ال وهّللا وال كرامRة ،اّنمRا أنRا
رسول فان سمعتم مّني أبلغتكم ما أرسلت به اليكم ،وإن أبيتم انصرفت عنكم ،فقال لRRه :فإّني آخRRذ بقائم سRRيفك ،ثم
تكّلم بحاجتك ،قال :ال وهّللا ال تمّسه! فقال له :أخبرني ما جئت به وأنا أبلغه عنك وال أدعك تدنو منه ،فاّن ك فاجر!
قال :فاستّبا ثم انصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر ،فدعا عمر قّRرة بن قيس الحنظلّي فقال لRه :ويحRك يRاقّرة!
الق حسينا ،فسله ما جاء به؟ وماذا يريد؟ قال فأتاه قّرة بن قيس ،فلّم ا رآه الحسRRين مقبال قRRال :أتعرفون هذا؟ فقال
حبيب بن مظاهر :نعم هذا رجل من حنظلة تميمّي وهو ابن اختنا ،ولقد كنت أعرفه بحسRRن الRRرأي ،ومRRا كنت أراه
يشهد هذا المشهد! قال :فجاء حتى سّلم على الحسين ،وأبلغه رسالة عمر ابن سعد إليه ،فقال لRRه الحسRRين :كتب الّي
أهل مصركم هذا ان اقدم فأما إذ كرهوني فأنا أنصرف عنهم .قال :ثم قال له حبيب بن مظRRاهر :ويحRRك يRRا قّRRرة بن
قيس! أّنى ترجع إلى القوم الظالمين! انصر هذا الرجل الذي بآبائه اّي دك هّللا بالكرامRRة واّيانRRا معRRك! فقال لRRه قّRRرة:
أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي ،قال :فانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر ،فقال لRه عمRر بن
سعد :اّني الرجو أن يعافيني هّللا من حربه وقتاله.
وكتب إلى عمر بن سعد :بسم هّللا الرحمن الرحيم ،أّم ا بعRRد ،فقد بلغRRني كتابRك وفهمت مRRا ذكRRرت ،فاعرض على
الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية هو وجميع أصحابه فاذا فعل ذلك رأينا رأينا والسالم.
قال فلما أتى عمر بن سعد الكتاب ،قال :قد حسبت أن ال يقبل ابن زياد العافية.
ابن زياد يأمر بالنفير العام:
وروى البالذري في أنساب االشراف وقال :لما سرح ابن زياد عمر بن سعد ،أمر الناس فعسكروا بالنخيلة ،وأمRRر
أن ال يتخلف أحد منهم ،وصعد المنبر فقّرض معاويRة وذكRر احسRانه وادراره االعطيRات وعنايتRه بأهل الثغRور،
وذكر اجتماع االلفة به وعلى يده ،وقال :ان يزيد ابنه ،المتقّيل له 177،السالك لمناهجه ،المتحذي لمثالRRه ،وقRRد زادكم
مئة مئة في أعطيتكم ،فال يبقين رجل من العرفاء والمناكب والتجار والسكان إاّل خRRرج فعسRRكر معي ،فأّيمRRا رجRRل
وجدناه بعد يومنا هذا متخلفا عن العسكر برئت منه الّذ مة.
ثم خرج ابن زياد فعسكر ،وبعث إلى الحصين بن تميم وكان بالقادسية في أربعة آالف ،فقدم النخيلRRة فى جميRRع من
معه.
ثم دعا ابن زياد كثRRير بن شRRهاب الحRRارثي ،ومحّم د بن االشRRعث بن قيس ابن القعقاع بن سRRويد بن عبRRد الرحمRRان
المنقري ،وأسماء بن خارجة الفزاري وقال :طوفوا في الناس فمRRروهم بالطاعRRة واالسRRتقامة ،وخّوفوهم عRRواقب
االمور والفتنة والمعصية ،وحثوهم على العسكرة (كذا) فخرجوا فعزروا وداروا
ص100:
بالكوفة .ثّم لحقوا به غير كثير بن شهاب ،فأّنه كان مبالغا يRRدور بالكوفة يRRأمر الناس بالجماعRRة ،ويحّRذ رهم الفتنة
والفرقة ويخّذ ل الحسين!!!
وسّرح ابن زياد أيضا حصين بن تميم في االربعة االالف الذين كانوا معه إلى الحصين بعد شخوص عمر بن سعد
بيوم أو يومين.
ووّجه أيضا إلى الحسين حّجار بن أبجر العجلي في ألف.
وتمارض شبث بن ربعي ،فبعث إليه فدعاه وعزم عليه أن يشخص إلى الحسين في ألف ففعل.
وكان الرجل يبعث في ألف فال يصل إاّل في ثالثمائة وأربعمائة وأقّل من ذلك كراهة منهم لهذا الوجه.
ووّجه أيضا يزيد بن الحرث بن يزيد بن رويم في ألف أو أقّل.
ثّم اّن ابن زياد استخلف على الكوفة عمرو بن حريث ،وأمر القعقاع بن سويد بن عبد الرحمRان بن بجRير المنقري
بالتطواف بالكوفة في خيل فوجد رجال من همدان قد قدم يطلب ميراثا بالكوفة؛ فأتى بRRه ابن زيRRاد فقتلRRه ،فلم يبRRق
بالكوفة محتلم إاّل خرج إلى العسكر بالنخيلة.
ثم جعل ابن زياد يرسل العشرين والثالثين والخمسين إلى المئة غدوة وضحوة ونصف النهRار وعشية من النخيلRة
يمّد بهم عمر بن سعد.
178
ذكر ابن نما في مثير االحزان :ان عددهم بلغ لست خلون من المحّرم عشرين ألفا.
وروى البالذري في أنساب االشراف وقال :ووضع ابن زياد المناظر على الكوفة 179لئال يجRRوز أحRRد من العسRRكر
مخافة أن يلحق الحسين مغيثا له ،ورتب
ص101:
المسالح حولها 180،وجعل على حرس الكوفة زحر بن قيس الجعفي.
.)2 ( 181مقدحة من قولهم «:قدح الفرس» :ضمره .أي صيره هزاال خفيف اللحم كي يكون عند الجري سريعا يسبق أقرانه إلى الهداف.
.)3 ( 182الروايتان االولى والثانية في أنساب االشراف ح 33بترجمة الحسين.
اذن تؤخذ ضياعي .قال :إذن أعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز .قال :فتكّره ذلك عمر ،قال :فتحّد ث الناس بRRذلك
وشاع فيهم من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا وال علموه.
ص104:
وروى عن عقبة بن سمعان قال صحبت حسRRينا فخRRرجت معRRه من المدينة إلى مّك ة ،ومن مّك ة إلى العRRراق ،ولم
افارقه حتى قتل وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة وال بمّك ة وال في الطريق وال بRRالعراق وال في عسRRكر إلى
يوم مقتله إاّل وقد سمعتها ،أاّل وهّللا ما أعطRRاهم مRRا يتRRذاكر الناس ومRRا يزعمRRون من أن يضRRع يRRده في يRRد يزيRRد بن
معاوية وال أن يسّيروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ،ولكنه قال :دعRRوني فالذهب في هذه االرض العريضRRة حRRتى
ننظر ما يصير أمر الناس.
وروى عن أبي مخنف عن رجاله :أّنهما كانا التقيا مرارا ثالثا أو أربعا حسين وعمر بن سعد قRRال :فكتب عمRRر بن
سعد إلى عبيد هّللا بن زيادا :أّم ا بعد فاّن هّللا قد أطفأ النائرة ،وجمع الكلمة وأصلح أمر االّم ة ،هذا حسين قد أعطRRاني
أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى ،أو أن نسيره أي ثغر من ثغور المسلمين شئنا فيكون رجال من المسلمين له مRRا
لهم وعليه ما عليهم ،أو أن يأتي يزيد أمير المؤمنين فيضع يده في يRده فيرى فيمRا بينه وبينه رأيRه ،وفي هذا لكم
رضى ولالّم ة صالح ،قال :فلما قرأ عبيد هّللا الكتاب قال :هذا كتاب رجل ناصح الميره مشفق على قومRRه ،نعم قRRد
قبلت .قال :فقام إليه شمر بن ذي الجوشن ،فقال :أتقبل هذا منه وقRRد نRRزل بأرضRRك إلى جنبRRك! وهّللا لئن رحRRل من
بلدك ،ولم يضع يده في يدك ،ليكونّن أولى بالقّو ة والعز ،ولتكونّن أولى بالضعف والعجRRز فال تعطRRه هذه المنزلRRة،
فإّنها من الوهن ،ولكن لينزل على حكمك ،هو وأصحابه ،فإن عاقبت فأنت ولّي العقوبة ،وان غفرت كان ذلك لRRك،
وهّللا لقد بلغني ان حسينا وعمر بن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحّRد ثنان عاّم ة الليRل ،فقال لRه ابن زيRاد :نعم مRRا
رأيت ،الرأي رأيك.
ابن زياد يمنع االمام من الرجوع
قال :ثّم ان عبيد هّللا بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له :اخرج
ص105:
بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد ،فليعرض على الحسRRين وأصحابه الRRنزول على حكمي ،فإن فعلRRوا فليبعث بهم إلَّي
سلما ،وان هم أبوا فليقاتلهم ،فإن فعل فاسمع له وأطع ،وان هو أبى فقاتلهم ،فأنت أمير الناس ،وِثب عليRRه فاضRRرب
عنقه ،وابعث إلَّي برأسه.
قال :ثّم كتب عبيد هّللا بن زياد إلى عمر بن سعد :أّم ا بعRRد فإّني لم أبعثRRك إلى حسRRين لتكّRف عنه وال لتطاولRRه ،وال
لتمّنيه السالمة والبقاء ،وال لتقعد له عندي شافعا ،انظر ،فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسRRلموا ،فابعث
بهم إلّي سلما ،وإن أبوا فازحف إليهم حRتى تقتلهم ،وتمّث ل بهم ،فإنهم لRذلك مسRتحقون ،فإن قتRل حسRين فأوطىء
الخيل صدره وظهره ،فإنه عاّق مشاّق قاطع ظلوم ،وليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ولكن علّي قول
لو قد قتلته فعلت هذا به! ان أنت مضيت المرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع ،وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا
وخّل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ،فإّنا قد أمرناه بأمرنا والسالم.
أمان ابن زياد للعباس واخوته:
قال :لّم ا قبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب ،قام هو وعبد هّللا بن أبي المحّل ،وكانت عّم ته ُأُّم البنين ابنة حزام عند
علّي بن أبي طالب (ع) فولدت له العّباس وعبد هّللا وجعفرا وعثمان ،فقال عبد هّللا بن المحّل بن حRRزام بن خالRRد بن
ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كالب :أصلح هّللا االمير ان بني اختنا مع الحسRRين ،فان رأيت أن تكتب لهم
أمانا ،فعلت ،قال :نعم ،ونعمة عين ،فأمر كاتبه فكتب لهم أمانا فبعث به عبد هّللا بن أبي المحّRRل مRRع مRRولى لRRه يقال
له :كزمان ،فلّم ا قدم عليهم دعاهم فقال :هذا أمان بعث به خالكم ،فقال له الفتية :أقرىء خالنا السالم ،وقل له :ان ال
حاجة لنا في أمانكم ،أمان
ص106:
هّللا خير من أمان ابن سمّية .قال :فأقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيد هّللا بن زياد إلى عمر بن سعد ،فلّم ا قدم به
عليه ،فقرأه ،قال له عمر :مالك! ويلك ال قّرب هّللا دارك ،وقبح هّللا ما قدمت به علّي ،وهّللا اّني الظّنك أنت ثنيته أن
يقبل ما كتبت به إليه ،أفسدت علينا أمرا كّنا رجونا أن يصلح ،ال يستسلم وهّللا حسين ،إن نفسا أبّية لبين جنبيه ،فقال
له شمر :أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي المر أميرك وتقتل عدّوه؟ وإاّل فخّل بيني وبين الجند والعسRكر .قRال :ال!
وال كرامة لك ،وأنا أتولّى ذلك ،قال :فدونك وكن أنت على الرجال.
قال :وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين فقال اين بنو اختنا؟ فخرج إليه العّباس وجعفر وعثمان بنو علّي
فقالوا له :مالَك وما تريد؟ قال :أنتم يا بني اختي آمنون ،قال له الفتية :لعنك هّللا ولعن أمانك ،لئن كنت خالنا اتؤمننا
وابن رسول هّللا ال أمان له!؟
ص107:
ليلة العاشر من محّرم
قال :ثّم اّن عمر بن سعد نهض إليه عشية الخميس لتسع مضين من المحّرم ،ونادى :يا خيل هّللا اركبي وابشري.
فركب في الناس ،ثّم زحف نحوهم بعد صالة العصر ،وحسين جالس أمام بيته محتبيRRا بسRRيفه إذ خفRRق برأسRRه على
ركبتيه وسمعت اخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت :يا أخي! أمRا تسRمع االصوات قRد اقRتربت قRال :فرفع
الحسين رأسه ،فقال :إّني رأيت رسول هّللا (ص) في المنام فقال لي أّن ك تRRروح إلينا ،قRRال :فلطمت ُأختRRه وجههRRا،
وقالت :يا وليتا! فقال :ليس لك الويل يا اخّية اسكني؛ رحمك الرحمن ،وقال العّب اس بن علّي :يRRا أخي أتRRاك القوم،
قال :فنهض ،ثّم قال يا عّباس! اركب بنفسي أنت يا أخي حّتى تلقاهم فتقول لهم :مالكم ومRRا بRRدا لكم؟ وتسRRألهم عّم ا
جاء بهم ،فأتاهم العّباس ،فاستقبلهم في نحو من عشرين فارسRRا فيهم زهير بن القين وحRRبيب بن مظRRاهر فقال لهم
العباس :ما بدا لكم وما تريدون؟ قالوا جاء أمر االمير بأن نعرض عليكم أن تRRنزلوا على حكمRRه ،أو ننازلكم .قRRال:
فال تعجلوا حّتى ارجع إلى أبي عبد هّللا فأعرض عليه ما ذكرتم ،قال :فوقفوا ،ثّم قالوا :القه فأعلمه ذلك ،ثّم القنا بما
يقول .قال :فانصرف العّباس راجعا يركض إلى الحسين يخبر بالخبر ،ووقف أصحابه يخاطبون القوم ،فقال حبيب
بن مظRRاهر لزهير بن القين كّلم القوم ،ان شRRئت ،وان شRRئت كّلمتهم ،فقال لRRه زهير :أنت بRRدأت بهRRذا ،فكن أنت
تكّلمهم ،فقال لهم حبيب بن مظاهر :أما وهّللا لبئس القوم عند هّللا غدا قوم
ص108:
يقدمون عليه قد قتلوا ذّرّي ة نبيRه (ص) وعترتRه ،وأهل بيتRه (ع) وُعّب اد أهل هذا المصRRر المجتهRRدين باالسRحار
والذاكرين هّللا كثيرا ،فقال له عزرة بن قيس :اّنك لتزكي نفسك ما استطعت ،فقال لRRه زهير :يRRا عRRزرة! اّن هّللا قRRد
زّك اها وهداها ،فاّتق هّللا يا عزرة! فاّني لك من الناصحين ،أنشدك هّللا يRRا عRRزرة أن تكRRون مّم ن يعين الضRاّل ل على
قتل النفوس الزكية ،قال :يا زهير! ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنمRا كنت عثمانيRا! قRال :أفلسRت تسRتدّل
بموقفي هذا اّني منهم؟ أما وهّللا ما كتبت إليه كتابا قّط ،وال أرسلت إليه رسوال قّط ،وال وعدته نصRRرتي ق ّRط ،ولكن
الطريق جمع بيني وبينه ،فلّم ا رأيته ذكRرت بRه رسRول هّللا (ص) ومكانRه منه ،وعRرفت مRا يقدم عليRه من عRدّوه
وحزبكم؛ فرأيت أن أنصره ،وأن أكون في حزبRه ،وأن أجعRل نفسRي دونRه حفظRا لمRا ضّRيعتم من حّRق هّللا ،وحّRق
رسوله (ص).
وروى عن علّي بن الحسين قال :أتانا رسول من قبل عمRRر بن سRRعد فقام مثRRل حيث يسRRمع الصRRوت فقال :أّن ا قRRد
أّجلناكم إلى غد ،فإن استسلمتم سّرحنا بكم إلى أميرنا عبيد هّللا بن زياد وإن أبيتم فلسنا تاركيكم.
خطبة الحسين (ع) في أصحابه ليلة العاشر:
وروى عن علي بن الحسين ،قال :جمع الحسين أصحابه بعد ما رجع عمر ابن سعد ،وذلك عند قرب المسRRاء ،قRRال
علّي بن الحسين :فدنوت منه السمع وأنا مريض فسمعت أبي وهو يقول الصحابه :أثني على هّللا تبRRارك وتعRRالى
أحسن الثناء ،وأحمده على الّسراء والضّراء ،الّلهم! إّني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبّوة وعّلمتنا القرآن ،وفّقهتنا في
الدين ،وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ،ولم تجعلنا من المشركين ،أّم ا بعد فإّني ال أعلم أصحابا أولى وال خRRيرا
من أصحابي ،وال أهل بيت أّبر وال أوصل من أهل بيتي ،فجRRزاكم هّللا عّني جميعRRا خRRيرا ،أاّل وإني أظّن يومنا من
هؤالء االعداء غدا ،أاّل وإّني قRد رأيت لكم ،فانطلقوا جميعRا في حّRل ليس عليكم مّني ذمRام .هذا الليRل قRد غشيكم
فاتخذوه جمال ،ثّم ليأخذ كّل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ،ثّم تفّرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفّرج هّللا ،فإن
القوم اّنما يطلبونني ،ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري.
ص110:
جواب أهل بيته وأصحابه:
فقا له اخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد هّللا بن جعفRRرِ :لَم نفعRRل؟ لنبقى بعRRدك؟ ال أرانRRا هّللا ذلRRك أبRRدا ،بRRدأهم بهRRذا
القول العّباس بن علّي ،ثّم اّنهم تكّلموا بهذا ونحوه ،فقال الحسين (ع) :يا بني عقيل! حسبكم من القتل بمسلم ،إذهبوا
قد أذنت لكم ،قالوا :فما يقول الناس؟ يقولون :إّنا تركنا شيخنا وسّيدنا وبني عمومتنا خRRير االعمRRام ،ولم نRRرم معهم
بسهم ،ولم نطعن معهم برمح ،ولم نضرب معهم بسيف ،وال ندري ما صنعوا! ال وهّللا ال نفعل! ولكن تفديك أنفسRRنا
وأموالنا ،وأهلونا ،ونقاتل معك حتى نرد موردك ،فّقبح هّللا العيش بعدك.
وقال :فقام إليه مسلم بن عوسجة االسدي ،فقال :أنحن نخّلي عنك ولما نعذر إلى هّللا في اداء حّقك؟! أمRRا وهّللا ! حّتى
اكسر في صدورهم رمحي ،وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ،وال افارقك ،ولو لم يكن معي سالح اقاتلهم به
لقذفتهم بالحجارة دونك ،حتى أموت معك.
قال وقال سعد بن عبد هّللا الحنفّي :وهّللا ال نخليك حّتى يعلم هّللا اّنا قRد حفظنا غيبRة رسRول هّللا (ص) فيRك ،وهّللا لRو
علمت اّني ُأقتل ،ثّم أحيا ،ثّم احرق حّيا ،ثّم ُأذّر ،يفعل ذلك بي سRRبعين مّRRرة ،مRRا فارقتRRك حّتى ألقى حمRRامي دونRRك،
فكيف ال أفعل ذلك؟ واّنما هي قتلة واحدة ،ثّم هي الكرامة التي ال انقضاء لها أبدا ،قال :وقRRال زهير بن القين :وهّللا
لوددت اّني قتلت ثّم نشرت ،ثّم قتلت ،حRتى ُأْقَت ل كRذا ألRف قتلRة ،وأّن هّللا يRدفع بRذلك القتRل عن نفسRك وعن أنفس
هؤالء الفتية من أهل بيتك ،قال :وتكّلم جماعة أصحابه بكالم يشبه بعضRRه بعضRRا في وجRه واحRد ،فقالوا :وهّللا ال
نفارقك ،ولكن أنفسنا لك الفداء ،نفديك بنحورنا ،وجباهنا وأيدينا فإذا نحن قتلنا كّنا وفينا وقضينا ما علينا.
ص111:
سند آخر لهذه الرواية:
وروى الطبري هذه الرواية بايجاز عن الضّح اك بن عبد هّللا المشرقّي قال :قدمت ومالك بن النضر االرحRRبّي على
الحسين فسّلمنا عليه ثّم جلسنا إليه فرّد علينا فرّحب بنا وسألنا عما جئنا له فقلنا :جئنا لنسّRلم عليRRك ونRRدعو هّللا لRRك
بالعافية ،ونحدث بك عهدا ،ونخبرك خبر الناس ،وإّنا نحّد ثك انهم قد جمعوا على حربRRك فَر رأيRRك .فقال الحسRRين
(ع) :حسبي هّللا ونعم الوكيل .قال :فتذّم منا وسّلمنا عليه ودعونا هّللا له قال :فما يمنعكما من نصرتي؟ فقال مالك بن
النضر :علّي دين ولي عيال ،فقلت له :اّن علّي دينا وإّن لي لعياال ولكنك ان جعلتني في حّRRل من االنصRRراف إذا لم
أجد مقاتال قاتلت عنك ما كان لك نافعا وعنك دافعا.
قال :قال :فأنت في حّل فأقمت معه.
183
ثّم نقل الضّح اك الخبر السابق بايجاز.
الحسين ينعى نفسه ويوصي اخته بالصبر:
روى الطبري عن علّي بن الحسين بن عّلي ،قال :إّني جالس في تلك العشّية التي قتل أبي صبيحتها ،وعمتي زينب
عندي تمّرضني إذ اعتزل أبي بأصحابه في خبRRاء لRRه وعنده حRRوّي مRRولى أبي ذّر الغفRRاري 184وهو يعRRالج سRRيفه
ويصلحه وأبي يقول:
كم لك باالشراق واالصيل يا دهر اّف لك من خليل
ص112:
قال فأعادها مّرتين أو ثالثا حّتى فهمتها فعرفت ما أراد ،فخنقتني عبرتي فرددت دمعي ولRزمت السRRكوت ،فعلمت
أّن البالء قد نزل ،فأما عّم تي فإّنها سمعت ما سمعت -وهي امرأة وفي النساء الرقRRة والجRRزع -فلم تملRRك نفسRRها ان
وثبت تجّر ثوبها وإّنها لحاسرة حتى انتهت إليه فقالت :واثكاله! ليت المRRوت أعRRدمني الحيRRاة! اليRRوم مRRاتت فاطمRRة
ُأّم ي! وعلّي أبي! وحسن أخي! يا خليفة الماضي وثمال الباقي ،فنظر إليها الحسين (ع) ،فقال :يRRا ُأخّي ة! ال يRRذهبّن
حلمك الشيطان ،قالت :بأبي أنت وُأّم ي ،يا أبا عبد هّللا استقتلت! نفسي فداك! فرّد غّصته وترقرقت عيناه وقRRال :لRRو
ُتِرَك القطا ليال لنام .قالت :يا وليتا! أفتغصب نفسك اغتصابا! فذلك أقرح لقلبي! وَأشّد على نفسRي! ولطمت وجههRا
وأهوت إلى جيبها وشّقته! وخّرت مغشّيا عليها! فقام إليها الحسين ،فصّب على وجهها الماء! وقRRال لهRRا :يRRا ُأخّي ة!
اّتقي هّللا ! وتعزي بعزاء هّللا واعلمي اّن أهل االرض يموتون ،واّن أهل السماء ال يبقون ،واّن كRRل شRRيء هالRRك إاّل
وجه هّللا الذي خلق االرض بقدرتRه ،ويبعث الخلRق فيعRRودون ،وهو فرد وحRده ،أبي خRير مّني ،وُأّم ي خRير مّني،
وأخي خير مني ،ولي ولهم ولكل مسلم برسول هّللا اسوة ،قال :فعّز اها بهذا ونحوه ،وقRRال لهRRا :يRRا ُأخّي ة! إني أقسRRم
عليك فأبريء قسمي .ال تشّقي علّي جيبا! وال تخمشي علّي وجهRRا! وال تRRدعي علّي بالويRRل والثبRRور إذا أنRRا هلكت!
قال :ثّم جاء بها حّتى أجلسها عندي ،وخرج إلى أصحابه فأمرهم أن يقّربRRوا بعض بيRRوتهم من بعض وأن يRRدخلوا
االطناب بعضها في بعض ،وأن يكونوا هم بين البيوت ،إاّل الوجه الذي يأتيهم منه عدّوهم.
ص113:
إحياؤهم الليل بالعبادة:
وروى عن الضّحاك بن عبد هّللا المشرقّي قال :فلّم ا أمسى حسين وأصحابه ،قاموا الليل كّله يصّلون ،ويسRRتغفرون،
ويدعون ويتضّرعون ،قال :فتمّر بنا خيل لهم ،تحرسنا ،واّن حسينا ليقرأ( :وال يحسبَّن اّل ذين كفRروا انمRا نملي لهم
خير النفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ،ما كان هّللا ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حRRتى يمRRيز
الخبيث من الطيب) فسمعها رجل من تلRك الخيRل الRتي كRانت تحرسRنا ،فقال :نحن ورّب الكعبRة الطيبRون! مّيزنRا
منكم! قال فعرفته فقلت لبرير بن حضير :تدري من هذا؟ قال :ال ،قلت :هذا أبو حرب السRRبيعي عبRRد هّللا بن شRRهر،
وكان مضحاكا بطاال ،وكان شريفا شجاعا فاتكRا ،وكRان سRعيد بن قيس رّبمRا حبسRه في جنايRة ،فقال لRه بريRر بن
حضير :يا فاسق! أنت يجعلك هّللا في الطّيبين! فقال له :من أنت؟ قال :انا برير بن حضRير ،قRال :إّن ا هّلل عّRز علّي !
هلكت وهّللا ! هلكت وهّللا يا برير ،قال :يا أبRا حRرب هل لَRك أن تتRوب إلى هّللا من ذنوبRك العظRام؟! فَو هّللا إّن ا لنحن
الطّيبون ولكنكم النتم الخبيثون ،قال :وأنا على ذلك من الّش اهدين .قلت :ويحRRك! أفال ينفعRRك معرفتRRك؟ قRRال :جعلت
فداك فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي من عنز بن وائل ،قال :ها هو ذا معي ،قRRال :قّبح هّللا رأيRRك على كّRRل حRRال.
أنت سفيه! قال :ثّم انصرف عّنا وكان الذي يحرسنا بالليل في الخيل عزرة بن قيس االحمسّي وكان على الخيل.
ص114:
يوم عاشوراء
قال :فلّم ا صّلى عمر بن سعد الغداة يوم الجمعة -وكان ذلك اليوم يوم عاشوراء -خرج فيمن معRRه من الناس ،قRRال:
وعّبأ الحسين أصحابه وصّلى بهم صالة الغداة ،وكان معه اثنان وثالثون فارسا وأربعون راجال ،فجعRRل زهير بن
القين في ميمنة أصحابه ،وحبيب بن مظRRاهر في ميسRRرة أصحابه ،وأعطى رايتRRه العّب اس بن علّي أخRRاه ،وجعلRRوا
البيوت في ظهورهم ،وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم.
قال :وكان الحسين (ع) أتي بقصب وحطب إلى مكان من ورائهم منخفض كأنه ساقية فحفروه في ساعة من الليل،
فجعلوه كالخندق ،ثّم ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب ،وقالوا :اذا غدوا علينا فقاتلونا القينا فيRRه النار كيال نRRؤتى من
ورائنا ،وقاتلونا من وجه واحد ،ففعلوا ،وكان لهم نافعا.
وقال :لّم ا خرج عمر بن سعد بالناس كان على ربع أهل المدينة يومئذ عبRRد هّللا بن زهير بن سRRليم االزدّي ،وعلى
ربع مذحج وأسد عبد الرحمن بن أبي سبرة الحنفي ،وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن االشعث بن قيس ،وعلى ربع
تميم وهمدان الحّر بن يزيد الرياحّي ،فشهد هؤالء كّلهم مقتل الحسين إاّل الحر بن يزيد فاّنه عدل إلى الحسين وقتRRل
معه ،وجعل عمر على ميمنته عمرو بن الحّجاج الُّز بيRRدي ،وعلى ميسRRرته شRRمر بن ذي الجوشRRن بن شRRرحبيل بن
االعور ابن عمر بن معاوية وهو الضّباب بن كالب ،وعلى الخيل عزرة بن قيس االحمسّRي ،وعلى الرجRال شRبث
بن ربعّي اليربوعّي ،وأعطى الراية ذويدا مواله.
ص115:
استبشارهم بالشهادة:
وروى عن غالم لعبRRد الRRرحمن بن عبRRد رّب ه االنصRRارّي ،قRRال :كنت مRRع مRRوالي فلّم ا حضRRر الناس وأقبلRRوا إلى
الحسين ،أمر الحسين بفسطاط فضرب ،ثّم أمر بمسك فميث في جفنة عظيمة أو صحفة.
قال :ثّم دخل الحسين ذلك الفسطاط فتطّلى بالنورة ،قال :ومRRوالي عبRRد الRRرحمن بن عبRRد رّب ه ،وبريRRر بن حضRRير
الهمداني على بابه الفسطاط ،تحتّك مناكبهما ،فازدحما أّيهما يَّطلي على أثره ،فجعل برير يهازل عبد الرحمن فقال
له عبد الرحمن :دعنا فَو هّللا ما هذه بساعة باطل ،فقال له برير :وهّللا لقد علم قومي اّني مRRا أحببت الباطRRل شRRاّبا وال
كهال ،ولكن وهّللا اّني لمستبشر بما نحن القون ،وهّللا إْن بيننا وبين الحور العين إاّل أن يميل هؤالء علينا بأسRRيافهم،
ولوددت أنهم قد مالوا علينا بأسيافهم.
قال :فلّم ا فرغ الحسين دخلنا فأّطلينا.
قال :ثّم ان الحسين ركب داّبته ودعا بمصحف فوضعه أمامه 185.قال :فاقتتل أصحابه بين يديRRه قتRRاال شRRديدا ،فلّم ا
رأيت القوم قد صرعوا افلُّت وتركتهم.
دعاء الحسين (ع) يوم عاشوراء:
وروى الطبري ،وقال :لّم ا صّبحت الخيل الحسين رفع الحسين يديه ،فقال :الّلهم أنت ثقتي في كّل كRرب ،ورجRائي
في كّل شدة ،وأنت لي في كّل أمر نزل بي ثقة وعدة ،كم من هّم يضعف فيه الفؤاد ،وتقّل فيRRه الحيلRRة ،ويخRRذل فيRRه
الصديق ،ويشمت فيه العدّو ،أنزلته بك ،وشكوته إليك ،رغبًة مّني إليك
ص116:
186
عّم ن سواك ففّرجته وكشفته ،فأنت ولّي كّل نعمة ،وصاحب كّل حسنة ومنتهى كّل رغبة.
وروى عن الضّحاك المشرقّي قال :لّم ا أقبلوا نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كّنا ألهبنا
فيه النار من ورائنا لئاّل يأتونا من خلفنا ،إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل االداة فلم يكّلمنا حتى مّRRر
.)1 ( 185في تذكرة خواص االمة أنه نشره على رأسه وخاطبهم( كما يأتي ان شاء هّللا ).
.)1 ( 186ورواه باالضافة إلى الطبري ومن ذكرنا؛ ابن عساكر ح ،667وتهذيبه ،333 /4وفي لفظه« منتهى كل غاية».
على أبياتنا فنظر إلى أبياتنا فإذا هو ال يرى إاّل حطبا تلتهب النار فيه ،فرجع راجعا فنادى بأعلى صوته :يا حسين!
استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة؟!
فقال الحسين :من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن! فقالوا :نعم أصلحك هّللا هو هو ،فقال :يRRا ابن راعيRRة المعRRزى!
أنت أولى بها صلّيا.
فقال له مسلم بن عوسجة :يRا ابن رسRRول هّللا ! جعلت فداك .أال أرميRه بسRRهم ،فاّن ه قRد أمكنني وليس يسRRقط سRRهم،
فالفاسق من أعظم الجّبارين .فقال له الحسين :ال ترمه فإني أكره أن أبدأهم ،وكان مع الحسين فرس له يدعى الحقا
عليه ابنه علّي بن الحسين.
خطبة الحسين االولى:
قال :فلّم ا دنا منه القوم دعا براحلته ،فركبها ،ثّم نادى بأعلى صوته دعاء ُيْس ِم ُع جّRRل الناس :أيهRRا الناس! اسRRمعوا
قRRولي ،وال تعجلRRوني حRRتى أعظكم بمRRا الح ّRق لكم علّي ،وحRRتى اعتRRذر إليكم من مقدمي عليكم ،فإن قبلتم عRRذري
وصّد قتم قولي وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد ،ولم يكن لكم علّي سبيل ،وان لم تقبلوا مني العRذر ولم تعطRوا
النصف من أنفسكم ،فأجمعوا أمركم وشركاءكم ،ثّم ال يكن أمركم عليكم غّم ة ،ثّم اقضوا إلَّي وال تنظرون ،اّن
ص117:
187
ولّيي هّللا الذي نّز ل الكتاب ،وهو يتولى الّصالحين.
قال :فلّم ا سمع اخواته كالمه هذا ،صحن وبكين وبكت بناته ،فارتفعت أصواتهّن ،فأرسRRل إليهّن أخRRاه العّب اس بن
علّي ،وعلّيا ابنه ،وقال لهما أسكتاهّن فلعمري ليكثرّن بكاؤهّن .فلّم ا سكتن ،حمد هّللا وأثنى عليه ،وذكر هّللا بمRRا هو
أهله ،وصّلى على محّم د صّلى هّللا عليه وعلى مالئكته وأنبيائه فذكر من ذلRRك مRRا هّللا أعلم ،ومRRا ال يحصRRى ذكRRره،
قال:
فَو هّللا ما سمعت متكِّلما قّط قبله وال بعده أبلغ في منطق منه ،ثّم قال :أّم ا بعد فانسبوني فانظروا من أنRRا ،ثّم ارجعRRوا
إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يحّل لكم قتلي وانتهاك حرمRRتي؟ ألسRRت ابن بنت نRRبيكم (ص) وابن وصيه وابن
عّم ه واّول المؤمنين باهّلل والمصّد ق لرسوله بما جاء به من عند ربّRRه؟ أوليس حمRRزة سّRRيد الشهداء عّم أبي؟ أوليس
جعفRر الشهيد الطّي ار ذو الجناحين عّم ي؟ أو لم يبلغكم قRول مسRتفيض فيكم :ان رسRول هّللا (ص) قRال لي والخي
«هذان سّيدا شباب أهل الجّنة»؟ فإن صّد قتموني بما أقول وهو الحق ،وهّللا ما تعّم دت كRRذبا مRRذ علمت اّن هّللا يمقت
عليه أهله ،ويضّر به من اختلقه! وان كّذ بتموني فاّن فيكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم ،سلوا جRRابر بن عبRRد هّللا
االنصاري ،أو أبا سعيد الخدرّي ،أو سهل بن سRRعد السRRاعدي ،أو زيRRد بن أرقم ،أو أنس ابن مالRRك ،يخRRبروكم أّنهم
سمعوا هذه المقالة من رسول هّللا (ص) لي والخي ،أفما في هذا حRRاجز لكم عن سRRفك دمي؟ فقال لRRه شRRمر بن ذي
الجوشن :هو يعبد هّللا على حرف ،ان كان يدري ما تقول ،فقال له حبيب بن مظاهر :وهّللا اّني الراك تعبRRد هّللا على
سبعين حرفا ،وأنا اشهد اّنك صادق ما تدري ما يقول،
ص118:
قد طبع هّللا على قلبك ،ثّم قال لهم الحسين :فإن كنتم في شّك من هذا القول أفتشّك ون أثرا مRRا اّني ابن بنت نRRبّيكم؟
فَو هّللا ما بين المشرق والمغRRرب ابن بنت نRRبّي غRRيري منكم وال من غRRيركم .أنRRا ابن بنت نRRبّيكم خاّص ة ،اخRRبروني
أتطلبونني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم استهلكته؟! أو بقصاص من جراحة؟
.)1 ( 187رواها ابن نما في مثير االحزان في اليوم السادس من المحرم وراجع الطبري ط .اوربا .230 -229 /2
قال :فأخذوا ال يكّلمونه ،قال :فنادى :يا شبث بن ربعّي ! ويا حّجار ابن أبجRر! ويRا قيس بن االشRعث! ويRا يزيRد بن
الحارث! ألم تكتبوا إلّي أن قد أينعت الثمRRار ،واخضَّRRر الجناب وطّم ت الجمRRام ،واّنمRRا تقدم على جند لRRك مجَّن دة،
فأقبل؟! قالوا له :لم نفعل .فقال :سبحان هّللا ! بلى وهّللا لقد فعلتم!
ثّم قال :أّيها الناس! إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من االرض ،قال :فقال لRRه قيس بن االشRRعث:
أو ال تنزل على حكم بني عّم ك ،فاّنهم لن يروك إاّل ما تحب ،ولن يصل إليك منهم مفكروه ،فقال لRه الحسRRين :أنت
أخو خيك ،أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل! ال وهّللا ال أعطيهم بيدي اعطRRاء الRRذليل ،وال ُأقُّRRر
اقرار العبيد .اّني عذت برّبي وربكم أن ترجمون .أعوذ برّبي وربكم من كِّل متكبر ال يؤمن بيوم الحساب .قRRال :ثّم
اّنه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها ،وأقبلوا يزحفون نحوه.
خطبة زهير بن القين:
وروى عن كثير بن عبد هّللا الشعبّي ،قال :لّم ا زحفنا قبل الحسين ،خرج إلينا زهير بن القين على فرس لRRه ذنRRوب
شاك في السالح فقال :يا أهل الكوفة! نذار لكم من عذاب هّللا نذار! إّن حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ،ونحن
حتى االن اخوة ،وعلى دين واحد ،ومّلة واحدة ،مالم يقع بيننا وبينكم السRRيف ،وأنتم للنصRRحية مّن ا أهل ،فإذا وقRRع
السيف انقطعت العصمة ،وكّنا اّم ة وأنتم امة ،اّن هّللا قد ابتالنا واّياكم بذرّية نبّيه محّم د (ص) ،لينظر ما نحن
ص119:
وأنتم عاملون ،إّنا ندعوكم إلى نصرهم ،وخذالن الطاغية عبيد هّللا بن زياد ،فانكم ال تدركون منهما إاّل بسوء عمRRر
سلطانهما كّله! ليسمالن أعينكم! ويقطعان أيRRديكم وأرجلكم! ويمثالن بكم! ويرفعRRانكم على جRRذوع النخRRل! ويقتالن
أماثلكم وقّراءكم أمثال حجر بن عدي وأصحابه وهانئ بن عروة وأشباهه.
قال :فسّبوه واثنوا على عبيد هّللا بن زياد ودعوا له وقالوا :وهّللا ال نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معRRه! أو نبعث بRRه
وبأصحابه إلى االمير عبيد هّللا سلما! فقال لهم :عباد هّللا ! اّن ولد فاطمة رضوان هّللا عليها أحّق بRRالوّد والنصRRر من
ابن سمّية ،فإن لم تنصروهم فأعيذكم باهّلل أن تقتلوهم ،فخّلوا بين هذا الرجل وبين ابن عّم ه يزيد بن معاوية فلعمري
اّن يزيد ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين.
قال :فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم! وقال :اسكت أسكت هّللا نأمتك أبرمتنا بكثرة كالمك .فقال له زهير :يRRا ابن
البّو ال على عقبه! ما إّياك اخاطب ،إّنما أنت بهيمة ،وهّللا مRا أظّن ك تحكم من كتRاب هّللا آيRتين ،فأبشر الخRزي يRوم
القيامة والعذاب االليم! فقال له شمر :اّن هّللا قاتلك وصاحبك عن ساعة ،قال :أفبالموت تخّوفني؟ فَو هّللا للموت معRRه
أحب إلّي من الخلد معكم ،قال :ثّم أقبل على الناس رافعا صوته ،فقال :عبRRاد هّللا ! ال يغRRرنكم من دينكم هذا الجلRRف
الجافي وأشباهه ،فَو هّللا ال تنال شفاعة محّم د (ص) قوما هرقوا دماء ذرّيتRRه وأهل بيتRRه ،وقتلRRوا من نصRRرهم وذّب
عن حريمهم .قال :فناداه رجل فقال له :اّن أبا عبد هّللا يقول لRRك أقبRRل! فلعمRRري لئن كRRان مRRؤمن آل فرعRRون نصRRح
لقومه وأبلغ في الدعاء لقد نصحت لهؤالء وأبلغت لو نفع النصح واالبالغ.
ص120:
توبة الحّر:
وروى عن عدّي بن حرملة قال :اّن الحّر بن يزيد لّم ا زحف عمر بن سRRعد قRRال لRRه :أصلحك هّللا ! مقاتRRل أنت هذا
الرجل؟! قال :إي وهّللا قتاال أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح االيRدي! قRال :أفمRا لكم في واحRدة من الخصRال الRتي
عرض عليكم رضى؟! قال عمر بن سعد :أما وهّللا لو كان االمر إلّي لفعلت! ولكن أميرك قد أبى ذلك ،قRRال :فأقبRRل
حّتى وقف من الناس موقفا ،ومعه رجل من قومه يقال له قّرة بن قيس ،فقال :يRRا قRRرة! هل سRRقيت فرسRRك اليRRوم؟!
قال :ال ،قال :أفما تريد أن تسقيه؟ قال :فظننت وهّللا اّنه يريد أن يتنّحى فال يشهد القتRRال ،وكRRره أن أراه حين يصRRنع
ذلك فيخاف أن أرفعه عليه ،فقلت له :لم اسقه ،وأنا منطلق فساقيه .قال :فاعتزلت ذلك المكان الذي كRRان فيRRه ،قRRال:
فَو هّللا لو اّنه أطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسRRين .قRRال :فأخRRذ يRRدنوا من حسRRين ،قليال قليال ،فقال لRRه
رجل من قومه يقال له المهاجر بن أوس :ما تريد يا ابن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخRRذه مثRRل العRRرواء؛ فقال
له :يا ابن يزيد! وهّللا إَّن أمرك لمريب! وهّللا ما رأيت منك في موقRRف قّRط مثRRل شRRيء أراه االن! ولRRو قيRRل لي من
أشجع أهل الكوفة رجال؟ ما عدوتك! فما هذا الذي أرى منك؟ قال :إّني وهّللا أخّير نفسي بين الجّن ة والّن ار ،وهّللا ال
أختار على الجّنة شيئا ولو ُقطعُت وُحّر ْقُت ،ثّم ضرب فرسه فلحRق بحسRين (ع) فقال لRه :جعلRني هّللا فداك يRا ابن
رسول هّللا أنا صاحبك اّلذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق ،وجعجعت بك في هذا المكRRان ،وهّللا الRRذي
ال إله إاّل هو ما ظننت ان القوم يرّد ون عليك ما عرضت عليهم أبدا ،وال يبلغون منك هذه المنزلة .فقلت في نفسي:
ال ابالي أن أطيع القوم في بعض أمRرهم وال يRرون أّني خRرجت من طRاعتهم ،وأّم ا هم فسRيقبلون من حسRين هذه
الخصال التي يعرض عليهم ،ووهّللا لو ظننت انهم ال يقبلونها منك ما ركبتها منك ،واّني قد جئتك تائبا مّم ا
ص121:
كان مّني إلى رّبي ،ومواسيا لك بنفسي حRتى أمRوت بين يRديك ،أفترى ذلRك لي توبًRة؟ قRال :نعم يتRوب هّللا عليRك،
ويغفر لك ،ما اسمك؟ قال :أّنا الحّRر بن يزيRد! قRال أنت الحّRر ،كمRا سّRم تك ُأّم ك ،أنت الحّRر ان شRاء هّللا في الRدنيا
واالخرة ،إنزل! قال :أنا لك فارسا ،خير مّني راجال ،أقاتلهم على فرسي ساعة وإلى النزول ما يصير آخر أمري،
قال الحسين :فاصنع يرحمك هّللا ما بدا لك.
وقال الخوارزمي :لّم ا عّبأ ابن سعد أصحابه ،فأحاطوا بالحسين من كّل جانب حّتى جعلRRوه في مثRRل الحلقة ،خRRرج
الحسين من أصحابه فأتاهم فاستنصتهم ،فابوا أن ينصتوا فقال لهم :ويلكم! ما علكيم أن تنصتوا إلّي فتسمعوا قولي!
وإّنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد! فتالوم أصحاب عمر بن سعد ،وقالوا :أنصتوا له ،فقال:
تّبا لكم أيّتها الجماعة وترحا! أحين استصرختمونا والهين ،فأصرخناكم موجفين ،سللتم علينا سيفا لنا في ايمRRانكم،
وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدّونا وعدّوكم ،فأصبحتم ألبا العدائكم على أوليRRائكم ،بغRRير عRRدل أفشوه فيكم،
وال أمل أصبح لكم فيهم ،فهاّل لكم الويالت تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن ،والرأي لمRRا يستحصRRف ،ولكن
أسرعتم إليها كطRيرة الRدبا ،وتRداعيتم عليهRRا كتهRRافت الفRRراش ،ثّم نقضRRتموها ،فسRRحقا لكم يRا عبيRد االمRRة! وشRRذاذ
االحزاب ،ونبذة الكتاب ،ومحّرفي الكلم ،وعصبة االثم ونفثة الشيطان ،ومطفئي السنن ،ويحكم! أهؤالء تعضدون،
وعّنا تتخاذلون؟! أجل وهّللا غدر فيكم قديم ،وشRRجت عليRRه أصولكم ،وتRRأزرت فروعكم ،فكنتم أخبث ثمRRر ،شRRجى
للناظر وأكلة للغاصب!
أال وإن الدعّي ابن الدعّي قد ركز بين اثنتين ،بين السّRلة ،والذّل ة وهيهRRات منا الذّل ة ،يRRأبى هّللا لنا ذلRRك ،ورسRRوله
والمؤمنون ،وحجور طابت وطهرت ،وانوف حمّية ونفوس أبّية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ،أال
189
وإّني زاحف بهذه االسرة على قّلة العدد وخذالن الناصر ،ثّم أنشد أبيات فروة بن مسيك المرادي:
ص123:
وإن نهزم فغير مهّز مينا فان نهزم فهّز امون قدما
أما وهّللا ال تلبثون بعدها إاّل كريثما ُيركب الفرس ،حّتى تدور بكم دور الرحى ،وتقلق بكم قلق المحور ،عهْد عهRRدُه
إلّي أبي عن جّد ي رسول هّللا «فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثّم ال يكن أمركم عليكم غّم ة ثّم اقضوا إلي وال تنظرون،
190
إني توكلت على هّللا ربّي وربكم ما من داّبة إاّل هو آخذ بناصيتها إّن ربّي على صراط مستقيم».
ثّم رفع يديه نحو السماء وقRال :الّلهم احبس عنهم قطRر السRRماء ،وابعث عليهم سRRنين كسRRني يوسRRف ،وسRلط عليهم
191
غالم ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة ،فانهم كذبونا وخذلونا وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك المصير.
192
وهّللا ال يدع أحدا منهم إاّل انتقم لي منه ،قتلة بقتلة وضربة بضربة ،وإنه لينتصر لي والهل بيتي وأشياعي.
استجابة دعاء الحسين علي ابن حوزة:
وفي رواية ان عبد هّللا بن حوزة حين وقع عن 193فرسه بقيت رجله اليسرى في الركRاب وارتفعت اليمRنى فطRارت
وعدا به فرسه يضرب رأسه كّل حجر وأصل شجرة حتى مات.
وروى عن عبد الجّبار بن وائل الحضرمّي عن أخيه مسروق بن وائRRل قRRال :كنت في أوائRRل الخيRRل ّم من سRRار إلى
الحسين فقلت :أكون في أوائلها لعلي ُأصيب رأس الحسين ،فأصيب بRRه منزلRRة عند عبيRRد هّللا بن زيRRاد ،قRRال :فلّم ا
انتهينا إلى حسين تقّد م رجل من القوم يقال له ابن حوزة فقال :أفيكم حسين؟ قال :فسكت حسين ،فقالها ثانية فأسكت
حّتى إذا كانت الثالثة ،قال :قولوا له نعم ،هذا حسين فما حاجتك؟ قال :يا حسين! أبشر بالنار ،قRRال كRRذبت بRRل أقRRدم
على رّب غفور ،وشفيع مطاع ،فمن أنت؟ قال :ابن حوزة ،قال :فرفع الحسRRين يديRه حRتى رأينا بيRاض ابطيRه من
فوق الثياب ثّم قال :الّلهم حزه إلى النار ،قال :فغضب ابن حوزة فذهب ليقحم إليه الفرس ،وبينه وبينه نهRRر ،قRRال:
فعلقت قدمه بالركاب وجالت به الفرس فسقط عنها ،قال :فانقطعت قدمه وسRRاقه وفخRRذه وبقي جانبRRه االخRRر متعّلقا
بالركاب ،قال :فرجع مسروق ،وترك الخيل من ورائه ،قال :فسألته ،فقال :لقد رأيت من أهل هذا البيت
ص125:
194
شيئا ال اقاتلهم أبدا ،قال :ونشب القتال.
