You are on page 1of 10

‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.

ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬


‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬


‫نخش َ‬
‫ال َ‬
‫علي‌رضا بناهیان‬

‫الزمان‪ :‬أيام الفاطمية‬


‫التاريخ‪ 11 :‬جمادى األولى ‪1441‬‬
‫المكان‪ :‬جامعة طهران‬
‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬
‫نخش َ‬‫الموضوع‪ :‬ال َ‬

‫‪1‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫استراتيجيتان مهمتان للوصول إلى الرؤية الصحيحة الثاقبة ‪ /‬الهوى وحب الدنيا‬
‫يسلبان بصيرة اإلنسان‬

‫إحدى االستراتيجيات المهمة للتحلي بالرؤية الصائبة هي أن نطلب من الله‬


‫عز وجل أن يرينا حقائق الكون كما هي‪ ،‬وأن يرينا الباطل بحيث ندرك أنه‬
‫باطل! أما االستراتيجية األخرى فهي أن ال ن ّتبع الهوى وأن نخالفه‪ .‬فما إن‬
‫تَ ِم ْل قيد أنملة صوب هوى النفس حتى تتشوه رؤيتك الصائبة والملحمية‪.‬‬

‫جزء من نمط رؤيتنا تابع لـ"تفكيرنا ورؤيتنا المستقبلية"‬


‫إن جــز ًءا مــن رؤيــة اإلنســان إىل الدنيــا وإىل ظواهــر العــامل والســلوكيات الحســنة والســيئة‬
‫يعــود إىل إرادة اللــه ســبحانه وتعــاىل‪ ،‬بيــد أن جــز ًءا آخــر مــن منــط رؤيتنــا إىل الدنيــا‬
‫ومظاهرهــا يعــود إىل قــدرة تفكرينــا ورؤيتنــا املســتقبلية (وقــد تطرقنــا إىل هــذا املوضــوع يف‬
‫املحــارضات الســابقة)‪ ،‬لكننــا ال نعيــش لوحدنــا بــل إننــا نتعامــل مــع اللــه تعــاىل يف كل لحظــة‪.‬‬
‫ال بــد أن يكــون الطفــل تحــت رعايــة الوالديــن وقريبــا منهــا حتــى لــو كان منهمــكا باللعب واملــرح‪ ،‬ألنه‬
‫يجهــل الكثــر مــن األمــور‪ .‬ونحــن غارقــون يف أحضــان الرب أكرث مــن الطفــل يف أحضان والديه‪ ،‬فال يســمح‬
‫اللــه لنــا بالقيــام بالكثــر مــن األعــال‪ .‬إذ لرمبا يخطر ببالــك مثال أن تأيت بســلوك يؤذي اآلخريــن‪ ،‬لكن الله‬
‫مينعــك مــن ذلــك ألنــه يرى أنه ال يجدر بك أن تقــوم بذلك الترصف غري الالئق التصافك بالحســنة الفالنية!‬

‫مخير أيضا ليفعل كل شيء!‬ ‫اإلنسان ليس مجبرا لكنه غير َّ‬
‫اإلنســان ليــس ح ـ ًّرا ليقــرف أي ذنــب‪ .‬فمثــا أنــت تريــد اآلن أن تشــتم شــخصا مــا‪ ،‬لكــن اللــه يــرى‬
‫أن ذلــك الشــخص ال يســتحق أن يتــذ ّوق م ـرارة هــذه الشــتيمة اآلن‪ ،‬فيمنعــك بطريقــة مــا وال يســمح‬
‫ـض‬‫ـر َولَ تَ ْفوِیـ َ‬
‫«ل َجـ ْ َ‬
‫لــك بــأن تشــتم! نحــن لســنا أحـرارا لنفعــل مــا نشــاء‪ ،‬لكننــا لســنا مجربيــن أيضــا‪َ :‬‬
‫بَـ ْـل أَ ْم ـ ٌر بَ ْی ـ َن أَ ْم َریْ ـن‏» (عیــون أخبــار الرضــا(ع)‪ /‬ج‪ /1‬ص‪ .)124‬فاللــه ســبحانه مــن خــال تقدي ـرات‬
‫وحســابات خاصــة يســمح لعبــاده بالقيــام ببعــض األعــال‪ .‬مســتحيل أن نســتطيع الحيــاة بــدون اللــه‬
‫حتــى للحظــة واحــدة! أشــخاص كصــدام وهتلــر أيضــا مل يتمكنــوا مــن العيــش بــدون اللــه لحظــة واحــدة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫إن اللــه عــ ّز وجــل يفتــح الســبيل أمــام عبــاده الصالحــن ويســمح لهــم بالقيــام باألعــال الحســنة‬
‫أكــر مــن باقــي العبــاد‪ ،‬فقــد كان اإلمــام الخمينــي(ره) يقــول‪ :‬إننــي كنــت أشــعر منــذ بدايــات الثــورة‬
‫ـخصا آخــر يسـ ّـر األمــور! واللــه تعــاىل يف القــرآن الكريــم ينســب أحــوال العبــاد إىل ذاتــه‬ ‫أن هنــاك شـ ً‬
‫فيقــول مثــا إين أهــدي العبــد‪َ « :‬واللـ ُه یَ ْهــدي َمـ ْن یَشــا ُء» (البقــرة‪ .)213/‬أو يذكــر يف آيــات أخــرى أنــه‬
‫هــو الــذي يجعــل عبــدا بصـرا وآخــر أعمــى‪« :‬أُول ِئـ َـك الَّذیـ َن لَ َع َن ُهـ ُم اللـ ُه فَأَ َص َّم ُهـ ْم َوأَ ْعمـى‏ أَبْصا َر ُهـ ْم»‬
‫(محمــد‪ .)23/‬وهــذه النســبة إىل اللــه نســبة حقيقيــة فهــو تعــاىل يتغمدنــا بحاميتــه يف كل لحظــة‪.‬‬

