Professional Documents
Culture Documents
َْقسَطُ ع َ
آند َ أهوْ ُ آمآهبائ ْ آِلَوهم
ُ ُْع(اد
هم
ْ اءُ
آب َموا َ ْل
َُ تعْ َ لمإن ه آهَّللا ۚ ف
َآ
آيكُم
ْ َال مو الدينآ و
ََ ِّ آيْ ف نكُم
َاُإخْوَآف
َْيْكُمَلليْسَ عََْ و َيْكُمَلليْسَ ع ۚ و
ََ
آن لك
َٰ
ََآ وآهتم ب ُْ
َخْطَأ آيما أَاحٌ ف َ جُن
َهَّللا
ُ
َان ْ ۚ و
َك وبكُمُ ُ ْ ُقلدت مَ تع
َه ما َ ه
آيما)
هح ً ًا ر ُورَف غ
إلهـــــ
داء
نهدي هذا العمل المتواضع
إلى كل عائالت طلبة الفوج 27
المكلفين بانجاز هذه
المذكرة وهم:
بن إيدير العربي ،بن الشيخ
رضا ،بن غانم أيمن ،بن ميرة
أسامة ،بوخاري بوقرة،
بوطرفة محمد إيهاب ،جعفري
نور الهدى ،خالفي بالل ،داود
بوبكر ،زروال وئام ،زواش
الحسين ،شريح رانية ،شيهب
شريفة ،عشاشة إلياس،
مرازقية ياسين ،معريش نبيل.
دون استثناء وباألخص
الوالدين الكريمين.
والي كل أساتذة كليه الحقوق
والعلوم السياسية بجامعة
محمد البشير اإلبراهيمي ببرج
بوعريريج.
مقدمة
مقدمة ……………………………………………………………………………
يعتبر النسب من أهم النتائج المترتبة على الزواج أو الطالق معا ،ألنه يتعلق بنسب
األول اد الذين يكونون ثمرة هذا الزواج.
حيث أن النسب من الدعائم التي تقوم عليها األسرة ويرتبط بها أطرافها برباط دائم من
الصلة والقائمة على أساس وحدة الدم والجزئية ،فالولد جزء من أبيه واألب بعض من ولده
1
ولوال رابطة النسب لتفككت أواصر األسر وذابت الصالت بينهما.
والنسب في اللغة العربية يعرف على أنه النسبة إلى الشيء أي انتسب فالن إلى والده
بمعنى التحق به ويعرف أيضا بأنه القرابة والصلة بين شيئين أو فردين 2.وعرف النسب من
قبل العالمة البقري في قوله" هو القرابة والمراد به الرحم وهي لفظ يشمل كل من بينك وبينه
قرابة قربت أو بعدت ،كانت من جهة األب أو من جهة األم.3
وبالنسبة للقانون الجزائري نجد أن المشرع الجزائري وتحديدا في القانون المدني في
المادة 32قد حدد المقصود من قرابة النسب أنها الصلة القائمة بين األشخاص الذين يجمعهم
أصل مشترك وجاء في نص المادة انه :تتكون اسرة الشخص من ذوي قرباه ويعتبر ذوي
4
القربى كل من يجمعهم أصل واحد.
وقد حضي النسب في الشريعة اإلسالمية بالعناية الالزمة وأحاطته ببالغ الرعاية وأولت له
أهمية كبيرة لقوله تعال )واهلل جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل من أزواجكم بنين وحفدة)
-1عمامرة مباركة المجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية الطرق العلمية الحديثة إلثبات النسب في قانون األسرة
الجزائري البصمة الوراثية ومدى حجيتحها في اثبات النسب نموذجا المجلد 5العدد 02صwww.asjp.cerist.d 20
z/en/PresentationRevue/473
-2اسماعيل الجوهري ،تاج اللغة وصحاح العربية الجزء 1طبعة 3دار العلوم للماليين بيروت 1984ص .3
مجلة الصدى -3قاشي عالل ،إثبات النسب كأثر مترتب عن الزواج بالطرق الشرعية والعلمية البيولوجية الحديثة
للدراسات القانونية والسياسية /العدد األول /ديسمبر 2019ص .61
-4القانون المدني المادة .32
5سورة النحل اآلية .72
أ
مقدمة ……………………………………………………………………………
ير " 7فهو يعتبر من أبرز أثار الزواج ،وفي طليعة الضروريات ان َرُّب َك َقِد ًا ِ
َن َسًبا َوص ْه ًار ۗ َو َك َ
الخمس التي وجب حفظها ورعايتها لذا أمر اهلل عزوجل اآلباء أن ينسبوا إليهم أوالدهم
الجزئري إلى النسب في المواد من 46إلي
ا ونهاهم عن إنكار بنوتهم كما تعرض المشرع
40من قانون األسرة ،واعتبر النسب الشرعي هو الذي يتبع فيه الولد أباه في القانون أو
الدين ،وينبني عليه الميراث ،وينتج عنه موانع الزواج ،ويترتب عليه حقوق وواجبات اآلباء
واألبناء ،أما النسب غير الشرعي فال يترتب عليه شيء من ذلك إطالقا.
ويرجع اهتمام المشرع بالنسب إلى منع اختالط األنساب ،وحفظها من الفساد
واالضطراب ،وهذا حتى تقوم األسرة على وحدة الدم الذي يعتبر أقوى الروابط بين أف اردها
ومن هنا يتفق الفقهاء بأن نسب الولد من أمه ثابت في كل حاالت الوالدة شرعية كانت أو
غير شرعية ،أما نسب الولد من أبيه فال يثبت في كل حاالت الوالدة.1
والمالحظ أن قانون األسرة المعدل في سنة 2005 2قد جاء بمستجدات جد هامة في
موضوع إثبات ونفي النسب وهذا نتيجة الثورة الهائلة التي كان سببها التطور العلمي ومنها
التطور البيولوجي والتكنولوجي الذي نتج عنه استحداث تقنيات في المعرفة العلمية في
السنوات األخيرة ،الذي فتح المجال واسعا لقضايا لم تشهدها البشرية من قبل ذات صلة
مباشرة بحياتنا اليومية والشخصية ،المنسجمة مع متطلبات العصر ،فقد أضاف المشرع في
المادة 40من قانون األسرة فقرة ثانية وذلك بموجب األمر 02/05الصادر في سنة2005
والتي تجيز إمكانية اللجوء للطرق العلمية في إثبات النسب.
وبذلك يكون المشرع قد أعطى للقاضي سلطة قبول الدعوى الارمية إلثبات أو نفي
النسب بناء على طرق علمية غير تلك التي أقرتها الشريعة اإلسالمية.
-1بن عودة حسكر مراد سلطات القاضي وتقديره للقاعدة العلمية في قضايا النسب مجلة القانون العام الجزائري والمقارن
المجلد األول ،العدد 01سنة 2015ص .57
-2القانون رقم ،11 - 84المؤرخ في 09يونيو ،1984والمتضمن قانون األسرة المعدل والمتمم بموجب األمر رقم 05
،02 -المؤرخ في 07فبراير سنة ،2005ج ر عدد.2005 / 15
ب
مقدمة ……………………………………………………………………………
وبالرغم من ذلك فقد ورد نص المادة 40من قانون األسرة عاما واستعمل المشرع
مصطلح واسع المفهوم وهذا ما يتضح من عبارة ( يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية
) إذ أنه لم يحدد وسيلة بعينها لكنه ترك المجال مفتوحا لكل وسيلة علمية أجازها الفقهاء (
شريعة أو قانون ) في مجال اثبات النسب ،وحتى مع صدور القانون رقم 03/16المؤرخ في
19/06/2016المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في اإلجراءات القضائية والتعرف على
إال أنه لم يتناول هذه المسائل في قضايا النسب ،2كما أنه لم يضع أي تنظيم 1
األشخاص
خاص لهذه الطرق ولم يضبط حدود سلطات القاضي في الخبرة الطبية المرتبطة بدعوى
إثبات النسب.
كما أن تطبيق الفقرة الثانية من نص هذه المادة من قانون األسرة عمليا يلقى عدة
ع ارقيل وصعوبات مادية وقانونية ،نتج عنه طرحه العديد من المهتمين في هذا المجال
تساؤالت عدة من بينها ماهية الطرق العلمية المكرسة في إثبات النسب ؟ وهل القاضي ملزم
باللجوء في قضايا إثبات النسب إلى الطرق العلمية الحديثة ؟ وما هي حدود سلطاته فيها
؟ ......وغيرها.
دواعي اختيار الموضوع :إن اختيار هذا الموضوع كان بناء على رغبة طلبة الفوج
المكلفين بانجاز مذكرة التخرج بعد موافقة األستاذ المشرف األستاذ الدكتور بكيس عبد
الحفيظ ،كون االهتمام الذي حضي به الموضوع على الصعيد األكاديمي له ما يبرره نظ ار
الرتباطه العملي في الحياة اليومية واالجتماعية لجميع المجتمعات إذ أنه ال يخلو أي قانون
داخلي ألي دولة من أحكام النسب والذي يتأثر بحكم أنه قانون وضعي بالمتغيرات
االجتماعية والتطورات العلمية الحديثة التي تفرض على اإلنسان مسايرتها مرغما ال مختا ار،
-1القانون رقم ،11 - 84المؤرخ في 09يونيو ،1984والمتضمن قانون األسرة المعدل والمتمم بموجب األمر رقم 05
،02 -المؤرخ في 07فبراير سنة ،2005ج ر عدد.2005 / 15
-2عمامرة مباركة ،مرجع سابق ،ص .21
ج
مقدمة ……………………………………………………………………………
باإلضافة إلى الرغبة في الولوج والتعمق في دراسة الموضوع والتعرف على جوانبه العديدة
السيما الحديثة منها التي لم يسبق معالجتها لرفع الغموض عنها ومحاولة توضيحها وتبيانها.
اإلشكالية:
ولحصر هذا الموضوع في مجال عنوان مذكرة البحث الموسومة ب ـ :الطرق العلمية
في إثبات النسب في التشريع الجزائري وما تم تقديمه نطرح اإلشكالية اآلتية:
كيف عالج المشرع الجزائري إثبات النسب ،وما هو دور القضاء في إثباته باللجوء إلى
الطرق العلمية؟
الدراسات السابقة :سبق وان تم التطرق إلى هذا الموضوع في جوانب مختلفة في بعض
الكتب والمراجع ال سيما المقاالت منها وكذا بعض المذكرات على مختلف المستويات العلمية
وهي متوفرة في المواقع العلمية وفي اغلب المكتبات السيما الجامعية.
المنهج المتبع :المنهج المتبع في البحث هو المنهج الوصفي من خالل جمع
المعلومات وتحصيب اغلب ما له صلة بموضوع الدراسة وعرضها ،باإلضافة التحليلي حيث
يتم عرض وتحليل ومناقشة جميع جوانب ال موضوع بأسلوب بسيط ال يخلو من المصطلحات
العلمية.
ولإلجابة على التساؤل المتضمن في اإلشكالية اعتمدنا على خطة ثنائية تتضمن
األتي:
الخطة المتبعة
الفصل األول :تكريس الطرق العلمية في إثبات النسب بحيث تم التطرق في المبحث
األول إلى إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة عالجنا في المطلب األول إشكالية إدماج
الطرق العلمية إلثبات النسب وفي المطلب الثاني أنواع الطرق العلمية إلثبات النسب بحيث
تم التطرق فيه إلى الطرق العلمية القطعية والطرق العلمية الضنية ،وفي المبحث الثاني
عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة إلثبات النسب بحيث تم التطرق في المطلب األول إلي
د
مقدمة ……………………………………………………………………………
العوائق القانونية وهي حرمة الحياة الخاصة ،انتهاك السالمة الجسدية وعدم جواز إجبار
الشخص على تقديم دليل ضد نفسه وفي المطلب الثاني العوائق المادية وهي عدم وجود
مخابر علمية كافية ومسألة مصاريف الخبرة.
الفصل الثاني تناولنا فيه حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في
تقديرها بحيث تم التطرق في المبحث األول حجية الطرق العلمية في إثبات النسب أين
تطرقنا في المطلب األول إلى الحجية المطلقة للطرق العلمية إلثبات النسب وفي المطلب
الثاني الحجية النسبية للطرق العلمية وفي المبحث الثاني سلطات القاضي في تقدير الطرق
العلمية إلثبات النسب حيث تم مناقشة مسالة لجوء القاضي إلى الخبرة العلمية وسلطاته
اتجاهها وفي المطلب الثاني تقدير القاضي لنفي النسب بين اللعان والطرق العلمية.
ه
الفصل األول
لقد اتضح تأثر المشرع الجزائري بالثورة الهائلة التي كان سببها التطور البيولوجي
المساير في ذلك التطور التكنولوجي الذي نتج عنه استحداث تقنيات في المعرفة العلمية في
السنوات األخيرة ،حيث فتح المجال واسعا لقضايا لم تشهدها البشرية من قبل ذات صلة
مباشرة بحياتنا اليومية والشخصية ،إثر التعديل الذي ط أر على قانون األسرة بموجب األمر
رقم 02-05المؤرخ في 2005/02/07ويتعلق األمر بالطرق العلمية إلثبات النسب التي
نصت عليها الفقرة الثانية من المادة ( 40ويجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية إلثبات
النسب(.
وعليه سنحاول تناول مسالة إثبات النسب بالطرق العلمية في المبحث األول وعوائق
تطبيقها في المبحث الثاني.
7
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
احمد احمد ،موضوع النسب في الشريعة والقانون ،مصر ،الطبعة األولى 1983 ،ص .133 -1
بن عريوة عسكر مراد ،مرجع سابق ،ص .58 -2
8
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
باهلل) ،1فاآلية ذكرت إذ كان الزوج ال يملك إال شهادة نفسه فيلجأ للعان وأي اعتماد على
طرق علمية في ذلك هو إضافة على ما ورد في كتاب اهلل ،كما جاء في السنة أن الرسول
(ص( قال الولد للفارش وللعاهر الحجر ،2فأهدر بذلك الشبه البين وهو الذي يعتمد على
البصمات الوراثية ،كما أن أنصار هذا الرأي من بينهم األستاذ الفقيه الجزائري محمد شريف
قاهر عضو المجلس اإلسالمي األعلى،ذكر أن العلم حقيقة نسبية بينما القران الكريم كالم
إلهي لخالق الكون ألنه حقيقة مطلقة صالحة لكل زمان ومكان وهو الذي فصل في مسألة
إثبات أو نفي النسب معلال رأيه أن النص القرآني صريح وواضح وبالتالي يقتضي العمل
بالقاعدة الفقهية« ال إجتهاد مع وجود النص.3
وانطالقا من كل ذلك فقد تبنى المجلس اإلسالمي األعلى في الجزائر موقفا صريحا في
مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية رغم عدم إصداره ألي فتوى توضيحية لذلك مستظه ار
وضوح القواعد الفقهية التي لم تسمح باستعمال أي طريقة غير شرعية قد تثبت أو تنفي
النسب.
واعتمادا على كل ذلك قرر هذا االتجاه عدم جواز الطرق العلمية في مسألة إثبات
النسب لما في ذلك من خروج عن القواعد الفقهية التي جاءت بها الشريعة اإلسالمية
بأغرضها األساسية في حفظ الكليات الخمس من عقل ونفس ،ونسل ودين ومال .كما أنه لم
ا
يسمح باستعمال هذه الطرق حماية لحياة اإلنسان وحفاظا لتعريض النسل وانتمائه ألي خطر
كان قد يكثر فيه عديمي النسب واللقطاء.
9
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
ولقد كان المشرع الجزائري متأث ار لفكر هذا االتجاه أثناء سنه لقانون األسرة في، 1984
إذ لم يعتد سوى بالطرق الشرعية إلثبات النسب الواردة في الماد ة 40فقرة 01من نفس
القانون 1ارفضا استعمال الطرق العلمية كوسيلة لذلك.
