You are on page 1of 12

‫‪‬‬

‫الرئيسية ‪‬‬
‫نصوص قانونية ‪‬‬
‫مقاالت قانونية ‪‬‬
‫بحوث قانونية ‪‬‬
‫‪‬‬ ‫إجتهادات قضائية‬
‫‪‬‬ ‫المكتبة القانونية‬
‫‪‬‬ ‫مباريات التوظيف‬
‫من نحن ‪‬‬
‫تـابعونا ‪‬‬

‫‪‬‬

‫المسؤولية المدنية في الخطبة والزواج من خالل‬


‫مدونة األسرة والقانون المقارن‬
‫أكتوبر ‪ 2018 ,11‬محمد االمام العزاوي مقاالت قانونية ‪0‬‬
‫‪ :‬مقدمة‬
‫في إطار التحوالت الهامة التي عرفها المغرب في مساره الديمقراطي واالجتماعي والحقوقي ‪ ،‬حرص المشرع‬
‫على ترسيخ مقومات األسرة المغربية الوفية ألصالتها المنفتحة على مستجدات العصر ‪ ،‬وفي هذا اإلطار صدرت‬
‫مدونة األسرة [‪]1‬التي شكلت لبنة من لبنات المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي حرص على بلورته الملك محمد‬
‫السادس نصره هللا منذ اعتالئه عرش أسالفه الميامين والذي جعل من بين اإلصالحات العميقة التي يقوم بها‬
‫‪ .‬إصالح حال األسرة المغربية‬
‫وتبدو أهمية هذا القانون من خالل سنه لقواعد ترمي إلى تنظيم عالقات متميزة بين الرجل والمرأة عبر تحديد‬
‫‪ .‬مسؤولية كل واحد منهما ‪ ،‬وتحقيق نوع من المساواة في الحقوق والواجبات‬

‫لذلك كان اهتمام مدونة األسرة نابعا من حاجة مكونات األسرة لحماية قانونية وقضائية ‪ ،‬وقد تعددت أوجه هذه‬
‫الحماية في هذه المدونة سواء في بعدها المعنوي أو المادي من خالل تمكين المتضرر من الزوجين من الحصول‬
‫‪.‬على تعويض لجبر الضرر الذي يتسبب فيه أحد طرفي العالقة الزوجية لآلخر‬

‫ولقد جاءت مدونة األسرة بعدة مستجدات شملت مختلف المواضيع سواء تلك المتعلقة بالخطبة أو الزواج أو‬
‫انحالله ‪ ،‬ولعل أبرزها تلك المستجدات المرتبطة بانفتاح مدونة األسرة على قانون االلتزامات والعقود ‪ ،‬حسب ما‬
‫يظهر من خالل مجموعة من المواد التي نصت فيها صراحة على إمكانية تعويض الزوج المتضرر من األفعال المنافية‬
‫لمقاصد عقد الزواج ‪ ،‬وما يرتبط به من التزامات بل قررت إمكانية إعمال قواعد المسؤولية المدنية حتى قبل إبرام‬
‫‪ .‬عقد الزواج وذلك من خالل الخطبة‬

‫بل إن إنفتاح مدونة األسرة على قانون االلتزامات والعقود لم يقتصر على قواعد المسؤولية المدنية بل شمل كذلك‬
‫‪ .‬األحكام المتعلقة بعيوب اإلرادة خاصة عيبي اإلكراه والتدليس‬

‫لذلك فإن إعمال المشرع ألحكام المسؤولية المدنية في مدونة األسرة يطرح مجموعة من اإلشكاالت القانونية‬
‫تتمثل في مدى إمكانية تطبيق قواعد المسؤولية المدنية المضمنة في قانون االلتزامات والعقود في المجال‬
‫األسري ؟ وما هو األساس القانوني للتعويض؟ وما هي خصوصيات إثبات عناصر المسؤولية الموجبة للتعويض في‬
‫مدونة األسرة ؟‬

‫كما أن إشكالية المسؤولية المدنية في المجال األسري نجدها كذلك في القوانين المقارنة ‪ ،‬وسنعمل من خالل‬
‫هذه الدراسة على تبيان هذه اإلشكالية مع ما يرتبط به من موضوعات وتبيان األسس والضوابط التي تعتمدها‬
‫عليها هذه القوانين المقارنة في الحكم بالتعويض نتيجة الضرر الذي قد يلحق بأحد طرفي هاته العالقة الزوجية‬
‫‪ .‬وفقا لقواعد المسؤولية المدنية‬

‫‪ :‬أهمية الموضوع‬
‫‪ :‬يمكن الوقوف على أهمية موضوع هذا البحث من عدة جوانب‬

‫‪‬‬ ‫أمام التعديل الذي طرأ في مجال األسرة كان البد من الوقوف على الجوانب اإليجابية التي جاءت بها هذه‬
‫المدونة (األسرة) فيما يخص تحديد مسؤولية الزوجين والمعيار المعتمدة في تحديد هذه المسؤولية في‬
‫‪ .‬القوانين المقارنة‬

‫‪‬‬ ‫إن حماية المتضرر من الزوجين يشيع العدل بين فئات المجتمع ‪ ،‬أما إذا ترك المتضرر بدون تعويض فإن ذلك يضر‬
‫‪ .‬بمصالحه‬

‫‪‬‬ ‫ال اختالف في آراء الفقهاء في الحصول على التعويض جراء الضرر حتى هذا االختالف ال نجده كذلك في‬
‫‪ .‬القوانين المقارنة وإنما االختالف هو في أساس هذا التعويض هل هو المسؤولية التقصيرية أم العقدية‬

‫‪ :‬اإلشكالية ‪‬‬
‫‪ .‬إن هذا الموضوع يطرح إشكالية كبرى تتمحور حولها مجموعة من اإلشكاالت الفرعية‬

