You are on page 1of 30

‫المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسيةـــــــــــــــــــــ المجلد‪ ،59:‬العدد‪ ،03:‬السنة‪ ،2022:‬الصفحة‪447-418:‬‬

‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫‪Public Prosecution in Family Affairs Disputes‬‬

‫حمار‬
‫صبيحة لمطاعي ّ‬
‫كلية الحقوق ‪-‬جامعة الجزائر‪1‬‬
‫‪lemtaisabiha.fac@gmail.com‬‬

‫تاريخ االرسال‪ ،2022/05/10:‬تاريخ القبول‪ ،2022/09/18:‬تاريخ النشر‪ :‬سبتمبر‪2022‬‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الملخص‪:‬‬

‫أدرج المشرع بموجب األمر ‪ 02-05‬المعدل والمتمم لقانون األسرة‪ ،‬النيابة العامة كطرف أصلي‪،‬‬
‫وذلك بموجب المادة ‪ 3‬مكرر منه‪ .‬غير أنه ولألسف الشديد لم يتم تفسير هذا النص تفسي ار صحيحا ولم‬
‫يطبق تطبيقا سليما على مستوى مختلف الجهات القضائية‪ .‬األمر الذي أدى إلى فقدان هذا النص‬
‫ألهميته والهدف المتوخى من إدراجه أصال‪ .‬كما أنه وعلى الرغم من صدور قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬إالّ أن الوضع بقي على حاله من حيث التفسير والتطبيق بخصوص عمل النيابة العامة‪ .‬لذا‬
‫فإن الهدف من هذا البحث هو تبيان وتوضيح الرؤية حول المركز القانوني للنيابة العامة وتبيان دورها‬
‫في المسائل المتعلقة بشؤون األسرة‪ ،‬وقد تم التوصل إلى أن النيابة العامة ال يكمن دورها في طلب تطبيق‬
‫القانون كما هو معمول به حاليا على مستوى القضاء وانما يتعداه لما هو أكثر من ذلك بكثير‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬النيابة العامة‪ ،‬الطرف األصلي‪ ،‬منازعات‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬

‫‪By virtue of ordinance 05-02 amending and supplementing the family law, the public‬‬
‫‪prosecution office as an original party, pursuant to article3 bis of it. However, unfortunately,‬‬
‫‪thistextwas not been interpreted correctly and has not been properlyapplied at the level of‬‬
‫‪thejudicialauthorities. Whichled to the loss of thistext of its importance and the‬‬
‫‪intendedpurpose of its inclusion in the first place. Also, despite the issuanceof the civil and‬‬
‫‪administrativeprocedureslaw, the same in terms of interpretation and application. So the goal‬‬
‫‪of thisresearchis to clarify the role of the public prosecution, it was concluded that the‬‬
‫‪prosecutor’s role is not to demand the application of the law, but rather more than that.‬‬

‫‪Keywords: Public Prosecution, original party, disputes‬‬

‫المؤلف المرسل‪ :‬صبيحة لمطاعي حمّار‬

‫‪- 418 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫بداية ال بد من التفرقة بين مصطلحين قانونيين دقيقين وهامين جدا واللذين يتم استعمالهما بصدد‬
‫موضوع النيابة العامة في المواد المدنية عامة وفي منازعات شؤون األسرة خاصة‪ ،‬دون االنتباه للفرق‬
‫الهام والشاسع الموجود بين المصطلحين‪ ،‬وهما‪ :‬مصطلح " الطرف األصلي " ومصطلح " الطرف‬
‫المنضم"‪ ،‬فكل مصطلح منهما يجب أن يستعمل في حاالت معينة فقط وال يمكن توظيفه في حاالت أخرى‬
‫غير تلك الحاالت الخاصة به‪.‬‬

‫إن الشيء المالحظ والغريب في نفس الوقت‪ ،‬خاصة في الميدان التطبيقي والعملي‪ ،‬ناهيك عن‬
‫الجانب الفقهي‪ ،‬أنه يوجد خلط كبير بين هذين المصطلحين؛ إذ يتم استعمالهما في غير محلهما وبشكل‬
‫غير صحيح‪ ،‬بل ويمكن تصنيف ذلك حتى في خانة الخطأ القانوني‪ ،‬ولكن لألسف الشديد ساد هذا الخطأ‬
‫واستفحل حتى كاد األمر أن يكون مسلما به؛ لذا يمكننا تصنيفه ضمن خانة الخطأ الشائع‪.‬‬

‫إن موضوع النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‪ ،‬جدير بالبحث والدراسة نظ ار لألهمية البالغة‬
‫التي يكتسيها وذلك بالنظر إلى الدور الجبار المنوط بالنيابة العامة تجاه األسرة‪ ،‬فالنيابة العامة تعد صمام‬
‫األمان بالنسبة لألسرة التي تعتبر بدورها الخلية األساسية للمجتمع طبقا لنص المادة ‪ 2‬من قانون األسرة‪،‬‬
‫خاصة بعدما أدرجها المشرع في هذا القانون بموجب التعديل الذي طاله في سنة ‪ ،2005‬وذلك بجعلها‬
‫طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكامه وهذا بصريح نص المادة ‪ 3‬مكرر منه‪.‬‬

‫غير أنه ولألسف الشديد لم يتم تفسير نص المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة تفسي ار صحيحا كما‬
‫أنه لم يطبق تطبيقا سليما على مستوى مختلف الجهات القضائية‪ .‬األمر الذي أدى إلى فقدان هذا النص‬
‫ألهميته والهدف المتوخى من إدراجه أصال‪ .‬كما أنه وعلى الرغم من صدور قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬الذي أورد نصوصا بما فيه الكفاية تخص النيابة العامة في المواد المدنية عامة ومنازعات‬
‫شؤون األسرة خاصة‪ ،‬إالّ أن الوضع بقي على حاله من حيث التفسير والتطبيق‪.‬‬

‫إن الهدف األساسي لهذه الدراسة‪ ،‬يكمن في توضيح الرؤية بخصوص المركز القانوني الصحيح‬
‫للنيابة العامة في مجال منازعات شؤون األسرة وتبيان دورها الحقيقي المنوط بها‪ ،‬بغية الوصول إلى‬
‫التطبيق السليم والصحيح للقانون ألجل حماية األسرة ومن خاللها المجتمع ككل‪.‬‬

‫ومنه يمكن طرح اإلشكالية التالية‪ :‬ما هو المركز القانوني للنيابة العامة في منازعات شؤون األسرة؟‬
‫وما هو الدور المنوط بها؟‬

‫‪- 419 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫ولإلجابة على هذه اإلشكالية‪ ،‬ارتأينا تقسيم هذه الدراسة إلى مبحثين رئيسيين‪ ،‬وكل مبحث قسمناه‬
‫إلى مطلبين‪ ،‬متبعين في ذلك التقسيم الثنائي‪ ،‬ففي المبحث األول من هذه الدراسة تناولنا فيه المركز‬
‫القانوني للنيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‪ .‬أما المبحث الثاني فقد تطرقنا فيه إلى تبيان دور النيابة‬
‫العامة في منازعات شؤون األسرة‪ ،‬ثم أعقبنا ذلك بخاتمة تضمنت أهم النتائج واالقتراحات المتوصل إليها‬
‫والموصى بها‪.‬‬

‫كما تجدر اإلشارة إلى أنه تم التركيز في دراستنا هذه على المنهج الوصفي االستقرائي‪ ،‬مستعينين‬
‫في ذلك بأداة التحليل المنطقي مع االستشهاد بعدة أحكام وق اررات قضائية صادرة عن مختلف الجهات‬
‫القضائية خاصة منها المحكمة العليا‪ ،‬لتبيان الجانب التطبيقي والعملي والخلل الحاصل بخصوص المركز‬
‫حل هذا اإلشكال القانوني الهام جدا‪ ،‬كونه يتعلق‬
‫القانوني للنيابة العامة ودورها الحقيقي المنوط بها‪ ،‬ومنه ّ‬
‫باألسرة التي تعد بمثابة العمود الفقري للمجتمع‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المركز القانوني للنيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‪ :‬مركز أسيئ فهمه‬

‫إن تحديد المركز القانوني للنيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‪ ،‬يتطلب منا أوال وقبل كل شيء‬
‫البحث عن التطور الحاصل بخصوص هذا المركز القانوني في المسائل األسرية (المطلب األول)‪ ،‬حتى‬
‫نتمكن من تحديد المركز الحقيقي والصحيح للنيابة العامة في هذا النوع من المنازعات (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫وفيما يلي نتطرق إلى التطور الحاصل بشأن المركز القانوني للنيابة العامة في المنازعات األسرية من‬
‫خالل المطلب األول التالي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تطور المركز القانوني للنيابة العامة في المنازعات األسرية‪ :‬تطور إيجابي لم يستغل‬

‫إن المركز القانوني للنيابة العامة في المنازعات األسرية‪ ،‬تطور بشكل ملحوظ مع تطور التشريع‬
‫األسري‪ ،‬من جهة‪ ،‬والتشريع اإلجرائي‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬ونقصد في هذا الخصوص كل من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية الملغى‪ ،‬مرو ار بالتعديل الذي طال قانون األسرة إلى غاية صدور قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية‪ .‬ويمكننا القول أن المركز القانوني للنيابة العامة في منازعات شؤون األسرة تطور تطو ار‬
‫إيجابيا من خالل التغيير الذي ط أر على هذا المركز القانون يعبر مختلف القوانين السالفة الذكر‪ ،‬ويمكن‬
‫تقسيم هذا التطور إلى أربعة مراحل أساسية‪ ،‬هي‪ :‬مرحلة ما قبل صدور قانون األسرة ومرحلة ما بعد‬
‫صدور قانون األسرة ومرحلة ما بعد تعديل قانون األسرة وأخي ار مرحلة ما بعد صدور قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية‪.‬‬

‫‪- 420 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫ففي مرحلة ما قبل صدور قانون األسرة‪ ،‬كان يطبق بشأن النيابة العامة‪ ،‬عندما يتعلق األمر‬
‫بقضايا تخص منازعات شؤون األسرة‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنية‪ 1‬الملغى بموجب القانون رقم ‪09-08‬‬
‫المؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ 2008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪2‬؛ إذ تم إلغائه بصريح نص‬
‫المادة ‪ 1064‬التي تضمنها قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.3‬فقانون اإلجراءات المدنية الملغى جعل‬
‫للنيابة العامة مرك از قانونيا محددا ولكن لألسف الشديد‪ ،‬جعل ذلك على مستوى المجالس القضائية فقط‬
‫دون محاكم الدرجة األولى‪.‬‬

‫فبتصفح قانون اإلجراءات المدنية الملغى‪ ،‬نجد أن المشرع فرق فعال بين المحاكم والمجالس‬
‫القضائية بخصوص المركز القانوني للنيابة العامة‪ ،‬فعلى مستوى المحاكم لم يجعل للنيابة العامة أي‬
‫مركز قانوني‪ ،‬سواء تعلق األمر بالقضايا المدنية عامة أو بالقضايا األسرية على وجه الخصوص‪ .‬أما‬
‫بالنسبة للمجالس القضائية فقد وضع لها مرك از قانونيا وخصها به؛ إذ جعل من النيابة العامة طرفا‬
‫منضما‪ .‬غير أن الشيء المالحظ هو أنه تارة‪ ،‬يعتبرها بمثابة طرفا منضما انضماما إجباريا‪ ،‬وتارة أخرى‪،‬‬
‫يعتبرها بمثابة طرفا منضما انضماما اختياريا‪ّ .‬بيد أنه في هذه الحالة األخيرة نجد أن المشرع قد فرق بين‬
‫االنضمام االختياري الذي يكون تلقائيا من قبل النيابة العامة واالنضمام االختياري الذي يكون بناء على‬
‫مبادرة خالصة من قبل قضاة المجلس القضائي‪.‬‬

‫إن الشيء المالحظ على قانون اإلجراءات المدنية الملغى‪ ،‬هو أنه نظم المركز القانوني للنيابة‬
‫العامة في مادة واحدة ووحيدة؛ إذ تعتبر المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية الملغى المادة الوحيدة‬
‫التي حددت المركز القانوني للنيابة العامة‪ ،‬وهي التي كانت تطبق على كل القضايا المتعلقة بالمنازعات‬
‫األسرية‪ ،‬فبالرجوع إلى نص الفقرة األولى منها‪ ،‬نجد أن المشرع قد ألزم النيابة العامة باالنضمام إجباريا‬
‫في ثماني أنواع من القضايا والتي أوردها على سبيل الحصر ال المثال‪.4‬كما ألزم قضاة المجلس القضائي‬

‫صدر قانون اإلجراءات المدنية بموجب األمر رقم ‪ 154-66‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1386‬الموافق لـ ‪ 8‬يونيو سنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1966‬المعدل والمتمم‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،05‬السنة ‪.1966‬‬


‫تم إلغاء األمر رقم ‪ 154-66‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬بموجب القانون رقم ‪ 09-08‬المؤرخ‬ ‫‪2‬‬

‫في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1429‬الموافق ‪25‬فبراير سنة‪ 2008‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،21‬السنة ‪.2008‬‬
‫تنص المادة ‪ 1064‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على ما يلي‪ ":‬تلغى‪ ،‬بمجرد سريان مفعول هذا القانون‪ ،‬أحكام‬ ‫‪3‬‬

‫األمر رقم ‪ 154-66‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1386‬الموافق ‪ 8‬يونيو سنة ‪ 1966‬والمتضمن قانون اإلجراءات المدنية‪،‬‬
‫المعدل والمتمم "‪.‬‬
‫تنص الفقرة األولى من نص المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية الملغى على ما يلي‪ " :‬يجب إطالع النائب العام‬ ‫‪4‬‬

‫على القضايا اآلتية‪ – 1 :‬القضايا التي تتعلق بالدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والمصالح والهبات والوصايا‬
‫لصالح الخدمات االجتماعية‪ – 2 ،‬القضايا الخاصة بحالة األشخاص‪ – 3 ،‬القضايا التي تتضمن دفوعا بعدم االختصاص‬

‫‪- 421 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫بإرسال الملفات المتعلقة بهذا النوع من القضايا إلى النائب العام‪ .1‬فتكون بذلك النيابة العامة طرفا منضما‬
‫انضماما إجباريا وهو مركزها القانوني في هذا النوع من القضايا‪ .‬هذا من جهة‪.‬‬

