You are on page 1of 16

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬حسين كتانة ود‪ .

‬عمر عتيق‬

‫لمسات من اإلعجازـ اللغوي في القرآن الكريم‬


‫(الصورة المائية نموذجاً)‬
‫*‬
‫د‪ .‬حسين كتانة‬
‫*‬
‫د‪ .‬عمر عتيــــــق‬

‫تاريخ قبول البحث‪3/7/2013 :‬م‬ ‫تاريخ وصول البحث‪16/5/2011 :‬م‬


‫ملخص‬
‫يعالج البحث الصورة المائية في القرآن الكريم متوسالً بالمنهج األسلوبي من خالل المحور األفقي‬
‫الذي يعاين التناسب الداللي بين األلفاظ المتجاورة التي تشكل النسيج اللغوي للصورة المائية من جهة ‪-‬‬
‫وعالقة النسيج اللغوي للصورة بالس ياق األك بر من جهة أخ رى‪ .-‬والمحور العم ودي الذي يعلل اختيار‬
‫لفظ دون غيره من البدائل اللغوية المتاحة في سياق الصورة المائية‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪The research tackles the image of water in the holy Quran hinging upon the‬‬

‫‪stylistic approach through a horizontal axis that closely examines the semantic harmony‬‬

‫‪among contiguous vocabulary which forms the linguistic texture of water's image, on‬‬

‫‪one hand, and the relationship between such texture and the whole context on the other‬‬

‫‪hand; in addition to the vertical axis that rationalizes any preference of any lexical‬‬

‫‪choice over other choices at hand within the appropriate context of that image.‬‬

‫مقدمة‪.‬‬
‫يش كل النص الق رآني تح ديا لمه ارة الب احثين وطاق ات الدارس ين وأدواتهم البحثية من حيث التحليل واالس تنتاج‬
‫أن البنية العميقة للنص الق رآني تس تنهض من اهج البحث ب اختالف مس اراتها‪ .‬وكل ما في الق رآن‬
‫والربط والتعلي ل‪ ،‬كما ّ‬
‫الك ريم يقتضي التأمل والت دبر الش تماله على أس رار ال تت أتى إال لمن ش رح اهلل ص دره له ا‪ ،‬وأط ال التأمل والت دبر به ا‪،‬‬
‫وأعمل فك ره بالربط والتحليل واالس تنتاج‪ ،‬وما وقف عليه الق دماء والمح دثون ليس نهاية المط اف‪ ،‬إذ إن إع ادة النظر في‬
‫فتحا جديداً‪.‬‬
‫بعض اآلراء والتوجيهات في أسرار لغة القرآن‪ ،‬قد تعد ً‬
‫البحث األبع اد الداللية للص ورة المائية مستأنسا ب المنهج األس لوبي من حيث المح ور األفقي والمح ور‬
‫ُ‬ ‫ويع اين‬
‫أمال في البنية المعجمية من أجل الكشف‬
‫العم ودي؛ إذ يقتضي التج اذب ال داللي بين األلف اظ المتج اورة والس ياق ال داللي ت ً‬
‫أن اختي ار لفظ دون غ يره من األلف اظ المن اظرة في‬
‫عن الخاليا الداللية لأللف اظ المتج اورة وتناس بها مع الس ياق‪ .‬كما ّ‬
‫الصورة المائية يقتضي رصد االنسجام بين اللفظ المختار والسياق وتعليل غياب البدائل المناظرة للفظ المختار‪.‬‬
‫أن االقتص ار على الداللة الس طحية لمكون ات الص ورة المائية يفضي إلى قص ور في الكشف عن‬
‫وينبه البحث على ّ‬
‫جمالي ات الص ورة المائي ة؛ ألنّ االكتف اء بالمع اني الجزئية وع دم االس تئناس بالبنية المعجمية العميقة لمف ردات الص ورة‬

‫*‬
‫أستاذ مشارك‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬كلية اآلداب‪.‬‬
‫*‬
‫أستاذ مشارك‪ ،‬جامعة النجاح‪ ،‬فلسطين‪.‬‬
‫‪195‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لمساتـ من اإلعجاز اللغوي في القرآن الكريم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫المائية‪ ،‬وغي اب الربط بين السياق الجزئي والسياق الكلي يؤدي إلى ع زل الصورة المائية عن روافدها الداللية وظاللها‬
‫الفنية‪.‬‬
‫مشكلة البحث‪.‬‬
‫يعالج البحث تأثير السياق الداللي على المكونات اللغوية للصورة المائية في القرآن الكريم‪ .‬ويعلل اختيار لفظ‬
‫دون غ يره من الب دائل اللغوي ة المن اظرة وف ق مقتض يات المح ور العم ودي في الدراس ة األس لوبية‪ .‬ويرص د التق اطع‬
‫ال داللي بين األلف اظ المج اورة ال تي تش كل النس يج اللغ وي للص ورة المائي ة وف ق المح و األفقي في الدراس ة األس لوبية‪.‬‬
‫ويؤك د البحث أن الدالل ة الكلي ة للص ورة المائي ة في القرآن الك ريم تقتضي ربطاً بين الس ياق األص غر والسياق األكبر‬
‫بوساطة الكشف عن الخاليا الداللية التي تربط بين السياقين‪ .‬وينبه البحث على التعالق الداللي بين الدالالت المعجمية‬
‫للفظ المختار والدالالت الجزئية التي تتوزع على السياق األكبر للصورة المائية‪.‬‬
‫أسئلة البحث‪.‬‬
‫ما هي مقومات الصورة المائية في القرآن الكريم؟‬ ‫‪-1‬‬
‫ما الفرق بين لفظ "الفلك" ولفظ "السفينة" في سياق الصورة المائية البحرية؟‬ ‫‪-2‬‬
‫كيف يؤثر السياق الداللي على اختيار لفظ دون غيره من األلفاظ المناظرة؟‬ ‫‪-3‬‬
‫هل توجد عالقة بين البنية المعجمية العميقة للفظ المختار والسياق الداللي؟‬ ‫‪-4‬‬
‫لم اذا يتك رر قول ه تع الى (تج ري من تحتها األنه ار خال دين فيها) به ذه الكلم ات دون غيره ا من الكلم ات‬ ‫‪-5‬‬
‫المناظرة لها في سياق الجنة؟‬
‫لماذا غابت البدائل اللغوية للفعل (تجري) وهي (تمر وتسيل)‪ ،‬والبديل اللغوي للظرف (تحتها) وهو‬ ‫‪-6‬‬
‫(أسفلها) في تركيب (تجري من تحتها األنهار خالدين فيها) في سياق الجنة؟‬
‫لماذا ال يسوغ التقارب الداللي لأللفاظ المتناظرة في داللتها تبادالً في مواقعها في القرآن الكريم؟‬ ‫‪-7‬‬
‫من يحدد صفة الماء في الصورة المائية السياق األصغر لآلية أم السياق األكبر لآليات المجاورة؟‬ ‫‪-8‬‬
‫هل توجد عالقة داللية بين صفة الماء واأللفاظ المجاورة في سياق النعيم و العذاب؟‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬ما عالقة السياق األكبر بالبدائل اللغوية لصفات الماء؟‬
‫‪ -11‬لماذا تتغير صفات الماء في سياق العذاب (الماء الصديد والماء المهل والماء الحميم)؟‬
‫منهج البحث‪.‬‬
‫يتوس ل البحث ب المنهج األس لوبي‪ ،‬ويتخ ذ من المح ور األفقي منطلقاً لمعاين ة التج اذب ال داللي بين األلف اظ‬
‫المتج اورة ال تي تش كل الص ورة المائي ة‪ ،‬ويهتم برص د التواص ل ال داللي بين األلف اظ المتج اورة من خالل االس تعانة‬
‫بالبنية المعجمية العميقة التي تكشف عن أواصر القربى بين األلفاظ المتجاورة ‪ ،‬وقد تبدو عالقات القرابة الداللية في‬
‫البني ة المعجمي ة لأللف اظ المتج اورة بعي دة عن الفض اء ال داللي للص ورة المائي ة للوهل ة األولى‪ ،‬لكن تجمي ع ال دالالت‬
‫الجزئي ة المبثوث ة في البني ة المعجمي ة يفض ي إلى تش كيل منظوم ة داللي ة معجمي ة تتق اطع م ع دالل ة الص ورة المائي ة‪.‬‬
‫ويتخذ البحث من المحور العم ودي في الدراسات األسلوبية منطلقاً آخر فيحرص على تعليل غياب البدائل المناظرة‬
‫للنسيج اللغوي للصورة المائية‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬حسين كتانة ود‪ .‬عمر عتيق‬

‫أوال‪ :‬صورة البحار‪.‬‬


‫الفرق بين السفينة والفلك في الصورة المائية البحرية‪:‬‬
‫الس فينة والفلك من مقوم ات الص ورة البحرية في الق رآن الك ريم‪ ،‬و يختص لفظ الفلك بس ياق داللي مغ اير للس ياق‬
‫الذي يرد فيه لفظ السفينة‪ ،‬إذ إن المادة المعجمية (فلك) تكشف عن تجاذب داللي بين الفلك والسياق‪ ،‬وتسوغ مجيء لفظ‬
‫الفلك دون لفظ السفينة وفق شبكة من العالقات الداللية بين الفلك وسياق اآليات وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬العالقة الداللية بين الفلك (السفينة) والكواكب والنجوم‪:‬‬
‫من صور اإلعجاز اللغوي أن لفظ الفلك بمعنى السفينة يأتي في القرآن الكريم في سياق اآليات التي تشتمل على‬
‫األفالك الس ماوية أو ما يتعلق به ا‪ ،‬وال ي أتي لفظ الس فينة في س ياق اآلي ات ال تي تش تمل على األفالك الس ماوية‪ ،‬وه ذه‬
‫دار النجوم والجمع َأ ْفالك(‪.)1‬‬
‫المصاحبة هي ضرب من التناسب؛ إذ إن من معاني الفلك َم ُ‬
‫ج ِري‬ ‫س تَ ْ‪6‬‬ ‫وقد تحقق التناسب بين الفلك في البحر والفلك في الس ماء في معظم المواضع نحو قوله تع الى‪َ ﴿ :‬و َّ‬
‫الش‪ْ 6‬م ُ‬
‫س َي ْن َب ِغي لَ َها‬ ‫ون ا ْلقَ ِد ِيم (‪ )39‬ال َّ‬
‫الش‪ْ 6‬م ُ‬ ‫اد َكا ْل ُع ْر ُج ِ‬ ‫يز ا ْل َعِل ِيم (‪َ )38‬وا ْلقَ َم َر َقد َّْر َناهُ َم َن ِ‬
‫از َل َحتَّى َع َ‬ ‫ير ا ْل َع ِز ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ستَقٍَّر لَ َها َذل َك تَ ْقد ُ‬
‫ِ‬
‫ل ُم ْ‬
‫ون﴾‬ ‫ش‪ُ 6‬ح ِ‬ ‫آي‪ٌ 6‬ة لَ ُه ْم ََّأنا َح َم ْل َنا ُذِّريَّتَ ُه ْم ِفي ا ْل ُف ْل‪6ِ 6‬ك ا ْل َم ْ‬
‫ون (‪َ )40‬و َ‬ ‫س‪َ 6‬ب ُح َ‬ ‫ٍ‬
‫‪6‬ل في َفلَ‪66‬ك َي ْ‬
‫‪6‬ار و ُك ٌّ ِ‬ ‫ق َّ‬
‫الن َه‪َ ِ 6‬‬ ‫َأن تُ‪6ْ 6‬د ِر َك ا ْلقَ َم َ‪6‬ر َوال اللَّ ْي‪ُ 6‬ل َ‬
‫س‪6‬ا ِب ُ‬ ‫ْ‬
‫(يس ‪ .)41 -38‬فالفلك الس ماوي يتمثل بالش مس والقمر والليل والنه ار( كل في فلك يس بحون)‪ ،‬والفلك البح ري يتمثل‬
‫بحركة الفلك المشحون في البحر(الفلك المشحون)‪ ،‬ويتعزز هذا التناسب بين الفلك السماوي والفلك البحري بما يدل عليه‬

