Professional Documents
Culture Documents
يرتكز النظام القضائي الجزائري كغيره من النظم على جملة من املبادئ واألسس منها ما هو مستمد
من الدستور ،وبعضها اآلخر مستمد من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية ونحاول أن نذكر أهم هذه
املبادئ:
أي أن القضاء يمثل سلطة قائمة بذاتها إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية .وقد نصت
املادة 156من دستور 1996املعدل صراحة على هذه االستقاللية بنصها " السلطة القضائية مستقلة
وتمارس في إطار القانون".
فال يحق للسلطات األخرى التدخل في عمل السلطة القضائية تحت أي ظرف كان ،أو بمعنى آخر القاض ي
مستقل وال يخضع إال لضميره وال يجب أن تكون عليه أي ضغوط من أي ناحية ،كما نصت املادة 165على
أنه " ال يخضع القاض ي إال للقانون" .
من املبادئ الجوهرية في اإلجراءات ،مبدأ التقاض ي على درجتين ،ومقتض ى هذا املبدأ أنه يجوز
للخصم الذي يخفق في دعواه أمام املحكمة التي نظرت في قضيته ألول مرة أن يلجأ مرة ثانية إلى جهة أعلى
درجة إلعادة النظر في قضاء املحكمة التي أصدرت الحكم املطعون فيه ،فاملادة 6من القانون الجديد،
تضمنت مبدأ التقاض ي على درجتين مالم ينص القانون على خالف ذلك ،فإذا تعرضت املحكمة ملوضوع
الدعوى وأصدرت فيه حكما حاسما للنزاع حول هذا املوضوع فإن سلطتها تنقض ي بشأن ذلك النزاع ،وال
يعد لها أية والية في إعادة بحثه أو تعديل قضائها ولو باتفاق الخصوم.
تم تكريس هذه االزدواجية من خالل املادة 171من دستور 1996املعدل التي نصت على أنه تمثل
املحكمة العليا الهيئة املقومة ألعمال املجالس القضائية واملحاكم .يمثل مجلس الدولة الهيئة املقومة
ألعمال الجهات القضائية اإلدارية.
تضمن املحكمة العليا ومجلس الدولة توحيد االجتهاد القضائي في جميع أنحاء البالد ويسهران على احترام
القانون.
تفصل محكمة التنازع في حاالت تنازع االختصاص بين هيئات القضاء العادي وهيئات القضاء اإلداري"
ً
وتجسيدا لهذا املبدأ نصت املادة األولى من القانون 09-08املتضمن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية "
تطبق أحكام هذا القانون على الدعاوى املرفوعة أمام الجهات القضائية العادية والجهات القضائية
اإلدارية .
إن حق اللجوء للقضاء من الحقوق العامة التي تثبت للمتقاض ي وهي الحقوق التي يكفلها الدستور
ً
في مادتيه 158و 168التي رتبت للمتقاض ي حقوقا ال يجوز الحد منها إال في الحدود التي رسمها القانون ،ومن
ثم فلكل شخص مهما كانت طبيعته وجنسه أو دينه حق اللجوء للقضاء بقصد الحصول على الحماية
ً
القضائية ،كمانصت املادة 03ق إ م إ في فقرتها األولى على أنه " يجوز لكل شخص يدعي حقا رفع الدعوى
أمام القضاء للحصول على ذلك الحق أو حمايته".
وهو من املبادئ الدستورية ،حيث نصت املادة 158من دستور 1996املعدل على أنه " أساس
القضاء مبادئ الشرعية واملساواة .الكل سواسية أمام القضاء ،وهو في متناول الجميع ويجسده احترام
القانون.
ونصت املادة 2/3من ق إ م إ على أنه يستفيد الخصوم أثناء سير الخصومة من فرص متكافئة لعرض
طلباتهم ووسائل دفاعهم .فالقانون القضائي يخاطب األشخاص بصفتهم ال بذواتهم باستثناء حالة
الحصانة.
إذا كان الكل سواسية أمام القضاء فهو في متناول الجميع فإن القضاء كمرفق عام يقوم بمهمة
نبيلة تتمثل في فض النزاعات وتنظيم العالقات بين األفراد وحماية الحريات ،هذه األهمية جعلت القضاء
ً ً
يكون في خدمة األفراد مجانا وتحت تصرفهم ،فاألفراد ال يقدمون مقابال لعمل القاض ي ،كما أن الرسوم
املطلوبة لرفع الدعوى ال تخل بمبدأ املجانية ألنها تشكل مساهمة رمزية في األعباء ،وحتى ال تفتح الباب لكل
من هب ودب أن يلجأ للقضاء في النزاعات القضائية غير املهمة ،وهناك بعض الفئات تستفيد من نظام
املساعدة القضائية.
يراد بالوجاهية اتخاذ كافة اإلجراءات في مواجهة الخصوم بطريق يمكنهم من العلم بها سواء عن
طريق إجرائها في حضورهم كإبداء الطلبات والدفوع واجراء التحقيقات أو عن طريق إعالنهم بها أو تمكينهم
من االطالع عليها ومناقشتها ،والهدف من هذا املبدأ ضمان تطبيق حق الدفاع للخصوم عبر اإلحاطة بكل
اإلجراءات وتمكينهم من الرد عليها.
والوجاهية إلزام يقع على الخصوم والقاض ي على حد سواء ،فأطراف الخصومة يباشرون دعواهم بما يكفل
عدم الجهالة لدى الطرف اآلخر ،كما يقع على القاض ي تمكين األطراف بما يدعيه كل واحد منهم.
األصل في سير الجلسات أن تتم بشكل علني إلضفاء الثقة والطمأنينة ووقوف الكافة على إجراءات
التقاض ي التي يتساوى بالنسبة لها جميع املتقاضين ،فالعالنية هي إحدى الضمانات لعدم التحيز واملراد
بالعلنية تمكين املواطنين من حضور الجلسة ومتابعة مجرياتها ،ويعود للقاض ي في كل األحوال ضبط سير
الجلسة وتمنح العالنية ثقة للجمهور في عدالة أحكام القضاء.
فاملادة 7من القانون الجديد ،تنص على أن الجلسات علنية ،مالم تمس العلنية بالنظام العام واآلداب
العامة أو حرمة األسرة .وللمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم عقد الجلسة في سرية
بغرفة املشورة ،محافظة على النظام العام أو مراعاة اآلداب أو حرمة األسرة في أية دعوى تنظرها
ألطراف الخصومة أمام القضاء حق الدافع سواء كانوا مدعين أو مدعى عليهم أو متدخلين ،طاملا
أن لهم صفة الخصم في الدعوى ،فللمدعي أن يبدي ما شاء من أوجه الدفاع وللمدعى عليه ومن هو في
مركزه من الخصوم ،أن يبدئ ما شاء من أوجه الدفاع والدفوع لتفادي االستجابة لطلبات خصمه ،فحق
الدفاع حينئذ هو األهلية املمنوحة للمواطن لشرح طلباته بكل طريق مشروع ،مدعيا كان أو مدعى عليه.