You are on page 1of 27

‫‪412‬‬

‫ﺍﻟﺸﻔﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬


‫ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ‪ -‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ‪ -‬ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻴﺤﻴﻰ‪ ،‬ﻓﻬﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ‪7‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2013‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫‪213 - 239‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬

‫‪592020‬الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬


‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬

‫‪IslamicInfo‬د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬


‫ﺍﻟﺸﻔﻌﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﻳﺔ‪ ،‬ﺣﻴﺎﺯﺓ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬

‫أستاذ الفقه جبامعة القصيم‬


‫‪http://search.mandumah.com/Record/592020‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫اململكة العربية السعودية‬

‫© ‪ 2016‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪412‬‬

‫الشفعة يف احلقوق العينية‬

‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫أستاذ الفقه جبامعة القصيم‬

‫اململكة العربية السعودية‬


‫‪412‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫إن الشفعة ابب من أبواب الفقه اإلسالمي املهمة‪ ،‬وهي أمنوذج لعظمة ذلك الفقه ومشوليته وعدالته ومراعاته‬
‫ملصاحل البشر وتوازن أحكامه وفق قواعد متينة متثلت يف هذا الباب منها قاعدة قاعدة ال ضرر وال ضرار حيث الشفعة‬
‫شرعت لرفع ضرر الشريك ولكن من غري ضرر ابلبائع واملشرتي‪،‬‬

‫ومن اجلدير ابلذكر أن الشفعة مل تعرف يف القانون الوضعي إال حديثا‪ ،‬وأول من أشار إليها هو القانون االسباين‬
‫الصادر عام‪ 9881‬م‪ ،‬وقد أطلق عليها حق االسرتداد‪ ،‬وذكر نوعني من حقوق االسرتداد‪ :‬أحدمها ملصلحة الشركاء‪،‬‬
‫واآلخر ملصلحة اجلريان‪ ،‬فثبت بذلك سبق الفقه اإلسالمي العظيم يف هذا القانون الذي يفصل األمر فيكل شركة مشاعة‬
‫يقع فيها البيع‪.‬‬

‫ومبناسبة عقد ندوة احلقوق العينية اليت نظمتها مشكورة كلية الشريعة يف جامعة القرووين مبدينة فاس فبني يدي‬
‫أهل االختصاص هذه اجلولة يف أحكام الشفعة من خالل القانون املغريب رقم ‪ 81.98‬املسمى مدونة احلقوق العينية‪،‬‬
‫والذي خص الشفعة يف الفصل الرابع من الباب الثاين‪ ،‬وينتظم املواد ‪313-893‬؛ حيث تتمحور الندوة حول هذه‬
‫املدونة‪.‬‬

‫وألن عرض مجيع أحكام الشفعة يطول فقد اقتصرت على املهم من أحكامها فيما إخاله حيتاج إليه قارئ مدونة‬
‫احلقوق العينية ومن يتناوهلا ابلشرح والتعقيب‪ ،‬فأذكر املادة املراد التعليق عليها مث أتناول األحكام فاصال بني املادة وبني‬
‫شرحي بعنوان التعليق‪.‬‬

‫وقد قسمت هذه الورقة العلمية إىل متهيد ومبحثني‪:‬‬

‫التمهيد يف التعريف ابحلقوق العينية‪،‬‬

‫املبحث األول‪ :‬نص القانون املتعلق ابلشفعة من مدونة احلقوق العينية‪،‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬أحكام الشفعة التعليق على بعض املواد اخلاصة ابلشفعة من القانون‪،‬‬

‫وهللا أسأله توفيقا وتسديدا‪.‬‬


‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪412‬‬

‫التمهيد‪ :‬يف التعريف باحلقوق العينية‬

‫عرف احلق العيين أبنه‪ :‬سلطة معينة يعطيها القانون لشخص معني على شيء معني فصاحبه يستطيع أن يباشره‬
‫دون وساطة أحد‪.‬‬

‫وهو عالقة حقوقية بني شخص وشيء مادي معني بذاته ختو له سلطة مباشرة عليه وذلك كحق امللكية‪ ،‬فإنه‬
‫سلطة قانونية مباشرة‪.‬‬

‫ويقابله احلق الشخصي‪ ،‬وعرف‪ :‬أبنه مطلب يقره القانون لشخص على آخر‪ ،‬وذلك كحق كل من املتبايعني‬
‫على اآلخر (‪.)9‬‬

‫وجيب أن نقرر هنا كحقيقة علمية أن تقسيم احلق إىل عيين وشخصي مل يكن معهودا يف الفقه اإلسالمي؛ بل‬
‫هو تقسيم درج عليه القانون الوضعي‪.‬‬

‫وقد انتقد البعض هذا التقسيم‪ ،‬يقول الشيخ إبراهيم جعفر السقا‪" :‬إن تقسيم احلق إىل قسمني‪ :‬حق عيين‪ ،‬وحق‬
‫شخصي ال وجه له‪ ،‬وال يوجد فرق بني ما أطلقوا عليه احلق الشخصي‪ ،‬وما أطلقوا عليه احلق العيين‪ ،‬وال يوجد فرق بني‬
‫املعامالت اليت فرعوها عليها‪ ،‬فال يوجد فرق بني اإلجارة ورهن العقار‪ ،‬فكيف جعلت اإلجارة من احلق الشخصي‪،‬‬
‫وجعل الرهن من احلق العيين‪ ،‬فحني عرفوا احلق أبنه سلطة معينة يعطيها القانون لشخص معني على شيء معني مل يفهم‬
‫من هذا التعريف مطلقا أن العالقة انشئة بني الشخص والشيء‪ ،‬بل هي عالقة انشئة بني الشخص والشخص‬
‫وموضوعها الشيء‪ ،‬فالعالقة ما بني شخصني موجودة يف احلق العيين‪ ،‬وحني عزفوا احلق الشخصي أبنه رابطة بني‬
‫شخصني دائن ومدين خيول الدائن مبقتضاها مطالبة املدين إبعطاء شيء أو ابلقيام بعمل أو ابالمتناع عن عمل مل يفهم‬
‫منه نفي وجود عالقة بني الشخص والشيء" (‪.)3‬‬

‫والذي أراه فيما يتعلق ابلتقسيم أنه ال مشاحة يف االصطالح شريطة أال نلغي تقسيمات فقهاء اإلسالم‬
‫واصطالحاهتم‪ ،‬وكما يقول الشيخ أبو سنة‪" :‬والشريعة ال تعارض يف هذا االصطالح ألنه جمرد تنظيم ما دام يفصل يف كل‬
‫حق حبكم هللا؛ غري أن األقسام اليت ذكرها علماء الشريعة مبنية على اختالف اخلصائص واألحكام الشرعية لكل قسم‬
‫وهي وافية ابألغراض القضائية والداينية" (‪.)8‬‬

‫(‪ )9‬املدخل إىل نظرية االلتزام يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬ص‪ ،39 .‬الفقه اإلسالمي وأدلته ‪.4/ 873‬‬
‫(‪ )3‬جملة البحوث اإلسالمية ‪.371 / 71‬‬
‫(‪ )8‬جملة اجلامعة اإلسالمية ابملدينة املنورة ‪.99 / 498‬‬
‫‪412‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫املبحث األول‪ :‬نص القانون املتعلق بالشفعة من مدونة احلقوق العينية‪:‬‬

‫لتناول مسائل الشفعة البد من الوقوف أوال على النص القانوين كامال من القانون املغريب رقم ‪ 81.98‬املسمى‬
‫مدونة احلقوق العينية‪ ،‬والذي خص الشفعة يف الفصل الرابع من الباب الثاين حيث يشمل الباب الثاين املغارسة واهلبة‬
‫والصدقة والشفعة‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬الشفعة‬

‫الفرع األول‪ :‬شروط األخذ بالشفعة‬

‫املادة ‪494‬‬

‫الشفعة أخذ شريك يف ملك مشاع أو حق عيين مشاع حصة شريكه املبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات‬
‫العقد الالزمة واملصروفات الضرورية النافعة عند االقتضاء‪.‬‬

‫املادة ‪492‬‬

‫يشرتط لصحة طلب الشفعة أن يكون طالبها‪:‬‬

‫‪ -‬شريكا يف امللك املشاع وقت بيع حصة شريكه يف العقار أو احلق العيين؛‬

‫‪ -‬أن يكون اتريخ متلكه للجزء املشاع سابقا على اتريخ متلك املشفوع من يده للحصة حمل الشفعة؛‬

‫‪ -‬أن يكون حائزا حلصته يف امللك املشاع حيازة قانونية أو فعلية؛‬

‫‪ -‬أن يكون املشفوع منه قد متلك احلصة املبيعة بعوض‪.‬‬

‫املادة ‪492‬‬

‫جيوز ضم حق اهلواء والتعلية إىل ملكية السفل وحق السطحية أو الزينة إىل ملكية الرقبة عن طريق الشفعة فيما‬
‫بيع منها ألجنيب‪.‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪412‬‬