وهو ما كان قد كرسه القضاء الجزائري فعال مكتفيا بجمود النص القانوني الذي ال
قرر المحكمة العليا الصادر في 15
يقبل أي تأويل أو اجتهاد ،من ذلك على سبيل المثال ا
جوان 1999الذي جاء فيه ) حيث أن إثبات النسب قد حددته المادة 40وما بعدها من
قانون األسرة الذي جعلت له قواعد إثبات مسطرة وضوابط محددة تفي بكل الحاالت التي
يمكن أن تحدث ولم يكن من بين هذه القواعد تحليل الدم كطريقة علمية التي ذهب إليها
قضاة الموضوع ،مما دل ذلك على أنهم قد تجاوزوا سلطتهم الحكمية إلى التشريعية ،األمر
2
الذي يتعين معه نقض القرار المطعون فيه واحالته لنفس المجلس)
وكذا القرار الصادر عن المحكمة العليا في ( 1984/11/19من المقرر قانونا أيضا
أنه يثبت النسب بالزواج الصحيح باإلقرار والبينة وبنكاح الشبهة ونكاح تم فسخه بعد الدخول
طبقا للمواد 33 ،32و 34من قانون األسرة ،ومن ثم فان القضاء بما يخالف دلك بعد
مخالفا للقانون ،ولما قضي قضاة المجلس بتأييد الحكم المستأنف القاضي بتعين خبرة طبية
قصد تحليل الدم للوصول إلى تحديد النسب خالفا لقواعد النسب المسطرة شرعا وقانونا طبقا
3
لنص المادة 40فانهم تجاوز سلطتهم وعرضوا قرارهم للنقض ).
تنص المادة 40من قانون األسرة على ما يلي ) :يثبت النسب بالزواج الصحيح وباإلقرار والبينة وبنكاح الشبهة -1
وبكل نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32و 33و 34من هذا القانون .يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية
إلثبات النسب).
المحكمة العليا غرفة االحوال الشخصية ،ملف رقم ،22267قرار في 1999-06-15مجلة االجتهاد القضائي -2
لغرفة األحوال الشخصية عدد خاص سنة 200ص .88
قرار المحكمة العليا غرفة االحوال الشخصية ملف رقم 34046بتاريخ 1984/11/19المجلة القضائية العدد -3
01لسنة 1999ص .67
10
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
وعليه يتضح من كل ما سبق أن قضاة المحكمة العليا بصفتهم قضاة قانون طبقوا
النص الحرفي للمادة 40لقانون األسرة التي تحدد طرق إثبات النسب قبل تعديلها وكانت
تعتبر لجوء القاضي ألي خبرة علمية تستهدف إثبات أو نفي النسب بأي طريقة من الطرق
العلمية تجاو از للسلطة ألنها كانت تعتبر ذلك تشريعا في حد ذاته.1
الفرع الثاني :االتجاه المؤيد إلدماج الطرق العلمية إلثبات النسب.
الرفض للطرق العلمية إلثبات النسب جامعا بين فقهاء
لم يكن الرأي السالف الذكر و ا
القانون ،ذلك أن اتجاها أخر أرى في استعمال هذه الطرق العلمية وسيلة علمية حتمية تؤدي
إلى نتائج حقيقية ملموسة .فرأو أن اآلية التي استدل بها الفريق األول ،إنما تتعلق بالعذاب
الذي يوقع على الزوجة أو درأه عنها 9من بينهم الفقيه المعاصر يوسف القرضاوي.
واعتبا ار لكل ذلك ومحاولة من المشرع الجزائري االستجابة للتطورات العلمية الحديثة
التي أثبتت نجاعتها وحقيقة نتائجها وتغليبا لحجج للرأي الثاني المؤيد لفكرة اللجوء للطرق
العلمية إلثبات النسب
فإنه قد أدرج الطرق العلمية ضمن وسائل إثبات النسب أثناء تعديل قانون األسرة بموجب
األمر 05-02في الفقرة الثانية من المادة 40السالفة الذكر.
غير أن هذه المادة اكتفت باإلشارة إلى هذه الطرق العلمية دون تحديد ماهيتها وما
المقصود منها أو حصر صورها.
إضافة إلى جعل إمكانية اللجوء إليها جوازي في حالة عدم ثبوت النسب بالطرق
الشرعية والقانونية التي هي األصل.
وباعتبار القضاء هو الجهة المخولة قانونا بتطبيق النص القانوني ورغم أن المشرع لم
يلزمها باللجوء إلى الطرق العلمية إلثبات النسب حين عدم ثبوته بالطرق الشرعية والقانونية،
وهو مايستشف من كلمة ويجوز مما ما فتح الباب على مصراعيه إلعمال سلطتها التقديرية،
بن عريوة عسكر مراد ،مرجع سابق ،ص .59 -1 3
11
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
بحيث اخذ القضاة بالطرق العلمية إلثبات النسب في ق ارراته واجتهاداته الصادرة المحكمة
العليا ومن أمثلة ذلك القرار الصادر بتاريخ 2006/03/05تحت رقم 355180والقاضي
( يتبين أن قضاة الموضوع لم يستجيبوا لطلب الطاعنة الرامي إلى إلحاق نسب المولود (
1
معتمدين في ذلك على ص م ) للمطعون ضده باعتباره أبا لو كما أثبتت الخبرة ADN
المادة 40من قانون األسرة رغم أن هذه األخيرة تفيد وأنه يثبت النسب بعدة طرق ومنها
البينة ولما كانت الخبرة العلمية ANDأثبتت أن هذا الطفل ابن المطعون ضده ومن صلبه
بناء على العالقة التي كانت تربطه بالطاعنة فكان عليهم إلحاق هذا الولد بأبيه وهو الطاعن
2
(
وفي قرار آخر صادر غرفة األحوال الشخصية بالمحكمة العليا قضت ( أنه يتعين
على جهتي التحقيق اللجوء إلى خبرة تحليل الحمض النووي عندما يكون ذلك ضروريا ".
بأنه" :حيث وبالرجوع من البيانات المتناقضة الواردة في القرار المطعون
وورد ضمن حيثياته ّ
فيه ،فإن غرفة االتهام تبنت موقف قاضي التحقيق الذي رفض طلب الخبرة بتحليل الحمض
النووي ADNالرغم من أن هذه الخبرة ضرورية لتحديد النسب وعند االقتضاء الهوية
الحقيقية لألطراف.
حيث إن غرفة االتهام سارعت أيضا إلى تأييد األمر بانتفاء وجو الدعوى الصادر عن
3
قاضي التحقيق دون الوصول بالتحقيق إلى نهايته)
1
ADNهي مختصر لعبارة Deoxyribonucleic Acidومعتاه الحمض النووي الريبي منقوص االكسجين. 1-
2
1القرار الصادر بتاريخ 2006/03/05تحت رقم 355180قضية ( ب س ) ضد ( ب ب مجلة المحكمة 2-
العليا عدد 2006 01ص .469
قرار رقم 414233مؤرخ 21.03.2007في قضي ة ك س ضد مجهول مجلة المحكمة العليا عدد 2007 ،01 -3 3
ص .572
12
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
وسع المشرع الجزائري من دائرة اثبات النسب بالنص على الخبرة الطبية كوسيلة
شرعية ألثبات أو للنفي وفقا لنص المادة 40فقرة 2من قانون االسرة المعدل بموجب االمر
رقم 102 /05 :وبذلك يكون المشرع قد حل إشكالية عويصة كانت مطروحة على مستوى
أنظمة القضاء في الدول العربية حيث غالبا ما كان يرفض القضاء اإلثبات عن طريق الخبرة
العلمية على أنها ليست من الوسائل المقررة شرعا إلثبات النسب .لذلك كان اغلب الفقه
يدعو القضاء على ضرورة االخذ بنتائج البحث العلمي إلثبات النسب أو نفيه.
ولقد ّتنوعت هذه الطرق العلمية فبعد أن كان العالم بأكمله يخضع لطريقة واحدة
للدالالت الوراثية في مجال البحث الجنائي .وذلك حتى أواخر الستينات وهي الطريقة التي
تعرف بخاليا الدم الحمراء ) , )A B Oتال هذا االكتشاف تحليل الحامض النووي أو ما
يسمى بالبصمة الوراثية ( .)ADNإضافة إلى أنظمة بيولوجية أخرى ال تزال قيد االكتشاف.
وسنتطرق في هذا المطلب إلى الوسائل العلمية إلثبات النسب .القطعية في الفرع
األول والظنية في الفرع الثاني.
من اهم المسائل التي ناقشها العلماء والفقهاء منذ ظهور البصمة الوراثية .هي محاولة
إعطاء تعريف دقيق وشامل يفصح عن ماهية االكتشاف الحديث الذي ابهر العالم .وتحقيقا
لذلك عق دت الكثير من الندوات والمؤتمرات وألفت الكثير من المراجع التي تناولت البصمة
الوراثية.
13
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
وعليه سنتطرق إلى التعريف اللغوي والعلمي والقانوني للبصمة الوراثية وكذا خصائصها.
تتركب جملة البصمة الوراثية من كلمتين :البصمة والوراثة ،لذلك يتعين تعريف كل
منهما على حدة.
البصمة :جمعها بصمات ،بصم يبصم بصما .فهو باصم ،ويقال بصم الشخص أي
ختم بطرف أصبعه 1،ورسم ،وطبع عالمة على قماش وورق ونحوها.أصلها في اللغة
هو الغلظة والكثافة،
الوراثة :من مصدر ورثة ،يقال ورث أباه يرثه ورثا ووراثة وارثا ورثه بكسر الكل،
2
وتعني االنتقال والبقاء ،وأورثه الشيء أعقبه إياه وتركه له.
إن المشرع الجزائري لم يتطرق إلى تعريف البصمة الوراثية ،إال ما جاء في التعديل األخير
لقانون األسرة في المادة 40الفقرة الثانية حيث جاء فيها" :يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق
3
العلمية إلثبات النسب.
-1شرقي نصيرة ،مذكرة التخرج ,اثبات النسب في القانون الجزائري ,جامعة بويرة ،ص .2013/2012 , 41
-2مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزي آبادي ,القاموس المحيط ,جزئ ,1دار الجيل ,بيروت ,ص .182
3االمر , 02/05المعدل والمتمم لقانون االسرة الجزائري ,المؤرخ في .2005/02/27
14
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
والمالحظ من خالل هذه المادة ان هذا القانون لم يعط تعريفا قانونيا للبصمة الوراثية
باعتبارها وسيلة اثبات .وانما عرفها تعريفا علميا وحدد مكوناتها التي توصل إليها علماء
البيولوجيا.
يقصد بالبصمة الوراثية في هذا المجال التركيب الوراثي الناتج عن فحص الحامض
النووي لعدد واحد أو أكثر من أنظمة الدالالت الوراثية .والحمض النووي الريبي المنقوص
األكسجين هو عبارة عن مركب كيميائي معقد ذو وزن جزئي ال يمكن للكائن الحي االستغناء
1
عنه ،نظ ار لتمركزه داخل نواة خاليا جميع الكائنات الحية.
15
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
ويترك ب جزيء الحمض النووي من وحدات متكررة بترتيب معين على شكل سلسلة طويلة
جدا تسمي نيوكليوتيدات وتتكون كل واحدة من هذه النكليوتيدات من سكر الريبوز الخماسي
منقوص ا ألكسجين وحامض الفوسفوريك وأربع قواعد نيتروجينية هي(:أدنين ،جوانين،
سيتوسين ،وثايمدين ويرمز لذا بالرموز التالية )A.T.C. G ( ،ويتصل األدينين دوما
بالثايمدين ( )A-Tويتصل الجوانين دوما بالسيتوسين ( ) C-Gلتكوين القواعد النيتروجينية
األساسية التي ترتبط مع بعضها عن طريق روابط هيدروجينية ولكي تكون السلسلة عديدة
النيوكليوتيد تتصل كل واحدة من هذه القواعد بالسكر الخماسي المنقوص األكسجين ،ويتصل
هذا السكر الخماسي بالمركب الفسفوري.
أ .انفراد كل شخص ببصمة وراثية ال تتوافق وال تتشابه مع أي شخص في العالم إال في
حالة التوأم المتماثلة.
ب.تمتاز البصمة الوراثية بتنوع مصادرها ،حيث تطبيق هذه التقنية على أي من المخلفات
البشرية السائلة كالدم والمني واللعاب والمخاط ،أو من األنسجة كالشعر والجلد واللحم
والعظم وتعتبر هذه الميزة الهامة ،ألنه في حالة عدم وجود بصمات أصابع للمجرم
تساعدنا هذه اآلثار في التعرف عليه ،في الجرائم المختلفة كالقتل واالغتصاب
والسرقة...إلخ
ت.يمكن استخالص البصمة الوراثية من الحمض النووي ألي خلية في جسم االنسان .ما
عدا خاليا الدم الحمراء التي ال يوجد بها حمض نووي
ث.تتمز البصمة الوراثية بمقاومتها لعوامل التحلل والعفن والعوامل المناخية األخرى
16
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
ج.بصمة الجمض النووي تظهر في شكل خطوط عريضة تختلف في السمك والمسافة
نتيجة اختالفها من شخص ألخر كونها صفة تميز كل انسان عن االخر
ح.ومن مميزات البصمة الوراثية أنه يمكن تخزينها ولمدة طويلة من الزمن
خ.دقة نتائجها ال تقبل التزوير إذا روعيت الشروط الالزمة .والتي تصل إلى نسبة %100
في دعاوى النفي و %99.99في دعاوى االثبات .مما جعلها سيدة األدلة.
د .تقوم البصمة الوراثية بوظيفتين ،أولهما إما نفي التهمة بارتكاب الجريمة ،وثانيهما إثبات
الجريمة
أجمع العلماء المتفقون بالعمل بالبصمة الوراثية على ضرورة وضع التنظيمات
والضوابط المناسبة التي تكفل دقة نتائجها .وحرصوا على أال تتعارض مع قواعد الشريعة
اإلسالمية .ومن بين هذه الضوابط نذكر:
أ .أال يتم التحليل إال بإذن من الجهة المختصة ،بناء على أوامر من القضاء.
ب.أن يتم إجراء تحليل البصمة الوراثية بأمر من القضاء وفقا لما أشارت إليه المادة 54من
ق أ ،من أنه " يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية إلثبات النسب " مع اإلشارة إلى
أنه يمكن للنيابة العامة أيضا طلب اللجوء إلى تحاليل البصمة الوراثية في قضايا التنازع
على النسب وذلك العتبارها طرفا أصليا في دعاوى شؤون األسرة وهو ما نصت عليه
المادة 43مكرر من ق أ حيث جاء فيها " تعد النيابة العامة طرفا أصليا في جميع
القضايا الرامية لتطبيق أحكام هذا القانون "
ت.أن يكون اللجوء إلى هذه الوسيلة في الحاالت التي يجوز فيها إثبات النسب.
ث.أن يكون جميع القائمين على العمل في المختبرات الخاصة بتحليل البصمة الوراثية ،ممن
تتوفر فيهم الخبرة التامة في هذا المجال.
17
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
ج.أن يمنع القطاع الخاص والشركات التجارية ذات المصالح من المتاجرة فيها.
ح.أن تكون مختبرات الفحص للبصمة الوراثية تابعة للدولة .واذا لم يتوافر ذلك ،يمكن
االستعانة بالمختبرات الخاصة الخاضعة إلشراف الدولة.
خ.توثيق كل خطوة من خطوات تحليل البصمة الوراثية ،بدء من نقل العينات إلى ظهور
النتائج النهائية ،حرصا على سالمة تلك العينات ،وضمانا لصحة نتائجها ،مع حفظ هذه
الوثائق للرجوع إليها عند الحاجة.