‫طلب العون من الله تعالى هو استراتيجية للحصول على الرؤية الصائبة‬


‫ال بــد أن نطلــب مــن البــاري عـ ّز وجــل أن يرزقنــا زاويــة الرؤيــة التــي يحبهــا ويرضاهــا‪ ،‬وقــد ورد هــذا‬
‫ـي»‬ ‫الدعــاء عــن نبــي اإلســام(ص) يف كتــاب «مصبــاح األنــس» الرشيــف‪« :‬اللَّ ُهـ َّم أَ ِرنَــا الْ َحقَائِـ َـق کَـ َـا ِهـ َ‬
‫(مصبــاح األنــس‪ /‬ص‪ .)220‬إن اللــه يعتنــي برؤيــة عبــاده كث ـرا‪ ،‬وبحســب الروايــة فإنــه ع ـ ّز وجــل ال‬
‫يجعــل املؤمــن يســتيقن بالباطــل أبــدا‪ ،‬كــا ال يجعــل الكافــر أو املنافــق يســتيقن بالحــق‪« :‬أَ َب الل ـ ُه‬
‫ـب الْ ُم ْؤ ِمــنِ بَ ِاطـ ًـا لَ شَ ـ َـك ِفی ـ ِه َوأَ َب الل ـ ُه أَ ْن یَ ْج َعـ َـل الْ َب ِاطـ َـل ِف قَلْـ ِ‬
‫ـب الْکَا ِف ـ ِر‬ ‫أَ ْن یَ ْج َعـ َـل الْ َحـ َّـق ِفــی قَلْـ ِ‬
‫ـف َح ًّقــا َل شَ ـ َـك ِفیـه‏» (املحاســن‪ /‬ج‪ /1‬ص‪ .)277‬كــا جــاء يف روايــة أخــرى‪« :‬ال یَسـتَی ِق ُن ُ‬
‫القلب أ َّن‬ ‫الْ ُم َخالِـ ِ‬
‫الحـ َّـق باطـ ٌـل أبـ ًدا وال یَسـتَی ِق ُن أ َّن الباطـ َـل حـ ٌّـق أبـ ًدا» (تفســیر العیــايش‪/‬ج‪/2‬ص‪ )53‬االسـراتيجية املهمــة‬
‫جــدا الكتســابنا رؤيــة ثاقبــة وملحميــة متكننــا مــن خلــق الفــن امللحمــي هــي أن ندعــو اللــه لريينــا‬
‫الحــق وحقائــق العــامل كــا هــي‪ ،‬ويرينــا الباطــل بشــكل يثــر الحم ّيــة يف نفوســنا ونفهــم أنــه باطــل!‬

‫‪3‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫نميز "بين عملين صالحين أيهما أفضل؟"‬ ‫من خالل الرؤية الصحيحة نستطيع أن ّ‬
‫إن اللــه ســبحانه وتعــاىل ال يكتفــي بــأن يرينــا الحــق والباطــل‪ ،‬بــل يتلطّــف علينــا نحــن عبيــده‬
‫تلطُّفًــا آخــر فريينــا أي األعــال الصالحــة أفضــل مــن غريهــا وأي األعــال الســيئة أســوأ‪.‬‬
‫يتــذ ّرع الكثــر بــكالم صائــب لتربيــر فســادهم! كأن يأتــوا بذريعــة حســنة لتربيــر الغيبــة والشــتم‬
‫والغضــب والظلــم‪ ،‬وذريعتهــم صحيحــة ال ريــب فيهــا‪ ،‬بيــد أنــه ال ينبغــي لهــم اآلن أن ينظــروا‬
‫إىل هــذا الــكالم الصحيــح‪ ،‬بــل إىل كالم صحيــح آخــر‪ ،‬لكنهــم يعمــون عــن ذلــك الــكالم الصائــب‬
‫واألهــم! متامــا كالخــوارج الذيــن متســكوا بــكالم حســن وهــو «ال حكــم إال للــه» ووقفــوا يف وجــه‬
‫اإلمــام عــي(ع)‪ .‬لنســأل اللــه أن يضبــط رؤيتنــا عنــد املقارنــة بــن عملــن صالحــن أو طالحــن‪.‬‬