‫املادة ‪492‬‬

‫يتعني على طالب الشفعة إثبات بيع احلصة املطلوب شفعتها‪ .‬فإذا كان العقار حمفظا يتعني عليه إثبات تقييد‬
‫البيع ابلرسم العقاري‪.‬‬

‫املادة ‪492‬‬

‫إذا ابع شريك حصته ألجنيب يف ملك مشاع‪ ،‬فيجب على الشريك أن أيخذ احلصة املبيعة بكاملها أو أن‬
‫يرتكها‪.‬‬

‫إذا تعدد الشفعاء كان لكل واحد منهم األخذ ابلشفعة بقدر حصته يف امللك املشاع يوم املطالبة هبا‪ ،‬فإذا تركها‬
‫البعض‪ ،‬وجب على من رغب يف الشفعة من الشركاء أخذ احلصة املبيعة بكاملها‪.‬‬

‫إذا كان املشرتي أحد الشركاء فلكل شريك يف امللك أن أيخذ من يده بقدر حصته يف امللك‪ ،‬ويرتك للمشرتي‬
‫نصيبه بقدر حصته ما مل يعرب عن رغبته يف التخلي عنها‪.‬‬

‫املادة ‪492‬‬

‫إذا اختلفت مراتب الشفعاء كان ترتيبهم يف األخذ ابلشفعة على الشكل التايل‪:‬‬

‫يقدم من يشارك البائع يف السهم الواحد يف املرياث على من عداه‪ ،‬فإن مل أيخذ انتقل احلق إىل ابقي الورثة مث‬
‫املوصي هلم‪ ،‬مث األجانب‪ .‬ويدخل كل واحد من هؤالء مع من يليه يف شفعته دون العكس‪ ،‬ويتنزل املشرتي منزلة البائع‪،‬‬
‫والوارث منزلة موروثه يف األخذ ابلشفعة‪.‬‬

‫املادة ‪492‬‬

‫تكون الشفعة يف العقارات سواء كانت قابلة للقسمة أم غري قابلة هلا‪ ،‬وتكون يف احلقوق العينية القابلة للتداول‪.‬‬
‫‪419‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫املادة ‪499‬‬

‫إذا بيعت احلصة اليت جتوز الشفعة فيها عدة مرات قبل انصرام أجل الشفعة‪ ،‬فللشفيع أن أيخذ من أي مشرت‬
‫ابلثمن الذي اشرتى به ويرتتب على ذلك بطالن البيوع الالحقة‪.‬‬

‫فإذا كان العقار حمفظا فإن احلصة املشفوعة ال تؤخذ إال من يد املشرتي املقيد ابلرسم العقاري‪.‬‬

‫املادة ‪233‬‬

‫إذا بيعت احلصة اليت جتوز الشفعة فيها أبمجعها أو أجزاء منها أو عدة حصص شائعة بعقد واحد وجب على‬
‫الشريك الراغب يف الشفعة أن أيخذ مجيع املبيع املشاع بينه وبني البائع من يد املشرتي أو أن يرتك اجلميع للمشرتي‪،‬‬
‫سواء تعلق العقد مبلك واحد أو عدة أمالك مشاعة‪ ،‬وسواء احتد البائع أو املشرتي أو تعدد‪ ،‬فال جيوز تبعيض الشفعة إال‬
‫إذا رضي املشرتي بذلك‪.‬‬

‫املادة ‪231‬‬

‫إذا بيعت أجزاء احلصة بعقود خمتلفة فإن الشفيع خيري بني أن أيخذها بكاملها وبني أن أيخذ أبي عقد شاء‬
‫ويدخل معه يف شفعته من قبله من املشرتين‪.‬‬

‫املادة ‪234‬‬

‫إذا بيعت احلصة املشاعة يف املزاد العلين وفق اإلجراءات املنصوص عليها يف القانون فال جيوز أخذها ابلشفعة‪.‬‬

‫املادة ‪232‬‬

‫ال شفعة فيما فوت تربعا ما مل يكن التربع صوراي أو حتايال‪ .‬كما ال شفعة يف احلصة الشائعة اليت تقدم يف صداق‬
‫أو خلع‪.‬‬

‫املادة ‪232‬‬

‫ميكن للمشرتي بعد تقييد حقوقه يف الرسم العقاري أو إيداعها يف مطلب التحفيظ أن يبلغ نسخة من عقد‬
‫شرائه إىل من له حق الشفعة‪ ،‬وال يصح التبليغ إال إذا توصل به شخصيا من له احلق فيها‪ ،‬ويسقط حق هذا األخري إن مل‬
‫ميارسه خالل أجل ثالثني يوما كاملة من اتريخ التوصل‪.‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪443‬‬

‫يتعني أن يتضمن التبليغ حتت طائلة البطالن بياان عن هوية كل من البائع واملشرتي‪ ،‬مع بيان عن احلصة املبيعة‬
‫ومثنها واملصروفات ورقم الرسم العقاري أو مطلب التحفيظ أو مراجع عقد التفويت‪ ،‬فإن مل يقع هذا التبليغ فإن حق‬
‫الشفعة يسقط يف مجيع األحوال مبضي سنة كاملة من اتريخ التقييد إذا كان العقار حمفظا أو اإليداع إذا كان العقار يف‬
‫طور التحفيظ‪ ،‬ومبضي سنة على العلم ابلبيع إن كان العقار غري حمفظ‪.‬‬

‫وإذا مل يتحقق العلم ابلبيع فبمضي أربع سنوات من اتريخ إبرام العقد‪.‬‬

‫املادة ‪232‬‬

‫إذا كان العقار يف طور التحفيظ فال يعتد بطلب الشفعة إال إذا ضمن الشفيع تعرضه مبطلب التحفيظ املتعلق‬
‫به‪.‬‬

‫املادة ‪232‬‬

‫جيب على من يرغب يف األخذ ابلشفعة أن يقدم طلبا إىل رئيس احملكمة االبتدائية املختصة يعرب فيه عن رغبته‬
‫يف األخذ ابلشفعة‪ ،‬ويطلب فيه اإلذن له بعرض الثمن واملصروفات الظاهرة للعقد عرضا حقيقيا مث إبيداعهما يف صندوق‬
‫احملكمة عند رفض املشفوع منه للعرض العيين احلقيقي‪ ،‬وأن يقوم بكل ذلك داخل األجل القانوين وإال سقط حقه يف‬
‫الشفعة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آثار الشفعة‬

‫املادة ‪232‬‬

‫إذا مت الرتاضي على األخذ ابلشفعة أو حكمت هبا احملكمة فإن الشفيع يتملك احلصة املبيعة مع مراعاة‬
‫مقتضيات الظهري الشريف الصادر يف ‪ 1‬رمضان ‪ 9889 93‬أغسطس ‪ 9198‬املتعلق ابلتحفيظ العقاري‪.‬‬

‫املادة ‪232‬‬

‫إذا أضاف املشفوع منه شيئا يف احلصة املشفوعة من ماله أبن بىن أو غرس فيها فإن قام بذلك قبل إعالن الرغبة‬
‫يف األخذ ابلشفعة طبقت األحكام املتعلقة ابلبناء والغرس يف أرض الغري إبذنه أو شبهة ملك‪ ،‬أما إذا قام بذلك بعد‬
‫إعالن الرغبة يف الشفعة فتطبق األحكام املتعلقة ابلبناء والغرس يف أرض الغري دون إذن‪.‬‬
‫‪441‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫املادة ‪239‬‬

‫ال يلتزم املشفوع منه برد مثار احلصة املشفوعة للشفيع إال من اتريخ املطالبة ابلشفعة‪.‬‬

‫املادة ‪213‬‬

‫تبطل التصرفات الناقلة للملكية أو احلق العيين أو املنشئة هلذا احلق اليت أجراها املشفوع من يده على احلصة‬
‫املشفوعة إذا تعلقت بعقار غري حمفظ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬سقوط الشفعة‬

‫املادة ‪211‬‬

‫يسقط حق الشفيع يف األخذ ابلشفعة‪:‬‬

‫‪ -‬إذا تنازل عنها صراحة بشرط أن حيصل هذا التنازل بعد ثبوت حقه فيها؛‬

‫‪ -‬إذا اشرتى احلصة اليت ابعها شريكه من مشرتيها أو قامسه فيها؛‬

‫‪ -‬إذا ابع حصته اليت يشفع هبا‪ ،‬ولوكان ال يعلم أن شريكه قد ابع حصته قبله‪.‬‬

‫املادة ‪214‬‬

‫ال يسقط احلق يف األخذ ابلشفعة مبوت الشفيع وإمنا ينتقل هذا احلق إىل ورثته بنفس الشروط مبا يف ذلك ما‬
‫بقي من أجل لألخذ ابلشفعة‪.‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪444‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أحكام الشفعة مع التعليق على بعض املواد اخلاصة بالشفعة من القانون‬

