You are on page 1of 24

‫التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫بدر عبدالعزيز جمر املرشدي*‬


‫جامعة شقراء‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬

‫*أستاذ النحو والصرف املشارك جامعة شقراء‪ ،‬ووكيل كلية إدارة األعمال للشؤون‬
‫التعليمية‪- .‬عضو هيئة تدريس يف جامعة شقراء له العديد من االهتمامات البحثية‬
‫يف جمال ختصص النحو والصرف ودالالهتا النحوية والصرفية‪ ،‬وحتليل النصوص‪.‬‬

‫إمييل الباحث‪balmorshdy@su.edu.sa :‬‬

‫كود البحث‪20013 :‬‬


‫اتريخ استقبال البحث‪ 3 :‬نوفمرب ‪ 2020‬م‬
‫اتريخ النشر‪ 20 :‬ديسمرب ‪ 2020‬م‬

‫العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‬


‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬


‫بدر عبدالعزيز جمر املرشدي‬
‫‪-‬‬
‫امللخص‪ :‬حياول هذا البحث أن يقدم حتليال لتبادل جوايب شرط من اجلملة االمسية اليت تفيد التحقق والثبوت إىل‬
‫اجلملة الفعلية اليت تفيد التجدد واالستمرار واحلدوث ومن اجلملة الفعلية إىل اجلملة االمسية يف سياق لغوي واحد‪ ،‬والوقوف‬
‫على الفروق الداللية والقيم التعبريية الناجتة عن هذا التبادل‪ ،‬ومدى اتساقه مع القواعد املقررة عند النحاة‪ ،‬وال شك َّ‬
‫أن‬
‫تبادل جوابني يف تركييب شرط متجاورين يدل على قيمة تعبريية عالية ومقصودة‪.‬‬
‫َ‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الشرط – اجلواب ‪ -‬التبادل – اجلملة االمسية – اجلملة الفعلية‬

‫‪139‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫ التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬:‫بدر املرشدي‬

Title: The Exchange between the Conditional Responses in the


Holy Qur'an

Abstract: This study attempts to provide an analysis of the exchange


between the conditional responses of nominal sentences that state validation
and stability and the verbal sentences that demonstrate renewal, continuity
and occurrence and the exchange from the verbal sentence to the nominal
sentence in a single linguistic context. It also tries to identify the semantic
differences and expressive values resulting from this exchange, and the extent
to which it is consistent with the grammarians’ established rules, and there is
no doubt that the exchange of two answers in two adjacent conditional
responses is an indication of a high and intentional expressive value.

Key Words: condition - answer - exchange - nominal sentence - actual


sentence

https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04 140
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫املقدمة‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على سيدان حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‪ ،‬وسلم تسليما كثريا‪.‬‬
‫فالقرآن الكري هو دستور هللا اخلالد ومنهجه القوي وطريقه املستقيم‪ ،‬وحجة رسوله الكري اليت حتدى هبا العرب‬
‫معني هذه األمة الذي ال ينضب‪ ،‬ومنهل‬
‫والعجم واإلنس واجلن إىل أن يقوم الناس لرب العاملني‪ ،‬ومن مث كان هذا الكتاب َ‬
‫لغتها الذي ال ينفد‪ ،‬فلقد قامت العلوم اللغوية والنحوية والبالغية والشرعية تدور يف فلكه‪ ،‬وتستمد منه أدلتها وحججها‪،‬‬
‫وتروم كشف خمبآته وأسراره‪ ،‬وتكشف النقاب عن بدائعه ونفائسه اليت ال تنتهي‪.‬‬
‫ومن العلوم اليت نشأت يف أحضان الكتاب العزيز علم البالغة؛ ذلك العلم الذي يُعىن بكشف مجال أساليب‬
‫القرآن الكري‪ ،‬ويفصح عن آايت حسنه ومجاله وجالله‪.‬‬
‫وال شك أن العلوم العربية والدينية ال تفتأ تتكامل وتتداخل يف حياة العريب بصفة خاصة‪ ،‬واملسلم بصفة عامة‪،‬‬
‫ويظهر تداخلها على املستوى النحوي والداليل والبالغي والتفسريي وقد أردت من خالل حبثي هذا (التبادل بني جواابت‬
‫الشرط يف القرآن الكري) أن أُسهم يف هذا التداخل بني علم النحو وعلم الداللة وعلم التفسري‪ ،‬وأن أقف على هذه‬
‫الفروق الداللية بني هذه اجلواابت وآاثرها الفنية اليت استكنَّت فيها‪ ،‬وانطوت عليها‪.‬‬
‫وأعين ابلتبادل بني جواابت الشرط هذا التناوب الذي أييت عليه اجلواب‪ ،‬واختالف صوره يف املوضع الواحد‪،‬‬
‫سر التبادل فيها‪ ،‬وما يرتتب عليه من ٍ‬
‫معان مقصودة تفيد يف جتلية املراد من النص القرآين‬ ‫وحتليلها حتليال دالليا يكشف َّ‬
‫الكري وبيانه‪.‬‬
‫وال شك أن التبادل الذي يقع بني اجلواابت يف املوضع الواحد أو اآلية الواحدة ال حيصل اعتباطا‪ ،‬وإمنا يكون‬
‫وراءه غرض داليل مقصود ال يستقيم إال هبذا التبادل‪ ،‬ولو تغري الرتكيب عن الصورة اليت نزل القرآن عليها الختل مضمون‬
‫الكالم وهدفه؛ ألن أي اختالل يف بناء اجلملة يؤثر يف داللتها‪ ،‬وأي تغري يف صورة الوظيفة النحوية الواحدة يتبعه ابلضرورة‬
‫ـ ـ يف النصوص اللغوية العالية ـ ـ تغري يف معناها‪.‬‬
‫وقد أردت من هذا البحث أن أكشف عن املعاين الداللية اليت تنتج عن التبادل املتاح يف جواابت الشرط‪،‬‬
‫وذلك من خالل اختيار بعض اآلايت القرآنية اليت تفي بغرض البحث‪ ،‬وإن مل أقف على جمموعها أو إحصائها‪.‬‬
‫ولن يتمكن الباحث من الوقوف على املعاين الداللية الكامنة وراء تبادل الصور املتاحة لوظيفة جواب ابلشرط‬
‫إال بتحليل هذه اجلواابت حتليال تتعاور عليه فروع املعرفة العربية من حنو وداللة وبالغة وتفسري‪ ،‬وهذا هو املسلك الذي‬
‫تنتهجه األلسنية احلديثة يف معاجلة النصوص‪.‬‬

‫‪141‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫وأسلوب الشرط من األساليب اليت يكثر دوراهنا يف الكالم العريب بصفة عامة‪ ،‬ويف القرآن الكري بصفة خاصة‪،‬‬
‫ومن مثَّ كان الداعي إىل االستبصار أبسرار التبادل بني صور اجلواب فيه أمرا ملحا؛ لكشف األهداف الفنية اليت حتدو‬
‫ابملتكلم إىل خمالفة هذا األصل يف تركيبه إىل غريه من الصور الفرعية اليت تكون يف حمله اإلعرايب؟‪.‬‬
‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫تتمثل مشكلة هذا البحث يف كون مادته العلمية حتليال جلانب فين رائع من تركيب كالمي شائع يف القرآن‬
‫الكري وهو (الرتكيب الشرطي) وتتبع صور جوابه؛ للوقوف على أسرار تبادهلا‪ ،‬والقيم الداللية اليت تقف وراء هذا التبادل‪،‬‬
‫وهذا بال شك أمر حيتاج إىل دقة ابلغة يف حتليل وتعليل هذا التبادل‪ ،‬و هو أمر مل ينبّه عليه كثري من املفسرين‪ ،‬ومن َمثَّ‬
‫فالواجب على صاحب البحث أن يلتمس علل هذا التبادل مبا يتوافق مع السياق اللغوي الذي وردت فيه اآلية اليت تبادل‬
‫فيها اجلواب‪ ،‬وهذا أمر تشوبه بعض احملاذير اليت تقلق الباحث يف أن يقول يف القرآن برأيه‪.‬‬
‫تساؤالت البحث‪:‬‬
‫هل يؤدي التبادل بني جوايب الشرط يف اآلية الواحدة إىل ٍ‬
‫معان مقصودة ال تظهر إال هبذا التبادل؟‬ ‫‪-1‬‬
‫ما العلل املعنوية الكامنة وراء التبادل بني جميء اجلواب فعال ماضيا‪ ،‬مث جميئه فعال مضارعا؟‬ ‫‪-2‬‬
‫مل يبادل هللا ـ ـ سبحانه وتعاىل ـ ـ بني اجلملة الفعلية واجلملة االمسية حني جييئان يف آية واحدة؟‬ ‫‪-3‬‬
‫أمهية البحث وأسباب اختياره‪:‬‬
‫يرجع اختيار هذا املوضوع حمال للدراسة إىل مجلة أسباب‪ ،‬من أمهها‪:‬‬
‫أن البحث يف التبادل بني جواابت الشرط يوقف الباحث على املعاين الداللية احملتجبة يف تراكيب أسلوب‬ ‫‪-1‬‬
‫الشرط‪ ،‬واألهداف والغاايت الناجتة عن هذا التبادل‪ ،‬وهذا بال شك ملمح من مالمح إعجاز تراكيب القرآن‪.‬‬
‫أن هذا البحث يربط بني ثالثة علوم شريفة هي علم النحو وعلم الداللة وعلم التفسري‪ ،‬وهذا ابلضرورة يدل‬ ‫َّ‬ ‫‪-2‬‬
‫على تداخل العلوم العربية وتكاملها يف الوصول إىل دالالت الكالم املرادة‪.‬‬
‫أن مثل هذا املوضوع يُبني جبالء عن منطق العربية يف رعاية معانيها‪ ،‬ويؤكد على َّ‬
‫أن ألفاظها وتراكيبها إمنا هي‬ ‫َّ‬ ‫‪-3‬‬
‫خدم هلذه املعاين واتبعة هلا‪ ،‬وبدون هذا ما تفاضل كالم على كالم‪.‬‬
‫عد تعبريا عن منطق اللغة اليت ال حتكمها الصور األساسية لرتاكيبها‬ ‫أن البحث يف تبادل جواابت الشرط يُ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫‪-4‬‬
‫النحوية‪ ،‬وإمنا تبدو مرونتها وحريتها يف االختالف والبحث عن مقاصد املتكلم‪.‬‬
‫صعوابت البحث‪:‬‬
‫صعوبة رصد العلل والدالالت بني تبادل اجلواابت املختلفة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪142‬‬
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫تداخل العلوم وتشابكها يف هذا املوضوع للوقوف على الفروق النحوية والداللية بني جواابت الشرط املتبادلة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫إغفال كثري من املفسرين التعليق على علة التبادل يف جواابت الشرط‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫أن أسلوب الشرط من األساليب النحوية املنتشرة يف النصوص بصفة عامة‪ ،‬ويف النص القرآين بصفة‬ ‫ال شك َّ‬
‫خاصة‪ ،‬ومن َمثَّ فقد غاصت فيه بعض األقالم‪ ،‬وتعرض له كثري من الباحثني ابلبحث والنظر‪ ،‬ولكين مل أقف على دراسة‬
‫تعرضت خلصائص اجلواابت وتبادهلا والسمات الداللية املميزة جلواب دون آخر‪ ،‬ومن الدراسات اليت تناولت الشرط عموما‬
‫ابلعناية واالهتمام ما أييت‪:‬‬
‫الشرط يف القرآن الكري‪ :‬رسالة ماجستري‪ ،‬إعداد‪ .‬عبد العزيز على الصاحل‪ ،‬كلية دار العلوم‪ -‬جامعة القاهرة‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪1976‬م‪1396 -‬هـ‪.‬‬
‫اجلملة الشرطية عند النحاة العرب د‪ .‬أبو أوس إبراهيم الشمسان الطبعة األوىل ‪1401‬ه املوافق ‪1981‬م‬ ‫‪-2‬‬
‫مطابع الدجوي ـ ـ عابدين‪.‬‬
‫العدول يف البنية الرتكيبية (قراءة يف الرتاث البالغي) إعداد‪ .‬د‪ .‬إبراهيم بن منصور الرتكي‪ ،‬حبث حمكم ضمن‬ ‫‪-3‬‬
‫منشورات جملة جامعة أم القرى مبكة املكرمة‪ ،‬اجمللد ‪ 19‬العدد ‪ 40‬ربيع األول ‪1428‬هـ‪.‬‬
‫العالقات الرتكيبية والداللية يف اجلملة الشرطية (رؤية لسانية) د‪ .‬عاطف فضل‪ ،‬د‪ .‬حسني كتانة‪ ،‬حبث حمكم‬ ‫‪-4‬‬
‫ضمن منشورات جملة كلية اآلداب واللغات‪ ،‬جامعة حممد خيضر‪ -‬اجلزائر‪ ،‬العدد الثاين عشر ‪2013‬م‪.‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫للوصول إىل األهداف املراد حتقي ُقها من وراء هذا البحث فسوف أسري يف تناوله وعرض مادته داخل إطار‬
‫املنهجني‪ :‬الوصفي والتحليلي‪ ،‬وذلك ابلعمد إىل حتليل مجل اجلواب اليت تبادلت يف السياق الواحد‪ ،‬ووصفها؛ للوقوف‬
‫على أغراض هذا التبادل‪ ،‬وما ترتب عليه من الدالالت الفنية‪.‬‬
‫وقد اقتصر هذا البحث على بعض اآلايت اليت تظهر من خالهلا فكرته الرئيسة؛ وذلك نظرا لكثرة اآلايت‬
‫وتشابه صور اجلواب فيها‪ ،‬األمر الذي جعلين أقوم برصد صور اجلواابت اليت تبادل بعضها يف السياق الواحد يف القرآن‬
‫الكري‪ ،‬وحماولة الوصول إىل أسرارها الداللية من خالل كتب النحاة والبالغيني واملفسرين‪ ،‬حىت تتضح الفكرة العامة من‬
‫البحث‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫وقد انتظم البحث يف مقدمة‪ ،‬ومبحثني‪ ،‬وخامتة‪ ،‬وفهرس‪ ،‬للمصادر واملراجع‪.‬‬