‫وب ْعضها َْأرفَ عُ‬


‫ق منها َن ْج ٌم َ‬ ‫ط ْو ٍ‬ ‫بعةُ في ُك ِّل َ‬ ‫الس َ‬
‫وم َّ‬ ‫ت ِفيها ّ‬
‫الن ُج ُ‬ ‫ماء قد ُر ِّكَب ْ‬ ‫ق ُدون الس ِ‬
‫ط وا ٍ َ ّ‬ ‫بعةُ َأ ْ‬
‫المعنى المعجمي فالفلك‪َ ( :‬س َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫من بعض ي ُد ِ‬
‫ور فيها ب ِإ ْذن اللّه تَع الَى) ويتفق هذا المعنى اللغ وي مع قوله تع الى‪َ ﴿ :‬و ُك ٌّل في َفلَك َي ْ‬
‫)‬‫‪2‬‬ ‫(‬
‫ون﴾ في سياق‬ ‫س َب ُح َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ون (‪ُ )12‬ي‪66‬ول ُج‬‫ش‪ُ 6‬ك ُر َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‪6‬له َولَ َعل ُك ْ‪6‬م تَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآليات السابقة‪ .‬وقوله تعالى في سورة فاطر‪َ ﴿ :‬وتََرى ا ْل ُف ْل َك فيه َم َواخ َر لتَْبتَ ُغوا م ْن فَ ْ‬
‫ار ويوِلج َّ ِ‬ ‫اللَّ ْي َل ِفي َّ‬
‫س ًّمى﴾ (فاطر‪( .)13-12 :‬وأي معنى‬ ‫َألج ٍل ُم َ‬
‫س َوا ْلقَ َم َر ُك ٌّل َي ْج ِري َ‬ ‫الش ْم َ‬ ‫الن َه َار في اللَّ ْي ِل َو َ‬
‫س َّخ َر َّ‬ ‫الن َه ِ َ ُ ُ‬
‫ألنه مع ذلك‬ ‫أعجب من أن تجذبك معاني الوضع في ألفاظ القرآن فترى اللفظ قاراَ في موضعه ألنّ ه األليق في النظم‪ ،‬ثم ّ‬
‫األوسع في المع نى‪ ،‬ومع ذلك األق وى في الدالل ة‪ ،‬ومع ذلك األحكم في اإلبان ة‪ ،‬ومع ذلك األب دع في وج وه البالغة ومع‬
‫مما يتقدمه أو يترادف عليه)(‪.)3‬‬
‫ذلك األكثر مناسبة لمفردات اآلية ّ‬
‫س‬ ‫الش‪ْ 66‬م َ‬ ‫‪6‬ار َو َّ‬ ‫س‪َّ 66‬خ َر لَ ُك ْم اللَّ ْي‪َ 66‬ل َو َّ‬
‫الن َه‪َ 6‬‬ ‫ولنتأمل التناسب بين الفلك الس ماوي والفلك البح ري في س ورة النحل ﴿ َو َ‬
‫ض ُم ْختَِلفاً َأْل َوا ُن ُه ِإ َّن ِفي َذِل َك‬ ‫اَألر ِ‬ ‫ِ‬
‫ون (‪َ )12‬و َما َذ َرَأ لَ ُك ْم في ْ‬ ‫ات ِلقَ ْوٍم َي ْع ِقلُ َ‬‫ات ِبَأم ِر ِه ِإ َّن ِفي َذِل َك آلي ٍ‬
‫َ‬ ‫س َّخ َر ٌ ْ‬ ‫وم ُم َ‬ ‫ُّ‬
‫َوا ْلقَ َم َر َوالن ُج ُ‬
‫ط ِر ّي‪6‬اً وتَس‪6‬تَ ْخ ِرجوا ِم ْن‪ِ ُ 6‬‬ ‫س َّخ َر ا ْل َب ْح َر ِلتَ‪ْ6‬أ ُكلُوا ِم ْن‪ُ 6‬‬ ‫ِ‬ ‫آلي ًة ِلقَ ْوٍم َي َّذ َّك ُر َ‬
‫‪6‬ك‬
‫س‪6‬و َن َها َوتَ َ‪6‬رى ا ْل ُف ْل‪َ 6‬‬ ‫‪6‬ه ح ْل َي‪ً 6‬ة تَ ْل َب ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪6‬ه لَ ْحم‪6‬اً َ َ ْ‬ ‫ون (‪َ )13‬و ُه َو الَّذي َ‬ ‫َ‬
‫(‪)4‬‬
‫ون﴾ (النحل‪ )14 -12 :‬وغيرها من المواضع ‪.‬‬ ‫ش ُك ُر َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫ضله َولَ َعل ُك ْم تَ ْ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َم َواخ َر فيه َولتَ ْبتَ ُغوا م ْن فَ ْ‬‫ِ‬
‫فالفعل (س خر) أيقونة تشع منها دالالت تت وزع على الفلك الس ماوي والفلك البح ري؛ يق ال َس َخ ْرتُه بمع نى قَهَ ْرتُه‬
‫مس والقم ُر ُم َس َّخران يجري ان مجاريهما َأي ُس ِّخرا‬ ‫وذللته ق ال اهلل تع الى‪( :‬وس خر لكم الش مس والقمر) َأي ذللهما‪ ،‬والش ُ‬
‫سخرها ِ‬ ‫وس َخ َر ِت السفينةُ َأطاعت وجرت وطاب لها‬
‫والتسخير‬
‫ُ‬ ‫تسخيراً‬ ‫السير واهلل َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫سخرات‪َ .‬‬ ‫والنجوم ُم َّ‬
‫ُ‬ ‫جاريين عليهما‪،‬‬
‫واخ ُر ِإذا َأط اعت وط اب لها ال ريح وكل ما ذل وانق اد َأو تهي َأ لك على ما تريد فقد ُس ِّخ َر لك وهو ما يتفق‬ ‫الت ذلي ُل وس فُ ٌن س ِ‬
‫س َوا ْلقَ َم‪6َ 6‬ر َداِئ َب ْي ِن‬ ‫س‪َّ 6‬خ َر لَ ُك ْم َّ‬
‫الش‪ْ 6‬م َ‬ ‫‪6‬ار (‪َ )32‬و َ‬ ‫اَألنه‪َ 6‬‬ ‫َأم ِر ِه َو َ‬
‫س َّخ َر لَ ُك ْم َ‬ ‫ي في ا ْل َب ْح ِر ِب ْ‬
‫مع قوله تعالى‪﴿ :‬وس َّخر لَ ُكم ا ْل ُف ْل َك ِلتَ ْج ِر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫الن َه َار﴾ (إبراهيم‪.)33 -32 :‬‬ ‫س َّخ َر لَ ُك ْم اللَّ ْي َل َو َّ‬
‫َو َ‬
‫‪ -2‬العالقة بين الفلك والموج والغرق‪:‬‬
‫وغا آخر لمجيء لفظ (الفل ك) دون لفظ (الس فينة) في س ياق اآلي ات ال تي تص ور الم وج والغ رق لبي ان‬
‫لنتأمل مس ً‬
‫العالقة الداللية بين الفلك والموج والغرق‪.‬‬

‫‪197‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لمساتـ من اإلعجاز اللغوي في القرآن الكريم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‬
‫المتر ّدد‬
‫المس تَدير َ‬ ‫ك هو َم ْو ُجه ْ‬ ‫ك هو الموج إذا ماج في البحر فاضطرب وجاء وذهب وال َفلَ ُ‬ ‫الفلَ ُ‬
‫قال بعض العرب‪َ :‬‬
‫الماء الِّذي َح َّر َكتْه ِّ‬
‫(‪)6‬‬ ‫‪)5‬‬
‫وجاء و َذ َهب وقد تجلت العالقة الداللية بين الفلك والموج والغرق في قوله‬ ‫َ‬ ‫يح فتَ َم َّو َج‬
‫الر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك‪:‬‬‫والفلَ ُ‬
‫‪َ ،‬‬
‫يح َ ٍ‬ ‫س ‪ِّ 6‬ي ُر ُك ْم ِفي ا ْل َب‪6ِّ 6‬ر َوا ْل َب ْح‪ِ 6‬ر َحتَّى ِإ َذا ُك ْنتُ ْم ِفي ا ْل ُف ْل‪6ِ 6‬ك َو َج‪َ 6‬ر ْي َن ِب ِه ْم ِب‪6ِ 6‬ر ٍ‬ ‫ِ‬
‫اءتْ َها ِر ٌ‬
‫يح‬ ‫ط ِّي َب‪66‬ة َوفَ ِر ُح‪66‬وا ِب َها َج َ‬ ‫تع الى‪ُ ﴿ :‬ه‪6َ 6‬و الَّذي ُي َ‬
‫ِّين لَِئ ْن َأْن َج ْيتََنا ِم ْن َه ِ‪6‬ذ ِه لَ َن ُك‪6‬و َن َّن‬
‫‪6‬ه ال‪6‬د َ‬ ‫ين لَ ُ‬ ‫ص‪َ 6‬‬ ‫ط ِب ِهم َدع‪6‬وا اللَّ َه م ْخِل ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ظ ُّنوا ََّأن ُه ْم ُأحي‪ْ َ ْ َ 6‬‬ ‫‪6‬ان َو َ‬ ‫‪6‬ل َم َك ٍ‬ ‫اء ُه ْم ا ْل َم ْو ُج ِم ْن ُك ِّ‬
‫ف َو َج َ‬
‫ع ِ‬
‫اص ٌ‬ ‫َ‬
‫ين﴾ ( يونس‪.)22 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن َّ‬
‫الشاك ِر َ‬
‫وفي قوله تعالى‪:‬‬
‫ور (‪َ )31‬وِإ َذا‬ ‫ش‪ُ 6‬ك ٍ‬ ‫َّار َ‬ ‫ص‪6‬ب ٍ‬ ‫‪6‬ل َ‬ ‫‪6‬ات ِل ُك‪ِّ 6‬‬
‫‪6‬ك آلي‪ٍ 6‬‬ ‫‪6‬ة اللَّ ِه ِلي‪6ِ 6‬ري ُكم ِم ْن ِ ِ ِ ِ‬
‫آيات‪66‬ه ِإ َّن في َذل‪َ َ 6‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ‬
‫ح ِر ِب ِنعم‪ِ 6‬‬
‫َْ‬ ‫َأن ا ْل ُف ْل َك تَ ْج ِري ِفي ا ْل َب ْ‪6‬‬ ‫﴿َألَ ْم تََرى َّ‬
‫‪6‬ل َختَّ ٍ‬
‫ار‬ ‫آي ِات َنا ِإالَّ ُك‪ُّ 6‬‬
‫‪6‬د ِب َ‬
‫َّاهم ِإلَى ا ْلب‪6ِّ 6‬ر فَ ِم ْنهم م ْقتَ ِ‬
‫ص ‪ٌ 6‬د َو َما َي ْج َح‪ُ 6‬‬ ‫ُْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّين َفلَ َّما َنج ُ ْ‬
‫‪6‬ه ال‪66‬د َ‬‫ين لَ‪ُ 6‬‬‫ص‪َ 6‬‬ ‫َغ ِش ‪6‬يهم م‪66‬وج َكالظُّلَ‪6ِ 6‬ل َدع‪66‬وا اللَّ َه م ْخِل ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُْ َ ْ ٌ‬
‫َّ‬ ‫َكفُ ٍ‬
‫ور﴾ (لقمان‪ )32 -31 :‬وكثر مجيء الفلك في سياق الغرق بسبب اضطراب أمواج البحر نحو قوله تعالى‪﴿ :‬فَ َكذ ُبوهُ‬
‫‪6‬ان ع ِ‬ ‫آي ِات َنا فَ‪66‬ا ْنظُ ْر َك ْي‪َ 6‬‬ ‫ف وَأ ْغر ْق َنا الَّ ِذ َ َّ‬ ‫ِئ‬ ‫َّي َناهُ َو َم ْن َم َع ُه ِفي ا ْل ُف ْل‪6ِ 6‬ك َو َج َع ْل َن‪ُ 6‬‬
‫ين﴾ (ي ونس‪:‬‬ ‫اق َب‪ُ 6‬ة ا ْل ُم ْن‪َ 6‬ذ ِر َ‬ ‫‪6‬ف َك‪َ َ 6‬‬ ‫ين َك‪66‬ذ ُبوا ِب َ‬ ‫‪6‬اه ْم َخال َ َ َ‬ ‫َف َنج ْ‬
‫ين﴾ (الش عراء‪ )120-119 :‬وغيرهما من‬ ‫‪6‬اق َ‬ ‫ون (‪ )119‬ثُ َّم َأ ْغر ْق َنا بع‪6ُ 6‬د ا ْلب‪ِ 6‬‬ ‫ش‪ُ 6‬ح ِ‬ ‫‪6‬ه ِفي ا ْل ُف ْل‪6ِ 6‬ك ا ْل َم ْ‬
‫َأنج ْي َناهُ َو َم ْن َم َع‪ُ 6‬‬
‫َ َْ َ‬ ‫‪﴿ )73‬فَ َ‬
‫المواضع (‪.)7‬‬
‫وقد تحققت ه ذه العالق ات الداللية بين لفظ الفلك والم وج والغ رق في حين لم تتحقق بين لفظ الس فينة والم وج‬
‫الزركشي السياق أم راً يعين على المعنى عند‬
‫عد ّ‬‫والغرق‪ ،‬وقد وقف البالغيون على أهمية السياق في القرآن الكريم‪ ،‬فقد ّ‬
‫أن داللة الس ياق (ترشد إلى ت بين المجمل والقطع بع دم احتم ال غ ير الم راد‪ ،‬وتخص يص الع ام‪ ،‬وتقييد‬
‫اإلش كال‪ ،‬وذلك ّ‬
‫المطلق‪ ،‬وتنوع الداللة‪ ،‬وهو من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم فمن أهمله غلط في نظيره‪ ،‬وغالط في مناظراته)‬
‫(‪.)8‬‬
‫والعناية بالمس احة الس ياقية من أب رز آلي ات الدراسة األس لوبية‪( ،‬وفي اللس انيات واألس لوبية يطلق لفظ "الس ياق‬
‫األكبر" مقابال للفظ "السياق األصغر" الذي يدل على الجوار المباشر للفظ قبله وبعده‪ ،‬وأما السياق األكبر فهو الذي يتنزل‬
‫أن لمصطلح (السياق األكبر) في األسلوبية داللة‬
‫فيه اللفظ بعد الجوار المباشر كالجملة أو الفقرة أو الخطاب جملة‪ ،‬على ّ‬
‫نوعية تتمثل في جملة المعطيات التي تحضر القارئ وهو يتلقى النص بموجب مخزونه الثقافي واالجتماعي) (‪.)9‬‬
‫‪6‬ك ِفي ا ْل َب ْح‪ِ 6‬ر ِلتَ ْبتَ ُغ‪66‬وا ِم ْن‬ ‫ولنتأمل مجيء الفعل (ي زجي) مع الفلك في قوله تع الى‪َ﴿ :‬ر ُّب ُك ْم الَّ ِذي ُي‪6ْ 6‬ز ِجي لَ ُك ْم ا ْل ُف ْل‪َ 6‬‬
‫(‪)10‬‬

‫ان ِب ُك ْم َر ِحيماً﴾ (اإلسراء‪.)66 :‬‬ ‫ضِل ِه ِإ َّن ُه َك َ‬


‫فَ ْ‬
‫جاء‪َ :‬تي ُّس ر ِجبايتِه ويقال‪:‬‬ ‫اج َي ْز ُجو َز ً‬ ‫الخر ُ‬
‫وزجا َ‬ ‫واس تقام‪َ .‬‬ ‫اء‪ :‬تََي َّس ر ْ‬ ‫وزج ً‬ ‫وز ُج ّواً َ‬
‫يء َي ْز ُجو َز ْج واً ُ‬ ‫نقول‪َ :‬ز َجا َّ‬
‫الش ُ‬
‫وت قليل(‪ )11‬وكلها مع ان تش تمل على حاجة اإلنس ان للطع ام وس عيه لرزقه وهو ما‬ ‫َّيتُها‪ :‬دافَعتها بقُ ٍ‬‫وزج ْ‬ ‫ت َأي امي َ‬ ‫َْأز َج ْي ُ‬
‫ْ‬
‫‪666‬ك الَّ ِتي‬ ‫ض‪ِ666‬ل ِه﴾ وك ذلك الفعل (تج ري) يتناسب في داللته مع الفلك في قوله تع الى‪﴿ :‬وا ْل ُف ْل ِ‬
‫َ‬ ‫أفادته اآلية ﴿ ِلتَ ْبتَ ُغ‪666‬وا ِم ْن فَ ْ‬
‫س ِّي ُر ُك ْم ِفي ا ْل َبِّر َوا ْل َب ْح ِر َحتَّى ِإ َذا ُك ْنتُ ْم ِفي ا ْل ُف ْل ِك َو َج‪َ 6‬ر ْي َن ِب ِه ْم‬ ‫ِ‬
‫تَ ْج ِري في ا ْل َب ْح ِر﴾ (البقرة‪ )164 :‬وقوله تعالى‪ُ ﴿ :‬ه َو الَّذي ُي َ‬
‫ِ‬

