You are on page 1of 91

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد البشير اإلبراهيمي –برج بوعريريج‪-‬‬


‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫قسم الحقوق‬
‫تخصص‪ :‬قانون خاص‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة ليسانس في الحقوق‬

‫إش ارف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطلبة‪:‬‬

‫السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬


‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫قال اهلل تعالي‪:‬‬

‫َْقسَطُ ع َ‬
‫آند‬ ‫َ أ‬‫هو‬‫ْ ُ‬ ‫آم‬‫آه‬‫بائ‬ ‫ْ آِلَ‬‫وهم‬
‫ُ ُ‬‫ْع‬‫(اد‬
‫هم‬
‫ْ‬ ‫اءُ‬
‫آب َ‬‫موا َ‬ ‫ْل‬
‫َُ‬ ‫تع‬‫ْ َ‬ ‫لم‬‫إن ه‬ ‫آهَّللا ۚ ف‬
‫َآ‬
‫آيكُم‬
‫ْ‬ ‫َال‬ ‫مو‬ ‫الدينآ و‬
‫ََ‬ ‫ِّ‬ ‫آي‬‫ْ ف‬ ‫نكُم‬
‫َاُ‬‫إخْو‬‫َآ‬‫ف‬
‫ْ‬‫َيْكُم‬‫َل‬‫ليْسَ ع‬‫ََ‬‫ْ و‬ ‫َيْكُم‬‫َل‬‫ليْسَ ع‬ ‫ۚ و‬
‫ََ‬
‫آن‬ ‫لك‬
‫َٰ‬
‫ََ‬‫آ و‬‫آه‬‫تم ب‬ ‫ُْ‬
‫َخْطَأ‬ ‫آيما أ‬‫َاحٌ ف َ‬ ‫جُن‬
‫َهَّللا‬
‫ُ‬
‫َان‬ ‫ْ ۚ و‬
‫َك‬ ‫وبكُم‬‫ُ ُ‬ ‫ْ ُقل‬‫دت‬ ‫مَ‬ ‫تع‬
‫َه‬ ‫ما َ‬ ‫ه‬
‫آيما)‬
‫هح ً‬ ‫ًا ر‬ ‫ُور‬‫َف‬ ‫غ‬

‫سورة األحزاب اآلية ‪5‬‬


‫شكــر‬
‫وتقديـــر‬
‫الشكر هلل تعالى الذي أعاننا على‬
‫انجاز هذا البحث‪.‬‬
‫الواجب يقضي بإسناد الفضل ألهله‬
‫والجميل لذويه لذا نتوجه بالشكر‬
‫والتقدير والعرفان إلى األستاذ‬
‫الفاضل _ الدكتور بكيس عبد‬
‫الحفيظ _ على اإلشراف ومتابعته‬
‫للبحث منذ أن كان مجرد فكرة‬
‫متناثرة لغاية أن غدا بفضل هللا مذكرة‬
‫جامعية‪.‬‬
‫وألننا نعلم من أنفسنا العجز عن‬
‫مكافأة فضائله لذا نسأل هللا تعالى أن‬
‫يجازيه خير الجزاء‪.‬‬
‫كما نتوجه بخالص الشكر والعرفان‬
‫بصفة خاصة لكل أساتذة كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية ببرج بوعريريج‬
‫بصفة عامة‪.‬‬
‫وخالص الشكر والعرفان إلى كل من‬
‫أسدى خدمة أو معروف من قريب أو من‬
‫بعيد سهل به انجاز البحث‪.‬‬

‫إلهـــــ‬
‫داء‬
‫نهدي هذا العمل المتواضع‬
‫إلى كل عائالت طلبة الفوج ‪27‬‬
‫المكلفين بانجاز هذه‬
‫المذكرة وهم‪:‬‬
‫بن إيدير العربي‪ ،‬بن الشيخ‬
‫رضا‪ ،‬بن غانم أيمن‪ ،‬بن ميرة‬
‫أسامة‪ ،‬بوخاري بوقرة‪،‬‬
‫بوطرفة محمد إيهاب‪ ،‬جعفري‬
‫نور الهدى‪ ،‬خالفي بالل‪ ،‬داود‬
‫بوبكر‪ ،‬زروال وئام‪ ،‬زواش‬
‫الحسين‪ ،‬شريح رانية‪ ،‬شيهب‬
‫شريفة‪ ،‬عشاشة إلياس‪،‬‬
‫مرازقية ياسين‪ ،‬معريش نبيل‪.‬‬
‫دون استثناء وباألخص‬
‫الوالدين الكريمين‪.‬‬
‫والي كل أساتذة كليه الحقوق‬
‫والعلوم السياسية بجامعة‬
‫محمد البشير اإلبراهيمي ببرج‬
‫بوعريريج‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة ……………………………………………………………………………‬

‫يعتبر النسب من أهم النتائج المترتبة على الزواج أو الطالق معا‪ ،‬ألنه يتعلق بنسب‬
‫األول اد الذين يكونون ثمرة هذا الزواج‪.‬‬
‫حيث أن النسب من الدعائم التي تقوم عليها األسرة ويرتبط بها أطرافها برباط دائم من‬
‫الصلة والقائمة على أساس وحدة الدم والجزئية‪ ،‬فالولد جزء من أبيه واألب بعض من ولده‬
‫‪1‬‬
‫ولوال رابطة النسب لتفككت أواصر األسر وذابت الصالت بينهما‪.‬‬
‫والنسب في اللغة العربية يعرف على أنه النسبة إلى الشيء أي انتسب فالن إلى والده‬
‫بمعنى التحق به ويعرف أيضا بأنه القرابة والصلة بين شيئين أو فردين‪ 2.‬وعرف النسب من‬
‫قبل العالمة البقري في قوله" هو القرابة والمراد به الرحم وهي لفظ يشمل كل من بينك وبينه‬
‫قرابة قربت أو بعدت‪ ،‬كانت من جهة األب أو من جهة األم‪.3‬‬
‫وبالنسبة للقانون الجزائري نجد أن المشرع الجزائري وتحديدا في القانون المدني في‬
‫المادة‪ 32‬قد حدد المقصود من قرابة النسب أنها الصلة القائمة بين األشخاص الذين يجمعهم‬
‫أصل مشترك وجاء في نص المادة انه‪ :‬تتكون اسرة الشخص من ذوي قرباه ويعتبر ذوي‬
‫‪4‬‬
‫القربى كل من يجمعهم أصل واحد‪.‬‬
‫وقد حضي النسب في الشريعة اإلسالمية بالعناية الالزمة وأحاطته ببالغ الرعاية وأولت له‬
‫أهمية كبيرة لقوله تعال )واهلل جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل من أزواجكم بنين وحفدة)‬

‫ند ٱللَّ ِه" ‪َ " ،‬و ُه َو الَِّذي َخلَ َ‬


‫ق ِم َن الْ َما ِء َب َش ًار َف َج َعلَهُ‬ ‫وه ْم ِل َء َابآئِ ِه ْم ُه َو أَ ْق َسطُ ِع َ‬
‫‪5‬‬
‫‪ ،‬قال تعالى " ٱ ْد ُع ُ‬

‫‪ -1‬عمامرة مباركة المجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية الطرق العلمية الحديثة إلثبات النسب في قانون األسرة‬
‫الجزائري البصمة الوراثية ومدى حجيتحها في اثبات النسب نموذجا المجلد ‪ 5‬العدد ‪02‬ص‪www.asjp.cerist.d 20‬‬
‫‪z/en/PresentationRevue/473‬‬
‫‪-2‬اسماعيل الجوهري‪ ،‬تاج اللغة وصحاح العربية الجزء ‪ 1‬طبعة ‪ 3‬دار العلوم للماليين بيروت ‪ 1984‬ص ‪.3‬‬
‫مجلة الصدى‬ ‫‪-3‬قاشي عالل‪ ،‬إثبات النسب كأثر مترتب عن الزواج بالطرق الشرعية والعلمية البيولوجية الحديثة‬
‫للدراسات القانونية والسياسية‪ /‬العدد األول‪ /‬ديسمبر ‪2019‬ص ‪.61‬‬
‫‪-4‬القانون المدني المادة ‪.32‬‬
‫‪5‬سورة النحل اآلية ‪.72‬‬

‫‌أ‬
‫مقدمة ……………………………………………………………………………‬

‫ير "‪ 7‬فهو يعتبر من أبرز أثار الزواج‪ ،‬وفي طليعة الضروريات‬ ‫ان َرُّب َك َقِد ًا‬ ‫ِ‬
‫َن َسًبا َوص ْه ًار ۗ َو َك َ‬
‫الخمس التي وجب حفظها ورعايتها لذا أمر اهلل عزوجل اآلباء أن ينسبوا إليهم أوالدهم‬
‫الجزئري إلى النسب في المواد من ‪ 46‬إلي‬
‫ا‬ ‫ونهاهم عن إنكار بنوتهم كما تعرض المشرع‬
‫‪40‬من قانون األسرة‪ ،‬واعتبر النسب الشرعي هو الذي يتبع فيه الولد أباه في القانون أو‬
‫الدين‪ ،‬وينبني عليه الميراث‪ ،‬وينتج عنه موانع الزواج‪ ،‬ويترتب عليه حقوق وواجبات اآلباء‬
‫واألبناء‪ ،‬أما النسب غير الشرعي فال يترتب عليه شيء من ذلك إطالقا‪.‬‬

‫ويرجع اهتمام المشرع بالنسب إلى منع اختالط األنساب‪ ،‬وحفظها من الفساد‬
‫واالضطراب‪ ،‬وهذا حتى تقوم األسرة على وحدة الدم الذي يعتبر أقوى الروابط بين أف اردها‬
‫ومن هنا يتفق الفقهاء بأن نسب الولد من أمه ثابت في كل حاالت الوالدة شرعية كانت أو‬
‫غير شرعية‪ ،‬أما نسب الولد من أبيه فال يثبت في كل حاالت الوالدة‪.1‬‬
‫والمالحظ أن قانون األسرة المعدل في سنة‪ 2005 2‬قد جاء بمستجدات جد هامة في‬
‫موضوع إثبات ونفي النسب وهذا نتيجة الثورة الهائلة التي كان سببها التطور العلمي ومنها‬
‫التطور البيولوجي والتكنولوجي الذي نتج عنه استحداث تقنيات في المعرفة العلمية في‬
‫السنوات األخيرة‪ ،‬الذي فتح المجال واسعا لقضايا لم تشهدها البشرية من قبل ذات صلة‬
‫مباشرة بحياتنا اليومية والشخصية‪ ،‬المنسجمة مع متطلبات العصر‪ ،‬فقد أضاف المشرع في‬
‫المادة ‪ 40‬من قانون األسرة فقرة ثانية وذلك بموجب األمر ‪ 02/05‬الصادر في سنة‪2005‬‬
‫والتي تجيز إمكانية اللجوء للطرق العلمية في إثبات النسب‪.‬‬
‫وبذلك يكون المشرع قد أعطى للقاضي سلطة قبول الدعوى الارمية إلثبات أو نفي‬
‫النسب بناء على طرق علمية غير تلك التي أقرتها الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -1‬بن عودة حسكر مراد سلطات القاضي وتقديره للقاعدة العلمية في قضايا النسب مجلة القانون العام الجزائري والمقارن‬
‫المجلد األول‪ ،‬العدد ‪01‬سنة ‪ 2015‬ص ‪.57‬‬
‫‪ -2‬القانون رقم ‪ ،11 - 84‬المؤرخ في ‪ 09‬يونيو ‪ ،1984‬والمتضمن قانون األسرة المعدل والمتمم بموجب األمر رقم ‪05‬‬
‫‪ ،02 -‬المؤرخ في ‪ 07‬فبراير سنة ‪ ،2005‬ج ر عدد‪.2005 / 15‬‬

‫‌ب‬
‫مقدمة ……………………………………………………………………………‬

‫وبالرغم من ذلك فقد ورد نص المادة ‪ 40‬من قانون األسرة عاما واستعمل المشرع‬
‫مصطلح واسع المفهوم وهذا ما يتضح من عبارة ( يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية‬
‫) إذ أنه لم يحدد وسيلة بعينها لكنه ترك المجال مفتوحا لكل وسيلة علمية أجازها الفقهاء (‬
‫شريعة أو قانون ) في مجال اثبات النسب‪ ،‬وحتى مع صدور القانون رقم ‪ 03/16‬المؤرخ في‬
‫‪ 19/06/2016‬المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في اإلجراءات القضائية والتعرف على‬
‫إال أنه لم يتناول هذه المسائل في قضايا النسب ‪ ،2‬كما أنه لم يضع أي تنظيم‬ ‫‪1‬‬
‫األشخاص‬
‫خاص لهذه الطرق ولم يضبط حدود سلطات القاضي في الخبرة الطبية المرتبطة بدعوى‬
‫إثبات النسب‪.‬‬
‫كما أن تطبيق الفقرة الثانية من نص هذه المادة من قانون األسرة عمليا يلقى عدة‬
‫ع ارقيل وصعوبات مادية وقانونية‪ ،‬نتج عنه طرحه العديد من المهتمين في هذا المجال‬
‫تساؤالت عدة من بينها ماهية الطرق العلمية المكرسة في إثبات النسب ؟ وهل القاضي ملزم‬
‫باللجوء في قضايا إثبات النسب إلى الطرق العلمية الحديثة ؟ وما هي حدود سلطاته فيها‬
‫؟‪ ......‬وغيرها‪.‬‬
‫دواعي اختيار الموضوع‪ :‬إن اختيار هذا الموضوع كان بناء على رغبة طلبة الفوج‬
‫المكلفين بانجاز مذكرة التخرج بعد موافقة األستاذ المشرف األستاذ الدكتور بكيس عبد‬
‫الحفيظ‪ ،‬كون االهتمام الذي حضي به الموضوع على الصعيد األكاديمي له ما يبرره نظ ار‬
‫الرتباطه العملي في الحياة اليومية واالجتماعية لجميع المجتمعات إذ أنه ال يخلو أي قانون‬
‫داخلي ألي دولة من أحكام النسب والذي يتأثر بحكم أنه قانون وضعي بالمتغيرات‬
‫االجتماعية والتطورات العلمية الحديثة التي تفرض على اإلنسان مسايرتها مرغما ال مختا ار‪،‬‬

‫‪-1‬القانون رقم ‪ ،11 - 84‬المؤرخ في ‪ 09‬يونيو ‪ ،1984‬والمتضمن قانون األسرة المعدل والمتمم بموجب األمر رقم ‪05‬‬
‫‪ ،02 -‬المؤرخ في ‪ 07‬فبراير سنة ‪ ،2005‬ج ر عدد‪.2005 / 15‬‬
‫‪-2‬عمامرة مباركة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‌ج‬
‫مقدمة ……………………………………………………………………………‬

‫باإلضافة إلى الرغبة في الولوج والتعمق في دراسة الموضوع والتعرف على جوانبه العديدة‬
‫السيما الحديثة منها التي لم يسبق معالجتها لرفع الغموض عنها ومحاولة توضيحها وتبيانها‪.‬‬
‫اإلشكالية‪:‬‬
‫ولحصر هذا الموضوع في مجال عنوان مذكرة البحث الموسومة ب ـ‪ :‬الطرق العلمية‬
‫في إثبات النسب في التشريع الجزائري وما تم تقديمه نطرح اإلشكالية اآلتية‪:‬‬
‫كيف عالج المشرع الجزائري إثبات النسب‪ ،‬وما هو دور القضاء في إثباته باللجوء إلى‬
‫الطرق العلمية؟‬
‫الدراسات السابقة‪ :‬سبق وان تم التطرق إلى هذا الموضوع في جوانب مختلفة في بعض‬
‫الكتب والمراجع ال سيما المقاالت منها وكذا بعض المذكرات على مختلف المستويات العلمية‬
‫وهي متوفرة في المواقع العلمية وفي اغلب المكتبات السيما الجامعية‪.‬‬
‫المنهج المتبع‪ :‬المنهج المتبع في البحث هو المنهج الوصفي من خالل جمع‬
‫المعلومات وتحصيب اغلب ما له صلة بموضوع الدراسة وعرضها‪ ،‬باإلضافة التحليلي حيث‬
‫يتم عرض وتحليل ومناقشة جميع جوانب ال موضوع بأسلوب بسيط ال يخلو من المصطلحات‬
‫العلمية‪.‬‬
‫ولإلجابة على التساؤل المتضمن في اإلشكالية اعتمدنا على خطة ثنائية تتضمن‬
‫األتي‪:‬‬
‫الخطة المتبعة‬
‫الفصل األول ‪ :‬تكريس الطرق العلمية في إثبات النسب بحيث تم التطرق في المبحث‬
‫األول إلى إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة عالجنا في المطلب األول إشكالية إدماج‬
‫الطرق العلمية إلثبات النسب وفي المطلب الثاني أنواع الطرق العلمية إلثبات النسب بحيث‬
‫تم التطرق فيه إلى الطرق العلمية القطعية والطرق العلمية الضنية‪ ،‬وفي المبحث الثاني‬
‫عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة إلثبات النسب بحيث تم التطرق في المطلب األول إلي‬

‫‌د‬
‫مقدمة ……………………………………………………………………………‬

‫العوائق القانونية وهي حرمة الحياة الخاصة‪ ،‬انتهاك السالمة الجسدية وعدم جواز إجبار‬
‫الشخص على تقديم دليل ضد نفسه وفي المطلب الثاني العوائق المادية وهي عدم وجود‬
‫مخابر علمية كافية ومسألة مصاريف الخبرة‪.‬‬
‫الفصل الثاني تناولنا فيه حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في‬
‫تقديرها بحيث تم التطرق في المبحث األول حجية الطرق العلمية في إثبات النسب أين‬
‫تطرقنا في المطلب األول إلى الحجية المطلقة للطرق العلمية إلثبات النسب وفي المطلب‬
‫الثاني الحجية النسبية للطرق العلمية وفي المبحث الثاني سلطات القاضي في تقدير الطرق‬
‫العلمية إلثبات النسب حيث تم مناقشة مسالة لجوء القاضي إلى الخبرة العلمية وسلطاته‬
‫اتجاهها وفي المطلب الثاني تقدير القاضي لنفي النسب بين اللعان والطرق العلمية‪.‬‬

‫‌ه‬
‫الفصل األول‬

‫تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬


‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫لقد اتضح تأثر المشرع الجزائري بالثورة الهائلة التي كان سببها التطور البيولوجي‬
‫المساير في ذلك التطور التكنولوجي الذي نتج عنه استحداث تقنيات في المعرفة العلمية في‬
‫السنوات األخيرة‪ ،‬حيث فتح المجال واسعا لقضايا لم تشهدها البشرية من قبل ذات صلة‬
‫مباشرة بحياتنا اليومية والشخصية‪ ،‬إثر التعديل الذي ط أر على قانون األسرة بموجب األمر‬
‫رقم ‪ 02-05‬المؤرخ في ‪ 2005/02/07‬ويتعلق األمر بالطرق العلمية إلثبات النسب التي‬
‫نصت عليها الفقرة الثانية من المادة ‪ ( 40‬ويجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية إلثبات‬
‫النسب‪(.‬‬
‫وعليه سنحاول تناول مسالة إثبات النسب بالطرق العلمية في المبحث األول وعوائق‬
‫تطبيقها في المبحث الثاني‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫المبحث األول ‪ :‬إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة‪.‬‬


‫سنتناول في هذا المبحث مسالة إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة من خالل‬
‫التطرق إلى إشكالية إدماج الطرق العلمية إلثبات النسب في المطلب األول وأنواع الطرق‬
‫العلمية إلثبات النسب في المطلب الثاني‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬إشكالية إدماج الطرق العلمية إلثبات النسب‬
‫لقد كان المجمع الفقهي اإلسالمي التابع لاربطة العالم اإلسالمي سباقا لالعتداد بالطرق‬
‫العلمية كوسيلة إلثبات النسب في دورته السادسة عشر المنعقدة بمكة المكرمة‪ 1‬إال أن هذا‬
‫الطرح لم يجد صداه لدى المشرع الج ازئري في القانون رقم ‪ 84 - 11‬المؤرخ في ‪ 09‬جوان‬
‫‪1984‬المتضمن قانون األسرة الذي لم ينص على الطرق العلمية كوسيلة من وسائل إثبات‬
‫النسب مكتفيا في ذلك بالطرق المقررة شرعا والمنظمة في المادة ‪ 40‬الفقرة األول ى من‬
‫قانون األسرة وهي الزواج الصحيح أو باإلقرار أو بنكاح الشبهة أو بكل زواج تم فسخه بعد‬
‫الدخول‪ ،‬وذلك راجع إلى الجدل القائم حول قيمة األخذ بهذه الطرق وعدم قدرة المشرع على‬
‫حصرها‪ ،‬في ضل االختالف الموجود بين تلك الطرق التي يمكن نفي النسب بها فقط دون‬
‫أن تكون وسيلة لإلثبات‪.2‬‬
‫ولقد كانت مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية في البداية محل جدل فقهي‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬االتجاه الرافض إلدماج الطرق العلمية إلثبات النسب‬
‫الرفض للطرق العلمية كوسيلة إلثبات‬
‫وقف بعض جمهور الفقه موقف المرتاب و ا‬
‫النسب فنظروا على أن اللعان مثال يعتبر الوسيلة الوحيدة لنفي النسب اعتمادا على قوله‬
‫تعالى ) الذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إال أنفسهم فشهادة أحدهم أربعة شهادات‬

‫احمد احمد‪ ،‬موضوع النسب في الشريعة والقانون‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ 1983 ،‬ص ‪.133‬‬ ‫‪-1‬‬
‫بن عريوة عسكر مراد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫باهلل)‪ ،1‬فاآلية ذكرت إذ كان الزوج ال يملك إال شهادة نفسه فيلجأ للعان وأي اعتماد على‬
‫طرق علمية في ذلك هو إضافة على ما ورد في كتاب اهلل‪ ،‬كما جاء في السنة أن الرسول‬
‫(ص( قال الولد للفارش وللعاهر الحجر ‪ ،2‬فأهدر بذلك الشبه البين وهو الذي يعتمد على‬
‫البصمات الوراثية‪ ،‬كما أن أنصار هذا الرأي من بينهم األستاذ الفقيه الجزائري محمد شريف‬
‫قاهر عضو المجلس اإلسالمي األعلى‪،‬ذكر أن العلم حقيقة نسبية بينما القران الكريم كالم‬
‫إلهي لخالق الكون ألنه حقيقة مطلقة صالحة لكل زمان ومكان وهو الذي فصل في مسألة‬
‫إثبات أو نفي النسب معلال رأيه أن النص القرآني صريح وواضح وبالتالي يقتضي العمل‬
‫بالقاعدة الفقهية« ال إجتهاد مع وجود النص‪.3‬‬
‫وانطالقا من كل ذلك فقد تبنى المجلس اإلسالمي األعلى في الجزائر موقفا صريحا في‬
‫مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية رغم عدم إصداره ألي فتوى توضيحية لذلك مستظه ار‬
‫وضوح القواعد الفقهية التي لم تسمح باستعمال أي طريقة غير شرعية قد تثبت أو تنفي‬
‫النسب‪.‬‬
‫واعتمادا على كل ذلك قرر هذا االتجاه عدم جواز الطرق العلمية في مسألة إثبات‬
‫النسب لما في ذلك من خروج عن القواعد الفقهية التي جاءت بها الشريعة اإلسالمية‬
‫بأغرضها األساسية في حفظ الكليات الخمس من عقل ونفس‪ ،‬ونسل ودين ومال ‪.‬كما أنه لم‬
‫ا‬
‫يسمح باستعمال هذه الطرق حماية لحياة اإلنسان وحفاظا لتعريض النسل وانتمائه ألي خطر‬
‫كان قد يكثر فيه عديمي النسب واللقطاء‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النور اآلية ‪.05‬‬