د .أن تكون هذه المخابر ،والمعامل الفنية مزودة بأحدث األجهزة والتقنيات العالمية حتى
تكون النتائج مطابقة للواقع.
ذ .أن تحاط اإلجراءات الخاصة بتحاليل البصمة الوراثية بسرية تامة ،وذلك نظ ار
لخصوصية هذا النوع من االختبارات ،وخطورة إفشاء نتائجه.
فإذا توفرت هذه الشروط ،والضوابط في خبراء البصمة الوراثية ،وفي المعامل ،ومختبرات
تحليل البصمة الوراثية .فال خالف بين فقهاء الشريعة اإلسالمية حول جواز استخدام البصمة
1
الوراثية في مجال إثبات أو نفي النسب.
إن البصمة الوراثية واالستدالل بها في إثبات النسب نوع من علم القافة ،حيث تميزت
بالبحث في خفايا وأسرار النمط الوراثي للحامض النووي بدقة كبيرة ما يجعلها تأخذ حكم
القيافة العلمية متى توفرت الشروط والضوابط التي حددها الفقهاء في القيافة ،حيث جاء في
توصية ندوة الوراثة والهندسة الوراثية أن " البصمة الوراثية من الناحية العلمية وسيلة ال تكاد
تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية "
-1حمدي مهدي ،بته عبد الوهاب ,مذكرة لنيل شهادة الماستر ,اثبات النسب في قانون االسرة الجزائري ,جامعة المسيلة
,قسم حقوق ,2021/2020 ,ص 62/61/60
18
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
نالحظ أنه فيما عدا الطرق الشرعية والقانونية إلثبات النسب والمحددة في المادة
54من ق أ فإنه يمكن اللجوء للبصمة الوراثية كخبرة ودليل علمي إلثبات البنوة أو
األبوة بيولوجيا ،والتي كرسها المشرع في الفقرة الثانية من المادة 54من ق أ وذلك
لغرض حل مختلف قضايا التنازع حول النسب في الكثير من الحاالت منها:
في حاالت اختالط المواليد في مستشفيات الوالدة.
حالة اختالط أصحاب الجثث المفحمة.
في حالة أطفال االنابيب.
حاالت ضياع األطفال بسبب الحوادث والكوارث أو الحروب وتعذر معرفة أهلهم
الحاالت التي يدعي فيها رجل أنه فقد غبنه لفترة طويلة
حاالت اختالط األطفال في الحروب والكوارث ،والضحايا مجهولو النسب هوية
الطفل.
و التحقق من نسبه الحقيقي.
الحالة التي تدعي فيها المرأة أن مولودها يخص رجال معينا ،إلجباره على الزواج أو
طمعا في الميراث والنفقة للتأكد من النسب سلبا أو إيجابا.
نستنتج مما تطرقنا إليه أن البصمة الوراثية دليل علمي ممتاز في إثبات النسب إال أنه ال
يمكن أن تتقدم على الطرق الشرعية والقانونية الوارد في المادة 1/54من ق أ حيث يلجأ
إليها في حالة غياب هذه الطرق أو في حالة تعارضها .ما يعني أن األبوة الثابتة بهذه الطرق
ال يمكن إبطالها بالبصمة الوراثية ،كما أن نفي النسب الثابت بالطرق الشرعية ال يكون إال
1
عن طريق اللعان وفقا لما أكدت عليه المادة 51من قانون االسرة
-1فارسي صالح الدين سيدعلي ،النسب في التشريع الجزائري مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ’
قانون خاص جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم 2022/2021ص , 37.38
19
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
يعد التلقيح االصطناعي شكال من أشكال التقدم العلمي الحديث ،مما جعله يثير ولحد
اآلن إشكاالت شرعية وقانونية خاصة منها ما يتعلق بإثبات نسب المولود الجديد نتاج هذه
العملية ،األمر الذي أعطى لهذا الموضوع أهم ية كبرى كونه يرتبط ارتباطا وثيقا بأهداف
الشريعة اإلسالمية الغراء ومقاصدها في حفظ النسل.
ولقد نصت المادة 45مكرر المضافة بموجب التعديل الصادر باألمر 02 05على
أنه يجوز للزوجين اللجوء إلى التلقيح االصطناعي مع ضرورة اخضاع هذه الطريقة في
اثبات النسب إلى شروط محددة وهذا ما يدل على أن المشرع الجزائري اختار مسايرة العصر
1
باعتماده على تقنيات جديدة ومعاصرة.
لغة :التقاء الحيوان المنوي بالبويضة أو اتحاد مشيج الذكر (الحيوان المنوي) مع مشيج
األنثى (البويضة) وتكوين الالقحة وذلك بغير االتصال الجنسي.
اصطالحا :فيعرف بأنه عبارة عن إدخال حيوانات منوية مستخرجة من الزوج داخل الزوج
عن طريق الحقن بغرض تلقيح البويضة داخل الرحم وهو ما يسمى بالتلقيح الداخلي أو
إخصاب بويضة الزوجة بعد استخرجها وتلقيحها بنطفة الزوج داخل أنبوب االختبار ثم إعادة
زرعها داخل رحم الزوجة وهذا ما يسمى بالتلقيح الخارجي وسمي هذا التلقيح بالتلقيح
االصطناعي لكونه ال يتم بالطرق الطبيعية المعروفة بل عن طريق تقنيات مخبرية من صنع
اإلنسان.
20
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
يتم التلقيح االصطناعي في هذه الصورة عن طريق حقن السائل المنوي للزوج في
الليلة السابقة للتبويض في رحم المرأة ،فالتلقيح هنا يقتصر على ماء الزوجين دون غيرهما،
وتتميز هذه الصورة بأنها تقترب من اإلنجاب الطبيعي إذ بمجرد إدخال السائل المنوي في
1
رحم المرأة بنجاح تسير األمور بعد ذلك كما لو كان اإلنجاب طبيعيا،
وهو الوسيلة التي يتم فيها تلقيح البويضة من المرأة خارج رحمها وذلك من خالل (أنبوب
اختبار )،ويتم هذا التلقيح عن طريق انتزاع بويضة أو أكثر صالحة لإلخصاب من مبيض
ال زوجة ثم توضع هذه البويضات في وسط مالئم ومغذي في وجود نطفة الزوج ،ثم يتم
إخصاب البويضة األنثوية بالنطفة الذكرية ليتم بعدها نقلها إلى رحم الزوجة التي كانت قد
أعدت خصيصا الستقبالها من خالل معالجة هرمونية ،وحينئذ يتكون الجنين ويحدث
الحمل.2
انطالقا من الضوابط الشرعية التي حددها علماء الفقه اإلسالمي .تنص المادة 45مكرر
المضافة عام 2005بان يخضع التلقيح االصطناعي للشروط االتية:
-1شوقي زكريا صالح ,التلقيح الصناعي بين الشريعة اإلسالمية والقوانين الوضعية ,دار النهضة العربية ص 11طبعة
.2011
-2شوقي زكريا الصالحي ,المرجع نفسه ص.61
21
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
أن يكون الزواج شرعيا :أن يقوم األطباء بهده العملية بعد التأكد من وجود عقد زواج .1
شرعي.
أن يكون التلقيح أثناء حياتهما وبرضا الزوجين ،فال يجوز قانونا القيام بالتلقيح بماء .2
الزوج على زوجته بعد انتهاء الرابطة الزوجية بينهما سواء بالفسخ أو بالطالق أو
بالموت.
أن يتم بمني الزوج وبويضة رحم الزوجة دون غيرهما :وهي الصورة التي اقرها .4
أن يكون اللجوء إلى عملية التلقيح االصطناعي بغرض العالج .5
لقد سار المشرع الجزائري في اتجاه غالبية التشريعات القانونية المقارنة من حيث
إجازة عمليات التلقيح االصطناعي وذلك بعد تعديله لقانون األسرة باألمر رقم 02/05 :لسنة
،2005حيث نص في المادة 45مكرر على أنه يجوز للزوجين اللجوء إلى التلقيح
1بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري ،الزواج والطالق ،ج 1ط, 4ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر 2005,ص.409
22
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
االصطناعي وذلك تحت جملة من الشروط يستوجب توافرها إلضفاء المشروعية على مثل
هذه العمليات والمتمثلة أساسا في:
.1أن يكون التلقيح االصطناعي بين الزوجين :ويقصد بهذا الشرط المدرج في المادة
45من قانون األسرة أن تتم عمليات التلقيح بين رجل وامرأة تجمعهما رابطة زوجية
مشروعة حيث يتم تلقيح بويضة الزوجة بماء زوجها ،مما يجعل من الرابطة الزوجية
أهم شرط إلباحة عملية التلقيح االصطناعي
.2أن يتم التلقيح االصطناعي حال قيام العالقة الزوجية :ال يكفي في إجراء التلقيح
االصطناعي أن يتم فقط بين الزوجين ،وانما البد وأن يتم كذلك حال قيام العالقة
الزوجية وفقا لما اتجهت إليه إرادة المشرع الجزائري فإذا ما انتهت العالقة الزوجية
بالموت أو الطالق فإنه قد تم االتفاق على عدم جواز عملية التلقيح االصطناعي لما
في ذلك من أضرار تتعلق بنسب الطفل المولود من جهة وبالورثة من حجبهم حجب
1
نقصان أو حرمان
.3رضا الزوجين بإجراء التلقيح االصطناعي :من المبادئ المستقرة في القانون الطبي
ضرورة توافر الرضا ،وبما أن عمليات التلقيح االصطناعي هي من العمليات
المستحدثة في الطب فإن المشرع الجزائري يشترط في إجرائها رضا الزوجين
باعتبارهما طرفي هذه العملية ،فالرضا المتبادل بين الزوجين شرط أساسي في جميع
2
صور التلقيح االصطناعي الداخلي والخارجي'.
1أقزيط مفتاح محمد ،الحماية القانونية للجنين بين الفقه اإلسالمي والفقه الوضعي ،المكتب الجامعي الحديث ،اإلسكندرية،
ط ،2004،1ص.83
-2تشوار جياللي (نسب الطفل في القوانين المغاربية لألسرة بين النقص التشريعي التنقيحات المستحدثة) ،مجلة العلوم
القانونية واإلدارية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة تلمسان ،العدد ،03سنة ،2005ص .12
23
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
.4أن تكون الجهة القائمة بالعملية مختصة وموثوق بها ،وهذا بغية أال يترتب عن
إجراء هذه العمليات اختالط للنطف وبالتالي المحافظة على مقصد من مقاصد
الشريعة والمتمثل في عدم اختالط األنساب.
فيفهم من هذا النص ،االعتراف بمشروعية هذه الوسيلة الطبية في مساعدة الزوجين للقضاء
على آثار العقم.
يشمل الدم على العديد من الصفات الوراثية الموروثة من األب واألم ،حيث يأخذ
الولد نصف الصفات من أبيه الحقيقي والنصف اآلخر من أمه عن طريق الحيوان المنوي
للرجل والبويضة لألنثى .ومن العالمات الوراثية الموجودة في الدم فصائل الدم الرئيسية.
لغة :هو سائل حيوي أحمر اللون يسري في الجهاز الدوري لإلنسان والحيوان ،ينقل
1
العناصر المغذية خالل الجسم بواسطة األوردة والشرايين
اصطالحا :هو عبارة عن سائل مركب يتكون من الخاليا والبالزما ،وتنقسم خاليا الدم
إلى ثالثة مجموعات هي كريات الدم الحمراء وهذه الكريات دورها فعال في تحديد فصيلة
الدم ،وكريات الدم البيضاء وأخي ار الصفائح الدموية .أما البالزما فتنقسم إلى أربعة تركيبات
2
هي :األلبمين ،الهيموقلبين ،الفيبروجين ،وعوامل التخثر وعددها 19عامل.
-1سعيدان أسماء ،إثبات النسب في القانون الجزائري ،بيت االفكار ،الدار البيضاء ،الجزائر (مؤلفات خاصة) ص .97
-2بوزيد خالد إثبات النسب بالطرق العلمية ف ي قانون األسرة والقانون المقارن ،أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم،
تخصص قانون خاص ،جامعة وهران 02محمد بن احمد ،كلية الحقوق والعلوم السياسية 2018/2017 ،ص .46
24
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
يستند فحص الدم عل أساس علمي متين مفاده أن دماء البشر تختلف عن بعضها وهي في
أربع فصائل رئيسية 1.A.AB.B.O ،ويستند هذا التقسيم على وجود مولد الضد أو انعدامه
في كريات الدم الحمراء ،ويطلق على وجود مولد الضد األجلوتينوجين ،كما يستند أيضا إلى
احتواء مصل الدم على أجسام ضدية أو انعدام وجودها ويطلق عليها باألجسام الضدية
المقابلة. 2
فصيلة الدم Aتحتوي على مولد الضد Aفي كريات الدم الحمراء وتحتوي على أجسام
مضادة Bفي البالزما
فصيلة دم Bوتحتوي على مولد الضد Bفي كريات الدم الحمراء ،وتحتوي على
أجسام مضادة Aفي البالزما
فصيلة دم ABتحتوي على مولد ال ضد Bو Aفي كريات الدم الحمراء وال تحتوي
على أي أجسام مضادة في البالزما
ـ فصيلة دم Oال تحتوي على مولد الضد Aو مولد الضد Bفي كريات الدم الحمراء
وتحتوي على أجسام مضادة من نوع Aو Bفي البالزما.
وفيما يلي جدول يوضح ا لعالقة بين مولدات الضد واألجسام المضادة في مجاميع الدم
المختلفة ،والتراكيب الجينية التي تقابلها:
1عباسالعبودي،شرحأحكامقانونالبينات:دراسةمقارنةمعززةبآخرالتعديالتالتشريعيةوالمبادئالقانونية،دارالثقافةللنشروالتوزيع،
عمان2007،ص.243
2عباس العبودي ،شرح أحكام قانون البينات :دراسة مقارنة معززة بآخر التعديالت التشريعية والمبادئ القانونية ،دار الثقافة
للنشر والتوزيع ،عمان 2007 ،ص .243
25
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
وأشير في هذا الصدد إلى نظرية برنستين في وراثة فصائل الدم التي تعتبر أن هناك
03عوامل موروث ــة حيث ) (O, B, A) (B, Aسائدة ،بينما ( (Oمتنحية وكل نسل له
إثنين من هذه الثالث واحد من كل والد.
مثال :طفل فصيلة دمه Aقد تكون AAأو AO،طفل فصيلة دمه Bقد تكون BBأو
BOواذا ورث عاملين متنحيين سيكون Oواذا ورث عاملين سائدين سيكونAB.
و قد دعمت نظرية برنستين بالحقائق التالية:
-أب Oال يمكن أن يكون له طفلAB.
-أب ABال يمكن أن يكون له طفلO .
26
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
تتأثر فصيلة دم االبن بنوع فصيلة دم أبويه (األم واالب ) ،سواء كان األبوين من
فصيلة دم واحدة أو من فصيلتين مختلفتين ،فإذا تم التعرف على فصيلة دم األبوين يمكن
معرفة فصيلة دم االبن ،وهو األمر ذاته في حالة معرفة فصيلة دم االبن يتم التعرف على
فصيلة دم األبوين.
تعتمد الكثير من بلدان العالم على تحاليل الدم إلظهار أبوة رجل معين ادعت إحدى
النساء أنه أب لطفلها ،إال أنه يمكن لتحاليل الدم استثناء أبوة هذا الرجل وليس إثبات أبوته
1
بشكل قطعي فحص فصيلة دم األبوان والولد يحيل على أحد الفرضيتين.
