You are on page 1of 34

‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .

‬كمال بلحركة‬

‫إحالة مدونة األسرة المغربية على الفقه المالكي‬


‫في‬
‫مسائل ما جرى به العمل‬
‫مؤتمر الفقه المالكية تأصيال وتطبيقا‬

‫ذ‪ .‬كمال بلحركة‬


‫أستاذ باحث بمختبر القانون والمجتمع‬
‫كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬جامعة ابن زهر‬
‫‪k.belherkate@uiz.ac.ma‬‬

‫‪1‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫مقدمة‬
‫خلف علماء النوازل بالغرب اإلسالمي تراثا فقهيا وقضائيا فريدا ومتجددا أغناه انفتاحهم‬
‫على واق ع جمتمع ات الغ رب اإلس المي املتم يزة خبصوص يات حض ارهتا وتن وع بنياهتا االجتماعي ة‪،‬‬
‫والعمرانية‪ ،‬والتجارية والصناعية‪ ،‬واحلرفية‪ ،‬والفالحية‪ ،‬واإلثنية واللغوية‪.‬‬
‫وقد أثر هذا التنوع يف خمتلف جماالت احلياة فأنتج اجتهادات فقهية وقضائية عميقة ومتميزة‬
‫يف األحوال الشخصية ويف املعامالت املدنية‪ )1(،‬ويف العقوبات واجلنايات‪)2(،‬وغريها من النوازل اليت‬
‫روعي فيه ا الع رف وأج ري فيه ا العم ل وجتووز فيه ا ال راجح أو املش هور من املذهب ول و ك ان‬
‫مستند احلكم فيها نصا؛ إن مل يعد حمققا للمصلحة الشرعية‪.‬‬
‫أما يف جمال األسرة وحقوقها فقد أسس الفقهاء املغاربة حلقوق مل يسبقوا هلا وال توجد عند‬
‫غريهم من فقهاء املذاهب نذكر منها هنا حقا خاصا وخالصا لألبناء وللمرأة العاملني مع األب‬
‫أوال زوج‪ .‬أمسوه "ح ق الك د والس عاية"؛ وه و اجته اد متم يز أعط وا مبوجب ه حق ا للنس اء واألطف ال‬
‫وغريهم من األقارب يف ثروة الزوج واألب واألخ باعتبارهم شركاء يف حتقيق تلك الثروة‪ ،‬ويتم‬
‫توزي ع حق وقهم باحتس اب ك دهم وس نوات عملهم يف تنمي ة املال فض ال عن حقهم الش رعي يف‬
‫اإلرث وأصل هذا احلق عرف قبائل مناطق سوس ودرعة جبنوب احتساب كدهم وسنوات عملهم‬
‫يف تنمية املال فضال عن حقهم الشرعي يف اإلرث‪ .‬وأصل هذا احلق اجتهاد فقهاء النوازل بقبائل‬
‫من اطق س وس ودرع ة جبن وب املغ رب وبعض قبائ ل غم ارة يف مشاله حيث ح اول االجته اد الفقهي‬

‫نوع من البيوع مسي باملغرب ببيع الصفقة و هو‪ :‬بيع أحد الشركاء بصفقة واحدة مجيع املنفعة أو املال املشرتك الذي‬ ‫‪-)(1‬‬
‫ال يقبل القسمة لشخص أجنيب عن الشركة ‪ ،‬فيخري باقي الشركاء بني التصفيق ـ أي املوافقة على بيع شريكهم ـ أوضم نصيبه‬
‫إىل أنصبتهم ‪ .‬وقد جرى به عمل فقهاء املغرب يف العقار و املنافع اليت تضيع منافعها وقيمتها بالقسمة‪.‬‬
‫ش رع فقه اء املغ رب جمموع ة من األحك ام يف جمال اجلناي ات و الش هادات اقتض تها املص لحة مل ي رد فيه ا نص أو هي‬ ‫‪-)(2‬‬
‫على خالف النص منها على سبيل املثال‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تأبيد حترمي اهلاربة على مهرهبا‪ :‬ألن بعض القبائل يف مشال املغرب اشتهرت بظاهرة هتريب العروس ليلة زفافها من شخص‬
‫غري زوجها له رغبة يف تزوجها‪ .‬فلما استعصى حماربة هذه العادة أفىت الفقهاء بتأبيد التحرمي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ العقوب ة باملال‪ :‬أج رى علم اء املغ رب عم ل القض اء بالعقوب ة باملال مراع اة منهم للمص لحة ال يت اقتض تها الظ روف األمني ة‬
‫والسياسية بسبب غياب السلطة السياسية‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫إنصاف ومحاية حقوق املرأة العاملة مع زوجها يف ماله أو مع أخيها أو أبيها أوعمها‪ ،‬كما قضوا‬
‫هبذا احلق لألبناء العاملني يف مال أبيهم أو أخيهم أو أمهم أو جدهم سواء أكان العمل يف الفالحة‬
‫والرعي أواحلياكة والتجارة وغريها من املهن واحلرف اليت يشتغل فيها عادة مجيع أفراد األسرة أو‬
‫العائل ة الواح دة‪ .‬وك ذا احلاالت ال يت تش تغل املرأة وح دها يف م ال الغ ري وه و ح ال بعض نس اء‬
‫األطلسني الصغري والكبري بسوس‪.‬‬
‫ونظ را هلذه املكان ة االجتماعي ة للم رأة عن د القبائ ل األمازيغي ة مسيت املرأة يف اللغ ة الأمازيغي ة‬
‫"تامغ ارت" م ؤنث "أمغ ار" أي ش يخ ورئيس القبيل ة‪ ،‬ف"متغ ارت" هي رئيس ة األس رة والقبيل ة‬
‫(‪) 1‬‬
‫واجملتمع‪ ،‬فهي أول من يستيقظ وآخر من ينام‪.‬‬
‫وسنتناول هذا املوضوع إلبراز متيز علماء وفقهاء النوازل باملغرب األقصى مبواكبتهم لواقع‬
‫جمتمعهم ومراعاهتم خلصوصياته حرصا منهم على التماسك واالستقرار األسري واجملتمعي‪ ،‬حبفظ‬
‫احلق وق املالي ة األس رية ب إقرارهم وحكمهم حبق الس عاة يف ك دهم وس عايتهم ‪ ،‬باس تنادهم ألص ول‬
‫وقواع د املذهب املالكي‪ ،‬كم ا س نبني تواط ؤ الفقه اء بس وس ودرع ة وغم ارة ب الريف على القض اء‬
‫هبذا احلق ألفراد األسرة عموما وللمرأة على اخلصوص مث أصبح حق الكد والسعاية مما جرى به‬
‫العم ل فت وى وقض اء؛ م وردين مناذج من الن وازل اخلاص ة باملوض وع وكاش فني عن مس ار تأص يل‬
‫فقه اء الن وازل وتقعي دهم حلق الك د والس عاية ملا هلذا احلق من آث ار مهم ة على االس تقرار النفس ي‬
‫واالقتص ادي لألس رة وللمجتم ع‪ ،‬وألمهيت ه يف التأس يس للفع ل التض امين واالقتص ادي ال ذي مييز‬
‫العالق ات والقيم األسرية ب املغرب‪.‬كما س نتتبع استمداد القضاء املغ ريب بع د االس تقالل وإىل اليوم‬
‫هلذا العم ل فقض وا ب ه يف أحك ام ابتدائي ة واس تئنافية‪ ،‬وك ذا ق رارات حملكم ة النقض يف نفس‬

‫عم ل املرأة يف س وس‪ ،‬للحس ن العب ادي‪ ،‬منش ورات وزارة األوق اف والش ؤون اإلس المية ‪ -‬اململك ة املغربي ة‪ ،‬مطبع ة‬ ‫‪-)(1‬‬
‫طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪1425‬هـ‪2004/‬م ص‪.4 :‬‬
‫‪ 1‬ـ تأبيد حترمي اهلاربة على مهرهبا‪ :‬ألن بعض القبائل يف مشال املغرب اشتهرت بظاهرة هتريب العروس ليلة زفافها من‬
‫شخص غري زوجها له رغبة يف تزوجها‪ .‬فلما استعصى حماربة هذه العادة أفىت الفقهاء بتأبيد التحرمي‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ العقوبة باملال‪ :‬أجرى علماء املغرب عمل القضاء بالعقوبة باملال مراعاة منهم للمصلحة اليت اقتضتها الظروف األمنية‬
‫والسياسية بسبب غياب السلطة السياسية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫املوضوع ‪ ،‬مما يدل على حضور الوعي احلقوقي للنساء حبقوقهن ومطالبتهن هبا لدى القضاء الذي‬
‫ينصفهن مىت أثبنت كدهن وسعايتهن‪.‬‬
‫وسأتناول هذا البحث من خالل احملاور التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوم حق الكد والسعاية‪ ،‬و أصوله العرفية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تأصيل النوازليين لحق الكد والسعاية ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬عناية الفقهاء واهتمامهم بنوازل الكد والسعاية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬وسائل إثبات حق الكد والسعاية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬عمل الفقهاء في تقسيم حق الكد والسعاية ‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬أثر حق الكد والسعاية في باقي المعامالت المالية‬
‫سابعا‪ :‬حق الكد والسعاية والمشرع المغربي ‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬تعقيب على كت اب األس تاذ محم د التاوي ل "إش كالية األم وال المكتس بة م دة‬
‫الزوجية"‬
‫خاتمة‬

‫‪4‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫أوال‪ :‬مفهوم حق الكد و السعاية‪ ،‬و أصوله العرفية‬

‫لفظ الكد يف اللغة مأخوذ من فعل َك َّد يَ ِك ُّد َك ّداً‪ ،‬أي الشدة يف العمل وطلب الرزق‪ )1(،‬كما‬
‫ي أيت مبع ىن اإلحلاح يف الطلب‪ .‬حيث يق ال‪ :‬ك ددت فالن ا باملس ألة‪ ،‬إذا أحلحت علي ه هبا وباإلش ارة‬
‫(‪) 2‬‬
‫إليه عند احلاجة‪ .‬ومنه قول القائل‪" :‬عففت ومل أكددكم باألصابع"‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫س‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َأ‬‫و‬‫َ‬ ‫(‬ ‫ل‪:‬‬ ‫وج‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫اهلل‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ومن‬ ‫‪،‬‬ ‫أم ا الس عاية‪ ،‬فأص لها من فع ل َس َعى يَ ْس َعى َس ْعياً‬
‫(‪) 4‬‬
‫ف ُي َرى)‬‫َأن َس ْعيَهُ َس ْو َ‬ ‫لِِإْل نْس ِ‬
‫ان ِإاَّل َما َس َعى‪َ ،‬و َّ‬ ‫َ‬
‫وعلي ه‪ ،‬ف إن كال الكلم تني ت ربزان ك دح الس عاة وش قائهم يف حتص يل ال رزق وتنمي ة اإلنت اج‬
‫والتعب ري عن ه ب احلق‪ ،‬وفي ه دالل ة لغوي ة واص طالحية قوي ة مع ربة وواص فة ملا يبذل ه الس عاة من ك د‬
‫وسعاية يف سبيل تنمية مال األسرة أوتكوينه‪.‬‬
‫اكتس ب الك د والس عاية(‪)5‬عن د فقه اء الن وازل املغارب ة ص فة متم يزة‪ ،‬باعتب اره إح دى أهم‬
‫القضايا املالية اليت شغلت بال النوازليني منذ نشوء فقه النوازل يف جمايل املعامالت املالية ويف الفقه‬
‫والقض اء األس ري‪ ،‬وخاص ة عن د القبائ ل ال يت تكون املرأة فيه ا نش يطة عامل ة يف ماهلا أو عامل ة م ع‬