‫طالعوا المجلد رقم ‪ 21‬من كتاب "صحيفة اإلمام" لتتعرفوا على نمط رؤية اإلمام(ره)‬
‫يــويص الكبــار مــن رجــال الديــن والعلــاء مبطالعــة املجلــد رقــم ‪ 21‬مــن كتــاب صحيفــة اإلمــام(ره)‬
‫للتعــرف عــى رؤيــة ســاحة اإلمــام(ره)‪ ،‬فمــن املهــم جــدا أن نعــرف مقــدار اهتــام اإلمــام(ره)‬
‫مبختلــف القضايــا والقيمــة التــي يوليهــا لهــا‪ .‬يجــب أن نعلــم مــا هــو مســتوى ســوء األمــر الــيء‬
‫و ُحســن األمــر ال َحســن يف نظــر اإلمــام(ره)؟ التعبئــة الشــعبية خطــوة جيــدة‪ ،‬والثــورة جيــدة‪،‬‬
‫حســن‪... ،‬الــخ لكــن ينبغــي أن نأخــذ بعــن االعتبــار كيــف‬ ‫وظهــور صاحــب العرص(عــج) أيضــا أمــر َ‬
‫كان ســاحة اإلمــام الخمينــي(ره) ينظــر إىل جميــع هــذه األمــور جنبــا إىل جنــب‪ .‬علينــا أن نكتشــف‬
‫تلــك النظــرة ومنــي يف ذلــك االتجــاه‪ .‬بعــض األشــخاص مل يكتســبوا رؤيــة ســاحته حتــى يف زمــن‬
‫حياتــه وكانــوا ينظــرون إىل أمريــكا مثــا باعتبارهــا «دولــة عندهــا خالفــات مــع بالدنــا حاليــا‪ ،‬لكــن‬
‫ميكــن التفــاوض معهــا»! لكــن نظــرة اإلمــام(ره) كانــت مختلفــة‪ ،‬فقــد كان ســاحته منــذ البدايــة‬
‫يريــد أن يجتــثّ النظــام األمريــي الســفاح‪ .‬علينــا أن نحتفــظ بالرؤيــة امللحميــة التــي تعلمناهــا مــن‬
‫ســاحة اإلمــام الخمينــي(ره) حتــى زمــن الظهــور وفتــح العــامل (عــى يــد صاحــب الزمان(عــج))‪.‬‬
‫فــإن هدأنــا وانتهــى اضطرابنــا وج َز ُعنــا فهــذا يعنــي أننــا قــد افتقدنــا رؤيتنــا امللحميــة الثوريــة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫قبــل أن ينتــر مصطلــح «القريــة العامليــة» يف أرجــاء املعمــورة‪ ،‬كان اإلمــام الخمينــي(ره) قــد‬
‫طــرح هــذا املصطلــح بتعابــر مختلفــة‪ ،‬فــكان يقــول إن علينــا أن نــأيت مبختــار هــذه القريــة‬
‫وهــو صاحــب العــر والزمان(عــج)‪ ،‬وعلينــا أن نع ّمرهــا‪ ،‬فــا ميكــن أن نع ّمــر بيتــا ونــرك‬
‫باقــي البيــوت خربــة‪ .‬هــذه كانــت رؤيــة اإلمــام(ره)‪ .‬لكــن كان مثــة أشــخاص يقولــون إن العــامل‬
‫قــد تحــ ّول اليــوم إىل قريــة وعلينــا أن نســلّم أمرنــا وننصهــر يف بوتقــة هــذه القريــة العامليــة!‬

‫لتقويم رؤيتنا علينا أحيانا أن نجعل أنفسنا في أجواء أفضل‬


‫كيــف كانــت نظــرة اإلمــام(ره) إىل مفاهيــم الواليــة وواليــة الفقيــه؟ فهــل يكفــي أن نقــول إن الواليــة‬
‫جيــدة؟ أو هــل يكفــي أن نذعــن بــأن الواليــة رضوريــة؟ وهــل يكفــي أن نســتنكر املظاه ـرات التــي‬
‫تخــرج ضــد النظــام (اإلســامي)؟ أحيانــا ينبغــي أن نجعــل أنفســنا يف أجــواء الثــورة أو الدفــاع املقــدس‬
‫لنــدرك نظــرة اإلمــام(ره)‪ .‬إن أردنــا أن تتميــز نظرتنــا بالدقــة واملوضوعيــة ألمــور كاألربعــن والظهــور‬
‫واملقاومــة يف املنطقــة وقضيــة اإلمــام الحســن(ع)‪ ،‬فعلينــا أن نخطــو الخطــى يف أجــواء األربعــن‪ .‬فقــد‬
‫نضطــر إىل تغيــر أجوائنــا تــار ًة أو التفكــر بعمــق تــار ًة أخــرى مــن أجــل أن تتميــز رؤيتنــا بالدقــة‪.‬‬