‫‪ -2‬صحيح مسلم الجزء ‪ 02‬طبعة بيروت‪ ،‬دار احياء الكتب العربية‪ ،‬باب الولد للفراش وتوقي الشبهات ص ‪.1080‬‬
‫‪ -3‬راضية عيمور الطرق العلمية الحديثة وثبوت النسب مجلة الحقوق والعلوم االنسانية الجزائر المجلد ‪ 10‬العدد ‪ 2‬سنة‬
‫‪ 2017‬ص ‪.www.asjp.cerist.dz 239‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫ولقد كان المشرع الجزائري متأث ار لفكر هذا االتجاه أثناء سنه لقانون األسرة في‪، 1984‬‬
‫إذ لم يعتد سوى بالطرق الشرعية إلثبات النسب الواردة في الماد ة ‪ 40‬فقرة ‪ 01‬من نفس‬
‫القانون ‪ 1‬ارفضا استعمال الطرق العلمية كوسيلة لذلك‪.‬‬
‫وهو ما كان قد كرسه القضاء الجزائري فعال مكتفيا بجمود النص القانوني الذي ال‬
‫قرر المحكمة العليا الصادر في ‪15‬‬
‫يقبل أي تأويل أو اجتهاد‪ ،‬من ذلك على سبيل المثال ا‬
‫جوان‪ 1999‬الذي جاء فيه ) حيث أن إثبات النسب قد حددته المادة ‪ 40‬وما بعدها من‬
‫قانون األسرة الذي جعلت له قواعد إثبات مسطرة وضوابط محددة تفي بكل الحاالت التي‬
‫يمكن أن تحدث ولم يكن من بين هذه القواعد تحليل الدم كطريقة علمية التي ذهب إليها‬
‫قضاة الموضوع‪ ،‬مما دل ذلك على أنهم قد تجاوزوا سلطتهم الحكمية إلى التشريعية‪ ،‬األمر‬
‫‪2‬‬
‫الذي يتعين معه نقض القرار المطعون فيه واحالته لنفس المجلس)‬
‫وكذا القرار الصادر عن المحكمة العليا في ‪( 1984/11/19‬من المقرر قانونا أيضا‬
‫أنه يثبت النسب بالزواج الصحيح باإلقرار والبينة وبنكاح الشبهة ونكاح تم فسخه بعد الدخول‬
‫طبقا للمواد ‪ 33 ،32‬و‪ 34‬من قانون األسرة‪ ،‬ومن ثم فان القضاء بما يخالف دلك بعد‬
‫مخالفا للقانون‪ ،‬ولما قضي قضاة المجلس بتأييد الحكم المستأنف القاضي بتعين خبرة طبية‬
‫قصد تحليل الدم للوصول إلى تحديد النسب خالفا لقواعد النسب المسطرة شرعا وقانونا طبقا‬
‫‪3‬‬
‫لنص المادة ‪ 40‬فانهم تجاوز سلطتهم وعرضوا قرارهم للنقض )‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 40‬من قانون األسرة على ما يلي‪ ) :‬يثبت النسب بالزواج الصحيح وباإلقرار والبينة وبنكاح الشبهة‬ ‫‪-1‬‬
‫وبكل نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد ‪ 32‬و‪ 33‬و‪ 34‬من هذا القانون‪ .‬يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية‬
‫إلثبات النسب)‪.‬‬
‫المحكمة العليا غرفة االحوال الشخصية‪ ،‬ملف رقم ‪ ،22267‬قرار في ‪ 1999-06-15‬مجلة االجتهاد القضائي‬ ‫‪-2‬‬
‫لغرفة األحوال الشخصية عدد خاص سنة‪ 200‬ص ‪.88‬‬

‫قرار المحكمة العليا غرفة االحوال الشخصية ملف رقم ‪ 34046‬بتاريخ ‪ 1984/11/19‬المجلة القضائية العدد‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ 01‬لسنة ‪ 1999‬ص ‪.67‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫وعليه يتضح من كل ما سبق أن قضاة المحكمة العليا بصفتهم قضاة قانون طبقوا‬
‫النص الحرفي للمادة ‪ 40‬لقانون األسرة التي تحدد طرق إثبات النسب قبل تعديلها وكانت‬
‫تعتبر لجوء القاضي ألي خبرة علمية تستهدف إثبات أو نفي النسب بأي طريقة من الطرق‬
‫العلمية تجاو از للسلطة ألنها كانت تعتبر ذلك تشريعا في حد ذاته‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االتجاه المؤيد إلدماج الطرق العلمية إلثبات النسب‪.‬‬
‫الرفض للطرق العلمية إلثبات النسب جامعا بين فقهاء‬
‫لم يكن الرأي السالف الذكر و ا‬
‫القانون‪ ،‬ذلك أن اتجاها أخر أرى في استعمال هذه الطرق العلمية وسيلة علمية حتمية تؤدي‬
‫إلى نتائج حقيقية ملموسة ‪.‬فرأو أن اآلية التي استدل بها الفريق األول ‪ ،‬إنما تتعلق بالعذاب‬
‫الذي يوقع على الزوجة أو درأه عنها‪ 9‬من بينهم الفقيه المعاصر يوسف القرضاوي‪.‬‬
‫واعتبا ار لكل ذلك ومحاولة من المشرع الجزائري االستجابة للتطورات العلمية الحديثة‬
‫التي أثبتت نجاعتها وحقيقة نتائجها وتغليبا لحجج للرأي الثاني المؤيد لفكرة اللجوء للطرق‬
‫العلمية إلثبات النسب‬
‫فإنه قد أدرج الطرق العلمية ضمن وسائل إثبات النسب أثناء تعديل قانون األسرة بموجب‬
‫األمر ‪ 05-02‬في الفقرة الثانية من المادة ‪ 40‬السالفة الذكر‪.‬‬
‫غير أن هذه المادة اكتفت باإلشارة إلى هذه الطرق العلمية دون تحديد ماهيتها وما‬
‫المقصود منها أو حصر صورها‪.‬‬
‫إضافة إلى جعل إمكانية اللجوء إليها جوازي في حالة عدم ثبوت النسب بالطرق‬
‫الشرعية والقانونية التي هي األصل‪.‬‬
‫وباعتبار القضاء هو الجهة المخولة قانونا بتطبيق النص القانوني ورغم أن المشرع لم‬
‫يلزمها باللجوء إلى الطرق العلمية إلثبات النسب حين عدم ثبوته بالطرق الشرعية والقانونية‪،‬‬
‫وهو مايستشف من كلمة ويجوز مما ما فتح الباب على مصراعيه إلعمال سلطتها التقديرية‪،‬‬

‫بن عريوة عسكر مراد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬ ‫‪-1 3‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫بحيث اخذ القضاة بالطرق العلمية إلثبات النسب في ق ارراته واجتهاداته الصادرة المحكمة‬
‫العليا ومن أمثلة ذلك القرار الصادر بتاريخ ‪ 2006/03/05‬تحت رقم ‪ 355180‬والقاضي‬
‫( يتبين أن قضاة الموضوع لم يستجيبوا لطلب الطاعنة الرامي إلى إلحاق نسب المولود (‬
‫‪1‬‬
‫معتمدين في ذلك على‬ ‫ص م ) للمطعون ضده باعتباره أبا لو كما أثبتت الخبرة ‪ADN‬‬
‫المادة ‪ 40‬من قانون األسرة رغم أن هذه األخيرة تفيد وأنه يثبت النسب بعدة طرق ومنها‬
‫البينة ولما كانت الخبرة العلمية ‪AND‬أثبتت أن هذا الطفل ابن المطعون ضده ومن صلبه‬
‫بناء على العالقة التي كانت تربطه بالطاعنة فكان عليهم إلحاق هذا الولد بأبيه وهو الطاعن‬
‫‪2‬‬
‫(‬
‫وفي قرار آخر صادر غرفة األحوال الشخصية بالمحكمة العليا قضت ( أنه يتعين‬
‫على جهتي التحقيق اللجوء إلى خبرة تحليل الحمض النووي عندما يكون ذلك ضروريا ‪".‬‬
‫بأنه"‪ :‬حيث وبالرجوع من البيانات المتناقضة الواردة في القرار المطعون‬
‫وورد ضمن حيثياته ّ‬
‫فيه‪ ،‬فإن غرفة االتهام تبنت موقف قاضي التحقيق الذي رفض طلب الخبرة بتحليل الحمض‬
‫النووي‪ ADN‬الرغم من أن هذه الخبرة ضرورية لتحديد النسب وعند االقتضاء الهوية‬
‫الحقيقية لألطراف‪.‬‬
‫حيث إن غرفة االتهام سارعت أيضا إلى تأييد األمر بانتفاء وجو الدعوى الصادر عن‬
‫‪3‬‬
‫قاضي التحقيق دون الوصول بالتحقيق إلى نهايته)‬

‫‪1‬‬
‫‪ ADN‬هي مختصر لعبارة ‪ Deoxyribonucleic Acid‬ومعتاه الحمض النووي الريبي منقوص االكسجين‪.‬‬ ‫‪1-‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 1‬القرار الصادر بتاريخ ‪ 2006/03/05‬تحت رقم ‪ 355180‬قضية ( ب س ) ضد ( ب ب مجلة المحكمة‬ ‫‪2-‬‬
‫العليا عدد ‪ 2006 01‬ص ‪.469‬‬
‫قرار رقم ‪ 414233‬مؤرخ ‪ 21.03.2007‬في قضي ة ك س ضد مجهول مجلة المحكمة العليا عدد ‪2007 ،01‬‬ ‫‪-3 3‬‬
‫ص ‪.572‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫وسع المشرع الجزائري من دائرة اثبات النسب بالنص على الخبرة الطبية كوسيلة‬
‫شرعية ألثبات أو للنفي وفقا لنص المادة ‪ 40‬فقرة ‪ 2‬من قانون االسرة المعدل بموجب االمر‬
‫رقم‪ 102 /05 :‬وبذلك يكون المشرع قد حل إشكالية عويصة كانت مطروحة على مستوى‬
‫أنظمة القضاء في الدول العربية حيث غالبا ما كان يرفض القضاء اإلثبات عن طريق الخبرة‬
‫العلمية على أنها ليست من الوسائل المقررة شرعا إلثبات النسب‪ .‬لذلك كان اغلب الفقه‬
‫يدعو القضاء على ضرورة االخذ بنتائج البحث العلمي إلثبات النسب أو نفيه‪.‬‬

‫ولقد ّتنوعت هذه الطرق العلمية فبعد أن كان العالم بأكمله يخضع لطريقة واحدة‬
‫للدالالت الوراثية في مجال البحث الجنائي‪ .‬وذلك حتى أواخر الستينات وهي الطريقة التي‬
‫تعرف بخاليا الدم الحمراء )‪ , )A B O‬تال هذا االكتشاف تحليل الحامض النووي أو ما‬
‫يسمى بالبصمة الوراثية (‪ .)ADN‬إضافة إلى أنظمة بيولوجية أخرى ال تزال قيد االكتشاف‪.‬‬

‫وسنتطرق في هذا المطلب إلى الوسائل العلمية إلثبات النسب‪ .‬القطعية في الفرع‬
‫األول والظنية في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الطرق العلمية القطعية‬

‫أوال‪ :‬البصمة الوراثية‬

‫من اهم المسائل التي ناقشها العلماء والفقهاء منذ ظهور البصمة الوراثية‪ .‬هي محاولة‬
‫إعطاء تعريف دقيق وشامل يفصح عن ماهية االكتشاف الحديث الذي ابهر العالم‪ .‬وتحقيقا‬
‫لذلك عق دت الكثير من الندوات والمؤتمرات وألفت الكثير من المراجع التي تناولت البصمة‬
‫الوراثية‪.‬‬

‫‪-1‬االمر‪ , 02/05‬المعدل والمتمم لقانون االسرة الجزائري ‪ ,‬المؤرخ في ‪.2005/02/27‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫وعليه سنتطرق إلى التعريف اللغوي والعلمي والقانوني للبصمة الوراثية وكذا خصائصها‪.‬‬

‫تعريف البصمة الوراثية‬

‫أوال‪ :‬المدلول اللغوي‪:‬‬

‫تتركب جملة البصمة الوراثية من كلمتين‪ :‬البصمة والوراثة‪ ،‬لذلك يتعين تعريف كل‬
‫منهما على حدة‪.‬‬

‫البصمة ‪ :‬جمعها بصمات‪ ،‬بصم يبصم بصما‪ .‬فهو باصم‪ ،‬ويقال بصم الشخص أي‬
‫ختم بطرف أصبعه‪ 1،‬ورسم‪ ،‬وطبع عالمة على قماش وورق ونحوها‪.‬أصلها في اللغة‬
‫هو الغلظة والكثافة‪،‬‬

‫الوراثة‪ :‬من مصدر ورثة‪ ،‬يقال ورث أباه يرثه ورثا ووراثة وارثا ورثه بكسر الكل‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وتعني االنتقال والبقاء‪ ،‬وأورثه الشيء أعقبه إياه وتركه له‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المدلول القانوني‪:‬‬

‫إن المشرع الجزائري لم يتطرق إلى تعريف البصمة الوراثية‪ ،‬إال ما جاء في التعديل األخير‬
‫لقانون األسرة في المادة ‪ 40‬الفقرة الثانية حيث جاء فيها"‪ :‬يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق‬
‫‪3‬‬
‫العلمية إلثبات النسب‪.‬‬

‫‪ -1‬شرقي نصيرة ‪ ،‬مذكرة التخرج ‪,‬اثبات النسب في القانون الجزائري ‪ ,‬جامعة بويرة‪ ،‬ص ‪.2013/2012 , 41‬‬
‫‪ -2‬مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزي آبادي ‪,‬القاموس المحيط ‪,‬جزئ ‪ ,1‬دار الجيل ‪ ,‬بيروت ‪,‬ص ‪.182‬‬
‫‪3‬االمر‪ , 02/05‬المعدل والمتمم لقانون االسرة الجزائري ‪ ,‬المؤرخ في ‪.2005/02/27‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫كما قدم القانون رقم ‪ 03-16‬المؤرخ في ‪ 19‬يونيو سنة ‪ 2016‬المتعلق باستعمال‬


‫البصمة الوراثية‪ ،‬تعريفا للبصمة الوراثية في مادته الثانية‪ :‬يقصد في مفهوم هذا القانون‬
‫بما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬البصمة الوراثية‪ :‬التسلسل في المنطقة غير المشفر ة من الحمض النووي‬


‫‪ ‬ا لحمض النووي (الريبي منقوص األكسجين)‪ :‬تسلسل مجموعة من النكليوتيدات‪،‬‬
‫تتكون كل واحدة من قاعدة أزوتية األدنين ( ‪ )A‬الغوانين) ‪ ( G‬السيتوزين ‪ C‬والتيمين‬
‫‪ T‬ومن سكر(ريبوز منقوص األكسجين) ومجموعة فوسفات‬
‫‪ ‬المناطق المشفرة في الحمض النووي‪ :‬مناطق من الحمض النووي‪ ،‬تشفر ببروتين‬
‫معين‬
‫‪ ‬المناطق غير المشفرة في الحمض النووي‪ :‬مناطق من الحمض النووي ال تشفر‬
‫بروتين معين‪.‬‬

‫والمالحظ من خالل هذه المادة ان هذا القانون لم يعط تعريفا قانونيا للبصمة الوراثية‬
‫باعتبارها وسيلة اثبات‪ .‬وانما عرفها تعريفا علميا وحدد مكوناتها التي توصل إليها علماء‬
‫البيولوجيا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التعريف العلمي‬

‫يقصد بالبصمة الوراثية في هذا المجال التركيب الوراثي الناتج عن فحص الحامض‬
‫النووي لعدد واحد أو أكثر من أنظمة الدالالت الوراثية‪ .‬والحمض النووي الريبي المنقوص‬
‫األكسجين هو عبارة عن مركب كيميائي معقد ذو وزن جزئي ال يمكن للكائن الحي االستغناء‬
‫‪1‬‬
‫عنه‪ ،‬نظ ار لتمركزه داخل نواة خاليا جميع الكائنات الحية‪.‬‬

‫‪1‬شرقي نصيرة ‪ ,‬النسب في القانون الجزائري ‪ ,‬المرجع السابق ة‪ ,‬ص ‪.42‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫ويترك ب جزيء الحمض النووي من وحدات متكررة بترتيب معين على شكل سلسلة طويلة‬
‫جدا تسمي نيوكليوتيدات وتتكون كل واحدة من هذه النكليوتيدات من سكر الريبوز الخماسي‬
‫منقوص ا ألكسجين وحامض الفوسفوريك وأربع قواعد نيتروجينية هي(‪:‬أدنين‪ ،‬جوانين‪،‬‬
‫سيتوسين‪ ،‬وثايمدين ويرمز لذا بالرموز التالية‪ )A.T.C. G ( ،‬ويتصل األدينين دوما‬
‫بالثايمدين ( ‪ )A-T‬ويتصل الجوانين دوما بالسيتوسين (‪ ) C-G‬لتكوين القواعد النيتروجينية‬
‫األساسية التي ترتبط مع بعضها عن طريق روابط هيدروجينية ولكي تكون السلسلة عديدة‬
‫النيوكليوتيد تتصل كل واحدة من هذه القواعد بالسكر الخماسي المنقوص األكسجين‪ ،‬ويتصل‬
‫هذا السكر الخماسي بالمركب الفسفوري‪.‬‬

‫خصائص البصمة الوراثية‬

‫نستخلص من خالل مجموع التعاريف المقدمة للبصمة الوراثية بعض من الخصائص‬


‫والمميزات وهي‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬انفراد كل شخص ببصمة وراثية ال تتوافق وال تتشابه مع أي شخص في العالم إال في‬
‫حالة التوأم المتماثلة‪.‬‬
‫ب‪‌.‬تمتاز البصمة الوراثية بتنوع مصادرها‪ ،‬حيث تطبيق هذه التقنية على أي من المخلفات‬
‫البشرية السائلة كالدم والمني واللعاب والمخاط‪ ،‬أو من األنسجة كالشعر والجلد واللحم‬
‫والعظم وتعتبر هذه الميزة الهامة‪ ،‬ألنه في حالة عدم وجود بصمات أصابع للمجرم‬
‫تساعدنا هذه اآلثار في التعرف عليه‪ ،‬في الجرائم المختلفة كالقتل واالغتصاب‬
‫والسرقة‪...‬إلخ‬
‫ت‪‌.‬يمكن استخالص البصمة الوراثية من الحمض النووي ألي خلية في جسم االنسان‪ .‬ما‬
‫عدا خاليا الدم الحمراء التي ال يوجد بها حمض نووي‬
‫ث‪‌.‬تتمز البصمة الوراثية بمقاومتها لعوامل التحلل والعفن والعوامل المناخية األخرى‬

‫‪16‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫ج‪‌.‬بصمة الجمض النووي تظهر في شكل خطوط عريضة تختلف في السمك والمسافة‬
‫نتيجة اختالفها من شخص ألخر كونها صفة تميز كل انسان عن االخر‬
‫ح‪‌.‬ومن مميزات البصمة الوراثية أنه يمكن تخزينها ولمدة طويلة من الزمن‬
‫خ‪‌.‬دقة نتائجها ال تقبل التزوير إذا روعيت الشروط الالزمة‪ .‬والتي تصل إلى نسبة ‪%100‬‬
‫في دعاوى النفي و‪ %99.99‬في دعاوى االثبات‪ .‬مما جعلها سيدة األدلة‪.‬‬
‫د‪ ‌.‬تقوم البصمة الوراثية بوظيفتين‪ ،‬أولهما إما نفي التهمة بارتكاب الجريمة‪ ،‬وثانيهما إثبات‬
‫الجريمة‬

‫ضوابط استخدام البصمة الوراثية‪:‬‬

‫أجمع العلماء المتفقون بالعمل بالبصمة الوراثية على ضرورة وضع التنظيمات‬
‫والضوابط المناسبة التي تكفل دقة نتائجها‪ .‬وحرصوا على أال تتعارض مع قواعد الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ .‬ومن بين هذه الضوابط نذكر‪:‬‬

‫أ‪ ‌.‬أال يتم التحليل إال بإذن من الجهة المختصة‪ ،‬بناء على أوامر من القضاء‪.‬‬
‫ب‪‌.‬أن يتم إجراء تحليل البصمة الوراثية بأمر من القضاء وفقا لما أشارت إليه المادة ‪54‬من‬
‫ق أ‪ ،‬من أنه " يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية إلثبات النسب " مع اإلشارة إلى‬
‫أنه يمكن للنيابة العامة أيضا طلب اللجوء إلى تحاليل البصمة الوراثية في قضايا التنازع‬
‫على النسب وذلك العتبارها طرفا أصليا في دعاوى شؤون األسرة وهو ما نصت عليه‬
‫المادة ‪43‬مكرر من ق أ حيث جاء فيها " تعد النيابة العامة طرفا أصليا في جميع‬
‫القضايا الرامية لتطبيق أحكام هذا القانون "‬
‫ت‪‌.‬أن يكون اللجوء إلى هذه الوسيلة في الحاالت التي يجوز فيها إثبات النسب‪.‬‬
‫ث‪‌.‬أن يكون جميع القائمين على العمل في المختبرات الخاصة بتحليل البصمة الوراثية‪ ،‬ممن‬
‫تتوفر فيهم الخبرة التامة في هذا المجال‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫ج‪‌.‬أن يمنع القطاع الخاص والشركات التجارية ذات المصالح من المتاجرة فيها‪.‬‬
‫ح‪‌.‬أن تكون مختبرات الفحص للبصمة الوراثية تابعة للدولة‪ .‬واذا لم يتوافر ذلك‪ ،‬يمكن‬
‫االستعانة بالمختبرات الخاصة الخاضعة إلشراف الدولة‪.‬‬
‫خ‪‌.‬توثيق كل خطوة من خطوات تحليل البصمة الوراثية‪ ،‬بدء من نقل العينات إلى ظهور‬
‫النتائج النهائية‪ ،‬حرصا على سالمة تلك العينات‪ ،‬وضمانا لصحة نتائجها‪ ،‬مع حفظ هذه‬
‫الوثائق للرجوع إليها عند الحاجة‪.‬‬
‫د‪ ‌.‬أن تكون هذه المخابر‪ ،‬والمعامل الفنية مزودة بأحدث األجهزة والتقنيات العالمية حتى‬
‫تكون النتائج مطابقة للواقع‪.‬‬
‫ذ‪ ‌.‬أن تحاط اإلجراءات الخاصة بتحاليل البصمة الوراثية بسرية تامة‪ ،‬وذلك نظ ار‬
‫لخصوصية هذا النوع من االختبارات‪ ،‬وخطورة إفشاء نتائجه‪.‬‬

‫فإذا توفرت هذه الشروط‪ ،‬والضوابط في خبراء البصمة الوراثية‪ ،‬وفي المعامل‪ ،‬ومختبرات‬
‫تحليل البصمة الوراثية‪ .‬فال خالف بين فقهاء الشريعة اإلسالمية حول جواز استخدام البصمة‬
‫‪1‬‬
‫الوراثية في مجال إثبات أو نفي النسب‪.‬‬

‫دور البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب‬

‫إن البصمة الوراثية واالستدالل بها في إثبات النسب نوع من علم القافة‪ ،‬حيث تميزت‬
‫بالبحث في خفايا وأسرار النمط الوراثي للحامض النووي بدقة كبيرة ما يجعلها تأخذ حكم‬
‫القيافة العلمية متى توفرت الشروط والضوابط التي حددها الفقهاء في القيافة‪ ،‬حيث جاء في‬
‫توصية ندوة الوراثة والهندسة الوراثية أن " البصمة الوراثية من الناحية العلمية وسيلة ال تكاد‬
‫تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية "‬

‫‪ -1‬حمدي مهدي‪ ،‬بته عبد الوهاب ‪ ,‬مذكرة لنيل شهادة الماستر ‪ ,‬اثبات النسب في قانون االسرة الجزائري ‪ ,‬جامعة المسيلة‬
‫‪ ,‬قسم حقوق ‪ ,2021/2020 ,‬ص ‪62/61/60‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫‪ ‬نالحظ أنه فيما عدا الطرق الشرعية والقانونية إلثبات النسب والمحددة في المادة‬
‫‪54‬من ق أ فإنه يمكن اللجوء للبصمة الوراثية كخبرة ودليل علمي إلثبات البنوة أو‬
‫األبوة بيولوجيا‪ ،‬والتي كرسها المشرع في الفقرة الثانية من المادة ‪54‬من ق أ وذلك‬
‫لغرض حل مختلف قضايا التنازع حول النسب في الكثير من الحاالت منها‪:‬‬
‫في حاالت اختالط المواليد في مستشفيات الوالدة‪.‬‬
‫‪ ‬حالة اختالط أصحاب الجثث المفحمة‪.‬‬
‫‪ ‬في حالة أطفال االنابيب‪.‬‬
‫‪ ‬حاالت ضياع األطفال بسبب الحوادث والكوارث أو الحروب وتعذر معرفة أهلهم‬
‫‪ ‬الحاالت التي يدعي فيها رجل أنه فقد غبنه لفترة طويلة‬
‫‪ ‬حاالت اختالط األطفال في الحروب والكوارث‪ ،‬والضحايا مجهولو النسب هوية‬
‫الطفل‪.‬‬
‫و التحقق من نسبه الحقيقي‪.‬‬
‫‪ ‬الحالة التي تدعي فيها المرأة أن مولودها يخص رجال معينا‪ ،‬إلجباره على الزواج أو‬
‫طمعا في الميراث والنفقة للتأكد من النسب سلبا أو إيجابا‪.‬‬