‫‪ -1‬مجال ال دين حمم د ابن منظ ور ‪ :‬لس ان الع رب‪ ،‬ب اب ك دَّ‪ ،‬اجملل د رقم ‪ ،3‬دار ص ادر للطباع ة والنش ر‪ ،‬دار ب ريوت للطباع ة‬
‫والنشر‪ -‬بريوت‪ -‬طبعة ‪1388‬هـ ‪ 1968 /‬م‪ ،‬ص ‪.377 :‬‬
‫‪ -2‬أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكريا‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد هارون‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬طبعة ‪1979‬م‪،‬‬
‫ج ‪ ،5‬ص ‪.126‬‬
‫‪ -3‬انظر ‪ :‬جمد الدين الفريوزآبادي‪ :‬القاموس احمليط‪ ،‬باب الواو والياء‪ ،‬حتقيق مكتب الرتاث يف مؤسسة الرسالة‪ ،‬طبع مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 1406‬هـ ‪1986 /‬م‪ ،‬ص ‪.1670 :‬‬
‫يقول ابن منظور رمحه اهلل‪ :‬سعى إذا عمل‪ ،‬والسعي أي الكسب‪ ،‬وقال الزجاج‪ :‬أصل السعي يف كالم العرب‪ ،‬التصرف يف‬
‫كل عمل‪ .‬أنظر‪ :‬مجال الدين حممد ابن منظور ‪ :‬لسان العرب‪ ،‬باب سعى‪ ،‬اجمللد رقم ‪ ،14‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.376 :‬‬
‫‪ -4‬سورة النجم‪ ،‬اآليتني ‪.40-39‬‬
‫‪ -5‬وما ينبغي التنويه به أن مفهوم الكد والسعاية عرف بتسميات وإطالقات ختتلف من منطقة إىل أخرى سواء يف التسمسة‬
‫باللغة الأمازيغية أو العربية‪ ،‬ولكنها تتفق يف معناها على الرغم من تباين مبناها‪ ،‬حيث جرت تسميته كذلك بـ‪" :‬حق الشقا"‪،‬‬
‫أو" حق اجلرية أو اجلراية"‪ ،‬أو" حريق اليد"‪ ،‬أو"متازالت" كما هو يف اللغة األمازيغية‪ .‬أنظر ‪ :‬إشكالية الشغل النسوي‪ :‬وضعية‬
‫املرأة العاملة يف إطار القانون االجتماعي املغريب‪ ،‬أمحد إدلفقيه‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة يف القانون اخلاص‪،‬‬
‫جامعة حممد اخلامس‪ -‬الرباط‪ ،‬السنة اجلامعية‪1409/1989 :‬م‪ ،‬ص ‪.80 :‬‬
‫‪5‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫الرج ل؛ حيث تق وم بأعم ال التج ارة واحلرث وال زرع واحلص اد وج ين الثم ار‪ ،‬واالحتط اب ومجع‬
‫احلشائش‪ ،‬وتربية البهائم وسياستها بالعلف والسقي‪ ،‬وتربية الدواجن‪،‬باإلضافة إىل قيامها بصناعة‬
‫أن واع النس يج والغ زل ك الزاريب واألكس ية واألواين الطيني ة وغريه ا‪ ،‬مما جع ل الفقه اء النوازل يني‬
‫(‪) 1‬‬
‫يعطون األمهية اخلاصة لعمل املرأة‪.‬‬
‫وم ا دامت الس عاية هبذه األمهي ة الفقهي ة واالجتماعي ة‪ ،‬فق د أف رد كث ري من فقه اء الن وازل‬
‫السوس يني هلا باب ا خاص ا مس تقال(‪ ،)2‬ومنهم من أدرجه ا يف مب احث الطالق والش ركة واملرياث‬
‫والوص ايا‪،‬غ ري أهنم مل يتعرض وا هلذا احلق ب التعريف ال دقيق إال م ا ك ان من بعض اإلش ارات اجململ ة‬
‫اليت قد حتمل تعريفا مقتضبا له‪ ،‬ألهنم اعتربوه حقا قارا للسعاة إمجاعا من علماء سوس دون أن‬
‫يعارضهم أحد منهم؛ «حيث سئل الفقيه سيدي حممد بن إبراهيم املزوار عن معىن السعاية فقال ‪:‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫معىن السعاية ما استفادوه من املال بعملهم‪».‬‬
‫وقد عرفها األستاذ أمحد إدالفقيه بأهنا‪« :‬مقابل السعي والكد‪ ،‬أي مقابل العمل‪ ،‬سواء من‬
‫أج ل إجياد رأس مال حال كون هذا األخري غري موجود إطالقا‪ ،‬أو لتنمي ة رأس مال قائم مملوك‬

‫‪ -1‬عم ل املرأة يف س وس‪ ،‬للحسن العبادي‪ ،‬منش ورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ‪ -‬اململك ة املغربي ة‪ ،‬مطبعة طوب‬
‫بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪1425‬هـ‪2004/‬م‪ ،‬ص‪.16:‬‬
‫‪ -2‬من النوازليني الذي أبدوا اهتماما بالغا باملسألة‪ ،‬جند‪:‬‬
‫‪ -‬أب و مه دي عيس ى الس كتاين (ت‪ )1062‬خص ها يف نوازل ه بب اب م ع مس ائل املرياث مساه‪" :‬ب اب مس ائل املرياث‬
‫والسعاية"‬
‫‪ -‬س يدي عب د اهلل بن إب راهيم التملي (ت‪1067‬هـ) يف "أجوب ة املت أخرين"‪.‬فعق د هلا باب ا خاص ا بعن وان‪" :‬مس ائل‬
‫الزوجات هل هلن الكسب أو األجرة يف ذمة أزواجهن؟"‪.‬‬
‫‪ -‬أبو العباس أمحد بن حممد العباسي (ت ‪ ،)1152‬مجعها يف باب أمساه ‪" :‬مسائل األنكحة واخليار واخللع والطالق‬
‫واملفقود والسعاية‪".‬‬
‫‪ -‬س يدي حمم د بن حمم د بن عب د اهلل بن يعق وب الس ماليل يف أجوبت ه‪ ،‬حيث خص جانب ا منه ا ل "مس ائل س عاية‬
‫الزوجات وغريهن من السعاة"‪.‬‬
‫‪ -3‬حممد بن قاسم السجلماسي ‪ :‬شرح السجلماسي على نظم العمل الفاسي‪ ،‬ج‪ ، 1‬طبعة حجرية ( د‪.‬ذ‪.‬ت‪.‬ط)‪ ،‬ص‪.255:‬‬
‫‪6‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫للسعاة أنفسهم أو لغريهم‪ ،‬وذلك بقصد تنميته والزيادة فيه واالستفادة منه‪ ،‬ويطلق على الرأمسال‬
‫(‪) 1‬‬
‫املستثمر يف اصطالح الفقهاء املهتمني مبوضوع السعاية اسم "ال ّدمنة"»‬
‫وإمجاال نعرف حق الكد والسعاية بكونه حقا للنساء واألبناء واألقارب السعاة في تنمية‬
‫واس تثمار أم وال األس رة تطوع ا دون نص يب أو أج رة معلوم ة‪ ،‬يقض ى لهم ب ه م تى ط البوا ب ه‬
‫وأثبتوا سعيهم فيه‪ ،‬ويستحقونه بمقدار كدهم وباعتبار سنوات عملهم فيه‪.‬‬
‫وأش رنا يف تعريفن ا إىل أن العم ل تط وع من الزوج ة واألبن اء وغ ريهم من األق ارب ألهنم غ ري‬
‫ملزمني خبدمة مال الزوج واألب وغريه‪ ،‬وهو مذهب اإلمام مالك رضي اهلل عنه(‪.)2‬‬
‫ولعل التوسعة يف هذا املفهوم تنسجم مع الفلسفة احلقوقية هلذا احلق القائمة على قيم ومبادئ‬
‫العدل واإلنصاف‪.‬‬
‫وح ق الك د والس عاية‪ ،‬وإن ك ان يرتك ز على أص ول ش رعية وفقهي ة بين ة‪ ،‬إال أن ه يتعني ع دم‬
‫إخفاء العامل الع ريف واالجتماعي يف التأص يل هلذا احلق‪ ،‬وخاصة أن هذا األخ ري مل يكن هلحضور‬
‫إال يف بعض املناطق دون أخرى‪ ،‬مما يؤكد جبالء دور العرف يف التأسيس هلذا احلق‪ .‬وجاء يف هذا‬
‫السياق يف نوازل املهدي الوزاين رمحه اهلل‪:‬‬
‫« سئل سيدي عبد الوهاب الزقاق عن نساء البوادي‪ ،‬وذلك أن املرأة منهم ختدم يف بيتها مع‬
‫زوجهـا اخلدمـة الظاهـرة والباطنة‪ ،‬وخدمة الزرع يف أيام املصيف‪ ،‬وخدمة الفواكه يف فص اخلريف‪،‬‬

‫‪ -1‬إشكالية الشغل النسوي‪ :‬وضعية املرأة العاملة يف إطار القانون االجتماعي املغريب‪ ،‬ألمحد إدالفقيه‪ .‬ص ‪.83 :‬‬
‫‪ -2‬ألن الشرع ال يلزم املرأة والولد بالعمل مطلقا يف مال الزوج إال تطوعا‪ ،‬ففي نوازل عيسى العلمي رمحه اهلل‪" :‬بأن ال شيء‬
‫على الزوج ة من غ زل ونس ج وغ ريه‪ ،‬ف إن ق امت ب ذلك متطوع ة ب ه ك ان لل زوج ح ق االنتف اع ب ذلك وبثمن ه‪ ،‬وإن ص رحت‬
‫باالمتناع عن اخلدمة إال على وجه الشركة يف الغزل والنسج أو فيهما معا وأباح هلا زوجها ذلك فال إشكال يف اشرتاكهما يف‬
‫ذلك املعمول‪ ،‬أما إذا سكتت وقامت بالعمل دون أن تصرح بأي وجه من الوجهني قامت به‪ ،‬هل على وجه التطوع أم على‬
‫وج ه الش ركة‪ ،‬مث ط البت بع د ذل ك بنص يبها يف م ا أجنزت ه على أس اس أهنا ق امت ب ذلك على وج ه الش ركة أو الرج وع بقيم ة‬
‫العمل‪ ،‬وأنكر الزوج ذلك‪ ،‬حلفت أهنا ما غزلت وال نسجت إال لتكون على حظها يف املعمول‪ ،‬وإذا حلفت قُوم عملها يف‬
‫الكتان والصوف فيكون الثوب بينهما مشرتكا‪ ،‬وكذلك الغزل‪ ،‬هكذا روي عن مالك وابن القاسم وغريمها"‪ .‬النوازلعيسى بن‬
‫علي احلس ين العلمي ‪ ،‬حتقي ق اجمللس العلمي بف اس‪ ،‬منش ورات وزارة األوق اف والش ؤون اإلس المية‪ ،‬مطبع ة فض الة‪ -‬احملمدي ة‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪ 1406‬هـ‪1986 /‬م‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪ 188‬وما يليها‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫ولق ط الزيت ون وش به ذل ك‪ ،‬وخدم ة ال بيت كله ا من طحن وخ رب وحطب وكنس وس قي ورب ط‬


‫البهائم وتسرحيها‪ ،‬وغلق األبواب وحلها‪ .‬كل ذلك عن طيب نفس منها وحسن عشرة لزوجها‬
‫وكون هذه العادة عندهم كالشرط الالزم جلريان العرف هبا حديثا وقدميا‪ ،‬وعليها تدخل املرأة ومل‬
‫تذكر يف عقد النكاح‪ .‬فهل تكون شريكة لزوجها خبدمتها على الوجه املذكور وتأخذ حظها مىت‬
‫شاءت أم ال؟‬
‫فأجاب‪ :‬العادة هي احملكمة يف أفعال الزوجة املذكورة‪ ،‬فما دلت العادة على أن الزوجة إمنا‬
‫تفعله على وجه طيب العشرة واملعاونة لزوجها يف املعيشة ال شركة هلا يف ذلك وال أجر‪ ،‬وما كان‬
‫(‪) 1‬‬
‫على العكس فحكمه على ذلك»‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق يتبني أن حق الكد والسعاية يشكل آلية عرفية قوامها العدل واإلنصاف‬
‫واالعرتاف باجلميل‪ ،‬تضمن لألفراد املسامهني يف تكوين الثروة األسرية والعائلية أو تنميتها إمكانية‬
‫املطالبة حبقوقهم املالية املرتتبة عن مسامهتهم يف تلك الثروة‪ .‬لكن ما هو األساس الشرعي الذي أقام‬
‫عليه الفقهاء هذا احلق؟‬

‫ثانيا‪ :‬تأصيل النوازليين لحق الكد والسعاية‪.‬‬


‫أس ند فقه اء النوازلح ق الك د والس عاية إىل أص ول ش رعية متع ددة تؤطره ا القواع د العام ة‬
‫للش ريعة يف الع دل واإلنص اف ومحاي ة الط رف الض عيف يف مؤسس ة ال زواج؛ حيث إن ه ذا احلق‬
‫يعض د البن اء األس ري وحيف ظ العالق ات األس رية واالجتماعي ة ويص ون احلق وق املالي ة األس رية ال يت‬
‫جاءت الشريعة إلقامتها وحفظتها بتوثيق عقد الزواج‪ ،‬وعضضها الفقهاء بعقد الشوار(‪ )2‬وضمنوها‬
‫حبق الكد والسعاية يف صورة عقود والتزامات وحقوق متناسقة ومتكاملة حامية لألسرة وأفرادها‬
‫حاال ومآال‪.‬‬

‫‪ -1‬الن وازل اجلدي دة الك ربى فيم ا أله ل ف اس و غ ريهم من الب دو والق رى املس ماة املعي ار اجلدي د اجلامع املع رب عن فت اوى‬
‫املتأخرين من علماء املغرب‪ ،‬املهدي الوزاين‪ ،‬طبعة سنة ‪.6/509 ,1998‬‬
‫‪ -2‬عقد عديل بضمنه يتم إشهاد العدلني على مال الزوجة الذي جهزه هبا والدها أو وليها أو نفسها ‪ ،‬منعا للنزاع بني الزوجني‬
‫يف جهاز البيت وحلي املرأة بعد احنالل ميثاق الزوجية‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫وسنرص د يف ه ذا املبحث أهم األص ول والقواع د ال يت اس تند إليه ا فقهاؤن ا رمحهم اهلل يف‬
‫التأصيل هلذا احلق‪.‬‬
‫‪-1‬الق رآن الك ريم‪ :‬باعتب اره ج اء م ؤطرا للقواع د الك ربى الناظم ة للش ريعة اإلس المية‪ ،‬حيث‬
‫ف ُي َرى)(‪،)1‬‬
‫َأن َس ْعيَهُ َس ْو َ‬ ‫استند بعض الفقهاء على قوله تعاىل‪(:‬وَأ ْن لَْيس لِِإْل نْس ِ‬
‫ان ِإاَّل َما َس َعى‪َ ،‬و َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال ذي أق ر اس تقالل ك ل من ال زوجني يف كس به ومال ه وس عيه‪ ،‬حيث نص علي ه جلي ا يف إح دى‬
‫النوازل‪« :‬السعاية في حق نساء القرى والبادية التي جرى بها العمل فـي قطـر سوس (‪)...‬‬
‫وعلى هذا يكون احلكم يف النازلة إن شاء اهلل‪ .‬ففي الذكر"وأن ليس لإلنسان إال ما سعى" أي إال‬
‫(‪) 2‬‬
‫ما عمل»‪.‬‬
‫‪-2‬المب ادئ العام ة الش ريعة اإلس المية‪ :‬يف الع دل واإلنص اف األس ري‪ ،‬وال يت على أساس ها‬
‫قع دت الش ريعة اس تقالل الذم ة املالية لك ل أف راد األس رة من زوجني وأبن اء‪ ،‬فنص ت على أن لك ل‬
‫واحد من الزوجني ملكية نصيب من كسبه مستقال عن اآلخر متلكا وتصرفا‪ ،‬ومنها شرع الفقهاء‬
‫أن ه ال نص يل زم الزوج ة خبدم ة ال زوج‪ ،‬وال بإرض اع أبنائه ا من ه‪ ،‬ب ل أوجبت على ال زوج النفق ة‬
‫مطلقا عليها وعلى األبناء بغض النظر عن يسرها‪ ،‬ومىت أعسر الزوج وأنفقت املرأة صارت نفقتها‬
‫على األس رة دين ا ملزم ا لل زوج‪ )3(.‬وإىل ه ذه املب ادئ اس تند أيض ا فقه اء س وس يف تأس يس وتوثي ق‬
‫عقد الشوار الذي يسمي وحيصي ما أتت به الزوجة لبيت الزوجية من حلي وأثاث وأواين وفراش‬
‫وغري ذلك منعا للنزاع بني ال زوجني يف ذل ك‪ .‬وما ك ان علي ه عم ل املوثقني يف توثيق الص داق يف‬
‫رسم خاص‪ ،‬قبل أن يدمج توثيق الصداق مع عقد الزواج‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النجم‪ ،‬اآليتني ‪.40-39‬‬