‫ج ِر َ‬
‫ي ا ْل ُف ْل‪ُ 6‬ك‬ ‫ات َوِل ُي‪6ِ 6‬ذيقَ ُك ْم ِم ْن َر ْح َم ِت ِ‪6‬ه َوِلتَ ْ‪6‬‬‫ش‪6‬ر ٍ‬
‫‪6‬اح ُم َب ِّ َ‬
‫الر َي‪َ 6‬‬‫َأن ُي ْر ِس‪َ 6‬ل ِّ‬
‫آي ِات‪6ِ 6‬ه ْ‬
‫ط ِّي َبة﴾ (ي ونس‪ )22 :‬وقوله تع الى‪َ ﴿ :‬و ِم ْن َ‬
‫يح َ ٍ‬ ‫ِب ِر ٍ‬
‫‪َ6‬أم ِر ِه﴾ (ال روم‪ )46 :‬ففي ه ذه اآلي ات وغيرها ارتبط الفعل (تج ري) بالفلك ال تي تج ري بالري اح‪ ،‬والجارية في اللغة‬ ‫ِب‪ْ 6‬‬
‫هي الرياح (‪.)12‬‬

‫‪198‬‬
‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬حسين كتانة ود‪ .‬عمر عتيق‬

‫ثانيا‪ :‬صورة األنهار‪.‬‬


‫ي تردد ت ركيب (تج ري من تحتها األنه ار خال دين فيه ا) في س ياق الص ورة المائية ألنه ار الجن ة‪ ،‬ويغ ري تك رار‬
‫التركيب بالبحث عن العالقة بين معاني مادة (جرى) وسياق الجنة‪ ،‬ويثير الباحث لتعليل غياب البدائل اللغوية المناظرة‬
‫للفعل (تجري) نحو‪ :‬تسيل أو تمر‪.‬‬
‫إن ثمة تناغم اً‬
‫ويكشف التأمل في البنية المعجمية لمف ردات ال تركيب عن عالئق داللية تتن اغم مع ح ال الجن ة‪ ،‬إذ ّ‬
‫داللياً بين الفعل (تجري) وحال الجنة‪ ،‬وتجاذباً داللياً بين الجذر اللغوي (جرى) والجذر اللغوي (نهر)‪ ،‬وتوافق اً معجمي اً‬
‫بين الظرف (تحتها) واألنهار‪ ،‬وبين الجذر اللغوي (خلد) وأنهار الجنة‪.‬‬
‫المسوغات الداللية لغياب االلفاظ المناظرة لقوله تعالى‪( :‬تجري من تحتها األنهار خالدين فيها)‪.‬‬
‫‪ -1‬التناسب الداللي بين داللة الفعل (تجري) وحال الجنة‪:‬‬
‫يأتي الفعل (تجري) مسنداً إلى األنهار في سياق الجنة‪ ،‬نحو قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬ق ْل َأُؤ َن ِّبُئ ُك ْم ِب َخ ْي ٍ‪6‬ر ِم ْن َذِل ُك ْم ِللَّ ِذ َ‬
‫ين اتَّقَ ْ‪6‬وا‬
‫يها﴾ (آل عمران‪.)15 :‬‬ ‫ات تَ ْج ِري ِم ْن تَ ْح ِتها اَأل ْنهار َخ ِال ِد َ ِ‬
‫ِع ْن َد َر ِّب ِه ْم َج َّن ٌ‬
‫ين ف َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫إن تأمل مع اني م ادة (ج رى) يكشف عن عالئق داللية بين دالالت (ج رى) ونعم الجن ة‪ ،‬وهي دالالت مجملة‬
‫أن الجارية هي النعمة من اهلل على عب اده(‪ ،)13‬وال دالالت المفص لة يمكن تص نيفها على النحو‬
‫ومفص لة؛ فالداللة المجملة َّ‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫لجارَي ةُ‪ :‬الفَتَِّيةُ من النس اء‪ -3 ،‬ج زاء‬ ‫‪ -1‬ثم ار الجن ة‪ ،‬فال ِجروة‪ :‬الثم رة ََّأو َل ما تَْنُبت َغ َّ‬
‫ض ةً‪ -2 ،‬ح ور الجنة ‪ ،‬فا ِ‬
‫ط َّ‬
‫مَأنت‬ ‫صَبر على األمر‪ ،‬و ضربت عن ذلك اَألمر ِج ْر َوتي َأي ا ْ‬ ‫الصابرين واطمئنان النفس‪ ،‬نقول‪َ :‬ألقى فالن ِج ْروته إذا َ‬
‫نفسي(‪ .)14‬فثمار الجنة والحور والطمأنينة والسكينة من الدالالت التي تفيدها مادة (جرى)‪ ،‬وهي دالالت تتناسب مع حال‬
‫الجنة‪.‬‬
‫وهك ذا نالحظ دور الس ياق في ربط الداللة الجزئية (الجري ان) بالداللة الكلية (س ياق الجن ة) ودور الج زء في‬
‫أن نتص ور بالتحديد الداللة الحقيقية لكل جملة داخل ما‬ ‫الكشف عن الكل‪ ،‬كما َّ‬
‫أن (الجملة ذات داللة جزئي ة‪ ،‬وال يمكن ْ‬
‫يسمى بكلية النص إال بمراعاة الدالالت السابقة والالحقة في ذلك التسلسل‪/‬التتابع الجملي‪ ،‬إذ ينظر إلى النص مهما صغر‬
‫حجمه على ّأنه وحدة كلية مترابطة األجزاء)(‪.)15‬‬
‫ولو تأملنا مع اني الب دائل اللغوية المن اظرة للفعل (تج ري) لما وج دنا تناغم اً داللي اً بينها وبين س ياق الجن ة‪ ،‬فمن‬
‫ض وهو‬ ‫رار َح ْم ٌ‬ ‫الم ُ‬ ‫رار شجر ُم ٌّر و ُ‬ ‫والم ُ‬
‫رار ُ‬ ‫رارةُ وهي بقلة مرة وجمعها ُم ٌ‬ ‫الم َ‬ ‫البدائل اللغوية الفعل (تمر)‪ ،‬ومن معانيه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الممات وهذه‬ ‫عن َد َ‬ ‫ير ْ‬ ‫ك في الحياة والتَّْب ذ ُ‬ ‫الم َّريان اِإل ْمسا ُ‬‫ان الفَ ْق ُر والهَ َر ُم‪ ،‬وكذلك ُ‬ ‫واَألم َّر ِ‬
‫َ‬ ‫معنى يتنافى مع حال ثمار الجنة‪،‬‬
‫الم ِري ُر اَألرض ال تي ال ش يء فيها وجمعها َمراِئ ُر‪ ،‬والجنة ليست ك ذلك‪ .‬ومن الب دائل‬ ‫ليست من ص فات أهل الجنة ‪،‬و َ‬
‫والس الن‬ ‫العضاه وليست هذه صفة أشجار الجنة‪ُّ ،‬‬ ‫الس يال وهو شجر له شوك َأبيض وهو من ِ‬
‫الفعل (تسيل) ومن معانيه َّ َ‬
‫ض (‪ ،)16‬وانه ار الجنة ليست ك ذلك‪ .‬و ي دل الفعل (س ال) على‬ ‫األر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫من األر ِ ِ‬
‫ض واح ُدها َمس ْي ٌل وهو ض يق غ امض في ْ‬ ‫ْ‬
‫الب ْح ُر‪ .‬أي َوقَ ُع وا في ٍ‬
‫َأمر‬ ‫اش َبنا َ‬‫وج َ‬
‫ب‪ :‬سا َل بهم السَّْي ُل َ‬ ‫الع َر ُ‬
‫الهالك والبالء والشدة وهو ما يتنافى مع حال الجنة إذ تقو ُل َ‬
‫(‪)17‬‬ ‫به الب ْحر أسوُأ حاالً ِم َّمن ي ِسي ُل ِ‬
‫به السَّْي ُل ‪.‬‬ ‫يش ِ‬‫َألن الذي َي ِج ُ‬ ‫نحن في َأ َش ِّد منهُ َّ‬ ‫ٍِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫ووقَ ْعنا ُ‬
‫َشديد َ‬
‫س ْل َنا َعلَ ْي ِه ْم َ‬
‫س ‪ْ 6‬ي َل‬ ‫ضوا فَ َْأر َ‬ ‫َأع َر ُ‬
‫ومن المواضع التي وقع فيها الفعل (سال) في مواضع الهالك والشدة قوله تعالى‪﴿ :‬فَ ْ‬
‫يل﴾ (سبأ‪ ، )16 :‬وال يخفى تبدل حال األشجار‬ ‫شي ٍء ِم ْن ِس ْد ٍر َقِل ٍ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ا ْل َع ِرِم َو َب َّد ْل َن ُ ِ َّ ِ َّ ِ‬
‫اه ْم ب َجنتَ ْيه ْم َجنتَ ْين َذ َواتَى ُأ ُكل َخ ْمط َوَأثْل َو َ ْ‬
‫في سياق السيل فأشجار الجنتين في هذه اآلية ال يمكن أكلها من شدة المرارة وهي أشجار ذات أشواك(‪ .)18‬كما أن اإلسالة‬

‫‪199‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لمساتـ من اإلعجاز اللغوي في القرآن الكريم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪)19‬‬ ‫في الحقيقة تتعلق بالمع ادن وهي حالَ ةٌ في ِ‬


‫َأس ْلَنا لَ هُ َع ْي َن‬
‫كما ورد في قوله تع الى‪َ ﴿ :‬و َ‬ ‫ط ِر تَ ْح ُ‬
‫ص ُل بع َد اإلذابة‬ ‫الق ْ‬ ‫َ‬
‫اْل ِق ْ‬
‫ط ِر﴾ (سبأ‪ )12 :‬وهو النحاس‪.‬‬
‫وهذا شأن اإلعجاز اللغوي في القرآن‪ ،‬فكل لفظ فيه في مكانها األنسب الذي يمنحها االنسجام الداللي مع السياق‪،‬‬
‫وبه ذا التناسب الموض عي لأللف اظ المتقاربة في المع نى تتحقق الف روق الدقيقة بين لفظ وآخر (وعلى ه ذا ف إن الق رآن في‬
‫ألفاظه وعباراته وآياته على الغاية القص وى من الترابط واإلحكام والتماسك وذلك فيما بين اللفظة والتي تليها‪ ،‬وفيما بين‬
‫اآلية وما يعقبها من آي‪ .‬وليس أدل على ذلك من أن الكلمة في الق رآن حيثما ك انت إنما هي في موض عها المناسب من‬
‫العبارة أو اآلية أو السورة)(‪.)20‬‬
‫‪ -2‬التناسب الداللي بين مادة جرى ( تجري ) واألنهار‪:‬‬
‫تتفق بعض دالالت م ادة (ج رى) مع مع اني م ادة نهر (األنه ار) في بعض ص فات الجن ة‪ ،‬ويمكن تأمل التوافق‬
‫الداللي بين (جرى ) و(نهر) على النحو اآلتي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الن ِ‬
‫والن ِه ُر‪ :‬العَن ُ‬
‫(‪)21‬‬
‫وهو من ثم ار الجنة وقد‬ ‫يض‬
‫اَألب ُ‬
‫ب ْ‬ ‫اه ُر َّ‬ ‫‪ .1‬داللة م ادتي (ج رى ونه ر) على ثم ار الجنة ‪ ،‬ف َّ‬
‫تقدمت داللة مادة جرا على الثمار‪.‬‬
‫‪ .2‬داللة مادتي (جرى ونهر) على الحركة والسرعة والجريان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫تفيد البنية المعجمية أن الجري هو المر السريع وأصله لمر الماء وما يجرى جرية‪ ،‬واستَْنهَ َر َّ‬
‫هر إذا َأخ َذ ل َمجراهُ‬
‫الن ُ‬
‫واستنهَ َر (‪.)22‬‬
‫ْ‬ ‫وكل كثير َج َرى فقد َنهَ َر‬ ‫م ِ‬
‫وضعاً مكيناً‪ُّ .‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ – 3‬تناسب داللة مادتي (جرى ونهر) مع متعلقات الجنة‪:‬‬
‫‪ ،‬وال يخفى أن الطي ور من‬ ‫(‪)23‬‬
‫الحَب َارى‬
‫وان وقيل هو ذكر ُ‬ ‫النه ار فَ ْر ُخ القَطا والجمع َْأن ِه َرةٌ وقيل هو ولد ال َك َر ِ‬ ‫َّ‬
‫فس ر بعض هم قولَه تع الى‪:‬‬
‫ياء وبه َّ‬ ‫ِّ‬
‫والض ُ‬ ‫الس َعةُ‬ ‫متعلق ات الجن ة‪ ،‬كما أن م ادة نهر ت وحي بالمش هد البص ري للجنة ف َّ‬
‫النهَ ُر‪َّ :‬‬
‫نور يتألُأل(‪.)24‬‬ ‫ين في ج َّن ٍ‬
‫المتَّ ِق َ‬
‫الجَّنة ليس فيها لي ٌل َّإنما هو ٌ‬ ‫ات و َن َه ٍر﴾؛ َّ‬
‫َألن َ‬ ‫َ‬ ‫إن ُ‬‫﴿ َّ‬
‫‪ -4‬التناسب الداللي بين الظرف (تحتها) واألنهار‪:‬‬
‫جاءت شبه الجملة الظرفية (من تحتها) في جميع المواضع التي صورت جريان األنهار في الجنة‪ ،‬ولم يقل سبحانه‬
‫إن قراءة سريعة لبعض معاني (سفل) يعزز‬ ‫(من أسفلها)؛ ألن مادة (سفل) ال تنسجم مع أحوال الجنة وصفات أهلها‪ ،‬إذ ّ‬
‫العالء‪ ،‬والسَّفَالة ب الفتح َّ‬
‫الن َذالة‬ ‫ِ‬ ‫العالية‪ ،‬والس ِ‬
‫السافلةُ نقيض ِ‬ ‫ما تقدم‪ ،‬ف ِ‬
‫نقيض العْلية والسَّفَا ُل نقيض َ‬
‫ُ‬ ‫والس ْفلة‬
‫َّاف ُل نقيض العالي ِّ‬
‫ِِ‬
‫َأس َف َل س افلين" قيل معن اه ِإلى الهَ َرم وقيل ِإلى التَّلَف وقيل َر َد ْدن اه ِإلى َْأرذل ُ‬
‫الع ُمر كَأنه ق ال‬ ‫وقوله عز وجل "ثم َر َد ْدن اه ْ‬
‫َأس َف َل َم ْن َس َفل(‪( .)25‬ومما يبعث على معرفة اإلعجاز اختالفات المقامات وذكٌ ر في كل موضع ما يالئمه‪ ،‬ووضع‬
‫رددناه ْ‬
‫األلف اظ في كل موضع ما يليق ب ه‪ ،‬وإ ن ك انت مترادف ة‪ ،‬ح تى لو أب دل واحد منها ب اآلخر ذهبت تلك الطالوة وف اتت تلك‬
‫الحالوة) (‪.)26‬‬
‫‪ -5‬التوافق الداللي بين الخلود وسياق الجنة‪:‬‬
‫في جل المواضع جاء وصف حال أهل الجنة بأنهم خالدون فيها‪ ،‬فهل تقتصر صفة الخلود على البقاء ودوام الحال‬
‫أم أن لمادة (خلد) أواصر قربى مع سياق الجنة؟‬
‫إن من مع اني م ادة (خل د) ما يتفق مع أح وال الجنة وص فات أهله ا‪،‬‬‫ال تقتصر داللة الخل ود على ال دوام والبق اء إذ ّ‬
‫خلد من الرجال الذي َأسنّ ولم ي ِش ب ويقال للرجل ِإذا لم تسقط َأسنانه من الهرم ِإنه ِ‬
‫لمخلد‬ ‫َأسماء الجنة والم ِ‬
‫ِ‬ ‫الخْلد اسم من‬
‫ف ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون﴾ (اإلنسان‪)19 :‬‬ ‫وف علَْي ِهم ِوْل َد ٌ َّ‬ ‫(‪)27‬‬
‫ان ُم َخل ُد َ‬ ‫وتدل مادة (خلد) على حلي أهل الجنة وزينتهم كما في قوله تعالى‪َ﴿ :‬يطُ ُ َ ْ‬

