You are on page 1of 7

‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.

ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬


‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬


‫نخش َ‬
‫ال َ‬
‫علي‌رضا بناهیان‬

‫الزمان‪ :‬أيام الفاطمية‬


‫التاريخ‪ 11 :‬جمادى األولى ‪1441‬‬
‫المكان‪ :‬جامعة طهران‬
‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬
‫نخش َ‬‫الموضوع‪ :‬ال َ‬

‫‪1‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫ما هو السبيل األفضل للوصول إلى الرؤية الصائبة؟ ‪ /‬التفكير بعاقبة األمور يضبط‬
‫ويقومها‪ /‬إن لم تكن رؤيتك للصالة جميلة فسوف ال تستمتع بها‬ ‫ّ‬ ‫رؤية اإلنسان‬

‫لكي تضبط رؤيتك‪ ،‬اسأل نفسك هذا السؤال عند أي ظاهرة تواجهها‪" :‬وماذا بعد‬
‫ذلك؟"‪ ،‬فإن ابتعت أفخم سيارة‪ ،‬لن تدوم متعتها وإثارتها أكثر من أسبوع إلى‬
‫أقصى حد‪ ،‬وماذا بعد ذلك؟! حين تقول "وماذا بعد ذلك؟" ستتغير رؤيتك تجاه‬
‫القضايا المهمة والممتعة بالنسبة لك ومن ثم ستبتهج باألمور التي "ال تفنى"‪.‬‬

‫يعيش الناس وفقا لنمط رؤيتهم وليس بمعلوماتهم!‬


‫ال يكفــي أن نكــون بصــدد إزالــة جهلنــا وزيــادة معلوماتنــا فقــط‪ ،‬بــل ال بــد أن ننتبــه إىل رؤيتنــا للظواهــر‬
‫فيــا إذا كانــت صائبــة أم ال؟ ال بــد أن نالحــظ ما هو تأويلنا النهــايئ لألمور؟ فإننا نعيــش بانطباعاتنا وزوايا‬
‫رؤيتنــا وأمنــاط تأويلنــا‪ .‬يعيــش النــاس برؤاهــم وليــس مبعلوماتهــم ومعارفهــم! ينبغي للنــاس الحرص عىل‬
‫انطباعاتهــم بالنســبة لألشــخاص والظواهــر ألن الرؤيــة واالنطبــاع قــد يتشــوهان مبــرور الزمن‪ .‬عىل ســبيل‬
‫املثــال قــد نكتســب مبــرور الوقــت انطباعــا خاصــا بالنســبة ملوضــوع «الصــاة» فــا نعــود نراهــا ممتعــة‪.‬‬

‫إن لم يكن نمط رؤيتنا للصالة جميال فسوف ال نستمتع بها‬


‫إن كانــت نظرتــك لثــوب مــا جميلــة أو كان انطباعك عن زي خاص إيجابيا متاما فستشــعر بشــعور مح َّبب‬
‫وبلــذة بعــد ارتدائــك ذلــك الثوب‪ ،‬مــع أنه ال يُشــبع جوعك وال يروي عطشــك! حينها ســوف ال يهمك حقًّا‬
‫إن كان ذلــك الثــوب جديــدا أم باليــا‪ ،‬قبيحــا أم جميــا! فــأن انطباعــك عــن الثــوب لطيف جدا فستشــعر‬
‫بشــعور بهيــج حــن ترتديــه‪ ،‬وهــذا الشــعور البهيــج هــو نتيجــة ذلــك االنطبــاع وتلــك الرؤيــة اإليجابيــة‪.‬‬
‫والوضــع مشــابه بالنســبة للصــاة أيضــا‪ ،‬فحينــا ال يكــون انطباعنــا عــن الصــاة أو منــط رؤيتنــا لهــا جميال‬
‫فســوف ال نســتمتع بهــا‪ .‬ملــاذا ال نســتمتع بالصــاة كثــوب أنيــق ومظهــر مم ّيز؟! ملــاذا ال نشــعر أحيانا بأي‬
‫انطبــاع جميــل مــن الوقــوف يف اتجــاه القبلــة؟! ألن نظرتنــا للصــاة ليســت نظــرة صائبــة وجميلــة‪ .‬يحاول‬
‫الشــيطان أن يجعــل رؤيتنــا للدنيــا جميلــة ويزيّنهــا يف أعيننــا‪« :‬ألُ َزیِّ َنـ َّن لَ ُهـ ْم ِفــی األَ ْر ِض» (الحجــر‪.)39/‬‬
‫فالشــيطان يُرينــا كل األمــور الدنيويــة جميلــة‪ ،‬وال يكتفــي بذلــك بــل يزيّــن لإلنســان عملــه القبيــح أيضــا‪.‬‬
‫رف بعقلــه لــرى عملــه القبيــح جميال!‬ ‫نفســه يعــرف أن العمــل الفــاين قبيــح لكــن مثــة َمــن تـ َّ‬
‫اإلنســان ُ‬