‫‪ -2‬إشكالية الشغل النسوي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.123 :‬‬
‫‪ -3‬وهذا احلكم الشرعي ـ أي عودة الزوجة بالنفقة على الزوج املعسر ـ مل تأخذ هبا مدونة األسرة احلالية‪ ،‬ألهنا مل تعط املرأة‬
‫املوسرة املنفقة حق الرجوع بالنفقة على الزوج بعد يسره‪ .‬بل ألزمتها املادة ‪ 199‬من املدونة بالنفقة‪ " :‬إذا عجز األب كليا أو‬
‫جزئيا عن اإلنفاق على أوالده وكانت األم موسرة‪ ،‬وجبت عليها النفقة مبقدار ما عجز عنه األب‪".‬‬
‫‪9‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫‪-3‬قول الصحابي(‪ :)1‬إن املقصود هنا بقول الصحايب‪ ،‬ما قضى به أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب‬
‫رض ي اهلل عن ه يف قض ية عم رو بن احلارث وزوجت ه حبيب ة بنت زري ق عم ة عب د اهلل بن األرقم اليت‬
‫أوردها قاضي اجلماعة بتونس أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرفيع التونسي (ت‪ )2()733‬يف نوازله‪،‬‬
‫وكانت حبيبة نساجة طرازة ترقم الثياب والعمائم‪ ،‬وهو تاجر‪ .‬وكل واحد يعمل مبا عنده حىت‬
‫اكتس بوا أم واال على األص ناف‪ ،‬فم ات عم رو وت رك أراض ي ودورا وأم واال فأخ ذ ورثت ه مف اتيح‬
‫املخازن واألجنة‪ ،‬واقتسموا ذلك‪ .‬مث قامت عليهم حبيبة ونازعتهم مدعية أن كل ذلك كان بعمل‬
‫يدها وسعايتها مع زوجها‪ ،‬فرتافعت مع الورثة إىل أمري املؤمنني سيدنا عمر بن اخلطاب رضي اهلل‬
‫عنه فقضى بينهما بالشركة نصفني فحكم حلبيبة بالنصف من مجيع املال جزاء سعايتها‪ ،‬مث بالربع‬
‫من نصيب الزوج باعتبارها وارثة ألنه مل يرتك ولدا‪.‬وقد نقل األستاذ احلسن العبادي رمحه اهلل هذه‬
‫(‪) 3‬‬
‫النازلة من خمطوطة نوازل أيب إسحاق التونسي‪.‬‬
‫وه ذه القص ة نقله ا الفقه اء والقض اة وفقه اء الن وازل ت واترا من مص درين األول ن وازل أيب‬
‫إسحاق إبراهيم التونسي املتقدم‪ ،‬وثانيهما منتخب األحكام أليب عبد اهلل حممد بن أيب زمنني املتوىف‬
‫سنة ‪399‬هـ وفور طباعة األخري بطبعتيه راجعته ومل أجدها فيه‪.‬‬
‫وإىل هذا القضاء العمري استند القضاء املغريب يف إثبات مشروعية حق الكد والسعاية‪ ،‬حيث‬
‫ج اء يف حكم للمحكم ة االبتدائي ة بإنزك ان أن ه‪« :‬وباس تعراض العدي د من الن وازل والفت اوى‪،‬‬

‫‪ -1‬املراد بقول الصحايب‪ :‬هو ما ثبت عن أحد من الصحابة ومل تكن فيه خمالفة صرحية لدليل شرعي‪ ،‬من رأي أو فتوى أو‬
‫فعل أو عمل اجتهادي يف أمر من أمور الدين‪ .‬وتسمى هذه املسألة عند األصوليني بأمساء منها‪ :‬قول الصحايب أو فتواه أو تقليد‬
‫الصحايب أو مذهب الصحايب‪ .‬وذهب اإلمامالشاطيب (رمحه اهلل) إىل أن السنة تطلق على ما عمل عليه الصحابة‪ ،‬وجد ذلك يف‬
‫الكتاب أو السنة أو مل يوجد‪ ،‬لكونه اتباعاً لسنة ثبتت عندهم مل تنقل إلينا‪ ،‬أو اجتهاداً جمتمع اً عليه منهم أو من خلفائهم‪ ،‬فإن‬
‫إمجاعهم إمجاع‪ ،‬وعمل خلفائهم راجع إىل حقيقة اإلمجاع‪ .‬املوافقات ( ج‪ ،4‬ص‪)4،7:‬‬
‫‪ -2‬ترمجة ابن عبد الرفيع‪:‬‬
‫‪ -3‬نقلها عنه نوازله العالمة احلسن العبادي يف كتابيه‪ ،‬فقه النوازل يف سوس قضايا وأعالم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪111:‬ـ‪.112‬عمل املراة‬
‫يف سوس‪ ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪10‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫وخصوصا الواقعة اليت قضى فيها اخلليفة عمر بن اخلطاب املتعلقة بعمرو بن احلارث وحبيبة بنت‬
‫(‪) 1‬‬
‫زريق سيتضح أن املعيار املتخذ يف استحقاق الكد والسعاية هو العمل والكد والسعاية‪.»...‬‬

‫وعلى النهج نفسه سارت احملكمة االبتدائية بأكادير ملا أكدت على «أن الثابت فقها وقضاء‬
‫كوهنا‬
‫أن الكد والسعاية هو مقابل الشغل وحق اجلراية‪ ،‬ومعناه‪ :‬حق املرأة يف الثروة اليت يُنشئها ويُ ِّ‬
‫الزوج خالل فرتة الزواج‪ ،‬حبيث حتصل على جرايتها مقابل ما بذلته من جمهودات مادية ومعنوية‬
‫يف تكوين هذه الثروة‪ ،‬وسبق أن طبقت السعاية يف عهد اخلليفة عمر ابن اخلطاب رضي اهلل عنه‪،‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫وهي ما يعرف بنازلة حبيبة بنت زريق زوجة عامر بن احلارث‪.»...‬‬

‫‪-4‬القي اس‪:‬اس تندعليه الفقه اء يف قس مة أم وال الس عاية بني الس عاة ويف قض ايا ح ق الس عاة يف‬
‫الش فعة م ىت ب اع أح دهم نص يبه‪ ،‬ألهنم يعت ربون الس عاية ش ركة بني ال زوجني(‪)3‬حيث ق اس الفقه اء‬
‫تص رف الس عاة على تص رف الش ريك املف اوض‪ ،‬ف اعتربوا تص رف رب املال وتص رف الس عاة‬
‫كتصرف الشريك يف شركة املفاوضة‪ ،‬وبناء عليه أجاز بعضهم الشفعة يف أموال السعاية‪ ،‬ومعلوم‬
‫أن الشفعة ال تعمل إال فيما كان على الشياع‪ .‬ومقتضى القياس على الشركة أن الزوجة واألبناء‬
‫غري ملزمني بالعمل مع الزوج الستقالل الذمة املالية لكل أفراد األسرة‪ ،‬وعليه فمىت عمل أفرادها‬
‫مع رهبا أو مع أحد أفرادها يف ماله ومل تكن هلم أجرة معلومة فهم شركاء لرب املال يف الكسب‬
‫دون رأس املال‪ ،‬ألن الش ريك ه و ال ذي يعم ل يف املال دون أج ر أونص يب معل وم من ال ربح‪.‬‬
‫ويستحق كل فرد منهم نصيبا من الكسب حبسب عمله ال على رؤوسهم‪.‬ومن أمثلة النوازل اليت‬
‫نصت على ذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬حكم ص ادر عن احملكم ة االبتدائي ة بانزك ان مبنطق ة س وس جبن وب املغ رب يف املل ف رقم ‪ 38/2004‬حكم رقم ‪،447‬‬
‫مؤرخ يف ‪(23/03/2005‬غري منشور)‪.‬‬
‫‪ -2‬حكم صادر عن احملكمة االبتدائية بأكادير‪ ،‬يف امللف رقم ‪ ،385/99‬حكم عدد ‪ 1118‬مؤرخ يف ‪(26/12/2002‬غري‬
‫منشور)‪.‬‬
‫‪ -3‬ففي ن وازل العباس ي‪" :‬وس ئل س يدي عيسى ــ أي الس كتاين قاض ي قض اة سوس ــ عن الش ركة املعروف ة يف ه ذه البالد بني‬
‫الزوجني إذا كانا من أهل السعاية " نوازل العباسي‪ :‬ص‪.190 :‬‬
‫‪11‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫‪‬ففي أجوبة أيب يعقوب السماليل‪" :‬الذي تقتضيه الشركة احلكمية أن اجلميع مشرتك بينهم‬
‫ول و مل يص رحوا ب ه حني اش تغلوا يف احلرث كم ا ه و الع ادة والع رف يف بالد جزول ة بني األزواج‬
‫(‪) 1‬‬
‫والزوجات"‬
‫‪ ‬فتوى اإلمام أبو القاسم بن خجو جد اإلمام ابن عرضون رمحهما اهلل‪ ،‬مبينا كيفية قسمة حق‬
‫الكد بني السعاة الذين يشتغلون يف غلل وحماصيل خمتلفة‪" :‬وال فرق يف ذلك بني من يتعاطى خدمة‬
‫(‪) 2‬‬
‫وغريه أخرى‪ ،‬يتعاطى جلريهم يف ذلك جمرى املفاوضة‪".‬‬
‫‪‬فت وى داوود التملي رمحه اهلل (ت‪" :)1001‬الزوج ة ش ريكة الرج ل فيم ا أف اداه م اال‬
‫باعتنائهما مدة انضمامهما ومعاونتهما‪ ،‬وال يستبد الزوج مبا كتبه على نفسه من األشرية‪ ،‬بل هي‬
‫(‪) 3‬‬
‫شريكة له فيها باالجتهاد‪ ،‬والشركة إذا أطلقت حتمل على التساوي‪".‬‬
‫‪-5‬الع رف‪ :‬عرف ه أس تاذنا ال دكتور عم ر اجلي دي رمحه اهلل‪" :‬م ا اس تقر يف النف وس من جه ة‬
‫(‪) 4‬‬
‫العقول‪ ،‬وتلقته الطباع السليمة بالقبول‪ ،‬بشرط أال خيالف نصا شرعيا‪".‬‬
‫والع رف مص در من مصادر التش ريع يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬أخذت به مجيع املذاهب الفقهية‪،‬‬
‫وخصوص ا املالكي ة واحلنفي ة منهم‪ .‬ق ال اإلم ام الق رايف رمحه اهلل‪« :‬فمهم ا جتد يف الع رف اعت ربه‪،‬‬
‫ومهما سقط أسقطه‪ ،‬وال جتمد على املسطور يف الكتب طول عمرك‪ ،‬بل إذا جاءك رجل من غري‬
‫أهل إقليمك يستفتيك ال جتره على عرف بلدك‪ ،‬واسأله عن عرف بلده وأجره عليه‪ ،‬وأفته به دون‬
‫عرف بلدك‪ ،‬واملقرر يف كتبك‪ ،‬فهذا احلق الواضح واجلمود على املنقوالت أبدا ضالل يف الدين‪،‬‬
‫(‪) 5‬‬
‫وجهل مبقاصد علماء املسلمني‪.»...‬‬
‫‪ -1‬إشكالية الشغل النسوي‪ ،‬م‪.‬س‪.128 ،‬‬
‫‪ -2‬حتفة أكياس الناس بشرح عمليات فاس‪ ،‬للعالمة أيب عيسى املهدي الوزاين‪ ،‬تقدمي هاشم العلوي القامسي‪ ،‬مطبوعات وزارة‬
‫األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬ط األوىل ‪ 2001‬ـ ‪ .1422‬ص‪.277 :‬‬
‫‪ -3‬فقه النوازل يف سوس قضايا و أعالم‪ ،‬ص ‪.418‬‬
‫‪ -4‬العرف والعمل يف املذهب املالكي ومفهومهما لدى علماء املغرب‪ ،‬د عمر اجليدي‪ ،‬نشر صندوق إحياء الرتاث اإلسالمي‪،‬‬
‫مطبعة فضالة –احملمدية‪ ،‬طبعة ‪1404‬ﻫ‪1984 /‬م‪،‬ص‪.53 :‬‬
‫‪ -5‬الفروق ‪ ،‬لشهاب الدين القرايف‪ ،‬دراسة وحتقيق مركز الدراسات الفقهية واإلقتصادية‪ ،‬دار السالم – القاهرة‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫سنة ‪1421‬ھ‪2001 /‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.314:‬‬
‫‪12‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫وقد توسع املالكية يف العرف كثريا سريا على مذهب اإلمام مالك يف تقدمي عمل أهل املدينة‪،‬‬
‫ف اعتربوا الع رف أص ال وجعل وا "األحك ام املرتتب ة على العوائ د ت دور معه ا م ىت دارت‪ ،)1(".‬وق ال‬
‫العالم ة س يدي حمم د بن أيب القاس م السجلماس ي رمحه اهلل‪" :‬الع رف مبع ىن الع ادة خيص ص الع ام‪،‬‬
‫ويفسر املبهم‪ ،‬ويقيد املطلق‪ ،‬ويبني اجململ‪ ،‬وحيكم ويشهد ملن وافقه عند التنازع‪)2(".‬وقال اإلمام‬
‫أبو العباس املقري‪« :‬العادة عند مالك كالشرط‪ :‬تقيد املطلق‪ ،‬وختصص العام‪ »..‬وقوله‪« :‬العرف‬
‫(‪) 4‬‬
‫كالشرط‪ )3(».‬وعليه اشرتطوا يف القاضي واملفيت وجوبا العلم بعوائد الناس وأعرافهم‪.‬‬
‫لذلك أجرى الفقهاء حق املرأة يف السعاية على قاعدة العرف والعادة اجلارية بني الناس‪.‬فمن‬
‫ج ال وخ رب قبائ ل األطلس الص غري بس وس ي رى حقيق ة ه ذا احلكم املتم يز فقه ا ومكان ا واجتماع ا‬
‫جلية املعامل واألسباب‪ .‬فقد قضيت سنوات أستاذا جببال سوس بأطلسيه الكبري والصغري ووقفت‬
‫على واقع املرأة اليت خترج من بيتها أحيان قبيل الفجر للعمل يف احلقول حرثا وجنيا ورعيا وسقيا‪.‬‬
‫وذلك بعد أن أعدت للزوج املكرم الذي يبقى أمريا يف بيته فطوره‪ ،‬كما جلت يف تلك اجلبال وما‬
‫رأيت ق ط رجال حيرث حقال إمنا ه و ش غل النس اء فق ط‪ .‬ل ذلك ال جند غراب ة يف فت وى ابن املنطق ة‬
‫قاض ي اجلماع ة بت ارودانت حاض رة س وس علي بن س عيد اهلوزايل رمحه اهلل(ت‪ )1001‬حيث ق ال‬
‫تعليقا وتعقيبا على حكم‪«:‬فال شك أن الزوجة ذات يد وسعاية تشارك زوجها فيما استفاداه ماال‬
‫على الوج ه املش ار إلي ه مبقلوب ه‪ ،‬وج رى الع رف هبذه البالد السوس ية كأله ا اهلل تع اىل؛ واألحك ام‬
‫(‪) 5‬‬
‫تنتقل بانتقال األعراف‪»...‬‬

