You are on page 1of 6

‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.

ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬


‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬


‫نخش َ‬
‫ال َ‬
‫علي‌رضا بناهیان‬

‫الزمان‪ :‬أيام الفاطمية‬


‫التاريخ‪ 11 :‬جمادى األولى ‪1441‬‬
‫المكان‪ :‬جامعة طهران‬
‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬
‫نخش َ‬‫الموضوع‪ :‬ال َ‬

‫‪1‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫الخطوة األولى لتقويم الرؤية ووجهة النظرهي التفكير‪ /‬قد يكون نمط حياتنا عدواًللتفكير‬
‫وال يسمح لنا بذلك ‪ /‬بعض األفكار ليست تحليقاً في فضاء الفكر بل سقوط في الهاوية !‬

‫عدواً له أ يضاً‪ .‬فإن تقرأ‬


‫ّ‬ ‫أحيانا ال يسمح لنا نمط حياتنا بالتفكير‪ ،‬بل يكون‬
‫الجوال في كل دقيقة‪ ،‬لن تصبح إنسانا‬ ‫ّ‬ ‫على الفور الرسائل التي تصلك عبر‬
‫محددة كالساعة التاسعة مسا ًء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫قرر أن تقرأ رسائلك في ساعة‬ ‫مف ّكراً! ّ‬

‫تم تصميم القرآن بحيث يتمكن من تقويم نمط رؤيتنا ‪ /‬من أسباب التوصية بتالوة‬
‫القرآن باستمرار هو انتقال رؤية القرآن إلينا‬
‫ال يشــبه القــرآن الكريــم الكتــب العلميــة‪ ،‬فهــو كتــاب «بصــرة» وقــد تــم تصميمــه بحيــث يتمكــن‬
‫مــن تقويــم منــط رؤيتنــا‪ .‬فــا يقــول القــرآن مــا هــو الجيــد ومــا هــو الــرديء‪ ،‬بــل يبــن «مقــدار‬
‫جــودة أو رداءة ذلــك األمــر الجيــد أو الــرديء ومــا هــو الســبب وراء جودتــه أو رداءتــه؟» بتعبــر‬
‫آخــر‪ ،‬إن القــرآن يأخــذ بيــدك لتنظــر إىل جميــع األمــور مــن الزاويــة التــي يريدهــا اللــه لــك‪.‬‬
‫القــرآن ليــس بكتــاب نتعلّمــه ومنتحــن بــه ثــم نرتكــه جانبـاً! إن إحــدى أســباب التوصيــة «بتــاوة القــرآن‬
‫دامئ ـاً» هــي انتقــال رؤيــة القــرآن إلينــا‪ .‬يــروي أحــد أف ـراد حاميــة اإلمــام الخمينــي(ره) أن ســاحته‬
‫كان يقــرأ القــرآن ‪ 12‬مــرة يوميــاً‪ .‬فمــن يريــد أن تنتقــل رؤيــة القــرآن إليــه ال بــد أن يتلــوه بهــذا‬
‫األســلوب‪ ،‬بينــا تكفــي قــراءة القــرآن ملــرة واحــدة لــو كان الهــدف هــو انتقــال املعلومــات فقــط‪.‬‬

‫سينتقل نمط رؤية الله إلينا عند تأثير القرآن علينا‬


‫تغي‬
‫يهـ ّز القــرآن قلــب اإلنســان‪ .‬فإن أث ّر القرآن يف نفوســنا فســينتقل منط رؤية اللــه إلينا! الرؤيــة القرآنية ّ‬
‫زاويــة رؤيــة اإلنســان بالنســبة للمــوت والحيــاة وتُ ْحــدث تحـ ّوالً يف نفســيته‪ .‬كان ســاحة اإلمــام الخميني‬
‫(ره) يقــول‪« :‬أمريــكا عاجــزة عن ارتــكاب أي حامقة» وكان يقولها بجدية وصالبة بالغة‪ ،‬ألن ســاحته كان‬
‫جل وعــا يتكلــم يف القــرآن مبقاييس‬ ‫قــد اكتســب رؤيــة قرآنيــة‪ .‬القــرآن يجعــل اإلنســان عظيـاً‪ ،‬ألن اللــه ّ‬
‫املجـ ّرات! ولهــذا الســبب بالــذات قــد يبتــى بعض طـ ّـاب العلــوم الدينية يف عمليــة تبليغ الديــن باملبالغة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫وبالطبــع لــو دقّــق املــرء ســيفهم بــأن القــرآن ال يســتخدم أســلوب املبالغــة‪ ،‬بــل يتكلــم بدقّــة بالغــة‬
‫العاملــون يف املجــال التبليغــي واإلعالمــي‪ ،‬الذيــن ير ّوجــون لســلعة معنويــة أو دنيويــة‪ ،‬يكونــون عرضــة‬
‫النتهــاج املبالغــة (التهويــل أو التهويــن)‪ .‬الف ّنانــون أيضـاً قــد يصطنعــون املبالغــة عنــد تصويرهــم لقضيــة‬
‫مــا‪ ،‬فمثــا يغالــون أميــا مغــاالة يف وصــف الــزواج والحــب بــن الرجــل واملــرأة‪ ،‬بينــا هــو أمــر طبيعــي‪.‬‬