‫‪200‬‬
‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬حسين كتانة ود‪ .‬عمر عتيق‬

‫بالخلَدة وهي ِ‬
‫الق َرطة‪ ،‬وتوحي مادة خلد بالسكينة‬ ‫مسورون‪ .‬و َخلَّد جاريته ِإذا حالها َ‬ ‫َّ‬
‫قال الزجاجي‪ :‬محلون وقال َأبو عبيد ّ‬
‫الخلَد‪ :‬البال والقلب والنفس وجمعه َأخالد يقال وقع ذلك في َخلَدي َأي في ُروعي وقلبي(‪.)28‬‬ ‫والطمأنينة لدى أهل الجنة‪ ،‬ف َ‬
‫ين ِفيهَا﴾ ال ذي ك ثر‬ ‫ِِ‬ ‫تجلى فيما تق دم التن اغم ال داللي بين عناصر ال تركيب الق رآني ﴿ت ْج ِري ِمن تَ ْحتِهَا ْ‬
‫اَألنهَ ُار َخال د َ‬
‫دورانه في س ياق الجنة‪ ،‬وتبين مس وغ غي اب البدائل اللغوية المن اظرة للفعل (تج ري) وللفاعل (األنه ار) ولشبه الجملة‬
‫الظرفية (من تحتها) وللحال (خالدين)‪.‬‬
‫(‪)29‬‬
‫فإن‬ ‫وإ ذا كان الترادف يعني االتحاد في المفهوم أو توالي األلفاظ المفردة الدالة على شيء واحد باعتبار واحد‬
‫وحدة المعنى أو تماثله بعيدة عن ألفاظ القرآن الكريم المتناظرة‪ ،‬فكل لفظ في القرآن الكريم ينفرد بمعنى عن غيره من‬
‫األلف اظ المتقاربة أو المتش ابهة أو المتن اظرة وذلك وفق الس ياق ال ذي يقع في ه‪ ،‬فالتق ارب ال داللي بين األلف اظ ال يس وغ‬
‫التب ادل الم وقعي بينها ‪ ،‬وإ ذا ك ان (الن اس يس تعملونها بمع نى واحد غ ير مك ترثين بما بينها من ف روق دقيقة وال م راعين‬
‫(‪)30‬‬
‫يسوغ قبول الترادف‬
‫التباين فيها بحسب أصولها في اللغة إهماالً لها أو جهالً بها) ‪ .‬فان مستوى تحصيلهم اللغوي ال ّ‬
‫في اللغ ة‪ ،‬كما أن اإلعج از اللغ وي في الخط اب الق رآني من جهة وغي اب الف روق اللغوية بين األلف اظ المتقاربة أو‬
‫المتن اظرة في الخط اب الش فوي بين أهل اللغة وفي الخط اب الف ني ل دى أغلب الكت اب من جهة أخ رى‪ ،‬يقتضي منا‬
‫االعتك اف على الخط اب الق رآني دون غ يره من النص وص لمعرفة الف روق الدقيقة بين األلف اظ المتقاربة وقد (أص اب‬
‫العربية في عص ور االنحط اط المنص رمة م رض العم وم والغم وض واإلبه ام‪ ،‬كما أص ابت ه ذه اآلف ات التفك ير نفس ه‪،‬‬
‫فض اعت الف روق الدقيقة بين األلف اظ المتقاربة فغ دت مترادف ة)(‪ .)31‬وال يخفى َّ‬
‫أن التفك ير ال دقيق يقتضي اختي اراً دقيق اً‬
‫أن آفة التعميم في‬
‫وموفق اً للمف ردات؛ فاألفك ار والمش اعر تبقى عائمة ض بابية ألنها تفتقر إلى وع اء لغ وي مناس ب‪ ،‬كما ّ‬
‫التعبير وغياب الدقة في االختيار اللغوي دليل على غياب التفكير المنظم‪.‬‬
‫أن الطاقة الداللية ال‬
‫أن اللفظة المفردة تحوي قدراً من المعاني التي تتفاعل مع داللة السياق‪ ،‬وهذا يعني ّ‬
‫وتبين لنا ّ‬
‫إن اللفظة المفردة تحوي من الدالالت ما يحويه تركيب أو قد تزيد المعاني على ما يفيده‬
‫تقتصر على التركيب أحيان اً إذ ّ‬
‫التركيب‪ ،‬وهو ما يعزز دقة االختيار في الخطاب القرآني‪.‬‬
‫وإ ذا كان النموذج المتقدم قد اقتصر على االنسجام بين اللفظ والسياق األصغر‪ ،‬فإن هذا االقتصار ال يعني إغفال‬
‫السياق الكلي وهو السورة القرآنية‪ ،‬لكن حدود البحث جعلتنا نقتصر على السياق األصغر‪ ،‬فالتالؤم بين األلفاظ والسياق‬
‫ألن (اآلية في النهاية ‪ -‬وهي وح دة مقطعية ‪ -‬تؤلف سلس لة كالمية تمتلك‬
‫الكلي (الس ورة) يبقى مج االً خص باً للبحث؛ ّ‬
‫المف اتيح المحورية ال تي تش كل ن واة في بنية المع نى الق رآني‪ ،‬فتظل المف اهيم بهك ذا منهجية ت رتقي من النص األص غر‬
‫(اآلية) إلى مستويات أعلى‪ :‬الثمن‪ ،‬الحزب‪ ،‬السورة‪ ،‬لتتوزع على بقية النص األكبر (القرآن)) (‪.)32‬‬
‫ثالثا‪ :‬صورة اآلبار‪:‬‬
‫‪6‬اء َم ِع ٍ‬
‫ين﴾ (المل ك‪ )30 :‬تتض من اآلية تق ابال بين‬ ‫‪ْ6‬أتي ُكم ِبم‪ٍ 6‬‬
‫ِ‬
‫ق ال تع الى‪ُ ﴿ :‬ق‪6ْ 6‬ل ََأر َْأيتُ ْم ِإ ْن ْ‬
‫َأص ‪َ 6‬ب َح َم‪66‬اُؤ ُك ْم َغ‪6ْ 6‬وراً فَ َم ْن َي‪َ ْ 6‬‬
‫ِ‬
‫الغائر‬ ‫وب ْع ده كالماء‬
‫نوعين من الماء (ماء غور وماء معين) وهو تقابل بين الصعوبة والسهولة؛ ف َغ ْو ُر كل شيء ُع ْمقه ُ‬
‫ين الم اء الس ائل وقيل الج اري على‬ ‫ِ‬
‫والمع ُ‬
‫والم ْع ُن َ‬
‫والم ْع ُن الس هل اليس ير َ‬
‫والم ْع ُن الش يء الس هل الهين َ‬
‫ال ذي ال ُي ْق َدر عليه َ‬
‫فس هُ َل‬
‫وم َع َن ال وادي ك ثر فيه الم اء َ‬
‫والم ْع ُن الم اء الظ اهر َ‬
‫الس هولة َ‬
‫وجه اَألرض وقيل الم اء الع ذب الغزير وكل ذلك من ُّ‬
‫وَأم َع َن َسهُ َل وسال (‪.)33‬‬
‫الماء َم َع َن َي ْم َع ُن ُمعوناً ْ‬
‫وم ُع َن ُ‬
‫ناولُه َ‬
‫ُمتَ َ‬
‫وليس بيان معاني األلفاظ مطلباً بعينه (أي أننا نبحث في بعض الكلمات من أجل أن نرى مدى نهوضها أو عجزها‬
‫عن تحمل األعباء الفكرية المنوطة بالسياق) (‪.)34‬‬