‫‪2‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫ما هو نمط رؤيتك تجاه كثرة الطعام والمنام؟‬


‫علينــا أن نراقــب رؤيتنــا وأن نهتــم بنمــط هــذه الرؤيــة‪ .‬وهــذا اإلهتــام مــن شــأنه أن يؤثر يف ســلوكياتنا‪.‬‬
‫فعــى ســبيل املثــال كيــف هــي نظرتنا ل َفـ ْرط األكل؟ هل تشــعر أنك ستشــبه البهائــم إن أفرطــت يف تناول‬
‫الطعــام؟ أو مثــا حــن تكــون رؤيتــك أنــك بكــرة النــوم ستشــبه الحيــوان الفــاين‪ ،‬فإنــك بالطبــع ســتكره‬
‫يحسســنا منــط رؤيتنــا بقبــح بعــض الســلوكيات الذميمــة؟ فــا هي‬ ‫كــرة النــوم وســتتغلب عليــه‪ .‬ملــاذا ال ّ‬
‫نظرتنــا لل ِغيبــة مثــا؟ تأ ّملــوا نظــرة القــرآن لل ِغيبــة حيــث يعـ ّـر عنهــا بــأكل لحــم األخ امليــت‪ .‬يقــول تعاىل‪:‬‬
‫ـب أَ َح ُدکُـ ْم أَن یَـأْک َُل لَ ْحـ َم أَ ِخیـ ِه َم ْیتًــا» (الحجـرات‪ .)12/‬روي أن رجلــن‬
‫« َولَ یَ ْغتَــب بَّ ْع ُض ُکــم بَ ْع ًضــا أَیُ ِحـ ُّ‬
‫نــاال مــن الصحــايب الكبــر ســلامن الفــاريس(ره) «فقــال أحدهــا لصاحبــه وقــد غاب [ســلامن] عنهــا‪ :‬إنه‬
‫لــو انتهــى إىل بــر ســميحة وهــي املشــهورة بكرثة املــاء لغــار ماؤها‪...‬فقــال (ص)‪ :‬إين ألرى ُحمــرة اللحم يف‬
‫أفواهكــا الغتيابكــا صاحبكــا» (درة الناصحني‪ /‬ص‪ .)275‬ال بد أن نلقّن أنفســنا هذا املوضوع باســتمرار‬
‫حتــى نــرى «الغيبــة» «أكال للحــم البــري»! ال بــد أن نص ّحــح وجهــة نظرنــا للقضايــا واملواضيــع املختلفة‪.‬‬