‫كما نجد من جهة أخرى‪ ،‬أن المشرع قد غير من المركز القانوني للنيابة العامة‪ ،‬وذلك عندما يتعلق‬
‫األمر بقضايا خارج مجال القضايا السالف ذكرها‪ ،‬إذ جعل منها طرفا منضما انضماما اختياريا تلقائيا؛‬
‫أي أن انضمامها غير إلزامي وغير وجوبي فهو أمر جوازي بالنسبة لها ويخضع لسلطتها التقديرية؛ إذ‬
‫يمكنها أن تتدخل في أي قضية كانت‪ ،‬كلما رأت ضرورة لذلك‪ ،‬خاصة إذا كان األمر يتعلق بالنظام العام‪،‬‬
‫وهذا ما قررته الفقرة ما قبل األخيرة من نص المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية الملغى‪.2‬‬

‫ومن جهة ثالثة‪ ،‬نجد أن المشرع أعطى لقضاة المجلس القضائي الحق أن يأمروا من تلقاء أنفسهم‬
‫بإرسال القضايا إلى النيابة العامة‪ ،‬فنكون أمام حالة االنضمام االختياري بناء على مبادرة من قضاة‬
‫المجلس القضائي‪ ،‬وهو ما قررته الفقرة األخيرة من نص المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫الملغى‪.3‬‬

‫إن الشيء المالحظ على نص المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية الملغى‪ ،‬أن هذه المادة هي‬
‫التي حددت المركز القانوني للنيابة العامة واعتبرتها طرفا منضما‪ ،‬وهي التي تطبق على القضايا الخاصة‬
‫بالمنازعات األسرية‪ ،‬وهو ما يتجلى خاصة من خالل ما ورد في نصها بهذا الخصوص عندما تضمنت‬
‫عبارة " القضايا الخاصة بحالة األشخاص‪ .4‬هذا في مرحلة ما قبل صدور قانون األسرة‪.‬‬

‫أما مرحلة ما بعد صدور قانون األسرة في سنة ‪ ،51984‬فإن هذا األخير لم يشر إلى النيابة العامة‬
‫ولم يحدد مركزها القانوني إالّ في خمسة (‪ )5‬مواضع فقط وردت على سبيل الحصر ال المثال‪ .‬كما أن‬

‫في نزاع يتعلق بصالحية الجهة القضائية‪ – 4 ،‬تنازع االختصاص بين القضاة ورد القضاة‪ – 5 ،‬مخاصمة القضاة‪– 6،‬‬
‫القضايا المتعلقة بعديمي األهلية‪ – 7 ،‬القضايا المتعلقة باألشخاص المعتبرين غائبين‪ – 8 ،‬إجراءات الطعن بالتزوير "‪.‬‬
‫تنص الفقرة الثانية من نص المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية الملغى على ما يلي‪ " :‬ترسل هذه القضايا‬ ‫‪1‬‬

‫الموضحة آنفا إلى النائب العام قبل ‪ 10‬أيام على األقل من يوم الجلسة بواسطة كتابة الضبط "‪.‬‬
‫تنص الفقرة ما قبل األخيرة من نص المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية الملغى على ما يلي‪ " :‬ويجوز للنائب العام‬ ‫‪2‬‬

‫االطالع على جميع القضايا األخرى التي يرى أن تدخله فيها ضروري والسيما القضايا الماسة بالنظام العام "‪.‬‬
‫تنص الفقرة األخيرة من نص المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية الملغى على ما يلي‪ " :‬ويجوز للمجلس القضائي‬ ‫‪3‬‬

‫أن يأمر من تلقاء نفسه بإرسال القضايا المذكورة إلى النائب العام "‪.‬‬
‫‪ 4‬من بين القضايا التي تعتبر من القضايا الخاصة بحالة األشخاص‪ :‬القضايا المتعلقة بالزواج والطالق والحضانة ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫صدر قانون األسرة بموجب القانون رقم ‪ ،11-84‬المؤرخ في ‪ 9‬رمضان عام ‪ 1404‬الموافق ‪ 9‬يونيو سنة ‪،1984‬‬ ‫‪5‬‬

‫المعدل والمتمم باألمر رقم ‪ 02-05‬المؤرخ في ‪ 18‬محرم عام ‪ 1426‬الموافق ‪ 27‬فبراير سنة ‪ ،2005‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،15‬السنة ‪.2005‬‬

‫‪- 422 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫كل حالة من هذه الحاالت خصت بمادة واحدة فقط‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من التقديم‪ ،1‬الحجر‪ ،2‬المفقود‪،3‬‬
‫الكفالة‪ ،4‬وقسمة التركات‪.5‬أين خول المشرع للنيابة العامة الحق في إقامة الدعوى مباشرة‪ ،‬أي أن المشرع‬
‫اعتمد على معيار " صفة االدعاء " في قانون األسرة في هذه الحاالت وهو ما يجعلها في مركز الطرف‬
‫األصلي‪ ،‬دون ذكر ذلك‪ ،‬ومنه يمكن أن تكون مدعية أو مدعى عليها‪ ،‬وهو ما يعد تطو ار إيجابيا في‬
‫المركز القانوني للنيابة العامة‪ .‬غير أن بقية المنازعات األخرى والمتعلقة بشؤون األسرة‪ ،‬فإن النيابة العامة‬
‫بقيت في مركز الطرف المنضم كما كانت قبل صدور قانون األسرة‪ ،‬وكان يطبق بشأنها قانون اإلجراءات‬
‫المدنية الملغى؛ فالمشرع أبقى على النيابة العامة في مركز الطرف المنضم‪ .‬وهكذا أضحت النيابة العامة‬
‫طرفا منضما على مستوى المجالس القضائية فقط دون المحاكم‪ .‬غير أنه بحدوث التعديل الذي ط أر على‬
‫قانون األسرة‪ ،‬تغير الوضع وتغير معه المركز القانوني للنيابة العامة‪.‬‬

‫إن مركز النيابة العامة في المنازعات المتعلقة بشؤون األسرة في مرحلة ما بعد تعديل قانون األسرة‪،‬‬
‫تغير الوضع بشأنه إيجابيا فأصبح للنيابة العامة مرك از قانونيا جديدا؛ إذ أصبحت النيابة العامة طرفا‬
‫أصليا في كل المنازعات المتعلقة بشؤون األسرة‪ ،‬وذلك بموجب صريح نص المادة ‪ 3‬مكرر من قانون‬
‫األسرة‪ ،‬التي تنص على ما يلي‪ " :‬تعد النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق‬
‫أحكام هذا القانون "‪.‬‬

‫كما أنه ومن خالل تصفحنا للتعديل الذي طال قانون األسرة‪ ،‬نالحظ أن هذا التعديل شمل أربعين‬
‫(‪ )40‬مادة بين تعديل والغاء واضافة؛ إذ تم تعديل ثماني وعشرين (‪ )28‬مادة والغاء خمس (‪ )5‬مواد‬
‫واضافة سبعة (‪ )7‬مواد جديدة‪ .‬وهذه المواد كلها تتعلق بالكتاب األول‪ 6‬ومادة واحدة فقط (‪ )1‬من الكتاب‬

‫تنص المادة ‪ 99‬من قانون األسرة على ما يلي‪ " :‬المقدم هو من تعينه المحكمة ‪ ...‬بناء على طلب أحد أقاربه أو ممن‬ ‫‪1‬‬

‫له مصلحة أو من النيابة العامة "‪.‬‬


‫تنص المادة ‪ 102‬من قانون األسرة على ما يلي‪ " :‬يكون الحجر بناء على طلب أحد األقارب أو ممن له مصلحة أو‬ ‫‪2‬‬

‫النيابة العامة "‪.‬‬


‫تنص المادة ‪ 114‬من قانون األسرة على ما يلي‪ " :‬يصدر الحكم بفقدان أو موت المفقود بناء على طلب أحد الورثة من‬ ‫‪3‬‬

‫له مصلحة أو النيابة العامة "‪.‬‬


‫تنص المادة ‪ 125‬من قانون األسرة على ما يلي‪ " :‬التخلي عن الكفالة يتم أمام الجهة التي أقرت الكفالة‪ ،‬وأن يكون بعلم‬ ‫‪4‬‬

‫النيابة العامة ‪." ...‬‬


‫تنص المادة ‪ 182‬من قانون األسرة على ما يلي‪ " :‬في حالة عدم وجود ولي أو وصي يجوز لمن له مصلحة أو للنيابة‬ ‫‪5‬‬

‫العامة أن يتقدم إلى المحكمة بطلب تصفية التركة وبتعيين مقدم ‪." ...‬‬
‫‪6‬قسم المشرع قانون األسرة إلى أربعة (‪ )4‬كتب‪ :‬الكتاب األول يتعلق بالزواج وانحالله‪ ،‬الكتاب الثاني يتعلق بالنيابة‬
‫الشرعية‪ ،‬الكتاب الثالث يتعلق بالميراث والكتاب الرابع واألخير يتعلق بالتبرعات " الوصية ‪-‬الهبة ‪-‬الوقف "‪.‬‬

‫‪- 423 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫الثاني لتعلقها بالكتاب األول ومادة واحد (‪ )1‬تتعلق باألحكام العامة وتخص النيابة العامة وهي المادة ‪3‬‬
‫مكرر‪ .‬ويعتبر من بين أهم التعديالت إن لم نقل أحسنها بالنظر إلى المركز القانوني الذي أضحت تتمتع‬
‫به النيابة العامة‪ ،‬من جهة‪ ،‬وأيضا عند إدراجها ضمن األحكام العامة في قانون األسرة‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬

‫لقد تعمد المشرع وضع النيابة العامة في مركز الطرف األصلي وضمن األحكام العامة‪ ،‬وذلك‬
‫بهدف حماية وضمان استقرار األسرة‪ ،‬من جهة‪ ،‬وعلى اعتبار أن كل القضايا المتعلقة بشؤون األسرة تعد‬
‫من النظام العام‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬فقد ورد في محضر الجلسة العلنية الثانية المنعقدة يوم االثنين ‪14‬‬
‫مارس ‪ 2005‬بمقر المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬للتصويت على مشروع القانون المتضمن الموافقة على‬
‫األمر رقم ‪ 02-05‬المعدل والمتمم للقانون رقم ‪ 11-84‬المتضمن قانون األسرة‪ ،‬على ما يلي‪– 7 ":‬‬
‫تعديالت ذات طبيعة إجرائية‪ :‬تطبيقا لتوصيات اللجنة الوطنية إلصالح العدالة‪ ،‬تضمن األمر بعض‬
‫اعتبار أن جميع القضايا التي تمس األسرة هي من النظام العام‬
‫ا‬ ‫التعديالت ذات الطابع اإلجرائي وهي‪:‬‬
‫الموكول للنيابة العامة الحفاظ عليه‪ ،‬فقد نص األمر على أن تكون النيابة العامة طرفا أصليا في جميع‬
‫الدعاوى الرامية إلى تطبيق قانون األسرة‪ ،‬حماية لألسرة من التفكك والسهر على ضمان استقرارها "‪.1‬‬

‫أما مرحلة ما بعد صدور قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬فيمكن القول بشأنها‪ ،‬أن المشرع‬
‫أحدث ثورة كبيرة بخصوص المركز القانوني للنيابة العامة؛ إذ اتضح مركزها بشكل جيد ودقيق بحسب نوع‬
‫وطبيعة القضية‪ ،‬سواء تعلق األمر بالقضايا المدنية عامة أو بالقضايا المتعلقة بشؤون األسرة على وجه‬
‫الخصوص‪ .‬فقد خصص المشرع للنيابة العامة عدة مواد قانونية بعدما كان يخصص لها مادة واحدة‬
‫ووحيدة في قانون اإلجراءات المدنية الملغى‪ .‬كما وسع في نطاق ومجال عملها ليمتد إلى محاكم الدرجة‬
‫األولى ولم يكتف بالمجالس القضائية فقط كما كان عليه الحال سابقا‪.‬‬

‫فبالرجوع إلى قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬يتضح لنا جليا أن المشرع فرق بين أربعة أنواع‬
‫من المراكز القانونية للنيابة العامة‪ ،‬وهي‪ :‬مركز الطرف األصلي‪ ،‬مركز الطرف المنضم انضماما إجباريا‬
‫ومركز الطرف المنضم انضماما اختياريا ومركز الطرف المتدخل تلقائيا‪ .‬فالنوع األول من المراكز‬
‫القانونية للنيابة العامة‪ ،‬يتمثل في مركز الطرف األصلي‪ ،‬وهو ما يتضح من خالل الشطر األول من نص‬
‫المادة ‪ 256‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬التي ورد فيها ما يلي‪ " :‬يمكن لممثل النيابة العامة أن‬
‫يكون مدعيا كطرف أصلي ‪." ...‬‬

‫أنظر‪ :‬محضر الجلسة العلنية الثانية المنعقدة يوم االثنين ‪ 14‬مارس ‪ 2005‬بمقر المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬الجريدة‬ ‫‪1‬‬

‫الرسمية لمداوالت المجلس الشعبي الوطني‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬العدد ‪ ،146‬ص ‪.8‬‬

‫‪- 424 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫أما النوع الثاني من المراكز القانونية للنيابة العامة‪ ،‬فيكمن في الطرف المنضم انضماما إجباريا؛ إذ‬
‫أن المشرع بعدما بين أن النيابة العامة يمكنها عالوة على أن تكون كطرف أصلي يمكنها كذلك أن تكون‬
‫كطرف منضم‪ ،‬وهو ما تضمنه الشطر الثاني من نص المادة ‪ 256‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬التي تضمنت ما يلي‪... " :‬أو يتدخل كطرف منضم "‪ .‬إالّ أنه بعد ذلك‪ ،‬ميز بين عدة مراكز‬
‫بخصوص الطرف المنضم‪ .‬فهناك الطرف المنضم انضماما إجباريا‪ ،‬وهو النوع الثاني من أنواع المراكز‬
‫القانونية للنيابة العامة‪ ،‬وهو ما تضمنه نص المادة ‪ 259‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬التي‬
‫تنص على ما يلي‪ " :‬يكون ممثل النيابة العامة طرفا منضما في القضايا الواجب إبالغه بها‪." ... 1‬‬

