Professional Documents
Culture Documents
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر
اسمهان عفيف
اسمهان عفيف*
أستاذة مساعدة قسم «أ» وطالبة باحثة بالدكتوراه،جامعة العربي بن مهيدي ام البواقي
e-mail: mimiba18@yahoo.com
ملخص:
يعد الزواج من أقدس الروابط االجتماعية لكونه اللبنة األساسية في انشاء االسرة التي هي الخلية األساسية
لبناء املجتمع ،لذلك يتطلب اإلقدام على هذه الخطوة درجة من الوعي واإلدراك لحجم املسؤولية التي تنشأ
عنها .وهو ما انتهجه املشرع كقاعدة عامة بموجب املادة 7من قانون األسرة ببيان سن الرشد القانوني للزواج،
غير أن هذه القاعدة أورد عليها املشرع استثناء وظفه ملصلحة القاصر وجعل القا�ضي رقيبا على تقرير ذلك
من خالل آلية قضائية تتمثل في الترخيص القضائي؛ الذي هو مدار بحثنا في هذه الورقة ابتداء ببيان أسسه
ومبرراته وآثاره ،وصوال إلى بيان مدى فعاليته في تحقيق األهداف التي وضع ألجلها؛ وعليه تستدعي اإلجابة على
ذلك تحليل أحكام املادة 7من قانون األسرة املتضمنة ألحكامه ومقارنتها بأحكام املادة 20من مدونة االسرة
املغربية.
الكلمات املفتاحية :القاصر ،الزواج ،الترخيص القضائي.
Abstract :
Marriage is one of the most sacred social links because it is the basis rule for building up the
family wich is the crucial key for making society. That’s why making such a step requires a real
awareness of the great responsibility that every one bears when he/ she makes a family and this
is what the legislator has adopted as a general base according to Article 7 from the Family law to
show the legal age of marriage. However, the legislator excluded the minor from this base and
made him under the supervision of the judge through a judicial mechanism which is the Judicial
* Corresponding author, e-mail : mimiba18@yahoo.com
252 ()269-252
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
Licence and this is the essential theme of our research in this paper by stating and exposing its
foundations, justifications and effects and consequently showing its effectiveness in realizing the
desired goals and aims . For reaching so, we are going to depend on the provisions of Article 7
from Family law and comparing it with those of Article 20 from Moroccan Family Modawana.
Keyword: the minor, Marriage, the Judicial Licence
مقدمة:
لقد حظي القاصربحماية تشريعية كان أصلها جملة من النصوص الشرعية التي مهدت إطارها؛ ثم ما أعقبها
من تشريعات وضعية من ذلك االتفاقية العاملية لحقوق الطفل ،ولعل من أهم ما شمله من رعاية وحماية مسألة
الزواج ملا تكتسيه من أهمية في قيام البشرية واستمراريتها ،فنظرا لخطورة هذا العقد وخاصة على القاصر
لكونه تصرفا قانونيا فيه ما يجلب له املنفعة ومنه ما قد يجلب له املضرة؛ فنجد أن املشرع قد أحاطه بجملة
من الضمانات القانونية من خالل جعل زواج القاصر استثناء من القاعدة العامة املتعلقة باشتراط األهلية في
الزواج ،ولم يكتف النص بالخروج عن هذا األصل فقط وإنما جعل األمرمرتبطا بالقا�ضي من خالل تمكينه من
وسيلة إجرائية على ضوئها يسمح لهذا القاصربالزواج ،وهو ما تضمنته املادة 7من األمر11-84املتضمن قانون
األسرة املعدل واملتمم ،لذلك سنحاول إجراء قراءة قانونية تحليلية ألحكام هذه املادة وما جاءت به من جديد
قانوني يتعلق بها من خالل ما مسها من تعديل بموجب االمر ، 02-05وكذا محاولة مقارنة أحكامها بما احتوته
املادة 20من مدونة األسرة املغربية؛ وهذا للوقوف على أهم اإليجابيات والسلبيات الواردة فيها ،وفي هذا اإلطار
طرحت اإلشكالية التالية :ما مدى توفق املشرع الجزائري في تكريس الحماية القانونية للقاصرفي إنشاء الرابطة
الزوجية من خالل اآللية القانونية املعدة كرقيب على هذه الحماية؟
()269-252
ولإلجابة على هذا التساؤل تم تقسيم املوضوع إلى مبحثين؛ حيث سنتناول اشتراط األهلية في عقد الزواج
واالستثناءات الواردة عليه وهذا في (املبحث األول) ،في حين نتحدث عن دور قا�ضي شؤون األسرة في منح اإلذن
القضائي واآلثارالقانونية املترتبة على ترشيد القاصرفي ( املبحث الثاني).
املبحث األول :اشتراط األهلية في عقد الزواج واالستثناءات التي ترد عليه
باعتبار عقد الزواج تصرفا قانونيا فإن صحة هذا التصرف يتطلب توفر األهلية وهو ما سنحاول بيانه في
هذا املبحث من خالل تحديد دور األهلية في عقد الزواج واألثر القانوني املترتب على مخالفتها باعتبارها مكونا
أساسيا في عقد الزواج وهذا كقاعدة عامة ،وما إذا كان يجوز للقاصرإبرام هذا النوع من التصرفات القانونية
استثناء ،وإذا كان القول باإليجاب فما املغزى أو الحكمة التي على ضوئها خرج املشرع بهذا االستثناء وهل تم
ضبطه بقيود قانونية حتى ال يتوسع فيه؟ على ضوء ذلك تم تقسيم هذا املبحث إلى مطلبين :حيث نتكلم عن
دور األهلية في عقد الزواج وأثرتخلفها وهذا في (املطلب األول)،ونتكلم عن مقاصد تزويج القاصروالقيود الواردة
253
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
254 ()269-252
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
عليه املشرع املغربي من خالل نصه بموجب املادة 19من مدونة األسرة على أن« :تكتمل أهلية الفتى والفتاة
املتمتعين بقواهما العقلية ثمانية عشرة سنة شمسية».4
الفرع الثاني :أثرتخلف شرط األهلية على عقد الزواج:
لم يتضمن قانون األسرة لسنة 84-11وال حتى التعديل القانوني له بموجب األمر 05-02أي نص قانوني يبين
مصير عقد الزواج في حال مخالفة شرط األهلية على خالف باقي الشروط واألركان املكونة لعقد الزواج ،حيث
بالرجوع إلى أحكام املادة 32و 33و 34من قانون األسرة نجد أنها بينت أن مصيرعقد الزواج في حال تخلف ركنه
املتمثل في الرضا يكون البطالن املطلق سواء تم الدخول أو لم يتم ،في حين نصت على أن تخلف كل من شرط
الولي أو الصداق أو الشهود هو الفسخ قبل الدخول واالستمرارية في حال تم الدخول ،بينما يفسخ عقد الزواج
قبل وبعد الدخول إذا اشتمل على مانع من موانع الزواج.