ص126:
زحف جيش الخالفة على معسكر الحسين (ع)
وروى الطبري عن ُحميد بن مسلم ،قال :وزحف عمر بن سعد نحوهم ثّم نادى يا ذويد! 195ادن رايتك ،قال :فادناها
ثّم وضع سهما في كبد قوسه ثّم رمى فقال :اشهدوا أّني أّو ل من رمى.
وفي رواية المقريزي :اشهدوا لي عند االمير أّني أّو ل من رمى.
قال الطبري والمفيد :ثّم ارتمى الناس وتبارزوا ،فبرز يسار مولى زياد وسRRالم مRRولى عبيRRد هّللا بن زيRRاد فقاال :من
يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم قال :فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن حضير فقال لهما حسين اجلسا ،فقام عبد هّللا بن
عمير الكلبي من بني عليم وكRRان قRRد خRRرج مRRع امرأتRRه اّم وهب لمRRا رأى القوم بالنخيلRRة يعرضRRون ليسRRرحوا إلى
الحسين فسأل عنهم فقيل له :يسرحون إلى حسين بن فاطمة بنت رسRRول هّللا (ص) فقال :وهّللا لقد كنت على جهRRاد
أهل الشرك حريصا ،واّني الرجوا أال يكون جهاد هؤالء الذين يغزون ابن بنت نبّيهم أيسر ثوابا عند هّللا من ثوابRRه
أّياي في جهاد المشركين ،فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع وأعلمها بما يريد ،فقال :أصبت ،أصاب هّللا بك أرشد
أمورك افعل وأخرجني معك ،قال :فخرج بها ليال ،حّتى أتى حسينا فأقام معه ،فلّم ا برز يسار وسالم قام عبد هّللا بن
قال :وقاتلهم أصحاب الحسين قتاال شديدا وأخذت خيلهم تحمل وإَّنمRا هم اثنان وثالثون فارسRا ،وأخRذت ال تحمRل
على جانب من خيل أهل الكوفة إاّل كشفته ،فلّم ا رأى ذلRRك عRRزرة بن قيس وهو على خيRRل أهل الكوفة اّن خيلRRه
تنكشف من كّل جانب بعث إلى عمر بن سعد ،عبد الرحمن بن حصن ،فقال :أما ترى ما تلقى خيلي منذ اليRRوم من
هذه العّد ة اليسيرة؟ ابعث إليهم الرجال والرماة ،فقال لشبث بن ربعّي :ااّل تقدم اليهم ،فقال :سRRبحان هّللا أتعمRRد إلى
شيخ مصر وأهل المصر عاّم ة ،تبعثه في الرماة لم تجد من تندب لهذا ويجزي عنك غيري؟! قال :وما زالوا يرون
من شبث الكراهة لقتاله ،قال :وقال أبو زهير العبسّي :فانا سمعته في امارة مصRRعب يقول :ال يعطي هّللا أهل هذا
المصر خيرا أبدا! وال يسّد دهم لرشد ،أال تعجبون اّنا قاتلنا مع علّي بن أبي طالب ومع ابنه من بعRRده آل أبي سRRفيان
خمس سنين ،ثّم عدونا على ابنه وهو خير أهل االرض نقاتله مع آل معاوية ،وابن سمّية الزانية! ضالل يا لRRك من
قال :فما رأيت أحدا قّط يفري فريه ،قال :فقال له أشياخ من الحّي :أنت قتلته ،قال :ال وهّللا ما أنRRا قتلتRRه ،ولكن قتلRRه
غيري وما أحّب أّني قتلته،
ص129:
فقال له أبو الوّد اك :وِلَم ؟! قال :اّنه كان زعموا من الصRالحين فَو هّللا لئن كRان ذلRك اثمRا الن القى هّللا بRإثم الجراحRة
والموقف احّب إلّي من ألقاه بإثم قتRل أحRد منهم ،فقال لRه أبRو الRوّد اك :مRRا أراك إاّل سRRتلقى هّللا بRاثم قتلهم أجمعين،
أرأيت لRRو أَّن ك رميت ذا فعقرت ذا ،ورميت آخRRر ووقفت موقفRRا وكRRررت عليهم وحّرضRRت أصحابك وكRRثرت
أصحابك ،وحمل عليك فكرهت أن تفّر ،وفعل آخر من أصحابك كفعلك وآخر وآخر ،كRRان هذا وأصحابه يقتلRون.
أنتم شركاء كّلكم في دمائهم! فقال له :يا أبا الوّد اك! اّنك لتقِّنطنا من رحمة هّللا ؛ ان كنت ولّي حسابنا يوم القيامRRة فال
غفر هّللا لك ان غفرت لنا .قال هو ما أقول لك.
قال فذهب كعب بن جابر بن عمرو االزدّي ليحمل عليه ،فقلت :اّن هذا برير بن حضير القارىء الذي كRRان يقرئنا
القرآن في المسجد! فحمل عليه بالرمح حتى وضعه في ظهره ،فلّم ا وجد مّس الRRرمح ،بRRرك عليRRه ،فعّض بوجهRRه،
وقطع طرف أنفه فطعنه كعب بن جابر حّتى القاه عنه ،وقد غّيب السRنان في ظهRره ،ثّم أقبRل عليRه يضRربه بسRيفه
حّتى قتله.
قال عفيف :كأّني أنظر إلى العبدّي الصريع ،قام ينفض التراب عن قبائه ،ويقول :أنعمت علّي يا أخا االزد نعمة لن
أنساها أبدا.
قال :فقلت أنت رأيت هذا؟ قال :نعم رأي عيني وَسْمَع ُأذني ،فلّم ا رجRRع كعب بن جRRابر قRRالت لRRه امرأتRRه ،أو اختRRه
الّنوار بنت جابر :أعنت على ابن فاطمة! وقتلت سّيد القّراء! لقد أتيت عظيما من االمر ،وهّللا ال اكّلمRRك من رأسRRي
كلمة أبدا ،وقال كعب بن جابر:
غداة حسين والرماح شوارع سلي تخبري عّني وأنت ذميمة
علَّي غداة الروع ما أنا صانع ألم آت أقصى ما كرهت ولم ُيِخ ْل
وال قبلهم في الناس إذ أنا يافع ولم تَر عيني مثلهم في زمانهم
ص133:
أاّل كُّل من يحمي الذمار مقارع أشّد قراعا بالسيوف لدى الوغى
أبا منقذ لّم ا دعا من يماصع قتلُت بريرا ثَّم حملت نعمة
وروى عن عبد الرحمن بن جندب قال :سمعته في امارة مصRعب بن الزبRير وهو يقول :يRا رّب إّن ا قRد وفينا فال
تجعلنا يا رّب كمن قد غدر! فقال لRRه أبي :صدق ولقد وفى وكRRرم وكسRRبت لنفسRRك شّRRرا ،قRRال :كاّل اّني لم أكسRRب
لنفسي ّش را ولكني كسبت لها خيرا ،قال :وزعموا ان رضّRي بن منقذ العبRRدّي رّد بعRRد على كعب بن جRRابر جRRواب
قوله فقال:
وال جعل النعماء عندي ابن جابر لو شاء ربّي ما شهدت قتالهم
يعّيره االبناء بعد المعاشر لقد كان ذاك اليوم عارا وسّبة
ويوم حسين كنت في رمس قابر فياليت أّني كنت من قبل قتله
فقتل عمرو بن قرظة بن كعب وكRان مRع الحسRين وكRان علّي أخRوه مRع عمRر ابن سRعد فنادى علّي بن قرظRة يRا
حسين! يا كّRذ اب ابن الكّRذ اب! أضRللت أخي وغررتRه حّتى قتلتRه! قRال :اّن هّللا لم يضّRل أخRاك ولكّن ه هدى أخRاك
وأض ّRلك! قRRال :قتلRRني هّللا ان لم أقتلRRك! أو أمRRوت دونRRك! فحمRRل عليRRه فاعترضRRه نRRافع بن هالل المRRرادّي فطعنه
فصرعه ،فحمله أصحابه ،فاستنقذوه َفُد ِووَي بعد فبرأ.
ص134:
مبارزة يزيد بن سفيان والحر:
وروى عن أبي زهير العبسّي ان الحّر بن يزيد لّم ا لحق بحسين قال يزيد بن سفيان من بني شقرة وهم بنو الحارث
بن تميم :أما وهّللا لو اّني رأيت الحّر بن يزيد حين خرج التبعته السنان ،قال :فبينا الناس يتجاولون ويقتتلون والحّر
ابن يزيد يحمل على القوم مقدما ويتمّثل قول عنترة:
ولبانه حّتى تسربل بالدّم ما زلت أرميهم بثغرة نحره
وإن فرسه لمضروب على اذنيه وحاجبه وإن دماءه تسيل ،فقال الحصRRين ابن تميم -وكRRان على شRRرطة عبيRRد هّللا -
ليزيد بن سفيان :هذا الحّر بن يزيد الذي كنت تتمّنى قRال :نعم ،فخRرج إليRه فقال لRه :هل لRك يRا حّRر بن يزيRد في
المبارزة؟! قال :نعم ،قد شئت ،فبرز له قال :فأنا سمعت الحصين بن تميم يقول :وهّللا لبرز له فكأّنما كانت نفسه في
يده فما لبثه الحّر حين خرج إليه ان قتله.
قال :وقاتلوهم حتى انتصف النهار أشّد قتال خلقه هّللا وأخذوا ال يقدرون على أن يأتوهم إاّل من وجه واحد الجتماع
أبنيتهم وتقارب بعضها من بعض .قRال فلّم ا رأى ذلRك عمRRر بن سRRعد أرسRRل رجRاال يقّوضRRونها عن ايمRRانهم وعن
شمائلهم ليحيطوا بهم قال فأخذ الثالثة واالربعة من أصحاب الحسين يتخّللRRون الRRبيوت فيشّد ون على الرجRRل وهو
يقّوض وينتهب فيقتلونه ويرمونه من قريب ويعقرونه.
إحراق الخيام:
قال :فأمر بها (أي الخيام) عمر بن سعد عند ذلك فقال احرقوها بالنار ،وال تدخلوا بيتا وال تقّوضوه ،فجاؤوا بالنار
فأخذوا يحّرقون ،فقال حسين :دعوهم فليحّرقوها ،فانهم لو قد حّرقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها ،وكان
ص135:
ذلك كذلك ،وأخذوا ال يقاتلونهم إاّل من وجه واحد.
وقال :وحمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين برمحه ونادى :علَّي بالنار حRتى احRرق هذا الRبيت
على أهله ،قال :فصاَح النساء وخرجن من الفسطاط ،قال :وصاح به الحسين يا ابن ذي الجوشن! أنت تدعو بالنار
لتحرق بيتي على أهلي! حّرقك هّللا بالنار.
وروى عن حميد بن مسلم قال :قلت لشمر بن ذي الجوشن :سبحان هّللا ! اّن هذا ال يصلح لك ،أتريRRد أن تجمRRع على
نفسك خصلتين تعّذ ب بعذاب هّللا ،وتقتل الولدان والنسRRاء ،وهّللا اّن في قتلRRك الرجRRال لمRRا ترضRRي بRRه أمRRيرك .قRRال:
فقال :من أنت؟! قال :قلت :ال اخبرك من أنا ،قال :وخشيت وهّللا ان لRRو عرفني أن يضّRRرني عند السRRلطان! قRRال:
فجاءه رجل كان أطوع له مّني ،شبث بن ربعي ،فقال :ما رأيت مقاال أسوأ من قولRRك ،وال موقفRRا أقبح من موقفRRك!
أمرعبا للنساء صرت! قال :فأشهد انه استحيا فذهب لينصرف ،وحمل عليه زهير بن القين في رجال من أصحابه
عشرة فشّد على شRRمر بن ذي الجوشRRن وأصحابه فكشفهم عن الRRبيوت حRRتى ارتفعRRوا عنهRRا ،فصRRرعوا أبRRا عّRز ة
الضبابّي ،فقتلوه فكان من أصحاب شمر ،وتعطف الناس عليهم فكثروهم فال يزال الرجل من أصحاب الحسRRين قRRد
قتل ،فإذا قتل منهم الرجل والرجالن تبيّن فيهم ،وأولئك كثير ال يتبين فيهم ما يقتل منهم.
صالة الخوف:
قال :فلّم ا رأى ذلك أبو ثمامة عمرو بن عبد هّللا الصائدّي قال للحسين :يا أبRRا عبRRد هّللا ! نفسRRي لRRك الفRRداء ،اّني أرى
هؤالء قد اقتربوا منك ،وال وهّللا ال تقتل حّتى ُأقتل دونك ان شاء هّللا ،وأحُّب أن ألقى ربّي وقد صّليت هذه الصRRالة
التي قد دنا وقتها .قال :فرفع الحسين رأسه ،ثّم قال :ذكرت الصالة،
ص136:
جعلك هّللا من المصّلين الذاكرين! نعم ،هذا أّول وقتها ،ثّم قال :سلوهم أن يكّفوا عّنا حّتى نصّلي .فقال لهم الحصRRين
بن تميم :اّنها ال تقبل! فقال له حبيب ابن مظاهر :ال تقبل! زعمت الصالة من آل رسRRول هّللا (ص) ال ُتقَب ُل ،وتقبRRل
منك يا حمار! قال :فحمل عليهم حصين بن تميم ،وخRRرج إليRRه حRRبيب بن مظRRاهر ،فضRRرب وجRRه فرسRRه بالسRRيف،
فشّب ووقع عنه ،وحمله أصحابه واستنقذوه.
ولّم ا قتل حبيب بن مظاهر ،هّد ذلك حسينا ،وقال :عند هّللا أحتسب نفسي وحماة أصحابي ،قRال فأخRذ الحّRر يرتجRز
ويقول:
ولن أصاب اليوم إاّل مقبال آليت ال أقتل حتى أقتال
فقاتل هو وزهير بن القين قتاال شديدا فكان إذا شّد أحدهما فان استلحم شّد االخر حتى يخّلصه ،ففعال ذلك ساعة ،ثّم
اّن رّجالة شّد ت على الحّر بن يزيد فقتل ،وقتل أبو ثمامة الصائدي ابن عّم له كان عدوا له ،ثّم صّلوا الظهر ،صل
بهم الحسين صالة الخوف.
ص138:
سعيد الحنفي:
ثّم اقتتلوا بعد الظهر فاشتّد قتRالهم وُوِص َل إلى الحسRين فاسRتقدم الحنفي أمامRه فاسRتهدف لهم يرمونRه بالنبRل يمينا
وشماال قائما بين يديهَ ،فما زال ُيرمى حتى سقط .وذكر الخوارزمي اّنه كان يرتجز ويقول:
وشيخك الخير عليا ذا الندى أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا
زهير بن القين
وقاتل زهير بن القين قتاال شديدا وأخذ يقول:
أذودهم بالسيف عن حسين أنا زهير وأنا ابن القين
ص139:
لتمالّن أرضها رشاقها مسمومة يجري بها أخفاقها
ويقول:
ابن هالل الجملي أنا على دين علّي
199
تحت عجاج القسطل أضربكم بمنصلي
فلم يزل يرميهم حّتى فنيت سهامه ،ثّم ضرب إلى قائم سيفه فاستّله ،وحمل وهو يقول:
ديني على دين حسين وعلي أنا الغالم اليمنّي الجملّي
200
فقتل ثالثة عشر رجال ....
قال الطبري:
ص141:
بالمشرفّي والقنا الخّطار يا قوم ذودوا عن بني االحرار
الجابرّيان وحنظلة:
قال :وجاء الفتيان الجابرّيان سيف بن الحارث بن سريع ،ومالك بن عبد ابن سريع ،وهما ابنا عّم وأخوان الّم فأتيRRا
حسينا فدنوا منه وهما يبكيان ،فقال :أي ابني أخي ما يبكيكما؟! فَو هّللا اني الرجوا أن تكونا عن ساعة قريري عين،
قاال :جعلنا هّللا فداك ،ال وهّللا ما على أنفسنا نبكي ،ولكّنا نبكي عليك ،نراك قد أحيط بك ،وال نقدر على أن نمنعRRك،
فقال :جزاكما هّللا يا ابني أخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما اّياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين.
قال :وجاء حنظلة بن أسعد الشبامي فقام بين يدي الحسين فأخذ ينادي :يا قوم! اّني أخاف عليكم مثل يوم االحزاب،
مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود واّلذين من بعدهم وما هّللا يريد ظلما للعبRاد ،ويRا قRوم! إّني أخRاف عليكم يRوم التناد
يوم توّلون مدبرين مالكم من هّللا من عاصم ،ومن يضلل هّللا فما لRه من هاد ،يRا قRوم ال تقتلRوا حسRينا فُيسRحتكم هّللا
بعذاب وقد خاب من افترى ،فقال له الحسين :يا ابن أسعد! رحمك هّللا أّنهم قد استوجبوا العذاب حين رّد وا عليك ما
دعوتهم إليه من الحّق ،ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك ،فكيف بهم االن وقRRد قتلRRوا اخوانRRك الصRRالحين ،قRRال:
صدقت ُجعلت فداك ،أنت أفقه مّني وأحّق بذلك ،أفال نروح إلى االخRRرة ونلحRRق باخواننا؟ فقال :رح إلى خRRير من
الدنيا وما فيها ،وإلى ملك ال يبلى ،فقال :السالم عليك يا أبا عبد هّللا ،صّلى هّللا عليك وعلى أهل بيتك ،وعّرف بيننا
وبينك في جّنته ،فقال :آمين آمين ،فاستقدم فقاتل حّتى قتل.
ثّم استقدم الفتيان الجابرّيان يلتفتان إلى الحسين ويقوالن :السRRالم عليRRك يRRا ابن رسRRول هّللا ،فقال :وعليكمRRا السRRالم
ورحمة هّللا ،فقاتال حّتى قتال.
ص142:
عابس بن أبي شبيب وشوذب:
قال وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى شاكر ،فقال :يا شوذب ما في نفسRRك أن تصRRنع؟ قRRال:
ما أصنع؟! أقاتل معك دون ابن بنت رسول هّللا (ص) حّتى ُأقَتَل ،قال :ذلك الظّن بك أمال ،فتقّد م بين يRRدي أبي عبRRد
هّللا حّتى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه وحتى أحتسبك أنا ،فاّنه لو كان معي الساعة أحد أولى به مّني بك
لسَّرني أن يتقّد م بين يدّي حتى أحتسبه فاّن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب االجر فيه بكّل ما قدرنا عليه ،فاّن ه ال عمRRل
بعد اليوم ،وإّنما هو الحساب ،قال :فتقّد م فسّلم على الحسين ثّم مضى فقاتل حّتى ُقِتَل ،ثّم قال عابس بن أبي شRRبيب:
يا أبا عبد هّللا أما وهّللا ما أمسى على ظهر االرض قريب وال بعيد أعّز علّي وال أحّب إلّي منك ،ولو قدرت على أن
أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعّز علّي من نفسي ودمي لفعلته ،السRRالم عليRك يRا أبRا عبRد هّللا ،أشRRهد هّللا أّني على
هديك وهدي أبيك ،ثّم مشى بالسيف مصلتًا نحوهم وبه ضربة على جبينه.
وروى عن ربيع بن تميم الهمدانّي وقد شهد ذلك اليوم قال :لّم ا رأيته مقباًل عرفته وقد شRRاهدته في المغRRازي وكRRان
أشجع الناس فقلت :أيها الناس! هذا االسد االسود ،هذا ابن أبي شبيب ،اليخRRرجّن إليRRه أحRRد منكم .فأخRRذ ينادي :أاّل
رجل لرجل! فقال عمر بن سعد :ارضخوه بالحجRارة .قRال :فُر ِم َي بالحجRارة من كّRل جRانب ،فلّم ا رأى ذلRك ألقى
درعه ومغفره ،ثّم شّد على الناس فوهّللا لرأيته يكرد أكثر من مائتين من الناس ،ثّم أّنهم تعّطفوا عليه من كّل جRRانب
فُقِتل ،قال :رأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عّد ة ،هذا يقول :أنا قتلته ،وهذا يقول :أنا قتلتRRه ،فأتوا عمRRر بن سRRعد،
فقال :التختصموا ،هذا لم يقتله سنان واحد ففّرق بينهم.
ص143:
فرار الضّحاك المشرقي:
وروى عن عبد هّللا المشرقي ،قال :لّم ا رأيت أصحاب الحسين قد ُأصيبوا وقRد ُخ لص إليRه وإلى أهل بيتRه ولم يبRق
معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمRRرو الحضRRرمي ،قلت لRRه :يRRا ابن رسRRول هّللا ! قRRد
علمت ما كان بيني وبينك ،قلت لك :أقاتل عنك ما رأيت مقاتال فإذا لم أر مقاتال فانا في حّRRل من االنصRRراف ،فقلت
لي :نعم ،قال :فقال :صدقت وكيف لك بالنجاء؟ ان قدرت على ذلك فأنت في حّل .قال :فأقبلت إلى فرسي وقد كنت
حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر أقبلت بها حتى أدخلتهRRا فسRRطاطا الصحابنا بين الRRبيوت وأقبلت اقاتRRل معهم راجال
فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر ،وقال لي الحسين يومئذ مرارا :ال تشلل ،ال يقطRRع هّللا يRRدك،
جزاك هّللا خيرا عن أهل بيت نبّيك (ص) فلّم ا أذن لي استخرجت الفRRرس من الفسRRطاط ثّم اسRRتويت على متنهRRا ،ثّم
ضربتها حّتى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم فأفرجوا لي واتبعRRني منهم خمسRRة عشر رجال حّتى
انتهيت إلى شفّية ،قرية قريبة من شRRاطئ الفRRرات ،فلّم ا لحقوني عطفت عليهم فعرفني كثRRير بن عبRRد هّللا الشعبي
وأيوب بن مشرح الخيواني ،وقيس بن عبد هّللا الصائدي وقالوا :هذا الضّحاك بن عبد هّللا المشرقي ،هذا ابن عّم نا
ننشدكم هّللا لما كففتم عنه .فقال ثالثة نفر من بRني تميم كRانوا معهم :بلى وهّللا لنجيبّن اخواننا وأهل دعوتنا إلى مRا
أحّبوا من الكّف عن صاحبهم ،قال :فلّم ا تابع التميميون أصحابي كّف االخرون ،قال :فنّجاني هّللا .
قال الطبري :وكان آخر من بقي مع الحسين من أصحابه سويد بن عمرو ابن أبي المطاع الخثعمي.
قال المؤلف :إلى هنا أوردنا أخبار تاريخ الطبري في مقتل أصحاب الحسين دون أن نلتزم بسياقه في تRRرتيب ذكRRر
الحوادث لما يظهر منه عدم االكتراث
ص144:
بذكر الحRRوادث كمRRا وقعت ،ولم يكن ترتيبنا أيضRRا بنتيجRRة البحث العلمي في غRRير أخبRRار الطRRبري وإّنمRRا الحظنا
القرائن الداّلة في أخباره على الترتيب اّلذي أوردناه وصّرحنا بمصادر االخبار التي أضفناها إلى أخباره ،وبمRRا أن
الطبري لم يستوعب في تاريخه جميع أخبار أصحاب الحسين وكان في بعضها مزيد ايضاح لمRRا نحن بصRRدده من
إدراك سبب استشهاد الحسيٌن فإّنا نورد يسيرا منها في ما يلي.
ص145:
شهداء آخرون
عمرو بن خالد:
قال الخوارزمي :وبرز عمرو بن خالد االزدي وهو يقول:
تمضين بالروح وبالريحان اليوم يا نفس إلى الرحمن
201
ثّم حمل فقاتل قتاال شديدا فقتل.
عبد الرحمن بن عبد هّللا اليزني:
قال :ثّم خرج عبد الرحمن بن عبد هّللا اليزني وهو يقول:
ص146:
ديني على دين حسين وحسن نا ابن عبد هّللا من آل يزن
202
ثّم حمل فقاتل حّتى قتل
جون مولى أبي ذر:
في مثير االحزان واللهوف :ثّم تقّد م جون مولى أبي ذّر وكRان عبRدا أسRود فقال لRه :أنت في اذن مّني فإَّنمRا تبعتنا
طلبا للعافية فال تبتل بطريقنا ،فقال :يا
.)1 ( 201مقتل الخوارزمي .14 /2
.)1 ( 202مقتل الخوارزمي .18 -17 /2
ص147:
ابن رسRRول هّللا ! أنRRا في الرخRRاء الحس قصRRاعكم وفي الشدة أخRRذلكم؟ وهّللا اّن ريحي لمنتن ،وحسRRبي للRRئيم ولRRوني
السود؛ فتنّفس علّي بالجّنة فيطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيّض وجهي ،ال وهّللا ال افارقكم حّتى يختلRRط هذا الRRدم
203
االسود مع دمائكم ،ثّم قاتل حّتى قتل.
204
من االله الواحد الموّحد أرجو بذاك الفوز عند المورد
فقتل خمسة وعشرين وُقِتل ،فوقف عليه الحسين وقال :الّلهم بّيض وجهه وطِّيب ريحه ،واحشره مع محّم د (ص)،
وعّرف بينه
205
وبين آل محّم د.
أنيس بن معقل:
وفي مقتل الخوارزمي :ثّم خرج من بعده أنيس بن معقل االصبحي ،فجعل يقول:
وفي يميني نصل سيف فيصل أنا أنيس وأنا ابن معقل
الحجاج بن مسروق:
قال :وبرز الحّج اج بن مسروق وهو مؤذن الحسين (ع) فجعل يقول:
ص148:
اليوم نلقى جّد ك النبّيا أقدم حسين هاديا مهديا
من فوق شلٍو في الصعيد ماكث عن بيعتي حّتى يقوم وارثي
ثّم قاتل فقتل وحَّز رأسه ورمي به إلى عسكر الحسين ،فأخذت اّم ه رأسه وقالت له :أحسنت يا بنّي ! يا قّRRرة عيRRني!
وسرور قلبي! ثّم رمت برأس ابنها رجال فقتلته وأخذت عمود خيمة وحملت على القوم وهي تقول:
بالية خالية نحيفه أنا عجوز في النسا ضعيفه
206
فضربت رجلين فقتلتهما فأمر الحسين (ع) بصرفها ودعا لها.
قال الخوارزمي :وكان يأتي الحسين الرجل بعد الرجل ،فيقول :السRالم عليRك يRا ابن رسRول هّللا .فيجيبRه الحسRين:
وعليك السالم ونحن خلفك ،ويقرأ( :فمنهم من قضى نحبRRه ومنهم من ينتظRRر ومRRا بّRد لوا تبRRديال) ،ثّم يحمRRل فيقتRRل!
207
هكذا استمّر القتال حّتى قتلوا عن آخرهم
ص150:
مقتل عترة الرسول
208
وقال :لّم ا لم يبق مع الحسين إاّل أهل بيته .اجتمعوا ووّد ع بعضهم بعضا وعزموا على الحرب.
أّول شهيد من عترة رسول هّللا :
قال الطبري :وكان أّو ل قتيل من بني أبي طالب يومئذ علّي االكبر بن الحسين بن علي ،وأّم ه ليلى ابنة أبي مّرة بن
عروة بن مسعود الثقفي 209،وكانت أّم ُأِّم ه ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب 210ومن هذا اعطي له االمان يومRRذاك،
وقالوا له كما ذكره المصعب الزبيري« :اّن لك قرابة بأمير المؤمنين -يعني يزيد ابن معاوية -ونريد أن يرعى هذا
الرحم ،فان شئت آمّناك».
211
فقال علّي « :لقرابة رسول هّللا (ص) أّحق أن ترعى» وحمل وهو يقول ....
قال الخوارزمي :فلّم ا رآه الحسين رفع شيبته نحو السماء ،وقال :اللهّم اشهد على هؤالء القوم فقد بRرز إليهم غالم
أشبه الناس َخ ْلقا وُخ ُلقا ومنطقا
ص151:
برسولك محّم د (ص) وكّنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنRا إلى وجهRه ،اللهّم فامنعهم بركRات االرض ،وفرقهم
تفريقا ومّز قهم تمزيقا ،واجعلهم طرائق قددا ،وال ترض الوالة عنهم أبدا ،فاّنهم دعونRا لينصRRرونا ،ثّم عRRدوا علينا
يقاتلونا.
ثّم صاح بعمر بن سعد :ما لَك قطع هّللا رحمك ،وال بارك هّللا في أمرك وسّلط عليك من يRRذبحك على فراشRRك ،كمRRا
قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول هّللا .ثّم رفع صوته وقRرأ :اّن هّللا اصطفى آدم ونوحRا وآل إبRراهيم وآل
عمران على العالمين ذرّية بعضها من بعض وهّللا سميع عليم.
وحمل علي بن الحسين وهو يقول:
نحن وبيت هّللا أولى بالنبي أنا علي بن الحسين بن علّي
فلم يزل يقاتل حتى ضّج أهل الكوفة ،ثّم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة ،فقال :يا أبة! العطش قRRد قتلRRني
وثقل الحديد أجهدني ،فهل إلى شربة من ماء سبيل أتقّو ى بها على االعداء؟ فبكى الحسين وقRال :يRا بRنّي عّRز على
محّم د ،وعلى علّي ،وعلى أبيك أن تدعوهم فال يجيبونك وتستغيث بهم فال يغيثونك .ودفع إليه خاتمه ،وقال له :خRRذ
هذا الخاتم في فيك وارجع إلى قتال عدّوك ،فاّني الرجRRو أن ال تمسRRي حّتى يسRRقيك جّRد ك بكأسRRه االوفى شRRربة ال
تظمأ بعدها أبدا ،فرجع علي بن الحسين إلى القتال وحمل وهو يقول:
وظهرت من بعدها مصادق الحرب قد بانت لها حقائق
212
جموعكم أو تغمد البوارق وهّللا رّب العرش ال نفارق
ص152:
قال الطبري :ففعل ذلك مرارا فبصر به مّرة بن منقذ بن النعمان العبدّي ثّم الليثّي فقال :علّي آثام العرب ان مّر بي
يفعل مثRل مRا كRان يفعRل ان لم أثكلRه أبRاه ،فمّRر يشّد على الناس بسRيفه فاعترضRه مّRرة بن منقذ فطعنه فصRرع
واحتوشه 213الناس فقَّطعوه بأسيافهم.
وقال الخوارزمي :ضربه منقذ بن مّرة العبدي على مفرق رأسه ضRRربة صرعه فيهRRا ،وضRRربه الناس بأسRRيافهم،
فاعتنق الفرس فحمله الفرس إلى عسكر عدّوه ،فقطعوه بأسيافهم اربا اربا ،فلّم ا بلغت روحه الRRتراقي نRRادى بRRاعلى
صوته :يا أبتاه! هذا جّد ي رسول هّللا قد سقاني بكأسه االوفى شربة ال أظمأ بعدها أبدا وهو يقول لRك :العجRل فاّن
214
لك كأسا مذخورة ،فصاح الحسين ....
وروى الطبري :عن ُحميد بن مسلم االزدي قال :سماع أذني يومئذ من الحسين يقول :قتل هّللا قوما قتلRRوك يRRا بRRنّي ،
ما أجرأهم على الRRرحمن وعلى انتهRRاك حرمRRة الرسRRول ،على الRRدنيا بعRRدك العفRRاء .قRRال :وكRRأّني أنظRRر إلى أمRRرأة
خرجت مسرعة كأّنها الشمس الطالعة تنادي :يا ُأخّياه ويا ابن أخاه! قال :فسألت عنها فقيل :هذه زينب أبنة فاطمRRة
بنت رسول هّللا ،فجاءت حّتى أكَّبت عليه ،فجاءها الحسRRين ،فأخRRذ بيRRدها فرّد ها إلى الفسRRطاط ،وأقبRRل الحسRRين إلى
ابنه ،وأقبل فتيانه إليه فقال :إحملوا أخاكم .فحملوه من مصرعه حّتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون
أمامه.
ص153:
مقتل آل أبي طالب:
قال الطبري :ثّم إن عمرو بن صبيح الصدائّي رمى عبد هّللا بن مسلم ابن عقيل بسهم فوضع كّفه على جبهتRRه يَّتقيRRه
فأصاب السهم كّفه ونفذ إلى جبهته فّسمرها به 218.فأخذ ال يستطيع أن يحّRRرك كَّفيRRه ،ثّم انتحى لRRه بسRRهم آخRRر ففلRRق
قلبه ،قال :فاعتورهم الناس من كل جانب.
جعفر بن عقيل:
قال الخوارزمي وابن شهر آشوب :برز جعفر بن عقيل بن أبي طالب وهو يقول:
من معشر في هاشم من غالِب أنا الغالم االبطحُّي الطالبي
219
فقاتل حّتى قتل ،قتله بشر بن سوط الهمداني.
ص154:
وقال الطبري :ورمى عبد هّللا بن عزرة الخثعمي جعفر بن عقيل بن أبي طالب فقتله.
.)3 ( 217مناقب ابن شهر آشوب ،220 /2ومقتل الخوارزمي .26 /2
.)4 ( 218هذه الزيادة في سياق االرشاد ص .223
.)5 ( 219نقلنا في مقتل ابني عقيل وابني جعفر بعدهما االراجيز من مقتل الخوارزمي ومناقب ابن شهر آشوب وكان الطبري قRد اسRقط أراجRيزهم
من خبر مقتلهم على عادته في حذف االراجيز في أغلب ما يروي من أخبار الحروب.
عون بن عبد هّللا بن جعفر:
ثّم برز أخوه عون فحمل وهو يقول:
شهيد صدٍق في الجنان أزهر إن تنكروني فأنا ابن جعفر
ص155:
220
فقاتل حّتى ُقِتَل .قتله عبد هّللا بن قطبة الطائّي .
221
فقاتل حتى ُقِتَل .قتله هاني بن شبيب الحضرمّي .
ثّم برز أخوه القاسم بن الحسن وهو غالم صغير لم يبلRغ الحلم فلّم ا نظRر إليRه الحسRRين اعتنقه وجعال يبكيRان ،ثّم
استأذن الغالم للحرب فأبى عّم ه الحسين أن يأذن له ،فلم يزل الغالم يقّبل يديه ورجليRRه ويسRRأله االذن حّتى أذن لRRه،
فخرج ودموعه تسيل على خّد يه 222عليه ثوب وازار ونعالن فقط وكأّنه فلقه قمر وأنشأ يقول:
نحن وبيت هّللا أولى بالنبي إّني أنا القاسم من نسل علّي
223
من شمر ذي الجوشن أو ابن الدعي
وروى الطبري عن ُحميد بن مسلم ،قال :خرج إلينا غالم كأن وجهه شّقة قمر في يده السيف ،عليRRه قميص وإزار،
ونعالن قد انقطع شسع أحدهما ما أنسى أّنها اليسرى ،فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل االزدي :وهّللا الشّدّن
ص156:
عليه ،فقلت له :سبحان هّللا وما تريد إلى ذلك ،يكفيRك قتلRه هؤالء الRذين تRراهم قRد احتوشRRوهم 224قRال :فقال :وهّللا
الشّدّن عليه ،فشّد عليه فما وّلى حّتى ضرب رأسه بالسيف ،فوقع الغالم لوجهه ،فقال :يا عّم اه! قال :فجّلى الحسين
كما يجّلي الصقر ،ثّم شّد شّد ة ليث أغضب ،فضرب عمرا بالسيف ،فاّتقاه بالساعد فأطّنها من لدن المرفق ،فصRRاح-
صيحة سمعها أهل العسكر 225-ثّم تنحى عنه ،وحملت خيRRل الهل الكوفة ليسRRتنقذوا عمRRرا من حسRRين ،فاسRRتقبلت
عمرا بصدورها فحركت حوافرها وجRRالت الخيRRل بفرسRRانها عليRRه ،فتوّطأتRRه حّتى مRRات ،وانجلت الغRRبرة فإذا أنRRا
بالحسين قائم على رأس الغالم ،والغالم يفحص برجليه ،وحسين يقول :بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يRRوم القيامRRة
.)1 ( 220مناقب ابن شهر آشوب ،220 /2ومقتل الخوارزمي ،27 /2ويتفق سياق رواية الطبري معهما فيما عدا حذفه الرجزين.
.)2 ( 221مناقب ابن شهر آشوب ،220 /2وفي مقتل الخوارزمي 27 /2نسب البيتين إلى القاسم أو عبد هّللا وفي إعالم الورى ص :213وكان عبد
هّللا بن الحسن قد زوجه الحسين ابنته سكينة فقتل قبل أن يبني بها.
.)3 ( 222مقتل الخوارزمي .27 /2
.)4 ( 223مناقب ابن شهر آشوب .221 /2
.)1 ( 224في الطبري :إحتولهم.
.)2 ( 225الطبري ،359 -358 /2وارشاد المفيد ص .223
فيك جّد ك ثّم قال :عّز وهّللا على عّم ك ،أن تRدعوه فال يجيبRك ،أو يجيبRك فال ينفعRك .صوٌت وهّللا كRثر واتRره وقّRل
ناصره .ثّم احتمله فكأّني أنظر إلى رجلي الغالم يخّطان في االرض وقد وضRع حسRين صدره على صدره ،قRال:
فقلت في نفسي :ما يصنع به ،فجاء بRRه حّتى القاه مRRع ابنه علّي ابن الحسRRين وقتلى قRRد قتلت حولRRه من أهل بيتRRه،
فسألت عن الغالم فقيل :هو القاسم بن الحسن بن علّي بن أبي طالب.
ص157:
226
مقتل إخوة الحسين
أبو بكر بن علي (ع):
ثّم تقدم اخوة الحسين (ع) عازمين على أن ُيقتلوا من دونه ،فأّول من تقّد م منهم أبو بكRر بن علي ،واسRمه عبRد هّللا ،
وُأّم ه ليلى بنت
مسعود بن خالد ابن ربعي بن مسلم بن جندل بن نهشل بن دارم التميمّية ،فبرز أبو بكر وهو يقول:
من هاشم الصدق الكريم المفضل شيخي علّي ذو الفخار االطول
ثّم قصد قاتل أخيه فقتله ،وجعل يضرب بسيفه ضربا منكرا ويقول في حمالته:
ص158:
خّلوا عن الّليث العبوس المكفهّر خّلوا عداة هّللا خّلوا عن عمر
.)1 ( 226إلى آخر هذا الفصل أوردناه بلفظ الخوارزمي .29 -28 /2
شيخي علُّي ذو الفعال الطاهر إّني أنا عثمان ذو المفاخر
227
فحمل وقاتل حّتى ُقتل.
ص159:
وروى الطبري عن حميد بن مسلم قال :سمعت الحسين يومئذ وهو يقول :اللهّم أمسك عنهم قطRRر السRRماء ،وامنعهم
بركات االرض ،اللهّم فان متعتهم إلى حين ففّرقهم فرقا واجعلهم طرائRRق قRRددا وال تRRرض عنهم الRRوالة أبRRدا .فانهم
دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا ،قال :وضارب الرّجالة حّتى انكشفوا عنه ،قRRال :ولّم ا بقي الحسRRين في ثالثة
رهط أو أربعة ،دعا بسراويل محّققة يلمRRع فيهRRا البصRر يمRRانّي محّق ق ففRRرزه ونكثRه لكي ال يسRRلبه فقال لRه بعض
أصحابه :لو لبست تحته ُتّبانا .قال ذلك ثوب مذّلة وال ينبغي لي أن ألبسه قال :فلّم ا قتRRل أقبRRل بحRRر بن كعب فسRRلبه
اّياه فتركه مجّردا.
قال أبRRو محنف :فحّRد ثني عمRRرو بن شRRعيب عن محّم د بن عبRRد الRRرحمن أّن يRRدي بحRRر بن كعب كانتRRا في الشتاء
ينضحان الماء وفي الصيف ييبسان كأّنهما عود.
مقتل العباس ابن أمير المؤمنين (ع):
في مقاتل الطالبِّيين :كان رجال وسيما جميال يRركب الفRRرس المطّهم ورجاله تّخ طRان في االرض ،وكRRان يقال لRه:
قمر بني هاشم ،وكان لواء الحسين معه يRوم قتRل ،وهو أكRRبر ولRد أّم البRنين ،وهو آخRر من قتRل من إخوتRه الّم ه
228
وأبيه.
وفي مقتل الخوارزمي :ثّم خرج العباس وهو السّقاء فحمل وهو يقول:
.)1 ( 227ذكر الطبري ومن تبعه خبر مقتل إخوة الحسين( ع) بايجاز ،وفي مناقب ابن شهر آشوب ذكر ارجاز إخوة العّباس اُل ّم ه .وما ذكرناه هنا
نقلناه من مقتل الخوارزمي 29 -28 /2وبلفظه.
.)1 ( 228مقاتل الطالبيين ص .84
وبالحجون صادقا وزمزم أقسمت باهّلل االعّز االعظم
229
إمام أهل الفضل والتكرم دون الحسين ذي الفخار االقدم
ص160:
وفي االرشاد ومثير االحزان واللهRRوف 230:واشRRتّد العطش بالحسRRين (ع) فركب المسّRناة يريRRد الفRRرات وبين يديRRه
العباس أخوه فاعترضه خيل ابن سعد.
وفي مناقب ابن شهر آشوب :مضى يطلب الماء فحملوا عليه وحمل عليهم وهو يقول:
حّتى أوارى في المصاليت لقا ال أرهب الموت إذا الموت رقى
إّني أنا العّباس أغدو بالسقا نفسي لنفس المصطفى الطهر وقا
فقاتل حّتى ضعف ،فكمن له حكيم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة فضربه على شماله ،فقال:
وأبشري برحمة الجّبار يا نفُس ال تخشي من الكّفار
وفي رواية :فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه -وفي رواية في حنكه -قال :فانتزع الحسRRين السRRهم ثّم بسRRط
كَّفيه فامتالتا دما فرمى به إلى السماء ،ثّم حمد هّللا وأثنى عليه ثّم جمع يديه فقال :اللهم اّني أشكو إليك ما ُيفعُل بRابن
بنت نبّيك ،اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا وال تذر على االرض منهم أحدا.
وروى الطبري وقال :فانتزع الحسين السهم ثّم بسط كَّفيه فامتالتا دما ثّم قال الحسين :الّلهم إّني أشكو إليك ما ُيفعRRل
بابن بنت نبّيك قال :فَو هّللا ان مكث الرجل إاّل يسRRيرا حّتى صّب هّللا عليRه الظمRRأ فجعRRل ال يRروى ،قRال القاسRRم ابن
االصبغ :لقد رأيتني فيمن يرّوح عنه ،والماء ُيبَّرُد له فيه السّك ر وعساس فيهRا اللبن وقالل فيهRا المRاء واّن ه ليقول:
ويلكم اسقوني قتلني الظمأ فيعطى القّلة أو العّس كان مرويا أهل البيت فيشربه فاذا نزعه من فيه اضRRطجع الهنيهRRة
ثّم يقول :ويلكم اسقوني قتلني الظمأ قال :فَو هّللا ما لبث إاّل يسيرا حّتى انقّد بطنه انقداد بطن البعير.
مقتل طفل مذعور:
روى الطبري عن هانىء بن ثبيت الحضرمّي ،قRال :كنت مّم ن شRهد قتRل الحسRين ،قRال :فَو هّللا اّني لواقRف عاشRر
عشرة ليس منا رجل إاّل على فرس وقد جالت الخيل وتصعصعت؛ إذ خرج غالم من آل الحسين وهو ممسك بعود
من تلك االبنية عليه أزار وقميص وهو مذعور يتلفت يمينا وشماال فكأني أنظر إلى درتين في أذنيRRه تذبRRذبان كلمRRا
التفت ،إذ أقبل رجل يركض حّتى إذا دنا منه مال
ص163:
عن فرسه ،ثّم اقتصد الغالم فقطعه بالسيف ،قال الراوي :هانىء بن ثبيت ،هو صاحب الغالم ،فلّم ا عتب عليه كّنى
عن نفسه.
.)1 ( 233مقتل الخوارزمي ،32 /2وتاريخ الطبري ط .أوربا ،360 /2وابن كثير .188 /8
مقتل غالم لالمام الحسن (ع):
قال الطبري :ثّم ان شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرّجالة نحو الحسين فأخذ الحسين يشّد عليهم فينكشفون عنه ،ثّم
اّنهم أحاطوا به إحاطة وأقبل إلى الحسين عبد هّللا بن الحسن 234من عند النسRRاء وهو غالم لم يراهق فأخذتRRه أختRRه
زينب ابنة علي لتحبسه ،فقال لها الحسين :احبسيه .فأبى الغالم وجاء يشتّد إلى الحسRين فقام إلى جنبRه ،قRال :وقRد
أهوى بحRRر بن كعب بن عبيRRد هّللا من بRRني تيم هّللا ابن ثعلبRRة بن عكابRRة إلى الحسRRين بالسRRيف فقال الغالم :يRRا ابن
الخبيثة! أتقتل عّم ي؟! فضربه بالسيف فاتقاه الغالم بيده ،فأطّنها إلى الجلدة فإذا يRRده معّلقة فنادى الغالم يRRا أمتRRاه!
فأخذه الحسين فضّم ه إلى صدره وقال :يا ابن أخي! إصبر على مRRا نRRزل بRRك ،واحتسRRب في ذلRRك الخRRير ،فاّن هّللا
يلحقك بآبائRRك الصRRالحين ...برسRRول هّللا (ص) وعلي بن أبي طRRالب وحمRRزة وجعفRRر والحسRRن بن علي صلى هّللا
عليهم أجمعين!.
مقتل الحسين (ع) وسلبه:
روى الطبري وقال :ومكث الحسين طويال من النهار كّلمRRا انتهى إليRRه رجRRل من الناس انصRRرف عنه ،وكRRره أن
يتوّلى قتله وعظيم اثمه عليه ،قRRال :وإّن رجال يقال لRRه :مالRRك بن النسRRير من بRRني بّRد اء ،أتRRاه فضRRربه على رأسRRه
بالسيف وعليه برنس له فقطع البرنس وأصاب السيف رأسه فأدمى رأسه فامتال البرنس دما
ص164:
فقال له الحسين :ال أكلت بها وال شربت ،وحشرك هّللا مع الظالمين ،قال :فألقى ذلك البرنس ثّم دعا بقلنسوة فلبسRRها
واعتّم وقد أعيا وبّلد ،وجاء الكندي حتى أخذ البرنس وكان من خّز فلما قدم به بعد ذلك على امرأته أّم عبد هّللا ابنة
الحّر ُأخت حسين بن الحّر البّد ي؛ أقبل يغسل البرنس من الدّم فقالت لRRه امرأتRRه :أسRRلب ابن بنت رسRRول هّللا (ص)
235
تدخل بيتي؟! أخرجه عّني .فذكر أصحابه أّنه لم يزل فقيرا بشّر حّتى مات.
رجالة جيش الخالفة تهجم على مخيم ذراري رسول هّللا (ص):
قال أبو مخنف في حديثه :ثّم إن شمر بن ذي الجوشن أقبل في نفر نحو من عشرة من رّجالة أهل الكوفة قبل منزل
الحسين الذي فيه ثقله وعياله فمشى نحوه ،فقال الحسين :ويلكم ان لم يكن لكم دين وال تخافون يوم المعRRاد ،فكونRRوا
في أمر دنياكم أحرارا ذوي أحساب ،امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهالكم! فقال ابن ذي الجوشن :ذلك لك يRRا
ابن فاطمة .قال :وأقدم عليه بالرّجالة منهم أبو الجنوب واسمه عبRRد الRRرحمن الجعفي ،والقشعم بن عمRRرو بن يزيRRد
الجعفي ،وصالح بن وهب الRRيزني ،وسRRنان بن أنس النخعي ،وخRRولي بن يزيRRد االصبحي ،فجعRRل شRRمر بن ذي
الجوشن يحّرضهم فمّر بأبي الجنوب وهو شاك في السالح فقال له :أقدم عليه قال :وما يمنعRك أن تقدم عليRه أنت؟
وقال له شمر :ألي تقول ذا؟ قال :وأنت لي تقول ذا؟ فاسRRتّبا فقال لRRه أبRRو الجنوب؛ وكRRان شRRجاعا :وهّللا لهممت أن
236
أخضخض السنان في عينك قال :فانصرف عنه شمر وقال :وهّللا لئن قدرت على أن أضّرك الضّرنك.