‫أما النوع الثالث من المراكز القانونية للنيابة العامة‪ ،‬فيتمثل في مركز الطرف المنضم انضماما‬
‫اختياريا؛ إذ عندما نكون بصدد القضايا التي لم يدرجها المشرع في نص المادة ‪ 260‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية‪ ،‬والمشار إليها في الهامش‪ ،‬والخاصة بالطرف المنضم انضماما إجباريا‪ ،‬فإن المشرع‬
‫مكن أيضا النيابة العامة من االطالع على جميع القضايا التي ترى ضرورة في تدخلها؛ أي أن المشرع‬
‫جعل من النيابة العامة طرفا منضما انضماما اختياريا تلقائيا‪ ،‬لكنه غير وجوبي بالنسبة لها بل هو أمر‬
‫جوازي لها؛ إذ يمكنها أن تتدخل كلما رأت لذلك ضرورة حسب تقديرها هي‪ ،‬وذلك بناء على ما تتمتع به‬
‫من سلطة تقديرية منحها إياها المشرع في هذا الشأن‪ .‬وهذا ما قررته الفقرة ما قبل األخيرة من نص المادة‬
‫‪ 260‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ .2‬كما مكنت الفقرة األخيرة من هذه المادة أيضا القاضي من‬
‫أن يأمر بإبالغ ممثل النيابة العامة بأية قضية أخرى‪ .‬فنكون أمام حالة االنضمام االختياري بناء على‬
‫مبادرة من قاضي الحكم‪.‬‬

‫أما النوع الرابع من المراكز القانونية للنيابة العامة‪ ،‬فيتمثل في مركز الطرف المتدخل تلقائيا في‬
‫القضايا التي يكون قد حددها القانون أو في القضايا التي ترى فيها النيابة العامة أنها تتعلق بالنظام العام‪،‬‬
‫إذ تتدخل تلقائيا للدفاع عن النظام العام الموكل إليها حمايته والحفاظ عليه‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 257‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬التي تنص على ما يلي‪ " :‬تتدخل النيابة العامة تلقائيا في القضايا التي‬

‫‪ 1‬لقد حدد وعدد المشرع القضايا الواجب إبالغ النيابة العامة بها‪ ،‬وحصرها في ثماني حاالت‪ ،‬وذلك بموجب نص المادة‬
‫‪ 260‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وهي‪ – 1 :‬القضايا التي تكون الدولة أو إحدى الجماعات اإلقليمية أو‬
‫المؤسسات العمومية ذات الصبغة اإلدارية طرفا فيها‪ – 2 ،‬تنازع االختصاص بين القضاة‪ – 3 ،‬رد القضاة‪ – 4 ،‬الحالة‬
‫المدنية‪ – 5 ،‬حماية ناقصي األهلية‪ – 6 ،‬الطعن بالتزوير‪ – 7 ،‬اإلفالس والتسوية القضائية‪ – 8 ،‬المسؤولية المالية‬
‫للمسيرين االجتماعيين‪.‬‬
‫تنص الفقرة ما قبل األخيرة من نص المادة ‪ 260‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬على ما يلي‪ " :‬ويجوز لممثل‬ ‫‪2‬‬

‫النيابة العامة االطالع على جميع القضايا األخرى التي يرى أن تدخله فيها ضروريا "‪.‬‬

‫‪- 425 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫يحددها القانون أو للدفاع عن النظام العام "‪ .‬ويالحظ في هذا الصدد أن المشرع أفرد لها مادة مستقلة‬
‫على عكس ما كان عليه الحال في قانون اإلجراءات المدنية الملغى‪.‬‬

‫لكن لألسف الشديد‪ ،‬أسيء فهم هذه المراكز القانونية ولم يستغل التطور اإليجابي الحاصل بشأنها‪،‬‬
‫عند إسقاطها وتطبيقها على المنازعات المتعلقة بشؤون األسرة‪ ،‬فاختلط الحابل بالنابل‪ .‬لذا ال مناص لنا‬
‫من تبيان المركز القانوني الصحيح للنيابة العامة في المنازعات األسرية‪ ،‬من خالل المطلب الثاني التالي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المركز القانوني الصحيح للنيابة العامة في المنازعات األسرية‪ :‬طرفا أصليا ال منضما‬

‫لقد سبق وأن وضحنا وبينا من خالل المطلب األول أعاله‪ ،‬كيف تطور إيجابيا المركز القانوني‬
‫للنيابة العامة في مجال منازعات شؤون األسرة إلى أن استقر في األخير في مركز الطرف األصلي‪ ،‬غير‬
‫أن الشيء المالحظ والغريب جدا في نفس الوقت بخصوص هذا المركز القانوني‪ ،‬هو أنه وبالرغم من أن‬
‫المشرع جعل من النيابة العامة طرفا أصليا في جميع منازعات شؤون األسرة‪ ،‬وذلك بصريح نص المادة ‪3‬‬
‫مكرر من قانون األسرة‪ ،‬وبالرغم من أن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬بين بوضوح الفرق بين مركز‬
‫النيابة العامة عندما تكون كطرف أصلي وعندما تكون كطرف منضم‪ ،‬إالّ أن الخلط ال يزال قائما بين‬
‫مركز النيابة العامة كطرف أصلي ومركزها كطرف منضم‪ ،‬سواء على مستوى الفقه أو القضاء‪ .‬بل وذهب‬
‫البعض إلى اعتبارها طرفا منضما وأبعدها عن مركز الطرف األصلي‪.‬‬

‫فقد ذهب جانب من الفقه إلى حد القول أن" المشرع قد وفق إلى حد كبير في تحديد طبيعة تدخل‬
‫النيابة العامة في ظل قانون األسرة حينما تدارك اإلشكاليات العملية لتطبيق المادة ‪ 3‬مكرر في اعتبار‬
‫النيابة العامة طرفا أصليا في جميع قضايا األسرة‪ ،‬وذلك حينما وزع تدخلها بموجب المادة ‪ 256‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية بين جعلها طرفا أصليا عندما تكون مدعية أو مدعى عليها‪ ،‬وبين جعلها طرفا‬
‫منضما عندما تكون متدخلة‪ .‬إذ أنه ال يمكن اعتبار النيابة العامة طرفا أصليا في جميع قضايا األسرة‪،‬‬
‫وانما تعتبر كذلك في الحاالت المحددة بمقتضى نصوص خاصة في قانون األسرة‪ ،‬وفيما عدا ذلك فإنها‬
‫تعتبر طرفا منضما‪ ،‬ليوفق المشرع بين دور النيابة العامة بجعله ايجابيا‪ ،‬وعدم إمكانية إسباغ صفة‬
‫المدعي أو المدعى عليه على النيابة العامة دائما‪ ،‬ذلك أن تدخلها أساسا في سبيل السهر على تطبيق‬
‫الحسن لمقتضيات قانون األسرة‪ ،‬حماية للزوجين أو األطفال أو القاصرين"‪ .1‬وذهب رأي آخر لحد القول‪،‬‬

‫أنظر‪ :‬فائزة جروني‪ ،‬تدخل النيابة العامة في ظل قانون األسرة الجزائري‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة الوادي‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،2016 ،13‬ص ‪.61‬‬

‫‪- 426 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫بأنه ال يقصد من نص المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة‪ ،‬جعل النيابة العامة طرفا أصليا في كل قضايا‬
‫األسرة وانما تكون طرفا متدخال وجوبيا‪.1‬‬

‫ومنه يتضح جليا‪ ،‬من خالل هذه اآل ارء الفقهية‪ ،‬أنها قد أخرجت النيابة العامة من مركزها القانوني‬
‫الصحيح والطبيعي‪ ،‬وهو الطرف األصلي‪ ،‬وزجت بها في مركز قانوني غير صحيح وهو الطرف‬

‫المنضم؛ إذ ال عالقة للنيابة العامة في القضايا األسرية بمركز الطرف المنضم‪ ،‬فهي ال تمت له بأية‬
‫صلة ال من بعيد وال من قريب‪ .‬هذا من جهة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬إن القول بأن المشرع وزع تدخل النيابة العامة بموجب نص المادة ‪ 256‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية بين مركز النيابة العامة كطرف أصلي ومركزها كطرف منضم في‬
‫قضايا شؤون األسرة‪ ،‬قوال ال نؤيده بتاتا؛ إذ يعتبر بمثابة تزيد على النص‪ ،‬فهذه المادة اإلجرائية‪ ،‬بينت‬
‫فقط المراكز القانونية للنيابة العامة بخصوص جميع القضايا المدنية ولم توزع أبدا األدوار بخصوص‬
‫القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة‪ .‬فقانون األسرة حدد المركز القانوني للنيابة العامة‪ ،‬بموجب المادة‬
‫‪ 3‬مكرر منه‪ ،‬وجعلها طرفا أصليا‪ ،‬أما قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية بين في هذا الخصوص كيفية‬
‫العمل والتعامل مع هذا المركز القانوني والمراكز القانونية األخرى فقط‪.‬‬

‫كما ذهب نفس الرأي إلى أبعد من ذلك‪ ،‬فجزم بأنه ال يجوز تطبيق المادة ‪ 3‬مكرر من قانون‬
‫األسرة بصفة مطلقة‪ ،‬إذ ال بد من تحديد الدور األصلي للنيابة العامة وقصره على حاالت محددة‪.2‬وهو‬
‫أمر غريب حقا‪ ،‬فالمشرع حدد كل الحاالت وذلك بنص صريح واعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع‬
‫القضايا الرامية إلى تطبيق قانون األسرة‪ ،‬بموجب المادة ‪ 3‬مكرر من هذا القانون‪ ،‬كما سلف ذكره‪ ،‬ويتولد‬
‫عن ذلك أن كل حالة تدخل ضمن قانون األسرة وتجد لها مجاال فيه‪ ،‬تكون معنية بهذا النص‪ ،‬وال يمكن‬
‫أبدا حصر ذلك وجعله يقتصر على حاالت محددة‪ ،‬ألن ذلك يتنافى ومركز النيابة العامة كطرف أصلي‪،‬‬
‫والذي يعد مركزها الطبيعي والصحيح‪.‬‬

‫كما تجدر اإلشارة إلى أنه هناك من اعتبر أن النيابة العامة كانت قبل تعديل قانون األسرة في‬
‫مركز الطرف االحتياطي‪ ،‬وأن المشرع بموجب األمر رقم ‪ 02-05‬لسنة ‪ 2005‬قد نقل النيابة العامة فجأة‬
‫من مركز الطرف االحتياطي في بعض القضايا إلى مركز الطرف األصلي في جميع القضايا الرامية إلى‬
‫تطبيق أحكام قانون األسرة بما في ذلك دعاوى الطالق والرجوع والنفقة والحضانة والخلع وغيرها‪ .‬ومعنى‬

‫أنظر‪ :‬الطيب زروتي‪ ،‬الكامل في العرائض القضائية – العرائض القضائية في شؤون األسرة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪1‬‬

‫الفسيلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.20‬‬


‫أنظر‪ :‬فائزة جروني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 427 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫ذلك حسب هذا الرأي أن النيابة العامة كانت تشكل في قضايا هذه المسائل طرفا احتياطيا‪ .‬وليس طرفا‬
‫أصليا وال طرفا منضما وال متدخال‪ .‬مع تبريره لذلك بكون أن من خصائص الطرف األصلي أن يكون‬
‫شريكا في الدعوى منذ بدايتها إلى أن يصدر حكم قطعي ونهائي بشأنها‪ .‬في حين أن الطرف االحتياطي‬
‫ال يتدخل في الدعوى وال يقدم أي طلب فيها إالّ إذا ثبت أن الطرف األصلي غير موجود‪ ،‬أو أنه لم يقم‬
‫بما يسمح له القانون القيام به‪.1‬‬

‫غير أننا ال نوافق هذا الرأي مطلقا؛ إذ ال يوجد أصال ما يسمى بمركز قانوني احتياطي من بين‬
‫أنواع المراكز القانونية الخاصة بالنيابة العامة‪ ،‬فالمشرع فرق بين أربعة أنواع من المراكز القانونية فقط‪،‬‬
‫وهي‪ :‬الطرف األصلي‪ ،‬الطرف المنضم انضماما إجباريا والطرف المنضم انضماما اختياريا والطرف‬
‫المتدخل تلقائيا‪ .2‬ومنه فإن الحاالت التي ذكرها هذا الرأي‪ ،‬هي في الحقيقة حاالت تتعلق بالنيابة العامة‬
‫باعتبارها طرفا أصليا وهو مركزها القانوني الصحيح‪ ،‬ففي هذه الحاالت ال يمكن أبدا اعتبارها في مركز‬
‫الطرف المنضم انضماما إجباريا وال في مركز الطرف المنضم انضماما اختياريا وال حتى في مركز‬
‫الطرف المتدخل تلقائيا‪ ،‬فما بالك بالمركز االحتياطي الذي ال وجود له أصال‪ .‬فالنيابة العامة إما أن يكون‬
‫لها مركز قانوني أو ال يكون لها ذلك‪ ،‬ومنه ال يمكنها أن تبقى هكذا في االحتياط وتنتظر حتى يتخلف‬
‫الطرف األصلي لتتدخل هي على سبيل االحتياط لتقوم بدور الطرف األصلي‪.‬‬

‫وقد ذهب البعض اآلخر إلى أنه ال يمكن للنيابة العامة أن تكون طرفا أصليا بصفة مطلقة في‬
‫جميع القضايا المتعلقة بمنازعات األسرة‪ .‬بل يمكن أن تكون كذلك وعلى سبيل االستثناء في بعض‬
‫القضايا‪ ،‬مثل القضايا المنصوص عليها بالمواد ‪ 102 ،114‬و‪ 182‬من قانون األسرة‪ ،‬وما عدا ذلك ال‬
‫يمكن أن تكون طرفا أصليا في أية قضية أخرى‪ ،‬ألن ذلك يتناقض وطبيعة دورها في المجتمع‪.3‬‬

‫كما ذهب نفس الرأي إلى القول أنه كان قانون األسرة قبل تعديله يمنح النيابة العامة صالحيات‬
‫التدخل في عدد من القضايا‪ .‬ويعطيها دو ار في إجراءات الدعوى حيث كان لها سلطة‪ .4‬ويقصد هنا‬
‫القضايا المذكورة في قانون األسرة على سبيل الحصر‪ ،5‬التي أعطت للنيابة العامة سلطة فيها‪ .‬أما بعد‬

‫أنظر‪ :‬عبد العزيز سعد‪ ،‬عبد العزيز سعد‪ ،‬قانون األسرة الجزائري في ثوبه الجديد‪-‬أحكام الزواج والطالق بعد التعديل‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪.181‬‬