وأمام هذا الفراغ القانوني أوجد الفقه الحل لهذا اإلشكال وسد هذه الثغرة القانونية من خالل الرجوع إلى
أحكام أول قانون وضع بعد االستقالل والذي يتضمن تحديد سن الزواج بموجب قانون 63-224الذي ينص
على مصير عقد الزواج في حال تخلف األهلية؛ حيث جاء في املادة الثالثة منه أن مصير العقد البطالن إذا لم
يلحقه دخول وهذا من خالل طلب كل من له مصلحة بما في ذلك النيابة العامة ،أما إذا تم الدخول فإنه يكون
من حق الزوجين دون غيرهما املطالبة بإبطاله.
وأساس إعمال هذا النص القانوني ما أوردته أحكام املادة 223من قانون األسرة التي نصت على إلغاء جميع
األحكام املخالفة لهذا القانون ،وباعتبار أنه ال يوجد نص قانوني يق�ضي بمصير عقد الزواج في حال تخلف
األهلية وبما أن قواعد قانون األسرة تتعلق بالنظام العام فإنه يجوز في هذه الحالة إعمال النص القانوني أعاله.
املطلب الثاني :مقاصد تزويج القاصرو القيود التي ترد عليه
()269-252
إن الغاية القانونية من اشتراط األهلية في الزواج تكمن أساسا في رعاية مصلحة القاصرالذي ال يزال يجهل
أمورا كثيرة في الحياة العامة؛ فما بالك بخبايا الحياة األسرية ،وكون األسرة الخلية األساسية في بناء املجتمع
فهذا يتطلب على من يؤسس بنيانها أن يكون قادرا على تحمل االلتزامات واكتساب الحقوق ،إال أنه وإن كان
هذا األصل؛ فقد أوجد املشرع كما سبق القول استثناء يحوي إمكانية السماح للقاصربالزواج مع وضع بعض
القيود تتمثل أساسا في مقاصده وهو ما سنبينه في هذا املطلب من خالل تحديد مقاصد تزويج القاصرفي(الفرع
األول) ونتناول القيود التي ترد على تزويج القاصرفي(الفرع الثاني) .
الفرع األول :مقاصد تزويج القاصر:
يعد الزواج من أهم الحقوق االنسانية املكفولة للشخص لذلك اشترط املشرع األهلية القانونية الكاملة
للتمتع بهذا الحق ،كما نص على استثناء من هذه القاعدة لذات الغرض اإلنساني ،وهوإمكانية زواجه دون بلوغ
سن الرشد القانوني وهذا حماية للقاصرإن كان في زواجه مصلحة وضرورة.5
255
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
إن اشتراط األهلية إلبرام عقد الزواج يعود إلى كون هذا األخيريفرض التزامات وتترتب عنه آثارال تتعلق فقط
بالطرفين الزوج والزوجة وإنما تتعداها إلى الغير عامة وتمس حقوق األوالد على وجه الخصوص ،ومن جهة
ثانية فقد أعطى املشرع للقاصر رخصة الزواج دون السن القانوني وذلك وفقا لقيود وضوابط وهذا مراعاة
ملصلحته ،وهنا نجد أن املقصد الحقيقي من تزويج القاصر هو االعتراف القانوني بحقوقه الشخصية السيما
أن منحه هذا الحق تقف وراءه جملة من األسباب االجتماعية :
1 1-أن هذه الظاهرة املعروفة بالزواج املبكرأو زواج القاصرخاصة بالنسبة لإلناث ،تقف وراءها خلفيات
ثقافية تتمثل في أعراف وتقاليد ال يمكن إلغاؤها لكونها متجذرة في املجتمع ،وهذا ما استدعى إقرارها بموجب
نصوص قانونية حتى يتم ضبطها ضمن إطارقانوني.
2 2-عدم الحصول على مستوى تعليمي وانتشاراألمية والفقريزج بهؤالء القصرإلى الزواج بغية دفع مخاطر
عنوستهن وكذا عدم قدرة األولياء على تحمل مسؤوليتهن املادية واملعنوية.6
الفرع الثاني :القيود الواردة على زواج القاصر
باعتبارأن زواج القاصرهو استثناء من عموم القاعدة أوجده املشرع لتحقيق مقصد إنساني يهدف باألساس
إلى حماية مصلحة القاصر؛ فإنه من جانب آخرقد أحاطه بضمانات تتمثل في جملة من القيود والضوابط بينها
ضمن أحكام املادة 7من قانون األسرة إضافة إلى ما نص عليه ضمن املادة 2/ 11وكذلك املادة 13من ذات
القانون.
أوال :القيود املنصوص عليها ضمن أحكام املادة 7من قانون األسرة:
أجاز املشرع للقاصر الزواج بنص املادة 7من قانون األسرة وضمن ذات املادة أورد جملة من الشروط حتى
يتم ذلك حيث جاء فيها »:تكتمل أهلية الرجل واملرأة في الزواج بتمام 19سنة .وللقا�ضي أن يرخص بالزواج
قبل ذلك ملصلحة أو ضرورة متى تأكدت قدرة الطرفين على الزواج» .وعلى ضوء هذا تتمثل القيود في اآلتي:
1 1-وجوب الحصول على إذن أو ترخيص قضائي مسبق من قا�ضي شؤون األسرة.
