You are on page 1of 12

‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.

ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬


‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫االستعداد للظهور‪،‬‬
‫إصالح اإلدارة على مستوى األسرة والمجتمع (المحاضرة ‪)4‬‬
‫علي‌رضا بناهیان‬

‫الزمان‪ :‬محرم ‪1441‬‬


‫المكان‪ :‬طهران‪ ،‬جامعة اإلمام الصادق(ع)‬
‫الموضوع‪ :‬االستعداد للظهور‪،‬‬
‫إصالح اإلدارة على مستوى األسرة والمجتمع (المحاضرة ‪)4‬‬
‫التاريخ‪ /3 :‬محرم ‪2019 /9 /3 – 1441 /‬‬

‫‪1‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫يعتقد أتباع النهج الخوارجي أن "األسرة ال تحتاج إلى مدير!"‪ /‬المشكلة األهم بالنسبة لألسرة في‬
‫إيران هي عالج قضية إدارتها‪ /‬التحلل األخالقي في آخر الزمان هو نتيجة المساس بإدارة األسرة‬

‫إنكار موضوع اإلدارة في األسرة ُي َع ّد ضرباً من النهج الخوارجي‪ ،‬وأن نتجاهل اإلدارة‬
‫في األسرة ونكتفي بالمواعظ األخالقية فهو لون من العلمانية والحماقة! فال يمكن‬
‫إنكار القاعدة التي تح ّتم وجود الحاكم في المجتمع وإن كان فاجراً‪ ،‬وال يمكن‬
‫نغض النظر عن األسلوب الصحيح في اإلدارة؛ ألن المسؤول إن كان أسلوبه‬ ‫ّ‬ ‫أن‬
‫خاطئاً في اإلدارة‪ ،‬سيؤدي بالمجتمع إلى السقوط‪ ،‬حتی وإن كان إنساناً صالحاً‪.‬‬

‫لماذا يحتاج اإلنسان إلى اإلدارة؟‬


‫ملــاذا يحتــاج اإلنســان إىل اإلدارة؟ مــا الداعــي لطــرح منصــب أو مهنــة أو نشــاط باســم «اإلدارة» يف‬
‫الحيــاة البرشيــة؟ حــن تكــون لكــم أهــداف متعــددة ومن ّوعــة‪ ،‬وحــن تكــون لكــم احتياجــات مختلفــة‪،‬‬
‫وحــن تكــون يف حوزتكــم أنــواع اإلمكانيــات واألدوات‪ ،‬وحــن تكونــون مجموعــة مــن األشــخاص لــكل‬
‫منكــم مالحظاتــه الخاصــة‪ ،‬فســتضطرون آنــذاك إىل املنهجــة‪ ،‬وتنفيــذ اإلجـراءات خطــوة خطــوة وبتدبّــر‪،‬‬
‫وتوزيــع األدوار عــى األشــخاص‪ .‬وســيضطر كل شــخص إىل أن يحــ ّدد ِصلَتــه باآلخريــن‪ .‬وبالنتيجــة‬
‫ســنحتاج إىل حقيقــة ت ُدعــى «اإلدارة»! تشــتمل اإلدارة عــى معرفــة البيئــة (املتميــزة بتنــوع االحتياجــات‬
‫واإلمكانيــات واملقتضيــات واملالحظــات)‪ ،‬وتوظيــف مختلــف اإلمكانيــات واألدوات وتنظيــم األشــخاص‬
‫لتحقيــق أهــداف هــي األخــرى ُمح ـ َّددة مســبقاً‪ .‬والحــق أ ّن تحديــد األهــداف هــذا يعنــي «اإلدارة»‪.‬‬

‫اإلنسان ُمضطر إلى االدارة‪ ،‬نظراً ّ‬


‫لتنوع احتیاجاته ورغباته وإمکانیاته‬
‫ال بــد مــن االهتــام بـــ «التعــدد والتنــوع» والتأمــل فیهــا کثیـرا ً باعتبارهــا الجوهــر الرئیــس يف موضوع‬
‫اإلدارة‪ .‬ألننــا لســنا مخلوقــات بســیطة کالبهائــم لیــس لهــا إال هــدف واحــد يف الحيــاة‪ ،‬فــا تعنــي‬
‫اإلدارة شــيئا لهــا‪ .‬طبعــا هنــاك مســتويات مــن اإلدارة بــن الحيوانــات وهــي غريزيــة‪ ،‬لكــن بشــكل‬
‫عــام ال ت ُعــد اإلدارة مــن شــؤون الحيوانــات‪ .‬انظــروا‪ ،‬عــى ســبيل املثــال‪ ،‬إىل النحــل‪ ،‬فالنحــات لهــا‬
‫هــدف واحــد‪ .‬وعــى الرغــم مــن وجــود ملكــة للنحــل يف الخليــة إال أنهــا ليســت مديــرة‪ ،‬بــل هــي أداة‬
‫للتوالــد والتكاثــر فحســب‪ .‬اإلدارة قضيــة خاصــة باإلنســان‪ ،‬ألنــه أَمــا َم تنـ ّو ٍع مــن االحتياجــات والرغبــات‬
‫واإلمكانيــات واألدوات‪ .‬عــى ســبيل املثــال أنتــم مضطــرون إىل اإلدارة يف موضــوع تنــاول الطعــام؛‬
‫فألنــه ال یوجــد لــون واحــد مــن الطعــام‪ ،‬وألن حاجتکــم إىل الطعــام لیســت مــن نــوع واحــد‪ ،‬فــإن‬
‫أي االحتياجــات لــه األولويــة يف االهتــام والتلبيــة‪.‬‬ ‫احتیاجاتکــم للطعــام من ّوعــة‪ .‬فــاإلدارة هــي أن تُحـ ِّدد ّ‬
‫‪2‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫اإلدارة هــي عمليــة يضطــر إليهــا اإلنســان نظــرا ً للتنــوع الــذي يواجهــه يف داخلــه أو خارجــه‪.‬‬
‫فــإن مل ميــارس أحــد اإلدارة فســتكون حركتــه يف الحيــاة أشــبه بانــزالق حصــاة يف نهــر‪ ،‬إذ‬
‫ســتتدحرج‪ ،‬كيفــا اتفــق‪ ،‬مــن أعــايل النهــر إىل أســفله وتكتســب شــكالً مع ّينــاً نتيجــة اصطدامهــا‬
‫العشــوايئ باألجســام املختلفــة؛ فإمــا أن تتفتّــت‪ ،‬أو تنكــر‪ ،‬أو تتخــذ شــكالً مناســباً بالصدفــة‪.‬‬