ص165:
آخر قتال الحسين (ع):
.)1 ( 234في الطبري ط .أوربا «:363 /2غالم من أهله» والتصحيح من ارشاد المفيد ص .225
.)1 ( 235الطبري 448 /5ط .دار المعارف بمصر ،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ط .أوربا .360 -359 /2
.)2 ( 236الطبري 363 -362 /2ط .أوربا.
وروى الطبري عن أبي مخنف عن الحجاج بن عبد هّللا بن عّم ار بن عبد يغوث البارقي أّن ه عتب على عبRRد هّللا بن
عّم ار مشهده قتل الحسين فقال عبد هّللا ابن عّم ار :اّن لي عند بني هاشم ليدا ،قلنا له :وما يدك عندهم؟ قRRال :حملت
على حسين بالرمح فانتهيت إليه فّو هّللا لو شئت لطعنته ،ثّم انصرفت عنه غير بعيد وقلت :ما أصنع بأن أتوّلى قتله؛
يقتله غيري ،قال :فشّد عليه رّجالة مّم ن عن يمينه وشماله ،فحمل على من عن يمينه حّتى ابذعّروا ،وعلى من عن
شماله حّتى ابذعّروا ،وعليه قميص له من خّز وهو معتّم ،قال :فَو هّللا ما رأيت مكثورا قّط قد قتRRل ولRRده وأهل بيتRRه
واصحابه أربط جأشا وال أمضى جنانا منه وال أجرأ مقدما ،وهّللا مRRا رأيت قبلRRه وال بعRRده مثلRRه ان كRRانت الرّجالRRة
لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شّد فيها الذئب.
صرخة زينب:
قال :فَو هّللا اّنه لكذالك إذ خرجت زينب ابنة فاطمRة ُأختRه وهي تقول :ليت السRماء تطRابقت على االرض ،وقRد دنRا
عمر بن سعد من حسين فقالت :يا عمر بن سعد! أيقتل أبو عبد هّللا وأنت تنظر إليه؟! قال :فكRRأني أنظRRر إلى دمRRوع
237
عمر وهي تسيل على خديه ولحيته قال :وصرف بوجهه عنها.
ص166:
238
مقتل سبط النبي (ص)
قال أبو مخنف :حّد ثني الصقعب بن الزبير عن ُحميد بن مسلم قال :كانت عليRRه جبRRة من خّRز ،وكRRان معتّم ا وكRRان
مخضوبا بالوسمة قال :سمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع يّتقي الرمية ويفترص
العورة ،ويشّد على الخيل وهو يقول :أعلى قتلي تحRRاثون! أمRRا وهّللا ال تقتلRRون بعRRدي عبRRدا من عبRRاد هّللا هّللا أسRRخط
عليكم لقتله مّني! وأيم هّللا اّني الرجو أن يكرمني هّللا بهوانكم ثّم ينتقم لي منكم من حيث ال تشعرون ،أما وهّللا ان لو
قتلتموني لقد ألقى هّللا بأسكم بينكم وسفك دماءكم ،ثّم ال يرضى لكم بذلك حّتى يضاعف لكم العذاب االليم ،قال :ولقد
مكث طويال من النهار ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا ،ولكّنهم كان يّتقي بعضهم ببعض ،ويحّب هؤالء أن يكفيهم
هؤالء قال :فنادى شمر في الناس :ويحكم ماذا تنظرون بالرجل؟ اقتلRRوه ثكلتكم ُأّم هRRاتكم قRRال :فحمRRل عليRRه من كّRRل
جانب فضربت كّفه اليسرى ضربة ضربها شريك التميمي ،وضرب على عاتقه ،ثّم انصRRرفوا وهو ينوء ويكبRRو،
قال :وحمل عليه في تلRRك الحRRال سRRنان بن أنس بن عمRRرو النخعي فطعنه بRRالرمح فوقRRع ،ثّم قRRال لخRRولّي بن يزيRRد
االصبحي احتّز رأسه ،فأراد أن يفعل فضعف فأرعد فقال له سنان بن أنس :فّت هّللا عضديك وأبان يديك فنزل إليه
فذبحه واحتّز رأسه ثّم دفعه إلى خولّي بن يزيد وقد ضرب قبل ذلك بالسيوف.
ص167:
قال أبو مخنف عن جعفر بن محّم د بن علي قال :وجد بالحسين (ع) حين قتل ثالث وثالثون طعنة ،وأربع وثالثون
ضربة ،قال :وجعل سنان بن أنس ال يدنو أحد من الحسين إاّل شّد عليه مخافة أن يغلب على رأسRRه حّتى أخRRذ رأس
الحسين (ع) فدفعه إلى خولّي .
فقال عمر بن سعد :أشهد إّنك لمجنون ما صححت قّط ،أدخلوه علَّي .فلّم ا أدخل حذفه بالقضيب ،ثّم قال :يRRا مجنون
أتتكّلم بهذا الكالم! أما وهّللا لو سمعك ابن زياد لضرب عنقك.
نجاة عقبة بن سمعان وأسر المرقع:
قال :وأخذ عمر بن سعد عقبRRة بن سRRمعان ،وكRRان مRRولى للربRRاب بنت امRRرىء القيس الكلبّي ة ،وهي اّم سRRكينة بنت
الحسين ،فقال له :مRRا أنت؟ قRRال :أنRRا عبRRد مملRRوك فخّلى سRRبيله ،فلم ينج منهم أحRRد غRRيره ،إاّل ان المرقRRع بن ثمامRRة
االسدي كان قد نثر نبله وجثا على ركبتيه فقاتل ،فجاءه نفر من قومه فقالوا له :أنت
ص169:
241
آمنُ ،أخرج إلينا ،فخرج إليهم فلّم ا قدم بهم عمر بن سعد على ابن زياد وأخبره سّيره إلى الزارة.
في مسند أحمد بن حنبل ،وفضائله ،والمعجم الكبRير للطRبراني ،والمسRRتدرك للحRاكم والريRاض النضRRرة ،وغيرها
واللفظ لالول :عن عمار بن أبي عّم ار عن ابن عباس ،قال :رأيت رسول هّللا (ص) في المنام نصف النهار أشRRعث
أغبر ،معه قارورة فيها دم ،فقلت بأبي وُأمي يا رسول هّللا ما هذا؟ قال« :هذا دم الحسRRين وأصحابه لم أزل ألتقطRRه
245
منذ اليوم» قال عّم ار :فأحصينا ذلك اليوم فوجدناه قد قتل فيه.
وفي تاريخ ابن عساكر وابن كثير :عن علي بن زيد بن جدعان قال :استيقظ ابن عباس من نومه فاسترجع ،وقRRال:
قتل الحسين وهّللا ! فقال له أصحابه :لم يRا ابن عبRاس؟ فقال :رأيت رسRول هّللا (ص) ومعRه زجاجRة من دم ،فقال:
«أتعلم ما صنعت اّم تي من بعدي؟ قتلوا الحسين! وهذا دمه ودم أصحابه أرفعهما إلى هّللا ».
فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه وتلك الساعة ،فما لبثوا إاّل أربعة وعشرين يوما حّتى جاءهم الخبر بالمدينة اّن ه قتRRل
246
في ذلك اليوم وفي تلك الساعة.
وهناك روايات ُأخرى عن أم سلمة وغيرها أنهم سمعوا نوح الجّن على الحسين وهم يقولون:
أبشروا بالعذاب والتنكيل أّيها القاتلون جهال حسينا
247
وموسى وصاحب االنجيل قد لعنتم على لسان ابن داود
ص173:
ما وقع بعد استشهاد االمام الحسين (ع)
قتل من أصحاب الحسين (ع) اثنان وسبعون رجال ،ودفن الحسين وأصحابه أهل الغاضRRرية من بRRني أسRRد بعRRدما
قتلوا بيوم ،وُقتل من أصحاب عمر بن سRRعد ثمانيRRة وثمRRانون رجال سRRوى الجRRرحى ،فصRRلى عليهم عمRRر بن سRRعد
ودفنهم .قال :وما هو إاّل أن قتل الحسين فسّرح برأسه من يومه ذلك مع خRRولّي ابن يزيRRد وُحميRRد بن مسRRلم االزدي
إلى عبيد هّللا بن زياد ،فأقبل به خولّي فأراد القصر فوجد بRاب القصRر مغلقا فأتى منزلRه فوضRعه تحت اّجانRة في
منزله وله امرأتان امرأة من بني أسد واالخرى من الحضرمّيين يقال لها :النّوار ابنة مالك ابن عقرب ،وكانت تلك
الليلة ليلة الحضرمّية ،قال هشام :فحدثني أبي عن النّوار بنت مالك قالت :أقبل خولّي برأس الحسين فوضRRعه تحت
اّجانة في الدار ثّم دخل البيت فأوى إلى فراشه فقلت له :ما الخبر؟ ما عندك؟! قRRال جئتRRك بغRRنى الRRدهر ،هذا رأس
الحسين معك في الدار! قالت :فقلت ويلك! جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسRRول هّللا (ص)؟ ال وهّللا
ال يجمع رأسي ورأسك بيت أبدا ،قالت :فقمت من فراشي فخرجت إلى الدار ،فدعا االسدّية فأدخلها إليRRه ،وجلسRRت
أنظر ،قالت :فَو هّللا ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السRماء إلى االّجانRة ورأيت طRيرا بيضRا ترفرف
حولها قال :فلّم ا أصبح غدا بالرأس إلى عبيد هّللا بن زياد وأقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد ثّم أمر حميد بن بكRRير
االحمري فأّذ ن في الناس بالرحيل إلى الكوفة وحمل معه بنات الحسين واخواته ،ومن كان معه من الصبيان وعلي
بن الحسين
ص174:
.)1 ( 247تاريخ ابن كثير ،201 /8وراجع سير النبالء ،214 /3وتاريخ السيوطي ص ،280وتاريخ ابن عساكر ،الحديث .739 -733
248
مريض.
وروى الطبري عن قّRر ة بن قيس التميمي قRال :نظRرت إلى تلRك النسRوة لّم ا مRررن بحسRين وأهلRه وولRده صحن
ولطمن وجوههّن ....قال :فما نسيت من االشياء ال أنسى قول زينب ابنة فاطمة حين مّرت بأخيها الحسين صريعا
وهي تقول :يRا محّم داه يRا محّم داه! ،صّلى عليRك مالئكRة السRماء ،هذا حسRين بRالعراء ،مرّم ل بالّRد ماء ،مقّط ع
االعضاء ،يا محّم داه! وبناتك سبايا ،وذّرّيتك مقّتلة تسفي عليها الصRRبا .قRRال :فأبكت وهّللا كّRRل عRRدّو وصديق قRRال:
وقطف رؤوس الباقين فسّرح باثنين وسبعين رأسا مع شمر بن ذي الجوشن قيس بن االشRRعث وعمRRرو بن الحجRRاج
249
وعزرة بن قيس فأقبلوا حّتى قدموا بها على عبيد هّللا بن زياد.
ص175:
رؤوس الشهداء يتقاسمها القتلة من جيش الخالفة
وروى الطبري عن أبي مخنف ،قRال :ولّم ا ُقتRل الحسRين بن علي (ع) جيء بRرؤوس من ُقتRل معRه من أهل بيتRه
وشيعته وأنصاره إلى عبيد هّللا بن زيRRاد ،فجRRاءت كندة بثالثة عشر رأسRRا وصاحبهم قيس بن االشRRعث ،وجRRاءت
هوازن بعشرين رأسا وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن ،وجاءت تميم بسRبعة عشر رأسRا ،وجRاءت بنو أسRد بسRتة
أرؤس ،وجاءت مذحج بسبعة أرؤس ،وجاء سائر الجيش بسبعة أرؤس ،فذلك سRRبعون رأسRRا قRRال :وقتRRل الحسRRين
واّم ه فاطمة بنت رسول هّللا (ص) قتله سRنان بن أنس النخعي ثّم االصبحي ،وجRاء برأسRه خRولّي بن يزيRد ،وقتRل
العّباس بن علي بن أبي طالب وأّم ه أّم البنين ابنة حزام بن خالRRد بن ربيعRRة بن الوحيRRد ،قتلRRه زيRRد بن رقRRاد الجنبي
وحكيم بن الطفيل السنبسي ،وقتل جعفر بن علي بن أبي طالب وأّم ه أّم البنين أيضا ،وقتل عبRRد هّللا بن علّي بن أبي
طالب وُأّم ه ُأّم البنين أيضا ،وُقتل عثمان بن علي بن أبي طالب وأّم ه أم البRRنين أيضRRا رمRRاه خRRولي بن يزيRRد بسRRهم
فقتله ،وُقتل محمد بن علي بن أبي طالب وأّم ه أّم ولد ،قتله رجل من بني أبان بن دارم ،وُقتRRل أبRRو بكRRر بن علي بن
أبي طالب وأّم ه ليلى ابنة مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل بن نهشل بن دارم ،وقRRد شRRرك في
قتله ،وُقتل علّي بن الحسين بن علي وأّم ه ليلى ابنة أبي مرة ابن عRRروة بن مسRRعود بن معتب الثقفي وأّم هRRا ميمونRRة
ابنة أبي سفيان بن حرب قتله مّرة بن منقذ بن النعمان العبدي ،وقتل عبد هّللا بن الحسين بن علي وأّم ه الربRRاب ابنة
امرىء القيس بن عدّي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم من
ص176:
كلب ،قتله هانىء بن ثبيت الحضرمي ،واستصغر علي بن الحسين بن علّي فلم ُيْقَتْل 250،وُقتل أبRRو بكRRر بن الحسRRن
بن علّي بن أبي طالب وُأُّم ه ُأُّم ولد قتله عبد هّللا ابن عقبة الغنوّي ،وُقتل عبد هّللا بن الحسRRين بن علّي بن أبي طRRالب
وُأُّم ه ُأُّم ولد ،قتله حرملة بن كاهل رماه بسهم ،وُقتل القاسم بن الحسن بن علّي وُأُّم ه ُأُّم ولد ،قتله سعد بن عمRRرو بن
نفيل االزدي ،وُقتل عون بن عبد هّللا بن جعفر ابن أبي طالب وُأُّم ه ّجمانة ابنة المسيب بن نجبة بن ربيعة بن ريRRاح
من بني فزارة قتله عبد هّللا بن قطبRRة الطRRائي ثّم النبهRRاني ،وُقتRRل محّم د بن عبRRد هّللا بن جعفRRر بن أبي طRRالب وُأُّم ه
الخوصاء ابنة خصفة بن ثقيف بن ربيعة بن عائذ بن الحارث ابن تيم هّللا بن ثعلبة من بكر بن وائل ،قتله عRRامر بن
نهشل التيمي ،وُقتل جعفر بن عقيRل بن أبي طRالب وُأُّم ه ُأُّم البRنين ابنة الشقر بن الهضRRاب ،قتلRه بشر ابن حRوط
الهمداني ،وُقتل عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب وُأُّم ه ُأُّم ولد رماه عمرو بن صبيح الصدائي فقتله ،وُقتل مسRRلم
ص177:
جيش الخالفة يسوق حرم الرسول إلى الكوفة
في فتوح ابن أعثم ومقتل الخوارزمي وغيرهما ،قالوا :وساق القوم حRRرم رسRRول هّللا (ص) كمRRا تسRRاق االسRRارى،
حّتى إذا بلغRوا بهم الكوفة خRرج الناس ينظRرون اليهم ،وجعلRوا يبكRون ويتوّجعRون ،وعلي بن الحسRين مRريض،
مغلول مكّبل بالحديد ،قد نهكته العّلة ،فقال :أال إّن هؤالء يبكRRون ويتوّجعRRون من أجلنا ،فمن قتلنا إذن؟ (فأشRRرفت
امرأة من الكوفة وقRالت :من أّي االسRارى أنتّن ؟ فقلن :نحن أسRRارى آل محّم د (ص) فنزلت وجمعت مالء وأزرا
252
ومقانع وأعطتهّن ).
خطبة زينب (ع):
وقال بشير بن حذيم االسدي :نظرُت إلى زينب بنت علي يومئذ -ولم أر خفرة قّط انطق منها كأّنما تنطق عن لسان
أمير المؤمRنين علي بن أبي طRالب (ع) وتفRرغ عنه -وأومRأت إلى الناس أن اسRكتوا فارتّRد ت االنفRاس ،وسRكنت
االجراس ،فقالت:
«الحمد هّلل ،والصالة على أبي محّم د رسول هّللا وعلى آله الطّيبين االخيار آل هّللا وبعRRد! يRا أهل الكوفة! ويRا أهل
الختل ،والخذل ،والغدر! أتبكون؟ فال رقأت الدمعة وال هدأت الرّنة ،اّنما مثلكم كمثل الRتي نقضRRت غزلهRRا من بعRRد
قّوة أنكاثا .تتخذون أيمانكم دخال بينكم! أال وهل فيكم إاّل الصلف،
ص178:
والطنف ،والشنف 253،وملق االماء وغمز االعداء ،أو كمرعى على دمنة ،أو كقصة 254على ملحRRودة ،أال سRRاء مRRا
قRRدمت لكم أنفسRRكم أن سRRخط هّللا عليكم وفي العRRذاب أنتم خالRRدون ،أتبكRRون وتنتحبRRون؟! إي وهّللا فابكوا كثRRيرا
واضحكوا قليال ،فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ،ولن ترحضوها بغسل بعدها أبRRدا ،وأنى ترحضRRون قتRRل سRRليل خRRاتم
االنبياء وسّيد شباب أهل الجّنة ومالذ خيرتكم ومفزع نازلتكم ،ومنار حّجتكم ومدره 255السنتكم أال ساء مRRا تRRزرون
وبعدا لكم وسحقا ،فلقد خاب السعي وتبت االيدي ،وخسرت الصفقة وبRRؤتم بغضRRب من هّللا ،وضRRربت عليكم الذّل ة
والمسكنة.
.)2 ( 251الطبري ،270 -269 /6ط .االولى المطبعة الحسينية المصرية ،وطبعة تصحيح محمد أبو الفضل إبراهيم ،469 -468 /5وط .أوربا /2
.288 -287
.)1 ( 252ما بين القوسين في مثير االحزان ص ،66ثّم رجعنا إلى رواية ابن أعثم.
.)1 ( 253االّو ل الوقاحة والثاني فساد االخالق والثالث الكراهة.
.)2 ( 254وهي الجص.
.)3 ( 255كمنبر ،المقدم من اللسان.
أتدرون أّي كبد لرسول هّللا فريتم؟ وأّي دم له سفكتم؟ وأّي كريمة له أبرزتم؟ وأّي حريم له أصبتم؟ واّي حرمRة لRه
انتهكتم؟ لقد جئتم شيئا إّد ا ،تكاد السموات يتفّطرن منه ،وتنشُق االرض منه ،وتخّRر الجبRال هّد ا ،اّن مRRا جئتم بهRRا
لصلعاء ،وعنقاء سRRوءاء فقمRRاء خرقRRاء شRRوهاء ،كطالع االرض ومالء السRRماء .أفعجبتم أن قطRRرت السRRماء دمRRا؟
ولعذاب االخرة أشّد وأخزى وأنتم ال تنصرون ،فال يستخّفّنكم المهل ،فاّنه ع ّRز وجّRRل ال يحفRRزه البRRدار ،وال يخRRاف
فوت الثار ،كاّل اّن ربكم لبالمرصاد».
قال بشير :فَو هّللا لقد رأيت الناس يومئذ حيارى ،كأّنهم كانوا سكارى ،يبكون ويحزنون ،ويتفّجعون ويتأّسفون ،وقRRد
وضعوا أيديهم في أفواههم .قال :ونظرت إلى شيخ من أهل الكوفة كRRان واقفRRا إلى جنبي ،قRRد بكى حّتى اخضَّRلت
لحيته بدموعه وهو يقول :صدقِت بأبي وأّم ي ،كهولكم خير الكهول،
ص179:
256
وشّبانكم خير الشّبان ،ونساؤكم خير النسوان ،ونسلكم خير نسل ال يخزى وال يبزى.
بفيك الكثكث واالثلب ،افتخرت بقتل قوم زّك اهم هّللا في كتابه وطهرهم وأذهب عنهم الرجس فَأْقِع كمRRا أقعى أبRRوك،
واّنما لكل امرىء ما اكتسب ،أحسدتمونا على ما فّضلنا هّللا تعالى به؟ ذلك فضل هّللا يؤتيه من يشاء ومن لم يجعRRل
.)1 ( 256تاريخ ابن أعثم 226 -221 /5ومقتل الخوارزمي ،42 -40 /2وال يبزى :ال يقهر.
هّللا له نورا فما له من نور .فضّRRج الموضRRع بالبكRRاء والحRRنين وقRRالوا :حسRRبك يRRا ابنة الطّي بين فقد أحRRرقِت قلوبنا
وأضرمِت أجوافنا فسكتت.
خطبة أم كلثوم:
وقال :وخطبت أّم كلثوم بنت علي (ع) وقد غلب عليها البكاء فقالت :يا أهل الكوفة ،سوءة لكم! ما لكم خذلتم حسينا
وقتلتمRRوه ،وانتهبتم أموالRRه وسRRبيتم نسRRاءه ونكبتمRRوه؟! فّتبRRا لكم وسRRحقا .ويلكم أتRRدرون أّي دواه دهتكم! وأّي دمRRاء
سفكتموها! وأّي كريمة أصبتموها! وأّي أموال انتهبتموها! قتلتم خير رجاالت بعد النبي صّلى عليRRه وآلRRه! أال أّن
حزب هّللا هم الفائزون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثّم قالت:
ستجزون نارا حّرها يتوّقد قتلتم أخي صبرا فويل الّم كم
لفي سقر حّقا يقينا تخلدوا أال فابشروا بالنار إنكم غدا
على خير من بعد النبي سيولد واّني البكي في حياتي على أخي
على الخّد مني ذايبا ليس يجمد بدمع غزير مستهّل مكفكف
257
فضّج الناس بالبكاء والنوح.
ص181:
آل رسول هّللا (ص) في دار االمارة
روى الطبري بسنده ،عن ُحميد بن مسلم ،قRال :دعRاني عمRر بن سRعد فسRرحني إلى أهلRه البّش رهم بفتح هّللا عليRه
وبعافيته ،فأقبلت حّتى أتيت أهله فأعلمتهم ذلك ،ثّم أقبلت حّتى أدخل فأجد ابن زياد قد جلس للناس ،وأجRRد الوفد قRRد
قدموا عليه فأدخلهم وأذن للناس فدخلت فيمن دخل ،فإذا برأس الحسين موضوع بين يديه ،وإذا هو ينكت بقضRRيب
بين ثنّيتيه ساعة ،فلّم ا رآه زيد بن أرقم ال ينجم عن نكته بالقضيب ،قال له :أعل بهRRذا القضRRيب عن هاتين الثنّي تين
فَو اّلذي ال إله غيره ،لقد رأيت شفتي رسول هّللا (ص) على هاتين الشفتين يقّبلهما ،ثّم انفضRح الشيخ يبكي فقال لRه
ابن زياد :أبكى هّللا عينيك فَو هّللا لوال أّنك شيخ قد خرفت وذهب عقلRRك لضRRربت عنقك ،قRRال :فنهض فخRRرج ،فلّم ا
خرج سمعت الناس يقولون :وهّللا لقد قال زيد بن أرقم قوال لو سمعه ابن زيRاد لقتلRه فقلت :مRRا قRال؟ قRالوا :مّRRر بنا
وهو يقول؛ مّلك عبد عبدا فاّتخذهم ُتلدا .أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمRRة وأّم رتم ابن مرجانRRة
فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم فرضيتم بالذّل فبعدا لمن رضي بالذّل ،قال :فّلما دخRRل بRRرأس حسRRين وصبيانه
وأخوانه ونسائه على عبيد هّللا بن زياد لبست زينب ابنة فاطمة أرذل ثيابها وتنّك رت وحّفت بها اماؤها ،فلّم ا دخلت
جلست فقال عبيد هّللا بن زياد :من هذه الجالسة؟ فلم تكّلمه ،فقال ذلك ثالثا ،كّRل ذلRك ال تكّلمRه ،فقال بعض امائهRا:
هذه زينب ابنة فاطمة قال :فقال لها عبيد هّللا :الحمRد هّلل الRذي فضRحكم وقتلكم وأكRذب احRدوثتكم .فقالت :الحمRد هّلل
الذي أكرمنا بمحّم د (ص) وطّهرنا تطهيرا ،ال
ص182:
وروى عن ُحميد بن مسلم قال :اّني لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه علي بن الحسين ،فقال له :ما اسمك؟ قال:
أنا علّي بن الحسين ،قال :أو لم يقتل هّللا علّي بن الحسين؟ فسكت .فقال له ابن زياد :ما لَك ال تتكّلم؟ قال :قد كان لي
أخ يقال له أيضا علّي فقتلته الناس .قال :اّن هّللا قد قتله .قال :فسكت علّي .فقال لRRه :مالَRRك ال تتكّلم؟ قRRال :هّللا يتRRوّفى
االنفس حين موتها وما كان لنفس أن تموت إاّل بRاذن هّللا .قRال :أنت وهّللا منهم (ويحRك انظRروا هل أدرك وهّللا اّني
الحسبه رجال) 259قال :فكشف عنه ُم ِّرُّي بن معاذ االحمري فقال :نعم
ص183:
قد أدرك .فقال ُأقُتلُه .فقال علّي بن الحسين :من توّك ل بهؤالء النسوة؟ وتعّلقت بRRه زينب عّم تRRه فقالت :يRRا ابن زيRRاد
حسبك مّنا أما رويت من دمائنا؟ وهل أبقيت مّنا أحدا؟ قال :فاعتنقته فقالت :أسألك باهّلل ان كنت مؤمنا إْن قتلتRRه لّم ا
قتلتني معه .قRال :ونRاداه علّي فقال :يRا ابن زيRاد إن كRانت بينك وبينهم قرابRة فابعث معهّن رجال تقّي ا يصRحبهّن
بصحبة االسالم قال :فنظر اليها ساعة ثّم نظر إلى القوم فقال :عجبا للرحم وهّللا اّني الظّنها وّد ت لRRو أِّني قتلتRRه أّني
قتلتها معه .دعوا الغالم .انطلق مع نسائك.
قال ُحميد بن مسلم :لّم ا دخل عبيد هّللا القصر ودخل الناس نودي الصالة جامعة؛ فاجتمع الناس في المسجد االعظم
فصعد المنبر ابن زياد فقال :الحمد هّلل الذي أظهر الحق وأهلRRه ،ونصRRر أمRRير المؤمRRنين يزيRRد بن معاويRRة وحزبRRه،
وقتل الكّذ اب الحسين بن علّي وشيعته فلم يفRRرغ ابن زيRاد من مقالتRه حّتى وثب إليRه عبRد هّللا بن عفيRف االزدي ثّم
الغامدي ثّم أحد بني والبة -وكان من شيعة علّي كّرم هّللا وجهه وكانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل مع علّي فلّم ا
كان يوم صّفين ضرب على رأسه ضربة واخرى على حاجبه فذهبت عينه االخرى ،فكان ال يكRRاد يفRRارق المسRRجد
االعظم يصّلي فيه إلى الليل ثّم ينصرف -قال :فلّم ا سمع مقالة ابن زياد قال :يا ابن مرجانة! اّن الكّذ اب ابن الكّذ اب
أنت وأبوك والذي واّل ك وأبوه! يا ابن مرجانة! أتقتلون أبناء النبّيين وتكّلمون بكالم الصّد يقين! فقال ابن زياد :علّي
به .قال :فوثبت عليه الجالوزة فأخذوه قال :فنادى بشعار االزد :يا مبرور! قال :وعبد الRRرحمن بن مخنف االزدي
جالس ،فقال :ويح غيرك! أهلكت نفسك وأهلكت قومك ،قال :وحاضر الكوفة يومئذ من االزد سبعمائة مقاتل ،قال:
فوثب إليه فتية من االزد ،فانتزعوه فأتوا به أهله ،فأرسل إليه من أتRRاه بRRه فقتلRRه ،فأمر بصRRلبه في السRRبخة فصRRلب
هناك.
ص184:
.)1 ( 258السجع :الكالم المقفى أو مواالة الكالم على روي واحد ،وقد يطلق الّسجع على الكالم المسجع وسجع الخطيب سجعا نطق بكالم له فواصل
فهو سجاع وسجاعة بتشديد الجيم وهذا ما أراده ابن زياد في قوله وأجابته زينب بأن لها ما يشغلها عن سRRجع الكالم ومRRا جRRاء في النسRRخة( الشجاع
والشجاعة) تحريف.
.)2 ( 259ان علي بن الحسين السجاد كان قد ولد له محمد الباقر( ع) يومذاك ،ومع هذا ال يستقيم هذا القول وهذه الجملRRة زيRRادة في الروايRRة لم تRRرد
ضمن رواية الطبرسي في إعالم الورى.
رأس االمام يدار في سكك الكوفة:
قال أبو مخنف :ثّم إن عبيد هّللا بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة فجعل يدار به في الكوفة.
ص185:
اخبار مدينة الرسول (ص) بقتل سبط الرسول (ع)
وروى الطبري بسنده عن عوانة بن الحكم قال :لّم ا قتل عبيد هّللا بن زياد الحسين بن علي ،وجيء برأسه إليه ،دعا
عبد الملك بن أبي الحارث السلمي فقال :انطلق حّتى تقدم المدينة على عمRRرو بن سRRعيد بن العRRاص ،فبّش ره بقتRل
الحسين ،وكان عمرو بن سعيد بن العاص أمRRير المدينة يومئذ .قRRال :فذهب ليعتRRل لRRه فزجRRره وكRRان عبيRRد هّللا ال
يصطلى بناره ،فقال :انطلق حّتى تأتي المدينة وال يسRRبقك الخRRبر ،وأعطRRاه دنRRانير وقRRال :ال تعتّRRل وان قRRامت بRRك
راحلتك فاكتر راحلة قال عبد الملك :فقدمت المدينة فلقيRRني رجRRل من قRRريش فقال :مRRا الخRRبر؟ فقلت :الخRRبر عند
االمير .فقال :أّنا هّلل وإّنا إليه راجعون ،قتل الحسين بن علي ،قال :فدخلت على عمRرو بن سRعيد فقال :مRا وراءك؟
فقلت :ما َس َّر االمير ،قتل الحسين بن علي ،فقال :ناد بقتله ،فناديت بقتله ،فلم أسمع وهّللا واعية قّط مثل واعيRRة نس ِRأ
بني هاشم في دورهّن على الحسين! فقال عمرو بن سعيد وضحك:
كعجيج نسوتنا غداة االرنب عّجت نساء بني زياد عّجة
واالرنب وقعة كانت لبني زبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب من رهط عبد المRRدان وهذا الRRبيت لعمRRرو
بن معدي كرب ثّم قال عمرو :هذه واعية بواعية عثمان بن عّفان ،ثّم صعد المنبر فأعلم الناس قتله.
وفي االغاني :أمر عمرو صاحب شرطته على المدينة بعد خروج الحسين
ص186:
260
ان يهدم دور بني هاشم ففعل وبلغ منهم كّل مبلغ.
وروى الطبري بسنده وقال :لّم ا بلغ عبRRد هّللا بن جعفRRر بن أبي طRRالب مقتRRل ابنيRRه مRRع الحسRRين ،دخRRل عليRRه بعض
مواليه والناس يعّز ونه قال -:وال أظّن مواله ذلك إاّل أبا اللسالس-؛ فقال :هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين .قال:
فحذفه عبد هّللا بن جعفر بنعله ،ثّم قال :يا ابن اللخناء! أللحسRRين تقول هذا؟! وهّللا لRRو شRRهدته الحببت أن ال ُأفارقRRه
حتى ُأقتل معه ،وهّللا اّنه لّم ما يسخي بنفسي عنهما ،ويهون علّي المصRRاب بهمRRا ،أّنهمRRا ُأصيبا مRRع أخي وابن عّم ي
بمصرع الحسين .إاّل يكن آست حسينا يدي فقد آساه ولدي قال :ولّم ا أتى أهل المدينة مقتRRل الحسRRين خRRرجت ابنة
عقيل بن أبي طالب ومعها نساؤها وهي حاسرة تلوى بثوبها وهي تقول:
ماذا فعلتم وأنتم آخر االمم ماذا تقولون إن قال النبّي لكم
ص189:
استقبال الخليفة وعاصمته الل الرسول (ص)
استقبال خليفة المسلمين رؤوس آل رسول هّللا (ع) وأنصارهم:
في تذكرة سبط ابن الجوزي :روى عن الزهري ،قال :لّم ا جاءت الرؤوس كان يزيد في منظرة على ُر َبى جRRيرون
فأنشد لنفسه:
تلك الشموس على ُربى جيرون لّم ا بدت تلك الحمول وأشرقت
ص192:
دخول أسرى آل الرسول (ص) عاصمة الخالفة االسالمّية
.)1 ( 265تذكرة الخواص ،148 /2وجيرون كان خارج دمشق ،راجع مادة جيرون من معجم البلدان.
.)1 ( 266مثير االحزان ص ،77واللهوف ص .67
.)1 ( 267مقتل الخوارزمي .61 -60 /2
روى ابن أعثم وغيره 268واللفظ البن أعثم ،قال :وأتي بحرم رسول هّللا (ص) حتى ُأدخلRRوا مدينة دمشق من بRRاب
يقال له :باب توما ،ثّم أتي بهم حّتى وقفوا على درج باب المسجد حيث يقام السبي وإذا شيخ قد أقبRRل حّتى دنRRا منهم
وقRRال :الحمRRد هّلل اّل ذي قتلكم وأهلككم وأراح الرجRRال من سRRطوتكم وأمكن أمRRير المؤمRRنين منكم! فقال لRRه علّي بن
الحسين :يا شيخ هل قرأت القرآن؟ فقال :نعم قد قرأته ،قال :فعرفت هذه االية قRل ال أسRألكم عليRه أجRرا إاّل المRوّد ة
في القربى؟ 269قال الشيخ :قد قرأت ذلك ،قال علي بن الحسين رضRRي هّللا عنه :فنحن القربى يRRا شRRيخ ،قRRال :فهRRل
قرأت في سورة بني اسرائيل وآت ذا القربى حّقه؟ 270قال الشيخ :قد قRRرأت ذلRRك ،فقال علّي رضRRي هّللا عنه :نحن
271
القربى يا شيخ ،ولكن هل قرأت هذه االية :وأعلموا أّنما غنمتم من شيء فاّن هّلل خمسه وللرسول ولRذي القربى؟
[قال الشيخ :قد قرأت ذلك،
ص193:
قال علي 272]:فنحن ذو القربى يا شيخ ،ولكن هل قرأت هذه االية :اّنما يريRRد هّللا ليRRذهب عنكم الRRرجس أهل الRRبيت
ويطّهركم تطهيرا؟ 273قال الشيخ :قد قرأت ذلك ،قال علي :فنحن أهل الRRبيت الRRذين خّصصRRنا بآيRRة التطهRRير .قRRال:
فبقي الشيخ ساعة ساكتا نادما على ما تكّلمه ثّم رفع رأسه إلى السماء وقال :الّلهم إّني تRRائب إليRRك مّم ا تكلمتRRه ومن
بغض هؤالء القوم ،اللهم إّني أبرأ إليك من عدّو محّم د وآل محّم د من الجّن واالنس.
ص194:
وبنت رسول هّللا ليس لها نسل سمّية أمسى نسلها عدد الحصى
275
فضرب يزيد في صدر يحيى وقال :اسكت
بين السجاد (ع) ويزيد:
.)1 ( 268فيتRRاريخ ابن أعثم ،243 -242 /5وذكرها الطRRبري متفرقRة في تفسRRير االيRRات بتفسRRيره وبعضRه بتفسRRير ابن كثRRير ،112 /4ومقتRRل
الخوارزمي ،61 /2ويختلف سياق اللهوف ص ،67وأمالي الصدوق ص 116مع هذا السياق ،كان باب توما في الشمال الشرقي من مدينة دمشق،
راجع الخريطة الملحقة بالمجلدة الثانية من تاريخ دمشق.
.)2 ( 269سورة الشورى االية .23
.)3 ( 270سورة االسراء االية .26
.)4 ( 271سورة االنفال االية .41
.)1 ( 272هكذا جاء في النسخة.
.)2 ( 273االحزاب .33
.)3 ( 274تذكرة خواص االمة ص ،149وفي اللهوف ،ومثير االحزان ص 79واللفظ للتذكرة.
.)1 ( 275الطبري ط .أوربا .377 /2
وفي مثير االحزان وغيره ،فقال علّي بن الحسRين :أتRأذن لي في الكالم؟ فقال :قRل وال تقل هجRرا! فقال علّي بن
الحسين :لقد وقفت موقفا ال ينبغي لمثلي أن يقول الهجر ،ما ظّنك برسRRول هّللا لRRو رآني في غّRRل؟ فقال لمن حولRRه:
276
حّلوه.
وفي تاريخ الطبري وغيره :قال يزيد لعلي بن الحسRRين :أبRوك اّل ذي قطRع رحمي وجهRRل حّقي ونRازعني سRRلطاني
فصنع هّللا به ما قد رأيت.
قال علّي :ما أصابكم من مصيبة في االرض وال في أنفسكم إاّل في كتاب من قبل أن نبرأها.
فقال يزيد البنه خالد :أردد عليه ،قال :فما درى خالد ما يرّد عليه ،فقال له يزيد :قل :مRRا اصابكم من مصRRيبة فبمRRا
كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ،ثّم سكت عنه.
حبر من اليهود يستنكر على يزيد:
في فتوح ابن أعثم ،قال :فالتفت حبر من أحبار اليهود وكان حاضرا فقال :من هذا الغالم يا أمRRير المؤمRRنين؟ فقال:
هذا ،صاحب الرأس أبوه .قال :ومن هو صاحب الرأس يا أمير المؤمنين؟ قال :الحسين بن علّي بن أبي
ص195:
طالب ،قال :فمن أّم ه؟ قال :فاطمة بنت محّم د (ص).
فقال الحبر :يا سبحان هّللا هذا ابن (بنت) نبّيكم قتلتموه في هذه السرعة؟ بئس ما خّلفتموه في ذريتRه ،وهّللا لRو خّل ف
فينا موسى بن عمران سبطا من صلبه لكّنا نعبده من دون هّللا ،وأنتم إَّنما فارقكم نبّيكم باالمس فوثبتم على ابن نبّيكم
فقتلتموه .سوءة لكم من اّم ة! قال :فأمر يزيRد بكٍّRر 277في حلقه ،فقال الحRبر :ان شRئتم فاضRربوني أو فاقتلوني أو
قّرروني ،فاّني أجد في التوراة أنه من قتل ذرّية نبي ال يزال مغلوبا أبدا ما بقي ،فإذا مات يصليه هّللا نار جه م.
ّن 278
وفي تذكرة خواّص االّم ة« :المشهور عن يزيد في جميع الروايات أّنه لّم ا حضر الرأس بين يديه جمRRع أهل الشام
وجعل ينكت عليه بالخيزران ويقول أبيات ابن الزبعري:
وقعة الخزرج من وقع االسل ليت أشياخي ببدر شهدوا
.)1 ( 281في فتوح ابن أعثم «241 /5المنطق» ،وفي غيره« الثغر» كما أثبتناه.
.)1 ( 282اللهوف ،ص .69
وعدلنا ميل بدر فاعتدل قد قتلنا القرن من ساداتهم
283
من بني أحمد ما كان فعل». لست من خندف ان لم أنتقم
ص198:
قال المؤّلف :لّم ا كانت أبيات ابن الزبعري مشهورة ترويه الرواة قبل تمّثل يزيد ببعضها ثّم تمّثل بها يزيد وأضاف
إليها االبيات الثاني والرابع والخامس فأخذها الرواة عنه وأحيانا أضافوا إلى ما أنشده يزيد ما كان في ذاكرتهم من
أصل االبيات ومن ثّم حصل بعض االختالف في الفاظ الروايات.
كما أّننا نعرف من رواية االمام زين العابدين االنفة والRتي ورد فيهRا (أّن يزيRد كRان يّتخRذ مجRالس الشرب ويRأتي
برأس الحسينويضعه بين يديه سبب تعّد د ما روي من قصص عن مجلس يزيد عندما كان رأس الحسين أمامه.
خطبة حفيدة رسول هّللا (ص) في مجلس الخالفة:
في مثير االحزان واللهوف بعده 284:فقامت زينب بنت علي بن أبي طالب ،فقالت :الحمد هّلل رّب العRRالمين ،وصّلى
هّللا على رسوله وآله أجمعين ،صدق هّللا سبحانه حيث يقول :ثّم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كّذ بوا
ص199:
بآيات هّللا وكانوا بها يستهزئون .أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار االرض ،وآفاق السRRماء ،فأصبحنا نسRRاق
كما تسRاق االسRارى؛ اّن بنا على هّللا هوانRا ،وبRك عليRه كرامRة ،وان ذلRك لعظم خطRرك عنده؟ فشمخت بأنفRك،
ونظرت في عطفك ،جRRذالن مسRRرورا ،حين رأيت الRRدنيا لRRك مستوسRRقة ،واالمRRور مّتسRRقة ،وحين صفا لRRك ملكنا
وسلطاننا فمهال مهال ،أنسيت قول هّللا تعالى :وال تحسبّن اّل ذين كفRRروا اّنمRRا نملي لهم خRRيٌر النفسRRهم إّنمRRا نملي لهم
ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين؟
«أمن العدل يا ابن الطلقاء ،تخديرك حرائرك وإماءك؟ وسوقك بنات رسول هّللا سبابا ،قد ُهتكت ستورهّن ،وُأبديت
وجوههّن ،تحدو بهَّن االعداء من بلRد إلى بلRد ،ويستشرفهّن أهل المناهل والمعاقRل ،ويتصّRفح وجRوههَّن القريب
.)2 ( 283ان أبيات ابن الزبعري جاءت في سيرة ابن هشام ،97 /3وشرح نهج البالغة البن أبي الحديد ،382 /2وجاء في ما تمثل بRRه يزيRRد في
فتوح ابن أعثم 241 /5بعد البيت الثاني:
حين ألقت بقبRRاء بركهاواسRRتحَّر القتRRل في عبRRد االشRRل وهذا من أبيRRات ابن الزبعRRري ،وكRRذلك جRRاء في تRRاريخ ابن كثRRير ،192 /8وجRRاء في مقتRRل
الخوارزمي 58 /2قبل البيت االّو ل:
إّنما تندب أمرا قد فعل يا غراب البين ما شئت فقل
وفي نسختنا من مثير االحزان ص 80سقط البيت الرابع ،وفي تاريخ ابن كثير ،204 /8رواها عن تاريخ ابن عساكر عن ريا حاضنة يزيد واكتفى
بذكر البيت االول ،واكتفى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص 120بذكر البيت االول والثالث .وذكرنا في المتن لفظ تذكرة خRRواص االمRRة ص ،148
وراجع أيضا طبقات فحول الشعراء ص ،200وسمط النجوم العوالي ،199 /3فقد روى عنهما بهامش فتوح ابن أعثم ،وراجع أيضا االمRRالي البي
علي القالي .142 /1
.)1 ( 284مثير االحزان ص ،80واللهوف ص .70
والبعيد ،والدنّي والشريف ،ليس معهّن من حماتهّن حمّي وال من رجالهّن ولّي ،وكيف يرتجى مراقبة من لفRظ فوُه
أكباد االزكياء ،ونبت لحمه من دماء الشهداء ،وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنآن،
واالَح ِن واالضغان ،ثّم تقول غير متأثم وال مستعظم:
ثّم قالوا يا يزيد ال تشّل الهّلوا واستهلوا فرحا
منحنيا على ثنايا أبي عبد هّللا سيد شباب أهل الجّن ة تنكتهRا بمخصRرتك وكيRف ال تقول ذلRك ،وقRد نكRأت القرحRة،
وأستاصلت الشأفة ،بإراقتك دماء ذرّية محّم د (ص) ونجوم االرض من آل عبد الّم طلب ،وتهتف بأشRRياخك زعمت
أّنك تناديهم فلتردّن وشيكا موردهم ،ولتوّدّن أّنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت».
اللهم خذ لنا بحّقنا ،وانتقم ّم من ظلمنا ،واحلل غضبك بمن سفك دماءنا ،وقتل حماتنا .فَو هّللا ما فريت إاّل جلRRدك ،وال
حززت إاّل لحمك ،ولتردّن على رسول هّللا (ص) بما تحّم لت من سفك دماء ذّريّته ،وانتهكت من حرمته في
ص200:
عترته ولحمته ،حيث يجمع هّللا شملهم ،ويلّم شعثهم ويأخذ بحّقهم؛ (وال تحسبّن اّلذين قتلRRوا في سRRبيل هّللا أمواتRRا بRRل
أحياء عند رّبهم يرزقون).
«وحسبك باهّلل حاكما ،وبمحّم د (ص) خصيما ،وبجبريل ظهيرا ،وسيعلم من سّول لك ومَّك نك من رقRاب المسRلمين
بئس للظالمين بدال ،وأّيكم شّر مكانا واضعف جندا ،ولئن جّRRرت علّي الRRدواهي مخاطبتRRك ،إّني الستصRRغر قRRدرك
واستعظم تقريعك ،واستكثر توبيخك ،ولكن العيون عبرى ،والصدور حّرى .أال فالعجب كّل العجب لقتل حزب هّللا
النجباء ،بحزب الشيطان الطلقاء ،فهذه االيدي تنطف من دمائنا ،واالفواه تتحّلب من لحومنا ،وتلك الجثث الطواهر
الزواكي تنتابها العواسل ،وتعفرها أّم هات الفراعل ،ولئن اتخذتنا مغنما ،لتجدنا وشيكا مغرمRRا ،حين ال تجRRد إاّل مRRا
قّد مت يداك وما رُّبك بظاّل م للعبيد ،وإلى هّللا المشتكى وعليه المعّول».
«فكد كيدك ،واسع سعيك ،وناصب جهدكَ ،فوهّللا ال تمحو ذكرنا ،وال تميت وحينا ،وال ُيرحض عنك عارها ،وهل
رأيك إاّل فند وأّيامك إاّل عدد ،وجمعك إاّل بدد ،يوم ينادي المنادي أال لعنة هّللا على الظالمين».
«والحمد هّلل رّب العالمين ،الذي ختم الّولنا بالسعادة والمغفرة ،والخرنا بالشهادة والرحمة ،ونسأل هّللا أن يكمل لهم
الثواب ،ويوجب لهم المزيد ،ويحسن علينا الخالفة ،اّنه رحيم ودود ،وهو حسبنا ونعم الوكيل».
فقال يزيد:
ما أهون النوح على النوائح يا صيحة تحمد من صوائح
.)1 ( 285تاريخ الطبري ط .أوربا مسلسل ،382 /2ومقتل الخوارزمي .74 /2
286
وفي ِس َيِر أعالم النبالء وتاريخ ابن كثير وغيرهما :اّن رأس الحسين صلب بمدينة دمشق ثالثة أّيام.
رأس سبط الّرسول (ص) ُيهدى إلى عصبة الخالفة بمدينة الرسول (ص):
287
قال البالذري والذهبي :ثّم بعث يزيد رأسه إلى المدينة.
فقال عمرو بن سعيد :وددت وهّللا أّن أمير المؤمنين لم يبعث إلينا برأسه .فقال مروان :بئس وهّللا مRRا قلت! هاتRRه ،ثّم
أخذ الرأس وقال:
288
ولونك االحمر في الخدين يا حّبذا بردك في اليدين
وقال فجيء برأس الحسين فنصب فصرخ نساء آل أبي طالب ،فقال مروان:
كعجيج نسوتنا غداة االرنب عّجت نساء بني زبيد عّجة
ص202:
قال :وقام ابن أبي حبيش وعمرو يخطب ،فقال :رحم هّللا فاطمة ،فمضى عمرو في خطبتRRه شRRيئا ،ثّم قRRال :واعجبRRا
لهذا االلثغ ،وما أنت وفاطمة؟ قال :اّم ها خديجة .قRال :نعم وهّللا وابنة محّم د أخRذتها يمينا وشRRماال ،وددت وهّللا أّن
290
أمير المؤمنين كان نّحاه عّني ولم يرسل به إلَّي ،وددت وهّللا أّن رأس الحسين كان على عنقه وروحه في جسده.
291
وقال :ثّم رّد إلى دمشق.