2 2-أن منح الترخيص يكون بناء على سلطة القا�ضي.
3 3-أن يكون في زواج القاصرمصلحة له ويالحظ أن املشرع لم يعرف لنا املصلحة املقصودة وكذا معاييرها.
4 4-أن تكون هناك ضرورة تقت�ضي تزويج القاصر ولم يبين املشرع ما الذي يعد من الضروريات و هل هذه
الضرورة تتعلق بالجانب النف�سي أو املادي.
5 5-أن تكون له القدرة على تحمل األعباء الزوجية سواء في جوانبها النفسية أو املادية .غير أن املشرع لم
يبين من املخول قانونا بإجراء الفحص الذي على ضوئه تتحدد قدرة الطرفين على الزواج جسميا ونفسيا.
ثانيا :اشتراط الولي في عقد زواج القاصركقيد وارد على زواجه:
لم يكتف املشرع بما ورد في أحكام املادة 7من شروط تتعلق بزواج القاصر وإنما أضاف إلى ذلك اشتراط
256 ()269-252
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
الولي في عقد الزواج ،وهو ما سنبينه من خالل بيان دور الولي في زواج القاصروترتيبه في ذلك ملا له من أثريتعلق
بتقديم طلب الترخيص بالزواج.
1 1-دور الولي في عقد زواج القاصر:
يعرف الولي بأنه »:هو الذي يتوقف عليه صحة العقد فال يصح بدونه وهو األب أو وصيه والقريب العاصب
واملعتق والسلطان والحاكم» هذا في الفقه اإلسالمي ،7أما في قانون األسرة فلم يتعرض له بالتعريف؛ وإنما
بين مركزه في العقد حيث اعتبر الولي بموجب املادة 9مكرر من قانون األسرة شرطا من شروط تكوين الزواج
،وأضاف بموجب املادة 11/2بيان املمثل الشرعي والقانوني للقاصر الذي سماه بالولي ،وهذا أمر بديهي لكون
القاصر ال يزال صغيرا على معرفة مصلحته وما يتعلق بأمور الزواج؛ لذلك كان البد من توكيل من يكون أجدر
باختياراألصلح له ،فإقرارالوالية في الزواج للقاصرهو من باب الضمانة القانونية لحماية مصلحته ،وأهم قيد
يرد على منحه الحق في الزواج ،غير أنه وإن كان للولي دور في زواج القاصر ،إال أنه ومن الناحية القانونية فإن
الركن األسا�سي والوحيد في الزواج واملتمثل في الرضا يختص به القاصر وحده وهذا ما أكده املشرع بموجب
املادة 13من قانون األسرة التي منعت والية اإلجبار ،8وبذلك يكون املشرع قد خالف توجه الفقه اإلسالمي في
إقرارهذه الوالية على الصغيربحكم ضعفه العقلي وعدم قدرته على تمييزاألصلح له.9
2 2-ترتيب األولياء في عقد الزواج:
بالرجوع إلى أحكام املادة 11/2من قانون األسرة نجد أن املشرع أبقى على ترتيب األولياء في عقد زواج القاصر
حيث جعل الوالية بداية تكون لألب في حال قيام الرابطة الزوجية أو انقضائها بالطالق ،أما في حال انحالل
الرابطة الزوجية بالوفاة فقد جعل الوالية لألقارب األولين ويدخل ضمن هذه اإلمكانية أن تكون األم وليا على
القاصرفي الزواج وهو ما نصت عليه املادة 87من قانون األسرة.10
()269-252
257
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
258 ()269-252
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
لقد ربط املشرع الجزائري وكذا املشرع املغربي سلطة منح الترخيص القضائي بزواج القاصر لقا�ضي شؤون
األسرة وهذا بموجب املادة 7من قانون األسرة و20من مدونة األسرة ،وعليه عدت هذه الوسيلة اإلجرائية
األساس في إعفاء القاصرمن السن القانوني ،وعليه سنحاول من خالل هذا املبحث التطرق إلى كيفية ممارسة
القا�ضي لهذه اآللية وما هواألساس الذي يستند إليه القا�ضي في إعمالها؟ وماهي املعاييرالتي يستند إليها في تقدير
مصلحة القاصر؟ وهذا من خالل(املطلب األول)،ثم سنتحدث عن اآلثار القانونية التي يرتبها الترشيد القضائي
للقاصروالقيود التي ترد عليه وهذا من خالل(املطلب الثاني).
املطلب األول :دور قا�ضي شؤون األسرة في منح الترخيص القضائي بالزواج
يعد الترخيص القضائي اآللية اإلجرائية التي على ضوئها يمنح الحق في القيام بالتصرف القانوني املتمثل في
الزواج ،ومن خالله تنشأ املراكزالقانونية ألطراف العالقة ،وللوقوف على مضمون هذه الوسيلة اإلجرائية ودور
القا�ضي فيها يتعين بدء تحديد التكييف القانوني لإلذن القضائي بالزواج في الفرع األول ،ثم تبيان الضمانات
اإلجرائية ملنح اإلذن القضائي من خالل توضيح دور القا�ضي فيه وهذا من خالل (الفرع الثاني).
