Professional Documents
Culture Documents
تعريف الحكم القضائي الدولي فقها :لم يتفق الفقه الدولي على تعريف واحد للحكم
القضائي بل عرفه تعريفات عدة ،ومن هذه التعريفات :
-تعريف الفقيه ادوارد هامبرو -على أنه " القرار الذي يصدره جهاز قضائي باملعنى
1
الصحيح ومؤسس بوساطة دولتين نهائها أو أكثر من أجل حل املنازعات بينهم و انهائها
-ويعرفه األستاذ جمعة صالح حسين بأنه "القرار النهائي امللزم الصادر عن جهة لها
2
والية القضاء على وفق أحكام القانون الدولي ومتضمنا حسما لنزاع قانوني دولي
ما األستاذ حسين حنفي عمر فيعرف الحكم القضائي بأنه "قرار يشكل قاعدة قانونية
فردية صادرة عن جهاز قضائي دولي مختص ومتمتع بأهلية قانونية محددة بموجب الوثيقة
القانونية التي أنشأته ويفصل في املنازعات التي تنشب بين أشخاص القانون الدولي بقرارات
3
ملزمة ونهائية ترتب حقوقا والتزامات متبادلة فيما بينهم
من خالل هذه التعاريف يمكن القول أن حكم محكمة العدل الدولية هو القرار النهائي
الصادر عن املحكمة بخصوص الدعوى املعروضة عليها التي تفصل في منازعة بين الدول
على أساس تطبيق قواعد القانون الدولي.
البرازيل وهي ) كذلك في قضية " Des hrase societe et michel . c. greeceقضت محكمة
التحكيم الفرنسية السويسرية في حكمها الصادر في 24يوليو 1956أن األحكام الصادرة
بواسطة املحكمة الدائمة للعدل 8أكتوبر 1937في نفس الوقت ولكن بين أطراف مختلفين
هم فرنسا
الدولي في 27مارس 1934و واليونان ال تملك حجية املر املقضي به في مواجهة أطراف
التحكيم الحالية فرنسا وسويسرا
ثانيا :حجية الحكم في مواجهة الدول الغير
وفقا لقاعدة " نسبة حجية األمر املقضي به فإنه ال يمتد األثر امللزم لألحكام القضائية
الدولية الى الغير أطراف النزاع ،أي أن الدول الغير هي ومؤسساتها من حيث األصل غير
معنية بالحكم الدولي وذلك فقا للمادة 59من النظام األساسي ملحكمة العدل الدولية.
ولكن ملا كانت مصالح الدولة في الوقت الحاضر متشابكة ومتداخلة فإن قاعدة نسبية
حجية األمر املقضي به كان لزاما عليها أن تتراجع لتفسح مجاال إلمكانية االحتجاج بالحكم
الدولي حتى فيما بين الدول التي ليست أطراف في الدعوى ،وقد أيد الكثير من الفقه مبدأ
نسبة حجية األمر املقضي به" .أمام القوة املقنعة الكبيرة للحكم الدولي التي تجعله يخرق
املجال الوطني للدول غير األطراف فيرى أن هذا التأكيد حول قصر مفهوم حجية األمر
املقضي به بين أطراف النزاع مع أن األحكام الدولية ليس لها أثر قانوني في حاالت خاصة أو
ال تمارس على األقل بدون سلطة الزامية قانونية أي تأثير على أداء األطراف األخرى ،ففي
حاالت معينة قد أثر هذه األحكام لطرف ثالث وقد يكون في مواجهة الكافة.