خطبة السجاد (ع) في مسجد دمشق:
وفي فتوح ابن أعثم ومقتل الخوارزمي :اّن يزيد أمر الخطيب أن يرقى المنبر ويثني على معاويRRة ،ويزيRRد ،وينال
من االمام علّي واالمام الحسين ،فصعد الخطيب المنبر ،فحمد هّللا وأثنى عليRه ،وأكRثر الوقيعRة في علّي والحسRين،
وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد ،فصاح به علي بن الحسين :ويلك أّيها الخاطب! اشتريت رضRRا المخلRRوق بسRRخط
الخالق؛ فتبّوأ مقعدك من النار .ثّم قال :يا يزيد ائذن لي حّتى أصعد هذه االعRRواد ،فأتكّلم بكلمRRات فيّهن هّلل رضRRا،
ولهؤالء الجالسين أجر وثواب .فأبى يزيد ،فقال الناس :يا أمير المؤمنين أئذن له ليصعد ،فعّلنا نسمع منه شيئا فقال
لهم :ان صعد المنبر هذا لم ينزل إاّل بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان ،فقالوا :وما قدر ما يحسRRن هذا؟ فقال :اّن ه
من أهل بيت قد زّقوا العلم زّقا .ولم يزالوا به حتى أذن له بالصعود فصعد المنبر فحمد هّللا واثنى عليه وقال:
ص203:
.)2 ( 286سير أعالم النبالء ،216 /3ومقتل الخوارزمي ،75 /2وتاريخ ابن كثير ،204 /8وتاريخ ابن عساكر الحRRديث ،296وراجRRع خطRRط
المقريزي ،289 /2واالتحاف بحب االشراف ص .23
.)3 ( 287أنساب االشراف ص .219
.)4 ( 288أنساب االشراف ص ،217وتاريخ اال سالم .351 /2
.)5 ( 289أنساب االشراف ص ،218وتذكرة خواص االمة ص ،151وفي أمالي الشجري ص 186 -185بايجRRاز ،ودوسRRر :اسRRم كتيبRRة كRRانت
للنعمان بن المنذر ملك الحيرة وكانت أشد بطشا ،حتى قيل في المثل« أبطش من دوسر» وكتيبة دوسر ودوسرة :مجتمعة.
.)1 ( 290أنساب االشراف ص .218
.)2 ( 291أنساب االشراف ص .219
قال المؤلف :ان البالذري لم يكتب خطبة عمرو بن سعيد لنعرف سبب اعRتراض ابن أبي حRRبيش عليRRه ،وقRد مRRر بي في مRRا قRرأت أنRRه خRRاطب قRبر
الرسول ،وقال :يوم بيوم بدر.
أّيها الّناسُ ،أعطينا سّتا وُفّضلنا بسبعُ :أعطينا العلم ،والحلم ،والسماحة والفصRRاحة ،والشجاعة والمحّب ة في قلRRوب
المؤمنين ،وُفّضلنا بأّن مّنا النبي المختار محّم دا (ص) ،ومّنا الصّد يق ،ومّنا الطيار ،ومّن ا أسRRد هّللا وأسRRد الرسRRول،
ومّنا سّيدة نساء العالمين فاطمة البتول ،ومّنا سبطي هذه االّم ة وسّيدي شباب أهل الجّنة؛ فمن عرفني فقد عرفني،
ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي:
أنا ابن مّك ة ومنى ،أنا ابن زمزم والصفا ،أنا ابن من حمل الزكاة بأطراف الرداء ،أنا ابن خير من ائتزر وارتRRدى،
أنا ابن خير من انتعل واحتفى ،أنا ابن خير من طاف وسعى ،أنا ابن من حّج ولّبى ،أنRRا ابن من حمRRل على الRRبراق
في الهواء ،أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد االقصى ،فسبحان من أسRRرى ،أنRRا ابن من بلRRغ بRRه
جبرئيل إلى سدرة المنتهى ،أنا ابن من دنا فتدّلى فكان قاب قوسين أو أدنى ،أنRRا ابن محّم د المصRRطفى ،أنRRا ابن من
ضرب خراطيم الخلق حّتى قالوا ال إله إاّل هّللا ،أنا ابن من بايع البيعتين ،وصّلى القبلتين ،وقاتRRل ببRRدر وحRRنين ،ولم
يكفر باهّلل طرفة عين ،يعسوب المسلمين ،وقاتل الناكثين والقاسRRطين والمRRارقين ،سRRمح سRRخي ،بهلRRول زكّي ،ليث
الحجاز وكبش العراق ،مكّي مدنّي ،أبطحّي تهامّي ،خيفّي عقبّي ،بدرّي ،أحدّي ،شجرّي مهRRاجرّي ،أبي السRRبطين،
الحسن والحسين ،علي بن أبي طالب ،أنا ابن فاطمة الزهراء ،أنا ابن سّيدة النساء ،أنا ابن بضعة الرسول ...
قال :ولم يزل يقول أنا أنا حّتى ضّج الناس بالبكRRاء والنحيب ،وخشي يزيRRد أن تكRRون فتنة فأمر المRRؤّذ ن أن يRRؤّذ ن
فقطع عليه الكالم وسكت ،فلّم ا قRRال المRRؤذن :هّللا أكRRبر .قRRال علي بن الحسRRين :كّب رت كبRRيرا ال يقاس ،وال يRRدرك
بالحواّس ،وال شيء أكبر من هّللا ،فلّم ا قال :أشRهد أن ال إلRه إاّل هّللا ،قRال علي :شRهد بهRا شRعري وبشري ،ولحمي
ودمي وُم ّخ ي وعظمي ،فلّم ا قال أشهد أن محّم دا رسول هّللا التفت علي من أعلى المنبر إلى يزيRRد وقRRال :يRRا يزيRRد!
محّم د هذا
ص204:
جّد ي أم جّد ك؟ فان زعمت أّنه جّد ك فقد كذبت ،وان قلت اّنه جّد ي فِلَم قتلت عترته؟ قRRال وفرغ المRRؤّذ ن من االذان
292
واالقامة فتقّد م يزيد وصّلى الظهر.
.)1 ( 292فتوح ابن أعثم ،249 -247 /5ومقتل الخوارزمي ،71 -69 /2وقد أوجزنا لفظ الخطبة.
.)2 ( 293فتوح ابن أعثم .250 -249 /5
أرجاع ذرّية الرسول (ص) إلى مدينة جّد هم
لم يكن ما جرى في عاصمة أمّية بعد وصول سبايا آل الرسول إليها في صالح حكم آل أمّية فرأى يزيد أن يرجعهم
إلى مدينة جّد هم مع نعمان بن بشير .كما قال الطبري وغيره والّلفظ للطبري:
قال يزيد بن معاوية :يا نعمان بن بشير! جِّه ْز هم بمRRا يصRRلحهم ،وابعث معهم رجال من أهل الشام أمينا صالحا،
وابعث معه خيال وأعوانا فيسير بهم إلى المدينة ،ثّم أمر بالنسRوة أن يRنزلن في دار على حRدة ،معهّن مRا يصRلحهّن
وأخوهّن معهّن علي بن الحسين في الدار التي هّن فيها ،قال :فخرجن حّتى دخلن دار يزيد ،فلم تبق من آل معاويRRة
امرأة إاّل استقبلتهّن تبكي وتنوح على الحسين ،فأقاموا عليه المناحة ثالثا.
قال :فدعا ذات يوم عمرو بن الحسن بن علّي وهو غالم صغير فقال لعمRRرو بن الحسRRن :أتقاتRRل هذا الفRRتى -يعRRني
خالدا ابنه -قال :ال ولكن أعطني سكينا واعطه سRRكينا ثّم أقاتلRRه .فقام لRRه يزيRRد وأخRRذه فضّRم ه إليRRه ثّم قRRال :شنشنة
أعرفها من أخزم ،هل تلد الحّية إاّل حّية ،قال :ولّم ا أرادوا أن يخرجRوا أوصى بهم ذلRك الرسRول .قRال :فخRرج بهم
وكان يسايرهم بالليل فيكونون أمامه حيث ال يفوتون طرفه ،فإذا نزلRوا تنّحى عنهم وتفّRرق هو وأصحابه حRولهم
كهيئة الحرس لهم وينزل منهم بحيث إذا أراد إنسان منهم وضوءا أو قضاء حاجة لم يحتشم ،فلم يRRزل ينازلهم في
الطريق هكذا ويسألهم عن حوائجهم ويلطفهم.
ص206:
وصول آل الرسول إلى كربالء:
في مثير االحRزان واللهRوف :اّن آل الرسRول لّم ا بلغRوا العRراق طلبRوا من الRدليل ان يمّRر بهم على كRربالء ،فلّم ا
وصلوا مصرع الشهداء وجدوا جابر بن عبد هّللا االنصاري وجماعRRة من بRRني هاشRRم قRRدموا لزيRRارة قRRبر الحسRRين،
فوافوا في وقت واحد فتالقوا بالحزن والبكاء ،واجتمع إليهم نساء ذلك السواد وأقاموا على ذلRRك أّيامRRا ،ثّم انفصRRلوا
من كربالء قاصدين مدينة جدهم.
إقامة العزاء خارج المدينة:
روى بشير بن جذلم وقال :لّم ا قربنا من المدينة حّط علي بن الحسين رحله وضرب فسطاطه وأنRزل نسRاءه وقRال:
يا بشير! رحم هّللا أباك لقد كان شاعرا فهل تقدر على شRRيء منه؟ فقال :بلى يRRا ابن رسRRول هّللا (ص) اّني شRRاعر.
فقال (ع) :ادخل المدينة وانع أبا عبد هّللا .
قال بشير :فركبت فرسRRي وركضRRت حّتى دخلت المدينة ،فلّم ا بلغت مسRRجد النبي (ص) رفعت صوتي بالبكRRاء
وأنشأت أقول:
قتل الحسين فأدمعي مدرار يا أهل يثرب ال مقام لكم بها
قال :ثّم قلت :هذا علي بن الحسRين (ع) مRع عّم اتRه وأخواتRه قRد حّل وا بسRاحتكم ونزلRوا بفنائكم وأنRا رسRوله إليكم
أعّرفكم مكانه ،قال :فلم يبق في المدينة مخّد رة وال محّجبة إاّل برزن من خدورهّن وهّن بين باكية ونائحة والطمة،
فلم ُير يوم أّم ر على أهل المدينة منه ،وسألوه :من أنت؟ قال :فقلت :أنا بشير ابن جRRذلم ،وَّجهRRني علي بن الحسRRين
وهو نازل في موضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد هّللا ونسائه ،قال :فتركوني مكRRاني وبRRادروني ،فضRRربت فرسRRي
حتى رجعت إليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسي وتخَّطيُت
ص207:
رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط ،وكRان علي بن الحسRين داخال فخRرج وبيRده خرقRة يمسRح بهRا دموعRه
وخادم معه كرسّي فوضعه وجلس وهو مغلوب على لوعته ،فعّز اه الناس فأومRRأ إليهم أن اسRRكتوا فسRRكنت فورتهم
فقال :الحمد هّلل رّب العالمين مالك يوم الدين ،بارىء الخالئق أجمعين ،الذي َبُعد فارتفع في السموات العلى وقRRرب
فشهد النجوى ،نحمده على عظائم االمور وفجائع الدهور ،وجليل الرزء وعظيم المصRRائب .أّيهRRا القوم أّن هّللا ولRRه
الحمد ابتالنا بمصيبة جليله ،وثلمة في االسالم عظيمة ،قتل أبو عبRRد هّللا وعترتRRه ،وسRRبي نسRRاؤه وصبيته ،وداروا
برأسه في البلدان من فوق عالي السنان ،أّيها الناس فأّي رجاالت يسّرون بعد قتله؟ أّي ة عين تحبس دمعهRRا وتضRRن
عن انهمالها ،فلقد بكت السRبع الشداد لقتلRه ،وبكت البحRار والسRRموات واالرض واالشRRجار والحيتRان ،والمالئكRRة
المقّربون وأهل السموات أجمعون .أّيها الناس أّي قلب ال ينصدع لقتله؟ أم أّي فؤاد ال يحّن إليه؟ أم أّي سRRمع يسRRمع
هذه الثلمة التي ثلمت في االسالم فال ُيَص ُّم ؟
أّيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين ،مذّو دين شاسعين ،كأّنا أوالد ترك أو كابRRل ،من غRRير جRRرم اجترمناه ،وال
مكروه ارتكبناه ،ما سمعنا بهذا في آبائنا االّولين ان هذا إاّل اختالق ،وهّللا لو أّن النبي تقّد م إليهم في قتالنا كمRRا تقّد م
إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوه ،فاّنا هّلل وإّنا إليه راجعون.
294
فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان وكان زمينا فاعتذر إليه فقبل عذره وشكر له ،وترّحم على أبيه.
بعد وصولهم إلى المدينة:
روى الطبري بسنده عن الحارث بن كعب ،قال :قالت لي فاطمة بنت
ص208:
علّي :قلت الختي زينب :يا ُأخَّيُة لقد أحسن هذا الرجل الشامي إلينا في صحبتنا فهل لك أن نصRRله؟ فقالت :وهّللا مRRا
معنا شيء نصله به إاّل حلّينا قRالت لهRا :فنعطيRه حلّينا قRالت :فأخRذت سRواري ودملجي ،وأخRذت أخRتي سRوارها
ودملجها ،فبعثنا بذلك إليه واعتذرنا إليه وقلنا له :هذا جزاؤك بصحبتك اّيانا بالحسن من الفعل .قال :لRRو كRRان اّل ذي
صنعت اّنما هو للRRدنيا كRRان في حلّيكّن مRRا يرضRRيني ودونRRه ،ولكن وهّللا مRRا فعلتRRه إاّل هّلل ولقرابتكم من رسRRول هّللا
295
(ص).
299
ثّم أمر المغّنين فغّنوا به.
قال المؤلف :نرى المقصود من ابن زياد في شعر يزيد اّنما هو عبيد هّللا وليس بأخيه سلم كما ذكره ابن أعثم وقال:
اّن يزيد قال له :لقد وجبت محبَّتكم يا بRRني زيRRاد على آل سRRفيان ،ثّم قRRال :يRRا غالم أطعمنا ،فقّد مت المائRRدة فطعمRRا
جميعا ،فلّم ا أكال دعا يزيد بالشراب ،فلّم ا دارت الكأس التفت يزيد إلى ساقيه
ص211:
.)1 ( 296اللهوف ص ،80وفي مثير االحزان ص 92بايجاز.
.)2 ( 297تاريخ اليعقوبي .259 /2
.)1 ( 298فتوح ابن أعثم .252 /5
.)2 ( 299المسعودي ،مروج الذهب .67 /3
وجعل يقول:
300
وعلى ثغر مغنم وجهاد موضع العدل واالمانة عندي
فاّن هذا القول من يزيد يناسب عبيد هّللا وليس أخاه سلما ،ولعّله أنشد البيتين لالخوين في مجلسين للشرب.
ويؤيد ذلك ما قاله سبط ابن الجRوزي في التRذكرة فاّن ه قRال :إسRتدعى ابن زيRاد إليRه وأعطRاه أمRواال كثRيرة وتحفRا
عظيمة ،وقرب مجلسه ورفع منزلته ،وأدخله على نسائه وجعله نديمه ،وسكر ليلRRة وقRRال للمغّني غن ثّم قRRال يزيRRد
301
بديها :اسقني شربة ....
قال المؤّلف :هكذا كان عطاؤه وحباؤه لقائد جنده ،أّم ا عطاؤه للجنود فقد ذكRRره البالذري وقRRال :كتب يزيRRد إلى ابن
302
زياد :أّم ا بعد ،فزد أهل الكوفة أهل السمع والطاعة في أعطياتهم مائة مائة.
عاش قتلة الحسين هكذا في حبور وسرور واستبشار حّتى إذا ظهرت آثار أفعالهم ندموا على ما فعلوا.
ب -ندم عصبة الخالفة بعد ظهور نتائج أفعالهم:
قال ابن كثير وغيره واللفظ البن كثير :لّم ا قتل ابن زياد الحسين ومن معRRه وبعث برؤوسRRهم إلى يزيRRد ،سّRRر بقتلهم
أّوال ،وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده ،ثّم لم يلبث إاّل قليال حتى ندم وقال :بّغ ضني بقتله إلى المسلمين ،وزرع
ص212:
303
في قلوبهم العداوة فأبغضني البّر والفاجر.
وكذلك يظهر ندم ابن زياد وعمر بن سعد وسائر قتلة آل رسول هّللا مما جاء في كتب التواريخ ،وقRRد أعرضRRنا عن
نقلهRا رومRا لالختصRار .واّنمRا نRدموا من فعلهم بسRبب مRا رأوا من آثار سRخط المسRلمين عليهم أّوال ،ثّم لثRورات
المسلمين المستمّر ة عليهم بعد ذلك كما نشرحه في الباب االتي بحوله تعالى.
ص213:
الفصل الثاني :ثورات أهل الحرمين وغيرهم بعد استشهاد االمام الحسين (ع)
ص215:
ثورة أهل الحرمين
أّن أهل العراق غدر فجر إاّل قليال ،واّن أهل الكوفة شرار أهل العراق ،وإنهم دعوا حسينا لينصروه ويوّلوه عليهم؛
فلّم ا قدم عليهم ثاروا إليه فقالوا له :إّم ا أن تضع يدك في أيدينا فنبعث بك إلى ابن زياد ابن سمّية سلما فيمضي فيRRك
حكمه ،وإّم ا أن ُتحارب ،فرأى وهّللا أَّنه هو وأصحابه قليل في كثير وان كان هّللا عّز وجّل لم يطلع على الغيب أحدا
اّنه مقتول ولكّنه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة فرحم هّللا حسينا وأخزى قاتل حسين ،لعمري لقد كان من
خالفهم اّياه وعصيانهم ما كان في مثله واعظ ونRاه عنهم ،ولكّن ه مRRا حّم نRازل ،وإذا أراد هّللا أمRRرا لن ُي دَفع ،أفبعRRد
الحسين نطمئّن إلى هؤالء القوم ونصّد ق قولهم ونقبل لهم عهدا؟ ال ،وال نراهم لذلك أهال ،أما وهّللا لقد قتلوه طRRويال
بالليل قيامه ،كثيرا في النهار صيامه ،أحّق بما هم فيه منهم ،وأولى به في الRدين والفضRل ،أمRا وهّللا مRا كRان يبّRد ل
بالقرآن الغناء وال بالبكاء من خشية هّللا الحداء ،وال بالصيام شرب الحرام ،وال بRRالمجلس في حلRRق الRRذكر الRRركض
في تطالب الصيد -يعّرض بيزيد -فسوف يلقون غّيا ،فثار إليه أصحابه ،فقالوا له :أّيها الرجل! أظهر بيعتك فاّنه لم
يبق أحد -إذ هلك حسين -ينازعك هذا االمر ،وقRد كRRان يبRايع الناس سRRرا ويظهRRر أّن ه عائRذ بRالبيت ،فقال لهم :ال
تعجلوا .وعمرو بن سعيد بن العاص يومئذ عامل مّك ة ،وقد كان أشّد شيء عليRRه وعلى أصحابه ،وكRRان مRRع شَّRد ته
عليهم يداري ويرفق فلّم ا استقّر عند يزيد ابن معاوية مRا قRد جمRع ابن الزبRير من الجمRوع بمكRة؛ أعطى هّللا عهRدا
ليوثقّنه في سلسلة ،فبعث بسلسلة من فّضة فمّر بها البريRRد على مRRروان بن الحكم بالمدينة فأخبر خRRبر مRRا قRRدم لRRه
وبالسلسلة التي معه فقال مروان:
وفيها مقال المرىء متضّعف خذها فليست للعزيز بخّطة
ثّم مضى من عنده حّتى قدم على ابن الزبير ،فأتى ابن الزبير فأخبره بممّر
ص217:
البريد على مروان وتمّثل مروان بهذا البيت فقال ابن الزبير :ال وهّللا ! ال أكون أنا ذلك المتضّعف ،ورّد ذلك البريRRد
رّد ا رفيقا .وعال أمر ابن الزبير بمكة وكاتبه أهل المدينة ،وقال الناس :أما إذ هلRRك الحسRRين (ع) فليس أحRRد ينازع
306
ابن الزبير.
ص219:
309
وفي يدي راية االشعرّيين.
.)2 ( 307االخبار الطوال للدينوري ص ،263وقد أوردتها ملخصة من فتوح ابن أعثم ،290 -262 /5وط .حيدر آباد الدكن الهند سنة 1392ه-
.281 -279 /5
.)1 ( 308في المصدر فتقتلين وقد اشار المصحح إلى ما أثبتناه.
.)1 ( 309وقريب منه لفظ االصبهاني في االغاني .33 /1
وذكر ابن أعثم وقايع بين ابن الزبير وعمرو بن سعيد ،كانت الغلبة فيها البن الزبير.
310
وذكر الطبري أّنه عزل عمرو بن سعيد وولى الوليد بن عتبة فأقام الحج سنة 61ه.-
قال 311:وأقام الوليد يريد ابن الزبير فال يجده إاّل متحّذ را متمّنعRRا ،وأفاض بالناس من عرفة ثّم أفاض ابن الزبRRير
بأصحابه ،ثّم اّن ابن الزبير عمل بالمكر في أمر الوليد فكتب إلى يزيد اّن ك بعثت إلينا رجال أخRرق ال يتجRه المRر
رشد ،وال يرعوي لعظة الحكيم ،فلو بعثت رجال سهل الخلق رجوت أن يسهل من االمور مRRا اسRRتوعر منهRRا ،وان
يجتمع ما تفّرق ،فعزل يزيد الوليد وولّى عثمان بن محّم د بن أبي سفيان.
وفد أهل المدينة عند يزيد:
قالوا :كان عثمان فتى غرا لم يجّرب االمور ولم يحّنكه السّن فبعث إلى يزيد وفدا من أهل المدينة فيهم :عبد هّللا بن
حنظلة غسيل المالئكة االنصاري ،وعبد هّللا بن أبي عمرو المخRRزومي ،والمنذر بن الزبRRير ،ورجRRاال كثRRيرين من
أشراف أهل المدينة فقدموا على يزيد فأكرمهم وأحسن إليهم وأعظم جوائزهم ،فأعطى عبRد هّللا بن حنظلRة -وكRRان
شريفا فاضال عابدا سّيدا -مائة ألف درهم ،وكRان معRه ثمانيRة بRنين فاعطى كّRل ولRد عشرة آالف سRوى كسRوتهم
وحمالنهم ،فلّم ا رجعوا
ص220:
قدموا المدينة وأظهروا شتم يزيد وعيبه وقالوا قدمنا من عند رجل ليس له دين ،يشرب الخمر ويضرب بالطنابير،
ويعزف عنده القيان ويلعب بالكالب ويسمر عنده الخّراب والفتيان! وإّنا نشهدكم أّنا خلعناه! وقام عبد هّللا بن حنظلة
الغسيل ،فقال :جئتكم من عند رجل لRو لم أجRد إاّل بRنّي هؤالء لجاهدتRه بهم ،قRالوا :قRد بلغنا أّن ه أجRداك وأعطRاك
وأكرمك ،قال :قد فعل وما قبلت منه عطاءه إاّل التقوى به ،فخلعه الناس وبايعوا عبد هّللا بن حنظلة على خلع يزيد،
ووّلوه عليهم.
أّم ا المنذر بن الزبير فكان قد أجازه بمائة ألف وكان قوله لّم ا قدم المدينة :اّن يزيد وهّللا لقد أجازني بمائة ألف درهم
وإّنه ال يمنعني ما صنع إلّي أن أخRRبركم خRRبره وأصدقكم عنه .وهّللا اّن ه ليشرب الخمRRر ،وأّن ه ليسRRكر حّتى يRRدع
312
الصالة .وعابه بمثل ما عابه به أصحابه الذين كانوا معه وأشّد
ص221:
ثورة الصحابة والتابعين
ثورة أهل المدينة وبيعتهم لعبد هّللا بن حنظلة
وقال الذهبي في تاريخ االسالم :اجتمعوا على عبد هّللا بن حنظلة وبايعهم على الموت ،قال :يRRا قRRوم اّتقوا هّللا فَو هّللا
ما خرجنا على يزيد حّتى خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء ،إّنه رجل ينكح أّم هRRات االوالد والبنات واالخRRوات،
313
ويشرب الخمر ويدع الصالة.
وقال اليعقوبّي :أتى ابن مينا عامل صوافي معاوية إلى عثمان بن محّم د والي المدينة من قبل يزيد فاعلمه أّن ه أراد
حمل ما كان يحمله في كّل سنة من تلك الصوافي من الحنطRRة والتمRRر ،واّن أهل المدينة منعRRوه من ذلRRك .فأرسRRل
.)2 ( 310الطبري 275 -273 /6في آخر ذكر حوادث سنة احدى وستين.
.)3 ( 311الطبري ،5 -2 /8في ذكر حوادث سنة اثنين وستين .وتخيرت اللفظ من تاريخ ابن االثير .42 -40 /4
.)1 ( 312تاريخ الطبري ،13 -3 /7وابن االثير ،41 -40 /4وابن كثير ،216 /8والعقد الفريد .388 /4
.)1 ( 313تاريخ االسالم .356 /2
عثمان إلى جماعة منهم فكّلمهم بكالم غليظ فوثبوا به وبمن كان معه بالمدينة من بني أمّية وأخرجRRوهم من المدينة
314
وأتبعوهم يرجمونهم بالحجارة.
وفي االغاني :وأقام ابن الزبير على خلع يزيد ومااله على ذلك أكثر الناس ،فدخل عليه عبد هّللا بن مطيع وعبRRد هّللا
بن حنظلة وأهل المدينة المسRRجد ،وأتRوا المنبر فخلعRRوا يزيRد ،فقال عبRد هّللا بن أبي عمRRرو بن حفص بن المغRRيرة
المخزومي :خلعت يزيRد كمRRا خلعت عمRRامتي ،ونزعهRRا عن رأسRRه ،وقRال :اّني القRول هذا وقRد وصلني وأحسRRن
جائزتي ،ولكّن عدّو هّللا ِس ِّك ير ِخِّم ير .وقال آخر :خلعته كما
ص222:
خلعت نعلي .وقال آخر :خلعته كما خلعت ثوبي ،وقال آخر :قد خلعته كما خلعت خّفي ،حّتى كثرت العمائم والنعال
والخفاف ،وأظهروا البراءة منه وأجمعوا على ذلك .وامتنع منه عبRRد هّللا بن عمRRر ،ومحّم د بن علي بن أبي طRRالب
(ع) وجرى بين محّم د خاّص ة وبين أصحاب ابن الزبير فيه قول كثير ،حّتى أرادوا اكراهه على ذلRRك ،فخRRرج إلى
مّك ة وكان هذا أّول ما هاج الشّر بينه وبين ابن الزبير ،واجتمع أهل المدينة الخراج بني أمية عنهRRا ،فأخRRذوا عليهم
العهود أاّل يعينوا عليهم الجيش ،وأن يرّد وهم عنهم فان لم يقدروا على رّد هم ال يرجعوا إلى المدينة معهم.
وفي االغاني :واخرجوا بني أمّية فأراد مروان أن يصّلي بمن معه فمنعوه وقالوا :ال يصّلي وهّللا بالناس أبدا ،ولكن
317
إذا أراد أن يصّلي بأهله فليصِّل ،فصّلى بهم ومضى.
استغاثة بني أمية بيزيد:
قال الطبري وغيره :فخرج بنو أمّية بجمRRاعتهم حّتى نزلRRوا دار مRRروان ،فحاصرهم الناس بهRRا حصRRارا ضRRعيفا،
فارسل بنو أمّية بكتاب إلى يزيد يستغيثونه .فقال يزيد للرسول :أما يكون بنو أمّي ة ومRRواليهم ألRRف رجRRل بالمدينة؟
قال :بلى وهّللا وأكثر ،قال :فما استطاعوا أن يقاتلوا ساعة من نهار؟! قالو :فبعث إلى عمرو بن سعيد فأقرأه الكتاب
وأخبره الخبر وأمره أن يسير إليهم فأبى ،وبعث إلى عبيد هّللا بن زيRRاد يRRأمره بالمسRRير إلى المدينة ومحاصرة ابن
.)2 ( 314اليعقوبي .250 /2
.)1 ( 315االغاني .35 -34 /1
.)2 ( 316الطبري ،7 /7وابن االثير .45 /4
.)1 ( 317االغاني .36 /1
الزبير فأبى وقال :وهّللا ال جمعتها للفاسق .أقتل ابن بنت رسول هّللا (ص) وأغRRزو الRRبيت .وكRRانت ُأّم ه مرجانRRة قRRد
318
عّنفته حين قتل الحسين وقالت له :ويلك ماذا صنعت وماذا ركبت؟!.
فبعث إلى مسلم بن عقبة المّري وكان معاوية قد قال ليزيد :اّن لك من أهل المدينة يوما ،فان فعلRوا فارمهم بمسRلم
319
بن عقبة فاّنه رجل قد عرفت نصيحته ،فلّم ا جاءه مسلم وجده شيخا ضعيفا مريضا.
قال صاحب االغاني :قال مسلم ليزيد :ما كنت مرسال إلى المدينة أحدا
ص224:
إاّل قّصر ،وما صاحبهم غيري ،إّني رأيت في منامي شجرة غرقد تصيح :على يRدي مسRRلم ،فأقبلت نحRو الصRRوت
فسمعت قائال :أدرك ثأرك ،أهل المدينة قتلة عثمان.
قال الطبري وغيره واللفظ البن االثير :ولّم ا سمع عبد الملك بن مروان اّن يزيد قRد سّRير الجنود إلى المدينة قRال:
ليت السماء وقعت على االرض ،اعظاما لذلك ثّم ابتلي بعد ذلك بRRأْن وّج ه الحّج اج فحاصر مّك ة ،ورمى الكعبRRة،
بالمنجنيق ،وقتل ابن الزبير.
مسير جيش الخالفة إلى الحرمين:
لّم ا أقبل مسلم بالجيش وبلغ أهل المدينة خبرهم ،اشتّد حصارهم لبني أمّية بدار مRRروان وقRRالوا :وهّللا ال نك ّRف عنكم
حّتى نستنزلكم ونضرب أعناقكم أو
ص226:
تعطونRRا عهRRد هّللا وميثاقRRه أن ال تبغونRRا غائلRRة ،وال تRRدلوا لنا على عRRورة ،وال تظRRاهروا علينا عRRدّوا فنكRRف عنكم
ونخرجكم عّنا ،فعاهدوهم على ذلRRك ،فأخرجوهم من المدينة ،فسRRاروا باثقالهم حّتى لقوا مسRRلم بن عقبRRة بRRوادي
القرى ،فدعا بعمرو بن عثمان بن عّفان أّول الناس فقال له :خبرني ما وراءك ،وأشRRر علَّي ،فقال :ال أسRRتطيع .قRد
أخذ علينا العهود والمواثيRق أن ال نRدّل على عRورة وال نظRاهر عRدوا .فانتهره ،وقRال :وهّللا لRوال أّن ك ابن عثمRان
لضربت عنقك ،وايم هّللا ال أقيلها قرشّيا بعدك ،فخرج إلى أصحابه فأخبرهم خبره ،فقال مروان بن الحكم البنه عبد
الملك :أدخل قبلي لعَّله يجتزي بك عّني فدخل عبد الملك فقال :هات ما عندك .فقال :نعم أرى أن تسRRير بمن معRRك
فإذا انتهيت إلى ذي نخلة نزلت فاستظّل الناس في ظّله فأكلوا من صقره 321فإذا أصبحت من الغد مضRRيت وتRRركت
المدينة ذات اليسار ،ثّم درت بها حّتى تأتيهم بها من قبل الحّرة مشرقا ،ثّم تستقبل القوم فإذا اسRRتقبلتهم وقRRد أشRRرقت
عليهم الشمس طلعت بين أكتاف أصحابك فال تؤذيهم وتقع في وجوههم فيؤذيهم حُّر ها ويصيبهم أذاها ،ويرون -مRRا
دمتم مشرقين -من ائتالق بيضكم وحرابكم وأسّنة رماحكم وسيوفكم ودروعكم ماال ترونRه أنتم مRا دامRوا مغRربين،
ثّم قاتلهم واستعن باهّلل عليهم ،فقال له مسلم :هّلل أبوك أي امرىء ولد! ثّم أّن مروان دخل عليه فقال لRRه :ايRRه :فقال:
أليس قد دخل عليك عبد الملك؟! قال :بلى واّي رجل عبد الملك ،قّلما كّلمت من رجال قريش رجال شبيها به ،فقال:
إذا لقيت عبد الملك فقد لقيتني .ثّم اّنه صار في كّل مكان يصنع ما أمر به عبد الملك .فجاءهم من قبRRل المشرق ،ثّم
أمهلهم ثالثا ،فلّم ا مضت الثالث قال :يا أهل المدينة ما تصنعون؟ أتسالمون أم تحاربون؟ قالوا :بRRل نحRRارب .فقال
لهم :ال تفعلوا بل ادخلوا في الطاعة ونجعل حّد نا وشوكتنا على أهل هذا
ص227:
الملحد الذي قد جمع إليRه المّRراق والفّس اق من كRل أوب -يعRني ابن الزبRير -فقالوا لRه :يRا أعRداء هّللا لRو أردتم أن
322
تجوزوا إليه ما تركناكم ،نحن ندعكم أن تأتوا بيت هّللا الحرام وتخيفوا أهله وتستحّلوا حرمته؟! ال وهّللا ال نفعل!.
قال المسعودي والRدينورّي واللفRRظ لالول :احتفRRر أهل المدينة خندق رسRRول هّللا (ص) الRذي كRRان قRد حفRRره يRوم
االحزاب ،وشكوا المدينة بالحيطان ،وقال شاعرهم مخاطبا ليزيد:
لضربا يبدي عن النشوات أّن بالخندق المكّلل بالمجد
.)1 ( 320التنبيه واالشراف ص ،263ومروج الذهب ،69 -68 /3واالخبار الطوال ص ،265والبيتان االخيران جاءا فيه ،وذكرت الشعر االول
بلفظ الطبري ،6 /8وابن االثير ،وراجع تاريخ االسالم للذهبي .355 /2
.)1 ( 321الصقر بكسر القاف :التمر الذي يصلح للدبس.
.)1 ( 322الطبري ،8 -6 /7وابن االثير .46 -45 /4
يا مضيع الصالة للشهوات لست مّنا وليس خالك مّنا
323
واشرب الخمر واترك الجمعات فإذا ما قتلنا فتنّصر
قال الذهبي :فكان ابن حنظلة يRبيت تلRك الليRالي في المسRجد ،ومRا يزيRد على أن يشرب يفطRر على شRربة سRويق
ويصوم الدهر ،وما رئي رافعا رأسه إلى السماء أحيانا ،فلّم ا قRرب القوم خطب أصحابه وحّرضRهم على القتRال،
وأمرهم بالصدق في اللقاء وقال :الّلهم اّنا بك واثقون .فصّبح القوم المدينة ،فقاتل أهل المدينة قتاال شRRديدا ،فسRRمعوا
التكبير خلفهم من المدينة وأقحم عليهم بنو حارثة وهم على الحRرة فانهزم الناس وعبRد هّللا بن حنظلRة متسRRاند إلى
بعض بنيه يغّط نوما فنّبهه ابنه ،فلّم ا رأى ما جرى أمر أكبر بنيRه فقاتRل حRتى قتRل ،ثّم لم يRزل يقّد مهم واحRدا بعRد
واحد حّتى أتى على آخرهم!
قال :وبقي ابن حنظلة يمشي بها مع عصابة من الناس أصحابه ،فقال لمولى لRRه :احم ظهRRري حّتى أصّلي الظهRRر،
فلّم ا صّلى ،قال له مواله :ما بقي أحد فعالم نقيم؟ ولواؤه قائم ،ما حوله إاّل خمسة ،فقال :ويحك اّنما خرجنا على أن
نموت ،قال وأهل المدينة كالنعام الشرود ،وأهل الشام يقتلون فيهم .فلّم ا
ص228:
هزم الناس طرح الدرع وقاتلهم حاسرا حّتى قتلوه .فوقف عليه مRRروان وهو مRRاّد أصبعه السّRRبابة ،فقال :وهّللا لئن
324
نصبتها مّيتا فطالما نصبتها حّيا.
وفي تاريخ الطبري :قال :مرحبا وأهال ،ثّم أجلسه معه على السرير والطنفسة ،ثّم قال :اّن أمير المؤمنين أوصاني
بك قبال ،واّن هؤالء الخبثاء شغلوني عنك وعن وصلتك ،ثّم قRRال لعلّي :لعّRRل أهلRRك فزعRRوا ،قRRال :اي وهّللا ! فأمر
334
بداّبته فاسرجت ثّم حمله فرّد ه عليها.
قال الدينوري :فلّم ا كان اليوم الرابع جلس مسلم بن عقبة ،فدعاهم إلى البيعة ،فكان أّو ل من أتاه يزيد بن عبد هّللا بن
ربيعة بن االسود ،وجّد ته أّم سلمة زوج النبي (ص) .فقال له مسلم :بايعني .قالُ :أبايعك على كتRRاب هّللا وس ّRنة نبّي ه
(ص) .فقال مسلم :بل بايع على أّنك فٌي المير المؤمنين ،يفعل في أمRRوالكم وذراريكم مRRا يشأ .فأبى أن يبRRايع على
335
ذلك ،فأمر به ،فضربت عنقه.
وقال الطبري :دعا الناس مسلم بن عقبة بقبا إلى البيعة وطلب االمان لرجلين من قريش ليزيد بن عبد هّللا بن زمعة
ومحّم د بن أبي الجهم فأتي بهما بعد الوقعة بيوم فقال :بايعا .فقاال :نبايعك على كتاب هّللا وس ّRنة نبّي ه ،فقال :ال وهّللا
ال أقيلكم هذا أبRRدا ،فقّد مهما فضRRرب أعناقهمRRا ،فقال لRRه مRRروان :سRRبحان هّللا أتقتRRل رجلين من قRRريش أتيRRا ليؤمنا
فضربت أعناقهما ،فنخس بالقضيب في خاصرته ،ثّم قال :وأنت وهّللا لو قلت بمقالتهما ما رأيت السماء إاّل برقة.
قال :وأتي بيزيد بن وهب بن زمعة ،فقال :بايع .قال :ابايعك على سّنة
ص231:
فقال له رجل من أصحاب رسول هّللا (ص) :ارتددت عن االسالم يا أمير المؤمRRنين! قRRال :بلى! نسRRتغفر هّللا ،قRRال:
337
وهّللا ال أساكنك أرضا أبدا ،وخرج عنه.
وفي رواية ابن كثير ،جاء بعد البيت االول:
واستحّر القتل في عبد االشل حين حّلت بقباء بركها
قال ابن كثير بعده :فهذا ان قاله يزيد بن معاوية فلعنة هّللا عليه ولعنة الالعRنين وان لم يكن قالRه فلعنة هّللا على من
338
وضعه عليه.
قال المؤّلف :قد وهم ابن كثير وظّن أّنهم قالوا :أضاف يزيد هذا البيت
ص232:
على شعر ابن الزبعري في هذا المقام فأنكره بينما هم لم ينقلوا ذلك واّنما روى الشعبي وغيره أّن يزيد أضاف هذا
البيت على شعر ابن الزبعري عندما تمّثل بشعره ورأس الحسRRين بين يديRRه ،ولم يكن الشعبي رافضّRRيا وال شRRيعّيا،
وانما كان من كبار المتعصبين لمدرسة الخالفة .ولست أدري لماذا لم يعتذر ابن كثير عن يزيد ويقول :اّنه مجتهد،
واّنه أنشد هذا البيت باجتهاده؟!
ص233:
في سبيل طاعة الخليفة
مسير جيش الخالفة إلى مّك ة ومناجاة أميره ساعة االحتضار ووصيته:
قال الطبري وغيره :ولّم ا فرغ مسلم من قتال أهل المدينة وإنهاب جنده أموالهم ثالثا ،شRRخص بمن معRRه من الجند
متوّجها إلى مّك ة حّتى إذا انتهى إلى المشّلل ،نزل به الموت وذلك في آخر المحّRRرم من سRRنة 64ه ،-فدعا حصRRين
.)1 ( 336االخبار الطوال ص .265
.)2 ( 337العقد الفريد .390 /4
.)3 ( 338ابن كثير ،224 /8وفي رواية الدينوري في االخبار الطوال ص .267
بن نمير السكوني فقال له :يا ابن برذعة الحمار! أما وهّللا لو كان هذا االمر إلّي مRRا ولّيتRRك هذا الجند ،ولكن أمRRير
المؤمنين واّل ك بعدي وليس المر أمير المؤمنين مرّد ،فاحفظ ما اوصيك بRRه! عّم االخبRRار وال تRRرع سRRمعك قرشّRRيا
أبدا! وال ترّد ن أهل الشام عن عRRدّو هم! وال تقيمّن إاّل ثالثا حّتى تناجز ابن الزبRRير الفاسRRق! ثّم قRRال :الّلهم اّني لم
339
أعمل عمال قّط بعد شهادة أن ال إله إاّل هّللا وأّن محمدا عبده ورسوله أحّب وال أرجى عندي في االخرة.
وفي لفظ ابن كثير :أحّب إلّي من قتل أهل المدينة ،وأجزى عندي في االخرة وان دخلت النار بعد ذلRRك انّي لشقّي !
340
ثّم مات.
وفي تRاريخ اليعقوبي ،قRال :الّلهم ان عّRذ بتني بعRد طRاعتي لخليفتRك يزيRد ابن معاويRة وقتRل أهل الحّRرة فاّني إذا
341
لشقّي .
وفي فتوح ابن أعثم ،أن مسلم بن عقبة قال في وصيته للحصين بن نمير:
ص234:
فانظر أن تفعل في أهل مكة وفي عبد هّللا بن الزبير كما رأيتني فعلت بأهل المدينة .ثّم جعRRل يقول :الّلهم اّن ك تعلم
أّني لم أعص خليفة قّط ،الّلهم اّني ال أعمل عمال أرجو به ال إاّل ما فعلت بأهل المدينة .ثّم اشRتّد بRه االمRر فمRات.
فغّسلوه وكّفنوه ودفنوه ،وبايع الناس للحصين بن نمير السكوني من بعده ،وسار القوم يريRدون مكRRة ،وخRرج أهل
ذلك المنزل فنبشوه من قبره وصلبوه على نخلة .قال :وبلغ ذلك أهل العسكر فرجعوا إلى أهل ذلك المنزل فوضعوا
342
السيف فيهم ،فقتل منهم من قتل وهرب الباقون ،ثّم أنزلوه من النخلة فدفنوه ثّم أجلسوا على قبره من يحفظه.
جيش الخالفة يحرق الكعبة في حرب ابن الزبير وينشد االراجيز:
قال المسعودي :فسار الحصين حّتى أتى مكة وأحاط بها ،وعاذ ابن الزبير بالبيت الحرام ،ونصب الحصين في من
معه من أهل الشام المجانيق والعّر ادات على البيت ،ورمى مع االحجار بالنار والنفط ومّش اقات الكّتان وغRRير ذلRRك
من المحروقات فانهدمت الكعبة واحترقت البنّية.
ووقعت صاعقة فأحرقت من أصحاب المنجنيق أحد عشر رجال فكان ذلك يوم السبت لثالث خلون من ربيع االول
وقبل وفاة يزيد بأحد عشر يوما ،واشتّد االمر على أهل مكة وابن الزبير ،واتصل االذى باالحجار والنار والسRRيف
فقال راجزهم:
343
قد أحرق المقام والمصلّى ابن نمير بئسما تولّى
وقال اليعقوبي :رمى حصين بن نمير بالنيران حّتى أحرق الكعبة ،وكان عبيد هّللا بن عمير الليثي قاّص ابن الزبير
إذا تواقف الفريقان قام على الكعبة
ص235:
فنادى بأعلى صوته :يا أهل الشام! هذا حرم هّللا الذي كان مأمننا في الجاهلية ،يأمن فيه الطRRير والصRRيد ،فاّتقوا هّللا
يا أهل الشام ،فيصيح الشامّيون :الطاعة الطاعة ،الكّر الكّر ،الرواح قبل المساء ،فلم يزل على ذلRRك حّتى احRRترقت
.)1 ( 339تاريخ الطبري ،14 /7وابن االثير ،49 /3وابن كثير .225 /8
.)2 ( 340تاريخ ابن كثير .225 /8
.)3 ( 341تاريخ اليعقوبي .251 /2
.)1 ( 342فتوح ابن أعثم .301 /5
.)2 ( 343مروج الذهب .72 -71 /3
الكعبة .فقال أصحاب ابن الزبير :نطفىء النار .فمنعهم وأراد أن يغضب الناس للكعبRRة .فقال بعض أهل الشام إن
344
الحرمة والطاعة اجتمعتا فغلبت الطاعة الحرمة!!
وفي تاريخ الخميس وتاريخ الخلفاء للسيوطي :واحترقت من شRRرارة نRRيرانهم اسRRتار الكعبRRة وسRRقفها وقرنRRا الكبش
345
الذي فدى هّللا اسماعيل وكان معّلقا في الكعبة!
وقال الطبري وغيره :أقاموا عليه يقاتلونه بقّية المحّرم وصفر كّله ،حّتى إذا مضت ثالثة أيام من شهر ربيRRع االّول
يوم السبت سنة 64ه -قذفوا البيت بالمجانيق وحّرقوه بالنار وأخذوا يرتجزون ويقولون:
نرمي بها أعواد هذا المسجد ّخ طارة مثل الفنيق المزبد
ويقول راجزهم:
تأخذهم بين الصفا والمروة كيف ترى صنيع ُأّم فروة
قالوا :واجترأ أهل المدينة وأهل الحجاز على أهل الشام ،فذّلوا حّتى كان ال ينفرد منهم رجل إاّل أخذ بلجام داّبتRRه ثّم
نكس عنها! فكانوا يجتمعون في معسكرهم فال يفترقون ،وقالت لهم بنو أمّي ة :ال تRRبرحوا حRRتى تحملونRRا معكم إلى
347
الشام ففعلوا ،فمضى ذلك الجيش حتى دخل الشام.
الحجاج يرمي الكعبة ثانية:
قال ابن االثير وغيره :أرسل عبد الملك بن مروان الحّجاج لحرب ابن الزبير بمكة فنزل الطRRائف ،وأمّRد ه بطRRارق
فقدم المدينة في ذي القعدة سنة 72ه -وأخرج عامل ابن الزبير عنها وجعل عليها رجال من أهل الشام اسمه ثعلبة،
348
فكان ثعلبة يخرج المّخ على منبر النبّي (ص) يأكله ويأكل عليه التمر ليغيظ أهل المدينة.
ولم أَر جيشا مثلنا غير ما خرس [ف ]-لم أَر جيشا غّر بالحّج مثلنا
بجيش كصدر الفيل ليس بذي رأس دلفنا له يوم الثالثاء من منى
فطلبه الحّجاج فهرب .وأناخ الحجاج بابن الزبير ،وتحّص ن منه ابن الزبRRير في المسRRجد ،واسRRتعمل الحّج اج على
المنجنيق ابن خزيمة الخثعمي ،فجعل يرمي أهل المسجد ويقول:
349
نرمي بها عّواذ أهل المسجد خّطارة مثل الفنيق الملبد
قال المسعودي :وكتب الحّجاج إلى عبد الملك بحصار ابن الزبRير وظفRRره بRأبي قRبيس ،فلّم ا ورد كتابRه كّب ر عبRد
الملك ،فكّبر من معه في داره ،واّتصل التكبير بمن في جامع دمشق فكّبروا ،واَّتصل ذلك بأهل االسRRواق فكّب روا،
ثّم سألوا عن الخبر فقيل لهم :اّن الحجاج حاصر ابن الزبير بمّك ة وظفر بأبي قبيس ،فقالوا :ال نرضRRى حّتى يحملRRه
350
إلينا مكّبال ،على رأسه برنس ،على جمل يمّر بنا في االسواق ،هذا الترابي الملعون!
كان «أبو تراب» كنية االمام علّي كّناه بها رسول هّللا ؛ فاَّتخRRذها بنو امّي ة نRRبزا لالمRRام وسّRم وا شRRيعته ترابّي ا بهRRذه
المناسبة ،وأصبح هذا اللقب في عرف آل أمّية وشيعتهم طعنا ،فنبزوا بها ابن الزبير أيضا.
قال ابن االثير :قدم الحّجاج مّك ة في ذي القعدة وقد أحرم بحّجة ،فنزل
ص238:
بئر ميمون وحّج بالناس في تلك السّنة الحّجاج إاّل أّنه لم يطف حول الكعبة وال سعى بين الصفا والمروة ،منعه ابن
الزبير من ذلك.
قال :ولم يحّج ابن الزبير وال أصحابه الّنهم لم يقفوا بعرفة ولم يرموا الجمار.
قال :ولّم ا َح َص َر الحّج اج ابن الزبير ،نصب المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة ،وكان عبد الملك ينكRRر ذلRRك
351
أّيام يزيد بن معاوية ،ثّم أمر به ،فكان الناس يقولون ُخ ِذ ل في دينه.
وقال الذهبي :وألّح عليه الحّجاج بالمنجنيق وبالقتال من كّل وجه ،وحبس عنهم الميرة فجاعوا ،وكانوا يشربون من
352
زمزم ،فتعصبهم وجعلت الحجارة تقع في الكعبة.