‫نستنتج مما تطرقنا إليه أن البصمة الوراثية دليل علمي ممتاز في إثبات النسب إال أنه ال‬
‫يمكن أن تتقدم على الطرق الشرعية والقانونية الوارد في المادة ‪1/54‬من ق أ حيث يلجأ‬
‫إليها في حالة غياب هذه الطرق أو في حالة تعارضها‪ .‬ما يعني أن األبوة الثابتة بهذه الطرق‬
‫ال يمكن إبطالها بالبصمة الوراثية‪ ،‬كما أن نفي النسب الثابت بالطرق الشرعية ال يكون إال‬
‫‪1‬‬
‫عن طريق اللعان وفقا لما أكدت عليه المادة ‪ 51‬من قانون االسرة‬

‫‪ -1‬فارسي صالح الدين سيدعلي‪ ،‬النسب في التشريع الجزائري مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ’‬
‫قانون خاص جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم ‪ 2022/2021‬ص ‪, 37.38‬‬

‫‪19‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫ثانيا‪ :‬التلقيح االصطناعي‬

‫يعد التلقيح االصطناعي شكال من أشكال التقدم العلمي الحديث‪ ،‬مما جعله يثير ولحد‬
‫اآلن إشكاالت شرعية وقانونية خاصة منها ما يتعلق بإثبات نسب المولود الجديد نتاج هذه‬
‫العملية‪ ،‬األمر الذي أعطى لهذا الموضوع أهم ية كبرى كونه يرتبط ارتباطا وثيقا بأهداف‬
‫الشريعة اإلسالمية الغراء ومقاصدها في حفظ النسل‪.‬‬

‫ولقد نصت المادة ‪ 45‬مكرر المضافة بموجب التعديل الصادر باألمر ‪ 02 05‬على‬
‫أنه يجوز للزوجين اللجوء إلى التلقيح االصطناعي مع ضرورة اخضاع هذه الطريقة في‬
‫اثبات النسب إلى شروط محددة وهذا ما يدل على أن المشرع الجزائري اختار مسايرة العصر‬
‫‪1‬‬
‫باعتماده على تقنيات جديدة ومعاصرة‪.‬‬

‫‪ -‬التعريف اللغوي واالصطالحي للتلقيح االصطناعي‬

‫لغة‪ :‬التقاء الحيوان المنوي بالبويضة أو اتحاد مشيج الذكر (الحيوان المنوي) مع مشيج‬
‫األنثى (البويضة) وتكوين الالقحة وذلك بغير االتصال الجنسي‪.‬‬

‫اصطالحا‪ :‬فيعرف بأنه عبارة عن إدخال حيوانات منوية مستخرجة من الزوج داخل الزوج‬
‫عن طريق الحقن بغرض تلقيح البويضة داخل الرحم وهو ما يسمى بالتلقيح الداخلي أو‬
‫إخصاب بويضة الزوجة بعد استخرجها وتلقيحها بنطفة الزوج داخل أنبوب االختبار ثم إعادة‬
‫زرعها داخل رحم الزوجة وهذا ما يسمى بالتلقيح الخارجي وسمي هذا التلقيح بالتلقيح‬
‫االصطناعي لكونه ال يتم بالطرق الطبيعية المعروفة بل عن طريق تقنيات مخبرية من صنع‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫‪ -‬أنواع التلقيح االصطناعي‪:‬‬

‫يقسم التلقيح االصطناعي إلى نوعين‪ :‬داخلي وخارجي‬

‫‪ ‬التلقيح االصطناعي الداخلي‪:‬‬

‫يتم التلقيح االصطناعي في هذه الصورة عن طريق حقن السائل المنوي للزوج في‬
‫الليلة السابقة للتبويض في رحم المرأة‪ ،‬فالتلقيح هنا يقتصر على ماء الزوجين دون غيرهما‪،‬‬
‫وتتميز هذه الصورة بأنها تقترب من اإلنجاب الطبيعي إذ بمجرد إدخال السائل المنوي في‬
‫‪1‬‬
‫رحم المرأة بنجاح تسير األمور بعد ذلك كما لو كان اإلنجاب طبيعيا‪،‬‬

‫‪ ‬التلقيح االصطناعي الخارجي‪:‬‬

‫وهو الوسيلة التي يتم فيها تلقيح البويضة من المرأة خارج رحمها وذلك من خالل (أنبوب‬
‫اختبار )‪،‬ويتم هذا التلقيح عن طريق انتزاع بويضة أو أكثر صالحة لإلخصاب من مبيض‬
‫ال زوجة ثم توضع هذه البويضات في وسط مالئم ومغذي في وجود نطفة الزوج‪ ،‬ثم يتم‬
‫إخصاب البويضة األنثوية بالنطفة الذكرية ليتم بعدها نقلها إلى رحم الزوجة التي كانت قد‬
‫أعدت خصيصا الستقبالها من خالل معالجة هرمونية‪ ،‬وحينئذ يتكون الجنين ويحدث‬
‫الحمل‪.2‬‬

‫‪ -‬شروط التلقيح اصطناعي‪:‬‬

‫انطالقا من الضوابط الشرعية التي حددها علماء الفقه اإلسالمي‪ .‬تنص المادة ‪ 45‬مكرر‬
‫المضافة عام ‪ 2005‬بان يخضع التلقيح االصطناعي للشروط االتية‪:‬‬

‫‪ -1‬شوقي زكريا صالح‪ ,‬التلقيح الصناعي بين الشريعة اإلسالمية والقوانين الوضعية ‪ ,‬دار النهضة العربية ص ‪ 11‬طبعة‬
‫‪.2011‬‬
‫‪-2‬شوقي زكريا الصالحي ‪ ,‬المرجع نفسه ص‪.61‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫أن يكون الزواج شرعيا‪ :‬أن يقوم األطباء بهده العملية بعد التأكد من وجود عقد زواج‬ ‫‪.1‬‬

‫شرعي‪.‬‬

‫أن يكون التلقيح أثناء حياتهما وبرضا الزوجين‪ ،‬فال يجوز قانونا القيام بالتلقيح بماء‬ ‫‪.2‬‬

‫الزوج على زوجته بعد انتهاء الرابطة الزوجية بينهما سواء بالفسخ أو بالطالق أو‬
‫بالموت‪.‬‬

‫يشترط أن يكون الزوجان بالغان مع علمهما بعواقب التجربة‬ ‫‪.3‬‬

‫أن يتم بمني الزوج وبويضة رحم الزوجة دون غيرهما‪ :‬وهي الصورة التي اقرها‬ ‫‪.4‬‬

‫المجمع الفقهي إلسالمي لرابطة العالم إلسالمي في دورته الثامنة في ‪28‬يناير‬


‫‪ . 1985‬بمكة المكرمة‪ .‬وعليه ال بد من استبعاد حاالت الزوجة التي تلقح بماء رجل‬
‫غير زوجها ‪ ,‬وكذلك البويضة المأخوذة من زوجة أخرى والتي تلقح بماء الزوج ‪ ,‬كما‬
‫‪1‬‬
‫ال يجوز شرعا وقانونا استئجار رحم امرأة أجنبية كحاضنة لمائهما‪.‬‬

‫أن يكون اللجوء إلى عملية التلقيح االصطناعي بغرض العالج‬ ‫‪.5‬‬

‫مراعاة الضوابط واألحكام اإلسالمية في عمليات التلقيح االصطناعي‬ ‫‪.6‬‬

‫‪ -‬موقف المشرع الجزائري من عملية التلقيح الصطناعي‪:‬‬

‫لقد سار المشرع الجزائري في اتجاه غالبية التشريعات القانونية المقارنة من حيث‬
‫إجازة عمليات التلقيح االصطناعي وذلك بعد تعديله لقانون األسرة باألمر رقم‪ 02/05 :‬لسنة‬
‫‪ ،2005‬حيث نص في المادة ‪ 45‬مكرر على أنه يجوز للزوجين اللجوء إلى التلقيح‬

‫‪ 1‬بلحاج العربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري‪ ،‬الزواج والطالق‪ ،‬ج‪ 1‬ط‪, 4‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ 2005,‬ص‪.409‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫االصطناعي وذلك تحت جملة من الشروط يستوجب توافرها إلضفاء المشروعية على مثل‬
‫هذه العمليات والمتمثلة أساسا في‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يكون التلقيح االصطناعي بين الزوجين‪ :‬ويقصد بهذا الشرط المدرج في المادة‬
‫‪ 45‬من قانون األسرة أن تتم عمليات التلقيح بين رجل وامرأة تجمعهما رابطة زوجية‬
‫مشروعة حيث يتم تلقيح بويضة الزوجة بماء زوجها‪ ،‬مما يجعل من الرابطة الزوجية‬
‫أهم شرط إلباحة عملية التلقيح االصطناعي‬
‫‪ .2‬أن يتم التلقيح االصطناعي حال قيام العالقة الزوجية‪ :‬ال يكفي في إجراء التلقيح‬
‫االصطناعي أن يتم فقط بين الزوجين‪ ،‬وانما البد وأن يتم كذلك حال قيام العالقة‬
‫الزوجية وفقا لما اتجهت إليه إرادة المشرع الجزائري فإذا ما انتهت العالقة الزوجية‬
‫بالموت أو الطالق فإنه قد تم االتفاق على عدم جواز عملية التلقيح االصطناعي لما‬
‫في ذلك من أضرار تتعلق بنسب الطفل المولود من جهة وبالورثة من حجبهم حجب‬
‫‪1‬‬
‫نقصان أو حرمان‬
‫‪ .3‬رضا الزوجين بإجراء التلقيح االصطناعي‪ :‬من المبادئ المستقرة في القانون الطبي‬
‫ضرورة توافر الرضا‪ ،‬وبما أن عمليات التلقيح االصطناعي هي من العمليات‬
‫المستحدثة في الطب فإن المشرع الجزائري يشترط في إجرائها رضا الزوجين‬
‫باعتبارهما طرفي هذه العملية‪ ،‬فالرضا المتبادل بين الزوجين شرط أساسي في جميع‬
‫‪2‬‬
‫صور التلقيح االصطناعي الداخلي والخارجي‪'.‬‬

‫‪ 1‬أقزيط مفتاح محمد‪ ،‬الحماية القانونية للجنين بين الفقه اإلسالمي والفقه الوضعي‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫ط‪ ،2004،1‬ص‪.83‬‬
‫‪ -2‬تشوار جياللي (نسب الطفل في القوانين المغاربية لألسرة بين النقص التشريعي التنقيحات المستحدثة)‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫القانونية واإلدارية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،‬العدد ‪ ،03‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪.12‬‬

‫‪23‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫‪ .4‬أن تكون الجهة القائمة بالعملية مختصة وموثوق بها‪ ،‬وهذا بغية أال يترتب عن‬
‫إجراء هذه العمليات اختالط للنطف وبالتالي المحافظة على مقصد من مقاصد‬
‫الشريعة والمتمثل في عدم اختالط األنساب‪.‬‬

‫فيفهم من هذا النص‪ ،‬االعتراف بمشروعية هذه الوسيلة الطبية في مساعدة الزوجين للقضاء‬
‫على آثار العقم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الطرق العلمية الظنية‬

‫أوال‪ :‬فحص الدم‬

‫يشمل الدم على العديد من الصفات الوراثية الموروثة من األب واألم‪ ،‬حيث يأخذ‬
‫الولد نصف الصفات من أبيه الحقيقي والنصف اآلخر من أمه عن طريق الحيوان المنوي‬
‫للرجل والبويضة لألنثى‪ .‬ومن العالمات الوراثية الموجودة في الدم فصائل الدم الرئيسية‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف تحليل الدم‪:‬‬

‫لغة ‪ :‬هو سائل حيوي أحمر اللون يسري في الجهاز الدوري لإلنسان والحيوان‪ ،‬ينقل‬
‫‪1‬‬
‫العناصر المغذية خالل الجسم بواسطة األوردة والشرايين‬

‫اصطالحا ‪ :‬هو عبارة عن سائل مركب يتكون من الخاليا والبالزما‪ ،‬وتنقسم خاليا الدم‬
‫إلى ثالثة مجموعات هي كريات الدم الحمراء وهذه الكريات دورها فعال في تحديد فصيلة‬
‫الدم‪ ،‬وكريات الدم البيضاء وأخي ار الصفائح الدموية‪ .‬أما البالزما فتنقسم إلى أربعة تركيبات‬
‫‪2‬‬
‫هي‪ :‬األلبمين‪ ،‬الهيموقلبين‪ ،‬الفيبروجين‪ ،‬وعوامل التخثر وعددها ‪19‬عامل‪.‬‬

‫‪ -1‬سعيدان أسماء‪ ،‬إثبات النسب في القانون الجزائري‪ ،‬بيت االفكار‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الجزائر (مؤلفات خاصة) ص ‪.97‬‬
‫‪ -2‬بوزيد خالد إثبات النسب بالطرق العلمية ف ي قانون األسرة والقانون المقارن‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم‪،‬‬
‫تخصص قانون خاص‪ ،‬جامعة وهران ‪ 02‬محمد بن احمد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ 2018/2017 ،‬ص ‪.46‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫‪ -2‬أنواع فصائل الدم‪:‬‬

‫يستند فحص الدم عل أساس علمي متين مفاده أن دماء البشر تختلف عن بعضها وهي في‬
‫أربع فصائل رئيسية‪ 1.A.AB.B.O ،‬ويستند هذا التقسيم على وجود مولد الضد أو انعدامه‬
‫في كريات الدم الحمراء‪ ،‬ويطلق على وجود مولد الضد األجلوتينوجين‪ ،‬كما يستند أيضا إلى‬
‫احتواء مصل الدم على أجسام ضدية أو انعدام وجودها ويطلق عليها باألجسام الضدية‬
‫المقابلة‪. 2‬‬

‫‪ ‬فصيلة الدم ‪ A‬تحتوي على مولد الضد ‪A‬في كريات الدم الحمراء وتحتوي على أجسام‬
‫مضادة ‪ B‬في البالزما‬
‫‪ ‬فصيلة دم ‪ B‬وتحتوي على مولد الضد ‪B‬في كريات الدم الحمراء‪ ،‬وتحتوي على‬
‫أجسام مضادة ‪A‬في البالزما‬
‫‪ ‬فصيلة دم ‪ AB‬تحتوي على مولد ال ضد‪ B‬و‪ A‬في كريات الدم الحمراء وال تحتوي‬
‫على أي أجسام مضادة في البالزما‬
‫‪ ‬ـ فصيلة دم ‪ O‬ال تحتوي على مولد الضد ‪A‬و مولد الضد ‪B‬في كريات الدم الحمراء‬
‫وتحتوي على أجسام مضادة من نوع ‪A‬و ‪ B‬في البالزما‪.‬‬

‫وفيما يلي جدول يوضح ا لعالقة بين مولدات الضد واألجسام المضادة في مجاميع الدم‬
‫المختلفة‪ ،‬والتراكيب الجينية التي تقابلها‪:‬‬

‫‪ ‌1‬عباس‌العبودي‪‌،‬شرح‌أحكام‌قانون‌البينات‪‌:‬دراسة‌مقارنة‌معززة‌بآخر‌التعديالت‌التشريعية‌والمبادئ‌القانونية‪‌،‬دار‌الثقافة‌للنشر‌والتوزيع‪‌،‬‬
‫عمان‪‌2007‌،‬ص‌‪‌.243‬‬
‫‪ 2‬عباس العبودي‪ ،‬شرح أحكام قانون البينات‪ :‬دراسة مقارنة معززة بآخر التعديالت التشريعية والمبادئ القانونية‪ ،‬دار الثقافة‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ 2007 ،‬ص ‪.243‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫األجسام المضادة في‬ ‫مولدات الضد في كريات الدم‬


‫التراكيب الجينية‬ ‫الفصيلة‬
‫البالزما‬ ‫الحمراء‬
‫نفي ‪AA‬‬
‫‪Anti A‬‬ ‫‪A‬‬ ‫‪A‬‬
‫هجين‪AO‬‬
‫نفي ‪BB‬‬
‫‪Anti B‬‬ ‫‪B‬‬ ‫‪B‬‬
‫هجين‪BO‬‬
‫‪AB‬‬ ‫‪-----‬‬ ‫‪AB‬‬ ‫‪AB‬‬
‫‪Anti A‬‬
‫‪OO‬‬ ‫‪-----‬‬ ‫‪O‬‬
‫‪Anti B‬‬

‫وأشير في هذا الصدد إلى نظرية برنستين في وراثة فصائل الدم التي تعتبر أن هناك‬
‫‪03‬عوامل موروث ــة حيث ‪ ) (O, B, A) (B, A‬سائدة‪ ،‬بينما ( ‪ (O‬متنحية وكل نسل له‬
‫إثنين من هذه الثالث واحد من كل والد‪.‬‬

‫مثال‪ :‬طفل فصيلة دمه ‪A‬قد تكون ‪AA‬أو‪ AO،‬طفل فصيلة دمه ‪ B‬قد تكون ‪ BB‬أو‬
‫‪ BO‬واذا ورث عاملين متنحيين سيكون ‪ O‬واذا ورث عاملين سائدين سيكون‪AB.‬‬
‫و قد دعمت نظرية برنستين بالحقائق التالية‪:‬‬
‫‪-‬أب ‪ O‬ال يمكن أن يكون له طفل‪AB.‬‬
‫‪-‬أب ‪AB‬ال يمكن أن يكون له طفل‪O .‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫‪-‬أب ‪A‬تزوج بأم ‪B‬يمكن أن يكون لديهما كل الفصائل األربعة‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫و فيما يلي جدول يوضح فصائل الوالدين وفصائل األطفال الممكنة والغير الممكنة‬

‫فصيلة الطفل‬ ‫فصائل الوالدين‬


‫غير ممكن‬ ‫ممكن‬
‫‪AB.B.A.‬‬ ‫‪O‬‬ ‫‪O O‬‬
‫‪AB. B‬‬ ‫‪O A‬‬ ‫‪AA‬‬
‫‪AB B‬‬ ‫‪AO‬‬ ‫‪AO‬‬
‫‪AB A‬‬ ‫‪BO‬‬ ‫‪BB‬‬
‫‪-------‬‬ ‫‪A B AB O‬‬ ‫‪BA‬‬
‫‪O‬‬ ‫‪A B AB‬‬ ‫‪AB AB‬‬
‫‪O AB‬‬ ‫‪AB‬‬ ‫‪O AB‬‬
‫‪ -3‬دور تحليل الدم في أثبات النسب‪:‬‬

‫تتأثر فصيلة دم االبن بنوع فصيلة دم أبويه (األم واالب )‪ ،‬سواء كان األبوين من‬
‫فصيلة دم واحدة أو من فصيلتين مختلفتين‪ ،‬فإذا تم التعرف على فصيلة دم األبوين يمكن‬
‫معرفة فصيلة دم االبن‪ ،‬وهو األمر ذاته في حالة معرفة فصيلة دم االبن يتم التعرف على‬
‫فصيلة دم األبوين‪.‬‬

‫تعتمد الكثير من بلدان العالم على تحاليل الدم إلظهار أبوة رجل معين ادعت إحدى‬
‫النساء أنه أب لطفلها‪ ،‬إال أنه يمكن لتحاليل الدم استثناء أبوة هذا الرجل وليس إثبات أبوته‬
‫‪1‬‬
‫بشكل قطعي فحص فصيلة دم األبوان والولد يحيل على أحد الفرضيتين‪.‬‬

‫‪ -1‬دكتور حسين غلي شحرور‪ ،‬الطب الشرعي‪ ،‬مبادئ وحقائق‪ ،‬مكتبة النرجس‪ .‬ص ‪.257‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫الفرضية األول ‪ :‬حالة ظهور فصيلة دم الطفل مخالفة لفصيلة دم الزوجين فإن هذا‬
‫دليل على أن الزوج ليس هو األب الحقيقي للطفل‬

‫مثال‪ :‬فصيلة الدم ألحد األبوين‪AB ،‬والفصيلة الدموية لآلخر‪O ،‬فال يمكن أن يكون‬
‫الطفل من فصيلة ‪O‬فيكون إما من فصيلة ‪A‬أو من فصيلة ‪B‬وكذلك إذا لم يكن أحد األبوين‬
‫من فصيلة ‪O‬فال يمكن للطفل أن يكون من مجموعة‪O.‬‬

‫الفرضية الثانية‪ :‬حالة توافق فصيلة دم الطفل مع فصيلة دم األبوين يعني أن الزوج‬
‫قد يكون هو الوالد الحقيقي للطفل وقد ال يكون كذلك‪ ،‬وهذا بسبب أن فصيلة الدم الواحدة قد‬
‫يشترك فيها عدة أشخاص‪ ،‬فإذا كانت فصيلة دم األبوين متشابهة فهذا ال يعد دليال مؤكد‬
‫على ثبوت نسب الولد للزوج ‪.‬‬

‫وما يمكن استخالصه أن وراثة فصائل الدم ال تعطي أكثر من ‪ % 40‬في مجال‬
‫إثبات النسب وتصلح كدليل لنفي النسب بنسبة ‪100 %‬ذلك تصنف ضمن الطرق العلمية‬
‫ذات الحجيه الظنية وقد أفرز التطور البيولوجي أكثر من ‪20‬نظام لفحص الدم تعد بمثابة‬
‫قرينة قاطعة في نفي النسب دون إثباته‪. 2‬‬

‫ثانيا‪ :‬المجموعة البروتينية‬

‫‪ -1‬مفهوم البروتينات‪ :‬البروتينات هي سالسل طويلة من األحماض اآلمنية وتوجد اآلالف‬


‫من البروتينات المختلفة في الجسم البشري وهي تقوم بجميع أنواع الوظائف لمساعدتنا في‬
‫البقاء على قيد الحياة‪.‬‬

‫‪ 1‬ارسي صالح الدين سيدعلي‪ ،‬النسب في للتشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم ‪ ,2022/2021,‬ص ‪.32‬‬
‫‪ -2‬بومجان سالف‪ ،‬إثبات النسب ونفيه وفقا لتعديالت قانون االسرة الجزائري‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا‬
‫للقضاء‪ ،‬الدفعة ‪ ,2008/2005 , 16‬ص ‪.40‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫‪-2‬االحماض األمنية‪ :‬هي جزيئات عضوية خاصة تستخدمها الكائنات الحية لصنع‬
‫البروتينات اما العناصر الرئيسية في األحماض األمنية هي‪ :‬الكربون‪ ،‬والهيدروجين‬
‫واالكسيجين ونيتروجين‪.‬‬

‫‪:‬‬ ‫‪ -3‬كيف يتم صنع البروتينات‬

‫‪ ‬البروتينات يتم صناعتها داخل الخاليا‪ ،‬وعندما تقوم الخلية بصنع البروتين يطلق‬
‫على هذه العملية " التعبير المورثي "‬
‫‪ ‬يتم استنساخ المعلومة الوراثية المحمولة على ال‪ ADN‬إلى ‪.ARNm‬‬
‫‪ ‬يتم تحويل ال‪ ARNm‬إلى بروتين عن طريق عملية الترجمة وذلك بتدخل عناصر‬
‫وانزيمات‪.‬‬

‫‪ -4‬أنواع البروتينات‪ :‬توجد أنواع مختلفة من البروتينات في جسم االنسان‪ ،‬سنعرض‬


‫بعضها مع تبيان وظائفها‪.‬‬

‫‪ ‬الهيكلي‪ :‬العديد من البروتينات تكون داخل هيكل االنسان مثل " الكوالجين " الموجود‬
‫في الغضروف واالوتار‪.‬‬
‫‪ ‬الدفاعي‪ :‬بروتينات تساعدنا في الوقاية من االمراض وهي التي تصنع االجسام‬
‫المضادة المسؤولة على محاربة الجراثيم‬
‫‪ ‬الناقل‪ :‬يمكن للبروتينات ان تساعد في حمل المواد الغذائية األساسية في جميع انحاء‬
‫الجسم مثل " الهيموغلوبين " الذي يحمل االكسيجين في خاليا الدم الحمراء‬