الفرع الثاني :االستثناءات الواردة على مبدأ الحجية
لك ال يعني
أستقر الفقه الدولي على وجود عدة استثناءات عن قاعدة نسبية حجية األمر املقضي به
يمتد أثر الحكم الدولي فيها الى غير أطراف الدعوى( )15ونورد من هذه االستثناءات مايلي :
اوال -الحكم الذي يخلق مراكز قانونية موضوعية
فإذا أنشأ الحكم الدولي أو خلق مركزا موضوعيا مجردا كالحكم الصادر في منازعة من
منازعات الحدود ،فإنه ال يلزم فقط أطراف الدعوى وإنما يكون ملزما للجماعة ادولية
بأكملها باحترام ما قرره الحكم ،فعندما قررت محكمة العدل الدولية أن كل من
Minquiers, the ecrehosتعتبر أن إنجليزيتين وقبلت فرنسا ،فإن جميع الدول العالم
ومحاكمها عليهم احترام هذا القرار وااللتزام به .واستقبال ما ينتج عنه من نتائج قانونية(
،)16كذلك فإن املحكمة عندما تحدد الحدود البرية والبحرية بين دولتين فإنها بذلك تضع
تحديدا لحدود هاتين الدولتين مع الدول املجاورة لها وهذا التحديد يكون ملزما بال شك
لهذه الدول املجاورة.
وفي حالة قبول املحكمة لهذا التدخل فإن الحكم الصادر في الدعوى على الفعالية وحجية
األمر املقضي به في مواجهة هذه الدولة ومحاكمها تماما كما لو كانت طرفا من أطراف
النزاع(.)20
- 20املادة 62من النظام األساسي ملحكمة العدل الدولية
أما النوع الثاني فيهتم بذلك الخالف الي قد ينشأ حول تفسير اتفاقية متعددة األطراف ثار
نزاع على تفسيرها بين طرفين من أطرافها ،وهما خول املادة 63أي طرف آخر من أطراف
االتفاقية أن يتدخل من خالل دعوة املحكمة بالتدخل ( ، )21فقد أوجبت املادة على مسجل
املحكمة أن يخطر باقي أطراف االتفاقية ولكل منهم
الحق في التدخل لحماية مصالحه وتجنب مخاطر أي تفسير غير مرغوب فيه دون االستماع
إليها .وهنا عندما يصدر الحكم بالطبع يكون ملزم لكل من تدخل في الدعوى ولو كان من
غير أطرف النزاع ( )22ومن أولي القضايا التي أثير موضوع التدخل قضية" ويمبلدون" عام
1922بين اململكة املتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان من ناحية وأملانيا من ناحية أخرى،
عندما طالبت بولندا بالتدخل في )،وهناك أمثلة أخرى مثل قضية هايا دي التور عام 1951
بين كولومبيا وبيرو حيث أعلنت كوبا التدخل(،)24وقضية اإلفريز القاري بين ليبيا وتونس
عام 1978عندما طالبت مالطة بالتدخل( .)25وقضية اإلفريز القاري بين ليبيا ومالطة
عندما طالبت مالطة بالتدخل ( ، )26وقضية األنشطة و العسكرية وشبه العسكرية بين
نيكاراجوا والواليات املتحدة حيث طالبت السلفادور بالتدخل (.)27
- 22د عبد الغاني محمود التدخل في الدعوى أمام املحكمة العدل الدولية " الطبعة األولى 1988ص 8دار
النهضة العربية
الد.