‫‪201‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لمساتـ من اإلعجاز اللغوي في القرآن الكريم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫والغرض من التقابل في صفتي الماء في الخطاب القرآني ال يقتصر على ثنائية الصعوبة والس هولة في الحصول‬
‫إن المقابلة المائية ترتبط بخطاب الرسول عليه السالم إلى كفار مكة وقد وردت في اآليتين السابقتين آلية‬ ‫على الماء‪ ،‬إذ ّ‬
‫اب‬‫ين ِم ْن َع‪َ 666‬ذ ٍ‬ ‫َأهلَ َك ِني اللَّ ُه وم ْن م ِعي َأو ر ِحم َنا فَم ْن ي ِج‪ 666‬ير ا ْل َك ِ‬
‫‪666‬اف ِر َ‬ ‫‪666‬ل ََأر َْأيتُ ْم ِإ ْن ْ‬
‫المقابلة المائية وذلك في قوله تع الى‪ُ ﴿ :‬ق ْ‬
‫ْ َ َ َ ُ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫َأهلَ َك ِني اللَّ ُه َو َم ْن َم ِعي﴾ ين اظر قوله تع الى‪ُ ﴿ :‬ق‪6ْ 6‬ل ََأر َْأيتُ ْم ِإ ْن‬ ‫َِأل ٍيم﴾ (المل ك‪ ،)28 :‬ف الجزء األول من اآلي ة‪ُ :‬ق‪6ْ 6‬ل ََأر َْأيتُ ْم ِإ ْن ْ‬
‫اب َِأل ٍيم﴾ ين اظر الج زء الث اني ﴿فَ َم ْن‬ ‫ين ِم ْن َع‪َ 6‬ذ ٍ‬ ‫َأص ‪6‬بح م‪66‬اُؤ ُكم َغ‪66‬وراً﴾ والج زء الث اني من آية الملك ﴿فَم ْن ي ِج‪ 6‬ير ا ْل َك‪ِ 6‬‬
‫‪6‬اف ِر َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ََْ َ ْ ْ‬
‫ين﴾ وبه ذا تص بح المقابلة بين الم اء الغ ور والم اء المعين وس يلة فنية نفس ية لتق ريب أو ترس يخ مفه وم‬ ‫‪6‬اء َم ِع ٍ‬
‫‪ْ6‬أتي ُكم ِبم‪ٍ 6‬‬
‫َي‪َ ْ 6‬‬
‫ِ‬
‫عقائ دي تض منه خط اب الرس ول عليه الس الم إلى أهل مكة وال ن رى هنا ما يمنع من االس تئناس بالت ذوق اللغ وي وما‬
‫تقتضيه خصائص التركيب في اللغة العربية للكشف عن التناسب بين مفردات اآلية‪( ،‬وما على قارئ القرآن ‪ -‬لتستبين‬
‫أن يحتكم إلى ذوقه األدبي تارة ومنطقه الفكري تارة أخرى) (‪.)35‬‬
‫له وجوه التناسب بين اآليات ‪ -‬إال ْ‬
‫رابعاً‪ :‬الماء في سياق الجنة‪:‬‬
‫حينما نتتبع م ادة لغوية في أحد المع اجم فإننا نجد دالالت ش تى‪ ،‬وقد نت وهم َّ‬
‫أن كل مع نى مس تقل بذاته عن المع اني‬
‫أن بعض المع اني تجمعها عالئق داللية في حين تغيب ه ذه‬
‫األخ رى ال تي انبثقت عن ذات الم ادة اللغوي ة‪ ،‬وقد يب دو لنا ّ‬
‫العالئق بين معان أخرى وغيرها من المعاني التي تبدو بعيدة عن السياق الداللي لآلية‪ .‬ولكن التأمل في هذه المع اني وما‬
‫يقتضيه السياق يفضي إلى وجود عالئق داللية وفنية واجتماعية بين هذه المعاني والسياق‪ ،‬وهو ما سنوضحه فيما بعد‪،‬‬
‫(وهذه االستعماالت أو المعاني المتعددة تتصل كلها بالمعنى األصلي اتصاالً قوي اً أو ضعيفاً‪ ،‬قريب اً أو بعيداً‪ ،‬وتفيد الكلمة‬
‫في ذاتها المعاني التي اكتسبتها كلها َّ‬
‫وكأنها مختزنة فيها كامنة في تضاعيف حروفها ويبرز أحدها حين استعمال الكلمة‬
‫في جملة معينة وسياق محدد من الكالم) (‪.)36‬‬
‫وتتب اين ص فات الم اء في الق ران الك ريم وفق الس ياق ال ذي تقع في ه‪ ،‬فص فة الم اء تحمل ش حنة داللية تض يء س ياق‬
‫س ُك ٍ‬
‫وب﴾ (الواقعة‪،)31 :‬‬ ‫ٍ‬
‫اآلية التي وقعت فيها أو سياق اآليات المجاورة‪ ،‬ولنتأمل صفة الماء في قوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َماء َم ْ‬
‫يقودنا التأمل إلى تساؤل‪ ،‬لماذا جاء الماء موصوفاً بالسكب في هذا الموضع دون غيره من المواضع؟ واإلجابة تقتضي‬
‫االس تئناس بس ياق اآلي ات المج اورة للكشف عن التج اذب ال داللي بين الم اء المس كوب ومف ردات الس ياق المج اور به دف‬
‫اب‬
‫َأص َح ُ‬
‫تسويغ غياب الصفات األخرى المناظرة لصفة سكب الماء‪ ،‬فقد جاءت صفة السكب في سياق قوله تعالى‪َ ﴿ :‬و ْ‬
‫س‪ُ 6‬ك ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ضو ٍد (‪َ )29‬و ِظ ٍّل َم ْم‪ُ 6‬‬ ‫ين (‪ِ )27‬في ِس ْد ٍر َم ْخ ُ‬ ‫اب ا ْل َي ِم ِ‬ ‫ا ْل َي ِم ِ‬
‫وب (‪)31‬‬ ‫‪6‬دو ٍد(‪َ )30‬و َم‪66‬اء َم ْ‬ ‫ضو ٍد (‪َ )28‬و َ‬
‫ط ْل ٍح َم ْن ُ‬ ‫َأص َح ُ‬
‫ين َما ْ‬
‫وع ٍة﴾ ‪(‬الواقعة‪ ،)33 -27 :‬وقد تعدد ذكر األشجار والثمار في سياق اآليات‬ ‫اكه ٍة َك ِثير ٍة (‪ )32‬ال م ْقطُ ٍ‬
‫وعة َوال َم ْم ُن َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َوفَ َ‬
‫ريحه ِر ُ‬
‫يح‬ ‫َأن َ‬ ‫ِّب ال ريح ك َّ‬ ‫طي ُ‬ ‫ب َش َجٌر َ‬ ‫الس َك ُ‬
‫(السدر والطلح والفاكه ة) وداللة األشجار تتن اغم مع صفة الم اء المسكوب‪ ،‬ف َّ‬
‫ِ‬
‫واَألودَية‬ ‫الق ِ‬
‫يعان‬ ‫ت في ِ‬ ‫ض رةً َي ْنُب ُ‬‫َأشد ُخ ْ‬ ‫الص ْعتَر ِإال َأنه ُّ‬
‫ق َّ‬ ‫ق مث ُل و َر ِ‬ ‫وو َر ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ت ُم ْس تَِقالًّ على ِع ْر ٍ‬ ‫الخلُ و ِ‬
‫َ‬ ‫ب َ‬ ‫واحد له َز َغ ٌ‬ ‫ق‬ ‫ق َي ْنُب ُ‬ ‫َ‬
‫َأغبر ش بيهٌ ب ورق ال ِه ْن ِ‬
‫دباء وله‬ ‫ب ِ‬ ‫الحج ِاز َنبيذاً‪ ،‬و َّ‬ ‫وله جًنى ي َك ُل ويص َنعه َأهل ِ‬
‫ورق ْ َ‬
‫يرتف عُ قَ ْد َر ال ذراع وله ٌ‬ ‫ب ُع ْش ٌ‬‫الس َك ُ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ ُْؤ‬
‫(‪)37‬‬
‫ِ‬
‫البياض ‪.‬‬ ‫شديد‬
‫َأبيض ُ‬ ‫َن ْوٌر ُ‬
‫إن التناسب ال ذي تجلى في اآلي ات الس ابقة من األدلة الس اطعة على عجز أولئك ال ذين س ولت لهم أنفس هم أن‬
‫أن غيرها أصلح هناك أو أشبه أو‬
‫يعارضوا القرآن (فلم يجدوا في الجميع كلمة ينبو بها مكانها ولفظة ينكر شأنها أو يرى َّ‬
‫أحرى وأخلق‪ ،‬بل وجدوا اتساقا بهر العقول‪ ،‬وأعجز الجمهور) (‪.)38‬‬
‫فسر الزمخشري الماء المسكوب بأنه يسكب لهم أين شاؤوا وكيف شاؤوا ال يتعنون فيه‪ .‬وقيل‪ :‬دائم الجرية ال‬ ‫وقد ّ‬
‫ينقطع‪ .‬وقيل‪ :‬مص بوب يج ري على األرض في غ ير أخ دود ‪ ،‬ويتفق ه ذا التفس ير مع قوله تع الى‪﴿ :‬ال م ْقطُوع‪ٍ 6‬‬
‫‪6‬ة َوال‬ ‫)‬‫‪39‬‬ ‫(‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وع ٍة﴾ وقد تكون النظرة األولى غير كافية الستخراج كنوز الداللة من مادة (سكب)‪ ،‬ألن الكنوز ال تستبين بالنظرة‬
‫َم ْم ُن َ‬
‫‪202‬‬
‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬حسين كتانة ود‪ .‬عمر عتيق‬

‫إن زدت التمعن‬


‫إن أع دت النظر م رة أخ رى الح لك منها مع ان جدي دة‪ ،‬كلها ص حيح أو يحتمل الص حة ف ْ‬
‫العجلى (ف ْ‬
‫وأطلت‪ ،‬أعطت من المع ارف واألس رار ق در ما يس توعبه ذهن ك‪ ،‬ح تى تكل ويكل فهم ك‪ ،‬ومعانيها ال ت زال تفيض ح تى‬
‫وجوها لم تطلع عليها) (‪.)40‬‬
‫ً‬ ‫ترى لآلية الواحدة وجوها متعددة تدرك منها ما تريد‪ ،‬ولو نظر فيها غيرك لرأى‬
‫أن النص القرآني فيه إعجاز لغوي رباني ال ينكشف بكليته لفهم البشر‪( ،‬ألننا أصال ًغير قادرين على التجرد‬
‫كما َّ‬
‫الكلي من شيئيتنا البشرية الحاجبة والمانعة من تحقق التكشف المطلق)(‪.)41‬‬
‫خامسا‪ :‬الماء في سياق جهنم‪:‬‬
‫يد﴾ (إبراهيم‪ ،)16 :‬الصديد في القرآن ما َي ِس ي ُل من جلود َأهل‬ ‫اء ص ِد ٍ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫سقَى م ْن َم َ‬
‫ِئ ِ‬ ‫ِ‬
‫قال تعالى‪﴿ :‬م ْن َو َرا ه َج َه َّن ُم َو ُي ْ‬
‫الرقيق المختلط بالدم قبل َأن تَ ْغلُظ ِ‬
‫الم َّدة(‪.)42‬‬ ‫الج ْر ِح ماُؤ ه‬ ‫ص ِد ُ‬ ‫النار وقيل هو الح ِميم ِإذا ْ ِ‬
‫ُ‬ ‫يد ُ‬ ‫ُأغل َي حتى َخثُر و َ‬ ‫َ‬
‫اء‬
‫أن ص فة الم اء في ه ذا الس ياق تث ير الهلع واالش مئزاز والغثي ان حينما نتخيل الك افرين يش ربون م ً‬ ‫وال يخفى َّ‬
‫ت ِم ْن ُك ِّل َم َك ٍ‬
‫ان َو َما ُه َو‬ ‫اد ي ِسي ُغ ُه وي ِْأت ِ‬
‫يه ا ْل َم ْو ُ‬ ‫ََ‬ ‫ممزوجاً بالدم يسيل من جلودهم ‪ ،‬ولهذا جاء قوله تعالى‪َ ﴿ :‬يتَ َج َّر ُع ُه َوال َي َك ُ ُ‬
‫اب َغِلي‪6‬ظٌ﴾ (إب راهيم‪ ،)17 :‬فالك افرون من ش دة عطش هم يتجرع ون الم اء المختلط بال دم والقيح ‪،‬‬ ‫ِئ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِب َم ِّيت َو ِم ْن َو َرا ه َع‪َ 6‬ذ ٌ‬
‫والفعل ( َيتَ َج َّر ُع ُه) يفيد الت درج في الش رب إذا ك ان المض طر للش رب ال يستس يغ المش روب بس بب نكهته أو طعمه ول ذلك‬
‫ألن مذاقه في الغالب يكون مراً‪ ،‬ولكن ما يشربه الكافرون في جهنم ال ينفع معه التجرع أو التدرج‬ ‫نقول‪ :‬جرعة الدواء َّ‬
‫اد ُي ِسي ُغ ُه) وجاء الفعل ( َي َك ُ‬
‫(‬
‫اد) للمبالغة فالشارب ال يقارب أن يسيغه‪ ،‬فكيف تكون اإلساغة‬ ‫لذلك جاء قوله تعالى‪َ ( :‬وال َي َك ُ‬
‫‪ )43‬ثم لنتأمل انس جام الداللة الظرفية في قوله تع الى‪َ ( :‬و ِم ْن َو َراِئ ِه و ِم ْن ُك ِّل َم َك‪ٍ 6‬‬
‫‪6‬ان) في س ياق اآلي تين مع داللة الص ديد‬
‫ص ٌّد (‪ )44‬ويقال‪:‬‬
‫الش ْعب َأو الجبل َأو الوادي الواحد َ‬ ‫والص َّدان ناحيتا ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ص َّدا الجبل ناحيت اه في َم ْش َعبِه‬ ‫(صفة الم اء) نق ول‪ُ :‬‬
‫ص َد ِد ِه َأي قَُبالَتَهُ ‪.‬‬
‫(‪)45‬‬
‫ص َدده وعلى َ‬
‫هذا ص َد َد هذا وبِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اب ُك ُّل َجب ٍ‬
‫َّار‬ ‫استَ ْفتَ ُحوا َو َخ َ‬
‫ولو تأملنا سياق اآلية التي سبقت اآلية ال تي وقع فيها الم اء الص ديد وهي قوله تع الى‪َ ﴿ :‬و ْ‬
‫الص ّد هو‬ ‫دالليا بين عن اد الك افرين وإ عراض هم عن الحق ومع نى الص ّد إذ َّ‬
‫إن َّ‬ ‫ً‬ ‫َع ِني‪6ٍ 6‬د﴾ (إب راهيم‪ ،)15 :‬لوج دنا تقاطعا‬
‫اِإل ْع ُ‬
‫راض (‪.)46‬‬
‫إن التماسك ال داللي بين المكون ات اللغوية للس ياق يش به إلى حد كب ير الروابط النحوية ال تي تربط األج زاء اللغوي ة‪،‬‬
‫َّ‬
‫أن الروابط النحوية تظهر على مستوى تتابع الكلمات والجمل وهي ذات طبيعة خطية أفقية‪ ،‬أما التماسك الداللي فهو‬
‫إال َّ‬
‫أيضا‪ ،‬إال َّأنها تحت اج إلى ق درة‬
‫ً‬ ‫ذو طبيعة داللية تجريدية تظهر من خالل عالق ات وتص ورات تعكس ها الكلم ات والجمل‬
‫معينة على استخراجها ووصفها (‪.)47‬‬
‫ط ِب ِه ْم‬
‫َأح‪ 6‬ا َ‬ ‫َأعتَ‪6ْ 6‬د َنا ِللظَّ ِال ِم َ‬
‫ين َن‪66‬اراً َ‬ ‫اء َف ْل َي ْكفُ‪6ْ 6‬ر ِإ َّنا ْ‬ ‫اء َف ْل ُي ‪ْ6‬ؤ ِم ْن َو َم ْن َ‬
‫ش‪َ 6‬‬ ‫‪6‬ق ِم ْن َر ِّب ُك ْم فَ َم ْن َ‬
‫ش‪َ 6‬‬ ‫وفي قوله تع الى‪َ ﴿ :‬و ُق‪6ْ 6‬ل ا ْل َح‪ُّ 6‬‬
‫اء َكا ْل ُم ْه ِل َي ْ‬‫سر ِادقُها وِإ ْن يستَِغيثُوا ي َغاثُوا ِبم ٍ‬
‫اء ْت ُم ْرتَفَقاً﴾ (الكهف‪.)29 :‬‬ ‫س َ‬ ‫اب َو َ‬ ‫س َّ‬
‫الش َر ُ‬ ‫ش ِوي ا ْل ُو ُجوهَ ِبْئ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ َ َ ْ‬
‫فالماء المهل هو الماء أو الزيت العكر أو القطران يشوي وجوه الكافرين من شدة حره‪ ،‬ولكنْ لماذا جاء لفظ المهل‬
‫في هذا السياق دون غيره من النظائر اللغوية الدالة على الحرارة؟ واإلجابة تقتضي ربط الداللة المعجمية للمهل بعناصر‬
‫الس ياق‪ ،‬فالمهل هو ش راب الظ المين ال ذين ورد ذك رهم في اآلية فمن مع اني م ادة (مه ل) ال ذنوب والخطايا نق ول‪ُ :‬ر ِزق‬
‫فمهِّل ولم ُي ْع َجل (‪.)48‬‬ ‫مهالً ر ِكب ُّ‬
‫والخطايا ُ‬
‫الذنوب َ‬ ‫َْ َ‬
‫ِ‬
‫بقية َج ْمر في‬
‫الم ْهل وهو ّ‬ ‫ط ِب ِه ْم ُ‬
‫س‪َ 6‬رادقُ َها﴾ وهو ما يتفق مع مع نى ُ‬ ‫َأح‪ 6‬ا َ‬
‫وقد ذك رت الن ار وس رادقها في اآلية ﴿ َناراً َ‬
‫الرماد تُبِ ُينه ِإذا َّ‬
‫حركته(‪ ،)49‬فالتوافق بين معاني األلفاظ للمادة اللغوية الواحدة تبدو (كالمالمح المشتركة بين أفراد القبيلة‬
‫والس مات المتش ابهة ال تي ك ان يعرفها الق ائف ويس تدل منها على وح دة النس ب‪َّ .‬‬
‫إن الرابطة االش تقاقية في ألف اظ العربية‬
‫كالرابطة النسبية في أفراد العرب)(‪.)50‬‬

