You are on page 1of 2

‫ﱯ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﱮ‬ ‫وحســنت المعــازف ممــا جــذب قلــوب‬ ‫جملــت األصــوات ّ‬ ‫ّ‬

‫[الفرقــان‪ ]72:‬قــال غيــر واحــد مــن المفســرين مــن معــاين‬ ‫كثيــر مــن النــاس إلــى ســماعها واالنشــغال بهــا؛ ممــا ترتــب‬
‫الــزور يف اآليــة‪ :‬الغنــاء(‪ ،)4‬ولهــذا قــال بعضهــم يف تفســير اآليــة‬ ‫علــى ذلــك إضعــاف دينهــم وتوهيــن أخالقهــم وصرفهــم عــن‬ ‫إن الحمــد هلل نحمــده ونســتعينه ونســتغفره ونتــوب إليــه ونعــوذ‬
‫ببعــض أفرادهــا‪ :‬ال يشــهدون الــزور‪ :‬أي ال يســمعون الغنــا‪.‬‬ ‫معالــي األمــور وإشــغالهم بسفســافها ورديئهــا ‪.‬‬ ‫بــاهلل مــن شــرور أنفســنا وســيئات أعمالنــا‪ ،‬مــن يهــده اهلل فــا‬
‫* وقــال اهلل تبــارك وتعالــى‪ :‬ﱯﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬ ‫ولقــد جــاءت شــريعة اإلســام بأدلــة واضحــة يف كتــاب اهلل‬ ‫مضــل لــه ومــن يضلــل فــا هــادي لــه‪ ،‬وأشــهد أن ال إلــه إال‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﱮ [النجــم‪]61-59:‬‬ ‫وســنة رســوله ﷺ بتحريــم الغنــاء والمعــازف وبيــان آثارهــا‬ ‫اهلل وحــده ال شــريك لــه‪ ،‬وأشــهد أن محمــد ًا عبــده ورســوله‪،‬‬
‫قــال ابــن عبــاس ﭭ‪ :‬ســامدون أي مغنّــون(‪. )5‬‬ ‫وأضرارهــا وأخطارهــا علــى المؤمــن وعلــى قلبــه ودينــه‬ ‫وصفيــه وخليلــه وأمينــه علــى وحيــه ومب ِّلــغ النــاس شــرعه؛‬
‫* ومــن دالئــل الســنة ودالئلهــا يف تحريــم الغنــاء كثيــرة مــا جــاء‬ ‫وأخالقــه‪:‬‬ ‫فصلــوات اهلل وســامه عليــه وعلــى آلــه وصحبــه أجمعيــن ‪ .‬أمــا‬
‫يف صحيــح البخــاري وغيــره أن النبــي ﷺ قــال‪َ « :‬ل َيكُو ن َّ‬
‫َــن‬ ‫* يقــول اهلل تبــارك وتعالــى‪ :‬ﱯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫بعــد‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِمــن ُأ متِــي َأ ْقــو ا م يســت ِ‬
‫ــر‬‫يــر َو ا ْلخَ ْم َ‬‫ــر َو ا ْل َحرِ َ‬ ‫ون ا ْلح َ‬ ‫َح ُّل َ‬ ‫َ ٌ َْ‬ ‫ْ َّ‬ ‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ‬ ‫لقــد جــاء اإلســام بتوجيهاتــه الســمحة وإرشــاداته المباركــة‬
‫ف ‪. » ..‬‬
‫(‪)6‬‬ ‫ِ‬
‫َو ا ْل َم َعــاز َ‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﱮ [لقمــان‪ ]6:‬قــال ابــن عبــاس وابــن‬ ‫الســديدة بمــا يحقــق لإلنســان المؤمــن عــزه وســعادته‪ ،‬ويكفــل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مســعود وغيرهمــا مــن الصحابــة والتابعيــن‪ :‬هــو األغــاين‬