‫راجع ما ذكرناه في المطلب األول بخصوص أنواع المراكز القانونية للنيابة العامة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر‪ :‬عمر زودة‪ ،‬طبيعة دور النيابة العامة في ظل أحكام المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة (األمر رقم ‪ ،)02-05‬مجلة‬ ‫‪3‬‬

‫المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق بالمحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،2005 ،2‬ص ‪.45-31‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد العزيز سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.181‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬راجع ما ذكرناه في المطلب األول‪ ،‬بخصوص المركز القانوني للنيابة العامة في الحاالت الخمس المحددة في قانون‬
‫األسرة‪.‬‬

‫‪- 428 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫تعديل قانون األسرة فال يمكن اعتبارها‪ ،‬حسب هذا الرأي‪ ،‬بمثابة طرف أصلي وال تتمتع بأية سلطة ما عدا‬
‫في القضايا السالفة الذكر‪.‬‬

‫غير أننا ال نوافق وال نؤيد أبدا هذا الرأي؛ إذ أن النيابة العامة تعد طرفا أصليا في كل القضايا‬
‫المتعلقة بشؤون األسرة وال يمكن حصر هذا المركز القانوني في بعض القضايا فقط دون سواها‪ ،‬كما‬
‫انتهى إليه أنصار هذا الرأي‪ ،‬وكأـن للنيابة العامة عدة مراكز قانونية في مجال منازعات شؤون األسرة‪،‬‬
‫وهو أمر غير معقول وال يستقيم حتى مع صريح نص المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة‪ ،‬فالنيابة العامة‬
‫لها مركز قانوني واحد في جميع القضايا المتعلقة بشؤون األسرة وهو مركز الطرف األصلي والذي يعد‬
‫بحق مركزها القانوني الوحيد والطبيعي والصحيح‪ ،‬فعندما يتعلق األمر بمنازعات شؤون األسرة‪ ،‬يتولد‬
‫الحق آليا للنيابة العامة في أن تقوم بكل ما هو متاح بالنسبة للطرف األصلي‪ ،‬وليس من الضروري أن‬
‫يحدد لها المشرع كل كبيرة وصغيرة‪ ،‬فعبارة الطرف األصلي تعبر عن كل ذلك‪ ،‬وحسن فعل المشرع عندما‬
‫وضع النيابة العامة في مركز الطرف األصلي‪.‬‬

‫كما خلص رأي إلى القول أنه" إذا كان من البديهي القول أن أطراف الدعوى المدنية ومنها قضايا‬
‫األحوال الشخصية‪ ،‬هما المدعي والمدعى عليه فإن معنى ذلك أنه يمكن القول أن الطرف األصلي أما أن‬
‫يكون هو المدعي في القضية وهو من يطلب من المحكمة أن تحكم له على المدعى عليه بما يدعيه من‬
‫حقوق‪ .‬وأما أن يكون هو الطرف األصلي المدعى عليه في نفس القضية وهو في األعم من ينفي وينكر‬
‫ما يدعيه الخصم اآلخر ويطلب عادة رفض دعوى المدعي‪." 1‬‬

‫وأضاف نفس الرأي قائال " وخالصة القول في هذا المجال هو أن الطرف األصلي في الدعوى هو‬
‫الطرف الذي يمكن أن يصدر الحكم له أو يصدر عليه‪ .‬وأن النيابة العامة هنا ال يمكن الحكم لها وال‬
‫الحكم عليها‪ .‬وحتى لو جاز القول أن النيابة العامة طرف أصلي مدخل في الخصام فإن إدخالها ال يكون‬
‫إالّ إلى جانب المدعي أو إلى جانب المدعى عليه‪ .‬وفي جميع األحوال فإن الحكم الذي ستصدره المحكمة‬
‫سيصيب نصيب منه المدخل في الخصام سلبا أو إيجابا والنيابة العامة هنا ال نصيب لها في نتيجة‬
‫الحكم‪ .‬وهذا ما يجعل المرء يتساءل هل يتصور أن النيابة العامة وهي طرف أصلي يمكن الحكم لها أو‬
‫عليها؟ واذا لم يمكن الحكم لها أو عليها فهي ال تصلح ألن تكون طرفا أصليا‪ .‬وال طرفا مدخال في‬
‫الخصام‪." 2‬‬

‫أنظر‪ :‬عبد العزيز سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬عبد العزيز سعد‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.183-182‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 429 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫غير أننا ال نؤيد وال نوافق أيضا هذا القول مطلقا‪ ،‬ألن النيابة العامة ليس بالضرورة أن تكون مع‬
‫المدعي أو المدعى عليه‪ ،‬وليس بالضرورة أن يكون الحكم الذي سيصدر في القضية في صالحها أو‬
‫ضدها‪ ،‬حتى تكون في مركز الطرف األصلي‪ .‬فالنيابة العامة في قضايا شؤون األسرة تكون دائما وأبدا‬
‫في حق المجتمع وال يمكن الزج بها في مثل هكذا متاهات‪ .‬فالنيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬
‫حالها حال النيابة العامة عند المحاكمة الجزائية‪ ،‬ال يمكن طرح بشأنها مثل هكذا أسئلة باعتبارها ممثلة‬
‫للمجتمع‪ ،‬فهل يمكننا أن نتساءل في المقابل أيضا بخصوص القضايا الجزائية فنقول‪ ،‬هل النيابة العامة‬
‫هي ضد المتهم وفي حق الضحية؟ وهل الحكم الذي سيصدر في القضية يكون لها أو عليها؟‬

‫إن النيابة العامة دائما وأبدا تكون في حق المجتمع‪ ،‬فهي ليست ضد المتهم‪ ،‬بدليل أن النيابة العامة‬
‫يمكنها تقديم طلب يتضمن الحكم بالبراءة في حق المتهم متى ثبت لها بالدليل القاطع أن المتهم ال عالقة‬
‫له بالجرم المنسوب إليه‪ ،‬وهو طلب قانوني عادي جدا جدا‪ ،‬على عكس ما يعتقده البعض‪ .‬كما أن النيابة‬
‫العامة ليست في حق الضحية أو معها‪ ،‬بدليل أنها ال تطالب بالتعويضات المدنية له أو تدافع عن حقوقه‬
‫المدنية‪ .‬فكذلك الشأن في القضايا المتعلقة بشؤون األسرة‪.‬‬

‫إن النيابة العامة باعتبارها طرفا أصليا في القضايا التي تتعلق بشؤون األسرة‪ ،‬ال يعني بتاتا أنها‬
‫في حق الزوج أو الزوجة أو غيرهما‪ ،‬وانما النيابة العامة تكون دائما في حق المجتمع ككل‪ ،‬خاصة إذا‬
‫علمنا أن المشرع اعتبر أن األسرة هي الخلية األساسية للمجتمع بموجب نص المادة ‪ 2‬من قانون األسرة‪،1‬‬
‫فباعتبار أن النيابة العامة تحافظ على المجتمع وتسهر على ذلك‪ ،‬فهي تعد بمثابة صمام األمان له‪ ،‬فمن‬
‫باب أولى إذا المحافظة على الخلية األساسية لهذا المجتمع والمتمثلة في األسرة‪ ،‬على اعتبار أن المجتمع‬
‫عبارة عن مجموعة أسر‪.‬‬

‫وقد حاول البعض‪ 2‬إجراء مقارنة بين قانون األسرة وقانون الجنسية في هذا الشأن‪ .‬وهي مقارنة نرى‬
‫أنه ال جدوى منها‪ ،‬ألن المشرع بمجرد تحديده للمركز القانوني للنيابة العامة في قانون األسرة‪ ،‬وجعلها‬

‫تنص المادة ‪ 2‬من قانون األسرة على ما يلي‪ " :‬األسرة هي الخلية األساسية للمجتمع ‪." ...‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬حيث يقول عبد العزيز سعد‪ " :‬واذا كانت المادة ‪ 38‬من قانون الجنسية الجزائرية تنص على أن لكل شخص الحق في أن‬
‫يقيم دعوى أمام المحكمة ضد النيابة العامة‪ .‬وأن للنيابة العامة الحق في أن تقيم دعوى ضد أي شخص بقصد إثبات تمتعه‬
‫أو عدم تمتعه بالجنسية الجزائرية‪ .‬فإنها قد أوجبت على النيابة العامة أن تكون دوما طرفا أصليا في مثل هذه الدعوى‪.‬‬
‫وعليها أن تقدم مذكرات كتابية‪ .‬كما نصت على أن يجري التحقيق والحكم في النزاعات بشأن الجنسية الجزائرية وفقا لقواعد‬
‫اإلجراءات العامة‪ .‬ومعنى ذلك أن النيابة العامة هنا ستكون دائما طرفا أصليا‪ ،‬وعليه ما على كل طرف أصلي من‬
‫واجبات‪ ،‬ولها ما له من حقوق‪ .‬وأن الحكم الذي سيصدر بشأن النزاع حول الجنسية‪ .‬سيكون لصالح النيابة العامة أو لغير‬
‫صالحها‪ .‬وفي حالة ما إذا كان قد صدر لغير صالحها فإن الفقرة الثانية من المادة ‪ 37‬تسمح لها بالطعن باالستئناف ضد‬
‫هذا الحكم‪ .‬وذلك على عكس المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة التي جاءت جافية وصامتة‪ .‬ال يعرف أحد ما إذا كان يجب‬
‫تبليغ عريضة افتتاح الدعوى إليها وتكليفها بالحضور إلى الجلسة‪ .‬وال أحد يعرف ما إذا كان يجب عليها أن تقدم مذكرات‬

‫‪- 430 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫طرفا أصليا في جميع القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة‪ ،‬فإنه يتولد الحق في جانب النيابة العامة‬
‫لتباشر كل ما يتمتع به صاحب هذا المركز القانوني‪ ،‬وليس بالضرورة أن يخصها المشرع ببيان ما يجب‬
‫وما ال يجب عليها القيام به‪ ،‬فمركز الطرف األصلي يعني للنيابة العامة كل شيء ويتيح لها كل ما هو‬
‫متاح للطرف األصلي دون حاجة إلى بيان آخر‪.‬‬

‫كما يمكننا القول‪ ،‬أن محاوالت إبعاد النيابة العامة عن مركزها القانوني الصحيح والزج بها في‬
‫مراكز قانونية أخرى غير مركزها الصحيح وتحت جملة من المبررات التي نرى أنها غير مقنعة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يعد في حد ذاته خرقا صريحا للقانون‪ ،‬ومحاولة إلبعاد النيابة العامة عن مركزها القانوني الصحيح‪،‬‬
‫وبالتبعية إبعادها عن مهمتها األساسية التي دفعت بالمشرع إلى إدراجها في قانون األسرة ومنه الحد من‬
‫صالحيتها وتقزيم دورها في القضايا المتعلقة بشؤون األسرة‪ ،‬هذا من جهة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يمكننا القول أيضا‪ ،‬بأنه وبالرغم من هذه المحاوالت العديدة والمتكررة إلبعاد‬
‫النيابة العامة‪ ،‬كما سلف بيانه‪ ،‬عن مركزها القانوني الصحيح‪ ،‬فإن النيابة العامة تبقى دائما وأبدا في‬
‫مركزها األصيل كطرف أصلي بقوة القانون‪ ،‬ومنه يمكن الجزم أن المركز القانوني الصحيح للنيابة العامة‬
‫في جميع القضايا التي تتعلق بمنازعات شؤون األسرة‪ ،‬هو مركز الطرف األصلي دون سواه‪ ،‬نظر للدور‬
‫الفعال الذي يمنحه هذا المركز للنيابة العامة في المحافظة على األسرة ومنه المجتمع‪ ،‬كما سنبينه الحقا‬
‫عند ما نتطرق إلى دور النيابة العامة في القضايا التي تتعلق بمنازعات شؤون األسرة‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬يمكننا القول أن المشرع أحسن صنعا عندما أدرج المادة ‪ 3‬مكرر عند تعديله لقانون‬
‫األسرة‪ ،‬وجعلها في مركز الطرف األصلي‪ .‬فهي مادة نرى أن مفيدة جدا على عكس ما يعتقده البعض‪،‬‬
‫بأنها مادة غير مفيدة وال تتضمن أي جديد وال أي فكر سديد ظاهر ومعتبر‪ ،1‬ومن أنها ذات أثر سلبي‬
‫يمكن تفاديه‪ ،2‬ومن أنه ال يصوغ اعتبارها طرفا أصليا في كل مسائل األسرة‪.3‬بل بالعكس تماما نرى أن‬
‫هذه المادة إضافة الشيء الكثير وجاءت بنظرة ثاقبة جديدة وفكر سديد يعبر عن مدى اهتمام المشرع‬
‫باألسرة التي تعد الخلية األساسية للمجتمع‪ ،‬فأضحت النيابة العامة بموجب هذه المادة بمثابة صمام‬
‫األمان بالنسبة لألسرة ودرعها الحامي‪.‬‬

‫كتابية أو ال يجب‪ .‬وما إذا كان يحق لها الطعن في الحكم باالستئناف أو ال يحق‪ .‬وهو ما يجعل مركزها كطرف أصلي في‬
‫قانون الجنسية أكثر وضوحا وفائدة على عكس مركزها في قانون األسرة األكثر غموضا واألقل فائدة «‪ .‬أنظر‪ :‬عبد العزيز‬
‫سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد العزيز سعد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬عبد القادر بن داود‪ ،‬شرح قانون األسرة الجديد‪ ،‬دار الهالل للخدمات اإلعالمية‪ ،‬الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪.62‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر‪ :‬الطيب زروتي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 431 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫أما اآلن وبعدما حددنا المركز القانوني للنيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‪ ،‬لم يبق لنا سوى‬
‫تبيان الدور المنوط بها في مجال منازعات شؤون األسرة باعتبارها طرفا أصليا‪ ،‬وهو األمر الذي سوف‬
‫نبينه من خالل المبحث الثاني التالي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‪ :‬دور أسيئ تطبيقه‬

‫بداية نشير إلى أنه قد اختلف الفقه والقضاء اختالفا كبي ار حول دور النيابة العامة في منازعات‬
‫شؤون األسرة‪ ،‬لذا يتعين علينا في هذا المبحث‪ ،‬تبيان دور النيابة العامة كطرف أصلي في المنازعات‬
‫األسرية وابعاده عن الخلط غير المبرر بالطرف المنضم (المطلب األول)‪ .‬هذا من جهة‪ .‬كما أنه يتعين‬
‫علينا‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬تبيان أن مطالبة النيابة العامة بتطبيق القانون في منازعات شؤون األسرة‪ ،‬كما هو‬
‫عليه الشأن لدى مختلف الجهات القضائية حاليا‪ ،‬هو في حد ذاته يعد خطأ في تطبيق القانون (المطلب‬
‫الثاني)‪ .‬وفيما يلي نتطرق إلى دور النيابة العامة كطرف أصلي في منازعات شؤون األسرة‪ ،‬من خالل‬
‫المطلب األول التالي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور النيابة العامة كطرف أصلي‪ :‬خلط غير مبرر بالطرف المنضم‬