‫ال يبدأ التدين من اإليمان بالله‪ ،‬بل من حاجة اإلنسان إلى اإلدارة والمنهج‬
‫اإلدارة تنظّــم حيــاة اإلنســان وفقـاً ملنهــج معـ ّـن‪ ،‬وقــد خلقَنــا اللــه ســبحانه وتعــاىل نحــن البــر بحيــث‬
‫ال نســتطيع أن نعيــش مــن دون إدارة‪ ،‬بينــا الحيوانــات قــادرة عــى ذلــك! ف ُيقــال مث ـاً إن اله ـ ّر حــن‬
‫ميــرض يشــتهي طعام ـاً يكــون فيــه دواؤه‪ .‬لكــن هــذه القاعــدة ليســت صادقــة بالنســبة لإلنســان‪ ،‬فــا‬
‫أكــر مــا مييــل اإلنســان إىل طعــام يُلحــق بــه الــرر‪ .‬الحيــوان يعيــش كالحصــاة التــي تتدحــرج يف مجــرى‬
‫النهــر ماضيــة إىل األمــام‪ ،‬لكــن اإلنســان ليــس كذلــك‪ ،‬فهــو ُمجـ َـر عــى إدارة نفســه‪ .‬فــا إن يشــتهي شــيئاً‬
‫فــإ ّن عليــه أن يقــول لنفســه‪« :‬تريّــث! كــم شــيئاً أنــا أحــب؟ أنــا ال أرغــب يف هــذا الــيء فقــط!» ومــا إن‬
‫يحتــاج إىل يشء‪ ،‬فــا بــد أن يقــول لنفســه‪« :‬تريّــث! فلــدي احتياجــات أخــرى أيضـاً!» وهــذه هــي بدايــة‬
‫اإلدارة‪ ،‬وبدايــة اإلنســانية‪ ،‬وبدايــة التديــن‪ .‬فإمنــا يبــدأ التديّــن مــن هــذه العبــارة بالــذات‪« :‬تريّــث!»‬
‫بدايــة التديــن ليســت مــن اإلميــان باللــه‪ .‬إنهــا الروحانيــة التــي تكــون بدايتهــا اإلميــان باللــه وختامهــا‬
‫اإلميــان باللــه ومســرها الســلوك إىل اللــه‪ .‬الديــن هــو نــوع مــن املنهــج‪ ،‬واملنهــج هــو ملــن يريــد أن يكــون‬
‫لــه منهــج يف حياتــه‪ .‬فمــن يريــد أن يعيــش كتلــك الحصــاة امللقــاة يف قعــر النهــر ال يحتــاج إىل منهــج!‬

‫كيف يتعلم أطفالنا التدين في المدارس؟‬


‫كيــف يتعلــم أطفالنــا التديــن يف املــدارس؟ يتعلمونــه عــر أســلوب خاطــئ لألســف! يقولــون للطفــل يف‬
‫البدايــة‪« :‬آمــن باللــه!» فيعلّمونــه الروحانيــة يف بــدء األمــر‪ ،‬وقبــل أن يو ّجهونــه بأنــك «تحتــاج إىل منهــج‪،‬‬
‫ويجــب أن تتعلــم اإلدارة وأن تتمكــن مــن إدارة نفســك وحياتــك»‪ ،‬يقولــون لــه ‪»:‬هــذا اإللــه أمــر بأوامــر‬
‫عليــك تنفيذهــا وإال ســتدخل نــار جهنــم!» وبهــذا يجعلونــه يكــره الديــن‪ .‬فانظــروا مــا هو االنطبــاع الذي‬
‫يتكـ ّون عــن الديــن يف عقــول هــؤالء األطفــال الذيــن يرتبــون وفــق هذا األســلوب لتعليــم الديــن يف النظام‬
‫الرتبــوي التعليمــي القائــم؟! ال ضــر مــن إقامــة العالقــة بــن اإلميــان باللــه والتديــن باعتبــار «أن اإلميــان‬
‫هــو أكــر العوامــل تأثـرا ً يف تقويــة دوافــع اإلنســان للتديــن»‪ ،‬ولكنــي أرى أن نبــدأ التديــن مــن حاجــة‬
‫اإلنســان إىل املنهــج والربنامــج (الــذي يُ َعــد جــزءا ً مــن اإلدارة) وكذلــك مــن حاجــة اإلنســان إىل القــدرة‬
‫عــى اإلدارة وإتقانهــا وإىل التدبــر‪ ،‬وأن نبــدأ بذلــك مــن ألعــاب األطفــال يف دور الحضانــة والروضــات‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫لنهيئ لألطفال ألعاباً تعلّمهم التخطيط واإلدارة‬


‫ّ‬
‫األلعــاب التــي تن ّمــي قــدرات اإلنســان ليصبــح «مخطِّطـاً ومرب ِمجـاً» ومديـرا ً‪ ،‬تســتحق أن تنفقــوا عليهــا‬
‫األمــوال وتشــرونها ألطفالكــم مهــا كانــت باهظــة الثمــن‪ ،‬وال ضــر يف أن يلعــب األطفــال بهــذه‬
‫األلعــاب مهــا متــادوا يف ذلــك‪ .‬ال تو ّجهــوا األلعــاب صــوب القــار‪ ،‬فالحــار هــو مــن يلعــب القــار!‬
‫مــا هــو القــار؟ إنــه الح ـ ّظ! ال تلعــب األلعــاب التــي تعتمــد عــى الحــظ كلعبــة «الســلم والثعبــان»‬
‫أبــدا ً! ألنــك أ ّوالً‪ ،‬ال تســتطيع أن تخطّــط لحركاتــك‪ ،‬بــل ترمــي «ال َز ْهــر» وتتقــدم بحســب مــا ميليــه‬
‫عليــك الحــظ‪ ،‬قائ ـاً‪« :‬لِ ـ َر مــا هــو الرقــم الــذي ســيظهر؟» وهــذه هــي الخطــوة األوىل لالبتعــاد عــن‬
‫اإلنســانية! أمتنــى أن نجــد أشــخاصاً يتمتعــون بــروح الفكاهــة والحكمــة أيض ـاً ف ُينتجــوا لنــا برامــج يف‬
‫التلفــاز منقــت مــن خاللهــا التشــبه بالحيوانــات! عــى أن تكــون لعبــة كالشــطرنج أقــرب مــن غريهــا‬
‫بكثــر إىل اإلنســانية والتقــوى والتديــن (بالطبــع ليــس املقصــود أن يقامــر أحــد بلعبــة الشــطرنج) وأنتــم‬
‫تعلمــون فتــوى اإلمــام الخمينــي(ره) يف الشــطرنج‪ .‬األلعــاب التــي تعلّمنــا اإلدارة والتخطيــط ته ّيئنــا‬
‫للدخــول إىل الحيــاة الج ّديــة‪ ،‬أي التديــن! وقــد يكــون معلــم الرياضيــات أو العلــوم أو غــره مــن‬
‫املعلمــن أفضــل معلّـ ِـم ديــنٍ لنــا‪ ،‬ففــي وســع كل معلــم أن يكــون معلّ ـ َم ديــنٍ بشــكل مــن األشــكال‪،‬‬
‫إذا علّمنــا االتّ ـزان والتخطيــط واإلدارة‪ .‬بعــض األشــخاص هــم يف األســاس أنــاس متّزنــون واإلدارة رضب‬
‫مــن االتّـزان والحصافــة‪ .‬واللــه ســبحانه أيضـاً ال يتعامــل بغــر حســاب‪ ،‬كــا أن النجــاح ال يُنــال اعتباطـاً!‬