‫فاإلشكالية الرئيسية لهذا الموضوع تتمثل في مدى إمكانية إعمال أركان المسؤولية المدنية في كل من الخطبة‬
‫والزواج ؟‬

‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية المحورية مجموعة من التساؤالت الفرعية ومن بينها التساؤل حول االساس القانوني‬
‫للتعويض في كل من الخطبة والزواج في القانونين المغربي والمقارن ؟ وعلى أي أساس تقوم المسؤولية‬
‫‪ .‬المدنية في الخطبة والزواج هل هي مسؤولية عقدية أم مسؤولية تقصيرية ؟‬
‫‪ :‬منهجية البحث ‪‬‬
‫من خالل هذا البحث سيتم معالجة اإلشكاالت السابقة الذكر وفق منهجية تحليلية ووصفية لمجموعة من المواد‬
‫والنصوص القانونية في مدونة األسرة والقانون المقارن كما سنعتمد في نفس الوقت على منهج مقارن حتى‬
‫‪ .‬يتسنى لنا مقارنة النصوص والمواد القانونية المغربية والمقارنة‬

‫‪ .‬المبحث األول ‪ :‬المسؤولية المدنية في الخطبة في القانون المغربي والمقارن‬


‫تحتاج العقود الهامة إلى مقدمات عند إنشائها ويعتبر عقد الزواج من العقود المدنية التي تحظى بأهمية بالغة ‪،‬‬
‫لذلك تعتبر الخطبة من مقدمات الزواج ‪ ،‬هذه األخيرة التي تسمح للطرفين بالتعارف ‪ ،‬واالقتراب من بعضهم البعض‬
‫حتى يتحقق الهدف من الزواج الذي هو االستقرار ‪ ،‬وخاصة أن الغرض من الزواج هو دوام العشرة بين الزوجين‬
‫وإقامة األسرة الصالحة المتعاونة التي يسودها الحب واالحترام إال أن في الكثير من األحيان ال يتحقق الهدف من‬
‫الخطبة حيث يعمد أحد الطرفين إلى العدول ‪ ،‬عن فكرة الزواج ‪ ،‬وذلك راجع إلى أسباب متعددة منها عدم‬
‫التفاهم ‪ ،‬أو اكتشاف أحدهما عيوب اآلخر …‪ ،‬ومجال الخطبة يطرح المسؤولية في كثير من القضايا المرتبطة به‬
‫وسنحاول من خالل هذا المبحث معالجة إشكالية المسؤولية المدنية في الخطبة في القانون المغربي (المطلب‬
‫األول ) والمسؤولية المدنية في القانون المقارن (المطلب الثاني )‬

‫‪ .‬المطلب األول ‪ :‬المسؤولية المدنية في الخطبة في القانون المغربي‬


‫الشك أن الخطبة إذا تمت بين طرفين فإن لها احتمالين ‪ ،‬هما الزواج وهذا هو األصل ‪ ،‬وفي هذه الحالة فإن الخطبة‬
‫‪ .‬ال تطرح أي إشكال واالحتمال الثاني ‪ ،‬هو أن يقوم أحد الخطيبين بالعدول‬

‫‪ :‬وسنتناول هذا المطلب في نقطتين أساسيتين‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬األصل في العدول عن الخطبة عدم التعويض‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬ثبوت المسؤولية في العدول عن الخطبة‬

‫‪:‬الفقرة األولى ‪ :‬األصل في العدول عن الخطبة عدم التعويض‬


‫نظرا لقدسية عقد الزواج وما يترتب عنه من آثار فقد جعلت له الشريعة السمحة مقدمة تتمثل في الخطبة‪ ،‬التي‬
‫وضعت لها أحكاما مفصلة ‪ ،‬وتعتبر الخطبة من الخطوات األساسية قبل اإلقدام على إبرام عقد الزواج [‬
‫”‪ ]2‬والمشرع المغربي نص على أن “الخطبة تواعد رجل وامرأة على الزواج [‪]3‬‬
‫”كما نصت المادة ‪ 7‬من مدونة األسرة في فقرتها األولى “مجرد العدول عن الخطبة ال يرتب عنه تعويض‬

‫من خالل المادة ‪ 5‬والمادة ‪ 7‬من مدونة األسرة إضافة إلى الفصل ‪ 14‬من ظهير االلتزامات والعقود الذي ينص على‬
‫” مجرد الوعد ال ينشئ التزاما ” يتبين لنا أن الخطبة هي مجرد وعد بالزواج ‪ ،‬وليست بزواج وال ترقى إلى مرتبة‬
‫‪ .‬العقد ‪ ،‬لذلك فال يمكن مطالبة العادل عن الخطبة بالتعويض ألن هذا مباح حسب منطوق المواد السالفة الذكر‬

‫كما أن الخطبة في الفقه اإلسالمي هي مجرد اتفاق رضائي ‪ ،‬وأنها ال تكتسي أي صبغة إلزامية من الناحية‬
‫القضائية إذ ال يجوز إجبار أحد طرفي الخطبة بإتمام عقد الزواج ‪،‬إال أنه دينيا وخلقيا يجب على الطرف الذي يعدل‬
‫‪.‬عن الخطبة أن ال يلجأ إليها إال إذا وجد مسوغ شرعي لذلك‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬ثبوت المسؤولية في العدول عن الخطبة‬


‫نصت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 7‬من مدونة األسرة على أنه “غير أنه إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا‬
‫” لألخر يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض‬

‫يتضح من نص هذه الفقرة أنه إذا ترتب عن العدول ضرر لحق الطرف اآلخر سواء كان الضرر ماديا كأن تكون‬
‫المخطوبة قد تركت العمل الذي تعيش منه استعدادا للزواج أو تكبد الخاطب مصاريف إعداد بيت الزوجية أو كان‬
‫الضرر معنويا ‪ ،‬كأن ينتج عن العدول مساس بشرف وكرامة الطرف المتخلى عنه ‪ :‬فإنه يمكن للطرف المتضرر في‬
‫‪ .‬هذه الحالة المطالبة بالتعويض ‪ ،‬وذلك حسب منطوق المادة السابعة من مدونة األسرة‬

