You are on page 1of 34

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة ديالى‬
‫قسم القانون‬

‫أحكـام‬
‫ّ‬
‫الطالق التعسفي‬

‫بحث تقدمت به الطالبة‬


‫منارق ياسر حسن سعود‬

‫إلى كلية القانون والعلوم السياسية ‪ -‬قسم القانون‬


‫كجزء من متطلبات نيل شهادة البكالوريوس في القانون‬

‫إشراف‬
‫أ‪ .‬م‪ .‬د‪ .‬أمحد علي بريسم‬

‫‪2018‬م‬ ‫‪ 1439‬هـ‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫ان اواَل يا ِح ُّل لا ُك ْم أان تاأْ ُخ ُذوا‬ ‫اك ب ام ْع ُر ْ ْ ٌ ا‬


‫ٍ‬
‫وف أاو تاس ِريح بِِإ ْحس ٍ‬
‫ا‬
‫الطَّاَل ُق م َّرتا ِ‬
‫ان فاِإ ْمس ٌ ِ‬ ‫ا‬ ‫﴿‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َّما آتايتُموه َّن اشيئًا إََِّل أان ي اخافاا أ َّاَل ي ِقيما ح ُد ا ِ‬
‫ود‬
‫يما ُح ُد ا‬ ‫ود اللَّ ه فاِإ ْن خ ْفتُ ْم أ َّاَل يُق ا‬ ‫ُ ا ُ‬ ‫ا‬ ‫ُْ ُ ْ‬
‫ْك ح ُد ُ ِ‬ ‫اللَّ ِه فا اَل جنااح اعلاْي ِهما فِيما افْ تا اد ْ ِ ِ‬
‫ود اللَّ ه فا اَل تا ْعتا ُد ا‬
‫وها اوامن ياتا اع َّد‬ ‫ت بِه تل ا ُ‬ ‫ا ا‬ ‫ُ ا‬
‫ُح ُد اود اللَّ ِه فاأُولاٰئِ اك ُه ُم الظَّالِ ُمو ان ﴾‬

‫صدق اهلل العظيم‬

‫سورة البقرة ‪ /‬اآلية ‪229‬‬

‫(أ)‬
‫اإلهــــداء‬

‫أصدقائي‬

‫أهـــدي ثمرة جهــدي هـــذه ‪.‬‬

‫الباحثة‬
‫نمارق ياسر حسن‬

‫(ب)‬
‫شكر وعرفان‬

‫الحمد والشكر هلل تعالى الذي وفّقني التمام هذا البحث ‪..‬‬

‫أتقدم بالشكر الجزيل إلى أستاذي الفاضل ( د‪ .‬أحمد علي بريسم )‬


‫علي بالنصح والتوجيه‬
‫الذي أشرف على هذا البحث ‪ ،‬والذي لم يبخل ّ‬
‫والتشجيع والتحفيز ‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر إلى كل من ساهم في إتمام هذا البحث‬


‫من قريب أو بعـــــيد ‪..‬‬

‫وفقهم اهلل لما يحبه ويرضاه ‪..‬‬

‫(ج)‬
‫قائمة المحتويات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫أ‬ ‫اآلية القرآنية‬
‫ب‬ ‫اإله ـ ـ ـ ـداء‬
‫ج‬ ‫شكر وعرفان‬
‫د‬ ‫قائمة المحتويات‬
‫‪2-1‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪2‬‬ ‫التعسفي‬
‫ّ‬ ‫ماهية الطالق‬
‫المبحث األول ‪ّ /‬‬
‫‪7-3‬‬ ‫المطلب األول ‪ /‬تعريف الطالق التعسفي لغةً ‪ ،‬فقهاً ‪ ،‬قانوناً‬
‫‪8‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ /‬أنواع الطالق التعسفي ‪ ،‬وحكمه ‪ ،‬والحكمة منه‬
‫‪11-8‬‬ ‫أنواع الطالق التعسفي‬
‫‪12-11‬‬ ‫حكم الطالق التعسفي‬
‫‪13-12‬‬ ‫الحكمة من تشريع الطالق التعسفي‬
‫‪14‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ /‬صور الطالق التعسفي وموقف القانون والشريعة منه‬
‫‪15‬‬ ‫المطلب األول ‪ /‬صور الطالق التعسفي‬
‫‪19-15‬‬ ‫صور الطالق التعسفي في قانون األحوال الشخصية‬
‫‪21-19‬‬ ‫صور الطالق التعسفي في الفقه اإلسالمي‬
‫‪22‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ /‬موقف قانون االحوال الشخصية العراقي والشريعة االسالمية من‬
‫الطالق التعسفي‬
‫‪24-22‬‬ ‫موقف قانون االحوال الشخصية العراقي من الطالق التعسفي‬
‫‪28-25‬‬ ‫موقف الشريعة االسالمية من الطالق التعسفي‬
‫‪29‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪32-30‬‬ ‫المصادر‬

‫(د)‬
‫المقدمة‬

‫يرتبط القانون والشرع االسالمي بأواصر قوية ‪ ،‬وان القانون هو لسان القرآن رغم‬
‫اعتقاد األغلبية أن هناك اختالفاً كبي اًر بينهما ‪ ،‬فهو يشتركان بأنهما قواعد سلوك اجتماعي‬
‫تنظم العالقات الناشئة بين أفراد المجتمع ‪ .‬وان علم الفقه االسالمي من أشرف العلوم‬
‫وأعظمها ‪ ،‬إذ به يعرف الحالل من الحرام ‪ ،‬وبه تستقيم عادات الناس ومعامالتهم ‪.‬‬
‫ويكتسب موضوع الطالق أهمية كبيرة في هذا المجال ‪ ،‬ومهما كان االسم الذي يطلق‬
‫على الطالق ‪ ،‬فهو تفريق بين زوجين اتفقا على العيش المشترك مدى الحياة بموجب عقد‬
‫شرعي ‪ ،‬إال أن الطالق التعسفي هو أن يقدم الرجل على إنهاء عقد النكاح بينه‬ ‫نكاح‬
‫ٍ‬
‫موجبة لذلك فيقع على الزوجة ضرر كبير‬ ‫وبين زوجته دون أسباب‬
‫أهمية البحث ‪:‬‬
‫تكمن أهمية البحث في ما لموضوع الطالق ‪ ،‬وباألخص الطالق التعسفي من أهمية‬
‫كبيرة في الحياة االنسانية ‪ ،‬وبصورة خاصة في وقتنا الحالي ‪.‬‬
‫اشكالية البحث ‪:‬‬
‫ما هي المعايير واألسس التي على أساسها يتم تحديد ما إذا كان الزوج متعسفاً في‬
‫استعمال حقه في الطالق ‪ ،‬أم ال ‪ ،‬وكذلك تحديد حالة وصورة التعسف الحاصل ‪.‬‬
‫منهج البحث ‪:‬‬
‫اعتمدت الباحثة المنهج الوصفي والتحليلي في دراسة البحث ‪ ،‬إذ تم عرض ما يخص‬
‫الطالق التعسفي في الشريعة االسالمية ‪ ،‬وكذلك القوانين الخاصة بالطالق التعسفي‬
‫ومقارنتها مع القوانين المشابهة في االقطار العربية ‪.‬‬
‫خطة البحث ‪:‬‬
‫ماهية‬
‫ّ‬ ‫تم تقسيم موضوع البحث على مقدمة مبحثين ‪ :‬جاء المبحث األول بعنوان (‬
‫التعسفي ) ‪ ،‬وقد قسم على مطلبين ‪ :‬تطرقنا في المطلب األول إلى تعريف الطالق‬ ‫ّ‬ ‫الطالق‬
‫التعسفي لغةً ‪ ،‬فقهاً ‪ ،‬قانوناً ‪ ،‬أما المطلب الثاني ‪ ،‬فقد تناولنا فيه أنواع الطالق التعسفي ‪،‬‬
‫وحكمه ‪ ،‬والحكمة منه ‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني فقد حمل عنوان ( صور الطالق التعسفي وموقف القانون والشريعة‬
‫منه ) وقد قسم على مطلبين أيضاً ‪ُ :‬و ِسم المطلب األول بعنوان ( صور الطالق التعسفي )‬
‫‪ ،‬فيما جاء المطلب الثاني بعنوان ( موقف قانون االحوال الشخصية العراقي والشريعة‬
‫االسالمية من الطالق التعسفي ) ‪.‬‬
‫وختم البحث بخاتمة ذكرنا فيها ما استخلصناه من هذا البحث ‪ ،‬مع قائمة بالمصادر‬
‫ُ‬
‫التي استخدمناها النجاز هذا البحث ‪.‬‬
‫المبحث األول‬
‫التعسفي‬
‫ّ‬ ‫ماهية الطالق‬
‫ّ‬

‫مهما كان االسم الذي يطلق على الطالق ‪ ،‬فهو تفريق بين زوجين اتفقا على العيش‬
‫المشترك مدى الحياة بموجب عقد نكاح شرعي ‪ ،‬إال أن الطالق التعسفي هو أن يقدم الرجل‬
‫ٍ‬
‫موجبة لذلك فيقع على الزوجة ضرر‬ ‫على إنهاء عقد النكاح بينه وبين زوجته دون أسباب‬
‫المادي‬
‫ّ‬ ‫كبير لذا أجاز لها الشرع المطالبة بكامل حقوقها الواردة في عقد الزواج والتعويض‬
‫عن الضرر النفسي الذي وقع عليها‪ ،‬لقد حرص الشرع على حماية المرأة وصون حقوقها‬
‫أن الطالق طالقاً تعسفياً أو غير ذلك هو القاضي الشرعي في‬
‫يحدد ّ‬
‫والشخص الذي ّ‬
‫المحكمة الشرعية ‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫تعريف الطالق التعسفي لغ ًة ‪ ،‬فقهاً ‪ ،‬قانوناً‬

‫الطالق لغةً ‪ :‬يعرف بأنه رفع القيد أو إزالة الوثاق وقد شاع استعمال التطليق في حل عقدة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫النكاح واالطالق في حل غيرها‬
‫وعِّرف أيضاً ‪ :‬هو رفع قيد ( عقدة ) النكاح المنعقد بين الزوجين بألفاظ مخصوصة التخلية‬
‫ُ‬
‫واالرسال (‪. )2‬‬
‫عرفه‬
‫عرف الفقه االسالمي الطالق ‪ ،‬وتوسع الفقهاء في ذلك ‪ ،‬فقد ّ‬
‫أما الطالق فقهياً ‪ :‬فقد ّ‬‫ّ‬
‫الحنفية والحنابلة ‪ :‬بأنه رفع قيد النكاح في الحال أو في المال بلفظ مشتق من ( ط ‪ ،‬ل ‪،‬‬
‫ق ) أو ما في معناه ما يفيد ذلك صراحة أو داللة صادرة من الزوج أو من يقوم مقامه‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫فيرتفع قيد النكاح بالطالق في الحال أو كان بائناً ‪ ،‬أو في المال إذا كان رجعياً‬
‫وعرفه الشافعية ‪ :‬بأنه حل عقدة النكاح بلفظ الطالق ‪.‬‬
‫ّ‬

‫(‪)1‬‬
‫شهاب الدين أبو عمرو ‪ ،‬القاموس المحيط ‪. 739 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب ‪. 225 :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ابن قدامة المقدسي ‪ ،‬المغني ‪. 363/7 :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫وعرفه النووي في تهذيبه ‪ :‬بأنه تصرف مملوك للزوج يحدثه بال سبب وينقطع النكاح‬
‫ّ‬
‫والطالق في فقه االباضية ‪ :‬هو رفع قيد الزواج في الحال أو في المال ‪ ،‬وله مرجعة الزوجة‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫ما دامت في العدة كرهت أم رضيت‬
‫والطالق في فقه الشيعة ‪ :‬هو اللفظ المزيل لعقد النكاح من غير فسخ وما في حكمه بلفظ‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫صريح أو كنائي وال يقع بمجرد النية‬
‫وعرفه المالكية ‪ :‬بأنه صفة حكمية ترفع صلة تمتع الزوج بزوجته موجباً تكررها مرتين زيادة‬
‫ّ‬
‫على األولى للتحريم (‪. )4‬‬
‫وان علماء الشريعة االسالمية عندما أوردوا جملة من التعاريف فاتفقت في كون الطالق‬
‫هو رفع القيد وفك وثاق الزوجية ‪ ،‬وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض بصيغة ( طالق ) ‪.‬‬