353
قال ابن كثير :وكان معه خمس مجانيق ،فالّح عليها بالرمي من كّل مكان .ثّم ذكر مثل قول الذهبي.
وروى الطبري وغيره عن يوسف بن ماهك قال :رأيت المنجنيق يرمى به فرعدت السRRماء وبRرقت ،وعال صوت
الرعد والبرق على الحجاج فاشتمل عليها ،فأعظم ذلRRك أهل الشام فأمسRRكوا بأيRRديهم ،فرفع الحّج اج بركRRة قبائRRه
فغرزها في منطقته ،ورفع حجRر المنجRنيق فوضRRعه فيRه ،ثّم قRال :ارمRRوا ورمى معهم ،قRال :ثّم أصبحوا فجRاءت
صاعقة تتبعها اخرى فقتلت من أصحابه اثني عشر رجال فانكسRر أهل الشام ،فقال الحّج اج :يRا أهل الشام! ال
تنكروا هذا فاّني ابن تهامة ،هذه صواعق تهامة ،هذا الفتح قد حضر فابشروا اّن القوم يصRRيبهم مثRRل مRRا أصابكم،
فصعقت من الغد فأصيب من أصحاب ابن الزبير عّد ة ،فقال الحّج اج :أال تRRرون أّنهم يصRRابون وأنتم على الطاعRRة
356
وهم على خالف الطاعة.
وجاء في تاريخ ابن كثير بعده :وكان أهل الشام يرتجزون وهم يرمون بالمنجنيق ويقولون:
نرمي بها أعواد هذا المسجد ّخ طارٌة مثل الفنيق المزبد
فنزلت صاعقة على المنجنيق فأحرقته فتوّقف أهل الشام عن الرمي والمحاصرة فخطبهم الحّج اج ،فقال :ويحكم!
ألم تعلموا أّن النار كانت تنزل على من قبلنا فتأكل قربانهم إذا تقّب ل منهم؟ فلRRوال اّن عملكم مقبRRول مRRا نRRزلت النار
357
فأكلته.
ص240:
وفي فتوح ابن أعطم أمر الحّج اج أصحابه أن يتفّرقRوا من كّRل وجRه :من ذي طRوى ،ومن أسRفل مّك ة ،ومن قبRل
االبطح ،فاشتّد الحصار على عبد هّللا بن الزبير وأصحابه فنصبوا المجانيق وجعلوا يرمون البيت الحرام بالحجارة
وهم يرتجزون باالشعار ،وتقع الحجارة في المسجد الحرام كالمطر ،وكان رماة المنجنيق إذا ونRRوا وسRRكتوا سRRاعة
فلم يرموا يبعث إليهم الحّجاج فيشتمهم ،ويتهّد دهم بالقتل ،فأنشأ بعضهم يقول:
من االمر ما أمست تعذلني نفسي لعمر أبي الحّجاج لو خفت ما أرى
358
االبيات
نشيد الحجاج عندما رأى البيت يحترق:
.)4 ( 354الطبري 202 /7في ذكر حوادث سنة 73ه.-
.)1 ( 355الذهبي ،تاريخ االسالم .114 /3
ّخ
.)2 ( 356الطبري ،ط .-أوربا ،845 -844 /2وابن كثير ،329 /8وليس فيه كلمة( طارة) وانما نقلناها من االخبار الطوال ص .314
.)3 ( 357تاريخ الخميس .305 /2
.)1 ( 358الفتوح .276 -275 /6
قال :فلم يزل الحّجاج وأصحابه يرمون بيت هّللا الحرام بالحجارة حّتى انصRRدع الحائRRط الRRذي على بRRئر زمRRزم عن
آخره ،وانتقضت الكعبة من جوانبها.
قال :ثّم أمرهم الحّجاج فرموا بكيزان النفط والنار حّتى احترقت الستارات كّلها فصRRارت رمRRادا ،والحّج اج واقRRف
ينظر في ذلك كيف تحترق الستارات وهو يرتجز ويقول:
وهّللا في ما يزعمون جارها أما تراها ساطعا غبارها
359
لّم ا عالها نفطها ونارها
قال الطبري وغيره واللفظ للطبري :فلم تزل الحرب بين ابن الزبير
ص241:
والحّجاج حّتى كان قبيل مقتله ،وقد تفّرق عنه أصحابه ،وخرج عاّم ة أهل مّك ة إلى الحّجاج في االمRRان ،وخذلRه من
معه خذالنا شديدا ،حّتى خرج إلى الحّجاج نحو من عشرة آالف ،وفيهم ابناه حمRزة وخRبيب فأخRذا منه النفسRهما
أمانا.
ص243:
الثائرون أضعفوا الخالفة واالئمة (ع) أعادوا أحكام االسالم:
وقعت كّل تلكم الثورات اثر استشهاد الحسين (ع) ومن قبل القائمين بها في جانب .وفي جانب آخر استطاع االئمRRة
على اثر استشهاد الحسين أن يجّد دوا شريعة جّد هم سيد الرسل بعد اندراسRRها ،ونشطت مدرسRRتهم في نشر أحكRRام
االسالم ،كما يأتي بيانه في الباب التالي.
ص245:
البحث الخامس :إعادة ائّم ة أهل البيت (ع) سنة الرسول (ص) إلى المجتمع بعد قيام االمام الحسين (ع)
ص246:
الفصل االول :نتيجة استشهاد االمام الحسين (ع)
ص250:
وفي عصر االمام الكاظم (ع) كان جماعة من أصحابه وأهل بيته وشRRيعته يحضRRرون مجلسRRه ومعهم في أكمRRامهم
الواح آبنوس لطاف ،وأميال ،فإذا نطق ابو الحسن كلمة أو أفتى في نازلة ،أثبتوا ما سمعوه منه في ذلك.
هكذا دّون أصحاب االئمة ما سمعوه منهم ،وبلغت مؤلفاتهم االالف ،نجRRد تراجمهRRا في فهرسRRتي النجاشRRي والشيخ
الطوسي ،وكل واحد منهما يروي تلك الكتب عن مؤّلفيها بسنده الخاّص اليهم.
وفي عصر االئمة دّون أصحابهم االصول ،واالصل في اصطالح المحّRد ثين من مدرسRRة أهل الRRبيت هو الكتRRاب
اّلذي جمع فيه مصّنفه االحاديث التي رواها هو عن المعصوم أو عن الراوي عن المعصوم ولم ينقل فيRRه الحRRديث
عن كتاب مRRدون .وكRRان من داب أصحاب االصول أنهم إذا سRRمعوا من أحRRد االئمRRة حRRديثا بRRادروا إلى اثباتRRه في
اصولهم لئاّل يعرض لهم نسياٌن لبعضه أو كّله بتمادي االّيام ،واستقر أمر المتقدمين على أربعمائة أصل مّم ا دّون
منذ عصRر أمRير المؤمRنين علي بن أبي طRالب (ع) إلى عصRر أبي محّم د الحسRن العسRكري وسRميت باالصول
االربعمائة ،وجّل االصول االربعمائة دّونت من قبل أصحاب االمRRام الصRRادق سRRواء كRRانوا مختصRRين بRRه أو ممن
368
أدركوا أباه االمام الباقر أو ممن أدركوا ولده االمام الكاظم (ع) بعده.
ص251:
كيف أخذ المصنفون من رسائل أصحاب االئمة وُأصولهم؟
لمعرفة كيفية أخذهم من االصول ومRRدّونات أصحاب االئمRRة؛ نRRدرس في كتب المشايخ الثالثة كيفيRRة أخRRذهم من
«أصل ظريف» أو كتاب الديات رواية ظريف بن ناصح ،بعد تعريف ظريف وأصله في ما يلي:
ظريف بن ناصح وأصله أو كتابه:
أ -ظريف بن ناصح:
370
كان أبوه بياع االكفان 369.أدرك ظريف االمام الباقر (ع).
.)1 ( 366راجع االرشاد ،للشيخ المفيد( ت 413 :ه )-ص 254منه ،وإعالم الورى من 276تأليف الفضل الطبرسي من أعالم القرن السادس.
.)2 ( 367ابن عقدة الحافظ أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني الكوفي كان زيديا جاروديا( ت 332 :ه )-ن مؤّلفاته :كتاب أسماء الرجال الRRذين رووا
عن الصادق أربعة آالف رجل خرج فيه لكل رجل الحديث الذي رواه -ترجمته في الكنى وااللقاب .346 /1وسنة وفاته فيه 333 (:ه.)-
.)1 ( 368وأول موسوعة حديثية جامعRة الفت بمدرسRة أهل الRبيت هو كتRاب الكRافي ،أّلفRه ثقة االسRالم أبRو جعفRر محمRد بن يعقوب بن اسRحاق
الكليني( ت 329 :أو 328ه )-حاول مؤلفه أن يجمع فيه االصول والمدونات الحديثية الصغيرة االخرى ،وجاب من أجله البالد في عشرين سنة.
وأخذ من الكافي ومن االصول والمدونات الحديثية االخرى الشيخ الصRRدوق أبRRو جعفRRر محمRRد ابن علي بن الحسRRين بن بابويRRه القمي( ت 381 :ه)-
الروايات الخاصة بالفقه وألف فقيه من ال يحضره الفقيه وهو أول موسوعة حديثية في فقه مدرسة أهل البيت ،ونحا نحوه من بعده الشيخ أبRRو جعفRRر
محمد بن الحسن الطوسي( ت 460 :ه )-في كتابه تهذيب االحكRام الRذي شRرح فيRه مقنعRة الشيخ المفيRد ثّم في كتابRه االستبصRار في مRا اختلRف من
االخبار ،وسميت هذه الكتب بالكتب االربعة للمجتهدين الثالثة ،وأصبحت مدار البحث في الحلقات التدريسية بمدرسRRة أهل الRRبيت منذ تأليفهRRا حRRتى
اليوم ،شأنها في ذلك شأن الصحاح السّتة بمدرسة الخلفاء عدا ان مدرسة أهل البيت ال تلتزم بصحة جميع ما في كتاب ما عدا كتاب هّللا جّل جالله.
.)1 ( 369ترجمته بجامع الرواة .423 /1
.)2 ( 370ترجمته بمجمع الرجال .232 /3
371
قال النجاشي في ترجمته :كوفي نشأ ببغداد وكان ثقة في حديثه صدوقا.
وله كتب اخرى ذكرها النجاشي والشيخ في ترجمته ،وروايات الكتاب منتشرة في الموسRRوعات الحديثيRRة ،ذكرها
االردبيلي في ترجمته بجامع الرواة.
ب -أصل ظريف:
ليس ما يسمى بأصل ظريف أو كتاب في الديات تأليف ظريف ،وانما هو كتRRاب كتبRRه أمRRير المؤمRRنين علي بن أبي
طالب (ع) المرائه ورؤساء أجناده ،كما يعرف ذلك من سند رواية الكليني (د) 372عن أبي عمرو المتطبب ،قال:
ص252:
عرضته على أبي عبد هّللا ،قال -أي عرضRRت كتRRاب الRRديات موضRRوع البحث على أبي عبRRد هّللا الصRRادق فقال في
تعريف الكتاب:-
أفتى أمير المؤمنين ،فكتب الناس فتياه ،وكتب به أمير المؤمنين إلى امرائه وُرؤوس أجناده ...الحديث.
وفي سند رواية الكليني (ج) عن محّم د بن عيسRRى وعن يRونس جميعRRا ،قRاال :عرضRRنا كتRاب الفRRرائض عن أمRRير
المؤمنين على أبي الحسن الرضا ،فقال هو صحيح ...الحديث.
يتضح من هذه الروايات وغيرها ان كتاب ديات ظريRRف أّنمRRا نسRRب إليRRه لروايRRة جمRRع من المشايخ عنه 373،وقRRد
صّرح بذلك الشيخ الطوسي في ترجمتRه محّم د ابن أبي عمRرو حيث قRال :محّم د بن أبي عمRرو الطRبيب ،كRوفي،
374
روى كتاب الديات عن أبي عبد هّللا (ع) وهو المنسوب إلى ظريف بن ناصح ،الّنه طريقه.
ويستفاد أيضا من تلك االسانيد -خاصة مRRا جRRاء في سRRند حRRديث الكRRافي (د) عن االمRRام الصRRادق -أّن بعض شRRيعة
االمام علي في عصره كانوا قد كتبوا الكتاب عن امالئه أو خطه.
ويظهر أيضا من تلك الروايات ان كتاب الديات هذا لم يكن جزءا من كتاب الجامعRRة لالمRRام علي ،واّنمRRا سّRم ي في
الروايات بكتاب الديات ،وكتاب ما أفتى به عن أمير المؤمنين ،وكتاب الفRرائض عن أمRير المؤمRنين ،وهو أيضRا
غير صحيفة الفرائض عن أمير المؤمنين في المواريث والتي كانت بخّط أمير المؤمنين.
هذا ما وجدنا عن ظريف وأصله ،أّم ا سند المصنفين إلى رواة الكتاب فانه يتصل باالئمة بسلسRRلة متصRRلة الحلقات
كما يلي:
ص253:
أسانيد المصِّنفين إلى كتاب الديات رواية ظريف:
تتصل أسانيد المشايخ في روايتهم كتاب الديات الRذي كRان بRإمالء أمRير المؤمRنين بRاثنين من أئمRة أهل الRبيت :أ-
االمام الصادق (ع)؛ ب -االمام الرضا (ع).
وندرس في ما يلي اسانيد المشايخ إلى كل امام على حدة:
أ -أسانيدهم إلى االمام الصادق (ع):
روى الكليني بهذا السند هنا بعض أحكام الديات من الكتاب المذكور.
وروى في «باب آخر» من نفس الكتاب كثيرا من أحكام الديات من الكتاب المذكور بنفس السند وفي لفظه (حدثني
رجل يقال له عبد هّللا بن أيوب قال :حدثني أبو عمرو المتطبب ،قال :عرضته على أبي عبد هّللا (ع) قال :أفتى بRRه
377
أمير المؤمنين (ع) فكتب إلى امرائه ورؤوس أجناده فمما كان فيه إن أصيب شفر العين فشتر )...الحديث.
وتبعه الشيخ الطوسي في التهذيب 378في باب (ديات االعضاء والجوارح )...وقال« :سهل بن زياد» ثّم أورد سRRند
الكليني بلفظه ،وفي لفظ الحديث عند الطوسي« :أفتى أمير المؤمنين فكتب الناس فتيRاه ،وكتب أمRير المؤمRنين بRه
إلى امرائه ورؤوس أجناده فمما كان فيه :ان أصيب شفر العين »...الحديث إلى آخر دية الشتر والحRاجب ،وانمRا
379
قلنا تبع الشيخ الطوسي الشيخ الكليني في هذه الرواية الّنه قال في مشيخة تهذيب االحكام:
وما ذكرته عن سهل بن زياد فقد رويته بهذه االسانيد عن محّم د بن يعقوب أي الكليني.
وأورد الكليني أيضا بنفس السند في باب «القسامة» ما يخّص القسامة 380.وهكذا وّز ع الكليRRني كتRRاب الRRديات على
أبواب كتاب الكافي.
أّم ا الشيخ الطوسي فقد أورد بعضه في أبواب التهذيب متفرقا ،وأورد جميع
ص255:
الكتاب مّرة واحدة كما يأتي ذكره:
ثالثا :علي بن إبراهيم .قال الشيخ الطوسي في مشيخة التهذيب 384:ومRRا ذكرتRRه عن علي بن إبRRراهيم بن هاشRRم فقد
رويته بهذه االسانيد عن محّم د بن يعقوب أي الكليني.
رابعا :سهل بن زياد .وسبق قولنا فيه ان الشيخ -أيضا -ينقل روايته عن الكافي.
خامسا :محّم د بن الحسن بن الوليد .وسبق القول فيه.
أسانيد المجموعة الثانية:
تنحصر برواية الشيخ الصدوق ومن تبعه :قال الشيخ الصدوق في باب «دية جوارح االنسان »...من كتاب :فقيRRه
من ال يحضره الفقيه:
-7روى الحسن بن علي بن فّض ال عن ظريف بن ناصح عن عبد هّللا بن أّيوب ،قال حّRد ثني حسRRين الرواسRRي عن
ابن أبي عمRرو الطRبيب ،قRال :عرضRت هذه الروايRة على أبي عبRد هّللا (ع) فقال :نعم هي حّRق ،وقRد كRان أمRير
385
المؤمنين (ع) يأمر عّم اله بذلك ،قال :أفتى (ع) في كل عظيم له مّخ ...الحديث.
روى الشيخ الصدوق هنا كتاب الديات عن الحسن بن علي بن فّضال
ص257:
ذكر الشيخ الصدوق بهذا السند في هذا البRاب جميRع كتRاب الRديات أو فرائض علي في اثنتي عشرة صفحة من
387
اخريات كتابه.
أسانيد اخرى للكتاب إلى ظريف فحسب:
قال الشيخ الطوسي بترجمة ظريف من الفهرست:
-8له كتاب الديات ،أخبرنا به الشيخ المفيد أبو عبد هّللا رحمRRه هّللا عن أبي الحسRRين أحمRRد بن محّم د بن الحسRRن بن
الوليد.
-9وأخبرنا ابن أبي جيد ،عن محّم د بن الحسن الصRRفار ،عن أحمRRد بن محّم د بن عيسRRى ،عن الحسRRن بن علي بن
388
فّضال ،عنه.
-10وقال أبو العّباس أحمد بن علي بن أحمد بن العّباس النجاشي (ت 405 :ه )-في ترجمة ظريف من رجاله :لRRه
كتب ،منها كتاب الديات ،رواه عّد ة من أصحابنا.
-11أخبرنا عّد ة من أصحابنا عن أبي غالب أحمد بن محّم د ،قRال :قRرأ علَّي عبRد هّللا بن جعفRر وأنRا اسRمع ،قRال:
389
حّد ثنا الحسن بن ظريف ،عن أبيه به.
ص258:
انتهت أسانيد المشايخ في روايتهم الكتاب عن االمام الصادق إلى عشرة أسانيد حسب احصائنا لهRRا في مصRRنفاتهم،
وتنقسم سالسل أسانيدهم إلى االمام الصادق إلى قسمين:
نمايش تصوير
ص260:
ب -أسانيد الكتاب من المشايخ إلى ظريف:
أوردنا آنفا أسانيد المجموعتين إلى ظريف ،ونكتفي هنا بايرادهما في جدولين ليسهل البحث حولهما:
أ -أسانيد المجموعة االولى:
نمايش تصوير
ص261:
نمايش تصوير
393
394
ص262:
ب -جدول سند المجموعة الثانية:
وتبعه الشيخ الطوسي وأورد هذا القسم من كتاب الديات ،في باب ديات الشجاج من تهذيبRه بلفRظ الكليRني في سRنده
396
ومتنه.
ثانيا -سند يونس بن عبد الرحمن مولى آل يقطين:
روى الكليني في باب «ما يمتحن به من يصاب »...من كتابه الكافي :عن علي بن إبراهيم ،عن محّم د بن عيسRRى،
عن يونس .قال يونس :عرضت عليه الكتاب فقال« :هو صحيح» .وأورد من الكتاب مRRا يخص كيفيRRة امتحRRان من
397
اصيب في احدى عينيه.
وتبعه الشيخ الطوسRRي وأورده بلفRRظ الكليRRني في سRRنده ومتنه ببRRاب «ديRRات االعضRRاء والجRRوارح »...من كتRRاب
398
التهذيب.
ويجمع المشايخ بين السندين في جّل ما أوردوه في روايتهم الكتاب عن االمام الرضا.
في المثال االّول ،قال الكليني والطوسي :علي بن إبراهيم ،عن محّم د بن عيسى ،عن يونس ،عن أبي الحسRRن (ع).
وعنه عن أبيه ،عن ابن فّض ال ،قال :عرضت الكتاب على أبي الحسن ،فقال :هو صحيح ...
ص264:
وفي المثال الثاني ،قاال :علّي بن إبراهيم ،عن محّم د بن عيسى ،عن يRRونس .وعن أبيRRه عن ابن فّض ال جميعRRا عن
أبي الحسن الرضا (ع) .قال يونس :عرضت عليه الكتاب فقال هو صحيح ...
وكذلك فعل الكليني في «باب آخر» من كتاب الديات وقال :علّي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن فّضال .ومحّم د بن
عيسى ،عن يونس جميعا ،قاال :عرضنا كتاب الفرائض عن أمير المؤمنين (ع) على أبي الحسن الرضا (ع) فقال:
«هو صحيح» ...
ثّم أورد قسما كبيرا من كتاب الديات في هذا الباب 399،وتبعه الشيخ الطوسي في إيراد أحد أسانيد الكليRني ومRRا فيRه
400
بيان شترالعين وفقد الحاجب من أّو ل ما أورده الكليني.
401
وفي باب «القسامة» من الكافي أيضا أورد الكليني من الكتاب ما يخص القسامة بالسندين المذكورين.
قال الكليني في باب «ما يمتحن به من يصاب في سمعه »...عّد ة من أصحابنا ،عن سهل بن زياد ،عن الحسRRن بن
ظريف ...إلى قولRه ،حّRد ثني أبRو عمRرو المتطبب ،قRال :عرضRت هذا الكتRاب على أبي عبRد هّللا (ع) .وعلي ابن
فّض ال عن الحسن بن الجهم ،قRال :عرضRته على أبي الحسRن الرضRا (ع) فقال لي :ارووه فاّن ه صحيح ،ثّم ذكRر
407
مثله.
قصد الكليني ان عّد ة من أصحابنا رووا عن سRRهل بن زيRRاد ،عن الحسRRن ابن ظريRRف روايRRة عRRرض الكتRRاب على
االمام الصادق (ع).
ص269:
نمايش تصوير
ص270:
نمايش تصوير
ص271:
خالصة البحث
إّن كتاب الديات المنسوب إلى ظريف بن ناصح ،كان االمام علُّي قد كتبه بخطه أو اّنه كان قد أماله ،وكتب بRRه إلى
امرائه ،وكتبه شيعته وتوارثوه جيال بعد جيل حتى إذا انتهوا إلى عصRRر االمRRام الصRRادق عرضRRوه عليRه فقال عن
الرواية« :نعم هو حق وقد كان أمير المؤمنين يأمر عماله بذلك».
وفي وراية :أفتى أمير المؤمنين فكتب الناس فتياه ،وكتب أمير المؤمنين به إلى امرائه ورؤوس أجناده.
ثّم تسلسل الرواة عن االمام الصادق حتى عصر المشايخ ،وفي هؤالء الرواة من أدرك االمام الرضا (ع) وعرض
الكتاب عليه ،فقال الحدهم :نعم هو حق ،قد كان أمير المؤمنين يأمر عّم اله بذلك!
وقال للثاني :هو صحيح.
وقال للثالثُ :أرووه فاّنه صحيح.
ثّم تسلسل الرواة أيضRRا عن االمRRام إلى المشايخ ،وأدرجRRه المشايخ في الكتب االربعRRة :الكRRافي والفقيRRه والتهRRذيب
واالستبصار.
فّرق الكليني الكتاب على أبواب الديات في الكافي .وأورد الصدوق جميعه مرة واحدة وفي باب واحد من الفقيه.
وأورد الشيخ الطوسي جميعه في مكان واحد من التهذيب ،وأورده أيضا متفرقا في أبواب مختلفة منه.
وأورد قسما منه في باب واحد من االستبصار.
ص272:
تسلسلت روايRRات المشايخ إلى االئمRRة في نقل كتRRاب الRRديات عنهم ،وأوردوا أحRRاديث اخRRرى عن االئمRRة في نفس
مواضيع كتاب الديات ،وبنفس المغزى ،مثاله ما قاله الكليني في باب «دية الجنين»:
وبهذا االسناد ،أي باالسناد الذي أورده في أّول الباب إلى االمامين (الصادق والرضا) في نقل كتاب الديات ،قال:
-1وبهذا االسناد عن أمير المؤمنين (ع) قال :جعل دية الجنين مائة دينار وجعل مRRني الرجRRل إلى أن يكRRون جنينا
خمسة أجزاء :فإذا كان جنينا قبل أن تلجه الُّر وح مائة دينار وذلك اّن هّللا عّز وجّRRل خلRRق االنسRRان من سRRاللة وهي
النطفة فهذا جزء ،ثَّم علقة فهو جزءان ،ثّم مضغة فهو ثالثة أجزاء ،ثَّم عظمRRا فهRRو أربعRRة أجRRزاء ،ثّم يكسRRى لحمRRا
فحينئذ تّم جنينا فكملت له خمسة أجزاء مائة دينار ،والمائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائRRة عشرين
دينارا ،وللعلقة خمسي المائة أربعين دينارا ،وللمضغة ثالثة أخمRRاس المائRRة ،سّRتين دينارا وللعظم أربعRRة أخمRRاس
المائة ،ثمانين دينارا ،فإذا ُك ِس َي الّلحم كانت له مائة دنيار كاملة ،فإذا نشأ فيه خلRRق آخRRر وهو الُّRRر وح؛ فهRRو حينئذ
نفس فيه ألف دينار دية كاملة إن كان ذكRرا ،وإن كRان اثنى فخمسRمائة دينار ،وإن قتلت امRرأة وهي حبلى فتّم فلم
يسقط ولدها ولم يعلم أذكر هو أم ُأنثى ،ولم يعلم أبعدها مات أو قبلها؛ فديته نصفان ،نصف دية الذكر ونصRRف ديRRة
االنثى ،ودية المرأة كاملة بعد ذلك وذلك سّتة أجزاء من الجنين ،وأفتى (ع) في مRRنّي الرجRRل يفRRزع 408من عرسRRه
فيعزل عنهاالماء .ولم يرد ذلك نصف خمس المائة عشرة دنانير ،وإذا أفرغ فيها عشرين دينارا ،وقضRRى في ديRRة
جراح الجنين من حسRRاب المائRة على مRRا يكRRون من جRراح الRذكر واالنRثى الرجRل والمRRرأة كاملRة ،وجعRRل لRه في
قصاص جراحته
ص273:
409
ومعقلته على قدر ديته وهي مائة دينار.
وجاء أيضا في نفس الباب عن سعيد بن المسّيب قال :سألت علّي بن الحسين (ع) عن رجRRل ضRRرب امRRرأة حRRامال
برجله فطرحت ما في بطنها ميتا فقال :إن كان نطفة فإَّن عليه عشرين دينارا ،قلت :فما حُّد النطفة؟ فقال :هي اّلتي
إذا وقعت في الرحم فاستقّرت فيه أربعين يوما ،قال :وإن طرحته وهو علقة؛ فإّن عليRRه أربعين دينارا ،قلت :فمRRا
حُّد العلقة؟ فقال :هي اّلتي إذا وقعت في الرحم فاستقَّرت فيه ثمانين يوما ،وإن طرحته وهو مضغة؛ فإَّن عليه سّتين
وعن ابن مسكان ،عن أبي عبد هّللا (ع) قRRال :ديRRة الجRRنين خمسRRة أجRRزاء :خمس للنطفRRة عشرون دينارا ،وللعلقة
خمسان أربعون دينارا ،وللمضغة ثالثة أخماس سّتون دينارا ،وللعظم أربعة أخماس ثمانون دينارا ،فإذا تّم الجRRنين
كانت له مائة دينار ،فإذا أنشأ فيRه الّRروح فديتRه ألRف دينار أو عشرة آالف درهم إن كRان ذكRرا ،وإن كRان ُأنRثى
فخمسمائة دينار ،وإن قتلت المرأة وهي حبلى فلم يدر أذكر كان ولدها أو ُأنثى فدية الولد نصفان نصف ديRRة الRRذكر
412
ونصف دية االنثى وديتها كاملة.
في هذا المورد وجدنا الحكم المبّين في حديث االمام الصادق (ع) نظRRير الحكم المشروح في حRRديث االمRRام البRRاقر
(ع) ،والحكم في حديثيهما نظير الحكم في حديث االمام السّج اد (ع) ،والحكم في أحاديثهم هذه نظRRير مRRا في كتRRاب
الديات الذي أماله االمام علي (ع) ،وفي الباب أيضا حديثان آخران عن االمامين الباقر والصRRادق (ع) ال يختلفRRان
413
عّم ا سبق إاّل بمقدار ما بين الموجز والمفّصل والمجمل والمبّين.
وكذلك نجد في باب «دية الجنين» ثالثة أحاديث عن االمام الصادق (ع) بمغزى واحد ،روى االّو ل أبو بصير عن
أبي عبد هّللا ،قال :إن ضرب رجٌل بطن امرأة حبلى فألقت ما في بطنها ميتا؛ فإّن عليه غّرة عبد أو أمة يدفعها
ص275:
414
إليها.
وروى الثاني داود بن فرقد ،عن أبي عبد هّللا (ع) قال :جاءت أمرأة فاستعدت على اعرابي قد أفزعها فالقت جنينا
415
فقال االعرابّي لم يهّل ولم يصح ومثله يطل فقال النبُّي (ص) :اسكت سّج اعة :عليك غّرة وصيف ،عبُد أو أمة.
انقطعت صلة الرواة بمن أخذه عن االمام في عصر بني امّية على أثر نشاط خلفاء بRRني أمّي ة العRRدائي ضRRد االئمRRة
من آل علي (ع) وشيعتهم ،حتى إذا كان عصر االمRRام الصRRادق (ع) ،عرضRRوا الكتRRاب الRRذي ورثوه من أسRRالفهم
عليه ،ومن بعده عرضوه على االمام الرضا (ع) فتسلسل الرواة عنهمRRا إلى المشايخ .وفي مRRا يلي تعريRRف اولئك
الرواة:
أ -من روى كتاب الديات عن االمام الصادق (ع) في المجموعة االولى:
أوال :سند الشيخ الكليني في الكافي:
روى الشيخ الكليني كتاب الديات عن «عّد ة» عن سهل بن زياد .ومن ُأولئك العّد ة:
-1محمد بن جعفر بن محمد بن عون االسدي:
قال النجاشي في ترجمته :أبو الحسين الكوفي ،ساكن الري ،له ...أخبرنا ...بجميع كتبه ،ومات سنة 312ه.-
417
وقال الطوسي :له كتاب ...أخبرنا به جماعة ...ورواياته بجامع الرواة.
ص277:
-2محمد بن الحسن الصفار:
سبقت ترجمته.
-3علي بن محمد بن أبان الرازي الكليني المعروف بعاّل ن:
وقال الشيخ الطوسي في ترجمتRه :لRه كتRاب أخبرنRا بRه عّRد ة من أصحابنا ...وذكRر االردبيلي رواياتRه في جRامع
الرواة ... 421وروى الحسن بن ظريف ،عن أبيه ظريف بن ناصح وسبقت ترجمته.
وروى ظريف بن ناصح عن عبد هّللا بن أيوب بن راشد الزهري
قال النجاشي في ترجمته :بّياع الزطي ،روى عن جعفر بن محّم د (ع) .له كتاب النوادر ،أخبرنا ...
422
وقال الشيخ الطوسي في ترجمته :له كتاب رويناه عن جماعة ...وتعريف رواياته بجامع الرواة.
وروى ابن أيوب كتاب الديات عن محّم د بن أبي عمرو الطبيب عن االمRRام الصRRادق (ع) ،وقRد سRRبقت ترجمRRة ابن
أبي عمرو.
ثانيا :سند الشيخ الطوسي:
تنتهي أسانيد الشيخ الطوسي إلى ظريف بثالثة طرق:
1
-سند الشيخ الكليني الذي درسناه آنفا:
يتصل سند الشيخ الطوسي إلى الشيخ الكليني في روايRة كتRاب الكRافي بواسRطة جماعRة ذكRرهم في مشيخة كتRاب
التهذيب ،قال :فما ذكرنا في هذا الكتاب عن محّم د بن يعقوب الكليني (ره) فقد أخبرنا به الشيخ أبRRو عبRRد هّللا محّم د
بن محّم د بن النعمان (ره) ،عن أبي القاسم جعفر بن محّم د بن
ص279:
.)1 ( 418رجال النجاشي ص 292وص ،198ومجمع الرجال ،214 /4وجامع الرواة .596 /1
.)2 ( 419مجمع الرجال ،265 /5وجامع الرواة .150 /2
.)3 ( 420رجال النجاشي ص ،140والفهرست ص ،106وجامع الرواة ،393 /1ومجمع الرجال .179 /3
.)1 ( 421رجال النجاشي ص ،146وفهرست الطوسي ص ،130وجامع الرواة 477 /1و ،474 /1ومجمع الرجال 256 /3و .117 /2
.)2 ( 422رجال النجاشي ص ،146وفهرست الطوسي ص ،130وجامع الرواة 477 /1و ،474 /1ومجمع الرجال 256 /3و .117 /2
قولويه (ره) ،عن محّم د بن يعقوب و 423...نكتفي بهذا السند وندرس الواسطتين فيه:
روى الشيخ الطوسي عن شيخه المفيد ،والمفيRد عن الشيخ أبي جعفRر محّم د ابن علّي بن الحسRين بن بابويRه ،عن
محّم د بن الحسن بن الوليد ،عن أحمد بن ادريس ،عن محّم د بن حسRان الRرازي ،عن اسRماعيل بن جعفRر الكندي،
عن ظريف بن ناصح... ،
أوال -الشيخ المفيد:
مضت ترجمته.
ثانيا -الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه بن موسى القمي نزيل الري:
قال النجاشي :شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان ،وكان ورد بغداد سنة خمس وخمسRين وثالثمائRة وسRمع منه
شيوخ الطائفة وهو حدث السن ،وله كتب كثيرة منها ...
أخبرنا بجميع كتبه ،وقرأت بعضRRها على والRRدي علي بن أحمRRد بن العّب اس النجاشRRي (رض) ،وقRRال لي :أجRRازني
جميع كتبه لّم ا سمعنا منه ببغداد ،ومات سنة ( 381ه.)-
وقال الشيخ في الفهرست :كان جليال حافظا لالحاديث ،بصيرا بالرجال ،ناقدا لالخبار ،لم يRر في القمRRيين مثلRه في
حفظه وكثرة
علمه ،له نحو من ثالثمائة مصّنف ...
426
أخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا ،منهم ...كّلهم عنه ،وذكر نظير هذا القول في رجاله.
.)1 ( 423قاله الشيخ الطوسي في مشيخة كتابه :التهذيب ص .23 -5
.)2 ( 424مجمع الرجال .38 -33 /6
.)3 ( 425فهرست الطوسي ص ،67ومجمع الرجال ،38 -37 /2روضات الجنات ،171 /2وجامع الرواة .158 -157 /1
.)1 ( 426مجمع الرجال ،273 -269 /5وجامع الرواة .154 /2
ص281:
ثالثا :محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد:
قال النجاشي :أبو جعفر شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ،ثقة ،ثقة ،عين مسRكون إليRه ،لRه كتب منهRا ...أخبرنRا ...
بجميع كتبه وأحاديثه ،مات سنة ( 343ه.)-
وقال الشيخ الطوسي في الفهرست :جليل القدر ،عRارف بالرجRال ،موثوق بRه ،لRه كتب جماعRة ،منهRا ...أخبرنRا
برواياته ابن أبي جيد عنه ،وأخبرنا جماعة عن ...وأخبرنا جماعة ...عنه ...وقRRال نظRRير هذا في رجالRRه ،وعين
427
االردبيلي أماكن رواياته في الكتب.
رابعا -أحمد بن ادريس:
قال النجاشي :أبو علي االشعري القمي ،كان ثقة ،فقيها في أصحابنا ،كثRRير الحRRديث ،صحيح الروايRRة ولRRه كتRRاب
النوادر ،أخبرني
عّد ة من أصحابنا اجازة .توفي بالقرعاء في طريق مكة سنة ست وثالثمائة.
وقال الطوسي في الفهرست :له كتاب النوادر كبير ،كثير الفوائد ،أخبرنا بسائر رواياته الحسين بن عبيد هّللا ...
وقال في رجاله :وروى في رجاله عن التلعكبري انه قال :سمعت عنه أحRRاديث يسRRيرة في دار ابن همRRام وليس لي
428
منه اجازة .وفي جامع الرواة أماكن رواياته.
يعرف مّم ا سبق ان النجاشي لم يسمع كتاب نوادره من شيخ ،ولم يقرأه على شRRيخ ،وانمRRا لRRه اجRRازة بروايتRRه ،واّن
الشيخ الطوسي سمع رواياته من شيوخه ،عدا كتاب النوادر ،وهذا ال ينافي اّن الشيخ الطوسي روى كتاب الديات،
ص282:
برواية ظريف بوسايط عنه ،فان كتاب الديات كان من مروّياته الالتي أخبره بها اساتذته.
.)1 ( 427النجاشي ص ،297وفهرست الطوسي ص ،184ومجمع الرجال ،183 -182 /5جامع الرواة .90 /2
.)2 ( 428مجمع الرجال ،94 -93 /1وجامع الرواة .41 -40 /1
.)1 ( 429مجمع الرجال ،180 /5وجامع الرواة .88 /2
-1إبراهيم بن هاشم القمي:
قال الكشي :من أصحاب موسى بن جعفر (ع).
قال النجاشي :كوفي انتقل إلى قم ،وهو أول من نشر حديث الكوفيين بقم ،له كتب ،منها ...أخبرنRRا ...عن علي بن
إبراهيم عن أبيه بها.
وقال الطوسي :ذكروا اّنه لقي الرضا ،والذي أعرف من كتبه ...و ...أخبرنRRا بهمRRا جماعRRة من أصحابنا منهم ...
كّلهم عن علي بن إبراهيم بن هاشم،
ص283:
430
عن أبيه .وفي جامع الرواة تعريف رواياته.
ثالثا -الشيخ الطوسي إلى ابن فضال بسلسلة ثالثة غير سلسلة الكليني:
روى الشيخ الطوسي :عن الشيخ المفيد ،عن أبي جعفر الصدوق ،عن محّم د بن الحسRRن بن الوليRRد ،عن محّم د بن
الحسن الصفار ،عن أحمد بن محّم د ابن عيسى ،عن الحسن بن علي بن فّضال.
وفي ما يلي تراجم من لم يترجم له في ما سبق:
أ -أحمد بن محمد بن عيسى ،أبو جعفر االشعري القمي:
قال النجاشي :شيخ القميين ووجههم وفقيههم .لقي الرضا وأبا جعفر الثاني وأبا الحسن العسكري .له كتب ،منها ...
أخبرنا بكتبه ...
وقال الشيخ الطوسي :أخبرنRRا بجميRRع كتبRRه ورواياتRRه عّRد ة من أصحابنا ،منهم ابن أبي جيRRد ...وتعريRRف رواياتRRه
437
بجامع الرواة.
***
بالطرق الثالث االنفة روى الشيخ الطوسRRي ،عن ظريRف بن ناصح ،عن عبRد هّللا بن أيRوب ،عن ابن أبي عمRRرو
الطبيب ،عن االمام الصادق (ع).
كانت هذه أسانيد المجموعة االولى .ونذكر في ما يلي سلسلة سند المجموعة الثانية.
سلسلة سند الشيخ الصدوق في كتاب الفقيه:
روى الشيخ الصدوق في كتاب الفقيه ،عن علي بن الحسين بن بابويه ،عن سعد بن عبد هّللا .عن احمد بن محّم د بن
عيسى ،عن الحسن بن علّي بن
.)2 ( 434مجمع الرجال ،164 /4وجامع الرواة ،554 /1وشرح مشيخة التهذيب ص .34
.)3 ( 435مجمع الرجال ،168 -167 /1ومشيخة التهذيب ص ،34وجامع الرواة .71 /1
.)1 ( 436مجمع الرجال ،250 /3وجامع الرواة .423 /1
.)2 ( 437النجاشي ص ،64والفهرست ص ،49 -48وجامع الرواة ،69 /1ومجمع الرجال .165 -161 /1
ص286:
فّض ال ،عن ظريف بن ناصح ،عن عبد هّللا بن أّيوب ،عن حسين الّرواسي ،عن محّم د بن أبي عمرو الطبيب ،عن
االمام الصادق.
وسبق تعريف رواة هذه السلسلة عدا ثالثة منهم ،وهم:
-1علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ،أبو الحسن القمي:
قRRال النجاشRRي :شRRيخ القمRRيين في عصRRره ،وفقيههم ،وثقتهم ،لRRه كتب ،منهRRا ...قRRدم بغRRداد سRRنة ثمRRان وعشرين
وثالثمائة ،واجاز فيها العباس بن عمر الكلوذاني بجميع كتبه ،وتوفي سنة تسع وعشرين وثالثمائة.
وقال الطوسي :كان فقيها جليال ثقة ،له كتب كثيرة ،منها ...أخبرنا بجميع كتبه ورواياته الشيخ المفيRد ...وعّRRرف
438
االردبيلي رواياته بجامع الرواة.
سعد بن عبد هّللا بن أبي خلف االشعري القمي:
قال النجاشي :شيخ هذه الطائفة وفقيهها ،ووجهها ،سمع من حديث العاّم ة شيئا كثيرا وصّنف كتبا كثيرة ،وقRRع إلينا
منهRRا ...أخبرنRRا بكتبRRه ...و ...قRRاال :حّRRد ثنا سRRعد بكتبRRه؛ قRRال الحسRRين بن عبيRRد هّللا الغضRRايري :جئت بكتابRRه
(المنتخبات) إلى أبي القاسم بن قولويه (ره) أقرأها عليه ،فقلت :حّد ثك سعد؟ فقال :ال ،بل ح ّRد ثني أبي وأخي عنه،
وأنا لم أسمع من سعد إاّل حديثين (ت 301 :أو 299ه.)-
وقال الشيخ الطوسي :أخبرنا بجميع كتبه ورواياتRRه عّRد ة من أصحابنا ،عن محّم د بن علي بن الحسRRين ،عن أبيRRه.
ومحّم د بن الحسن ،عن سعد بن عبد هّللا ،عن رجاله.
قال محّم د بن علي بن الحسين :إاّل كتاب المنتخبات فاّني لم أروها عن محّم د
ص287:
ابن الحسن إاّل أجزاء قرأتهRا عليRه ،واعلمت على االحRاديث اّل تي رواها محّم د بن موسRى ...وفي جRامع الRرواة
439
تعيين رواياته.
ثّم قال النجاشي :قرأ أحمد بن الحسين كتاب الصالة والزكاة؛ ومناسك الحّج ،والصيام ...على أحمد بن عبد الواحد
في مّد ة سمعتها معه.
وقرأت أنا كتاب الصيام عليه في مشهد العتيقة؛ عن ابن الزبRRير ،عن علي ابن الحسRRن .وأخبرنRRا بسRRائر كتب ابن
فّضال بهذه الطريق.
إذا فالشيخ النجاشي سمع قراءة زميله كتب ابن فّضال على شيخه .كما قرأ الشيخ النجاشRRي أيضRRا بنفسRRه كتب ابن
فّض ال على شيخه في مشهد العتيقة ،ثّم قال النجاشي :وأخبرنا محّم د بن جعفRRر في آخRRرين عن أحمRRد بن محّم د بن
سعيد ،عن علي بن الحسن بكتبه.
يعني النجاشي :اّن محّم د بن جعفر كان قد أخRRذ عن أحمRRد بن محّم د بن سRRعيد وهذا عن ابن فّض ال كتبRRه ،وأخRRبر
محّم د بن جعفر بهذا السند جماعRة بكتب ابن فّض ال كRان من ضRمنهم النجاشRي ،وبهRاتين الطريقتين روى الشيخ
النجاشي كتب ابن فّضال.
وقال الطوسي في الفهرست :كوفّي ،ثقة ،كثير العلم ،واسRع االخبRار ،جّي د التصRانيف؛ غRير معانRد ،وكRان قRريب
االمر إلى أصحابنا االمامية القائلين باالثني عشر؛ عليهم السالم؛ وكتبه مسRRتوفاة في االخبRRار؛ حسRRنة؛ وقيRRل :اّنهRRا
ثالثون كتابا؛ منها ...
أخبرنا بكتبه قراءة عليه أكثرها ،والباقي إجازة؛ أحمد بن عبدون عن علّي ابن محّم د بن الزبير سماعا واجازة عن
443
علّي بن الحسن بن فّض ال .وذكر االردبيلي رواياته في جامع الرواة.
ص291:
والحسن بن الجهم:
قال النجاشي :الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين الشيباني الزراري .أبو محّم د ،ثقة .روى عن أبي الحسRRن موسRRى
والرضا؛ له كتاب ...أخبرنا عّد ة من أصحابنا ...
.)1 ( 443رجال النجاشي ص ،196 -195وفهرست الطوسي ص ،118وجامع الرواة 569 /1ومجمع الرجال .182 -180 /4
444
وقال الطوسي في الفهرست :له مسائل ،أخبرنا بها ...وبحث االردبيلي في جامع الرواة عن رواياته.
تداخل االسانيد وتشابكها:
وجدنا في ما سبق:
أ -أن عبد هّللا بن أيوب يروي الكتاب عن حسRRين الرواسRRي ،عن ابن أبي عمRRرو تRارة ،وعن ابن أبي عمRRرو نفسRRه
تارة ُأخرى.
ب -وان الحسن بن علي بن فّض ال ،مرة يروي الكتاب عن االمام الصادق عن ظريف بن ناصح ،واخرى يعRRرض
الكتاب بنفسه على االمام الرضا ويرويه عنه.
ج -وأن سهل بن زيRاد يRروي الكتRاب عن الحسRRن بن ظريRف ،عن أبيRه ظريRف ،عن أيRوب ،عن ابن أبي عمRRرو
الطبيب عن االمام الصادق .كما يرويه عن محّم د بن عيسى ،عن يونس بن عبد الرحمن ،عن االمام الرضا (ع).
د -وان محمد بن الحسن الصفار ،يروي عن أحمد بن عيسى ،عن الحسن ابن علّي بن فّض ال ،عن ظريف ،وسRRهل
بن زياد ،عن الحسن بن ظريف ،عن ظريRف بسRنده إلى االمRام الصRادق (ع) .كمRا روى عن سRهل بن زيRاد ،عن
محّم د ابن عيسى ،عن يونس ،عن االمام الرضا (ع).
ص292:
ه --واّن علي بن إبراهيم يروي عن أبيه ،عن الحسن بن فّض ال ،عن ظريف بسنده عن االمام الرضRRا .كمRRا يRRروي
عن محّم د بن عيسى ،عن يونس ،عن االمام الرضا.
و -واّن محمد بن الحسن بن الوليد ،يروي عن أحمد بن ادريس ،عن محّم د بن حسان عن اسRRماعيل ،عن ظريRRف،
وعن محّم د بن الحسن الصّفار ،عن أحمد بن عيسى ،عن الحسن بن فّضال ،عن ظريف بسنده إلى االمام الصRRادق
(ع).
ز -واّن الشيخ الكليني يروي :بأربعRRة أسRRانيد ،عن سRRهل ،وبسRRندين عن محّم د بن عيسRRى ويRRونس .وينتهي بثالثة
اسانيد إلى االمام الرضا.
ح -واّن الشيخ الصدوق يروي عن محّم د بن الحسن بطريقيه السابقين ،إلى االمام الصادق (ع) وإلى االمام الرضا
(ع) .وكذا تتداخل االسانيد ،وتتشابك في رواية أمثال كتاب الديات ،ومن ثّم يعلم اّن ضعف أحد الرواة في سند ما،
يجبر بتسلسل رواة عدول في السند االخر.
أضف إليه اّنه أحيانا كان عندهم االصل أو الكتRاب الRذي يأخRذون عنه ،مشتهرا في عصRرهم ،متRواترا نقلRه عن
مؤّلفه ،مثل اشتهار الكتب االربعة :الكافي والفقيه والتهذيب واالستبصار اليوم لدينا ،ولم يكونوا بحاجRRة إلى اثبRRات
الكتاب إلى مؤّلفة ،واّنما كانوا يذكرون اتصال سندهم قراءة إلى مؤلفه ،وأحيانا إجازة بواسطة أو بوسRRائط مضRRافا
إلى اتصال سندهم قراءة بوسائط اخرى.
وكذلك يعلم اّن انقطاع سند هذا الكتاب إلى أبي االئمة (االمام علي (ع» ال يقدح في صحة انتسابه اليهم بعد اّتصال
سالسل أسانيده إلى االمامين الصادق والرضا (ع).
***
ص293:
.)1 ( 444رجال النجاشي ص ،40وفهرست الطوسي ،72وجامع الرواة ،191 /1ومجمع الرجال .101 -100 /2
هكذا أدخل أصل ظريف -أو باالحرى كتاب الديات برواية ظريف -في الموسRRوعات الحديثيRRة وأصبح جRRزءا من
آحادها وانتهى إلينا بوساطتها ،مع بقاء أصله منفRردا بين أيRدي المحّRد ثين ،يرويRه محّRد ث عن محّRد ث ،حيث قRال
الشيخ أبو زكريا يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسRن الهRذلي المولRود بالكوفة ( 601ه )-و (ت 689 :أو 690ه)-
بالحّلة 445،في آخر باب الديات من كتابه «جامع الشرايع».