‫ــمون ََها‬ ‫ــن ُأ َّمتــي ا ْلخَ ْم َ‬
‫ــر‪ُ ،‬ي َس ُّ‬ ‫َــاس م ْ‬ ‫* وقــال ﷺ‪َ « :‬ل َي ْش َ‬
‫ــر َب َّن ن ٌ‬ ‫لقلبــه راحتــه وطمأنينتــه؛ وإن ممــا يؤســف لــه ! أن بعــض‬
‫ف‪ ،‬وا ْلم َغنِّيـ ِ‬ ‫ـهم بِا ْلمعـ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َغي ـرِ اسـ ِ‬ ‫والمعــازف(‪ .)1‬بــل قــال الحســن البصــري ‪ $‬وهــو مــن أجلــة‬
‫ـات‪،‬‬ ‫ـاز َ ُ َ‬ ‫َف َع َلــى ُرؤُ وسـ ِ ْ َ َ‬ ‫ـم َها‪ُ ،‬ي ْع ـز ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫المســلمين يذهــب يف طلبــه للســعادة وتحصيلــه للــذة إلــى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َيخْ ِسـ ُ‬ ‫علمــاء التابعيــن‪ :‬إن هــذه اآليــة نزلــت يف الغنــاء والمعــازف(‪. )2‬‬
‫ـم األَ ْر َض‪َ ،‬و َي ْج َعـ ُـل من ُْهـ ُ‬
‫ـم ا ْلقـ َـر َد َة َوا ْلخَ نَازيـ َـر»‬ ‫ـف اهَّللُ بِهـ ُ‬
‫(‪)7‬‬
‫مذاهــب نهــى اإلســام عنهــا وجــاء الديــن بتحريمهــا لمــا فيهــا‬
‫وقولــه « ليســتحلن أقــوام» دليــل صريــح واضــح علــى حرمــة‬ ‫* ويقــول اهلل تبــارك وتعالــى‪ :‬ﱯﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬ ‫مــن األضــرار الوخيمــة واآلثــار الجســيمة‪.‬‬
‫الغنــاء‪ ،‬وفيــه داللــة أيضــا أن هــؤالء الذيــن يســتحلون هــذه‬ ‫ﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯙﯚ‬ ‫ومــن ذلكــم‪ :‬عكــوف بعــض النــاس وانشــغالهم بســماع اللهــو‬
‫المحرمــات إنمــا يســتحلونها بتأويــات فاســدة وآراء كاســدة‬ ‫ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﱮ‬ ‫والطــرب والغنــاء والمعــازف‪ ،‬ولربمــا تعلــل بعضهــم لنفســه‬
‫‪ ..‬ال أنهــم يعتقــدون حرمتهــا وتحريــم النبــي ﷺ ثــم يقولــون‬ ‫[اإلســراء‪ ]64 :‬قــال غيــر واحــد مــن المفســرين مــن الصحابــة‬
‫يف االســتمرار يف ذلــك والمضــي فيــه بفتــاوى غيــر محققــة‬
‫بحلهــا؛ وإال لمــا دخلــوا يف أمتــه صلــوات اهلل وســامه عليــه‪.‬‬ ‫والتابعيــن‪ :‬صــوت الشــيطان يف هــذه اآليــة المــراد بــه‪ :‬الغنــاء(‪.)3‬‬
‫وتقريــرات يف هــذا البــاب غيــر ســديدة لكونهــا غيــر قائمــة علــى‬
‫(‪ )4‬نســب هــذا التاويــل لمحمــد بــن الحنفيــة ومجاهــد‪ ،‬انظــر‪ :‬تفســير المــاوردي (‪)159/4‬؛ تفســير‬ ‫* ويقــول اهلل ســبحانه وتعالــى يف ذكــر صفــات عبــاد الرحمــن‪:‬‬ ‫أصــل ُيعتمــد وال أســاس ُيبنــى عليــه وال أدلــة صحيحــة مــن‬