‫تعريف الشفعة‬

‫املادة ‪494‬‬

‫الشفعة أخذ شريك يف ملك مشاع أو حق عيين مشاع حصة شريكه املبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات‬
‫العقد الالزمة واملصروفات الضرورية النافعة عند االقتضاء‪.‬‬

‫التعليق‪:‬‬

‫الشفعة‪ :‬لغة‪ :‬مشتقة من الشفع وهو الضم (‪.)4‬‬

‫ويف االصطالح الفقهي‪ :‬هي استحقاق اإلنسان انتزاع حصة شريكه من يد مشرتيها (‪.)3‬‬

‫وجند من عرفها بعبارة أدق فقال‪" :‬استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مايل بثمنه‬
‫(‪)6‬‬
‫الذي استقر العقد عليه"‬

‫شفعة اجلار‬

‫املادة ‪492‬‬

‫يشرتط لصحة طلب الشفعة أن يكون طالبها‪:‬‬

‫‪ -‬شريكا يف امللك املشاع وقت بيع حصة شريكه يف العقار أو احلق العيين؛‬

‫‪ -‬أن يكون اتريخ متلكه للجزء املشاع سابقا على اتريخ متلك املشفوع من يده للحصة حمل الشفعة؛‬

‫‪ -‬أن يكون حائزا حلصته يف امللك املشاع حيازة قانونية أو فعلية؛‬

‫‪ -‬أن يكون املشفوع منه قد متلك احلصة املبيعة بعوض‪.‬‬

‫(‪ )4‬انظر‪ :‬املصباح املنري‪ ،‬مادة "ش ف ع"‬


‫(‪ )3‬انظر‪ :‬املقنع ‪ ،3/ 336‬اإلنصاف ‪.6/ 339‬‬
‫(‪ )6‬زاد املستقنع يف اختصار املقنع ‪.984 / 9‬‬
‫‪442‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫التعليق‪:‬‬

‫يفهم من النص السابق أن اجلار ال شفعة له إذا ابع جاره العقار اجملاور له ما دام غري شريك له‪.‬‬

‫وهذه مسألة خالفية بني الفقهاء سأعرض اخلالف كما يلي‪:‬‬

‫الرأي األول‪ :‬ثبوت الشفعة للجار مطلقا‪.‬‬

‫وهذا مذهب احلنفية (‪.)7‬‬

‫الرأي الثاين‪ :‬عدم ثبوت الشفعة للجار مطلقا‪.‬‬

‫وبه قال اجلمهور من املالكية (‪ )8‬والشافعية (‪ )1‬واحلنابلة يف املشهور عنهم (‪.)99‬‬

‫الرأي الثالث‪ :‬ثبوت الشفعة للجار عند االشرتاك يف حق من حقوق االرتفاق‪.‬‬

‫وهذا القول رواية عن اإلمام أمحد (‪ )99‬أخذ هبا اإلمام ابن تيمية (‪ )93‬وابن القيم (‪.)98‬‬

‫ومن أمثلته يف هذا العصر أن يكون لكل واحد بستان أو مزرعة ويكون بينهما بئر أو خزان ماء يستقون منه‬
‫مجيعا؛ أو يكون بينهما جدول أو قنطرة أو هنر صغري‪.‬‬

‫ومن أمثلته املنزالن أو املنازل تكون يف طريق واحد مشرتك بينهم‪ ،‬أي ليس طريقا عاما؛‬

‫ومن أمثلته املصنعان أو املصانع مشرتكة يف خزان وقود أو مولد كهرابئي وحنو ذلك‪ .‬أدلة القائلني بعدم ثبوت‬
‫الشفعة للجار مطلقا‪:‬‬

‫(‪ )7‬احلجةة علةى أهةل املدينةة ‪ ،8/67‬املبسةوط ‪ ،94/14‬بةدائع الصةنائع ‪ ،3/8‬مةع أن احلنفيةةة جيعلةون الشةفعة علةى ثةالث مراتةب يف األولويةة‪ :‬شةفعة الشةريك؛ مث‬
‫شفعة املشارك يف حق من حقوق االرتفاق؛ مث شفعة اجلار مةن غةري مشةاركة‪ .‬وكةذلك القةائلون ابلةرأي األول يقةدمون شةفعة الشةريك علةى غريهةا‪ .‬انظةر‪ :‬اإلنصةاف‬
‫‪ ،6/333‬الدرر السنية ‪ ،3/ 337‬فتاوى ابن إبراهيم ‪.8/971‬‬
‫(‪ )8‬املدونة ‪ ،994/3‬بداية اجملتهد ‪ ،633/3‬مواهب اجلليل ‪.398/3‬‬
‫(‪ )1‬األم ‪ ،8/ 4‬املهذب ‪.778 /3‬‬
‫(‪ )99‬املغين ‪ ،684 /7‬اإلنصاف ‪.333 /6‬‬
‫(‪ )99‬اإلنصاف ‪.6/333‬‬
‫(‪ )93‬الفتاوى ‪ ،888/98‬اإلنصاف ‪ ،333 /6‬االختيارات ص ‪.769‬‬
‫(‪ )98‬إعالم املوقعني ‪ ،989/3‬وعليه الفتوى يف البالد النجديةة السةعودية كمةا يف الةدرر السةنية ‪ ،333-433/3‬وبةه أخةذت بةه هيئةة كبةار العلمةاء يف السةعودية‬
‫بقرارها رقم ‪ 44‬ابألكثرية‪ ،‬كما يف أحباث هيئة كبار العلماء ‪ ،933 /9‬وعمم هذا القرار على احملاكم كما يف التصنيف املوضوعي لتعاميم وزارة العدل ‪.886 /8‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪442‬‬

‫‪ -9‬عن جابر رضي هللا عنه قال‪ :‬قضى رسول هللا صلي هللا عليه وسلم ابلشفعة فيما مل يقسم‪ ،‬فإذا وقعت احلدود‬
‫وصرفت الطرق فال شفعة (‪.)94‬‬

‫‪ -3‬عن أيب هريرة رضي هللا عنه عن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬إذا قسمت األرض وحدت فال شفعة فيها" (‪.)93‬‬
‫ا‬
‫وجه االستدالل من احلديثني أن كل منهما أفاد أمرين‪:‬‬

‫أن ما قسم ال شفعة فيه‪ ،‬وأن احلدود إذا وجدت بني األمالك فال شفعة‪.‬‬

‫وكال األمرين متحقق يف ملك اجلار مع جاره فهو مقسوم ال خلطة فيه‪ ،‬وبني امللكني حدود متيز كال منهما عن‬
‫األخر‪.‬‬

‫ونوقش من وجهني‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬أن النيب صلى هللا عليه وسلم اشرتط هنا تصريف الطرق‪ ،‬وإذا كان الطريق واحدا أو اشرتكا يف حق‬
‫آخر مثله فلم تصرف الطرق حينئذ ويتميز حق كل شريك‪ ،‬فيبقى حق الشفعة اثبتا (‪.)96‬‬

‫الوجه الثاين‪ :‬أن قوله يف حديث جابر‪" :‬فإذا وقعت احلدود وصرفت الطرق فال شفعة" مدرج من كالم جابر‬
‫رضي هللا عنه (‪.)97‬‬

‫وأجيب عن هذا الوجه أبن األصل عدم اإلدراج‪ ،‬ومن ادعى اإلدراج فعليه الدليل (‪.)98‬‬

‫مع أن حديث أيب هريرة نص عن النيب صلى هللا عليه وسلم بنفس املعىن‪ ،‬وال حيتمل اإلدراج‪.‬‬

‫‪ -8‬أن الضرر الذي شرعت من أجل رفعه الشفعة ال يتحقق بسبب اجلوار لتميز كل ملك عن اآلخر‪ ،‬لصاحبه حرية‬
‫التصرف فيه‪ ،‬خبالف امللك املشرتك فإن ضرره بدخول شريك يف ذات امللك ال يرتفع إال ابملقامسة‪ ،‬أو يطلب‬

‫(‪ )94‬أخرجه البخاري وقد تقدم ص ‪.37‬‬


‫(‪ )93‬أخرجه أبوداود ‪ ،8393‬وابن ماجه ‪ ،3417‬إال أن ابن ماجه رواه بلفظ حديث جابر‪ ،‬ويف سند أيب داود تدليس ابن جريج‪ ،‬وأما سند ابن ماجه فةال أبس‬
‫به‪.‬‬
‫(‪ )96‬انظر‪ :‬إعالم املوقعني ‪.3/983‬‬
‫(‪ )97‬عمدة القارئ ‪.93/73‬‬
‫(‪ )98‬فتح الباري ‪.4/487‬‬
‫‪442‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫الشريك اجلديد املقامسة‪ ،‬وكال األمرين تنقص به قيمة امللك‪ ،‬وهذا كله ليس موجودا يف املقسوم كما يف األمالك‬
‫املتجاورة (‪.)91‬‬