‫ومن الفقهاء من قال بأن الطالق ‪ :‬هو رفع قيد النكاح بلفظ مخصوص صريحاً أو‬
‫(‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫أو إشارة‬ ‫كناية‬
‫والمالحظ على ذلك أن الفقهاء كان إجماعهم ناجماً عن وحدة الموضوع في التشريع‬
‫السماوي الوارد في القرآن الكريم ‪ ،‬ومن اآليات الكريمة قوله تعالى ‪ ﴿ :‬اوإِن ياتا اف َّرقاا يُغْ ِن اللَّ هُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُك اَل ِّمن اس اعته اواكا ان اللَّ هُ اواس ًعا احك ً‬
‫يما ﴾ (‪. )6‬‬
‫يم ﴾‬ ‫وما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى ‪ ﴿ :‬وإِ ْن عزموا الطَّاَل اق فاِإ َّن اللَّه س ِم ِ‬
‫يع اعل ٌ‬ ‫ا ا ٌ‬ ‫ا ااُ‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ .‬لذلك فإن التعريف الشرعي للطالق هو ‪ ( :‬تصرف مملوك للرجل يتم بموجبه حل‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ .‬وان األخذ بهذا التعريف هو األقرب شرعاً ‪.‬‬ ‫رابطة الزواج وانهاء العالقة الزوجية )‬

‫(‪)1‬‬
‫زكريا بن محمد بن زكريا األنصاري ‪ ،‬أسمى المطالب في شرح روضة الطالب ‪. 263/3 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫د‪ .‬وهبة الزحيلي ‪ ،‬الفقه االسالمي وأدلته ‪. 219 :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫علي الخفيف ‪ ،‬فرق الزواج في المذاهب االسالمية ‪. 507 :‬‬
‫(‪)4‬‬
‫محمد بن عبد اهلل الخراشي المالكي ‪ ،‬شرح مختصر خليل للخرشي ‪ . 12/4 :‬ومصطفى الزلمي ‪،‬‬
‫أحكام الزواج والطالق ‪ . 1995 :‬وأحمد بن غنيم بن سالم النفراوي األزهري المالكي ‪ ،‬الفواكه الدواني‬
‫على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ‪. 30 / 2 :‬‬
‫(‪)5‬‬
‫د‪ .‬أحمد الكبيسي ‪ ،‬االحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ‪ ،‬الزواج والطالق ‪. 160/ 1 :‬‬
‫(‪)6‬‬
‫سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪. 130‬‬
‫(‪)1‬‬
‫سورة البقرة ‪ ،‬اآلية ‪. 227‬‬
‫الطالق قانوناً ‪:‬‬
‫عرفه القانون العراقي في نص المادة الرابعة والثالثون من قانون األحوال الشخصية‬
‫فقد ّ‬
‫رقم ‪ 188‬لسنة ‪ 1959‬المعدل بقوله ‪ :‬الطالق رفع قيد الزواج بإيقاع من الزوج أو من‬
‫الزوجة وان وكلت به أو فوضت أو من القاضي ‪ .‬وال يقع الطالق إال بالصيغة المخصصة‬
‫له شرعاً ‪.‬‬
‫وان هذا التعريف يتوافق مع التعاريف التي أشار إليها فقهاء المسلمين على مختلف‬
‫مذاهبهم ‪ ،‬وان السبب في ذلك أن القانون العراقي يعتمد على الشريعة في قضايا األحوال‬
‫الشخصية حين إن المادة األولى من القانون رقم ‪ 188‬لسنة ‪ 1959‬قد جاء فيها ‪:‬‬
‫‪ -1‬تسري النصوص التشريعية في هذا القانون على جميع المسائل التي تتناولها هذه‬
‫النصوص في لفظها أو في فحواها ‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية‬
‫األكثر مالءمة لنصوص هذا القانون ‪.‬‬
‫‪ -3‬تسترشد المحاكم في كل ذلك باألحكام التي أقرها القضاء والفقه اإلسالمي في‬
‫العراق وفي البالد اإلسالمية األخرى التي تتقارب قوانينها من القوانين العراقية‪.‬‬
‫وان الزواج الدائم هو المالئمة للفطرة االنسانية ‪ ،‬وأن يكون هذا الزواج هو الغاية النشاء‬
‫اجا لِّتا ْس ُكنُوا إِل ْاي اها‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫األسرة ‪ ،‬وقد ورد قوله تعالى ‪ ﴿ :‬اوم ْن آيااته أا ْن اخلا اق لا ُكم ِّم ْن أان ُفس ُك ْم أا ْزاو ً‬
‫ات لِّاق ْوٍم ياتا اف َّك ُرو ان ﴾ (‪. )3‬‬
‫ك اَلي ٍ‬‫ِ ِ‬
‫او اج اع ال با ْي نا ُكم َّم او َّدةً اوار ْح امةً إِ َّن في اذل ا ا‬
‫ولقد شرع الزواج لتلك المقاصد السامية التي يشعر كل زوج بالميل إلى صاحبه ‪،‬‬
‫وبحاجة إلى معونته على إنماء هذه األسرة ‪ ،‬ولكن المرء قد يخدعه شعوره وحبه ‪ ،‬فيخطئ‬
‫في اختيار زوجته ‪ ،‬ثم يتبين بعد الزواج سوء االختيار ‪ ،‬فيحل الخطأ والخصام محل‬
‫الصفاء والوئام ‪ ،‬وتصبح حياة الزوجين مع بعضهما مستحيلة ‪ ،‬وهذه المشاكل ال تحل إالّ‬
‫بالطالق ‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫القاضي سالم روضان الموسوي ‪ ،‬تطبيقات القضاء العراقي في قانون األحوال الشخصية رقم ‪188‬‬
‫لسنة ‪. 130 : 1959‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سورة الروم ‪ ،‬اآلية ‪. 21‬‬
‫بد أن تجعل للناس‬
‫والشريعة االسالمية بما عرف عنها من العدل واإلنصاف ‪ ،‬ال ّ‬
‫مخرجاً من ضيق وتيسِّر لهم أسباب الخالص من هذه المشاكل ‪ ،‬وتفتح لهم الطريق إلى‬
‫حياة زوجية أكثر سعادة وسالم ‪ .‬والشريعة االسالمية تحرص على بقاء الرابطة الزوجية‬
‫وتقره كوسيلة لحسم الخالف بين الزوجين ‪ .‬لم يعد باالمكان‬
‫وتكره الطالق ‪ ،‬ولكن تعترف به ّ‬
‫االستمرار في حياتهما الزوجية ‪ ،‬فإذا وقع الطالق ‪ ،‬جاز للمرأة أن تتزوج بعد انتهاء عدتها‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ،‬ال يحق للزوج أن يمنعها من الزواج‬
‫وقد جعل االسالم الطالق بيد الزوج البالغ العاقل ؛ وذلك ألن الطالق ينهي العالقة‬
‫الزوجية ويهدم األسرة ‪ ،‬وكثي اًر ما يشتت شمل األوالد ‪ ،‬كما ان الزوج يتحمل معظم مضاره‬
‫من الناحية المادية ‪ ،‬وقد يكون خير وبركة للزوجين أحياناً عند استحكام الشقاق والخالف‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫واستحالة استمرار الحياة الزوجية‬
‫وبناء‬
‫ً‬ ‫لذلك فقد نظم الفقه والقانون عملية الطالق والتفريق في مجموعة من األحكام ‪،‬‬
‫على منطوق داللة الحديث النبوي الشريف ‪ ( :‬أبغض الحالل عند اهلل الطالق ) (‪، )3‬‬
‫مما يهتز له العرش ‪ ،‬فقد روي عن‬‫فالطالق في وضعه األصلي هو مبغوض من اهلل ‪ ،‬وانه ّ‬
‫االمام الصادق ( عليه السالم ) أنه قال ‪ ( :‬تزوجوا وال تطلقوا فإن الطالق يهتز له العرش )‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬
‫وعلل السيد فضل اهلل ذلك ‪ ... ( :‬ألن في تعبير عن مدى خطره على استقرار األسرة‬
‫واخالله بوظيفتها ‪ ،‬من حيث أن العرش هو موقع إدارة رمزي الوجود وتنظيم أموره ‪ ،‬فيهتز‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ،‬فإن‬ ‫لكل خلل يحدث في الحياة ‪ ،‬المكروه من الطالق ما يكون لغير ضرورة تفرضه )‬
‫أوقع الرجل الطالق دون سبب معقول أو حاجة ماسة ‪ ،‬فهو تفريط في مقتضى الميثاق من‬
‫الوفاء وتفريط في بناء األسرة ‪ ،‬ومعلوم أن بناء األسرة مقصد شرعي ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫علي حسب اهلل ‪ ،‬عيون المسائل الشرعية في االحوال الشخصية ‪. 143 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد جواد مغنية ‪ ،‬الفقه على المذاهب الخمسة ‪. 432 :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫السيوطي ‪ ،‬جالل الدين عبد الرحمن ‪ ،‬األشباه والنظائر ‪. 7 :‬‬
‫(‪)4‬‬
‫الطبرسي ‪ ،‬مكارم األخالق ‪. 216 :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فضل اهلل ‪ ،‬السيد محمد حسين ‪ ،‬فقه الشريعة ‪. 575 :‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫أنواع الطالق التعسفي ‪ ،‬وحكمه ‪ ،‬والحكمة منه‬

‫أنواع الطالق التعسفي ‪:‬‬


‫أباحت الشريعة االسالمية الطالق ‪ ،‬حيث يحق للزوج أن يطلق زوجته طلقتين رجعيتين‬
‫‪ ،‬أي أنه بعد انتهاء العدة ‪ ،‬أي عدة الطالق التي حددتها الشريعة االسالمية ‪ ،‬وهي ثالثة‬
‫قروء ‪ ،‬يجوز للزوج أن يرجع زوجته المطلقة إلى عصمته ‪ ،‬ويكون هذا الحكم على غير‬
‫فعدتها تنتهي عند وضع مولودها ‪ ،‬فجاءت الحكمة االلهية‬
‫أما المرأة الحامل ّ‬
‫المرأة الحامل ‪ّ ،‬‬
‫عدة الطالق لضمان استبراء الرحم من الحمل ‪.‬‬
‫في تشريع ّ‬
‫وينقسم الطالق باعتبارات مختلفة إلى عدة أقسام ‪ ،‬فمن حيث ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬الحل والحرمة ‪ ،‬ينقسم إلى الطالق السني والطالق البدعي ‪.‬‬
‫فالطالق السني ‪ :‬هو الطالق الذي يتبع به المطلّق سنة رسول اهلل ( صلى اهلل عليه وآله‬
‫وسلم ) في كيفية التطليق وطريقته والتقيد بالقيود التي أمر الشارع الحكيم بمراعاتها عند‬
‫التطليق ‪.‬‬
‫أما الطالق البدعي ‪ :‬فهو الطالق الذي يخالف به الزوج أحد القيود التي تجعل من الطالق‬ ‫ّ‬
‫سنياً مباحاً ‪.‬‬
‫طالقاً ّ‬
‫ثانياً ‪ :‬ومن حيث الصيغة يقسم إلى صريح وكنائي ومنجز ومعلق ‪.‬‬
‫فالطالق الصريح ‪ :‬هو أن يوقع الزوج الطالق بلفظ صريح يدل عليه مباشرة وال يحمل‬
‫معنى سواه ‪.‬‬
‫بد فيه من النية‬
‫أما الطالق الكنائي ‪ :‬فهو ما أوقعه الزوج بلفظ يحتمل الفرقة وغيرها ‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫على إرادة الطالق أو أن تدل عليه شواهد الحال ‪.‬‬
‫والطالق المنجز ‪ :‬وهو ما يقع به الطالق في الحال دون توقف على تحقيق شرط أو مجيء‬
‫زمن مثل أن يقول الرجل لزوجته ِ‬
‫أنت طالق (‪. )2‬‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬أحمد الكبيسي ‪ ،‬االحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ‪. 221 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المصدر نفسه والصفحة نفسها ‪.‬‬
‫أما الطالق المعلق ‪ :‬هو ما ربط على حصول أمر في المستقبل بأداة من أدوات الشرط ‪،‬‬
‫خرجت من البيت ِ‬
‫فأنت طالق ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كأن يقول الزوج لزوجته إن‬