‫إال أن التساؤل يثار حول األساس القانوني لهذا التعويض ‪ ،‬هل هو طبقا للمسؤولية التقصيرية أم للمسؤولية‬
‫العقدية ؟‬

‫يمكن القول أن المشرع المغربي لم يجعل الخطبة عقدا ينشأ عنها التزام قانوني للطرفين ‪ ،‬حيث اعتبرها مجرد‬
‫تواعد في المادة ‪ 5‬من مدونة األسرة [‪ ]4‬وبرجوعنا إلى قانون االلتزامات والعقود المغربي فالوعد ال ينشئ التزاما [‬
‫‪]5.‬‬
‫وعليه فإنه يستحيل إضفاء قواعد المسؤولية العقدية على الخطبة لعدم وجود عقد وبالتالي فإن المطالبة بالتعويض‬
‫يتم في إطار المسؤولية التقصيرية‪ ،‬طبقا للفصالن ‪ 77‬و‪ 78‬من قانون االلتزامات والعقود وهذه المسؤولية بطبيعة‬
‫‪ .‬الحال ال تقوم إال إذا كان الضرر نتيجة خطأ صادر عن المدعى عليه[‪]6‬‬
‫وعليه نعتقد أن التعويض يكون بناء على فعل قصد به الطرف العادل عن الخطبة اإلضرار أو خطأ لم يقصد به اإلضرار‬
‫‪ .‬بالطرف األخر المتخلى عنه‬

‫وفي هذا الصدد قضى المجلس األعلى بأن “الضرر الذي يحق للشخص أن يطالب برفعه إذا توافرت إحدى حاالت‬
‫التعسف في استعمال الحق المنصوص عليه قانونا هو الضرر المحقق بأن يكون قد وقع فعال أو وقعت أسبابه ‪،‬‬
‫وترامت أثاره إلى مستقبل وال عبرة لدى القاضي بالضرر االحتمالي المبني على الوقائع التي قد تقع أو قد ال‬
‫” تقع [‪]7‬‬
‫وخالصة القول فإن تكييف المسؤولية المترتبة عن العدول عن الخطبة في إطار القانون المغربي يكون على أساس‬
‫المسؤولية التقصيرية ‪ ،‬ذلك أن المشرع المغربي عندما منح للطرفين إمكانية العدول عن الخطبة ‪ ،‬إال أنه جاء في‬
‫المادة ‪ 7‬من مدونة األسرة وأعطى للمتضرر إمكانية المطالبة بالتعويض متى كان هناك سبب غير مشروع وراء‬
‫فعل العدول ‪ ،‬مما تسبب في إلحاق ضرر بأحد الخطيبين فالمتضرر عليه إثبات الخطأ ونوعه والضرر الناتج والعالقة‬
‫‪ .‬السببية لتقبل دعوى التعويض عن العدول عن الخطبة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية المدنية في الخطبة في القانون المقارن‬


‫إذا كان المشرع المغربي يذهب إلى تكييف المسؤولية المدنية في الخطبة على أنها مسؤولية تقصيرية كما‬
‫صارت بعض التشريعات المقارنة وخاصة العربية في نفس االتجاه إال أن هناك تشريعات مقارنة أخرى كالتشريع‬
‫‪.‬الفرنسي تسير عكس التيار وتعتبرها مسؤولية عقدية وأن التعويض يتم بناء على قواعد المسؤولية العقدية‬

‫وسنحاول من خالل هذا المطلب التطرق إلى التكييف القانوني للخطبة في القانون المقارن (فقرة أولى) ‪ ،‬وإلى‬
‫‪.‬أساس التعويض عن العدول عنها (فقرة ثانية )‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التكييف القانوني للخطبة في القانون المقارن‬


‫يثير موضوع الضرر الناتج عن العدول عن الخطبة عدة آراء مختلفة‪ .‬فقها و قضاء نظرا للطبيعة القانونية لهذا العدول‪،‬‬
‫كما أن قوانين األسرة لدول المغرب العربي اختلفت بخصوص التعويض عن الضرر الناتج عن العدول عن الخطبة ‪،‬‬
‫فالمشرع المصري ذهب إلى أن الخطبة ليست عقدا ملزما ويحكم بالتعويض في حالة العدول عن الخطبة على‬
‫‪.‬أساس المسؤولية التقصيرية المنصوص عليها في المادة ‪ 163‬من القانون المدني المصري [‪]8‬‬
‫وإلى جانب المشرع المصري نجد المشرع التونسي في مجلة األحوال الشخصية التونسية سكتت عن هذه‬
‫المسألة حيث يرى بعض الفقه أنه ال يرتب أي حق ألحد الخطيبين تجاه اآلخر من جراء عدول أحدهما عن إتمام‬
‫وعده بالزواج بما في ذلك حق طلب التعويض تأسيسا على أن الخطبة لم تكن لها في نظر القانون القوة التعاقدية‬
‫‪.‬الالزمة التي هي للعقود األخرى [‪]9‬‬
‫أما القانون الفرنسي فنجده ‪ ،‬أن المبادئ الفقهية التي سادت في فرنسا خالل القرن التاسع عشر تعتبر أن‬
‫الخطبة عقد يرتب التزاما بعمل يتحول عند عدم الوفاء به إلى تعويض وقد ظهرت هذه النظرية هناك غداة صدور‬
‫‪.‬القانون المدني ‪1804‬‬