الفرع األول :التكييف القانوني لإلذن القضائي بالزواج
أوال :التطور التاريخي لترخيص القضائي:
مر الترخيص القضائي بمراحل تاريخية تبعا ملا مر به التشريع الوطني؛ حيث بالرجوع إلى الفترة االستعمارية
نجد أن االستعمار بالرغم من إخفاقه في تطبيق قواعد القانون املدني الفرن�سي على األحوال الشخصية في
الجزائرإال أنه تدخل بجملة من القوانين في محاولة منه لتطبيق توجهاته من ذلك تحديد السن القانوني والنص
على وجوبية الحصول على الترخيص من القضاء في حال الزواج دون ذلك السن ،واستمرالعمل على هذا النهج
حتى بعد االستقالل من خالل ما نص عليه املشرع في قانون 29جوان 1963الذي يحدد سن الزواج ،وأبرز
()269-252
ما جاء به هذا القانون كما سبق بيانه الجزاء القانوني في حال مخالفة شروطه ؛وكذا مصير العقد ذاته ،كما
أضاف هذا القانون بموجب املادة 5منه عدم االعتراف بالزواج العرفي إال بعد تسجيله .13
وجاء قانون 11-84للتأكيد على منهج املشرع في اشتراطه إلزامية الحصول على ترخيص قضائي لإلعفاء من
السن القانوني؛ وهو ما أكده تعديل 02-05لقانون األسرة بموجب املادة 7منه.
ثانيا :الطبيعة القانونية للترخيص القضائي:
إن تحديد الطبيعة القانونية لإلذن القضائي تكمن أساسا في تحديد كيفية مباشرة القا�ضي لهذه الوسيلة
اإلجرائية والتقنية الدقيقة وما إذا كان مصدرها نزاعا ظاهرا أم خفيا ؟وما إذا كانت هذه املمارسة من قبل
قا�ضي شؤون األسرة تدخل ضمن وظيفته القضائية؟
إن طبيعة الوظيفة القضائية تجعل من القا�ضي يباشرعمله وفق صورتين؛ إما العمل القضائي الذي يكون
أساسه وجود خصومة تستلزم الفصل فيها ،أو العمل الوالئي الذي يتخذ عدة أشكال دون أن يكون هناك نزاع
259
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
يتعلق بأطرافه ،وكال العملين يستلزم إعمال السلطة التقديرية في إصداره ،والتي يقصد بها املكنة القانونية التي
قوامها النشاط الذهني الذي يقوم به القا�ضي بغية إيجاد حل ملا يعرض عليه من مسائل وهي جوهر الوظيفة
القضائية ،كما تعني الوسيلة القانونية التي على أساسها يصل إلى نتيجة ذهنية تتعلق بمدى جدية ما هو
معروض عليه ومحاولة النظر فيه بشكل موضوعي حتى يؤدي الغاية التي ابتغاها القانون من وراء منحه هذه
املكنة ،وهذا املفهوم األخير مجاله العمل الوالئي الذي ال يستلزم إعمال نشاط ذهني في حل نزاع وإنما إعماله
لتقريرمدى مصلحة القاصرفي الزواج حتى يتم منحه هذا الترخيص ،وال بد أن يكون هدفه الوصول إلى الغاية
التي ارتضاها املشرع وهي حماية القاصرعن طريق هذه املكنة.14
إن الخلفية القانونية التي تجعلنا نميزما إذا كان اإلذن الصادرمن قا�ضي شؤون األسرة يدخل ضمن العمل
القضائي أو العمل الوالئي تكمن في الغاية منه ،فإذا كانت الغاية من منح هذا اإلذن هو الفصل بموجبه في نزاع
معروض فنحن بصدد عمل قضائي ،أما إذا كان الهدف منه مجرد تدبيروقائي يهدف إلى حماية شخص معين أو
السماح له بإجراء تصرف معين ين�شئ مركزا قانونيا فنحن بصدد عمل والئي.
وبتطبيق ما سبق قوله على ما ورد في املادة 7من قانون األسرة نجد أنها تنطبق على الشطر الثاني كون منح
هذا اإلذن يهدف في أساسه إلى حماية القاصر ناقص األهلية ؛ ولذلك عمل القا�ضي هنا يكمن في تقرير حماية
للقاصروليس اإلشراف والرقابة على من يمارس الوالية عليه؛ لذلك قيل أن« :جل اختصاصات القا�ضي املكلف
بشؤون القاصرين ليست من قبيل العمل القضائي باملعنى الدقيق ،وإنما هي من قبيل التدبير».15
مما سبق قوله ،يمكن استخالص أن اإلذن بالزواج هو وسيلة قانونية إجرائية يسمح بموجبها القا�ضي بإجراء
عقد الزواج باعتباره تصرفا قانونيا ،والذي ين�شئ مراكز قانونية ما كانت لتنشأ لوال تدخله بموجب هذه اآللية
التي مارسها باالستناد إلى وظيفته القضائية ووفقا ملا تتطلبه سلطته التقديرية ملا له من والية على عامة الناس،
ومادام ما يقوم به ال يوجد نزاع قائم بشأنه.
إن التوصل إلى تحديد التكييف القانوني للترخيص القضائي في كونه يدخل ضمن األعمال الوالئية لقا�ضي
شؤون األسرة يقودنا إلى القول أن األمر القا�ضي بمنح الترخيص ال يمكن أن يكون محال للطعن بأي وجه من
األوجه وكذلك األمرفي حال رفض منحه.16
موقف املشرع املغربي بموجب املادة 20من املدونة:
لقد اعتبر املشرع املغربي ما يصدره القا�ضي من أذون قضائية تتعلق بالزواج تدخل ضمن العمل القضائي
حيث أوجب على القا�ضي منح اإلذن بموجب مقرر معلل يبين فيه األسباب التي على أساسها سمح للقاصر
بالزواج وهذا بموجب املادة ،1/ 20كما نص في الفقرة 2من ذات املادة على أن مقرر االستجابة لطلب الزواج
ال يقبل أي طعن فيه ،وبمفهوم املخالفة فإن عدم االستجابة للطلب تخول لصاحبه الطعن فيه ،وهذا املوقف
يخالف ما ذهب إليه املشرع الجزائري من خالل نصه في املادة 7من قانون األسرة أن القا�ضي يمنح ترخيص
260 ()269-252
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
مضمونه املوافقة على طلب اإلعفاء من السن القانوني إذا توفرت شروطه كما أنه لم ينص على إمكانية الطعن
فيه من عدمه ،غيرأنه وبتكييفنا على كونه عمال والئيا فإنه يكون غيرقابل للطعن.