‫‪143‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫املقدمة‪ :‬وذكرت فيها التعريف ابملوضوع‪ ،‬و مشكلة البحث‪ ،‬وتساؤالت البحث‪ ،‬وأمهيته‪ ،‬وصعوابته‪ ،‬والدراسات السابقة‪،‬‬
‫ومنهج البحث‪ ،‬وخطته اإلمجالية‪.‬‬
‫املـبـحــث األول‪ :‬تبادل جواب الشرط من اجلملة الفعلية إىل اجلملة االمسية‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تبادل جواب الشرط من اجلملة االمسية إىل اجلملة الفعلية‪.‬‬
‫اخلامتة‪ :‬وفيها أهم النتائج اليت توصل إليها البحث‪.‬‬
‫فهرس املصادر و املراجع‪:‬‬

‫ت ــوطئـ ــة‬
‫***‬
‫ال شك َّ‬
‫أن الرتاكيب النحوية خاضعةٌ ملقاييس وقوانني مقررة تعطيها اإلفادة املرجوة واملعىن االبتدائي املراد‪ ،‬وقد‬
‫فطن النحاة األوائل عند تقعيدهم اللغة إىل الصور األساسية للرتاكيب النحوية‪ ،‬وإىل الصور اليت قد خترج إليها هذه الرتاكيب‬
‫رعاية للموقف الكالمي واحلدث اللغوي وفقا ملا استقر عندهم من استقراء كالم العرب‪.‬‬
‫والوقوف على الصور الفرعية اليت خترج عن الصور األصلية يف أمر يكاد يكون شائعا يف كل الرتاكيب النحوية‪،‬‬
‫وقد فطن كبار النحاة إىل األغراض اليت خترج هبا الرتاكيب من األصل إىل الفرع‪ ،‬واخلواطر واملعاين اليت تسكن وراء هذا‬
‫اخلروج‪ ،‬وهذا التبادل بني صور الرتاكيب‪ ،‬وهذا األمر يعكس جانبا مهما من جوانب مرونة اللغة ورحابتها وعنايتها أبغراض‬
‫املتكلمني وحماولة إيصاهلا للسامعني أبوجز لفظ وأدق عبارة بصرف النظر عن أصل الرتكيب‪.‬‬
‫ودراسة دالالت صور التبادل بني األصل والفرع يف جواابت أسلوب الشرط هو مقصود هذا البحث وهدفه؛‬
‫اب الثاين‬ ‫ِ‬
‫وهو مسلك يقوم على رصد املعاين املُ ْستَكنَّة وراء هذا التبادل‪ ،‬وبيان اخلصائص اجلمالية اليت خيالف فيها اجلو ُ‬
‫اب األول يف تركيبني متشاهبني تقريبا يف سياق لغوي واحد‪ ،‬والوقوف على خصائص املعىن يف الرتكيب الالحق والرتكيب‬ ‫اجلو َ‬
‫السابق‪ ،‬واألحوال املقامي ة اليت خالفت بينهما يف التبادل من اجلملة االمسية إىل الفعلية‪ ،‬ومن اجلملة الفعلية إىل االمسية‪،‬‬
‫وخباصة يف النص القرآين املعجز‪.‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪144‬‬
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫املبحث األول‬
‫تبادل جواب الشرط من اجلملة الفعلية إىل اجلملة االمسية‬
‫****‬
‫تقوم فكرة التبادل بني جواابت الشرط؛ من اجلملة الفعلية إىل اجلملة االمسية على استكناه الدالالت الفنية اليت‬
‫حتول هبا الرتكيب الشرطي‪ -‬يف اآلية الواحدة‪ ،‬والسياق الواحد‪ -‬من اجلملة الفعلية الدالة على التجدد إىل اجلملة االمسية‬
‫سر هذا التبادل‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬ ‫الدالة على الثبوت‪ ،‬والوقوف على ِّ‬
‫وك فَـ ُق ْل‬
‫اج َ‬ ‫تبادل جواب الشرط من اجلملة الفعلية إىل اجلملة االمسية املقصورة إبمنا قول هللا تعاىل‪﴿ :‬فَإِ ْن َح ُّ‬
‫َسلَ ُموا فَـ َق ِد ا ْهتَ َد ْوا َوإِ ْن تَـ َولَّْوا فَِإ َمنَا َعل َْي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫ك‬ ‫َسلَ ْمتُ ْم فَإِ ْن أ ْ‬ ‫اب َو ْاأل ُّميِّ َ‬
‫ني أَأ ْ‬ ‫ت َو ْج ِه َي َلِل َوَم ِن اتـَّبَـ َع ِن َوقُ ْل للَّذ َ‬
‫ين أُوتُوا الْكتَ َ‬ ‫َسل َْم ُ‬
‫أْ‬
‫صريٌ ِابلْعِبَ ِاد﴾(‪.)1‬‬ ‫اَّلل ب ِ‬
‫الْبَ ََلغُ َو َُّ َ‬
‫وك فَـ ُق ْل‬‫اج َ‬ ‫جاء يف هذه اآلية الكرمية ثالثة جواابت كلها مقرتنة ابلفاء‪ ،‬أوهلا‪ :‬مجلة فعلية فعلها طليب (فَإِ ْن َح ُّ‬
‫َسلَ ُموا فَـ َق ِد ا ْهتَ َد ْوا)‬ ‫ِِ‬
‫ت َو ْج ِه َي َلِل َوَم ِن اتـَّبَـ َع ِن)‪ ،‬والثاين‪ :‬مجلة فعلية فعلها ماض مقرتن حبرف التحقيق (قد)‪( ،‬فَِإ ْن أ ْ‬ ‫َسل َْم ُ‬
‫أْ‬
‫ك الْبَ ََلغُ)‪.‬‬ ‫(وإِ ْن تَـ َولَّْوا فَِإ َمنَا َعل َْي َ‬
‫والثالث‪ :‬مجلة امسية مؤكدة ابلقصر والتخصيص َ‬
‫أن أداة الشرط يف أفعاهلا مجيعا واحدة وهي (إ ْن) اليت تفيد االستقبال‪ ،‬وال يكون‬ ‫والناظر يف اجلواابت الثالثة يرى َّ‬
‫الشرط معها مقطوعا بوقوعه(‪.)2‬‬
‫أن ورودها "يكون يف األمور احملتملة؛ املشكوك يف وقوعها"(‪.)3‬‬ ‫كما َّ‬
‫أمر يدعو إىل‬ ‫وتبادل اجلواابت يف مجل الشرط الواردة يف اآلية الكرمية مع تعلُّق اجلمل الثالثة بعضها ببعض ٌ‬
‫التماس الغرض الداليل منهما‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وك فَـ ُقل أَسلَم ُ ِ ِ ِ‬ ‫فاجلواب األول‪( :‬فَإِ ْن َح ُّ‬
‫َمر هللا به رسوله عند تويل أهل الكتاب‬ ‫ت َو ْجه َي َلِل) جاء فعل أمر أ َ‬ ‫اج َ ْ ْ ْ‬
‫ُرسل به‪ ،‬وجميء اجلواب هنا فعال أمراي فيه توجيه من هللا لرسوله يف قضية من أهم قضااي اإلميان وهي قضية‬ ‫عن دينه الذي أ َ‬

‫(‪ )1‬سورة آل عمران ‪ :‬اآلية ‪. 20‬‬


‫(‪ )2‬اإليضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاح يف علوم البالغة‪ :‬أليب املعايل جالل الدين القزويين حممد بن عبد الر ن بن عمر(ت‪739 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق د‪ .‬حممد عبد املنعم‬
‫خفاجي‪ ،‬طبعة دار اجليل – بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،88/1‬وخمتصـر املعاين لشـرح تلخيص املفتاح‪ :‬لسـعد الدين مسـعود بن عمر بن عبد‬
‫هللا التفتازاين (ت‪793:‬هـ) طبعة دار الفكر‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1411‬هـ ص‪.60‬‬
‫(‪ )3‬الطراز ألس ـ ـرار البالغة وعلوم حقائق اإلعجاز‪ :‬للعلوي حيىي بن زة بن علي بن إبراهيم احلس ـ ــيين (ت‪745:‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ) طبعة املكتبة العص ـ ـرية–‬
‫بريوت‪ ،‬األوىل ‪1423‬ه ‪277/3‬ـ‬