‫عليكبتعزيزرؤيتكاإليجابيةقدراإلمكان‪/‬تالوةالقرآنومراثيأهلالبيت(ع)تضبطرؤيتنا‬
‫ال بــد أن نتح ّكــم برؤيتنــا وأن نُحـ ّول هــذا املوضــوع إىل َهـ ّم مــن همومنــا‪ .‬أحيانــا يقـ ّدر اللــه ســبحانه‬
‫مق ّدراتنــا وفقــا لرؤيتنــا‪ ،‬فــإن كانــت رؤيتــك أن «اللــه ســيعينني‪ ،‬ولــن يرتكنــي و‪ ،»...‬فســيعينك اللــه‬
‫بــكل تأكيــد ولــن يدعــك وحيــدا‪ ،‬أمــا إن كانــت رؤيتــك بالنســبة للــه ســلبية (كأن تقــول مثــا إن‬
‫اللــه ال يســاعدين و‪ ،)..‬فس ـ ُينزل اللــه بــك البــاء نفســه الــذي كنــت تخشــاه‪ .‬ع ـ ّزز رؤيتــك اإليجابيــة‬
‫مــا اســتطعت‪ .‬ومجالــس أيب عبداللــه الحســن(ع) واملــرايث الحســينية تهبنــا رؤيــة جيــدة وتضبطهــا‪.‬‬
‫تــاوة القــرآن أيضــا تلهمنــا رؤيــة حســنة‪ ،‬فاللــه تعــاىل يقــ ّوم رؤيتنــا عــر القــرآن الكريــم‪ .‬القــرآن‬
‫الكريــم يهــب املــرء «نظــرة خاصــة» ويضبــط «رؤيتــه»‪ ،‬فحــن يضبــط القــرآن رؤيتــك تجــاه «الظلــم»‬
‫مثــا فســوف ال تســتطيع أن تســكت عــى ظلــم‪ .‬يقــول تعــاىل يف الذكــر الحكيــم‪َ « :‬م ـ ْن قَتَـ َـل نَفْس ـاً‬
‫ـاس َجمیعـاً» (املائــدة‪ ،)32/‬أي إن قتــل إنســان واحــد‬ ‫ـس أَ ْو فَســا ٍد ِفــی الْ َ ْر ِض فَ َکأَنَّ ــا قَتَـ َـل ال َّنـ َ‬
‫ِب َغ ْیـ ِر نَ ْفـ ٍ‬
‫يعــادل قتــل جميــع النــاس‪ .‬فــإن كانــت نظرتــك كنظــرة القــرآن الكريــم فســتكره الخبــث والجرميــة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫يغير فلم رؤيتك‬ ‫انظر من الذي يريد تغيير رؤيتك؟ ‪ /‬قد ّ‬


‫املالحظــة األخــرى يف هــذا املجــال هــي أن تأخــذوا جانــب الحــذر لتعرفــوا مــن الــذي يريــد‬
‫يغيهــا ويفســدها‪.‬‬‫تغيــر رؤيتكــم؟ علينــا أن نحافــظ عــى رؤيتنــا وال نســمح ألحــد بــأن ّ‬
‫يغي‬
‫مــن الــذي يرمــي إىل تغيــر رؤيتنــا؟ قــد يغـ ّـر فلــم رؤيتنــا‪ ،‬فمثال فلــم عن تاريــخ اإلســام بإمكانــه أن ّ‬
‫انطباعنــا وتصورنــا عــن شــخصية تاريخيــة دون أن نشــعر بهــذا التغيــر‪ ،‬االنطبــاع الــذي حصلنــا عليه بعد‬
‫دراســات مكثَّفــة‪ .‬وأحيانــا محــارضة مــن شــأنها أن تشـ ّوه رؤيتنا فعلينــا إذن أن نَحـذَر التهويــل والتهوين‪.‬‬