‫‪ -1‬الفروق‪ ،‬ص‪.176:‬‬
‫‪ -2‬ينظر كتابناشرح اليواقيت الثمينة فيما انتمى لعامل املدينة حملمد بن أيب القاسم السجلماسيالبجعدي الرباطي‪ ،‬دراسة وحتقيق‬
‫د كمال بلحركة الطبعة األوىل دار ابن حزم بريوت ‪ ، 2015‬ص‪.516 :‬‬
‫‪ -3‬القواعدأليب العباس املقري (القاعدة‪ ،635 :‬ص‪ . )261:‬و(القاعدة‪ ،)1062 :‬ص‪.421:‬‬
‫‪" -4‬ينبغي للقاضي ان يكون عارفا بعوائد أهل البلد الذي ويل‪ ،‬ليجري الناس على عوائدهم واعرافهم املنزلة منزلة الشرط‬
‫املدخول عليه صرحيا" (مواهب اخلالق بشرح المية الزقاق‪)2/243 :‬‬
‫‪ -5‬فقه النوازل يف سوس قضايا و أعالم‪ ،‬ص ‪.418‬‬
‫‪13‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫ونبه القضاء املغريب على ذلك أيضا باعتبار العرف مصدرا من أهم مصادر القانون يف نقض‬
‫حمكم ة النقض لق رار حمكم ة االس تئناف بأك ادير ال ذي أق ر حكم حمكمته ا االبتدائي ة ملا جتاوزا مع ا‬
‫ع رف أه ل س وس يف ح ق الس عاة‪ ،‬ونص ه‪" :‬يتض ح من االطالع على احلكم االبت دائي أن ه يكتس ي‬
‫صبغة القصور يف األسباب‪ ،‬ومل جير على السنن املتبعة يف القطر السوسي يف شأن الكد والسعاية‬
‫(‪) 1‬‬
‫للزوجات املتوىف عنهن أو املطلقات؛ واليت نص عليها الفقهاء يف فتاويهم وأحكامهم‪".‬‬
‫‪-6‬ما جرى به عمل الفقهاء والقضاة‪:‬‬
‫يعترب احلكم مبا جرى به العمل عند الفقهاء والقضاة واملوثقني مصدرا رئيسا للفتوى والقضاء‬
‫عند مالكية املغرب‪ ،‬والعمل مىت جرى عندهم وجب التزامه والعمل به والقضاء مبوجبه ولو خالف‬
‫املشهور أو الراجح من أقوال األئمة؛ كما أن جريان عمل الفقهاء والقضاة باحلكم يكون مرجحا‬
‫له؛ وذلك ملا حيققه من مصلحة شرعية‪" ،‬واملراد بالعمل بالقول حكم األئمة به‪ ،‬واستمرار حكمهم‬
‫به‪ ،‬ومىت كان القول املعمول به راجحا بالعمل مل جيز للقاضي وال للمفيت العدول إىل غريه ولو‬
‫كان مشهورا ‪ ...‬ويقضي باملشهور ما مل جير العمل بغريه؛ فإن جرى العمل بالشاذ قضى به وترك‬
‫(‪) 2‬‬
‫املشهور‪".‬‬
‫(‪) 3‬‬
‫وقد اشرتط الفقهاء يف العمل اجلاري املعترب واملعتمد ثالثة شروط هي‪:‬‬
‫أ ‪.‬أن يصدر العمل عن األئمة العلماء املقتدى هبم‪.‬‬
‫ب ‪.‬أن يثبت جريانه بشهادة العدول املثبتني يف املسائل‪.‬‬
‫ج ـ أن يكون جاريا على قوانني الشريعة وإن كان شاذا‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار حمكمة النقض رقم ‪ 177‬بتاريخ ‪ ،12/05/1980‬الغرفة االجتماعية ملف رقم‪ .74469 :‬نظام الكد والسعاية"‬
‫للحسني امللكي‪1/68‬ـ‪.72‬‬
‫‪" -2‬فتح اجللي ل الص مد يف ش رح التكمي ل واملعتمد" حمم د بن أيب القاس م السجلماس ي الرب اطي ‪ .‬ص‪2:‬ـــ‪ ،3‬خمط وط اخلزان ة‬
‫املركزية جلامعة امللك عبد العزيز جبدة بالعربية السعودية قسم املخطوطات برقم‪.2046 :‬‬
‫ونق ل يف ذل ك نصوص ا وأق واال عدي دة ألئم ة املذهب ك ابن فرح ون‪ ،‬الش يخ مص طفى الرماص ي‪ ،‬علي األجه وري‪،‬‬
‫عيسى السكتاين‪ ،‬أيب احلسن الصغري‪ ،‬العبدوسي‪ ،‬اجملاصي‪ ،‬وميارة وغريهم‪.‬‬
‫‪" -3‬فتح العليم اخلالق بشرح المية الزقاق" مليارة الفاسي ‪ ،‬ص ‪ .300‬خمطوط خاص‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫وعلى جري ان العم ل والقض اء والفت وى حبق املرأةيف الس عاية اس تند العدي د من الفقه اء ن ذكر‬
‫منها مثاال الحصرا‪:‬‬
‫‪"‬والذي جرى به العمل وتظافرت عليه أحكام قضاة إقليمنا السوسي عصرا بعد عصر وجيال‬
‫(‪) 1‬‬
‫بعد جيل‪ ،‬أن ينظر للدمنة إن كانت تكفي الزوجني ومن معهما‪".‬‬
‫‪‬فتوى داوود التملي السابقة واليت نصها‪" :‬الذي جرى به العمل عند فقهاء املصامدة وجزولة‬
‫(منطق ة س وس) أن الزوج ة ش ريكة الرج ل فيم ا أف اداه م اال باعتنائهم ا م دة انض مامهما‬
‫(‪) 2‬‬
‫ومعاونتهما"‬
‫‪‬فت وى عب د اهلل بن يعق وب الس ماليل رمحه اهلل‪" :‬فال ذي علي ه قض اة بالدن ا يف علم كاتب ه احلكم‬
‫(‪) 3‬‬
‫بالشركة احلكمية بني الزوجني‪".‬‬
‫وإن مـا يستـرعـي االنتبـاه هبذا اخلصـوص هو أن التأصيـل الفقهي حلـق الكـد والسعايـة ال ميكن‬
‫إسناده على أصل واحد‪ ،‬بل ألصول ومصادر متعددة ومتظافرة كلها حلماية حقوق املرأة ولضمان‬
‫استقرار العالقات األس رية واالجتماعية وهو مقصد أس اس من مقاصد الش ريعة وغاياهتا السامية‪،‬‬
‫لذا حضر بقوة يف واقع اجملتمع ويف فتاوى الفقهاء وأقضية احلكام والقضاة وذلك انصافا وانتصارا‬
‫حلق النساء واألطفال وغريهم من السعاة‪.‬‬

‫‪ -1‬إشكالية الشغل النسوي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.133 :‬‬


‫‪ -2‬فقه النوازل يف سوس قضايا و أعالم‪ ،‬ص ‪.418‬‬
‫‪ -3‬فقه النوازل يف سوس قضايا و أعالم‪ ،‬ص ‪.420‬‬
‫‪15‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫‪.‬ثالثا‪:‬وسائل إثبات حق الكد والسعاية‬

‫ال يستقيم حق الكد والسعاية شأنه شأن باقي احلقوق لصاحبه إال إذا أقام الدليل على نسبته‬
‫إليه‪ ،‬فال دعوى بدون إثبات‪ ،‬وال حق حيث ال بينة‪ .‬فاإلثبات هو السبيل الوحيد الذي جيب أن‬
‫يسلكه صاحب احلق أو ورثته أمام القضاء القتضاء حقه فيما بذله يف تنمية مال األسرة‪.‬‬

‫ونظرا الرتباط حق الكد والسعاية بالعرف العملي‪ ،‬جيعل أمر إثباته يتميز خبصوصية كبرية‪،‬‬
‫على حنو ميكن الق ول إن وس ائل إثب ات ه ذا احلق تتص ارع فيه ا وس ائل اإلثب ات القانوني ة وفق ا‬
‫للمبادئ العامة لإلثبات‪ ،‬ووسائل إثبات(‪)1‬خاصة هبذا احلق من شأهنا إقامة الدليل عليه‪.‬‬

‫وباعتبار حق الكد والسعاية من األمور الواقعية‪ ،‬لكونه قائم على وقائع مادية (واقعة املسامهة‬
‫يف تكوين أو تنمية املال األسري جبه د معني)‪ ،‬جيعل إثبات ه ذا احلق ممكنا بسلوك مجيع وسائل‬
‫اإلثبات القانونية املتعددة‪:‬‬

‫‪ -1‬نظم املش رع املغ ريب وس ائل اإلثب ات يف ق انون االلتزام ات والعق ود‪ ،‬من الفص ل ‪ 399‬إىل الفص ل ‪ ،459‬باإلض افة إىل‬
‫الفصول ‪ 55‬إىل ‪ 102‬من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫‪.1‬اإلقرار‪ :‬اعرتاف املطلوب حبق الكد والسعاية للسعاة حبقهم‪ ،‬سواء أكان االعرتاف بإرادته أمام‬
‫عدلني أو أمام الشهود‪ ،‬أو اعرتافا قضائيا‪ .‬ومنوذج ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬إقرار الزوج الضمين باستعداده لتسليم مطلقته حقها يف كدها وسعايتها وعدم طعنه يف اخلربة‬
‫(‪) 1‬‬
‫اليت طالبت هبا احملكمة على األمالك املشرتكة بينهما‪.‬‬
‫‪‬إق رار ال زوج الص ريح‪" :‬على املدعى علي ه (ب م) أداء م ا قي د علي ه ‪..‬وس عاية ‪..‬أخ ذا ل ه‬
‫(‪) 2‬‬
‫باعرتافه به‪"..‬‬
‫‪‬الص لح بني ال زوجني بع د الطالق على ح ق الس عاية‪ ،‬كم ا ورد يف حكم احملكم ة الش رعية‬
‫ب تزنيت‪" :‬وحيث إن املرتافعني متفق ان على الص لح بينهم ا بثماني ة وعش رين فرنك ا‪ ..‬وأن من عق د‬
‫على نفسه مبقر ألزمه شرعا ‪ ..‬على املدعي أن يؤدي مثانية وعشرين فرنكا يف مقابلة ما وجب هلا‬
‫(‪) 3‬‬
‫عليه مما قيدته يف مقاهلا من السعاية‪".‬‬
‫‪.2‬اتفاق الزوجين‪ :‬األصل يف حق الكد والسعاية اتفاق الزوجني على توثيقه لدى عدلني‪ ،‬بشهادة‬
‫أصلية‪ ،‬وقد وقفت على حالة وحيدة وردت يف نوازل العالمة أيب العباس الكشطي التناين السوسي‬
‫رمحه اهلل‪ ،‬تثبت اتف اق ال زوجني م والي أمحد اهلش توكي التك اين وزوجت ه عائش ة بنت بلقاس م يف‬
‫(‪) 4‬‬
‫وثيقة عدلية على أن ما بأيديهما من األموال أصوال وحيوانات وغريها مشرتك بينهما مناصفة‪.‬‬
‫‪.3‬شهادة اللفيف(‪:)5‬‬