‫ثالثاً ‪ :‬من حيث الرجعة من عدمه ‪ ،‬يقسم إلى رجعي وبائن ‪.‬‬
‫العدة دون عقد‬
‫فالطالق الرجعي ‪ :‬هو ما يملك فيه الزوج حق مراجعة زوجته ما دامت في ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫يرد زوجته ويسترجعها إلى عصمته ‪ ،‬أي بما‬‫‪ .‬أي يمكن للزوج أن ّ‬ ‫أو مهر جديدين‬
‫معناه يمكنه تدارك الموقف والعودة عن الطالق ‪ ،‬وهذا النوع من الطالق ضمن الرجعي إذا‬
‫استرجع الرجل زوجته سواء بالقول أو الفعل ‪ ،‬أما في حالة انقضاء ثالثة قروء ‪ ،‬ولم يعيدها‬
‫فإن الطالق دخل في حكم البائن بينونة صغرى ‪ ،‬وخالل عدة الطالق الرجعي إذا مات أحد‬
‫عدة الطالق لم تنقضي ‪ ،‬وتكون النفقة في هذه الفترة واجبة على‬
‫الزوجين ورثه اآلخر طالما ّ‬
‫الزوج ‪ ،‬بمعنى أدق فإنه بما أن الزوج قائم فيبقى كل شيء قائم ‪ ،‬ويشار بما أن الطالق‬
‫الرجعي يعتبر طلقة أولى ‪ ،‬أي أنه في حالة وقوع طلقتين أخريين تنتهي الرابطة الزوجية‬
‫نهائياً ‪ ،‬ورجوع الزوجين لبعضهما ال يمحو أثر الطلقة الواقعة ‪ ،‬وتنقضي عدتها في بيت‬
‫الزوجية ‪.‬‬

‫أما الطالق البائن ‪ ،‬فينقسم إلى ‪ :‬بائن بينونة صغرى ‪ ،‬وبائن بينونة كبرى ‪.‬‬
‫فالطالق البائن بينونة صغرى ‪ :‬ويحل فيه للزوج إعادة زوجته بعقد ومهر جديدين ‪ ،‬أي أنه‬
‫الطالق الذي يرمي فيه الزوج على زوجته يمين الطالق لمرة واحدة أو مرتين ‪ ،‬أي دون‬
‫ثالث طلقات ‪ ،‬ويدخل الطالق ضمن حكم البينونة الصغرى في حالة عدم مراجعتها خالل‬
‫العدة ‪ ،‬وفي نطق الزوج بالطالق ثالث مرات أو قال لزوجته ِ‬
‫أنت طالق بالثالثة ‪ ،‬فإن ذلك‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫يحتسب بمثابة طلقة واحدة فقط‬

‫ومن أحكام الطالق البائن بينونة صغرى ‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬محمد سمارة ‪ ،‬أحكام وآثار الزوجية ‪ ،‬شرح مقارن لقانون األحوال الشخصية األردني ‪. 296 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫نفس المصدر السابق ‪. 297 :‬‬
‫‪ -1‬منح االسالم الزوج الحق باسترجاع زوجته المطلقة طالقاً بائناً بينونة صغرى بعقد‬
‫ومهر جديدين لكن دون الحاجة إلى الزواج من غيره ‪ ،‬كما يشترط رضا الزوجة‬
‫وذلك في حالة عدم انتهاء مدة العدة ( ثالثة قروء ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬سلب االسالم من الرجل حق استرجاع زوجته المطلقة طالقاً بائناً بينونة صغرى‬
‫بعد انتهاء العدة ‪ ،‬ويدخل بذلك الطالق ضمن أحكام الطالق البائن بينونة كبرى‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬

‫حرم فيه على الزوج التزوج من مطلّقته التي طلّقها‬ ‫أما الطالق البائن بينونة كبرى ‪ :‬وهو ما ّ‬ ‫ّ‬
‫عدتها ‪ ،‬فإن افترقت من الزوج الثاني بوفاة أو طالق ‪ ،‬جاز له‬ ‫ثالثة متفرقات ومضت ّ‬
‫ان اواَل يا ِحلُّ لا ُك ْم أان‬ ‫اك بِمعر ٍ‬
‫وف أاو تاس ِريح بِِإحس ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫ْ ْ ٌ ْا‬ ‫س ٌ ا ُْ‬ ‫التزوج بها لقوله تعالى ‪ ﴿ :‬الط اَل ُق ام َّرتاان فاإ ْم ا‬
‫ود اللَّ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ود اللَّ ِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فا اَل‬ ‫يما ُح ُد ا‬ ‫فاِإ ْن خ ْفتُ ْم أ َّاَل يُق ا‬ ‫يما ُح ُد ا‬
‫وه َّن اش ْيئًا‬ ‫إََِّل أان يا اخافاا أ َّاَل يُق ا‬
‫تاأْ ُخ ُذوا م َّما آتا ْيتُ ُم ُ‬
‫ُه ُم‬ ‫ك‬‫ود اللَّ ِه فاأُولاٰئِ ا‬
‫اوامن ياتا اع َّد ُح ُد ا‬ ‫ت‬ ‫وها‬
‫يما افْ تا اد ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْك ح ُد ُ ِ‬
‫ود اللَّ ه فا اَل تا ْعتا ُد ا‬
‫اح اعلاْي ِه اما ف ا‬ ‫ُجنا ا‬
‫ِ ِ‬
‫بِه تل ا ُ‬
‫الظَّالِ ُمو ان ﴾ (‪ ، )2‬فإن هذا النوع من الطالق يفسخ الرابطة الزوجية نهائيا ويزيلها ‪ ،‬وان اهلل‬
‫شرع الطالق إالّ ّأنه لم يجعله الخطوة األولى ‪ ،‬بل جعل خطوات عديدة‬
‫سبحانه وتعالى قد ّ‬
‫تسبقه حرصاً على استم اررية الحياة الزوجية واستنفاذا لكل الطرق والوسائل لحمايتها‬
‫ال‬ ‫واستئنافها بصورة صحيحة ‪ ،‬وهذه الخطوات وردت في اآلية الكريمة لقوله تعالى ‪ِّ ﴿ :‬‬
‫الر اج ُ‬
‫ات قاانِتا ٌ‬
‫ات‬ ‫ض اوبِ اما أان اف ُقوا ِم ْن أ ْام اوالِ ِه ْم فا َّ‬
‫الصالِ اح ُ‬ ‫َّل اللَّ هُ با ْع ا‬
‫ض ُه ْم اعلا ٰى با ْع ٍ‬ ‫قا َّو ُامو ان اعلاى الن ِ ِ‬
‫ِّساء ب اما فاض ا‬ ‫ا‬
‫ضِ‬
‫اج ِع‬ ‫وه َّن فِي ال اْم ا‬
‫ج ُر ُ‬ ‫وه َّن او ْاه ُ‬ ‫وزُه َّن فا ِعظُ ُ‬ ‫شا‬ ‫الَلتِي تا اخافُو ان نُ ُ‬ ‫ظ اللَّ هُ او َّ‬ ‫ب بِ اما اح ِف ا‬ ‫احافِظا ٌ‬
‫ات لِّ ْلغاْي ِ‬
‫يَل إِ َّن اللَّ ها اكا ان اعلِياا اكبِ ًيرا ﴾ (‪. )3‬‬ ‫وه َّن فاِإ ْن أاطا ْعنا ُك ْم فا اَل تا ْب غُوا اعلاْي ِه َّن اسبِ ً‬
‫ض ِربُ ُ‬
‫اوا ْ‬
‫وزُه َّن فاعِظُ ُ‬
‫وه َّن ﴾ ‪.‬‬ ‫شا‬ ‫الَلتِي تا اخافُو ان نُ ُ‬ ‫فالخطوة األولى ‪ ( :‬الموعظة ) لقوله تعالى ‪َّ ﴿ :‬‬
‫أما الخطوة الثانية ‪ :‬فهي ( الهجر ) في المضاجع ‪ ،‬لقوله سبحانه وتعالى ‪ ﴿ :‬او ْاه ُج ُر ُ‬
‫وه َّن‬
‫ضِ‬
‫اج ِع ﴾ ‪.‬‬ ‫ال اْم ا‬ ‫فِي‬
‫ض ِربُ ُ‬
‫وه َّن ﴾ ‪ ،‬والضرب‬ ‫أما الخطوة الثالثة ‪ :‬فهي الضرب غير المبرح ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ ﴿ :‬اوا ْ‬ ‫ّ‬
‫غير المبرح ‪ ،‬الذي ال يسبب ألماً أو جرحاً ‪ ،‬وال يترك لوعاً أو أث اًر أو عطالً ( عج اًز ) ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬محمد سمارة ‪ ،‬أحكام وآثار الزوجية ‪ ،‬شرح مقارن لقانون األحوال الشخصية األردني ‪. 296 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سورة البقرة ‪ ،‬اآلية ‪. 229‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪. 34‬‬
‫وزا أ ْاو‬
‫شً‬ ‫ت ِمن با ْعلِ اها نُ ُ‬ ‫أما الخطوة الرابعة ‪ :‬فهي ( الصلح ) ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ ﴿ :‬اوإِ ِن ْام ارأاةٌ اخافا ْ‬ ‫ّ‬
‫الش َّح اوإِن‬‫س ُّ‬ ‫الصلْح اخي ر وأ ِ ِ‬ ‫ضا فا اَل جنااح اعلاي ِهما أان ي ِ‬ ‫إِ ْع ارا ً‬
‫ُحض ارت ْاْلان ُف ُ‬ ‫ْحا او ُّ ُ ْ ٌ ا ْ‬ ‫صل ً‬ ‫صل احا با ْي نا ُه اما ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ ا ْ ا‬
‫تُ ْح ِسنُوا اوتاتَّ ُقوا فاِإ َّن اللَّ ها اكا ان بِ اما تا ْع املُو ان اخبِ ًيرا ﴾ (‪. )1‬‬
‫أما الخطوة الخامسة ‪ :‬فهي ( التحكيم ) ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ ﴿ :‬اوإِ ْن ِخ ْفتُ ْم ِش اقا اق با ْينِ ِه اما فاابْ اعثُوا‬ ‫ّ‬
‫يما اخبِ ًيرا ﴾‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ص اَل ًحا يُ اوفِّ ِق اللَّ هُ با ْي نا ُه اما إِ َّن اللَّها اكا ان عال ً‬
‫اح اك ًما ِّم ْن أ ْاهله او اح اك ًما ِّم ْن أ ْاهل اها إِن يُ ِري ادا إِ ْ‬
‫(‪)2‬‬

‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ،‬وهي أفضل طريقة لحل النزاعات والقضاء على الخصومات‬
‫فاتباع الزوج لهذه الخطوات قبل إقدامه على الطالق يعتبر قرينة تنفي التعسف من‬
‫جانبه في إيقاع الطالق ‪.‬‬