‫البغــوي (‪.)98/6‬‬
‫(‪ )5‬انظر‪ :‬تفسير ابن جرير (‪)101/22‬؛ الدر المنثور (‪.)60-59/14‬‬ ‫(‪ )1‬أخرجــه عنهــم الطبــري يف «تفســيره» (‪ )534/18‬ومــا بعدهــا‪ ،‬وصحــح األلبــاين األثــر عــن ابــن عبــاس‬ ‫كتــاب اهلل وســنة نبيــه ﷺ ‪.‬‬
‫(‪ )6‬أخرجــه البخــاري (‪ )5590‬معلقــا بصيغــة الجــزم عــن أبــي عامــر أو أبــي مالــك األشــعري‪ ،‬وانظــر‪:‬‬ ‫يف «تحريــم آالت الطــرب» (ص‪ ،)142‬وكــذا أثــر ابــن مســعود يف المصــدر نفســه (ص‪.)143‬‬
‫كالمــا مطــوال يف تصحيحــه يف «تحريــم آالت الطــرب» لأللبــاين‪.‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬تفسير ابن أبي حاتم (‪.)3096/9‬‬ ‫ويف هــذا الزمــان ازداد األمــر ســو ًءا بالتقنيــات الحديثــة التــي‬
‫(‪ )7‬أخرجه ابن ماجه (‪ )4020‬عن أبي مالك األشعري‪ ،‬وصححه األلباين يف «الصحيحة» (‪.)185/1‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفسير ابن جرير (‪ )656/14‬وما بعدها؛ تفسير القرطبي (‪.)288/10‬‬
‫وحديثــا يف تحريــم الغنــاء وبيــان مفاســده وأضــراره كثيــرة‬ ‫وحســنه‪ ،‬والحاكــم(‪ )9‬وصححــه عــن‬ ‫ّ‬
‫(‪)8‬‬
‫* وروى الترمــذي‬
‫ـن صــوتٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ومطولــة يقــف عليهــا مــن يطلبهــا‬
‫َّ‬ ‫ُجمعــت يف مؤلفــات مختصــرة‬ ‫ـن َفاج َر ْيـ ِ َ ْ‬‫ـن أ ْح َم َق ْيـ ِ‬
‫ـن َص ْو َت ْيـ ِ‬‫ـت َعـ ْ‬
‫النبــي ﷺ قــال‪« :‬ن ََه ْيـ ُ‬
‫مــن الناصحيــن ألنفســهم ولغيرهــم ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ـش ُو ُجــوه َو َشـ ِّـق ُج ُيـ ٍ‬
‫ـوب َو َر َّنــة َشـ ْي َطان» وتأمــل‬ ‫ِعنْــدَ ُم ِصي َبـ ٍـة َخ ْمـ ِ‬
‫ـارا‬
‫ومــن أضــرار األغــاين والمعــازف أنهــا تؤثــر يف القلــوب آثـ ً‬ ‫رعــاك اهلل كيــف جــاءت التأكيــدات تلــو التأكيــدات يف النهــي‬
‫ســيئة فتجلــب للنفــوس الشــهوات المحرمــة والمطامع الفاســدة‬ ‫عــن الغنــاء وتحريمــه يف هــذا الحديــث الصحيــح‪:‬‬
‫وتدعــو إلــى فعــل الحــرام والبعــد عــن األخــاق الرفيعــة العالية؛‬ ‫أوال‪ :‬بتصريحه بالنهي عنه والنهي يفيد التحريم ‪.‬‬
‫فمــا ُيعــرف أن إنســانا بســماعه لألغــاين والمعــازف تحــرك يف‬ ‫وثانيا‪ :‬بوصف الغناء بأنه صوت أحمق ‪.‬‬
‫نفســه حــب الخيــرات أو اإلقبــال علــى الصلــوات أو الحــرص‬ ‫وثالثا‪ :‬بوصفه بأنه صوت فاجر ‪.‬‬