‫وفي هذا الصدد قضت استئنافية تولوز بأن “الخطبة عقد ملزم يرتب التزامات تبادلية بين المتعاقدين بإتمام الوعد‬
‫بالزواج ‪ ،‬وهذا الوعد يخول كال منهما دعوى إلجبار اآلخر بالوفاء به لكن طبيعة هذا االرتباط تقتضي بأن يتحول‬
‫بالضرورة إلى التزام بالتعويض يلتزم به من يرفض التنفيذ طبقا للمبادئ العامة التي أخذ بها القانون المدني‬
‫” الفرنسي في المادة ‪ 1142‬و‪]10[1145‬‬
‫وحسب ما يستفاد من هذا القرار‪ ،‬فإن الخطبة وإن كانت عقدا ‪ ،‬فإنه ال يجوز إجبار العادل عنها على التنفيذ العيني‬
‫‪ ، .‬وذلك مراعاة لطبيعتها الخاصة ‪ ،‬ويبقى للمتضرر فقط الحق في التعويض عما أصابه من ضرر جراء ذلك العدول‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المسؤولية العقدية كأساس للتعويض في القانون المقارن (فرنسا نموذجا )‬
‫لقد رأينا سابقا أن القانون الفرنسي يضفي الطابع التعاقدي على الخطبة وترتب على ذلك أن إنهاء الخطبة يرتب‬
‫مسؤولية عقدية [‪]11‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك فقد طبق الفقه الفرنسي على الوعد بالزواج قاعدة العقد شريعة المتعاقدين المنصوص عليها‬
‫في الفصل ‪ ،1134‬وهي قاعدة ال يمكن استبعادها إال إذا وجد نص خاص يقضي بذلك وال وجود لمثل هذا النص في‬
‫مجال الخطبة في التشريع المدني الفرنسي‬

‫إن اعتبار الخطبة عقد ملزما لطرفيه حسب ما يذهب إليه أنصار النظرية العقدية يعني أنها تنشأ التزامات ذات صفة‬
‫تعاقدية يؤدي اإلخالل بها إلى إعمال أحكام المسؤولية العقدية ‪ ،‬وهذه المسؤولية تقتضي ضرورة وجود عقد أبرم‬
‫صحيحا ‪ ،‬حيث ال يكون لها محل في حال كون عقد الخطبة اختلت أركانه وشروطه [‪]12‬‬
‫‪ :‬وعموما فإن أركان المسؤولية العقدية في هذا الصدد هي كاآلتي‬

‫‪‬‬ ‫الخطأ العقدي‬

‫‪‬‬ ‫الضرر‬

‫‪‬‬ ‫العالقة السببية‬

‫إال أن هذه النظرية التعاقدية للخطبة تعرضت للنقد ألن األمر ليس بهذه البساطة ‪ ،‬وخاصة بالنسبة للخطبة التي‬
‫تتميز بطابع خاص ولها أهداف أخرى ال توجد بالنسبة لغيرها من العقود كما أنها تعد تمهيدا للزواج ‪ ،‬وهي نظام ال‬
‫يتعلق بالمعامالت المالية ولكنه يتصل بحالة األشخاص إن انعدام تنظيم القانون المدني الفرنسي للخطبة ال يعني‬
‫إخضاعها للمبادئ العامة للتعاقد ‪ ،‬وإنما يعني أن هذا القانون ال يهتم بالحقوق والواجبات ذات الطابع األخالقي‬
‫‪.‬واألدبي [‪]13‬‬
‫‪ .‬المبحث الثاني ‪ :‬المسؤولية المدنية في الزواج في القانون المغربي والمقارن‬
‫إن المسؤولية المدنية تعني إلزام المسؤول عن الضرر ألداء التعويض للطرف المتضرر في الحاالت التي تتوفر فيها‬
‫‪.‬شروط هذه المسؤولية [‪]14‬‬
‫فهي تهدف إلى حماية مصلحة خاصة يملك الشخص المتضرر إمكانية واسعة للتنازل عن حقه في التعويض عن‬
‫جزء منها أو كلها لكن يبقى التساؤل عن أساس هذه المسؤولية هل هو الخطأ العقدي أم الخطأ التقصيري؟‬

‫وسوف يأتي ترتيب الكالم في هذا المبحث عن المسؤولية المدنية في الزواج في القانون المغربي (مطلب أول)‬
‫وفي القانون المقارن (مطلب ثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬المسؤولية المدنية في الزواج في القانون المغربي‬


‫المسؤولية التزام ناشئ عن تصرفات‪ ،‬وهي إما تقصيرية أو عقدية ‪ ،‬فالمسؤولية التقصيرية التزام شخص ارتكب‬
‫عمال تسبب في ضرر الغير بتعويض ما نتج عن ذلك من إضرار والمسؤولية العقدية هي بالنسبة للمدين االلتزام‬
‫الناشئ عن العقدة لتعويض الضرر الالحق بالدائن بسبب عدم تنفيذ االلتزام وهذا نجده حاضرا في المجال‬
‫‪ :‬األسري ‪ ،‬لذلك سنتناول المسؤولية في قضايا الزواج على مستويين هما‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المسؤولية العقدية‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المسؤولية التقصيرية‬

‫‪ .‬الفقرة األولى ‪ :‬المسؤولية العقدية‬


‫يعتبر الخطأ العقدي في عقد الزواج هو إخالل أحد المتعاقدين بشروط العقد الرابط بينهما وهذا اإلخالل إما يتمثل‬
‫في امتناع المتعاقدين عن الوفاء بااللتزامات التي تعهد بها أو في سبب التأخر في الوفاء بها فهل يمكن تطبيق‬
‫هذا التعريف على الخطأ األسري ؟‬