‫حكم الطالق التعسفي ‪:‬‬


‫يعتبر الطالق من أبغض الحالل عند اهلل ‪ ،‬فقد د ّل الحديث النبوي الشريف على ‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ ،‬فالطالق في وضعه األصلي مبغوض من اهلل ‪،‬‬ ‫( أبغض الحالل عند اهلل الطالق )‬
‫مما يهتز له العرش ‪ ،‬فقد روي عن االمام الصادق ( عليه السالم ) أنه قال ‪ ( :‬تزوجوا‬‫وانه ّ‬
‫وال تطلقوا فإن الطالق يهتز له العرش ) (‪. )5‬‬

‫ويقع الطالق على عدة أوجه ‪ ،‬فهناك نوع من الطالق ‪ ،‬يعطي الشرع فيه للزوج‬
‫عدتها وهي ثالثة أشهر ‪ ،‬ونوع آخر من الطالق سمح للزوج‬
‫فرصة لمراجعة زوجته خالل ّ‬
‫ٍ‬
‫ومهر جديدين ‪ .‬ونوع ثالث ‪ ،‬وهو األصعب إذ جعل شرطاً ألحقية‬ ‫بمراجعة زوجته ٍ‬
‫بعقد‬
‫للزوج في مراجعة زوجته أن تنكح من زوج آخر ‪ .‬لقد كان هذا التشديد حكمة ربانية كي ال‬

‫(‪)1‬‬
‫سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪. 128‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪. 35‬‬
‫(‪)3‬‬
‫مصطفى ابراهيم الزلمي ‪ ،‬مدى سلطان اإلرادة في الطالق في الشرائع والقوانين واالعراف خالل أربعة‬
‫آالف سنة ‪. 142 :‬‬
‫(‪)4‬‬
‫السيوطي ‪ ،‬األشباه والنظائر ‪. 7 :‬‬
‫(‪)5‬‬
‫الطبرسي ‪ ،‬مكارم األخالق ‪. 216 :‬‬
‫يكون الطالق سالحاً بيد الرجل يسهل استعماله ‪ ،‬بل عليه التريث والتفكير الطويل باستخدام‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫هذا الحق‬
‫ولم يجعل الشرع ‪ ،‬المرأةَ فريسةً سهلة للرجل ‪ ،‬بل أباح لها أن تطلب الطالق من‬
‫أن استمرار الحياة معه قد يوقعها في الفاحشة ‪ ،‬وهو ما يسمى بالمخلعة ‪،‬‬
‫زوجها إذا رأت ب ّ‬
‫كما أباح الشرع للقاضي أن يطلق الزوجة إذا غاب عنها زوجها لمدة طويلة دون أن تعرف‬
‫أن يسافر دون أن تعلم عنه أية معلومات لفترة طويلة ‪ ،‬أو أسي اًر أو‬ ‫مكان وجوده ‪ ،‬مثل‬
‫مختطفاً أو مفقوداً في حرب ‪ ،‬أو أن يكون الزوج قد ترك أسرته وزوجته هجراناً دون أي‬
‫اتفاق مسبق بينهما ‪.‬‬

‫الحكمة من تشريع الطالق التعسفي ‪:‬‬


‫بد أن تجعل للناس مخرجاً‬
‫فالشريعة االسالمية بما عرف عنها من العدل واالنصاف ال ّ‬
‫وتيسر لهم أسباب الخالص من هذه المشاكل ‪ ،‬وتفتح لهم الطريق إلى حياة‬
‫من كل ضيق ّ‬
‫زوجية تكون أكثر سعادة وسالم ‪ ،‬فالشريعة االسالمية تحرص على بقاء الرابطة الزوجية ‪،‬‬
‫وتقره كوسيلة لحسم الخالف بين زوجين لم يعد باالمكان‬‫وتكره الطالق ولكنها تعترف به ّ‬
‫عدتها‬
‫االستمرار على حياتهما الزوجية ‪ ،‬فإذا وقع الطالق ‪ ،‬جاز للمرأة أن تتزوج بعد انتهاء ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ ،‬وال يحق للزوج أن يمنعها من الزواج‬

‫واتفق الفقهاء على مشروعيته ‪ ،‬فيكون حكمه بالحاالت التالية ‪:‬‬


‫‪ -1‬مباح ‪ :‬إذا كانت المرأة ذات خلق سيء ‪ ،‬أو ناشز ‪ ،‬أو الحاق الزوج بمباشرتها أو‬
‫كان نفور بينهما ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫مصطفى ابراهيم الزلمي ‪ ،‬مدى سلطان اإلرادة في الطالق في الشرائع والقوانين واالعراف خالل أربعة‬
‫آالف سنة ‪. 142 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫علي حسب اهلل ‪ ،‬عيون المسائل الشرعية في االحوال الشخصية ‪. 143 :‬‬
‫‪ -2‬مستحب للضرر ‪ :‬ويكون مستحباً إذا كان استم ارر الرابطة الزوجية سيلحق ضر اًر‬
‫بالزوجة ‪ ،‬فيستحب وقوع الطالق إلزالة أثر الضرر ‪.‬‬
‫‪ -3‬حرام ‪ :‬إذا كان الطالق خالل فترة حيض المرأة ‪ ،‬ويعتبر طالقاً بدعياً ‪.‬‬
‫لح أو مقنع ‪.‬‬
‫‪ -4‬مكروهاً ‪ :‬إذا كان دون وجود سبب ُم ّ‬
‫‪ -5‬واجباً ‪ :‬في حال اتفق أهل الزوجين على وجوب وقوع الطالق لعدم امكانية إصالح‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الرابطة الزوجية بينهما‬

‫(‪)1‬‬
‫علي حسب اهلل ‪ ،‬عيون المسائل الشرعية في االحوال الشخصية ‪. 144 :‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫صور الطالق التعسفي وموقف القانون والشريعة منه‬

‫إن قانون األحوال الشخصية قد اكتفى بذكر بعض المعايير التي يمكن اللجوء إليها‬ ‫ّ‬
‫وبناء على ذلك ال يمكن تحديد‬
‫ً‬ ‫لمعرفة إذا كان الطالق قد استعمل بتعسف من الزوج أم ال ‪،‬‬
‫ألن هناك صعوبة في التحديد ‪ ،‬واّنما يتم‬
‫صور الطالق التعسفي على سبيل الحصر ؛ ّ‬
‫تحديدها على سبيل المثال ‪.‬‬
‫أما موقف قانون االحوال الشخصية من الطالق التعسفي ‪ ،‬فهو أن الزوج الذي يطلق‬
‫ّ‬
‫زوجته دون سبب ‪ ،‬فإنه يعتبر في هذه الحالة متعسفاً في الطالق ؛ لذلك يوجب قانون‬
‫االحوال الشخصية على الزوج التعويض ‪.‬‬
‫أما موقف الشريعة االسالمية من الطالق التعسفي ‪ ،‬فالمعنى الشرعي للطالق هو‬ ‫ّ‬
‫انفصال الزوجين عن بعضهما ‪ ،‬وان كلمة الطالق أو الفراق ينطق بها الرجل العاقل أمام‬
‫أو بغيابها أو أمام القاضي ؛ لذلك حرص االسالم على استمرر الحياة‬ ‫زوجته‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الزوجية وعلى حماية حقوق الزوجين‬

‫(‪)1‬‬
‫عبد الرحمن الصابوني ‪ ،‬مدى حرية الزوجين في الطالق في الشريعة االسالمية ‪. 99 :‬‬
‫المطلب األول‬
‫صور الطالق التعسفي‬