‫بالرغم من أن المشرع كان واضحا في موقفه بخصوص تحديد المركز القانوني للنيابة العامة في‬
‫القضايا المتعلقة بمنازعات بشؤون األسرة‪ ،‬إذ جعلها في مركز الطرف األصلي‪ ،‬وذلك بموجب صريح‬
‫نص المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة‪ ،‬كما سلف بيانه أعاله‪ ،‬إالّ أن هذا النص عند صدوره أحدث‬
‫اختالفا كبي ار وجدال واسعا في أوساط كل من الفقه والقضاء حول الدور المنوط بالنيابة العامة باعتبارها‬
‫طرفا أصليا في المنازعات األسرية‪ ،‬إلى درجة الخلط بين مختلف المراكز القانونية للنيابة العامة‪ 1‬من‬
‫حيث الدور الذي تقوم به هذه األخيرة‪.‬‬

‫فعلى مستوى القضاء‪ ،‬وبعدما صدر التعديل وتم نشره بالجريدة الرسمية ودخول نص المادة ‪3‬‬
‫مكرر من قانون األسرة حيز التنفيذ‪ ،‬فإن أول ما تساءل حوله القضاة عامة وقضاة النيابة العامة خاصة‪،‬‬
‫هو‪ :‬هل يجب على ممثلي النيابة العامة حضور جلسات قسم شؤون األسرة أم ال؟ وهل عليهم تقديم‬
‫طلبات كتابية أم شفاهية؟ وهل أن دورهم يتمثل في المطالبة بتطبيق القانون أم يتعداه لشيء آخر؟ إلى‬
‫غير ذلك من األسئلة العديدة والمتنوعة‪ .‬مما جعل تطبيق أحكام المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة‪ ،‬يختلف‬
‫من مجلس قضائي إلى آخر بل ومن محكمة إلى أخرى داخل نفس المجلس القضائي‪.‬‬

‫وأمام استمرار هذا االختالف غير المبرر وغير الطبيعي واستفحال األمر بين مختلف الجهات‬
‫القضائية‪ ،‬والذي من شأنه عرقلة حسن سير العدالة‪ ،‬اضطرت و ازرة العدل إلى التدخل لحل هذا اإلشكال‬

‫‪1‬راجع ما ذكرناه في المطلب األول من المبحث األول بخصوص أنواع المراكز القانونية للنيابة العامة‪.‬‬

‫‪- 432 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫القانوني‪ ،‬فأرسلت بتاريخ ‪ ،2006 /04/30‬تلكس إلى كل من السيدات والسادة رؤساء المجالس القضائية‬
‫والسادة النواب العامين لدى المجالس القضائية‪ .‬وذلك من أجل دعوة ممثلي النيابة العامة إلى حضور‬
‫الجلسات‪ ،‬وأهم ما جاء في ملخص لهذا التلكس ما يلي‪ " :‬تنفيذا ألحكام المادة ‪ 3‬مكرر من القانون رقم‬
‫‪ 11-84‬المؤرخ في ‪ 9‬يونيو ‪ 1984‬المتضمن قانون األسرة المعدل والمتمم التي تنص " تعد النيابة‬
‫العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذا القانون "‪ ،‬وبالتالي تعد طرفا أصليا في‬
‫تشكيلة جلسات شؤون األسرة‪ ،‬وعليه يرجى منكم دعوة ممثلي النيابة الحضور في تشكيلة جلسات شؤون‬
‫األسرة وابداء طلباتها وفقا لما يقتضيه القانون "‪.1‬‬

‫لقد كان لتدخل و ازرة العدل األثر الكبير والدور الفعال في حل هذا اإلشكال القانوني‪ ،‬وجعل ممثلي‬
‫النيابة العامة يحضرون جلسات شؤون األسرة‪ ،‬عبر مختلف الجهات القضائية على مستوى التراب‬
‫الوطني‪ ،‬وحسن فعلت و ازرة العدل بذلك‪ ،‬كون أن عدم حضور النيابة العامة لجلسات شؤون األسرة‪،‬‬
‫يتنافى ومركزها القانوني كطرف أصلي في جميع القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة‪ ،‬طبقا لنص‬
‫المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة‪ ،‬خاصة وأنا لنيابة العامة لم تعد مرتبطة في هذا النوع من القضايا‪،‬‬
‫بنص المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية الملغى‪ ،‬الذي يتعلق بمركز النيابة العامة كطرف منضم‬
‫انضمام إجباري وليس كطرف أصلي‪.‬‬

‫كما تجدر اإلشارة‪ ،‬إلى أن المحكمة العليا‪ ،‬أصدرت بتاريخ ‪ 2006/10/11‬ق ار ار منشو ار‪،2‬‬
‫بخصوص المركز القانوني للنيابة العامة في القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة‪ ،‬حيث أقرت المبدأ‬
‫التالي‪ " :‬يجب إطالع النيابة العامة‪ ،‬باعتبارها طرفا أصليا‪ ،‬على قضايا األحوال الشخصية "‪ .‬وأهم ما‬
‫ورد في حيثيات هذا القرار ما يلي‪ " :‬أن الحكم المطعون فيه فعال قد خالف القانون وأساء تطبيقه وخاصة‬
‫المادتين ‪ 49‬و‪ 3‬مكرر من قانون األسرة لكونه مشوبا بالتناقض بين أسبابه ومنطوقه‪ .‬فباالطالع على‬
‫الحكم المطعون فيه نالحظ أن قاضي أولى درجة قضى بالطالق بين طرفي قضية الحال دون أن يجري‬
‫الصلح بينهما ولم يدعوهما له‪ .‬كما أن النيابة العامة لم تطلع على ملف قضية الحال باعتبارها طرفا‬
‫أصليا ‪ ...‬األمر الذي يجعل الحكم محل الطعن عرضة للنقض واإلبطال "‪.‬‬

‫إن ما الحظناه في تأشيرات قرار المحكمة العليا‪ ،‬المشار إليه أعاله‪ ،‬هو عدم إشارته إلى نص‬
‫المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية الملغى‪ ،‬وهذا دليل قاطع على أن المحكمة العليا فرقت بين دور‬

‫راجع التلكس الذي أرسلته و ازرة العدل بتاريخ ‪ ،2006 /04/30‬إلى كل من السيدات والسادة رؤساء المجالس القضائية‬ ‫‪1‬‬

‫والسادة النواب العامين لدى المجالس القضائية‪ ،‬من أجل دعوة ممثلي النيابة العامة إلى حضور الجلسات‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬القرار رقم ‪ 401317‬الصادر بتاريخ ‪ ،2006/10/11‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلة المحكمة‬ ‫‪2‬‬

‫العليا‪ ،‬العدد ‪ ،02‬سنة ‪ ،2007‬ص ‪.493-489‬‬

‫‪- 433 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫النيابة العامة عندما تكون كطرف منضم انضماما إجباريا وعندما تكون كطرف أصلي‪ ،‬وذلك نتيجة تغير‬
‫المركز القانوني للنيابة العامة في القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة؛ إذ تغير مركزها القانوني من‬
‫مركز الطرف المنضم انضماما إجباريا الذي كانت تحكمه المادة ‪ 141‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫الملغى إلى مركز الطرف األصلي بموجب نص المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة‪.1‬‬

‫غير أننا نرى أنه كان يتعين على المحكمة العليا‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬اإلشارة إلى ضرورة حضور‬
‫النيابة العامة لجلسات شؤون األسرة وتحديد طلبها كتابة وال تكتفي فقط بضرورة االطالع على ملف‬
‫القضية‪ .‬ولو أن المحكمة العليا أشارت إلى ضرورة حضور النيابة العامة للجلسات في القضايا األسرية‪،‬‬
‫من خالل عنوان موضوع هذا القرار وليس في محتواه‪ ،‬إذ ورد العنوان كما يلي " طالق – دعوى الطالق‬
‫– حضور النيابة العامة "‪ .‬كما نعتقد أنه يعد في نفس الوقت كتأكيد منها على ما تضمنه التلكس الذي‬
‫أرسلته و ازرة العدل إلى كل من رؤساء المجالس القضائية والنواب العامين لدى مختلف الجهات القضائية‪،‬‬
‫والتي تدعو فيه هذه األخيرة إلى ضرورة حضور ممثلي النيابة العامة لجلسات شؤون األسرة‪ .‬وأن ما يعزز‬
‫قولنا‪ ،‬هو ذلك التقارب الموجود بين تاريخ إرسال التلكس من قبل و ازرة العدل وتاريخ صدور قرار المحكمة‬
‫العليا‪.2‬‬

‫كما تجدر اإلشارة إلى أن األمر بقي كذلك إلى غاية أن صدور قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪،‬‬
‫أين ألزم المشرع بموجبه النيابة العامة وبنص صريح على حضور الجلسات المتعلقة بقضايا شؤون األسرة‬
‫وتقديم طلباتها كتابيا؛ إذ نصت المادة ‪ 258‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية علة ما يلي‪ " :‬يجب‬
‫على ممثل النيابة العامة تقديم طلباته كتابيا وحضور الجلسة في القضايا التي يكون طرفا أصليا فيها "‪.‬‬
‫وباعتبار أن النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام قانون األسرة‪ ،‬طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة‪ ،‬فإنه يتعين عليها وجوبا حضور جلسات أقسام وغرف شؤون‬
‫األسرة مع ضرورة تقديم طلباتها كتابيا‪.‬‬

‫لكن الغريب في األمر‪ ،‬أنه وعلى الرغم من وضوح النصوص القانونية وعلى الرغم من تحديد‬
‫المركز القانوني للنيابة العامة كطرف أصلي في المنازعات المتعلقة بشؤون األسرة‪ ،‬إالّ أنه ال يزال الخلط‬
‫قائما لحد الساعة بين دور النيابة العامة عندما تكون طرفا أصليا ودورها عندما تكون طرفا منضما؛‬
‫وسواء تعلق األمر بالفقه أو القضاء‪.‬‬

‫فيرى البعض من الفقه‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬ويعتقد أنه ليس من الضروري حضور النيابة العامة في‬
‫جميع القضايا المتعلقة باألسرة‪ ،‬والتي تكون فيها طرفا أصليا‪ ،‬إالّ في الحاالت التي يلزم المشرع تبليغ‬

‫لإلشارة‪ ،‬أن قرار المحكمة العليا‪ ،‬صدر قبل صدور قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫فإرسال التلكس من قبل و ازرة العدل كان بتاريخ ‪ ،2006 /04/30‬وقرار المحكمة العليا صدر بتاريخ ‪.2006/10/11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 434 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫النيابة العامة‪ ،‬ألن ذلك يثقل من كاهل قضاتها بأعمال هم في حاجة إلى صرفها في أمور أخرى‪ ،‬ككتابة‬
‫المالحظات الكتابية‪ ،‬سيما في المحاكم التي تعاني من نقص في عدد قضاة النيابة العامة‪.1‬‬

‫ّبيد أن هذا الرأي حسب اعتقادنا‪ ،‬ال يستقيم بتاتا مع نص المادة ‪ 258‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬المتعلقة بالطرف األصلي؛ إذ كيف يمكن القول أن النيابة العامة تعد طرفا أصليا ثم نقول أنه‬
‫ليس من الضروري حضور الجلسات‪ ،‬أال نكون بذلك قد وقعنا في تناقض وخالفنا نص المادة ‪ 258‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬التي تلزم وتجبر صراحة النيابة العامة حضور الجلسات‪ .2‬هذا من‬
‫جهة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يتضح لنا جليا أيضا أنه فيه خلط غير مبرر ما بين دور النيابة العامة عندما‬
‫تكون في مركز الطرف المنضم انضماما إجباريا ودور النيابة العامة عندما تكون في مركز الطرف‬
‫األصلي من حيث الدور الذي تقوم به بحسب طبيعة القضايا‪ .‬فالحاالت التي يلزم المشرع تبليغ النيابة‬
‫العامة بها‪ ،‬والتي يتعين على النيابة العامة حضورها‪ ،‬حسب هذا الرأي‪ .‬هي في الحقيقة‪ ،‬حاالت تتعلق‬
‫بالنيابة العامة عندما تكون في مركز الطرف المنضم انضماما إجباريا وليس عندما تكون في مركز‬
‫الطرف األصلي كما هو عليه الحال في القضايا المتعلقة بشؤون األسرة‪ .‬وهي الحاالت المنصوص عليها‬
‫في نص المادة ‪ 1/260‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وال عالقة لها مطلقا بالقضايا المتعلقة‬
‫بشؤون األسرة‪ .‬كما تجدر اإلشارة في هذا الصدد‪ ،‬إلى أن النيابة العامة عندما تكون في مركز الطرف‬
‫المنضم انضماما إجباريا ال تحضر الجلسات مطلقا وانما تقدم فقط طلبات كتابية حول تطبيق القانون‬
‫دون حضور الجلسات‪ ،‬على عكس ما هو عليه الحال لو كانت في مركز الطرف األصلي‪ ،‬كما هو‬
‫الشأن بالنسبة للقضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة‪.‬‬

‫كما يرى البعض أيضا‪ ،‬أن النيابة العامة ال تكون طرفا أصليا في قانون األسرة‪ ،‬بالنظر إلى نص‬
‫المادتين ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة و‪ 256‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬إالّ عندما تكون كطرف‬
‫مدعي أو مدعى عليها‪ .‬وهي ال تكون كذلك على المستوى العملي إالّ في دعاوى محدودة من مجموع‬
‫دعاوى شؤون األسرة‪ ،‬إذ ال بد‪ ،‬حسب هذا الرأي‪ ،‬من تحديد الدور األصلي للنيابة العامة وقصره على‬
‫حاالت محددة‪ .3‬وقد أضاف هذا الرأي قائال " أن النيابة العامة كطرف منظم أنيطت بها عدة صالحيات‪،‬‬
‫بغرض تفعيل طابعها الحمائي‪ ،‬والتدخل لفائدة القانون والعدالة لمصلحة األسرة‪ ،‬ونفضل من المشرع تحديد‬