‫‪145‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫أن كل ما يصدر من النيب ـ ـ صلى هللا عليه وسلم ـ ـ من األعمال فالوجه يف اإلتيان به هو عبودية‬ ‫االتباع‪ ،‬وإسالم الوجه‪ ،‬و َّ‬
‫إسالم النفس‪ ،‬وليس يف العبادة مقام أعلى من إسالم النفس‬ ‫وحكمه‪ ،‬وقيل‪ :‬املراد من إسالم الوجه هلل ُ‬ ‫هللا واالنقياد إلهليته ُ‬
‫هلل؛ فيصري كأنه موقوف على عبادته‪ ،‬عادل عن كل ما سواه(‪.)4‬‬
‫َسلَ ُموا فَـ َق ِد ا ْهتَ َد ْوا) فقد جاء فعال ماضيا للداللة على انقضاء احلدث وحتققه‪ ،‬و َّ‬
‫أن‬ ‫وأما اجلواب الثاين‪( :‬فَِإ ْن أ ْ‬
‫أهل الكتاب إن دخلوا يف اإلسالم فقد حصلت هلم اهلداية‪ ،‬وعرب بصيغة املاضي املصحوب بقد الدالة على التحقيق مبالغة‬
‫يف اإلخبار بوقوع اهلدى هلم وحتصيله‪ ،‬وخروجهم من الظلمة إىل النور‪ ،‬وحيتمل أن يكون املراد‪ :‬فقد اهتدوا للفوز والنجاة‬
‫يف اآلخرة إن ثبتوا عليه(‪.)5‬‬
‫ك الْبَ ََلغُ) فقد جاء مجلة امسية مصدرة بـ(إمنا) املوضوعة "على أن جتيء‬ ‫وأما اجلواب الثالث‪َ ( :‬وإِ ْن تَـ َولَّْوا فَِإ َمنَا َعل َْي َ‬
‫الر ْ ن ِابلْغَي ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خلرب ال جيهله املخاطب‪ ،‬وال يدفع صحته" ومنه قول هللا تعاىل‪﴿:‬إَِّمنا تـُنْذ ُر َم ِن اتـَّبَ َع ال ّذ ْكَر َو َخش َي َّ َ ْ‬
‫(‪)6‬‬
‫ب فَـبَ ّش ْرهُ‬
‫ِ ِ‬
‫َج ٍر َك ِرٍي﴾[يس‪.]11 :‬‬‫مبَ ْغفَرةٍ َوأ ْ‬
‫وجميء هذا اجلواب مجلة امسية حمصورة بـ(إمنا) فيه إملاح إىل ثبوت املعىن ورسوخه‪ ،‬و َّ‬
‫أن مهمة النيب ـ ـ صلى هللا عليه‬
‫وسلم ـ ـ ـ الرئ يسة هي البالغ‪ ،‬وأهنم "إن تولوا فإمنا عليه البالغ‪ ،‬وأهنم ال يضرونه بتوليهم‪ ،‬وما عليه هو إال تنبيههم مبا يبلغه‬
‫إليهم من طلب إسالمهم وانتظامهم يف عبادة هللا وحده"(‪.)7‬‬
‫وأهنم إن تولوا وأعرضوا عن دعوته فليس عليه من إعراضهم تبعة؛ ألنه ليس عليه إال البالغ‪ ،‬وقد ذهب الطاهر‬
‫ابن عاشور إىل أن قوله‪( :‬فإمنا عليك البالغ) ليس جواب الشرط‪ ،‬وإمنا هو علة اجلواب يف املعىن وقع موقعه‪ ،‬ويف وقوعه‬
‫موقع اجلواب إجياز بديع‪ ،‬والتقدير‪ :‬ال حتزن‪ ،‬وال تظنن أن عدم اهتدائهم‪ ،‬وخيبتك يف حتصيل إسالمهم‪ ،‬كان لتقصري‬
‫منك؛ إذ مل تبعث إال للتبليغ‪ ،‬ال لتحصيل اهتداء املبلَّغ إليهم(‪.)8‬‬

‫(‪ ) 4‬مفاتيح الغيب (التفسـ ـ ـ ـ ــري الكبري) لفخر الدين الرازي أيب عبد هللا حممد بن عمر بن احلسـ ـ ـ ـ ــن بن احلسـ ـ ـ ـ ــني التيمي امللقب خبطيب الري (ت‪:‬‬
‫‪606‬هـ)‪ ،‬طبعة دار إحياء الرتاث العريب– بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1420‬هـ ‪.173/7‬‬
‫(‪ )5‬البحر احمليط يف التفسـري‪ :‬أليب حيان أثري الدين حممد بن يوسـف بن علي بن يوسـف بن حيان األندلسـي (ت‪745 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬صـدقي‬
‫حممد مجيل‪ ،‬طبعة دار الفكر – بريوت‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1420‬هـ ‪.74/3‬‬
‫(‪ )6‬دالئل اإلعجاز‪ :‬أليب بكر عبد القاهر بن عبد الر ن بن حممد الفارسي اجلرجاين (ت‪471 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق الشيك حممود حممد شاكر‪ ،‬طبعة‬
‫مطبعة املدين‪ -‬القاهرة‪ ،‬دار املدين ‪-‬جدة‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1413‬هـ‪1992 -‬م ص ‪.333‬‬
‫(‪ )7‬البحر احمليط‪ :‬أليب حيان ‪.74/3‬‬
‫(‪ )8‬التحرير والتنوير (حترير امل عىن الس ـ ـ ـ ــديد وتنوير العقل اجلديد من تفس ـ ـ ـ ــري الكتاب اجمليد) للش ـ ـ ـ ــيك حممد الطاهر بن حممد بن حممد الطاهر بن‬
‫عاشور التونسي (ت ‪1393 :‬هـ)‪ ،‬طبعة الدار التونسية للنشر– تونس ‪1984‬هـ ‪.205/3‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪146‬‬
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫ومن تبادل اجلواب من اجلملة الفعلية إىل اجلملة االمسية املقرتنة ابلفاء‪ ،‬قول هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬وال َْوْز ُن يـَ ْوَمئِ ٍذ‬
‫ك ُه ُم ال ُْم ْفلِ ُحو َن﴾(‪.)9‬‬
‫َت َم َوا ِزينُهُ فَأُولَئِ َ‬
‫ا ْحلَ ُّق فَ َم ْن ثَـ ُقل ْ‬
‫جاء جواب الشرط يف هذه اآلية (فأولئك هم املفلحون) مجلة مؤّكِدة للمعىن املراد بثالثة مؤكدات‪ ،‬األول‪ :‬امسية‬
‫اجلملة اليت تدل أبصل وضعها على ثبات املعىن واستقراره(‪ ،)10‬والثاين‪ :‬تعريف الطرفني؛ املفيد للقصر والتخصيص‪ ،‬واحنصار‬
‫املخرب به يف املخرب عنه(‪ ،)11‬الثالث‪ :‬اإلتيان بضمري الفصل الذي "جيمع أنواعا من التبيني؛ فيؤكد اخلرب للمخرب عنه‪،‬‬
‫ويفصل اخلرب من الصفة‪ ،‬فيعني ما بعده لإلخبار ال للوصف"(‪ )12‬مع ما يف ذلك من القصر والتخصيص(‪ )13‬ومنه قولك‪:‬‬
‫(زيد هو املنطلق) من حيث كون الثاين ال يقبل التجوز والتوكيد‪ ،‬وإجياب أن فائدة املسند اثبتة للمسند إليه دون غريه"(‪.)14‬‬
‫ومن خالل كل هذه املؤكدات اليت تعاورت على مجلة اجلواب يتبني لنا بالغة املعىن املراد‪ ،‬واالحتياط لتأديته‬
‫على الوجه الذي ال يُتأتى معه اللبس أو الشركة؛ وذلك أن هللا تعاىل أراد أن يبني لنا أنه لن يفلح يف اآلخرة يوم احلساب‬
‫(من) ابعتبار اتصافِه بثقل امليز ِان‪ ،‬واجلمعيةُ‬
‫ك) إىل اسم الشرط َ‬ ‫والعرض عليه إال من ثقلت موازينه‪ ،‬وأشار ابملبتدأ (أ ُْولَئِ َ‬
‫فيه ابعتبار معناه‪ ،‬كما أنَّه مجع املوازي ِن لذلك (فمن ثقلت موازينه) وأما ضمري موازينِه فراجع إليه ابعتبار ِ‬
‫لفظه‪ ،‬وما فيه‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫(هم املفلحون) الفائزون ابلنجاة والثو ِ‬
‫اب‬ ‫أهنم‬
‫و‬ ‫الشرف؛‬ ‫و‬ ‫ِ‬
‫الفضل‬ ‫يف‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ت‬‫َ‬‫ل‬
‫ز‬ ‫من‬ ‫بعلو طبقتهم وب ِ‬
‫عد‬ ‫ِ‬
‫لإليذان ِّ‬ ‫من معىن الب ِ‬
‫عد؛‬
‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الناس الذين بلغك أهنم ُمفلحون يف اآلخرة‪ ،‬أو إشارةٌ‬ ‫ِ‬
‫وحدهم دون سواهم‪ ،‬كما أن يف تعريف (املفلحون) داللة على أهنم ُ‬
‫وخصائصهم(‪.)15‬‬ ‫ِ‬ ‫إىل ما يع ِرفه ُّ‬
‫كل أحد من حقيقة املفلحني‬

‫(‪ )9‬سورة األعراف ‪ :‬اآلية ‪. 9‬‬


‫(‪ )10‬الكشــاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه التأويل‪ :‬جلار هللا أيب القاســم حممود بن عمرو بن أ د الزخمشــري (ت‪538 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫حتقيق‪ .‬عبــد الرزاق املهــدي‪ ،‬طبعــة دار إحيــاء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنــان‪ ،‬الطبعــة األوىل ‪1417‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‪1997 -‬م ‪ ،85/1‬ودالئــل‬
‫اإلعجاز‪ :‬لعبد القاهر اجلرجاين ص ‪.178‬‬
‫(‪ )11‬دالئل اإلعجاز‪ :‬لعبد القاهر اجلرجاين ص ‪.178‬‬
‫(‪ ) 12‬اللباب يف علل اإلعراب والبناء‪ :‬حملب الدين البغدادي أيب البقاء عبد هللا بن احلسـني ابن عبد هللا العكربي (ت‪616 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق غازي‬
‫خمتار طليمات‪ ،‬طبعة دار الفكر‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1416‬هـ‪1995 -‬م ‪.496/1‬‬
‫(‪ )13‬اإليضاح يف علوم البالغة ‪ :‬جلالل الدين القزويين ص‪.57‬‬
‫(‪ )14‬الكشاف ‪ :‬للزخمشري ‪.85/1‬‬
‫(‪ ) 15‬إرشــاد العقل الســليم إىل مزااي الكتاب الكري (تفســري أيب الســعود)‪ :‬أليب الســعود العمادي حممد بن حممد بن مصــطفى (ت‪982 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪،‬‬
‫طبعة دار إحياء الرتاث العريب– بريوت‪( ،‬د‪.‬ط) (د‪.‬ت) ‪.213/3‬‬