‫‪ -1‬صور الطالق التعسفي في قانون األحوال الشخصية ‪:‬‬


‫إن أغلب التشريعات العربية ‪ ،‬ومنها قانون األحوال الشخصية العراقي رقم ‪ 188‬لسنة‬
‫ّ‬
‫المعدل ‪ ،‬قد اكتفت بذكر المعايير التي يمكن االستئناس بها لتحديد ما إذا كان‬
‫ّ‬ ‫‪1959‬‬
‫وبناء على ذلك ال يمكن تحديد صور أوال‬
‫ً‬ ‫الطالق قد استعمل بتعسف من الزوج أم ال ‪،‬‬
‫حاالت الطالق التعسفي على سبيل الحصر ؛ ألن في ذلك صعوبة تكمن في اختالف‬
‫األعراف والتقاليد االجتماعية من مكان آلخر ‪ ،‬ومن زمان آلخر ‪ ،‬ومن شخص آلخر ‪،‬‬
‫حيث يختلف مفهوم التعسف في إيقاع الطالق بالنسبة لشخصين وان كانا يقيما في المكان‬
‫ذاته والفترة الزمنية ذاتها بحسب اختالف النشأة االجتماعية لكل منهما ‪.‬‬
‫فهناك من األزواج يفسرون خروج زوجاتهم دون إذنهم أو خروجهن دون حجاب إهانة‬
‫لهم ولمشاعرهم ومساس بعقيدتهم الدينية واالخالقية ‪ ،‬فيكون ذلك مدعاة إلى إلقاء الطالق‬
‫البد منه ‪.‬‬
‫على زوجاتهم ‪ ،‬من وجهة نظرهم أنهم لم يتعسفوا في إيقاع الطالق ‪ ،‬بل كان ّ‬
‫وقد تكون مثل تلك الحاالت بالنسبة ألشخاص آخرين ال تثير احساسهم ‪ ،‬وال يعتبرونها‬
‫مساس بمشاعرهم على وفق نشأتهم االجتماعية وعاداتهم وأخالقهم ‪ ،‬واذا ما وقع الطالق من‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫هذه الفئة من األزواج فإنهم يعتبرون متعسفين في استعمال حق الطالق‬
‫وسنذكر بعض صور الطالق التعسفي على سبيل المثال ال الحصر ومن خالل‬
‫التطبيقات القضائي ة للفقرة الثالثة من المادة التاسعة والثالثين من قانون األحوال الشخصية‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬وهي ‪:‬‬ ‫العراقي‬
‫مقيد بالحاجة إلى‬
‫أ‪ -‬الطالق دون سبب معقول ‪ :‬إن حق الزوج في إيقاع الطالق ّ‬
‫إيقاعه ‪ ،‬فال يجوز أن يوقع الطالق إالّ إذا كان هناك سببا يدعو له ‪ ،‬مثال ذلك‬
‫الزوجة ‪ ،‬فال يجوز لألزواج التعويض لزوجاتهم إذا استقام أمرهن‬ ‫سوء سلوك‬
‫عما تأمر‬
‫وصلحت حالتهن ‪ .‬فإذا طلق الزوج زوجته بال سبب فإن هذا يعتبر خرجاً ّ‬
‫وقد اختلف بعض الفقهاء في بيان السبب ‪ ،‬فقد تكون‬ ‫به الشريعة االسالمية ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫األستاذ أحمد العيسوي ‪ ،‬نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه االسالمي ‪. 116 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المعدل ‪ :‬المادة ‪. 39‬‬
‫ّ‬ ‫قانون األحوال الشخصية العراقي رقم ‪ 188‬لسنة ‪1959‬‬
‫من أسباب الطالق حاجة نفسية ‪ ،‬وقد تكون مما يجب ستره ‪ ،‬وهي في كل األحوال‬
‫رد‬
‫أو أكثرها ال يجوز أن تعرض أمام القضاء ويتنازعها الخصوم فيما بينهم ‪ .‬وقد ّ‬
‫بعض الفقهاء على ذلك بقولهم أن الخشية من إذاعة أسرار الناس والتي من أجلها‬
‫أما القول أن من‬
‫يمتنع القضاء من نظرها ليست أولى مما أبيح الطالق من أجله ‪ ،‬و ّ‬
‫أسباب الطالق ما تكون نفسية ‪ ،‬ومن المصلحة أن ال يعاشر المرء شخصاً ال‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ينسجم معه ‪ ،‬فإن هذا يعود إلى ضمير الزوج ‪ ،‬ال سلطة للقضاء عليه‬
‫والتعسف ال ينحصر على طالق الزوج لزوجته دون سبب معقول ‪ ،‬بل إن‬
‫طالق الزوج لزوجته بسبب خارج عن إ رادتها كأن تكون عقيمة يعتبر تعسفاً سواء‬
‫كان يعلم بأنها عقيمة قبل الزواج أم ال يعلم ‪ ،‬وقد ذهبت محكمة التمييز االتحادية في‬
‫قرار لها ( وجد بأن القرار غير صحيح ومخالف للقانون ‪ ،‬وذلك ألن المدعى عليه‬
‫هو الذي أقام الدعوى المرقمة ‪/2779‬ش‪ 2007/‬للتفريق قبل الدخول ‪ ،‬ثم طلب‬
‫إيقاع الطالق أمام المحكمة ‪ ،‬وفعالً أوقع الطالق رغم نصح المحكمة بالعدول عنه‬
‫مما يجعله متعسفاً في إيقاعه دون سبب ‪ ،‬لذا قرر نقض الحكم المميز واعادة الدعوى‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫إلى محكمتها للسير وفق ما تقدم )‬
‫وفي قرار آخر لمحكمة التمييز االتحادية جاء فيه ( إن موافقة الزوجة المدعى‬
‫عليها على الطالق ال يغير من األمر شيئاً ألن الطالق بيد الزوج وبذلك استحقت‬
‫التعويض ‪ ،‬وكان على المحكمة إجراء تحقيقاتها على ضوء أحكام المادة ‪ 3/39‬من‬
‫قانون األحوال الشخصية واصدار القرار القانوني على ضوء ما يتراءى لها بالنتيجة )‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫عبد الرحمن الصابوني ‪ ،‬مدى حرية الزوجين في الطالق في الشريعة االسالمية ‪. 98 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم ‪ / 3183‬شخصية أولى ‪ / 2007‬في ‪ ، 2010/7/22‬منشور‬
‫في مجموعة المحامي دريد سلمان الجنابي ‪ ،‬ص ‪. 145‬‬
‫(‪)1‬‬
‫قرار محكمة التمييز االتحادية المرقم ‪ / 2686‬شخصية أولى ‪ / 2003‬في ‪ ( 2003/11/6‬قرار‬
‫غير منشور ) ‪.‬‬
‫ب‪ -‬طالق المرتد ‪ :‬المرتد َمن كان مسلماً عاقالً بالغاً ‪ ،‬ثم رجع وارتد عنه ‪ ،‬واالرتداد‬
‫ْح ار ِام‬
‫الش ْه ِر ال ا‬
‫(‪)2‬‬
‫أفحش وأفظع الكفر على اإلطالق ‪ .‬قال تعالى ‪ ﴿ :‬يا ْسأالُونا ا‬
‫ك اع ِن َّ‬
‫يل اللَّ ِه وُك ْفر بِ ِه والْمس ِج ِد الْحر ِام وإِ ْخر ِ ِ‬
‫اج أ ْاهل ِه م ْنهُ‬
‫اا ا ا ُ‬ ‫ا ٌ ا اْ‬ ‫ص ٌّد اعن اسبِ ِ‬ ‫ال فِ ِيه قُل قِتا ٌ ِ ِ‬
‫ال فيه اكبِ ٌير او ا‬ ‫ْ‬
‫قِتا ٍ‬
‫أا ْكبا ُر ِعن اد اللَّ ِه اوال ِْف ْت ناةُ أا ْكبا ُر ِم ان الْ اق ْت ِل اواَل يا ازالُو ان يُ اقاتِلُونا ُك ْم احت ٰ‬
‫َّى يا ُردُّوُك ْم اعن ِدينِ ُك ْم إِ ِن‬
‫ت أا ْع امال ُُه ْم فِي ُّ‬
‫الدنْ ياا‬ ‫ك احبِطا ْ‬ ‫ت او ُه او اكافِ ٌر فاأُولاٰئِ ا‬ ‫استاطااعُوا اوامن يا ْرتا ِد ْد ِمن ُك ْم اعن ِدينِ ِه فا يا ُم ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫او ْاَل ِخ ارةِ اوأُولاٰئِ ا‬
‫(‪)3‬‬
‫تد الزوج بانت زوجته منه‬ ‫يها اخال ُدو ان ﴾ ‪ .‬واذا ار ّ‬ ‫اب النَّا ِر ُه ْم ف ا‬ ‫اص اح ُ‬ ‫كأْ‬
‫وال ترثه ألن اتحاد الدين شرط من شروط الميراث ‪ ،‬وهذا هو األصل ‪ ،‬إال أن‬
‫الفقهاء ألحقوا المرتد بحكم المريض مرض الموت ‪ ،‬واعتبروه فا اًر من توريث زوجته ‪،‬‬
‫فيرد عليه قصده ‪ ،‬حيث نص الفقهاء على أن المرتد ترثه امرأته المسلمة إذا مات أو‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫العدة‬
‫قتل على ردته وهي في ّ‬
‫ك في‬
‫ولم يبين قانون األحوال الشخصية صراحة موقفه من طالق المرتد ‪ ،‬وال ش ّ‬
‫أنه تابع ألحكام الشريعة االسالمية ‪ ،‬حيث أن المادة األولى من قانون األحوال‬
‫الشخصية العراقي رقم ‪ 188‬لسنة ‪ ، 1959‬وفي الفقرة ‪ 2 /‬جاء فيها ( إذا لم يوجد‬
‫نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة االسالمية األكثر مالئمة‬
‫لنصوص هذا القانون ‪.‬‬
‫ت‪ -‬طالق الغضبان ‪ :‬من صور التعسف في الطالق هو أن يطلق الرجل زوجته وهو‬
‫في حالة غضب ‪ ،‬فللعلماء نظر في طالقه ‪ ،‬وكما يلي ‪:‬‬
‫ذهب جماهير أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وقوع طالق الغضبان ‪ ،‬فقد‬
‫قال الدسوقي المالكي ( يلزم طالق الغضبان ولو اشتد غضبه ‪ ،‬خالفاً لبعضهم ‪ ،‬وبمثله‬
‫قال الصاوي ‪.‬‬
‫وقال في فتح المعين من كتب الشافعية ( واتفقوا على وقوع طالق الغضبان ‪ ،‬وان‬
‫ادعى زوال شعوره بالغضب ) ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وقال في إعانة الطالبين ( واتفقوا على وقوع طالق الغضبان ) ‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫محمد جواد مغنية ‪ ،‬فقه االمام جعفر الصادق ‪. 297 :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫سورة البقرة ‪ ،‬اآلية ‪. 217‬‬
‫(‪)4‬‬
‫العالمة الشيخ عبد الكريم الحلي ‪ ،‬األحكام الجعفرية في األحوال الشخصية ‪.104 :‬‬
‫وقد سئل الشمس الرملي عن الحلف بالطالق حالة الغضب الشديد المخرج عن‬
‫االشعار ‪ :‬هل يقع الطالق أم ال ؟ وهل يصدق الحالف في دعواه شدة الغضب وعدم‬
‫االشعار ؟‬
‫فأجاب ‪ :‬بأنه ال اعتبار بالغضب فيها ‪ .‬نعم ‪ ،‬إذا كان زائل العقل ُع ِذر ‪.‬‬
‫وقال في مطلب أولي النعمى من كتب الحنابلة ‪ ،‬ويقع الطالق معن غضب ولم يزل‬
‫عقله بالكلية ‪ .‬وقال ابن رجب في شرح االربعين النووية ‪ :‬ما يقع من الغضبان من طالق‬
‫أو يمين ‪ ،‬فإنه يؤاخذ بذلك كله بغير خالف ‪ ،‬ثم ذكر أن ابن القيم من الحنابلة‬ ‫وعتاق‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫مال الى القول بعدم وقوع طالق الغضبان‬
‫كما أفتى العالّمة محمد بن اسماعيل العمراني ‪ ،‬بمثل ما أفتى به الجماهير من أهل‬
‫تقدم وكان يقول دائماً ‪ ،‬كلما جاءه هذا السؤال ‪ :‬االنسان ال يطلّق دائماً إالّ في‬
‫العلم كما ّ‬
‫حالة الغضب ‪ ،‬ولم نسمع يوماً أن أحداً طلّق امرأته وهو يضحك ‪ ،‬أو أنه طلقها في حالة‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفرح والمرح معها ( وهو يرقص معها ) ‪ ،‬فالطالق غالباً ما يقع في حالة غضب‬
‫ومن األدلة على وقوع طالق الغضبان ‪:‬‬
‫في وفي أوس بن صامت‬ ‫حديث خولة بنت ثعلبة ( امرأة أوس بن الصامت ) ‪ ،‬قالت ‪ :‬واهلل ّ‬
‫عز وج ّل – صدر سورة المجادلة ‪ .‬قالت كنت عنده وكان شيخاً كبي اًر ‪ ،‬وقد ساء‬
‫أنزل اهلل – ّ‬
‫بشيء فغضب ‪ ،‬فقال ‪ :‬أنت علي كظهر‬ ‫ٍ‬ ‫علي يوماً فراجعته‬
‫خلقه وضجر ‪ .‬قالت فدخل ّ‬
‫أخي ‪ ،‬وفيه أمره صلى اهلل عليه وآله وسلّم ( بعتق رقبة ‪ ،‬ثم صيام شهرين متتابعين ‪ ،‬ثم‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫بإطعام ستين مسكيناً )‬
‫أما قانون األحوال الشخصية العراقي ‪ ،‬فقد جاء في المادة الخامسة والثالثون منه ‪ ( :‬ال‬
‫ّ‬
‫يقع طالق األشخاص اآلتي بيانهم ‪ :‬السكران والمجنون والمعتوه والمكروه ومن كان فاقد‬
‫التمييز ومن غضب أو مصيبة مفاجئة أو كبر أو مرض ‪ .‬المريض في مرض الموت أو في‬
‫حالة يغلب فيها الهالك ‪ ،‬إذا مات في ذلك المرض أو تلك الحالة ورثته زوجته ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫مصطفى ابراهيم الزلمي ‪ ،‬مدى سلطان اإلرادة في الطالق ‪. 123 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫علي الخفيف ‪ ،‬فرق الزواج في المذاهب االسالمية ‪. 508 :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫العاملي ‪ ،‬الشهيد محمد جمال الدين مكي ‪ ،‬الروضة البهية ‪. 396 :‬‬
‫وعلى الرغم من اختالف آراء الفقهاء في حكم طالق الغضبان ‪ ،‬فإن القيم الجوزية قال‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬
‫أن طالق الغضبان ال يقع‬
‫ب ّ‬
‫وكذلك أخذ بهذا الرأي قانون األحوال الشخصية العراقي في المادة الخامسة والثالثين‬
‫منه ‪.‬‬