‫كيف نُنشئ األطفال في المدارس ليصبحوا من أهل التخطيط واإلدارة؟‬


‫مــا هــي املدرســة االبتدائيــة؟ هــي مــكان ينبغــي عــى املعلــم أن يتعامــل فيــه مــع األطفــال كآدميــن‬
‫حقيقـ ًة‪ ،‬فيقــول مثـاً يف مســتهل األســبوع‪« :‬هلّمــوا يــا أوالد نُ ِعـ ّد ألســبوعنا هــذا منهاجـاً»‪ ،‬فيســمح لــكل‬
‫واحــد منهــم أن يخطــط‪ ،‬مــاذا ســتفعل أنــت؟ وأنــت مــا هــو برنامجــك؟ و‪...‬وكيــف نرتّــب منهاجنــا يف‬
‫يخصــص يوم ـاً يف األســبوع للتخطيــط‪ ،‬بــدالً مــن أن يضــع ِقمع ـاً عــى رؤوس األطفــال‬ ‫الصــف؟ أي أن ّ‬
‫ـب املعلومــات يف أدمغتهــم ص ّب ـاً! فهــذه جرميــة ترتكــب يف حــق التلميــذ! فلتعطّلــوا يوم ـاً واحــدا ً‬ ‫ويصـ ّ‬
‫ولتخصصــوه للتخطيــط والربمجــة! ال تقلقــوا‪ .‬ســوف ال يصبــح التالميــذ أُ ّميــن بذلــك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يف األســبوع‬
‫بــل ســيتح ّولون إىل علــاء ويتفوقــون عليكــم علميــاً إن تــم إنجــاز هــذه الخطــوة بشــكل صحيــح‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫خصصــوا‪ ،‬مــرة أخــرى‪ ،‬يوم ـاً مــن وقتكــم لهــذا األمــر واســألوا التالميــذ‪ :‬يف أي جــزء‬
‫ويف األســبوع التــايل ّ‬
‫مــن خطــة األســبوع املــايض أخفقنــا؟ أنــت كيــف خطّطــت؟ هــو كيــف خطّ ـ َط؟‪ ...‬ينبغــي أن يتــدرب‬
‫الطفــل عــى اإلدارة والتخطيــط والربمجــة تحــت إرشاف املعلــم ملــدة ســبع ســنني‪ .‬وبعــد مــي ســبع‬
‫ســنني اتركــوه لحالــه واســمحوا لــه بــأن ميــارس اإلدارة بنفســه‪ ،‬قائلــن لــه‪« :‬ســأعطيك املشــورة»‪ .‬يف مثــل‬
‫هــذه الحالــة سينشــأ هــذا الطفــل آدمي ـاً‪ .‬وســيحب هــذا اإلنســان الديــن ألنــه س ـراه مليئ ـاً باملناهــج‬
‫والخطــط! بــل إن اإلنســان الــذي ال يكــون ُم َمنهِجـاً لحياتــه ســوف ال يتمتــع بالفهــم الــكايف إلدراك الدين!‬

‫من أتقن إدارة نفسه سيتقن إدارة اآلخرين أيضاً‬


‫ملــاذا يحتــاج اإلنســان إىل اإلدارة؟ ألن احتياجاتــه متعــددة‪ ،‬ورغباتــه متنوعــة‪ ،‬وإمكانياتــه مختلفــة‪،‬‬
‫وأحيان ـاً لكونــه يعيــش ضمــن جامعــة‪ .‬عــى أنــه عندمــا ال يكــون هنــاك أشــخاص آخــرون فــا بــد أن‬
‫أوصــوا بــأن تتعلّــم إدارة‬ ‫أديــر نفــي‪ .‬و َمــن تعلّــم إدارة نفســه ســيتعلّم إدارة اآلخريــن أيض ـاً‪ .‬ولذلــك َ‬
‫ـول إدارة اآلخريــن! كيــف منــارس اإلدارة عــى مســتوى األرسة؟ هــل إ ّن جميــع أفـراد‬ ‫نفســك قبــل أن تتـ ّ‬
‫األرسة مه َملــن ومــن دون منهــج؟ أبــدا ً! فقــد جــاءت يف القــرآن الكريــم حتــى املنهجــة الدقيقــة لتن ّقــل‬
‫األشــخاص بــن ُغـ َرف املنــزل‪ ،‬والجــدول الزمنــي لذلــك أيضـاً‪« :‬یــا أَیُّ َهــا الَّذیـ َن آ َم ُنــوا لِ َی ْسـتَأْ ِذنْ ُک ُم الَّذیـ َن‬
‫ات ِمـ ْن قَ ْبــلِ َصــا ِة الْ َف ْجـ ِر َوحیـ َن ت ََض ُعــو َن‬ ‫ـت أَیْامنُ ُکـ ْم َوالَّذیـ َن لَـ ْم یَ ْبلُ ُغــوا الْ ُحلُـ َم ِم ْن ُکـ ْم ثَــاثَ َمـ َّر ٍ‬
‫َملَ َکـ ْ‬
‫ات لَ ُکـ ْم» (النــور‪ .)58/‬متــى يســتطيع األطفال‬ ‫ثِیابَ ُکـ ْم ِمـ َن الظَّهیـ َر ِة َو ِمـ ْن بَ ْعـ ِـد َصــا ِة الْ ِعشــا ِء ثَــاثُ َعـ ْور ٍ‬
‫أن يدخلــوا «هــذه الحجــرة» باســتئذان أو مــن دون اســتئذان؟ ال ينبغــي لهــم أبــدا ً أن يدخلوهــا يف‬
‫األوقــات التــي حددتهــا اآليــة‪ .‬وهــذا يعنــي أن التنقــل داخــل املنــزل أيض ـاً يســتوجب منهج ـاً مع ّين ـاً‪.‬‬

‫ما هو الدين؟ الدين هو منهجة للحياة‬


‫مــا هــو الديــن؟ الديــن هــو منهجــة للحيــاة؛ منهج ـ ٌة إلنفــاق املــال‪ ،‬ولطريقــة كســب الــرزق‪... ،‬الــخ‪.‬‬
‫لكــن مــا إن نتكلــم حــول منــط الحيــاة والتخطيــط لهــا وللمعيشــة مــن وجهــة نظــر الديــن‪ ،‬حتــى‬
‫يســتوحش الكثــرون‪ .‬ملــاذا؟ ألن معظــم املباحــث التــي تناقَــش يف الحــوزة العلميــة قوامهــا التفكــر‪،‬‬
‫وليــس التدبّــر والتدبــر‪ .‬التدبــر يعنــي‪« :‬كيــف تعتــزم أن ترتّــب أمــورك؟ كيــف تريــد املبــارشة باألعامل؟»‬
‫أمــا التفكــر فهــو تقديــم األدلــة والرباهــن إلثبــات حقيق ـ ِة أم ـ ٍر مــا‪ .‬لقــد عانينــا يف الحــوزة العلميــة‬
‫الضعــف ألكــر مــن ألــف عــام‪ ،‬ألن العلــاء كانــوا يُقتَلــون‪ ،‬ولهــذا كانــوا يقولــون‪« :‬علينــا حالي ـاً‪ ،‬يف‬
‫األســس واألصــول»‪ .‬ولذلــك نــرى أن أفضــل نشــاط ميــا َرس يف‬ ‫مثــل هــذه الظــروف‪ ،‬أن نحافــظ عــى ُ‬
‫ـت بهــا الحــوزة العلميــة‪.‬‬‫الحــوزة العلميــة هــو «التف ّكــر»‪ ،‬أمــا التدبّــر والتدبــر واملنهجــة‪ ،‬فقلّــا اهت ّمـ ْ‬

‫‪5‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫نحن نحتاج إلى اإلدارة والمنهجة في حياتنا الشخصية‬