فصل :فلّم ا انتهيت إلى هنا ،وهو المقصود بالكتاب ،سأل من وجب حقه ،اثبRRات كتRRاب الRRديات لظريRRف بن ناصح
(رض) باسناده ،وأجبته إلى ذلك ،ها أنا ذاكره على وجهه ان شاء هّللا تعالى .أخبرني:
ثّم أورد أسانيده البالغة ثمانية إلى الشيخ الكليني والطوسي ،مثل قولRRه :أخRRبرني الشيخ محّم د بن أبي البركRRات بن
إبراهيم الصنعاني في شهر رجب سنة ست وثالثين وستمائة ،عن الشيخ أبي عبد هّللا الحسين بن هبة هّللا بن رطبRRة
446
السوراوي ،عن أبي علي ،عن والده الشيخ أبي جعفر الطوسي.
وقال شيخنا صاحب الذريعة :و «نسخة الجامع» هذه اّلتي عليها خّط المؤّلف ،وقد قرئت عليه؛ موجودة في مكتبRRة
سّيدنا الحسن صدر الدين بالكاظمية وهذه صورة خّطه« :انهاه قراءة وسماعا له ،وفقه هّللا واّيانا لمرضRRاته بمحّم د
وآله ،وكتب يحيى بن سعيد في ج .»681 /2
وقRال النوري في شRRرح حRال الكتب ومؤّلفيهRRا من خاتمRRة مسRRتدرك الوسRRائل 447:كتRاب الRديات هو من االصول
المشهورة واعتمد عليها المشايخ ...إلى قوله:
ص294:
وبالجملة فهذا الكتاب معRRروف مشهور معتمRRد عليRRه وقRRد نقلRRه في الوسRRائل -وسRRائل الشيعة إلى تحصRRيل مسRRائل
الشريعة -448عن الكافي والتهذيب والفقيه وفّرق أجRزاءه على االبRواب ،ونحن نقلناه عن االصل وبينهمRا اختالف
في بعض المواضع ...
***
وجدنا هذا االصل أو هذا الكتاب منذ القرن االّول الهجRRري إلى عصRRرنا هذا( :القرن الخRRامس عشر الهجRRري)
تتداوله أيدي المحدثين ،يرجعون إلى نسخة االصل أحيانا وآونة إلى من نقل عنه ،ولم تنقطع صلتهم بRRه ،واّن آخRRر
من رجع إلى نسخة االصل من المحّد ثين هو المحّد ث النوري المتوفي 1320ه -فجRRزأ أحاديثRRه على أبRRواب كتRRاب
الديات من مستدرك الوسائل.
***
ضRRربنا مثال لرجRRوع المشايخ إلى االصول والمRRدّو نات الحديثيRRة الصRRغيرة برجRRوعهم إلى كتRRاب الRRديات روايRRة
ظريف ،وفي ختام البحث ينبغي أن ندرس كيفيRة اتصRال أسRانيد المشايخ إلى أصحاب تلRك االصول والمRدّونات
الصغيرة ومنها إلى أئمة أهل البيت (ع).
ص295:
اّتصال سالسل أسانيد المشايخ :في مدرسة أهل البيت (ع) بهم
وهي نوعان:
أ -المناولة المقرونة باالجازة ،ويسّم ى عرض المناولة في مقابل عرض القراءة ،وهي دون السماع في المرتبة.
ب -المناولة المجردة عن االجازة ،بان يناوله كتابا ويقول :هذا سماعي أو روايتي من غير أن يقول :اروه عّني أو
أجزت لك روايته عّني ،والصحيح اّنه ال يجوز له الرواية بها ،وجَّو زها بعض المحّد ثين.
وإذا روى بها ،قال :حّد ثنا فالن مناولRة أو أخبرنRا مناولRة ،غRير مقتصRر على حّRد ثنا وأخبرنRا اليهامRه السRماع أو
القراءة.
رابعها :الكتابة:
وهي أن يكتب الشيخ مروّية لغائب أو حاضر بخّطه أو يأذن لثقة يكتبه له ،وهي أيضا نوعان:
أ -مقرونة باالجازة :بأن يكتب إليه :أجزت لك ما كتبته لك أو كتبت به إليك ونحو ذلك من عبارات االجRRازة .وهي
في الصحة والقّوة كالمناولة المقرونة باالجازة.
ب -مجردة عن االجازة :واختلفوا في جواز الرواية بها وعدمه.
خامسها :االجازة:
االجازة :إذٌن وتسويٌغ ،مثل قول الشيخ :أجزتك رواية كذا ،أو الكتاب
ص297:
.)1 ( 449لقد جعلها الشهيدان رابعا وجعال االجازة ثالثا ،غير ان ما ذكرا في المناولة المقرونة باالجازة بأنها أعلى أنواع االجازة على االطالق... ،
جعلني أعتبرها ثالثة وجعلت االجازة بالكتابة رابعة لقولهما فيهRا :هي في الصRحة والقوة كالمناولRة المقرونRة ،وذكRرت االجRازة بعRد هذه وجعلتهRا
خامسة في الترتيب.
الفالني ،أو رواية مسموعاتي أو ما اشتمل عليه فهرستي هذا .وال تجوز االجازة بما لم يتحّم له المجيز من حديث.
ويصّح للمجاز له اجازة المجاز لغيره ،فيقول :أجزت لك رواية ما اجيز لي روايته.
سادسها :االعالم:
وهو أن يعلم الشيخ الطالب أّن هذا الكتاب أو الحديث روايته ،أو سRRماعه من فالن ،من غRRير أن يقول :إروه عّني،
أو أذنت لك في روايته ونحوه .وفي جواز الرواية به قوالن :الجواز والمنع.
سابعها :الوجادة:
وهو أن يجد انسان بخّط معاصر له ،أو غير معاصر ،ولم يسمعه منه ،وليس لRه منه اجRازة ،وال خالف بينهم في
منع الرواية بها ،واّنما يقول :وجدت ،أو قرأت بخّط فالن «حRRدثنا فالن» ويسRRوق بRRاقي االسRRناد والمتن ،أو يقول:
450
وجدت بخط فالن ،أو في كتاب فالن ،عن فالن ....
***
في كّل هذه الصRور ليس الكالم من مجهRول لمجهRول عن مجهRول ،وأّنمRا الكالم حRول شRيخ وطRالب وحRديث أو
كتاب ،موجود كّل واحد منه في الخارج ،ومعلوم ومشخص.
ص298:
دراسة اّتصال المشايخ بأئّم ة أهل البيت (ع)
على ضوء ما أوردنا من تعريف مصطلحاتهم ندرس ألفRاظهم في االسRانيد لنعلم مRدى اّتصRال المشايخ في روايRة
الحديث بأئمة أهل البيت:
في ترجمة ظريف:
قال النجاشي :كان ثقة في حديثه ،صدوقا ،له كتب ،منها كتاب الديات ،رواه عّد ة من أصحابنا.
أخبرنا عّد ة من أصحابنا ،عن أبي غالب أحمد بن محّم د ،قال :قرأ علَّي عبد هّللا بن جعفRRر وأنRRا أسRRمع ،قRRال :حّRد ثنا
الحسن بن ظريف ،عن أبيه به.
451
وقال الطوسي :له كتاب الديات ،أخبرنا الشيخ أبو عبد هّللا ...وأخبرنا ابن أبي جّيد ....
قال النجاشي( :أخبرنا عّد ة من أصحابنا ،عن أبي غالب) وأخبرنا -في اصطالحهم -مشترك بين سRRماع التلميRRذ من
الشيخ ،وقراءة التلميذ أو قراءة زميله على الشيخ والشيخ يسمع ،ولعّل كّل ذلك وقع في روايRRة عّRد ة من االصحاب
عن أبي غالب ،أّم ا رواية أبي غالب عن شيخه وإلى آخر سلسRلة السRند فقد كRانت سRماعا عن الشيخ حسRب مفRاد
االلفاظ الواردة في السند.
وقال الطوسي هنا أي في الفهرست« :أخبرنا المفيد وابن أبي جّيد» وذكر
ص299:
صدر السند ،بينما هو يحذف صدور االسانيد في رواياته بكتابيه :االستبصار والتهذيب ويختزل الفاظ االسانيد.
وكذلك فعل الصدوق في الفقيه وقبله الكليني في الكافي وحذفا صدور أسانيد كتاب الديات.
.)1 ( 450أوردته ملخصا من الباب الثالث« في تحمل الحديث وطرق نقله» من كتRRاب درايRRة الشهيد الثRRاني زين الRدين العRRاملي( ت 975 :ه )-ط.
مطبعة النعمان بالنجف ص 108 -82وقد ذكر المامقاني تفصيل أقوال أهل الفن في مقباس الهداية ص .102 -95
.)1 ( 451مجمع الرجال .233 /3
وكذلك دأب المشايخ مع أسانيد جّل رواياتهم يحذفون صدور االسRانيد ويرمRزون إلى مقصRودهم أحيانRا ،واخRرى
يجملون القول ،مثل قولهم« :علي بن إبراهيم ،عن أبيه»« ،وعّد ة من أصحابنا ،أو عّد ة عن سهل بن زياد».
ثّم يشرحون في محّل آخر رمزهم ،ويبّينون تفصيل ذلك المجمل ،ويذكرون تمام السند ،كما فعل الصدوق في ذكر
مشيخته بآخر الفقيه ،والطوسي في شرح مشيخته بآخر االستبصار والتهذيب.
وقد قصدنا في ما أوردنا ببحث «معرفة رواة كتاب الديات» اراءة شرحهم لكيفية تلّقيهم الروايRRة من كRRل شRRيخ في
ترجمة ذلك الشيخ ،ووجدنا في ما ذكروا بتلك التراجم تثبتا في تحمل الحديث ونقله بما ال مزيRد عليRه؛ فهRRذا العRRالم
يروي عن شيخه أربعة من أحاديثه بال واسطة الّنه قد سمعها منه بنفسه ،ويروي سائر رواياته عنه بواسRRطة أبيRRه
وأخيه.
وآخر يسمع من أبيه كتبه مقابلة ومع ذلك فاّنه ال يرويها عنه بال واسطة الن سّنه كان عند سماعه اّياها عنه ثمانيRRة
عشر عام ولم يكن يفهم معنى الحديث تماما .ولهRذا فهRو يRروي تلRك الكتب عن أبيRه بواسRطة أخويRه الّل ذين سRمع
الكتب منهما في حال كمال ادراكه.
وذلك الشيخ الثالث يروي جميع ما في كتاب الشرائع ويسRRتثني منه حRRديثا واحRRدا في حكم لحم البعRRير ويحتRRاط في
روايته.
والرابع يقول :سمعت منه روايات يسيرة في دار ابن همام وليس لي منه اجازة.
***
ص300:
من كّل ما أوردنRRاه آنفRRا ومن نظRRائره الكثRRيرة في سالسRRل أسRRانيد الروايRRات ومحتويRRات رسRRائل االجRRازات يطمئن
الباحث إلى سالمة اتصال سالسل أسانيد المشايخ إلى أئمة أهل البيت في حدود القدرات البشرية.
وبعد البرهنة على ذلك ينبغي البحث في كيفية اتصال فقهاء مدرسة أهل البيت عبر القرون بالموسRوعات الحديثّي ة
اّلتي أّلفها ُأولئك المشايخ .ولنضرب مثال لذلك اتصالهم بأول الموسوعات الحديثيRRة بمدرسRRة أهل الRRبيت ،وأقRRدمها
زمنا ،وهو كتاب الكافي تRRأليف محّم د بن يعقوب الكليRRني ،وفي هذا الصRRدد قRRال الشيخ الطوسRRي في الفهرسRRت:
«محّم د بن يعقوب الكليني ،يكّنى أبا جعفر ،ثقة ،عارف باالخبار ،لRRه كتب منهRRا كتRRاب الكRRافي ،وهو يشتمل على
ثالثين كتابا ،أّوله كتاب العقل» .ثّم سّجل أسماء ُكُتِب الكتاب الكافي ،وقال في آخره« :كتاب الروضRRة آخRRر كتRRاب
الكافي».
وقال :أخبرنا بجميع كتبه ورواياته الشيخ أبو عبد هّللا محّم د بن محّم د بن النعمان ،عن أبي القاسRRم جعفRRر بن محّم د
بن قولويه ،عن محّم د بن يعقوب بجميع كتبه.
وأخبرنا الحسين بن عبيد هّللا قراءة عليه أكRثر هذا الكتRاب الكRافي عن جماعRة ،منهم :أبRو غRالب أحمRد بن محّم د
الزراري ،وأبو القاسم جعفر بن محّم د ابن قولويه ،وأبو عبد هّللا أحمRRد بن إبRRراهيم الصRRيمري المعRRروف بRRابن أبي
رافع ،وأبو محّم د هارون بن موسى التلعكبري ،وأبRRو المفّض ل محّم د بن عبRRد هّللا بن المّطلب الشيباني ،كّلهم عن
محّم د بن يعقوب.
وأخبرنا االجّل المرتضى ،عن أبي الحسين أحمد بن علي بن شعيب الكوفي ،عن محّم د بن يعقوب.
وأخبرنا أبو عبد هّللا أحمد بن عبدون ،عن أحمد بن إبراهيم الصRRيمري ،وأبي الحسRRين عبRRد الكRRريم بن عبRRد هّللا بن
نصر البّز از ،بتفليس وبغداد ،عن أبي
ص301:
جعفر محّم د بن يعقوب الكليني بجميع مصّنفاته ورواياته -...انتهى.
إذا فالشيخ الطوسي عّرف كتب الكافي واحدا بعد االخر وكان أّولها كتاب العقل وآخرها كتاب الروضة.
وقال :اّنه يرويه عن أربعة من شيوخه ،وكان هؤالء االربعة يروون الكتاب عن تالميذ الكليني ،وكان أحRRد شRRيوخ
الطوسي يروي الكتاب عن خمسة من تالميذ الكليني ،وآخر عن اثنين منهم.
وروى الطوسي عن شيوخه بلفظ (أخبرنا) وأخبرنا مشترك بين سماع لفظ الشيخ والقراءة على الشيخ ،غRير اّن ه
لّم ا ذكر في روايته عن الحسين بن عبيد هّللا اّنه يروي الكتاب عنه قراءة عليه أكثرها ،نفهم بأّن ه قRRد روى الكتRRاب
من بقية شيوخه في سلسلة هذا السند سماعا منهم.
هذا ما كان عن الشيخ الطوسي .أّم ا النجاشي فقد قال ... :صّنف الكتاب الكبير المعRRروف بRRالكليني ،يس ّRم ى الكRRافي
في عشرين سنة ،شرح كتبه :كتاب العقل ...كتاب الروضة.
يظهر مما ذكره النجاشي وغيره اّن الكتاب كما كان يسّم ى باسم «الكافي» كان يسّم ى أحيانا باسم مؤّلفه «الكليني»
كما نسّم ي نحن اليوم أحيانا كتاب «تاريخ االمم والملوك» تأليف الطبري باسم مؤّلفه «الطبري».
ويظهر أيضا من تعريف النجاشي والطوسي للكافي اّنه كان مقّسما حسب مواضيعه إلى ثالثين كتابRRا على صورة
أجزاء ،كّل كتاب منه في مجّلد واحد ،غير اّنها لم تكن مرّقمة بالتسلسل ،كما هو شأن مجّلدات الكتب في عصRRرنا،
لذلك حصل بعض التقديم والتRRأخير في ذكRRر أسRRماء كتبRRه ،عRRدا اسRRم االّو ل :كتRRاب العقل ،واسRRم الكتRRاب االخRRير،
الروضة.
وقال النجاشي أيضا :كنت أترّد د إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي ،وهو مسجد نفطويه النحوي ،أقRRرأ القرآن
على صاحب المسجد ،وجماعة من
ص302:
أصحابنا يقرأون كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفي الكاتب« :حّد ثكم محّم د بن يعقوب الكليRRني»
ورأيت أبا الحسن العقراوي يرويه عنه.
إذا فالشيخ النجاشي أدرك اثنين من تالميذ الكليني يرويان الكافي عنه ،أحRRدهما كRRان يخRRاطب تالميRRذه عندما يقرأ
الكافي ،وهو يقول« :حّد ثكم محّم د ابن يعقوب الكليRRني» وذلRRك بحكم سRRماعه الكتRRاب عن الكليRRني واجازتRRه لRRه أن
يرويه عنه ،ولكن النجاشي ال يروي الكافي عن هذين الشيخين من تالميذ الكليRRني وان أدركهمRRا وسRRمعهما ،واّنمRRا
يرويه عن تالميذ الكليني فقد قال:
وروينا كتبه كّلها عن جماعة شيوخنا ،منهم :محّم د بن محّم د -الشيخ المفيد ،-والحسRين بن عبيRد هّللا -الغضRايري،-
وأحمد بن علي بن نوح ،عن أبي القاسم جعفر بن قولويه ،عنه رحمه هّللا .انتهى.
ولنشرح بعد هذا العرض اسلوب الدراسة يومذاك لنتفّهم مغزى أقوالهم.
ص303:
اسلوب الدراسة في عصر الكليني فما بعد
كان اسلوب الدراسة في عصر الكليني وقبله -حسبما يستفاد مّم ا بقي لدينا من اجازات رواية االصول االربعمائRRة
والمدّونات الحديثية الصغيرة االخرى -ان يقرأ الشيخ كتابه على تالميذه وهم يستمعون إليه ،أو يقرأ تRRأليف الشيخ
أحد طالبه على الشيخ ويستمع زمالء الطالب إليه وينتبهRون إلى تعليRق شRيخهم ان كRان ثّم ة تعليRق ،وبعRد انتهRاء
الطالب من دراسة كتاب الشيخ عليRRه باحRRد االسRRلوبين المRRذكورين يمنح الشيخ طاّل بRRه اجRRازة روايRRة تأليفRRه عنه،
ويصبح هؤالء الطلبة بعد ذلك شيوخا للطلبة من الجيل الجديد الصاعد ،ويدّرسونهم الكتاب كذلك ،ثّم يجيزونهم أن
يرووا ذلك الكتاب بواسطتهم عن مؤّلفه .وهكذا دواليك جيال بعد جيل ،فكّل طالب يقرأ الكتRRاب على مؤلفRRه أو على
شيخ تتصل سلسلة قراءته وروايته بمؤّلف الكتاب.
هكذا كانت الحال في عصر الكليني وقبله وبعده حتى عصر الشيخ الطوسي وبعد انتقاله إلى النجف االشRRرف سRRنة
( 448ه )-وتأسيسه الحوزة العلمية هناك.
بعد تأسيس الحوزة العلمية في النجف االشرف:
أّسس الشيخ الطوسي الحوزة العلمية في النجف بعد انتقاله إليها وبقي زعيمها حّتى توفي سنة ( 460ه.)-
في هذه الحوزة -منذ عصر الشيخ الطوسي -وفي الحوزات المماثلة والمؤسسة
ص304:
بعدها كانت الموسوعات الحديثية االربع:
الكافي والفقيه واالستبصار والتهذيب؛ محورا للدراسات الفقهية إلى العصRRور االخRRيرة يدرسRRونها على من تتصRRل
قراءتهم لها بمؤلفيها.
وهكذا بقيت الكتب الحديثية متداولة بين أيدي الطلبة حRRتى اليRRوم شRRأنها في ذلRRك شRRأن الفيRRة ابن مالRRك الRRتي قرأها
الطالب على شيوخهم في الحوزات العلمية منذ تأليفها حّتى اليوم.
وشأنها شأن كتب ابن سينا في الطّب والفلسفة وشأن غيرها من الكتب الدراسRRية اّل تي بقيت تتRداولها أيRدي الطلبRة
الدارسين لها جيال بعد جيل منذ تأليفها حّتى اليوم ،غير أّن العناية بكتب الحديث كانت أكثر من أّي كتاب بعد كتاب
هّللا ،وبقي اسلوب روايتها سماعا وقراءة واجازة معموال به في دراستها إلى القرون االخيرة كما يشهد بRRه مRRا تبقى
لدينا من اجازات الرواية اّلتي جمع بعضها المجلسي في المجلد السابع والعشرين من موسوعته البحار ،واسRRتدرك
عليه جّد نا شRRيخ المحّRد ثين الشيخ مRRرزا محّم د الشريف العسRRكري في خمسRRة مجلRRدات من مسRRتدركه على بحRRار
االنوار ،ومن أمثلة تلك االجازات المصّر حة باتصال قراءة الموسوعات الحديثية بمؤلفيهRRا مRRا جRRاء في االجRRازات
التالية:
اجRازة الشيخ فخRر الRدين محّم د (ت 771 :ه )-ابن العاّل مRة الحلي الحسRن بن يوسRف بن علي بن مطهRر ،للشيخ
محسن بن مظاهر ،جاء فيها :وأجزت له أيضا أن يروي عّني مصّنفات الشيخ االعظم واالمام االقدم ،مقّرر قواعد
الشريعة ،شيخ الشيعة عماد الدين أبي جعفر محمد بن الحسRRن الطوسRRي قّRد س هّللا روحRRه ،فمن ذلRRك كتRRاب تهRRذيب
االحكام فاّني قرأته على والدي درسا بعRد درس ،وتّم ت قراءتRه في جرجRان سRنة اثني عشر وسRبعمائة عّني عن
والدي ،ثّم والدي قرأه على والده أبي المظفر يوسف بن علّي بن المطّهر وأجاز له روايته ،ثَّم يوسف المذكور قرأه
على الشيخ معمر بن هبة هّللا بن نافع الوّراق وأجاز له
ص305:
روايته ،ثَّم الفقيه معمر المذكور قرأه على الفقيه أبي جعفر محّم د بن شهر آشRوب وأجRاز لRه روايتRه ،ثّم ابن شRهر
آشوب قرأه على مصّنفه أبي جعفر محّم د بن الحسن الطوسRي قّRد س هّللا سRره وقRرأه جّRد ي مّRرة ثانيRة على الشيخ
يحيى بن محّم د بن يحيى ابن الفرج السوراوي وأجاز له روايته ،والشيخ يحيى المRذكور قRرأه على الفقيRه الحسRين
بن هبة هّللا بن رطبة وأجRاز لRه روايتRه ،والشيخ يحRيى المRذكور قRرأه على المفيRد أبي عبRد هّللا محّم د بن الحسRن
الطوسّي وأجاز له روايته ،والمفيد قرأه على والده وأجاز لRRه روايتRRه وعندي مجّل د واحRRد من الكتRRاب اّل ذي قRRرأه
المفيد على والده وهو بخّط المصّنف والده وقرأت أنا هذا المجّلد على والدي وباقي المجّلدات في نسخة ُأخرى.
وأّم ا كتاب النهاية والجمل فاّني قرأتهما على والدي درسا بعد درس وأجاز لي روايتهما بالطريق الثاني عن والRRده
قرأه عليه عن باقي أهل السند المذكور قراءة 452.انتهى موضع الحاجة من االجازة.
هذا القسم من اجازة ابن العاّل مة للشيخ محسن بن مظاهر ،يقول المجيز وهو في النصف الثRRاني من القرن الثRRامن
الهجري ،اّنه قرأ تهذيب الشيخ الطوسي على والده العاّل مة درسا بعد درس ،واّن والده العاّل مRة كRان قRد قRرأه على
شيخه ،وشRيخه على شRيخه ،وهكRذا يRذكر سلسRلة القراءات حRتى ينهي تسلسRل القراءات إلى قRراءة على مؤّل ف
التهذيب الشيخ الطوسي ،ويقول :اّن جزءا من كتاب التهذيب اّلذي قرأه على والده كان بخّط مؤّلفه اّل ذي تRRوفي في
النصف االّول من القرن الخامس الهجري.
ويقول في اجازته رواية كتاب النهاية :اّنه قرأه أيضا على والده العاّل مة
ص306:
درسا بعد درس ،ويجيز ،الشيخ محسن روايته بطريق آخر أيضا تسلسلت فيه قRRراءة شRRيخ على شRRيخ إلى أن ينهي
القراءة إلى مؤلف الكتاب.
في هذا النوع من أنواع االجازة التي يصدرها الشيخ في رسالة خاصة يمنح فيها تلميذه اجازة رواية مؤّل ف واحRRد
أو عّد ة مؤّلفات ومروّيات ،تارة يذكر شيوخه ،واخرى ال يذكرهم ،وعندما يذكر شيوخه نادرا ما يصّRRرح بتسلسRRل
سند قراءته الكتاب على شيوخه إلى مؤّلفه ،مثل ما مّر في االجازة االنفة ،وغالبا مRRا يRRذكر ذلRRك بلفRRظ «رويُت عن
فالن ،عن فالن» أو بلفظ «حّد ثني فالن ،عن فالن» أو بلفظ «أخبرني» كّل ذلك اختصارا للسند .وكRRان هذا دأبهم
على االكثر في سالسل االجازات ،مثاله :ما جاء في اجRازة العاّل مRRة الحلي حسRRن بن يوسRRف (ت 726 :ه )-للسRRيد
مهّنا بن سنان المدني (ت 754 :ه 453)-حيث قال فيه :وما رويتRRه من كتRRاب أصحابنا السRRالفين رضRRوان هّللا عليهم
أجمعين باسنادي المتصل إليهم رحمة هّللا عليهم.
إلى قوله :وأجزت لRه روايRة كتب شRيخنا أبي جعفRر محّم د بن الحسRن بن علي الطوسRي -قRدس هّللا روحRه -بهRذه
الطرق وبغيرها عّني ،عن والدي.
لم يذكر العاّل مة -في هذا القسم من االجازة -ما ذكره ابنه فخر الRRدين في اجازتRRه االنفRRة :اّن ابRRاه العاّل مRRة قRRرأ تلRRك
الكتب على أبيه «يوسف» واّنما أشار إلى سنده إلى الشيخ الطوسي حسب .ولكن في اجازته رواية الكافي بعد هذا
أورد سنده نوعا ما أكثر تفصيال،
.)1 ( 452البحار ،223 /107وهذه االجازة جاءت ضمن اجازة الشيخ علي بن محمد البياضي( ت )827 :للشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي.
.)1 ( 453ترجمته في طبقات أعالم الشيعة للشيخ آقا بزرگ الطهراني ،القرن الثامن ص .223
حيث قال :وأّم ا الكافي للشيخ محّم د بن يعقوب الكليRRني فرويت أحاديثRRه المRRذكورة المّتصRRلة باالئمRRة (ع) عّني عن
والدي والشيخ أبي القاسم جعفر بن سعيد وجمال الدين أحمRRد بن طRRاووس وغRRيرهم باسRRنادهم المRRذكور إلى الشيخ
المفيد محّم د بن محّم د بن النعمان ،عن أبي القاسم جعفر بن
ص307:
محّم د بن قولويه ،عن محّم د بن يعقوب الكليني ،عن رجاله المذكورة في كِّل حديث عن االئمة (ع).
وكتب حسن بن يوسف بن المطهر الحّلي في ذي الحّجة سنة تسع عشرة وسبعمائة بالحّلة حامدا مصّليا.
في هذه االجازة نجد العاّل مRRة يقول «رويت أحRاديث الكRRافي عن ،عن »..ومّRRر سRRابقا اّنهم يقصRRدون من «رويتRه
عن» اّنهم سمعوه من الشيخ وورود «عن فالن» بعده يفيد تسلسل سRRماع شRRيخ عن شRRيخ إلى حيث ينهRRون التعبRRير
ب« -عن».
وجاء نظيره في اجازة المجلسي محّم د باقر لالردبيلي حيث قRRال فيRRه :اّم ا بعRRد فقد قRRرأ علّي وسRRمع مRRني المRRولى
الفاضRRل ...حRRاجي محّم د االردبيلي ...كثRRيرا من العلRRوم الدينيRRة ...ال سّRRيما كتب االخبRRار المRRأثورة عن االئمRRة
االطهRRار صلوات هّللا عليهم أجمعين ،ثّم اسRRتجازني فاسRRتخرت هّللا سRRبحانه وأجRRزت لRRه أن يRRروي عّني ...بحRRق
روايتي واجازتي عن مشايخي الكرام ...فمن ذلRRك مRRا أخRRبرني بRRه عّRد ة ...مّم ن قRRرأت عليهم أو سRRمعت منهم ...
منهم والRRدي العاّل مRRة وشRRيخه ...موالنRRا حسRRن علي التسRRتري و ...وبحRRق روايتهم واجRRازتهم عن شRRيخ االسRRالم
والمسلمين بهاء الملة ...محّم د العاملي قّد س هّللا روحه عن والده.
وهكذا سلسل المجلسي في هذه االجازة سنده حتى انتهى إلى فخر الدين محّم د ،عن والده العاّل مRة الحّلي ،ثّم سلسRل
السند منه إلى الشيخ المفيد والكليني والصدوق.
ثّم بدأ بذكر سند آخر له وقال :ومنهRا مRا أخRبرني بRه العّRد ة المتقّد م ذكRرهم بحّRق روايتهم عن ،...ثّم ذكRر سلسRلة
مشايخه إلى الشهيد محّم د بن مكي
ص308:
(ت 786 :ه 454)-وسند روايته عنهم.
وهكذا ذكر طرقه واسانيده وأكثرها بلفظ أخبرني مّم ا يدل على السماع من الشيخ أو سماع القراءة عليRRه ،وتسلسRRل
ذلك إلى صاحب التRأليف في اجازتRه روايRة تأليفRه ،ثّم ختم االجRازة بقولRه :كتب بيمينه ...محّم د بRاقر بن محّم د
455
تقي ...سنة ثمان وتسعين بعد االلف الهجرية.
***
وجRاءت نظRائر هذه االجRازات كثRيرا في مجلRدات اجRازات البحRار مّم ا فيهRRا ذكRRر قRراءات الكتب على الشيوخ
المجيزين روايتها.
مثل اجازة الشيخ حسن علي ابن المولى عبد هّللا لمحمد تقي المجلسRRي سRRنة ( 1034ه )-حيث جRRاء فيهRRا :وقRRرأ من
456
الحديث ،كثيرا من تهذيب االحكام وسمع منه أيضا ،ومن من ال يحضره الفقيه أكثره ،ومن الكافي كتبا كثيرة.
كان هذا نوعا من أنواع االجازة يحّررها الشيخ في رسالة خاّصة ،ونوع ثان منهRRا يحّررها الشيخ بظهRRر الكتRRاب
اّلذي قرأه التلميذ عليه ،مثل خمس اجازات للمجلسي محّم د باقر منحها تلميRRذه محّم د شRRفيع التويسRRركاني وجRRدناها
بخّطه في أواخر كتب الكافي من نسخة مخطوطة ثبتنا صورها بآخر الكتاب وهي كاالتي:
أ -االجازة االولى مدّونة بآخر كتاب العقل والتوحيد وما يقابل 167 /1ط .طهران جاء فيها:
بسّم هّللا الرحمن الرحيم
انهاه المولى الفاضل الكامل التقّي الذكّي االلمعي موالنا محّم د شRRفيع التويسRRركاني وفقه هّللا تعRRالى لالرتقاء على
أعلى مدارج الكمال في العلم والعمل سRRماعا وتصRRحيحا وتRRدقيقا وضRRبطا في مجRRالس آخرها خRRامس عشر شRRهر
جمادي االولى من شهور سنة ثالث وثمانين بعد االلRRف من الهجRRرة ،وأجRRزت لRRه أن يRRروي عّني كّRRل مRRا صّحت
روايتRRه واجازتRRه بح ّRق روايRRتي عن مشايخي واسRRالفي ،باسRRانيدي المتكRRثرة المتصRRلة إليهم ،رضRRوان هّللا عليهم
أجمعين ،وكتب بيمناه الجانية الفانية أحقر عباد هّللا محّم د باقر بن محّم د تقي عفي عنهما حامدا مصليا.
ب -االجازة الثانية منه كذلك ،في آخر الجزء الثاني من الكافي المخطوط حسب تجRRزئتهم ،والRRذي يقابRRل 367 /1
ط.
طهران مؤرّخ ة بتاريخ ستة أشهر بعد االولى قال فيها :أنهاه ...في مجالس آخرها بعض أّيام شهر ذي القعدة سRRنة
ثالث وثمانين بعد االلف من الهجرة وأجزت له -دام تأييده -أن
ص310:
يروي ...
ج -والثالثة في آخر كتاب الحّجة منه وما يقابل 548 /1ط .طهران مؤرخة بتاريخ خمسة أشهر بعRRد الثانيRة ،قRال
فيها :أنهاه ...في مجالس آخرها أواخر شهر ربيع الثاني ،سنة أربع وثمانين وأجزت له -زيد فضله -أن يروي ...
د -والرابعة بآخر كتاب االيمان منه وما يقابل 464 /2ط .طهران منحت بعRRد سRRنتين وعشرة أشRRهر من صدور
الثالثة ،قال فيها :أنهاه ...في مجالس آخرها محّر م الحرام من شهور سنة سبع وثمانين بعد االلف الهجرية ...
وقد مّر بنا كيف أخذ ُأولئك المشايخ الحديث من االصول والمدّو نات الحديثية الصغيرة وألفوا منها كتبهم.
واّن أصحاب تلك االصول والمدّو نات كانوا قد أخذوا أحاديثها من أئمة أهل البيت.
واّن أئمة أهل البيت حّد ثوا عن الجامعة التي أمالها رسول هّللا وكتبها علي بخّطه.
***
هكذا أصبحت الموسوعات الحديثية االربع منذ تأليفها وإلى عصرنا الحاضر محور البحوث الفقهية بمدرسRRة أهل
البيت ،يرجع إليها فقهاؤهم الستكشاف سّنة الرسول في االحكام ومنها يستنبطون أحكام االسالم بعد القرآن.
وقRRد مّRRر بنا ان الموسRRوعات الحديثيRRة االربRRع أخRRذت الحRRديث من االصول والمRRدّونات الحديثيRRة الصRRغيرة ،واّن
االصول والمدّونات الحديثية الصغيرة كانت قد أخذت الحديث من أئمة أهل البيت.
واّن أئمة أهل البيت كانوا يتبرأون من القول بالرأي واّنما كانوا يعتمدون جامعة االمام علي في بيان االحكام.
واّن جامعة االمام علي كان قد اماله رسول هّللا على االمام وكتبه االمام علي بخّطه.
وفي مقابل هذا وجدنا مدرسة الخلفاء تعتمد االجتهاد ،واّن الخلفاء كانوا يتRأَّو لون في مقابRل النصRوص الRواردة في
الشرع االسالمي ،ويعتمدون الرأي في بيان أحكام االسالم.
ويوضح الجدول االتي اّتجاه مدرسة أهل البيت في أخذ سّنة الرسول:
ص312:
مدرسة أهل البيت
نمايش تصوير
ص313:
الفصل الثاني :تقويم كتب الحديث بمدرسة أهل البيت (ع)
ص315:
ومغزى هذين الحديثين :أن يكون عدد االئمة من أهل البيت ثالثة عشر :االمام علي مع اثني عشر اماما من ولده.
بينما نقل هذه الرواية عن الكافي المفيد في االرشاد ،والطبرسي في إعالم الRRورى ولفظهمRRا كمRRا يلي :االثنا عشر
االئمة من آل محّم د كّلهم محّد ث :علّي بن أبي طالب ،وأحد عشر من ولده ،ورسول هّللا وعلّي هما الوالدان (ع).
وأخرج الرواية عن الكليني أيضا الصدوق في كتابه :عيون أخبار الرضRRا والخصRRال ولفظRRه كمRRا يلي :اثنا عشر
461
اماما من آل محّم د كّلهم محّد ثون بعد رسول هّللا ،وعلّي بن أبي طالب منهم.
نتيجة البحث والمقارنة:
.)1 ( 460وجهه المجلسي في مرآة العقول 223 /6وقال :أي أكثرهم من ولد رسول هّللا .
.)1 ( 461الحديث السابع في الكافي 531 /1عن محمد بن يحيى ،عن عبد هّللا بن محمد الخشاب ،عن ابن سماعة ...والحديث الرابع عشر 533 /1
ولفظ سنده :أبRو علي االشRعري ،عن الحسRن ابن عبيRد هّللا ،عن الحسRن بن موسRى الخشاب ،عن علي بن سRماعة ...وفي االرشRاد ص 328بسRند
الحديث الرابع عشر ،وفي إعالم الورى ص ،369وفي عيون أخبار الرضا ،56 /1والخصال ص 480كالهمRRا عن الكليRRني بسRRند حديثRRه الرابRRع
عشر.
يظهر من استعراضنا الحديث عن الكافي ومن أخذ منه ،أي الشيخ الصRRدوق والمفيRRد والطبرسRRي ،اّن الّنسRRاخ قRRد
أخطأوا في كتابة الحديث في الكافي بعد عصر الشيخ المفيد ،ولم نقل بعRRد عصRRر الطبرسRRي ،الّن الطبرسRRي يأخRRذ
اخباره في اعالم الورى من كتاب االرشاد للمفيد ،وينسج فيه على منواله.
ثانيا :الحديث التاسع:
بسRRنده عن محّم د بن الحسRRين ،عن ابن محبRRوب ،عن أبي الجRRارود ،عن أبي جعفRRر (ع) ،عن جRRابر بن عبRRد هّللا
االنصاري ،قال :دخلت على فاطمة (ع)
ص317:
وبين يديها لوح فيه أسماء االوصياء من ولدها ،فعددت اثني عشر آخرهم القائم (ع) ثالثة منهم محّم د وثالثة منهم
علي.
ونقل الحديث عن الكافي بهذا اللفظ المفيد في االرشاد وتبعه الطبرسي في اعالم الورى.
ومغزى الحديث بهذا اللفظ في الكتب الثالثة أن يكون عدد االئمة أوصياء النبي ثالثة عشر :االمRRام علي مRRع اثني
عشر من بنيه من ولد فاطمة.
بينا نRرى الصRدوق الRذي يRروي نفس الحRديث باسRRناده ،وال ينقلRه عن الكRRافي ،يخرجRه في عيRون أخبRار الرضRRا
بسندين ،وفي اكمال الدين بسند واحد ،عن محّم د بن الحسين ،ثّم يجتمع سنده مRRع سRRند الكRRافي إلى جRRابر ثّم يRRروي
عنه اّنه قال :دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماع االوصياء ،فعددت اثني عشر ،آخرهم القائم ،ثالثة
462
منهم محّم د وأربعة علّي .
نتيجة البحث والمقارنة:
ظهر اّن في نسخة الكافي جاء «من ولدها» وهي زائدة ،وجاء «ثالثة منهم
ص318:
علُّي » محّرفة ،واّن الشيخ المفيد نقل عنه في االرشاد كRRذلك ،واّن الصRRواب مRRا جRRاء في لفRRظ الروايRRة عند الشيخ
الصدوق في العيون والخصال «أربعة منهم علي» وبدون زيادة «من ولدها»
.)1 ( 462أ -الكافي 532 /1وهذا لفظ السند عنده :محمد بن يحيى ،عن محمد بن الحسين.
ب -االرشاد للمفيد ص 328ولفظ سنده أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ،عن محمد ابن يعقوب ... ،وفي لفظ أسماء االوصياء واالئمة.
ج -إعالم الورى ص ،366ولفظ رواه محمد بن يعقوب الكليني ...وآخره« وأربعة منهم علي».
د -عيون أخبار الرضا للصدوق 46 /1و ،47ولفظ سنده حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار( رض)؛ قال :حدثنا أبي ،عن محمد بن الحسين ...
ولفظ سند الحديث الثاني :حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس( رض) ،قال :حدثنا أبي ،عن أحمد بن محمد بن عيسRى وإبRراهيم بن هاشRم جميعRا ،عن
الحسن بن محبوب ،...وبهذا السند في اكمRRال الRRدين .213 /1وفي مRRرآة العقول 228 /6من ولRRدها أي االحRRد عشر أو على المجRRاز وأشRRار إلى
التصحيف في« ثالثة منهم علي».
وقال النجاشي :كوفي ،أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محّم د بن عمران ،قRRال :حّRد ثنا محّم د بن هّم ام قRRال :حّRد ثنا أبRRو
463
جعفر محّم د بن أحمد بن خاقان النهدي ،قال :حّد ثنا أبو سمينة بكتاب عّباد.
وبحثنا عن كتابه فوجدنا صاحب الذريعة 464يقول:
أصل عباد العصفري أبي سعيد الكوفي هو من االصول الموجودة ،ووجدناه يقول عن هذا االصل وأصل عاصم:
استنسخ من نسخة الوزير منصور بن الحسن االبي ،وهو كتبها عن أصل محّم د بن الحسRRن القمي الRRذي رواه عن
أبي محّم د هارون بن موسى التلعكبري سنة 374ه.-
ووجدنا الشيخ النوري يبحث في مستدركه عن أصل أبي سعيد بتفصيل واف ،ويقول :فيRRه تسRRعة عشر حRRديثا ،ثّم
يصف أحاديثه ،وينقل تراجم أبي
ص319:
465
سعيد عن مختلف كتب الرجال.
ووجدنا نسRخة خطيRة من اصل العصRفري بنفس االوصاف الRتي جRاءت عنه في المسRتدرك والذريعRة بالمكتبRة
466
المركزية لجامعة طهران ضمن مجموعة باسم االصول االربعمائة.
فقارّنا بين الحديثين في أصل العصفري هذا ،ونسخة الكافي الموجودة لدينا ،فوجدنا ما يلي:
أ -الحديث السابع عشر:
-17محّم د بن يحيى ،عن محّم د بن أحمد ،عن محّم د بن الحسين ،عن أبي سعيد العصفري 467عن عمرو بن ثابت،
عن أبي الجارود ،عن أبي جعفر (ع) قال :قال رسول هّللا (ص)« :اني واثني عشر من ولدي 468وأنت يRRا علي زّر
االرض -يعني أوتادها وجبالهRا -بنا أوتRد هّللا االرض أن تسRيخ بأهلهRا ،فإذا ذهب االثنا عشر من ولRدي سRاخت
469
االرض بأهلها ،ولم ينظروا».
وفي أصل العصفري :عّباد ،عن عمRرو ،عن أبي الجRارود ،عن أبي جعفRر (ع) قRال :قRال رسRول هّللا (ص) :اني
وأحد عشر من ولدي وأنت يا علي زّر االرض -يعني أوتادهه [و] 470جبالها[ -بنا أوتد هّللا ] 471االرض أن تسيخ
ص320:
472
بأهلها ،فإذا ذهب االحد عشر من ولدي ساخت االرض بأهلها ولم ينظروا.
نتيجة المقارنة:
و «اثني عشر من ولRRدي» و «االثنا عشر من ولRRدي» في نسRRخة الكRRافي تحريRRف والصRRواب مRRا جRRاء في أصل
العصفري« :وأحد عشر من ولدي» و «االحد عشر من ولدي» والذي يروي الكليني الحديث عنه.
ص322:
ومن بحث سيرة معاوية وجد فيها االدلة الكافية على مRRا قالRRه االمRRام وباالضRRافة إلى ذلRRك ،فاّن في مRRا مضRRى من
بحوث موارد االجتهاد بمدرسة الخلفRاء من هذا الكتRاب أدّل ة وافرة على اعتمRاد مدرسRة الخلفRاء في بيRان أحكRام
االسالم على الرأي واالجتهاد في مقابل سّنة الرسول.
ومRRر علينا -أيضRRا -في أول الجRRزء الثRRاني تحت عنوان «كيRRف وجRRد الحRRديثان المتناقضRRان» وفي آخRRر بRRاب
«المجتهدون فيالقرن االّو ل وموارد اجتهادهم» كيف كانوا يضعون االحاديث تأييدا لمواقف الخلفRRاء ،وكRRذلك نجRRد
مزيد ايضاح لذلك في ما جاء بآخر الجزء االول ،في بحث اتجاه السلطة زهاء ثالثة عشر قرنRRا .وعلى مRRا ذكرنRRا
486
في هذه البحوث من الصحيح أن نترك من الحديثين المتعارضين ما وافق اتجاه مدرسة الخلفاء.
ولّم ا كان أتباع مدرسة الخلفاء كثيرا ما يسألون أئمة أهل الRRبيت عن تلRRك المسRRائل في مجRRالس عاّم ة حيث لم يكن
بمقدور االئمة حينذاك ان يRRبّينوا حكم هّللا وسّRنة الرسRRول في مRRورد السRRؤال واّل ذي كRRان مخالفRRا الجتهRRاد مدرسRRة
الخلفاء ،صونا لدمائهم ودماء شيعتهم ،وكانوا مكرهين أحيانا على االجابة بما يوافق رأي مدرسة الخلفاء ،حّتى إذا
ُأتيحت لهم فرصة االجابة دونما تقّية ،بّينوا حكم هّللا
ص325:
.)2 ( 480نهج البالغة في كتاب االمام لمالك االشتر ،والوسائل ،86 /18ح ،38غير المفرقة :أي السَّنة التي اجتمعت عليها االمة.
.)3 ( 481الكافي ،222 /2ج ،4ووسائل الشيعة ،80 /18ح .18
.)4 ( 482وسائل الشيعة ،84 /18ح .29
.)5 ( 483وسائل الشيعة ،79 /18ح ،14والزخرف :الباطل الممّؤ ه.
.)6 ( 484معاني االخبار ص ،1ح ،1ووسائل الشيعة .84 /18
.)1 ( 485علل الشرايع ،218 /2ح ،1ووسائل الشيعة .84 ،83 /18
.)2 ( 486ال يفهم هذا البحث حق الفهم ما لم تراجع البحوث الثالثة المذكورة في المتن.
وسّنة الرسول في المسألة ،فمن ثّم جاء بعض االحاديث عنهم في مسألة واحدة مختلفRRة في بيRان الحكم كمRRا صّرح
به االمام الصادق (ع) وقال :ما سمعته مّني يشبه قول الناس فيه التقية ،وما سRRمعت مRRني ال يشبه قRRول الناس فال
487
تقّية فيه.
وقال :إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب هّللا ،فما وافق كتاب هّللا فخذوه ،وما خالف كتRRاب هّللا
فرّد وه ،فان لم تجRدوهما في كتRاب هّللا فاعرضRRوهما على أخبRار العاّم ة ،فمRRا وافق أخبRارهم فذروه ،ومRRا خRالف
488
أخبارهم فخذوه.
هكذا ذكر االئمة هذه القاعدة مع بيان علتها وأحيانا غير معّللة ،وجاء عنهم أيضRا قواعRد أخRرى لمعرفة الحRديث،
مثل حديث االمام الرضا (ع).
وقد سئل يوما وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا يتنازعون في الحRRديثين المختلفين عن رسRRول هّللا (ص)
في الشيء الواحد فقال (ع) :إّن هّللا حّرم حراما وأحّل حالال وفرض فرائض ،فما جاء في تحليل ما حّرم هّللا أو في
تحريم ما أحّل هّللا أو دفع فريضة في كتاب هّللا رسمها بيِّن قائم بال ناسخ نسخ ذلك فذلك مRRا ال يسRRع االخRRذ بRRه ،الَّن
رسول هّللا (ص) لم يكن ليحّرم ما أحّل هّللا وال ليحّلل ما حّرم هّللا وال ليغّير فرائض هّللا وأحكامه ،كان في ذلRك كّل ه
مّتبعا مسّلما مؤِّديا عن هّللا ،وذلك قول هّللا (ان أتبع إاّل ما يوحى إلَّي ) فكان (ع) مّتبعا هّلل مؤِّديا عن هّللا مRRا أمRRره بRRه
من تبليغ الرسالة ،قلت :فانه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول هّللا (ص) ّم ما ليس في الكتاب وهو في السّRنة
ثَّم يرد خالفه فقال :كذلك قد نهى رسول هّللا (ص) عن أشياء نهي حرام
ص326:
فوافق في ذلك نهيه نهي هّللا ،وأمر بأشياء فصار ذلك االمر واجبا الزما كعدل فرائض هّللا فوافق في ذلك أمره أمر
هّللا ،فما جاء في النهي عن رسول هّللا (ص) نهي حرام ثَّم جاء خالفه لم يسع استعمال ذلRك ،وكRذلك فيمRا أمRر بRه،
الّنا ال نرّخ ص فيما لم يرّخ ص فيه رسول هّللا (ص) ،وال نأمر بخالف ما أمر به رسRRول هّللا (ص) إاّل لعّل ة خRRوف
ضرورة ،فأّم ا أن نستحَّل ما حَّرم رسول هّللا (ص) أو نحِّرم ما استحّل رسRRول هّللا (ص) فال يكRRون ذلRRك أبRRدا ،الّن ا
تابعون لرسول هّللا (ص) مسّلمون له كما كان رسول هّللا (ص) تابعا المر رّبه مسّلما لRه ،وقRال هّللا عّRز وجّRل :مRا
آتاكم الّرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وإّن هّللا نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة وكراهة ،وأمر بأشياء
ليس بأمر فرض وال واجب بل أمر فضل ورجحان في الِّدين ،ثّم رّخ ص في ذلك للمعلول وغير المعلول ،فما كRRان
عن رسول هّللا (ص) نهي إعافة أو أمر فضل فذلك اّلذي يسع استعمال الّرخصة فيه ،اذا ورد عليكم عّنا الخبر فيRRه
باّتفاق يرويه من يرويه في الّنهي وال ينكره وكان الخRبران صحيحين معRروفين بأّتفRاق الّناقلRة فيهمRا يجب االخRذ
بأحدهما أو بهما جميعا أو بأّيهما شئت وأحببت ،موّسع ذلك لك من باب الّتسليم لرسول هّللا (ص) والرّد إليه وإلينا،
وكان تارك ذلك من باب العناد واالنكار وترك الّتسRRليم لرسRRول هّللا (ص) مشركا باهّلل العظيم ،فمRRا ورد عليكم من
خبرين مختلفين فاعرضRRوهما على كتRRاب هّللا ،فمRRا كRRان في كتRRاب هّللا موجRRودا حالال أو حرامRRا فاّتبعوا مRRا وافق
الكتاب ،وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول هّللا (ص) فما كRRان في السّRنة موجRRودا منهّي ا عنه نهي
حرام ومأمورا به عن رسول هّللا (ص) أمر إلزام فاّتبعوا ما وافق نهي رسول هّللا (ص) وأمره ،وما كان في الس ّRنة
نهي إعافة أو كراهة ثّم كان الخبر االخير خالفه فذلك رخصRة فيمRا عافه رسRول هّللا (ص) وكرهه ولم يحّرمRه،
فذلك اّلذي يسع االخذ بهما جميعا وبأّيهما شئت وسعك االختيار من باب الّتسليم واالّتباع والرّد إلى رسول
ص328:
مقاييس العلماء لمعرفة الحديث
هكذا وضع أئّم ة أهل البيت قواعد لمعرفة صحيح الحRRديث من سRRقيمه ،واتخRRذها فقهRRاء مدرسRRتهم ميزانRRا في فقه
الحديث جيال بعد جيل ،وقد جمعها بعض العلماء ونّسقها مثل الشيخ محّم د بن الحسRRن الحّRRر العRRاملي في الفائRRدتين
490
التاسعة والعاشرة من خاتمة وسائل الشيعة ،والشيخ حسين النوري في الفائدة الرابعة من مستدركه.