‫‪ -1‬قرار حمكمة االستئناف مبراكش رقم ‪ 410‬بتاريخ ‪ 30/3/1984‬غرفة احلوال الشخصية‪ ،‬ملف رقم‪ .1346/83 :‬نظام‬
‫الكد والسعاية للحسني امللكي‪ ،‬ص‪ 97 :‬ـ ‪.103‬‬
‫‪ -2‬حكم احملكمة الشرعية يتزنيت‪،‬بتاريخ ‪ ،24/06/1958‬ملف رقم‪ .178/1958 :‬نظام الكد والسعاية للحسني امللكي‪،‬‬
‫ص‪,190 :‬‬
‫‪ -3‬حكم احملكم ة الش رعية ي تزنيت رقم ‪/600‬ص‪458 :‬بت اريخ ‪ ،05/11/1960‬مل ف رقم‪ .367/1960 :‬نظ ام الك د‬
‫والسعاية للحسني امللكي‪ ،‬ص‪ 186 :‬ـ ‪.187‬‬
‫‪ -4‬هذه النازلة وردت يف نوازل الكشطي املنشور جزء منها يف جملة املذهب املالكي‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص‪.180 :‬‬
‫‪ -5‬شـهـادة اللّفيف‪ :‬شهادة يؤديها أمام عدلني منتصبني لإلشهاد عدد من شهود ال يقلون عن اثين عشر شاهدا‪ ،‬وقد وضع‬
‫الفقهاء شروطا لألخذ بشهادة اللفيف‪ ،‬وجنمل هـذه الشروط فيما يلـي‪:‬‬
‫‪-1‬أن يكون أفراد الشـهادة من الرجال‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫حيق للمط الب حبق ه يف الس عاية أو ورثت ه اللج وء إىل ش هادة اللفي ف باعتباره ا وس يلة يس هل‬
‫اإلثب ات هبا خصوص ا بالنس بة للك د والعم ل ال ذي يك ون خ ارج ال بيت‪ ،‬كممارس ة أعم ال احلرث‬
‫واحلصاد والسقي والزراعة والغرس وجين الثمار وبيعها‪،‬وممارسة التجارة‪.‬ويتم ذلك عرب إجناز رسم‬
‫الس عاية أو ش هادة إثب ات احتاد احلال بني ال زوجني وفق ا لظ روف القض ية‪ .‬وق د اعتم دت احملكم ة‬
‫االبتدائية بأكادير رسم سعاية مضمن بقسم التوثيق هبا حتت رقم ‪ 2989‬سجل املختلفات رقم ‪9‬‬
‫(‪) 1‬‬
‫بتاريخ ‪.2/9/1993‬‬
‫‪ -.4‬شهادةالش هود ل دى القاضي‪ :‬الش هادة أهم وس ائل اإلثب ات املعتم دة يف دع وى ح ق الك د‬
‫والسعاية‪ ،‬نظرا للطبيعة العرفية اليت يتسم هبا احلق املطلوب‪ ،‬ولكون الشهادة وسيلة إثبات سهلة‬
‫وميسرة‪ ،‬وال يتطلب أمر احلصول عليها كثري عناء أو مشقة‪.‬والشهادة املقصودة هنا هي تلك اليت‬
‫ت ؤدى أم ام احملكم ة طبق ا ملقتض يات ق انون املس طرة املدنية(‪ )2‬ويلج أ إليه ا عن د تع ذر إقام ة اللفي ف‬

‫‪ -2‬سالمة الشهـود من أسبـاب التـجريـح‪ ،‬وتقبل شهادة مستوري احلال‪.‬‬


‫‪ -3‬أن ال يكون الشهود من مقريب املشـهود لـه أو من أعدائه‪.‬‬
‫‪-4‬استفسـار الشـهود ورد شـهادة من اختـلف قوهلـم عما ورد يف رسـم اللفيـف‪.‬‬
‫‪5‬ـأن ال يشـهد شهـود اللفيـف يف شـيء اعتـاد النـاس توثيقـه لـدى العـدول‪.‬‬
‫‪6‬ـ استفسار القاضي للشهود‪,‬‬
‫‪7‬ـ أن تؤدى لدى العدول املربزين بإذن من القاضي‪.‬‬
‫‪8‬ـ حتليـف شهـود اللفيف‪ :‬فقد قام كثيـر من القضـاة بتحليـف شهـود اللفيـف‪ ،‬جاء يف العـمل الفـاسـي‪:‬‬
‫من اللفيـ ـ ـ ــف لفج ـ ـ ـ ــور زي ـ ـ ـ ــدا‬ ‫وح ـلَّف ابن س ــودة الشـ ـ ـ ــهود‬
‫وقد أضر املشرع املغريب عند تقنني مهنة العدالة بضوابط شهادة اللفيف وشروطها الدقيقة عند الفقهاء‪ ،‬حىت أضحت اليوم سببا‬
‫للنزاع عوض بعد كانت مانعة منه‪.‬‬
‫‪ -1‬احلكم ‪ 55/94‬بت اريخ ‪ 15/2/1994‬غرف ة األح وال الشخص ية ‪ ،‬مل ف رقم نظ ام الك د والس عاية‪ ،‬للحس ني امللكي‬
‫‪ .1/155‬لكن احملكمة مل تقض للمرأة باحلق املطالب به؛ ليس بسسب كون اإلثبات كان بلفيف سعاية‪ .‬ولكن ألن هناك عيبا‬
‫يف الشهود ومضمن الشهادة‪.‬‬
‫‪ -2‬ومن ذلك ما جاء يف حكم ابتدائية انزكان بأنه‪« :‬وحيث أن احملكمة وللوقوف على احلقيقة‪ ...‬وللتأكد من عمل الزوجة‬
‫وما قد تكون قد قدمته من جمهودات وأموال ومسامهة يف تنمية أموال األسرة اليت تكونت خالل احلياة الزوجية‪ ،‬فإهنا أمرت‬
‫بإجراء البحث‪ ،‬والذي اتضح من خالل احملضر املنجز بتاريخ ‪ 16/02/2005‬أن مجيع الشهود قد أمجعوا بعد نفيهم القرابة‬
‫والعداوة وأدائهم اليمني القانونية‪ ،‬أن املدعية كانت تكد وجتتهد جبانب زوجها طيلة فرتة الزواج»‪ - .‬حكم ابتدائية انزكان‪،‬‬
‫عدد ‪ 447‬ملف رقم ‪ ،38/2004‬مؤرخ يف ‪.23/03/2005‬‬
‫‪18‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫لع دد ش هوده واس تحالة مجعهم أو لوف اة من حتم ل العلم بالش هادة املطلوب ة‪ ،‬كم ا تعتم د يف إثب ات‬
‫بعض األعمال الباطنية اليت قد متارسها املرأة أو غريها داخل البيت أو الضيعات والبساتني املغلقة أو‬
‫امللتص قة باملس اكن‪ ،‬حيث يتع ذر معه ا ش هادة اللفي ف‪ ،‬ومن مجل ة األعم ال الباطني ة ن ذكر النس ج‬
‫والغ زل‪ ،‬وه ذا إن خفي عن الرج ال فال م انع أن تقب ل في ه ش هادة النس اء فق ط الطالعهن على‬
‫خصوصيات بيوت أقربائهن وجرياهنن‪.‬‬
‫‪ -.5‬اليمين والنكول عنها‪ :‬فقد جرى العمل القضائي على تطبيق قاعدة أن كل ما هو مال أوما‬
‫ي ؤول إىل املال يكتفي في ه بالش اهد أو اليمني‪ .‬ألنع دم إثب ات م دعي الك د والس عاية دع واه‪،‬‬
‫يس توجب توجي ه اليمني للم دعى علي ه‪ ،‬على اعتب ار أن ح ق الك د والس عاية ذو طبيع ة مالي ة‪ ،‬ف إن‬
‫حلفها سقطت عنه الدعوى‪ ،‬وإن نكل عنها يعترب ذلك مبثابة إقرار ضمين باستحقاق املدعي جلزء‬
‫من أموال السعاية‪.‬‬
‫ومثال ذلك جاء قرار حملكمة االستئناف بأكادير ما نصه‪« :‬حيث إن دعوى املستأنفة هي‬
‫دعوى مالية‪ ،‬حيث أن دعاوي املال يف حالة عدم إثبات املدعي لدعواه توجه اليمني على املدعى‬
‫علي ه ردا ل دعوى املدعي م ع إعم ال قاع دة النك ول عمال باحلديث "ش اهداك أو ميين ه" وقـول‬
‫صاحب حتفة احلكام‪:‬‬
‫يف عجز مدع عن التبيني»(‪.)1‬‬ ‫واملدعى عليه باليمني‬
‫وحقيق بنا أن نشري يف هذا اإلطار إىل احملكمة وهي تنظر يف دعوى حق الكد والسعاية هلا‬
‫أن تستعي بكافة الوسائل األخرى لإلثبات‪ ،‬وخاصة القرائن القضائية اليت تربز امللكة االجتهادية‬
‫واالستنباطية لدى القاضي‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار حمكمة االستئناف بأكادير رقم ‪ 339‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬دجنرب ‪ 1991‬يف امللف عدد ‪ .182/91‬أورده‪ :‬احلسني‬
‫امللكي‪ ،‬نظام الكد والسعاية مناذج من العمل القضائي املغريب احلديث‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬السنة ‪ ،1999‬ص ‪.134‬‬
‫‪19‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫رابعا‪ :‬عمل الفقهاء في تقسيم حق الكد والسعاية‬


‫فبع د إثب ات الس اعي حق ه يف املس تفاد من م ال األس رة ال ذي س اهم في ه جبه ده وك ده تنمي ة‬
‫وتكوين اً‪ ،‬بواسطة وسائل اإلثبات املومأ إليها سابقا‪ ،‬يعمد القاضي إىل الشروع يف عملية القسمة‬
‫وف رز أنص بة الس عاة إذا ك انوا متع ددين‪ ،‬أو الس اعي إذا ك ان منف ردا‪ ،‬وذل ك وف ق ض وابط وط رق‬
‫حمددة‪ ،‬ختضع يف جلها ملقتضى العرف احمللي وما جرى عليه عمل القضاء يف القسمة‪.‬فما هي هذه‬
‫الضوابط؟‬
‫سنحاول إجياز ضوابط تقسيم حق الكد والسعاية يف الضوابط اآلتية‪:‬‬
‫‪.1‬ح ق الك د والس عاية ال عالق ة ل ه باألنص بة احملددة يف أحك ام املواريث‪ ،‬فه ذا احلق ميكن أن يش كل‬
‫أحد احلقوق اليت تستوىف من الرتكة قبل توزيعها بني الورثة‪ .‬وما يؤكد هذا هو عدم إعمال قاعدة‬
‫«للذكر مثل حظ األنثيني» عند توزيع أموال السعاية‪ ،‬إذ املعيار املعتمد قيمة العمل واجلهد املبذول‬
‫يف تنمية أموال األسرة‪ ،‬وليس معيار قرب الساعي صاحب املال‪.‬‬
‫‪.2‬يقتصر إجراء القسمة وفرز أنصبة السعاة يف إطار حق الكد والسعاية فقط على األموال العقارية‬
‫واملنقولة اليت تكونت ومنت نتيجة جملهود السعاة ومسامهتهم‪ ،‬دون األموال اليت كانت موجودة قبل‬
‫قي ام الش ركة العرفي ة بني الس عاة‪ ،‬أو ال يت وج دت بع د قي ام تل ك الش ركة‪ ،‬ألهنا مل تكن نتيج ة‬
‫سعيهم‪ ،‬وذلك انسجاما مع مبدِأ استقالل الذمة املالية الذي تقرره الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪.3‬إن ح ق الك د والس عاية‪ ،‬يثبت للص غري و الكب ري م ىت ثبت ك ده وس عيه‪ ،‬ويثبت للمحض ون على‬
‫حاضنه كذلك‪.‬‬
‫‪ .4‬إن النصيب الذي يستحقه الساعي يتأثر مبجموعة من العوامل‪ ،‬ميكن إمجاهلا يف‪:‬‬
‫‪‬عامل السن بالنسبة‪ :‬إذ إن استحقاق نصيب السعاية‪ ،‬ينضبط لسن معينة يزيد معها وينقص حبسب‬
‫(‪) 1‬‬
‫عرف كل بلد‪.‬‬