‫ويناقش أبن ذلك يقال يف شأن األمالك املتجاورة من غري أن يكون بينهما حقوق مشرتكة؛ فالضرر املشار إليه‬
‫واقع ورفعه مشروع‪.‬‬

‫ا‬
‫أدلة القائلني بثبوت الشفعة للجار مطلقا‪:‬‬

‫‪ -9‬عن أيب رافع رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا عليه الصالة والسالم‪" :‬اجلار أحق بصقبه" (‪.)39‬‬

‫‪ -3‬عن الشريد بن سويد رضي هللا عنه قال‪ :‬قلت اي رسول هللا‪ :‬أرضي ليس ألحد فيها شرك وال قسم إال اجلوار؟ فقال‪:‬‬
‫"اجلار أحق بصقبه ما كان" (‪.)39‬‬

‫‪ -8‬عن مسرة رضي هللا عنه عن النيب عليه الصالة والسالم قال‪" :‬جار الدار أحق ابلدار" (‪.)33‬‬

‫وجه االستدالل من هذه األحاديث‪:‬‬

‫أن النيب عليه الصالة والسالم جعل اجلار أحق ابلشفعة يف ملك جاره‪ ،‬يدل عليه ما وقع يف قصة أيب رافع رضي‬
‫هللا عنه حني أورد احلديث األول فعن عمرو بن الشريد قال‪ :‬وقفت على سعد بن أيب وقاص رضي هللا عنه إذ جاء املسور‬
‫بن خمرمة فوضع يده على إحدى منكيب إذ جاء أبو رافع موىل النيب عليه الصالة والسالم فقال‪ :‬اي سعد ابتع مين بييت يف‬
‫دارك‪ ،‬فقال سعد‪ :‬وهللا ال أبتاعهما‪ ،‬فقال املسور‪ :‬وهللا لتبتاعنهما‪ ،‬فقال سعد‪ :‬وهللا ال أزيدك على أربعة آالف منجمة‬
‫أو مقطعة‪.‬‬

‫قال أبو رافع‪ :‬لقد أعطيت هبا مخسمائة دينار‪ ،‬ولوال أين مسعت النيب عليه الصالة والسالم يقول‪" :‬اجلار أحق‬
‫بسقبه" ما أعطيتكها أبربعة آالف‪ ،‬وأان أعطى هبا مخسمائة دينار؛ فأعطاها إايه (‪.)38‬‬

‫(‪ )91‬املغين ‪ ،7/488‬اجملموع ‪ ،98/869‬إعالم املوقعني ‪.3/933‬‬


‫(‪ )39‬أخرجه البخاري ‪ ،3338‬والصقب‪ :‬ابلسني‪ ،‬والصاد‪ :‬القرب أي ما يليه ويقرب منه‪ ،‬انظر‪ :‬املصباح املنري س ق ب‪ ،‬معامل السنن ‪.8/786‬‬
‫(‪ )39‬أخرجه النسائي ‪ ،4798‬ابن ماجه ‪ ،3416‬اإلمام أمحد ‪ ،4/881‬ونفل الرتمذي عن البخاري تصحيحه‪ ،‬انظر‪ :‬الرتمذي حديث رقم ‪.9868‬‬
‫(‪ )33‬أخرجه أبوداود ‪ ،8397‬والرتمذي ‪ ،9868‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬وصححه األلباين‪ ،‬انظر اإلرواء ‪.3/877‬‬
‫(‪ )38‬البخاري ‪.3338‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪442‬‬

‫ونوقش االستدالل بهذه األحاديث وما مبعناها من وجوه‪:‬‬

‫الوجه األول‪ :‬محل اجلار يف احلديث على الشريك؛ ألن الشريك جماور لصاحبه‪ ،‬ولذا قيل للزوجة‪ :‬جارة؛ كما‬
‫قال األعشى‪ :‬أجارتنا بيين فإنك طالقة‪.‬‬

‫الوجه الثاين‪ :‬على التسليم أبن اجلار هنا غري الشريك فإن األحقية املقصودة فيه ليست يف الشفعة؛ فإنه مل يصرح‬
‫هبا؟ فحملها على الشفعة يفتقر إىل دليل‪ ،‬واألوىل محلها على ما هو من حقوق اجلار من اإلحسان إليه والرب والصلة‪.‬‬

‫وقيل أيضا‪ :‬إن اجلار أحق مبا قرب منه من املرافق اليت ال ملك فيها ألحد كالفناء جبانب داره فهو أوىل به من‬
‫غريه‪.‬‬

‫وإذا تطرق االحتمال إىل الدليل بطل به االستدالل (‪.)34‬‬

‫وقد يرد هذان الوجهان أبن الصحابة رضي هللا عنهم فهموا منه الشفعة للجار غري الشريك كما يف قصة أيب‬
‫رافع املذكورة قريبا‪.‬‬

‫ومي كن االعرتاض على ذلك أبن أاب رافع لوكان فهم منه الشفعة مل يلزمه القبول بدون الثمن الذي عرض عليه؛‬
‫ألن الشفعة إمنا يستحق هبا الشريك املبيع ابلثمن الذي بيع به وليس مبا هو دونه‪ ،‬فغاية ما فيه أنه أخذ بعموم احلديث‬
‫وكأنه فهم منه األفضلية فلم يشأ أن يفضل غري جاره ابملبيع وإن مل يعتقد لزومه يف حقه‪ ،‬وهكذا يقال يف شفعة اجلوار أهنا‬
‫مستحبة لكنها ليست الزمة‪.‬‬

‫على أن القصة ليست صرحية يف أن سعدا وأاب رافع كاان متجاورين من غري شركة بينهما؛ فإن السياق حمتمل‬
‫لوجود شركة بينهما إما شركة مطلقة وإما اشرتاك يف بعض احلقوق كالطريق؛ وهو األقرب‪.‬‬

‫الوجه الثالث‪ :‬أن اإلطالق يف احلديث غري معمول به اتفاقا وذلك أن يكون اجلار أحق ابلشفعة من الشريك‬
‫(‪ ،)33‬وإذا كان مقيدا بوجه ما فتقييده مبا سيأيت من أحاديث يف اجلار الذي يكون بينه وبني جاره حقوق مشرتكة أويل؛‬
‫مجعا بني األحاديث‪.‬‬

‫(‪ )34‬انظر‪ :‬األم ‪ ،4/8‬معامل السنن ‪ ،3/961‬املغين ‪ ،7/488‬إعالم املوقعني ‪.3/933‬‬


‫(‪ )33‬فتح الباري ‪.4/488‬‬
‫‪442‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫‪ -4‬أن املعىن الذي من أجله شرعت الشفعة متحقق يف شأن اجلار؛ ذلك أن مدار مشروعيتها رفع الضرر‪ ،‬والضرر واقع‬
‫على اجلار بدخول من ال يرضى مبجاورته وسكناه جبانبه‪ ،‬فتشرع الشفعة هنا رفعا هلذا الضرر كما شرعت يف حق‬
‫الشريك (‪.)36‬‬

‫ونوقش أبنه "ال ضرر وال ضرار"‪ ،‬فكما يشرع رفع الضرر عن اجلار فكذلك يشرع رفع الضرر عن املشرتي‪،‬‬
‫والضرر ال يزال مبثله‪ ،‬فال يزال ضرر اجلار بتسليطه على املشرتي ابنتزاع داره اليت اشرتاها‪ ،‬وما من دار يف الغالب وإال وهلا‬
‫جار‪ ،‬فال يكاد أحد إذا أن يشرتي دارا إال ويكون معرضا لنزعها منه إذا أراد اجلار ذلك‪ ،‬وهذا كما أن فيه ضررا على‬
‫املشرتي ففيه ضرر على صاحب امللك أيضا‪ ،‬إذ يكون ذلك سببا يف إعراض البعض عن الشراء منه خشية نقض البيع‬
‫من قبل اجلار‪.‬‬

‫فيبقى رفع الضرر عن اجلار بغري تسليطه على نقض البيع ابلشفعة وإمنا بقي له حق الشفعة فيما إذا كان له حق‬
‫مشرتك أو يكون له احلق العام بعدم اإلضرار به (‪.)37‬‬

