You are on page 1of 6

‫أسلوب الشرط عند األوردبادي ‪...

‬دراسة يف األداء‬
‫األسلوبي‬

‫زينب حسن محود‬

‫أ‪.‬د‪ .‬سرحان جفات سلمان‬


‫جامعة القادسية كلية الرتبية‬
‫‪Gehanali094@gmail.com‬‬
‫‪‬‬ ‫أسلوب الشرط عند األوردبادي ‪...‬دراسة يف األداء األسلوبي‬ ‫‪‬‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫يدور هذا البحث حول أسلوب الشرط في شعر االوردبادي ‪ ،‬الذي ضم معظم الموضوعات الشعرية في ديوانه ‪ ،‬حيث احتلت الجملة الشرطية‬
‫نسبة البأس فيها في ديوانه الشعري ‪ ،‬باعتبارها أحد المالمح االسلوبية البارزة‪ ،‬وسوف نقف على أهم التراكيب الشرطية في شعر االوردبادي ‪،‬‬
‫ثم وضحت نتائج البحث فضالً عن قائمة المصادر والمراجع على وفق الحروف الهجائية ‪.‬‬
‫املقدمة‪:‬‬
‫الشرط تعليق حدث على حدث‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬ربط حدثين برابط السببية‪ ،‬بحيث يكون األول سبباً للثاني‪ ،‬ويكون الثاني ُمسبباً عن األول(‪،)1‬‬
‫والشرط‪ :‬ترتيب أمر آخر بأداة‪ ،‬وأدوات الشرط‪ :‬األلفاظ التي تستعمل في هذا الترتيب مثل‪ :‬إن‪ ،‬ومن‪ ،‬ومهما(‪ ،)2‬وورد في المقتضب معنى‬
‫الشرط‪ :‬وقوع الشيء لوقوع غيره(‪ .)3‬وأسلوب الشرط أسلوب من أساليب الكالم نحو أساليب االستفهام والتوكيد والنفي والتعجب وغيرها‪ ،‬وقد أطلق‬
‫سيبويه وبعض النحاة على الشرط مصطلح الجزاء(‪.)4‬وأطلق الرماني مصطلح الشرط على الجزء األول من التركيب الشرطي‪ ،‬والجزاء على الجزء‬
‫الثاني؛ ألن مضمون الثانية جزاء لمضمون األولى(‪.)5‬واستعمل ابن جني مصطلح جواب الشرط مطلقاً إياه على الجزء الثاني من التركيب(‪)6‬إن‬
‫الشرط اسلوب لغوي يقوم على جزأين‪ ،‬يتسبب الجزء األول‪ ،‬وهو جملة الشرط‪ ،‬في وجود الثاني‪ ،‬وهو الجزاء أو الجواب‪ ،‬فأسلوب الشرط يتكون‬
‫من ثالثة أركان هي‪ :‬أداة الشرط‪ ،‬جملة الشرط‪ ،‬وجملة جواب الشرط أو جز ِ‬
‫ائه‪.‬‬
‫أسلوب الشرط عند األوردبادي‪:‬‬
‫الشرط عند "األوردبادي" أحد المالمح األسلوبية البارزة والرئيسة‪ ،‬حيث اتكئ الشاعر عليه في كثير من تعابيره الشعرية‪ ،‬إذ نجد هذا األسلوب‬
‫يكاد يطول معظم ديوانه ليحمل داللة تفيض انفعاالً وتأثي اًر‪ ،‬حيث تظهر الجملة الشرطية في (أربعة وأربعين ومائة ‪ )144‬موضعاً من شع ِره‪،‬‬
‫وبنسبة ( ‪ ،)%‬وذلك دليل على غنى شعر "األوردبادي" بالتراكيب الشرطية‪ ،‬وغنى ِ‬
‫هذه التراكيب في ذاتها وتعدد ألوانها وداللتها في التركيب‬
‫السبل المفضية إلى تكثيف البنية الحركية في الشعر بما يعكس حيوية هذا الشعر وتجدده ونسق الشرط في شعر "األوردبادي"‬
‫الشرطي من أهم ُ‬
‫قد ضم معظم الموضوعات الشعرية‪ ،‬غير أن الالفت للنظر ارتفاع نسبة استخدام النسق الشرطي بشكل واضح في سياق المدح‪ ،‬ولعل ذلك‬
‫يرجع إلى "طبيعة هذا الموضوع في ِ‬