‫‪203‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لمساتـ من اإلعجاز اللغوي في القرآن الكريم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ين اتَّ َخ‪ُ 6 6‬ذوا ِدي َن ُه ْم لَ ِعب ‪6 6‬اً َولَ ْه‪66 6‬واً‬
‫وفي موضع آخر وصف ما يش ربه الك افرون ب الحميم في قوله تع الى‪َ ﴿ :‬و َذ ِر الَّ ِذ َ‬
‫‪6‬ل َع‪6ْ 6‬د ٍل ال‬‫ش‪ِ 6‬فيعٌ َوِإ ْن تَ ْع‪6ِ 6‬د ْل ُك‪َّ 6‬‬ ‫ون اللَّ ِه َوِل ٌّي َوال َ‬
‫س لَ َها ِم ْن ُد ِ‬ ‫س ِب َما َك َ‬
‫س‪َ 6‬ب ْت لَ ْي َ‬ ‫س‪َ 6‬ل َن ْف ٌ‬ ‫َو َغ‪6َّ 6‬رتْ ُه ْم ا ْل َح َي‪66‬اةُ ال‪6ُّ 6‬د ْن َيا َو َذ ِّك ْر ِب‪6ِ 6‬ه ْ‬
‫َأن تُْب َ‬
‫يم ِب َما َك‪66‬ا ُنوا َي ْكفُ‪6ُ 6‬ر َ‬ ‫ش ‪6‬راب ِم ْن ح ِم ٍيم وع‪َ 6‬ذ ِ‬ ‫يْؤ َخ‪ْ 6‬ذ ِم ْنها ُأولَِئ َك الَّ ِذ َ ِ‬
‫ون﴾ (األنع ام‪ .)70 :‬إ َّ‬
‫ن‬ ‫اب َأل ٌ‬
‫َ َ َ ٌ‬ ‫س ‪ُ 6‬بوا لَ ُه ْم َ َ ٌ‬‫ين ُْأبس ‪6‬لُوا ِب َما َك َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫داللة (حميم) ال تقتصر على ح رارة الم اء ال ذي يش ربه الك افرون‪ ،‬وإ ذا ك ان ش راب الحميم ج زءا من ع ذاب ه ؤالء‬
‫فان الحياة الدنيا وما فيها من غرور وملذات تتناغم داللي اً مع‬ ‫الكافرين ألنهم اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرتهم الحياة الدنيا َّ‬
‫َأقل الناس في الدنيا َه ّم اً َأقلُّهم َح ّم اً َأي‬
‫عربي اً وكان يقول في ُخطبته ِإنَّ َّ‬
‫ّ‬ ‫لمةُ بن عبد الملك‬ ‫معاني مادة (حمم) فقد كان َم ْس َ‬
‫ت مثل اهتممت‬ ‫واحتَ َم ْم ُ‬
‫حام على هذا األمر أي ث ابت عليه ْ‬ ‫ماالً ومتاعاً‪ ،‬وأمر ُم ِح ٌّم إذا أخذك منه َز َمعٌ واهتمام‪ ،‬يقال‪َ :‬أنا ُم ٌّ‬
‫(‬
‫والحماِئم كرائم اِإل بل واحدتها َحميمة‬ ‫وهو من ح َّم ِة نفسي أي من حبَّتها‪ ،‬والحمامة المرَأة الجميلة وساحة القصر َّ ِ‬
‫النقَّيةُ‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وكانت العرب تسمى المتعة التحميم‪ ،‬والحمامة والحم المال والمتاع (‪.)52‬‬ ‫‪)51‬‬

‫إن انط واء الب احث على جزئي ات النص ي ؤدي حتماً إلى تغ ييب التواصل بين الجزئي ات (أما التحليل الموض وعي‬
‫َّ‬
‫ألي عنصر دراسة مس تنيرة واعية على ال دوام بطريقة ارتباطه بالعناصر األخ رى‪ ،‬بل َّ‬
‫إن‬ ‫أن تك ون دراس تنا ّ‬
‫فيحتم ْ‬
‫أي‬
‫أن تذكرنا بهذه العالقات العض وية المتعددة في مواضع متعددة بحيث ال نستطيع تحليل ّ‬
‫الدراسة التحليلية ذاتها ال ُب َّد ْ‬
‫تحليال له معناه وداللته إال إذا تذكرنا مكانه الكيان الكامل) (‪.)53‬‬ ‫ً‬ ‫عنصر‬
‫يم ِب َما َك‪66‬ا ُنوا َي ْكفُ‪6ُ 6‬ر َ‬ ‫ش ‪6‬راب ِم ْن ح ِم ٍيم وع‪َ 6‬ذ ِ‬ ‫وفي اآلية ذكر للع ذاب ﴿ُأولَِئ َك الَّ ِذ َ ِ‬
‫ون﴾‬ ‫اب َأل ٌ‬
‫َ َ َ ٌ‬ ‫ين ُْأبس ‪6‬لُوا ِب َما َك َ‬
‫س ‪ُ 6‬بوا لَ ُه ْم َ َ ٌ‬ ‫ْ‬
‫(‪)54‬‬ ‫ِ‬
‫وذكر العذاب ينسجم مع معنى اليحموم وهو ُسرادق َأهل النار ‪.‬‬
‫الزركشي الس ياق أم راً يعين على المع نى عند‬
‫وقد وقف البالغي ون على أهمية الس ياق في الق رآن الك ريم‪ ،‬فقد ع ّد ّ‬
‫أن داللة الس ياق (( ترشد إلى ت بين المجمل والقطع بع دم احتم ال غ ير الم راد‪ ،‬وتخص يص الع ام‪ ،‬وتقييد‬
‫اإلش كال‪ ،‬وذلك ّ‬
‫المطلق‪ ،‬وتنوع الداللة‪ ،‬وهو من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم فمن أهمله غلط في نظيره‪ ،‬وغالط في مناظراته‪،‬‬
‫يم﴾ (الدخان‪ )49 :‬كيف تجد سياقه يدل على َّأنه الذليل الحقير) (‪.)55‬‬ ‫ق ِإ َّن َك َأ ْن َت ا ْل َع ِز ُ‬
‫يز ا ْل َك ِر ُ‬ ‫وانظر إلى قوله تعالى‪ُ ﴿ :‬ذ ْ‬
‫سادساً‪ :‬الماء في سياق الرحمة والعذاب‪:‬‬
‫من اإلشراقات الداللية في صورة الماء في القرآن الكريم مجيء لفظ الماء أو صفته في سياقين متناقضين (الجنة‬
‫والع ذاب)‪ ،‬ويش ير االختي ار اللغ وي في الس ياقين إلى ال ثراء ال داللي لبعض ألف اظ الم اء أو ص فاته‪ ،‬فكلمة (ش راب) على‬
‫ين َكفَ ُ‪6‬روا لَ ُه ْم‬‫س بيل المث ال تحمل ش حنات داللية متباينة تؤهلها لتص وير س ياقي الجنة والع ذاب‪ ،‬ففي قوله تع الى‪َ ﴿ :‬والَّ ِذ َ‬
‫ون﴾ (ي ونس‪ )4 :‬ج اء الش راب في س ياق الع ذاب‪ ،‬وال ي أتي الش راب إال‬ ‫يم ِب َما َك‪66‬ا ُنوا َي ْكفُ‪6ُ 6‬ر َ‬ ‫ش ‪6‬راب ِم ْن ح ِم ٍيم وع‪َ 6‬ذ ِ‬
‫اب َأل ٌ‬
‫َ َ َ ٌ‬ ‫ََ ٌ‬
‫الش روب الذي فيه شيء من ع ٍ‬
‫ذوبة‬ ‫ب‪ ،‬وقيل َّ‬ ‫متبوعاً بنعت يخصصه ويحدد داللته؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫ضغُ يقال له ُي ْش َر ُ‬
‫كل شيء ال ُي ْم َ‬
‫ألن ّ‬
‫والش ِريب دونه في الع ِ‬
‫ذوبة وليس َي ْش َرُبه الناس ِإالّ عند ضرورة وقد تَ ْش َرُبه البهائم‪ ،‬وقيل‬ ‫ُ‬ ‫وقد َي ْش َرُبه الناس على ما فيه‪ُ َّ ،‬‬
‫الماء َأكثر (‪.)56‬‬ ‫يب و َشروب فيه مرارةٌ وملُوحة ويوم ذو َشر ٍ‬ ‫َّ‬
‫ب فيه ُ‬ ‫الح ِّر ُي ْش َر ُ‬
‫شديد َ‬
‫بة ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ب‪ ،‬وقيل ‪:‬ماء َش ِر ٌ ُ‬ ‫الع ْذ ُ‬
‫يب َ‬ ‫الش ِر ُ‬
‫ق َو ُحلُّوا‬‫س‪6‬تَ ْب َر ٌ‬ ‫ند ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ض‪ٌ6‬ر َوِإ ْ‬ ‫س ُخ ْ‬ ‫سُ‬ ‫اب ُ‬ ‫ومن المواضع ال تي ج اء فيها الش راب في س ياق الجنة قوله تع الى‪َ ﴿ :‬عال َي ُه ْم ث َي ُ‬
‫اور ِم ْن ِف َّ ٍ‬
‫أن لفظ الش راب بذاته ال يحمل داللة‬ ‫ط ُه‪66‬وراً﴾ (اإلنس ان‪ .)21 :‬نالحظ مما تق دم َّ‬ ‫ش ‪َ 6‬راباً َ‬ ‫ُّه ْم َ‬
‫اه ْم َرب ُ‬
‫س ‪6‬قَ ُ‬
‫ض ‪6‬ة َو َ‬ ‫َأس ‪َ ِ 6‬‬
‫َ‬
‫مح ددة وال يختص بس ياق دون غ يره فهو بحاجة إلى ص فة تح دده وتخصص ه‪ ،‬له ذا ج اءت ش به الجملة (من حميم)‬
‫لتخصص الشراب في سياق العذاب‪ ،‬وجاء النعت (طهوراً) ليخصص الشراب في سياق الجنة‪.‬‬
‫ألن البنية المعجمية له تختزل دالالت تتوزع‬ ‫وقد يأتي اللفظ الدال على الماء بال صفة في سياقي العذاب والجنة‪َّ ،‬‬
‫ص ‪َ 6‬دقَ ِات ُك ْم ِب‪66‬ا ْل َم ِّن َواَأل َذى َكالَّ ِذي‬ ‫ِ‬
‫آم ُن‪66‬وا ال تُْبطلُ‪66‬وا َ‬‫ين َ‬ ‫ُّها الَّ ِذ َ‬
‫على الع ذاب والجن ة‪ ،‬نحو لفظ (واب ل) في قوله تع الى‪َ ﴿ :‬يا َأي َ‬
‫ِ‬ ‫اس وال ي ‪ْ6‬ؤ ِم ُن ِباللَّ ِه وا ْلي‪66‬وِم ِ‬ ‫يِ‬
‫ص ‪ْ 6‬لداً ال‬ ‫َأص ‪َ 6‬اب ُه َوا ِب ‪ٌ 6‬ل َفتََر َك‪ُ 6‬‬
‫‪6‬ه َ‬ ‫اب َف َ‬ ‫ان َعلَ ْي‪66‬ه تُ‪6َ 6‬ر ٌ‬ ‫‪6‬ه َك َمثَ‪6ِ 6‬ل َ‬
‫ص ‪ْ 6‬ف َو ٍ‬ ‫اآلخ‪ِ 6‬ر َف َمثَلُ‪ُ 6‬‬ ‫َ َْ‬ ‫الن ِ َ ُ‬‫اء َّ‬
‫‪6‬ه ِرَئ َ‬
‫‪6‬ق َمالَ‪ُ 6‬‬
‫نف‪ُ 6‬‬ ‫ُ‬
‫‪204‬‬
‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬حسين كتانة ود‪ .‬عمر عتيق‬