‫نحــن نحتــاج إىل اإلدارة واملنهجــة يف حياتنــا الشــخصية‪ ،‬بــل وإىل الرقابــة والتح ّكــم ودراســة النتائــج أيضـاً‪.‬‬
‫النْســا ُن إِ ‏ىل طَعا ِمـ ِه» (عبــس‪ )24/‬أي يجــب عــى اإلنســان أن ينظــر‬ ‫قــال تعــاىل يف كتابــه املبــن‪« :‬فَلْ َی ْنظُـ ِر ْ ِ‬
‫مــاذا يــأكل؟ يعنــي عليــه أن يتــوىل إدارة طعامــه‪ .‬يقــول آيــة اللــه بهجــت(ره)‪« :‬كأ ّن مــن املعــروف أنــه ال‬
‫خــر يف َمــن بلــغ األربعــن مــن عمــره ومل يجــد دواء لصحــة بدنــه» (در محــر بهجــت (يف رحاب الشــيخ‬
‫بهجــت) ‪ /‬ج‪ /3‬ص‪ .)238‬وهــذا يعنــي أنــه ال خــر فيــك إذا بلغــت األربعــن ومل تكتشــف مكا ِمــن ضعــف‬
‫جســدك وق ّوتــه‪ ،‬ومل تقــف عــى طب ِعــك‪ ،‬ومل تعــرف – بالنظــر إىل خصائــص جســدك ‪ -‬مــا عليــك أكلــه‬
‫أو االمتنــاع عنــه‪ ،‬ومــا يــر ببدنــك! يقــول الديــن‪« :‬عــش حياتــك كإنســان كريــم!» لكــن البعــض يتصــور‬
‫أن الديــن يهتــم باألمــور الســاوية واملعنويــة فحســب ويهمــل الحيــاة! الحظــوا كــم مــن حديــث لدينــا‬
‫حــول الصحــة والتغذيــة! لكــن يف أي مســجد مــن مســاجدنا يعلّمــون هــذه األمــور؟! ونتيجــة ذلــك أن‬
‫الكثــر مــن النــاس يجهلــون أن اإلمســاك هــو أُ ّم األمـراض وكيــف ميكــن الوقايــة منــه بالتغذيــة الســليمة!‬
‫ملــاذا نشــتيك إىل هــذا الحــد مــن وزارة الرتبيــة والتعليــم؟ ألننــا نقــول لهــم‪ :‬مــاذا أنتــم فاعلــون بهــذا‬
‫أي طعــام ينبغــي تناولــه مــع‬ ‫اإلنســان؟ فلتعرضــوا لــه خارطــة وجــوده‪ ،‬فلتعلّمــوه علــوم التغذيــة ليعلــم ّ‬
‫أي طعــام؟ ملــاذا يقــول اإلمــام الصــادق(ع)‪ ،‬بحســب مــا روي عنــه‪...« :‬أَ ِّن لَ آك ُُل َعـ َـى َمائِـ َد ٍة لَ ْيـ َ‬
‫ـس‏ ِفي َهــا‬ ‫ّ‬
‫ـرة»؟ (الــكايف‪ /‬ج‪ /6‬ص‪ )362‬هــذا يعنــي أن موضــوع التغذيــة هــو عــى هــذا القــدر مــن األهميــة!‬ ‫ُخـ ْ َ‬

‫إن عشنا من غير منهج فنحن بال دين!‬


‫نحــن نقــول‪ :‬علّمــوا األوالد مهــارة التخطيــط واملنهجــة‪ .‬فــإن عشــنا مــن غــر منهــج فنحــن بــا ديــن!‬
‫وإذا ربّانــا أحــد بأســلوب مل يؤ ّهلنــا لــإدارة واملنهجــة فهــذا يعنــي أنــه مل يربّنــا لنكــون مــن املتدينــن‪.‬‬
‫اإلدارة تعنــي املنهجــة‪ .‬وإ ّن عــى املــرء أن يضــع لنفســه منهاج ـاً حتــى الســتخدام دورة امليــاه‪ .‬انظــروا‬
‫كــم مــن الروايــات لدينــا يف بــاب التَ َخـ ّـي؟ ملــاذا يوصــون بذلــك قبــل النــوم؟ وملــاذا بعــد النــوم؟ ولِـ َم‬
‫يُ َعـ ّد اإلمســاك أم األمـراض؟ وملــاذا يجــب تنــاول الخضــار مــع وجبــات الطعــام؟ اإلدارة تعنــي أن تح ّقــق‬
‫كل مــا تتم ّنــاه مــن خــال منهــج‪ .‬أو باألحــرى أن ترتّــب الئحــة لــكل مــا تح ّبــه وتتم ّنــاه ثــم تقــول‬
‫إل ســأخطو خطــوة‪ ،‬ومتــى‪،‬‬ ‫ألي األمــور املحببــة َ ّ‬
‫لنفســك‪« :‬ألتريّــث قليــاً‪ ،‬فــاذا أريــد أن أعمــل؟ ّ‬
‫ومــا هــي هــذه الخطــوة؟» بــل إن اإلدارة هــي نفســها عــى قــدر عــال مــن الجاذبيــة! وأ ْن يعتــاد‬
‫املــر ُء التخطي ـ َط واملنهجــة هــو يف حــد ذاتــه مــن الجاذبيــة مــا يجعــل اإلنســان يــو ّد لــو يرفــع مــن‬
‫مســتوى تخطيطــه ودقتــه‪ .‬وإن يف اإلدارة الفرديــة ذاتهــا واعتــاد منهــج معـ ّـن يف الحيــاة الشــخصية‬
‫لحــاو ًة وجــاالً وســحرا ً‪ ،‬غــر أ ّن ثقافــ ًة تســيطر علينــا ال تســمح لنــا بولــوج ميــدان اإلدارة أصــاً!‬

‫‪6‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫ستكتسب اإلدارة طابعاً اجتماعياً عند توزيع األدوار بين عدة أشخاص‬
‫ستكتســب اإلدارة طابع ـاً اجتامعي ـاً حــن تختلــف األدوار وتتــوزّع بــن عــدة أشــخاص‪ .‬وإننــا نشــاهد‬
‫هــذا النــوع مــن اإلدارة يف املنــزل مثــاً؛ إذ تبــدأ اإلدارة مــن االختــاف القائــم بــن الرجــل واملــرأة‬
‫(حتــى قبــل إنجــاب األطفــال)‪ .‬إنكــا شــخصان برغبــات متباينــة وأذواق مختلفــة‪ ،‬وعليكــا أن تدي ـرا‬
‫شــؤونكام ورغباتكــا‪ .‬ينبغــي عــى الرجــل أن يديــر حياتــه‪ ،‬وأن يتمتــع بحياتــه مــع زوجتــه بهــذه‬
‫اإلدارة‪ .‬ويتحتــم عــى املــرأة أيضــاً أن تديــر حياتهــا وأن تتمتــع بحياتهــا مــع زوجهــا بإدارتهــا هــذه‪.‬‬
‫يتعــن عــى الــزوج والزوجــة أن يتحكّــا بلســانهام! اإلدارة ليســت أمــرا ً عجيبــاً خارقــاً للعــادة!‬‫ّ‬
‫اقتنعــت بهــا ســيصبح التديّــن أمــرا ً ه ّينــاً‬
‫َ‬ ‫فهــي تبــدأ مــن نقطــة محــددة يف الديــن‪ ،‬وإنــك إن‬
‫ّمــت األطفــال فيهــا اإلدارة‪ ،‬فســيقوم‬‫ســت مدرســة إســامية وعل َ‬ ‫عليــك إىل النهايــة‪ .‬فلــو أنــك ّأس َ‬
‫غــر املتدينــن أيضــاً بتســجيل أوالدهــم فيهــا‪ .‬فــإن تعلّــم هــذا الطفــل اإلدارة فإنّــه ســيدرك غــدا ً‬
‫َمواطــن جــا ِل الديــن ويســتمتع بــه‪ .‬ومثلــه ال يصبــح عبــدا ً لآلخريــن ألنــه ليــس بإنســان ســاقط!‬