‫‪147‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫وذهب اإلمام ابن عاشور إىل أن التعريف يف (املفلحون) للجنس أو العهد‪ ،‬ورجحه قائال‪" :‬فأما إذا كان‬
‫التعريف للجنس وهو الظاهر فتعريف املسند إليه مع املسند من شأنه إفادة االختصاص غالبا لكنه هنا جمرد عن إفادة‬
‫االختصاص احلقيقي‪ ،‬ومفيد شيئا من االهتمام ابخلرب‪ ،‬فلذلك جلب له التعريف دون التنكري وهذا مثل قوهلم‪ :‬هو البطل‬
‫احلامي‪ ،‬أي إذا مسعت ابلبطل احلامي وأحطت به خربا فهو فالن"(‪.)16‬‬
‫ومن تبادل اجلواب من اجلملة الفعلية املقصورة إبمنا إىل اجلملة االمسية املقرتنة ابلفاء‪ ،‬قول هللا تعاىل‪:‬‬
‫َحيد﴾(‪.)17‬‬ ‫ْمةَ أ َِن ا ْش ُكْر ََِّّللِ َوَم ْن يَ ْش ُكْر فَِإ َمنَا يَ ْش ُك ُر لِنَـ ْف ِس ِه َوَم ْن َك َفَر فَِإ َن َ‬
‫الِلَ غَ ِِنٌّ َِ‬ ‫ِ‬
‫﴿ولَ َق ْد آتَـْيـنَا لُْق َما َن ا ْحلك َ‬
‫َ‬
‫(وَم ْن يَ ْش ُكْر فَإِمنَاَّ‬
‫كييب شرط اختلف جواهبما؛ فجاء األول مجلة فعلية مقصورة إبمنا َ‬ ‫اشتملت هذه اآلية على تر ْ‬
‫ِ‬
‫ين َ ي ٌد)‪.‬‬ ‫(وَم ْن َك َفَر فَِإ َّن َّ‬
‫اَّللَ َغ ِ ٌّ‬ ‫ـ(إن) َ‬‫يَ ْش ُكُر لِنَـ ْف ِس ِه)‪ ،‬وجاء الثاين مجلة امسية مؤكدة ب َّ‬
‫أن فعل الشرط جاء يف الرتكيب األول فعال مضارعا (ومن يشكر)‪ ،‬وجاء يف الرتكيب الثاين فعال‬ ‫واملالحظ َّ‬
‫كفر) ويف هذا إشارة إىل أم ٍر هو أن الشكر ينبغي أن يتكرر يف كل وقت لتكرر النعمة‪ ،‬فمن شكر ينبغي أن‬ ‫ماضيا (ومن َ‬
‫يكرر‪ ،‬وأما الكفر فينبغي أن ينقطع؛ فمن كفر ينبغي أن يرتك الكفران‪ ،‬أو ألن الشكر من الشاكر ال يقع بكماله‪ ،‬بل‬
‫يدل على احلال واالستقبال‪ ،‬وأما الكفر فكل جزء يقع منه اتما‬ ‫البد أن يكون منه شيء يف املستقبل مل يقع ألن املضارع ُّ‬
‫ولذا جاء بصيغة املاضي(‪.)18‬‬
‫أو ألن الشكر يتجدد وكل ما يتجدد يكثر خبالف الكفر الذي يقع ابتداء ويبقى صاحبه عليه إال إذا شاء‬
‫هللا ‪ ،‬فالشكر عمل يومي متجدد خبالف الكفر الذي هو االعتقاد‪ ،‬واالعتقاد يقتضي الثبات والتحقق والفعل املاضي يدل‬
‫على ذلك الثبات وهذا التحقق‪.‬‬

‫شكل ملمحا دالليا عميقا وذلك أنه جاء يف الرتكيب األول مجلة فعلية‬‫وأما تبادل جوايب الشرط يف اآلية فقد َّ‬
‫أن من يشكر فإن شكره ال يكون إال لنفسه‪ ،‬وهذه هي احلكمة اليت آاتها هللا لقمان‪ ،‬واليت‬ ‫مقصورة ب َّ‬
‫ـ(إمنا) للداللة على َّ‬
‫إن شكر الشاكرين مجيعا ال يعود عليه ‪-‬سبحانه‪ -‬بفائدة‬ ‫هي شكره‪ ،‬وأن من يشكر هللا فهو قصرا ال يشكر إال لنفسه؛ إذ َّ‬

‫(‪ )16‬التحرير والتنوير ‪ :‬للطاهر بن عاشور ‪.31/8‬‬


‫(‪ )17‬سورة لقمان‪ :‬اآلية ‪.12‬‬
‫(‪ )18‬مفاتيح الغيب (التفسري الكبري) لفخر الدين الرازي ‪.119/25‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪148‬‬
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫تُذكر؛ ولذا "أخرب أنه غين ال ينفعه إمي ان مؤمن‪ ،‬وال يزيد يف ملكه‪ ،‬وال يضره كفر كافر‪ ،‬وال ينقص من ملكه"(‪ ،)19‬وملا‬
‫كان ذلك كذلك أكد هللا جواب الشرط يف الرتكيب األول أبداة القصر (إمنا) املثبتة ملا بعدها النافية ملا سواه‪.‬‬
‫اَّللَ غَ ِينٌّ َِ ي ٌد)؛ وأتكيد اجلواب‬
‫(وَم ْن َك َفَر فَإِ َّن َّ‬ ‫مث أتى جبواب الشرط يف الرتكيب الثاين مجلة امسية مؤكدة ب َّ‬
‫ـ(إن) َ‬
‫أن "من كفر نعمة هللا عليه إىل نفسه أساء ألن‬ ‫إبن اليت "يؤتى هبا لتأكيد مضمون اخلرب وتقريره"(‪ )20‬ومضمون اخلرب هنا َّ‬
‫َّ‬
‫غين عن شكره إايه على نعمه‪ ،‬ال حاجة به إليه‪ ،‬ألن شكره إايه ال يزيد يف سلطانه‪ ،‬وال‬
‫هللا معاقبه على كفرانه إايه‪ ،‬وهللا ّ‬
‫كل حال‪ ،‬له احلمد على نعمه‪ ،‬كفر العبد نعمته أو شكره‬ ‫ِ‬
‫ينقص كفرانه إايه من ملكه‪ ،‬ويعين بقوله‪ َ ( :‬ي ٌد) حممود على ّ‬
‫عليها"(‪.)21‬‬
‫ومن تبادل اجلواب من اجلملة الفعلية إىل اجلملة االمسية املنسوخة بكان قول هللا تعاىل‪َ ﴿:‬وإِذَا أَنْـ َع ْمنَا َعلَى‬
‫ِ ِِ‬ ‫اإلنْس ِ‬
‫ض َو ََنَى جبَانبِه‪َ ،‬وإِذَا َم َّسهُ الشَُّّر َكا َن يَـئُ ً‬
‫وسا﴾(‪.)22‬‬ ‫ان أ ْع َر َ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ‬
‫كييب شرط تبادل جواهبما؛ فجاء األول مجلة فعلية فعلها ماض عطف عليه مثله؛‬ ‫اشتملت هذه اآلية على تر ْ‬
‫ِ ِِ‬
‫ض َو ََنَى جبَانبِه)‪ ،‬وجاء الثاين مجلة امسية منسوخة بـ(كان) (كان ً‬
‫يئوسا)‪.‬‬ ‫إلفادة انقضاء احلدث وحتققه (أ َْعَر َ‬
‫أن أفعال الشرط واجلواب يف الرتكيبني جاءت ماضية للداللة على انقضاء احلدث وحتققه مع جميء‬ ‫واملالحظ َّ‬
‫الشرط بـ(إذا) الدالة على األمور املتحققة واألمور كثرية الوقوع‪ ،‬واألمور املقطوع بوقوعها‪ ،‬يقول اإلمام السيوطي‪" :‬ختتص‬
‫(إذا) الظرفية إذا جاءت شرطا بدخوهلا على املتيقن واملظنون والكثري الوقوع خبالف (إ ْن) فإهنا تستعمل يف املشكوك‬
‫واملوهوم النادر؛ وهلذا قال هللا‪( :‬إذا قمتم إىل الصالة فاغسلوا) مث قال‪( :‬وإن كنتم جنبا فاطهروا) فأتى بـ(إذا) يف الوضوء‬
‫لتكرره وكثرة أسبابه‪ ،‬وبـ(إ ْن) يف اجلنابة لندرة وقوعها ابلنسبة إىل احلدث‪ ،‬وقال‪( :‬فإذا جاءهتم احلسنة قالوا لنا هذه وإ ْن‬

‫(‪ )19‬تفسـري املاتريدي (أتويالت أهل السـنة)‪ :‬أليب منصـور حممد بن حممد بن حممود املاتريدي (ت‪333 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق د‪ .‬جمدي ابسـلوم‪ ،‬طبعة‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1426‬هـ‪2005 -‬م ‪.139/9‬‬
‫(‪ )20‬شرح قطر الندى وبل الصدى‪ :‬جلمال الدين عبد هللا بن يوسف بن أ د بن عبد هللا ابن يوسف بن هشام (ت‪761 :‬ه ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬حممد‬
‫حمىي الدين عبد احلميد‪ ،‬طبعة دار اخلري‪ -‬السعودية‪ ،‬الطبعة األوىل‪1990 -1410‬م ص‪.205‬‬
‫(‪ )21‬تفسري الطربي ‪.136/20‬‬
‫(‪ )22‬سورة اإلسراء‪ :‬اآلية ‪.83‬‬

‫‪149‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫تصبهم سيئة يطريوا)‪( ،‬وإذا أذقنا الناس ر ة فرحوا هبا وإ ْن تصبهم سيئة مبا قدمت أيديهم إذا هم يقنطون) أتى يف جانب‬
‫احلسنة بـ(إذا) ألن نعم هللا على العباد كثرية ومقطوع هبا وبـ(إ ْن) يف جانب السيئة ألهنا اندرة الوقوع"(‪.)23‬‬
‫أبن إنعام هللا على اإلنسان متحقق مقطوع به‪ ،‬وهو أيضا‬ ‫فاملراد من جميء فعل الشرط األول ماضيا اإلعالم َّ‬
‫فإن إعراض اإلنسان‪ ،‬وَنيه جبانبه عن طاعته وخضوعه له وشكره نعمته عليه ـ ـ مع كثرة‬ ‫كثري الوقوع‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك َّ‬
‫إنعام هللا عليه ـ ـ ـ واقع متحقق‪" ،‬وإعراض اإلنسان وَنيه تباعده عن هللا بنفسه‪ ،‬وترك التقرب إىل هللا ابلدعاء"(‪.)24‬‬
‫(وإِذَا َم َّسهُ الشَُّّر َكا َن يـَئُو ًسا)‬
‫وأما مجلة اجلواب يف الرتكيب الثاين الذي جاء مصدرا بـ(إذا) والفعل املاضي أيضا َ‬
‫فقد أفادت ما أفادته اجلملة األوىل من املعاين؛ وكأن اجلملتني صارات متوازيتني يف التعبري عن املراد‪ ،‬من املفارقة بني حال‬
‫اإلنسان يف الرخاء وحاله يف الشدة‪ ،‬إال أن األوىل جاءت فعلية‪ ،‬والثانية جاءت امسية منسوخة بكان "معطوفة على ما‬
‫تقدم‪ ،‬ومجلة كان ال حمل هلا‪ ،‬واسم كان مسترت تقديره هو‪ ،‬ويئوسا خرب كان"(‪.)25‬‬
‫الضر أدعى إىل الفكرة‬
‫وأتى هنا بـ(كان) للداللة على "رسوخ الفعل تعجبا من حال العبد وقت مس الضر إايه؛ ألن حالة َّ‬
‫)‬‫‪26‬‬ ‫(‬
‫يف وسائل دفعه‪ ،‬خبالف حالة اإلعراض يف وقت النعمة‪ ،‬فإهنا حالة ال يستغرب فيها االزدهاء ملا هو فيه من النعمة" ‪.‬‬