الفرع الثاني :الضمانات اإلجرائية ملنح الترخيص القضائي:
لقد خول املشرع لقا�ضي شؤون األسرة سلطة تقديرية مطلقة في بحث مدى إمكانية إعفاء القاصرمن السن
القانوني للزواج لكونه اشترط توفر الضرورة واملصلحة ومدى قدرة الطرفين على الزواج دون بيان املعايير التي
يستند إليها القا�ضي في ذلك وما إذا كان بإمكانه اللجوء إلى الخبرة الطبية واملساعدة االجتماعية في ذلك؟
إن أهم الضمانات التي عمل املشرع على كفالتها للقاصر هو جعل تقدير مصلحته من الزواج بيد القا�ضي
بحكم الوالية القانونية املمنوحة له طبقا للمادة 424من ق ا م ا والتي جاء فيها »:يتكفل قا�ضي شؤون األسرة
على الخصوص بالسهرعلى حماية مصالح القصر».
وبتحليل ما ورد في مضمون املادة 7من قانون األسرة نجد أن املشرع الجزائري اكتفى بتدبيرإجرائي واحد على
أساسه تقرر حماية القاصرمن وراء منح اإلذن له بالزواج من عدمه ،ويتجلى في السلطة التقديرية التي منحها
لقا�ضي شؤون األسرة في تقديرقيام املصلحة في زواج القاصر وما إذا كانت هناك ضرورة تستدعي ذلك وكذلك
مدى توفراإلمكانيات املادية والفيزيولوجية والنفسية للقاصرعلى تحمل كل أعباء وخبايا الحياة الزوجية ،وبما
أن هذه السلطة مطلقة دون تقييد فإنه يجوز للقا�ضي في ظلها االستعانة بأحكام املواد 28و 425من قانون
االجراءات املدنية واإلدارية أثناء ّأدائه للمهام املوكلة إليه في سبيل السهر على حماية مصالح القاصر ومن بين
هذه املهام التحقيق في مدى توفر الشروط السابقة في القاصر والتي حددتها املادة 7من قانون األسرة وكذلك
االستعانة بخبرة طبية أو اللجوء إلى مساعدة اجتماعية ،للتأكد من مدى قدرة القاصر على امل�ضي في عقد
الزواج من عدمه.
()269-252
بالرجوع إلى أحكام املادة 20من املدونة نجد أن املشرع املغربي قد وضع عدة ضمانات إجرائية ملنح الترخيص
بالزواج على خالف ما اكتفى به املشرع الجزائري وذلك من خالل:
•منح سلطة البت في طلب الترخيص إلى قا�ضي مكلف بشؤون القاصرين
•حضور القاصرواالستماع اليه.
•حضور أبوي القاصرأو نائبه الشرعي لسماعهم.
•ضرورة موافقة النائب الشرعي على الزواج من خالل النص على ضرورة توقيعه مع القاصرعلى طلب اإلذن
بالزواج وهو ما نصت عليه املادة 21من املدونة
•االستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي
•إصدارالقا�ضي مقررا معلال يبين فيه األسباب املوجبة ملنح الترخيص.
إن ما أورده املشرع املغربي من تدابير إجرائية كانت الغاية منها تمحيص مصلحة القاصر؛ لذلك نص على
261
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
وجوبية االستعانة بالخبرة الطبية حتى يتأكد من القدرة الجسمية للقاصرعلى الزواج ،والهدف من االستعانة
ببحث اجتماعي وسماع أبوي القاصرهو التحقق من مدى وجود الضرورة للزواج والتأكد من مدى رضا القاصر
بهذا العقد ؛وهنا ال بد أن يكون القاصر في مرحلة نضج عقلي تستوجب إمكانية تميزه وتعبيره فعال على رضاه،
وأهم ما جاء به املشرع املغربي بخالف الجزائري تأكيده على ضرورة توقيع النائب الشرعي لطلب الترخيص
مع القاصر ،وهنا نتساءل عن جدوى إقحام هذا الشرط الذي قد ال يكون له دور في حال امتناع الولي على
املوافقة؟ حيث أن سلطة القا�ضي في منح اإلذن من عدمه هي الفصل وليس موافقة النائب الشرعي ،وهو األمر
الذي تفاداه املشرع الوطني حتى ال يكون محل تناقض مع نفسه بمنع والية اإلجبار ثم النص على شرط توقيع
الولي الشرعي.
وعليه يمكن القول أن االمتيازالقانوني املمنوح للقاصروالذي يمكنه من الزواج دون السن القانوني يتطلب
جملة من الشروط اإلجرائية تتمثل بداية في تقديم طلب إلى قا�ضي شؤون األسرة املوجود باملحكمة التي يقع
بدائرة اختصاصها مكان طالب الترخيص طبقا ملا نصت عليه املادة 426ق ا م ا من قبل ممثله الشرعي ،ويقع
على عاتق القا�ضي بإعتباره حامي حقوق القصرالتأكد من توفرالشروط اآلتية:
/1توفر الضرورة واملصلحة للقاصر وعدم وجود أي ضرر يقع عليه من خالل االستناد إلى املعايير التي تقت�ضي
ذلك؛ كأن تكون القاصرة يتيمة ال معيل لها أو أبواها فقيران أو أن تكون دون مستوى علمي مما يرجح مصلحة
زواجها على مكوثها في البيت.
/2اإلمكانية والقدرة على تحمل االلتزامات الزوجية من خالل االكتفاء املادي وكذا القدرة الجسدية .