-1دكتور حسين غلي شحرور ،الطب الشرعي ،مبادئ وحقائق ،مكتبة النرجس .ص .257
27
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
الفرضية األول :حالة ظهور فصيلة دم الطفل مخالفة لفصيلة دم الزوجين فإن هذا
دليل على أن الزوج ليس هو األب الحقيقي للطفل
مثال :فصيلة الدم ألحد األبوينAB ،والفصيلة الدموية لآلخرO ،فال يمكن أن يكون
الطفل من فصيلة Oفيكون إما من فصيلة Aأو من فصيلة Bوكذلك إذا لم يكن أحد األبوين
من فصيلة Oفال يمكن للطفل أن يكون من مجموعةO.
الفرضية الثانية :حالة توافق فصيلة دم الطفل مع فصيلة دم األبوين يعني أن الزوج
قد يكون هو الوالد الحقيقي للطفل وقد ال يكون كذلك ،وهذا بسبب أن فصيلة الدم الواحدة قد
يشترك فيها عدة أشخاص ،فإذا كانت فصيلة دم األبوين متشابهة فهذا ال يعد دليال مؤكد
على ثبوت نسب الولد للزوج .
وما يمكن استخالصه أن وراثة فصائل الدم ال تعطي أكثر من % 40في مجال
إثبات النسب وتصلح كدليل لنفي النسب بنسبة 100 %ذلك تصنف ضمن الطرق العلمية
ذات الحجيه الظنية وقد أفرز التطور البيولوجي أكثر من 20نظام لفحص الدم تعد بمثابة
قرينة قاطعة في نفي النسب دون إثباته. 2
1ارسي صالح الدين سيدعلي ،النسب في للتشريع الجزائري ،مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر ،كلية الحقوق،
جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم ,2022/2021,ص .32
-2بومجان سالف ،إثبات النسب ونفيه وفقا لتعديالت قانون االسرة الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا
للقضاء ،الدفعة ,2008/2005 , 16ص .40
28
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
-2االحماض األمنية :هي جزيئات عضوية خاصة تستخدمها الكائنات الحية لصنع
البروتينات اما العناصر الرئيسية في األحماض األمنية هي :الكربون ،والهيدروجين
واالكسيجين ونيتروجين.
البروتينات يتم صناعتها داخل الخاليا ،وعندما تقوم الخلية بصنع البروتين يطلق
على هذه العملية " التعبير المورثي "
يتم استنساخ المعلومة الوراثية المحمولة على ال ADNإلى .ARNm
يتم تحويل ال ARNmإلى بروتين عن طريق عملية الترجمة وذلك بتدخل عناصر
وانزيمات.
الهيكلي :العديد من البروتينات تكون داخل هيكل االنسان مثل " الكوالجين " الموجود
في الغضروف واالوتار.
الدفاعي :بروتينات تساعدنا في الوقاية من االمراض وهي التي تصنع االجسام
المضادة المسؤولة على محاربة الجراثيم
الناقل :يمكن للبروتينات ان تساعد في حمل المواد الغذائية األساسية في جميع انحاء
الجسم مثل " الهيموغلوبين " الذي يحمل االكسيجين في خاليا الدم الحمراء
ومنه فالبروتينات لها دور كبير في تحديد صفات جسم االنسان ألنها تدخل في تركيب جسم
االنسان مثل :الشعر والدم والعظام.....
29
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
-5أهمية البروتينات:
ومنه فالبروتينات هي عنصر أساسي وضروري جدا للحياة وحوالي %20من جسم االنسان
يتكون من البروتينات وكل خلية في جسم اإلنسان تستخدم البروتينات للقيام بوظائفها.
كخالصة :فان نضام المجموعة البروتينية هو نضام أدق من نضام فائل الدم وذلك الن مع
البروتينات تحدد الفروق البيولوجية بوضوح لكل فرد مما يجعلها الوسيلة األفضل في مجال
أثبات النسب وذلك من خالل دراسة البروتينات لألفراد المراد اثبات نسبهم.
30
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
رغم التكريس القانوني إلمكانية إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة وخاصة القانون
03/16والخاصة بالبصمة الوراثية وشروط وكيفية استعماليها في الفصل الثاني من القانون
السالف الذكر فإن إعمال القضاء لتلك الضروف ال بحول دون وجود عقبات وعوائق قد
تؤدي إلى عدم تكريسها عمليا ومنها بالخصوص ،فإن تعاون الخصوم على إظهار الحقيقة
لن يحدث في غالب األحي ان إن لم يكن بطريقة تلقائية ولذا فإنه من المتوقع أن يثير الخصم
بعض العقبات التي يحاول من خاللها اإلفالت من الحضور االختبارات الوراثة وال سيما
عندما يكون سيء النية.1
وسنتناول من خالل هذ المبحث وفق مطلبين أحدهما العوائق القانونية واألخر العوائق
المادية.
يقصد بها الثغرات القانونية التي يمكن أن يستغلها الخصم للتهرب من االختبارات
الوراثية ،فمن هذه العوائق حرمة الحياة الخاصة واحترام السالمة الجسدية وعدم إجبار
الشخص على تقديم دليل ضد نفسه.
1بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة وفق أخر التعديالت ومدعم بأحدث اجتهادات العليا ج،1أحكام
الزواج،ط،4ديوان المطبوعات الجامعية 2010 ،ص .405
31
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
منها إلغاء عقوبة ا إلعدام واستبدال إجراء الحبس االحتياطي بالمراقبة ألقضائية ،وتحسين
1
ظروف اإلقامة في المؤسسات العقابية وتوفير وسائل التربية .....إلخ
كما أصبحت الشعوب تعمل كذلك على صيانة كرامة اإلنسان من بعض المخاطر
الناتجة عن التقدم العلمي ،كعملية استبدال األنسجة واألجهزة البشرية وعملية االستنساخ وكل
ما يمس السالمة الجسدية ألشخاص وقد تجسدت هذه االنشغاالت في توفير الحماية
القانونية الالزمة بحيث أصبحت السالمة الجسدية للشخص حقا من حقوق اإلنسان العالمية.
لقد عبرت الجماعات الدولية الممثلة في األمم المتحدة ومؤتمراتها عن قلقها إزاء المنجزات
العلمية والتقنية الحديثة ،التي تولد مشاكل اجتماعية وتعرض للخطر الحقوق المدنية
والسياسية للفرد والجماعة وتتجاوز اعتبارات تتعلق بالكرامة اإلنسانية ،ولقد أوصت األمم
المتحدة على اتخاذ تدابير فعالة لكفالة استخدام التقدم العلمي والتكنولوجي في تأكيد حقوق
اإلنسان وحرياته.2
لم يتخلف المشرع الجزائري عن مواكبة التطور الحاصل في المجتمع الدولي حيث
كرس الدستور حقوق اإلنسان ال سيما من خالل المادة 34التي نصت على انه " :يعاقب
القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات وكل ما يمس بسالمة اإلنسان "
.3والمادة 37التي نصت على أنه " :ال يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة،
وحرمة شرفه ،ويحميها القانون" .4وكذلك نص المادة الثالثة من ق رقم ( )16-03والتي
نصت على ما يلي " :يتعين أثناء مختلف المراحل أخذ العينات البيولوجية واستعمال
1
أحمد عبد الدايم،أعضاء جسم اإلنسان ضمن التعامل القانوني ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان،1999 ،
ص52
2إثبات النسب بالطرق العلمية البيولوجية الحديثة في القانون الجزائري ،القانون الشامل ،بحث منشور على الموقع ،دون
ذكر اإلسم ،البصمة الوراثية من المنظور اإلسالمي سنة 2003ص .56
3دستور 28نوفمبر 1996المعدل والمتمم لدستور 23فبراير ،1989ج.ر ،ع 94لسنة .1976
4المرجع السابق.
32
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
البصمة الوراثية ،احترام كرامة األشخاص وحرمة حياتهم الخاصة وحماية معطياتهم
1
من الشخصية ،وفقا ألحكام هذا القانون والتشريع الساري المفعول".
خالل ما تقدم يتضح أن هناك تعارض بين حقين أولهما يتمثل في حق المجتمع في
الوصول إلى الحقيقة والثاني هو حق اإلنسان في صيانة أسرار حياته الخاصة خاصة ،إذا
كان األمر يتعلق بتحليل فصائل الدم التي تتطلب عملية إجرائها نوع من التدخل على جسم
اإلنساني عن طريق سحب بعض من الدم المعني باستخدام أجهزة معينة.
من هنا يطرح السؤال :إلى أي مدى ينحني مبدأ معصومية الجسد امام حماية قيمة
أخرى ال تقل أهمية وهي مسألة النسب ؟ أو بعبارة أخرى إلى أي مدى يمكن للفحص أن
يشكل تدخال في الحياة الخاصة للفرد التي يميها الدستور؟
الشك أن اإلجبار على الخضوع للفحص الطبي يعد نوعا من االعتداء على مبدأ
حرمة الجسد والذي يمثل إحدى القيم العليا ألي مجتمع متحضر .ولكن أال يتضمن رفض
الخ ضوع لهذا الفحص باسم مبدأ حرمة الجسد تعديا شديدا على حقوق ذات أهمية ال تقل
على مبدأ حرمة الجسد ؟ .فحق الطفل في النسب من أهم الحقوق التي كفلتها الشريعة
اإلسالمية وأوجبت رعايتها والحفاظ عليها.
لذلك يجوز إجبار الشخص للخضوع للفحص الطبي من أجل إثبات النسب أو نفيه
رغم أن هذا مساس بحرمة الجسد وكرامة اإلنسان ،إلى أن هذا المساس يكون لغايات أسمى
يسعى إليها المشرع ،وهي حفظ األنساب ومنعها من االختالط ،وبهذا يرفع التعارض بين
البصمة الوراثية ومبدأ معصومية الجسد.
1
ق رقم 03-16مؤرخ في 14رمضان عام 1473الموافق ل 19يونيو سنة 2016يتعلق باستعمال البصمة الوراثية
في اإلجراءات القضائية والتعرف على األشخاص.
33
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
إذا كان هناك سيء من التعارض بين المصلحة العامة للمجتمع ،في أن يكون لكل
طفل أب يقوم على تربيته ،وبين المصلحة الشخصية وهيا صيانة معصومية الجسد فإن
غالبية الفقه القانوني يرجح المصلحة العامة على حساب حق اإلنسان على جسده ،وهذا
الترجيح له اعتبارات أشارت إليه محكمة ليل الفرنسية في حكمها الصادر ،1947بخصوص
منازعة زوجين حول إثبات بنوة ابن لهما ،حيث يستخلص من وقائع القضية أن زوج المدعى
التمس من المحكمة تعيين خبير لفحص عينة من دمه ودم االم والطفل قصد التحقق من
نسب االبن ،في حين أن الزوجة رفضت ذلك،مرتكزة في دفاعها على مخافة اإلجراء
المطلوب لمبدأ الحرية الشخصية ومبدأ معصومية الجسد،إال ان المحكمة أمرت بإخضاع
المدعي عليها اإلجراء الفحص الطبي.1
ومن بين االعتبارات التي ذكرتها المحكمة ،أنه ال يمكن التذرع بمبدأ معصومية الجسد
للحيلولة دون إجراء تلك الفحوص ،كما أن للقضاء أن يستخدم الوسائل التي يعتقد انها
مناسبة إلظهار الحقيقة ،ومنها وسيلة للفحص العلمي.
وهذا ،لقد رجحت بعض التشريعات حق الطفل في معرفة أصوله على حق الشخص
في سالمة الجسدية ،كالمشرع األلماني حيث تلزم المادة 37من قانون أصول المحاكمات
األلمانية ،كل شخص وليس فقط األطراف في الدعوى أن يقبل الخضوع ألي اختبار
بيولوجي.2
ويضيف دكتور زقاوي .ان الحق في سالمة الجسدية انها مصلحة المجتمع أو الفرد
التي ينظمها الشارع ،ويحميها في أن تسير الوظائف الحيوية في الجسد على نحو طبيعي
وفي ان يحتفظ بتكامله وأن يتحرر من اآلالم البدنية.
1محمد أبو زيد ،دور التقدم البيولوجي في إثبات النسب،م الحقوق ،الكويت ،ع ،1السنة ،20مارس ،1996ص.76
2برزوق عالل أمال 2015-2014 .أحكام النسب بين القانون الجزائري والقانون الفرنسي ،أطروحة لنيل شهادة دكتوراه
في القانون الخاص ،تلمسان ،جامعة أبو بكر بلقايد ،ص.390
34
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
وعليه البد من الحصول على موافقة من يخضع للطرق العلمية إلثبات النسب ،ألن
ذلك يمس بحرمة الجسد البشري والحق في سالمة الجسدية.1
فكان البد من احترام الشروط وضوابط عند اللجوء الستعمال الطرق العلمية منها:
-ان تكون هناك ضرورة عند التقاضي يتطلب إجراء تحاليل علمية
-أال يشكل ذلك أي ضرر بجسد الخاضع له
ومنه يمكن الخروج على مبدأ المساس بسالمة الجسد عند موافقة السلطات المختصة
من اجل تحقيق المصلحة العامة وتقديمها على المصلحة الخاصة تطبيقا لقاعدة تحمل
الضرر الخاص لدفع الضرر العام ،كما أنه من باب أخر يحق لألطراف مطلق الحرية في
رفض الخضوع للفحص أو الطعن في نتائجه إما بالتزوير أو الخطأ بطلب خبرة مضادة.
وهذه الضمانات القانونية شرعت لغلق باب المشاكل الناجمة عند اللجوء إلى هذا الدليل
العلمي بغية إظهار الحقيقة البيولوجية في قضايا ومنازعات النسب المتعددة مما يسمح
للقاضي عند االقتضاء ،أن يكره الشخص للخضوع لها من أجل مصلحة الشخص والطفل
معا لمعرفة اصوله البيولوجية ولمصلحة العادلة.2
الفرع الثاني :عدم جواز اجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه
يعتبر مبدأ عدم جواز إلزام الشخص على تقديم دليل ضد نفسه ،من أهم المبادئ التي
أخذ بها المشرع الجزائري في اإلثبات ،ويقصد بهذا المبدأ أنه إذا كان لدى أحد طرفي
الخ صوم دليل يفيد خصمه فال يجوز إجباره على تقديم هذا الدليل ،ألنه من حق كل خصم
أن يحتفظ بأوراقه الخاصة ،وليس لخصمه أن يلزمه بتقديم دليل يملكه وال يريد تقديمه.
2شرفي نصيرة .اثبات النسب في القانون الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في القانون،تخصص عقود ومسؤولية،
البويرة ،جامعة أكلي محند اولحاج ،ص.47
35
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
هذا التصور يتماشى مع مبدأ حياد القاضي ،ذلك المبدأ الذي يجعل موقف القاضي
سلبيا هو االخر ،فال إلزام عليه بتكليف الخصوم بتقديم الدليل على دفاعهم ،أو لفت نظرهم
إلى مقتضيات هذا الدفاع ،فهو يتلقى أدلة اإلثبات والنفي كما يقدمها أصحاب الخصومة
وفقا إلجراءات التي يضعها القانون ،دون تدخل من جانبه.1
فكل التشريعات الدول تكرس المبدأ بعدم جواز إجبار الشخص على تقديم ضد نفسه
من حيث األصل ـ مهما كان هذا الدليل قاطعا ومنتجا في الدعوى ،غير أنه في حالة إثبات
النسب يجوز التدخل على جسم المتهم مما قد يمثل اعتداء على الحرية الشخصية ،إذ
يستطيع الشخص الخاضع للفحص بالطرق العلمية الرفض واالمتثال لتحاليل البصمة
الوراثية ،إذا ما كانت له أسباب معقولة تبرر رفضه هذا .وقد يجبر المتهم على الخضوع
لهذه االختبارات من أجل الوصول إلى الحقيقة ،حتى ولو أكره المتهم عليها في حال رفضه
ذلك طواعية ،ويكون خضوعه من قبل طبيب مختص أو بناء على قرار من النيابة العامة أو
قاضي التحقيق مع توافر أدلة كافية الرتكابه جناية أو جنحة.2
إن األخذ بالطرق العلمية يعتبر انتهاكا لهذا المبدأ ،ذلك ألنها تقوم بإجبار األب أو
األم على الخضوع لفحص الحامض النووي أو أخذ بصمات معينة أو تحليل فصيلة الدم
وغيرها ،وهاذ يعد إجبا ار والزاما للشخص على تقديم دليل ضد نفسه ،وهو ما يجعله دليال
باطال.