‫ذاته وما يحمل من قدر كبير من المبالغة والتزّيد والغلو‪ ،‬تلك الصفات التي يحاول الشعراء كبح جماحها‬
‫المد‬ ‫ِ‬
‫باالستفادة من داللة التقييد في التركيب الشرطي‪ ،‬فضالً عن إتساق التركيب الشرطي بما يتميز به من جزاء فترتب على فعل مع حركة ّ‬
‫والجزر التي تحكم العالقة بين المتحابين"(‪ .)7‬وعلى هذا األساس تكمن قيمة نسق الشرط في تجسيد الداللة التي تدور في ذهن الشاعر‪ ،‬وإيقاظ‬
‫ِ‬
‫بدمجه في خضم العمل االبداعي‪ ،‬وقد استخدم الشعراء في التركيب‬ ‫ذهن المتلقي من خالل هذا األسلوب إلى أن يكون فاعالً في العمل األدبي‬
‫من – لو – لوال) في شعر "األوردبادي" ملمحاً أسلوبياً شديد الوضوح‪ ،‬وفيما يلي ندرج‬‫الشرطي أدوات عدة‪ ،‬وقد ش ّكلت األدوات (إذا – إن – ْ‬
‫بعض أروع نماذجها‪ ،‬حيث يقول في مدح أبي جعفر محمد بن اإلمام علي الهادي (عليهما السالم)‪:‬‬
‫مثوى‬
‫بدجيل ً‬
‫َ‬ ‫ظف الحيا‬
‫سقت ُن ُ‬
‫ْ‬
‫حوى ْ‬
‫من هاش ٍم شرفاً وع اًز‬
‫ئ الورى بنواك يوماً‬
‫لئن ُرز َ‬
‫ْ‬
‫أصبح فيك ُير از‬
‫َ‬ ‫الدين‬
‫فإن َ‬ ‫َّ‬
‫صنوك الزاكي إماماً‬
‫َ‬ ‫ولوال‬
‫منك ْندباً مستف از‬
‫أللفوا َ‬
‫للجَّلى مالذاً‬
‫قصدوك ُ‬
‫َ‬ ‫إن‬
‫وْ‬
‫فِإ َ‬
‫نك عندها أكفا وأج از‬
‫ناوو ُك ُم ُحمقاً وجهالً‬
‫فإن ْ‬
‫ومز‬
‫ساوْوُك ُم حذقاً ّا‬
‫فما َ‬
‫اكم‬
‫بمدحك ُم سو ْ‬
‫ُ‬ ‫إن قصدوا‬
‫وْ‬
‫فعنه ْم مدحتي وهواي ف از‬
‫(‪)8‬‬
‫ُ‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪‬‬ ‫أسلوب الشرط عند األوردبادي ‪...‬دراسة يف األداء األسلوبي‬ ‫‪‬‬
‫يقوم هذا النص على االستخدام المكثف لنسق الشرط عبر األدوات (إن‪ ،‬لوال)‪ ،‬حيث عمل هذا النسق على تجسيد الداللة التي يسعى الشاعر‬
‫إلى إيصالها‪ ،‬فضالً عن دمج المتلقي في العمل االبداعي من خالل مختلف الرؤى التي تضمنتها األبيات‪.‬‬
‫وقد ساهم تراكم أدوات الشرط على مستوى األبيات في تكثيف الجانب الداللي‪ ،‬حيث تعرض الشاعر لوصف ممدوحه في سياق شحنت‬
‫المبالغة في التعظيم معانيه‪ ،‬مما أنعكس ذلك على خيارات لغته الشعرية‪ ،‬فكان للنسق الشرطي ِ‬
‫فيه أثره البالغ ودوره الفاعل في تجسيد معظم‬
‫الجوانب الداللية بفاعلية أكثر‪ ،‬فاسباغ الشاعر معظم مواقف التعظيم والتبجيل ‪ ...‬على مديحه لم يكن ليكون على هذا النحو من التأثير لوال‬
‫ِ‬
‫بخطابه الشعري درجة عالية في سلمي اإلبداع واإلقناع معاً وبالعودة إلى أبيات الشاعر‬ ‫تركيز الشاعر على مثل هذا النسق الشرطي الذي ارتقى‬
‫إنما لتؤشر بسمة أسلوبية ساندة عملت على دعم الداللة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نجد أن االنساق الشرطية لم تأت بهذه السمة التراكمية لتعكس قصر الفاعلية الشعرية‪ّ ،‬‬
‫وإحكام النسيج التركيبي‪ ،‬وإن اخالل أي سمة من ِ‬
‫هذه السمات يؤدي إلى حدوث خلل داللي ألن السياق العام الذي يحكم النص أدى إلى إبراز‬