عوى
()23
وقد اختلفت اآلراء حول ضرورة موافقة أطراف النزاع على التدخل ،وقد كان ذلك بصدد
قضية اإلفريز القاري بين ليبيا ومالطة ( ،)28فهناك من يرى ضرورة موافقة أطراف النزاع
على التدخل باعتبار أن الخصومة ملك للخصوم ويجب احترام إرادتهم التي لم تنصرف منذ
البداية الى دخول طرف أخر في النزاع وأن العكس سيؤدي الى هجر الخصومة للمحكمة (
)29في حين يرى آخرون أن التدخل في الدعوى هو إجراء عارض شأنه شأن اإلجراءات
العارضة التي تفض على الخصوم وال يؤخذ رأيهم فيها (. )30
ونحن نرى أن استلزام موافقة الخصوم على التدخل الطرف األخر في الدعوى هو أمر غير
منطقي ،فالتدخل عندما تم تقريره مثال في املادتين 62،63من النظام األساسي ملحكمة
العدل الدولية لم يكن الهدف
منه املحافظة على مصالح الخصوم لكي يؤخذ رأيهم فيه وإنما الحفاظ على مصالح الطرف
املتدخل .ولذا فقد أعطت املادة السلطة التقديرية للمحكمة لتقدير ما إذا كان هناك
مصلحة مشروعة للطرف من عدمه ،فاألساس القانوني للتدخل ليس إرادة الخصوم وإنما
وجود مصلحة مشروعة تقرها املحكمة ،والدليل على ذلك أن املادة 63افترضت وجود
مصلحة قانونية في حالة تفسير اتفاقية متعددة األطراف ،ولذلك فقد أوجبت على مسجل
املحكمة أن يخطر كل األطراف بالتدخل ليصدر الحكم في مواجهتهم .وبالنسبة للتحكيم
الدولي فإن القاعدة أيضا نسبية حجية األمر املقضي به( ،)31ولكن إذا ما تأثرت مصالح
دولة ثالثة من الحكم فلها أن تتدخل في الدعوى بعد موافقة األطراف لو لم تنص مشارطة
التحكيم على هذا الحق ،فإذا وجد هذا النص أمكن لها التدخل دون موافقة األطراف.
هي
ولقد سمحت املادة 84من اتفاقية الهاي 1907للدول األطراف في جماعية والذين
ليسوا أطرافا في دعوى التحكيم إمكانية ممارسة هذا الحق فإذا ما صدر حكم التحكيم
فإنه يعتبر وملزما في مواجهة الدول املتدخلة .رابعا -الحكم الصادر بتفسير اتفاقية
متعددة األطراف:
إن أحد إراض نظام املعاهدة املتعددة األطراف هو الحفاظ على التطبيق والتفسير املوحد
لنصوص هذه املعاهدة ،ولعلى من الصعب في حالة وجود نزاع حول تفسير نص اتفاقية
على باقي األطراف تجاهل حكم محكمة بالتفسير ،وتعد املعاهدات املؤسسة ملنظمات دولية
أمثلة واضحة على الحاجة للتفسير املوحد .وخاصة املعاهدات املؤسسة لإلتحاد األوروبي
وما جاء باملادة 177من اتفاقية روما بصدد التفسير لقوانين االتحاد األوروبي(.)32
يجب
ومن األمثلة على أهمية األحكام الخاصة بالتفسير أحكام املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان
التابعة لالتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ،فاألحكام هذه املحكمة الخاصة بتفسير
االتفاقية تتمتع بأهمية قصوى أمام محاكم الدول األطراف االتفاقية سواء كانوا أطرافا في
النزاع أم ال .فلقد أوضحت املحكمة االتحادية السويسرية في قضية متعلقة بفترة البقاء في
الحبس االنفرادي أنه مراعاة الضمانات التي فرضتها االتفاقية وكذلك التفسيرات التي
تصدرها املحكمة التابعة لالتفاقية( )33ومن األمثلة األخرى التي توضح احترام املحاكم
الوطنية لتفسيرات املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان قضية Engelلسنة 1976والتي ادعى
فيها عدد من الجنود ضد هولندا مطالبين بتطبيق الضمانات التي نصت عليها املادة
السادسة الفقرة األولى من االتفاقية والخاصة " بضمانات املحاكمة الجنائية" على التدابير
التأديبية العسكرية(.)34
وقد قررت املحكمة ستراتسبورج أنه على الرغم أن التدابير التأديبية العسكرية ليس لها أي
طابع جنائي إال أن الضمانات التي تقدمها املادة السادسة الفقرة األولى بشأن الفصل في أي
تهمة جنائية تعتبر قابلة للتطبيق هنا إذا كانت العقوبة لها نفس الشدة التي تفرضها األحكام
الجنائية.