‫ش ‪6‬ي ٍء ِم َّما َكس ‪6‬بوا واللَّ ُه ال يه‪6ِ 6‬دي ا ْلقَ‪66‬وم ا ْل َك‪ِ 6‬‬
‫‪6‬اف ِر َ‬
‫ين﴾ (البق رة‪ )264 :‬فقد وقع لفظ (واب ل) في س ياق أعم ال‬ ‫َي ْق‪6ِ 6‬د ُر َ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َُ َ‬ ‫ون َعلَى َ ْ‬
‫أن مادة (وبل) تفيد الفساد والشدة والعذاب‪ ،‬وهي معان تُختزل بلفظ الوبال(‪ .)57‬وفي اآلية اآلتية وقع لفظ‬ ‫الكافرين‪ ،‬وذلك َّ‬
‫اة اللَّ ِه َوتَثِْبيت‪6‬اً ِم ْن َأْنفُ ِس‪ِ 6‬ه ْم‬
‫ض‪ِ 6‬‬
‫‪6‬اء َم ْر َ‬ ‫ِ‬
‫َأم َوالَ ُه ْم ْابت َغ‪َ 6‬‬
‫ون ْ‬
‫ين ي ِ‬
‫نفقُ َ‬ ‫ِ‬
‫(وابل) في سياق أعمال المؤمنين في قوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َمثَ ُل الَّذ َ ُ‬
‫ط ٌّ‪6‬ل واللَّ ُه ِبما تَعملُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ير﴾ (البق رة‪،)265 :‬‬ ‫‪6‬ون َبص‪ٌ 6‬‬ ‫َ َْ‬ ‫َك َمثَ ِل َج َّنة ِب َر ْب َو ٍة َ‬
‫َأص َاب َها َوا ِب ٌل فَآتَ ْت ُأ ُكلَ َها ض ْعفَ ْي ِن فَ‪ِ6‬إ ْن لَ ْم ُيص‪ْ 6‬ب َها َوا ِب‪ٌ 6‬ل فَ َ َ‬
‫أن الفعل أص اب قد الزم الفاعل (واب ل) في‬ ‫أن الوبل المطر الش ديد الض خم القطر(‪ ،)58‬والالفت في ه ذين الس ياقين َّ‬ ‫وذلك َّ‬
‫أي في‬ ‫الموض عين‪َّ ،‬‬
‫ألن الفعل (أص اب) يتن اغم داللي اً مع مع اني (واب ل) في س ياقي أعم ال الك افرين وأعم ال المؤم نين ْ‬
‫سياقي العذاب والرحمة ‪ ،‬فأصابه بكذا‪ :‬فجعه به‪ ،‬والمصيبة ما أصابك من الدهر فالصوب نزول المطر (‪.)59‬‬
‫وقد اشتمل التركيب النحوي بين الفعل (أصاب) والفاعل (وابل) على التماثالت الداللية اآلتية‪:‬‬
‫(‪)60‬‬
‫‪ -1‬تماثل داللة الفعل والفاع ل‪ ،‬فالص وب ن زول المط ر‪ ،‬والوبل المطر الش ديد الض خم القطر ‪َّ .‬‬
‫إن التق اطع‬
‫ال داللي بين الط رفين يصل إلى درجة االنص هار بين داللة الفعل وداللة الفاع ل‪ ،‬فكل منهما يحمل ش حنات‬
‫داللية تضيء الطرف اآلخر‪ ،‬وفي هذا يقول الجرجاني‪( :‬واعلم َّ‬
‫أن مثل واضع الكالم مثل من يأخذ قطع اً من‬
‫الذهب أو الفضة فيذيب بعضها في بعض حتى تصير قطعة واحدة)(‪.)61‬‬
‫ٍ‬
‫‪ -2‬داللة الوبل على الخير والرحمة‪ ،‬وهو يتقاطع مع داللة قوله تعالى‪َ ﴿ :‬ك َمثَ ِل َج َّنة ِبَر ْب َو ٍة َ‬
‫َأص َاب َها َوا ِب ٌل فَآتَ ْت‬
‫ُأ ُكلَها ِ‬
‫ض ْعفَ ْي ِن﴾‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪ -3‬الداللة السلبية للفعل والفاعل ؛ فالوبال هو الفساد والشدة والعذاب‪ ،‬وأصابه بكذا‪ :‬فجعه به‪ ،‬والمصيبة ما‬
‫ان َعلَ ْي‪6ِ 6‬ه‬ ‫‪6‬ه َك َمثَ‪6ِ 6‬ل َ‬
‫ص‪ْ 6‬ف َو ٍ‬ ‫(‪)62‬‬
‫أص ابك من ال دهر وهو يتق اطع مع داللة العق اب أو الج زاء في قوله تع الى‪﴿ :‬فَ َمثَلُ‪ُ 6‬‬
‫ص ْلداً﴾‪ .‬فقد تضمن الفاعل المالزم داللة الخير والرحمة وداللة العذاب‪.‬‬ ‫َأص َاب ُه َوا ِب ٌل فَتََر َك ُه َ‬
‫اب فَ َ‬
‫تَُر ٌ‬
‫َّ‬
‫إن ه ذا التواصل ال داللي بين الفعل والفاعل ال تتكشف إش راقاته إال من خالل الس ياق إذ (ال ن وجب الفص احة للفظة‬
‫(‪)63‬‬
‫وال ندري‬ ‫مقطوعة مرفوعة من الكالم الذي هي فيه َّ‬
‫ولكنا نوجبها لها موصولة بغيرها ومعلقاً معناها بمعنى ما يليها)‬
‫من أين تنبع اإلث ارة‪ ،‬هل تنبع من جاذبية المع اني لأللف اظ أم من اقتض اء األلف اظ للمع اني؟ وذلك َّ‬
‫(أنك تحسب ألفاظه هي‬
‫ال تي تنق اد لمعاني ه‪ ،‬ثم تتع رف ذلك وتتغلغل فيه فتنتهي إلى َّ‬
‫أن معانيه منق ادة أللفاظ ه‪ ،‬ثم تحسب العكس وتتعرفه متثبت اً‬
‫إن ت زال م تردداً على منازعة الجه تين كلتيهما ح تى ت رده إلى اهلل ال ذي خلق في‬
‫فتص ير منه إلى عكس ما حس بت وما ْ‬
‫العرب فطرة اللغة) (‪.)64‬‬
‫َّ‬
‫ولعل ما تقدم يفسر مالزمة الفاعل (وابل) للفعل (أصاب) وغياب األفعال المناظرة للفعل‪( ،‬فالجملة تركيب يحفل‬
‫بالتفاعل بين المعاني الجزئية وغاية هذا التفاعل تكوين معنى داللي واحد تفيده الجملة) (‪.)65‬‬
‫‪6‬اه ْم ِب‪ُ 6‬ذ ُنو ِب ِه ْم َو َ‬
‫َأنش‪ْ6‬أ َنا‬ ‫ج ِري ِم ْن تَ ْح ِت ِه ْم فَ ْ‬
‫َأهلَ ْك َن‪ُ 6‬‬ ‫‪6‬ار تَ ْ‪6‬‬ ‫ِ‬
‫اء َعلَ ْي ِه ْم م‪6ْ 6‬د َراراً َو َج َع ْل َنا اَأل ْن َه‪َ 6‬‬
‫الس‪َ 6‬م َ‬
‫س‪ْ 6‬ل َنا َّ‬‫وفي قوله تع الى‪َ ﴿ :‬و َْأر َ‬
‫أن ال ُّد ْر ُدور َّ‬
‫بالض ّم‬ ‫ين﴾ (األنع ام‪ )6 :‬وقع الم اء الغزير المتت ابع (م دراراً) في س ياق الع ذاب‪ ،‬وذلك َّ‬ ‫ِم ْن َب ْع ِد ِه ْم قَ ْرناً آ َخ ِر َ‬
‫الس ِف َينةُ (‪ )66‬وفي‬ ‫يش َم اُؤ ه ال تك اد تَ ْس لَم منه َّ‬ ‫الب ْحر َي ِج ُ‬ ‫ِ‬
‫ق وهو َم ْوض عٌ في َو َس ط َ‬
‫ِ‬ ‫الغ َر ُ‬
‫ويخ اف منه َ‬ ‫دور ُ‬
‫اء ال ذي َي ُ‬ ‫هو الم ُ‬
‫‪66‬د َراراً (‪)11‬‬ ‫اء َعلَ ْي ُك ْم ِم ْ‬
‫الس‪َ 66‬م َ‬‫موضع آخر يقع الم اء الغزير المتت ابع في س ياق الرحمة والنعم في قوله تع الى‪ُ ﴿ :‬ي ْر ِس‪ْ 66‬ل َّ‬
‫ين وي ْجع ْل لَ ُكم ج َّن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َو َي ْج َع ْل لَ ُك ْم َأْن َه‪6‬اراً﴾ (ن وح‪ )12 -11 :‬فقد تن وعت نعم اهلل س بحانه وتع الى في‬ ‫َأم َو ٍال َو َبن َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َو ُي ْمد ْد ُك ْم ِب ْ‬
‫اآلية الثاني ة‪ ،‬ومن اليس ير أن نقيم ش بكة من العالق ات الداللية بين أن واع النعم ومع اني م ادة درر (م دراراً)‪ ،‬ف األموال في‬
‫الد َّرةُ وهي اللؤلؤة العظيمة‪ ،‬والدرة من مادة (درر)‪ ،‬وكلمة البنين في اآلية يناظرها َّ‬
‫الد ُّر‬ ‫َأم َو ٍال) تناظرها ُّ‬
‫قوله تعالى ( ِب ْ‬
‫البقُول‪( ،‬وه ذه‬
‫ض اً ك ُ‬
‫وف‪َ ،‬و َرقُه ُيؤ َكل َغ ّ‬ ‫ب من َّ‬
‫الش َج ِر َم ْع ُر ٌ‬ ‫الن ْف ُس‪ ،‬والجن ات يناظرها ال َّد ْر َد ُار وهو َ‬
‫ض ْر ٌ‬ ‫ب الفَتْح وهو َّ‬
‫االس تعماالت أو المع اني المتع ددة تتصل كلها ب المعنى األص لي اتص االً قوي اً أو ض عيفاً‪ ،‬قريب اً أو بعي داً‪ ،‬وتفيد الكلمة في‬

‫‪205‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لمساتـ من اإلعجاز اللغوي في القرآن الكريم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ذاتها المعاني التي اكتسبتها كلها َّ‬


‫وكأنها مختزنة فيها كامنة في تضاعيف حروفها ويبرز أحدها حين استعمال الكلمة في‬
‫جملة معينة وسياق محدد من الكالم) (‪.)68‬‬
‫ط ْلع َن ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫صِ‬
‫يد (‪َ )9‬و َّ‬ ‫ب ا ْلح ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وقال تعالى‪﴿ :‬و َنَّز ْل َنا ِم ْن َّ ِ‬
‫يد﴾‬
‫ضٌ‬ ‫الن ْخ َل َباسقَات لَ َها َ ٌ‬ ‫اء ُم َب َاركاً فََأ ْن َبتْ َنا ِبه َج َّنات َو َح َّ َ‬
‫الس َماء َم ً‬ ‫َ‬
‫(‪)69‬‬
‫تد انهالها‬
‫(ق‪ )10 -9 :‬وقد فسر الزمخش ري الم اء المب ارك بم اء كث ير المن افع ‪ ،‬وفي اللغة اب تركت الس حابة اش ّ‬
‫حاب إذا ألَ ّح ب المطر (‪ )70‬وله ذا المع نى اللغ وي عالقة داللية بالفعل‬‫ك الس ُ‬ ‫وابتَ ر َ‬
‫وابتَ َركت الس ماء وأب ركت دام مطرها ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ا ْل َحصيد﴾‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫أن مادة (برك) تتناغم مع خاتمة اآلية األولى ﴿ َج َّنات َو َح َّ‬
‫إن التضعيف يفيد الكثرة‪ ،‬كما َّ‬
‫(نزلنا) إذ َّ‬
‫المضعف ّ‬
‫الح ْمض وسائر الشجر ال يطول ساقه والبِ ْر ُ‬
‫كان من‬ ‫ق الشجر واحدته بِ ْركانة وقيل هو ما كان من َ‬ ‫كان ضرب من ِد ِّ‬ ‫فالبِ ْر ُ‬
‫ِد ّ‬
‫(‪)71‬‬
‫ق النبت ‪ ،‬والحصيد في اآلية هو الزرع المحصود الذي ال ساق له أو دق النبت كما تفيد مادة برك‪ .‬وربط صفة الماء‬
‫الب ِريك‪:‬‬
‫(مباركا) بس ياق اآلية التالية يفضي إلى عالقة داللية بين الم اء م ادة (ب رك) وثم ار النخل ال واردة في اآلية ف َ‬
‫ً‬
‫ِ (‪)72‬‬
‫ب يُْؤ كل ُّ‬
‫بالز ْبد ‪.‬‬ ‫طُ‬
‫الر َ‬
‫ُّ‬
‫والداللة الس ياقية هي ال تي ت برز أواصر الق ربى بين المع اني المختلفة للم ادة اللغوي ة‪ ،‬وتجعل من المع اني المب ددة‬
‫مما تق دم َّ‬
‫أن الس ياق ق ادر على اجت ذاب جميع‬ ‫َأن يفهم َّ‬
‫نظام اً داللي اً تنص هر فيه المع اني ال تي تب دو فيه مختلف ة‪ .‬وال ينبغي ْ‬
‫المعاني المختلفة للمادة اللغوية‪ ،‬فاألمر منوط بماهية السياق أوالً وبقدرة المتلقي ثانياً‪.‬‬

‫الخاتمة‪.‬‬
‫ع الج البحث س تة مس ارات للص ورة المائي ة في الق رآن الك ريم مستأنساً ب المنهج األس لوبي من خالل المح ور‬
‫األفقي‪ ،‬والمح ور العم ودي‪ ،‬فالمس ار األول اقتص ر على الص ورة المائي ة البحري ة ال تي يتن اوب فيه ا لفظ ا (الفل ك‬
‫والسفينة)‪ ،‬وقد حرص البحث على تعليل ورود لفظ "الفلك" في سياق مغاير للسياق الذي ورد فيه لفظ "السفينة" من‬
‫خالل االستعانة بالبنية المعجمية لمادتي (فلك وسفن) وتناسب داللتهما مع داللة السياق األصغر واألكبر‪.‬‬
‫واختص المس ار الث اني بص ورة األنه ار‪ ،‬واعت نى برب ط دالالت األلف اظ المتج اورة في قول ه تع الى‪( :‬تج ري من‬
‫تحتها األنهار‪ )...‬بحال الجنة‪ .‬وحدد المسار الثاني المسوغات الداللية والسياقية لغياب البدائل المناظرة لأللفاظ التي‬
‫تش كل اآلي ة الس ابقة؛ فأس هب في تعلي ل مجيء الفع ل (تج ري) ب دالً من (تس يل أو تم ر)‪ ،‬ومجيء (تحته ا) ب دالً من‬
‫(أسفلها)‪ ،‬ومجيء (خالدين) بدالً من (مقيمين)‪.‬‬
‫وعاين المسار الثالث صورة اآلبار؛ فوقف على داللة التقابل في صفتي الماء (ماء غور وماء معين)‪ ،‬وبين أنَّ‬
‫التقابل بين صفتي الماء يتجاوز البنية السطحية للصورة المائية إلى داللة البنية العميقة التي تتمثل بخطاب الرسول‬
‫عليه السالم إلى كفار مكة من حيث معنى الصعوبة الذي يشتمل عليه الماء حينما يكون غائراً في األرض‪ ،‬ومعنى‬
‫السهولة حينما يكون الماء معيناً‪.‬‬
‫ورص د المس ار الراب ع ماهي ة الم اء في س ياق الجن ة من خالل دالل ة الم اء المس كوب على ح ال الجن ة‪ ،‬وتناس ب‬
‫الماء المسكوب مع ذكر األشجار والثمار في سياق اآليات (السدر والطلح والفاكهة)‪.‬‬
‫واختص المس ار الخ امس بالم اء في س ياق جهنّم‪ ،‬وف رق بين دالل ة الم اء الص ديد والم اء المه ل والم اء الحميم‪،‬‬
‫وعلل اختصاص كل ماء بسياق دون غيره‪.‬‬
‫َّ‬
‫وانتهى البحث في مساره السابع بصورة الماء في سياق الرحمة والعذاب‪ ،‬فعرض لداللة (شراب) التي تحمل‬
‫شحنات داللية متباينة تؤهلها لتصوير سياقي الجنة والعذاب‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬حسين كتانة ود‪ .‬عمر عتيق‬