‫ومنه فالبروتينات لها دور كبير في تحديد صفات جسم االنسان ألنها تدخل في تركيب جسم‬
‫االنسان مثل‪ :‬الشعر والدم والعظام‪.....‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫‪ -5‬أهمية البروتينات‪:‬‬

‫‪ ‬تدخل البروتينات في بناء العظام والعضالت‬


‫‪ ‬نقل االكسيجين والمواد الغذائية في الجسم‬
‫‪ ‬بناء الهرمونات‬
‫‪ ‬صنع االنزيمات‬
‫‪ ‬تدخل بشكل كبير في االستجابة المناعية وفي تركيب الجهاز المناعي‪.‬‬

‫ومنه فالبروتينات هي عنصر أساسي وضروري جدا للحياة وحوالي ‪ %20‬من جسم االنسان‬
‫يتكون من البروتينات وكل خلية في جسم اإلنسان تستخدم البروتينات للقيام بوظائفها‪.‬‬

‫كخالصة ‪ :‬فان نضام المجموعة البروتينية هو نضام أدق من نضام فائل الدم وذلك الن مع‬
‫البروتينات تحدد الفروق البيولوجية بوضوح لكل فرد مما يجعلها الوسيلة األفضل في مجال‬
‫أثبات النسب وذلك من خالل دراسة البروتينات لألفراد المراد اثبات نسبهم‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة إلثبات النسب‬

‫رغم التكريس القانوني إلمكانية إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة وخاصة القانون‬
‫‪ 03/16‬والخاصة بالبصمة الوراثية وشروط وكيفية استعماليها في الفصل الثاني من القانون‬
‫السالف الذكر فإن إعمال القضاء لتلك الضروف ال بحول دون وجود عقبات وعوائق قد‬
‫تؤدي إلى عدم تكريسها عمليا ومنها بالخصوص‪ ،‬فإن تعاون الخصوم على إظهار الحقيقة‬
‫لن يحدث في غالب األحي ان إن لم يكن بطريقة تلقائية ولذا فإنه من المتوقع أن يثير الخصم‬
‫بعض العقبات التي يحاول من خاللها اإلفالت من الحضور االختبارات الوراثة وال سيما‬
‫عندما يكون سيء النية‪.1‬‬

‫وسنتناول من خالل هذ المبحث وفق مطلبين أحدهما العوائق القانونية واألخر العوائق‬
‫المادية‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬العوائق القانونية‬

‫يقصد بها الثغرات القانونية التي يمكن أن يستغلها الخصم للتهرب من االختبارات‬
‫الوراثية‪ ،‬فمن هذه العوائق حرمة الحياة الخاصة واحترام السالمة الجسدية وعدم إجبار‬
‫الشخص على تقديم دليل ضد نفسه‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬عدم المساس بمبدأ حرمة الجسد‬

‫لقد تطورت نظرة المجتمعات والشعوب إذ أصبحت كرامة اإلنسان من إشغاالتها‬


‫ألرئيسية حيث أنه بعد إلغاء نظام الرق وتجريم عقوبة األعمال الشاقة والتعذيب بمختلف‬
‫أنواعه وتجريم مثل هذه األعمال من السلوكيات‪ ،‬ظهرت مبادرة جديدة لتعزيز كرامة اإلنسان‪،‬‬

‫‪1‬بلحاج العربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون األسرة وفق أخر التعديالت ومدعم بأحدث اجتهادات العليا ج‪،1‬أحكام‬
‫الزواج‪،‬ط‪،4‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ 2010 ،‬ص ‪.405‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫منها إلغاء عقوبة ا إلعدام واستبدال إجراء الحبس االحتياطي بالمراقبة ألقضائية‪ ،‬وتحسين‬
‫‪1‬‬
‫ظروف اإلقامة في المؤسسات العقابية وتوفير وسائل التربية‪ .....‬إلخ‬

‫كما أصبحت الشعوب تعمل كذلك على صيانة كرامة اإلنسان من بعض المخاطر‬
‫الناتجة عن التقدم العلمي‪ ،‬كعملية استبدال األنسجة واألجهزة البشرية وعملية االستنساخ وكل‬
‫ما يمس السالمة الجسدية ألشخاص وقد تجسدت هذه االنشغاالت في توفير الحماية‬
‫القانونية الالزمة بحيث أصبحت السالمة الجسدية للشخص حقا من حقوق اإلنسان العالمية‪.‬‬
‫لقد عبرت الجماعات الدولية الممثلة في األمم المتحدة ومؤتمراتها عن قلقها إزاء المنجزات‬
‫العلمية والتقنية الحديثة‪ ،‬التي تولد مشاكل اجتماعية وتعرض للخطر الحقوق المدنية‬
‫والسياسية للفرد والجماعة وتتجاوز اعتبارات تتعلق بالكرامة اإلنسانية‪ ،‬ولقد أوصت األمم‬
‫المتحدة على اتخاذ تدابير فعالة لكفالة استخدام التقدم العلمي والتكنولوجي في تأكيد حقوق‬
‫اإلنسان وحرياته‪.2‬‬

‫لم يتخلف المشرع الجزائري عن مواكبة التطور الحاصل في المجتمع الدولي حيث‬
‫كرس الدستور حقوق اإلنسان ال سيما من خالل المادة ‪ 34‬التي نصت على انه‪ " :‬يعاقب‬
‫القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات وكل ما يمس بسالمة اإلنسان "‬
‫‪ .3‬والمادة ‪ 37‬التي نصت على أنه‪ " :‬ال يجوز انتهاك حرمة حياة المواطن الخاصة‪،‬‬
‫وحرمة شرفه‪ ،‬ويحميها القانون"‪ .4‬وكذلك نص المادة الثالثة من ق رقم ( ‪ )16-03‬والتي‬
‫نصت على ما يلي‪ " :‬يتعين أثناء مختلف المراحل أخذ العينات البيولوجية واستعمال‬

‫‪1‬‬
‫أحمد عبد الدايم‪،‬أعضاء جسم اإلنسان ضمن التعامل القانوني‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،1999 ،‬‬
‫ص‪52‬‬
‫‪2‬إثبات النسب بالطرق العلمية البيولوجية الحديثة في القانون الجزائري‪ ،‬القانون الشامل‪ ،‬بحث منشور على الموقع‪ ،‬دون‬
‫ذكر اإلسم‪ ،‬البصمة الوراثية من المنظور اإلسالمي سنة ‪ 2003‬ص ‪.56‬‬
‫‪3‬دستور ‪ 28‬نوفمبر‪ 1996‬المعدل والمتمم لدستور‪ 23‬فبراير ‪ ،1989‬ج‪.‬ر‪ ،‬ع ‪ 94‬لسنة ‪.1976‬‬
‫‪4‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫البصمة الوراثية‪ ،‬احترام كرامة األشخاص وحرمة حياتهم الخاصة وحماية معطياتهم‬
‫‪1‬‬
‫من‬ ‫الشخصية‪ ،‬وفقا ألحكام هذا القانون والتشريع الساري المفعول‪".‬‬
‫خالل ما تقدم يتضح أن هناك تعارض بين حقين أولهما يتمثل في حق المجتمع في‬
‫الوصول إلى الحقيقة والثاني هو حق اإلنسان في صيانة أسرار حياته الخاصة خاصة‪ ،‬إذا‬
‫كان األمر يتعلق بتحليل فصائل الدم التي تتطلب عملية إجرائها نوع من التدخل على جسم‬
‫اإلنساني عن طريق سحب بعض من الدم المعني باستخدام أجهزة معينة‪.‬‬

‫من هنا يطرح السؤال‪ :‬إلى أي مدى ينحني مبدأ معصومية الجسد امام حماية قيمة‬
‫أخرى ال تقل أهمية وهي مسألة النسب ؟ أو بعبارة أخرى إلى أي مدى يمكن للفحص أن‬
‫يشكل تدخال في الحياة الخاصة للفرد التي يميها الدستور؟‬

‫الشك أن اإلجبار على الخضوع للفحص الطبي يعد نوعا من االعتداء على مبدأ‬
‫حرمة الجسد والذي يمثل إحدى القيم العليا ألي مجتمع متحضر‪ .‬ولكن أال يتضمن رفض‬
‫الخ ضوع لهذا الفحص باسم مبدأ حرمة الجسد تعديا شديدا على حقوق ذات أهمية ال تقل‬
‫على مبدأ حرمة الجسد ؟‪ .‬فحق الطفل في النسب من أهم الحقوق التي كفلتها الشريعة‬
‫اإلسالمية وأوجبت رعايتها والحفاظ عليها‪.‬‬

‫لذلك يجوز إجبار الشخص للخضوع للفحص الطبي من أجل إثبات النسب أو نفيه‬
‫رغم أن هذا مساس بحرمة الجسد وكرامة اإلنسان‪ ،‬إلى أن هذا المساس يكون لغايات أسمى‬
‫يسعى إليها المشرع‪ ،‬وهي حفظ األنساب ومنعها من االختالط‪ ،‬وبهذا يرفع التعارض بين‬
‫البصمة الوراثية ومبدأ معصومية الجسد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ق رقم ‪ 03-16‬مؤرخ في ‪ 14‬رمضان عام ‪ 1473‬الموافق ل ‪ 19‬يونيو سنة ‪ 2016‬يتعلق باستعمال البصمة الوراثية‬
‫في اإلجراءات القضائية والتعرف على األشخاص‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫إذا كان هناك سيء من التعارض بين المصلحة العامة للمجتمع‪ ،‬في أن يكون لكل‬
‫طفل أب يقوم على تربيته‪ ،‬وبين المصلحة الشخصية وهيا صيانة معصومية الجسد فإن‬
‫غالبية الفقه القانوني يرجح المصلحة العامة على حساب حق اإلنسان على جسده‪ ،‬وهذا‬
‫الترجيح له اعتبارات أشارت إليه محكمة ليل الفرنسية في حكمها الصادر ‪ ،1947‬بخصوص‬
‫منازعة زوجين حول إثبات بنوة ابن لهما‪ ،‬حيث يستخلص من وقائع القضية أن زوج المدعى‬
‫التمس من المحكمة تعيين خبير لفحص عينة من دمه ودم االم والطفل قصد التحقق من‬
‫نسب االبن‪ ،‬في حين أن الزوجة رفضت ذلك‪،‬مرتكزة في دفاعها على مخافة اإلجراء‬
‫المطلوب لمبدأ الحرية الشخصية ومبدأ معصومية الجسد‪،‬إال ان المحكمة أمرت بإخضاع‬
‫المدعي عليها اإلجراء الفحص الطبي‪.1‬‬

‫ومن بين االعتبارات التي ذكرتها المحكمة‪ ،‬أنه ال يمكن التذرع بمبدأ معصومية الجسد‬
‫للحيلولة دون إجراء تلك الفحوص‪ ،‬كما أن للقضاء أن يستخدم الوسائل التي يعتقد انها‬
‫مناسبة إلظهار الحقيقة‪ ،‬ومنها وسيلة للفحص العلمي‪.‬‬

‫وهذا‪ ،‬لقد رجحت بعض التشريعات حق الطفل في معرفة أصوله على حق الشخص‬
‫في سالمة الجسدية‪ ،‬كالمشرع األلماني حيث تلزم المادة ‪ 37‬من قانون أصول المحاكمات‬
‫األلمانية‪ ،‬كل شخص وليس فقط األطراف في الدعوى أن يقبل الخضوع ألي اختبار‬
‫بيولوجي‪.2‬‬

‫ويضيف دكتور زقاوي‪ .‬ان الحق في سالمة الجسدية انها مصلحة المجتمع أو الفرد‬
‫التي ينظمها الشارع‪ ،‬ويحميها في أن تسير الوظائف الحيوية في الجسد على نحو طبيعي‬
‫وفي ان يحتفظ بتكامله وأن يتحرر من اآلالم البدنية‪.‬‬

‫‪1‬محمد أبو زيد‪ ،‬دور التقدم البيولوجي في إثبات النسب‪،‬م الحقوق‪ ،‬الكويت‪ ،‬ع‪ ،1‬السنة ‪ ،20‬مارس‪ ،1996‬ص‪.76‬‬
‫‪2‬برزوق عالل أمال‪ 2015-2014 .‬أحكام النسب بين القانون الجزائري والقانون الفرنسي‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬تلمسان‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬ص‪.390‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫وعليه البد من الحصول على موافقة من يخضع للطرق العلمية إلثبات النسب‪ ،‬ألن‬
‫ذلك يمس بحرمة الجسد البشري والحق في سالمة الجسدية‪.1‬‬

‫فكان البد من احترام الشروط وضوابط عند اللجوء الستعمال الطرق العلمية منها‪:‬‬

‫‪ -‬ان تكون هناك ضرورة عند التقاضي يتطلب إجراء تحاليل علمية‬
‫‪ -‬أال يشكل ذلك أي ضرر بجسد الخاضع له‬

‫ومنه يمكن الخروج على مبدأ المساس بسالمة الجسد عند موافقة السلطات المختصة‬
‫من اجل تحقيق المصلحة العامة وتقديمها على المصلحة الخاصة تطبيقا لقاعدة تحمل‬
‫الضرر الخاص لدفع الضرر العام‪ ،‬كما أنه من باب أخر يحق لألطراف مطلق الحرية في‬
‫رفض الخضوع للفحص أو الطعن في نتائجه إما بالتزوير أو الخطأ بطلب خبرة مضادة‪.‬‬

‫وهذه الضمانات القانونية شرعت لغلق باب المشاكل الناجمة عند اللجوء إلى هذا الدليل‬
‫العلمي بغية إظهار الحقيقة البيولوجية في قضايا ومنازعات النسب المتعددة مما يسمح‬
‫للقاضي عند االقتضاء‪ ،‬أن يكره الشخص للخضوع لها من أجل مصلحة الشخص والطفل‬
‫معا لمعرفة اصوله البيولوجية ولمصلحة العادلة‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬عدم جواز اجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه‬

‫يعتبر مبدأ عدم جواز إلزام الشخص على تقديم دليل ضد نفسه‪ ،‬من أهم المبادئ التي‬
‫أخذ بها المشرع الجزائري في اإلثبات‪ ،‬ويقصد بهذا المبدأ أنه إذا كان لدى أحد طرفي‬
‫الخ صوم دليل يفيد خصمه فال يجوز إجباره على تقديم هذا الدليل‪ ،‬ألنه من حق كل خصم‬
‫أن يحتفظ بأوراقه الخاصة‪ ،‬وليس لخصمه أن يلزمه بتقديم دليل يملكه وال يريد تقديمه‪.‬‬

‫‪2‬شرفي نصيرة‪ .‬اثبات النسب في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في القانون‪،‬تخصص عقود ومسؤولية‪،‬‬
‫البويرة‪ ،‬جامعة أكلي محند اولحاج‪ ،‬ص‪.47‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫هذا التصور يتماشى مع مبدأ حياد القاضي‪ ،‬ذلك المبدأ الذي يجعل موقف القاضي‬
‫سلبيا هو االخر‪ ،‬فال إلزام عليه بتكليف الخصوم بتقديم الدليل على دفاعهم‪ ،‬أو لفت نظرهم‬
‫إلى مقتضيات هذا الدفاع‪ ،‬فهو يتلقى أدلة اإلثبات والنفي كما يقدمها أصحاب الخصومة‬
‫وفقا إلجراءات التي يضعها القانون‪ ،‬دون تدخل من جانبه‪.1‬‬

‫فكل التشريعات الدول تكرس المبدأ بعدم جواز إجبار الشخص على تقديم ضد نفسه‬
‫من حيث األصل ـ مهما كان هذا الدليل قاطعا ومنتجا في الدعوى‪ ،‬غير أنه في حالة إثبات‬
‫النسب يجوز التدخل على جسم المتهم مما قد يمثل اعتداء على الحرية الشخصية‪ ،‬إذ‬
‫يستطيع الشخص الخاضع للفحص بالطرق العلمية الرفض واالمتثال لتحاليل البصمة‬
‫الوراثية‪ ،‬إذا ما كانت له أسباب معقولة تبرر رفضه هذا‪ .‬وقد يجبر المتهم على الخضوع‬
‫لهذه االختبارات من أجل الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬حتى ولو أكره المتهم عليها في حال رفضه‬
‫ذلك طواعية‪ ،‬ويكون خضوعه من قبل طبيب مختص أو بناء على قرار من النيابة العامة أو‬
‫قاضي التحقيق مع توافر أدلة كافية الرتكابه جناية أو جنحة‪.2‬‬

‫إن األخذ بالطرق العلمية يعتبر انتهاكا لهذا المبدأ‪ ،‬ذلك ألنها تقوم بإجبار األب أو‬
‫األم على الخضوع لفحص الحامض النووي أو أخذ بصمات معينة أو تحليل فصيلة الدم‬
‫وغيرها‪ ،‬وهاذ يعد إجبا ار والزاما للشخص على تقديم دليل ضد نفسه‪ ،‬وهو ما يجعله دليال‬
‫باطال‪.‬‬

‫‪1‬محمود عبد الدايم‪ ،‬البصمة الوراثية ومدى حجيتها في اإلثبات دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬ديوان‬
‫الوطني المطبوعات الجامعية ‪ ،2011‬الجزائر ص‪.89‬‬
‫‪2‬أمزيان راضية‪ ،‬إثبات النسب بالطرق العلمية في القانون الجزائري واشكاليته‪ ،‬مجلة اإلنسان قسنطينة‪ ،‬سنة ‪ ،2018‬ص‬
‫‪.305‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫الواقع أن اتجاها حديثا يرفض التصور السابق‪ ،‬ويرى أن على الخصوم التزاما‬
‫بالمشاركة وبالمعاونة في اإلثبات ‪.1‬‬

‫إن نقطة البداية في هاذ االتجاه الحديث هي التمييز بين عبئ اإلثبات وعبئ إقامة‬
‫الدليل‪ .‬فبخصوص عبئ اإلثبات‪ ،‬فالمقصود به العبء السلبي لإلثبات بمعنى عبئ خطر أو‬
‫تبعة اإلثبات وهذا ما يتحمله طرف واحد فقط‪،‬وهو المدعي بخالف الظاهر أصال أو عرضا‬
‫أو فرضا والذي لم يستطع ان يثبت صحة ادعاءاته‪ ،‬أما بخصوص عبء إقامة الدليل‬
‫فيقصد به العبء االيجابي لإلثبات‪ ،‬بمعنى عبء تقديم األدلة التي تساعد في الكشف عن‬
‫الحقيقة‪ ،‬وهذا العبء يتحمله الطرفان معا‪ ،‬وبهذا يتضح أن إسناد مخطرة اإلثبات إلى‬
‫الخصم الذي فشل في إثبات ما يدعيه ال يحول دون قيام خصمه الذي ال يقع عليه هذا‬
‫العبء بالمعاونة في اإلثبات‪.‬‬

‫كذلك فإن اليمين التي تعد وسيلة يلجأ إليها الخصم الذي يقع عليه عبء اإلثبات‪،‬‬
‫يلزم فيها خصمه بأن يقول الحقيقة‪ ،2‬فهي مظهر من مظاهر واجب تعاون الخصوم في‬
‫الكشف عن الحقيقة‪ ،‬باإلضافة أن قانون اإلجراءات الجزائية الذي يسمح للضبطية القضائية‬
‫أو وكيل الجمهورية بتفتيش المتهم أو منزله جب ار عنه‪ ،‬إذا كان لذلك فائدة في إظهار الحقيقة‬
‫التي يسعى التشريع إلى تحقيقها‪ ،‬ونفس الغاية التي يسعى إليها المشرع الجزائر يمن خالل‬
‫إجازته للطرق العلمية في مجال إثبات النسب‪.‬‬

‫إذا‪ ،‬فمن الواضح أنه ـ حفاظا على الولد من الضياع ـ على المشرع أن يعطي الخصم‬
‫في أن يجبر خصمه بتقديم ما تحت يده من أدلة تساعد على إظهار الحقيقة‪ ،‬وهذا معناه أن‬
‫ن طاق األدلة التي يجوز للخصم إجبار خصمه على تقديمها يمتد ليشمل المساس بجسم‬

‫‪2‬محمد أبو زيد‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.75‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫اإلنسان‪ ،‬كما هو الشأن الحصول على عينة أو خلية من الجسم لفحصها‪ ،‬وهذا يؤدي بنا‬
‫إلى مواجهة الصعوبة أخرى تتمثل في مبدأ معصومية الجسد‪.1‬‬

‫كما أن المشرع الفرنسي كان قد أخل فيما سبق موقفا أكثر صراحة من غيره فقد‬
‫جاءت المادة ‪ 10‬من القانون المدني والمعدلة في ‪ 5‬يوليو ‪ ،1972‬تكريس مبدأ عام‬
‫بمقتضاه يخول القاضي سلطة تقديرية في إجبار الخصوم والغير عن طريق الغرامة التهديدية‬
‫بتقديم ما لديهم من ألمستندات كما أن للبصمة الوراثية نصيب من ذلك‪.2‬‬

‫ويظهر مما سبق أنه بالرغم من إمكانية التحجج بمبدأ عدم جواز إجبار الشخص على‬
‫تقديم دليل ضد نفسه بالنظر إلى المستجدات الطبية‪ ،‬فإنه حتى يستجاب لهذه التطورات‬
‫يجب أن تشمل حركة التعديل عددا من القوانين‪ ،‬وهي بدورها ستوفر حماية للطرفين المنكر‬
‫للنسب الذي يحتج بهذا المبدأ‪ ،‬والطفل مجهول النسب‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬حرمة الحياة الخاصة‬

‫لكل فرد منا حياته الخاصة‪ ،‬فال يجوز انتهاكها بأي شكل من األشكال‪ ،‬كما أن‬
‫المشرع الجزائري اعتبرها حق دستوري تضمنه الدولة‪.3‬‬

‫فحسب المادة ‪ 34‬من دستور ‪ 1996‬فإن‪" :‬الدولة تضمن عدم انتهاك حرمة اإلنسان‬
‫وتحظر اي عنف بدني أو معنوي أو أي مساس وبالكرامة‪.4‬‬

‫‪1‬سليمان مرقص‪ ،‬في شرح القانون المدني‪ ،‬أصول إثبات وأجراءاته‪ ،‬في المواد المدنية‪،‬المجلد ‪،1‬مطبوعة السالم‪ ،‬سنة‬
‫‪،1991‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪2‬بلحاج العربي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.403‬‬
‫‪3‬المادة ‪ 34‬من دستور ‪.1996‬‬
‫‪4‬‬
‫دستور ‪.1996‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫وعليه فحرمة الحياة الخاصة تشكل أحد العوائق أمام تطبيق الطرق العلمية في‬
‫النسب‪ ،‬ألن فحص الحمض النووي يشكل تدخال في حياة الفرد‪ ،‬فتفتح المجال للبحث عن‬
‫خصائص وراثية من خالل استعداد وراثي وقد يمد للغير بمعلومات خاصة بالزوج والزوجة‬
‫تكون ذات طابع شخصي خاص‪.1‬‬

‫إن حماية هذه المعلومات الوراثية باعتبارها حق من الحقوق اللصيقة وبالشخصية‬


‫تعد حماية قانونية من خالل المبدأ العام المتعلق بالحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وعدم إفشاء‬
‫السر المهني حسب المادة ‪ 37‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 92 /27‬المتضمن مدونة‬
‫أخالقيات الطب‪.2‬‬

‫يتضح مما سبق ذكره أنه لكي تعتبر الطرق العلمية وسيلة فعالة في إثبات النسب‪ ،‬ال‬
‫بد أن تخضع لضمانات قانونية لغلق باب المشاكل المتربة عن اللجوء إلى إحدى األدلة‬
‫العلمية‪ ،‬بغية إظهار الحقيقة البيولوجية للطفل‪ .‬فال بد من الحصول على الموافقة من يخضع‬
‫للفحص‪ ،‬إضافة إلى حماية المعلومات الوراثية باعتبارها حق من الحقوق الشخصية والذين‬
‫‪3‬‬
‫يشكل بدورهما ضمانة ثالثة‪ ،‬هي عدم جواز إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه‪.‬‬