‫‪ -1‬جاء يف فتوى فقهية ما يلي‪« :‬من بلغ من أهل السعاية عشرين سنة يأخذ سهمه كامال‪ ،‬ومن بلغ اثين عشر سنة يأخذ‬
‫نصف السهم‪ ،‬ومن مثانية سنوات (هكذا) ال عربة به و يعرف قدره هكذا جرى العمل بقدر كل واحد»‪ .‬نقال عن‪:‬‬
‫‪20‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫‪‬عام ل املدة‪ :‬حيث إن اس تحقاق الك د والس عاية يتح دد مبرور ف رتة زمني ة معين ة‪ ،‬خصوص ا بالنس بة‬
‫(‪) 1‬‬
‫للزوجة اليت ال تستحق النصيب إال مبرور سنة من تاريخ الزواج‪.‬‬
‫‪ .5‬إن تقدير املقابل أو النصيب خيضع لعدة قواعد تؤثر فيه إما بالزيادة أو النقصان‪ .‬وهي‪:‬‬
‫‪‬الباقي يف املال املستفاد بعد خصم نصيب الدمنة(‪)2‬هو الذي تنصب عليه حقوق السعاة‪ ،‬فيقسمونه‬
‫(‪) 3‬‬
‫بالتساوي إذا تساوى عملهم‪ ،‬و بالتفاضل إذا اختلف جهد وعمل كل واحد منهم‪.‬‬
‫‪ ‬نصيب الفرد‪ ،‬يتحدد حبسب املدة اليت كد وسعى فيها ألجل تنمية أموال األسرة‪.‬‬
‫‪‬ما ينفرد به كل فرد من أفراد األسرة‪ ،‬مما اشرتاه خبالص ماله ال يدخل ضمن أموال السعاية‪.‬أما ما‬
‫اختلف فيه الزوج مع الزوجة أو اختلف املالك مع باقي السعاة‪ ،‬أو اختلف فيه السعاة بينهم‪ ،‬فيعترب‬
‫(‪) 4‬‬
‫فيه حق السعاة‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬أثر حق الكد والسعاية في باقي المعامالت المالية‬

‫‪ -1‬جاء يف هذا الشأن‪« :‬فالزوجة تكتسب يف ما حدث وجتدد بعد العام من تزوجيها إىل الفراق مبوت أو طالق‪ ،‬والبنت من‬
‫حني أطاقت الشغل والتسبب حنسب عمله ا إىل موهتا أو تزوجيها مث يقاب ل توارخيهم بتواريخ األش رية ليعلم منها م ا انفرد به‬
‫صاحب سعيها و ما تعدد وال يسهم للمتزوجات يف نصيب الدمنة مما أفاده الذكور بعد تزوجيهن‪ ،‬إن جهزوهن بل يقسم ما‬
‫ناهبا منه على مجلة سهام من عداهن من الورثة‪ .»...‬أورده‪ -:‬احلسني امللكي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ -2‬ميكن تعري ف الدمن ة بأهنا ذل ك الرأمسال ال ذي يعم ل الس عاة على تنميت ه واس تثماره‪ ،‬ويتخ ذ ش كلني إم ا أن يك ون مملوك ا‬
‫ألحد السعاة أو مشرتكا فيما بينهم على الشياع‪ ،‬و إما أن تكون يف ملكية األجنيب عن األسرة‪.‬‬
‫‪ -3‬جاء يف إحدى الفتاوى الفقهية نظما‪:‬‬
‫نصفني للدمنة نصف يعلم‬ ‫وما استفاده السعاة يقسـ ــم‬
‫أنظر ‪ :‬إشكالية الشغل النسوي‪ :‬وضعية املرأة العاملة يف إطار القانون االجتماعي املغريب‪ ،‬ألمحد إدالفقيه‪ .‬ص ‪.96 :‬‬
‫‪ -4‬غري أن هذه النقطة اختلف بصددها الفقهاء النوازليون‪ ،‬إذا ما كان متلك هذه األموال منقوالت كانت أوعقارات‪ ،‬بسبب‬
‫استخدام املال املستفاد‪ ،‬وقد رتب فقه النوازل حكمني على هذه النقطة‪:‬‬
‫‪ ‬إن مت شراؤها بأموال السعاية وعقدها لنفسه‪ ،‬تكون له مىت أقرها باقي السعاة‪.‬‬
‫إذا أنكر باقي السعاة عليه أنه اشرتاها من ماله اخلاص‪ ،‬وذكروا بأنه أشرتاها بأموال السعاية‪ ،‬فعليه إثبات أن الثمن الذي دفع‬
‫فيها كان من ملكه اخلاص‪ ،‬وإال اعتربت من أموال السعاية‪ ،‬فتقسم بني السعاة ويدخل معهم يف هذه القسمة‪ .‬ينظر‪ :‬اجملموعة‬
‫الفقهية يف الفتاوى السوسية ‪ ،‬لعبد اهلل الدرقاوي‪ ،‬ص ‪207‬‬

‫‪21‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫بعدما تقرر حق الكد للسعاة وأصبح حقا ماليا ثابتا للسعاة‪ ،‬صار مرتبطا ومؤثرا يف بعض‬
‫العالقات واحلقوق املالية األخرى‪:‬‬

‫‪1‬ـ السعاية من أسباب كسب الملكية‪ :‬اتفق الفقهاء السنوسيون والغماريون معا أن السعاية‬
‫م دخل للتمل ك ملا اعت ربوا أن املرأة ش ريكة لل زوج يف ك ل م ا اش رتاه ال زوج مطلق ا ح ىت ول و وث ق‬
‫الزوج األشرية كتابة يف امسه فقط‪ ،‬كما ذهب السماليل السوسي إىل أن إنكار باقي السعاة على‬
‫أحدهم أن االشرتاء مل يكن من ماله اخلاص بل بأموال السعاية‪ ،‬صار عليه إثبات أن الثمن الذي‬
‫(‪) 1‬‬
‫دفع فيها كان من ملكه اخلاص‪ ،‬وإال اعتربت من أموال السعاية‪.‬‬
‫لكنهم اختلفوا يف قدر االشرتاك بني الزوجني؛ حيث ذهب السوسيون إىل أهنا شريكة بالنصف‬
‫كما نص عليه العالمة داوود التملي السوسي(ت‪ )1001‬قائال‪" :‬الزوجة شريكة الرجل فيما أفاداه‬
‫ماال باعتنائهما مدة انضمامهما ومعاونتهما‪ ،‬وال يستبد الزوج مبا كتبه على نفسه من األشرية‪ ،‬بل‬
‫(‪) 2‬‬
‫هي شريكة له فيها باالجتهاد‪ ،‬والشركة إذا أطلقت حتمل على التساوي‪".‬‬

‫لكن م ذهب الغم اريني أهنا ش ريكة ب الربع فق ط كم ا أف ىت ب ذلك القاض ي عب د الس الم ال وثيلي‬
‫الغم اري ق ائال‪" :‬واحلاص ل أن ع رف البالد ـ أي غم ارة ــ ه و أن املرأة إذا ك انت ختدم يف دار‬
‫زوجه ا؛ واشرتى أصوال ب ذلك‪ ،‬فإهنا تأخذ مع ه الرب ع يف تل ك األش رية كما ذكره حممد املهدي‬
‫(‪) 3‬‬
‫الوزاين يف حاشيته‪".‬‬

‫ويعترب تنبيه الفقهاء وتأكيدهم على حق السعاة فيما اشرتاه املالك أو أحدهم وكتبه على امسه‬
‫فقط‪ ،‬تأكيدا على حق السعاة يف املال املكتسب سعاية‪ ،‬واإلمام التملي من علماء واخلرباء بالوثائق‬
‫والشروط إذ له كتاب معروف يف الوثائق‪.‬‬

‫‪ -1‬اجملموعة الفقهية يف الفتاوى السوسية‪ ،‬لعبد اهلل الدرقاوي‪ ،‬ص ‪.207‬‬


‫‪ -2‬فقه النوازل يف سوس قضايا و أعالم‪ ،‬ص ‪.418‬‬
‫‪ -3‬فتاوى تتحدى اإلمهال يف شفشاون وما حوهلا من اجلبال‪ ،‬ص ‪.1/162‬‬
‫‪22‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫‪2‬ـ الس عاية موجب ة للح ق في الشفعة‪ :‬بع دما قع د الفقه اء حلق السعاة وض بطوا كاف ة متعلقات ه‬
‫ح ىت أص بح أم را جممع ا علي ه خصوص ا يف س وس ودرع ة‪ ،‬وص ارت الس عاية م دخال للتمل ك انتق ل‬
‫الفقه إىل مناقشة وتقرير حق السعاة يف الشفعة باعتبارهم شركاء سواء عند بيع مالك الرقبة اليت‬
‫سعوا معه يف تنميتها أو عند بيع أحد السعاة بناء على ما تقرر يف الفقرة السابقة‪ ،‬حيث أفىت الشيخ‬
‫الب ْرجي الرمسوكي ب أن "م ا اكتس به الزوج ان يف أي ام الزوجي ة يك ون مش رتكا بينهم ا على ق در‬
‫ُ‬
‫(‪) 1‬‬
‫سعايتهما‪ ،‬وأفىت بوجوب الشفعة ألحدمها مباله بالسعاية‪".‬‬

‫سادسا‪ :‬حق الكد والسعاية في التشريع المغربي‬


‫يت بني مما تق دم أن التنظيم الفقهي حلق الك د والس عاية يق وم على جمموع ة من الض وابط ال يت‬
‫تش كل قواع د عرفي ة حملي ة‪ ،‬جتد أص لها يف الع رف وم ا ج رى ب ه عم ل الفق ه والقض اة‪ .‬غ ري أن‬
‫اإلشكال احملوري الذي قد يثار يف هذا الصدد يربز يف احلالة اليت تتعارض هذه القواعد العرفية مع‬
‫القواعد القانونية العامة‪ .‬ذلك أن من شأن تبين حق الكد والسعاية وتعميم مقتضياته أن يؤدي –يف‬
‫بعض األحوال‪ -‬إىل تغليب القواعد العرفية احمللية على املقتضيات القانونية اجلاري هبا العمل‪ ،‬وهو‬
‫أمر غ ري مستس اغ قانون ا‪ ،‬ملا سيفضي إلي ه من إخالل مبب دأ التوقع واالستقرار الل ذين يعتربان أب رز‬
‫عناصر األمن القانوين‪ ،‬كما أننا سنكون حينئذ أمام نظامني قانونيني متقابلني؛ نظام قانوين عريف‬
‫حملي‪ ،‬ونظام قانوين عام فكيف سيتم الرتجيح بينهما؟‬

‫وعلي ه‪ ،‬ف إن التط بيق القض ائي حلق الك د والس عاية باعتب اره نتاج ا عرفي ا وعمال فقهي ا‪ ،‬أم اط‬
‫اللثام عن جمموعة من اإلشكاالت اليت تعرتض التكريس التشريعي ألحكام حق الكد والسعاية‪،‬‬
‫وذلك بالنظر الختالفه مع بعض املؤسسات القانونية املقررة مبقتضى نصوص قانونية‪ .‬ولذلك فإن‬
‫غايتنا تتجلى يف الوقوف عند بعض الصعوبات اليت يعرفها تنزيل حق الكد والسعاية على مستوى‬
‫التش ريع املغ ريب‪ ،‬حملاول ة تلمس طبيع ة العالق ة بني م ا ه و ع ريف وم ا ه و ق انوين‪ ،‬ه ل هي عالق ة‬
‫تصادف أم تصادم؟‬
‫‪ -1‬إشكالية الشغل النسوي ألمحد إد الفقيه‪ ،‬ص‪ ،128 :‬نقال عن نوازل الربجي‪ ،‬خمطوط خاص‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪23‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫‪.1‬عالق ة ح ق الك د والس عاية بالتش ريع العق اري‪ :‬ملا ك انت أحك ام ح ق الك د والس عاية‪،‬‬
‫تنصرف من حيث نطاق تطبيقها إىل املنقول والعقـــار‪ ،‬فإننا سنعمل على إبراز بعض اإلشكاليات‬
‫اليت يثريها حق الكد والسعاية على مستوى التشريع العقاري‪ ،‬وخاصة مىت انصب هذا احلق على‬
‫عقار حمفظ‪ ،‬من حيث مدى إمكانية إجراء تقييد احتياطي حلماية هذا احلق‪.‬‬

‫فب الرجوع إىل العم ل القض ائي‪ ،‬يتض ح أن احملكم ة اإلداري ة بالرب اط اجتهت حنو اعتب ار ح ق‬
‫الك د والس عاية من احلق وق العرفي ة اإلس المية‪ ،‬وألغت ب ذلك ق رار احملاف ظ العق اري ال رافض لطلب‬
‫تقيي د احتي اطي ملق ال ال دعوى الرامي ة إىل اس تحقاق ج زء من عق ار حمف ظ بن اء على ح ق الك د‬
‫(‪) 1‬‬
‫والسعاية‪.‬‬

‫ويف ه ذا الس ياق‪ ،‬ع رفت طبيعة ح ق الك د والس عاية ج دال فقهي ا وقض ائيا واس عني‪ ،‬بني من‬
‫يدخل ه يف زم رة احلق وق العرفي ة اإلس المية‪ ،‬وبني من يعت ربه جمرد ح ق شخصي(‪ )2‬ال ميكن تقيي ده‬
‫احتياطيا‪ ،‬باالستناد على الفصل ‪ 85‬من ظهري ‪ 9‬رمضان ‪ 1331‬املتعلق بالتحفيظ العقاري املغري‬
‫واملتمم مبقتضى القانون ‪.14.07‬‬

‫وك ان موق ف حمكم ة النقض (اجمللس األعلى س ابقا) متض اربا يف موض وع تقيي د ح ق الك د‬
‫والسعاية بالرسم العقاري‪ ،‬ولكن استقر على عدم إمكانية تقييد هذا احلق بالصكوك العقارية‪ ،‬وإن‬
‫مت تقييده دعوى املطالبة به مقدما بالرسم العقاري لكونه من احلقوق الشخصية الغري القابلة للتقييد‬