‫إن الزواج هو” ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل و امرأة على وجه الدوام ‪ ،‬غايته اإلحصان والعفاف وإنشاء أسرة‬
‫”مستقرة برعاية الزوجين …‪]15[.‬‬
‫وفي حالة إخالل أحد طرفي العالقة الزوجية بهذا االلتزام فإن ذلك يعتبر خطأ ‪ ،‬يستمد أساسه من العقد الرابط بين‬
‫‪.‬الطرفين ‪ ،‬فيكون بالتالي إخالل أحد الزوجين بشروط عقد الزواج ‪ ،‬خطأ عقديا [‪]16‬‬
‫لكن التساؤل الذي يمكن طرحه في هذا الصدد‪ ،‬هل االلتزام الناتج عن عقد الزواج هو التزام بنتيجة أم التزام ببذل‬
‫عناية ؟ إنه لمن الصعب تحديد أي نوع من االلتزامات ينطبق على االلتزامات الناتجة عن عقد الزواج ‪ ،‬ويمكن القول‬
‫أن مدونة األسرة عندما نصت في المادة الرابعة على أن عقد الزواج هو اإلحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة ‪،‬‬
‫إنما هو التزام بتحقيق نتيجة ‪ ،‬وبالتالي فإن االلتزامات الناتجة عن عقد الزواج هي التزامات بتحقيق نتيجة ألنه‬
‫متى لم تتحقق هذه النتيجة فإن ذلك يشكل خطأ عقديا ‪ ،‬إال أنه في نفس الوقت يمكن القول إن عقد الزواج وإن‬
‫كانت الغاية منه هو تحقيق نتيجة معينة فإن ذلك رهين بالمجهودات التي يبدلها كل الزوجين وتكون بذلك أمام‬
‫‪ .‬التزام ببذل عناية‬

‫واألساس القانوني للمسؤولية العقدية في باب الزواج ما نصت عليه المادة ‪ 47‬من مدونة األسرة‪ ”.‬أن الشروط‬
‫” كلها ملزمة إال ما خالف منها أحكام العقد ومقاصده والقواعد اآلمرة للقانون وتعتبر باطلة والعقد صحيح‬

‫والمادة ‪ 48‬من مدونة األسرة والتي جاء فيها ” كل الشروط التي تحقق فائدة مشروعة لصاحبها تكون صحيحة‬
‫‪.‬وملزمة لمن التزم بها من الزوجين‬

‫وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 63‬من مدونة األسرة فإن عقد الزواج المشوب بإكراه أو تدليس عند التعاقد فإن المكره أو‬
‫المدلس عليه من الزوجين له الحق في المطالبة بفسخ عقد الزواج مع حفظ حقه في الحصول على تعويض عما‬
‫‪ .‬أصابه من ضرر[‪]17‬‬
‫ويبقى التأكيد على أن عيب اإلكراه والتدليس المنصوص عليهما في المادة ‪ 63‬من مدونة األسرة رغم كونهما‬
‫عيبان يؤثران في إرادة الزوجين ن إال أن اآلثار المترتبة عنهما في مدونة األسرة تختلف عن اآلثار المنصوص عليها‬
‫في قانون االلتزامات والعقود أوال من جهة أن مدونة األسرة قد رتبت على اإلكراه والتدليس الفسخ ‪ ،‬بخالف قانون‬
‫االلتزامات والعقود الذي رتب عليهما اإلبطال ‪ ،‬كما أن مدونة األسرة حددت أجل تقادم دعوى فسخ عقد الزواج‬
‫المقترن بعيب اإلكراه أو التدليس في أجل شهرين خالفا لقانون االلتزامات والعقود الذي حدده في أجل سنة[‬
‫‪]18 .‬‬
‫ولقد عمل القضاء المغربي على تفعيل مقتضيات المادة ‪ 63‬من مدونة األسرة على المستوى العملي ‪ ،‬حيث جاء‬
‫في حكم صادر عن قسم قضاء األسرة بالرباط على أنه “حيث إن العالقة الزوجية قائمة بين الطرفين استنادا‬
‫إلى عقد الزواج المومأ إليه وحيث قدمت الدعوى داخل اآلجل المقرر لرفعها طبقا للمادة ‪ 63‬من مدونة األسرة‬
‫وحيث أوضحت المدعية بأنها كانت ضحية إكراه تمثل في تهديد أستاذها بالرسوب إذا لم تقبل الزواج به … وحيث‬
‫أجاب المدعى عليه بأنه ال أساس لما تدعيه زوجته من صحة …‪ .‬حيث إن المحكمة باطالعها على الوثيقة العدلية‬
‫المومأ إليها ستقبل الزواج بأستاذها تحت إكراهه لها ولوال ذلك ما قبلت … مما يدل على أن إرادتها إبان زواجها‬
‫كانت معيبة فعال بإكراه زواجها آنذاك لها‪ ،‬ويعتبر بالتالي طلبها مؤسسا ويتعين قبوله [‪]19‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية التقصيرية‬
‫إن الخطأ التقصيري يتكون من عنصرين أحدهما مادي واآلخر معنوي وصور هذا اإلخالل يكون إما مخالفة نص قانوني‬
‫‪.‬أو في مخالفة التزامات قانونية ففي أي صورة يمكن إدراج الخطأ األسري ؟‬