‫يجب أن نحترس من "المبالغة في التفكير" فما بالك "بالمبالغة في الكالم!"‬


‫يتحــدث أصحــاب الدنيــا عــادة مببالغــة فائقــة حــول الدنيــا‪ ،‬مــع أن حقيقــة الدنيــا ال تتم ّيــز بجاذبيــة‬
‫ت ُذكــر‪ .‬يجــب أن نحــرس مــن املبالغــة يف التفكــر فــا بالــك باملبالغــة يف الــكالم! ينبغــي أن ال نبالــغ يف‬
‫الــكالم حتــى بالنســبة للديــن‪ .‬الناظــر مــن بعيــد إلينــا نحــن طـ ّـاب العلــوم الدينيــة وإىل ثقافتنــا الدينيــة‬
‫ســيقول‪ :‬مــا أشــد مــا تـ ّردون النــاس تجــاه الكثــر مــن القضايــا! وجوابنــا هــو‪ :‬صحيــح‪ ،‬ألننــا نريدهــم أن‬
‫يَح َمــون ويتل ّهفــون تجــاه القضايــا التــي تســتحق فقــط! فلــو أنــك نبــذتَ التل ّهفــات التافهــة والتعلّقــات‬
‫ـرت عنــك أغاللُــك والجتاحتــك التل ّهفــات األصيلــة ذات القيمــة الحقيقيــة! إن اللــه‬ ‫العدميــة القيمــة لتكـ ّ‬
‫ال يه ـ ّول األمــور وال يه ّونهــا يف القــرآن وال يبالــغ بهــا‪ ،‬بــل يبـ ّـن املقــدار الحقيقــي لــكل يشء‪ .‬فيقــول‬
‫مث ـاً‪َ « :‬وال َِّذی ـ َن قُ ِتلُــوا فــی َس ـبِیلِ الل ـ ِه فَلَــن یُ ِضـ َّـل أَ ْع َملَ ُهــم * َس ـ َی ْهدی ِه ْم َویُ ْصلِـ ُ‬
‫ـح بالَ ُه ـم‏ * ویُ ْد ِخلُ ُه ـ ُم‏‬
‫الْ َج َّنــة» (مح ّمــد(ص)‪ .)6-4/‬كيــف يصنــع اللــه بالذيــن قُتلــوا يف ســبيله؟ نحــن نقــول‪ :‬إن الشــهادة أمــر‬
‫عظيــم جــدا ً‪ ،‬فــا بــد أن اللــه يف مقابــل هــذا الــيء الفائــق العظمــة ســيقيم لهــم الدنيــا! لكنــه ســبحانه‬
‫يقــول «إنــه لــن يضـ ّـل أعاملهــم‪ ،‬وســيصلح أمورهــم ويدخلهــم الجنــة!» يــا إلهــي‪ ،‬نحــن كنــا نظـ ّن أنــك‬
‫ســتحتفي بهــم حفــاوة تفــوق ذلــك! لكــن اللــه تعــاىل يبـ ّـن املقــدار الحقيقــي للجـزاء وال يبالــغ يف الــكالم‪.‬‬