‫ها النسق(‪ .)9‬وفي موشحة في سياق يمدح الشاعر فيه اإلمام السبط الحسين (‪ )‬في ذكرى مولده يقول‪:‬‬
‫الح‬ ‫ِ‬
‫فبدر السعد ْ‬
‫حي شعبان ُ‬ ‫ّ‬
‫والهنا والبشر ِ‬
‫فيه اعتنقا‬ ‫ُ‬
‫أباح‬ ‫ِ‬
‫الخمر ْ‬ ‫شرعُ هوى‬
‫وإذا ْ‬
‫ص‬
‫الن َ‬
‫تقل حرَّمها شرعُ ُ‬
‫ال ْ‬
‫الجدب‬
‫ُ‬ ‫الكأس عالها‬
‫ُ‬ ‫وإذا‬
‫بذ ِت الشهب ِ‬
‫به والفلكا‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫اح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تساج ْل أبدت الفخر الصر ْ‬ ‫إن‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫لشمس الدين أبدت مشرقا‬ ‫إذ‬
‫المسيح‬ ‫ساد‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫يكن في المهد قد َ‬
‫إن ُ‬
‫ْ‬
‫أعظم‬ ‫منه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫سين المجد ُ‬
‫فح ُ‬‫ُ‬
‫شديد‬ ‫لو أوى ُ‬
‫منه إلى ركن ْ‬
‫ط الستكفى مريداً ثارهُ‬
‫لو ُ‬
‫وإذا العاني بمثواهُ استغاث‬
‫ِ (‪)10‬‬
‫أودع في تربته‬
‫َ‬ ‫فالشفا‬
‫إن‪ ،‬لو) في بداية كل بيت‪ ،‬فعالقة الترابط‬
‫أهميته الشعرية عبر تلك التراكمات القائمة على األدوات (إذا‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫في هذا النص يكتسب تركيب الشرط‬
‫الشرطية – هنا – قد تحققت في البيت الثاني بين فعل الشرط (شرع) وجوابه (أباح)‪ ،‬وبين فعل الشرط (الكأس) في البيت الثالث وجوابه ِ‬
‫(بذت)‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ‬
‫سين)‪ ،‬أما البيت السادس‬
‫(فح ْ‬ ‫(أبد ِت) في البيت الرابع‪ ،‬وفي البيت الخامس بين فعل الشرط ُ‬
‫(يك ْن) وجوابه ُ‬ ‫ساجل) وجوابه َ‬
‫وبين فعل الشرط (تُ ْ‬
‫بين فعل الشرط (أوى) وجوابه (لوط‪ ،‬الستكفى)‪ ،‬وأخي اًر البيت السابع بين فعل الشرط (العاني) وجوابه (فالشفا)‪ ،‬فالدوال التي تقوم من خالل هذا‬
‫الترابط تحمل مؤشرات داللية تؤكد مالمح الجود والكرم‪ ،‬الل ّذين يتحلى بهما ممدوح الشاعر‪ ،‬كما توضح مبلغ الحب الذي تكنه الرعية لهذا الملك‬
‫ِ‬
‫ممدوحه اإلمام الحسين (‪ )‬سيما بصفة الجود والكرم‪ ،‬وهو ما يتضح في‬ ‫الجواد‪ ،‬فالفضاء التعبيري – هنا – عكس إحساس الشاعر بأخالق‬
‫كل من البيتين السادس والسابع‪ ،‬حيث حاول الشاعر تأكيد ِ‬
‫هذه الصفة من خالل أداة الشرط (لو‪ ،‬إذا)‪ ،‬حيث تشير (لو) إلى المستقبل‪ ،‬فيؤكد‬
‫ِ‬
‫ممدوحه ليست وليدة ظروف آنية إنما تنصرف إلى المستقبل‪ ،‬وهنا تتضح فعالية الشرط في تجسيد المعاني في إطار‬ ‫الشاعر أن ِ‬
‫هذه الصفة في‬
‫كما يتوضح في النسق الشرطي عند "األوردبادي" شبكة من‬ ‫مجازي ساهم في إعطاء الداللة مفهوماً أعمق‪ ،‬سيما في البيتين الثالث والرابع‪.‬‬
‫العالقات المرتبطة بالمستويات الثالثة (الصوتي‪ ،‬التركيبي‪ ،‬الداللي)‪ ،‬ومن شأن هذا التعانق أن يمنح النص الشعري أسلوبه المميز‪ ،‬ويقول‬