‫‪ -2‬صور الطالق التعسفي في الفقه االسالمي ‪:‬‬


‫أجمع الفقهاء المسلمون ومنذ نشوء الدولة االسالمية ‪ ،‬أن للرجل حق تطليق زوجته إذا‬
‫كان لديه سبب يصح شرعاً اليقاع الطالق من أجل الخالص من الحياة الزوجية التي ال‬
‫مناص من إنهائها ‪ .‬بيد أن هذا اإلجماع على منح الرجل حق إيقاع لطالق على زوجته‬
‫ليس مطلقاً ‪ ،‬وبدون ضوابط أو شروط ؛ ألن هذا الحق يقيد الضرورة القصوى والحاجة‬
‫الملحة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الغراء لم تُجز الطالق لمجرد رغبة الزوج في‬
‫ومن المعلوم أن الشريعة االسالمية ّ‬
‫الخالص من الزوجة ‪ ،‬وأنها أوجبت معاشرة األزواج بالحسنى ‪ ،‬وعدم التساهل في أمور‬
‫ملحة أو ضرورة ‪ ،‬فإنه يكون إثماً ‪ ،‬ويترتب في ذمته حق الزوجة ‪ ،‬وهو‬
‫الطالق دون حاجة ّ‬
‫تعويضها مالياً ‪ ،‬لجبر خاطرها ‪ ،‬إضافة إلى حقوقها الشرعية األخرى المترتبة عن عقد‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬
‫العدة ومؤجل الطالق وحق السكن في دار الزوجية‬
‫الزواج كنفقة ّ‬
‫وقد اختلف الفقهاء في حكم الطالق التعسفي ‪ ،‬وهو ما يعرف عندهم بـ ( الطالق بال‬
‫سبب موجب مع استقامة حال الزوجين ) على قولين ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬ولم يقل به أحد‬ ‫محرم إذا كان لغير حاجة ‪ ،‬ونسب الرأي لإلمام أحمد‬ ‫أحدهما ‪ :‬أنه ّ‬
‫من الفقهاء ‪ .‬وثانيهما ‪ :‬ومشهور الحنابلة أنه مكروه (‪ ، )3‬واإلمامية أيضاً ‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫د‪ .‬مصطفى ابراهيم الزلمي ‪ ،‬مدى سلطان اإلرادة في الطالق ‪. 123 :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫العاملي ‪ ،‬الشهيد محمد جمال الدين مكي ‪ ،‬الروضة البهية ‪ . 397-396 :‬بموجب القرار ‪ 807‬في‬
‫‪ ، 1973/7/25‬أصدر القانون رقم ‪ 77‬لسنة ‪ 1983‬وتعديالته ‪ ،‬وهو حق الزوجة بالسكن في الدار أو‬
‫الشقة التي كانت تسكنها ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الدمشقي ‪ ،‬محمد بن عبد الرحمن ‪ ،‬رحمة األمة في اختالف األئمة ‪. 228 :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫نفس المصدر السابق ‪.‬‬
‫وقد جاء في تعريفه ‪ ( :‬وهو الطالق مع التيام االخالق ‪ ،‬أي ‪ :‬أخالق الزوجين ‪ ،‬فإنه‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫ما من شيء مما أحله اهلل تعالى أبغض إليه من الطالق وذلك حيث ال موجب له )‬
‫(‪)5‬‬
‫‪.‬‬ ‫وداللة الحديث النبوي الشريف ‪ ( :‬إن أبغض الحالل عند اهلل الطالق )‬
‫وقد ذكر الشيخ الطبرسي عن أبي جعفر ( ع ) أنه قال ‪ :‬قال رسول اهلل ( ص ) ‪:‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪.‬‬ ‫( أوصاني جبريل ( ع ) بالمرأة حتى ظننت أنه ال ينبغي طالقها إالّ من فاحشة ّبينة )‬
‫يحرم الطالق رغم مبغوضيته ‪ ،‬وذلك ليس ألجل‬ ‫وفي القول بكراهيته حكمة وعدالة ‪ ،‬لم ّ‬
‫المرأة بحيث لو رضيت أو أرضيت هي وأهلها لما كان مبغوضاً رغم أنه قد يؤدي إلى‬
‫أضرار جسيمة على المرأة ‪ ،‬من فقدانها للمعيل ‪ ،‬بعد أن كانت نفقتها على زوجها ‪،‬‬
‫وأ صبحت فرصة زواجها مرة أخرى ضئيلة ‪ ،‬وقد تعاني من آثار نفسية قد تنقلب إلى آثار‬
‫سلوكية ‪ ،‬باالضافة إلى النظرة االجتماعية المجحفة في حق المطلقة ‪ .‬إال أن الطالق يبقى‬
‫كالنكاح في أن أساس كل منهما العالقة االنسانية ‪ ،‬فإذا كره أحدهما اآلخر ‪ ،‬وعزفا عن‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫االستمرار ‪ ،‬فلهما أن ينفصال حيث يصعب التعايش‬
‫فعلى الرغم من أن روايات الطالق وان شملت على أدوات النهي ‪ ،‬لكن لم يقل أحد من‬
‫الفقهاء بحرمته إالّ فيما ذكرنا نظ اًر إلى أن النهي في غير العبادة ال يفسده المعاملة ‪ ،‬ولكن‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫مرتكب النهي يأثم‬

‫(‪)4‬‬
‫السيوطي ‪ ،‬االشباه والنظائر ‪. 7 :‬‬
‫(‪)5‬‬
‫العاملي ‪ ،‬الروضة البهية ‪. 397-396 :‬‬
‫(‪)6‬‬
‫الطبرسي ‪ ،‬مكارم االخالق ‪. 216 :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫العاملي ‪ ،‬الشهيد محمد جمال الدين مكي ‪ ،‬الروضة البهية ‪. 383 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫المصدر نفسه ‪. 384 :‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫موقف قانون األحوال الشخصية العراقي والشريعة اإلسالمية من الطالق التعسفي‬

‫موقف قانون االحوال الشخصية العراقي من الطالق التعسفي ‪:‬‬


‫إن الطالق التعسفي هو الطالق الذي يقع من الزوج بالمفهوم العام للطالق ‪ ،‬ولكن‬
‫إيقاعه دون سبب معقول يبرر ‪ ،‬وبدون سوء تصرف من الزوجة ‪ ،‬وبدون طلبها أو رضاها‬
‫‪ ،‬وانما يقع لمجرد قصد اإلضرار بالزوجة ‪ ،‬فهنا يعتبر الزوج متعسفاً في استعمال حق‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الطالق ‪ ،‬ويتحمل النتائج المترتبة عليه شرعاً وقانوناً‬
‫وقد رتّب قانون األحوال الشخصية أث اًر على هذا التعسف ‪ ،‬وهو استحقاق التعويض ‪،‬‬
‫ولكن بعد أن تتوفر شروط حددها القانون العتبار الطالق وقع متعسف ًا من الزوج ‪ ،‬وهذه‬
‫الشروط هي ‪:‬‬
‫مسوغ أو ضرورة ‪.‬‬
‫‪ -1‬أن يقع الطالق من قبل الزوج من دون سبب ّ‬
‫‪ -2‬أن ال يكون وقوعه بسبب سوء تصرف الزوجة ‪.‬‬
‫جراء هذا الطالق ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تصاب الزوجة بضرر من ّ‬
‫يعد الزوج متعسفاً في استعمال حقه في الطالق ‪.‬‬
‫وهذه المعايير إذا ما توفرت ‪ ،‬فإن القانون ّ‬
‫ويقع عبء إثبات عدم وقوع التعسف على الزوج لوجود أسباب دعته إلى الطالق كي ينفي‬
‫صفة التعسف عنه ‪ ،‬وفي حالة عجزه عن إثبات ذلك ‪ ،‬فيكون عندئذ متعسفاً في إيقاع‬
‫الطالق ‪.‬‬
‫وقد أخذ قانون األحوال الشخصية العراقي المرقم ‪ 188‬لسنة ‪ 1959‬المعدل بفكرة‬
‫التعسف في استعمال حق الطالق ‪ ،‬وذلك في القانون رقم ‪ 51‬لسنة ‪ 1985‬قانون تعديل‬
‫قانون االحوال الشخصية ‪ ،‬حيث جاء في األسباب الموجبة لتشريعه أنه حماية للزوجة‬
‫المطلقة من تعسف زوجها في إيقاع الطالق ‪ ،‬لما يلحق بهم من ضرر ينجم عن هذا‬
‫متعسفاً في استعمال حق‬
‫ّ‬ ‫يعد الزوج في هذه األحوال‬
‫الطالق دون سبب من الزوجة ‪ ،‬إذ ّ‬
‫الطالق (‪ ، )2‬وهذا التعسف أو اإلساءة في استعمال الحق يجيز للقضاء التدخل من أجل‬

‫(‪)1‬‬
‫د‪ .‬أحمد الكبيسي ‪ ،‬االحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ‪ ،‬الزواج والطالق ‪. 161/ 1 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫القانون رقم ‪ 51‬لسنة ‪ 1985‬قانون تعديل قانون االحوال الشخصية العراقي المرقم ‪ 188‬لسنة‬
‫‪. 1959‬‬
‫حماية الزوجة التي أصابها الضرر وتعويضها عن ذلك باعتبار أن حق الطالق يخضع‬
‫إلشراف القضاء ‪.‬‬
‫وقد أورد القانون المذكور حالة التعسف في استعمال حق الطالق ‪ ،‬حيث جاء في‬
‫المادة ( ‪ ) 3/39‬منه ‪ ( :‬إذا طلّق الزوج زوجته وتبين للمحكمة أن الزوج متعسف في‬
‫طالقها وأن الزوجة أصابها ضرر من جراء ذلك ‪ ،‬تحكم المحكمة بطلب منها على مطلقها‬
‫بتعويض بتناسب وحالته المادية ودرجة تعسف يقدر جملة على أن ال يتجاوز نفقتها لمدة‬
‫سنتين عالوة على حقوقها الثابتة األخرى ‪.‬‬
‫المشرع العراقي وضع بعض الضوابط والمعايير لتحديد‬
‫ّ‬ ‫ويظهر من هذا النص أن‬
‫ناء‬
‫حالة التعسف وحسب سلطة المحكمة التقديرية ‪ ،‬ومن خالل وقائع الدعوى المنظورة وب ً‬
‫على طلب الزوجة المطلقة التي أصابها الضرر بسبب الطالق ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫بهذه الفكرة من حيث التعسف والتعويض ‪ ،‬ووضعت‬ ‫وأخذت بعض القوانين العربية‬
‫حكماً لها على مطلقها بالتعويض الذي يراه مناسباً بشرط أن ال يتجاوز نفقتها على سنة ‪،‬‬
‫ويدفع هذا التعويض جملة أو تقسيطاً حسب مقتضى الحال ‪ ،‬ويراعى في ذلك الزوج يس اًر‬
‫وعس اًر ‪ ،‬وال يؤثر ذلك على الحقوق الزوجية األخرى للمطلقة بما فيها النفقة ‪.‬‬
‫بد من االشارة إلى بعض األسس والمعايير المتفق عليها والدالة على التعسف‬
‫وال ّ‬
‫والمدى الذي بموجبه تستحق المطلقة التعويض ‪ ،‬وأغلب هذه المعايير متفق عليها بين‬
‫عدا بعض االختالفات البسيطة في تحديد مقدار التعويض الذي تستحقه‬ ‫البلدان العربية‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬نذكر منها ‪ :‬مشروع قانون االحوال الشخصية العربي‬ ‫المطلقة وكيفية تقديره وتسديده‬
‫الموحد ‪ ،‬وقد أخذ بفكرة الطالق التعسفي ‪ ،‬حيث نصت المادة ( ‪ / 97‬ب ) منه على أن ‪:‬‬
‫إذا تعسف المطلِّق في استعمال حقه في الطالق ‪،‬‬ ‫( للمطلقة حق طلب التعويض‬
‫ويقدره القاضي بما ال يزيد على نفقة ثالث سنين ) ‪ ،‬وجاء في الفقرة ( أ ) من المادة ذاتها‬
‫أنه ‪ ( :‬تستحق المطلقة المدخول بها المتعة حسب يسر المطلِّق وحال المطلَّقة ) ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫القاضي عبد القادر ابراهيم علي ‪ ،‬تفسير آيات األحكام من القرآن الكريم المتعلقة بعمل القضاء ‪:‬‬
‫‪. 27-26‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الشاطبي ‪ ،‬ابراهيم بن موسى النخمي ‪ ،‬الموافقات في أصول الشريعة ‪. 265 :‬‬
‫والمتفق عليه هو أن القانون العراقي والسوري واألردني ‪ ،‬جاءت نصوصها مطابقة‬
‫بالنسبة لمعايير الطالق التعسفي ‪ ،‬سواء كان الطالق قبل الدخول أم بعده ‪ ،‬وهذا هو مذهب‬
‫ات متاعٌ بِالْمعر ِ‬ ‫ِ‬
‫الظاهرية والذين استندوا على عمومية اآلية الكريمة ﴿ اولل ُْمطالَّ اق ِ ا ا‬
‫(‪)1‬‬
‫وف اح اقا اعلاى‬‫ا ُْ‬
‫ين ﴾ (‪ ، )2‬بينما القانون المصري ومشروع قانون االحوال الشخصية العربي الموحد‬ ‫ِ‬
‫ال ُْمتَّق ا‬
‫نص عل ى حالة طالق الزوجة المدخول بها فقط ‪ ،‬حيث يعتبر الطالق تعسفي ‪ ،‬أما غير‬
‫المدخول بها فال يعتبر مطلقها متعسفاً وان توافرت الشروط الالزمة له ‪.‬‬
‫ونرى أن ما ت بناه القانون العراقي والقوانين العربية المشابهة ‪ ،‬هو الراجح ؛ ألنه قد‬
‫تصاب الزوجة المطلقة غير المدخول بها بالضرر نفسه الذي تصاب المطلقة المدخول بها‬
‫‪ ،‬وقد يكون ضر اًر مادياً أو أدبياً مؤثر على سمعة وشرف الزوجة التي تطق قبل الدخول بها‬
‫دون سبب مقنع مما سيؤدي إلى تشويه سمعنها ‪ ،‬فالضرر الذي يصيبها ال يختلف عن‬
‫الضرر الذي يصيب المطلقة المدخول بها ‪ ،‬بل قد يكون أشد منه في بعض األحيان ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للشروط والمعايير ‪ ،‬فإن القانون العراقي لم يختلف عن القوانين العربية‬
‫ّ‬
‫األخرى خصوصاً فيما يتعلق بوقوع الطالق دون سبب أو دون تقصير من الزوجة ‪ ،‬وأن ال‬
‫جراء الطالق ‪.‬‬
‫يكون بطلبها أو رضاها وأال يصيبها ضرر من ّ‬