‫علــى قيــام الليــل أو العنايــة ببــر الوالديــن وصلــة األرحــام أو‬ ‫ورابعا‪ :‬بوصفه بأنه مزمار من مزامير الشيطان ‪.‬‬
‫اإلقبــال علــى النفقــات والصدقــات ‪ ..‬بــل إن كثيــر ًا مــن المبتلين‬ ‫ولهــذا ســمى أهــل العلــم الغنــاء رقيــة الشــيطان وبريــد‬
‫جرتهــم إلــى‬‫باألغــاين والمعــازف يتحدثــون عــن أنفســهم بأنهــا َّ‬ ‫المحرمــات واآلثــام ‪.‬‬
‫أمــور وأمــور ال يحمــدون عاقبتهــا‪ ،‬إضافــة إلــى مــا فيهــا مــن‬
‫* وروى ابــن أبــي الدنيــا(‪ )10‬يف كتابــه «ذم المالهــي» أن النبــي‬
‫الصــد عــن ذكــر اهلل والصــرف عــن تــاوة القــرآن والصــد عــن‬ ‫ف »‪َ .‬ف َقـ َ‬
‫ـال َر ُجـ ٌـل‬ ‫ـخ َو َقـ ْـذ ٌ‬ ‫ﷺ قال‪«:‬فِــى َهـ ِـذ ِه األُ َّمـ ِـة َخ ْسـ ٌ‬
‫ـف َو َم ْسـ ٌ‬
‫ســماع الخيــر والنصائــح والمواعــظ وإغــاق القلــوب وقفلهــا‬ ‫ــال‪ « :‬إِ َذا َظهــر ِ‬
‫ت‬ ‫َ َ‬ ‫اك َق َ‬ ‫ــول اهَّلل ِ َو َمتَــى َذ َ‬
‫ين َيــا َر ُس َ‬ ‫ِِ‬
‫ــن ا ْل ُم ْســلم َ‬
‫م َ‬
‫ِ‬
‫عــن أبــواب الخيــر ‪ ..‬إلــى غيــر ذلــك مــن األضــرار واآلثــار ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ـات َوا ْل َم َعـ ِ‬
‫ـور» وهــو حديــث حســن‬ ‫ف َو ُش ـرِ َبت ا ْلخُ ُمـ ُ‬ ‫ـاز ُ‬ ‫ا ْل َق ْينَـ ُ‬
‫والعاقــل ينــأى بنفســه عــن األمــور التــي تبعــده عــن الطاعــة‬ ‫بمــا لــه مــن شــواهد وطــرق‪ ,‬وهــو صريــح يف تحريمهــا والنهــي‬
‫وتوقعــه يف اآلثــام‪ ،‬وقــد صــح يف الحديــث عــن نبينــا عليــه‬ ‫عنهــا ‪.‬‬
‫الصــاة والســام التعــوذ بــاهلل العظيــم مــن منكــرات األخــاق‬
‫والدالئــل علــى ذلــك كثيــرة يف كتــاب اهلل وســنة نبيــه عليــه‬
‫واألهــواء واألدواء(‪. )11‬‬
‫الصــاة والســام وأقاويــل أهــل العلــم المحققيــن قديمــا‬
‫وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫(‪ )1005( )8‬عن جابر بن عبد اهلل‪.‬‬
‫‪www.al-badr.net‬‬ ‫(‪ )9‬المســتدرك (‪ )6904‬عــن عبــد الرحمــن بــن عــوف‪ ،‬وصححــه األلبــاين يف «الصحيحــة» (‪-291/2‬‬
‫رقــم‪.)1678-5194/‬‬
‫(‪( )11‬ص‪ )23‬عــن ســهل بــن ســعد؛ وأخرجــه الترمــذي (‪ )2212‬عــن عمــران بــن حصيــن‪ ،‬وحســنه لغيــره‬ ‫(‪( )10‬ص‪ )23‬عــن ســهل بــن ســعد؛ وأخرجــه الترمــذي (‪ )2212‬عــن عمــران بــن حصيــن‪ ،‬وحســنه لغيــره‬
‫الشــيخ األلبــاين يف «صحيــح الترغيــب والترهيــب» (‪.) 2379‬‬ ‫الشــيخ األلبــاين يف «صحيــح الترغيــب والترهيــب» (‪.) 2379‬‬

You might also like