‫وسا) على احلالية؛ ألن مس الشر ليس من عادة هللا‬


‫وأرى أن كان هنا ميكن أن تكون التامة‪ ،‬وينتصب (يـَئُ ً‬
‫ابإلنسان‪ ،‬وإمنا األصل فيه أن يتفضل هللا عليه ابلنعم والفضل ولكنه مع ذلك يعرض عن ربه‪ ،‬فإذا مسه الشر فحاله أن‬
‫ييأس من روح هللا‪ ،‬أما أن تكون هذه حاله ـ ـ فآراه ـ ـ غري موافق للمعىن يف اآلية‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬أليس لفظ (إذا) يفيد كثرة الوقوع؟ قلت‪ :‬لفظ (إذا) يفيد كثرة الوقوع‪ ،‬كما يفيد القطع بوقوع‬
‫اجلواب‪ ،‬وعليه فيكون "املقصود ابإلنسان املعرض املتكرب‪ ،‬ال مطلق اإلنسان‪ ،‬ويكون لفظ (إذا) للتنبيه على أن مثل هذا‬
‫املعرض يكون ابتالؤه ابلشر مقطوعا به"(‪.)27‬‬

‫(‪ )23‬اإلتقان يف علوم القرآن‪ :‬جلالل الدين عبد الر ن بن أيب بكر السـ ـ ــيوطي (ت‪ 911:‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬حممد أبو الفضـ ـ ــل إبراهيم‪ ،‬طبعة اهليئة‬
‫املصرية العامة للكتاب‪ -‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1394‬هـ‪1974 -‬م ‪.178/2‬‬
‫(‪ )24‬تفسري البغوي‪.158/3 :‬‬
‫(‪ )25‬إعراب القرآن وبيانه‪ :‬حمليي الدين بن أ د مصـطفى دروي (ت‪ 1403 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬طبعة دار اإلرشـاد للشـئون اجلامعية‪ ،‬ص‪ -‬سـورية ودار‬
‫اليمامة‪ ،‬دمشق‪ -‬بريوت‪ ،‬ودار ابن كثري‪ ،‬دمشق‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1415‬ه ‪.494/5‬‬
‫(‪ )26‬التحرير و التنوير‪ :‬للطاهر بن عاشور ‪.191/15‬‬
‫(‪ )27‬اإلتقان يف علوم القرآن ‪ :‬لإلمام السيوطي ‪.178/2‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪150‬‬
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫"وإِذا َم َّسهُ الشَُّّر من فقر أو مرض أو انزلة‬


‫ويؤيد هذا ما ذكره الزخمشري يف أتويل (مسه الشر) حيث قال‪َ :‬‬
‫)‬‫‪28‬‬ ‫(‬ ‫ِ‬
‫اَّللِ إَِّال الْ َق ْوُم الْكافُرو َن" ‪.‬‬
‫َس ِم ْن َرْو ِح َّ‬ ‫ِ‬
‫من النوازل كا َن يـَ ُؤ ًسا شديد اليأس من روح هللا إنَّهُ ال يـَْيأ ُ‬
‫ومن مثَّ ندرك كيف أدى تبادل اجلوابني إىل إثراء املعاين وتفاعلها مع املقامات اليت وردت فيها‪ ،‬وتناغمها يف‬
‫مواضعها تناغما يقطع أبن كل تركيب حيمل يف طياته مساته املميزة‪ ،‬وخصائصه الدالة على معانيه املرادة‪.‬‬

‫املبحث الثاين‬
‫تبادل اجلواب من اجلملة االمسية إىل اجلملة الفعلية‬
‫***‬
‫وقفنا يف املبحث األول على أسرار التبادل من اجلملة الفعلية إىل اجلملة االمسية يف الرتكيب الشرطي يف اآلية‬
‫الواحدة‪ ،‬ويف هذا املبحث سوف نتعرف على األغراض الداللية يف التبادل من اجلملة االمسية إىل اجلملة الفعلية‪ ،‬ومنه‪:‬‬
‫تبادل اجلواب من اجلملة االمسية املنسوخة بكان‪ ،‬إىل اجلملة الفعلية‪ ،‬قول هللا تعاىل‪َْ ﴿ :‬حيلِ ُفو َن ِاب ََّّللِ َما‬
‫ضلِ ِه فَإِ ْن يـَتُوبُوا‬‫اَّللُ َوَر ُسولُهُ ِم ْن فَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قالُوا َولَ َق ْد قالُوا َكل َمةَ الْ ُك ْف ِر َوَك َفُروا بـَ ْع َد إِ ْسالم ِه ْم َو َمهُّوا مبا َملْ يَنالُوا َوما نـَ َق ُموا إِالَّ أَ ْن أَ ْغ ُ‬
‫ناه ُم َّ‬
‫ص ٍري﴾(‪.)29‬‬ ‫ض ِمن وٍِيل وال نَ ِ‬ ‫ِ‬
‫الدنْيا َو ْاآلخَرةِ َوما َهلُْم ِيف ْاأل َْر ِ ْ َ ّ َ‬ ‫الِلُ َعذاابً أَلِيماً ِيف ُّ‬ ‫ك َخ ْْياً ََلُ ْم َوإِ ْن يـَتَـ َولَّْوا يُـ َع ِذ ْْبُ ُم َ‬
‫يَ ُ‬
‫كييب شرط تبادل جواهبما؛ فجاء األول مجلة امسية منسوخة بكان‪ ،‬وجاء فعل اجلواب‬ ‫اشتملت هذه اآلية على تر ْ‬
‫مضارعا للداللة على االستقبال‪ ،‬أو للشك يف توبتهم‪ ،‬وخباصة أنه صدَّر الرتكيب أبداة شرط تقتضي تعليق شيء‪ ،‬وال‬
‫تستلزم حتقق وقوعه‪ ،‬وال إمكانه‪ ،‬بل قد يكون ذلك يف املستحيل عقال كما يف قول هللا تعاىل‪( :‬قل إن كان للر ن ولد‬
‫فأان أول العابدين) [الزخرف‪ ]81:‬أو يف املستحيل عادة كما يف قول هللا تعاىل‪( :‬فإن استطعت أن تبتغي نفقا يف األرض‬
‫أو سلما يف السماء فتأتيهم آبية)[األنعام‪.)30( ]35 :‬‬

‫(‪ )28‬الكشاف ‪ :‬للزخمشري ‪.689/2‬‬


‫(‪ )29‬سورة التوبة‪ :‬اآلية ‪.74‬‬
‫(‪ ) 30‬الكليات معجم يف املص ــطلحات والفروق اللغوية‪ :‬أليب البقاء الكفوي أيوب بن موس ــى احلس ــيين القرميي احلنفي(ت‪1094 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ) حتقيق‪.‬‬
‫عدانن دروي ‪ -‬حممد املصري طبعة مؤسسة الرسالة – بريوت‪( ،‬د‪.‬ط) (د‪.‬ت) ص‪.1021‬‬

‫‪151‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫و قد نص النحاة على َّ‬


‫أن اجملازاة بـ(إ ْن) ال تكون إال يف املعاين احملتملة املشكوك يف كوهنا؛ ولذلك قبح (إ ْن‬
‫ا َّر البُ ْسُر كان كذا)(‪.)31‬‬
‫ودل على جودة هذه اللغة الشريفة ودقتها َّ‬
‫أن (إ ْن) يف اجلزاء‬ ‫ومما حسن استعماهلا الداليل يف هذه املعاين‪َّ ،‬‬
‫تكون ُمبهمة‪ ،‬وال تُستعمل َّإال فيما كان مشكوًكا يف وجوده‪ ،‬ولذلك كان ابألفعال املستقبلة؛ أل ّن األفعال املستقبلة قد‬
‫توجد؛ ولذلك ال تقع اجملازاةُ بـ(إِذا) وإن كانت لالستقبال أل ّن الذاكر هلا كاملعرتف بوجود ذلك األمر‪،‬‬ ‫توجد‪ ،‬وقد ال َ‬ ‫َ‬
‫)‬‫‪32‬‬ ‫(‬ ‫ِ‬
‫الشمس فأتين) ‪.‬‬ ‫كقولك‪( :‬إذا طلعت‬
‫ُ‬
‫واملتاب ع لسياق الكالم يف هذه اآلية الشريفة يدرك أهنا نزلت يف املنافقني الذين أعلنوا اإلسالم وأبطنوا الكفر‪،‬‬
‫أن هللا أغناهم من فضله ورسوله كذلك؛ ولذا فهو حيذرهم وحيذر منهم وخيرب رسوله ـ ـ صلى هللا عليه وسلم‬ ‫على الرغم من َّ‬
‫ـ َّ‬
‫أن إميان هؤالء وتوبتهم أمر موهوم مشكوك يف وقوعه منهم‪ ،‬ولذا أتى بـ(إ ْن) (فإ ْن يتوبوا يك خريا هلم) الدالة على هذه‬
‫املعاين‪.‬‬
‫واملالحظ أن جواب الشرط يف الرتكيب األول جاء مجلة امسية منسوخة بـكان (يك خريا هلم) واملدقق يف فعل‬
‫أن نون كان حتذف ختفيفا لكثرة االستعمال‪،‬‬ ‫اجلواب هنا جيد أنه جاء جمزوما‪ ،‬حمذوف النون (يك) وقد ذكر النحاة َّ‬
‫بشرط أن يكون الفعل جمزوما ابلسكون وأال يليه حرف ساكن‪ ،‬وذكر ابن عقيل أن هذا مذهب سيبويه ومن اتبعه‪ ،‬وأن‬
‫القياس ترك حذف النون‪" :‬ولكنهم حذفوا النون ختفيفا لكثرة االستعمال؛ فقالوا مل يك وهو حذف جائز"(‪.)33‬‬
‫وأرى وهللا أعلم أن حذف النون هنا ليس جملرد التخفيف كما ذكر النحاة‪ ،‬وإمنا لغرض بالغي يقتضيه املقام‪،‬‬
‫ولو كان للتخفيف يف الكالم العادي‪ ،‬فال ينبغي أن يقال بذلك يف القرآن الكري‪ ،‬وإمنا يبحث عن العلة من حذفه‪ ،‬وقد‬
‫ذكر اإلمام الزركشي علة لطيفة جدا حلذف النون يف هذه املقامات اليت حتذف منها فقال يف فصل (يف حذف النون)‪:‬‬
‫تنبيها على صغر مبدأ الشيء وحقارته‪ ،‬و َّ‬
‫أن منه ينشأ ويزيد‬ ‫"ويلحق هبذا القسم حذف النون الذي هو الم فعل؛ فيحذف ً‬