بالرغم من حرص املشرع على وضع مصلحة القاصر فوق كل اعتبار وذلك من خالل النص على جملة من
التدابير التي يجب على القا�ضي وهو بصدد إعمال سلطته القضائية تحريها ،إال أن الواقع العملي يفرز غير ما
يصبو إليه املشرع ،فالتجسيد الفعلي إلرادته يعترضه جملة من العراقيل أبرزها كثرة التزاماته الوظيفية حيث
يجد صعوبات في تحري ذلك؛ ففي الغالب يقوم بتوجيه أسئلة لكل من القاصروممثله الشرعي وعلى ضوء ذلك
يمنح الترخيص.
إن هذه العراقيل لم تعترض املشرع الجزائري فقط وإنما أيضا املشرع املغربي ،فبالرغم من تشديد هذا األخير
من خالل جملة القيود التي وضعها في سبيل منح الترخيص للقاصر بالزواج؛ إال أن الواقع ال يسمح بتطبيق
ذلك؛ حيث يرى الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف بمراكش أن أكبرعائق يواجه تطبيق أحكام املادة
20من املدونة يكمن في الخبرة الطبية وإجراء البحث االجتماعي إذ أن عدم لجوء القا�ضي إلى ذلك تتحكم
فيه عدة عوامل أهمها الوقت الذي يتطلبه استخراج الشهادة الطبية والحصول على الترخيص حيث يصعب
الحصول عليهما في يوم واحد خاصة بالنسبة لألشخاص الذين يسكنون في مناطق بعيدة ويكونون ذوي دخل
محدود مما يجعل من مسألة دفع أجرة الطبيب وأجرة التنقل أمرا مرهقا لهم وهذا ما يدفع بالقا�ضي في كثيرمن
262 ()269-252
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
الحاالت إلى االعتماد على اإلشهاد الطبي املدلى به من الولي الشرعي -وهو ذات األمر املطبق في الواقع الجزائري،
باإلضافة إلى أن الشهادة الطبية في الغالب األعم تحمل ذات العبارة »:أنه بعد إجراء الفحص السريري على
17
القاصرة ،تبين بأنها تتوفرعلى الشروط الفيزيولوجية للزواج»
ويالحظ في هذا الشأن أن الغالب في هذا يكون للفتاة القاصرة ،ماذا بشان القاصر الفتى وعلى ضوء ماذا
ستمنح له الشهادة الطبية املؤهلة للزواج؟
هذا ويمكن القول أن النصوص القانونية وإن كان هدفها حماية القاصر إال أن تفعيلها تقل أهميته أثناء
تنفيذ األمر الذي يتطلب جانبا من اإلدراك والوعي في كل ما يتعلق بمصلحة القاصر حتى يؤدي منح الترخيص
الدور الذي ابتغاه له املشرع.
إن أهم ما أغفله املشرع الجزائري واملغربي وهو بصدد منح السلطة التقديرية للقا�ضي في اإلعفاء من سن
الزواج من خالل ترخيصه للقاصر بالزواج هو عدم تحديد السن األدنى ملنح الترخيص؛ وهو األمر الذي خلق
سجاالت فقهية حول ضرورة تقييد هذه السلطة من عدمها حماية ملصلحة القاصر.
إن املناداة بمراعاة مصلحة القاصر الفضلى تقت�ضي ضرورة تقييد سلطة القا�ضي ببيان الحد األدنى الذي
يرى غالب الفقهاء أن ال يقل عن 16سنة لعدة اعتبارات تتعلق بالجانب النف�سي والجسمي والعقلي للقاصر،18
ّ
إال أن هناك من يرى ضرورة التقيد بسن التمييز الوارد في أحكام املادة 42/2املعدلة بموجب ألمر 05-02من
القانون املدني والتي تق�ضي بأن سن التمييزيتحدد بـ 13سنة فما فوق فال يجوز منح الترخيص دون ذلك.19
غيرأن الواقع يق�ضي أن سن 16فما فوق هو األقرب في منح الترخيص؛ ألهم اعتباروهو أنه دون هذا السن ال
يجوز التشغيل؛ وبالتالي وصول الشخص إلى سن يسمح له بالعمل يؤهله نسبيا إلى أن يكون محال لتحمل األعباء
الزوجية ،باإلضافة إلى االعتبارات القانونية األخرى الواردة ضمن املادة 7من قانون األسرة.
()269-252
263
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
إن حصول القاصرعلى الترخيص القضائي بالزواج هو امتيازقانوني يدخل ضمن حماية القاصرملا يتضمنه
من غايات اجتماعية ،فمنح الترخيص هو االعتراف له باألهلية املدنية ملباشرة حقوقه والتزاماته الشخصية
،وهذا بدوره يؤدي إلى نتائج قانونية بينت أحكامها املادة 7/2من قانون األسرة « :يكتسب الزوج القاصر أهلية
التقا�ضي فيما يتعلق بآثارعقد الزواج من حقوق والتزامات».
أوال :التحرر من السلطة األبوية:
حيث أن القاصر في األصل يكون مرتبطا بالوالية عليه كما هو منصوص عليه قانونا بموجب املادة 87من
قانون األسرة ،وبترشيده بالزواج تكون له استقاللية في تحمل األعباء العائلية مما يمنح له الحق في االستقرار
األسري وتعيين محل إقامة مستقل عن الولي ،إذ ال يعقل أن يرشد القاصر ويسمح له ببناء أسرة وهو ال يزال
يخضع لتبعية وليه.20
إن إقرار استقاللية القاصر املرشد وعدم تبعيته لوليه يستند فيه إلى ما أوكله له املشرع من رخصة املطالبة
بالحقوق وتحمل االلتزامات الناجمة عن الرابطة الزوجية والتي تتلخص فيما أورده املشرع ضمن أحكام املادة
7/2من قانون األسرة في حين تطرح إشكالية حدود هذا الترخيص ،هل فقط يقع في دائرة االلتزامات والحقوق
الزوجية دون أن يتعدى ذلك أحكام الوالية املقررة عليه؟
كما هو معلوم فإن آثار الزواج نص عليها قانون األسرة في املواد 36و 37منه حيث تشرك طرفي العالقة في
تحمل املسؤولية تجاه بعضهما وتجاه األوالد وأقارب الطرفين ،أما النيابة الشرعية عن القاصرفتشمل الرعاية
النفسية من حفظ وصيانة وتأديب وتزويج ورعاية مالية من خالل إدارة وحماية مصالحه املالية ،فإن سلمنا
جدال أن هذا الترشيد يتعلق باالستقاللية في الجانب النف�سي فإن األمر يكتنفه الغموض بشأن ماله ،وما إذا
كان يجوز له أن يتصرف فيه بمقت�ضى هذا الترخيص أم أنه يحتاج في ذلك إلى ترخيص خاص طبقا ملا هو وارد
في املادة 88من قانون األسرة؛ خاصة وأن حماية مال القاصر يعد من النظام العام وهو ما تؤكده التطبيقات
القضائية.21
وعليه يمكن القول هنا أن الترشيد الوارد ضمن املادة 7/2هو مقيد ويحتاج إطالقة إلى ضرورة تعديل أحكام
هذه املادة وكذا تعديل املادة 88بجعلها تنص على رفع يد الولي على مال القاصراملرشد بالزواج ومنحه الحق في
التصرف في ماله دون الحصول على ترخيص خاص بذلك .