‫إال أ ن هذه الضمانات القانونية إن وجدت فإنها ال تكفي لوجود عقبات أخرى تقف‬
‫عائقا أمام إبراز النسب الحقيقي للطفل‪.4‬‬

‫‪1‬بالمرزوق عالل أمال نفس المرجع ص‪.396 ،‬‬


‫‪2‬أقورفة زوبيدة اإلكتشافات الطبية والبيولوجية وأثرها على النسب في القانون األسرة الجزائري‪ ،‬اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‬
‫في العلوم اإلسالمية‪ ،‬تخصص أصول الفقهسنة ‪ 2008‬ـ ‪ 2009‬جامعة الجزائر ص ‪.256‬‬
‫‪3 4‬اعائشة سلطان ابراهيم المرزوقي‪ ،‬إثبات النسب في ضوء المعطيات العلمية المعاصرة رسالة لنيل درجة الدكتوراه‪،‬‬
‫جامعة القاهرة كلية دار العلوم ‪ ،2002 /‬ص ‪.323‬‬
‫‪4‬اعائشة سلطان ابراهيم المرزوقي نفس المرجع ص‪.365‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العوائق المادية‬

‫الفرع األول ‪ :‬عدم وجود مخابر عالمية كافية‬

‫بعد وصول القضية المتنازع فيهما حول نسب الطفل أمام الجهة القضائية المختصة‬
‫يقوم القاضي المخول قانونا بالنضر في وقائع القضية‪ ،‬وأقوال المتخاصمين‪ ،‬ويقدر بسلطته‬
‫مدى وجوب اال ستعانة بالخبرة الطبية إلثبات النسب خاصة إذا كانت المدفوع التي يؤسس‬
‫‪1‬‬
‫عليها األطراف دعواهم لم تكن قناعة لديه للنطق بالحكم‬

‫وال يمكن ألي حال من األحوال لقاضي شؤون األسرة الفصل في مسألة إثبات النسب‬
‫بالطرق العلمية إال باللجوء إلى االستشارة الخبراء والعلماء المختصين في ذلك للتوصل إلى‬
‫نتائج علمية دقيقة باعتبارها من المسائل التقنية‬

‫إن المعنى الوحيد المرخص له في الجزائر للقيام بالفحوصات الطبية هو المخبر‬


‫المركزي للشرطة العلمية الكائن مقره بنعكنون‪ ،‬الذي أنشئ سنة ‪ ،2004‬وبدأ سريان العمل‬
‫فيه سنة ‪ ،2006‬وقد تفرع عن المختبر المركزي للشرطة العلمية مختبرات جهويان‪ ،‬أحدهما‬
‫بوهران واألخر بقسنطينة‪ ،‬وكلها مصالح ملحقة بالنيابة مديرية الشرطة العلمية والتقنية التابعة‬
‫لمديرية الشرطة القضائية‪ ،‬وتتمثل مهمة هذه المختبرات في تقديم المعلومات التي تحتاج‬
‫إليها مصالح األمن والعدالة‪ ،‬ويتشكل مستخدميها ومضفي الشرطة واألعوان المدنيين من‬
‫مختلف التخصصات‪.‬‬

‫‪1‬بلحاج العربي‪ ،‬نفس المرجع‪،‬ص ‪.405‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫ولعل استحداث مخبر علمي واحد على المستوى الوطني مقارنة باستحداث الطرق‬
‫العلمية من طرف المشرع‪ ،‬يعد عائقا ماديا يحول دون تحقيق إرادة القاضي في الكشف عن‬
‫النسب الحقيقي‪ ،‬وبالتالي التقليل من فئات مجهولين النسب‪.1‬‬

‫إضافة إلى ذلك فإن اللجوء إلى الطرق العلمية يرتكز على وجوب توافر مختبرات‬
‫معززة‬

‫أ ـ يتطلب اللجوء إلى الطرق البيولوجية توافر ذو جودة عالية وتقنية محضة نظ ار‬
‫لصعوبة استعمال الوسائل المستخدمة في هذا المجال‪.‬‬

‫ب ـ يتطلب اللجوء إلى الطرق البيولوجية اإللمام الشامل والمعرفة الدقيقة بعلم الجنيات‬
‫وكل األنظمة المستعملة ‪.‬‬

‫في هذا المجال الذي يرتكز على الفرضيات والحاالت النادرة واستعمال بعض‬
‫المفاعالت صعبة ومعقدة يجب مراقبتها بصورة دقيقة فمثال إثبات الخبراء بأنه يتطلب‬
‫استعمال على األقل من ‪ 20‬نظام في هذا المجال للوصول إلى نتيجة الحتمية في إثبات أو‬
‫النفي‪.‬‬

‫ج ـ يتطلب نضام( ‪ ) HLB‬دون سواء امكانية ضخمة سواء باالعتماد على المخبر‬
‫على الجودة وعلى الخبراء تقنيين اخصائيين رفعي المستوى من بينهم أخصائيين في‬
‫اإلحصائيات واالحتماالت نظ ار ألن يشكل إحدى األنظمة المعقدة والشائكة‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬فإنه على الرغم من الصعوبات والمشاكل التي قد تواجه استخدام الطرق‬
‫العلمية في مجال منازعات البنوة فإنه ال يمكن تجاهل الدور الذي تلهبه في مجال اثبات‬

‫‪1‬اقروفة زبيدة نفس المرجع ص ‪.263‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل األول………………‪ ……………......‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬

‫النسب من خالل دقة نتائجها‪ ،‬فإلى اي مدى يمكن ان تكون نسبة لخطأ فيها ؟ وهل جميع‬
‫‪1‬‬
‫الطرق العلمية قطعية‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مسألة مصاريف الخبرة‬

‫إذا كان اللجوء إلى الطرق البيولوجية يرتكز في األساس على ضرورة توفر آليات‬
‫وهياكل مادية ضخمة للوصول إلى نتائج فعالة‪ ،‬فإن ذلك يتطلب بالمقابل مصاريف باهظة‬
‫تفتقر إلى ألية قانونية يتم بموجبها تحميل الخزينة العامة أعبائها‪ ،‬وبالتالي يتحملها أطراف‬
‫دعوى‪ ،‬فهل يمكن تصور ذلك بالنظر إلى األوضاع المعيشة واالقتصادية لمواطن‬
‫‪2‬‬
‫الجزائري‪،‬مما يستدعي القول بأن مجال لجوء المواطن إلى هذه الخبرة يبقى ضيقا جدة‬

‫‪1‬إقورفة زبيدة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.265‬‬


‫‪2‬تفاح مصطفى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.64-63‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫حجية الطرق العلمية في إثبات النسب‬
‫وسلطات الق اضي في تقديرها‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫المبحث األول‪ :‬حجية الطرق العلمية الحديثة‬


‫تختلف مصداقية وحجية الطرق العلمية بإختالف التحليل البيولوجي المعتمد‪ ،‬فمثال‬
‫الخبرة الطبية التي تستند إلى فحص البصمة الوراثية ذات داللة قطعية وهي وسيلة علمية‬
‫ال تكاد تخطئ للتحقق من الوالدية البي ولوجية وهي ترقى إلى مستوى القرائن القطعية‪،1‬‬
‫خالفا لتحليل فصائل الدم على النحو السابق بيانه وتبعا لذلك فإن الطرق العلمية من‬
‫حيث حجيتها تتفرع إلى نوعين ذات حجية مطلقة وأخرى ذات حجية نسبية وحتى بالنسبة‬
‫للطرق العلمية ذات الحجية المطلقة فإن الظروف المحيطة بها من عاملين أو أجهزة له‬
‫تأثير كبير على صحة نتائجها وهذا ما سأتناوله فيما يلي ‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحجية المطلقة للطرق العلمية‬


‫لقد إتفق معظم الفقهاء وعلماء الطب على أن نظام البصمة الوراثية (‪(ADN‬‬
‫ونظام )‪ (HLA‬ذات داللة قطعية في مجال النسب إلنفراد كل شخص بنمط ورائي مميز‬
‫ال يوجد عند أي كائن آخر في العالم إذ ال يمكن أن يتشابه الى ‪ ADN‬لشخصين إال مرة‬
‫واحد كل ‪ 86‬بليون حالة ومقارنة مع عدد سكان الكرة األرضية الذي ال يتجاوز ‪ 08‬مليار‬
‫‪2‬‬
‫نسمة وبالتالي فإنه يمكن القول أن نسبة التشابه منعدمة تماما‬
‫بدليل أن المحاكم األوربية واألم ريكية تأخذ بالبصمة الوراثية ليس على أنهما دليل‬
‫وانما بإعتبارها قرينة نفي واثبات ‪3‬و ما يدعم حجيتها أيضا هو إمكانية أخذها من مخلفات‬
‫آدمية سائلة كالدم‪ ،‬اللعاب المني‪ ،‬أو أنسجة کالعظم والجلد والشعر‪ ،‬كما أنها تقاوم عوامل‬

‫‪1‬‬
‫أعمال الندوة الثانية عشر سنة ‪ 1998‬بعنوان الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري والعالج الجيني ص ‪.198‬‬
‫‪2‬‬
‫الدكتور نبيل سليم (البصمة الوراثية وتحديد الهوية) مقال منشور محلة حماة الوطن عدد ‪ 265‬سنة ‪2004‬‬
‫الكويت ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫الدكتور سعد الدين الهاللي ‪ -‬المرجع السابق ص ‪.273‬‬
‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫التعفن والعوامل المناخية المختلفة من حرارة وبرودة‪ ،‬حتى أنه يمكن الحصول على‬
‫‪1‬‬
‫البصمة من اآلثار القديمة والحديثة‪.‬‬
‫و بالتالي فإن نتيجة البصمة الوراثية في إثبات النسب بنسبة‪ 99,99 %‬وفي حالة‬
‫النفي بنسبة ‪ % 100‬إذا تم التحليل بطريقة سليمة‪ ،‬لكن ورغم ما تتمتع به البصمة‬
‫الوراثية من قوة ثبوتية‪ ،‬فهل هذا يعني أن اإلثبات بواسطتها يشكل قرينة واقعية أقوى من‬
‫القوة الثبوتية التي تتمتع بها سائر وسائل اإلثبات األخرى؟‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الحجية النسبية للطرق العلمية‬


‫تتنوع الطرق العلمية المعتمدة في مجال إثبات النسب‪ ،‬فمنها ذات الحجية المطلقة‬
‫كنظام‪ ADN‬ونظام‪ HLA‬ومنها ذات الحجية النسبية كفحص فصائل الدم والذي ال‬
‫يمكن أن يعطينا نتائج متطابقة إال عندما يتعلق األمر بنفي النسب وبالتالي فال يرقى إلى‬
‫دليل إثبات قطعي‪ ،‬لتشابه فصائل الدم عند الكثير من الناس وهو ما يجعله ظني الداللة ‪.‬‬
‫كذلك من جهة أخرى حتى بالنسبة للطرق العلمية القطعية كالبصمة الوراثية فيمكن‬
‫إعتبارها عنصر من العناصر التي يعتمد عليها القاضي عند دراسته للملف‪ ،‬وتفتقر إلى‬
‫صفة التأثير على القاضي‪ ،‬الذي يجد نفسه بين القطع والشك في صحتها خالفا للطرق‬
‫الشرعية األخرى كاإلقرار والشهادة لطرحها أمام القاضي في الجلسة فيا خالن عليه اليقين‬
‫والقطع من حيث أسانيد هما الشرعية‪ ،‬وهو األمر الذي تفتقر إليه البصمة الوراثية ألن‬
‫إجراء التحاليل البيولوحية دائما يكون في غياب القاضي أي خارج نطاق المحكمة‪ ،‬فما‬
‫الذي يدري القاضي بما يحصل في المخبر العلمي من نقل وفرز للعينات‪ ،‬األمر الذي‬
‫يدخل الشك في ضمير القا ضي‪ ،‬الذي تناط به مسؤولية رد الحقوق إلى أصحابها‪ .‬ومن‬
‫األسباب التي تقلل من قطعية داللة التحاليل البيولوجية وال تبعث فيها الثقة الكافية ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫مقال بجريدة الوطن السعودية ‪ -‬الصادرة يوم السبت ‪ 01/05/2004‬العدد ‪.1380‬‬
‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫األخطاء البشرية ‪ :‬إن التحاليل الجينية (خصوصا البصمة الوراثية) تخضع لسيطرة‬
‫اإلنسان وبالتالي يقع فيها ما كان يفترض أن ال يقع‪ ،‬ومن ذلك األخطاء البشرية التي‬
‫تنسب إلى القائمين عليها وليس للبصمة الوراثية ذاتها‪ ،‬وقد جاء في مقدمة القرار السابع‬
‫للمجمع الفقهي ما نصه‪" :‬أن الخطأ في البصمة الوراثية ليس واردا من حيث هي‪ ،‬وانما‬
‫‪1‬‬
‫وترجع هذه األخطاء إلى‬ ‫الخطأ في الجهاد البشري أو عوامل التلوث أو نحو ذلك"‬
‫القصور في الجوانب العلمية والفنية والجوانب اإلجرائية القانونية‪ ،2‬ويقول األطباء‬
‫البيولوجيون أن طريقة إستخالص الحامض النووي عملية دقيقة جدا تحتاج إلى سوائل‬
‫طيارة مثل الكلوروفورم واإليثانول ويستخدم له جهاز يسمى " إلكتروفوريسا" ويستخرج‬
‫بعدة طرق مثل‪ :‬طريقة )‪ (RELP‬إلستخراج عينة ال ‪ ADN‬من نسيج الجسم أو سوائله‬
‫وتتجمد أهم خطوات هذه الطريقة في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬تقطع العينة بواسطة أنزيم معين يمكنه قطع شريطي ال ‪ ADN‬طوليا‪ ،‬فيفصل‬
‫قواعد األدينين‪ A‬والجوانين ‪ G‬من ناحية والتامين أو السيتوزين ‪ C‬من ناحية أخرى‬
‫ويسمى هذا األنزيم باآللة الجينية أو المقص الجيني‪.‬‬
‫‪ -‬ترتب هذه المقاطع بإستخدام طريقة تسمى بالتفريغ الكهربائي‪.‬‬
‫‪ -‬تعرض المقاطع إلى فيلم األشعة السينية‪ X-ray film.‬وتطبع عليه فتظهر‬
‫على شكل خطوط داكنة اللون ومتوازية وقد تستغرق هذه الطريقة من ‪ 8‬إلى ‪ 10‬أيام‬
‫ورغم أن جزيء ال ‪ ADN‬صغير إلى درجة فائقة حتى أنه لو جمع كل الى ‪ ADN‬الذي‬

‫‪1‬‬
‫القرار السابع بشأن البصمة الوراثية ومجاالت اإلستفادة منها المجمع الفقهي اإلسالمي ‪ -‬الدورة ‪ -16‬لمرجع السابق‬
‫ص ‪.2‬‬
‫‪2‬‬
‫الدكتور أبو الوفاء محمد ‪ -‬مدى حجية البصمة الوراثية في اإلثبات الجنائي في القانون الوضعي والفقه اإلسالمي‬
‫ص ‪. 692‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫تحتوي عليه أجساد سكان األرض لما زاد وزنه عن ‪ 36‬ملجم فإن البصمة الوراثية تعتبر‬
‫‪1‬‬
‫كبيرة نسبيا وواضحة‪.‬‬
‫و هناك تقنية أخرى تعرف بتقنية التفاعل النووي المتململ أي تكبير الحمض النووي‬
‫ويضم إلى عدة ماليين من النماذج‬ ‫وتدعي طريقة ‪ PCR‬بحيث يستخرج ال‪ADN‬‬
‫بواسطة أنزيم مكتف‪ .‬وتبعات الخطأ بهذه الطريقة تكون أكثر إرتفاعا من تبعات الخطأ‬
‫عدم إستعمال تقنية ‪ (RELP)2‬و قد إشترط العلماء في كل هذه الطرق أن تكون العينات‬
‫طازجة ونظيفة وأن ال تكون قد تعرضت إلى إعتديات بيئية‪ .‬فكل هذه الخطوات العملية‬
‫والتقنية ال علم للقاضي بها ولم يستوعب طريقة تحضيرها فهي محتاجة إلى جهاد مكثف‬
‫من الخبراء حق تخرج النتائج سليمة من الشوائب ‪.‬‬
‫*اإلستنساخ البشري‪ :‬نظ ار للتطور الكبير الذي عرفه علم الهندسة الوراثية‪ ،‬فقد‬
‫أصبح من الممكن إنتاج جنس بشري خارج الطريقة الطبيعية بواسطة تقنية اإلستنساخ‪،‬‬
‫فإن كان األصل أن لكل إنسان ‪ ADN‬خاص به ال يتشابه مع غيره‪ ،‬ولكن ذلك يتنافى‬
‫مع اإلستنساخ الذي يؤدي إلى صناعة ألوف النسخ المتشابهة لها نفس الصفات الوراثية‬
‫ونفس الى‪ ADN‬وهذا يناقض بالضرورة ما هو ثابت علميا ويؤثر حتما على خصوصية‬
‫كل كائن بشري‪.‬‬
‫و بالتالي فإن عملية االستنساخ البشري تقتل تقنية البصمة الوراثية في مهدها‬
‫وتجعل القاضي أمام تحديات جديدة للوصول إلى الحقيقة‪ ،‬لذلك ال بد من تظافر الجهود‬
‫عالميا لمكافحة هذه الظاهرة‪.‬‬
‫هذه أهم األسباب التي أوهنت من قيمة التحاليل البيولوجية ورغم ذلك تبقى البصمة‬
‫الوراثية خصوصا قرينة قوية أقوى بكثير من تحليل فصائل الدم التي تنفي النسب فقط وال‬
‫يمكن اإلعتماد عليها في إثباته‪ .‬وأخلص مما سبق إلى أن التحاليل الجينية تبقى قرينة‬

‫‪1‬‬
‫‪www.islamonline.‬‬
‫‪2‬‬
‫وسام أحمد السمروط – القرينة وأثرها في إثبات الجريمة ‪ -‬دراسة فقهية مقارنة الطبعة األولى لعام ‪ 2007‬ص‪300‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫ظنية تخضع لتقدير المحكمة وسلطتها في إستخالص الوقائع وتقدير أدلة الدعوى‬
‫المطروحة أمامها‪ .‬وبهذا ينتصر لواء أهل القضاء على أهل الطب ألنهم – أي أهل‬
‫الن ِ‬
‫اس أَن‬ ‫القضاء هم أهل الحق والرشاد الذين أمرهم اهلل تعالى بقوله‪َ " :‬وِا َذا َح َك ْمتُم َب ْي َن َّ‬
‫تَ ْح ُك ُموا بِا ْل َع ْد ِل " ( النساء اآلية ‪)58‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬سلطات القاضي في تقدير الطرق العلمية إلثبات النسب‬


‫نقد هذا المبحث إلى مطلبين نتناول في المطلب األول سلطة القاضي في األخذ بالطرق‬
‫العلمية إلثبات النسب أما بالنسبة المطلب الثاني فنتطرق إلى تقدير القاضي لنفي النسب‬
‫بين اللعان والطرق العلمية‬
‫المطلب األول ‪ :‬سلطة القاضي في األخذ بالطرق العلمية إلثبات النسب‪.‬‬
‫إن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية أعطى للقاضي صالحيات واسعة للفصل في‬
‫النزاع المعروض عليه وإلظهار الحقيقة‪ ،‬وهو ما يعرف بالدور اإليجابي للقاضي بصفة‬
‫عامة ولقاضي شؤون األسرة بصفة خاصة‪ ،‬فيمكنه في إطار التحقيق تعيين مساعدة‬
‫اجتماعية أو طبيب خبير أو اللجوء إلى أية مصلحة مختصة في الموضوع بغرض‬
‫االستشارة‪ ،‬وباعتبار قضايا إثبات النسب إحدى القضايا المعروضة عليه فله اللجوء إلى‬
‫الخبرة الطبية للفصل فيها والتي تعتبر من المسائل التي تخضع لسلطته التقديرية فله أن‬
‫يعتمد على تقرير الخبرة كليا أو جزئيا كما له أن يستبعده‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬لجوء القاضي إلى الخبرة الطبية في إثبات النسب‪.‬‬
‫يجوز للقاضي من تلقاء نفسه أو بطلب من الخصوم‪ ،‬تعيين خبير أو عدة خبراء من‬
‫نفس التخصص أو من تخصصات مختلفة‪ ،‬وذلك بعد توافر مجموعة من الشروط وفي‬
‫إطار احترام الضمانات المكرسة قانونا‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫أوال‪ :‬شروط وضمانات اللجوء إلى الخبرة الطبية في إثبات النسب‪.‬‬


‫‪ -1‬شروط اللجوء إلى الخبرة الطبية إلثبات النسب‪.‬‬
‫وهناك نوعان من الشروط‪ ،‬شروط مهنية وأخرى موضوعية‪.‬‬
‫أ‪-‬الشروط المهنية‪:‬‬
‫_ أن تكون المختبرات المعدة لهذا النوع من الفحوص الجينية مجهزة بأحدث العتاد‬
‫واألجهزة التي يتم بواسطتها الكشف بدقة عن العينات مع ضمان الصيانة المستمرة‬
‫والرقابة الدورية لها باإلضافة إلى ضرورة متابعة ما يحد من الوسائل والتقنيات التي‬
‫تكشف عنها التكنولوجيا يوما بعد يوم لتسهيل العملية‪.‬‬
‫_ أن تكون مختبرات الفحص الطبي تابعة للدولة أو تشرف عليها إشرافا مباش ار‪.1‬‬
‫_ أن يكون‪ ،‬التحليل في مختبرين أو أكثر معترف بهما‪ ،‬على أن تأخذ االحتياطات‬
‫الالزمة لضمان عدم معرفة أحد المختبرات التي تقوم بإجراء االختبار بنتيجة المختبر‬
‫اآلخر‪.2‬‬
‫_ أن يكون الخبراء ومساعديهم القائمين بالتحاليل الطبية ذوي كفاءة عالية ومتخصصين‬
‫لتعلق نتيجة عملهم بحالة األشخاص‪ ،‬وهي ليست من األمور المادية التي يمكن تدارك‬
‫الخطأ في حالة وقوعه بشأنها‪.‬‬
‫_ أال تربطهم عالقة قرابة أو صداقة أو عداوة أو مصلحة بأطراف الخصومة‪ ،‬وأال يكونوا‬
‫قد أدينوا بحكم مخل بالشرف أو األمانة‪.‬‬
‫ب ‪.‬الشروط الموضوعية‪:‬‬
‫_ أن ال يتم التحليل إال بإذن من الجهة المختصة بناء على أوامر القضاء‪.1‬‬