‫َحذر تأثير أهواء اآلخرين وأذواقهم على رؤيتنا‬ ‫علينا أن ن َ‬


‫لنحــرس مــن أن يكــون ألهــواء اآلخريــن وأذواقهــم ونفســياتهم أثــر يف تغيــر رؤيتنــا‪ .‬ال ينبغــي أن يتعلــق‬
‫الفــؤاد بــأي فلــم أو حديــث! ال بــد أن تكــون أنــت مــن أصحــاب املعنــى وتختــار الرؤيــة الصائبــة مــن بني‬
‫مــا يُعــرض عليــك‪ .‬جــاء يف الروايــة‪َ « :‬مـ ْن‏ أَ ْصغـى‏ إِىل‏ نَ ِاطـ ٍ‬
‫ـق‏ فَ َقـ ْد َع َبـ َده‏» (الــکايف‪ /‬ج‪ /6‬ص‪ .)434‬فــا هو‬
‫املنتــج الثقــايف الــذي تتلقــاه؟ إن مل تكــن حــذ ًرا ومتتلــك القــدرة عــى التحليل فســتصبح عبده‪ .‬لنســأل الله‬
‫ســبحانه أن يجعــل يف طريقنــا َمــن مينحنــا أفضــل الــرؤى وأن يزيح عن ســبيلنا الذيــن يشـ ّوهون رؤيتنا‪ .‬ال‬
‫تعــارش األشــخاص الذيــن ال يتمتعــون برؤيــة إيجابيــة تجــاه الظواهــر اإليجابيــة فأصحــاب الرؤى الســلبية‬
‫يفســدون رؤيتــك‪ .‬علينــا أن نســيطر عــى جميــع الــرؤى املنتقلة لنــا وأن نحافظ عــى رؤيتنــا ونخطط لها‪.‬‬

‫اإلعالم ليس له تأثير على رؤية اإلنسان بقدر "التفكير"!‬


‫إن مــا لــه تأثــر أكــر مــن تأثــر وســائل اإلعــام والدعايــة يف اكتســاب الرؤيــة الجيــدة هــو «التفكــر»‪ .‬فــا‬
‫يــرك اإلعــام عــى رؤيــة املرء مــن البصامت كام يرتك التفكــر! بل حتى اإلعــام ال بد أن يُ َرغِّبنــا يف التفكري‪.‬‬
‫عــى ســبيل املثــال إن دف َعتنــا محــارضة إىل التفكري وأوصلَنا التفكــر إىل نتيجة فإنها محــارضة جيدة‪ .‬القرآن‬
‫الكريــم هــو اآلخــر ير ِّغــب اإلنســان يف التفكــر والتأ ّمل وهو قد نــزل يف الحقيقــة خطابًا لـــ»أويل األلباب»‪.‬‬
‫الحظــوا كَــم أوىص القــرآن بـ»التدبّــر» و»التفكــر»! من املواضيع املهمــة للتفكري هو ما يــدور حول الخلود‬
‫والعاقبــة ونتائــج الحيــاة عــى املــدى البعيــد‪ ،‬وهــذا النوع من التفكــر يضبط رؤيــة اإلنســان إىل حد كبري‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫ويقومها‬
‫ما هوأفضل سبيل للوصول إلى الرؤية الصائبة؟‪ /‬التفكيربالعاقبة يضبط رؤية المرء ّ‬
‫مــا هــو أفضــل طريــق ليكتســب املــرء رؤيــة جميلــة صحيحــة؟ إن عــى َمــن يريــد التــز ُّود برؤيــة‬
‫صحيحــة وجميلــة أن يتحــى ب ُبعــد النظــر وأن يأخــذ بعــن االعتبــار عاقبــة األمــور‪ ،‬أي أن‬
‫يفكــر يف املســتقبل البعيــد والنتائــج البعيــدة ويتأمــل يف اآلخــرة واملــوت والحيــاة بعــد املــوت‪.‬‬
‫عنــد كل أمل تعانيــه تأمــل يف نهايتــه‪ ،‬وهــذا التأمــل ســيخفّف مــن حــدة األمل‪ .‬ولــدى تــذ ّوق كل نشــوة‬
‫ولــذة أيضــا ف ّكــر يف نهايتهــا وهــذا التفكــر ســيقلّل مــن حــاوة تلــك اللــذة وال يســمح لــك بــأن تنغمــس‬
‫فيهــا كثـرا‪ .‬فالتفكــر باآلخــرة وبعاقبــة كل عمــل يضبــط رؤيــة اإلنســان ويلهمــه رؤيــة دقيقــة وصائبــة‪.‬‬