‫أنظر‪ :‬فائزة جروني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬تنص المادة ‪ 258‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على ما يلي‪ " :‬يجب على ممثل النيابة العامة تقديم طلباته كتابيا‬
‫وحضور الجلسة في القضايا التي يكون طرفا أصليا فيها "‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬فائزة جروني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 435 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫مجال التدخل االختياري للنيابة العامة بكل دقة في المسائل المرتبطة بشؤون األسرة‪ ،‬خاصة مع كثرة‬
‫األعباء الملقاة عليها "‪.1‬‬

‫وذهب البعض اآلخر إلى القول‪ ،‬أن " ما يؤكد على دور النيابة العامة المنصوص عليها بالمادة ‪3‬‬
‫مكرر أنها تعمل كطرف منضم‪ ،‬أن المشرع لم يلغ المواد ‪ 144 ،102‬و‪ 182‬من قانون األسرة‪ ،‬ولو‬
‫قصد المشرع جعل النيابة العامة طرفا أصليا في جميع قضايا األسرة‪ ،‬أللغى باقي المواد األخرى التي‬
‫تسمح لها بأن تعمل كطرف أصلي أمام قاضي األسرة‪ ،‬واكتفى بنص المادة ‪ 3‬مكرر‪ .‬وان دور النيابة‬
‫العامة عندما تعمل كطرف أصلي هو دور استثنائي‪ ،‬ينص المشرع عليه في كل حالة يريد لها أن تقوم‬
‫بهذا الدور‪ ،‬وال يجوز أن يعطي لها هذا الدور في جميع القضايا‪ ،‬ولو تعلقت تلك القضايا بقضايا األسرة‪،‬‬
‫ولو فعل ذلك فإنه سيحدث تغيي ار في طبيعة دورها في المجتمع‪ ،‬وهذا ما لم يقصده "‪.2‬‬

‫كما ذهب رأي آخر‪ ،‬إلى القول أنه "إذا سلمنا بأن النيابة العامة طرفا أصليا في كل قضايا األسرة‪،‬‬
‫فيطرح التساؤل عن عدم تغيير المشرع لمضامين المواد ‪ 114 ،102 ،99‬من قانون األسرة بعد التعديل‬
‫الوارد بموجب األمر ‪ .02-05‬كما أن تأكيده على جعل النيابة طرفا منضما في القضايا التي يتم إبالغه‬
‫بها‪ ،‬حسب المادة ‪ 259‬من القانون ‪ 09-08‬لسنة ‪ 2008‬المتضمن تعديل ق إ م إ‪ ،3‬وباطالعنا على‬
‫مضمون المادة ‪ 260‬من نفس القانون التي تحدد القضايا التي يجب إطالع النيابة العامة بها‪ ،‬نجد من‬
‫بينها قضايا الحالة المدنية وحالة األشخاص‪ .‬فاإلبقاء على ذكر النيابة في هذه المواضع والتأكيد على‬
‫جعلها طرفا أصليا في مواضع‪ ،‬وطرفا منضما في مواضع أخرى‪ ،‬يطرح تساؤال عن مقصود الشارع من‬
‫ذلك"‪.4‬‬

‫ّبيد أننا ال نوافق مطلقا هذه اآلراء‪ ،‬ألن الحقيقة عكس ذلك تماما‪ ،‬فالمادة ‪ 3‬مكرر من قانون‬
‫األسرة‪ ،‬هي التي جعلت النيابة العامة في مركز الطرف األصلي‪ .‬كما أن مركز النيابة العامة كطرف‬
‫أصلي ال يمكن قصره وحصره في حاالت محددة‪ ،‬بل يمتد ليشمل كل الحاالت التي تدخل ضمن منازعات‬
‫شؤون األسرة دون استثناء‪ .‬وال يمكن للجانب العملي أو التطبيقي السيئ‪ ،‬أن يبعد النيابة العامة عن‬

‫أنظر‪ :‬فائزة جروني‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.61‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬عمر زودة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬ ‫‪2‬‬

‫لإلشارة فإن القانون ‪ 09-08‬لم يعدل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬كما ورد في هذا الرأي‪ ،‬وانما هو قانون قائم‬ ‫‪3‬‬

‫بذاته‪ ،‬ألغى بموجب المادة ‪ 1064‬منه قانون اإلجراءات المدنية المعدل والمتمم‪ ،‬ليحل محله قانون آخر يسمى " قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية "‪.‬‬
‫‪4‬أنظر‪ :‬الهاشمي تافرونت‪ ،‬دور النيابة العامة في قضايا األسرة في التشريع الجزائري‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة عباس لغرور خنشلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزء ‪ ،01‬العدد ‪ ،2017 ،08‬ص ‪.203‬‬

‫‪- 436 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫مركزها القانوني كطرف أصلي ويحول دون القيام بدورها المنوط بها بموجب هذا المركز القانوني‪ ،‬هذا من‬
‫جهة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن اإلجابة بسيطة جدا على التساؤل حول عدم تغيير المشرع لمضامين بعض‬
‫المواد من قانون األسرة عند تعديله؛ إذ أن المشرع نص على النيابة العامة ضمن األحكام العامة لهذا‬
‫القانون‪ ،‬وكما هو متعارف عليه في المجال القانوني‪ ،‬أن كل ما يتم النص عليه ضمن األحكام العامة في‬
‫أي قانون كان‪ ،‬فمعنى ذلك أنه يسري ويطبق على كل ما تضمنه ذلك القانون‪ .‬ومنه فإن النص على‬
‫النيابة العامة كطرف أصلي ضمن األحكام العامة‪ ،‬يعني ذلك أن يخص ويطبق على كل ما تضمنه‬
‫قانون األسرة دون حاجة لتكرار ذلك في كل حالة على حدى‪ .‬ومنه فإن القول بأن المشرع خص النيابة‬
‫العامة ببعض القضايا في قانون األسرة فقط دون غيرها‪ .‬قول مردود عليه وال يستقيم مع الحكمة القانونية‬
‫المتوخاة من إدراج األحكام العامة عند سن القوانين‪ .‬كما نضيف عالوة على ذلك‪ ،‬أن المشرع لم يجر‬
‫تعديال واسعا لقانون األسرة وانما مس هذا التعديل الكتاب األول منه فقط‪.1‬‬

‫كما تجدر اإلشارة‪ ،‬إلى أن استعمال مصطلح " تدخل " في مركز الطرف األصلي في غير محله‪،‬‬
‫بدليل أن المشرع يستعمل مصطلح " التدخل " عندما يكون في مركز الطرف المنضم وليس في مركز‬
‫الطرف األصلي‪ ،‬إذ نص المشرع في المادة ‪ 256‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬على ما يلي‪" :‬‬
‫يمكن لممثل النيابة العامة أن يكون مدعيا كطرف أصلي أو يتدخل كطرف منضم "‪ .‬وكذلك الشأن في‬
‫نص المادة ‪ 257‬من القانون نفسه‪ ،‬إذ ورد فيها ما يلي‪ " :‬تتدخل النيابة العامة تلقائيا في القضايا التي‬
‫يحددها القانون أو للدفاع عن النظام العام "‪.‬‬

‫وفي األخير يمكن القول والجزم جزما قاطعا‪ ،‬أن النيابة العامة تعد طرفا أصليا في منازعات شؤون‬
‫األسرة وليس لها أي مركز قانوني آخر‪ .‬كما تجدر اإلشارة إلى أنه ال يجوز للنيابة العامة قانونا المطالبة‬
‫بتطبيق القانون في منازعات شؤون األسرة‪ ،‬باعتبارها في مركز الطرف األصلي‪ ،‬وهذا ما سوف نتناوله‬
‫عند تبيان أن مطالبة النيابة العامة بتطبيق القانون هو في حد ذاته خطأ في تطبيق القانون‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل المطلب الثاني التالي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مطالبة النيابة العامة بتطبيق القانون‪ :‬خطأ في تطبيق القانون‬

‫إن الشيء المالحظ في الميدان العملي أو التطبيقي أن النيابة العامة دائما في قضايا شؤون األسرة‬
‫تطالب بتطبيق القانون‪ ،‬وحسب رأينا أن مطالبة النيابة العامة بتطبيق القانون هو في حد ذاته يعتبر خطأ‬
‫فادح في تطبيق القانون؛ إذ أن هذا الطلب يتنافى والمركز القانوني الذي حدده المشرع للنيابة العامة في‬

‫راجع ما تم ذكره في المطلب األول من المبحث األول من هذا البحث‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 437 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة كطرف أصلي‪ ،‬أين يكون لديها حق االدعاء وليس إبداء الرأي‬
‫حول تطبيق القانون‪.‬‬

‫كما أن المطالبة بتطبيق القانون لهو دليل قاطع على الخلط الحاصل بين مختلف المراكز القانونية‬
‫للنيابة العامة‪ ،‬السيما بين مركز الطرف األصلي ومركز الطرف المنضم انضماما اجباريا‪ ،‬من جهة‪.‬‬
‫وعدم التمييز بين دور النيابة العامة عندما تكون طرفا أصليا ودورها عندما تكون طرفا منضما انضماما‬
‫إجباريا‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬فطلبات النيابة العامة تختلف باختالف المركز القانوني الذي تكون فيه‪ ،‬والمركز‬
‫القانوني للنيابة العامة في القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة‪ ،‬فصل فيه المشرع وحدده‪ ،‬والذي‬
‫يتمثل في مركز الطرف األصلي‪.‬‬

‫ففي بداية األمر‪ ،‬كانت النيابة العامة تقدم على مستوى الدرجة األولى‪ ،‬عريضة في شكل نماذج‬
‫مطبوعة سلفا‪ ،‬تتضمن التماسات وكالء الجمهورية على مستوى المحاكم‪ .‬ففي بعض المحاكم نجد هذا‬
‫المطبوع يتضمن سلفا عبارة " نلتمس تطبيق قانون األسرة "‪ ،‬وفي بعض المحاكم األخرى نجد عبارة "‬
‫أطلع عليه السيد وكيل الجمهورية يوم ‪ ...‬وهو يلتمس تطبيق القانون ومبادئ الشريعة اإلسالمية " ‪ ...‬إلخ‬
‫من النماذج‪.‬‬

‫كما ذهب جانب من الفقه‪ ،‬إلى أنه يمكن لقاضي شؤون األسرة تلقائيا‪ ،‬كلما تبين له أن قضية ما‬
‫تكتسي طابعا ذا أهمية خاصة له عالقة بمصلحة المجتمع أن يأمر بتبليغ الملف للنيابة إلبداء رأيها حول‬
‫تطبيق القانون‪ ،‬وذلك من أجل الحفاظ على كيان األسرة واستقرارها‪ .‬ولها الحق في هذه الحالة أن تكتفي‬
‫باإلشارة إلى أنها اطلعت على القضية دون إلزامها بإبداء رأيها‪ .1‬وقد أضاف هذا الرأي قائال " يترتب على‬
‫التدخل اإلنضمامي للنيابة العامة في قضايا شؤون األسرة أن يكون لها الحق في إبداء رأيها كتابيا حول‬
‫تطبيق القانون‪ ،‬ويكون حضورها الجلسات اختياريا‪ ،‬وذلك وفقا لنص المادة ‪ 266‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية والتي جاء فيها‪ ":‬عندما تكون النيابة العامة طرفا منضما في القضية‪ ،‬يكون لها الحق في‬
‫إبداء مالحظات "‪.2‬‬

‫غير أننا ال نوافق هذا الرأي‪ ،‬ألن هذا النص ال يعني مطلقا القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون‬
‫األسرة‪ ،‬وال ينطبق عليها بتاتا‪ .‬بل النيابة العامة لها مركز واحد فقط في المنازعات األسرية‪ ،‬وهو مركز‬
‫الطرف األصلي‪.‬‬

‫أنظر‪ :‬فائزة جروني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬فائزة جروني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.61‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 438 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫كما ذهب جانب من الفقه إلى القول‪ " ،‬رغم أن النيابة العامة عندما تكون طرف أصلي في المسائل‬
‫المتعلقة بشؤون األسرة إالّ أن دورها يقتصر على التماس تطبيق القانون‪ ،‬دون أن يتعداها إلى منحها كافة‬
‫اإلمكانيات التي ترى أنها الزمة لتفعيل تدخلها"‪ ،‬وأضاف قائال‪ "،‬واعطاء النيابة العامة إمكانية الطعن في‬
‫األحكام الصادرة عن الهيئات القضائية والمتعلقة بشؤون األسرة عندما تكون طرفا منضما‪ ،‬نظ ار للدور‬
‫المحوري الذي تلعبه في حماية المصلحة العامة للمجتمع والدفاع عن النظام العام ولم شمل األسرة "‪ .1‬بل‬
‫وذهب البعض اآلخر إلى حد القول بضرورة تعديل المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة واعطاء النيابة العامة‬
‫وصف الطرف المنضم انضماما وجوبيا لتحقيق االنسجام بين النص والتطبيق‪ ،‬ألنه حسب هذا الرأي أن‬
‫اإلبقاء على وصف الطرف األصلي للنيابة العامة في قضايا شؤون األسرة يحول دون تحقيق المقصد‬
‫الضروري الذي نزع إليه المشرع الجزائري والذي يؤكد على أن مسائل األسرة من النظام العام‪ ،‬وأن حماية‬
‫النظام العام األسري من المهام األكيدة للنيابة العامة‪.2‬‬

‫غير أننا ال نوافق هذه اآلراء مطلقا‪ ،‬نظ ار للتناقض الحاصل بشأنها‪ ،‬نتيجة عدم التمييز بين دور‬
‫النيابة العامة عندما تكون في مركز الطرف األصلي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للمنازعات األسرية‪ ،‬وبين‬
‫دور النيابة العامة عندما تكون في مركز الطرف المنضم انضماما إجباريا‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للقضايا‬
‫التي حددها المشرع بموجب نص المادة ‪ 1/260‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ .3‬فدور النيابة‬
‫العامة يكون فعاال وحمائي أكثر لألسرة عندما تكون في مركز الطرف األصلي وليس في مركز الطرف‬
‫المنضم انضماما إجباريا؛ إذ أن النيابة العامة عندما تكون في هذا المركز األخير‪ ،‬يكون دورها باهتا‬
‫ومحدودا ال يتعدى حدود االطالع على القضية والمطالبة بتطبيق القانون دون التفرقة بين قضية وأخرى‪،‬‬
‫فهو نفس الطلب بالنسبة لكل القضايا دون أدنى استثناء‪ .‬بل وتمنع النيابة العامة عندما تكون في مركز‬
‫الطرف المنضم انضماما إجباريا‪ ،‬حتى من حضور الجلسات‪.‬‬