ثانيا :إمكانية القاصراملرشد بالزواج التقا�ضي بشان آثارعقد الزواج:
يعد هذا الشطر مستحدثا بموجب التعديل الذي مس أحكام املادة 7من قانون األسرة في سنة ،2005وقد
أحسن املشرع بذلك إذ ال يجوز أن يسمح للقاصر بالزواج ومن جانب آخر يبقى ضمن الحجر القانوني فيما
يتعلق بالحقوق وااللتزامات الناجمة عن عقد الزواج ،وعليه فإن الترشيد القانوني بالزواج يترتب عليه بالتبعية
الترشيد فيما يتعلق بالتقا�ضي للمطالبة بحقوقه وحقوق األوالد ،حيث يجوز لألم القاصرة املرشدة طبقا ألحكام
264 ()269-252
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
املادة 7أن ترفع دعوى قضائية ضد األب للمطالبة بنفقتها ونفقة أبناءها ،وهواألمرالذي لم يكن باإلمكان القيام
به قبل تعديل ،2005وباملوازاة مع اإلقرار بهذا الحق للقاصر ،فإنه يجوز له أن يقوم بحل الرابطة الزوجية
واملطالبة بكل آثارها ،كما يكون للقاصرأيضا الوالية القانونية على اوالده القصر.
الفرع الثاني :أثرتخلف الترخيص القضائي على عقد الزواج:
تكمن الغاية من اشتراط األهلية حماية القصر من ما ينتج عن عقد الزواج من التزامات تتطلب قدرا من
الوعي واإلدراك ،كما أن نص املشرع على إمكانية اإلعفاء من السن القانوني يصب كذلك في مصلحة القاصر
مادام يخضع لسلطة ورقابة قا�ضي شؤون األسرة في حصوله على ذلك ،وعليه ما ورد من أحكام ضمن املادة 7
من قانون األسرة إنما يصب في مصلحة القاصر وهو املغزى من وضعها ،غير أن املبتغى من هذه املادة لن ّ
يؤدى
لكون املشرع لم يبين الجزاء القانوني املترتب على مخالفتها ،حيث بالرجوع الى املادة 33من قانون االسرة والتي
تحدد مصيرعقد الزواج في حال تخلف ركنه أوأحد شروطه لم تجبنا على مصيرهذا العقد في حال عدم حصول
أطرافه على ترخيص.
كما هو معلوم أن فائدة القاعدة القانونية وقوتها مستمدة من الجزاء القانوني املوقع في حالة مخالفتها وإال
فلن تؤدي الدور املرجو منها في تنظيم املجتمع ،والحال كذلك بالنسبة للمادة 7إذ ان املشرع بإغفاله الجزاء
املترتب على عدم الحصول على اإلذن القضائي وكذا مصيرعقد الزواج من دونه؛ جعل منها جسدا دون روح ألنه
بذلك حد من فعاليتها وهذا فيه إنقاص للحماية القانونية املقررة بشأنها ،وعليه يجوز التحايل ببساطة على
أحكامها من خالل اللجوء إلى الزواج العرفي بمقت�ضى املادة 6/2من قانون األسرة وبعدها ال يجد القا�ضي خيارا
سوى تطبيق ما ورد في املادة 22من قانون األسرة وهو االستجابة لدعوى إثبات الزواج بموجب حكم قضائي
وتسجيله بالحالة املدنية بسعي من النيابة العامة خاصة وأن دعوى إثبات الزواج غيرمحددة بمهلة معينة وهو
()269-252
265
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
4 4-لقد سار كل من املشرع الجزائري و املغربي على نفس الخطى في منح الترخيص القضائي مع تشديد
املشرع املغربي بموجب املادة 20من املدونة على الرقابة القضائية في منحه.
5 5-بالرغم من اشتراط املشرع الجزائري واملغربي الحصول على اإلعفاء القضائي بالزواج حماية للقاصر،
إال أن عدم النص على الجزاء املترتب على مخالفتها جعل من هذه املادة جسدا بال روح.
6 6-لقد منح املشرع للقاصر املرشد الحق في التقا�ضي فيما يتعلق بأثار عقد الزواج من حقوق وواجبات
لكنه أغفل منح الحق للقاصراملرشد الوالية على أوالده القصرولم ينص بشكل صريح على مدى حق القاصرفي
إدارة ماله بموجب هذا الترشيد أم يحتاج الى ترشيد اخريخص ذلك طبقا للمادة 87من قانون االسرة وما يليها،
كما أنه لم يبين ما إذا كان للقاصرالحق في حل الرابطة الزوجية خاصة قبل الدخول.