‫تتميز رؤيته وتعظم روحه‬ ‫من يأنس بالقرآن ّ‬


‫جــاء يف الروايــات أن القــرآن ظاهــره مــر يف غالبيــة األوقــات‪ ،‬لكنــه يصبــح حلــوا ً بعــد التع ّمــق فيــه‪.‬‬
‫ـب» (معــاين األخبــار‪ .)232 /‬القــرآن ليــس كتــاب دعايــة ولذلــك فهــو‬ ‫«الْ ُقـ ْرآ ُن کُلُّـ ُه ت َ ْقرِیـ ٌع َوبَ ِاط ُنـ ُه تَ ْقرِیـ ٌ‬
‫يبـ ّـن مقــدار كل يشء بدقــة ودون مبالغــة‪ .‬إنــه ال يغــايل حتــى يف االحتفــاء بالشــهيد‪ ،‬بــل ويتعامــل مــع‬
‫رســوله(ص) أيضــا بصالبــة عاليــة ومنطــق‪ .‬فالقــرآن إذن ال يتكلّــم مببالغــة‪ ،‬بــل ينظــر بدقّــة وواقع ّيــة‬
‫ويريــد تقويــم «رؤيتنــا» وإضفــاء الدقــة عليهــا‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫وإذا تحــدث القــرآن عــن األعــداد واألرقــام الهائلــة فليــس مــن بــاب التهويــل‪ ،‬بــل إنــه يتح ـ ّدث عــن‬
‫حقائــق ضخمــة فــكل مــن يتلــو القــرآن ويجعلــه قرينــا لــه ســتتغري رؤيتــه وتعظم روحــه‪ .‬وكنمــوذج من‬
‫نوعيــة رؤيــة اللــه تعــاىل يف القــرآن ميكنكــم مشــاهدة رؤيتــه بالنســبة للقيامــة‪ .‬يقــول ســبحانه ســنلتقي‬
‫قريبـاً يف يــوم القيامــة! أمــا نحــن فنعتقــد أن اللقــاء لــن يكــون قريبـاً فقــد مــى ‪1400‬عــام منــذ صــدر‬
‫اإلســام إىل يومنــا هــذا وال نعلــم كــم ســنة أيضـاً باقيــة حتــى يــوم القيامة‪ .‬لكــن اللــه ال يع ّد هذه الســنني‬
‫َاب ولَــن يُ ْخلِـ َـف اللـ ُه َو ْعـ َد ُه َوإِ َّن‬
‫شــيئاً يُذكــر! يقــول ســبحانه يف محكــم كتابــه‪« :‬ویَ ْسـتَ ْع ِجلُونَ َك بِالْ َعـذ ِ‬
‫ـف َسـ َن ٍة ِّمـ َّـا ت َ ُعـ ُّدون‏» (الحــج‪ .)47/‬يريــد القــرآن أن يــز ّود اإلنســان برؤيــة صائبــة‪،‬‬ ‫یَ ْو ًمــا ِعنـ َد َربِّـ َـك کَأَلْـ ِ‬
‫فــإن اكتســبت هــذه الرؤيــة القرآنيــة فســوف ال تــرى هــذه الف ـرات الزمنيــة طويلــة وبعيــدة املــدى!‬

‫التفکیرهو الخطوة األولى لتقويم النظر وزاوية الرؤية‬


‫إن أراد شــخص أن ميســك بزمــام رؤيتــه ويق ّومهــا‪ ،‬فــا هــي الخطــوة األوىل التــي ينبغــي عليــه أن‬
‫يخطوهــا؟ ذكرنــا لحــد اآلن بضــع نقــاط حــول هــذا املوضــوع مــن ضمنهــا مجالســة القــرآن ومعــارشة‬
‫أهــل الرؤيــة الصائبــة‪ .‬وبالطبــع هــذه الخطــوات رضوريــة يف محلّهــا‪ ،‬لكــن لــو أردنــا مناقشــة‬
‫املوضــوع مــن الجانــب األنرثوبولوجــي فــا بــد أن نشــر إىل أن اإلجــراء األول الواجــب اتخــاذه‬
‫لتقويــم الرؤيــة هــو «التفكــر»‪ .‬وقــد تــم تقديــم التفكــر يف الروايــات كوســيلة وطريــق للوصــول‬
‫إىل البصــرة والرؤيــة الصحيحــة‪ .‬قــال أمــر املؤمنــن(ع)‪« :‬أفْ ِکــ ْر ت َْســتَ ْبرص» (عيــون الحكــم‪ /‬ص‪)75‬‬
‫و‪َ « :‬رأْ ُس‏ ِال ْســ ِت ْب َصا ِر الْ ِفکْــ َرة» (غرر‌الحکــم‪ /‬ص‪ )57‬و« َمــ ْ‏ن طَال ْ‏‬
‫َــت ِف ْك َرتُــ ُ‏ه َح ُســ َن ْت بَ ِصی َرتُــه» (نفــس‬
‫املصــدر)‪ .‬ويف روايــة أخــرى قــال عــي(ع)‪« :‬لَ بَ ِصی ـ َر َة لِ َم ـ ْ‏ن لَ ِف ْک ـ َر لــه» (عیون‌الحکــم‪ )539/‬و« َم ـ ْن‬
‫ــر» (نهج‌البالغــة‪ /‬الرســالة ‪ ،)31‬أي مــن يفكّــر جيــدا ً يكتســب رؤيــة صحيحــة وصائبــة‪.‬‬ ‫تَ َفکَّــ َر أَبْ َ‬
‫وقــال(ع)‪« :‬إِنَّ َــا الْ َب ِصیــ ُر َمــ ْ‏ن َســ ِم َع‏ فَ َفکَــر» (عیون‌الحکــم‪ /‬ص‪ .)178‬و»الحكمــة» هــي أبــرز أنــواع‬
‫التفكــر‪ .‬وهــي تعنــي خلــق املواضيــع عــر التفكــر‪ .‬قــال تعــاىل يف وصــف الرســول(ص)‪« :‬یُ َعلِّ ُم ُهــ ُم‬
‫ـف بتعليــم النــاس الكتــاب‪ ،‬بــل علّمهــم الحكمــة أيض ـاً!‬ ‫ـاب َوال ِْح ْک َم ـ َة» (الجمعــة‪ ،)2/‬أي ال تكتـ ِ‬ ‫الْ ِکتَـ َ‬
‫ر املتديّنــن بأننــا أعــداء التفكــر!‬ ‫ألن الحكمــة مثــرة التفكــر‪ .‬لكــن البعــض لألســف يتّهمنــا نحــن مع ـ َ‬