‫ابن أيب السـرااي حممد بن علي األســدي املوصــلي‪ ،‬املعروف اببن‬ ‫(‪ )31‬شــرح املفصــل للزخمشــري‪ :‬أليب البقاء موفق الدين يعي بن علي بن يعي‬
‫يعي واببن الصانع (ت‪ 643 :‬هـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬قدم له د‪ .‬إميل بديع يعقوب‪ ،‬طبعة دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت– لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1422‬هـ‬
‫‪2001 -‬م ‪.113/5‬‬
‫(‪ )32‬شرح املفصل‪ :‬البن يعي ‪.113/5‬‬
‫(‪ )33‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ :‬البن عقيل عبد هللا بن عبد الر ن اهلمذاين املصري (ت‪769 :‬هـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬حممد حميي الدين عبد‬
‫احلميد‪ ،‬طبعة دار الرتاث‪ -‬القاهرة‪ ،‬دار مصر للطباعة‪ ،‬سعيد جودة السحار وشركاه‪ ،‬الطبعة العشرون ‪1400‬هـ‪1980 -‬م ‪.299/1‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪152‬‬
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫إىل ما ال حييط بعلمه غري هللا مثل (أمل يك نطفة) حذفت النون تنبيها على مهانة مبتدأ اإلنسان وصغر قدره حبسب ما‬
‫يدرك هو من نفسه"(‪.)34‬‬
‫وهبذا ندرك أن حذف النون من جواب الشرط هنا تنبيها على َّ‬
‫أن هللا ـ ـ عز وجل ـ ـ فتح هلم ابب التوبة رفقا هبم‬
‫ولطفا‪ ،‬وأهنم إ ْن اتبوا إىل هللا وأانبوا يكن هذا املتاب خريا هلم وإن قَ َّل‪ ،‬فلو اتبوا أقل توبة لكانت خريا هلم‪ ،‬ويف هذا ترغيب‬
‫هلم على العودة إىل صف املسلمني‪ ،‬واالنضواء حتت لوائهم‪.‬‬
‫وقد جاء اجلواب هنا مجلة امسية دالة على الثبوت للداللة على أهنم إن اتبوا ثبتت اخلريية هلم "وجيء بفعل‬
‫(يك) يف جواب الشرط دون أن يقال‪ :‬فإن يتوبوا فهو خري هلم؛ لتأكيد وقوع اخلري عند التوبة‪ ،‬واإلمياء إىل أنه ال حيصل‬
‫اخلري إال عند التوبة ألن فعل التكوين مؤذن بذلك"(‪.)35‬‬
‫وأما جواب الشرط يف الرتكيب الثاين فقد جاء فعال مضارعا مجلة فعلية فعلها مضارع دال على التجدد‬
‫اَّللُ َعذاابً أَلِيماً ِيف ُّ‬
‫الدنْيا َو ْاآل ِخَرةِ)‪ ،‬وأسند هللا الفعل إىل نفسه ـ سبحانه وتعاىل ـ ـ‬ ‫(وإِ ْن يـَتَـ َولَّْوا يـُ َع ِّذ ْهبُُم َّ‬
‫واالستمرار واحلدوث َ‬
‫لإلعالم مبا ينتظرهم من سوء املصري يف الدنيا واآلخرة إن هم تولوا عن التوبة‪ ،‬قال الرازي‪:‬‬
‫"وإن يتولوا أي؛ عن التوبة يعذهبم هللا عذااب أليما يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬أما عذاب اآلخرة‪ ،‬فمعلوم‪ ،‬وأما العذاب‬
‫يف الدنيا‪ ،‬فقيل‪ :‬املراد به أنه ملا ظهر كفرهم بني الناس صاروا مثل أهل احلرب؛ فيحل قتاهلم وقتلهم وسيب أوالدهم وأزواجهم‬
‫واغتنام أمواهلم‪ ،‬وقيل‪ :‬مبا يناهلم عند املوت ومعاينة مالئكة العذاب‪ ،‬وقيل‪ :‬املراد عذاب القرب"(‪.)36‬‬
‫ويرى أبو حيان َّ‬
‫أن املراد من الفعل املضارع (يتولوا) هو مداومة التويل‪ ،‬وليس التويل نفسه؛ "إذ هم متولون يف‬
‫الدنيا إبحلاقهم ابحلربيني؛ إذ أظهروا الكفر‪ ،‬فيحل قتاهلم وقتلهم‪ ،‬وسيب أوالدهم وأزواجهم‪ ،‬وغنم أمواهلم‪ ،‬وقيل‪ :‬ما يصيبهم‬
‫عند املوت ومعاينة مالئكة العذاب"(‪.)37‬‬

‫(‪ )34‬الربهان يف علوم القرآن‪ :‬أليب عبد هللا بدر الدين حممد بن عبد هللا بن هبادر الزركش ــي (ت‪794 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ) حتقيق‪ .‬حممد أبو الفض ــل إبراهيم‪،‬‬
‫طبعة دار إحياء الكتب العربية عيسى الباىب احلليب وشركائه‪ -‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1376‬هـ‪1957 -‬م ‪.407/1‬‬
‫(‪ )35‬التحرير و التنوير‪ :‬للطاهر بن عاشور‪.271/10‬‬
‫(‪ )36‬مفاتيح الغيب‪ :‬للفخر الرازي ‪.103/16‬‬
‫(‪ )37‬البحر احمليط‪ :‬أليب حيان ‪.464/5‬‬

‫‪153‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫ومن تبادل اجلواب من اجلملة االمسية املقرتنة ابلفاء‪ ،‬إىل اجلملة الفعلية املنفية بَل قول هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬م ْن‬
‫لسيِّئَ ِة فَ ََل ُُْي َزى إَِال ِمثْـل ََها َوُه ْم َال يُظْلَ ُمو َن﴾(‪.)38‬‬
‫َجاءَ ِاب ْحلَ َسنَ ِة فَـلَهُ َع ْش ُر أ َْمثَ ِاَلَا‪َ ،‬وَم ْن َجاءَ ِاب َّ‬
‫(من)‪ ،‬وفعالمها واحد (جاء) وهو فعل ماض‬ ‫الناظر يف هذه اآلية الكرمية جيد فيها أسلويب شرط أداهتما واحدة َ‬
‫ألن وقوع اجلواب فيه متوقف على‬ ‫مبين يف حمل جزم فعل الشرط‪ ،‬ومعلوم أن األصل يف الشرط أن يكون مضارعا؛ وذلك َّ‬
‫وقوع الشرط‪ ،‬ومن َمثَّ كان األصل فيه أن يكون للمستقبل‪" ،‬وقد يستعمل املاضي يف الشرط متحقق الوقوع حنو قولك‪:‬‬
‫صرت أمريا ال أهابك)"(‪.)39‬‬ ‫أعطيت ماال خبيل) و(أنت وإن َ‬ ‫َ‬ ‫(أنت وإن‬
‫فمجيء اجلائي ابحلسنة وجميء اجلائي ابلسيئة أمر مقطوع به متحقق الوقوع؛ إذ اخللق مجيعهم مسلمهم وكافرهم‬
‫ال خيلو واحد منهم من التلبس أبحد احلالني؛ إما اجمليء ابحلسنة‪ ،‬وإما اجمليء ابلسيئة‪ ،‬وملا كان ذلك كذلك جاء ابلشرط‬
‫ماضيا للداللة على أن هذا أمر قد وقع وفُرغ منه‪.‬‬
‫وأما مناط التعليق ففي جواب الشرط؛ حيث إن األسلوبني تشاهبا يف األداة والفعل ولكنهما تبادال يف اجلواب‪،‬‬
‫ومن مث وجب البحث وراء جميء اجلواب يف اجلملة األوىل مجلة امسية تقدم فيها اخلرب‪ ،‬وجميء اجلواب يف اجلملة الثانية مجلة‬
‫فعلية منفية بـ(ال)‪ ،‬وبيان ذلك على ما أييت‪:‬‬
‫أن اجلواب األول الذي جاء مجلة امسية تفيد الثبوت والدوام جاء على هذه الصورة لطمأنة هذا الذي يعمل‬ ‫َّ‬
‫الصاحلات‪ ،‬وأييت ابحلسنات على استقرار أجره وثبوته عند ربه الكري حىت يقابل حسنته بعشر أمثاهلا تكرما منه وفضال‬
‫فله عشر أمثاهلا‪ ،‬أي "عشر حسنات أمثاهلا"(‪ ،)40‬فحذف املوصوف‪ ،‬وأقام الصفة مقامه‪ ،‬وحذف املوصوف كثري يف‬
‫الكالم؛ "ولذا أنّث لفظ (العشر)؛ ألن األمثال هاهنا ابملعىن حسنات‪ ،‬وحيتمل أن األمثال أنّث ملا أضيفت إىل مؤنث‪،‬‬
‫وهو الضمري"(‪ )41‬وإمنا حسن التأنيث يف (عشر أمثاهلا) ألن اإلضافة إىل املؤنث إذا كان إايه يف املعىن حسن فيه ذلك‪،‬‬

‫(‪ )38‬سورة األنعام ‪ :‬اآلية ‪. 160‬‬


‫(‪ )39‬شـرح الرضـي على كافية ابن احلاجب‪ :‬لرضـي الدين حممد بن احلسـن االسـرتاابذي (ت‪686 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ) تصـحيح وتعليق‪ .‬يوسـف حسـن عمر‪،‬‬
‫منشورات جامعة قار يونس‪ ،‬بنغازي‪ -‬ليبيا‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1417‬هـ‪1996 -‬م ‪.293/2‬‬
‫(‪ ) 40‬تفس ــري البغوي (معامل التنزيل يف تفس ــري القرآن) حمليي الس ــنة؛ أيب حممد احلس ــني بن مس ــعود البغوي (ت‪510 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ) حتقيق‪ .‬حممد عبد هللا‬
‫النمر‪ ،‬وعثمان مجعة ضــمريية‪ ،‬وســليمان مســلم احلر طبعة دار طيبة للنشــر والتوزيع‪ -‬الســعودية‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1417‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‪1997 -‬م‬
‫‪.211/3‬‬
‫(‪ ) 41‬تفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ابن عطية (احملرر الوجيز يف تفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري الكتاب العزيز) أليب حممد عبد احلق بن غالب بن متام بن عطية األندلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي احملاريب (ت‪:‬‬
‫‪542‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬عبد السالم عبد الشايف حممد‪ ،‬دار الكتب العلمية – بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1422‬هـ ‪.206/5‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪154‬‬
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫حنو(ذهبت بعض أصابعه)(‪ ،)42‬وهذه الزايدة اليت تفضل هللا هبا على عباده هي "أقلُّ ما وعد هللاُ تعاىل من اإلضعاف‪،‬‬
‫وقد وعد ابلواحد سبعمائة‪ ،‬ووعد ثو ًااب بغري حساب‪ ،‬ومضاعفة احلسنات فضل"(‪.)43‬‬
‫وقد أتى بـ(الالم) اليت تفيد املِلك (فله) للداللة على ثبوت ذلك الفضل هلذا اجلائي ابحلسنة‪ ،‬مع ما يف اجلملة‬
‫من الثبوت و التقرر املقوي للمعىن نفسه‪.‬‬
‫وأما جواب اجلملة الثانية؛ وهو جواب اجلائي ابلسيئة‪ ،‬املقابل للجائي ابحلسنة‪ ،‬فقد اختلف تركيب جواب الشرط‬
‫معه اختالفا بيِّنًا؛ فجاء مجلة فعلية فعلها مضارع منفي بـ(ال) (فَال ُْجيَزى إال ِمثْـلَ َها) مبين ملا مل َّ‬
‫يسم فاعله‪.‬‬
‫واملالحظ أن اجلواب هنا خيتلف عن جواب من جاء ابحلسنة من جهة الرتكيب النحوي؛ حيث جاء اجلواب األول‬
‫مجلة امسية إلفادة الثبوت‪ ،‬وجاء اجلواب الثاين مجلة فعلية إلفادة التجدد واحلدوث؛ وكأن يف هذا إملاح إىل عظيم ر ة هللا‬
‫بعباده حيث أعطاهم فرصة للرتاجع واستدراك ما فات من التقصري يف عبادته وطاعته‪ ،‬ولو أتت اجلملة هنا امسية ألوجب‬
‫هللا ملن جاء ابلسيئ ة النار من غري تردد‪ ،‬وملا أبقى له أمال يف العودة إىل ربه الر ن الذي إن اتب العبد وأانب ورجع إليه‬
‫قبله وغفر له‪ ،‬وبدل سيئاته حسنات‪.‬‬
‫ومن لطيف ما ورد يف هذا اجلواب أيضا جميئ فعله (فال ُجيزى) مبنيا ملا مل يسم فاعله؛ وذلك ألن هللا تعاىل ال‬
‫يعف عن السيئة مل جيعل عقاهبا إال مبثلها‪،‬‬
‫يسند الشر إىل نفسه مطلقا يف الكتاب العزيز‪ ،‬مث من ر ته ابلعصاة أنه إن مل ُ‬
‫وال يظلم ربك أحدا‪ ،‬وأكد هذا املعىن ابلقصر الذي وسيلته (ال) و(إال) للداللة على أنه حكم ال حميد عنه‪ ،‬وال رجعة فيه‪.‬‬
‫وقد ذهب غري واحد من املفسرين إىل أن املراد ابحلسنة والسيئة يف اآلية الكرمية هو الكفر واإلميان‪ ،‬أو قول ال‬
‫إله إال هللا والشرك‪ ،‬وأن جزاء احلسنة اجلنة‪ ،‬وجزاء السيئة النار(‪.)44‬‬