‫أدلة القائلني بثبوت الشفعة للجار املشارك يف حق من حقوق االرتفاق‪:‬‬

‫‪ -9‬عن جابر رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا عليه الصالة والسالم‪" :‬اجلار أحق بشفعة جاره ينتظره هبا وإن كان‬
‫غائبا إذا كان طريقهما واحدا" (‪.)38‬‬

‫وجه االستدالل‪:‬‬

‫أن احلديث أثبت الشفعة للجار إذا كان الطريق مشرتكا بينهما فكذلك تثبت شفعة اجلوار عند وجود االشرتاك‬
‫يف حق من احلقوق كالطريق‪.‬‬

‫‪ -3‬أن املشاركة يف احلقوق كاملشاركة يف امللك من حيث كثرة املخالطة ووجود الضرر بني الشركاء‪ ،‬والشفعة إمنا شرعت‬
‫لرفع الضرر (‪.)31‬‬

‫الرتجيح‪:‬‬

‫(‪ )36‬انظر‪ :‬إعالم املوقعني ‪.3/931‬‬


‫(‪ )37‬إعالم املوقعني ‪.931/3‬‬
‫(‪ )38‬أخرجه أبوداود ‪ ،8398‬الرتمذي ‪ ،9861‬ابن ماجه ‪ ،3414‬وصححه األلباين يف اإلرواء ‪ ،3/878‬وانظر‪ :‬االستذكار ‪.39/366‬‬
‫(‪ )31‬إعالم املوقعني ‪.3/931‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪442‬‬

‫هذه األقوال الثالثة يف املسألة طرفان ووسط‪ ،‬فأوسطهما أعدهلما وهللا أعلم وبه ميكن اجلمع بني األدلة وهو‬
‫القول بثبوت الشفعة للجار عند وجود اشرتاك يف حق من حقوق االرتفاق كالطريق واملاء وحنومها‪ ،‬وكل ما أمكن به‬
‫إعمال األدلة دون إسقاط لبعضها كان أوىل ابألخذ به‪ ،‬ونفي الشفعة عن اجلار مطلقا فيه نوع إضرار به‪ ،‬وإثباهتا له‬
‫مطلقا فيه نوع إضرار جباره وابملشرتي‪ ،‬فكان يف هذا القول مراعاة للجميع‪.‬‬

‫ويف القانون املصري إقرار حق اجلار يف الشفعة بشرط أن يكون عقار اجلار املطالب ابلشفعة مالصقا للعقار‬
‫املبيع من جهتني ويساوي من القيمة نصف مثن العقار املبيع على األقل‪.‬‬

‫إعالم املوقعني ‪.3/931‬‬

‫الشفعة فيما ال يقبل القسمة وفى املنقول‬

‫املادة ‪492‬‬

‫تكون الشفعة يف العقارات سواء كانت قابلة للقسمة أم غري قابلة هلا‪ ،‬وتكون يف احلقوق العينية القابلة للتداول‪.‬‬

‫التعليق‪:‬‬

‫تضمنت هذه املادة ثبوت الشفعة يف ما ال يقبل القسمة ويف املنقول ومها مسألتان تكلم فيهما الفقهاء واختلفوا‬
‫يف ثبوت الشفعة فيهما‪ ،‬أعرضهما كما يلي‪:‬‬

‫الشفعة فيما ال يقبل القسمة‬

‫العقار املبيع إما أن يكون مما يقبل القسمة كالعقار الكبري من أرض أو دار أو مزرعة‪ ،‬وإما أن يكون مما ال يقبل‬
‫القسمة حبيث لو قسم مل يعد كل قسم صاحلا للبيع وحده أو االنتفاع به‪ ،‬كالعقار الصغري من طريق ضيقة أو بئر أو حنو‬
‫ذلك‪.‬‬

‫فأما ما يقبل القسمة فلم خيتلف أهل العلم يف ثبوت الشفعة فيه (‪.)89‬‬

‫وأما ما ال يقبل القسمة فقد جرى فيه اخلالف‪.‬‬

‫األقوال يف املسألة‪:‬‬

‫(‪ )89‬املغين ‪ ، 7/449‬املبسوط ‪ ،94/18‬هناية احملتاج ‪ ،3/916‬االختيارات ص ‪ ،967‬الفتاوى ‪ ،89/889‬وانظر‪ :‬اإلمجاع البن املنذر ص ‪.13‬‬
‫‪449‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫القول األول‪ :‬ثبوت الشفعة‪.‬‬

‫(‪)84‬‬
‫اختارها ابن‬ ‫وبه قال احلنفية (‪ )89‬وهو قول للمالكية (‪ ،)83‬وقول للشافعية (‪ ،)88‬ورواية يف مذهب احلنابلة‬
‫تيمية (‪ ،)83‬وهو قول الظاهرية (‪.)86‬‬

‫القول الثاني‪ :‬عدم ثبوت الشفعة‪.‬‬

‫وبه قال املالكية (‪ )87‬والشافعية (‪ )88‬واحلنابلة (‪ )81‬يف املشهور من مذاهبهم‪.‬‬

‫أدلة القائلني ابملنع‪:‬‬

‫‪ -9‬عن جابر رضي هللا عنه‪" :‬أن النيب صلى هللا عليه وسلم قضى ابلشفعة يف كل ما مل يقسم" (‪.)49‬‬

‫وجه االستدالل‪:‬‬

‫أن تعليقه ثبوت الشفعة يف الشيء مبا إذا مل يقسم دليل على أن ما ال يقبل القسمة ال جتري فيه الشفعة أصال‪.‬‬

‫ويناقش أبن هذا استدالل ابملفهوم‪ ،‬والعموم أقوى منه يف قوله‪" :‬كل" الذي يشمل كل شيء مل يقسم بعد؛ مما‬
‫يقبل القسمة أو ال يقبلها‪.‬‬

‫‪ -3‬أن إثبات الشفعة هنا يلحق الضرر ابلشريك البائع؛ ألنه ال ميكن أن يستقل بنصيبه ابلقسمة‪ ،‬وقد ميتنع املشرتي‬
‫ألجل الشفيع‪ ،‬ويف كل هذا ضرر على البائع (‪.)49‬‬

‫(‪ )89‬احلجة على أهل املدينة ‪ ،8/19‬املبسوط ‪.94/18‬‬


‫(‪ )83‬اإلشراف‪ ،‬للقاضي عبد الوهاب ‪.3/687‬‬
‫(‪ )88‬روضة الطالبني ‪.4/937‬‬
‫(‪ )84‬املغين ‪ ،7/ 449‬اإلنصاف ‪.6/336‬‬
‫(‪ )83‬االختيارات ص ‪ ،967‬الفتاوى ‪ ،89/883‬اإلنصاف ‪.6/337‬‬
‫(‪ )86‬احمللى ‪ ،83/1‬وعليه الفتوى عند أئمة الدعوة النجدية‪ .‬الدرر السنية ‪ ،3/336‬وأخذت به هيئة كبار العلماء يف السةعودية بقرارهةا رقةم ‪ 44‬كمةا يف أحبةاث‬
‫هيئة كبار العلماء ‪ ،9/339‬وعمم هذا القرار على احملاكم كما يف التصنيف املوضوعي لتعاميم وزارة العدل ‪.8/688‬‬
‫(‪ )87‬املقدمات ‪.8/64‬‬
‫(‪ )88‬روضة الطالبني ‪.4/937‬‬
‫(‪ )81‬املغين ‪ ،7/449‬اإلنصاف ‪.6/336‬‬
‫(‪ )49‬أخرجه البخاري ‪.3416 ،3337 ،3394‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪423‬‬

‫ونوقش أبن الشريك إذا طلب املقامسة ومل ميكن قسمة العني؛ فإهنا تباع وجيرب املمتنع على البيع؛ ويقسم الثمن‬
‫بينهما (‪.)43‬‬

‫كما يناقش أبن الضرر ال يلحق ابلبائع ما دام البيع حاصال له؛ فإن الشفعة ال تبطل البيع‪ ،‬وإمنا تنقل احلق فيه‬
‫إىل الشريك‪.‬‬

‫أدلة القائلني بثبوت الشفعة‪:‬‬

‫عموم األدلة املثبتة للشفعة كحديث جابر رضي هللا عنه‪" :‬قضى رسول هللا عليه الصالة والسالم يف الشفعة يف كل ما مل‬
‫يقسم" (‪.)48‬‬

‫فإخراج ما ال يقبل القسمة من هذا العموم يفتقر إىل دليل‪ ،‬وال دليل على إخراجه (‪.)44‬‬

‫‪ -3‬أن الشفعة تثبت إلزالة الضرر بدخول شريك‪ ،‬والضرر متحقق يف هذا النوع من العقار‪ ،‬بل وأشد مما يقبل القسمة؛‬
‫من وجهني‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن الضرر احلاصل يف ما ال يقبل القسمة ال ميكن إزالته ابلقسمة خبالف ما يقبلها فيمكن إزالته‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬أن الضرر هنا أكثر بقاء من اآلخر الذي يقبل القسمة (‪.)43‬‬