‫كان البعض يقول‪ :‬لم يكن اإلمام الحسين(ع) يعلم أنه سيستشهد!‬
‫قبــل الثــورة اإلســامية تــم تأليــف كتــاب حــول اإلمــام الحســن(ع) وكان املؤلــف يريــد إثبــات أ ّن‬
‫اإلمــام(ع) مل يكــن يعلــم أنــه سيستشــهد‪ ،‬لكنــه مــى يف ســبيله واستشــهد بالصدفــة! هــذا املوضــوع‬
‫يقلّــل مــن الجانــب امللحمــي لكربــاء فتصبــح القضيــة عاديــة للمتلقــي ورمبــا يتأســف أيضــا مــن أنــه‬
‫«ملــاذا حــدث هــذا الخطــأ واستشــهد اإلمــام الحســن(ع) بالصدفــة؟!» رمبــا لــو تريــث هــذا املؤلــف‬
‫قليــا لَشــاهد بعــد انتصــار الثــورة أن كثــرا مــن شــهداء الدفــاع املقــدس كانــوا قــد كتبــوا ألمهاتــم‬
‫أو ذويهــم طريقــة شــهادتهم بتفاصيلهــا‪ ،‬فــكان غالبيتهــم يعلمــون مبوعــد استشــهادهم وكيفيتــه‪.‬‬
‫فــإن كان هــؤالء الشــهداء يعلمــون ذلــك فهــل يُعقــل أن يكــون اإلمــام الحســن(ع) ال يعلــم؟!‬

‫‪5‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫ومؤلــف هــذا الكتــاب كان ينتمــي إىل الفرقــة التــي كانــت تقتــل قُـ ّراء املرايث بدعــوى أنهم مينعــون الثورة‪،‬‬
‫فهــم يعملــون عــى إبــكاء النــاس ف ُي َن ّفــس النــاس عــن أنفســهم همو َمهــم فيقعــدون عــن الثــورة! هكــذا‬
‫كانــت نظرتهــم ل ُقـ ّراء املـرايث! بينــا كان اإلمــام الخمينــي(ره) يرى أن ما ذَكــره أهل البيــت(ع) من الثواب‬
‫العظيــم لدمعــة واحــدة تُســكب يف ســبيلهم‪ ،‬كان منــذ البدايــة مخططــا سياســيا ليثــور النــاس بعــد ذلــك!‬
‫خصــص اللــه تبــارك وتعاىل هــذا الثــواب الجزيل للبكاء‪ ،‬بــل للدمعة الواحــدة‪ ،‬بل وحتــى للتبايك؟‪....‬‬ ‫«ملــاذ ّ‬
‫املهــم يف هــذه القضيــة هــو الجانــب الســيايس الــذي خطّــط لــه أمئتنــا يف صــدر اإلســام ليبقــى إىل النهاية‬
‫وهــو االجتــاع تحــت ظــل راية واحدة وفكــرة مو ّحــدة‪( »...‬صحيفة اإلمــام‪ /‬ج‪ /16‬ص‪ .)344‬وقد شــاهدنا‬
‫عمليــا أن َمــن كان يبــي أكــر يف مجالــس أهل البيت(ع) كان ‪ -‬باملناســبة ‪ -‬أكرث تط ُّو ًعا للشــهادة من غريه!‬