وفي أخريات القرن السابع الهجري راجت قاعدة جديدة لمعرفة الحديث ،نسRRب كشفها 491البن طRRاووس أحمRRد بن
موسRRى الحلي (ت 673 :ه 492)-والعاّل مRRة الحّلي الحسRRن بن يوسRRف بن علّي بن المطَّه ر (ت 726 :ه 493)-حيث
ُص ّنف الحديث بالنظر إلى روايه منذ عصرهما إلى أربعة أصناف:
أ -الصحيح :وهو ما اّتصل سنده إلى المعصوم بنقل االمامي العدل ،عن مثله في جميع الطبقات.
ب -الحسن ،وهو ما اّتصل سنده إلى المعصوم بامامي ممدوح من غير نّص على عدالته ،مع تحقق ذلك في جميRRع
الطبقات.
ص329:
ج -الموّثق ويقال له :القوي أيضا وهو ما دخل في طريقه من نّص االصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته بان كان
من احدى الفرق االسالمية المخالفة لالمامية وان كان من الشيعة.
د -الضعيف :وهو ما ال تجتمع فيه شروط أحد الثالثة المتقدمة؛ بان يشتمل طريقه على مجروح بالفسق ونحوه ،أو
494
مجهول الحال أو ما دون ذلك ،كالوضاع.
***
اشتهرت القاعدة االنفة منذ عصر العاّل مة فما بعد ،وغالى بعض العلماء في اعتمادهم على هذه القاعRRدة ،وعRRرض
جميع االخبار واالحاديث عليها.
495
فعّد وا مثال أحاديث من السيرة ال يصَّد ق محتواها وال يمكن أن يقع في الخارج -بموجب هذا الميزان -صحيحة.
كما ضعف هذا البعض عن قبول أحاديث صحيحة ال يصّححها هذا الميزان.
.)1 ( 489عيون االخبار ،ط .قم ج 2ص ،20ح ،45والوسائل ،86 -81 /18ح 21
.)1 ( 490وسائل الشيعة 96 /10الفائدة التاسعة من الخاتمة ،ومستدركه 535 /3الفائدة الرابعة.
.)2 ( 491وسائل الشيعة ،112 -96 /10وخاصة ص 102منه.
.)3 ( 492ترجمته بمصفى المقال ص .71
.)4 ( 493ترجمته بالكنى وااللقاب للقّم ي .436 /2
.)1 ( 494دراية الشهيد الثاني ص ،24 -19الباب االول في أقسام الحديث.
.)2 ( 495راجع فصل« عبد هّللا بن سبأ في كتب الحديث» من عبد هّللا بن سبأ -ج .2
وقابل أولئك جماعة من االخباريين ،فشّذ وا في تصRRحيحهم جميRRع مRRا جRRاء في الموسRRوعات الحديثيRRة االربRRع ومRRا
شاكلها 496ووقع هؤالء في تهافت عجيب ،وكال الجانبين ابتعدا عن الصواب في معرفة الحديث ،وليس ثّم ة مجRRال
للخوض في هذا البحث.
ومن نتائج التصنيف االخير للحديث واعتمادهم المطلق عليه؛ اّنهم وزنوا أحاديث الكافي بالجملRة عليRه وقRالوا :ان
الكافي يشتمل على تسعة وتسعين ومائة حديث وستة عشر ألف حديث ،منها 5072 :حديثا صحيح 144 .حديثا
ص330:
حسن 1118 .حديثا موثق 312 .حديثا قوّي 9485 .حديثا ضعيف 16121 497.المجموع.
يعتمد هذا التقسيم على تصنيف الروايات بالنظر إلى درجRRة رواتهRRا بحسRRب المRRيزان المشهور منذ عهRRد العاّل مRRة
الحّلي ،ثّم اعتمادا على معرفة علماء تلكم العصور بحال الرواة ،ومع غّض النظر عن المRRوازين اّل تي نقلناها عن
االئمة قبل هذا.
ومع كّل ذلك فاّن الحوزات العلمية بمدرسة أهل البيت لم توصد باب البحث العلمي في يRRوم من االّي ام ،بRRل اسRRتمر
جهدها المثمر مدى العصور في جهتين من الحديث:
أ -في المحافظة على نصوص الروايات المبينة لالحكام.
ب -في طرح البحوث العلمية حول أسانيد االحاديث ومتونها ومنطوقها ومدلولها و ...
وأخيرا فاّنها خضعت لنتيجة ما وعته من نصوص الكتاب والسّنة ولم تجتهد
ص331:
في مقابلهما بتاتا.
وبذلك حافظت على االحكام االسالمية من الضياع ،وتسلسلت أسانيدها إلى أئّم ة أهل البيت (ع) ،ومنهم إلى جRRدهم
الرسول (ص) ،ومنه إلى جبرئيل إلى الباري ،ولنعم ما قال الشاعر:
روى جدنا عن جبرئيل عن الباري ووال أناسا قولهم وحديثهم
ص333:
الفصل الثالث :رأيا المدرستين في تقويم كتب الحديث
ص335:
نختم بحوث مصادر الشريعة االسالمية لدى المدرستين ببيان تقويمهما لكتب الحديث ونقول:
أ -أبو حنيفة عتيك بن زوطي 499المعروف بالنعمان بن ثابت (ت 150 :ه.)-
ب -مالك بن أنس (ت 179 :ه.)-
ج -محمد بن ادريس الشافعي (ت 204 :ه).
د :أحمد بن حنبل (ت 241 :ه.)-
ومن الحنابلة تفّرعت السلفية أتباع ابن تيمّية أحمد بن عبد الحليم (ت 726 :ه.)-
ومن السلفية تفّرعت الوهابية أتباع محمد بن عبد الوهاب (ت.)1206 :
كان ذلكم تقويم الحديث بمدرسة الخلفاء وأثره.
ب -تقويم كتب الحديث بمدرسة أهل البيت:
نلّخ ص هنا ما سبق ذكره في هذا الباب ونضيف إليه ونقول:
أّن أول من دّون الحديث في مدرسة أهل البيت هو االمام علي (ع) حيث دّون مRا أماله عليRه رسRول هّللا (ص) في
كتب منها الجامعة التي كان طولها سبعون ذراعا في عرض االديم ،ما على االرض شRRيء يحتRاج إليRه الناس من
أحكام
ص337:
.)1 ( 498إنهم أوصدوا -بسد باب االجتهاد -باب استنباط االحكام من الكتاب والسّنة كما هو متداول لدى فقهاء مدرسة أهل البيت( ع).
.)2 ( 499بترجمته في تاريخ بغداد :النعمان بن ثابت بن زوطي ،وكان زوطي مملوكا لبني تيم هّللا ابن ثعلبة ،فاعتق ،فوالؤه لبني تيم ،أصله من
هّللا
كابل ،وزاَد ابن خلكان بعد زوطي ابن ماه .وذكر الخطيب ان أبا حنيفة اسمه عتيك بن زوطرة فسمى نفسه النعمان وأباه ثابتا.
االسالم اال وهو فيRRه .ثم تRRوارث االئمRRة من ولRRده كتبRRه ورووا منهRRا عن رسRRول هّللا (ص) لتالميRRذهم ،ودونهRRا من
أصحابهم من دّون ما سمعه في رسRRائل صغار ،وكRRان الشيخ الكليRRني (ت 329 :ه )-أّو ل من أّل ف بمدرسRRة أهل
البيت موسوعة حديثية عاّم ة جمع فيها مRRا أمكنه من تلكم الرسRRائل ،ثم تاله الشيخ الصRRدوق (ت 381 :ه )-وألRRف
كذلك مدينة العلم وهي مفقودة على أثر إحراق كتب أتباع مدرسRRة أهل الRRبيت ومكتبRRاتهم ومطRRادرتهم وتشريدهم.
وختم تأليف الموسوعات الحديثية العاّم ة بمدرسة أهل البيت بموسوعة المجلسي (ت 1111 :ه )-في الحRديث وهو
البحار ،والعوالم للبحراني (من تالمذة المجلسي) واهتّم علماء مدرسة أهل البيت باحاديث االحكام وعنوا بها عناية
فائقة .وكان الشيخ الصدوق أّول من أّلف موسRRوعة فقهيRة من الحRديث سّRم اها «من ال يحضRRره الفقيRه» ،وتاله في
ذلRRك الشيخ الطوسRRي (ت 460 :ه )-وأّل ف «االستبصRRار والتهRRذيب» .ثم اشRRتهر الكRRافي ومن ال يحضRRره الفقيRRه،
والتهذيب واالستبصار من الموسوعات الحديثية اشتهارا واسعا ،على اّن الذي ُأِّلَف بعدها جاء أوسع منهRا وأفضRل
تبويبا مثل الوسائل للشيخ الحّر العاملي (ت 1104 :ه )-وجامع أحاديث الشيعة للسRRيد حسRRين بن علي الRRبروجردي
(ت 1380 :ه .)-وهذا االخير أكثر إتقانا وشموال من كل ما سبقه ،غير اّن الفضل للمتقّد م.
ص338:
علماء أهل البيت (ع) ال يقلدون السلف في الفقه وال في دراية الحديث
تمتRاز مدرسRة أهل الRبيت (ع) على مدرسRة الخلفRاء بأنهRا ال تعتRبر أّي كتRاب عRدا كتRاب هّللا من أولRه إلى آخRره
صحيحا ،وال تقّلد أّي واحدا من السلف الصالح من العلماء في ما اّتخRRذه من رأي فقهي أو مRRا اعتRRبره صحيحا من
حديث مروي ،خالفا لما عليه مدرسRRة الخلفRRاء من تقليRRدهم العلمRRاء االربعRRة في الفقه وسّRد هم بRRاب االجتهRRاد على
غيرهم إلى اليوم ،وكذلك اعتبارهم مRRا جRاء في الكتب السRRتة من الحRديث صحيحا وخاصة مRRا في صحيح مسRRلم
والبخاري ،وسّد هم بذلك باب البحث العلمي في دراية الحديث على أنفسهم إلى اليوم.
ويدّلك على ما ذكرنا بالنسبة إلى مدرسة أهل البيت اّن ما انتخبRه العالمRRة الحلي الحسRRن بن يوسRRف (ت 726 :ه)-
من حديث ،ودّونه في عشرة أجزاء ،وسّRم اه «الRدّر والمرجRان في االحRاديث الصRحاح والحسRان» 500،وكRذلك مRا
انتخبه من حديث صحيح حسب اجتهاده وجمعه في تأليف وسّم اه «النهج الوضاح في االحاديث الصحاح» 501،وما
انتخبه الشيخ حسRن (ت 1011 :ه )-ابن الشهيد الثRاني من حRديث مقتفيRا أثر العالمRة وسّRم اه «منتقى الجمRان في
االحاديث الصحاح والحسان» 502لم تتداول في الحوزات العلمية ،ولم يعتّد بها العلماء ،وانما
ص339:
اعتبروا عملهما اجتهادا شخصيا ،رغم اشتهار سائر مؤلفاتهما لديهم وتداولها بينهم حتى اليRRوم ،مثRRل كتRRاب معRRالم
االصول للشيخ حسن الذي بقي منذ عصر مؤلفه إلى اليوم أول كتاب دراسي يدرسه طالب اصول الفقه ،ودرسRRه
عاّم ة الفقهاء في سّلم الدراسات االصولية ،ومن جّراء ذلك اشتهر مؤلفه بين العلمRRاء بصRRاحب المعRRالم ،ومRRع ذلRRك
نسيت مؤلفاتهم في صحاح االحاديث وحسانها ،ولعّل في العلماء بمدرسة أهل البيت من لم يسمع بأسRRماء كتبهم في
صحاح االحاديث وحسانها فضال عن التمّسك بما جاء فيها من حديث بعنوان الصحيح والحسن.
ص341:
باب استنباط االحكام الفقهّية من السّنة النبوية
.)1 ( 500راجع ترجمة الكتاب في حرف الدال من الذريعة.
.)2 ( 501راجع ترجمة الكتاب في حرف النون من الذريعة.
.)3 ( 502
ص343:
تقويم أحاديث الكتب االربعة
اّن مدرسة أهل البيت لم تعتبر جميع أحاديث الكتب االربعة :الكافي والفقيه واالستبصار والتهRRذيب ،صحيحة كمRRا
هو الشأن لدى مدرسة الخلفاء بالنسبة إلى صحيحي مسلم والبخاري ،واّن أقدم الكتب االربعة زمانRRا وأنبههRRا ذكRRرا
وأكثرها شهرة هو كتاب الكافي للشيخ الكليني ،وقد ذكRRر المحّRد ثون بمدرسRRة أهل الRRبيت اّن فيهRRا خمسRRة وثمRRانين
وأربعمائة وتسعة آالف حديث ضعيف من مجموع 16199حديثا ،واذا رجعت إلى شRRرح الكRRافي المس ّRم ى بمRRرآة
العقول وجدت مؤلفه المجلسي (أحد كبار علماء الحديث -يذكر لك في تقويمه أحاديث الكRRافي ضRRعف مRRايراه منهRRا
ضعيفا ،وصحة ما يرى منها صحيحا ،ووثاقة ما يرى منها موثقا أو قويا باصطالح أهل الحديث.
وقد أّلف أحد الباحثين في عصرنا صحيح الكافي 503واعتبر من مجموع
ص344:
16121حRRديثا من أحRRاديث الكRRافي 4428حRRديثا صحيحا وتRRرك 11693حRRديثا منهRRا لم يرها حسRRب اجتهRRاده
صحيحة.
وما ذكرناُه يدلك على أن مدرسة أهل البيت ال تعتبر أّي كتاب حديث لديها صحيحا ،سواء الكRRافي منهRRا ومRRا دونRRه
شهرة ،وبعدُه زمانا.
وانها ُتؤمن بأن كتاب هّللا القرآن وحده صحيح من الجلد إلى الجلد وال شريك له في الصحة.
قول مجهول قائله
أما ما قيل من أّن المهدي (ع) قال :أّن الكافي كاٍف لشيعتنا ،فاّنه قول مجهول راويه ولم يسّم أحد اسمه ،ويدّل على
بطالنRRه تRRأليف مئات كتب الحRRديث بمدرسRRة أهل الRRبيت بعRRد الكRRافي مثRRل :من ال يحضRRره الفقيRRه ،ومدينة العلم،
والتهذيب ،واالستبصار ،والبحار ،ووسائل الشيعة ،وجامع أحاديث الشيعة ،إلى غيرها.
االحاديث الصحيحة لدى فقهاء مدرسة أهل البيت
بما اّن أتباع مدرسة أهل البيت لم يسّد وا باب االجتهRاد -أي اسRتنباط االحكRام من الكتRاب والسّRنة ،-كمRا فعRل ذلRك
أتباع مدرسRRة الخلفRRاء ،فانهم بحاجRRة مسRRتمرة إلى دراسRRة آيRRات االحكRRام من كالم هّللا ،ودراسRRة أحRRاديث االحكRRام
المنتهية إلى رسول هّللا (ص).
وفي صدد ذلك جمعوا آيات االحكام في رسائل خاصة مثل :كنز العرفان في فقه القرآن للسRRيوري (ت 826 :ه،)-
ومسالك االفهام إلى آيات االحكام لجواد الكاظمي (توفي أواسط القرن الحادي عشر الهجRري) ،ثم عنوا بدراسRRتها
لدراية منطوقها ومفهومها ،خاصها وعامها ،محكمها ومتشابهها ،إلى غRRير ذلRRك من الدراسRRات ،واسRRتنبطوا منهRRا
االحكام الشرعية التي دّونوها في كتبهم
ص345:
الفقهية.
.)1 ( 503صحيح الكافي تأليف محمد باقر البهبودي ،ط .بيروت سنة 1401ه.-
ولّم ا كان المؤلف قد اعتمد في عملRRه على االقRRوال المنقولRRة عن كتRRاب الرجRRال المنسRRوب إلى ابن الغضRRائري أبي الحسRRين أحمRRد بن الحسRRين( كRRان
معاصرا للنجاشي والطوسي) وعلماء الدراية والرجال ينكرون وجود كتاب كهذا البن الغضائري ،لهذا لم يلRق عملRه المRذكور القبRول في الحRوزات
العلمية.
راجع حرف الراء من الذريعة بترجمة رجال ابن الغضائري ،89 -87 /10وحرف التاء بترجمة كتاب تفسير العسكري ،291 -288 /4وفصل«
التشكيك في نسبة الرجال إلى ابن الغضائري» الحكم عليه بالوضع واالختالق من المقّد مة السادسة بمعجم رجال الحديث .102 /1
وكذلك جمعوا االحاديث المروية بواسطة الصحابة المؤمنين وأئمة أهل البيت االطهار في موسRRوعات كبRRيرة مثRRل
الفقيه واالستبصار والتهذيب والوسائل وجامع أحاديث الشيعة ،ثم عنوا بدراسة أسانيد أحاديثهRRا لمعرفة قويهRRا من
ضعيفها وصحيحها من سقيمها ،ودراسة متونها لمعرفة عامها وخاصها ،مجملهRا ومبيّنهRا ورجحRان مRا تعRارض
منها ،ثم اثبتوا االحكام التي استخرجوها مما صّح عندهم من تلRك االحRاديث في كتب فقهّي ة ،مثRل النهايRة للشيخ
الطوسي ،والمختصر النافع وشرايع االسالم للمحقق الحلي (ت 676 :ه ،)-واللمعRRة للشهيد االول (ت 786 :ه،)-
وشرحها للشهيد الثاني (ت 965 :ه )-وجواهر الكالم في شرح شرايع االسالم للشيخ محمد حسRRن (ت 1266 :ه)-
إلى نظائرها.
ويّتضح مّم ا ذكرنا اّن علمRRاء مدرسRRة أهل الRRبيت لم ُيجRRروا في دراسRRتهم الرسRRمّية الحوزويRRة على غRRير أحRRاديث
االحكام دراسات لتمحيص االحاديث ،وأّن االحاديث التي جمعوها (في مثل الوسائل وجامع أحRاديث الشيعة) اّنمRا
جمعوها ليجري الفقيRRه عليهRRا دراسRRاته لمعرفة االحRRاديث الصRRحيحة منهRRا ،ثم اسRRتنباط االحكRRام مّم ا ثبت عندهم
صّحتها منها.
اذا فاالحايث الصحيحة عند فقهRاء الشيعة هي الRتي اسRتخرجوا منهRا المسRائل الفقهيRة المدّونRة في الكتب الفقهيRة
المذكورة آنفا ،ومن ثّم ثبت اّن العلماء لم يجRروا أي دراسRة حوزويRة على أحRاديث السRيرة ،سRواء سRيرة االنبيRاء
السابقين ،أو خاتم االنبياء وصحابته ،أو االئمة وأصحابهم ،وروايRRات التRRاريخ االسRRالمي العRRام ،وال على أحRRاديث
تفسير القرآن الكRRريم واالدعيRRة واالخالق ،وكRRذلك أغلب أحRRاديث االعمRRال المسRRتحّبة ،وتجRRدهم يعّولRRون في هذه
المباحث على روايات ورواة ال يعّولون عليها وال عليهم في المباحث الفقهية ،بل يطرحونها ويسقطونها
ص346:
من االعتبار .ولو سألت أحدهم :هل صّح عندك جميع مRا ذكRرت في هذا البحث غRير الفقهي من حRديث؟ الجابRك
بالنفي وقال :انه ليس من مباحث االحكام الشرعّية واّنما هو من أبواب المعارف االسالمّية ،واالمر فيه هّين.
ومن ثّم يخرجون في مباحث التفسير والسيرة واالدعية واالخالق واالعمال المستحبة روايات عن رواة ال يروون
عنهم في أبواب الفقه ،وقد أكثروا في هذه المباحث من ذكر روايات مدرسRRة الخلفRRاء مّم ا تخRRالف الواقRRع وانتقدوا
عليها ،دون ان يعلم الناقد ان النقد انما يّتجه إلى روايات مدرسة الخلفاء فيها وليس إلى روايات مدرسة أهل البيت،
وإليك ثبتا بذلك فيما يأتي.
ص347:
انتشار أحاديث مدرسة الخالفة لدى أتباع مدرسة أهل البيت
ذكرنا في الجزء السابع من «نقش أئمة در احياء دين» 504االحاديث التي خرجهRRا الشيخ المفيRRد (ت 413 :ه )-من
أحاديث سيف بن عمر الزنديق من رواة أحاديث السيرة والتاريخ بمدرسة الخلفاء.
وذكرنا بعض ما اعتمده الشيخ الطوسي من رواياتهم بترجمة القعقاع من رجاله وانتشر منه إلى رجRRال االردبيلي
(ت 1101 :ه )-والقهبائي (كان حّيا سنة 1016ه )-والمامقاني (ت 1351 :ه.)-
واّن بعض ما أخرجه الشيخ الطوسي -أيضا -من رواياتهم في تفسيره التبيان انتشرت منه إلى تفسRRير :أبي الفتRRوح
الرازي (ت 554 :ه )-ومنه إلى تفسير كازر (ت 722 :ه )-ومنه إلى تفسير الكاشاني (ت 988 :ه.)-
.)1 ( 504راجع في ما نقلناه إلى هنا «:نقش أئمة» فارسي ،75 -61 /7ط .طهران سنة 1404ه 1363 -ش .وقد ترجم إلى العربيRة باسRم« قيRام
االئمة باحياء السنة».
واّن من «إحياء علRRوم الRRدين» للغRRزالي (ت 505 :ه )-انتشر حRRديث موضRRوع عن سRRيرة رسRRول هّللا الى «جRRامع
السعادات» لمهدي النراقي (ت 1209 :ه )-ومنه إلى «معراج السعادة» البنه أحمد النراقي (ت 1245 :ه.)-
واّن ابن طاووس (ت 664 :ه )-اعتمد في كتاب دعائRRه «المجتRRنى» على روايRRة نقلهRRا من تRRاريخ ابن االثير (ت:
630ه )-والتي كان قد نقلها من رواية
ص348:
سيف الزنديق بتاريخ الطبري.
وان المجلسي الكبير (ت 1111 :ه )-أخRرج في أبRواب سRيرة رسRول هّللا (ص) ومقتRل االمRام علي ووفاة فاطمRة
505
بكتاب البحار 264صفحة من روايات كتب أبي الحسن البكري (ت :منتصف القرن الثالث الهجري).
506
واستنسخ الشيخ الحّر العاملي (ت 1104 :ه )-كتاب البكري المذكور وألحقه بآخر كتRRاب «عيRRون المعجRRزات»
للشيخ حسين بن عبد الوهاب.
***
هكذا انتشر في غير االبواب الفقهيRة من كتب علمRRاء مدرسRRة أهل الRبيت الشيء الكثRير من االحRاديث الضRRعيفة،
وسّبب ايراد النقد الكثير عليهم ،ومن ثّم يرد هذا السؤال :انه ما المبرر لهم في تدوين االحاديث الضRRعيفة في غRRير
أبواب الفقهية من كتبهم؟ وفي ما يأتي جوابهم على هذا السؤال:
إذا فاّن النقد يRRرد عليهم لRRو اعتمRRدوا على حRRديث ضRRعيف في كتبهم الفقهيRRة ،وكRRذلك يRRرد النقد على كتب «منتقى
الجمان» و «الRRدّر والمرجRRان في االحRRاديث الّص حاح والحسRRان» و «النهج الوضRRاح في االحRRاديث الصRRحاح» و
«صحيح الكافي» لو جاء فيها حديث ضعيف.
ومن كل ما سبق ذكره يّتضح جّليا اّن مدرسة أهل البيت ال تتسالم على صحة كتاب عدا كتاب هّللا جّRRل اسRRمه ،واّن
المؤلفين منه قد يRوردون في غRRير الكتب الفقهيRة حRديثا ال يعتقدون صّحته ويرونRه ضRRعيفا ،الن االمانRة العلمّي ة
.)1 ( 505هو أحمد بن عبد هّللا بن محمد من أوالد الخليفة االول أبي بكر قال الذهبي بترجمته «:واضع القصص الRRتي لم تكن قّRط» وهو غRRير أبي
الحسن البكري محمد بن محمد بن عبد الرحمن المتوفي 954ه ،-وترجمته في االعالم للزركلي .285 /7
راجع ترجمة أحمد بن عبد هّللا في ميزان االعتدال رقم الترجمة ،440ولسان الميزان رقم الترجمة ،639واالعالم للزركلي .148 /1
.)2 ( 506راجع« نقش أئمة» .70 /7
تقتضيهم أن ال يكتموا الباحثين في االجيال القادمة حديثا بدليل انهم يرونه ضعيفا ،فال يّتجRRه إليهم نقد في غRRير مRRا
دّونوه في االبواب الفقهية ،ويرد النقد على مؤلفي الصحاح والحسان االربعة لو وجد فيها حديث ضعيف.
***
بعد أن بلغ البحث إلى هنا رجعنا إلى معجم رجال الحديث 507الستاذ الفقهاء السِّيد الخوئي ،فوجدناه -قِّدس سِّر ه -قد
أفاض في الحديث فى ذلك تحت عنوان «روايات الكتب االربعة قطعيRRة الصRRدور» و «النظRRر في صّحة روايRRات
508
الكافي ومن ال يحضره الفقيه والتهذيبين.»...
وأثبت ان الشيخ الطوسي والصدوق وشيخه لم يكونوا يرون صحة جميع ما جاء في الكافي من حديث.
ص350:
وأن الشيخ الطوسي لم يكن يرى صحة جميع ما جاء في «من ال يحضره الفقيه» من حديث.
واالهّم من ذلك أن الكليني نفسه لم يكن يرى جميع ما ذكره من حديث في كتابه الكافي صحيحا.
وكذلك الصدوق لم يكن يرى صحة جميع ما ذكر من حديث في (من ال يحضره الفقيه).
والشيخ الطوسي لم يكن يرى صحة جميع ما ذكر من حديث في (التهذيب) ،و (واالستبصار).
واستدّل فيما أفاد بأدّلة قوية ،منها :أنه كيRف يصّRح أن يقال ان الشيخ الكليRني او غRيره يRرى جميRع مRا في كتRاب
الكافي قطعّي الصدور عن رسول هّللا (ص) أو أحد االئمة من أهل بيته (ع) ،وقد نقل فيه الشيخ الكليني أقRRواال عن
أشخاص أمثال:
أ -هشام بن الحكم.
ب -أبي أيوب النحوي.
ج -النظر بن سويد.
د -أسيد بن صفوان.
ه --ادريس بن عبد هّللا االودي.
و -الُفَض يل.
ز -أبي حمزة.
ح -اليمان بن عبيد هّللا .
ط -اسحاق بن ّع مار.
ى -يونس.
ك -إبراهيم بن أبي البالد.
ص351:
ل -أبي نعيم الطحان.
.)1 ( 507معجم رجال الحديث ،36 -22 /1ط .بيروت سنة 1403ه.-
.)2 ( 508معجم رجال الحديث .97 -85 /1
509
م -اسماعيل بن جعفر.
كيف يصّح وليس هؤالء الرجRال اّل ذين أخRرج أحRاديثهم في الكRRافي بRالنبّي واالئمRRة من أهل بيتRه لتكRRون أقRوالهم
أحاديث صحيحة.
ص353:
خالصة وخاتمة للبحثين الرابع والخامس
ص355:
كانت نتيجة ما ذكرنا من انتشار اجتهRRادات الخلفRRاء وفق سياسRRتهم أن ّغ م أمRRر االحكRRام االسRRالمية اّل تي جRRاء بهRRا
الرسول (ص) على المسلمين ونسيت ،وأشتهرت بين المسلمين االحكام اّلتي اجتهد فيهRRا الخلفRRاء ،وانتشرت باسRRم
أحكام االسالم في جميع بالد االسRالم على وجRه االرض من اليمن إلى الحجRاز والشام والعRRراق وأقاصي ايRران
ومصر إلى أقاصي أفريقّية بعد أن نسيت االحكام التي جاء بهRا سّRيد الرسRل في تلRك المسRائل ،ولRو عRرف أحيانRا
الحكم الذي جاء به الرسول وكان مخالفا الوامر الخليفة فالتدّين عندهم في االعراض عن حكم هّللا في سبيل طاعRRة
الخليفة ،فقد مّر علينا قول الشامّي في رميه الكعبRRة إّن الحرمRRة والطاعRRة اجتمعتRRا فغلبت الطاعRRة الحرمRRة .ونRRادى
الحجاج :ياأهل الشام هّللا ! هّللا في الطاعة! ولوال طاعة الخليفة الجتنبوا تلك المعاصي الكبير ة .ألم يكن قائد الحملRRة
(الحصين بن نمير) يخاف هّللا في حمامة الحرم أن تطأها فرسه وهو غافل عنها؟!؟
وكذلك كان شأن شمر في قتله الحسين (ع) فقد روي الذهبي وقال:
كان شمر بن ذي الجوشن يصّلي الفجر ّثم يقعد حّتى يصبح ّثم يصّلي ،ويقول في دعائه :ألّلهم اغفRRر لي! فقيRRل لRRه:
كيف يغفر هّللا لك وقد خرجت إلى ابن بنت رسول هّللا (ص) فأعنت على قتلRRه؟! قRRال :ويحRRك! فكيRRف نصRRنع!؟ إّن
510
امراءنا هؤالء أمرونا بأمر فلم نخالفهم ولو خالفناهم كّنا شرا من هذه الحمر.
ص356:
وكان كعب بن جابرّ -م من حضر قتال الحسين (ع) في كربالء -يقول في مناجاته:
(يا رّب ! إّنا قد وفينا فال تجعلنا يا رّب كمن قد غدر) يقصد بمن قد غدر من خالف الخليفة وعصى أوامره.
ودنا عمرو بن الحّج اج يRRوم عاشRRوراء من أصحاب الحسRRين (ع) ونRRادى وقRRال :ياأهل الكوفة! الزمRRوا طRRاعتكم
وجماعتكم وال ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف االمام.
بلغوا في تدّينهم بطاعة الخليفة إلى حّد أّنه كان أرجى عمل عندهم ليوم القيامة إرتكاب كبائر معاصي هّللا في سRبيل
طاعة الخليفة ،وقد مّر علينا قول مسلم في حالة النزع:
اللهّم إنّي لم أعمل عمال قّط بعد شهادة أن ال إله إاّل هّللا وأّن محّم دا عبده ورسوله أي بعد االسالم أحّب الّي من قتRRل
أهل المدينة وال أرجى عندي في االخرة ،وان دخلت النار بعد ذلك إنّي لشقّي .
أرأيت هذا التدّين؟! أرأيت أرجى عمل ليوم القيامة؟! أرأيت كيف استطاعت عصبة الخالفة أن تقلب االسRRالم إلى
ضّد ه؟
أصاب شريعة ّسيد المرسلين (ص) بسبب تلك االجتهادات ما أصاب شرايع االنبياء السابقين في تلك المسRRائل .ولم
يكن من الممكن إعادة أحكام االسالم إلى المجتمع مع طاعة 511أفراده لمقام الخالفة التي اجتهدت في تلRك االحكRRام.
فلم يكن بّد من كسر قدسية مقام الخالفة في نفوس المسلمين كي يتيّسر بعد ذلك أبعاد االحكام الRRتي انتشرت بسRRبب
اجتهاداتهمّ ،ثم إعادة أحكام االسالم التي جاء بها رسول هّللا ألى المجتمع بعد ذلك ،وقد أعّد هّللا االمام الحسين للقيام
بهذه المهّم ة كما يلي بيانه.
ص358:
أعّد هّللا ورسوله االمام الحسين (ع) للقيام بالتغيير
قّيض هّللا االمام الحسين (ع) لكسر قدسية مقام الخالفة في نفRوس المسRلمين بعRد أن أعّRد لRه االجRواء النفسّRية في
المجتمع االسالمي بما أنزل في حّقه ضمن ما أنزل في حّق أهل البيت عامة بقرآنه الكريم ،وفي مRRا بّل غ المسRRلمين
على لسان رسوله في أهل البيت عاّم ة وفي االمام الحسين (ع) خاّصة:
فاّنه لما أنزل هّللا سبحانه :قل ال أسألكم عليه أجرا إاّل الموّد ة في القربى.
512
فّسر رسوله (القربى) بعلي وفاطمة والحسن والحسين.
وّلمRRا أراد هّللا سRRبحانه أن يRRنزل آيRRة التطهRRير ،ورأى رسRRول هّللا أّن الرحمRRة هابطRRة ،دعRRا علّي ا وفاطمRRة والحسRRن
والحسين وضّم هم إلى نفسه تحت الكساء ،فانزل هّللا تعالى:
إنما يريد هّللا ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطّهركم تطهيرا ،فقال رسول هّللا :أللهم إّن هؤالء أهل بيRتي ،وبقي
طول حياته بعد ذلك يقف على باب دارهم يومّيا خمس مّرات أوقات الصالة اليومية ويقول :السRRالم عليكم يRRا أهل
513
البيت إّنما يريد هّللا ليذهب ....
ص359:
.)1 ( 511جاء في لسان العرب وتاج العروس بمادة( عبد) عبد عبادة وعبودة وعبوديةاطاعة ،والعبادة :الطاعة مع الخضوع ،وعبد الطRاغوت :أي
اطاعة يعني الشيطان في ما سّو ل له وأغواه ،واعبدوا ربكم أي أطيعوا ربكم ،وأياك نعبد أي نطيع الطاعة التي يخضع معها.
.)1 ( 512بتفسير االية من تفسير الطبري والزمخشري والسيوطي ،ومستدرك الصحيحين ،172 /3وذخائر العقبى للطبري ص ،138وأسد الغابة
،367 /5وحلية االولياء ،201 /3ومجمع الزوائد 103 /7و .146 /9
.)2 ( 513مضت مصادر الخبر في القسم االول من هذا الكتاب.
وّلما نزلت االية الكريمة :فمن حاّج ك فيRRه من بعRRد مRRا جRRاءك من العلم فقل تعRRالوا نRRدع أبنائنا وأبناءكم ونسRRاءنا
ونسRRاءكم وأنفسRRنا وأنفسRRكم ّثم نبتهRRل فنجعRRل لعنة هّللا على الكRRاذبين ( /61آل عمRRران) وأراد أن يباهل نصRRارى
514
نجران؛ دعا رسول هّللا علّيا وفاطمة والحسن والحسين.
وفي رواية :وقد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفRRه وعلي يمشي خلفهRRا ،وقRRال لهم النبي :إذا
دعوت فأّم نوا ،فّلما رآهم أسقف نجران ،قال :يا معشر النصارى؛ إّني الرى وجوها لو سألوا هّللا أن يزيل جبال من
مكانه الزاله ،فال تبتهلوا فتهلكوا ،فصالحهم على دفع الجزية 515.هذا بعض ما تلته أبناء ااّل مRRة في قرآنهRRا وسRRمعته
في تفسيره عن رسول هّللا له وشاهدته يفّسرُه بعمله.
وأيضا سمعت رسول هّللا يقول:
516
من صّلى صالة لم يصّل فيها علّي وال على أهل بيتي لم تقبل منه.
وّلما سألوه كيف يصّلون عليه قال:
قولوا :اللّهم صّلى على محمد وعلى آل محّم د كما صّليت على آل إبراهيم إّنك حميد مجيد ،الّلهّم بRRارك على محّم د
517
وآل محّم د كما باركت على آل إبراهيم إّنك حميد مجيد.
ص360:
518
وسمعته يقول لعلي وفاطمة والحسن والحسين :أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم.
.)1 ( 514صحيح مسلم ،باب فضائل علي من كتاب فضائل الصحابة ،وسنن الترمذي ،ومسRRتدرك الصRRحيحين ،150 /3ومسRRند أحمRRد ،185 /1
وسنن البيهقي ،63 /7وتفسير االية بتفسير الطبري والسيوطي ،والواحدي في أسباب النزول ص 74و .75
.)2 ( 515بتفسير االية بتفسير الكشاف للزمخشري ،والتفسير الكبير للفخر الرازي ،ونور االبصار للشبلنجي ص .100
.)3 ( 516سنن البيهقي ،379 /2وسنن الدارقطني ص .136
هّللا
.)4 ( 517صحيح البخاري ،كتاب الدعوات في باب الصالة على النبي ،وفي كتاب التفسير ،في باب تفسير قوله تعRالى i\:ان ومالئكتRه يصRلون
على النبي\ ،Eوصحيح مسلم ،في كتاب الصRRالة ،بRRاب الصRRالة على النبي( ص) بعRRد التشهد ،ومسRRند أحمRRد ،47 /2و ،353 /5واالدب المفRRرد
للبخاري ص ،93وسنن النسائي وابن ماجة والترمRRذي ،والRRبيهقي 147 /2و ،279والRRدارقطني ص ،135ومسRRند الشافعي ص ،23ومسRRتدرك
الصحيحين ،269 /1وتفسير آية( ان هّللا ومالئكته )..من تفسير الطبري.
.)1 ( 518سنن الترمذي كتاب المناقب ،وابن ماجة ،المقّد مة ،ومستدرك الصحيحين ،149 /1ومسند أحمد ،442 /2وأسد الغابة 11 /3و ،523 /5
ومجمع الزوائد ،169 /9وتاريخ بغداد ،136 /8والرياض النضرة ،199 /2وذخائر العقبى ص .23
.)2 ( 519مسند أحمد ،77 /1وسنن الترمذي كتاب المناقب ،وتاريخ بغداد ،287 /3وتهذيب التهذيب ،430 /10وكنز العمال.
.)3 ( 520في باب مناقب الحسن والحسين من كتاب بدء الخلق من صحيح البخاري أن رجاًل سأل ابن عمر عن دم البعوض فقال :ممن أنت؟ قRال:
من أهل العراق ،قال :انظروا إلى هذا! يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي( ص) وسمعت النبي( ص) يقول :هما ريحانتاي من الدنيا.
وباب رحمة الولد وتقبيله ،واالدب المفRرد لRه ص ،14وسRنن الترمRذي ،ومسRند أحمRد 85 /2و 93و 114و ،153ومسRند الطيالسRي ،160 /8
وخصائص النسائي ص ،37ومستدرك الحاكم ،165 /3والرياض النضرة ،232 /2وحلية أبي نعيم 201 /3و ،70 /5وفتح الباري ،100 /8
ومجمع الزوائد .181 /9
.)1 ( 521مجمع الزوائد للهيثمي ،184 /9وذخائر العقبى ص ،130وكنز العمال ،114 -103 /13ط .الثانية.
522
ويقول :هذان ابناي وابنا ابنتي ،اللهّم اّني أحّبهما فأحّبهما وأحّب من يحّبهما.
523
ويقول :من أحّب الحسن والحسين فقد أحّبني ،ومن أبغضهما فقد أبغضني.
524
ويقول :كّل بني آدم ينتمون إلى عصبتهم إاّل ولد فاطمة فاّني أنا أبوهم وأنا عصبتهم.
وكان يصّلي في مسRجده فإذا سRجد وثب الحسRن والحسRين (ع) على ظهRره ،وإذا رفع رأسRه أخRذهما فوضRعهما
525
وضعا رفيقا فإذا عاد عادا ....
وكان يخطب في مسجده إذ جاء الحسن والحسRRين يمشيان ويعRRثران ،فنزل رسRRول هّللا (ص) من المنبر فحملهمRRا
526
ووضعهما بين يديه ...
ص362:
أعّد هّللا ورسوله ااّل مة في االيات واالحاديث االنفة لتنظر إلى أهل البيت عاّم ة بعRRد رسRRول هّللا (ص) نظRRرة إجالل
وإكبار وحّب ووالء ،وكذلك في آيات أخRRرى مثRRل :آيRRة الخمس وسRRورة هل أتى وآيRRة وآت ذا القربى حّق ه ،وفي
527
أحاديث عن النبي في تفسير تلك االيات وغيرها.
وخّص بالذكر من بينهم االمRام الحسRين في مثRل أخبRار هّللا نبّي ه باستشهاد االمRام الحسRين في يRوم مولRده وبعRده،
528
واخبار رسوله أُّم ته بذلك مّرة بعد أخرى.
وكذلك في ما فعل االمام علي (ع) بعد رسول هّللا (ص) مثل روايتRRه عن رسRRول هّللا (ص) في طريقه إلى صفين
وغيره باستشهاد االمام الحسين (ع).
وقوله فيبعض أّيام صّفين:
أّنني أنفس بهذين يعني الحسن والحسRRين (ع) على المRRوت لئال ينقطRRع بهمRRا نسRRل رسRRول هّللا صّلى هلل عليRRه وآلRRه
ّل 529
وس م.
هكذا ُو ّج َهت ااّل مRRة إلى حّب االمRRام الحسRRين وإجالل مقامRRه ،أضRRف إلى ذلRك مRRا كRRان عند بعض أبناء االّم ة من
نصوص عن الرسول في إمامة االئمة االثني عشر ،وأّنهم حملة االسالم وحفظته وأن االمام الحسين ثالثهم.
ومهما يكن من أمر فان االمRام الحسRين كRان الرجRل الوحيRد الRذي ورث حب المسRلمين لجRده الرسRول (ص) في
عصره.
ص363:
.)2 ( 522الترمذي ،كتاب المناقب ،وخصائص النسائي ص ،220وكنز العمال ،99 /13ط .الثانية.
.)3 ( 523سنن ابن ماجة ،في فضائل الحسن والحسين ،ومسند أحمد 288 /2و 440و ،531و ،369 /5وتاريخ بغداد ،141 /1وكنوز الحقائق.
ط .اسالمبول ص ،134ومسند الطيالسي 327 /10و ،332ومجمع الزوائد 180 /9و 181و ،185وسنن البيهقي ،263 /2و ،28 /4وحلية
االولياء ،305 /8ومستدرك الصحيحين 166 /3و .171
.)4 ( 524مستدرك الصحيحين ،164 /3وتاريخ بغداد ،285 /11ومجمع الزوائد ،172 /9وذخائر العقبى ص ،121وكنز العمال 226 /6و
.220
.)5 ( 525مستدرك الصحيحين 163 /3و 165و ،626ومسند أحمد ،513 /2و ،493 /2و ،51 /5وسنن البيهقي ،263 /2ومجمع الزوائد
للهيثمي 275 /9و 181و ،182وذخائر العقبى ص ،132وأسد الغابة ،389 /2والرياض النضرة ص .132
.)6 ( 526مسند أحمد ،389 /4و ،354 /5ومستدرك الحاكم ،287 /1و ،189 /4وسنن البيهقي ،218 /3و ،165 /6وسنن ابن ماجة باب لبس
االحمر للرجال من كتاب اللباس ،وسنن النسائي ،باب صالة الجمعة والعيدين ،وسنن الترمذي ،كتاب المناقب.
.)1 ( 527أسباب النزول للواحدي ص ،331وأسد الغابة ،535 /5والرياض النضرة ،227 /2ونور االبصار ،للشبلنجي ،وتفسير االيRRة بتفسRRير
السيوطي.
.)2 ( 528راجع قبله فصل( أنباء باستشهاد الحسين).
.)3 ( 529نهج البالغة ،العدد 205من خطبه.
ولهذا رغب المسلمون يومذاك في أن يبRايعوه بالخالفة ليصRبح بتلRك البيعRة الخليفRة الشرعي بعRد معاويRة ،يتبّRوأ
عرش الخالفة بحقوقها ،ولو أتيح له ذلك وأصبح خليفة المسRRلمين بRRبيعتهم اّي اه لمRRا اسRRتطاع أن يعيRRد إلى المجتمRRع
االحكام االسالمّية التي بّد لها الخلفاء وغّيروها باجتهاداتهم ،كما لم يسRRتطع االمRRام علي (ع) ان يفعRRل ذلRRك بالنسRRبة
إلى اجتهادات الخلفاء الثالثة من قبله 530،وكان على االمام الحسين لو ُبويع أن يقّر أحداث معاوية -اجتهاداته -على
حالها بما فيها لعن أبيه االمام علي (ع) على جميع منابر المسلمين باالضافة إلى اجتهادات الخلفاء السRRابقين ،وّلمRRا
لم يقّد ر للمسلمين أن يبايعوه بالخالفة أصبحت حاله لدى المسلمين حال الحرمين الشريفين ،له الحرمة في نفوسRRهم
ولكّنهم انتهكوها في سبيل طاعة الخليفة وصّح ماقاله له الفرزدق في هذا الصدد (قلوب الناس معRRك وسRRيوفهم مRRع
بني أمّية).
في ضوء الدراسات السابقة نستطيع أن نعّرف مشكلة ذلك العصر كما يلي.
ص364:
حال المسلمين في عصر االمام الحسين عليه السالم
كان المسلمون في عاصمتي االسالم مكRة والمدينة وعاصمتي الخالفة الكوفة والشام يRرون التمسRك بالRدين فى
طاعة الخليفة مهما كانت صفاته وفي كل مRRا يRأمر ،ويRرون في الخRروج عليRه شRRقا لعصRRا المسRRلمين ومروقRا من
الRRدين ،هذه كRRانت حRRالتهم وفيهم بقيRRة ممن رأى رسRRول هّللا وسRRمع حديثRRه ،وفيهم التRRابعون باحسRRان ،وفيهم علّي ة
المسلمين.
وبالقياس إلى هؤالء ،كيف كRRانت حRRال المسRRلمين في سRRائر الحواضRRر االسRRالمية وبالده النائيRRة مثRRل من كRRان فى
أقاصي افريقيRRا وايRRران والجزيRRرة العربيRRة ممن لم يRRروا رسRRول هّللا (ص) ولم يصRRاحبوا أهل بيتRRه او خRRريجي
مدرسته؟ اولئك المسلمين الRRذين كRRانوا يعرفون االسRRالم من خالل مRRا يرونRRه في عاصمة الخالفة وبالط الخليفRRة
خاصة ويمثل االسالم في عرفهم الخليفة وسيرته! وما أدراك ما الخليفة وماسيرته!
الخليفة الذي ال يردعه رادع من دين عن نيل ما يشتهيه! الخليفة الذي يشرب الخمRRر ،ويRRترك الصRRالة! ويضRRرب
بالطنابير ويعزف عنده القيان ويلعب بالكالب ويسمر عنده الخّراب والفتيان.
531
الخليفة الذي ينكح ُأمهات االوالد والبنات واالخوات.
ص365:
الخليفة الذي يأمر بقتل سبط الرسول ويسبي بناته ويبيح حرم الرسول ويرمى الكعبة بالمنجنيق وينشد:
532
اخبر جاء وال وحي نزل لعبت هاشم بالملك فال
533
هذا هو االسالم الذي كانوا يجدونه لدى خليفة هّللا وخليفة رسوله.
وكان يقال للمسلمين في كل مكان :اّن التمسك بالدين في طاعة هذا الخليفة.
.)1 ( 530راجع قبله ،شكوى االمام علي من تغيير الوالة قبله أحكام االسالم بباب (:شكوى االمام علي( ع) من تغيير السّنة النبوية) في الجزء الثاني
من هذا الكتاب.