‫الرتجيح‪:‬‬

‫األقرب من القولني وهللا أعلم هو القول بثبوت الشفعة فيما ال يقبل القسمة؛ لعموم األدلة‪ ،‬ولتحقق علة الشفعة‬
‫فيه من إزالة الضرر عن الشريك‪.‬‬

‫الشفعة يف املنقول‬

‫قسم الفقهاء املمتلكات إىل عقار ومنقول‪.‬‬

‫(‪ )49‬املغين ‪ ،7/443‬الفتاوى ‪.89/883‬‬


‫(‪ )43‬الفتاوى ‪ ،89/884‬اإلنصاف ‪.6/337‬‬
‫(‪ )48‬تقدم خترجيه قريبا‪.‬‬
‫(‪ )44‬الفتاوى ‪.89/883‬‬
‫(‪ )43‬املغين ‪ ،7/449‬الفتاوى ‪ ،89/888‬إعالم املوقعني ‪.3/933‬‬
‫‪421‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫فما كان من العقار فليس مث خالف يف ثبوت الشفعة فيه يف اجلملة (‪)46‬؛ وأما املنقول فقد جرى اخلالف يف‬
‫ثبوت الشفعة فيه‪.‬‬

‫أقوال الفقهاء‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬ثبوت الشفعة يف املنقول‪.‬‬

‫وهو رواية عن اإلمام أمحد (‪ )47‬أخذ هبا شيخ اإلسالم (‪.)48‬‬

‫وبه قال الظاهرية (‪.)41‬‬

‫القول الثاني‪ :‬عدم ثبوت الشفعة يف املنقول‪.‬‬

‫وبه قال احلنفية (‪ ،)39‬واملالكية (‪ ،)39‬والشافعية (‪ ،)33‬واحلنابلة (‪.)38‬‬

‫وملخالفة املادة ملذهب املالكية فمن املناسب النقل عن املالكية‪:‬‬

‫قال اإلمام مالك يف املوطأ‪ " :‬وال شفعة عندان يف عبد وال وليدة وال بعري وال شاة وال يف شيء من احليوان وال يف‬
‫ثوب وال يف بئر ليس هلا بياض إمنا الشفعة فيما يصلح أنه ينقسم ويقع فيه احلدود من األرض فأما ما ال يصلح فيه القسم‬
‫فال شفعة فيه" (‪.)34‬‬

‫قال الباجي يف شرحه‪" :‬معىن ذلك وهللا أعلم أن ما ينقل وحيول من احليوان والعروض ال شفعة فيه ملا قدمناه من‬
‫أن غلبة ثبوت الشفعة معدومة فيه وهذا يف بيعها مفردة وأما إذا كانت تبعا لغريها كالرقيق والدواب لتعمري األرض‬

‫(‪ )46‬الفتاوى ‪ ،89/889‬االختيارات ص‪ ،967‬وانظر‪ :‬اإلمجاع البن املنذر ص ‪.13‬‬


‫(‪ )47‬املغين ‪ ،7/449‬اإلنصاف ‪.6/337‬‬
‫(‪ )48‬اإلنصاف ‪.6/337‬‬
‫(‪ )41‬احمللى ‪.6/83‬‬
‫(‪ )39‬املبسوط ‪.94/13‬‬
‫(‪ )39‬املقدمات ‪ ،8/64‬بداية اجملتهد ‪.3/338‬‬
‫(‪ )33‬روضة الطالبني ‪.4/933‬‬
‫(‪ )38‬املغين ‪ ،7/481‬اإلنصاف ‪.6/336‬‬
‫(‪ )34‬املنتقى شرح املوطإ ‪.333/6‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪424‬‬

‫واحلائط ففي العتبية من رواية عيسى فيمن اشرتى شقصا من حائط وفيه رقيق ودواب فليأخذه الشفيع مع رقيقه ودوابه‬
‫إذا مل يكن‬
‫للحائط منهم بد" (‪.)33‬‬

‫أدلة القائلني ابملنع‪:‬‬

‫‪ -9‬عن جابر رضي هللا عنه قال‪" :‬قضى النيب عليه الصالة والسالم ابلشفعة يف كل شركة مل تقسم‪ ،‬فإذا وقعت احلدود‬
‫وصرفت الطرق فال شفعة" (‪.)36‬‬

‫وجه االستدالل‪:‬‬

‫أن وقوع احلدود وتصريف الطرق ال يتصور يف املنقول (‪.)37‬‬

‫ونوقش من وجهني‪:‬‬

‫األول‪ :‬عدم التسليم أبن احلدود ال تقع يف املنقول‪ ،‬بل احلدود واقعة يف كل ما ينقسم من طعام أو حيوان أو‬
‫عروض أو غريها‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬على التسليم أبن ذلك خيتص ابلعقار فإنه ال مينع ثبوت الشفعة يف غريه بدليل آخر (‪.)38‬‬

‫‪ -3‬عن جابر رضي هللا عنه قال‪" :‬قضى رسول هللا عليه الصالة والسالم ابلشفعة يف كل شرك مل يقسم ربعة أو‬
‫حائط… احلديث" (‪.)31‬‬

‫وجه االستدالل‪:‬‬

‫أنه جعل الشفعة يف الربع واحلائط‪ ،‬ومل يذكر املنقول‪.‬‬

‫(‪ )33‬املنتقى شرح املوطإ ‪.333/6‬‬


‫(‪ )36‬تقدم خترجيه ص ‪ 999‬وقد أخرجه البخاري‪.‬‬
‫(‪ )37‬انظر‪ :‬املغين ‪.7/449‬‬
‫(‪ )38‬انظر‪ :‬احمللى ‪.1/83‬‬
‫(‪ )31‬أخرجه مسلم هبذا اللفظ ‪.9698‬‬
‫‪422‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫ويناقش بنحو ما سبق؛ حيث إن عدم ذكر املنقول هنا ال يلزم منه نفي الشفعة فيه إذا ثبتت بدليل آخر أو‬
‫دخلت يف العموم‪ ،‬وذكر غريه ال يقتضي احلصر‪.‬‬

‫أدلة القائلني بثبوت الشفعة‪:‬‬

‫‪ -9‬عن جابر رضي هللا عنه قال‪" :‬قضى رسول هللا صلي هللا عليه وسلم ابلشفعة يف كل شيء"(‪.)69‬‬

‫‪ -3‬عن ابن عباس رضي هللا عنهما أن النيب صلي هللا عليه وسلم قال‪" :‬الشريك شفيع‪ ،‬والشفعة يف كل شيء" (‪.)69‬‬

‫وجه االستدالل‪:‬‬

‫أن هذه األحاديث جاءت بلفظ العموم "يف كل شيء" فيدخل فيه املنقول‪ ،‬وإخراجه من هذا العموم يفتقر إىل‬
‫دليل‪.‬‬

‫ونوقش االستدالل هبذه األحاديث أبهنا مرسلة‪ ،‬فقد رجح األئمة إرساهلا منهم الرتمذي والبيهقي (‪.)63‬‬

‫‪ -8‬أن الشفعة شرعت إلزالة الضرر‪ ،‬والضرر الثابت يف العقار هو بعينه اثبت يف املنقول (‪.)68‬‬

‫الرتجيح‪:‬‬

‫كما تقدم يف املسألة قبلها؛ فإن املتأمل للحكمة من مشروعية الشفعة والعلة فيها جيد ذلك متحققا يف الشفعة‬
‫يف املنقول كما يف غريه‪ ،‬وليس مث ما مينع إثبات الشفعة فيه من نص صريح يف ذلك‪ ،‬أو كان إثباهتا يقتضي ضررا أبحد‪،‬‬
‫فلما مل يكن فيه ضرر‪ ،‬وفيه من مصلحة الشريك ما هو ظاهر؛ إذ هو املتضرر من دخول شريك جديد ال يرتضيه‪ ،‬كان‬
‫القول بثبوت الشفعة أقرب القولني مأخذا‪ ،‬ال سيما وقد عضده العموم يف النصوص السابقة‪ ،‬وهي وإن كانت معلولة‬
‫ابإلرسال؛ غري أهنا ال تنحط عن درجة الرتجيح هبا عند املوازنة بني املرجحات‪ ،‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬

‫(‪ )69‬مصنف عبد الرزاق ‪.94433‬‬


‫(‪ )69‬سنن الرتمذي ‪ ،9879‬سنن البيهقي ‪ ،6/991‬مصنف عبد الرزاق ‪.94483‬‬
‫(‪ )63‬سنن الرتمذي ‪ ،9879‬سنن البيهقي ‪ ،6/991‬وانظر‪ :‬نيل األوطار ‪.3/873‬‬
‫(‪ )68‬احمللى ‪ ،1/84‬بداية اجملتهد ‪ ،3/338‬إعالم املوقعني ‪.3/996‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪422‬‬