‫موقف الشريعة االسالمية من الطالق التعسفي ‪:‬‬


‫المعنى الشرعي للطالق في االسالم هو انفصال الزوجين عن بعضهما ‪ ،‬وبتعريف‬
‫علماء الفقه أنه ‪ ( :‬ح ّل عقد النكاح بلفظ صريح أو كناية مع النية ) ‪ ،‬وألفاظ الطالق هي‬
‫كلمة الطالق أو الفراق أو السراح ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫قرار تمييزي ‪/652‬شخصية ‪ 1992 /‬في ‪ ( 1992/3/9‬غير منشور ) ‪ .‬وكذلك قراري محكمة‬
‫األحوال الشخصية في الكاظمية المرقمين ‪ 150‬و ‪ 904‬في ‪ 1994/3/9‬و ‪ 1995/3/14‬على التوالي‬
‫( غير منشورين ) ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سورة البقرة ‪ ،‬اآلية ‪. 241‬‬
‫ومعنى الكناية ‪ :‬كل لفظ احتمل الطالق مثل ( الحقي بأهلك ) ‪ ،‬وطريقة النطق بهذه‬
‫األلفاظ هي أن ينطق بها الرجل العاقل أمام زوجته أو بغيابها أو أمام القاضي ‪.‬‬
‫ولقد حرص االسالم على حماية حقوق الزوجين ‪ ،‬وحرص على استمرار الحياة الزوجية‬
‫بينهما ؛ ألن أصل الزواج قائم على االستمرار ‪ ،‬إالّ أنه قد يحصل بعض األحيان أن تصبح‬
‫الحياة بين الزوجين مستحيلة ‪ ،‬وأن يستنفذوا كل سبل العيش المشترك ‪ ،‬فيصبح الطالق‬
‫مصلحة تنعكس على أفراد األسرة ‪ ،‬ويجب على المسلم أن ال يلجأ إليه إالّ في حالة‬
‫استعصاء المصالحة واستحالتها ‪ ،‬ولصبر الزوج على زوجته أو العكس أج اًر كبي اًر ‪.‬‬
‫لما كان سوء النية والتحايل لتحصيل المفاسد واألضرار‬
‫فالجزاء الشرعي للتعسف هو ‪ّ ،‬‬
‫‪ ،‬هما أكثر أسباب التعسف ؛ لذا وجب على القاضي أن تكون له خبرة واسعة بقرائن‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫االحوال وفقه نافذ بأحوال الناس االجتماعية‬
‫وبما أن األصل في جزاء التعسف – باعتباره نية باطنة – فمن الصحيح وضع حكماً‬
‫دنيوياً عليه بواسطة القضاء على السرائر التي ال يعلمها إالّ اهلل ؛ لذلك فجزاؤه هو جزاء‬
‫أخروي الرتباطه بالمقاصد واألغ ارض التي يصعب الوقوف عليها واثباتها ‪ ،‬وذلك يتطلب‬
‫توجه النفوس إلى ضرورة العمل بأحكام الدين واتباع أوامر اهلل تعالى ‪ ،‬واجتناب نواهيه ‪ ،‬لما‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬
‫السر والعلن وااللتزام بما أمر‬
‫يتولد عنها من مراقبة اهلل في ّ‬
‫وقد يشكل على أن الضرر المعنوي ليس ماالً ‪ ،‬فال يمكن تعويضه بمال ‪ ،‬وأنه يتعذر‬
‫كالدية ‪ ،‬ومهر المثل ‪ ،‬وبدل‬
‫ّ‬ ‫وزن قيمته ‪ ،‬لكن الشريعة جاءت بتعويض ما ليس بمال ‪:‬‬
‫الخلع (‪ ، )3‬وعليه فال مانع من تقدير الضرر المعنوي والتعويض عنه كما سبق ‪ ،‬وان ذكرنا‬
‫ألن أغلبها يعود إلى أمور نفسية ‪ ،‬وهذا‬
‫ان مجاالت التعسف أمور غير واضحة للعيان ؛ ّ‬
‫يؤدي إلى صعوبة تحديد الضابط في معرفة التعسف ‪ ،‬كمعيار يهتدي به القاضي ‪ ،‬ولكن‬
‫(‪)1‬‬
‫‪:‬‬ ‫يمكن أن نذكر بعض المعايير للتعسف والتي يمكن االستهداء بها‬
‫أ‪ -‬أن يتصرف الزوج تصرفاً مباحاً أو مكروهاً أو مندوباً ‪ ،‬لكنه يقصد به االضرار‬
‫أو بأهلها ‪ ،‬كمن تزوج إض ار اًر بزوجته األولى وترك زوجته االولى كالمعلقة‬ ‫بزوجته‬

‫(‪)1‬‬
‫القدومي ‪ ،‬عبير شاكر ‪ ،‬التعسف في استعمال الحق في االحوال الشخصية ‪. 173 :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫األستاذ أحمد العيسوي ‪ ،‬نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه االسالمي ‪. 116 :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أبو سنة ‪ ،‬د‪ .‬أحمد فهمي ‪ ،‬النظريات العامة للمعامالت ‪. 101-100 :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أبو سنة ‪ ،‬د‪ .‬أحمد فهمي ‪ ،‬النظريات العامة للمعامالت ‪. 101 :‬‬
‫‪ ،‬فالعنوان األولي في مثل هذه الصورة هو الجواز ‪ ،‬إالّ أنها حصلت ألغرض‬
‫االضرار ‪ ،‬وجزاء هذا النمط من التعسف بعد ثبوت إرادة الفراق ‪ ،‬هو استخدام الحق‬
‫ان يردعه القاضي ( من خالل بعض القرائن المقدمة ) باالضافة إلى العقاب‬
‫والمؤاخذة عند اهلل تعالى ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يقصد تحقيق مصلحة مشروعة أو رفع الضرر عن نفسه ‪ ،‬إال أن ذلك ينتج عنه‬
‫ضر اًر أعظم من المصلحة المجلوبة أو الضرر المدفوع كاالحتكار وهو أيضاً كمن‬
‫طلّق زوجته لرغبة زوجة أخرى فله مصلحة ‪ ،‬ولكن ينتج عنها ضرر بالغير ‪.‬‬
‫ت‪ -‬أن يستعمل حقه بما لم يتعارف عليه بين الناس ‪ ،‬كمن سقى زرعه بشكل غير‬
‫معتاد فأتلف زرع جاره ‪ ،‬وهو بذلك قد أثم وعليه الضمان ‪.‬‬
‫ث‪ -‬فيمن أوقع نفسه في موضوع يترتب على عدم احتراسه اض ار اًر قطعاً ‪ ،‬وهو كمن‬
‫أراد أن يصيد طي اًر فطاش سهمه وأصاب إنساناً ‪ ،‬أو من استعمل في الدفاع الشرعي‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫ال تدعو إليه الضرورة‬ ‫سالحاً‬

‫والسبب في ذلك يعود إلى أن مآالت االفعال معتبرة في الشريعة للحكم على االفعال‬
‫جواز أو حرمة بحسب النص أو المال فبيع السالح جائز ‪ ،‬لكنه إذا بيع إلى أهل الفتنة‬
‫انقلب حراماً ‪ ،‬والكذب لوحده حرام ‪ ،‬لكنه لو استخدم الصالح ذات البين صار جائ اًز ‪،‬‬
‫تحول لحرمة القصد‬
‫والطالق لوحده مباح أو مكروه ‪ ،‬لكنه إذا كان تحت قصد االضرار ‪ّ ،‬‬
‫‪ ،‬ال سيما إذا كان قصده غير مشروع ‪ ،‬كما لو طلب من زوجته أم اًر محرماً فلم تجبه‬
‫فطلّقها ‪ ،‬أو طلقها في ظرف يشتبه الناس أنه طلقها لمس في عفّتها ‪ ،‬فهذا كله مع القصد‬
‫ال يخلو من حكم التحريم ‪.‬‬
‫وترتكز فكرة تحريم التعسف على الخطأ التقصيري مما كان الفقهاء يطلقون عليه‬
‫التعدي والتفريط ‪ ،‬لكنه في مجال الطالق التعسفي يكون التعدي أو التفريط مما يسبب‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫أض ار اًر معنوية‬
‫وعليه ومما ذكرناه أن ‪:‬‬