1محمود عبد الدايم ،البصمة الوراثية ومدى حجيتها في اإلثبات دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي ،ديوان
الوطني المطبوعات الجامعية ،2011الجزائر ص.89
2أمزيان راضية ،إثبات النسب بالطرق العلمية في القانون الجزائري واشكاليته ،مجلة اإلنسان قسنطينة ،سنة ،2018ص
.305
36
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
الواقع أن اتجاها حديثا يرفض التصور السابق ،ويرى أن على الخصوم التزاما
بالمشاركة وبالمعاونة في اإلثبات .1
إن نقطة البداية في هاذ االتجاه الحديث هي التمييز بين عبئ اإلثبات وعبئ إقامة
الدليل .فبخصوص عبئ اإلثبات ،فالمقصود به العبء السلبي لإلثبات بمعنى عبئ خطر أو
تبعة اإلثبات وهذا ما يتحمله طرف واحد فقط،وهو المدعي بخالف الظاهر أصال أو عرضا
أو فرضا والذي لم يستطع ان يثبت صحة ادعاءاته ،أما بخصوص عبء إقامة الدليل
فيقصد به العبء االيجابي لإلثبات ،بمعنى عبء تقديم األدلة التي تساعد في الكشف عن
الحقيقة ،وهذا العبء يتحمله الطرفان معا ،وبهذا يتضح أن إسناد مخطرة اإلثبات إلى
الخصم الذي فشل في إثبات ما يدعيه ال يحول دون قيام خصمه الذي ال يقع عليه هذا
العبء بالمعاونة في اإلثبات.
كذلك فإن اليمين التي تعد وسيلة يلجأ إليها الخصم الذي يقع عليه عبء اإلثبات،
يلزم فيها خصمه بأن يقول الحقيقة ،2فهي مظهر من مظاهر واجب تعاون الخصوم في
الكشف عن الحقيقة ،باإلضافة أن قانون اإلجراءات الجزائية الذي يسمح للضبطية القضائية
أو وكيل الجمهورية بتفتيش المتهم أو منزله جب ار عنه ،إذا كان لذلك فائدة في إظهار الحقيقة
التي يسعى التشريع إلى تحقيقها ،ونفس الغاية التي يسعى إليها المشرع الجزائر يمن خالل
إجازته للطرق العلمية في مجال إثبات النسب.
إذا ،فمن الواضح أنه ـ حفاظا على الولد من الضياع ـ على المشرع أن يعطي الخصم
في أن يجبر خصمه بتقديم ما تحت يده من أدلة تساعد على إظهار الحقيقة ،وهذا معناه أن
ن طاق األدلة التي يجوز للخصم إجبار خصمه على تقديمها يمتد ليشمل المساس بجسم
37
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
اإلنسان ،كما هو الشأن الحصول على عينة أو خلية من الجسم لفحصها ،وهذا يؤدي بنا
إلى مواجهة الصعوبة أخرى تتمثل في مبدأ معصومية الجسد.1
كما أن المشرع الفرنسي كان قد أخل فيما سبق موقفا أكثر صراحة من غيره فقد
جاءت المادة 10من القانون المدني والمعدلة في 5يوليو ،1972تكريس مبدأ عام
بمقتضاه يخول القاضي سلطة تقديرية في إجبار الخصوم والغير عن طريق الغرامة التهديدية
بتقديم ما لديهم من ألمستندات كما أن للبصمة الوراثية نصيب من ذلك.2
ويظهر مما سبق أنه بالرغم من إمكانية التحجج بمبدأ عدم جواز إجبار الشخص على
تقديم دليل ضد نفسه بالنظر إلى المستجدات الطبية ،فإنه حتى يستجاب لهذه التطورات
يجب أن تشمل حركة التعديل عددا من القوانين ،وهي بدورها ستوفر حماية للطرفين المنكر
للنسب الذي يحتج بهذا المبدأ ،والطفل مجهول النسب.
لكل فرد منا حياته الخاصة ،فال يجوز انتهاكها بأي شكل من األشكال ،كما أن
المشرع الجزائري اعتبرها حق دستوري تضمنه الدولة.3
فحسب المادة 34من دستور 1996فإن" :الدولة تضمن عدم انتهاك حرمة اإلنسان
وتحظر اي عنف بدني أو معنوي أو أي مساس وبالكرامة.4
1سليمان مرقص ،في شرح القانون المدني ،أصول إثبات وأجراءاته ،في المواد المدنية،المجلد ،1مطبوعة السالم ،سنة
،1991القاهرة ،ص .231
2بلحاج العربي ،المرجع السابق ،ص.403
3المادة 34من دستور .1996
4
دستور .1996
38
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
وعليه فحرمة الحياة الخاصة تشكل أحد العوائق أمام تطبيق الطرق العلمية في
النسب ،ألن فحص الحمض النووي يشكل تدخال في حياة الفرد ،فتفتح المجال للبحث عن
خصائص وراثية من خالل استعداد وراثي وقد يمد للغير بمعلومات خاصة بالزوج والزوجة
تكون ذات طابع شخصي خاص.1
يتضح مما سبق ذكره أنه لكي تعتبر الطرق العلمية وسيلة فعالة في إثبات النسب ،ال
بد أن تخضع لضمانات قانونية لغلق باب المشاكل المتربة عن اللجوء إلى إحدى األدلة
العلمية ،بغية إظهار الحقيقة البيولوجية للطفل .فال بد من الحصول على الموافقة من يخضع
للفحص ،إضافة إلى حماية المعلومات الوراثية باعتبارها حق من الحقوق الشخصية والذين
3
يشكل بدورهما ضمانة ثالثة ،هي عدم جواز إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه.
إال أ ن هذه الضمانات القانونية إن وجدت فإنها ال تكفي لوجود عقبات أخرى تقف
عائقا أمام إبراز النسب الحقيقي للطفل.4
39
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
بعد وصول القضية المتنازع فيهما حول نسب الطفل أمام الجهة القضائية المختصة
يقوم القاضي المخول قانونا بالنضر في وقائع القضية ،وأقوال المتخاصمين ،ويقدر بسلطته
مدى وجوب اال ستعانة بالخبرة الطبية إلثبات النسب خاصة إذا كانت المدفوع التي يؤسس
1
عليها األطراف دعواهم لم تكن قناعة لديه للنطق بالحكم
وال يمكن ألي حال من األحوال لقاضي شؤون األسرة الفصل في مسألة إثبات النسب
بالطرق العلمية إال باللجوء إلى االستشارة الخبراء والعلماء المختصين في ذلك للتوصل إلى
نتائج علمية دقيقة باعتبارها من المسائل التقنية
40
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
ولعل استحداث مخبر علمي واحد على المستوى الوطني مقارنة باستحداث الطرق
العلمية من طرف المشرع ،يعد عائقا ماديا يحول دون تحقيق إرادة القاضي في الكشف عن
النسب الحقيقي ،وبالتالي التقليل من فئات مجهولين النسب.1
إضافة إلى ذلك فإن اللجوء إلى الطرق العلمية يرتكز على وجوب توافر مختبرات
معززة
أ ـ يتطلب اللجوء إلى الطرق البيولوجية توافر ذو جودة عالية وتقنية محضة نظ ار
لصعوبة استعمال الوسائل المستخدمة في هذا المجال.
ب ـ يتطلب اللجوء إلى الطرق البيولوجية اإللمام الشامل والمعرفة الدقيقة بعلم الجنيات
وكل األنظمة المستعملة .
في هذا المجال الذي يرتكز على الفرضيات والحاالت النادرة واستعمال بعض
المفاعالت صعبة ومعقدة يجب مراقبتها بصورة دقيقة فمثال إثبات الخبراء بأنه يتطلب
استعمال على األقل من 20نظام في هذا المجال للوصول إلى نتيجة الحتمية في إثبات أو
النفي.
ج ـ يتطلب نضام( ) HLBدون سواء امكانية ضخمة سواء باالعتماد على المخبر
على الجودة وعلى الخبراء تقنيين اخصائيين رفعي المستوى من بينهم أخصائيين في
اإلحصائيات واالحتماالت نظ ار ألن يشكل إحدى األنظمة المعقدة والشائكة.
وفي األخير ،فإنه على الرغم من الصعوبات والمشاكل التي قد تواجه استخدام الطرق
العلمية في مجال منازعات البنوة فإنه ال يمكن تجاهل الدور الذي تلهبه في مجال اثبات
41
الفصل األول……………… ……………......تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب
النسب من خالل دقة نتائجها ،فإلى اي مدى يمكن ان تكون نسبة لخطأ فيها ؟ وهل جميع
1
الطرق العلمية قطعية
إذا كان اللجوء إلى الطرق البيولوجية يرتكز في األساس على ضرورة توفر آليات
وهياكل مادية ضخمة للوصول إلى نتائج فعالة ،فإن ذلك يتطلب بالمقابل مصاريف باهظة
تفتقر إلى ألية قانونية يتم بموجبها تحميل الخزينة العامة أعبائها ،وبالتالي يتحملها أطراف
دعوى ،فهل يمكن تصور ذلك بالنظر إلى األوضاع المعيشة واالقتصادية لمواطن
2
الجزائري،مما يستدعي القول بأن مجال لجوء المواطن إلى هذه الخبرة يبقى ضيقا جدة
42
الفصل الثاني:
حجية الطرق العلمية في إثبات النسب
وسلطات الق اضي في تقديرها
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
1
أعمال الندوة الثانية عشر سنة 1998بعنوان الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري والعالج الجيني ص .198
2
الدكتور نبيل سليم (البصمة الوراثية وتحديد الهوية) مقال منشور محلة حماة الوطن عدد 265سنة 2004
الكويت .
3
الدكتور سعد الدين الهاللي -المرجع السابق ص .273
44
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
التعفن والعوامل المناخية المختلفة من حرارة وبرودة ،حتى أنه يمكن الحصول على
1
البصمة من اآلثار القديمة والحديثة.
و بالتالي فإن نتيجة البصمة الوراثية في إثبات النسب بنسبة 99,99 %وفي حالة
النفي بنسبة % 100إذا تم التحليل بطريقة سليمة ،لكن ورغم ما تتمتع به البصمة
الوراثية من قوة ثبوتية ،فهل هذا يعني أن اإلثبات بواسطتها يشكل قرينة واقعية أقوى من
القوة الثبوتية التي تتمتع بها سائر وسائل اإلثبات األخرى؟
1
مقال بجريدة الوطن السعودية -الصادرة يوم السبت 01/05/2004العدد .1380
45
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
األخطاء البشرية :إن التحاليل الجينية (خصوصا البصمة الوراثية) تخضع لسيطرة
اإلنسان وبالتالي يقع فيها ما كان يفترض أن ال يقع ،ومن ذلك األخطاء البشرية التي
تنسب إلى القائمين عليها وليس للبصمة الوراثية ذاتها ،وقد جاء في مقدمة القرار السابع
للمجمع الفقهي ما نصه" :أن الخطأ في البصمة الوراثية ليس واردا من حيث هي ،وانما
1
وترجع هذه األخطاء إلى الخطأ في الجهاد البشري أو عوامل التلوث أو نحو ذلك"
القصور في الجوانب العلمية والفنية والجوانب اإلجرائية القانونية ،2ويقول األطباء
البيولوجيون أن طريقة إستخالص الحامض النووي عملية دقيقة جدا تحتاج إلى سوائل
طيارة مثل الكلوروفورم واإليثانول ويستخدم له جهاز يسمى " إلكتروفوريسا" ويستخرج
بعدة طرق مثل :طريقة ) (RELPإلستخراج عينة ال ADNمن نسيج الجسم أو سوائله
وتتجمد أهم خطوات هذه الطريقة في اآلتي:
-تقطع العينة بواسطة أنزيم معين يمكنه قطع شريطي ال ADNطوليا ،فيفصل
قواعد األدينين Aوالجوانين Gمن ناحية والتامين أو السيتوزين Cمن ناحية أخرى
ويسمى هذا األنزيم باآللة الجينية أو المقص الجيني.
-ترتب هذه المقاطع بإستخدام طريقة تسمى بالتفريغ الكهربائي.
-تعرض المقاطع إلى فيلم األشعة السينية X-ray film.وتطبع عليه فتظهر
على شكل خطوط داكنة اللون ومتوازية وقد تستغرق هذه الطريقة من 8إلى 10أيام
ورغم أن جزيء ال ADNصغير إلى درجة فائقة حتى أنه لو جمع كل الى ADNالذي
1
القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجاالت اإلستفادة منها المجمع الفقهي اإلسالمي -الدورة -16لمرجع السابق
ص .2
2
الدكتور أبو الوفاء محمد -مدى حجية البصمة الوراثية في اإلثبات الجنائي في القانون الوضعي والفقه اإلسالمي
ص . 692
46
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
تحتوي عليه أجساد سكان األرض لما زاد وزنه عن 36ملجم فإن البصمة الوراثية تعتبر
1
كبيرة نسبيا وواضحة.
و هناك تقنية أخرى تعرف بتقنية التفاعل النووي المتململ أي تكبير الحمض النووي
ويضم إلى عدة ماليين من النماذج وتدعي طريقة PCRبحيث يستخرج الADN
بواسطة أنزيم مكتف .وتبعات الخطأ بهذه الطريقة تكون أكثر إرتفاعا من تبعات الخطأ
عدم إستعمال تقنية (RELP)2و قد إشترط العلماء في كل هذه الطرق أن تكون العينات
طازجة ونظيفة وأن ال تكون قد تعرضت إلى إعتديات بيئية .فكل هذه الخطوات العملية
والتقنية ال علم للقاضي بها ولم يستوعب طريقة تحضيرها فهي محتاجة إلى جهاد مكثف
من الخبراء حق تخرج النتائج سليمة من الشوائب .
*اإلستنساخ البشري :نظ ار للتطور الكبير الذي عرفه علم الهندسة الوراثية ،فقد
أصبح من الممكن إنتاج جنس بشري خارج الطريقة الطبيعية بواسطة تقنية اإلستنساخ،
فإن كان األصل أن لكل إنسان ADNخاص به ال يتشابه مع غيره ،ولكن ذلك يتنافى
مع اإلستنساخ الذي يؤدي إلى صناعة ألوف النسخ المتشابهة لها نفس الصفات الوراثية
ونفس الى ADNوهذا يناقض بالضرورة ما هو ثابت علميا ويؤثر حتما على خصوصية
كل كائن بشري.
و بالتالي فإن عملية االستنساخ البشري تقتل تقنية البصمة الوراثية في مهدها
وتجعل القاضي أمام تحديات جديدة للوصول إلى الحقيقة ،لذلك ال بد من تظافر الجهود
عالميا لمكافحة هذه الظاهرة.
هذه أهم األسباب التي أوهنت من قيمة التحاليل البيولوجية ورغم ذلك تبقى البصمة
الوراثية خصوصا قرينة قوية أقوى بكثير من تحليل فصائل الدم التي تنفي النسب فقط وال
يمكن اإلعتماد عليها في إثباته .وأخلص مما سبق إلى أن التحاليل الجينية تبقى قرينة
1
www.islamonline.