‫املبحث الثالث‬

‫أثر تصرف املشرتي يف سقوط الشفعة‬

‫املادة ‪232‬‬

‫ال شفعة فيما فوت تربعا ما مل يكن التربع صوراي أو حتايال‪ .‬كما ال شفعة يف احلصة الشائعة اليت تقدم يف صداق‬
‫أو خلع‪.‬‬

‫التعليق‪:‬‬

‫حني يبيع الشريك نصيبه فللشريك اآلخر املطالبة ابملبيع حبق الشفعة‪ ،‬ولكن ماذا لو تصرف املشرتي ابملبيع ولو‬
‫ابلتربع فهل ذلك مسقط للشفعة؟‬

‫حترير حمل النزاع‪:‬‬

‫ليس بني أهل العلم اختالف يف أن تصرف املشرتي ابملبيع بعد مطالبة الشريك ابلشفعة تصرف يف غري حمله فال‬
‫ينفذ‪.‬‬

‫وإمنا خالفهم حني يتصرف املشرتي قبل مطالبة الشريك ابلشفعة‪.‬‬

‫وينحصر أيضا هذا اخلالف إذا حتقق ما يلي‪:‬‬

‫‪ -9‬أن تكون املطالبة معتربة مبعىن أن هذا اخلالف إمنا جيري يف كل قول على احلال اليت يعتربون املطالبة فيها صحيحة‬
‫دون ما وجد فيه ما مينع صحة املطالبة كتأخري الطلب ابلشفعة بعد العلم ابلبيع‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يكون تصرف املشرتي يف املبيع هببة أو صدقة أو عتق أو وقف (‪.)64‬‬

‫أما التصرف مبا عدا ذلك من التصرفات كالبيع وحنوه‪ ،‬فإنه ال يسقط الشفعة ابالتفاق (‪.)63‬‬

‫(‪ )64‬ضبطه يف املغىن ‪ 7/366‬بكل تصرف ال جتب به الشفعة‪ ،‬وهذا على قول عامة أهل العلم‪ ،‬وإال فاخلالف قائم يف ثبوت الشفعة هبذه األسباب من أسةباب‬
‫التملك كما يف املغين ‪ ،7/444‬وبداية اجملتهد ‪.3/338‬‬
‫(‪ )63‬انظر‪ :‬الفتاوى ‪ ،89/887‬املغين ‪.7/463‬‬
‫‪422‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫آراء الفقهاء‪:‬‬

‫الرأي األول‪ :‬أن تصرف املشرتي ال يسقط الشفعة أية كان هذا التصرف‪.‬‬

‫وهبذا قال مجهور أهل العلم فهو قول احلنفية (‪ ،)66‬واملالكية (‪ ،)67‬والشافعية (‪ ،)68‬وطائفة من احلنابلة (‪.)61‬‬

‫الرأي الثاين‪ :‬أن تصرف املشرتي ال يسقط الشفعة ما عدا التصرف فيه ابلوقف فإنه يسقطها‪.‬‬

‫وهو قول القاضي أيب يعلى من احلنابلة (‪ )79‬وشيخ اإلسالم ابن تيمية (‪.)79‬‬

‫الرأي الثالث‪ :‬أن تصرف املشرتي يف املبيع هببة أو صدقة أو عتق أو وقف يسقط الشفعة‪.‬‬

‫وهو رواية عند احلنفية (‪ ،)73‬وبه قال احلنابلة يف املشهور من املذهب (‪.)78‬‬

‫دليل هذا الرأي‪:‬‬

‫أن يف إثبات الشفعة إضرارا مبن انتقل امللك إليه‪ ،‬وهو املوهوب له أو املتصدق عليه أو املوقوف عليه أو املعتق‬
‫حيث يزول ملكه بغري عوض خبالف التصرف ابلبيع فإنه أيخذه بعوضه (‪.)74‬‬

‫ويناقش‪ :‬أبن هذا ليس إضرارا مبن انتقل إليه امللك ابهلبة وحنوها‪ ،‬إذ هو إبطال هلذه العقود ألنه تبني استحقاق‬
‫العني‪ ،‬وهذا وارد يف مجيع صور اإلبطال كما لو تبني عدم ملكية العاقد هلذه العني أو كوهنا مستحقة يف إرث أو وصية‬
‫وحنو ذلك‪.‬‬

‫دليل القائلني بسقوط الشفعة بتصرف املشرتي ابلوقف دون غريه من التصرفات‪:‬‬

‫(‪ )66‬املبسوط ‪.94/998‬‬


‫(‪ )67‬التاج واإلكليل ‪.3/ 836‬‬
‫(‪ )68‬مغين احملتاج ‪.3/ 898‬‬
‫(‪ )61‬املغين ‪ ،7/466‬واإلنصاف ‪.6/383‬‬
‫(‪ )79‬اإلنصاف ‪.6/383‬‬
‫(‪ )79‬اإلنصاف ‪ ،383/6‬وانظر‪ :‬الفتاوى ‪.89/887‬‬
‫(‪ )73‬املبسوط ‪.94/998‬‬
‫(‪ )78‬املغين ‪ ،7/466‬اإلنصاف ‪.6/383‬‬
‫(‪ )74‬املغين ‪.7/466‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪422‬‬

‫مل أجد هلؤالء دليال منصوصا عنهم سوى أن يستدل هلم أبن الوقف ينتقل به امللك أبدىن األسباب‪ ،‬فهو كالعتق‬
‫يف قوة انتقاله؛ ولذا ينتقل ابلسراية يف ملك الشريك‪.‬‬

‫وميكن أن يناقش من وجوه‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن الوقف أصال مل يصادف ملكا للواقف‪ ،‬بل تبني مبطالبة الشفيع عدم استحقاق املشرتي له فهو كما‬
‫لو وقف ملك غريه‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬أن القائلني هبذا القول يلزمهم القول ابلعتق وهذا مل ينقل عنهم‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬أن الوقف ينقض حلق الغري كما لو وقف املريض أمالكه وعليه دين فإنه إذا مات رد الوقف إىل الغرماء‬
‫والورثة فيما زاد على ثلثه (‪.)73‬‬

‫أدلة اجلمهور القائلني أبن تصرف املشرتي ال يسقط الشفعة‪:‬‬

‫‪ -9‬أن الشفعة إذا مل تسقط بتصرف املشرتي ابملبيع ببيع وحنوه‪ ،‬كما تقدم مع إمكان األخذ ابلبيع املتأخر فألن ميلك‬
‫فسخ عقد ال ميكنه األخذ به أوىل (‪.)76‬‬

‫‪ -3‬أن حق الشفيع أسبق‪ ،‬فيقع تصرف املشرتي على ما ال حق له فيه (‪.)77‬‬

‫الرتجيح‪:‬‬

‫األظهر من هذه األقوال هو قول اجلمهور أبن تصرف املشرتي ابملبيع ال يسقط الشفعة أاي كان هذا التصرف وذلك ملا‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ -9‬أن هذا القول أقرب إىل القواعد املعروفة يف أن التصرف الذي يصادف حمال مستحقا يبطل‪.‬‬

‫‪ -3‬أن هذا القول مطرد منضبط ال يستثىن منه شيء‪.‬‬

‫‪ -8‬أن استثناء بعض التصرفات كالوقف وحنوه مل يظهر دليله‪ ،‬والقول به قد حيمل على اختاذه حيلة إلسقاط الشفعة‪،‬‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪ )73‬انظر‪ :‬يف هذا الوجه الثالث املغين ‪.7/466‬‬


‫(‪ )76‬انظر‪ :‬املغين ‪.7/466‬‬
‫‪422‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫املبحث الرابع‬

‫إسقاط الشفعة قبل البيع‬

‫املادة ‪211‬‬

‫يسقط حق الشفيع يف األخذ ابلشفعة‪:‬‬

‫‪ -‬إذا تنازل عنها صراحة بشرط أن حيصل هذا التنازل بعد ثبوت حقه فيها‪.‬‬

‫التعليق‪:‬‬

‫جرى اخلالف يف هذه املسألة بني الفقهاء بعد اتفاقهم على إمكانية إسقاط هذا احلق بعد حتقق البيع‪.‬‬

‫أقوال الفقهاء‪:‬‬

‫للفقهاء قوالن يف صحة إسقاط الشفيع شفعته قبل البيع‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬أن إسقاط الشفيع شفعته قبل البيع ال يصح‪.‬‬

‫وهذا قول مجهور العلماء من احلنفية (‪ )78‬واملالكية (‪ )71‬والشافعية (‪ )89‬واحلنابلة يف املشهور من املذهب (‪.)89‬‬