‫جاء حبسنة‪ ،‬عظمت كاإلميان ابهلل تعاىل‪ ،‬أو صغرت كإماطة األذى عن‬ ‫ولكن الذي يبدو يل أن اآلية تعم كلَّ ٍ‬
‫الطريق‪ ،‬وكذلك كل ٍ‬
‫جاء بسيئة عظمت كالكفر ابهلل تعاىل‪ ،‬وهذا جزاؤه النار‪ ،‬وال يظلم ربك أحدا‪ ،‬ومن َمثَّ فلن تنفع مع‬

‫(‪ )42‬تفس ــري القرطيب (اجلامع ألحكام ال قرآن) أليب عبد هللا مشس الدين حممد بن أ د ابن أيب بكر بن فرح القرطيب (ت‪671 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪.‬‬
‫أ د الربدوين‪ ،‬وإبراهيم أطفي ‪ ،‬طبعة دار الكتب املصرية– القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1384‬هـ ‪1964 -‬م ‪.150/7‬‬
‫(‪ )43‬الكشاف‪ :‬للزخمشري ‪.83/2‬‬
‫(‪ )44‬اجلــامع ألحكــام القرآن‪ :‬للقرطيب ‪ ،150/7‬ومعــامل التنزيــل‪ :‬للبغوي ‪ ،210/3‬والتفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري الكبري‪ :‬للرازي ‪ ،189/14‬والبحر احمليط‪ :‬أليب‬
‫حيان ‪.700/4‬‬

‫‪155‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫الكفر طاعة‪ ،‬ورمبا صغرت السيئة كسائر ما يقع من املؤمنني املكلفني من الذنوب واملعاصي اليت إ ْن مل يغفرها هللا تعاىل فإنه‬
‫لن جيازي عليها إال مبثلها تكرما منه وتفضال على عباده‪.‬‬
‫ومن لطائف الشرط يف هذه اآلية أنه قال يف فعل الشرط مع الفريقني‪( :‬من جاء) ومل يقل‪ :‬من عمل؛ ليُعلم أن‬
‫النظر إىل ما ُختم به‪ ،‬وقبض عليه دون ما وجد منه من العمل؛ فكأنه قال‪ :‬من ختم له ابحلسنة له عشر أمثاهلا‪ ،‬ومن ختم‬
‫له ابلسيئة فال جيزى إال مثلها وهم ال يظلمون(‪.)45‬‬
‫ويؤيد ما ورد يف اجلوابني قول النيب ـ ـ ـ صلى هللا عليه وسلم ـ ـ فيما رواه عنه أبو هريرة رضي هللا عنه‪ :‬قال‪" :‬إذا‬
‫أحسن أحدكم إسالمه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثاهلا إىل سبعمائة ضعف‪ ،‬وكل سيئة يعملها تكتب له مبثلها‬
‫حىت يلقى هللا عز وجل"(‪.)46‬‬
‫مبعان خفية طواها الرتكيب‬ ‫وهبذا يتضح لنا كيف تغريت املعاين ابلتبادل بني اجلوابني‪ ،‬وكيف ارتبط اختيار اجلواب ٍ‬
‫حتت عباءته السابغة‪.‬‬
‫ومن تبادل اجلواب من اجلملة االمسية املقرتنة ابلفاء‪ ،‬إىل اجلملة الفعلية املقصورة إبمنا‪ ،‬قول هللا تعاىل‪﴿:‬إِ َّان‬
‫ِ‬ ‫اب لِلن ِ‬
‫ت َعلَْي ِه ْم بَِوكِ ٍيل﴾(‪.)47‬‬ ‫ِ‬ ‫َّاس ِاب ْحلَ ِّق فَ َم ِن ْاهتَ َدى فَلنَـ ْف ِس ِه َوَم ْن َ‬ ‫أَنْـزلْنَا علَي َ ِ‬
‫ض َّل فَِإ َمنَا يَض ُّل َعلَ ْيـ َها َوَما أَنْ َ‬ ‫ك الْكتَ َ‬‫َ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كييب شرط تبادل جواهبما فجاء األول مجلة امسية حذف مبتدؤها (فَ َمن ْاهتَ َدى فَلنَـ ْفسه)‪،‬‬ ‫اشتملت هذه اآلية على تر ْ‬
‫ِ‬
‫ض َّل فَإَِّمنَا يَض ُّل َعلَْيـ َها)‪.‬‬
‫(وَم ْن َ‬ ‫وجاء الثاين مجلة فعلية مقصورة ب َّ‬
‫ـ(إمنا) َ‬
‫وقد جاء جواب اجلملة األوىل مجلة امسية والتقدير فهداه لنفسه‪ ،‬ونفعه يعود إليه(‪ )48‬وإمنا أتى ابجلملة األوىل امسية‬
‫أن ما له مما ينفعه فبهداية هللا وتوفيقه‪ ،‬وهذا حكم‬ ‫دالة على الثبوت لطمأنة املهتدي على أجره وأنه لن يضيع منه شيء‪ ،‬و َّ‬
‫عام لكل مكلف‪ ،‬وابتُدئ فيه خبطاب النيب ـ ـ صلى هللا عليه وسلم ـ ـ ألنه إذا دخل حتته مع جاللة حمله كان غريه أوىل‬
‫به(‪.)49‬‬

‫(‪ )45‬البحر احمليط‪ :‬أليب حيان ‪.701/4‬‬


‫(‪ ) 46‬ص ــحيح مس ــلم (املس ــند الص ــحيح املختص ــر بنقل العدل عن العدل إىل رس ــول هللا ص ــلى هللا عليه وس ــلم)‪ :‬أليب احلس ــن مس ــلم بن احلجاج‬
‫القشريي النيسابوري (ت‪261 :‬ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬طبعة دار إحياء الرتاث العريب– بريوت‪( ،‬د‪.‬ط) (د‪.‬ت) ابب(إذا‬
‫هم العبد حبسنة كتبت‪ ،‬وإذا هم بسيئة مل تكتب) حديث رقم(‪.117/1)205‬‬
‫(‪ )47‬سورة الزمر‪ :‬اآلية ‪.41‬‬
‫(‪ )48‬مفاتيح الغيب (التفسري الكبري) لفخر الدين الرازي ‪.455/26‬‬
‫(‪ )49‬البحر احمليط‪ :‬أليب حيان ‪.564/8‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪156‬‬
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫مث أتى جبواب الشرط يف اجلملة الثانية مجلة فعلية مقصورة بـ(إمنا) املوضوعة ملا ال جيهله املخاطب أو ما ينزل منزلته‪،‬‬
‫واليت أتيت إثباات ملا يذكر بعدها‪ ،‬ونفيا ملا سواه‪ ،‬ومثله قوله تعاىل‪( :‬إَِّمنا َحَّرَم َعلَْي ُك ُم ال َْمْيـتَةَ) الذي معناه‪ :‬ما حرم عليكم إال‬
‫أبن من ضل فلن يضل إال على نفسه(‪.)51‬‬ ‫امليتة(‪ ،)50‬وهذا يعين أن جواب الشرط ملا جاء مصدرا إبمنا أفاد التوكيد َّ‬
‫أن صيغة القصر يف قوله‪( :‬ومن ضل فإمنا يضل عليها) "لتنزيل الرسول ـ ـ صلى هللا عليه‬ ‫ويرى اإلمام ابن عاشور َّ‬
‫وسلم ـ ـ يف أسفه على ضالهلم املفضي هبم إىل العذاب منزلة من يعود عليه من ضالهلم ضر‪ ،‬فخوطب بصيغة القصر‪ ،‬وهو‬
‫قصر قلب على خالف مقتضى الظاهر"(‪.)52‬‬
‫ولذا ذيَّل اآلية كلها جبملة (وما أنت عليهم بوكيل) املعطوفة على مجلة (فمن اهتدى فلنفسه)؛ أي لست مأمورا‬
‫إبرغامهم على االهتداء‪ ،‬فصيغ هذا اخلرب يف مجلة امسية للداللة على ثبات حكم هذا النفي(‪.)53‬‬
‫أن جميء جواب الشرط مجلة امسية دالة على الثبوت واالستقرار غري مقصورة يف اجلملة‬ ‫وأرى ـ ـ وعند هللا العلم كله ـ ـ َّ‬
‫أن أجر اهلُدى وفضله يكون للمهتدي من غري قصر أجره عليه؛ إذ رمبا يشرتك غريه معه يف أجر‬ ‫إملاح إىل َّ‬
‫األوىل بل فيه ٌ‬
‫هداه‪ ،‬خبالف الظالل الذي ال يكون إال على صاحبه نفسه‪ ،‬وذلك أن احلسنة بعشر أمثاهلا ويزيد هللا ملن يشاء‪ ،‬والسيئة‬
‫مبثلها وقد يعفو ربنا ويصفح تفضال منه وكرما‪ ،‬والذي أملح إىل هذا هو التبادل بني اجلوابني برتك القصر يف األول والقصر‬
‫يف الثاين‪.‬‬

‫خامتة البحث‬
‫***‬
‫لقد حاول هذا البحث أن يقدم حتليال لبناء أسلوب الشرط الذي تكررت فيه مجلتا شرط‪ ،‬عن طريق تبادل‬
‫اجلوابني يف اجلملتني‪ ،‬والفروق الداللية بينهما‪ ،‬ومدى اتساق هذا التبادل مع القواعد املقررة عند النحاة‪ ،‬وقد تكشفت يل‬
‫من خالل هذا البحث مجلة نتائج أمهها ما أييت‪:‬‬