‫أما دور النيابة العامة كطرف أصلي‪ ،‬فإن األمر يتعدى ذلك بكثير؛ إذ يكون لديها حق االدعاء‪،‬‬
‫واجبارية حضور الجلسات‪ ،‬واجبارية تقديم طلبات مكتوبة ومحددة تختلف وتتماشى مع طبيعة ونوعية كل‬
‫قضية؛ إذ يجب على النيابة العامة تحديد الطلب بدقة‪ ،‬وليس المقصود من ذلك استعمال عبارة عامة‬
‫وفضفاضة في الطلب لتنحصر في عبارة المطالبة " بتطبيق القانون "بشكل آلي بالنسبة لكل القضايا من‬
‫دون استثناء‪ .‬كما هو الحال بالنسبة للطرف المنضم انضماما إجباريا‪.‬‬

‫أنظر‪ :‬فائزة جروني‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.62‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬محمد لمين مسيخ‪ ،‬دور النيابة العامة كحامية للنظام العام في قانون األسرة الجزائري (المادة ‪ 3‬مكرر من قانون‬ ‫‪2‬‬

‫األسرة الجزائري)‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات األكاديمية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،2018 ،13‬ص ‪.734‬‬
‫راجع ما تم ذكره‪ ،‬بخصوص مركز النيابة العامة كطرف منضم انضماما اجباريا‪ ،‬في المطلب األول من المبحث األول‬ ‫‪3‬‬

‫من هذا البحث‪.‬‬

‫‪- 439 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫كما أن النيابة العامة ليست في مركز الطرف المنضم انضماما إجباريا في المنازعات المتعلقة‬
‫بشؤون األسرة‪ ،‬بل هي في مركز الطرف األصلي‪ ،‬كما سلف بيانه‪ ،‬ومنه ال يجوز مطلقا للنيابة العامة‬
‫عندما تكون في هذا المركز المطالبة بتطبيق القانون‪ ،‬ألن ذلك يعد في حد ذاته خطأ في تطبيق القانون‪،‬‬
‫هذا من جهة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬وبالرجوع إلى قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬نجد أن المشرع قد وزع األدوار‬
‫على النيابة العامة تبعا للمركز القانوني الذي تتمتع به‪ .‬إذ أن دورها يختلف من مركز قانوني إلى آخر‬
‫بحسب ما إذا كانت في مركز الطرف األصلي أو في مركز الطرف المنضم انضماما إجباريا أو في مركز‬
‫الطرف المنضم انضماما اختياريا‪.‬‬

‫إذ يجب على ممثل النيابة العامة عندما يكون في مركز الطرف األصلي حضور الجلسات وتقديم‬
‫طلباته كتابيا‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 258‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ .1‬أما إذا كانت النيابة العامة‬
‫في مركز الطرف المنضم انضماما إجباريا‪ ،2‬فإنه يتعين عليها إبداء رأيها كتابيا حول تطبيق القانون‪ ،‬وهذا‬
‫ما تضمنته المادة ‪ 259‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ .3‬وأما عندما تكون النيابة العامة في مركز‬
‫الطرف المنضم انضماما اختياريا وفي كل القضايا التي تكون خارج الحاالت المحدد بموجب الفقرة األولى‬
‫من نص المادة ‪ 260‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية والمذكورة بالهامش أدناه‪ ،‬يكون لها الحق فقط‬
‫في إبداء مالحظات‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 266‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.4‬‬

‫لقد استند الفقه على جملة من الق اررات القضائية الصادرة عن المحكمة العليا‪ ،‬لالستشهاد بها كدليل‬
‫على أن النيابة العامة لها مركز الطرف المنضم‪ ،‬كالقرار الصادر عن المحكمة العليا " المجلس األعلى‬
‫سابقا "بتاريخ ‪ ،1986/10/06‬والمنشور بالمجلة القضائية‪ ،5‬والذي تضمن المبدأ التالي‪ ":‬متى أوجب‬

‫تنص المادة ‪ 258‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على ما يلي‪ " :‬يجب على ممثل النيابة العامة تقديم طلباته‬ ‫‪1‬‬

‫كتابيا وحضور الجلسة في القضايا التي يكون طرفا أصليا فيها "‪.‬‬
‫والمقصود بها هنا القضايا الواجب إبالغ ممثل النيابة بها والمحددة على سبيل الحصر في نص المادة ‪ 1/260‬من قانون‬ ‫‪2‬‬

‫اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬وهي‪ :‬القضايا التي تكون الدولة أو إحدى الجماعات اإلقليمية أو المؤسسات العمومية ذات‬
‫الصبغة اإلدارية طرفا فيها‪ ،‬تنازع االختصاص بين القضاة‪ ،‬رد القضاة‪ ،‬الحالة المدنية‪ ،‬حماية ناقصي األهلية‪ ،‬الطعن‬
‫بالتزوير‪ ،‬اإلفالس والتسوية القضائية وأخي ار المسؤولية المالية للمسيرين االجتماعيين‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 259‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على ما يلي‪ " :‬يكون ممثل النيابة العامة طرفا منضما في‬ ‫‪3‬‬

‫القضايا الواجب إبالغه بها‪ ،‬ويبدي رأيه بشأنها كتابيا حول تطبيق القانون "‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 266‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية على ما يلي‪ " :‬عندما تكون النيابة العامة طرفا منضما في‬ ‫‪4‬‬

‫القضية‪ ،‬يكون لها الحق في إبداء مالحظات "‪.‬‬


‫أنظر‪ :‬القرار رقم ‪ 41752‬الصادر بتاريخ ‪ ،1986/10/06‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلة القضائية‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫العدد ‪ ،02‬سنة ‪ ،1989‬ص ‪.92‬‬

‫‪- 440 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫القانون إطالع النائب العام على القضايا الخاصة بحالة األشخاص قبل عشرة أيام على األقل من يوم‬
‫الجلسة بواسطة كتابة الضبط‪ ،‬فإن القضاء بما يخالف أحكام هذا المبدأ يعد خرقا للقانون‪ .‬والقضاء‬
‫بخالف ما ذكر‪ ،‬يستوجب نقض القرار الذي يقضي ‪ ...‬دون مراعاة لمقتضيات المادة ‪ 141‬من ق‪.‬إ‪.‬م "‪.‬‬
‫وقد ورد في حيثيات هذا القرار ما يلي‪ " :‬فيما يخص السبب األول المتخذ اعتمادا على خرق المادة ‪.141‬‬
‫لقد نظر المشرع نظرة خاصة لجملة من القضايا وأوالها عناية مميزة ونص على أنه إذا عرضت على‬
‫المجالس القضائية فال تفصل فيها قبل عرضها على النيابة العامة لالطالع عليها واعطاء رأيها في‬
‫موضوعها وأن يكون لهذا اإلجراء إذا اتخذ أثر بالملف أن لم ينص عليه في القرار كما هو المطلوب ومن‬
‫تلك قضايا حاالت األشخاص‪ .‬وحيث أن القضية الصادر فيها القرار المطعون فيه اشتملت على شيئين‬
‫من حاالت األشخاص وهما الطالق والحضانة‪ ،‬وقد أهمل القضاة إطالع النيابة عليه منتهكين بذلك‬
‫مقتضيات المادة في السبب مكتفين بوضع ورقة بالملف تدل على أنهم قاموا باإلجراء‪ ،‬غير أنه إذا قورن‬
‫تاريخها بتاريخ االستئناف يظهر أن األول أسبق من األخير ومن ثم يعتبر أمر الورقة المؤرخة في‬
‫‪ 1983/11/19‬غير قانوني وعليه فالسبب في محله‪.‬‬

‫كما ورد في قرار آخر‪ ،‬صادر بتاريخ ‪1984/02/03‬عن المحكمة العليا "المجلس األعلى سابقا"‪،‬‬
‫منشور بالمجلة القضائية‪ ،1‬المبدأ التالي‪ " :‬إطالع النائب العام على الملفات المتعلقة باألحوال الشخصية‬
‫– طالق – إجراء جوهري من النظام العام "‪ .‬كما ورد فيه ما يلي‪ " :‬من المقرر قانونا أنه يجب إبالغ‬
‫النائب العام على القضايا المتعلقة بحالة األشخاص‪ ،‬ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا‬
‫إلجراء جوهري وانتهاكا لقاعدة قانونية من قواعد النظام العام‪ .‬ولما كان قضاة االستئناف‪ ،‬وافقوا على حكم‬
‫قضى بالطالق دون إبالغ الملف المتعلق به إلى النائب العام‪ ،‬فإنهم بقضائهم هذا خرقوا المادة ‪ 141‬من‬
‫قانون اإلجراءات المدنية "‪ .‬وأضافت في حيثياتها‪ ،‬ما يلي‪ " :‬لقد أوجب القانون في عدة قضايا على أال‬
‫يقع البت فيها إالّ بعد إطالع النائب العام على ملفاتها ومعنى ذلك أن القانون جعلها طرفا فيها‪ ،‬وكل‬
‫طرفا فيها في أية قضية ينبغي أن يكون على علم بموضوعها‪ .‬وحيث أنه من المقرر قانونا أنه يجب‬
‫إبالغ النائب العام بالقضايا المتعلقة بحالة األشخاص‪ ،‬ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد‬
‫خرقا إلجراء جوهري وانتهاكا لقاعدة من قواعد النظام العام‪ .‬ومتى كان كذلك استوجب نقض القرار‬
‫المطعون فيه "‪.‬‬

‫أنظر‪ :‬القرار رقم ‪ 34762‬الصادر بتاريخ ‪ ،1984/02/03‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلة القضائية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫العدد ‪ ،04‬سنة ‪ ،1989‬ص ‪.108‬‬

‫‪- 441 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫وورد في قرار آخر صادر عن المحكمة العليا بتاريخ ‪ ،1988/05/09‬والمنشور بنشرة القضاة‪ ،1‬ما‬
‫يلي‪ ":‬لقد جعل المشرع لبعض القضايا ميزة خاصة‪ ،‬وفرض على قضاة المجالس في حالة عرضها عليهم‬
‫أن يتخذوا في شأنها إجراءات معينة قبل أن يفصلوا فيها‪ .‬ومن تلك القضايا‪ ،‬تلك التي تتعلق بحاالت‬
‫األشخاص ومنها الطالق‪ .‬وبالرجوع إلى أوراق ملف القضية والقرار المطعون فيه الصادر حولها‪ .‬فإنه‬
‫يتبين منها أنه رغم أن النزاع يتعلق بالطالق‪ ،‬فإن الملف لم يبلغ إلى النائب العام‪ .‬مما يعد خرقا إلجراءات‬
‫جوهرية‪ ،‬تتعلق بالنظام العام الذي يعرض القرار المطعون فيه للنقض "‪.‬‬

‫إن الشيء المالحظ حول ق اررات المحكمة العليا في هذا الصدد‪ ،‬هو أن كل ق ارراتها المستشهد بها‬
‫بخصوص النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‪ ،‬صدرت قبل تعديل قانون األسرة وقبل صدور قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ .‬وهذا دليل قاطع على أن المحكمة العليا استندت على المادة ‪ 141‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنية الملغى‪ .‬فهذا يعد بمثابة تزيد من الفقه على نص القانون وتحميل النصوص القانونية‬
‫أكثر مما تطيق‪.‬‬

‫كما أنه وباعتبار أن النيابة العامة في مركز الطرف األصلي في منازعات شؤون األسرة‪ ،‬فإنها‬
‫تملك كل ما يملكه الطرف األصلي‪ ،‬وتتصرف كمدعية استنادا لمعيار صفة االدعاء‪ .‬إذ يمكنها المطالبة‬
‫ببطالن الزواج إذا تم دون مراعاة أركانه‪ .‬كما يمكنها المطالبة بتثبيت الطالق الذي سبق وأن أوقعه الزوج‬
‫بإرادته المنفردة‪ ،‬كما لها أن تعترض على الرجوع بعد الطالق‪ ،‬إذا تبين لها أن الطالق بائن بينونة كبرى‪،‬‬
‫في حالة ما إذا ثبت لديها وجود ثالثة أحكام قضائية متفرقة تقضي بالطالق بين نفس الزوجين‪ ،‬على‬
‫عكس ما يرى البعض‪ ،‬بالقول " إن النيابة العامة على مستوى القضاء في قضايا الطالق بصفة عامة‬
‫تطالب في مذكراتها فقط بتطبيق القانون بحيث يعد دورها جد سلبي وكأنها غائبة ألن ال نجد من وراء‬
‫حضورها نفعا‪ ،‬أما بحضور الطالق باإلرادة المنفردة‪ ،‬فال ضرورة من حضورها ألن الزوج قرر فك الرابطة‬
‫‪2‬‬
‫الزوجية وال يمكن للنيابة أن تلزمه بإرجاع الزوجة "‪.‬‬

‫كما أننا نرى‪ ،‬أنه يجوز للنيابة العامة حتى االعتراض على إجراء محاوالت الصلح في مثل هذه‬
‫الحالة‪ ،‬ألن إجراء الصلح والحكم بالرجوع يعد مخالفا للقانون والشرع في نفس الوقت؛ إذ ال تجوز المراجعة‬
‫شرعا وقانونا في حالة الطالق البائن بينونة كبرى‪ ،‬طبقا لنص المادة ‪ 51‬من قانون األسرة‪ .‬كما يمكنها‬
‫االعتراض على إسناد الحضانة إلى أحد األبوين أو كالهما إذا رأت أن الشروط التي يتطلبها المشرع غير‬

‫أنظر‪ :‬القرار رقم ‪ 49283‬الصادر بتاريخ ‪ ،1988/05/09‬المجلس األعلى‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬العدد ‪ ،02‬سنة ‪،1992‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.46‬‬
‫‪ 2‬أنظر‪ :‬إيمان سي بوعزة‪ ،‬دور النيابة العامة في المسائل األسرية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬القانون الخاص‪ ،‬جامعة أبو بكر‬
‫بلقايد تلمسان‪ ،‬الجزائر‪ ،2019 ،‬ص ‪.134‬‬