2
وسام أحمد السمروط – القرينة وأثرها في إثبات الجريمة -دراسة فقهية مقارنة الطبعة األولى لعام 2007ص300
47
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
ظنية تخضع لتقدير المحكمة وسلطتها في إستخالص الوقائع وتقدير أدلة الدعوى
المطروحة أمامها .وبهذا ينتصر لواء أهل القضاء على أهل الطب ألنهم – أي أهل
الن ِ
اس أَن القضاء هم أهل الحق والرشاد الذين أمرهم اهلل تعالى بقولهَ " :وِا َذا َح َك ْمتُم َب ْي َن َّ
تَ ْح ُك ُموا بِا ْل َع ْد ِل " ( النساء اآلية )58
48
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
1فضيل محمد األمين ،إثبات النسب بطرق علمية حديثة ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،تخصص قانون
جنائي وعلوم جنائية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة يحي فارس بالمدية ،الجزائر ،2020 ،ص .29
-2براوي سميرة ،إثبات النسب بطرق علمية حديثة ،مذكرة لنيل شهادة ماستر الحقوقية ،تخصص قانون األسرة ،كلية
الحقوق جامعة سعيدة ،ص .51
49
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
_ يجوز االعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في قضايا التنازع في
النسب شرط ثبوت الفراش الشرعي المبني على العقد الشرعي إذا توافرت شروطه الشرعية
والقانونية وذلك النعدام األدلة مع أحد الطرفين أو تعارضها أو تساویھا في القوة ،بحيث
ال يسقط أحدهما اآلخر.
_ يمنع استعمال الطرق العلمية للتأكد أو إلسقاط نسب مستقر بأحد الطرق الشرعية من
الزوجية والبينة واإلقرار ،ألن ذلك يؤدي إلى إثارة الشكوك والظنون السيئة وفقد الثقة بين
الزوجين األمر الذي يمس األسرة ويشتت العالقات ،في حين أننا مطالبون بالضاهر
وحمل أنساب الناس وأعراضهم محمل الطهارة والعفة وھذا ھو األصل.
_ال يجوز شرعا وقانونا تقديم البصمة الوراثية على اللعان ،كما أنه ال يجوز االستغناء بها
عن اللعان ،ألن ذلك يتماشى مع مقاصد الشريعة في تضييق وسائل نفي النسب ،رعاية
لمكانته وحفاظا الستق ارره.
_ ال يجوز أخذ الجينات إلجراء التحاليل إال بالقدر الكافي للعملية المقصودة في حالة
البصمة الوراثية وذلك منعا للتالعب بالجينات والجينوم البشري بالبيع أو الغش أو
2
التجارة.
_2ضمانات اللجوء إلى الخبرة الطبية إلثبات النسب.
إن اللجوء إلى الطرق العلمية إلثبات النسب يخضع لضمانات قانونية أهمها:3
_ موافقة الخاضع للخبرة الطبية ،استنادا لمبدأ حرمة الجسد البشري والحق في السالمة
الجسدية طبقا للمادة 161وما يليها من القانون رقم 85/05المؤرخ في 1985/02/16
المعدل بالقانون رقم 98/09المؤرخ في 1998/08/19المتعلق بالحماية الصحية
1
-حسام األحمد ،البصمة الوراثية حجيتها في اإلثبات الجنائي والنسب ،منشو ارت الحلبي الحقوقية ،ط ،2010 ،1
ص ..118
2إقورة زوبيدة ،االكتشافات الطبية والبيولوجية وأثرها على النسب على ضوء قانون األسرة الجزائري ،دار الهدى ،عين
ميلة ،الجزائر ،2010 ،ص ..248
3العربي بلحاج ،بخوث قانونية في قانون األسرة الجزائري الجديد ،ديوان المطبوعات الجامعية ،2014 ،ص ..246
50
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
وترقيتها ،وتختلف شروط هذه الموافقة وفقا لما كانت الخبرة الطبية ستجري على شخص
حي أو على جثة ميت.
_ حماية المعلومات الوراثية باعتبارها حقا من حقوق الشخصية ،وهي حماية شرعية
وقانونية من خالل المبدأ العام المتعلق بالحق في الحياة الخاصة ،وعدم إفشاء السر
المهني طبقا لنص المادة 37من المرسوم التنفيذي رقم 92/276المؤرخ في
1992/7/6المتضمن أخالقيات الطب.
_ يلتزم الطبيب بمراعاة تنفيذ كافة المعايير العلمية والضوابط الشرعية والقانونية
واألخالقية والقيم الدينية واالجتماعية ،التي تضعها السلطات المختصة إلجراء التجارب
واالختبارات والفحوصات الطبية على اإلنسان.
ثانيا :الحكم القاضي بإجراء الخبرة الطبية
دعاوى إثبات النسب ترفع كباقي الدعاوى بموجب عريضة افتتاح دعوی تودع
وتسجل بأمانة ضبط المحكمة تحديدا قسم شؤون األسرة ،الواقع في دائرة اختصاصها
موطن المدعى عليه طبقا ألحكام المادتين 490و 491من قانون اإلجراءات المدنية
واإلدارية ،ولما تعرض على القاضي هاته الدعوى يجوز له االستعانة بالطرق العلمية
إلثبات النسب في شكل خبرة طبية كون أن ذلك من المسائل التقنية التي تخرج عن
اختصاص القاضي.1
فيستعين بأعوان العدالة وھم الخبراء القضائيون ،وفي شكل خبرة قضائية ،وقد
نظمها المشرع في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية.
والخبرة طبقا للمادة 125ن نفس القانون تهدف إلى توضيح واقعة مادية تقنية أو
علمية محضة للقاضي ،وقد خول القانون للقاضي اللجوء إليها من تلقاء نفسه ،أو بناء
على طلب الخصوم أو النيابة العامة باعتبارها طرفا أصليا في الدعوى طبقا لنص المادة
1حمزة مشوار ،إثبات النسب ونفيه وفقا للتعديالت قانون األسرة ،مذكرة ماستر في الحقوق ،تخصص قانون األسرة،
كلية جامعة سعيدة..37 ،2006-2005 ،
51
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
03مكرر من قانون األسرة ويجوز له تعيين خبير أو عدة خبراء من نفس التخصص أو
من تخصصات مختلفة من أجل القيام بالمهام الواردة في منطوق الحكم الصادر قبل
الفصل في الموضوع والقاضي بتعيينهم ويعد تقرير خبرة مفصل بذلك.
ويجب أن يتضمن حكم األمر بالخبرة مايلي:
-عرض األسباب التي بررت اللجوء إلى الخبرة ،وعند االقتضاء تبرير تعيين عدة خبراء.
-بيان اسم ولقب وعنوان الخبير أو الخبراء المعينين مع تحديد التخصص.
-تحديد مهمة الخبير تحديدا دقيقا.
-تحديد أجل إيداع تقرير الخبرة بأمانة الضبط.
ويتضمن الحكم القضائي تحديدا األمر بأخذ العينات من األطراف المعنية ،وفي
بعض الحاالت تؤخذ من بعض األقارب أصوال وفروعا وحواشي كأبناء اإلخوة أو
العمومة ،وذلك حسب دواعي القضية ،إضافة إلى الطفل المتنازع حول نسبه ،وفحصها ثم
إعطاء النتيجة النهائية سلبا أو إيجابا للجهة القضائية التي قامت بتعنينه.1
الفرع الثاني :سلطة القاضي في تقدير الخبرة الطبية.
وتقرير الخبرة الطبية لما يودع لدى أمانة ضبط المحكمة ،يعيد الطرف المستعجل
السير في الدعوى بعد الخبرة ،ليتصل القاضي بالملف ويفصل في موضوع الدعوى ،لكن
ما مدى التزامه بتقرير الخبرة.
أوال :مدى التزام القاضي بتقرير الخبرة الطبية.
تبقى السلطة التقديرية للقاضي في أن يقرر مبدئيا إذا كان األمر يستلزم تعيين خبير
وله أن يأخذ برأيه أو ال ،أو بتعيين خبير آخر ،كما له أن يأخذ برأي خبير دون آخر
وذلك كله من أجل التطبيق السليم للقانون والحفاظ على حقوق المتقاضين.
1لينة بن دادة ،إثبات النسب بالوسائل العلمية ،مذكرة محمد خيضر ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق،
بسكرة ،2005-2004 ،ص ..54
52
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
ويستمد القاضي تلك السلطتة من المادة 144من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية
فقرتها األول ى ،فتأسيس الحكم على نتائج الخبرة جعله القانون اختياريا للقاضي غير أن
االستثناء الوارد في الفقرة الثانية من المادة 144المذكورة سلفا ،يقيد القاضي بضرورة
تسبيب استبعاده لنتائج الخبرة ،بأن يتم ذلك لعيب شكلي أو النحيازها أو لعدم مصداقيتها
وتقرير الخبرة ھو تقرير علمي صامت ،ويتمتع القاضي وفقا لسلطته التقديرية بحق تقدير
نتائج الخبرة ومحتواها ،بما في ذلك األدلة الفنية ،فيأخذ بما ھو محدي ويترك ما يعارض
الصواب فهو غير ملزم برأي الخبير ،وعليه أن يناقش تقرير الخبرة ويرد على الدفوع
المثارة من قبل األطراف ،وتقدير مدى مالئمة خبرة مضادة ،مادام تقدير األدلة موكال
لقضاة الموضوع.1
ثانيا :تطبيقات عملية لقضايا إثبات النسب في القضاء الجزائري.
تجدر اإلشارة إلى أنه عمليا يطرح عدد كبير من قضايا إثبات النسب ونفيه في
المحاكم ورغم أن قانون األسرة من خالل المادتين 40و 41كان واضحا بأن جعل اللجوء
إلى الطرق العلمية اإلثبات النسب دون نفيه ،وأن نفيه ال يكون إال بموجب الطرق
الشرعية إال أن معظم المتقاضين يطلبونه بأنفسهم أو ممثلين بمحاميهم لنفي النسب
الثابت ،ومن القضاة من يستجيب لذلك ،وفيما يلي بعض الق اررات الصادرة عن المحكمة
العليا بمناسبة الفصل في قضايا النسب:
:1نفي النسب يكون عن طريق اللعان.
ملف رقم 99000قرار بتاريخ ،1993/11/23قضية (ع ح) ضد (م و)
نفي النسب مدة الحمل تتجاوز ستة أشهر عدم نفي النسب في المدة المقررة شرعا
للعان.
التمسك بالشهادة الطبية الحكم بإثبات الزواج ونفي النسب ،خطأ في تطبيق القانون.
المادتان 41و 42من قانون األسرة من المقرر قانونا أنه ينسب الولد ألبيه متى كان
الزواج شرعيا وأمكن االتصال ولم ينفيه بالطرق المشروعة ومن المستقر عليه قضاء أن
مدة الحمل ال تتجاوز ثمانية أيام.
ومتى تبين في قضية الحال أن المطعون ضده لم يبادر بنفيه الحمل من علمه به
وخالل المدة المحددة شرعا ،وتمسك بالشهادة الطبية التي ال تعتبر دليال قاطعا ،وألن
الولد ولد بعد مرور أكثر من ستة أشهر على البناء ،فإن قضاة الموضوع بقضائهم بصحة
الزواج العرفي مع رفض إلحاق نسب أبيه عرضوا قرارهم للتناقض مع أحكام المادة 41
من قانون األسرة وأخطئوا في تطبيق المادتين 41و 42من قانون األسرة فيما يخص
إلحاق النسب.1
:2اللعان يتم بالمسجد وليس بالمحكمة.
القرار رقم ،172379الصادر بتاريخ 1997/10/28في قضية (ق م) ضد (ق أ)
أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أنه طبقا للمادة 42من قانون األسرة أن أقل مدة
الحمل هي ستة أشهر ،وطبقا للمادة 41من نفس القانون فإن الولد ينسب ألبيه متى كان
الزواج شرعيا ولم ينفيه باللعان ،وأن ھذا األخير ال يكون إال بالمسجد العتيق وفي أجل ال
يتجاوز ثمانية أيام من يوم العلم بالحمل الذي يراد نفيه.
وقد ورد في تسبيب القرار ما يلي ":حيث أن عقد الزواج قد تم في1993/05/09
والولد قد وضع يوم 1994/04/19والبناء قد تم حسب تصريح المطعون ضده أسبوعا
بعد تحرير العقد المذكور وعليه فالخبرة التي أمر بها قضاة الموضوع مخالفة للشرع
والقانون مادام الولد قد ازداد األكثر من ستة أشهر ومن الخطأ الفادح الحديث عن وزن
الولد وكأن النسب أصبح يخضع لألوزان ،كما جاء في القرار المنتقد ،باإلضافة إلى أن
اللعان ال يتم أمام المحاكم بل مكانه بالمسجد العتيق وال يصح في غيره من المساجد وفي
أجل محدد ال يتجاوز ثمانية أيام من يوم العلم بالحمل الذي يراد نفيه ،هذا ما استقر عليه
اجتهاد المحكمة العليا ،مع العلم أن اإلمام مالك رضي هلل عنه فقد حدده بيوم واحد من
يوم العلم واال سقط الحق في المطالبة باللعان سواء لرؤية الزنا أو لنفي الحمل.1
:3نفي النسب يكون عن طريق اللعان.
الملف رقم 69798مؤرخ في 1991/04/23في قضية (ب ز) ضد (خ ل)
أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أنه من المقرر شرعا وقانونا أنه إذا وقع اللعان
يسقط نسب الولد ويقع التحريم بين الزوجين.
وقد ورد في تسبيب القرار ما يلي" :أن فقهاء الشريعة اإلسالمية ومن بينهم سيدي
خليل وابن مالك يرون أنها إذا حملت الزوجة قبل انعقاد زواجها ووضعت حملها قبل ستة
أشهر يمكن للزوج انکار أبوته إن لم يكن قبل صراحة أو ضمنا بأبوته كما أنهما يرون إذا
وقع اللعان بين الزوجين يجب إنكار األبوة وهذا في حالة الزواج القانوني أو غير القانوني
ومن الثابت أنه إذا وقع اللعان يسقط نسب الولد ويقع التحريم بين الزوجين.2
:4مدة اللعان ھي أسبوع من يوم رؤية الزنا أو العلم بالحمل.
القرار رقم 296020الصادر بتاريخ ،2002/12/23قضية (ق ح) ضد ع ع)
استقر اجتهاد المحكمة العليا على أن مدة اللعان ھي أسبوع من يوم رؤية الزنا أو
العلم بالحمل.
وقد صدر هذا القرار بمناسبة تمسك الطاعن بدعوى مالعنة المطعون ضدها بشأن
نسب الولد ،وهو ما رفضه الحكم والقرار المنتقد بسبب أنها جاءت متأخرة جدا وغير
1جمال سايس ،االجتهاد الجزائري في مادة األحوال الشخصية ،ج ،2منشورات كليك ،ط ،1الجزائر ،213 ،ص
..930
2
-باديس ذيابي ،حجية الطرق الشرعية والعلمية في دعاوى النسب على ضوء قانون األسرة الجزائري ،دار الهدى،
عين ميلة ،الجزائر .2010،ص ..165
55
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
مقبولة ألنها محددة بوقت قصير ،بينما دعواه جاءت بعد علمه بالحمل الذي استمر حوله
النزاع ما يقارب عشرون سنة.1
:5النسب يثبت شرعا بقيام العالقة الزوجية ما لم ينفي بالطرق المشروعة.
القرار رقم ،165408الصادر بتاريخ ،1997/07/08قضية (س أ) ضد ( م د)
أكدت المحكمة العليا أن الطفل يثبت نسبه إذا تمت والدته أثناء قيام العالقة الزوجية
ولم تنفی بالطرق المشروعة.
وقد ورد في تسبيبه ":أن المادة 42من قانون األسرة ال تنطبق على دعوى الحال،
ألن والدة الطفل قد تمت والزوجية قائمة بين الزوجين ،والطاعن لم ينفه بالطرق المشروعة
وأن دعوى الغيبة ال معنى لها طبقا للمادة 41من قانون األسرة التي طبقت قاعدة الولد
للفراش وللعاهر الحجر."2
:6يجب عدم الخلط بين إثبات النسب في الزواج الشرعي وبين إلحاقه في حالة العالقة
غير الشرعية.