‫‪ 1‬فضيل محمد األمين‪ ،‬إثبات النسب بطرق علمية حديثة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون‬
‫جنائي وعلوم جنائية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة يحي فارس بالمدية‪ ،‬الجزائر‪ ،2020 ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -2‬براوي سميرة‪ ،‬إثبات النسب بطرق علمية حديثة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماستر الحقوقية‪ ،‬تخصص قانون األسرة‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق جامعة سعيدة‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫_ يجوز االعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في قضايا التنازع في‬
‫النسب شرط ثبوت الفراش الشرعي المبني على العقد الشرعي إذا توافرت شروطه الشرعية‬
‫والقانونية وذلك النعدام األدلة مع أحد الطرفين أو تعارضها أو تساویھا في القوة‪ ،‬بحيث‬
‫ال يسقط أحدهما اآلخر‪.‬‬
‫_ يمنع استعمال الطرق العلمية للتأكد أو إلسقاط نسب مستقر بأحد الطرق الشرعية من‬
‫الزوجية والبينة واإلقرار‪ ،‬ألن ذلك يؤدي إلى إثارة الشكوك والظنون السيئة وفقد الثقة بين‬
‫الزوجين األمر الذي يمس األسرة ويشتت العالقات‪ ،‬في حين أننا مطالبون بالضاهر‬
‫وحمل أنساب الناس وأعراضهم محمل الطهارة والعفة وھذا ھو األصل‪.‬‬
‫_ال يجوز شرعا وقانونا تقديم البصمة الوراثية على اللعان‪ ،‬كما أنه ال يجوز االستغناء بها‬
‫عن اللعان‪ ،‬ألن ذلك يتماشى مع مقاصد الشريعة في تضييق وسائل نفي النسب‪ ،‬رعاية‬
‫لمكانته وحفاظا الستق ارره‪.‬‬
‫_ ال يجوز أخذ الجينات إلجراء التحاليل إال بالقدر الكافي للعملية المقصودة في حالة‬
‫البصمة الوراثية وذلك منعا للتالعب بالجينات والجينوم البشري بالبيع أو الغش أو‬
‫‪2‬‬
‫التجارة‪.‬‬
‫‪ _2‬ضمانات اللجوء إلى الخبرة الطبية إلثبات النسب‪.‬‬
‫إن اللجوء إلى الطرق العلمية إلثبات النسب يخضع لضمانات قانونية أهمها‪:3‬‬
‫_ موافقة الخاضع للخبرة الطبية‪ ،‬استنادا لمبدأ حرمة الجسد البشري والحق في السالمة‬
‫الجسدية طبقا للمادة ‪ 161‬وما يليها من القانون رقم ‪ 85/05‬المؤرخ في ‪1985/02/16‬‬
‫المعدل بالقانون رقم ‪ 98/09‬المؤرخ في ‪ 1998/08/19‬المتعلق بالحماية الصحية‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬حسام األحمد‪ ،‬البصمة الوراثية حجيتها في اإلثبات الجنائي والنسب‪ ،‬منشو ارت الحلبي الحقوقية‪ ،‬ط ‪،2010 ،1‬‬
‫ص ‪..118‬‬
‫‪ 2‬إقورة زوبيدة‪ ،‬االكتشافات الطبية والبيولوجية وأثرها على النسب على ضوء قانون األسرة الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين‬
‫ميلة‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪..248‬‬
‫‪ 3‬العربي بلحاج‪ ،‬بخوث قانونية في قانون األسرة الجزائري الجديد‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،2014 ،‬ص ‪..246‬‬
‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫وترقيتها‪ ،‬وتختلف شروط هذه الموافقة وفقا لما كانت الخبرة الطبية ستجري على شخص‬
‫حي أو على جثة ميت‪.‬‬
‫_ حماية المعلومات الوراثية باعتبارها حقا من حقوق الشخصية‪ ،‬وهي حماية شرعية‬
‫وقانونية من خالل المبدأ العام المتعلق بالحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وعدم إفشاء السر‬
‫المهني طبقا لنص المادة ‪ 37‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 92/276‬المؤرخ في‬
‫‪ 1992/7/6‬المتضمن أخالقيات الطب‪.‬‬
‫_ يلتزم الطبيب بمراعاة تنفيذ كافة المعايير العلمية والضوابط الشرعية والقانونية‬
‫واألخالقية والقيم الدينية واالجتماعية‪ ،‬التي تضعها السلطات المختصة إلجراء التجارب‬
‫واالختبارات والفحوصات الطبية على اإلنسان‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحكم القاضي بإجراء الخبرة الطبية‬
‫دعاوى إثبات النسب ترفع كباقي الدعاوى بموجب عريضة افتتاح دعوی تودع‬
‫وتسجل بأمانة ضبط المحكمة تحديدا قسم شؤون األسرة‪ ،‬الواقع في دائرة اختصاصها‬
‫موطن المدعى عليه طبقا ألحكام المادتين‪ 490‬و ‪491‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية‪ ،‬ولما تعرض على القاضي هاته الدعوى يجوز له االستعانة بالطرق العلمية‬
‫إلثبات النسب في شكل خبرة طبية كون أن ذلك من المسائل التقنية التي تخرج عن‬
‫اختصاص القاضي‪.1‬‬
‫فيستعين بأعوان العدالة وھم الخبراء القضائيون‪ ،‬وفي شكل خبرة قضائية‪ ،‬وقد‬
‫نظمها المشرع في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪.‬‬
‫والخبرة طبقا للمادة ‪ 125‬ن نفس القانون تهدف إلى توضيح واقعة مادية تقنية أو‬
‫علمية محضة للقاضي‪ ،‬وقد خول القانون للقاضي اللجوء إليها من تلقاء نفسه‪ ،‬أو بناء‬
‫على طلب الخصوم أو النيابة العامة باعتبارها طرفا أصليا في الدعوى طبقا لنص المادة‬

‫‪ 1‬حمزة مشوار‪ ،‬إثبات النسب ونفيه وفقا للتعديالت قانون األسرة‪ ،‬مذكرة ماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون األسرة‪،‬‬
‫كلية جامعة سعيدة‪..37 ،2006-2005 ،‬‬
‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫‪ 03‬مكرر من قانون األسرة ويجوز له تعيين خبير أو عدة خبراء من نفس التخصص أو‬
‫من تخصصات مختلفة من أجل القيام بالمهام الواردة في منطوق الحكم الصادر قبل‬
‫الفصل في الموضوع والقاضي بتعيينهم ويعد تقرير خبرة مفصل بذلك‪.‬‬
‫ويجب أن يتضمن حكم األمر بالخبرة مايلي‪:‬‬
‫‪-‬عرض األسباب التي بررت اللجوء إلى الخبرة‪ ،‬وعند االقتضاء تبرير تعيين عدة خبراء‪.‬‬
‫‪-‬بيان اسم ولقب وعنوان الخبير أو الخبراء المعينين مع تحديد التخصص‪.‬‬
‫‪-‬تحديد مهمة الخبير تحديدا دقيقا‪.‬‬
‫‪-‬تحديد أجل إيداع تقرير الخبرة بأمانة الضبط‪.‬‬
‫ويتضمن الحكم القضائي تحديدا األمر بأخذ العينات من األطراف المعنية‪ ،‬وفي‬
‫بعض الحاالت تؤخذ من بعض األقارب أصوال وفروعا وحواشي كأبناء اإلخوة أو‬
‫العمومة‪ ،‬وذلك حسب دواعي القضية‪ ،‬إضافة إلى الطفل المتنازع حول نسبه‪ ،‬وفحصها ثم‬
‫إعطاء النتيجة النهائية سلبا أو إيجابا للجهة القضائية التي قامت بتعنينه‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سلطة القاضي في تقدير الخبرة الطبية‪.‬‬
‫وتقرير الخبرة الطبية لما يودع لدى أمانة ضبط المحكمة‪ ،‬يعيد الطرف المستعجل‬
‫السير في الدعوى بعد الخبرة‪ ،‬ليتصل القاضي بالملف ويفصل في موضوع الدعوى‪ ،‬لكن‬
‫ما مدى التزامه بتقرير الخبرة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مدى التزام القاضي بتقرير الخبرة الطبية‪.‬‬
‫تبقى السلطة التقديرية للقاضي في أن يقرر مبدئيا إذا كان األمر يستلزم تعيين خبير‬
‫وله أن يأخذ برأيه أو ال‪ ،‬أو بتعيين خبير آخر‪ ،‬كما له أن يأخذ برأي خبير دون آخر‬
‫وذلك كله من أجل التطبيق السليم للقانون والحفاظ على حقوق المتقاضين‪.‬‬

‫‪1‬لينة بن دادة‪ ،‬إثبات النسب بالوسائل العلمية‪ ،‬مذكرة محمد خيضر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪،‬‬
‫بسكرة‪ ،2005-2004 ،‬ص ‪..54‬‬
‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫ويستمد القاضي تلك السلطتة من المادة ‪ 144‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫فقرتها األول ى‪ ،‬فتأسيس الحكم على نتائج الخبرة جعله القانون اختياريا للقاضي غير أن‬
‫االستثناء الوارد في الفقرة الثانية من المادة ‪ 144‬المذكورة سلفا‪ ،‬يقيد القاضي بضرورة‬
‫تسبيب استبعاده لنتائج الخبرة‪ ،‬بأن يتم ذلك لعيب شكلي أو النحيازها أو لعدم مصداقيتها‬
‫وتقرير الخبرة ھو تقرير علمي صامت‪ ،‬ويتمتع القاضي وفقا لسلطته التقديرية بحق تقدير‬
‫نتائج الخبرة ومحتواها‪ ،‬بما في ذلك األدلة الفنية‪ ،‬فيأخذ بما ھو محدي ويترك ما يعارض‬
‫الصواب فهو غير ملزم برأي الخبير‪ ،‬وعليه أن يناقش تقرير الخبرة ويرد على الدفوع‬
‫المثارة من قبل األطراف‪ ،‬وتقدير مدى مالئمة خبرة مضادة‪ ،‬مادام تقدير األدلة موكال‬
‫لقضاة الموضوع‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬تطبيقات عملية لقضايا إثبات النسب في القضاء الجزائري‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أنه عمليا يطرح عدد كبير من قضايا إثبات النسب ونفيه في‬
‫المحاكم ورغم أن قانون األسرة من خالل المادتين‪ 40‬و ‪41‬كان واضحا بأن جعل اللجوء‬
‫إلى الطرق العلمية اإلثبات النسب دون نفيه‪ ،‬وأن نفيه ال يكون إال بموجب الطرق‬
‫الشرعية إال أن معظم المتقاضين يطلبونه بأنفسهم أو ممثلين بمحاميهم لنفي النسب‬
‫الثابت‪ ،‬ومن القضاة من يستجيب لذلك‪ ،‬وفيما يلي بعض الق اررات الصادرة عن المحكمة‬
‫العليا بمناسبة الفصل في قضايا النسب‪:‬‬
‫‪ :1‬نفي النسب يكون عن طريق اللعان‪.‬‬
‫ملف رقم ‪ 99000‬قرار بتاريخ ‪ ،1993/11/23‬قضية (ع ح) ضد (م و)‬
‫نفي النسب مدة الحمل تتجاوز ستة أشهر عدم نفي النسب في المدة المقررة شرعا‬
‫للعان‪.‬‬
‫التمسك بالشهادة الطبية الحكم بإثبات الزواج ونفي النسب‪ ،‬خطأ في تطبيق القانون‪.‬‬

‫‪1‬العربي بلحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪..239‬‬


‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫المادتان‪ 41‬و ‪42‬من قانون األسرة من المقرر قانونا أنه ينسب الولد ألبيه متى كان‬
‫الزواج شرعيا وأمكن االتصال ولم ينفيه بالطرق المشروعة ومن المستقر عليه قضاء أن‬
‫مدة الحمل ال تتجاوز ثمانية أيام‪.‬‬
‫ومتى تبين في قضية الحال أن المطعون ضده لم يبادر بنفيه الحمل من علمه به‬
‫وخالل المدة المحددة شرعا‪ ،‬وتمسك بالشهادة الطبية التي ال تعتبر دليال قاطعا‪ ،‬وألن‬
‫الولد ولد بعد مرور أكثر من ستة أشهر على البناء‪ ،‬فإن قضاة الموضوع بقضائهم بصحة‬
‫الزواج العرفي مع رفض إلحاق نسب أبيه عرضوا قرارهم للتناقض مع أحكام المادة ‪41‬‬
‫من قانون األسرة وأخطئوا في تطبيق المادتين‪ 41‬و ‪42‬من قانون األسرة فيما يخص‬
‫إلحاق النسب‪.1‬‬
‫‪ :2‬اللعان يتم بالمسجد وليس بالمحكمة‪.‬‬
‫القرار رقم ‪ ،172379‬الصادر بتاريخ ‪ 1997/10/28‬في قضية (ق م) ضد (ق أ)‬
‫أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أنه طبقا للمادة ‪ 42‬من قانون األسرة أن أقل مدة‬
‫الحمل هي ستة أشهر‪ ،‬وطبقا للمادة ‪ 41‬من نفس القانون فإن الولد ينسب ألبيه متى كان‬
‫الزواج شرعيا ولم ينفيه باللعان‪ ،‬وأن ھذا األخير ال يكون إال بالمسجد العتيق وفي أجل ال‬
‫يتجاوز ثمانية أيام من يوم العلم بالحمل الذي يراد نفيه‪.‬‬
‫وقد ورد في تسبيب القرار ما يلي‪ ":‬حيث أن عقد الزواج قد تم في‪1993/05/09‬‬
‫والولد قد وضع يوم ‪ 1994/04/19‬والبناء قد تم حسب تصريح المطعون ضده أسبوعا‬
‫بعد تحرير العقد المذكور وعليه فالخبرة التي أمر بها قضاة الموضوع مخالفة للشرع‬
‫والقانون مادام الولد قد ازداد األكثر من ستة أشهر ومن الخطأ الفادح الحديث عن وزن‬
‫الولد وكأن النسب أصبح يخضع لألوزان‪ ،‬كما جاء في القرار المنتقد‪ ،‬باإلضافة إلى أن‬
‫اللعان ال يتم أمام المحاكم بل مكانه بالمسجد العتيق وال يصح في غيره من المساجد وفي‬

‫‪1‬براوي سميرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪..60‬‬


‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫أجل محدد ال يتجاوز ثمانية أيام من يوم العلم بالحمل الذي يراد نفيه‪ ،‬هذا ما استقر عليه‬
‫اجتهاد المحكمة العليا‪ ،‬مع العلم أن اإلمام مالك رضي هلل عنه فقد حدده بيوم واحد من‬
‫يوم العلم واال سقط الحق في المطالبة باللعان سواء لرؤية الزنا أو لنفي الحمل‪.1‬‬
‫‪ :3‬نفي النسب يكون عن طريق اللعان‪.‬‬
‫الملف رقم ‪ 69798‬مؤرخ في ‪ 1991/04/23‬في قضية (ب ز) ضد (خ ل)‬
‫أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أنه من المقرر شرعا وقانونا أنه إذا وقع اللعان‬
‫يسقط نسب الولد ويقع التحريم بين الزوجين‪.‬‬
‫وقد ورد في تسبيب القرار ما يلي‪" :‬أن فقهاء الشريعة اإلسالمية ومن بينهم سيدي‬
‫خليل وابن مالك يرون أنها إذا حملت الزوجة قبل انعقاد زواجها ووضعت حملها قبل ستة‬
‫أشهر يمكن للزوج انکار أبوته إن لم يكن قبل صراحة أو ضمنا بأبوته كما أنهما يرون إذا‬
‫وقع اللعان بين الزوجين يجب إنكار األبوة وهذا في حالة الزواج القانوني أو غير القانوني‬
‫ومن الثابت أنه إذا وقع اللعان يسقط نسب الولد ويقع التحريم بين الزوجين‪.2‬‬
‫‪ :4‬مدة اللعان ھي أسبوع من يوم رؤية الزنا أو العلم بالحمل‪.‬‬
‫القرار رقم ‪ 296020‬الصادر بتاريخ ‪ ،2002/12/23‬قضية (ق ح) ضد ع ع)‬
‫استقر اجتهاد المحكمة العليا على أن مدة اللعان ھي أسبوع من يوم رؤية الزنا أو‬
‫العلم بالحمل‪.‬‬
‫وقد صدر هذا القرار بمناسبة تمسك الطاعن بدعوى مالعنة المطعون ضدها بشأن‬
‫نسب الولد‪ ،‬وهو ما رفضه الحكم والقرار المنتقد بسبب أنها جاءت متأخرة جدا وغير‬

‫‪ 1‬جمال سايس‪ ،‬االجتهاد الجزائري في مادة األحوال الشخصية‪ ،‬ج‪ ،2‬منشورات كليك‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ ،213 ،‬ص‬
‫‪..930‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬باديس ذيابي‪ ،‬حجية الطرق الشرعية والعلمية في دعاوى النسب على ضوء قانون األسرة الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪،‬‬
‫عين ميلة‪ ،‬الجزائر‪ .2010،‬ص ‪..165‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫مقبولة ألنها محددة بوقت قصير‪ ،‬بينما دعواه جاءت بعد علمه بالحمل الذي استمر حوله‬
‫النزاع ما يقارب عشرون سنة‪.1‬‬
‫‪ :5‬النسب يثبت شرعا بقيام العالقة الزوجية ما لم ينفي بالطرق المشروعة‪.‬‬
‫القرار رقم ‪ ،165408‬الصادر بتاريخ ‪ ،1997/07/08‬قضية (س أ) ضد ( م د)‬
‫أكدت المحكمة العليا أن الطفل يثبت نسبه إذا تمت والدته أثناء قيام العالقة الزوجية‬
‫ولم تنفی بالطرق المشروعة‪.‬‬
‫وقد ورد في تسبيبه‪ ":‬أن المادة ‪ 42‬من قانون األسرة ال تنطبق على دعوى الحال‪،‬‬
‫ألن والدة الطفل قد تمت والزوجية قائمة بين الزوجين‪ ،‬والطاعن لم ينفه بالطرق المشروعة‬
‫وأن دعوى الغيبة ال معنى لها طبقا للمادة ‪ 41‬من قانون األسرة التي طبقت قاعدة الولد‬
‫للفراش وللعاهر الحجر‪."2‬‬
‫‪ :6‬يجب عدم الخلط بين إثبات النسب في الزواج الشرعي وبين إلحاقه في حالة العالقة‬
‫غير الشرعية‪.‬‬
‫القرار رقم ‪ ،355180‬الصادر بتاريخ ‪ ،2006/03/05‬قضية (ب س) ضد (م ع )‪.‬‬
‫أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أنه يمكن طبقا للمادة ‪ 40‬من قانون األسرة إثبات‬
‫عن طريق الخبرة الطبية (الحمض النووي ‪ )adn‬معتمدين في ذلك المادة ‪ 41‬نفس‬
‫القانون‬
‫وبين إلحاق النسب في حالة العالقة غير الشرعية‪.‬‬
‫وقد ورد في تسبيبه‪ ":‬حيث باالطالع على القرار المطعون فيه الذي تبنى الحكم‬
‫المستأنف يتبين منه أين قضاة الموضوع لم يستجيبوا لطلب الطاعنة الرامي إلى إلحاق‬

‫‪ -1‬جمال سايس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬


‫‪ -2‬باديس ديابي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.154‬‬
‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫نسب المولود (ص م) للمطعون ضده معتمدين في ذلك على المادة ‪ 40‬من قانون األسرة‬
‫ق أ ج‪.1‬‬
‫‪ :7‬نفي النسب يكون بدعوى اللعان وفي حالة التمسك بها ال يجوز التمسك بالطرق‬
‫العلمية‪.‬‬
‫القرار رقم ‪ ،605592‬الصادر بتاريخ ‪ ،2009/10/15‬قضية (ر ق) ضد ( س ش)‬
‫أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أنه يحول رفع دعوى اللعان دون التذرع بالطرق‬
‫العلمية اإلثبات النسب‪.‬‬
‫وقد ورد في تسبيبه‪ ":‬حيث أنه يتبين فع ال بالرجوع إلى أوراق الملف أن النزاع سبق‬
‫طرحه على القضاء وكان أخر قرار صدر عن مجلس قضاء المسيلة بتاريخ‬
‫‪ 2006/10/02‬وقضى بإلغاء الحكم المستأنف الصادر عن محكمة سطيف بتاريخ‬
‫‪ 2003/02/01‬وقضى من جديد بعدم قبول دعوى المالعنة التي رفعها المطعون ضده‬
‫لورودها خارج األجل الشرعي‬
‫وبعد الطعن بالنقض صدر ذلك القرار من قبل المطعون ضده رفضت المحكمة العليا‬
‫‪2‬‬
‫طعنه عن غرفة األحوال الشخصية والمواريث بتاريخ‪2008/07/16.‬‬
‫‪ :8‬يثبت النسب باالغتصاب إذا ثبت بحكم قضائي‪ ،‬باعتباره نكاح الشبهة‪.‬‬
‫القرار رقم ‪ ،617374‬الصادر بتاريخ ‪ ،2011/05/12‬قضية رقم (ب ف) ضد (ب أ)‬
‫أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أن االغتصاب الثابت بموجب حكم قضائي يعد‬
‫وطأ باإلكراه ويكيف على أنه نکاح شبهة ويثبت به النسب‪.‬‬
‫وقد ورد في تسبيبه‪" :‬حيث أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين أن قضاة‬
‫الموضوع أسقطوا نسب البنت عن المطعون ضده اعتمادا على أن البنت ولدت بعد شهر‬
‫وثالثة أيام من انعقاد الزواج واستنتجوا من ذلك أنه كان نتيجة عالقة غير شرعية‪.1‬‬

‫‪1‬باديس ديابي‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.155‬‬


‫‪2‬‬
‫‪ -‬براوي سميرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫‪ :9‬ال يجوز تقديم البصمة الوراثية على اللعان بطلب من الزوج‪.‬‬


‫القرار ‪ ،82882‬الصادر بتاريخ ‪ ،2012/12/13‬قضية (د ن) ضد (ب ن )‬
‫أكدت المحكمة العليا في ھذا القرار أن النسب الثابت بالفراش ال ينفي إال باللعان‬
‫المقصود في المادة‪ 41‬من قانون االسرة الجزائري‪ ،‬وال يجوز تقديم البصمة الوراثية على‬
‫اللعان بطلب من الزوج‪.‬‬
‫وقد ورد في تسبيبه‪" :‬حيث أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين أن قضاة‬
‫المجلس أشاروا في حيثيات قرارهم إلى أن المطعون ضدها حامل من الطاعن في الشهر‬
‫الرابع وألزموا الطاعن بمصاريف العالج ومتابعة الفحوصات الطبية وبقضائهم ذلك‬
‫يكونون قد ردوا ضمنيا على طلب الطاعن بخصوص نفي النسب بتحاليل الحمض النووي‬
‫وانتهوا إلى رفضه ضمنيا وطبقوا في ذلك صحيح القانون ألن النسب الثابت بالفراش ال‬
‫ينتفي إال باللعان فقط وهو الطريق المشروع الذي قصدته المادة ‪ 41‬من قانون من األسرة‬
‫وال يجوز تقديم البصمة الوراثية على اللعان بناء على طلب الزوج نص المادة ‪2/40‬‬
‫ق‪.‬أ‪.‬ج مقر لإلثبات وليس للنفي والحال وأن النسب هنا ثابت بالفراش مما يجعل الوجه‬
‫غير سديد يستوجب الرفض‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تقدير القاضي لنفي النسب بين اللعان والطرق العلمية‬

‫إن االمر رقم ‪ 11\84‬المؤرخ في ‪ 12‬يونيو ‪ 1984‬المتضمن قانون األسرة‬


‫الجزائري الصادرة في الجريدة الرسمية الجزائرية العدد ‪ 24‬والمعدل والمتمم باالمر رقم‬
‫‪ 02\05‬المؤرخ في ‪ 27‬فيفري ‪ 2005‬ينظم في الفصل الخامس تحت عنوان النسبة في‬
‫ثمان مواد من المادة ‪ 40‬إلى المادة ‪ 46‬والتي تنص على اثبات النسب ولم تنقص على‬
‫نفيه‪ ،‬وبالرجوع إلى لحمام المادة ‪ 222‬من قانون األسرة التي تنص " كل ما لم يرد النص‬

‫‪1‬براوي سميرة‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.67‬‬


‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى احكام الشريعة االسالمية "‪ ،‬وقد اجازت احكام الشريعة‬
‫نفي النسب بضوابط شرعية مقررة في القرآن والسنة التي أقرت اللعان كأداة شرعية لنفي‬
‫النسب‪.‬‬
‫لقد نص قانون األسرة الجزائري رقم ‪ 11/84‬والمعدل والمتمم باالمر رقم ‪02/05‬‬
‫في الفقراء الثانية من المادة المعدل بمقتضاه والتي تنص على أنه " يجوز القاضي اللجوء‬
‫إلى الطرق العلمية إلثبات النسب"‪.‬‬
‫فهل يمكن للقاضي ترجيح االدلة الشرعية على االدلة العلمية في نفي النسب أو‬
‫ان يعطل أثر اللعان ويأمر باللجوء إلى الطرق العلمية ؟‬
‫الفرع األول‪ :‬نفي النسب باللعان‬

‫اللعان نظام قانوني واحدى الطرق المشروعة لنفي النسب جاء بها فقهاء الشريعة‬
‫‪1‬‬
‫االسالمية وهو أقوى من الفراش‬

‫ان قانون األسرة الجزائري لم ينص على التقيد بمذهب فقهي واحد رغم أن‬
‫المجتمع الجزائري يتبع مذهب المالكية في عمومه‪ ،‬ومنه نسرد احكام نفي النسب باللعان‬
‫وفقا للمذاهب االربعة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف اللعان‪:‬‬

‫‪ ‬لغة‪ :‬اللعان في اللغة االبعاد‪ ،‬يقال لعنه اهلل اي ابعده عن رحمته وهو مصدر العن‬
‫‪2‬‬
‫يالعن مالعنة‬