‫إن لم تحافظ على رؤيتك الملحمية فستخسرها‬


‫مــن أي زاويــة ننظــر إىل العــامل؟ علينــا أن ننتبــه إىل ذلــك‪ .‬فــإن غفلنــا لحظــة واحــدة فســنفتقد رؤيتنــا‬
‫الحامســية عــى الرغــم مــن التزامنــا العميــق بالديــن وجميــع األفــكار الحســنة التــي نحملهــا يف أذهاننــا‪.‬‬
‫وإن مل نلتــزم برعايــة نظرتنــا امللحميــة فســنجد أنفســنا فجــأة قــد أصابنا ال َملَــل من كوننا ثوريني وســنخرس‬
‫رؤيتنــا امللحميــة‪ .‬جــاء يف الروايــة أن رجــا ســأل اإلمــام الصــادق(ع)‪ :‬لِ َمــن الثــواب األكــر‪ ،‬ألصحابــك أنت‬
‫ـت ِلَ ِبــی َع ْبـ ِـد اللـ ِه(ع)‪ :‬الْ ِع َبــا َد ُة َمـ َع الْ ِ َم ِام‬ ‫اإلمــام الغريــب أم ألصحــاب آخــر إمــام يف عــر الظهــور؟ «قُلْـ ُ‬
‫ـام الظَّا ِه ِر‬ ‫ـر ِف َد ْولَـ ِة الْ َب ِاطــلِ أَف َْضـ ُـل أَ ِم الْ ِع َبــا َد ُة ِفــی ظُ ُهــو ِر الْ َحـ ِّـق َو َد ْولَ ِتـ ِه َمـ َع الْ ِ َمـ ِ‬
‫ِم ْن ُکـ ُم الْ ُم ْسـتَ ِ ِت ِف الـ ِّ ِّ‬
‫ِم ْن ُکـ ْم؟» (کامل‌الدیــن‪ /‬ج‪ /2‬ص‪ )645‬فأكّــد لــه اإلمــام(ع) أنــه واضــح أن ثوابكــم أكــر‪ ،‬ألن ِإمامكم غريب‬
‫وأنتــم تتعرضــون لــأذى واالســتهزاء واالزدراء‪ ،‬وقــد ض ّيقــوا الخنــاق عليكــم وســلبوا حرياتكــم‪ِ « :‬ع َبا َدتُ ُكـ ْم‬
‫ـر َمـ َع إِ َما ِم ُكـ ُم الْ ُم ْسـتَ ِ ِت ِف َد ْولَـ ِة الْ َب ِاطــلِ أَف َْضـ ُـل‪ ...‬إِنَّ ُكــم‪ ...‬تَ ْنظُـ ُرو َن إِ َل َحـ ِّـق إِ َما ِم ُكـ ْم َو َح ِّق ُكـ ْم ِف‬ ‫ِف الـ ِّ ِّ‬
‫ـر َعـ َـى ِدي ِن ُكـ ْم‬ ‫الصـ ْ ِ‬
‫ـاش َمـ َع َّ‬ ‫ـب الْ َم َعـ ِ‬ ‫أَيْـ ِـدي الظَّلَ َمـ ِة قَـ ْد َم َن ُعوكُـ ْم َذلِـ َـك َو ْاضطَ ُّروكُـ ْم ِإ َل َحـ ْر ِث ال ُّدنْ َيــا َوطَلَـ ِ‬
‫َو ِع َبا َدتِ ُكـ ْم َوطَا َعـ ِة إِ َما ِم ُكـ ْم َوالْ َخـ ْو ِف ِم ْن َع ُد ِّوكُ ْم فَ ِب َذلِـ َـك َضا َع َف الل ُه أَ ْع َملَ ُك ْم» (املصدر نفســه‪ /‬ص‪.)646‬‬

‫‪6‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫وحينــذاك طــرأتْ لحظــة مــن الغفلــة وافتقــاد الــروح الثوريــة عــى الرجــل‪ ،‬فقــال لإلمــام(ع)‪ :‬إذًا ملــاذا‬
‫ـال‪ :‬فَ ُقل ُْت‬ ‫ندعــو للظهــور؟! ملــاذا ندعــو اللــه أن يع ّجــل بزمــن الظهــور ونحــن اآلن نفــوز بثــواب أكــر؟ «قَـ َ‬
‫ـام الْقَائِـ ِـم ِف ظُ ُهــو ِر الْ َحـ ِّـق َونَ ْحـ ُن الْ َيـ ْو َم ِف‬ ‫ـت ِفـ َد َاك فَـ َـا نَتَ َم َّنــى إِذًا أَ ْن نَ ُكــو َن ِمـ ْن أَ ْص َحـ ِ‬
‫ـاب الْ ِ َمـ ِ‬ ‫لَـ ُه‪ُ :‬ج ِعلْـ ُ‬
‫اب َد ْولَــة ال َح ّق» (املصــدر نفســه‪ /‬ص‪ .)647-646‬هكذا‬ ‫إِ َما َم ِتـ َـك َوطَا َع ِتـ َـك أَف َْضـ ُـل أَ ْعـ َـا ًل ِمـ ْن أَ ْعـ َـا ِل أَ ْص َح ِ‬
‫هــو اإلنســان‪ ،‬إن أهمـ َـل نفســه لحظــة واحــدة فسيســأم ثوريّتَــه ويخــر رؤيتــه امللحميــة‪ .‬ومــا أجمــل‬
‫تقديــر القــرآن الكريــم للذيــن ال ميَلّــون وال يفقــدون رؤيتهــم امللحميــة حيث قــال تعــاىل‪ِ « :‬مـ َن الْ ُم ْؤ ِم ِنی َن‬
‫ـى نَ ْح َب ُه َو ِم ْن ُهــم َّمن یَنتَ ِظـ ُر» (األحـزاب‪ ،)23 /‬فهؤالء‬ ‫ـال َص َدقُــوا َمــا َعا َهـ ُدوا اللـ َه َعلَ ْیـ ِه فَ ِم ْن ُهــم َّمن قَـ َ‬ ‫ِر َجـ ٌ‬
‫الرجــال هــم مــن استشــهدت فئــة منهــم والفئــة األخــرى بقيــت عــى العهــد تنتظــر الفــوز بالشــهادة‪.‬‬