‫القول الثاين‪ :‬أن الشريك ميلك إسقاط شفعته قبل البيع ويصح منه ذلك‪.‬‬

‫وهذا القول رواية عن اإلمام أمحد رمحه هللا (‪ )83‬ذهب إليها اإلمام ابن تيمية (‪ ،)88‬وبه قال الظاهرية (‪.)84‬‬

‫(‪ )77‬املصدر السابق‪ ،‬املبسوط ‪ ،94/998‬مغين احملتاج ‪.3/898‬‬


‫(‪ )78‬بدائع الصنائع ‪.3/37‬‬
‫(‪ )71‬منح اجلليل ‪.8/698‬‬
‫(‪ )89‬مغين احملتاج ‪.3/891‬‬
‫(‪ )89‬اإلنصاف ‪.6/373‬‬
‫(‪ )83‬اإلنصاف ‪.6/373‬‬
‫(‪ )88‬اإلنصاف ‪.6/373‬‬
‫(‪ )84‬احمللى ‪.1/ 87‬‬
‫الشفعة يف احلقوق العينية‬ ‫‪422‬‬

‫دليل القائلني بصحة اإلسقاط‪:‬‬

‫حديث جابر رضي هللا عنه قال‪ :‬قضى رسول هللا عليه الصالة والسالم ابلشفعة يف كل شركة مل تقسم ربعة أو‬
‫حائط‪ ،‬ال حيل له أن يبيع حىت يؤذن شريكه‪ ،‬فإن شاء أخذ‪ ،‬وإن شاء ترك‪ ،‬فإذا ابع ومل يؤذنه فهو أحق به (‪.)83‬‬

‫وجه االستدالل‪:‬‬

‫أن قوله‪ :‬فإذا ابع ومل يؤذنه فهو أحق به مفهومه أن البيع إذا وقع بعد استئذان الشريك فال حق له يف الشفعة‬
‫(‪.)86‬‬

‫ونوقش أبن املراد يف احلديث ندب الشريك إىل عرض الشقص املبيع على شريكه قبل أن يبيعه على غريه‪ ،‬فليس‬
‫فيه تعرض إلمكانية سقوط الشفعة يف هذه احلال (‪.)87‬‬

‫دليل القائلني بعدم سقوط الشفعة قبل البيع‪:‬‬

‫أن إسقاط الشفعة قبل البيع هومن ابب إسقاط احلق قبل وجوبه‪ ،‬وذلك ال يصح (‪.)88‬‬

‫الرتجيح‪:‬‬

‫أتملت هذه املسألة فوجدهتا تندرج ضمن قاعدة مطردة هي إسقاط احلق قبل وجوبه أو وجود سببه‪ ،‬ومن أمثلتها‬
‫التنازل عن املهر قبل العقد‪ ،‬ومنها التنازل من الورثة عن حقهم فيما زاد على الثلث أي إجازهتم للوصية أبكثر من الثلث‬
‫أو لوارث قبل موت املوصي وهلا نظائر أخرى‪.‬‬
‫ويظهر للناظر أول وهلة أهنا حقوق خالصة ألصحاهبا‪ ،‬فلهم أن يتنازلوا عنها وال فرق أن يكون ذلك قبل وجوهبا‬
‫أو بعده‪.‬‬
‫ولكن من متع ن يف قواعد الشرع العظيمة اليت جاءت مبصاحل العباد‪ ،‬ورفعت عنهم احلرج والعنت واملشقة والضرر‬
‫خلص إىل املنع يف هذه املسائل‪.‬‬
‫إذ الشرع املطهر مل يراع الرضى دائما وتنازل املتضرر عن الضرر الواقع عليه؛ بل محاه الشرع حىت من نظرته‬
‫القاصرة اليت قد تورده املهالك أو الديون واملطالبات اليت ال قبل له هبا‪.‬‬

‫(‪ )83‬أخرجه مسلم‪ ،‬وقد تقدم ص ‪.73‬‬


‫(‪ )86‬احمللى ‪ ،1/87‬اإلشراف البن املنذر ‪.3/6‬‬
‫(‪ )87‬انظر‪ :‬شرح مسلم للنووي ‪.99/46‬‬
‫(‪ )88‬املغين ‪ ،7/394‬بدائع الصنائع ‪.6/3793‬‬
‫‪429‬‬ ‫د‪ .‬فهد بن عبد الرمحن اليحيي‬

‫فليس يف شرعنا العادل أن الرضا شريعة املتعاقدين كما تنص عليه القوانني األرضية؛ ألن املتعاقدين قد يرضيان ما‬
‫حياد هللا ورسوله‪ ،‬وقد يرضيان ما يفسد اجملتمع‪ ،‬وقد يرضيان ما فيه ضرر هلما إن عاجال أو آجال‪.‬‬
‫ولذ ا فإن اإلسالم حرم الراب ومنع الفقري الذي أراد أن يقرتض من الغين ورضي ابلزايدة عليه وتنازل عن حقه يف‬
‫أال يؤخذ منه إال قدر ما أخذ‪ ،‬منعه اإلسالم من ذلك ومحاه يف حال ضعفه وحاجته كيال يؤدي به ذلك إىل فوات‬
‫مصاحله ومصاحل من يعول‪.‬‬
‫وإذا نظران إىل مسألتنا وجدان أن مقتضى القواعد الشرعية أن مينع الشريك من إسقاط حقه يف الشفعة قبل‬
‫البيع ملا يلي‪:‬‬
‫‪ -9‬أن حق الشفعة إمنا يثبت يف حال البيع‪ ،‬وأما قبل ذلك فأي حق يسقطه؟ إذ املشرتي الذي قد تنازل الشريك له‬
‫هبذا احلق قد يعدل عن الشراء‪ ،‬وأييت مشرت أخر فهل إذا رجع املشرتي األول مرة أخرى يكون احلق ابقيا له؟‪.‬‬
‫إن مقتضى القول ابإلسقاط أن ميلك ذلك؛ ألنه حق قد تنازل به صاحبه له‪ ،‬وهذا مما يوضح بعد هذا القول‬
‫عن القواعد‪.‬‬
‫‪ -3‬أن القول ابإلسقاط يلزم منه إمكانية إسقاط الشفعة مطلقا مبعىن أن يبقى الشريك بعد إسقاطه ال حق له يف‬
‫الشفعة يف أي حال ومع أي شريك‪.‬‬
‫فإذا علمنا أن هذا اإلسقاط قد يطلب منه يف حال حاجته أو ضعف موقفه‪ ،‬فمعىن هذا أننا رفعنا عنه احلماية‬
‫الشرعية اليت ضمنها له الشرع يف مثل هذه احلال اليت يغيب فيها الشخص عن إدراك مصاحله ال سيما املستقبلية منها‪،‬‬
‫ويفوته تصور الضرر الذي قد يقع عليه جراء تنازله عن هذا احلق‪.‬‬
‫فمثال قد يشرتط عليه يف الشركة التنازل عن هذا احلق فيقبل الدخول على ذلك حلاجته‪ ،‬أو رمبا تنازل عن حق‬
‫الشفعة بعد ذلك؛ ولكنه قد يتضرر ضررا كبريا بدخول شريك ال يصلح معه البتة‪ ،‬أو قد يبتزه الشريك ألمر ما أبن‬
‫يهدده ابلبيع على من يعلم سوء عشرته‪.‬‬
‫(‪)81‬‬
‫وهللا جل وعال قد قال‪ :‬وإن كثريا من اخللطاء ليبغي بعضهم على بعض‬
‫فبني أن الغالب يف الشركاء البغي والتعدي‪ ،‬ولذا فال ينبغي ترك املسلم حتت رمحة هؤالء اخللطاء‪.‬‬
‫‪ -8‬إن القول ابإلسقاط يلزم منه أن يصح التنازل عن كثري من شروط العقود‪ ،‬وأن يصح أيضا أن يشرتط كل عاقد ما‬
‫يشاء‪ ،‬ومن ذلك الوالء يف العتق لغري املعتق‪ ،‬ألنه حق تنازل به صاحبه‪ ،‬ومن صحح اإلسقاط هنا قد يعوزه تلمس‬
‫الفرق بني الصورتني أعين صورة أال يكون للشفيع شفعة وأال يكون للمعتق والء‪.‬‬
‫‪ -4‬إن التنازل عن احلق قبل ثبوته شبيه برد املوهوب له اهلبة قبل قبضها‪ ،‬فكما أن املوهوب له ال ميلك اهلبة إال ابلقبض‬
‫فال يقبل رده قبل القبض على قول اجلمهور فكذلك هذا احلق ال ميلكه حىت يتحقق له فال يعترب إسقاطه قبل ثبوته‬
‫له‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪ )81‬آية ‪ 34‬من سورة ص ~‪.‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like