‫بالنسبة للصورة األولى للخطأ في المسؤولية التقصيرية فال شك أن االلتزامات المترتبة عن الزواج من طرف أحد‬
‫الزوجين ‪ ،‬يشكل بالتزام قانوني منصوص عليه في مدونة األسرة من خالل المادة ‪ 51‬والتي نظمت الحقوق‬
‫والواجبات المتبادلة بين الزوجين وبالتالي فإن اإلخالل بها يشكل خطأ تقصيريا يترتب عنه مسؤولية تقصيرية ‪،‬‬
‫والصورة الثانية من صور الخطأ المتمثلة في مخالفة التزامات قانونية غير محددة في نصوص ‪ ،‬نجد لها تطبيقا في‬
‫‪ .‬الميدان األسري[‪]20‬‬
‫إن األساس القانوني للمطالبة بالتعويض عن الضرر يتمثل في الخطأ التقصيري الناتج عن اإلخالل بااللتزامات‬
‫المفروضة قانونا على الزوجين معا‪ .‬من أجل الحفاظ على دوام استمرار العالقة الزوجية بينهما ‪ ،‬واستقرار كيان‬
‫األسرة ووحدتها في المجتمع ‪ ،‬مما ينتج عنه أن اإلطار القانوني لطلب التعويض هو المسؤولية التقصيرية وليست‬
‫العقدية [‪]21‬‬
‫إن المسؤولية التقصيرية تتطلب تحقق عنصر الخطأ إلمكانية المطالبة بالتعويض‪ ،‬وهو الشيء الذي ال يحدث دائما‬
‫‪.‬في االلتزامات األسرية‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن العمل القضائي أكد هذا االتجاه من خالل حكم اعتبر فيه أن األساس القانوني للمطالبة‬
‫بالتعويض ليس هو قانون االلتزامات والعقود ‪ ،‬إنما مدونة األسرة ‪ ،‬حيث جاء في تعليل هذا الحكم ما يلي ‪ ” :‬إن‬
‫المدعي أسس الدعوى على مقتضيات المادة ‪ 78‬من قانون ق‪.‬ل‪.‬ع في حين أن التعويض يتعلق ويرتبط بدعوى‬
‫التطليق التي ينظمها قانون مدونة األسرة باعتباره قانون األحوال الشخصية للطرفين وباعتباره نص خاص هو‬
‫الواجب التطبيق وخاصة وأنه ينظم التعويض الواجب الحكم به على المسؤول لفائدة الزوج اآلخر حسب ما تنص‬
‫‪ .‬عليه المادة ‪ 97‬من مدونة األسرة[‪]22‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية المدنية في الزواج في القانون المقارن‬
‫لقد شكل موضوع المسؤولية المدنية في الزواج جدال في مختلف التشريعات الوضعية‪ ،‬حيث يعتبر الزواج عقدا يتم‬
‫بتالقي إرادة كل من الزوج والزوجة مما يرتب الكثير من الحقوق وااللتزامات على عاتق الزوجين‪ ،‬وسنقوم بدراسة‬
‫المسؤولية العقدية في القانون المقارن (فقرة أولى ) ‪ ،‬ثم المسؤولية التقصيرية في (فقرة ثانية )‬

‫‪ :‬الفقرة األولى ‪ :‬المسؤولية العقدية في القانون المقارن‬


‫إن القول بأن الخطأ العقدي هو عدم تنفيذ المدين اللتزاماته الناشئة من العقد إجبارية‪ ،‬وإذا لم يقم المدين في‬
‫‪.‬العقد بتنفيذ التزاماته كان الخطأ العقدي [‪]23‬‬
‫وجاء في القانون المدني الجزائري وخاصة المادة ‪ 176‬التي جاء في مضمونها أن المدين يكون مسؤوال بمجرد عدم‬
‫الوفاء بالتزاماته التعاقدية ما لم يتبين أن سببا أجنبيا حال بينه وبين الوفاء وبالتالي فهذه المادة هي التي تحكم‬
‫‪.‬الخطأ العقدي في القانون المدني الجزائري‬

‫وتتمثل بصفة عامة أركان المسؤولية العقدية في الخطأ العقدي المشار إليه أعاله‪ ،‬والضرر الذي لحق أحد أطراف‬
‫العقد الذي يقع عليه حق إثباته وأخيرا يجب توفر عالقة سببية بين الخطأ والضرر بأن يكون الخطأ العقدي هو‬
‫‪.‬السبب المباشر في وقوع الضرر‬

‫و جاء في المادة ‪ 19‬من مدونة األسرة الجزائرية‪“ :‬للزوجين أن يشترطا في عقد الزواج أو في عقد رسمي الحق‬
‫كل الشروط التي يرياناها ضرورية والسيما شرط عدم تعدد الزوجات وعمل المرأة ما لم تتنافى هذه الشروط مع‬
‫‪ “.‬أحكام هذا القانون‬

‫وبتحليلنا لهذه المادة وطبقا للقواعد العامة التي تنظم التعويض عن الضرر في الجزائر ومنها المادة ‪ 182‬من القانون‬
‫المدني الجزائري‪ ،‬فإن الشروط في عقد الزواج تخضع ألحكام القواعد العامة في التعويض إال ما استقر منها بأحكام‬
‫القواعد خاصة‪ ،‬وتطبيقا لذلك فإنه يكون للمرأة التي تضررت من جراء مخالفة شرطها في عقد الزواج كفقدانها‬
‫عملها بسبب إخالل الزوج بالشرط التي وافق عليه بسماحه للزوجة بمزاولة عملها ‪ ،‬أن تلجأ إلى القضاء وتطالب‬
‫‪ .‬بالتعويض على ضرر الحق بها وتؤسس دعواها على أساس المسؤولية العقدية‬

‫وبالتالي بإمكان الزوج المشترط والمتضرر من جراء عدم وفاء الزوج لآلخر بالشرط المتفق عليه في عقد الزواج‬
‫اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر في إطار اإلخالل بالمسؤولية العقدية أو متى ثبت‬
‫‪.‬للقاضي تحقق الضرر وتوافر شروط حكم بالتعويض على الزوج المخالف للشرط التعاقدي بين الزوجين‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية التقصيرية في القانون المقارن‬


‫إن المسؤولية التقصيرية تقوم على التزام قانوني مصدره النص القانوني ويقع على عاتق المسؤول بتعويض‬
‫المتضرر وعلى ذلك فهي تتحقق كما ارتكبت شخص خطأ وسبب ضررا للغير وكان االلتزام بالتعويض عن الضرر يقوم‬
‫على فكرة العقاب للمخطئ في ظل الشرائع البدائية والقانون الروماني والقانون الفرنسي القديم ثم بدأ‬
‫‪ .‬التعويض يقتصر على الوظيفة الوحيدة للتعويض[‪]24‬‬
‫وفي نفس السياق نجد المشرع الجزائري قنن أحكام التعويض الناتج عن المسؤولية التقصيرية في المواد ‪124‬‬
‫إلى المادة ‪ 133‬من القانون المدني الجزائري ثم المادة ‪ 182‬من القانون نفسه‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ ” :124‬كل‬
‫‪”.‬فعل أيا كان يرتكبه الشخص بخطئه ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض‬