‫دور اإلدارة في المجتمع يشبه دورك في إدارة ذاتك‬


‫تحدثنــا قليــاً حــول عالقــة اإلدارة بالديــن‪ ،‬واآلن نريــد أن نتكلــم حــول أنــه‪« :‬ملــاذا نتحــ ّدث عــن‬
‫اإلدارة عــى مســتوى األرسة واملجتمــع؟ لِــ َم ال نتكلّــم عــن األخــاق يف األرسة واملجتمــع؟ أو عــن‬
‫الروحانيــة يف املجتمــع؟» وقــد قــال الحكــاء‪« :‬الســمكة تكــر مــن رأســها ال مــن ذيلهــا» (موالنــا‪،‬‬
‫املثنــوي املعنــوي)‪ .‬فــدور اإلدارة يف املجتمــع‪ ،‬كــدورك يف إدارة ذاتــك ونفســك! مــا مــدى أهميــة‬
‫اإلدارة يف الحيــاة الفرديــة؟ مثــاً إنــك قــد تحصــل عــى أرخــص طعــام وأفضلــه وألــذّه مــن خــال‬
‫نفســه يف املجتمــع‪.‬‬
‫اإلدارة الصحيحــة‪ .‬مــا هــو دور اإلدارة يف حياتــك أنــت بالــذات؟ إن للحاكــم الــدو َر َ‬

‫إدارة المجتمع هي من األهمية بحيث يستشهد سيد الشهداء(ع) ألجلها‬


‫إن إدارة املجتمــع هــي مــن األهميــة بحيــث يستشــهد ســيد الشــهداء(ع) ألجلهــا! فقــد ثــار اإلمــام‬
‫الحســن(ع) عــى رجــل ال يصلــح إلدارة األمــة‪ .‬وقــد قتـ َـل النــاس اإلمــام الحســن(ع) خشــية أن يصبــح‬
‫حاكــاً عــى األمــة! إىل هــذا املســتوى كان فهمهــم متــد ٍّن لــإدارة الصالحــة وتولّيهــا بيــد إنســان‬
‫ستحســن أن نتحــدث عــن‬ ‫صالــح! فتأملــوا مــدى أهميــة فهــم النــاس لــإدارة الصالحــة‪ .‬إذا ً مــن امل ُ َ‬
‫موضــوع «اإلدارة» ونهتــم بــه عــى األقــل يف أيــام استشــهاد إنســان استُش ـهِد بســبب هــذا املوضــوع‪.‬‬
‫اإلدارة هــي مــن األهميــة بحيــث ميكــن القــول‪ :‬إن الديــن كلــه التدبــر! (والتدبــر يف العربيــة هــو‬
‫اإلدارة نفســها)‪ .‬الحظــوا مــدى تأكيــد القــرآن عــى «العقــل»! ومنقــول عــن أمــر املؤمنــن(ع) أنــه‬
‫ْــل کَالتَّ ْدبِیــرِ!» (الــکايف‪ /‬ج‪ /8‬ص‪ )20‬فــإن أســمى درجــات العقــل تتجــى يف اإلدارة‪.‬‬ ‫«ل َعق َ‬‫قــال ‪َ :‬‬

‫‪7‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫عن رسول الله(ص)‪« :‬إذا کانوا ثَالثَ ًة َفأ َ ِّمروا َ‬


‫أح َد ُهم‪» ..‬‬
‫عــن رســول اللــه(ص) قولــه‪« :‬إذا کانــوا ث َالث َـ ًة فَأَ ِّمــروا أ َح َد ُهــم‏وتَ َوکَّلــوا َعـ َـى اللـ ِه وتَأَلَّفــوا» (کنزالعـ ّـال‪/‬‬
‫ج‪ /6‬ص‪ /717‬ح ‪)17549‬؛ أي‪ :‬إن كنتــم ثالثــة أشــخاص فــا بــد أن يــرأّس عليكــم أح ُدكــم‪ .‬ثــم يــويص‬
‫بعــد ذلــك بالتآلــف‪ ،‬وهــذه توصيــة أخالقيــة‪ ،‬لكنــه(ص) أوىص قبلهــا أن اجعلــوا عليكــم رئيســاً‪.‬‬
‫(ورد هــذا الحديــث يف آداب الســفر) حــن يســافر بضعــة أشــخاص معــاً ويختــارون أحدهــم رئيســاً‬
‫عليهــم ال يعنــي ذلــك أنــه ســيكون رئيســاً عــى اإلطــاق‪ ،‬فهنــاك ألفــة بينهــم طيلــة الســفر‪ .‬كــا‬
‫يتــول النفقــات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جــ َرت العــادة اليــوم يف الســفرات الجامعيــة أن يختــاروا قبــل انطالقهــم شــخصاً‬

‫يتهربون من اإلدارة؟ إنهم خوارجيو المسلك والساقطون!‬


‫َمن هم الذين ّ‬
‫حــن نتكلــم عــن اإلدارة ال بــد أيضــاً أن نــدرس النفســيات التــي تتهــرب مــن اإلدارة والتــي تخالــف‬
‫اإلدارة الســليمة‪ .‬فبنــا ًء عــى قاعــدة «تُعــرف األشــیاء بأضدادهــا» ينبغــي أن نتحــدث عــن نقيــض‬
‫اإلدارة الصحيحــة أيض ـاً‪َ .‬مــن هــم الذيــن يتهربــون مــن اإلدارة؟ إنهــم خوارجيــو املســلك والســاقطون!‬
‫فقــد انــرى الخــوارج م ـ ّر ًة بالقــول‪« :‬ال حاجــة لألمــة بأمــر!» لكــن مــا إن اجتمعــوا للثــورة والتم ـ ّرد‬
‫حتــى قالــوا‪َ « :‬مــن ِم ّنــا ُ‬
‫يرأســنا؟» فقــال رجــل ســاذج مــن بينهــم‪« :‬ألَــم تقولــوا إن األمــة ال تحتــاج‬
‫إىل أمــر‪ ،‬فلــاذا تريــدون اآلن اختيــار رئيــس مــن بينكــم؟» قالــوا‪« :‬اخــ َرس وال تنبــس ببنــت‬
‫شــفة!» إىل هــذا املســتوى كان الخــوارج حمقــى! للخــوارج دور غريــب يف قضيــة الظهــور؛ ســواء‬
‫ــن مــا قبــل الظهــور أو مــا بعــده! فالكثــر مــن الــرور تســتمر إىل زمــان الظهــور لكنهــا‬ ‫يف ِف َ‬
‫تنتهــي بعــد ذلــك‪ ،‬إال النهــج الخوارجــي! وال بــد أن نتحــدث عــن النهــج الخوارجــي عــى حــدة‪.‬‬