‫‪ 1‬شمس الدين محمد بن ابي بكر ابن قيم الجوزية‪ ،‬زاد المعاد في هدي خير العباد‪ ،‬دار الكتاب العلمية ييروت لبنان‬
‫الجزئ الرابع‪ ،‬الطبيعة االولى ‪ 1985‬ص ‪.164‬‬
‫‪2‬عبد الرحمن الجزيري‪ ،‬كتاب الفقه على المشاهير االربعة‪ ،‬الجزئ الخامس دار الكتب العلمية ييروت لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ 2003‬ص ‪.97‬‬
‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫‪ ‬اصطالحا‪ " :‬ان اللعان شعيرة من شعائر االسالم وخصلة من خصال الدين االسالمي‬
‫‪1‬‬
‫الحنيف وحكم من الحكام الشريعة االسالمية "‬

‫ثانيا‪ :‬مشروعيته‪:‬‬

‫‪ ‬من القرآن الكريم‪:‬‬

‫ِ‬ ‫اجِل ُد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬


‫ين‬
‫وه ْم ثَ َمان َ‬ ‫صَنات ثَُّم َل ْم َيأْتُوا بِأ َْرَب َعة ُش َه َد َ‬
‫اء َف ْ‬ ‫ون الْ ُم ْح َ‬ ‫ين َي ْرُم َ‬ ‫قال تعالى ﴿ َوالذ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َصلَ ُحوا‬
‫ين تَ ُابوا م ْن َب ْعد َذل َك َوأ ْ‬ ‫ون * ِإال الذ َ‬ ‫ادةً أََب ًدا َوأُولَئ َك ُه ُم ا ْلفَاسقُ َ‬
‫َج ْل َدةً َوَال تَ ْقَبلُوا لَهُ ْم َش َه َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫يم ﴾ [النور‪.]5 ،4 :‬‬ ‫ور َرح ٌ‬ ‫َفِإ َّن الل َه َغفُ ٌ‬

‫ثم نسخ هذا الحكم في شأن الزوجات ونقل إلى اللعان استنادا الى‪ .‬االيات‬

‫ادةُ‬‫اء إِ َّال أ َْنفُ ُسهُ ْم فَ َش َه َ‬ ‫َِّ‬


‫اجهُ ْم َولَ ْم َي ُك ْن لَهُ ْم ُش َه َد ُ‬
‫ون أ َْزَو َ‬
‫ين َي ْرُم َ‬‫الكريمات‪ ،‬قال تعالى ﴿ َوالذ َ‬
‫ان ِم َن‬ ‫َن َلعَن َ َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َحِد ِهم أَرَبع َشه َ ٍ َّ ِ‬
‫ت الله َعَل ْيه ِإ ْن َك َ‬ ‫ين * َوا ْل َخام َسةُ أ َّ ْ‬ ‫ادات بِالله أنه َلم َن الصَّادق َ‬ ‫أَ ْ ْ ُ َ‬
‫ين * َوالْ َخا ِم َس َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن تَ ْشه َد أَرَبع َشه َ ٍ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ادات بِالله أنه لَم َن ا ْل َكاذبِ َ‬ ‫اب أ ْ َ ْ َ َ‬ ‫ين * َوَي ْد َأُر َع ْن َها ا ْل َع َذ َ‬‫ا ْل َكاذبِ َ‬
‫َن اللَّ َه‬‫ض ُل اللَّ ِه َعَل ْي ُك ْم َوَر ْح َمتُهُ َوأ َّ‬
‫ين * َوَل ْوَال َف ْ‬ ‫ِِ‬
‫ان م َن الصَّادق َ‬
‫ب اللَّ ِه َعَل ْيها ِإ ْن َك ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضَ‬‫َن َغ َ‬ ‫أ َّ‬
‫يم ﴾ [النور‪.]10 – 6 :‬‬ ‫تَ َّو ٌ ِ‬
‫اب َحك ٌ‬

‫‪ ‬من السنة النبوية‪:‬‬

‫عن ابن عمر قال‪ " :‬العن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بين رجل من االنصار‬
‫‪2‬‬
‫وامرته وفارق بينهما "‬

‫ثالثا‪ :‬حقيقة اللعان‪:‬‬

‫‪1‬المرجع السابق نفسه‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫ابو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسيوري‪ ،‬صحيح مسلم الجزئ الثاني‪ ،‬دار الحديث القاهرة الطبعة االولى‬
‫‪ 1991‬ص ‪.1133‬‬
‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫اختلف فيه المذاهب االربعة ان كان يمينا أو شهادة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يرى االمام مالك والشافعية والحنابلة وجمهور العلماء ان اللعان يمين‬

‫وذهب ابو حنيفة واصحابه إلى أنه شهادة ‪2‬اما ابن القيم الجوزية فقال‪ " :‬الصحيح‬
‫ان لعانهم يجمع بين الوصفين اليمين والشهادة فهو شهادة مؤكدة بالقسم والتكرار ويمين‬
‫‪3‬‬
‫مغلظة بلفظ الشهادة والتكرار "‬

‫رابعا‪ :‬النكول عن اللعان‪:‬‬

‫النكول عن اللعان اما من الزوج أو الزوجة‪ ،‬ان المعنى اللغوي لكلمة نكل هو‬
‫‪4‬‬
‫نكص وجبن "‬

‫اتفقت المذاهب االتية‪ :‬الشافعية والمالكية والحنابلة على تطبيق حد القذف على‬
‫الزوج الممتنع عن اللعان وحد الزنا على الزوجة الممتنعة في حالة االمتناع أو التصديق‬
‫واقرارها بفاحشة الزنا‪ ،‬اما الحنفية فأفتوا بحبس الممتنع عن اللعان سواءا الزوج أو الزوجة‬
‫حتى يالعنان بعضهما البعض‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬شروط صحة اللعان‪:‬‬

‫‪ ‬ان الشافعية والمالكية والحنابلة قالوا‪ " :‬يجري اللعان بين الحرين والعبدين‪ ،‬والعدلين‬
‫‪5‬‬
‫والفاسقين‪ ،‬والذميين أو احدهما رقيقا‪ ،‬أو كان الزوج مسلما والمرأة ذمية "‬

‫‪1‬‬
‫سيد سابق‪ ،‬فقه السنة الجزء الثاني‪ ،‬نظام األسرة والحدود والجنايات‪ ،‬دار المؤيد الطبيعة االولى عام ‪ 2001‬ص‬
‫‪.215‬‬
‫‪2‬‬
‫سيد سابق‪ ،‬فقه السنة الجزء الثاني‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪3‬سيد سابق‪ ،‬فقه السنة الجزء الثاني‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫‪4‬سيد سابق فقه السنة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.217‬‬
‫‪5‬عبد الرحمن الجزيري‪ ،‬كتاب الفقه على المذاهب االربعة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.100‬‬
‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫أما الحنفية فقالوا‪ " :‬اذا لم يكن الزوج من اهل الشهادة بان كان عبدا أو محدودا‬
‫‪1‬‬
‫في قذف‪ ،‬أو كاف ار ال بصح لعانه‪ ،‬وكذلك الزوجة اذا كانت ممن ال يجب قاذفها الحد "‬

‫‪2‬‬
‫‪ ‬يتم اللعان وجوبا امام الحاكم‪ ،‬ويشترط العقل والبلوغ في كل من المتالعنين‬
‫‪ ‬ان ال يكون للزوج شهود على فاحشة الزنا‪ ،‬الن المقصد الشرعي للعان جعل عوضا عن‬
‫الشهود‪.‬‬
‫‪ ‬قيام اللعان امام الحاكم المسلم‪.‬‬
‫‪ ‬بالنسبة لشرط رؤية الزوج لزوجته وهي تمارس فاحشة الزنا فقد اختلف حوله الفقهاء‪:‬‬

‫المالكية‪ " :‬لو قال لزوجته _ يا زانية_ وجب عليه الحد ان لم يثبته‪ ،‬وليس له أن‬
‫‪3‬‬
‫يالعن حتى يدعي رؤيته بعينه‪ ،‬ألن الرؤية شرط في اللعان عندهم "‬

‫الحنفية والشافعية‪ " :‬ان للزوج ان يالعن زوجته ولو لم يذكر رؤيته ألنها ليست‬
‫‪4‬‬
‫بشرط عندهم‪".‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ ‬اللعان ال يكون اال حال قيام الزوجية ويكون في العدة‬
‫‪6‬‬
‫‪ ‬انفق العلماء على ان السنة في اللعان تقديم الرجل فيشهد قبل المرأة‬
‫‪ ‬سادسا‪ :‬صور اللعان‪:‬‬

‫للعان صورتان‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمن الجزيري‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪2‬سيد سابق‪ ،‬فقه السنة المرجع السابق ص ‪.215‬‬
‫‪3‬عبد الرحمن الجزيري‪ ،‬كتاب الفقه على المذاهب االربعة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.107‬‬
‫‪4‬عبد الرحمن الجزيري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪5‬محمد ابو زهرة‪ ،‬االحوال الشخصية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬الطبعة الثانية عام ‪ 1957‬ص ‪.396‬‬
‫‪6‬سيد سابق فقه السنة‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫‪ ‬الصورة األول ى‪ :‬ان يرمي الرجل امرأته بالزنا ولم يكن له أربعة شهداء يشهدون عليها‬
‫‪1‬‬
‫بما رماها به‬

‫ِ‬ ‫اجِل ُد ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬


‫ين‬
‫وه ْم ثَ َمان َ‬ ‫صَنات ثَُّم لَ ْم َيأْتُوا بِأ َْرَب َعة ُش َه َد َ‬
‫اء فَ ْ‬ ‫ون ا ْل ُم ْح َ‬‫ين َي ْرُم َ‬
‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬والذ َ‬
‫قون﴾ سورة النور‪4‬‬ ‫ِ‬ ‫َٰ ِ‬
‫ادةً أََب ًدا ۗ َوأُولَئ َك ُه ُم ا ْل َفاس َ‬
‫َج ْل َدةً َوَال تَ ْقَبلُوا لَهُ ْم َش َه َ‬

‫اذا تحقق الزوج من زناها بأن رآها أو أقرت بذلك فانه يطلقها وال يالعنها‪ ،‬واذا لم‬
‫يتحقق فانه ال يجوز له أن يرميها بالزنا‪.‬‬

‫‪ ‬الصورة الثانية‪ :‬وهي أن ينفي حملها منه‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬آثار اللعان على الزوجين‪:‬‬

‫‪ ‬الشافعية‪ " :‬يتعلق باللعان خمسة احكام‪ ،‬درء الحد ونفي الولد‪ ،‬الفرقة‪ ,‬والتحريم المؤبد‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ووجوب الحد عليهما وكلها تثبت بمجرد لعانه "‬

‫اذا قذف الرجل زوجته‪ ،‬يقع عليه حد القذف وهو ثمانين جلدة‪ ،‬ويد أر بنفسه عنه‬
‫باللعان‪ ،‬اما الزوجة ان صدقت فاحشة الزنا يقام عليها حد الزنا واما ان كذبته فيد أر عنها‬
‫العذاب وتقع الفرقة بينهما على سبيل التأبيد‪.‬‬

‫الحنابلة والحنفية‪ " :‬ال تقع الفرقة بفراغهما من اللعان حتى يفرق الحاكم‬ ‫‪‬‬
‫بينهما‪ ،‬وال تقع الفرقة قبل صدور الحكم ‪3‬المالكية‪ " :‬اذا فرغ من اللعان وقعت الفرقة بعد‬
‫لعانها خاصة‪ ،‬وان لم يفرق الحاكم بينهما " ‪4‬و اتفق الشافعية والمالكية والحنابلة ان‬

‫‪1‬سيد سابق‪ ،‬فقه السنة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.214‬‬


‫‪2‬عبد الرحمن الجزيري‪ ،‬كتاب الققه على المذاهب االربعة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.101‬‬
‫‪3‬عبد الرحمن الجزيري‪ ،‬المرجع السابق نفسه‪.‬‬
‫‪4‬العبد الرحمن الجزيري‪ ،‬المرجع السابق نفسه‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫المتالعنان ال يجتمعان ابدا بعد الفرقة اما الحنفية فقالوا بان الفرقة قد ال تكون مؤبدة اذا‬
‫أكذب الزوج نفسه ونفذ عليه حد القذف فانها تحل له بنكاح جديد‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬نسب الولد بعد اللعان‪:‬‬

‫يلحق نسب الولد بعد اللعان بأمه‪ ،‬يقول الفقه االسالمي‪ ":‬اذا نفى الرجل ابنه‪ ،‬وتم‬
‫اللعان‪ ،‬انتفى نسبه من أبيه وسقطت نفقته عنه‪ ،‬وانتفى التوارث بينهما‪ ،‬ولحق بأمه‪ ،‬فهي‬
‫‪1‬‬
‫ترثه وهو يرثها "‬

‫تاسعا‪ :‬نفي النسب باللعان في ضوء قانون اإلجراءات المدنية واالدارية والحالة المدنية‬
‫الجزائريين‪:‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬في ضوء اإلجراءات المدنية واالدارية‪:‬‬

‫يتم نفي النسب وفقا الحكام القوانين الجزائرية السارية المفعول بدعوى اللعان‪،‬‬
‫والتي تخضع الحكام قانون اإلجراءات المدنية واالدارية رقم ‪ 09\08‬الصادر في ‪25‬‬
‫افريل ‪ 2008‬في الجريدة الرسمية الجزائرية العدد ‪ ،21‬يحوي على ‪ 1069‬مادة قانونية‬
‫‪2‬‬
‫موزعة على كتب وابواب وفصول‬

‫إن الحكام قانون اإلجراءات المدنية واالدارية تطبق على الدعاوى القضائية‪ ،‬وبينها‬
‫دعاوى النسب سواء الثباته أو نفيه عن طريق دعوى اللعان وغيرها امام الجهات القضائية‬
‫المختصة توعيا واقليميا‪.‬‬

‫‪1‬سيد سابق‪ ،‬فقه السنة‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.218‬‬


‫‪2‬عبد السالم ذيب‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنية الجديد‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‪ ،‬الرغاية‪ ،‬الجزائر العاصمة‬
‫الطبعة الثالثة عام ‪ 2012‬ص ‪ 16‬و‪.17‬‬
‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫الضوابط الزمنية لدعوى اللعان‪:‬‬

‫لم تحدد احكام القانون رقم ‪ 09\08‬المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية مواعيد زمنية‬
‫لممارسة دعوى اللعان وعليه تحيل نا احكام مادة قانونية في قانون األسرة " كل ما لم يرد‬
‫عليه النص في هذا القانون يرجع فيه ألحكام هو الشريعة االسالمية " إلى احكام الشريعة‬
‫االسالمية‪.‬‬

‫قدروا شروط صحة اللعان في نفي الولد بين ثالثة‪ :‬هي الفورية وعدم االقرار بالولد‬
‫وتحقق حياته‪ 1 .‬واختلف الفقهاء في معنى الفورية على ثالثة اقوال‪:‬‬

‫األول ‪ :‬انها تتقدر بمدة التهنئة بالمولود ويحددها القاضي‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬انها تتقدر باكثر مدة النفاس وهي اربعين يوما‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬انها تقدر بالعرف ويعذر في تاخير النفي لعذر فإذا لم يكن له عذر لزم‬
‫النفي فور العلم‪.‬‬

‫‪ ‬ثانيا‪ :‬في ضوء قانون الحالة المدنية الجزائرية‪:‬‬

‫ان االطراف الرسمية في دعوى اللعان هم‪ :‬الزوج والزوجة وممثل النيابة العامة‬
‫بمقتضى قانون األسرة " تعد النيابة العامة طرفا اصليا في جميع القضايا الرامية إلى‬
‫‪2‬‬
‫تطبيق احكام هذا القانون "‬

‫‪1‬سعد الدين مسعد هاللي‪ ،‬البصمة الوراثية وعالئقها الشرعية‪ ،‬مكتبة وهبة القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬الطبعة‬
‫االولى عام ‪ 2010‬ص ‪.354‬‬
‫‪2‬االمر رقم ‪ 02/05‬المؤرخ في ‪ ،2005/03/27‬يعدل ويتم القانون رقم ‪ 11/84‬المؤرخ في ‪ 9‬يونيو ‪ 1984‬المتضمن‬
‫قانون األسرة المادة ‪ 3‬مكرر منه‪ ،‬الجريدة الرسمية الجزائرية العدد ‪ 15‬لعام ‪ 2005‬ص ‪.19‬‬
‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫يقوم الزوج أو الزوجة بتبليغ النسخة التنفيذية المتعلقة بالحكم النهائي إلى ضابط‬
‫الحالة المدنية بعد والدة الولد المنتفي نسبه قضائيا‪ ،‬يشترط ان يولد حيا الن الولد الذي‬
‫يولد ميتا ال يقيد في سجل عقود الميالد وفقا الحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬بعد ذلك‬
‫يقوم ضابط الحالة المدنية بتسجيل عقد ميالد الولد المنتفي نسبه عن أبيه بدعوى اللعان‬
‫في سجل عقود الميالد حيث يلحق نسبه شرعا وقانونا بأمه‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نفي النسب بالطرق العلمية‪:‬‬

‫ان المشرع الجزائري لم ينص على وسيلة دون اخرى في نفي النسب لكنه نص‬
‫على عبارة " بالطرق المشروعة " في نص المادة ‪ 41‬من قانون األسرة " ينسب الولد البيه‬
‫متى كان الزواج شرعيا وامكن االتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة " اذ توحي بان‬
‫المشرع ما دام قد وافق على ذلك في المادة ‪ 02\40‬من نفس القانون فانه ال ضير من‬
‫إستعمال الطرق العلمية الحديثة في نفي النسب‪.‬‬

‫بعد استنفاذ الخصوم في الدفاع بتقديم كل طرف اثباتاته في مواجهة الطرف‬


‫االخر‪ ،‬يصدر القاضي حكمه في جلسة علنية بحكم مسبب والذي ينتهي اما برفع الدعوى‬
‫أو بتعيين خبير‪ ،‬وفي حالة تعيين هذا االخير والذي غالبا ما يكون المخير المتواجد في‬
‫الجزائر العاصمة مع تبيان المهام التي يقوم بها الخبير من اخذ عينات الدم أو الخاليا أو‬

‫‪66‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫الطريقة التي تستعمل في مقارنة الجينات وتحديد الهدف المراد الوصول اليه من خالل‬
‫‪1‬‬
‫هذا الحكم وهو القول ما إذا كان المعني من فروع أو اصول خصمه أو ورثته "‬

‫مدى تأثير الحكم القضائي بالخبرة العلمية‪:‬‬

‫تبقى السلطة التقديرية للقاضي في ان يقرر اذا كان يستلزم االمر تعيين خبير وله‬
‫أن يأخذ برأيه أو ال انطالقا من المادة ‪ 144‬من قانون اإلجراءات المدنية ييمكن للقاضي‬
‫ان يؤسس حكمه على نتائج الخبرة " والمادة ‪ 02\40‬من قانون األسرة الجزائري يتضح لنا‬
‫جليا ان سلطة القاضي في هذا الشأن واسعة‪.‬‬

‫ان تقرير الخبير بعد اجراء التحاليل الالزمة هو تقرير صامت ‪ ,‬يتمتع فيه القاضي‬
‫بحق تقدير نتائجه فيأخذ ما هو مجدي‪ ،‬ويترك ما يعارض الصواب فالقاضي غير ملزم‬
‫‪2‬‬
‫برأي الخبير‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تقرير القاضي في ترجيح اللعان على الطرق العلمية أو ترجيح الطرق‬
‫العلمية على اللعان في نفي النسب‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬ترجيح القاضي للطرق العلمية على اللعان في نفي النسب‪:‬‬

‫هناك من يرى بأن الطرق العلمية تعبر عن حقائق علمية ثابتة ويقينية وبالتالي‬
‫فمجال االستفادة من هذه االدلة المستحدثة مفتوح في مجال اللعان متى روعيت فيها‬
‫شروط الحس والشرع‪.‬‬

‫‪1‬بوخاري مصطفى امين‪ ،‬اإلجراءات المتبعة امام القضاء الجزائري إلثبات النسب ونفيه بالطرق البيولوجية الحديثة‪،‬‬
‫مجلة الروافد للدراسات واألبحاث في العلوم االجتماعية واالنسانية جامعة ابو بكر يلقايد بتلمسان ( الجزائر) المجلد ‪4‬‬
‫(‪ )1‬جوان ‪ 2020‬صو‪.290‬‬
‫‪2‬بلحاج عربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون األسرة وفق اخر التعديالت ومدعم باحدث اجتهادات المحكمة العليا‪ ،‬ص‬
‫‪.399‬‬
‫‪67‬‬
‫الفصل الثاني ‪ ...‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في تقديرها‬

‫يقول الدكتور محمد سليمان االشقر " اذا ثبت باختبارات البصمة الوراثية ان الزوج‬
‫هو االب الطبيعي للمولود فان ذلك يمنع نفي الولد عنه‪ ،‬لكن ال يسقط حقه في اللعان‬
‫‪1‬‬
‫الن المرأة ربما حملت من زوجها ثم زنت أو زنت ثم حملت من زوجها "‬

‫ثانيا‪ :‬ترجيح القاضي للعان على الطرق العلمية في نفي النسب‪:‬‬

‫اجاز المشرع الجزائري للقاضي اللجوئ إلى الطرق العلمية غير أنه سكت عن ذلك‬
‫فيما يتعلق بدعوى نفي النسب‪ ،‬اذ ترك المادة ‪ 41‬دون تعديل بأن ينسب الولد البيه متى‬
‫كان الزواج شرعيا‪ ،‬وامكن االتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة والطريق الشرعي الوحيد‬
‫الذي قال به فقهاء الشريعة االسالمية في مسالة نفي النسب هو اللعان " ان الطريق‬
‫الشرعي الوحيد لنفي النسب هو اللعان‪ ،‬وال يجوز الغاء حكم شرعي بناء على نظريات‬
‫‪2‬‬
‫ليطرح اشكال تقرير القاضي في االخذ بالطرق العلمية في‬ ‫طبية‪ ،‬فهي قرينة ال اكثر "‬
‫نفي النسب‪ ،‬وكما ذكرنا سابقا فقد حدث تعارض بين الفقهاء إال ان االجماع على عدم‬
‫تقديم االدلة العلمية على االدلة الشرعية ثابت وهو ما سار عليه المشرع الجزائري‪ ،‬وان‬
‫نصف سطر الذي احتوته المادة المتعلقة بالطرق العلمية في مجال النسب غير كافي وال‬
‫يسمح للقاضي بالتوسع وبناء حكمه في قبول طلب النسب أو نفيه‪ ،‬وهو االمر الذي يبرر‬
‫الواقع المعاش في قطاع العدالة أين يقوم القضاة باللجوء إلى وسائل اثبات شرعية مثل‬
‫الشهود والفراش في اثبات النسب أو نفيه بدل العلمية بالرغم من اتاحتها وتوفير وسائلها‪.‬‬

‫‪1‬قورفة زبيدة‪ ،‬االكتشاف االطبية والبيولوجية واثرها على النسب‪ ،‬االمل للطباعة والنسر والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪.2012‬‬
‫‪2‬بسام محمد القواسمي‪ ،‬أثر الدم والبصمة الوراثية في االثبات ط ‪ 4‬عام ‪.2010‬‬
‫‪68‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة ‪................................................. ..............................‬‬

‫لقد حاولنا من خالل عرضنا المتواضع كشف العديد من المشاكل التي تثيرها‬
‫مسألة إثبات النسب عموما‪ ،‬ودور الطرق العلمية في ذلك نظ ار لما يكتسي هذا المجال‬
‫من أهمية بالغة فقهيا وتشريعيا وكذلك قضاء‪ ،‬مبرزين من خالل ذلك نطاق تطبيق ها ته‬
‫الطرق ودورها البيولوجي والعلمي في اإلثبات والنفي من خالل درجات قيمتها وحجيتها‪.‬‬

‫إلى أن ذلك ال يخلو من التعقيدات واإلشكاليات التي يثيرها هذا الموضوع‪ ،‬والتي‬
‫تتطلب حصرها من الجانب القانوني من خالل وضع إطار قانوني للطرق العلمية أو ال‬
‫سواء القطعية منها التي ترقي إلى درجة اليقين كما تم فصلها بالنسبة للبصمة الوراثية‪،‬‬
‫‪.ADN‬‬