وقد أخذ بهذا التفسير املجلس االتحادي السويسري في رسالته الى البرملان السويسري
وطالب بتعديل قانون العقوبات العسكري وفق هذا الحكم (.)35
ففي هذه األمثلة ورغم أن املحاكم الداخلية للدول األخرى األطراف في االتفاقية األوروبية
ال تكون ملزمة بتفسير محكمة ستراتسبورح إال أنهم يحترمون هذا التفسير على أساس أنه
املعنى الرسمي لالتفاقية( .)36وفي رأينا أنه بالنسبة لتفسير االتفاقية املتعددة األطراف
واملقام بصدده دعوى أمام محكمة دولية يجب أن نفرق بين أمرين:
لكل
أولهما :حالة ما إذا كان هناك نص في االتفاقية أو في دستور املحكمة أو في مشارطة
التحكيم يسمح طرف بحق التدخل في الدعوى التفسير من أجل إبداء رأيه في التفسير مثل
املادة 63من النظام األساسي ملحكمة العدل الدولية ،وهنا نكون أمام أمرين أولهما أنه
بالنسبة للطرف الذي يستعمل حقه.
إذا كان القضاء الدولي كجهة مخولة بأداء وظيفة متمثلة ببيان وإصدار األحكام ،من خالل
الفصل في النزاعات الدولية ،فإن القول بنفاذ ما يصدر من أحكام ومراعاة احترامها يعتبر
الصورة األوضح إلنفاذ هذه األحكام.
.ويكون نفوذ أحكام القضاء الدولي بالتسليم لها وترك املنازعة فيها بعد صدورها وحملها
على الصحة ،واالمتناع عن املساس بها تمهيدا لتحقيقها بتنفيذ ما فصلت فيه.
بل أن قيمة الحكم القضائي الدولي الذي يعتبر نتيجة اللجوء لوسائل التسوية القضائية و
جهد القاضي الدولي ،هذا القاضي الذي يعتبر الركيزة األساسية لعمل أي من الهيئات
القضائية الدولية وذلك نتيجة بحثه لوقائع النزاع املعروض عليه ،وما يحيط هذا األمر من
تساؤالت قانونية وواقعية تعترض عمل القاضي الدولي هذا العمل الذي يجب على أطراف
النزاع إحاطته باالحترام الالزم والكامل ،بل وان ازله وتطبيقه عمليا ،وعدم املنازعة فيه
مستقبال
.من هنا يتحدد موضوع البحث وهو "حجية أحكام املحاكم الدولية" وذلك باعتباره عمال
في أحد أهم الخصائص التي من املفترض ملزمتها للحكم القضائي الدولي و التي تعكس
وتجسد احترام أحكام القضاء الدولي بالخصوص ونفاذ أحكام القانون الدولي العام
بالعموم ،وهذا ال يتحقق إال باالمتثال الكامل للحكم القضائي الدولي.
وذا كانت املقاصد واألهداف املنوطة بالقضاء الدولي سلطة ووظيفة تتجاوز هدف اإللزام
باألحكام ولو كانت أهمها ،وتزيد عنه بقصد تحقيق العدالة وحفظ الحقوق وحفظ النظام
في إطار املجتمع الدولي ،فإن الحكم القضائي الدولي في استقراره و امتناعه عن املساس به
تتجاذبه مصلحة نفاذ األحكام و استقرارها وحفظ هيبة القضاء الدولي من جهة ،ومصلحة
تحقيق العدالة وحفظ الحقوق من جهة أخري .لهذا فإن موضوع البحث يتحدد أيضا في
تقصي مدى حيازة الحكم القضائي الدولي للحجية في إطار النظام القضائي الدولي ببيان
شروط قيامها وحدود إعمالها ،وما يرد عليها من استثناء و قيد ،مع بيان آثار إعمالها.
إن الهدف من دراسة موضوع حجية أحكام املحاكم الدولية يظهر من خالل املعالم التالية:
-1البحث عن الطرق الكفيلة واملمكنة االستمرار املحاكم الدولية من خالل تواجد
الوظيفة القضائية الدولية وعدم زوال النظام القضائي الدولي
- 2معرفة وبيان ورسم إطار ملسألة حجية الحكم القضائي الدولي على غرار ما يكتسبه
موضوع الحجية في إطار القانون الدولي العام بصفة عامة.