‫ال يمكن تحليل األمور وتقويمها بشكل صحيح دون النظرة الملحمية‬
‫ال تتصــوروا أن األشــخاص الذيــن ميتلكــون رؤيــة ملحميــة وينظــرون إىل جميــع األمــور مــن منظــار ثــوري‪،‬‬
‫ال يشــعرون بالبهجــة والــرور! ال تظ ّنــوا أنهــم قســاة‪ ،‬بــل إنهــم‪ ،‬باملناســبة‪ ،‬ألـ َـن مــن اآلخرين بكثــر‪ ،‬وإن‬
‫أفراحهــم ومرساتهــم أيضــا تفــوق أفـراح األشــخاص غــر الثوريــن! بــل بــأي يشء تريــد أن تبتهــج بهجــة‬
‫حقيقيــة إن مل تكــن ثوريــا؟ الذيــن ال ميتلكــون رؤيــة ثوريــة ال حيــاة لهــم باملعنــى الحقيقــي للكلمــة‬
‫وليســوا بأحيــاء! فكيــف لهــؤالء يــا تــرى أن يق ّيمــوا األمــور دون رؤيــة وروح ثوريّتَــن؟ مــن دون النظــرة‬
‫الثوريــة ســتخطئون يف تحليلكــم الســيايس ألوضــاع املنطقــة‪ ،‬ومــن دون هــذه الرؤيــة ســتقعون يف الخطــأ‬
‫عنــد دراســة األوضــاع السياســية يف ايـران‪ ،‬وكــذا الحــال بالنســبة لتحليــل األوضــاع الثقافيــة‪ ،‬مثــا مبجــرد‬
‫مشــاهدتكم لعــدد قليــل مــن خفيفــات الحجــاب ســتقولون‪ :‬لقــد انتهــى كل يشء! بينــا إن نظرتــم‬
‫بنظــرة ثوريــة لقلتــم‪ :‬إن األوضــاع أفضــل بكثــر مــن ذي قبــل‪ ،‬رغم جميــع املشــاكل والصعــاب املوجودة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫مشكلتنا هي أننا عاجزون عن نقل جمال الرؤية الملحمية والثورية‬


‫إننــا عاجــزون عــن أن ننقــل جامليــات الرؤيــة الثوريــة إىل اآلخريــن وهــذه مشــكلة عظيمــة! الشــهيد‬
‫ُح َججــي ز ّود النــاس جمي ًعــا برؤيــة ملحميــة دفعــة واحــدة؛ ففــي كالمــه مــع طفلــه الصغــر كان قــد‬
‫بــثَّ للجميــع شــعو ًرا يف منتهــى الجــال والروعــة بحيــث أشــعل نــار الحــرة يف قلــوب الكثرييــن‪ .‬لقــد‬
‫أظهــرت حصيلــة الصــور الجويــة أن حــوايل مليــوين نســمة يف طه ـران فقــط شــاركوا يف تشــييع جثامنــه‬
‫الطاهــر‪ ،‬ومل يكــن ليتحقــق هــذا األمــر إال بســبب روعــة الرؤيــة الثوريــة وامللحميــة! كانــت نظــرة اإلمــام‬
‫ـص شــخص‬ ‫الخمينــي(ره) الثوريــة بح ـرا مرتامــي األط ـراف مهــا تحدثنــا عنــه مل يكــن كالمنــا شــيئًا‪ .‬قـ َّ‬
‫عــى اإلمــام(ره) أنــه يف أيــام املظاهـرات ضــد نظــام الشــاه قبــل انتصــار الثــورة اإلســامية «كانــت هنــاك‬
‫ســيدة متقدمــة يف الســن تقــف بجانــب الطريــق ويف يدهــا ف ّكــة نقــود‪ .‬ظننــت يف البــدء أنهــا فقــرة‪،‬‬
‫ـت فقــرة‪ ،‬بــل أحمــل بيــدي ِقطَ ًعــا مــن ف ّكــة نقــود فئــة‬
‫ـت صوبهــا ألعــرف خربهــا‪ ،‬فقالــت يل‪ :‬لسـ ُ‬ ‫فاتجهـ ُ‬
‫ريالــن يك ال يحتــار يف أمــره َمــن يريــد إج ـراء اتصــال هاتفــي مــن الثُـ ّوار!» لــدى ســاع هــذه القصــة‬
‫ال غــر قــال ســاحة اإلمــام(ره)‪ :‬إن هــذا دليــل عــى التح ـ ّول الروحــي عنــد أف ـراد الشــعب ومــؤرش‬
‫عــى نــر اللــه وانتصــار الثــورة! (صحيفــة اإلمــام‪ /‬ج‪ /7‬ص‪ )265‬واليــوم ويف الســنوات األخــرة نشــاهد‬
‫الكثرييــن يف زيــارة األربعــن يقفــون عــى قارعــة الطريــق ويف حوزتهــم مئــات اآلالف مــن أطبــاق الطعــام‬
‫أيضــا إن كانــت لدينــا رؤيــة اإلمــام(ره) فســندرك أ ّن مثــة خــر مــا يف األفــق!‬ ‫لتقدميهــا للــز ّوار! فاليــوم ً‬
‫كان الشــهيد آوينــي مــن أصحــاب الرؤيــة الثوريــة‪ ،‬وقد عـ ّـر عنه الســيد القائد(حفظــه الله) بتعبري «ســيد‬
‫يتبي‬
‫شــهداء أهــل القلــم»‪ .‬ومــن خــال قـراءة مؤلفاتــه ومشــاهدة وثائقياتــه املعروفــة بـ»روايــة الفتــح» ّ‬
‫أن هــذا اللقــب يليــق بــه حقــا‪ .‬بالطبــع هنــاك الكثــر ممــن يحمــل الرؤيــة نفســها يف وقتنا الحــارض‪ ،‬لكن‬
‫شــتان بــن مــن ميتلــك هــذه الرؤيــة اليــوم وبني مــن مت ّيــزتْ رؤيته يف ذلــك الزمن بتلــك الدرجة مــن الدقة‬
‫والصحة‪.‬لنســأل اللــه ســبحانه أن يهبنــا النظــرة الثوريــة وأن يوفقنــا لالحتفاظ بهــا إىل نهايــة املطاف‪ ،‬ومن‬
‫بعــد ذلــك أن يســاعدنا لننقلها إىل اآلخرين بشــكل جميل وصحيح‪ ،‬وهذا النقل الصحيــح أيضا مهم للغاية‪.‬‬
‫فبعــض األشــخاص ممــن شـ ّوه النظــرة الثوريــة عنــد نقلهــا لآلخريــن‪ ،‬تخـ ّـى هوعــن ثوريّتــه بعــد ُمـ ّدة!‬