‫‪- 442 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫متوفرة‪ ،‬كأن يكونا يتمتعان بسمعة سيئة ويشكالن خط ار على المحضون‪ ،‬وبالمقابل تقديم طلب إلى‬
‫المحكمة إلسناد الحضانة إلى شخص يكون أهال للحضانة‪ .‬كما يحق لها الطعن باالستئناف أو بالنقض‬
‫ضد األحكام والق اررات القضائية‪ ،‬وخير دليل على ذلك‪ ،‬على عكس ما يراه البعض‪ ،‬الطعون التي تقوم بها‬
‫النيابة العامة في قضايا إثبات الزواج العرفي المختلط؛ إذ طعنت النيابة العامة ضد العديد من األحكام‬
‫القضائية أمام مختلف المجالس القضائية‪ ،‬كما طعنت بالنقض أمام المحكمة العليا في العديد من الق اررات‬
‫القضائية الصادرة عن مختلف المجالس القضائية‪.1‬‬

‫وفي ختام هذا البحث يمكننا القول‪ ،‬أن المشرع أحسن صنعا عندما أدرج النيابة العامة في قانون‬
‫األسرة‪ ،‬وجعلها في مركز الطرف األصلي‪ ،‬في جميع القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة‪ ،‬فهي‬
‫بالنسبة لألسرة صمام األمان ودرع حمايتها‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن المشرع الدستوري أولى أهمية خاصة‬
‫ألمن واستقرار األسرة والطفل‪ ،‬فجعلها تحت حماية الدولة‪ ،‬وهذا ما أقرته وتضمنته المادة ‪ 71‬من‬
‫الدستور‪ .2‬ومنه ال يمكن مطلقا التساهل في مصير األسرة وتعريضها للخطر‪ ،‬خاصة وأنها تعتبر الخلية‬
‫األساسية للمجتمع وحمايتها تعني حماية هذا األخير‪ .‬لذا فإن جعل النيابة العامة في مركز الطرف‬
‫األصلي‪ ،‬ما هو في الحقيقة إالّ تجسيدا لهذه الحماية‪ .‬كما يعتبر في نفس الوقت بمثابة خطوة أولية جبارة‬
‫في انتظار بحول هللا انشاء محاكم األسرة وجعل نيابة عامة متخصصة وخاصة بها‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫من خالل كل ما تقدم يمكن القول‪ ،‬أن النيابة العامة تعتبر صمام األمان بالنسبة لألسرة والدرع‬
‫الحصين الذي يحول دون تفككها‪ ،‬خاصة وأن األسرة تعد الخلية األساسية للمجتمع‪ ،‬فإذا تفككت وضاعت‬
‫تفكك وضاع معها المجتمع‪ .‬لذا فإن المشرع أولى أهمية كبرى للمركز القانوني للنيابة العامة وللدور‬

‫أنظر على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬الق اررات الصادرة عن المحكمة العليا‪ ،‬والتي نذكر منها‪ ،‬ما يلي‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬القرار رقم ‪ 0942668‬الصادر بتاريخ ‪ ،2016/02/03‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪،‬‬
‫العدد ‪ ،01‬سنة ‪ ،2016‬ص ‪.130‬‬

‫‪ -‬القرار رقم ‪ 1005800‬الصادر بتاريخ ‪ ،2016/07/13‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪،‬‬
‫العدد ‪ ،02‬سنة ‪ ،2016‬ص ‪.207‬‬

‫‪ -‬القرار رقم ‪ 1014669‬الصادر بتاريخ ‪ ،2016/09/07‬المحكمة العليا‪ ،‬قرار غير منشور‪.‬‬

‫‪ -‬القرار رقم ‪ 1028971‬الصادر بتاريخ ‪ ،2016/12/07‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪،‬‬
‫العدد ‪ ،02‬سنة ‪ ،2016‬ص ‪.211‬‬

‫‪2‬تنص المادة ‪ 71‬من الدستور على ما يلي‪ ":‬تحظى األسرة بحماية الدولة‪ .‬حقوق الطفل محمية من طرف الدولة واألسرة‬
‫مع مراعاة المصلحة العليا للطفل‪." ...‬‬

‫‪- 443 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫الجبار الذي ينبغي أن تقوم به في القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة‪ ،‬إذ جعل منها طرفا أصليا في‬
‫جميع القضايا المتعلقة باألسرة‪ .‬وقد توصلنا في هذا البحث إلى جملة من النتائج واالقتراحات الموصي‬
‫بها‪ ،‬نوردها فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬النتائج‪:‬‬

‫‪ – 1‬أن المشرع تعمد جعل النيابة العامة في القضايا المتعلقة بمنازعات شؤون األسرة‪ ،‬في مركز الطرف‬
‫األصلي بموجب المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة‪ ،‬فهو يقصد ذلك فعال وال مجال لمحاولة تحريف النص‬
‫عن طريق التفسير والتأويل واالجتهاد بحجة الغموض‪ ،‬فال مجال لالجتهاد في مورد وضوح النص‪.‬‬

‫‪ – 2‬أن جانبا كبي ار من الفقه والقضاء‪ ،‬اختلط عليه األمر بخصوص المراكز القانونية للنيابة العامة‪ ،‬فلم‬
‫يحسن التمييز والتفرقة بين مركز النيابة العامة عندما تكون طرفا أصليا وبين مركز النيابة العامة عندما‬
‫تكون طرفا منضما وخاصة منه االنضمام اإلجباري‪.‬‬

‫‪ – 3‬أن النيابة العامة عندما تقدم طلبها لقاضي شؤون األسرة‪ ،‬للمطالبة بتطبيق القانون‪ ،‬كما هو عليه‬
‫الشأن حاليا‪ ،‬يعتبر في حد ذاته خطأ فادحا من جانبها في تطبيق القانون‪ ،‬كونها تعتبر طرفا أصليا‬
‫وليست طرفا منضما انضماما إجباريا حتى تبدي رأيها بخصوص تطبيق القانون‪.‬‬

‫‪ –4‬أن النيابة العامة تم النص عليها ضمن األحكام العامة في قانون األسرة‪ ،‬وكما هو معلوم قانونا أن ما‬
‫يتم النص عليه ضمن األحكام العامة ألي قانون كان‪ ،‬فمعنى ذلك أنه يسري ويطبق على كل ما تضمنه‬
‫ذلك القانون‪ .‬وهذا ما يعني أن مركز النيابة العامة كطرف أصلي والذي تم ذكره ضمن األحكام العامة‪،‬‬
‫يطبق على كل ما تضمنه قانون األسرة دون حاجة لتكرار ذلك في كل حالة على حدى‪ .‬ومنه فإن القول‬
‫بأن المشرع خص النيابة العامة ببعض القضايا في قانون األسرة فقط دون غيرها‪ .‬قول مردود عليه وال‬
‫يستقيم مع الحكمة القانونية المتوخاة من إدراج األحكام العامة عند سن القوانين‪.‬‬

‫‪- 5‬أن النيابة العامة تعد طرفا أصليا بصريح نص المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة‪ ،‬ومنه فإن دورها‬
‫يكون في نطاق دور المنوط بالطرف األصلي‪ ،‬وبالتالي ال يمكن بأي حال من األحوال‪ ،‬أن ينسب لها‬
‫دور الطرف المنضم سواء كطرف منضم انضماما إجباريا أو كطرف منضم انضماما اختياريا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬االقتراحات الموصي بها‪:‬‬

‫‪- 1‬على المشرع التعجيل في إنشاء محاكم شؤون األسرة ونيابة عامة خاصة ومتخصصة فقط‬
‫بالمنازعات األسرية‪ ،‬تجسيد الميالد قضاء شؤون األسرة‪.‬‬

‫‪- 444 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫‪- 2‬تخصيص وفي أقرب وقت ممكن‪ ،‬جزءا من أعضاء النيابة العامة لمنازعات شؤون األسرة فقط مع‬
‫إخضاعهم لتكوين خاص في مجال المنازعات األسرية‪.‬‬

‫‪- 3‬على و ازرة العدل‪ ،‬وفي انتظار إنشاء محاكم األسرة ونيابة األسرة‪ ،‬إصدار تعليمة و ازرية إلى النواب‬
‫العامين لدى مختلف الجهات القضائية على مستوى التراب الوطني‪ ،‬تشير فيها إلى ضرورة تفادي الخطأ‬
‫القانوني الحاصل حاليا بخصوص طلبات النيابة العامة‪ ،‬والمتمثلة في المطالبة بتطبيق القانون‪ ،‬والناتج‬
‫عن الخلط الحاصل بين طلبات النيابة العامة عندما تكون طرفا أصليا وعندما تكون طرفا منضما‬
‫انضماما إجباريا‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫أوال ‪ /‬قائمة المصادر‪:‬‬

‫أ ‪-‬الدستور‪:‬‬

‫دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‪ ،‬المؤرخ في ‪ 08‬ديسمبر ‪ ،1996‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،76‬السنة ‪ ،1996‬المعدل بموجب القانون ‪ 03-02‬المؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ ،2002‬الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،25‬السنة ‪ .2002‬والمعدل بالقانون رقم ‪ 19-08‬المؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر سنة ‪ ،2008‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،63‬السنة ‪ .2008‬والمعدل بموجب القانون رقم ‪ 01-16‬المؤرخ في ‪ 06‬مارس سنة‬
‫‪ ،2016‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،14‬السنة ‪ .2016‬والمعدل بموجب القانون رقم ‪ 442-20‬المؤرخ في‬
‫‪ 30‬ديسمبر سنة ‪ ،2020‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،82‬السنة ‪.2020‬‬

‫ب ‪-‬النصوص القانونية‪:‬‬

‫‪ – 1‬األمر رقم ‪ 154-66‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1386‬الموافق لـ ‪ 8‬يونيو سنة ‪ ،1966‬المعدل‬


‫والمتمم‪ ،‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،48‬السنة ‪.1966‬‬

‫‪ –2‬القانون رقم ‪11-84‬المؤرخ في ‪ 9‬رمضان عام ‪ 1404‬الموافق ‪ 9‬يونيو سنة ‪ ،1984‬المعدل والمتمم‬
‫باألمر رقم ‪ 02-05‬المؤرخ في ‪ 18‬محرم عام ‪ 1426‬الموافق ‪ 27‬فبراير سنة ‪ ،2005‬المتضمن قانون‬
‫األسرة‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،15‬السنة ‪.2005‬‬

‫‪ – 3‬القانون رقم ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر عام ‪ 1429‬الموافق ‪25‬فبراير سنة‪ 2008‬المتضمن‬


‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،21‬السنة ‪.2008‬‬

‫‪- 445 -‬‬


‫النيابة العامة في منازعات شؤون األسرة‬

‫ثانيا ‪ /‬قائمة المراجع‪:‬‬

‫أ‪-‬الكتب‪:‬‬

‫‪- 1‬عبد العزيز سعد‪ ،‬قانون األسرة الجزائري في ثوبه الجديد ‪ -‬أحكام الزواج والطالق بعد التعديل‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2007‬‬

‫‪- 2‬عبد القادر بن داود‪ ،‬شرح قانون األسرة الجديد‪ ،‬دار الهالل للخدمات اإلعالمية‪ ،‬الجزائر‪.2005 ،‬‬

‫‪ – 3‬الطيب زروتي‪ ،‬الكامل في العرائض القضائية – العرائض القضائية في شؤون األسرة‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة الفسيلة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2010 ،‬‬

‫ب‪-‬الرسائل الجامعية‪:‬‬

‫‪ -‬إيمان سي بوعزة‪ ،‬دور النيابة العامة في المسائل األسرية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬القانون الخاص‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‬
‫تلمسان‪ ،‬الجزائر‪.2019 ،‬‬

‫ج‪-‬االجتهاد القضائي‪:‬‬

‫‪- 1‬القرار رقم ‪ 34762‬الصادر بتاريخ ‪ ،1984/02/03‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،04‬سنة ‪.1989‬‬

‫‪- 2‬القرار رقم ‪ 41752‬الصادر بتاريخ ‪ ،1986/10/06‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المجلة القضائية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،02‬سنة ‪.1989‬‬

‫‪- 3‬القرار رقم ‪ 49283‬الصادر بتاريخ ‪ ،1988/05/09‬المجلس األعلى‪ ،‬نشرة القضاة‪ ،‬العدد ‪ ،02‬سنة ‪.1992‬‬

‫‪- 4‬القرار رقم ‪ 401317‬الصادر بتاريخ ‪ ،2006/10/11‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪،‬‬
‫العدد ‪ ،02‬سنة ‪.2006‬‬

‫‪- 5‬القرار رقم ‪ 0942668‬الصادر بتاريخ ‪ ،2016/02/03‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪،‬‬
‫العدد ‪ ،01‬سنة ‪.2016‬‬

‫‪- 6‬القرار رقم ‪ 1005800‬الصادر بتاريخ ‪ ،2016/07/13‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪،‬‬
‫العدد ‪ ،02‬سنة ‪.2016‬‬

‫‪- 7‬القرار رقم ‪ 1014669‬الصادر بتاريخ ‪ ،2016/09/07‬المحكمة العليا‪ ،‬قرار غير منشور‪.‬‬

‫‪- 8‬القرار رقم ‪ 1028971‬الصادر بتاريخ ‪ ،2016/12/07‬المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلة المحكمة العليا‪،‬‬
‫العدد ‪ ،02‬سنة ‪.2016‬‬

‫‪- 446 -‬‬


‫صبيحة لمطاعي حمار‬

‫د‪-‬المقاالت في المجالت‪:‬‬

‫‪-1‬الهاشمي تافرونت‪ ،‬دور النيابة العامة في قضايا األسرة في التشريع الجزائري‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫عباس لغرور خنشلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الجزء ‪ ،01‬العدد ‪ ،2017 ،08‬ص ‪.211-197‬‬

‫‪-2‬عمر زودة‪ ،‬طبيعة دور النيابة العامة في ظل أحكام المادة ‪ 3‬مكرر من قانون األسرة (األمر رقم ‪ ،)02-05‬مجلة‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬قسم الوثائق بالمحكمة العليا‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،2005 ،2‬ص ‪.45-31‬‬

‫‪-3‬فائزة جروني‪ ،‬تدخل النيابة العامة في ظل قانون األسرة الجزائري‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والسياسية‪ ،‬جامعة الوادي‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،2016 ،13‬ص ‪.63-52‬‬

‫‪-4‬محمد لمين مسيخ‪ ،‬دور النيابة العامة كحامية للنظام العام في قانون األسرة الجزائري (المادة ‪ 3‬مكرر من قانون‬
‫األسرة الجزائري)‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات األكاديمية‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬العدد ‪ ،2018 ،13‬ص ‪.736-723‬‬

‫‪- 447 -‬‬

You might also like