‫الذين يفكرون في عاقبة األمور ينظرون إلى كل شيء نظرة سليمة‬


‫الذيــن يفكــرون يف عاقبــة األمــور ينظــرون إىل كل يشء نظــرة ســليمة‪ .‬وكل مــن ال يرمــي بطَ ْرفــه إىل‬
‫املــدى البعيــد فإنــه ســيقوم بتحليــل جميــع القضايــا بنظــرة طفوليــة ولــن يكتســب رؤيــة دقيقــة‬
‫للظواهــر واألشــخاص واألقــوال واألحــداث‪ .‬هنــاك توصيــة يف الروايــات بتــاوة ســورة الواقعــة يف‬
‫كل ليلــة‪ ،‬ألن هــذه الســورة تأخــذ بأفــكارك إىل القيامــة وإىل نهايــة املطــاف‪ ،‬وتص ّحــح جميــع‬
‫رؤاك الخاطئــة‪ ،‬ولذلــك ســتكون مســتعدا صبــاح اليــوم التــايل لــرى جميــع األمــور برؤيــة صائبــة‪.‬‬
‫تأمــل كثــرا يف اآلخــرة ويف عواقــب األمــور‪ ،‬وفكّــر يف نهايــة كل يشء‪ ،‬ثــم تدبّــر يف أواخــر عمــرك‪،‬‬
‫ثــم يف خامتــة حياتــك‪ ،‬ويف صحــراء املحــر والقيامــة ونهايــة القيامــة! إن فكّــرت يف هــذه القضايــا‬
‫فســتنضبط رؤيتــك تجــاه جميــع األمــور شــيئًا فشــيئًا‪ ،‬فبعــض القضايــا التــي كانــت بعينــك‬
‫قبيحــة‪ ،‬ســتبدو جميلــة‪ ،‬وبعــض األمــور التــي كنــت تتصــور أنهــا جميلــة ســتبدو قبيحــة يف نظــرك‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫من أجل ضبط رؤيتك اسأل نفسك عند كل قضية تواجهها‪" :‬ثم ماذا؟"‬
‫مــن أجــل ضبــط رؤيتــك‪ ،‬ال بــد أن تســأل نفســك هــذا الســؤال عنــد مواجهتــك ألي قضيــة أو موضــوع‪:‬‬
‫«ثــم مــاذا؟» أفخــم ســيارة تشــريها ال تزيــد متعتُهــا وإثارتهــا أكــر مــن أســبوع‪ ،‬ومــاذا بعــد ذلــك؟‬
‫افــرض أنــك تفوهــت بــكالم بــذيء ضــد شــخص كنــت مســتا ًء منــه‪ ،‬ثــم مــاذا؟ أو أنــك ســتعيش مثــا‬
‫ســبعني عامــا‪ ،‬ومــاذا بعــد ذلــك؟ حــن تقــول‪« :‬ومــاذا بعــد ذلــك؟» ســتتغري رؤيتــك لألمــور التــي‬
‫یــا لَ یَــ ُزول»‬ ‫كانــت مهمــة وممتعــة بالنســبة لــك وســتصبح مصــداق هــذه الروايــة‪« :‬قُــ َّر ُة َع ْی ِنــ ِه ِف َ‬
‫(نهــج‌البالغــة‪ /‬الخطبــة‪ ،)193‬أي إنــك ســتفرح باألمــور الخالــدة التــي ال تــزول وال تفنــى وهــي فقــط‬
‫ـاس‏ أَنْظَ ُر ُه ـ ْ‏م‬
‫ســتكون قــرة عينــك وســبب رسورك وابتهاجــك‪ .‬جــاء يف الحديــث الرشيــف‪« :‬أَ ْع َقــلُ‏ ال َّنـ ِ‬
‫ِف‏ الْ َع َوا ِق ـب‏» (غرر‌الحکــم‪ /‬ص‪ ،)217‬فــإن كنــت تفكــر بعاقبــة األمــور فســتخطر ببالــك حــن القيــام‬
‫بــأي عمــل هــذه العبــارة‪« :‬ومــاذا بعــد ذلــك؟» وعندهــا ســوف ال ترتكــب الذنــوب بذريعــة كســب‬
‫الوجاهــة واالعتبــار ومــال الدنيــا وأمثــال ذلــك‪ .‬كان اإلمــام الخمينــي(ره) يف طريقــه إىل ايــران بعــد‬
‫خمســة عــر عامــا مــن التهجــر وقــد كان عــى أعتــاب االنتصــار والقــوة‪ ،‬حــن ســأله صحفــي‪« :‬مــا‬
‫هــو شــعورك اآلن؟» فأجابــه اإلمــام أنــه «ليــس لــدي شــعور خــاص»‪ .‬مل تكــن هــذه القضايــا لتهــز‬
‫اإلمــام‪ .‬وعنــد استشــهاد اثنــن وســبعني شــهي ًدا (آيــة اللــه بهشــتي وأصحابــه) جــاء رجــال الدولــة‬
‫ملواســاة اإلمــام لكنــه كان هــو الــذي يواســيهم! شــخصية مثــل شــخصية اإلمــام الخمينــي(ره) التــي ال‬
‫تهتــم بالكثــر مــن القضايــا كان رصاخهــا يعلــو يف مواطــن خاصــة‪ ،‬فانظــروا متــى كان يــرخ اإلمــام؟‬
‫اضبطــوا رؤيتكــم مــع هــذا اإلمــام‪ ،‬وتشـ َّبهوا بــه حتــى يشــابه تفك ُريكــم تفكـ َره وتــرون العــامل كــا يـراه‪.‬‬