‫(‪ )50‬الطراز‪ :‬للعلوي ‪.107/2‬‬


‫(‪ )51‬البحر احمليط‪ :‬أليب حيان ‪.565/8‬‬
‫(‪ )52‬التحرير و التنوير ‪.22/24‬‬
‫(‪ )53‬املرجع السابق ‪ :‬نفسه‪.‬‬

‫‪157‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫أن مثَّة ارتباطا وثيقا بني مجلة اجلواب ومجلة الشرط؛ إذ َّ‬
‫إن كلتيهما مرتبطة ابألخرى ومتعلقة عليها‪ ،‬وهذا يعين‬ ‫‪َّ -1‬‬
‫تبادل جوابني يف تركييب شرط متجاورين يدل على مرونة القواعد النحوية واتساعها‪ ،‬كما يدل على قيم‬ ‫أن َ‬
‫تعبريية مقصودة‪.‬‬
‫أن التبادل بني اجلمل االمسية وا جلمل الفعلية يف جواابت الشرط يفيد ما تفيده داللة اجلملة املعرب عنها يف‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫اجلواب‪ ،‬فلو كانت امسية أفادت الثبوت يف اجململ‪ ،‬ولو كانت فعلية أفادت التجدد يف اجململ‪.‬‬
‫أن املوازنة بني مجليت جواب الشرط يفيد اشرتاكهما يف معىن سياقي عام ومعىن تركييب خاص‪ ،‬وهذا يدل على‬ ‫‪َّ -3‬‬
‫املناسبة الدقيقة بني الرتكيب والعالقات الداللية اليت تربطه مبا قبله وما بعده‪.‬‬
‫عما يبدو أصال يف الرتاكيب النحوية يتم بناء على اختيارات لغوية واعية‪ ،‬وراءها أهداف معنوية‬ ‫‪َّ -4‬‬
‫أن اخلروج َّ‬
‫مقصودة‪.‬‬
‫أن حتليل الرتاكيب النحوية ال يقتصر على كتب النحو بل تشاركها فيه كتب الداللة والبالغة والتفسري‪.‬‬ ‫‪َّ -5‬‬

‫املصادر واملراجع‬
‫***‬
‫اإلتقان يف علوم القرآن‪ :‬جلالل الدين عبد الر ن بن أيب بكر السيوطي (ت‪911:‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬حممد أبو الفضل‬ ‫‪-1‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬طبعة اهليئة املصرية العامة للكتاب‪ -‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1394‬هـ‪1974 -‬م‬
‫إرشاد العقل السليم إىل مزااي الكتاب الكري (تفسري أيب السعود)‪ :‬أليب السعود العمادي حممد بن حممد بن‬ ‫‪-2‬‬
‫مصطفى (ت‪982 :‬هـ)‪ ،‬طبعة دار إحياء الرتاث العريب– بريوت‪( ،‬د‪.‬ط) (د‪.‬ت)‪.‬‬
‫إعراب القرآن وبيانه‪ :‬حميي الدين بن أ د مصطفى دروي (ت‪1403:‬هـ) طبعة دار اإلرشاد للشئون اجلامعية‬ ‫‪-3‬‬
‫ص‪-‬سورية ودار اليمامة‪ ،‬دمشق‪ -‬بريوت‪ ،‬ودار ابن كثري‪ ،‬دمشق‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1415‬ه‪.‬‬
‫اإليضاح يف علوم البالغة‪ :‬أليب املعايل جالل الدين القزويين حممد بن عبد الر ن بن عمر(ت‪739 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‬ ‫‪-4‬‬
‫د‪ .‬حممد عبد املنعم خفاجي‪ ،‬طبعة دار اجليل – بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪ -5‬البحر احمليط يف التفسري‪ :‬أليب حيان أثري الدين حممد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان األندلسي (ت‪:‬‬
‫‪745‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬صدقي حممد مجيل‪ ،‬طبعة دار الفكر – بريوت‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1420‬هـ‪.‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪158‬‬
‫جملة جامعة بيشة للعلوم اإلنسانية والرتبوية‪ ،‬العدد الثامن (رجب ‪1442‬هـ‪-‬مارس ‪2021‬م)‪ ،‬ص ص ‪160 –137‬‬

‫‪ -6‬الربهان يف علوم القرآن‪ :‬أليب عبد هللا بدر الدين حممد بن عبد هللا بن هبادر الزركشي (ت‪794 :‬هـ) حتقيق‪.‬‬
‫حممد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬طبعة دار إحياء الكتب العربية عيسى الباىب احلليب وشركائه‪ -‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1376‬هـ‪1957 -‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬التحرير والتنوير(حترير املعىن السديد وتنوير العقل اجلديد من تفسري الكتاب اجمليد) للشيك حممد الطاهر بن‬
‫حممد بن حممد الطاهر بن عاشور التونسي(ت‪1393 :‬هـ) طبعة الدار التونسية للنشر– تونس ‪1984‬هـ‪.‬‬
‫‪ -8‬تفسري ابن عطية (احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز) أليب حممد عبد احلق بن غالب بن متام بن عطية‬
‫األندلسي احملاريب (ت‪542 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬عبد السالم عبد الشايف حممد‪ ،‬دار الكتب العلمية – بريوت‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪1422‬هـ‪.‬‬
‫‪ -9‬تفسري البغوي (معامل التنزيل يف تفسري القرآن) حمليي السنة؛ أيب حممد احلسني بن مسعود البغوي (ت‪510 :‬هـ)‬
‫حتقيق‪ .‬حممد عبد هللا النمر‪ ،‬وعثمان مجعة ضمريية‪ ،‬وسليمان مسلم احلر طبعة دار طيبة للنشر والتوزيع‪-‬‬
‫السعودية‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1417‬هـ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬تفسري القرطيب (اجلامع ألحكام القرآن) أليب عبد هللا مشس الدين حممد بن أ د ابن أيب بكر بن فرح القرطيب‬
‫(ت‪671 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬أ د الربدوين‪ ،‬وإبراهيم أطفي ‪ ،‬طبعة دار الكتب املصرية– القاهرة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪1384‬هـ ‪1964 -‬م‪.‬‬
‫تفسري املاتريدي (أتويالت أهل السنة)‪ :‬أليب منصور حممد بن حممد بن حممود املاتريدي (ت‪333 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‬ ‫‪-11‬‬
‫د‪ .‬جمدي ابسلوم‪ ،‬طبعة دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1426‬هـ‪2005 -‬م‪.‬‬
‫دالئل اإلعجاز‪ :‬أليب بكر عبد القاهر بن عبد الر ن بن حممد الفارسي اجلرجاين(ت‪471 :‬هـ) حتقيق الشيك‬ ‫‪-12‬‬
‫‪ .‬حممود حممد شاكر‪ ،‬طبعة مطبعة املدين‪ -‬القاهرة‪ ،‬دار املدين‪-‬جدة‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1413‬هـ‪1992 -‬م‪.‬‬
‫شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ :‬البن عقيل عبد هللا بن عبد الر ن اهلمذاين املصري (ت‪769 :‬هـ)‪،‬‬ ‫‪-13‬‬
‫حتقيق‪ .‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪ ،‬طبعة دار الرتاث‪ -‬القاهرة‪ ،‬دار مصر للطباعة‪ ،‬سعيد جودة السحار‬
‫وشركاه‪ ،‬الطبعة العشرون‪1400‬هـ‪1980 -‬م‬
‫شرح الرضي على كافية ابن احلاجب‪ :‬لرضي الدين حممد بن احلسن االسرتاابذي (ت‪686 :‬هـ) تصحيح‬ ‫‪-14‬‬
‫وتعليق‪ .‬يوسف حسن عمر‪ ،‬منشورات جامعة قار يونس‪ ،‬بنغازي‪ -‬ليبيا‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1417‬هـ‪1996 -‬م‪.‬‬
‫شرح قطر الندى وبل الصدى‪ :‬جلمال الدين عبد هللا بن يوسف بن أ د ابن عبد هللا ابن يوسف بن هشام‬ ‫‪-15‬‬
‫(ت‪761:‬هـ) حتقيق‪ .‬حممد حمىي الدين عبد احلميد‪ ،‬طبعة دار اخلري السعودية‪ ،‬الطبعة األوىل‪1990-1410‬م‪.‬‬

‫‪159‬‬ ‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬
‫بدر املرشدي‪ :‬التبادل بني جواابت الشرط يف القرآن الكري‬

‫‪ -16‬شرح املفصل للزخمشري‪ :‬أليب البقاء موفق الدين يعي بن علي بن يعي ابن أيب السرااي حممد بن علي األسدي‬
‫املوصلي‪ ،‬املعروف اببن يعي واببن الصانع (ت‪643 :‬هـ)‪ ،‬قدم له د‪ .‬إميل بديع يعقوب‪ ،‬طبعة دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بريوت– لبنان‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1422‬هـ ‪2001 -‬م‬
‫‪ -17‬صحيح مسلم (املسند الصحيح املختصر بنقل العدل عن العدل إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم)‪ :‬أليب‬
‫احلسن مسلم بن احلجاج القشريي النيسابوري (ت‪261 :‬هـ) حتقيق‪ .‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬طبعة دار إحياء‬
‫الرتاث العريب– بريوت‪( ،‬د‪.‬ط) (د‪.‬ت)‬
‫‪ -18‬الطراز ألسرار البالغة وعلوم حقائق اإلعجاز‪ :‬للعلوي حيىي بن زة بن علي بن إبراهيم احلسيين الطاليب (ت‪:‬‬
‫‪745‬هـ)‪ ،‬طبعة املكتبة العنصرية – بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1423‬ه‪.‬‬
‫‪ -19‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل يف وجوه التأويل‪ :‬جلار هللا أيب القاسم حممود بن عمرو بن أ د‬
‫الزخمشري (ت‪538 :‬هـ)‪ ،‬حتقيق‪ .‬عبد الرزاق املهدي‪ ،‬طبعة دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل ‪1417‬هـ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫‪ -20‬الكليات معجم يف املصطلحات والفروق اللغوية‪ :‬أليب البقاء الكفوي أيوب بن موسى احلسيين القرميي‬
‫احلنفي(ت‪1094:‬هـ) حتقيق‪ .‬عدانن دروي ‪ -‬حممد املصري طبعة مؤسسة الرسالة – بريوت‪( ،‬د‪.‬ط) (د‪.‬ت)‪.‬‬
‫‪ -21‬اللباب يف علل اإلعراب والبناء‪ :‬حملب الدين البغدادي أيب البقاء عبد هللا بن احلسني ابن عبد هللا العكربي (ت‪:‬‬
‫‪616‬هـ)‪ ،‬حتقيق غازي خمتار طليمات‪ ،‬طبعة دار الفكر‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1416‬هـ‪1995 -‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬خمتصر املعاين لشرح تلخيص املفتاح‪ :‬لسعد الدين مسعود بن عمر بن عبد هللا التفتازاين (ت‪793:‬هـ) طبعة‬
‫دار الفكر‪ -‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1411‬هـ‪.‬‬
‫‪ -23‬مفاتيح الغيب (التفسري الكبري) لفخر الدين الرازي أيب عبد هللا حممد بن عمر بن احلسن بن احلسني التيمي‬
‫امللقب خبطيب الري (ت‪606 :‬هـ)‪ ،‬طبعة دار إحياء الرتاث العريب – بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1420‬هـ‪.‬‬

‫‪https://www.ub.edu.sa/web/dsr/08/04‬‬ ‫‪160‬‬

You might also like