القرار رقم ،355180الصادر بتاريخ ،2006/03/05قضية (ب س) ضد (م ع ).
أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أنه يمكن طبقا للمادة 40من قانون األسرة إثبات
عن طريق الخبرة الطبية (الحمض النووي )adnمعتمدين في ذلك المادة 41نفس
القانون
وبين إلحاق النسب في حالة العالقة غير الشرعية.
وقد ورد في تسبيبه ":حيث باالطالع على القرار المطعون فيه الذي تبنى الحكم
المستأنف يتبين منه أين قضاة الموضوع لم يستجيبوا لطلب الطاعنة الرامي إلى إلحاق
نسب المولود (ص م) للمطعون ضده معتمدين في ذلك على المادة 40من قانون األسرة
ق أ ج.1
:7نفي النسب يكون بدعوى اللعان وفي حالة التمسك بها ال يجوز التمسك بالطرق
العلمية.
القرار رقم ،605592الصادر بتاريخ ،2009/10/15قضية (ر ق) ضد ( س ش)
أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أنه يحول رفع دعوى اللعان دون التذرع بالطرق
العلمية اإلثبات النسب.
وقد ورد في تسبيبه ":حيث أنه يتبين فع ال بالرجوع إلى أوراق الملف أن النزاع سبق
طرحه على القضاء وكان أخر قرار صدر عن مجلس قضاء المسيلة بتاريخ
2006/10/02وقضى بإلغاء الحكم المستأنف الصادر عن محكمة سطيف بتاريخ
2003/02/01وقضى من جديد بعدم قبول دعوى المالعنة التي رفعها المطعون ضده
لورودها خارج األجل الشرعي
وبعد الطعن بالنقض صدر ذلك القرار من قبل المطعون ضده رفضت المحكمة العليا
2
طعنه عن غرفة األحوال الشخصية والمواريث بتاريخ2008/07/16.
:8يثبت النسب باالغتصاب إذا ثبت بحكم قضائي ،باعتباره نكاح الشبهة.
القرار رقم ،617374الصادر بتاريخ ،2011/05/12قضية رقم (ب ف) ضد (ب أ)
أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أن االغتصاب الثابت بموجب حكم قضائي يعد
وطأ باإلكراه ويكيف على أنه نکاح شبهة ويثبت به النسب.
وقد ورد في تسبيبه" :حيث أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين أن قضاة
الموضوع أسقطوا نسب البنت عن المطعون ضده اعتمادا على أن البنت ولدت بعد شهر
وثالثة أيام من انعقاد الزواج واستنتجوا من ذلك أنه كان نتيجة عالقة غير شرعية.1
المطلب الثاني :تقدير القاضي لنفي النسب بين اللعان والطرق العلمية
عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى احكام الشريعة االسالمية " ،وقد اجازت احكام الشريعة
نفي النسب بضوابط شرعية مقررة في القرآن والسنة التي أقرت اللعان كأداة شرعية لنفي
النسب.
لقد نص قانون األسرة الجزائري رقم 11/84والمعدل والمتمم باالمر رقم 02/05
في الفقراء الثانية من المادة المعدل بمقتضاه والتي تنص على أنه " يجوز القاضي اللجوء
إلى الطرق العلمية إلثبات النسب".
فهل يمكن للقاضي ترجيح االدلة الشرعية على االدلة العلمية في نفي النسب أو
ان يعطل أثر اللعان ويأمر باللجوء إلى الطرق العلمية ؟
الفرع األول :نفي النسب باللعان
اللعان نظام قانوني واحدى الطرق المشروعة لنفي النسب جاء بها فقهاء الشريعة
1
االسالمية وهو أقوى من الفراش
ان قانون األسرة الجزائري لم ينص على التقيد بمذهب فقهي واحد رغم أن
المجتمع الجزائري يتبع مذهب المالكية في عمومه ،ومنه نسرد احكام نفي النسب باللعان
وفقا للمذاهب االربعة.
لغة :اللعان في اللغة االبعاد ،يقال لعنه اهلل اي ابعده عن رحمته وهو مصدر العن
2
يالعن مالعنة
1شمس الدين محمد بن ابي بكر ابن قيم الجوزية ،زاد المعاد في هدي خير العباد ،دار الكتاب العلمية ييروت لبنان
الجزئ الرابع ،الطبيعة االولى 1985ص .164
2عبد الرحمن الجزيري ،كتاب الفقه على المشاهير االربعة ،الجزئ الخامس دار الكتب العلمية ييروت لبنان ،الطبعة
الثانية 2003ص .97
59
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
اصطالحا " :ان اللعان شعيرة من شعائر االسالم وخصلة من خصال الدين االسالمي
1
الحنيف وحكم من الحكام الشريعة االسالمية "
ثانيا :مشروعيته:
ثم نسخ هذا الحكم في شأن الزوجات ونقل إلى اللعان استنادا الى .االيات
عن ابن عمر قال " :العن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بين رجل من االنصار
2
وامرته وفارق بينهما "
1
يرى االمام مالك والشافعية والحنابلة وجمهور العلماء ان اللعان يمين
وذهب ابو حنيفة واصحابه إلى أنه شهادة 2اما ابن القيم الجوزية فقال " :الصحيح
ان لعانهم يجمع بين الوصفين اليمين والشهادة فهو شهادة مؤكدة بالقسم والتكرار ويمين
3
مغلظة بلفظ الشهادة والتكرار "
النكول عن اللعان اما من الزوج أو الزوجة ،ان المعنى اللغوي لكلمة نكل هو
4
نكص وجبن "
اتفقت المذاهب االتية :الشافعية والمالكية والحنابلة على تطبيق حد القذف على
الزوج الممتنع عن اللعان وحد الزنا على الزوجة الممتنعة في حالة االمتناع أو التصديق
واقرارها بفاحشة الزنا ،اما الحنفية فأفتوا بحبس الممتنع عن اللعان سواءا الزوج أو الزوجة
حتى يالعنان بعضهما البعض.
ان الشافعية والمالكية والحنابلة قالوا " :يجري اللعان بين الحرين والعبدين ،والعدلين
5
والفاسقين ،والذميين أو احدهما رقيقا ،أو كان الزوج مسلما والمرأة ذمية "
1
سيد سابق ،فقه السنة الجزء الثاني ،نظام األسرة والحدود والجنايات ،دار المؤيد الطبيعة االولى عام 2001ص
.215
2
سيد سابق ،فقه السنة الجزء الثاني ،المرجع نفسه.
3سيد سابق ،فقه السنة الجزء الثاني ،المرجع نفسه ،ص .216
4سيد سابق فقه السنة ،المرجع السابق ص .217
5عبد الرحمن الجزيري ،كتاب الفقه على المذاهب االربعة ،المرجع السابق ص .100
61
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
أما الحنفية فقالوا " :اذا لم يكن الزوج من اهل الشهادة بان كان عبدا أو محدودا
1
في قذف ،أو كاف ار ال بصح لعانه ،وكذلك الزوجة اذا كانت ممن ال يجب قاذفها الحد "
2
يتم اللعان وجوبا امام الحاكم ،ويشترط العقل والبلوغ في كل من المتالعنين
ان ال يكون للزوج شهود على فاحشة الزنا ،الن المقصد الشرعي للعان جعل عوضا عن
الشهود.
قيام اللعان امام الحاكم المسلم.
بالنسبة لشرط رؤية الزوج لزوجته وهي تمارس فاحشة الزنا فقد اختلف حوله الفقهاء:
المالكية " :لو قال لزوجته _ يا زانية_ وجب عليه الحد ان لم يثبته ،وليس له أن
3
يالعن حتى يدعي رؤيته بعينه ،ألن الرؤية شرط في اللعان عندهم "
الحنفية والشافعية " :ان للزوج ان يالعن زوجته ولو لم يذكر رؤيته ألنها ليست
4
بشرط عندهم".
5
اللعان ال يكون اال حال قيام الزوجية ويكون في العدة
6
انفق العلماء على ان السنة في اللعان تقديم الرجل فيشهد قبل المرأة
سادسا :صور اللعان:
للعان صورتان:
1
عبد الرحمن الجزيري ،المرجع السابق.
2سيد سابق ،فقه السنة المرجع السابق ص .215
3عبد الرحمن الجزيري ،كتاب الفقه على المذاهب االربعة ،المرجع السابق ص .107
4عبد الرحمن الجزيري ،المرجع السابق ،ص .108
5محمد ابو زهرة ،االحوال الشخصية ،دار الفكر العربي ،الطبعة الثانية عام 1957ص .396
6سيد سابق فقه السنة ،المرجع السابق.
62
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
الصورة األول ى :ان يرمي الرجل امرأته بالزنا ولم يكن له أربعة شهداء يشهدون عليها
1
بما رماها به
اذا تحقق الزوج من زناها بأن رآها أو أقرت بذلك فانه يطلقها وال يالعنها ،واذا لم
يتحقق فانه ال يجوز له أن يرميها بالزنا.
الشافعية " :يتعلق باللعان خمسة احكام ،درء الحد ونفي الولد ،الفرقة ,والتحريم المؤبد،
2
ووجوب الحد عليهما وكلها تثبت بمجرد لعانه "
اذا قذف الرجل زوجته ،يقع عليه حد القذف وهو ثمانين جلدة ،ويد أر بنفسه عنه
باللعان ،اما الزوجة ان صدقت فاحشة الزنا يقام عليها حد الزنا واما ان كذبته فيد أر عنها
العذاب وتقع الفرقة بينهما على سبيل التأبيد.
الحنابلة والحنفية " :ال تقع الفرقة بفراغهما من اللعان حتى يفرق الحاكم
بينهما ،وال تقع الفرقة قبل صدور الحكم 3المالكية " :اذا فرغ من اللعان وقعت الفرقة بعد
لعانها خاصة ،وان لم يفرق الحاكم بينهما " 4و اتفق الشافعية والمالكية والحنابلة ان
المتالعنان ال يجتمعان ابدا بعد الفرقة اما الحنفية فقالوا بان الفرقة قد ال تكون مؤبدة اذا
أكذب الزوج نفسه ونفذ عليه حد القذف فانها تحل له بنكاح جديد.
يلحق نسب الولد بعد اللعان بأمه ،يقول الفقه االسالمي ":اذا نفى الرجل ابنه ،وتم
اللعان ،انتفى نسبه من أبيه وسقطت نفقته عنه ،وانتفى التوارث بينهما ،ولحق بأمه ،فهي
1
ترثه وهو يرثها "
تاسعا :نفي النسب باللعان في ضوء قانون اإلجراءات المدنية واالدارية والحالة المدنية
الجزائريين:
يتم نفي النسب وفقا الحكام القوانين الجزائرية السارية المفعول بدعوى اللعان،
والتي تخضع الحكام قانون اإلجراءات المدنية واالدارية رقم 09\08الصادر في 25
افريل 2008في الجريدة الرسمية الجزائرية العدد ،21يحوي على 1069مادة قانونية
2
موزعة على كتب وابواب وفصول
إن الحكام قانون اإلجراءات المدنية واالدارية تطبق على الدعاوى القضائية ،وبينها
دعاوى النسب سواء الثباته أو نفيه عن طريق دعوى اللعان وغيرها امام الجهات القضائية
المختصة توعيا واقليميا.
لم تحدد احكام القانون رقم 09\08المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية مواعيد زمنية
لممارسة دعوى اللعان وعليه تحيل نا احكام مادة قانونية في قانون األسرة " كل ما لم يرد
عليه النص في هذا القانون يرجع فيه ألحكام هو الشريعة االسالمية " إلى احكام الشريعة
االسالمية.
قدروا شروط صحة اللعان في نفي الولد بين ثالثة :هي الفورية وعدم االقرار بالولد
وتحقق حياته 1 .واختلف الفقهاء في معنى الفورية على ثالثة اقوال:
الثالث :انها تقدر بالعرف ويعذر في تاخير النفي لعذر فإذا لم يكن له عذر لزم
النفي فور العلم.
ان االطراف الرسمية في دعوى اللعان هم :الزوج والزوجة وممثل النيابة العامة
بمقتضى قانون األسرة " تعد النيابة العامة طرفا اصليا في جميع القضايا الرامية إلى
2
تطبيق احكام هذا القانون "
1سعد الدين مسعد هاللي ،البصمة الوراثية وعالئقها الشرعية ،مكتبة وهبة القاهرة ،جمهورية مصر العربية ،الطبعة
االولى عام 2010ص .354
2االمر رقم 02/05المؤرخ في ،2005/03/27يعدل ويتم القانون رقم 11/84المؤرخ في 9يونيو 1984المتضمن
قانون األسرة المادة 3مكرر منه ،الجريدة الرسمية الجزائرية العدد 15لعام 2005ص .19
65
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
يقوم الزوج أو الزوجة بتبليغ النسخة التنفيذية المتعلقة بالحكم النهائي إلى ضابط
الحالة المدنية بعد والدة الولد المنتفي نسبه قضائيا ،يشترط ان يولد حيا الن الولد الذي
يولد ميتا ال يقيد في سجل عقود الميالد وفقا الحكام القانون المدني الجزائري ،بعد ذلك
يقوم ضابط الحالة المدنية بتسجيل عقد ميالد الولد المنتفي نسبه عن أبيه بدعوى اللعان
في سجل عقود الميالد حيث يلحق نسبه شرعا وقانونا بأمه
ان المشرع الجزائري لم ينص على وسيلة دون اخرى في نفي النسب لكنه نص
على عبارة " بالطرق المشروعة " في نص المادة 41من قانون األسرة " ينسب الولد البيه
متى كان الزواج شرعيا وامكن االتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة " اذ توحي بان
المشرع ما دام قد وافق على ذلك في المادة 02\40من نفس القانون فانه ال ضير من
إستعمال الطرق العلمية الحديثة في نفي النسب.
66
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
الطريقة التي تستعمل في مقارنة الجينات وتحديد الهدف المراد الوصول اليه من خالل
1
هذا الحكم وهو القول ما إذا كان المعني من فروع أو اصول خصمه أو ورثته "
تبقى السلطة التقديرية للقاضي في ان يقرر اذا كان يستلزم االمر تعيين خبير وله
أن يأخذ برأيه أو ال انطالقا من المادة 144من قانون اإلجراءات المدنية ييمكن للقاضي
ان يؤسس حكمه على نتائج الخبرة " والمادة 02\40من قانون األسرة الجزائري يتضح لنا
جليا ان سلطة القاضي في هذا الشأن واسعة.
ان تقرير الخبير بعد اجراء التحاليل الالزمة هو تقرير صامت ,يتمتع فيه القاضي
بحق تقدير نتائجه فيأخذ ما هو مجدي ،ويترك ما يعارض الصواب فالقاضي غير ملزم
2
برأي الخبير.
الفرع الثالث :تقرير القاضي في ترجيح اللعان على الطرق العلمية أو ترجيح الطرق
العلمية على اللعان في نفي النسب:
أوال :ترجيح القاضي للطرق العلمية على اللعان في نفي النسب:
هناك من يرى بأن الطرق العلمية تعبر عن حقائق علمية ثابتة ويقينية وبالتالي
فمجال االستفادة من هذه االدلة المستحدثة مفتوح في مجال اللعان متى روعيت فيها
شروط الحس والشرع.