‫ينتهج البعض نهج الخوارج في موضوع األسرة فيقولون ‪":‬ال تحتاج األسرة إلى مدير!"‬
‫اإلدارة هــي مــن احتياجاتنــا نحــن البــر‪ .‬فحــن تتكــ ّون األرسة ســتكون بــدل مشــاعر الشــخص‬
‫الواحــد مشــاعر شــخصني‪ ،‬وبــدل احتياجــات الشــخص الواحــد احتياجــات شــخصني‪ .‬فــإن تطــور‬
‫ــت أ ّوالً يف موضــوع اإلدارة‬
‫عــدد األشــخاص مــن واحــد إىل إثنــن أو ثالثــة أو أربعــة‪ ،‬فــا بــد أن يُ َب ّ‬
‫و َمــن ســيكون املديــر؟ ينتهــج البعــض نهــج الخــوارج يف موضــوع األرسة‪ ،‬ألن الخــوارج أيضــاً كانــوا‬
‫يقولــون‪« :‬املجتمــع أصــاً ال يحتــاج إىل حاكــم!» بينــا كان أمــر املؤمنــن(ع) يــرى أن املجتمــع‬
‫ــاس ِمــ ْن أَ ِمیــ ٍر بَــ ٍّر أَ ْو فَاجِــرٍ» (نهــج‌البالغــة‪/‬‬
‫بحاجــة إىل حاكــم وإن كان فاجــرا ً‪َ « :‬وإِنَّــ ُه لَ بُــ َّد لِل َّن ِ‬
‫الخطبــة‪ )40‬فحتــى إن كان الحاكــم ســارقاً فــإن عــدم وجــوده أســوأ! ألنــه يف مثــل هــذه الحالــة‬
‫ســيكون هنــاك لــص واحــد‪ ،‬أمــا بغيابــه فســيصبح الجميــع لصوصــاً وســتتدهور جميــع األمــور‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫يقــول بعــض أصحــاب ال ُر ِقـ ّ‬


‫ـي الزائــف جهــارا ً‪« :‬األرسة ال تحتــاج إىل مديــر!»‪ ،‬وهــذا يذكّرنــا بقــول الخوارج‪.‬‬
‫مــا هــو الديــن العلــاين؟ إنــه ذلــك الديــن الــذي مل يحـ ّدد بعـ ُد موق َفــه مــن موضــوع اإلدارة‪ ،‬ويتكلــم‬
‫باســتمرار يف األخــاق‪ .‬فــإن دخــل هــذا الديــن العلــاين إىل أجــواء األرسة أضفــى لونـاً مــن العلامنيــة عــى‬
‫حســنوا أخالقكــم فيــا بينكــم‪،‬‬‫ـت يف أمــر إدارتهــا‪ ،‬يواصــل إرصاره عــى أنْ‪ِّ :‬‬ ‫أخالقهــا‪ .‬ف ـراه‪ ،‬قبــل أن يبـ ّ‬
‫ترا َحمــوا‪ ،‬كونــوا ط ّيبــن عمومـاً‪ ،‬ال تظلمــوا بعضكــم بعضـاً‪... ،‬الــخ‪ .‬لنفــرض أنــه تــم إرســال مجموعــة مــن‬
‫النــاس إىل بــاص مــن دون تعيــن الســائق‪ ،‬ثــم قيــل لهــم‪« :‬اذهبــوا عــى أيــة حــال! وحاولــوا جميعـاً أن‬
‫تراقبــوا األوضــاع!» يف حــن أن رخصــة الســياقة رضوريــة يف هــذه الحالــة وال بــد مــن تحديــد املســؤوليات‪.‬‬
‫الحظــوا كــم مدي ـرا ً نحتــاج عندمــا يلعــب ‪ 22‬العب ـاً يف ملعــب كــرة القــدم؟ هنــاك املــدرب‪ ،‬وهنــاك‬
‫الكابــن‪ ،‬وهنــاك ال َحكــم‪ .‬هــذه أنــواع مــن اإلدارة‪.‬‬

‫التحلل األخالقي في آخر الزمان ناجم عن المساس بإدارة األسرة‬


‫ملــاذا مل نتنــاول موضــوع «األخــاق واألرسة»؟ ألن هناك الكثــر من الكالم يف هذا املوضــوع والجميع يعرف‬
‫ذلــك‪ .‬أمــا الفســاد الــذي تتعرض له األرسة يف آخر الزمان والذي تكلمنا عنه يف املحارضة الســابقة‪ ،‬فيتمحور‬
‫حــول املســاس بــإدارة األرسة‪ .‬عندمــا يتســلل الفجور والالدينيــة إىل املنزل ويظهر يف الحيــاة األرسية – جراء‬
‫العزوف عن اإلدارة «وأين أحب أن أعمل ما يحلو يل» ‪ -‬فستبلغ معدالت الطالق الرقم الذي نراه يف طهران!‬

‫حين نعرف اإلدارة الصالحة سنجد نحن المدير الصالح‬


‫انتبهــوا إىل أننــا ال نريــد أن نتحــدث عن «املديــر الصالح أو املدير السـ ّيئ»‪ .‬فالوصايا األخالقية للمســؤولني‬
‫هــي مســألة ثانويــة وال تقـ ّدم حالً شــافياً ملا نحــن فيه‪ .‬مــا يه ّمنا اآلن هــو «اإلدارة الصالحــة» وليس املدير‬
‫الصالــح! فــا نريــد أن نعرفــه هــو كيف تكــون اإلدارة الصالحــة؟ وما هي مواصفــات الدائــرة الجيدة؟ فإن‬
‫أدركنــا «كيــف تكــون اإلدارة الصالحة» ســنبحث بأنفســنا عــن مدير صالح مؤهــل لهذا املنصب‪ .‬مشــكلتنا‬
‫يف الجمهوريــة اإلســامية‪ ،‬يف غالــب األحيــان‪ ،‬هــي أننــا مل نقــدم تعريفاً «لــإدارة الصالحة»‪ ،‬ثــم نبحث عن‬
‫ـض املناصــب أشــخاصاً صالحــن‪ ،‬لكــن غــر كفوئــن‪.‬‬ ‫ـول بعـ َ‬
‫شــخص مؤ ّهــل لــإدارة! ونتيجــة لذلــك قــد نـ ّ‬