يمكن القول في األخيرأن نص املشرع على وجوب الحصول على الترخيص القضائي قبل الزواج يدخل ضمن
الحماية القانونية للقاصرفي إنشاء الرابطة الزوجية ،غيرأنه وبالرغم من وضع هذه اآللية كرقيب على مصلحة
القا�ضي؛ فإن عدم نص املشرع على الجزاء املترتب على مخالفتها حد من فعاليتها وجعل من أحكام املادة 7من
قانون األسرة وكذا املادة 20من املدونة املغربية ال تؤدي الغاية القانونية من تشريعها والتي تتمثل في حماية
القاصر.
قائمة املصادروالراجع
املصادر
القران الكريم
النصوص القانونية
•قانون 84-11املؤرخ في 9يونيو 1984املتضمن قانون االسرة املعدل واملتمم باألمر رقم 05-02املؤرخ في
27فبراير،2005ج رعدد ،15لسنة ،42املؤرخة في 27فبراير.2005
•االمر رقم -58 75املؤرخ في 20رمضان عام 1395املوافق 26سبتمبرسنة1975املتضمن القانون املدني ج ر
ع 78مؤرخة في 30سبتمبر ،1975املعدل واملتمم بموجب االمر 05-10املؤرخ في 20يونيو ،2005ج رع ،44
الصادرة في 26جوان ،2006معدل ومتمم باالمر رقم 07-05املرخ في 13مايو ،2007ج ر ع ،31مؤرخة في
13مايو.2007
•قانون رقم 08-09مؤرخ في 18صفر ،1429املوافق ل25فبراير 2008املتضمن قانون االجراءات املدنية
واالدارية ،ج ر،ع،21لسنة ،45مؤرخة في 3ديسمبر.2010
•قانون 12-15املؤرخ في 28رمضان1436املوافق ل15يوليو 2015يتعلق بحماية الطفل ،ج ر،
رقم،39لسنة.2015
•ظهير شريف رقم1.04.22صادر في 12ذي الحجة 1424ه املوافق ل3فيفري 2004بتنفيذ قانون رقم
266 ()269-252
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
•عفيف ،اسمهان ،السلطة التقديرية لقا�ضي شؤون االسرة في التعويض عن الضرر .مذكرة مكملة لنيل
شهادة املاجستيرتخصص قانون شؤون االسرة ،جامعة 8ماي ،1945قاملة. 2011-2010 ،
املجالت العلمية
•ابراهيمي .حسن ،زواج القاصربين دواعي االلغاء ومبررات االبقاء ،دفاترالحكامة ،د ن ،املغرب ،ع.2015 ،1
•الخملي�شي .احمد ،زواج املغتصبة والقاصرة بين النصوص القانونية والواقع العملي ،محكمة االستئناف
بالرباط ،مطبعة االمنية ،الرباط ،ع.. 2012 ،5
•الحر .زهور ،زواج القاصرة بين النص التشريعي والواقع العملي ،محكمة استئناف الرباط ،مطبعة االمنية،
الرباط ،ع. 2012 ،5
•املستاري عبد االله ،الحماية القانونية لألطفال القاصرين من خالل جريمة التغرير بقاصرة والحاالت التي
ترد عليه .محكمة االستئناف بالرباط ،مطبعة االمنية ،الرباط ،ع.2012 ،5
267
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
•اليوموري ،فريدة ،زواج القاصربين القانون والواقع ،دفاترالحكامة ،املغرب،ع. 2015 ،1
•دريوش عبد هللا ،اإلذن القضائي في مدونة االسرة،،مدونة االسرة بين النص واملمارسة ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،ع.2006 ،25
الهوامش:
1العربي.بلحاج ،الوجيزفي شرح قانون االسرة الجزائري ،ديوان املطبوعات الجامعية ،الجزائر،ط،2012 ،6ج،1ص 15ومايليها.
3غنية.قري ،شرح قانون االسرة املعدل دراسة مقارنة بين الشرع والقانون ،دارطليطلة ،الجزائر،ط ،2011 ،1ص .24لحسين بن الشيخ .اث
ملويا ،قانون االسرة دراسة تفسيرية ،دارالهدى ،الجزائر ،د ط،2014 ،ج،1ص.20
4فريدة .اليوموري ،زواج القاصربين القانون والواقع ،دفاترالحكامة ،املغرب،ع،2015 ،1ص ص.35-36
5زهور.الحر ،زواج القاصرة بين النص التشريعي والواقع العملي ،محكمة استئناف الرباط ،مطبعة االمنية ،الرباط ،ع، 2012 ،5ص.68
6احمد .الخملي�شي ،زواج املغتصبة والقاصرة بين النصوص القانونية والواقع العملي ،محكمة االستئناف بالرباط ،مطبعة االمنية ،الرباط ،ع،5
، 2012ص.68
7عبد الرحمان.الجزيري ،الفقه على املذاهب االربعة ،دارالفكر ،لبنان ،ط ج ،2008،ج،4ص22.ومايليها.
10محمد بن محمود بن الحسين بن احمد .االسروشيني ،جامع أحكام الصغار ،تحقيق ابي مصعب البدري و محمود عبد الرحمان عبد املنعم،
12حسن.ابراهيمي ،زواج القاصربين دواعي االلغاء ومبررات االبقاء ،دفاترالحكامة ،د ن ،املغرب ،ع ،2015 ،1ص ص.116-117
13عبد هللا.فا�سي ،املركزالقانوني للقاصرفي الزواج والطالق .رسالة مكملة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة ابي بكربلقايد،
15عبد هللا دريوش ،اإلذن القضائي في مدونة االسرة،،مدونة االسرة بين النص واملمارسة ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
17عبد االله املستاري ،الحماية القانونية لألطفال القاصرين من خالل جريمة التغريربقاصرة والحاالت التي ترد عليه .محكمة االستئناف
268 ()269-252
الترخيص القضائي بالزواج كآلية لحماية القاصر...................................اسمهان عفيف
20فريد .بن جحا ،اثارالترشيد ،معهد الدراسات العليا ،د م ن ،د ط،2015 ،ص.88
269