‫‪4‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫عدواً له أيضاً!‬
‫أحيانا ال يسمح لنا نمط حياتنا بالتفكير بل يكون ّ‬
‫أحيانـاً ال يســمح لنــا منــط حياتنــا بالتفكــر بــل يكــون عــدوا ً لــه أيضـاً! فاملوســيقى وأنــواع األمــور املسـلّية‬
‫وكل يشء يســتحوذ عــى انتبــاه اإلنســان بشــدة‪ ،‬يحــول دون تفكــره‪ .‬حتــى اإلفــراط يف االســتامع إىل‬
‫املحــارضات مينــع التفكــر‪ .‬فلــو وصلــت ج ّوالــك رســالة كل دقيقــة وتريــد أن تقرأهــا يف نفــس اللحظــة‬
‫فلــن تكــون إنســانا مف ّكـرا ً! قـ ّرر أن تقــرأ رســائلك يف ســاعة محــددة فقط‪ ،‬مــن الثامنة إىل التاســعة مســا ًء‬
‫مثـاً‪ .‬يقــول علــاء النفــس‪ :‬كل أمــر يُلْهــي اإلنســان ويبعــده عــن التفكــر ســيؤدي بــه إىل البــادة (ركــود‬
‫الذهــن)‪ ،‬كعــادة مشــاهدة التلفــاز بإفـراط‪ .‬فــإن شــعرت بأنــك انجذبــت بشــدة إىل فلــم أو مسلســل مــا‬
‫وأنــه يشـ ّد انتباهــك بقــوة فــا تشــاهده! يقــول تعــاىل‪ :‬إذا أحببــت التحـ ّدث معــي ومناجــايت تعــال يف‬
‫جــوف الليــل! فالخطبــاء وقـ ّراء املـرايث يف مجالــس رثــاء أهــل البيــت(ع) ويف مجالــس الدعــاء واملناجــاة‬
‫العامــة إمنــا ميهــدون لــك الســبيل‪ ،‬لكــن تعــال يف األســحار واجلــس بنفســك وتف ّكــر وتحـ ّدث معــي‪ .‬فاآلية‬
‫ات َواألَ ْر ِض‪( »...‬آل‌عم ـران‪ )191/‬إمنــا تختــص بوقــت الســحر‪.‬‬ ‫السـ َـا َو ِ‬ ‫الكرميــة ‪َ « :‬ویَتَ َف َّك ـ ُرو َن ِف َخلْـ ِ‬
‫ـق َّ‬

‫بعض األفكار ليست تحليقاً في فضاء الفكر‪ ،‬بل سقوط في الهاوية!‬


‫بعــض األفــكار ليســت تحليق ـاً يف فضــاء الفكــر‪ ،‬بــل ســقوط يف الهاويــة‪ .‬وبالطبــع يــذوق املــرء طعــم‬
‫الحريــة يف كال الحالتــن‪ ،‬لكــن نشــوة الســقوط قصــرة جــدا ً! فلذلــك نســتطيع القــول إن عــدم التفكــر‬
‫أفضــل مــن بعــض حــاالت التفكــر التــي ال تعتمــد عــى أســاس قويــم‪ .‬يف ّكــر البعــض يف أنــه‪« :‬كيــف‬
‫يوصــل إىل اآلخريــن كالم ـاً قــد اقتنــع بــه مــن دون تفكــر؟» أو «كيــف يحقــق رغبــة نشــأت يف نفســه‬
‫دون تفكــر؟» ولــو أنــه تأ ّمــل قليــاً لتن ّبــه إىل مــدى ســخافة ذلــك الــكالم أو تفاهــة تلــك الرغبــة!‬
‫كــا أن البعــض إذا ف ّكــر انتابــه الحــرص وأخــذه الحســد والحــرة‪ ،‬فمــن األفضــل لــه أال يف ّكــر بتات ـاً!‬