‫‪8‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫االستراتيجية األخرى الكتساب الرؤية الصائبة هي مخالفة الهوى‬


‫االسـراتيجية األخــرى الكتســاب الرؤيــة الصحيحــة هــي عــدم اتّبــاع الهــوى (علـ ًـا بــأن الرؤيــة الصحيحــة‬
‫ُفســد نظرتــك الثوريــة‪.‬‬ ‫حتــى زمــن الظهــور هــي الرؤيــة امللحميــة ذاتهــا)‪ .‬فــا إن تَ ِــل ذر ًة لهــواك حتــى ت ِ‬
‫ـي‬ ‫ـرف نقيــض‪ .‬روي عــن اإلمــام الباقــر(ع)‪« :‬إِ َّن الْ ُم ْؤ ِمـ َن َم ْع ِنـ ٌّ‬ ‫يف الحقيقــة إن «الهــوى» و»اللــه» عــى طـ َ‬
‫بِ ُ َجا َهـ َد ِة نَف ِْسـ ِه لِ َی ْغلِ َب َهــا َعـ َـى‏ َه َواهــا فَ َمـ َّر ًة یُ ِقیـ ُم أَ َو َد َهــا [اعوجا َجهــا] َویُ َخالِـ ُـف َه َوا َهــا ِف َم َح َّبـ ِة اللـ ِه‪،‬‬
‫ـش [أي‪ :‬يُنه ُِضــه مــن َسـقْطته] َویُ ِقیـ ُـل اللـ ُه َع ْ َثت َ ُه‬ ‫َص ُعـ ُه نَف ُْسـ ُه فَ َیتَّ ِبـ ُع َه َوا َهــا فَ َی ْن َعشُ ـ ُه اللـ ُه‏ فَ َی ْنتَ ِعـ ُ‬
‫َو َمـ َّر ًة ت ْ َ‬
‫[أي‪ :‬يتجــاوز عــن ذنبــه وزلّتــه] فَ َیتَ َذکَّـ ُر َویَ ْفـ َز ُع إِ َل التَّ ْوبَـ ِة َوالْ َم َخافَـ ِة [أي‪ :‬يلتفــت إىل نفســه ويتــوب بعد‬
‫أنهضــه اللــه مــن َسـقْطته] فَ َیـ ْز َدا ُد [بعــد أن تــاب] بَ ِصیـ َر ًة َو َم ْع ِرفَـ ًة لِـ َـا زِیـ َد ِفیـ ِه ِمـ َن الْ َخـ ْو ِف [أي إن‬ ‫أن َ‬
‫بصــرة املؤمــن ومعرفتــه ســتزداد نتيجــة الخــوف الــذي يصيــب قلبــه]» (تحف‌العقــول‪ /‬ص‪ .)284‬فألنــه‬
‫ارتكــب ذن ًبــا ينتابــه الخــوف وبالتــايل تــزداد بصريتــه‪ .‬ويسرتســل اإلمــام الباقــر(ع) موض ًحــا‪َ « :‬و َذلِـ َـك ِبـأَ َّن‬
‫ـرون‏» (األعـراف‪/‬‬ ‫اللـ َه يَ ُقــول‏‪ :‬إِ َّن ال َِّذیـ َن ات َّ َقـ ْوا إِذا َم َّسـ ُه ْم طائِـ ٌـف ِمـ َن الشَّ ـ ْیطانِ تَ َذکَّـ ُروا فَـ ِإذا ُهـ ْم ُم ْبـ ِ ُ‬
‫مســهم طائــف مــن الشــيطان وأثّــر عليهــم‪ ،‬فإنهــم يتذكّــرون‬ ‫‪ ،)201‬أي إن الذيــن يعتصمــون بالتقــوى إذا ّ‬
‫الحــق ويكتســبون رؤيــة ثاقبــة بحيــث يعـ ّـر عنهــم القــرآن الكريــم بهــذا التعبــر‪« :‬فــإذا هــم مبــرون»‪.‬‬