‫"األوردبادي" في سياق رثاء العالم الجليل السيد علي الرضوي التبريزي‪:‬‬
‫ِ‬
‫معهد‬ ‫ِ‬
‫كل‬
‫المجد في ّ‬
‫العلى و ُ‬ ‫نعاهُ ُ‬
‫بخطب م ِ‬
‫جدد‬ ‫ٍ‬ ‫فأبكى الورى شجواً‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وجهه‬ ‫فإن ُقْلتُ ُم ِعْل ٌم فغرَّة‬
‫ْ‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪‬‬ ‫أسلوب الشرط عند األوردبادي ‪...‬دراسة يف األداء األسلوبي‬ ‫‪‬‬
‫وإن قْلتُم ِحْلم فطوق الم ِ‬
‫قلد‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ ُ ٌ‬
‫ِلئ ْن غسلوهُ فهو كان ُمطه اًر‬
‫الغ ِّر المضيئة في الندي‬ ‫ِ‬
‫بأخالقه ُ‬
‫يزل‬ ‫ِ‬
‫الدهر لم ْ‬ ‫إن كفنوهُ فهو في‬
‫وْ‬
‫ِ‬
‫وتعبد‬ ‫نهر‬
‫تطلع في ُبردي ً‬
‫ال نشرهُ‬
‫إن حنطوهُ فهو ما ز َ‬
‫وْ‬
‫(‪)11‬‬
‫مر النسي ِم ويغتدي‬ ‫يروح ِ‬
‫به ُّ‬ ‫ُ‬

‫إن السياق القائم بفضل أداة الشرط (إن) عمل على تجسيد الداللة على هيئة خاصة‪ ،‬فذلك التعانق الذي تجسد بوضوح بين النسق الشرطي‬
‫وحلم) في البيت الثاني‪ ،‬فضالً عن التماثل الصوتي بفعل تكرار النسق‬
‫(علم‪ٌ ،‬‬
‫والمستويات األخرى‪ ،‬فيتبين التجانس الصوتي بين جوابي الشرط ٌ‬
‫الذي يدل على الشرط – هنا – ورد متواشجاً مع داللة النص في فعل الشرط لكل من (غسلوهُ‪ ،‬وكفنوهُ‪ ،‬وحنطوهُ) في األبيات الثالث والرابع‬
‫هذه التجمعات الصوتية إنما تندرج ضمن السياق الشرطي المؤسس لألبيات‪ ،‬حيث ساهم في تفعيل حركة النص وإثراء دالالته‪،‬‬‫والخامس‪ ،‬وجميع ِ‬
‫فضالً عن التالحم التركيبي والصوتي الذي جسدهُ هذا االقتران‪ ،‬فقد خلق تالحماً داللياً‪ ،‬فضالً عن تكرار فعلي الشرط (ُقلتُ ُم) في البيت الثاني‪،‬‬
‫(فهو) في األبيات الثالث والرابع والخامس‪ ،‬فهذا التكرار‪ ،‬فهذا التكرار يتضمن نوعاً من االنسجام بين المعنى‬ ‫وتكرار جواب الشرط ثالث مرات َ‬
‫السياقي ودقة اللفظ‪ ،‬فهذا الدال المكرر يحمل طاقة انفعالية ذات درجة عالية من التأثير فالتكرار في هذا التشكيل يومئ بأن الشاعر يدور في‬
‫فلك فكرة معينة ال يريد أن يخرج عليها‪ ،‬بل يعززها كلما أُتيح له ذلك‪ ،‬حيث رسم الشاعر لوحة نفسية معبرة من خاللها استطاع أن يخلع إحساسه‬
‫الحزين على متلقيه‪ ،‬فضالً عن إعجاب الشاعر بفضائل ِ‬
‫هذه الشخصية المهمة محور االهتمام‪ ،‬من خالل التعظيم والتبجيل ‪ ،...‬وهنا يتضح‬
‫فيه‪ ،‬ذلك أن "كثي اًر ما تتوقف قيمة الشاعر على قدر ِ‬
‫ته في‬ ‫ته إلى المتلقي‪ ،‬وكان لنسق الشرط دو اًر فاعالً ِ‬
‫أن الشاعر قد وفق في إيصال فكر ِ‬
‫هذه اللغة في خلق إحساس لدى المتلقي يعادل‬ ‫استغالل االمكانات الفكرية الكامنة في اللغة ونجاحه في ضوء توظيف الطاقات الموحية في ِ‬
‫وهنا يتضح أن التالحم بين الصوت والتركيب والداللة قد عمل على تفاعل النص وإبراز القيمة‬ ‫إحساسه هو حال عملية اإلبداع"(‪.)12‬‬