‫الهوامش‪.‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم لسان العرب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1997 ،6‬م (مادة فلك)‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬محمد مرتضى الحسيني الواسطي‪ :‬تاج العروس شرح القاموس‪ ،‬منشورات مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪1306‬هـ‪( ،‬مادة فلك)‪.‬‬
‫الرافعي‪ ،‬مصطفى صادق‪ ،‬إعجاز القرآن والبالغة النبوية‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط‪ ،9‬بيروت‪ -‬لبنان‪1393 ،‬هـ=‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪1973‬م‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫انظر على سبيل المثال‪ :‬لقمان‪ ،31‬البقرة‪.164‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة فلك‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫تاج العروس‪ :‬مادة فلك‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫انظر‪ :‬البقرة ‪ ،164‬األعراف ‪.64‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫الزركشي‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬البرهان في علوم القرآن‪ .‬تحقيق‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ .‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪1988 ،‬م‪ ،‬ج‬ ‫(‪)8‬‬
‫‪ ،2‬ص ‪.201-200‬‬
‫المسدي‪ ،‬عبد السالم‪ ،‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬دار سعاد الصباح‪ ،‬ط‪1993 ،4‬م‪ ،‬ص ‪.175‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة سخر‪.‬‬ ‫(‪)10‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬مادة زجا‪.‬‬ ‫(‪)11‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬مادة جرا‪.‬‬ ‫(‪)12‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬مادة جرى‪.‬‬ ‫(‪)13‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬مادة جرى‪.‬‬ ‫(‪)14‬‬
‫بحيري‪ ،‬سعيد حسن‪ ،‬علم لغة النص‪ -‬المفاهيم واإلجراءات‪ .‬الشركة المصرية العالمية للنشر‪ ،‬لونجمان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‬ ‫(‪)15‬‬
‫‪1997 ،1‬م‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫ابن عباد‪ ،‬الصاحب (سليمان بن عباد)‪ ،‬المحيط في اللغة‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد حسن آل ياسين‪ ،‬مطبعة المعارف‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫(‪)16‬‬
‫بغداد‪1975 ،‬م (مادة سيل)‪.‬‬
‫تاج العروس‪ :‬مادة (سيل)‪.‬‬ ‫(‪)17‬‬
‫انظر‪ :‬الزمخشري‪ ،‬جار اهلل‪ ،‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪،‬‬ ‫(‪)18‬‬
‫ص‪.871‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة (سيل)‪.‬‬ ‫(‪)19‬‬
‫التكون‪ -‬القراءة‪ ،‬مدخل لنظرية معرفية في نشوء الكون ونظام الكائنات‪،‬‬
‫عباس‪ ،‬أمير‪ :‬اإلعجاز القرآني‪ -‬التبيان‪ّ -‬‬ ‫(‪)20‬‬
‫دار أسامة‪ ،‬عمان‪2002 ،‬م‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫تاج العروس‪ :‬مادة نهر‪.‬‬ ‫(‪)21‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬مادتا جرا ونهر‪.‬‬ ‫(‪)22‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة نهر‪.‬‬ ‫(‪)23‬‬
‫تاج العروس‪ :‬مادة نهر‪.‬‬ ‫(‪)24‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة سفل‪.‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫الزركشي‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬البرهان في علوم القرآن‪،‬ج‪ ،2‬ص‪ ( .118‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)26‬‬

‫‪207‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لمساتـ من اإلعجاز اللغوي في القرآن الكريم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لسان العرب‪ :‬مادة خلد‪.‬‬ ‫(‪)27‬‬


‫المصدر نفسه‪ :‬مادة خلد‪.‬‬ ‫(‪)28‬‬
‫انظ ر‪ :‬الجرج اني‪ ،‬علي بن محم د‪ :‬التعريف ات‪ .‬تحقي ق‪ :‬عبد الرحمن عم يرة‪ .‬عالم الكتب‪ ،‬ب يروت‪1987 ،‬م‪ ،‬ص‬ ‫(‪)29‬‬
‫‪.83‬‬
‫لعيبي‪ ،‬حاكم مالك‪ :‬الترادف في اللغة‪ ،‬وزارة الثقافة واإلعالم‪ ،‬دار الرشيد‪ ،‬بغداد‪1980 ،‬م‪ ،‬ص ‪.222‬‬ ‫(‪)30‬‬
‫المبارك‪ ،‬محمد‪ :‬فقه اللغة وخصائص العربية‪ ،‬دراسة تحليلية مقارنة للكلمة العربية وعرض لمنهج العربية األصيل‬ ‫(‪)31‬‬
‫في التجديد والتوليد‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1975 ،6‬م‪ ،‬ص‪.318‬‬
‫الخضراوي‪ ،‬محمد أحمد‪ :‬هندسة النص – سلطة القراءة – كتابات معاصرة‪ ،‬م‪ ،9‬ع‪1998 ،33‬م‪ ،‬ص‪.57‬‬ ‫(‪)32‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادتا غور ومعن‪.‬‬ ‫(‪)33‬‬
‫ناصف‪ ،‬مصطفى‪ ،‬نظرية المعنى في النقد العربي‪ ،‬دار األندلس‪ ،‬ط‪1981 ،2‬م‪ ،‬ص‪.182‬‬ ‫(‪)34‬‬
‫الصالح‪ ،‬صبحي‪ ،‬مباحث في علوم القرآن‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬ص‪.155‬‬ ‫(‪)35‬‬
‫المبارك‪ ،‬محمد‪ :‬فقه اللغة‪ ،‬ص‪( .182‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)36‬‬
‫لسان العرب‪ ،‬مادة‪ :‬سكب‪.‬‬ ‫(‪)37‬‬
‫الجرجاني‪ ،‬عبد القاهر‪ :‬دالئل اإلعجاز في علم المعاني‪ .‬صحح أصله‪ :‬محمد عبده ومحمد محمود الشنقيطي‪ ،‬علق‬ ‫(‪)38‬‬
‫عليه‪ :‬محمد رشيد رضا‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫الزمخشري‪ ،‬جار اهلل‪ ،‬الكشاف‪ ،‬ص ‪( .1076‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)39‬‬
‫الرومي‪ ،‬فهد بن عبد الرحمن بن سليمان‪ ،‬خصائص القرآن الكريم‪ .‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الطبعة التاسعة‪1997 ،‬م‪ ،‬ص‬ ‫(‪)40‬‬
‫‪.45‬‬
‫التكون‪ -‬القراءة‪ ،‬مدخل لنظرية معرفية في نشوء الكون ونظام الكائنات‪،‬‬
‫عباس‪ ،‬أمير‪ :‬اإلعجاز القرآني‪ -‬التبيان‪ّ -‬‬ ‫(‪)41‬‬
‫ص‪ ( .261‬مرجع سايق)‪.‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة‪ ،‬صدد‪.‬‬ ‫(‪)42‬‬
‫الزمخشري‪ :‬الكشاف‪ ،‬ص ‪( .548‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)43‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة صدد‪.‬‬ ‫(‪)44‬‬
‫تاج العروس‪ :‬مادة صدد‪.‬‬ ‫(‪)45‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة صدد‪.‬‬ ‫(‪)46‬‬
‫بحيري‪ ،‬سعيد حسن‪ :‬علم لغة النص‪ -‬المفاهيم واإلجراءات‪ ،‬الشركة المصرية العالمية للنشر‪ ،‬لونجمان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‬ ‫(‪)47‬‬
‫‪1997 ،1‬م‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة مهل‪.‬‬ ‫(‪)48‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬مادة مهل‪.‬‬ ‫(‪)49‬‬
‫المبارك‪ ،‬محمد‪ :‬فقه اللغة‪ .‬ص‪( .265‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)50‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة حمم‪.‬‬ ‫(‪)51‬‬
‫تاج العروس‪ :‬مادة حمم‪.‬‬ ‫(‪)52‬‬
‫راغب‪ ،‬نبيل‪ :‬موسوعة اإلبداع األدبي‪ .‬الشركة المصرية العالمية‪ -‬لونجمان‪ ،‬ط ‪1996 ،‬م‪ ،‬ص ‪.253‬‬ ‫(‪)53‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة حمم‪.‬‬ ‫(‪)54‬‬

‫‪208‬‬
‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د‪ .‬حسين كتانة ود‪ .‬عمر عتيق‬

‫الزركشي‪ ،‬بدر الدين‪ :‬البرهان في علوم القرآن‪ .‬ج‪ ،2‬ص‪( .201-200‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)55‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة شرب‪.‬‬ ‫(‪)56‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬مادة وبل‪.‬‬ ‫(‪)57‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬مادة وبل‪.‬‬ ‫(‪)58‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬مادة صوب‪.‬‬ ‫(‪)59‬‬
‫المصدر نفسه‪ :‬مادتا صوب و وبل‪.‬‬ ‫(‪)60‬‬
‫الجرجاني‪ ،‬عبد القاهر‪ :‬دالئل اإلعجاز في علم المعاني‪ ،‬ص‪(265‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)61‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادتا صوب و وبل‪.‬‬ ‫(‪)62‬‬
‫الجرجاني‪ ،‬عبد القاهر‪ :‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ص‪( 259‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)63‬‬
‫الرافعي‪ ،‬مصطفى صادق‪ ،‬إعجاز القرآن والبالغة النبوية‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط‪ ،9‬بيروت‪ -‬لبنان‪1393 ،‬هـ=‬ ‫(‪)64‬‬
‫‪1973‬م‪ ،‬ص ‪.41-40‬‬
‫حميدة‪ ،‬مصطفى‪ :‬نظام االرتباط والربط في تركيب الجملة العربية‪ .‬الشركة المصرية العالمية ‪ -‬لونجمان‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫(‪)65‬‬
‫‪1997‬م‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة درر‪.‬‬ ‫(‪)66‬‬
‫تاج العروس‪ :‬مادة درر‪.‬‬ ‫(‪)67‬‬
‫المبارك‪ ،‬محمد‪ :‬فقه اللغة‪ ،‬ص‪( 182‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)68‬‬
‫الزمخشري‪ :‬الكشاف‪ ،‬ص ‪( 143‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫(‪)69‬‬
‫لسان العرب‪ :‬مادة برك‪.‬‬ ‫(‪)70‬‬
‫المصدر نفسه‪ ،‬مادة برك‪.‬‬ ‫(‪)71‬‬
‫تاج العروس‪ :‬مادة برك‪.‬‬ ‫(‪)72‬‬

‫المصادر والمراجع‪.‬‬
‫بحيري‪ ،‬سعيد حسن‪ :‬علم لغة النص‪ -‬المفاهيم واإلجراءات‪ ،‬الشركة المصرية العالمية للنشر‪ ،‬لونجمان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‬ ‫‪.1‬‬
‫‪1997 ،1‬م‪.‬‬
‫الجرجاني‪ ،‬عبد القاهر‪ ،‬دالئل اإلعجاز في علم المعاني‪ ،‬صحح أصله‪ :‬محمد عبده ومحمد محمود الشنقيطي‪ ،‬علق‬ ‫‪.2‬‬
‫عليه‪ :‬محمد رشيد رضا‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1994 ،1‬م‪.‬‬
‫الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن عميرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪1987 ،‬م‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫حميدة‪ ،‬مصطفى‪ ،‬نظام االرتباط والربط في تركيب الجملة العربية‪ ،‬الشركة المصرية العالمية ‪ -‬لونجمان‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬
‫الخضراوي‪ ،‬محمد أحمد‪ ،‬هندسة النص ‪ -‬سلطة القراءة ‪ -‬كتابات معاصرة‪ ،‬م‪ ،9‬ع‪1998 ،33‬م‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫راغب ‪ ،‬نبيل‪ :‬موسوعة اإلبداع األدبي‪ .‬الشركة المصرية العالمية‪ -‬لونجمان‪ ،‬ط ‪.1996 ،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫الرافعي‪ ،‬مصطفى صادق‪ ،‬إعجاز القرآن والبالغة النبوية‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬ط‪ ،9‬بيروت ‪ -‬لبنان‪1393 ،‬هـ=‬ ‫‪.7‬‬
‫‪1973‬م‪.‬‬

‫‪209‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لمساتـ من اإلعجاز اللغوي في القرآن الكريم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫الرضي‪ ،‬الشريف‪ ،‬تلخيص البيان في مجازات القرآن‪ .‬تحقيق‪ :‬مكي السيد جاسم‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪.8‬‬
‫‪1986‬م‪.‬‬
‫الرومي‪ ،‬فهد بن عبد الرحمن بن سليمان‪ ،‬خصائص القرآن الكريم‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الطبعة التاسعة‪1997 ،‬م‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬محمد مرتضى الحسيني الواسطي‪ ،‬تاج العروس شرح القاموس‪ ،‬منشورات مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫‪1306‬هـ‪.‬‬
‫الزركشي‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬البرهان في علوم القرآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪1988 ،‬م‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫الزمخشري‪ ،‬جار اهلل‪ ،‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2002 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪.12‬‬
‫الصالح‪ ،‬صبحي‪ ،‬مباحث في علوم القرآن‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬ط‪1970 ،21‬م‪.‬‬ ‫‪.13‬‬
‫التكون‪ -‬القراءة‪ ،‬مدخل لنظرية معرفية في نشوء الكون ونظام الكائنات‪،‬‬
‫عباس‪ ،‬أمير‪ ،‬اإلعجاز القرآني‪ -‬التبيان‪ّ -‬‬ ‫‪.14‬‬
‫دار أسامة‪ ،‬عمان‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫ابن عباد‪ ،‬الصاحب (سليمان بن عباد) المحيط في اللغة‪ :‬تحقيق ‪ :‬محمد حسن آل ياسين‪ ،‬مطبعة المعارف‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫‪.15‬‬
‫بغداد‪1975 ،‬م‪.‬‬
‫لعيبي‪ ،‬حاكم مالك‪ ،‬الترادف في اللغة‪ ،‬وزارة الثقافة واإلعالم‪ ،‬دار الرشيد‪ ،‬بغداد‪1980 ،‬م‪.‬‬ ‫‪.16‬‬
‫المبارك‪ ،‬محمد‪ ،‬فقه اللغة وخصائص العربية دراسة تحليلية مقارنة للكلمة العربية وعرض لمنهج العربية األصيل‬ ‫‪.17‬‬
‫في التجديد والتوليد‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1975 ،6‬م‪.‬‬
‫المسدي‪ ،‬عبد السالم‪ ،‬األسلوبية واألسلوب‪ ،‬دار سعاد الصباح‪ ،‬ط‪1993 ،4‬م‪.‬‬ ‫‪.18‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم لسان العرب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1997 ،6‬م‪.‬‬ ‫‪.19‬‬
‫ناصف‪ ،‬مصطفى‪ :‬نظرية المعنى في النقد العربي‪ ،‬دار األندلس‪ ،‬ط‪1981 ،2‬م‪.‬‬ ‫‪.20‬‬

‫‪210‬‬
‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)11‬ع (‪ 1436 ،)3‬ه‍‪2015/‬م ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

You might also like