‫‪ -1‬جاء يف حيثيات هذا احلكم‪« :‬حيث إنه بعد إطالع احملكمة على القرار املطعون فيه‪ ،‬اتضح أن املطلوب يف الطعن رفض‬
‫طلب الطاعنة لكون احلق املطالب بتقييده احتياطيا ليس حقا عينيا طبقا ملقتضيات الفصل ‪ .85‬لكن بالرجوع إىل مقتضيات‬
‫هذا الفصل فإنه ينص على أنه ميكن لكل من يدعي حقا يف عقار حمفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا قصد االحتفاظ املؤقت هبذا‬
‫احلق‪ ،‬و إما بسند يربره و إما بأمر قضائي صادر عن رئيس احملكمة االبتدائية اليت يوجد العقار يف دائرة نفوذها‪ ،‬و إما مبقتضى‬
‫نسخة من املقال املرفوع لدى القضاء قصد إثبات احلق‪ ،‬كما يف نازلة احلال ‪.»...‬‬
‫‪ -‬احلكم رقم ‪ 439‬الصادر بتاريخ ‪ 15/5/1997‬يف امللف عدد‪ .583/96‬املنشور مبجلة رسالة احملاماة ‪ .‬عدد ‪ .15‬أكتوبر‬
‫‪ .2000‬ص ‪ .187 .186 .185‬أورده‪ :‬احلسني امليلكي‪ ،‬نظام الكد و السعاية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪ -2‬ألن حق الكد والسعاية غري مدرج ضمن احلقوق العينية األصلية املضمنة يف املادة ‪ 9‬من مدونة احلقوق العينية‪ ،‬كما أن‬
‫املادة ‪11‬م‪.‬ح‪.‬عأكدت على أنه‪":‬ال جيوز إنشاء أي حق عيين آخر إال بقانون"‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫طبقا للفصل ‪ 85‬من قانون التحفيظ العقاري وخاصة الفقرة األوىل منه اليت نصت على أنه‪" :‬ميكن‬
‫لكل من يدعي حقا على عقار حمفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا لالحتفاظ به مؤقتا‪.".‬‬

‫ونسوق هنا قرارا حديثا حملكمة النقض(‪ )1‬جاء فيه‪" :‬ملا كانت الزوجة تدعي أهنا ساعدت‬
‫الطاعن يف تسيري ضيعته وصيانتها يف غيبته‪ ،‬فإنه كان على احملكمة أن تبحث يف مدى ما سامهت‬
‫به يف صيانة الضيعة وذلك بوسائل التحقيق املعتربة قانونا‪ ،‬وحتكم هلا مبا تستحقه من تعويض مقابل‬
‫مس امهتها‪ ،‬ال أن حتكم هلا بنص ف الض يعة‪ ،‬وملا مل تقم ب التحقيق املذكور لتق در التع ويض املس تحق‬
‫طبقا للمادة ‪ 49‬من مدونة األسرة‪ ،‬فإهنا خرقت املادة املذكورة وعرضت قرارها للنقض"‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإنه ال جيور تقييد حق الكد والسعاية تقييدا احتياطيا بناء على الفصل‬
‫‪ ،85‬مىت انصب على عقار حمفظ‪ ،‬وإمنا يسوغ للسعاة سلوك مسطرة احلجز العقاري على أمالك‬
‫املقيدين بالرسوم العقارية قصد استيفاء مستحقاهتم املالية ال العينية‪.‬‬

‫‪.2‬عالق ة ح ق الك د والس عاية بالم ادة ‪ 49‬من مدون ة األس رة‪ :‬غ ين عن البي ان أن ح ق الك د‬
‫والسعاية يعاجل إشكالية األموال األسرية‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للمادة ‪ 49‬من مدونة األسرة(‪،)2‬‬
‫باالس تناد على قاع دة اس تقالل ال ذمم املعروف ة يف الفق ه اإلس المي‪ ،‬ال يت قننته ا املادة ‪ ،49‬غ ري أن‬
‫املشكل يكمن يف أن حق الكد والسعاية يبقى جمرد عرف حملي خاص ببعض املناطق دون أخرى‪،‬‬
‫على عكس مقتض ى املادة ‪ 49‬ال ذي يتم يز بكون ه نص تش ريعي ع ام‪ ،‬يطب ق على املراك ز القانوني ة‬
‫للمغاربة حبسب األحوال اليت جاءت يف هذه املادة‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار حمكمة النقض رقم ‪ 159‬املؤرخ يف ‪ 18‬يونيو ‪ 2013‬الصادر عن غرفة األحوال الشخصية واملرياث‪.‬‬
‫‪ -2‬تنص املادة ‪49‬من مدونة األسرة على أنه‪":‬لكل واحد من الزوجني ذمة مالية مستقلة عن ذمة اآلخر‪ ،‬غري أنه جيوز هلما يف‬
‫إطار تدبري األموال اليت ستكتسب أثناء قيام الزوجية‪ ،‬االتفاق على استثمارها وتوزيعها‪.‬‬
‫يضمن هذا االتفاق يف وثيقة مستقلة عن عقد الزواج‪.‬‬
‫يقوم العدالن بإشعار الطرفني عند زواجهما باألحكام السالفة الذكر‪.‬‬
‫إذا مل يكن هناك اتفاق فريجع للقواعد العامة لإلثبات‪ ،‬مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجني وما قدمه من جمهودات وما‬
‫حتمله من أعباء لتنمية أموال األسرة"‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫‪26‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫ثامنا‪ :‬تعقيب على كت اب األس تاذ محم د التاوي ل "إش كالية األم وال المكتس بة م دة‬
‫الزوجية"‬
‫أص در ال دكتور حمم د التاوي ل رمحه اهلل س نة ‪ 2006‬كتاب ه "إش كالية األم وال املكتس بة م دة‬
‫الزوجية‪ :‬رؤية إسالمية"‪ ،‬وذلك بعد سنتني صدور مدونة األسرة‪ ،‬وما سبقها من خماض ونقاش‬
‫سياسي وليس قانوين حول جمموعة من القضايا اليت أثارها حينئذ مشروع اخلطة الوطنية إلدماج‬
‫املرأة يف التنمية"‪ .‬والكتاب على علو قدر مؤلفه رمحه اهلل ومكانته العلمية والفقهية جانب الصواب‬
‫وح اد عن اإلنص اف يف كث ري من املب احث ال يت حرره ا مؤلف ه‪ ،‬س نحاول التعقيب عليه ا من خالل‬
‫مالحظ ات س ريعة ختص الس ياق الع ام للكت اب واهلدف من تأليف ه حيث ح اول املؤل ف االنتص ار‬
‫لرأي ه يف إبط ال ح ق املرأة يف الك د والس عاية هلا ول و على حس اب كث ري من القواع د واألس س‬
‫الفقهية‪ ،‬وهي مالحظات علمية ال تنقص من الكتاب وال من صاحبه البتة‪:‬‬
‫‪.1‬الكت اب ج اء يف س ياق الص راع السياس ي احملم وم ال ذي أث اره ال نزاع واالختالف ح ول‬
‫"مشروع اخلطة الوطنية إلدماج املرأة يف التنمية" وما أثري من نقاش قبل صدور مدونة األسرة‪ ،‬وهي‬
‫نقاش ات غلب فيه ا اجلانب السياس ي واإلي ديولوجي على حس اب املقارب ة املوض وعية والواقعي ة‬
‫والش رعية والقانوني ة واحلقوقي ة واالجتماعي ة حلاجي ات وواق ع األس رة املغربي ة حين ه‪ ،‬ل ذا أظه رت‬
‫املمارسة العملية والقضائية جمموعة من االختالالت اليت أبانت عن قصور مدونة األسرة‪ .‬ونقاش‬
‫املؤلف مل خيرج عن هذا املساق اخلاطئ‪.‬‬
‫‪.2‬ه دف الكت اب املباش ر ه و ال رد على من يق ول حبق املرأة يف الس عاية‪ ،‬فعم د مؤلف ه رمحه اهلل‬
‫للحجاج واالستدالل على "شذوذ فتوى ابن عرضون وخروجها عن مبادئ الفقه وقواعده العامة‬
‫وخمالفته ا ألص ول الش ريعة"(‪ ،)1‬كما ش كك يف ص حتها ويف نس بتها البن عرضون(‪ )2‬مث ق ال عقب‬
‫ذل ك‪" :‬ليس هلذه الفت وى ال يت أف ىت هبا ابن عرض ون أص ل يف الش ريعة اإلس المية وال س ند هلا يف‬

‫‪ -1‬إشكالية األموال املكتسبة مدة الزوجية‪ ،‬حملمد التاويل‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ 2006‬مطبعة أنفو برانت‪ ،‬بفاس‪ .‬ص‪.30 :‬‬
‫‪ -2‬إشكالية األموال املكتسبة مدة الزوجية‪ ،‬حملمد التاويل‪ .‬ص‪.22 :‬‬
‫‪27‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫الفق ه"(‪ ،)3‬كم ا عق د مبحث ا خاص ا بعن وان‪" :‬خمالف ة الفت وى ــ فت وى ابن عرض ون ــ لنص وص‬
‫الشريعة"(‪ .)2‬فإذا كانت الفتوى باطلة نسبة وال أصل هلا شرعا نظرا لكوهنا خمالفة لنصوص الشريعة‬
‫وقواعدها وأصوهلا فال داعي ملناقشتها والبحث يف نسبتها البن عرضون وغريه‪.‬‬
‫‪.3‬أعم ل األس تاذ حمم د التاوي ل رمحه اهلل مع ول اهلدم ال ذي يس تعمله دع اة الالمذهبي ة ودع اة‬
‫االستناد للكتاب والسنة فقط دون ما سوامها من املصادر والقواعد‪ ،‬حيني يريدون نقض مذهب‬
‫واجتهاد خمالفهم‪ ،‬حني استند حلديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الذي أخرجه البخاري‪" :‬من‬
‫أح دث يف أمرن ا ه ذا م ا ليس من ه فه و رد‪ ".‬يف حجاج ه واس تدالله ل رد فت وى ابن عرض ون‬
‫(‪) 3‬‬
‫باعتبارها وإن صحت فإهنما وافقت عرف فاسدا ال جتوز مراعاته‪.‬‬
‫‪.4‬اكتف اؤه رمحه اهلل ب الرد على ابن عرض ون ورد فت واه مقتص را على أق وال من خ الفوا ابن‬
‫عرضون يف فتواه؛ حىت ظهر للقارئ غري املتخصص أن ابن عرضون هو وحده القائل حبق الكد‬
‫والسعاية‪.‬‬
‫‪.5‬جتاهل ه رمحه اهلل ملذهب وآراء وفت اوى العش رات من النوازل يني والقض اة ال ذين الحيص يهم‬
‫احلس بة ك ثرة والق ائلني حبق املرأة وغريه ا من الس عاة يف الس عاية‪ .‬ومنهم علم اء س وس وغم ارة‬
‫والرباط وأيب اجلعد ودرعة‪.‬‬
‫‪.6‬جتاهل ه ل رأي األس تاذ احلس ن العب ادي رمحه اهلل أس تاذ التعليم الع ايل بكلي ة الش ريعة جبامع ة‬
‫القرويني زميله يف جامعة القرويني‪ ،‬وعضو اجمللس العلمي األعلى وعضو جلنة تعديل مدونة األسرة‬
‫الذي أفاض يف نقل أقوال العلماء منذ القرن السادس يف املسالة يف كتابه "فقه النوازل يف سوس‬
‫قضايا وأعالم" الذي يف أصله رسالة لنيل دكتوراه الدولة نوقشت بدار احلديث سنة ‪ 1994‬أي‬
‫قبل م ا زاد عن عقد من صدور كت اب األستاذ التاوي ل مث طبعت سنة ‪ .1999‬كما أن األستاذ‬
‫احلس ن العب ادي خص موض وع الس عاية بكت اب مف رد مساه "عم ل املرأة يف س وس" طبعت ه وزارة‬

‫‪ -1‬إشكالية األموال املكتسبة مدة الزوجية‪ ،‬حملمد التاويل‪ ،‬ص‪.23 :‬‬


‫‪ -2‬إشكالية األموال املكتسبة مدة الزوجية‪ ،‬حملمد التاويل‪ ،‬ص‪ 54 :‬ـ ‪.56‬‬
‫‪ -3‬إشكالية األموال املكتسبة مدة الزوجية‪ ،‬حملمد التاويل‪ ،‬ص‪.39 :‬‬
‫‪28‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫األوق اف والش ؤون اإلس المية س نة ‪ 2004‬أي قب ل س نتني من نش ر كت اب األس تاذ التاوي ل‪ ،‬مما‬
‫يظهر أن األستاذ التاويل رمحه اهلل له موقف ورأي خاص يريد االنتصار له يف سياق خاص‪.‬‬
‫‪.7‬رأي العالمة التاويل رمحه اهلل انتصار لقول ورأي املانعني للمرأة من حقها يف السعاية‪ ،‬وهو‬
‫أمر نبه عليه مجيع النوازليني الغماريني والسوسيني والفاسيني‪ ،‬ونص عليه صاحب العمل الفاسي‪،‬‬
‫وفصله العالمة سيدي حممد بن أيب القاسم السجلماسي يف شرحيه للعمل الفاسي وللعمل املطلق‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫خاتمة‬

‫من خالل م ا س بق بيان ه وعرض ه‪ ،‬يت بني أن ح ق الك د والس عاية ح ق متف ق علي ه بني علم اء‬
‫املغ رب ع دا بعض علم اء ف اس‪ ،‬واختلف وا فق ط يف ق در احتس اب الس عاية‪ ،‬لك ون ه ذا احلق حيف ظ‬
‫أجل من أن يكون‬
‫احلق وق املالي ة األس رية ومينت ع رى االس تقرار األس ري‪ ،‬كم ا أن ه ذا املوضوع ّ‬
‫موض وعا قانوني ا أوفقهي ا حمض ا‪ ،‬وذل ك لكون ه جماال خص با للت دافع بني خمتل ف النظ رات وال رؤى‬
‫الفقهي ة والقانوني ة واالجتماعي ة واالقتص ادية املتع ددة واملتداخل ة‪ ،‬ل ذا ف إن ه ذه اخلامتة سأخصص ها‬
‫لبعض املالحظات اليت انقدحت يف ذهين‪ ،‬وجالت يف خاطري‪ ،‬وهي كاآليت‪:‬‬