‫األسلوبية للنسق الشرطي في توليد الداللة وتعميقها‪ .‬ويقول أيضاً في سياق يمدح فيه أبي جعفر محمد بن اإلمام علي الهادي (‪:)‬‬
‫ِ‬
‫سعده‬ ‫تؤم دارة‬ ‫لِ ِ‬
‫الوفود ُ‬
‫ُ‬ ‫من‬
‫بغامر ر ِ‬
‫فده‬ ‫ِ‬ ‫فتؤوب ُمثقلةُ‬
‫ُ‬
‫وإذا حبا فالبحر بعض نو ِ‬
‫اله‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وإذا احتبى فالطود دن مسدهِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫شقيقه‬ ‫لوال اإلمامةُ للزكي‬
‫الدين عاقد ِ‬
‫بنده‬ ‫وافى بأمر ِ‬
‫َ‬
‫فلئن عد ْت ُه فما عد ْت ُه جاللةٌ‬
‫ْ‬
‫عنها تنم مهابةٌ في ِ‬
‫لحده‬ ‫ُ‬
‫العلى‬
‫قاسه بسواهُ في شوط ُ‬
‫ُ‬ ‫من‬
‫ْ‬
‫ِ (‪)13‬‬
‫يف لدى الفخار بعبده‬‫قاس الشر َ‬
‫َ‬
‫ساهم أسلوب الشرط في جعل الداللة في هذا النص تكون أكثر فاعلية‪ ،‬وذلك من خالل تواشج أكثر من أداة (إذا‪ ،‬لوال‪ ،‬إن‪ْ ،‬‬
‫من)‪ ،‬حيث جسدت‬
‫نواة الداللة الشعرية في هذا النص‪ .‬فهذا النسق التراكمي ألدوات الشرط قد منح النص قيمة لسانية‪ ،‬فاستطاع الشاعر من خالل ِ‬
‫هذه األدوات‬
‫التي ساقها أن يعمق المعنى الذي أراد أن ينقله إلى المتلقي بطريقة تنقل السامع إلى حالة ذهنية عميقة يتصور من خاللها صورة متفردة لشجاعة‬
‫وتقوم مفردات النسق الشرطي في هذا النص على كل من (حبا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ممدوحه‪.‬‬ ‫هذه الشخصية العظيمة ومن شأنها أن توضح هيبة‬ ‫وبسالة ِ‬
‫(قاسه‪ ،‬قاس)‪ ،‬مما على تصعيد الجانب الداللي لألبيات‪ ،‬سيما وأثر بعضها‬
‫ُ‬ ‫عدته)‪،‬‬
‫ُ‬ ‫(عدته‪ ،‬فما‬
‫ُ‬ ‫فالطود)‪( ،‬اإلمامةُ‪ ،‬وافى)‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فالبحر)‪( ،‬احتبى‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫هيبته‪ ،‬ويتجلى ذلك بوضوح في البيت الثاني‪ ،‬حيث تجسد أفعال الشرط (حبا‪ ،‬احتبى)‪ ،‬مالمح‬ ‫هي أفعال تدلل على شجاعة ممدوحه وتؤكد على‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪‬‬ ‫أسلوب الشرط عند األوردبادي ‪...‬دراسة يف األداء األسلوبي‬ ‫‪‬‬
‫التوثب والعطاء بال مقابل واإلقدام للملمات والخطوب الالتي تتميز بها ِ‬
‫هذه الشخصية‪ .‬هذا واتخذ الشرط في هذا النص نسقاً تركيبياً موحداً‬
‫استقى فنيته وجماله بفعل الوظيفة الشرطية التي ساهمت في تأكيد ما كان الشاعر يسعى إلى إيصاله‪ ،‬وذلك بين (حبا‪ ،‬احتبى‪ ،‬اإلمامة‪ ،‬عدته‪،‬‬
‫فالطود‪ ،‬وافى‪ ،‬فما عدته‪ ،‬قاس)‪ ،‬فضالً عن التكرار اللفظي بين فعل الشرط‬
‫ُ‬ ‫(فالبحر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قاسه)‪ ،‬وبين األفعال التي تحتل موضع جواب الشرط‬
‫عدته)‪( ،‬قاسه‪ ،‬قاس)‪ ،‬فهذا النسق الشرطي ورد متواشجاً مع داللة النص‪ ،‬لذا فإن أي خلخلة تحدث‬‫ُ‬ ‫(عدته‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وجوابه في البيتين الرابع والخامس‬