‫وعالقة بالموضوع نفسه نص المشرع الجزائري في قانون األسرة الجزائري على الحقوق والواجبات المتبادلة بين‬
‫‪:‬الزوجين من خالل المادة ‪ 36‬حين جاء فيها‬

‫‪‬‬ ‫المحافظة على الروابط الزوجية وواجبات الحياة المشتركة‬

‫‪‬‬ ‫المعاشرة بالمعروف وتبادل االحترام والمودة والرحمة‬

‫‪‬‬ ‫التعاون على مصلحة األسرة ورعاية األوالد وحسن تربيتهم‬

‫‪‬‬ ‫التشاور في تسيير شؤون األسرة وتباعد الوالدات‬

‫‪‬‬ ‫حسن معاملة كل منهما ألبوي اآلخر وأقاربه واحترامهم وزيارتهم‬

‫‪‬‬ ‫‪.‬المحافظة على روابط القرابة والتعامل مع الوالدين واألقربين بالحسنى والمعروف‬

‫‪‬‬ ‫زيارة كل مهما ألبويه وأقاربه واستضافتهم بالمعروف‬

‫فمن خالل هذه المادة يجب على كل زوج أو زوجة التقيد بما تنص عليه وكل إخالل بنصها قد يسائل المخل من‬
‫الطرفين وفق المسؤولية التقصيرية ألنه أخل بنص قانوني في مدونة األسرة الذي يعتبر قانون خاص ومنظم‬
‫‪.‬للعالقات والروابط األسرية‬

‫خاتمة‬
‫لقد عرفت مسألة تحديد طبيعة الخطبة جدال سواء على صعيد الفقه اإلسالمي أو القانون الوضعي وحتى في‬
‫القوانين المقارنة نظرا لألهمية الخاصة للخطبة اجتماعيا وقانونيا ال سيما الدور الهام الذي تلعبه في تحديد أثار‬
‫الخطبة ‪ ،‬خاصة أثار العدول عنها ‪ ،‬بما فيها إشكال تحديد أساس التعويض عن ضرر العدول عنها ‪ ،‬وما دام إلزام‬
‫الطرفين بإبرام عقد الزواج أمر غير مستساغ من الناحية الشرعية وحتى القانونية وال يمكن الحكم به قضاء ‪ ،‬ألن‬
‫العدول عن الخطبة مكفول للطرفين معا الرتباطه بمبدأ حرية الزواج ‪ ،‬وما دام أيضا الجدل الفقهي قائم بخصوص‬
‫الطبيعة الفقهية والقانونية للخطبة وجب تحديد تكيف قانوني منصوص عليه في قانون األسرة المغربي والمقارن‬
‫‪ .‬حتى يسهل قيام المسؤولية المدنية وحتى ال تضيع حقوق أطراف الخطبة عن العدول عنهما‬

‫وفي سياق أخر نجد عقد الزواج يحضى في القانون المغربي والمقارن بمكانة خاصة حيث اهتم به بعناية بالغة لم‬
‫تتوفر في باقي العقود المدنية األخرى لكن ترك تحديد طبيعته القانونية مبهمة‪ ،‬ولذا وجب تحديد طبيعته بشكل‬
‫‪.‬صريح حتى يسهل تحديد جزء من أخل بالتزاماته في عقد الزواج‬

‫وفي نفس الطرح واضطالعا بمبدأ سلطان اإلرادة في مجال العقود عمل المشرع المغربي و المقارن على توسيع‬
‫من إرادة الزوجين وترك لهما مجاال واسعا للتراضي بينهما حول شؤونهما األسرية بما يساهم في استقرار األسرة‬
‫وإفساح المجال لالشتراط ‪ ،‬ولذلك ليس هناك ما يمنع الزوجين من التراضي والتفاق بينهما حول تنظيم حياتهما‬
‫لما في ذلك من توفير لضمانات مهمة لكل من الزوجين وتحصين حقوقهما‪ ،‬لكن عند اإلخالل بهذه الشروط من‬
‫أحد األطراف ال ينتج ألية اثر نظرا لغياب جزاء واضح ينص عليه المشرع ‪ ،‬لذا وجب تحديد الجزاءات الناتجة عن‬
‫اإلخالل بالشروط التي يضعها األزواج أثناء عقد الزواج أو في عقود مستقلة حتى تكون لها قيمة واثر قانوني‬
‫‪ .‬واضح‬

‫قانون رقم ‪ 03/70‬بمثابة مدونة األسرة الصادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 5184‬بتاريخ ‪ 4‬ذي الحجة الموافق ل ‪-5‬‬
‫فبراير ‪]1[.2004‬‬
‫الحسنية لعديري ‪“ ،‬المسؤولية المدنية للزوجين في ظل مدونة األسرة ” رسالتي لنيل دبلوم الماستر في ]‪[2‬‬
‫القانون الخاص ‪ ،‬جامعة موالي‬
‫إسماعيل مكناس ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2013/ 2012 ،‬ص ‪19‬‬

‫المادة ‪ 5‬من مدونة األسرة ]‪[3‬‬


‫تنص المادة ‪ 5‬من مدونة األسرة على أن “الخطبة تواعد رجل وامرأة على الزواج “‪-]4[.‬‬
‫‪ .‬ينص الفصل ‪ 14‬من قانون االلتزامات والعقود “مجرد الوعد ال ينشئ إلتزاما “[‪-]5‬‬