‫طالعوا نهج البالغة ليلهمكم اإلمام علي(ع) الرؤية الصحيحة‬


‫يد ّرســون أوال َدنــا الرياضيــات ويقولــون «نريــد أن يــرىب عقلهــم عــى املنطــق»‪ ،‬حســنا دعوهــم يطالعــوا‬
‫نهــج البالغــة أيضــا ليلهمهــم أمــر املؤمنــن(ع) النظــرة الصحيحــة‪ .‬إن هندســة نهــج البالغــة تفــوق‬
‫التصــور‪ .‬فــكالم أمــر املؤمنــن(ع) الدقيــق واملُتقَــن هــو حصيلــة رؤيتــه الدقيقــة والثاقبــة‪ .‬ومــن‬
‫كالمــه(ع)‪َ « :‬عظُ ـ َم الْ َخالِـ ُـق ِف أَنْف ُِس ـ ِه ْم َو َص ُغ ـ َر َمــا ُدونَ ـ ُه ِف أَ ْع ُی ِن ِه ـم‏» (نه ـج‌ البالغــة ‪ /‬الخطبــة ‪.)193‬‬

‫‪6‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫أي إن اللــه عظيــم يف أفئــدة الصالحــن والدنيــا حقــرة يف أعينهــم‪ ،‬فهــي مل تدخل أبــدا يف أفئدتهــم ليقارنوا‬
‫بــن الدنيــا وبــن غريهــا يف قلوبهــم‪ ،‬ولذلــك يقــول(ع) إن الدنيــا حقــرة يف أعينهــم وليس يف قلوبهــم‪ .‬أمري‬
‫املؤمنــن(ع) يعطينــا النمط الســليم للرؤية‪ .‬يروى عنــه(ع) يف خطبة أخرى‪« :‬غ ََّض أَبْ َصا َر ُهـ ْم ِذکْ ُر الْ َم ْر ِجع‏‏»‬
‫يغضــون أبصارهم‪.‬‬ ‫(نهج‌البالغــة‪ /‬الخطبــة ‪)32‬؛ أي إن ِذكـ َر املحـ ِّـل الــذي ســرجعون إليه هو الــذي جعلهم ّ‬