‫‪9‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫نحــن ال نريــد إنســاناً صالحـاً‪ ،‬بــل نريــد مســؤوالً صالحـاً! مســؤوالً يتقــن اإلدارة‪ .‬تصـ ّوروا إنســاناً صالحـاً‬
‫كلقــان الحكيــم‪ ،‬إذ قــال لــه تعــاىل‪ :‬أريــد أن أقلّــدك النبــوة أيضــاً‪ ،‬فانظــر مــاذا تــرى؟ (وهنــاك يف‬
‫النبــوة نــوع مــن اإلدارة‪ ،‬وعــى حــد قــول ســاحة اإلمــام(ره) فــإن أصلهــا اإلدارة)‪ .‬قــال لقــان‪ :‬مــاذا‬
‫عســاي أن أقــول وقــد أمرتنــي يــا إلهــي؟ فقــال لــه‪ :‬لــك أن تبــدي رأيــك اآلن‪ .‬قــال لقــان‪ :‬إن كان يل‬
‫الخــرة يف أمــري فـــ»ال أريــد ذلــك»‪ ،‬فاســتجاب لــه تعــاىل‪ .‬وهنــا يتبـ ّـن أن لقــا َن مل يكــن قــادرا ً عــى‬
‫اإلدارة‪ .‬لكــن الالفــت أنــه كان إنســاناً يف غايــة الخــر والصــاح‪ ،‬إذ قــد تكــرر كالمــه يف القــرآن أكــر مــن‬
‫جميــع األنبيــاء(ع)‪ ،‬لكنــه مل يكــن حاك ـاً‪« :‬يــا لقــان‪ ،‬هــل لــك أن يجعلــك اللــه خليفــة تحكــم بــن‬
‫النــاس بالحــق؟ قــال لقــان‪ :‬إن أجــرين ريب عـ َّز وجــل قبلــت‪ ،‬فــإين أعلــم أنــه إن فعلــت ذلــك أعاننــي‬
‫رب قبلــت العافيــة وال أســأل البــاء‪( »...‬عــوايل اللئــايل‪ /‬ج‪ /3‬ص‪.)517‬‬ ‫وعلّمنــي وعصمنــي‪ ،‬وإن خـ ّـرين ّ‬
‫وقــد نُقــل عــن رســول اللــه(ص) أنــه منــع أبــا ذر الغفــاري(ره) أن يــرأس ولــو اثنــن‪ ،‬فهــو إنســان صالــح‬
‫ـي‪ ،‬إِ ِّن أَ َر َاك َض ِعیفاً‪ ،‬ف ََل‬ ‫وســيبقى صالحـاً‪ ،‬أمــا أن يصبــح أمـرا ً فــا! «یَــا أَبَــا َذ ٍّر‪ ،‬إِ ِّن أُ ِح ُّب ل ََك َمــا أُ ِحـ ُّ‬
‫ـب لِ َن ْفـ ِ‬
‫رس أمــر املؤمنني(ع)‪ ،‬لكن‬ ‫ت ُ َؤ َّمـ َر َّن َعـ َـى اث ْ َن ْیــنِ » (أمــايل الطــويس‪ /‬ص‪ .)384‬وكان كميــل(رض) مــن أصحاب ّ‬
‫بعــد أن ّوله اإلمــام(ع) منصبـاً حكوميـاً ثــم أخطــأ كميــل مرتــن يف قضايــا اإلدارة واتخــاذ القـرارات بشــأن‬
‫الحــرب‪ ،‬قــال لــه اإلمــام(ع)‪ :‬مــن اآلن فصاعــدا ً‪ ،‬ال تُ ْقـ ِـدم عــى أمـ ٍر حتى تســتأذنني‪« :‬ال ت َغـ ُز َو َّن َغــز َو ًة وال‬
‫تَجلُـ َو َّن إىل َحـ ْر ِب َعـ ُد ِّو َك ُخطـ َو ًة بعـ َد هــذا‪َ ،‬حتَّـى‏ ت َســتأ ِذنَني‏ فـی‏ ذلِـك‏» (مکاتیب‌األمئــة‪ /‬ج‪ /2‬ص‪.)123‬‬

‫إنكار اإلدارة على مستوى األسرة هو ضرب من النهج الخوارجي‬


‫نحــن نتحــدث عــن األســاليب اإلداريــة ونناقــش أصــل اإلدارة‪ .‬وإن َمــن يرفــض أصــل اإلدارة يف املنــزل‬
‫وال يبحــث عــن أســاليب لتنفيذهــا وحلــول لهــا وتقســيم الوظائــف يف األرسة فهــو جاهــل‪ .‬وإن تكلمنــا‬
‫ـت يف موضــوع اإلدارة فهــذا أيضـاً يُ َعـ ّد رضبـاً مــن الحامقــة! إنــه لــون‬ ‫عــن األخــاق باســتمرار قبــل البـ ّ‬
‫مــن العلامنيــة! وإ ْن نحــن أن َك ْرنــا هــذه اإلدارة فهــذا منــط مــن النهــج الخوارجــي‪ .‬أن ننكــر اإلدارة عــى‬
‫مســتوى األرسة هــو رضب مــن النهــج الخوارجــي‪ ،‬وأن نتجاهــل اإلدارة يف العائلــة ونكتفــي بالوصايــا‬
‫ـكل مــن العلامنيــة‪ ،‬إنــه أيضـاً نــوع مــن الحامقــة‪ ،‬متامـاً كــا ال ميكــن تجاهــل اإلدارة‬ ‫األخالقيــة فهــذا شـ ٌ‬
‫ـاس ِم ـ ْن أَ ِمی ـ ٍر بَ ـ ٍّر‬
‫عــى مســتوى املجتمــع‪ .‬فــا أصـ ُـل رضورة الحاكــم تُن َكــر‪ ،‬وإن كان فاج ـرا ً (لَ بُ ـ َّد لِل َّنـ ِ‬
‫أَ ْو فَاجِــرٍ؛ نهــج‌البالغــة‪ /‬الخطبــة‪ ،)40‬وال منــط وأســلوب اإلدارة هــو مــا يســعنا غــض النظــر عنــه؛‬
‫فلــو انتهــج املديــر أســلوباً خاطئ ـاً يف اإلدارة فســيؤدي باملجتمــع إىل االنهيــار‪ ،‬وإن كان إنســاناً صالح ـاً‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫علينــا أن نو ِجــد يف أنفســنا القــدرة عــى اإلدارة والتدبــر؛ لذواتنــا عــى نح ـ ٍو مــا‪ ،‬وألُ َسنــا عــى نحــو‬
‫ـاكل يف املجتمــع الــذي ال‬‫آخــر‪ ،‬وملجتمعنــا عــى نحــو ثالــث‪ .‬إن مــن الطبيعــي أن تعــاين األرس ُة املشـ َ‬
‫تتلقــى فيــه الفتيــات أي درس تقريبـاً عــن إدارة األرسة قبــل حصولهــن علــی شــهادة الثانويــة‪ ،‬وال يشــم‬
‫تعليــم إدارة األرسة قبــل حصولهــم عــى شــهادة الثانويــة‪ ،‬ويف املجتمــع الــذي‬ ‫ِ‬ ‫الفتيــان أيضــاً رائحــ َة‬
‫دروس يف األخــاق قبــل أن يُعالَــج لهــم موضــوع اإلدارة عــى مســتوى األرسة‪.‬‬ ‫يق ـ َّدم ألبنائــه باســتمرار ٌ‬