‫(‪)2‬‬
‫السلمي ‪ ،‬عز الدين بن عبد السالم ‪ ،‬قواعد االحكام في مصالح االنام ‪. 12 :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الشاطبي ‪ ،‬ابراهيم بن موسى النخمي ‪ ،‬الموافقات في أصول الشريعة ‪. 266 :‬‬
‫‪ -1‬المعيار االول ‪ /‬مبني على حرمة قصد الضرر ويكشف التعسف من خالل مالحظة‬
‫االضرار غير االعتيادية الناتجة عن الطالق التعسفي ‪.‬‬
‫المضرة الحاصلة للمطلقة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬المعيار الثاني ‪ /‬لعدم الموازنة بين مصلحة الزوجة و‬
‫‪ -3‬المعيار الثالث ‪ /‬مبني على مخالفة عرف العقالء ‪.‬‬
‫‪ -4‬المعيار الرابع ‪ /‬مبني على عدم االحتراس فيما يجب مراعاته ‪.‬‬
‫ومع ذلك نرى أن المعايير المذكورة مبنية على أساس فلسفي ‪ ،‬وهو أن حق الفرد‬
‫( الحق الشخصي ) في الشريعة ال يمكن أن يكون حقاً خاصاً محضاً ‪ ،‬وانما للمجتمع حصة‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫في حقوقه ويلزمه مراعاته ‪ ،‬ولكن ال يلحق الخصوص مضرة ال تنجبر‬
‫ونلحظ من أنواع الجزاء المختلفة على إساءة الشخص استعمال حقه ‪ ،‬نلحظ محاولة‬
‫االسالم الدائمة لدفع الشخص للتصرف في إطار حقه الموضوعي ‪ ،‬جلباً للمصلحة دون‬
‫وال مجاوزة ‪ ،‬وأن الجزاء الدنيوي مع تنوعه ‪ ،‬قد ال يردع ما لم يكن الرادع الجزاء‬ ‫إساءة‬
‫عز وج ّل ‪ ،‬وهي الميزة التي تميزت بها القوانين االسالمية على القوانين‬
‫األخروي ومراقبة اهلل ّ‬
‫الوضعية ‪.‬‬
‫واذا اجتمعت مصالح ومفاسد ‪ :‬فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك ‪،‬‬
‫وان تعذر الدرء والتحصيل ‪ :‬إن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة وال نبالي‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬ ‫بفوات المصلحة‬
‫وقد يصار إلى الحكم بالتعويض عند العجز عن إزالة الضرر ‪ ،‬تبعاً لتحقيق ربط‬
‫الضرر بالنوايا بواسطة األدلة الكافية ( ألن االصل في الضمان أو التعويض المالي في‬
‫الشريعة االسالمية أنه لجبر الضرر وليس للعقوبة ‪ ،‬وما يسببه الطالق التعسفي ليس‬
‫األضرار المادية فحسب ‪ ،‬ألن الضرر المعنوي الذي يتركه الطالق مما ال يمكن جبره مهما‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫كان التعويض‬

‫(‪)2‬‬
‫نفس المصدر السابق ‪. 38 :‬‬
‫(‪)3‬‬
‫القدومي ‪ ،‬التعسف في استعمال الحق ‪. 173 :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫السنهوري ‪ ،‬عبد الرزاق ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ‪. 51 :‬‬
‫الخاتمـة‬
‫استنتجنا من البحث بأن ‪:‬‬
‫‪ ‬الطالق ‪ :‬هو تفريق بين زوجين اتفقا على العيش المشترك مدى الحياة بموجب عقد‬
‫نكاح شرعي ‪ ،‬وهو من أبغض الحالل عند اهلل ‪.‬‬
‫‪ ‬إن الطالق التعسفي هو أن يقدم الرجل على إنهاء عقد النكاح بينه وبين زوجته دون‬
‫أسباب موجبة لذلك فيقع على الزوجة ضرر كبير ‪.‬‬
‫وتقره كوسيلة لحسم الخالف بين‬
‫‪ ‬الشريعة االسالمية تكره الطالق ولكنها تعترف به ّ‬
‫زوجين لم يعد باالمكان االستمرار على حياتهما الزوجية ‪.‬‬
‫ألن هناك صعوبة في‬
‫‪ ‬ال يمكن تحديد صور الطالق التعسفي على سبيل الحصر ؛ ّ‬
‫التحديد تكمن في اختالف األعراف والتقاليد االجتماعية من مكان آلخر ‪ ،‬ومن زمان‬
‫آلخر ‪.‬‬
‫‪ ‬من صور الطالق التعسفي على سبيل المثال ‪ :‬الطالق دون سبب معقول ‪ ،‬وطالق‬
‫المرتد ‪ ،‬طالق الغضبان ‪.‬‬
‫‪ ‬رتّب قانون األحوال الشخصية أث اًر على هذا التعسف ‪ ،‬وهو استحقاق التعويض ‪،‬‬
‫ولكن بعد أن تتوفر شروط حددها القانون العتبار الطالق وقع متعسفاً من الزوج ‪،‬‬
‫مسوغ أو ضرورة ‪،‬‬
‫وهذه الشروط هي ‪ :‬أن يقع الطالق من قبل الزوج من دون سبب ّ‬
‫وأن ال يكون وقوعه بسبب سوء تصرف الزوجة ‪ ،‬وأن تصاب الزوجة بضرر من‬
‫جراء هذا الطالق ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬جاء القانون رقم ‪ 51‬لسنة ‪ 1985‬قانون تعديل قانون االحوال الشخصية ‪ ،‬أن‬
‫األسباب الموجبة لتشريعه هي حماية للزوجة المطلقة من تعسف زوجها في إيقاع‬
‫الطالق ‪.‬‬
‫المشرع العراقي بعض الضوابط والمعايير لتحديد حالة التعسف وحسب سلطة‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬وضع‬
‫المحكمة التقديرية ‪ :‬المعيار االول ‪ ،‬مبني على حرمة قصد الضرر ويكشف التعسف‬
‫من خالل مالحظة االضرار غير االعتيادية الناتجة عن الطالق التعسفي ‪ ،‬المعيار‬
‫المضرة الحاصلة للمطلقة ‪ ،‬والمعيار‬
‫ّ‬ ‫الثاني ‪ ،‬فلعدم الموازنة بين مصلحة الزوجة و‬
‫مبني على مخالفة عرف العقالء ‪ ،‬بينما المعيار الرابع مبني على‬ ‫الثالث ‪،‬‬
‫يجب مراعاته ‪.‬‬ ‫عدم االحتراس فيما‬
‫المصادر‬

‫‪ -‬القرآن الكريم ‪.‬‬


‫‪ -‬ابن قدامة المقدسي ‪ ،‬أبو محمد موفق الدين عبد اهلل بن محمد ( ت ‪ 620‬هـ ) ‪،‬‬
‫المغني ‪ ،‬بدون طبعة ‪ ،‬مكتبة القاهرة ‪ 1388 ( ،‬هـ ‪ 1968 -‬م ) ‪.‬‬
‫‪ -‬ابن منظور ‪ ،‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار‬
‫صادر ‪ ،‬بيروت ‪ 1955 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬أبو سنة‪ ،‬د‪ .‬أحمد فهمي ‪ ،‬النظريات العامة للمعامالت ‪ ،‬مطبعة دار التأليف ‪،‬‬
‫‪ 1976‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬األستاذ أحمد العيسوي ‪ ،‬نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه االسالمي ‪،‬‬
‫مجلة العلوم القانونية واالقتصادية ‪ ،‬تصدرها كلية الحقوق‪ /‬جامعة عين شمس ‪،‬‬
‫السنة الخامسة ‪ ،‬العدد األول ‪ 1963 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحمد الكبيسي ‪ ،‬االحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬الزواج‬
‫والطالق ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬بغداد ‪. 1972 ،‬‬
‫‪ -‬أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي األزهري المالكي ‪ ،‬الفواكه الدواني على رسالة ابن‬
‫أبي زيد القيرواني ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬عبد الوارث محمد علي ‪.‬‬
‫‪ -‬الدمشقي ‪ ،‬محمد بن عبد الرحمن ‪ ،‬رحمة األمة في اختالف األئمة ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬مطبعة‬
‫أسعد ‪ ،‬بغداد ‪.‬‬
‫‪ -‬زكريا بن محمد بن زكريا األنصاري ( ت ‪ 929‬هـ ) ‪ ،‬أسمى المطالب في شرح‬
‫روضة الطالب ‪ ،‬دار الكتب االسالمية ‪ ،‬بدون طبعة ‪ ،‬بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪ -‬السلمي ‪ ،‬عز الدين بن عبد السالم ‪ ،‬قواعد االحكام في مصالح االنام ‪ ،‬ج ‪، 1‬‬
‫مكتبة الكليات االزهرية ‪ ،‬القاهرة ‪ 1968 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬السنهوري ‪ ،‬عبد الرزاق ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ط ‪، 3‬‬
‫منشورات الحلبي ‪ ،‬بيروت ‪ 2000 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬السيوطي ‪ ،‬جالل الدين عبد الرحمن ‪ ،‬األشباه والنظائر ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ -‬الشاطبي ‪ ،‬ابراهيم بن موسى النخمي ‪ ،‬الموافقات في أصول الشريعة ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ج ‪ 1991 ، 2‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬شهاب الدين أبو عمرو ‪ ،‬القاموس المحيط ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫‪ 1985‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬الطبرسي ‪ ،‬الشيخ رضي الدين ‪ ،‬مكارم األخالق ‪ ،‬ط ‪ ، 6‬مؤسسة األعلمي ‪ ،‬بيروت‬
‫‪ 1972 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬العاملي ‪ ،‬الشهيد محمد جمال الدين مكي ‪ ،‬الروضة البهية ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬ج ‪ ، 2‬مؤسسة‬
‫اسماعيليان ‪ 1415 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمن الصابوني ‪ ،‬مدى حرية الزوجين في الطالق في الشريعة االسالمية ‪،‬‬
‫دراسة مقارنة مع الشرائع السماوية والقوانين االجنبية وقوانين األحوال الشخصية‬
‫العربية ‪ ،‬مطبعة الفكر العربي ‪ ،‬بيروت ‪. 1986 ،‬‬
‫‪ -‬العالمة الشيخ عبد الكريم الحلي ‪ ،‬االحكام الجعفرية في األحوال الشخصية ‪ ،‬لبنان ‪،‬‬
‫طبعة جديدة ‪ 1985 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬علي الخفيف ‪ ،‬فرق الزواج في المذاهب االسالمية ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ 1429 ،‬هـ‬
‫‪ 2008 -‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬علي حسب اهلل ‪ ،‬عيون المسائل الشرعية في االحوال الشخصية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬مطبعة‬
‫العلوم ‪ 1950 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬فضل اهلل ‪ ،‬السيد محمد حسين ‪ ،‬فقه الشريعة ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ط ‪ ، 2‬دار المالك ‪ ،‬بيروت‬
‫‪ 2001 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬القاضي سالم روضان الموسوي ‪ ،‬تطبيقات القضاء العراقي في قانون األحوال‬
‫الشخصية رقم ‪ 188‬لسنة ‪ ، 1959‬بغداد ‪ 2011 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬القاضي عبد القادر ابراهيم علي ‪ ،‬تفسير آيات األحكام من القرآن الكريم المتعلقة‬
‫بعمل القضاء ‪ ،‬مكتبة النهضة ‪ ،‬بغداد ‪. 1966 ،‬‬
‫‪ -‬القدومي ‪ ،‬عبير شاكر ‪ ،‬التعسف في استعمال الحق في االحوال الشخصية ‪ ،‬دار‬
‫الفكر ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬عمان ‪ 2007 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬محمد بن عبد اهلل الخراشي المالكي ( ت ‪ 1101‬هـ ) ‪ ،‬شرح مختصر خليل للخرشي‬
‫‪ ،‬دار الفكر للطباعة ‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ -‬محمد جواد مغنية ‪ ،‬الفقه على المذاهب الخمسة ‪ ،‬دار الغدير ‪ ،‬ط ‪ 2009 ، 1‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬محمد جواد مغنية ‪ ،‬فقه االمام جعفر الصادق ‪ ،‬ج ‪ ، 6-5‬بيروت ‪ ،‬ط ‪، 1‬‬
‫‪ 2012‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد سمارة ‪ ،‬أحكام وآثار الزوجية ‪ ،‬شرح مقارن لقانون األحوال الشخصية‬
‫األردني ‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬عمان ‪ ،‬ط ‪ 2010 ، 3‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬مصطفى ابراهيم الزلمي ‪ ،‬مدى سلطان اإلرادة في الطالق في الشرائع والقوانين‬
‫واالعراف خالل أربعة آالف سنة ‪ ،‬المكتبة القانونية ‪ ،‬ط ‪ ، 3‬بغداد ‪ 2008 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬مصطفى الزلمي ‪ ،‬أحكام الزواج والطالق ‪ ،‬منظمة نشر الثقافة القانونية ‪ ،‬بدون‬
‫سنة طبع‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬وهبة بن مصطفى الزحيلي ‪ ،‬الفقه االسالمي وأدلته ‪.‬‬

You might also like