‫بين أجزائه حتماً يؤدي إلى شلل في المعنى العام للنص‪ ،‬فالمبدع ال يمكنه أن يعبر عن تجار ِ‬
‫به الشعرية إال من خالل التركيب ذلك أن "التركيب‬ ‫ُ‬
‫ليس نسقاً صورياً ُيدرس باستقالل عن النسق الداللي"(‪ ،)14‬إنما هو "طريق ابداعي آخر موصول بحبل الداللة التي تمثل المطلب األخير البادي‬
‫في ثوب فني ُيحقق الجمال والمتعة واإلثارة"(‪)15‬كما يظهر على السياق العام للنص شيوع الجملة الفعلية (الماضية والمضارعة) استخدام األفعال‬
‫ِ‬
‫وبتنويعاته الزمنية المختلفة زاد في تفعيل الجانب الداللي لألبيات مما أدى إلى دينامية المشهد الشعري‪ ،‬وكذا السمو‬ ‫على هذا النحو من التكثيف‬
‫بالدور الذي يؤديه الشق الشرطي‪ ،‬ذلك إلى صياغة جملة جواب الشرط وفعله بجملة فعلية يزيد من قيمة الوظيفة الشرطية التي تتقوى نتيجة‬
‫اقتران األداة بصيغ فعلية(‪.)16‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫نخلص في ضوء ما تقدم من أمثلة إلى أن الشرط نسق تركيبي يجسد المعاني على هيئة تتجاوز من خاللها معانيها السطحية وتحولها إلى منافذ‬
‫تنفتح على دالالت تتواسع كلما توغلنا في أعماق السياق‪ ،‬حيث تقوم عناصر التشكيل اللساني لنسق الشرط على إكتشاف عناصر البنية اللغوية‬
‫في النص الذي يعمل على تجسيد الوظيفة الشعرية والداللية عبر ترابط األفكار واتساق االنساق اللسانية وانسجام المعاني المعبر عنها‪.‬‬
‫اهلوامش‬
‫‪‬القران الكريم‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬المحيط في أصوات العربية ونحوها وصرفها‪.53 /2 :‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬المعجم الوسيط‪ ،‬مادة شرط‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬المقتضب‪.45 /2 :‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الكتاب‪.56 /3 :‬‬
‫(‪ )5‬ينظر‪ :‬التراكيب اللغوية‪ ،‬ص‪.175 :‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬اللمع‪ ،‬ص‪.193 :‬‬
‫(‪ )7‬جماليات النص الشعري‪ ،‬ص‪.84 :‬‬
‫(‪ )8‬الديوان‪ ،‬ص‪.285 :‬‬
‫(‪ )9‬ينظر‪ :‬شعر الخوارج – دراسة أسلوبية ‪ ،-‬ص‪.141 :‬‬
‫(‪ )10‬الديوان‪ :‬ص‪.370 :‬‬
‫(‪ )11‬الديوان‪ ،‬ص‪.171 :‬‬
‫(‪ )12‬جماليات النص الشعري‪ ،‬ص‪.81 :‬‬
‫(‪ )13‬الديوان‪ ،‬ص‪.133 :‬‬
‫(‪ )14‬المعنى والتوافق – مبادئ لتأصيل البحث الداللي العربي‪ ،‬ص‪.236 :‬‬
‫(‪ )15‬التدوير في الشعر – دراسة في النمو والمعنى وااليقاع‪ ،‬ص‪.5 :‬‬
‫(‪ )16‬ينظر‪ :‬شعر الخوارج – دراسة أسلوبية – ص‪141 :‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬


‫‪‬‬ ‫أسلوب الشرط عند األوردبادي ‪...‬دراسة يف األداء األسلوبي‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬

You might also like