‫ما هو سبب تكرار بعض اآليات حول القيامة والمعاد؟‬


‫تأملــوا كثــرا يف عاقبــة األمــور ويف اآلخــرة‪ .‬زوروا األمــوات وأهــل القبــور‪ .‬اذهبــوا لزيــارة الشــهداء‪،‬‬
‫فاملقابــر تجعــل رؤيــة اإلنســان إىل الدنيــا دقيقــة وتجعلــه يفكــر بالعاقبــة‪ .‬التفكــر بالعاقبــة يغــر نظــرة‬
‫اإلنســان للشــهادة بحيــث يغــدو طالبــا للشــهادة وتصبــح الحيــاة مــن دونهــا عــارا لــه‪ .‬لتكــن مــن أهــل‬
‫القيامــة! فثلــث آيــات القــرآن هــي حــول القيامــة واملعــاد والجنــة والنــار‪ ،‬والتك ـرار ملحــوظ جــدا يف‬
‫هــذه اآليــات‪ .‬يتبـ ّـن مــن هــذا أن القــرآن يريــد التأثــر عــى قلبــك ويريــد تلقينــك‪ .‬اللــه وأوليــاؤه فقــط‬
‫يحــق لهــم تلقيننــا بــيء والتأثــر علينــا‪ .‬يقــول تعــاىل يف مســتهل القــرآن الكريــم‪« :‬ذلِـ َـك الْ ِکتـ ُ‬
‫ـاب ال‬
‫ـدى لِلْ ُمتَّقی ـن‏» (البقــرة‪ )2/‬أي إن هــذا الكتــاب يهــدي «املتقــن» فقــط وال يؤثّــر عــى‬ ‫ـب فی ـ ِه ُهـ ً‬ ‫َریْـ َ‬
‫كل أحــد‪ .‬واملقصــود مــن املتقــي يف هــذه اآليــة ليــس هــو مــن بلــغ أســمى درجــات التقــوى‪ ،‬بــل‬
‫املقصــود هــو التقــوى التــي ألهمهــا اللــه ســبحانه وتعــاىل لنفــس اإلنســان والتــي عـ ّـر عنهــا يف هــذه اآليــة‬
‫الكرميــة‪« :‬فَأَلْ َه َم َهــا فُ ُجو َر َهــا َوتَ ْق َوا َهــا» (الشــمس‪ ،)8/‬فاملـراد يف الحقيقــة هــو نــوع مــن التقــوى الفكرية‪.‬‬
‫لنســأل اللــه تعــاىل أن يجعــل رؤيتنــا آليــات القــرآن جميلــة لنصــل إىل كُنهِهــا‪ .‬وبعــد ذلــك ســيق ّوم‬
‫القــرآن رؤيتنــا لجميــع األمــور‪ .‬تأملــوا يف عاقبــة الدنيــا‪ ،‬تأملــوا يف ظهــور صاحــب العرص(عــج) والدولــة‬
‫املهدويــة‪ ،‬وســتخطف أفئدتكــم شــيئا فشــيئا‪َ .‬مــن يف ّكــر يف العــامل الــذي ســيبنيه صاحــب الزمان(عــج)‬
‫فســوف ال تعــود حضــارة الغــرب ذات قيمــة لديــه‪ .‬وحقيقـ ًة بــأي عشــق يعيــش اإلنســان غــر الثــوري؟‬
‫ومــا الــذي يســليه ويثــره يف حياتــه؟ وهــل مــن املمكــن أن تكــون مهدويــا دون أن تكــون ثوريــا؟!‬

‫‪7‬‬

You might also like