‫فؤاد بن شكرة ‪”.‬أثار العدول عن الخطبة في ضل مدونة األسرة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‪-‬‬
‫القانون الخاص ‪ ،‬جامعة محمد [‪]6‬‬
‫‪.‬األول وجدة ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2009/2010‬ص ‪76‬‬

‫قرار مشار إليه من طرف ‪ ،‬فؤاد بن شكرة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪-]7[.76‬‬


‫الحسنية لعديري “المسؤولية المدنية للزوجين في ضل مدونة األسرة مرجع سابق نص ‪-]8[.31‬‬
‫الحسنية لعديري ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪-]9[.33-32‬‬
‫قرار محكمة تولوز االستئنافية ‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪.1913‬أورده فؤاد بن شكرة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪-]10[.67‬‬
‫محمد الكشبور ‪“ ،‬الوسيط في شرح مدونة األسرة “الكتاب األول ‪ ،‬عقد الزواج وآثاره ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 2009‬ص‪-‬‬
‫‪]11[.189‬‬
‫فؤاد بن شكرة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪-]12[.66‬‬

‫محمد الكشبور ‪ ،‬مرجع سابق ص‪-]13[190،‬‬


‫عبد القادر العرعاري مصادر االلتزامات ‪ ،‬الكتاب الثاني ‪ ،‬المسؤولية المدنية ‪ ،‬الطبعة الثانية دار األمان ‪ ،‬الرباط ‪-،‬‬
‫‪ 2005‬صفحة ‪ 7‬وما[‪]14‬‬
‫‪ .‬يليها‬

‫المادة ‪ 4‬من مدونة األسرة المغربية [‪-]15‬‬


‫مليكة الغنام ” التعويض من خالل مدونة األسرة والعمل القضائي “بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء ‪-،‬‬
‫الفوج ‪]16[ 2010 -2008 .35‬‬
‫‪.‬ص ‪14‬‬

‫مليكة الغنام ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪-]17[.21‬‬


‫أجل تقادم دعوى اإلبطال في قانون االلتزامات والعقود هي سنة (فصل ‪ 311‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪-]18[).‬‬
‫حكم رقم ‪ 2005-17‬صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط بتاريخ ‪ 2005-1-14‬في الملف ‪ ،2005-01‬منشور ]‪[19‬‬
‫‪.‬بمجلة المناهج عدد مزدوج ‪10-9‬‬
‫مليكة الغنام ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪-]20[.16‬‬
‫محمد الكشبور ‪ :‬قانون االلتزامات والعقود وقانون األحوال الشخصية التداخل والتضارب ‪ ،‬مقال منشور بالمجلة ‪-‬‬
‫المغربية لالقتصاد والقانون [‪]21‬‬
‫‪ .‬العدد ‪ 16‬ص ‪ 133‬وما بعدها‬

‫حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بطنجة رقم ‪ 2024‬بتاريخ ‪ 2007-09-26‬في الملف رقم ‪-]22[.1344/07‬‬
‫عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني – مصادر اللتزام – الجزء األول ‪ ،‬دار النشر للجامعات‪-‬‬
‫‪ 1982‬ص ‪]23[.656‬‬
‫محمد ابراهيم دسوقي ‪ ،‬تقدير التعويض بين الخطأ والضرر‪ ،‬مطبعة دار الفكر العرب ‪ .1998‬صفحة ‪-]24[ 228‬‬
‫‪:‬شارك هذا الموضوع‬

‫‪‬‬‫فيس بوك‬
‫‪‬‬ ‫‪LinkedIn‬‬
‫تويتر ‪‬‬
‫‪ Tumblr‬‬
‫‪ Google‬‬
‫‪ Pinterest‬‬
‫‪ WhatsApp‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫القانون المقارن‪ ,‬المسؤولية المدنية‪ ,‬مدونة االسرة‬


‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫الدعـوى الصرفية كآلية لحماية حامل الورقة التجارية د‪ .‬خديجة مضي و ذ‪ .‬ياسين الكيويمدى‬
‫صالحية المحكم التخاذ اإلجراء اإلستعجالي للباحث‪ :‬ياسين الكيوي‬

‫محمد االمام العزاوي‬

‫مقاالت ذات الصلة‬

‫‪‬‬
‫‪...‬التطبيق القضائي‬
‫أكتوبر ‪0 2021 ,29‬‬
‫المزيد في هذا التصنيف‬
‫‪‬‬
‫‪...‬تجديد النخب‬
‫مايو ‪0 2023 ,29‬‬

‫‪‬‬
‫‪...‬عالقة الوسائل‬
‫مارس ‪0 2022 ,12‬‬

‫‪‬‬
‫‪...‬اإلزدواجية المرجعية‬
‫نوفمبر ‪0 2021 ,09‬‬

‫‪‬‬
‫‪...‬منهج الشرع في التعامل‬
‫نوفمبر ‪0 2020 ,23‬‬

‫أضف رد‬
‫* لن يتم نشر عنوان بريدك اإللكتروني‪ .‬الحقول اإللزامية مشار إليها بـ‬

‫التعليق‬

‫* االسم‬

‫* البريد اإللكتروني‬

‫الموقع اإللكتروني‬

‫‪.‬أعلمني بمتابعة التعليقات بواسطة البريد اإللكتروني‬


‫‪.‬أعلمني بالمواضيع الجديدة بواسطة البريد اإللكتروني‬

‫إرسال التعليق‬

‫نبدة عن الموقع‬
‫تم تأسيس موقع اآلفاق القانونية سنة ‪ ،2017‬من قبل مجموعة من الباحثين والمهنيين المهتمين بالبحث في‬
‫‪...‬الشأن القانوني والفقهي والقضائي وذلك بغية الوصول إلى تحقيق جملة من األهداف و الغايات‬

‫موقع اآلفاق القانونية ‪ -‬جميع الحقوق محفوظة ‪2019 -‬‬


‫‪To Top‬‬

You might also like