‫األهم من نزاهة المسؤولين هو أن يكونوا مؤهلين لإلدارة!‬


‫أي مجــال‪ ،‬ومــا هــي‬ ‫ينبغــي يف البدايــة أن نحــدد موقفنــا مــن اإلدارة؛ أي أن نتبـ ّـن مــن هــو الرئيــس‪ ،‬ويف ّ‬
‫ـت يف موضــوع أســلوب إدارة املجتمــع‬ ‫حــدود صالحياتــه؟ ثـ ّم نتحــدث عــن األخــاق‪ .‬فــا ميكــن قبــل البـ ّ‬
‫ـام لصــاة‬‫أن تكتفــوا بالقــول‪« :‬يجــب أن يكــون نائــب الربملــان مؤمنـاً ونزيهـاً!» نحــن ال نريــد اختيــار إمـ ٍ‬
‫الجامعــة‪ ،‬بــل انتخــاب شــخص يتقــن التخطيــط! يجــب أن نــرى هــل لهــذا الشــخص الــذي ســيصبح نائبـاً‬
‫القــدرة عــى التخطيــط أو ال؟ هــل هــو عــى معرفــة باألهــداف الوطنيــة الكــرى أو ال؟ وإذا وضعتم أمامه‬
‫جــدول التحليــل الرباعــي «‪ »SWOT‬فهــل سيســتطيع أن يقـ ّدم لكــم قامئــة بالفــرص والتهديــدات ونقاط‬
‫القــوة والضعــف لدائــرة أو مؤسســة صغــرة؟ فــإن عجز عــن ذلك فهــذا يعني بطبيعــة الحال أنــه ال ينفع‪.‬‬
‫يجــب أن نبحــث عــن أشــخاص يتمتعــون مبوهبــة املنهجــة واإلدارة‪ ،‬وال يكفــي أن ال يكونــوا لصوصـاً! فــأن‬
‫يكــون املســؤولون مؤهلــن لــإدارة‪ ،‬فاهمــن لها‪ ،‬وعندهــم قابلية وكفــاءة يف التخطيط االسـراتيجي‪ ،‬أهم‬
‫مــن أن يكونــوا نزهــاء غــر متورطــن يف قضايــا الرسقــة والريــع‪ .‬واســتنادا ً لــكالم أمــر املؤمنــن(ع)‪ ،‬حيــث‬
‫ـاس ِمـ ْن أَ ِمیـ ٍر بَـ ٍّر أَ ْو فَا ِجـرٍ» (نهــج‌البالغــة‪ /‬الخطبة‪ ،)40‬يُ ُعـ ّد أصل اإلدارة أهــم من صالح‬
‫قــال‪« :‬لَ بُـ َّد لِل َّنـ ِ‬
‫املديــر أو فجــوره‪ .‬وبالنتيجــة فــإن أصــل القابليــة اإلداريــة أكــر أهميــة مــن األشــكال الهامشــية للنزاهــة‪.‬‬

‫البت في أمر اإلدارة قبل كل شيء‬


‫ّ‬ ‫بد من‬
‫على مستوى األسرة أيضا ال ّ‬
‫ـت يف أمــر اإلدارة قبــل كل يشء‪ ،‬فينبغــي أن نســأل‬ ‫يف مــا يتعلــق بااللتـزام الفــردي بالديــن ال بــد مــن البـ ّ‬
‫أنفســنا‪« :‬مــا رأيــك يف أن تعيــش وفقـاً ملنهــج؟» وإن اإلجابــة عــى هــذا الســؤال تحــدد لــك موقفــك مــن‬
‫ـت يف أمــر اإلدارة أ ّوالً وأنــه «مــن هــو املديــر يف املنزل؟‬
‫تدينــك‪ .‬وعــى مســتوى األرسة أيضــا ال بــد مــن البـ ّ‬
‫وكيــف ميــارس مهــام اإلدارة؟» بعــد ذلــك ســيكون بوســعكم تقديــم النصائــح األخالقيــة‪ ،‬ولــو أنــه يف مثــل‬
‫هــذه الحالــة لــن تحتاجــوا إليهــا كثـرا ً‪ .‬كيــف ينبغــي أن يكــون املســؤول يف املجتمــع اإلســامي؟ وبــأي‬
‫صــورة يجــب أن يكــون أســلوب اإلدارة فيــه؟ إذا وصلنــا إىل حــل لهــذه القضايــا‪ ،‬فستســتقيم باقــي األمور؛‬
‫ســتصلُح الثقافــة‪ ،‬وسيتحســن كل يشء‪ .‬املهــم هــو أن منتلــك عقليــة اإلدارة ونــدرك رضورة أصــل اإلدارة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫المعضلة األهم التي تعاني منها األسرة في ايران هي حل موضوع اإلدارة‬


‫إن أهــم إجـراء ميارســه الصهاينــة عــى مســتوى األرسة هــو حــذف اإلدارة منهــا‪ ،‬متامـاً كــا يحاولــون ‪ -‬من‬
‫خــال إشــاعة الحيــاة الخليعــة ‪ -‬ســلب قــوة اإلدارة مــن األشــخاص‪ ،‬ومتامـاً كــا يعملــون ‪ -‬مــن خالل نرش‬
‫النهــج الخوارجــي ‪ -‬عــى بــثّ روح التذ ّمــر مــن اإلدارة يف املجتمــع‪ .‬املعضلــة األهم التي تعــاين منها األرسة‬
‫يف ايـران هــي مشــكلة اإلدارة‪ ،‬أمــا القضايــا األخالقيــة فتــأيت يف املرتبــة التاليــة‪ .‬فــإن ظل ّْت قضيــة اإلدارة يف‬
‫األرسة مــن دون حــل فــا فائــدة ترجــى تقريبـاً مــن أي توصيــة أخالقية‪ ،‬بــل وقد ت ُلحــق الرضر أيضـاً! عىل‬
‫ســبيل املثــال أنتــم توصــون (األزواج) أن ‪»:‬كونــوا ُرحــاء‪ ،‬كونــوا مرنــن!»‪ ،‬هــذا وقــد تغـ ّـرت أدوار اإلدارة‬
‫يف األرسة وتبــادل األزواج مكانتيهــا‪ ،‬فبــات الرجــل يــؤدي دور املــرأة واملــرأة تــؤدي دور الرجــل‪ .‬يف مثــل‬
‫هــذه الظــروف قــد تتجـ ّـى املرونــة بشــكل التنــازل يف غــر محله‪ ،‬مام يــؤدي إىل أن ينشــأ األطفــال ضعفاء!‬

‫مؤشراً على نجاحها!‬


‫خل ُّو جو األسرة من المشاجرة ال ُي َعد ّ‬
‫مثـاً قــد يتنــازل أحــد الطرفــن أثنــاء الشــجار إذ ال صرب له عــى مواصلــة الكالم والــرد‪ ،‬قائـاً‪« :‬الحق معك‬
‫متامـاً! حســناً‪ ،‬دعنــي وشــأين!» أو يتنــازل دامئـاً تج ُّنبـاً للســان الطــرف املقابــل الســليط الــذي يقطــر ُسـ ّـاً!‬
‫ـيرتب األوالد يف مثل هذا‬‫فهــل ت ُعــد مثــل هــذه األرسة صالحــة؟! وهل يُح َّبــذ أن تتنازل باســتمرار؟ وكيف سـ ّ‬
‫ـؤشا ً عــى صــاح األرسة!‬ ‫البيــت؟ ســيرتبّون شــاردي الذهــن حيــارى! خلُـ ّو البيــت مــن الشــجار ال يُ َعـ ّد مـ ّ‬
‫فــأن ال تنشــب أيــة مشــاجرات يف البيــت ليــس بالــرورة أمـرا ً حســناً! والحيــاة جنبـاً إىل جنــب مــن دون‬
‫أي نـزاع أو مشــاجرة‪ ،‬كــا النعــاج‪ ،‬ليســت إنجــازا ً! فــإ ّن بعــض املشــاجرات والتحديــات واملحــاورات التــي‬
‫ـت دعائــم اإلدارة الصحيحــة أفضــل بكثــر من عدم املشــاجرة! وبناء‬ ‫تعـ ّزز اإلدارة يف املنــزل‪ ،‬وتُ َرقيهــا‪ ،‬وتث ّبـ ْ‬
‫ـت يف أمــر اإلدارة عىل مســتوى األرسة قبــل كل يشء‪ ،‬ثــم معالجة األمــور األخرى‪.‬‬ ‫عــى ذلــك‪ ،‬ال بــد مــن البـ ّ‬

‫‪12‬‬

You might also like