‫كما أن الضرورة تستدعي تحديد قيمتها القانوني وحجيتها من خالل بسط سلطات‬
‫القاضي المكلف بشؤون األسرة في مجال تطبيق الطرق العلمية لخلق نوع من المرونة‬
‫القانونية ك ذلك و إال فما جدوى من وضع المشرع لهذه الطرق دون حصر لمجالها‬
‫وحاجيتها بما يفيد القضاة في سهولة اللجوء إليها كلما استعصى عليهم اإلثبات بالطرق‬
‫الشرعية‪ ،‬كذا وفي شأن مسألة تلقيح االصطناعي التي أسالت الكثير من الحبر من خالل‬
‫التساؤل عنه إثبات أو نسب الولد عن طري ق هذه العملية وأساسها كطريقة علمية جديدة‬
‫لإلنجاب وجودا وعدما تماشيا مع وجود أو غياب إحدى شروطها الواردة في المادة ‪45‬‬
‫مكرر من قانون األسرة‪.‬‬

‫كل هذه المسائل وغيرها قد تقف عائقا أمام القاضي المكلف بشؤون األسرة إليجاد‬
‫حل قانوني بالنسبة للطالق العلمية المضافة بموجب األمر ‪ 02-05‬السالف ذكر‪ ،‬مما‬
‫يستوجب التدخل المشرع الجزائري من أجل وضع إطا ار قانونيا ال يدع مجاال للتأويل‬
‫والتفسير أمام موضوع كان وال يزال يشكل اهتمام القضاة والخبراء في نفس الوقت‪.‬‬

‫من خالل ما سبق نستخلص التوصيات التالية‪:‬‬

‫‪70‬‬
‫خاتمة ‪................................................. ..............................‬‬

‫إجراء تعديل تشريعي يضع التحاليل الجينية ضمن اإلجراءات الملزمة ويتضمن‬
‫التعديل ضرورة إلزام الزوج بالخضوع إلجراء تحليل البصمة الوراثية مع تحمل الدولة تكلفة‬
‫إجراءه ها ته التحاليل‪.‬‬

‫تكوين خبراء مكلفين ومختصين في التحاليل الجينية على مستوى المحاكم‪,‬‬

‫ـ الحد من انتشار ظاهرة الزواج العرفي مع إصدار تعليمات ألئمة المساجد بمسك‬
‫سجالت خاصة لهذا الغرض حتى تسهل الرجوع إليها عند الحاجة‬

‫استصدار قرار إداري بمنع استخراج شهادة بقيد ميالد طفل إال بعد إجراء البصمة‬
‫الوراثية مطابقة لبصمة األبوين المسجلة في عقد زواجهما‬

‫إصدار قرار مثيل لألطفال اللقطاء ومجهولي النسب للبحث عن ذويهم أو لمعرفة‬
‫أمهاتهم على األقل‪ ،‬وذلك ألنسابهم إليهن شرعا لما يتعلق بذلك من أحكام شرعية‬
‫كالميراث والمحرمات‪.‬‬

‫صدور األحكام القاضية بإثبات النسب إنتهائيا مع اعفاء إجراءات دعوى إثبات‬
‫النسب نع الرسوم القضائية‪.‬‬

‫وفي األخير شمول حركة التعديل على عدد أخر من القوانين حتى تربط ارتباط‬
‫وثيقا بمثل هذه المستجدات الطبية نذكر منها قانون األسرة‪ ،‬قانون المدني حتى يحصل‬
‫نوعا ما من التكامل واالنسجام بين هذه التشريعات الوضعية والحقائق العلمية‪ ،‬مع اعطاء‬
‫للطفل حقه في االنتماء إلى الوالدين الحقيقيين‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫ق ائمة المراجع والمصادر‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬

‫قائمة المراجع والمصادر‬

‫أوال‪ :‬الكتب‬

‫‪ .1‬باديس ذيابي‪ ،‬حجية الطرق الشرعية والعلمية في دعاوى النسب على ضوء قانون‬
‫األسرة الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين ميلة‪ ،‬الجزائر‪.2010،‬‬
‫‪ .2‬حسام األحمد‪ ،‬البصمة الوراثية حجيتها في اإلثبات الجنائي والنسب‪ ،‬منشورات‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬ط ‪،2010 ،1‬‬
‫‪ .3‬دكت ور حسين غلي شحرور‪ ،‬الطب الشرعي‪ ،‬مبادئ وحقائق‪ ،‬مكتبة النرجس‪.‬‬
‫‪ .4‬سعيدان أسماء‪ ،‬إثبات النسب في القانون الجزائري‪ ،‬بيت االفكار‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الجزائر (مؤلفات خاصة)‬
‫‪ .5‬شوقي زكريا صالح‪ ,‬التلقيح الصناعي بين الشريعة اإلسالمية والقوانين الوضعية ‪,‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬طبعة ‪.2011‬‬
‫‪ 4 .6‬اعائشة سلطان ابراهيم المرزوقي‪ ،‬إثبات النسب في ضوء المعطيات العلمية‬
‫المعاصرة رسالة لنيل درجة الدكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة كلية دار العلوم ‪2002. /‬‬
‫‪ 4- .7‬عباس العبودي‪ ،‬شرح أحكام قانون البينات‪ :‬دراسة مقارنة معززة بآخر‬
‫التعديالت التشريعية والمبادئ القانونية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ .8‬ابو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسيوري‪ ،‬صحيح مسلم الجزئ الثاني‪ ،‬دار‬
‫الحديث القاهرة الطبعة األول ى ‪1991‬‬
‫‪ .9‬إثبات النسب بالطرق العلمية البيولوجية الحديثة في القانون الجزائري‪ ،‬القانون‬
‫الشامل‪ ،‬بحث منشور على الموقع‪ ،‬دون ذكر اإلسم‪ ،‬البصمة الوراثية من المنظور‬
‫اإلسالمي سنة ‪.2003‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬

‫‪ .10‬أحمد عبد الدايم‪ ،‬أعضاء جسم اإلنسان ضمن التعامل القانوني‪ ،‬منشورات‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.1999 ،‬‬
‫‪ .11‬أقزيط مفتاح محمد‪ ،‬الحماية القانونية للجنين بين الفقه اإلسالمي والفقه‬
‫الوضعي‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ط‪.1،2004‬‬
‫‪ .12‬إقورة زوبيدة‪ ،‬االكتشافات الطبية والبيولوجية وأثرها على النسب على ضوء‬
‫قانون األسرة الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين ميلة‪ ،‬الجزائر‪..،2010 ،‬‬
‫‪ .13‬أقورفة زوبيدة اإلكتشافات الطبية والبيولوجية وأثرها على النسب في القانون‬
‫األسرة الجزائري‪ ،‬اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم اإلسالمية‪ ،‬تخصص‬
‫أصول الفقهسنة ‪ 2008‬ـ ‪ 2009‬جامعة الجزائر‬
‫‪ .14‬أمزيان راضية‪ ،‬إثبات النسب بالطرق العلمية في القانون الجزائري واشكاليته‪،‬‬
‫مجلة اإلنسان قسنطينة‪ ،‬سنة ‪،2018‬‬
‫‪ .15‬بلحاج العربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون األسرة الجزائري‪ ،‬الزواج والطالق‪ ،‬ج‪1‬‬
‫ط‪ , 4‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪2005,‬‬
‫‪ .16‬بلحاج العربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون األسرة وفق أخر التعديالت ومدعم‬
‫بأحدث اجتهادات العليا ج‪،1‬أحكام الزواج‪،‬ط‪ ،4‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ .17‬بلحاج العربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون األسرة وفق آخر التعديالت ومدعم‬
‫بأحدث اجتهادات المحكمة العليا‪ ،‬ج‪ ،1‬أحكام الزواج‪ ،‬ط‪ ،4‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪. 2010،‬‬
‫‪ .18‬بلحاج عربي‪ ،‬الوجيز في شرح قانون األسرة وفق اخر التعديالت ومدعم باحدث‬
‫اجتهادات المحكمة العليا‪،‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬

‫‪ .19‬جمال سايس‪ ،‬االجتهاد الجزائري في مادة األحوال الشخصية‪ ،‬ج‪ ،2‬منشورات‬


‫كليك‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪،213 ،‬‬
‫‪ .20‬حسين محمود عبد الدائم عبد الصمد‪ ،‬البصمة الوراثية ومدى حجيتها في‬
‫االثبات‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،2007،‬‬
‫‪ .21‬ذيابي‪ ،‬باديس‪:‬حجية الطرق الشرعية والعلمية في دعاوى النسب على ضوء‬
‫قانون األسرة الجزائري‪(،‬د‪.‬ط)‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪.،‬‬
‫‪ .22‬سعد الدين مسعد هاللي‪ ،‬البصمة الوراثية وعالئقها الشرعية‪ ،‬مكتبة وهبة‬
‫القاهرة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬الطبعة األول ى عام ‪.2010‬‬
‫‪ .23‬سليمان مرقص‪ ،‬في شرح القانون المدني‪ ،‬أصول إثبات وأجراءاته‪ ،‬في المواد‬
‫المدنية‪،‬المجلد ‪ ،1‬مطبوعة السالم‪ ،‬سنة ‪،1991‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ .24‬سيد سابق‪ ،‬فقه السنة الج زء الثاني‪ ،‬نظام األسرة والحدود والجنايات‪ ،‬دار المؤيد‬
‫الطبيعة األول ى عام ‪2001‬‬
‫‪ .25‬شمس الدين محمد بن ابي بكر ابن قيم الجوزية‪ ،‬زاد المعاد في هدي خير‬
‫العباد‪ ،‬دار الكتاب العلمية ييروت لبنان الجزئ الرابع‪ ،‬الطبيعة األول ى ‪1985‬‬
‫‪ .26‬عباس العبودي‪ ،‬شرح أحكام قانون البينات‪ :‬دراسة مقارنة معززة بآخر‬
‫التعديالت التشريعية والمبادئ القانونية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪2007 ،‬‬
‫‪ .27‬عبد الرحمن الجزيري‪ ،‬كتاب الفقه على المشاهير االربعة‪ ،‬الجزئ الخامس دار‬
‫الكتب العلمية ييروت لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪2003‬‬
‫‪ .28‬عبد السالم ذيب‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنية الجديد‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون‬
‫المطبعية‪ ،‬الرغاية‪ ،‬الجزائر العاصمة الطبعة الثالثة عام ‪.2012‬‬
‫‪ .29‬عدنان حسين عزايزة‪ ،‬حجية القرائن في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار عمار‬
‫لنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،2004 ،‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬

‫‪ .30‬العربي بلحاج‪ ،‬بخوث قانونية في قانون األسرة الجزائري الجديد‪ ،‬ديوان‬


‫المطبوعات الجامعية‪،2014 ،‬‬
‫‪ .31‬ق رقم ‪ 03-16‬مؤرخ في ‪ 14‬رمضان عام ‪ 1473‬الموافق ل ‪ 19‬يونيو سنة‬
‫‪ 2016‬يتعلق باستعمال البصمة الوراثية في اإلجراءات القضائية والتعرف على‬
‫األشخاص‪.‬‬
‫‪ .32‬قورفة زبيدة‪ ،‬االكتشاف االطبية والبيولوجية واثرها على النسب‪ ،‬االمل للطباعة‬
‫والنسر والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪.2012‬‬
‫‪ .33‬قورفة زبيدة‪ ،‬االكتشافات الطبية البيولوجية وأثر ها على النسب‪ ،‬ط‪ ،1‬األمل‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،1421،‬‬
‫‪ .34‬لينة بن دادة‪ ،‬اثبات النسب بالوسائل العلمية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماستر‪ ،‬قانون‬
‫اسرة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد خيذر بسكرة‪2015/2014،‬‬
‫‪ .35‬مح مد ابو زهرة‪ ،‬االحوال الشخصية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬الطبعة الثانية عام‬
‫‪1957‬‬
‫‪ .36‬محمد أبو زيد‪ ،‬دور التقدم البيولوجي في إثبات النسب‪،‬م الحقوق‪ ،‬الكويت‪ ،‬ع‪،1‬‬
‫السنة ‪ ،20‬مارس‪،1996‬‬
‫‪ .37‬محمود عبد الدايم‪ ،‬البصمة الوراثية ومدى حجيتها في اإلثبات دراسة مقارنة بين‬
‫الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬ديوان الوطني المطبوعات الجامعية ‪،2011‬‬
‫الجزائر‬
‫‪ .38‬بسام محمد القواسمي‪ ،‬أثر الدم والبصمة الوراثية في االثبات ط ‪ 4‬عام ‪.2010‬‬
‫‪ .39‬اسماعيل الجوهري‪ ،‬تاج اللغة وصحاح العربية الجزء ‪ 1‬طبعة ‪ 3‬دار العلوم‬
‫للماليين بيروت ‪.1984‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ ،11 - 84‬المؤرخ في ‪ 09‬يونيو ‪ ،1984‬والمتضمن قانون‬


‫األسرة المعدل والمتمم بموجب األمر رقم ‪ ،02 - 05‬المؤرخ في ‪07‬‬
‫فبراير سنة ‪ ،2005‬ج ر عدد‪.2005 / 15‬‬
‫‪ .40‬احمد احمد‪ ،‬موضوع النسب في الشريعة والقانون‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة األول ى‪،‬‬
‫‪1983‬‬
‫‪ .41‬صحيح مسلم الجزء ‪ 02‬طبعة بيروت‪ ،‬دار احياء الكتب العربية‪ ،‬باب الولد‬
‫للفراش وتوقي الشبهات‪.‬‬
‫‪ .42‬المحكمة العليا غرفة االحوال الشخصية‪ ،‬ملف رقم ‪ ،22267‬قرار في ‪-15‬‬
‫‪ 1999-06‬مجلة االجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية عدد خاص سنة‬
‫‪. 200‬‬

‫الرسائل الجامعية‪:‬‬

‫‪ .1‬مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزي آبادي ‪,‬القاموس المحيط ‪,‬جزئ ‪ ,1‬دار‬
‫الجيل ‪ ,‬بيروت االمر‪ , 02/05‬المعدل والمتمم لقانون االسرة الجزائري ‪ ,‬المؤرخ‬
‫في ‪.2005/02/27‬‬
‫‪ .2‬حمدي مهدي‪ ،‬بته عبد الوهاب ‪ ,‬مذكرة لنيل شهادة الماستر ‪ ,‬اثبات النسب في‬
‫قانون االسرة الجزائري ‪ ,‬جامعة المسيلة ‪ ,‬قسم حقوق ‪ ,2021/2020 ,‬ص‬
‫‪62/61/60‬‬
‫‪- .3‬فارسي صالح الدين سيدعلي‪ ،‬النسب في التشريع الجزائري مذكرة نهاية الدراسة‬
‫لنيل شهادة الماستر في الحقوق ’ قانون خاص جامعة عبد الحميد بن باديس‬
‫مستغانم ‪, 2022/2021‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬

‫‪ .4‬تشوار جياللي (نسب الطفل في القوانين المغاربية لألسرة بين النقص التشريعي‬
‫التنقيحات المستحدثة)‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،‬العدد ‪ ،03‬سنة ‪،2005‬‬
‫‪ .5‬بوزيد خالد إثبات النسب بالطرق العلمية في قانون األسرة والقانون المقارن‪،‬‬
‫أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم‪ ،‬تخصص قانون خاص‪ ،‬جامعة وهران ‪02‬‬
‫محمد بن احمد‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪/2017 ،‬‬
‫‪ .6‬بومجان سالف‪ ،‬إثبات النسب ونفيه وفقا لتعديالت قانون االسرة الجزائري‪ ،‬مذكرة‬
‫تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬الدفعة ‪,2008/2005 , 16‬‬
‫‪ .7‬عائشة سلطان ابراهيم المرزوقي‪ ،‬إثبات النسب في ضوء المعطيات العلمية‬
‫المعاصرة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتواره‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية دار العلوم‪ ،‬قسم‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬غير منشورة‪،1441 ،‬‬
‫‪ .8‬فضيل محمد األمين‪ ،‬إثبات النسب بطرق علمية حديثة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون جنائي وعلوم جنائية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة يحي فارس بالمدية‪ ،‬الجزائر‪،2020 ،‬‬
‫‪ .9‬براوي سميرة‪ ،‬إثبات النسب بطرق علمية حديثة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماستر‬
‫الحقوقية‪ ،‬تخصص قانون األسرة‪ ،‬كلية الحقوق جامعة سعيدة‪.‬‬
‫حمزة مشوار‪ ،‬إثبات النسب ونفيه وفقا للتعديالت قانون األسرة‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪.10‬‬
‫ماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون األسرة‪ ،‬كلية جامعة سعيدة‪.2006-2005 ،‬‬
‫لينة بن دادة‪ ،‬إثبات النسب بالوسائل العلمية‪ ،‬مذكرة محمد خيضر‪ ،‬كلية‬ ‫‪.11‬‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬بسكرة‪،2005-2004 ،‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬

‫‪ .12‬شرفي نصيرة‪ .‬اثبات النسب في القانون الجزائري‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة‬
‫الماستر في القانون‪ ،‬تخصص عقود ومسؤولية‪ ،‬البويرة‪ ،‬جامعة أكلي محند‬
‫اولحاج‪،‬‬
‫‪ .13‬سالمي دلي لة‪ ،‬حماية الطفل في قانون األسرة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬جامعة الجزائر بن يوسف بن خدة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬غير منشورة‪،1449،‬‬
‫‪ .14‬دستور ‪ 28‬نوفمبر‪ 1996‬المعدل والمتمم لدستور‪ 23‬فبراير ‪ ،1989‬ج‪.‬ر‪ ،‬ع‬
‫‪ 94‬لسنة ‪.1976‬‬
‫‪ .15‬خبي ريمة وبوتهلولة عالء‪ ،‬اثبات النسب في ضوء التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة‬
‫تخرج لنيل اجازة المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬الدفعة الخامسة عشر‪،2007/2006،‬‬
‫‪ .16‬بوخاري مصطفى امين‪ ،‬اإلجراءات المتبعة امام القضاء الجزائري إلثبات النسب‬
‫ونفيه بالطرق البيولوجية الحديثة‪ ،‬مجلة الروافد للدراسات واألبحاث في العلوم‬
‫االجتماعية واالنسانية جامعة ابو بكر يلقايد بتلمسان ( الجزائر) المجلد ‪)1( 4‬‬
‫جوان ‪.2020‬‬
‫‪ .17‬برزوق عالل أمال‪ 2015-2014 .‬أحكام النسب بين القانون الجزائري‬
‫والقانون الفرنسي‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬تلمسان‪،‬‬
‫جامعة أبو بكر بلقايد‪،‬‬
‫‪ .18‬ارسي صالح الدين سيد علي‪ ،‬النسب في للتشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة نهاية‬
‫الدراسة لنيل شهادة الماستر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‬
‫‪.,2022/2021,‬‬
‫‪ .19‬شرقي نصيرة ‪ ,‬مذكرة التخرج ‪,‬اثبات النسب في القانون الجزائري ‪ ,‬جامعة بويرة‪،‬‬
‫ص ‪.2013/2012 , 41‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬

‫المجالت‪:‬‬

‫‪ .1‬راضية عيمور الط رق العلمية الحديثة وثبوت النسب مجلة الحقوق والعلوم‬
‫االنسانية الجزائر المجلد ‪ 10‬العدد ‪ 2‬سنة ‪.www.asjp.cerist.dz 2017‬‬
‫عمامرة مباركة المجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية الطرق العلمية‬ ‫‪.2‬‬
‫الحديثة إلثبات النسب في قان ون األسرة الجزائري البصمة الوراثية ومدى حجيتحها‬
‫في اثبات النسب نموذجا المجلد ‪ 5‬العدد ‪www.asjp.cerist.d 02‬‬
‫‪z/en/PresentationRevue/‬‬
‫‪ .3‬قاشي عالل‪ ،‬إثبات النسب كأثر مترتب عن الزواج بالطرق الشرعية والعلمية‬
‫البيولوجية الحديثة مجلة الصدى للدراسات القانونية والسياسية‪ /‬العدد األول ‪/‬‬
‫ديسمبر ‪2019‬‬
‫‪ .4‬بن عودة حسكر مراد سلطات القاضي وتقديره للقاعدة العلمية في قضايا النسب‬
‫مجلة القانون العام الجزائري والمقارن المجلد األول ‪ ،‬العدد ‪01‬سنة ‪.2015‬‬

‫النصوص القانونية‪:‬‬

‫‪ .1‬االمر رقم ‪ 02/05‬المؤرخ في ‪ ،2005/03/27‬يعدل ويتم القانون رقم ‪11/84‬‬


‫المؤرخ في ‪ 9‬يونيو ‪ 1984‬المتضمن قانون األسرة المادة ‪ 3‬مكرر منه‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية الجزائرية العدد ‪ 15‬لعام ‪.2005‬‬
‫القانون رقم ‪ ،11 - 84‬المؤرخ في ‪ 09‬يونيو ‪ ،1984‬والمتضمن قانون‬ ‫‪- .2‬‬
‫األسرة المعدل والمتمم بموجب األمر رقم ‪ ،02 - 05‬المؤرخ في ‪ 07‬فبراير سنة‬
‫‪ ،2005‬ج ر عدد‪.2005 / 15‬‬

‫الصادرفي‪ ،2006/03/05‬مجلة قضائية‪ ،‬طبعة‪ ،2006 ،1‬ص‪ 496‬م‪.‬ع‪.‬غ‪.‬أ‪.‬ش‬


‫قائمة المصادر والمراجع ‪.............................................................‬‬

‫‪ .5‬القرار الصادر بتاريخ ‪ 2006/03/05‬تحت رقم ‪ 355180‬قضية ( ب س )‬


‫ضد ( ب ب مجلة المحكمة العليا عدد ‪2006 01‬‬
‫قرار رقم ‪ 414233‬مؤرخ ‪ 21.03.2007‬في قضية ك س ضد مجهول‬ ‫‪.6‬‬
‫مجلة المحكمة العليا عدد ‪.2007 ،01‬‬
‫‪ .7‬قرار المحكمة العليا غرفة االحوال الشخصية ملف رقم ‪ 34046‬بتاريخ‬
‫‪ 1984/11/19‬المجلة القضائية العدد ‪ 01‬لسنة ‪ 1999‬االمر‪ , 02/05‬المعدل‬
‫والمتمم لقانون االسرة الجزائري ‪ ,‬المؤرخ في ‪.2005/02/27‬‬
‫‪ ، .3‬ملف رقم ‪.35518‬‬

‫المواقع االلكترونية‪:‬‬

‫‪ .1‬االساليب الوراثية إلثبات النسب ‪.net.islamonline.www‬‬


‫فهرس المحتويات‬
‫فهرس المحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫شكر وتقدير‬
‫إهداء‬
‫مقدمة‬

‫الفصل األول‪ :‬تكريس الطرق العلمية إلثبات النسب‬


‫المبحث األول ‪ :‬إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة‬
‫المطلب األول ‪ :‬إشكالية إدماج الطرق العلمية إلثبات النسب‬
‫الفرع األول ‪ :‬االتجاه الرافض إلدماج الطرق العلمية إلثبات النسب‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االتجاه المؤيد إلدماج الطرق العلمية إلثبات النسب‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع الطرق العلمية إلثبات النسب‬
‫الفرع األول ‪ :‬الطرق العلمية القطعية‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الطرق العلمية الظنية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة إلثبات النسب‬
‫المطلب األول ‪:‬العوائق القانونية‬
‫الفرع األول ‪ :‬حرمة الحياة الخاصة‬
‫الفرع الثاني‪ :‬انتهاك السالمة الجسدية‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عدم جواز إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العوائق المادية‬


‫الفرع األول ‪ :‬عدم وجود مخابر علمية كافية‬
‫الفرع الثاني‪ :‬مسألة مصاريف الخبرة‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب وسلطات القاضي في‬
‫تقديرها‬
‫المبحث األول ‪ :‬حجية الطرق العلمية في إثبات النسب‬
‫المطلب األول ‪ :‬الحجية المطلقة للطرق العلمية إلثبات النسب‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحجية النسبية للطرق العلمية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬سلطات القاضي في تقدير الطرق العلمية إلثبات النسب‬
‫المطلب األول ‪ :‬لجوء القاضي إلى الخبرة العلمية وسلطاته اتجاهها‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تقدير القاضي لنفي النسب بين اللعان والطرق العلمية‬
‫الخاتمة‬
‫قائمة المراجع‬
‫فهرس المحتويات‬

You might also like