‫‪5‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫مجلس عزاء اإلمام الحسين(ع) هو مجال للتفكير‬


‫الفكــر والحكمــة متواجــدان يف مجلــس اإلمــام الحســن(ع) أكــر مــن أي مــكان آخــر‪ .‬فــا يتع ّمــق فكــر‬
‫اإلنســان يف أي مــكان كاملــكان الــذي متــوج فيــه محبــة أهــل البيــت(ع)‪ .‬ولــوال محـ ّرم ال يصــر املــرء كل‬
‫هــذا الصــر عــى اإلصغــاء إىل املحــارضة الدينيــة! اللطــم والبــكاء عــى أيب عبــد اللــه الحســن(ع) مقدمــة‬
‫للتفكــر الجيــد‪ ،‬ومجلــس عـزاء أيب عبــد اللــه الحســن(ع)هو مجــال للتفكــر‪ .‬ليلــة عاشــوراء أيضـاً هــي‬
‫ليلــة تف ّكــر وتأ ّمــل! فلنتأمــل يف أنــه‪ :‬هــل نحــن مســتعدون لنــرة اإلمــام الحســن(ع) أم ال؟ عــى أننــا‬
‫إن كنــا مســتعدين لنرصتــه(ع) مل نــأت بإنجــاز ذي شــأن! فمشــكلة صاحــب الزمان(عــج) ال تُ َحـ ّـل بهــذا‪.‬‬

‫األصحاب الذين يريدهم صاحب الزمان(عج) تختلف وظائفهم عن شهداء كربالء‬


‫عاشــوراء هــي بدايــة تربيتــك وليــس نهايتهــا! فالرتبيــة الحســينية هــي بدايــة الطريــق لكنــك لــن‬
‫أقمــت‬
‫َ‬ ‫تــواج ظروفــاً حســينية! ال تســتطيع أن تقــول‪« :‬ســيدي يــا بــن الحســن! أقبــل إلينــا! فــإن‬
‫ليلــة عاشــورائية فســأكون ضمــن املرابطــن يف خيمتــك!» لكنــه(ع) ســيجيبك‪ :‬آســف‪ ،‬لــن يكــون يل‬
‫عاشــوراء! أنــا أصــدق كالمــك‪ ،‬فلــو حــارصوين يف مــرع الطــف فســت ُه ّب لنــريت‪ ،‬لكــن أمــور العــامل‬
‫ال تســتقيم بنرصتــك هــذه‪ .‬أنــا أريــد شــيئاً آخــر‪ ...‬مهمــة صاحــب الزمــان(ع) تختلــف عــن مهمــة‬
‫اإلمــام الحســن(ع) يف كربــاء! غالبيــة املُع ّزيــن يف محــ ّرم مســتعدون لتقديــم أنفســهم فــدا ًء لإلمــام‬
‫الحســن(ع)‪ ،‬فلــاذا ال يظهــر صاحــب الزمــان(ع) مــع وجــود هــذا العــدد الضخــم مــن األصحــاب‬
‫الفدائيــن؟ أمل يكــن(ع) يريــد ‪ 313‬شــخصاً فقــط؟ يف لحظــة االستشــهاد يصبــح اإلنســان طاهـرا ً ومض ّحيـاً‬
‫بــكل مــا لديــه تلقائي ـاً‪ ،‬لكنــك‪ ،‬يف عهــد دولــة صاحــب العــر(ع)‪ ،‬عليــك أن تكــون بطهــارة وتضحيــة‬
‫أولئــك الذيــن ض ّحــوا يف ليلــة عاشــوراء! التنــازل عــن الدنيــا يف لحظــة الشــهادة ليــس بأمــر عســر‪،‬‬
‫لكــن ينبغــي عليــك أن تــرف النظــر عــن دنيــاك وأنــت حــي! فمهمــة األصحــاب الذيــن يريدهــم‬
‫صاحــب الزمــان(ع) تختلــف عــن مهمــة شــهداء كربــاء! فــا يكفــي أن ته ّيــئ نفســك ملوقــف‬
‫كموقــف عاشــوراء فحســب‪ ،‬بــل عليــك أن تســتعد ملوقــف مثــل دولــة صاحــب الزمــان(ع) أيضــاً‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like