‫‪ -‬إن قض ية العالق ة املالي ة بني الرج ل املرأة س واء ك ان م ال املرأة مس تقال عن م ال الرج ل‪،‬‬
‫أومتحص ال من عمل مستقل عنه‪ ،‬أومكتسبا مبوجب اتفاق بينهما‪ ،‬ال تثري كبري إشكال بالنظر إىل‬
‫َّ‬
‫أن غالبية التشريعات اليوم تتبىن مبدأ استقالل الذمة املالية بالنسبة للزوجة‪ ،‬بيد أن مسألة حصول‬
‫الزوج ة على نص يبها من جمم وع ال ثروة ال يت س امهت يف تكوينه ا وتنميته ا خالل تل ك الزوجي ة‪،‬‬
‫ض ٍن إىل جانب زوجها‪ ‬من حيث عملها يف ماله ويف منزله‪ ،‬ولو كان‬ ‫مقابل ما بذلت من جهد ُم ْ‬
‫وص ْو ٍن‬
‫حس ٍم َ‬
‫الروتيين اليومي داخل بيت الزوجية‪ ،‬تبقى مسألة حتتاج إىل ْ‬
‫األمر مقتصرا على العمل ُّ‬
‫عليهن بالمعروف"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مثل الذي‬
‫إن متَّ جتاوز التعامل باملعروف اليت يؤسس له القرآن الكرمي"ولُهن ُ‬
‫كمجسد لتبادل احلقوق والواجبات‪ ،‬خصوصا يف ظل تراجع القيم األسرية واإلنسانية‪ ،‬بتفاقم قوة‬
‫ِّ‬
‫سلطان املادة اليوم‪.‬‬

‫‪ -‬لق د أحس ن الفق ه ص نعا حني مسَّاه "حق ا" ألن احلق س لطة يقرره ا الق انون لش خص معني‬
‫بالنس بة لفع ل معني ف أمكن أن يك ون ح ق الك د والس عاية احلق ال ذي يق رره (الع رف‪ ،‬الع ادة‪،‬‬
‫الس اعي‪ ،‬خُي َّول مبوجبه املطالبة باستحقاق جزء من‬
‫االتفاق)‪  ‬كمصدر من مصادر القانون لفائدة َّ‬
‫املستفاد الناتج عن مسامهته يف تنمية الثروة االسرية‪ ،‬إن مل يكن منصوصا عليه قانونا‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫‪ -‬إن حق الكد والسعاية باعتباره نظاما عرفيا وفقهيا تُلقي ب القبول واالستحسان ملا يروم‬
‫إلي ه‪ ،‬من إنص اف املرأة عموم ا ‪ ،‬فكوهنا الط رف الض عيف يف العالق ات االجتماعي ة‪ ،‬يقتض ي محاي ة‬
‫حقوقها‪ ،‬مادام أن هناك قصورا تشريعيا بسب غياب نص قانوين حيمي العناصر اإلنتاجية للمرأة‪،‬‬
‫فك ان ه ذا النظ ام الع ريف األس اس ال ذي تلج أ إلي ه املرأة حلماي ة حقوقه ا املالي ة املس تحقة على‬
‫الزوج‪.‬كما أن من حسنات حق الكد والسعاية أنه يسهم يف التقليل من بعض الظواهر السلبية يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬كظاهرة تشريد املطلقات واألرامل‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫‪ -‬ذهب بعض الفقه اء لقص ر ح ق الس عاية على نس اء البادي ة دون املدين ة ألهنن يش اركن‬
‫ال زوج واألب واألخ يف العم ل؛على خالف نس اء احلاض رة لك وهنن ال أث ر هلن يف الس عي يف تنمي ة‬
‫أموال األسرة‪ ،‬وهو رأي قلة مقرون بظرف كانت البادية األصل واملدينة فرع‪ .‬لكنه اليوم بعيد عن‬
‫الواق ع اجملتمعي؛ ألن طبيع ة البادي ة املغربي ة ب األمس ليس ت هي حاهلا الي وم من حيث العالق ات‬
‫االجتماعية واألسرية واألنشطة االقتصادية والتجارية‪ ،‬كما أن واقع املرأة اليوم يف املدينة تغري كليا‬
‫مسوغه‪ ،‬نظرا ملا تقوم به املرأة اليوم عموما متميز يف‬
‫فأضحى من الالزم تغيري الرأي القدمي لتبدُّل ِّ‬
‫تدبري وتنمية أموال األسرة والعائلة‪ ،‬وذلك بناء على اإلحصائيات والدراسات اليت تبني أن النساء‬
‫املعيالت للعائالت يف املغرب يف تزايد كبري ومهول(‪ ،)1‬لذا وجب اعتبار كد وسعاية املرأة القروية‬
‫مع احلضرية من باب أوىل‪.‬‬

‫ـ إن املشرع املغريب كان خبريا اجتماعيا وذكيا قانونيا ملا أبقى على حق الكد والسعاية حقا‬
‫شخصيا‪ ،‬فلم يتم تقنينه يف مدونيت األسرة واحلقوق العينية رغم تعدد األحكام والقرارات الصادرة‬
‫‪ -1‬حسب دراسة متخصصة صدرت سنة ‪2015‬تؤكد وجود حوايل سبعة ماليني أسرة‪ ،‬تعيلها نساء ‪ ،‬حيث بلغت نسبة‬
‫العائالت اليت ترتأسها وتُعيلها نساء حوايل ‪ %16‬يف القرى والبوادي‪ .‬ويرتاوح سن النساء اللوايت يرتأسن عائالهتن ويُدرن‬
‫شؤوهنا اليومية بني ‪30‬و‪ 59‬عاما‪ ،‬كما أن حوايل ‪ %58‬من هؤالء النساء املعيالت ألسرهن ال ميتلكن أية شهادات تعليمية‪،‬‬
‫ُ‬
‫أو لديهن مستوى تعليمي بسيط‪.‬ومتثل األرامل نسبة تصل إىل أكثر من نصف العائالت اللوايت تعلنها نساء‪ ،‬وذلك بنسبة بلغت‬
‫‪ ،%55‬واملتزوجات بنسبة ‪ ،%28.3‬واملطلقات‪ ،%10.1‬فيما متثل العازبات نسبة أقل تصل إىل ‪ ..%6.5‬كما أن أزيد من‬
‫‪ 60‬يف املائ ة من النس اء املعيالت يتمرك زن يف املدن الك ربى‪ :‬ال دار‪ ‬البيض اء‪،‬الرب اط‪ ،‬طنجة‪ ،‬ف اس‪ ،‬مكن اس مث‪ ‬الق نيطرة‪ .‬عن‬
‫جريدة االحتاد االشرتاكي‪ ،‬جريدة يومية مغربية‪ ،‬عدد يوم ‪ 19‬يناير ‪.2017‬‬
‫‪31‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫عن خمتلف احملاكم‪ ،‬ورغم كثرة قرارات حمكمة النقض مبختلف غرفها احلامسة يف إثبات هذا احلق؛‬
‫تارك ا ب ذلك العن ان لالجته اد القض ائي يف الن وازل املتعلقة ب ه‪ ،‬اعتب ارا من املش رع لتم يز ه ذا احلق‬
‫وخلصوصييت املرونة والتكييف يف التعامل معه‪.‬‬
‫ـ مراعاة القيم األسرية وحفظ لالستقرار األسري من النزوع املادي واحلسابات املالية اجلارفة‬
‫للمودة واحملبة اجلامعتني للكيان األسري‪ ،‬تقتضي بقاء حق الكد والسعاية خاضعا للقواعد العامة‬
‫لإلثبات دون تقنني‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫المصادر والمراجع‬
‫أجوبة أمحد بن حممد العباسي السماليل (ت ‪ :)1152‬من أول الكتاب إىل مسائل الوكالة‪ .‬دراسة‬
‫وحتقي ق حمم د املدين الس افري‪ ،‬أطروح ة لني ل ش هادة ال دكتوراه‪ ،‬كلي ة الش ريعة‪ ،‬جامع ة ابن‬
‫زهر‪ .‬بإشراف الدكتور حممد مجيل‪.‬‬
‫إشكالية األموال املكتسبة مدة الزوجية‪ ،‬للدكتور حممد التاويل‪ ،‬مطبعة أنفو برانت‪ ،‬فاس الطبعة‬
‫األوىل ‪.2006‬‬
‫إشكالية الشغل النس وي‪ :‬وض عية املرأة العامل ة يف إطار القانون االجتماعي املغ ريب‪ ،‬أمحد إدلفقي ه‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة يف القانون اخلاص‪ ،‬جامعة حممد اخلامس‪ -‬الرباط‪،‬‬
‫السنة اجلامعية‪/1409:‬‬
‫حتفة أكياس الناس بشرح عمليات فاس‪ ،‬للعالمة أيب عيسى املهدي الوزاين‪ ،‬تقدمي هاشم العلوي‬
‫القامسي‪ ،‬مطبوعات وزارة الوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬ط األوىل ‪ 2001‬ـ ‪.1422‬‬
‫شرح العمل الفاسي حملمد بن قاسم السجلماسي‪ ،‬طبع على احلجر بفاس‪.‬‬
‫شرح اليواقيت الثمينة فيما انتمى لعامل املدينة حملمد بن أيب القاسم السجلماسيالبجعدي الرباطي‪،‬‬
‫دراسة وحتقيق د كمال بلحركة الطبعة األوىل دار ابن حزم بريوت ‪ ، 2015‬ص‪.516 :‬‬
‫العرف والعمل يف املذهب املالكي ومفهومهما لدى علماء املغرب‪ ،‬د عمر اجليدي‪ ،‬نشر صندوق‬
‫إحياء الرتاث اإلسالمي‪ ،‬مطبعة فضالة –احملمدية‪ ،‬طبعة ‪1404‬ﻫ‪1984 /‬م‪.‬‬
‫عمل املرأة يف سوس‪ ،‬للحسن العبادي‪ ،‬منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ‪ -‬اململكة‬
‫املغربية‪ ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪1425‬هـ‪2004/‬م‪،‬‬
‫فتح اجلليل الصمد يف شرح التكميل واملعتمد" حممد بن أيب القاسم السجلماسي الرباطي ‪ .‬ص‪2:‬ـــ‬
‫‪ ، 3‬خمطوط اخلزانة املركزية جلامعة امللك عبد العزيز جبدة بالعربية السعودية قسم املخطوطات‬
‫برقم‪.2046 :‬‬
‫فتح العليم اخلالق بشرح المية الزقاق" مليارة الفاسي ‪ ،‬ص ‪ .300‬خمطوط خاص‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫حقوق المرأة العاملة عند النوازليينالمغاربة‪ :‬حق الكد و السعاية نموذجا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬كمال بلحركة‬

‫الفروق‪ ،‬لشهاب الدين القرايف‪ ،‬دراسة وحتقيق مركز الدراسات الفقهية واإلقتصادية‪ ،‬دار السالم‬
‫– القاهرة‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪1421‬ھ‪2001 /‬م‪.‬‬
‫فقه النوازل يف سوس قضايا و أعالم للحسن العبادي‪ ،‬منشورات كلية الشريعة جامعة القرويني‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪.1999‬‬
‫القواعدأليب عبد اهلل حممد املقري‪ ،‬حتقيق ودراسة أمحد بن عبد اهلل بن محيد‪ ،‬مطبوعات جامعة أم‬
‫القرى‪ ،‬مكة اململكة العربية السعودية‪ .‬بدون تاريخ وال تاريخ الطبع‪.‬‬
‫جملة رسالة احملاماة ‪ .‬عدد ‪ .15‬أكتوبر ‪.2000‬‬
‫مفهوم السعاية و نطاق تطبيق أحكامها يف الفقه املالكي و القضاء املغريب‪ ،‬عبد اللطيف األنصاري‪،‬‬
‫جملة امللحق القضائي‬
‫منتخباألحك ام أليب عب د اهلل حمم د بن أيب زم نني املري األندلس ي ت‪ ،399‬دراس ة وحتقي ق حمم د‬
‫محاد‪ ،‬مطبوعات الرابطة احملمدية للعلماءـ الرباط املغرب الطبعة األوىل ‪.2009‬‬
‫نظام الكد والسعاية مناذج من العمل القضائي املغريب احلديث‪ ،‬للحسني امللكي‪ ،‬مكتبة دار السالم‬
‫بالرباط الطبعة الثانية ‪.2002‬‬
‫نوازل الكشطي منشور جزء منها يف جملة املذهب املالكي‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ص‪.180 :‬‬
‫النوازل اجلديدة الكربى فيما ألهل فاس و غريهم من البدو والقرى املسماة املعيار اجلديد اجلامع‬
‫املعرب عن فتاوى املتأخرين من علماء املغرب‪ ،‬املهدي الوزاين‪ .‬منشورات وزارة األوقاف‬
‫والشؤون األسالمية‪ ،‬طبعة سنة ‪.1998‬‬
‫الن وازل‪ ،‬عيس ى بن علي احلس ين العلمي‪ ،‬حتقي ق اجمللس العلمي بف اس‪ ،‬منش ورات وزارة األوق اف‬
‫والشؤون اإلسالمية‪ ،‬مطبعة فضالة‪ -‬احملمدية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪ 1406‬هـ‪1986 /‬م‬

‫‪34‬‬

You might also like