1بوخاري مصطفى امين ،اإلجراءات المتبعة امام القضاء الجزائري إلثبات النسب ونفيه بالطرق البيولوجية الحديثة،
مجلة الروافد للدراسات واألبحاث في العلوم االجتماعية واالنسانية جامعة ابو بكر يلقايد بتلمسان ( الجزائر) المجلد 4
( )1جوان 2020صو.290
2بلحاج عربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة وفق اخر التعديالت ومدعم باحدث اجتهادات المحكمة العليا ،ص
.399
67
الفصل الثاني ...حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها
يقول الدكتور محمد سليمان االشقر " اذا ثبت باختبارات البصمة الوراثية ان الزوج
هو االب الطبيعي للمولود فان ذلك يمنع نفي الولد عنه ،لكن ال يسقط حقه في اللعان
1
الن المرأة ربما حملت من زوجها ثم زنت أو زنت ثم حملت من زوجها "
اجاز المشرع الجزائري للقاضي اللجوئ إلى الطرق العلمية غير أنه سكت عن ذلك
فيما يتعلق بدعوى نفي النسب ،اذ ترك المادة 41دون تعديل بأن ينسب الولد البيه متى
كان الزواج شرعيا ،وامكن االتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة والطريق الشرعي الوحيد
الذي قال به فقهاء الشريعة االسالمية في مسالة نفي النسب هو اللعان " ان الطريق
الشرعي الوحيد لنفي النسب هو اللعان ،وال يجوز الغاء حكم شرعي بناء على نظريات
2
ليطرح اشكال تقرير القاضي في االخذ بالطرق العلمية في طبية ،فهي قرينة ال اكثر "
نفي النسب ،وكما ذكرنا سابقا فقد حدث تعارض بين الفقهاء إال ان االجماع على عدم
تقديم االدلة العلمية على االدلة الشرعية ثابت وهو ما سار عليه المشرع الجزائري ،وان
نصف سطر الذي احتوته المادة المتعلقة بالطرق العلمية في مجال النسب غير كافي وال
يسمح للقاضي بالتوسع وبناء حكمه في قبول طلب النسب أو نفيه ،وهو االمر الذي يبرر
الواقع المعاش في قطاع العدالة أين يقوم القضاة باللجوء إلى وسائل اثبات شرعية مثل
الشهود والفراش في اثبات النسب أو نفيه بدل العلمية بالرغم من اتاحتها وتوفير وسائلها.
1قورفة زبيدة ،االكتشاف االطبية والبيولوجية واثرها على النسب ،االمل للطباعة والنسر والتوزيع ،الجزائر .2012
2بسام محمد القواسمي ،أثر الدم والبصمة الوراثية في االثبات ط 4عام .2010
68
خاتمة
خاتمة ................................................. ..............................
لقد حاولنا من خالل عرضنا المتواضع كشف العديد من المشاكل التي تثيرها
مسألة إثبات النسب عموما ،ودور الطرق العلمية في ذلك نظ ار لما يكتسي هذا المجال
من أهمية بالغة فقهيا وتشريعيا وكذلك قضاء ،مبرزين من خالل ذلك نطاق تطبيق ها ته
الطرق ودورها البيولوجي والعلمي في اإلثبات والنفي من خالل درجات قيمتها وحجيتها.
إلى أن ذلك ال يخلو من التعقيدات واإلشكاليات التي يثيرها هذا الموضوع ،والتي
تتطلب حصرها من الجانب القانوني من خالل وضع إطار قانوني للطرق العلمية أو ال
سواء القطعية منها التي ترقي إلى درجة اليقين كما تم فصلها بالنسبة للبصمة الوراثية،
.ADN
كما أن الضرورة تستدعي تحديد قيمتها القانوني وحجيتها من خالل بسط سلطات
القاضي المكلف بشؤون األسرة في مجال تطبيق الطرق العلمية لخلق نوع من المرونة
القانونية ك ذلك و إال فما جدوى من وضع المشرع لهذه الطرق دون حصر لمجالها
وحاجيتها بما يفيد القضاة في سهولة اللجوء إليها كلما استعصى عليهم اإلثبات بالطرق
الشرعية ،كذا وفي شأن مسألة تلقيح االصطناعي التي أسالت الكثير من الحبر من خالل
التساؤل عنه إثبات أو نسب الولد عن طري ق هذه العملية وأساسها كطريقة علمية جديدة
لإلنجاب وجودا وعدما تماشيا مع وجود أو غياب إحدى شروطها الواردة في المادة 45
مكرر من قانون األسرة.
كل هذه المسائل وغيرها قد تقف عائقا أمام القاضي المكلف بشؤون األسرة إليجاد
حل قانوني بالنسبة للطالق العلمية المضافة بموجب األمر 02-05السالف ذكر ،مما
يستوجب التدخل المشرع الجزائري من أجل وضع إطا ار قانونيا ال يدع مجاال للتأويل
والتفسير أمام موضوع كان وال يزال يشكل اهتمام القضاة والخبراء في نفس الوقت.
70
خاتمة ................................................. ..............................
إجراء تعديل تشريعي يضع التحاليل الجينية ضمن اإلجراءات الملزمة ويتضمن
التعديل ضرورة إلزام الزوج بالخضوع إلجراء تحليل البصمة الوراثية مع تحمل الدولة تكلفة
إجراءه ها ته التحاليل.
ـ الحد من انتشار ظاهرة الزواج العرفي مع إصدار تعليمات ألئمة المساجد بمسك
سجالت خاصة لهذا الغرض حتى تسهل الرجوع إليها عند الحاجة
استصدار قرار إداري بمنع استخراج شهادة بقيد ميالد طفل إال بعد إجراء البصمة
الوراثية مطابقة لبصمة األبوين المسجلة في عقد زواجهما
إصدار قرار مثيل لألطفال اللقطاء ومجهولي النسب للبحث عن ذويهم أو لمعرفة
أمهاتهم على األقل ،وذلك ألنسابهم إليهن شرعا لما يتعلق بذلك من أحكام شرعية
كالميراث والمحرمات.
صدور األحكام القاضية بإثبات النسب إنتهائيا مع اعفاء إجراءات دعوى إثبات
النسب نع الرسوم القضائية.
وفي األخير شمول حركة التعديل على عدد أخر من القوانين حتى تربط ارتباط
وثيقا بمثل هذه المستجدات الطبية نذكر منها قانون األسرة ،قانون المدني حتى يحصل
نوعا ما من التكامل واالنسجام بين هذه التشريعات الوضعية والحقائق العلمية ،مع اعطاء
للطفل حقه في االنتماء إلى الوالدين الحقيقيين.
71
ق ائمة المراجع والمصادر
قائمة المصادر والمراجع .............................................................
أوال :الكتب
.1باديس ذيابي ،حجية الطرق الشرعية والعلمية في دعاوى النسب على ضوء قانون
األسرة الجزائري ،دار الهدى ،عين ميلة ،الجزائر.2010،
.2حسام األحمد ،البصمة الوراثية حجيتها في اإلثبات الجنائي والنسب ،منشورات
الحلبي الحقوقية ،ط ،2010 ،1
.3دكت ور حسين غلي شحرور ،الطب الشرعي ،مبادئ وحقائق ،مكتبة النرجس.
.4سعيدان أسماء ،إثبات النسب في القانون الجزائري ،بيت االفكار ،الدار البيضاء،
الجزائر (مؤلفات خاصة)
.5شوقي زكريا صالح ,التلقيح الصناعي بين الشريعة اإلسالمية والقوانين الوضعية ,
دار النهضة العربية ،طبعة .2011
4 .6اعائشة سلطان ابراهيم المرزوقي ،إثبات النسب في ضوء المعطيات العلمية
المعاصرة رسالة لنيل درجة الدكتوراه ،جامعة القاهرة كلية دار العلوم 2002. /
4- .7عباس العبودي ،شرح أحكام قانون البينات :دراسة مقارنة معززة بآخر
التعديالت التشريعية والمبادئ القانونية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان،
.2007
.8ابو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسيوري ،صحيح مسلم الجزئ الثاني ،دار
الحديث القاهرة الطبعة األول ى 1991
.9إثبات النسب بالطرق العلمية البيولوجية الحديثة في القانون الجزائري ،القانون
الشامل ،بحث منشور على الموقع ،دون ذكر اإلسم ،البصمة الوراثية من المنظور
اإلسالمي سنة .2003
قائمة المصادر والمراجع .............................................................
.10أحمد عبد الدايم ،أعضاء جسم اإلنسان ضمن التعامل القانوني ،منشورات
الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان.1999 ،
.11أقزيط مفتاح محمد ،الحماية القانونية للجنين بين الفقه اإلسالمي والفقه
الوضعي ،المكتب الجامعي الحديث ،اإلسكندرية ،ط.1،2004
.12إقورة زوبيدة ،االكتشافات الطبية والبيولوجية وأثرها على النسب على ضوء
قانون األسرة الجزائري ،دار الهدى ،عين ميلة ،الجزائر..،2010 ،
.13أقورفة زوبيدة اإلكتشافات الطبية والبيولوجية وأثرها على النسب في القانون
األسرة الجزائري ،اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم اإلسالمية ،تخصص
أصول الفقهسنة 2008ـ 2009جامعة الجزائر
.14أمزيان راضية ،إثبات النسب بالطرق العلمية في القانون الجزائري واشكاليته،
مجلة اإلنسان قسنطينة ،سنة ،2018
.15بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري ،الزواج والطالق ،ج1
ط , 4ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر2005,
.16بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة وفق أخر التعديالت ومدعم
بأحدث اجتهادات العليا ج،1أحكام الزواج،ط ،4ديوان المطبوعات الجامعية،
.2010
.17بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة وفق آخر التعديالت ومدعم
بأحدث اجتهادات المحكمة العليا ،ج ،1أحكام الزواج ،ط ،4ديوان المطبوعات
الجامعية. 2010،
.18بلحاج عربي ،الوجيز في شرح قانون األسرة وفق اخر التعديالت ومدعم باحدث
اجتهادات المحكمة العليا،
قائمة المصادر والمراجع .............................................................
الرسائل الجامعية:
.1مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزي آبادي ,القاموس المحيط ,جزئ ,1دار
الجيل ,بيروت االمر , 02/05المعدل والمتمم لقانون االسرة الجزائري ,المؤرخ
في .2005/02/27
.2حمدي مهدي ،بته عبد الوهاب ,مذكرة لنيل شهادة الماستر ,اثبات النسب في
قانون االسرة الجزائري ,جامعة المسيلة ,قسم حقوق ,2021/2020 ,ص
62/61/60
- .3فارسي صالح الدين سيدعلي ،النسب في التشريع الجزائري مذكرة نهاية الدراسة
لنيل شهادة الماستر في الحقوق ’ قانون خاص جامعة عبد الحميد بن باديس
مستغانم , 2022/2021
قائمة المصادر والمراجع .............................................................
.4تشوار جياللي (نسب الطفل في القوانين المغاربية لألسرة بين النقص التشريعي
التنقيحات المستحدثة) ،مجلة العلوم القانونية واإلدارية ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة تلمسان ،العدد ،03سنة ،2005
.5بوزيد خالد إثبات النسب بالطرق العلمية في قانون األسرة والقانون المقارن،
أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم ،تخصص قانون خاص ،جامعة وهران 02
محمد بن احمد ،كلية الحقوق والعلوم السياسية/2017 ،
.6بومجان سالف ،إثبات النسب ونفيه وفقا لتعديالت قانون االسرة الجزائري ،مذكرة
تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة ,2008/2005 , 16
.7عائشة سلطان ابراهيم المرزوقي ،إثبات النسب في ضوء المعطيات العلمية
المعاصرة ،رسالة لنيل شهادة الدكتواره ،جامعة القاهرة ،كلية دار العلوم ،قسم
الشريعة اإلسالمية ،القاهرة ،غير منشورة،1441 ،
.8فضيل محمد األمين ،إثبات النسب بطرق علمية حديثة ،مذكرة لنيل شهادة
الماستر في الحقوق ،تخصص قانون جنائي وعلوم جنائية ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة يحي فارس بالمدية ،الجزائر،2020 ،
.9براوي سميرة ،إثبات النسب بطرق علمية حديثة ،مذكرة لنيل شهادة ماستر
الحقوقية ،تخصص قانون األسرة ،كلية الحقوق جامعة سعيدة.
حمزة مشوار ،إثبات النسب ونفيه وفقا للتعديالت قانون األسرة ،مذكرة .10
ماستر في الحقوق ،تخصص قانون األسرة ،كلية جامعة سعيدة.2006-2005 ،
لينة بن دادة ،إثبات النسب بالوسائل العلمية ،مذكرة محمد خيضر ،كلية .11
الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،بسكرة،2005-2004 ،
قائمة المصادر والمراجع .............................................................
.12شرفي نصيرة .اثبات النسب في القانون الجزائري ،مذكرة تخرج لنيل شهادة
الماستر في القانون ،تخصص عقود ومسؤولية ،البويرة ،جامعة أكلي محند
اولحاج،
.13سالمي دلي لة ،حماية الطفل في قانون األسرة ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في
القانون الخاص ،كلية الحقوق ،بن عكنون ،جامعة الجزائر بن يوسف بن خدة،
الجزائر ،غير منشورة،1449،
.14دستور 28نوفمبر 1996المعدل والمتمم لدستور 23فبراير ،1989ج.ر ،ع
94لسنة .1976
.15خبي ريمة وبوتهلولة عالء ،اثبات النسب في ضوء التشريع الجزائري ،مذكرة
تخرج لنيل اجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة الخامسة عشر،2007/2006،
.16بوخاري مصطفى امين ،اإلجراءات المتبعة امام القضاء الجزائري إلثبات النسب
ونفيه بالطرق البيولوجية الحديثة ،مجلة الروافد للدراسات واألبحاث في العلوم
االجتماعية واالنسانية جامعة ابو بكر يلقايد بتلمسان ( الجزائر) المجلد )1( 4
جوان .2020
.17برزوق عالل أمال 2015-2014 .أحكام النسب بين القانون الجزائري
والقانون الفرنسي ،أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في القانون الخاص ،تلمسان،
جامعة أبو بكر بلقايد،
.18ارسي صالح الدين سيد علي ،النسب في للتشريع الجزائري ،مذكرة نهاية
الدراسة لنيل شهادة الماستر ،كلية الحقوق ،جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم
.,2022/2021,
.19شرقي نصيرة ,مذكرة التخرج ,اثبات النسب في القانون الجزائري ,جامعة بويرة،
ص .2013/2012 , 41
قائمة المصادر والمراجع .............................................................
المجالت:
.1راضية عيمور الط رق العلمية الحديثة وثبوت النسب مجلة الحقوق والعلوم
االنسانية الجزائر المجلد 10العدد 2سنة .www.asjp.cerist.dz 2017
عمامرة مباركة المجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية الطرق العلمية .2
الحديثة إلثبات النسب في قان ون األسرة الجزائري البصمة الوراثية ومدى حجيتحها
في اثبات النسب نموذجا المجلد 5العدد www.asjp.cerist.d 02
z/en/PresentationRevue/
.3قاشي عالل ،إثبات النسب كأثر مترتب عن الزواج بالطرق الشرعية والعلمية
البيولوجية الحديثة مجلة الصدى للدراسات القانونية والسياسية /العدد األول /
ديسمبر 2019
.4بن عودة حسكر مراد سلطات القاضي وتقديره للقاعدة العلمية في قضايا النسب
مجلة القانون العام الجزائري والمقارن المجلد األول ،العدد 01سنة .2015
النصوص القانونية:
المواقع االلكترونية:
الفصل الثاني :حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في
تقديرها
المبحث األول :حجية الطرق العلمية في إثبات النسب
المطلب األول :الحجية المطلقة للطرق العلمية إلثبات النسب
المطلب الثاني :الحجية النسبية للطرق العلمية
المبحث الثاني :سلطات القاضي في تقدير الطرق العلمية إلثبات النسب
المطلب األول :لجوء القاضي إلى الخبرة العلمية وسلطاته اتجاهها
المطلب الثاني :تقدير القاضي لنفي النسب بين اللعان والطرق العلمية
الخاتمة
قائمة المراجع
فهرس المحتويات