.)1 ( 531هكذا وصفه اماثل أهل المدينة الذين وفدوا اليه وشاهدوه من قريب مع انه برهم واكرمهم.
.)1 ( 532ذكرنا مصادر هذه االخبار في ما سبق من هذا الكتاب.
.)2 ( 533كانت عصبة الخالفة تسِّم ي الخليفة بخليفة هّللا كما مَّرت االشارة إليه ،وقد قال مروان ابن أبي حفصة في وصف دفاع معن عن المنصور
يوم الهاشمية:
ما زلت يوم الهاشمية معلنابالسيف دون خليفة الرحمن مروج الذهب .286 /3
إذا فقد تبين ان المشكلة يوم ذاك لم تكن مشكلة تسلط الحاكم الجائر كي يعالج بتبديله بحاكم عادل ،بل كانت مشكلة
ضياع االحكام االسالمية ،وتدُّين المسلمين بطاعة الخليفة مهما كانت اوامRRره ،ورؤيتهم لمقام الخالفة ،ومRRع هذه
الحالة كان العالج منحصرا بتغيير رؤية المسلمين هذه وعقيدتهم تلك كي تتيسر بعد ذلك اعادة االحكRRام االسRRالمية
من جديد ،وكان االنسان الوحيد الذي يسRRتطيع ان ينهض بعبء هذا التغيRRير هو االمRRام الحسRRين (ع) لمنزلتRRه من
رسول هّللا (ص) ومقامه منه ،ولما جاء في حقه من االيات واالحاديث.
كان على هذا االنسان مع تلك الميزات ان يختار يومئذ احد أمرين الثالث لهما:
إما ان يبايع يزيد ويحظى بعيش رغيد في الدنيا مع بقاء حّب المسلمين واحترام كافة الناس إّياه وهو يعلم ان بيعته:
اوال :اقرار منه ليزيد على كل فجوره وكفره وتظاهره بهما!
ص366:
وثانيا :إقرار منه للمسلمين في ما يعتقدونه في امثال يزيRRد ممن تربRRع على دسRRت الخالفة بالبيعRRة بRRانهم الممثلRRون
الشرعيون هلل ورسوله وان طاعتهم واجبة على كل حال وفي كل ما يأمرون!
وفي كال االقرارين قضاء على شريعة جده سيد المرسلين ،وتؤول شريعته بعRRد ذاك مRRآل شRRريعة موسRRى وعيسRRى
وشرايع سائر النبيين ،وبذلك كان سبط رسول هّللا يحمل آثام أهل عصره وآثام من جاء بعدهم إلى يوم القيامة ،فانه
لم يكن قد بقي من الرسول سبط غير الحسين ،ولم يمهد الحد ما مهد له كما ذكرنا ،ولم يكن يRRأتي بعRRده من يصRRبح
له شأن عند المسلمين كشأن االمام الحسين (ع).
إذن فهو االنسان الوحيد الذي انيطت به تلك المهمة الخطيرة مدى الدهر وعليه ان يختار احد أمرين :اما ان يبايع،
واما ان ينكر على يزيد اعماله ،وينكر على المسلمين كافة اقرارهم اعمال يزيد ،وبذلك يغير ما كانوا عليRRه ويمكن
االئمة من بعده من ان يقوموا باحياء ما اندرس من شريعة جده .وهذا ما اختاره االمام الحسRRين (ع) واسRRتهدفه في
قيامه واتخذه شعارا لنفسه ،وسلك سبيال يوصله اليه .كما نبينه في ما يلي:
ص367:
هدف االمام الحسين (ع) وشعاره وسبيله
رفع االمام شعار بطالن حكم الخالفة القائم وان فيه خطرا على االسالم حيث قال:
«وعلى االسالم السالم إذ قد بليت االمة براع مثل يزيد».
قال ذلك في جواب من قال له:
بايع امير المؤمنين يزيد فهو خير لك في الدارين.
قال ذلك في ظرف كان يقال له:
ياحسين أال تتقي هّللا تخرج من الجماعة وتفّرق بين هذه االمة!
قال ذلك في ظرف قال له ابن عمر:
534
اتق هّللا والتفّرق جماعة المسلمين.
في هذا الظرف قال االمام الحسين (ع):
وهّللا لو لم يكن في الدنيا ملجأ وال مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية أبدا.
.)1 ( 534الطبري .191 /6
وكان مؤّد ى هذا الشعار صحة امر االمامة وبطالن أمر الخالفة القائمRRة ويتضRRح ذلRRك بRRاجلى من هذا في وصيته
الخيه محمد بن الحنفية حيث كتب فيها:
«انما خرجت لطلب االصالح في ُأمة جدي (ص) أريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر ،وأسير بسRيرة جRدي
وأبي علي بن أبي طالب .فمن قبلني بقبول
ص368:
الحق فاهلل أولى بالحق ،ومن رّد علّي هذا أصبر حتى يقضي هّللا بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين».
أسقط االمام الحسين في هذه الوصية ذكر الخلفاء ابي بكر وعمر وعثمان ومعاويRRة وذكRRر سRRيرتهم ،وصرح بانRRه
يريد ان يسير بسيرة جده وابيه.
وتتلخص سيرة الخفاء في:
مجيئهم إلى الحكم استنادا إلى بيعRة المسRلمين ايRاهم كيRف مRا كRانت البيعRة ،ثم حكمهم المسRلمين وفق اجتهRاداتهم
الخاصة في االحكام االسالمية.
وتتلخص سيرة ابيه وجده في:
حملهما االسالم إلى الناس ،ودعوتهما الناس إلى العمل به ،ووقوفهما عند احكام االسالم ،كRRانت هذه سRRيرتهما في
جميع االحوال ،سواء أكانا حاكمين مثل عهد الرسول في المدينة واالمام علي بعد مقتRRل عثمRRان ،أو غRRير حRRاكمين
مثل حالهما قبل ذلك ،فقد كان للرسRول سRيرة في مكRة ولالمRام علي سRيرة قبRل ان يلي الحكم ،وسRيرتهما في كلتRا
الحالين حمل االسالم إلى االمة ،أحدهما بّلغه عن هّللا واالخر عن رسوله.
في كلتا الحالين دعوا إلى االسالم وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر.
واالمام الحسين (ع) يريد ان يسير بسيرتهما كذلك ،واليريد ان يسRRير بسRRيرة الخلفRRاء ،فمن قبلRRه بقبRRول الحRRق فاهلل
اولى بالحق ،ومن رّد عليه ذلك صبر حتى يقضي هّللا بينه وبين عصبة الخالفة بالحق.
***
يعرف مما اوردنا ومن سائر اعمال االمام واقواله في ايام قيامه ،انه كRRان قRRد حمRRل إلى الناس شRRعار بطالن امRRر
الخالفة القائمة ،وصحة امر االمامة .وهدفه من كل ما قال وفعRRل ،ان يRRؤمن االخRRرون بهRRذا الشعار .فمن آمن بRRه
اهتدى ومن لم يؤمن بعد ان بلغه نداء االمام تمت الحجة عليه ،ومن ثم كان يعمل
ص369:
جاهدا في سبيل نشر قضيته.
كان هذا شعار االمام وهدفه واتخذ الشهادة سبيال للوصول إلى هدفه ،ولنعم ما قال الشاعر على لسانه:
إاّل بقتلي ياسيوف خذيني ان كان دين محمد لم يستقم
كأن االمام يشير في حديثه إلى ان شأنه شأن يحيى ويدعو ابن عمر إلى نصره في ما اختار لنفسه من سبيل.
وقال االمام في خطبته عند توجهه إلى العراق:
خّط الموت على ولد آدم مخّط القالدة على جيد الفتاة ،وما أولهني إلى اسالفي اشتياق يعقوب إلى يوسف ،وقد خير
لي مصرع أنا القيه ،كأني بأوصالي تقطعها عسالن الفلRRوات بين النواويس وكRRربال ،فيمالن مRRني أكراشRRا جوفا،
واحويRRة سRRغبا ،ال محيص عن يRRوم خ ّRط بRRالقلم .رضRRا هّللا رضRRانا أهل الRRبيت نصRRبر على بالئRRه ويوفينا اجRRور
الصابرين ،لن تشّذ عن رسول هّللا لحمته ،وهي مجموعة له في حضيرة القدس ،تقّر بهم عينه وينجز بهم وعده.
من كان باذال فينا مهجته ،وموطنا على لقاء هّللا نفسه فليرحل معنا ....
536
وما نزل االمام منزال وال ارتحل منه إاّل ذكر يحيى بن زكريا ومقتله.
لّبى االمام نداء أهل الكوفة اتماما للحجة:
كان االمام يعلم بالبداهة وبحسب حكم طبايع االشياء ،ومع صرف النظRر عّم ا كRRان قRد علمRRه من االمRRور الغيبيRة
بانباء رسول هّللا عن هّللا عّز اسمه بمقتله ،كان يعلم ان عليه ان يختار احد اثنين ال ثالث لهما :إما البيعة وإما القتل،
وكان يشير إلى ذلك في اقواله مرة بعد اخرى ،وقد بان ذلك منذ اول مرة طلب منه البيعة بعRد مRوت معاويRة حيث
اشار مروان على والي المدينة ان
ص371:
يأخذ منه البيعة وان يقتله ان أبى ،ففّر منهم االمام الى مكة والتجأ إلى بيت هّللا الحرام.
وتبين له في مكة ان يزيد يريد ان يغتاله ،وخشي ان يكون الذي ُتستباح به حرمة البيت كما صّرح به الخيه محمRRد
ابن الحنفية وقاله أيضا البن الزبير حين قال له:
بعد كل ذلك لو ان االمام لم يلّب دعوة أهل الكوفة ،وبايع يزيد ،او انه لم يبايع يزيد ولكنه استشهد بمكان آخر ،كان
عندئذ قد فرط في حّق اهل الكوفة .وكان الناس أبد الدهر وجيال بعد جيل يسجلون الهل الكوفة الحRRق على االمRRام،
وفي يوم القيامة كانت لهم الحجة على هّللا جّل اسمه ،وهلل الحجة البالغة على خلقه.
إذن فما فعله االمام الحسين (ع) مع أهل الكوفة كان من باب اتمام الحجة عليهم وليس غRRيره ،ولRRو لم يكن هذا بRRل
كان سبب توجه االمام الحسين (ع) إلى العراق انخداعه بكتب أهل الكوفة وطلبهم الحثيث ،لرجRRع حين بلغRRه خRRبر
537
مقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ،ومن قبل ان يصل اليه الحّر بن يزيد ويالزمه بأيام.
اجل ان االمام الحسين (ع) قد أتّم الحجRة بمRا فعRل على اهل العRراق وعلى غRيرهم وقRال هّللا سRبحانه :لئال يكRون
للناس على هّللا حجة بعد الرسل.
ذهب إلى العراق التمام الحجة ال لقول بني عقيل:
وقد يتوّهم متوّهم ويقول :كان سبب ذهاب االمام إلى العراق بعد وصول نبأ مقتل مسلم وهانئ اليه قول بني عقيل:
«النبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق اخونا» وان االمام بسبب هذا القول عّرض نفسه ونفوس من معه للقتل،
فالحق ان هذا ليس بصحيح وال ينبغي ان يقوله من له مسكة من عقل ،وانما الصحيح اّنه لما كRRان سّRRيان لالمRRام ان
وقد اتم االمام الحجة على اهل الكوفة وعلى من بلغه خبره من معاصريه في انكRRاره على الطRRاغوت يزيRRد انكRRارا
دوى صداه على وجه االرض ،وبقي مدويا ما كر الجديدان ،فانه لم يكتف باالمتناع عن بيعRRة يزيRRد والجلRRوس في
داره حتى يقتل فيها ويذهب ضحية باردة ثم تطمس اجهزة الخالفة على حقيقة خبره ،بل قام بكRل مRا ينشر خRبره،
ويعلن حقيقة امره وامر الخالفة كما نشرحه في مايلي:
ص374:
حكمة االمام (ع) في كيفية قيامه
عارض االمام في المدينة بيعة خليفة اكتسب شرعية حكمه لدى المسلمين ببيعتهم ايRRاه ،وقRRاوم عصRRبة الخالفة في
المدينة حتى انتشر خبره ،ثم توجه إلى مكة والتزم الطريق االعظم ولم يتنكبه مثل ابن الزبRير ،وجRاء مكRة والتجRأ
إلى بيت هّللا الحرام فاشرأبت اليه أعناق المعتمرين ،وتحلقوا حوله يستمعون إلى سبط نبيهم وهو يحدثهم عن سيرة
جده ويشرح لهم انحراف الخليفة عن تلك السيرة! ثم أعلن دعوته وكاتب البالد ودعRRا االمRRة إلى القيRRام المسRRلح في
وجه الخالفة ،وتغيير ما هم عليه ،وطلب منهم البيعة على ذلك ،وليس على ان يعينوه ليلي الخالفة ،ولم يمّن االمام
احدا بذلك بتاتا ولم يذكره في خطاب ولم يكتبه في كتاب ،بRل كRان كّلمRا نRزل مRنزال او ارتحRل ضRرب بيحRيى بن
زكريا مثال لنفسه ،وحق له ذلك فان كال منهمRا انكRر على طRاغوت زمانRه الطغيRان والفسRاد ،وقاومRه حRتى قتRل،
وحمل رأسه إلى الطاغية! فعل ذلك يحيى بمفرده ،والحسين مع اعوانRRه وانصRRاره واهل بيتRRه ،وال يفعRRل ذلRRك من
يريد ان يجمع الناس حوله ويستظهر بهم ليلي الخالفة ،بل يمّنيهم بالنصر واالسRRتيالء على الحكم وال يRRذكر للناس
ما يؤدي إلى الوهن والفشل.
بقي االمام اربعة اشهر في مكة بما فيهن اشهر الحج ،واجتمع به المعتمرون اوال ثم الوافدون لحج بيت هّللا الحRRرام
من كّل فّج عميق ،وهو يروي لهم عن جده الرسRول (ص) عن هّللا مRايخوفهم معصRيته ،ويحRذرهم عذابRه في يRوم
القيامة ،ويدعوهم إلى تقوى هّللا وطلب مراضيه ،وينبههم إلى خطر
ص375:
الخالفة القائمة على االسالم ،فيسمعون منه ما لم يسمعوا من غRRيره في ذلRRك العصRRر ،وبقي هكRRذا حRRتى اقبRRل يRRوم
التروية ،واحرم الحاج للحج ،واتجهوا إلى عرفات ملّبين.
في هذا الوقت خالف االمام الحجيج واحل من احرامه وخرج من الحRRرم قRRائال اخشى ان تغتRRالني عصRRبة الخالفة
الني لم أبايع فتهتك بي حرمة الحرم ،والن اقتل خارجا منه بشبر احب الّي من اقتل داخال بشبر .ان االمRام لم يقل
عندئذ اذهب إلى العراق اللي الحكم؛ بل قال :اذهب القتل خارجا من الحرم بشبر.
ويعود الحجيج إلى مواطنهم ويبلغ معهم خبر االمام الحسين إلى منتهى الخّف والحافر ،ويبلRRغ خRRبره إلى أي صقع
من اصقاع االرض يمّر به ركب الحجيج الذي يحمل معه إلى المسلمين في كل مكان النبأ العظيم ،نبأ خروج سRRبط
نبيهم على الخالفة القائمة ودعوتRه المسRلمين إلى القيRام المسRلح ضRد الخالفة النRه يRرى الخليفRة قRد انحRرف عن
االسالم ويرى الخطر محدقا باالسالم مع استمرار هذا الحكم ،فيتعطش المسلمون في كل مكRRان لمعرفة مRRآل هذه
المعركة ،معركة أهل بيت الرسول مع عصبة الخالفة ،ويتنسمون اخبارها فيبلغهم ان الحسين (ع) خRRرج ال يلويRRه
شيء ،وال يثني عزمه تحذير المحذرين ،وال تخRRذيل المخّRذ لين ،ال يلويRRه قRRول عبدهّللا بن عمRRر :اسRRتودعك هّللا من
قتيل ،وال قول الفرزدق :قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني امية ،وال كتاب عمرة وحديثها عن عائشة عن رسول
هّللا انه يقتل بارض بابل ،هكذا تبلغهم اخبار االمام خبرا بعد خبر ،ويمضي الحسين (ع) متريثا متهمال اليخفي من
امره شيئا ،بل يبادر إلى كل فعل يشهر مخالفته للخليفRRة يزيRد ،فيأخRذ مRRا ارسRRله والي اليمن الى الخليفRRة من تحRف
وعطور ويعلن بفعله هذا عدم شرعية تصرف الخليفة ،وكذلك يفعل كل ما يتم به الحجة على من اجتمع به او بلغه
خبره ،ويبالغ في ذلك ،واخيرا يستقبل بالماء جيش عدوه وقد اجهده العطش في صحراء ال ماء
ص376:
فيها يرويهم ويRروي مRراكبهم ،وال يقبRل ان يبRاغت هذا الجيش بRالحرب ،بRل يRتركهم ليكونRوا هم الRذين يبدأونRه
بالحرب ،ثم انه يتُّم الحجة على هذا الجيش ويخاطبهم بعد ان يؤمهم بالصالة ويقول:
معذرة إلى هّللا عّز وجّل واليكم ،إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ،وقدمت علّي رسلكم ان أقدم علينا فانه ليس لنا امRRام
لعل هّللا يجمعنا بك على الهدى ،فان كنتم على ذلك ،فقد جئتكم ،فان تعطوني ما أطمئن اليه من عهودكم ومRRواثيقكم
أقدم مصركم ،وان لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين ،انصرف عنكم.
وقال في خطبته الثانية:
إن تتقوا وتعرفوا الحق الهله يكن ارض هلل ،ونحن اهل البيت اولى بوالية هذا االمر عليكم من هؤالء المّRد عين مRRا
ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان.
وأتّم الحجة أيضا على اصحابه وخطب فيهم وقال:
أال ترون ان الحق اليعمل به وان الباطل اليتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء هّللا محقا ،فاني ال أرى المRRوت إاّل
سعادة والحياة 538مع الظالمين إاّل برما.
فقال له اصحابه :وهّللا لو كانت الدنيا باقية وكنا فيها مخلدين إاّل ان فراقهRRا في نصRRرك ومواسRRاتك الثرنRا الخRروج
معك على االقامة فيها.
وقال في جواب اقتراح الطرّم اح ان يذهب إلى جبلي طّي فيدافع عنه عشرون ألف طRRائي :انRRه قRRد كRRان بيننا وبين
هؤالء القوم قول لسنا نقدر معه على االنصراف.
إّنه قد كان بين الحسين (ع) وبين أهل العراق عهٌد ان يذهب اليهم وال
ص377:
يقدر ان ينصرف عنهم حتى يتم الحجة عليهم.
***
وباشر القيام المسلح بأخذه البيعة ممن بايعه على ذلك ،ثم في قتال سفيره مسRRلم ثم في توجهRRه إلى العRRراق متريثRRا،
وكRRان بامكRRان جمRRاهير الحجيج ان يلتحقوا بعRRد الحج بركبRRه المتمهRRل في السRRير ،وكRRان بامكRRان أهل الحRRرمين
والعراقين وسائر البالد االسالمية ان يلّبوا دعوته حين استنصرهم ،فانه لم يأخذ على حين غّرة ليكونRRوا معRRذورين
النه لم تؤاتهم الفرصة لنصرته ،بل انه تنقل من بلد إلى بلد يRRداور عصRRبة الخالفة ويحRRاور بمنظRRر من المسRRلمين
ومخبر ،اذن فقد اشترك الجميع في تخذيله ،وان تفرد أهل الكوفة بحمل العار في دعوتRRه ،وتلبيRRة دعوتRRه ثم قتRRالهم
اياه!.
***
أتّم االمام الحسين (ع) الحجة على المسلمين عامة بما قRRال وفعRRل من قبRRل ان يصRRل إلى عرصات كRRربالء ،ولمRRا
انتهى اليها وقلب له أهل العRراق ظهRر المجن ،وازدلRف اليRه هناك عشرات االلRوف منهم ،يتقربRون إلى عصRبة
الخالفة بدمه ،عند ذاك اتم عليهم -على عصبة الخالفة خاصة -الحجة بما قال وفعل:
فقد اقترح على عصبة الخالفة اوال ان يتركوه فيلقي السالح ويرجع إلى المكان الذي أتى منه او يسير إلى ثغر من
الثغور فيكون رجال من المسلمين له ما لهم وعليه مRRا عليهم ،وبRRذلك ال يبقى أي خطRRر منه على حكمهم كمRRا كRRان
شأن سعد بن أبي وقاص وعبد هّللا بن عمر واسامة بن زيد مع ابيه االمام
ص378:
علي (ع) حين لم يبايعوه ،فلما أبى عليه جيش الخالفة إاّل ان يبRRايع ويRRنزل على حكم ابن زيRRاد ،أبى ذلRRك واسRRتعّد
للقاء هّللا ؛ والتمام ا لحجة على جيش الخالفة من أهل العراق ،وعلى اصحابه خاصة ،طلب منهم عصر التاسع من
محرم ان يمهلوه ليلة واحدة ليصلي لربه ،ويتضرع ويتلو كتابه فانه يحب ذلك ،وبعد الي لّبوا طلبه فجمع اصحابه
ليلة العاشر من محرم وخطب فيهم وقال في خطبته:
أال واني أظن ان يومنا من هؤالء االعداء غدا واني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعRا في حRل ،ليس عليكم مRني ذمRام،
وهذا الليل قد غشيكم فاتخRذوه جمال ،وليأخRذ كRل واحRد منكم بيRد رجRل من أهل بيRتي فجRزاكم هّللا جميعRا خRيرا،
وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم فان القوم انما يطلبونني ،ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري.
فقال له الهاشميون:
ِلَم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟ ال أرانا هّللا ذلك أبدا.
والتفت إلى بني عقيل وقال:
حسبكم من القتل بمسلم ،اذهبوا قد أذنت لكم!
فقالوا :ال وهّللا النفعل ،ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ،نقاتل معك حتى نرد موردك ،فقبح هّللا العيش بعدك!
ثم تكّلم انصاره فقال مسلم بن عوسجة:
أنحن نخّلي عنك؟! وبمRRاذا نعتRRذر إلى هّللا في أداء حقك؟ أمRRا وهّللا ال أفارقRRك حRRتى أطعن في صدورهم بRRرمحي
وأضربهم بسيفي ماثبت قائمه في يدي ،ولو لم يكن معي سالح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة حتى اموت معك.
وقال سعيد بن الحنفي:
وهّللا النخليك حتى يعلم هّللا أنا قد حفظنا غيبة رسوله فيك .أما وهّللا لو
ص379:
علمت اني اقتل ثم احيا ،ثم احرق حيا ثم ُأذرىُ ،يفعُل بي ذلك سبعين مرة ،لما فارقتك حتى القى حمامي ،فكيRRف ال
افعل ذلك وانما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة الRتي ال انقضRاء لهRا ابRدا .وتكلم بRاقي االصحاب بمRا يشبه بعضRه
بعضا .وبعد هذه الخطبة تهيأوا للقاء ربهم واحيوا الليل بالعبادة .قال الراوي:
«لما أمسى الحسين واصحابه قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون».
واستعدوا كذلك للقاء خصومهم واتمام الحجة عليهم في يوم غد ،فأمر االمام بمكان منخفض من وراء الخيRRام كأّن ه
ساقية فحفروه في ساعة من الليل ،وامر فأتي بحطب وقصRRب فألقي فيRRه ،فلمRRا اصبحوا اسRRتقبلوا القوم بوجRRوهم
وجعلوا البيوت في ظهورهم وامر بذلك الحطب والقصب من وراء البيوت فُأحرق بالنار كي اليأتوهم من ورائهم،
وبذلك منعهم االمام من الحملة عليه بغتة وقتله قبل اتمام الحجة عليهم ،بRRل القى عليهم هو واصحابه الخطبRRة تلRRو
الخطبRة .وحين تقابRل الجيشان في يRوم عاشRRوراء واسRRتعّد ا للقتRال بRدأهم االمRRام الحسRRين فركب ناقتRه واسRRتقبلهم
واستنصتهم ثم قال في خطبته:
أيها الناس! اسمعوا قولي والتعجلوا حتى اعظكم.
آمنتم بالرسول محمد (ص) ثم انكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم ....
ايها الناس! انسبوني من أنا ،ثم ارجعوا إلى انفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل قتلي وانتهاك حرمتي؟!
ألست ابن بنت نبيكم؟
أو لم يبلغكم قول رسول هّللا لي والخي :هذان سّيدا شباب أهل الجنة؟ فان كنتم في شك من هذا القول أفتشّك ون أني
ابن بنت نبيكم؟ فوهّللا ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم وال في غيركم ،ويحكم! اتطلبونني
ص380:
بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته او بقصاص جراحة؟!
ونادى:
ياشبث بن ربعي! ويا حّج ار بن ابجر! وياقيس بن االشعث! ويازيد ابن الحارث! ألم تكتبRRوا الّي أن اقRRدم قRRد أينعت
الثمار واخضر الجناب ،وانما تقدم على جند لك مجّند؟
وقال:
أيها الناس! إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم فقال له قيس بن االشعث:
أَو اَل تنزل على حكم بني عّم ك ..؟
وقال الحسين (ع):
أال واّن الدعّي بن الدعَّي قد رّك ز بين أثنتين ،بين السّلة والذّلة ،وهيهات مّنا الذّلة ..
وقال:
أما وهّللا ال تلبثون بعدها إاّل كريثما ُي رَك ُب الفRRرس حRتى تRدور بكم دور الRرحى ...عهRRد عهRRده إلّي أبي عن جّRد ي
رسول هّللا ...
ثم رفع يديه إلى السماء وقال:
اللهم احبس عنهم قطر السماء ....وسّلط عليهم غالم ثقيف يسقيهم كأسا مصبرة ...
إذن فاّن جيش الخالفة من أمة محمRRد (ص) يقاتلون ابن بنت نRRبيهم من أجRRل أن يبRRايع يزيRRد ويRRنزل على حكم ابن
زياد ،ويتقبل االمام الحسين وجيشه قتل رجالهم وسبي نسائهم وال يفعلون ذلك.
جيش الخالفة يقتل ابن بنت نبيه ويسبي عترته من اجل كسب رضا الخليفة ،وواليه ،وكسب حطام الدنيا منهما.
ص381:
واالمام وجيشه يستشهدون من أجل كسب رضا هّللا وتحصيل ثوابه في يوم القيامة.
يدّل على ذلك باالضافة إلى ما سبق ذكره ،جميع أفعال الجيشين وأقوالهما في ذلك اليوم.
بدأ القول والفعل أمير جيش الخالفة عمر بن سعد حين وضع سهما في كبد قوسRRه ثم رمى وقRRال :اشRRهدوا لي عند
االمير اني اول من رمى.
ورفع الحسين (ع) يديه وقال:
اللهم انت ثقتي في كّل كرب ورجائي في كل شدة ...
وتسابق الجيشان يكشفان عن دخائل نفوسهما في ما يقوالن ويفعالن؛ مثل مسروق الRRوائلي من جيش الخالفة حين
قال :كنت في اوائل الخيل ممن سار إلى الحسين فقلت :أكون في أوائلها لعلّي اصيب رأس الحسين (ع) فأصيب به
منزلة عند عبيد هّللا بن زياد.
في جيش الخالفة من يريد ان يأخذ رأس ابن بنت نبيه ليتقّرب به إلى ابن زياد.
وفي جيش الحسين (ع) جون ،مولى أبي ذر ،انه يستأذن االمام للقتال فيقول له الحسين:
انما تبعتنا طلبا للعافية فأنت في اذن مني ،فيقول :أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة اخذلكم! ان رحي لمنتن
وحسبي للئيم ولوني السود .فتنّفس علّي بالجنة ليطيب ريحي ويبيّض لوني ،ال وهّللا ال أفارقكم حتى يختلط هذا الدم
االسود مع دمائكم ...
ولّم ا اذن له الحسين (ع) حمل عليهم وهو يقول:
بالمشرفِّي القاطع المهّند كيف يرى الفّجار ضرب االسود
ص382:
من االله الواحد الموحد أرجو بذاك الفوز عند المورد
وفي جيش الحسين (ع) خالد ابن هذا القتيل برز وهو يقول:
كيما نكون في رضى الرحمن صبرا على الموت بني قحطان
ومن جيش الحسين ،زهير أخذ يضرب على منكب الحسين ويقول:
ص383:
فاليوم تلقى جّد ك النبيا أقدم هديت هاديا مهدّيا
ويقول:
ص384:
وأبشري برحمة الجبار يانفس التخشي من الكفار
أم هل سبوا بنات رسول هّللا وساروا بهن من كربالء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام وأحضRروهن دار االمRارة
في الكوفة وعرضRRوهن في محRRل عRRرض االسRRارى في الشام وأحضRRروهن مجلس الخالفة من اجRRل ان يبRRايعن
الخليفة؟!
لماذا فعلوا ذلك وغير ذلك؟
لماذا أحرق جيش الخالفة خيام آل الرسول (ص)؟!
ولماذا داس جيش الخالفة بحوافر خيولهم صدر ابن بنت رسول هّللا وظهره؟!
ولماذا ترك جسده وأجساد آل بيته وأنصاره في العراء ولم يدفنوهم؟
ولماذا قطعوا رؤوسهم واقتسموها في ما بينهم وحملوها على أطراف الرماح؟
انهم فعلوا ذلك من أجل أن يبلغ ابن زياد أنهم سامعون مطيعون .فقد قال راجزهم:
بأني مطيع للخليفة سامع فأبلغ عبيدهّللا إّم ا لقيته
إذن فقد استهدفوا من كل ذلك رضا ابن زياد وطاعة الخليفة .كما ذكره االخر حين قال:
إني قتلت الملك المحجبا إمال ركابي فضة وذهبا
ص385:
539
قتلُت خير الناس ُأما وأبا
من أجل كسب رضا الخليفة وواليه فعلوا كل ذلك ،ومن أجل كسب الذهب والفضRRة منهمRRا .من أجRRل هذا ينشدون
أمام قصر ابن زياد:
بكل يعبوب شديد االسر نحن رضضنا الصدر بعد الظهر
وقال خولّي لزوجته :جئتك بغنى الدهر ،هذا رأس الحسين معك في البيت.
إذن فان جيش االمام (ع) عندما يقاتلون كانوا يطلبون بذلك رضا هّللا ورسوله والدار االخرة.
وجيش الخليفة يفعلون ذلك في سبيل رضا يزيد وابن زياد وكسب الذهب والفضة.
وقد أقّر الخليفة عيونهم فأمر لعبيد هّللا بن زياد بن أبيه بألف ألف ،وأمر الهل الكوفة جRزاء السRامع المطيRع ،وزاد
في أعطياتهم مائة مائة.
أما لماذا فعل خليفة المسلمين ما فعل؟! ولماذا نكت ثنايا أبي عبد هّللا بالقضيب؟ ولماذ نصب رأسه ثالث في دمشق
وسار به من بلد إلى بلد؟ فانه بنفسه قد افصح عن سبب أفعاله وأقواله حين أنشد قائال:
من بني أحمد ما كان فعل لست من خندف إن لم أنتقم
إذن فانها أحقاد بدرية! ألم تبقر هند أم أبيه في ُأحد بطن حمزة ،وتمثل به ،وتمضغ كبده ،ثم أنشأت تقول:
حين بقرت بطنه عن الكبد شفيت من حمزة نفسي بُأحد
أو لم يضرب جده ابو سفيان بزج الرمح في شدق حمزة يومذاك ويقول :ذق عقق!!
ص386:
.)1 ( 539في تاريخ ابن عساكر ،الحديث ،775وتهذيبه 344 /4وفيه( أوقر) مكان( إمال).
فرآه الحليس سيد االحابيش وقال:
يابني كنانة! هذا سيد قريش يصنع بابن عمه لحما ما ترون؟!
ألم يقل جده ابو سفيان على عهد عثمان وبمحضر منه:
يابني أمية تلّقفوها تلّقف الكرة ،فوالذي يحلف به ابوسفيان مازلت أرجوها لكم ولتصيرّن إلى صبيانكم وراثة؟!
ألم يمر يومئذ بقبر حمزة ويضربه برجله ويقول:
يا أباعمارة! ان االمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس؛ صار بيد غلماننا اليوم يتلعّبون به؟!
ألم يقل أبوه معاوية:
إن أخا بني هاشم -ويقصد به رسول هّللا -لُيصاُح به يوميا خمس مرات .ال وهّللا إاّل دفنا دفنا!
ألم يقتل جيش أبيه الخليفة معاوية بقيادة ابن ارطاة في وجهه الذي وّجهRه ثالثين ألفRا من المسRلمين وحّRرق بيRوتهم
540
وذبح طفلي عبيد هّللا بن العباس بيده بمدية؟!
إذا فان خليفة المسلمين يزيد اقتدى بجديه وأبيه في ما قال وفعل.
وان عصبة الخالفة يزيد ومروان وسعيدا أيضا اشتفوا من رسول هّللا ما كان فعل!
ص387:
أثر استشهاد الحسين عليه السالم
لقد قتلوا ذرية الرسول (ص) ومثلوا بهم وطافوا بآل رسول هّللا (ص) سبايا في بالد المسRRلمين والمسRRلمون بمRRرأى
ومسمع .كل تلك االحداث الجسام وقعت بين كربالء والكوفة والشام في اقRRل من شRRهرين من خRRروج الحسRRين من
مكة يوم التروية.
وكان قد بلغ خبر خروج االمام على خليفة المسلمين مع عودة الحاج إلى كل فج عميق.
وكان طبيعيا ان يتنسم المسلمون أخباره بعد ذلك ،وتبلغهم أنباء تلك الفجائع فجيعة بعد فجيعة ،وتنكسر لتلك االنباء
قلوب المؤمنين ويحزنوا.
وكان وقع المصيبة حقا عظيما على من بلغه نبأها من المسلمين ،فقد وقعت الصيحة في دار يزيد ،وشRRمل االنكRRار
عليه أهل مجلسه ومسجده ،وأينما بلغت أخبار فضائعه ،وانقسم المسلمون أثر هذه الفجيعة إلى قسمين:
قسم انضوى تحت لواء الخالفة ال يثنيه عن والء الخليفة قتل ذرّية الرسول ،وال استباحة حرمه ،وال هدم الكعبRRة،
بل ازدادوا قساوة وفضاضة.
وقسم آخر انكسر مقام الخالفة في نفسه وتّبرأ من فعل عصبة الخالفة وخRRرج عليهم ،مثRRل أهل المدينة في وقعRRة
الحّرة وغيرهم ّم من ثاروا على عصبة الخالفة.
وتوالت الثورات والخروج على الخالفة من قبل الفريق االخر ،وقليل من هذا الفريق عرفوا حّق أّئمRRة أهل الRRبيت
(ع) واّتبعوهم وأّتموا بهم .وكان بدء
ص388:
ذلك على عهد قيام االمام الحسين ،كما فعل زهير بن القين الذي كان عثمانيا وأصبح بعRRد االجتمRRاع باالمRRام علوّي ا
حسينيا ،والحّر بن يزيد الرياحي أحد قادة جيش الخالفة لحرب االمام الذي تاب واستشهد دون الحسين (ع).
.)1 ( 540راجع تفصيل أخبار أبي سفيان وهند ومعاوية هذه في فصل «:مع معاوية» من كتابنا« أحاديث أم المؤمنين عائشة» ،ص .250 -213
هذا القليل من هذا الفريق أدرك مجانبة االسالم مع سRRيرة الخالفة القائمRRة ،وآمن بصRRحة امامRRة أّئمRRة أهل الRRبيت،
وتهّيأت نفسه لقبول أحكام االسالم الذي جاء به رسول هّللا (ص) واّل ذي كRRان مخزونRRا لRRدى أئمRRة أهل الRRبيت (ع)
يتوارثونه كابر عن كابر ،ومن ّثم أمكن نشر أحكام االسالم وتبليغها من جديد ،فعني بRذلك أئّم ة أهل الRبيت ،وبRدأ
العمل لذلك االمام السّجاد فمّهد له في مرض وفاته كما يلي.
ص389:
أئّم ة أهل البيت (ع) يتداولون مواريث النبّوة
االمام السجاد (ع) يدفع مواريث النبوة إلى االمام الباقر (ع) في تظاهرة
لّم ا حضرت علي بن الحسين (ع) الوفاة أخرج صندوقا عنده ،فقال :يRRا محمRRد! إحمRRل هذا الصRRندوق .فحمRRل بين
أربعة ،فّلما توّفي جاء اخوته يّد عون في الصندوق ،فقال لهم :وهّللا ما لكم فيه شيء ،ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه
اّلي .وكان في الصندوق سالح رسول هّللا (ص).
ونظر االمام السّجاد (ع) إلى ولده ،وهو يجود بنفسه وهم مجتمعون عنده ،ثّم نظر إلى ابنه محمRRد فقال :يRRا محمRRد
خذ هذا الصندوق فاذهب به إلى بيتك وقال :أما إّنه لم يكن فيه دينار وال درهم :،ولكن كان ممّلوا علما.
هذه التظاهرة في تسليم الكتب اختّص بها االمام الّسجاد (ع) ولم يفعل نظيرها من سRRبقه من االئمRRة وال فعRRل مثلهRRا
من جاء بعده منهم ،والحكمة في عمله تهيئة االجواء لالمام الباقر (ع) كي ينقل للناس أحكام االسالم وعقائRRده عّم ا
ورثه من رسول هّللا (ص) من كتب في مقابل من كان يفتي برأيه مثل الحكم ابن عتيبة فاّنه اختلف مع االمام الباقر
(ع) في شيء فقال البنه الصادق (ع) :يا بنّى قم ،فأخرج كتابا مدروجا عظيمRا وجعRل ينظRر حّتى أخRرج المسRألة
فقال :هذا خّط علّي وامالء رسول هّللا ،وأقبل على الحكم وقال :يا أبا محمد! اذهب أنت وسRRلمه وأبRRو المقدام حيث
شئتم يمينا وشماال فَو هّللا ال تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل.
ص390:
هكذا بدأ االمام البRRاقر (ع) من بين االئّم ة بRRإراءة الكتب الRRتي ورثوها عن جّRد ه االمRRام علي من امالء رسRRول هّللا
للمسلمين وأقرأها بعضهم ،وتابعه في ذلك االمام جعفر الصادق وأكثر من توصيفها والنقل عنهRRا وبيRRان مRRا فيهRRا
واّنها كيف ُك ِتَبْت ،وأّن فيها كّل ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة حّتى ارش الخدش.
وكان االئّم ة يصRRادمون في عملهم هذا مدرسRRة الخالفة في اعتمادها على الRRرأي والقيRRاس في اسRRتنباط االحكRRام
وبيانها ،وكانوا يصّرحون بأّنهم اليعتمدون الرأي واّنما يحِّدثون عن رسول هّللا ،كما قال االمام الصادق (ع):
حديثي حديث أبي ،وحديث أبي حديث جّد ي ،وحديث جدي حديث الحسين ،وحديث الحسين حديث حديث الحسRRن،
وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ،وحديث أمير المؤمنين حديث رسRRول هّللا ،وحRRديث رسRRول هّللا قRRول هّللا عّRز
وجّل.
***
بعدما انصرفت قلوب بعض المسلمين عن مدرسة الخالفة اثر استشهاد الحسين (ع) وأدركوا أّن ُأولئك ليسوا على
حّق في ما يقولون ويفعلون ،ومالت قلوبهم إلى أهل بيت رسول هّللا (ص)؛ عند ذاك اسRRتطاع أئمRRة أهل الRبيت أن
يبّص روا بعضهم أمر دينهم ،ويعّرفونهم أّن مدرسة الخلفاء تعتمد الرأي في الRدين في قبRال أّئمRRة أهُل الRبيت الRذين
يبّلغون عن هّللا ورسوله ،وكان الفرد المسلم بعد تفهّم هذه الحقيقة ،يتهّيأ لقبول ما يبّينه االمام من أئّم ة أهل الRRبيت،
ومن ثّم بدأ بعض االفراد يتّلقى الحكم االسالمي الذي جاء به رسول هّللا عن طRريقهم .وكRذلك استبصRر الفRرد بعRد
االخر حّتى تكونت منهم جماعات اسالمّية واعية ،ومن الجماعات الواعية مجتمعات اسRRالمّية صالحة قائمRRة على
ُأسس من المعرفة االسالمية الصحيحة ،وعند ذاك احتRRاجوا إلى مرشRRدين فعَّين لهم االئّم ة من يقوم بRRذلك وينوب
عنهم في أخذ الحقوق المالية ،فكانوا يرجعون
ص391:
إلى الوكالء النّواب في ذينك تارة ،وأخرى يجتمعون بامامهم اذا تيَّسر لهم السفر اليه.
وإلى جانب ذلك ساعدت الظروف أحيانا االئّم ة منذ االمام الباقر (ع) على تكوين حلقات دراسّية يحضRرها االمثRل
فاالمثل من أهل عصرهم ،يحّRد ثهم االمRام فيهRا عن آبائRه عن جّRد ه الرسRول (ص) تRارة ،ويRروي لهم عن جامعRة
االمام علي (ع) تارة ُأخرى ،وثالثة يبين لهم الحكم دونما اسناد ،وتوسّعت تلك الحلقات على عهRد االمRام الصRادق
(ع) حّتى بلغ عدد الدارسين عليه أربعة آالف شخص ،وكان تالميذهم يدونون أحاديثهم في رسائل صغيرة تسّRم ى
باالصول ،دأبوا على ذلك حّتى بلغوا عصر المهدي ،ثاني عشر أئمRة أهل الRبيت (ع) ،وغRاب عن أنظRار الناس
وأرجع بدءا شيعته أينما كانوا إلى نّوابه االربعة التالية أسماؤهم:
أ -عثمان بن سعيد العمري.
ب -محمد بن عثمان بن سعيد العمري.
ج -أبو القاسم حسين بن روح.
د -أبو الحسن علي بن محمد السمري.
ومارس هؤالء النيابة عن االمام زهاء سبعين عاما يتوّسطون بينه وبين الشيعة حّتى تعوّد ت الشيعة على الرجRوع
إلى نّواب االمام وحدهم في ما ينوبهم ،وأّلّف في هذا العصر ثقة االسالم الكليني أّول موسوعة حديثّي ة في مدرسRRة
أهل البيت (ع) أسماها الكافي ،جمع فيها قسما كبيرا من رسائل خرّيجي هذه المدرسة الRRتي كRRانت شRRائعة في ذلRRك
العصر يرويها المئات عن أصحابها ،وبذلك بدأ عهد جديد في تدوين الحديث بمدرسة أهل البيت (ع).
***
جاهد االئّم ة بعد استشهاد الحسين (ع) العادة االسالم الصحيح إلى
ص392:
المجتمع فأعادوه حكما بعد حكم وعقيدة بعد عقيدة حّتى تّم في نهاية هذا العهRRد تبليRRغ جميRRع مRRا جRRاء بRRه الرسRRول،
وُأبعد عنه كّل محّرف وزائف فيحدود من تقّب ل منهم ،وتّم تRRدوين جميRRع سّRنة الرسRRول (ص) في رسRRائل صغيرة
ومدّو نات كبيرة.
وكذلك جاهدوا في إرشاد أبناء االمRة فردا بعRد فرد حRتى تكRونت منهم مجتمعRات اسRالمية صالحة فيهRا علمRاء
يرجعون إلى مدّونات حديثية ،حوت كّل مRRا تحتاجRRه أبناء االّم ة من حقائق االسRRالم ،وبRRذلك انتهى واجب االئمRRة
التبليغي في نهاية هذا العهد ،كما انتهى واجب رسول هّللا التبليغي في آخر سنة من حياته فقبضRRه هّللا إليRRه صلوات
هّللا عليه وآله.
وكذلك اقتضت حكمة هّللا أن يحتجب في نهاية هذا العهد االمام المهRدي (ع) عن االنظRار إلى مRا شRاء هّللا ،فأرجع
شيعته إلى فقهاء مدرستهم وأنابهم عنه نيابة عاّم ة دون تعRRيين أحRRد بالخصRRوص ،وبRRذلك بRRدأ عصRRر غيبRRة االمRRام
المهدي الكبرى ،وناب عنه فقهاء مدرستهم في حمل أعباء التبليغ إلى اليوم وإلى ما شاء هّللا .كما نبيّنه في ما يلي:
نيابة الفقهاء عن االمام في حمل أعباء التبليغ
مارس خرّيجو مدرسة أهل البيت (ع) حمل أعباء التبليغ على عهد االئمة تدريجيا ،وتكامل عملهم في عصر غيبة
االمام الصغرى ،وتنامى في عصر غيبته الكبرى ،حيث تحّولت الحلقات الدراسّRية الRتي كRانت تعقد في المسRاجد
والبيوت على عهد االئمة إلى معاهد تعليمّية وحوزات علمّي ة شّRيدت في بالد كبRيرة مثRل بغRداد ،على عهRد المفيRد
والمرتضى ،والنجف االشرف على عهد الطوسي وغيره ،ثّم كربالء والحّل ة واصفهان وخراسRان وقم في أزمRان
غيرهم.
ولم يزل منذئذ وال يزال يهاجر إلى تلRRك المعاهد والحRRوزات طالب العلRRوم االسRRالمية من كّRRل صقع عمال بااليRRة
الكريمة:
ص393:
فلوال نفر من كّل فرقة منهم طائفة ليتفّقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون التوبة.122 /
يجتمعون في تلRRك المعاهد والحRRوزات حRRول أسRRاطين العلم ويسRRتقون من معينهم ثّم يرجعRRون إلى بالدهم ليقومRRوا
بحمل الدعوة االسالمية إلى كّل صقع ،دأبوا على ذلك في خدمة االسالم جيال بعRRد جيRRل ،وكRRانوا ومRRا يزالRRون مRRع
المسلمين فيكّل نازلة ،يحاربون خصوم االسالم أعRRداء هّللا وأعRRداء رسRRوله أبRRدا ،ويRRدافعون عن المسRRلمين في كّRRل
مكروه وكذلك لم يزل وما يزال يحاربهم بكّل سالح فيكّل عصر؛ كّل كRافر وملحRد ومنافق عليهم يريRد أن يقضRي
على االسالم! وذلك الن نواب االمام هؤالء حملوا لواء االسالم بعده ،وطبيعي أن ُيهاجَم في المعارك حامل اللواء.
ونذكر على سبيل المثال من نواب االمام في الغيبة الكبرى الشيخ الكليني ،وكان أّو ل موسRRوعّي في هذه المدرسRRة
اشتهر بتأليفه الكافي ،ثّم توالت التآليف الموسوعية بعده غير أّن الRRذين جRRاؤوا بعRRده كRRانوا يعنون بنوع واحRRد من
الحديث فيجمعونه في مؤّلفاتهم ،وغالبا ما كانت العنايRة مّتجهRة إلى تجميRع أحRاديث االحكRام مثRل مRا فعلRه الشيخ
الصدوق في« :من ال يحضره الفقيه» والشيخ الطوسي في« :التهRRذيب واالستبصRRار» والشيخ الحّRRر العRRاملي في:
«وسائل الشيعة» إلى أن لمع نجم المجلسي الكبير وأّلف موسوعته الكبرى «البحار» على غرار موسوعة الُك ليRRني
«الكافي» في تجميعه أنواع االحاديث ،وبّز المجلسي الموسوعّيين جميعRRا ّلمRRا جمRRع في موسRRعته تلRRك بين الكتRRاب
والسّنة وفّسر آيات كتاب هّللا وشRRرح بعض االحRRاديث وبيّن علRRل بعضRRها ،إلى غRRير ذلRRك من الممRRيزات ،وشRRارك
الُك ليني في دراساته حول أحاديث الكافى بكتابه (مرآة العقول) استوعب فيها شرح الفRاظ الحRديث وكشف معانيهRا
وذكر علل الحديث وقّوته وصحته وفق القواعد المتبّناه لRدى المحّRد ثين منذ عصRRر العاّل مRRة الحّلي وابن طRاووس،
وخالفهم
ص394:
أحيانا فقال( :ضعيف على المشهور معتمد عندي) أو (معتبر عندي) وكان نتيجة تقويمه الحاديث الكافي اّن ه وجRRد
منها خمسة وثمانين وأربعمائة وتسعة آالف حديث ضعيف من مجموع 16121حديثا.
***
ص395:
إجازات المجلسي (ره) لمن قرأ كتاب الكافى عليه
نمايش تصوير
ص396:
نمايش تصوير
ص397:
نمايش تصوير
ص398:
نمايش تصوير
ص399:
نمايش تصوير
ص400:
نمايش تصوير
ص401:
نمايش تصوير
541
541عسكرى ،مرتضى ،معالم المدرستين3 ،جلد ،مركز الطباعة و النشر للمجمع العالمي ألهل البيت عليهم السالم -قم ،چاپ :دوم 1426 ،ه.ق.