‫ما هو األمر الذي ُيفسد رؤية اإلنسان؟‬


‫مــا الــذي يُفســد رؤيــة اإلنســان؟ روي عــن أمــر املؤمنــن(ع) أنــه قــال‪« :‬إِنَّ َــا ال ُّدنْ َیــا ُم ْنتَ َهــى بَ َ ِ‬
‫ــر‬
‫ـر ِمـ َّـا َو َرا َء َهــا شَ ـ ْیئًا» فاألعمــى ال يــرى إال الدنيــا وال ميتــد بــره إىل أبعــد مــن ذلــك‪،‬‬ ‫الْ َ ْع َمــى لَ یُ ْبـ ِ ُ‬
‫ـر ُه َویَ ْعلَ ـ ُم أَ َّن ال ـ َّدا َر َو َرا َء َهــا» أمــا البصــر فيــدرك أن هنــاك‪ ،‬وراء هــذه الدنيــا‪،‬‬ ‫« َوالْ َب ِصی ـ ُر یَ ْن ُف ُذ َهــا بَـ َ ُ‬
‫ـاخ ٌص» فصاحــب النظــرة الصائبــة يهجــر الدنيــا « َوالْ َ ْع َمــى إِلَ ْی َهــا‬ ‫أيضــا‪« ،‬فَالْ َب ِصیـ ُر ِم ْن َهــا شَ ـ ِ‬‫عالَــم اآلخــرة ً‬
‫ـاخ ٌص» بينــا األعمــى كلــا ينظــر إىل الدنيــا يهــرول إليهــا أكــر فأكــر « َوالْ َب ِصیـ ُر ِم ْن َهــا ُمتَـ َز ِّو ٌد» والبصــر‬ ‫شَ ـ ِ‬
‫يتــزود مــن الدنيــا « َو ْالَ ْع َمــى لَ َهــا ُمتَ ـ َز ِّود» أمــا األعمــى فيتــز ّود للدنيــا! (نه ـ ‌ج البالغة‪/‬الخطبــة ‪.)133‬‬

‫‪9‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫الهوى وحب الدنيا يسلبان اإلنسان البصيرة‬


‫هنــاك آيــات وروايــات عديــدة تشــر إىل أن الهــوى وحــب الدنيــا يســلبان بصــرة اإلنســان‪ .‬فبحســب‬
‫بعــض الروايــات ينظــر اللــه إىل أعــاق قلــب اإلنســان لــرى إن كان يه ّمــه‪ ،‬ولــو مثقــال ذرة‪ ،‬مــاذا‬
‫يقــول أهــل الدنيــا عنــه؟ فــإن كان كذلــك ال يحتفــي بــه اللــه ومالئكتــه وال يحســبونه كث ـرا مــن ذوي‬
‫الشــأن مــن النــاس! يتنــازل البعــض عــن روحــه الثوريــة ومواقفــه امللحميــة مــن أجــل نظــرة النــاس‬
‫وحديثهــم‪ ،‬أو طمعــا بالوجاهــة بينهــم‪ .‬تُعــد املصائــب الفاطميــة وحادثــة البــاب والحائــط مــن أعظــم‬
‫مصائبنــا وأجلّهــا نو ًعــا مــا‪ ،‬فقــد ذكــروا أن الســيدة فاطمــة الزهــراء(س) رصخــت رصخــة ســمعها‬
‫قاطبــة أهــل املدينــة‪ ،‬لكنهــم مل يخرجــوا مــن بيتوهــم (لنرصتهــا)! ملــاذا؟ ألنهــا كانــت يف بيــت عــي‬
‫بــن أيب طالــب(ع)! فــاذا كانــوا ســيصنعون بنظراتهــم إىل بعضهــم البعــض إن ه ّبــوا لنرصتهــا؟ أيقولــون‬
‫لبعضهــم ذهبنــا لنــرة عــي بــن أيب طالــب(ع)؟! كان هــذا صعبــا عليهــم يف تلــك األجــواء‪ .‬ولرمبــا يخفــي‬
‫صاحــب الزمان(عــج) نفســه الرشيفــة ع ّنــا يف زماننــا مخافــة أن نســمع أنــن وحشـ ِته وال نهـ ّ‬
‫ـب لنرصتــه‪...‬‬

‫‪10‬‬

You might also like