You are on page 1of 4

‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.

ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬


‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬


‫نخش َ‬
‫ال َ‬
‫علي‌رضا بناهیان‬

‫الزمان‪ :‬أيام الفاطمية‬


‫التاريخ‪ 11 :‬جمادى األولى ‪1441‬‬
‫المكان‪ :‬جامعة طهران‬
‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬
‫نخش َ‬‫الموضوع‪ :‬ال َ‬

‫‪1‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫يقدر الله سبحانه الكثير من‬


‫حاجتنا إلى المعرفة أقل من حاجتنا إلى ضبط الرؤية ‪ّ /‬‬
‫مقدراتنا وفقاً لرؤيتنا ‪ /‬ما هو ظنك بالله؟ يتعامل الله معك حسب ذلك!‬
‫ّ‬

‫ومصمم الجرافيك‬
‫ّ‬ ‫يمتلك الفنانون فرصاً رائعة لتغيير رؤية الناس‪ّ ،‬‬
‫فرسام الكاريكاتير‬
‫والمصور ومنتج األفالم الوثائقية وغيرالوثائقيةيستطيع كل منهم تغييررؤيتنا‬
‫ّ‬ ‫والرسام‬
‫بالنسبة لظواهر العالم وضبطها بنحو ما‪ ،‬بشرط أن تكون رؤيتهم صحيحة باألساس‪.‬‬

‫يقدر الله سبحانه وتعالى الكثير من مقدراتنا وفقاً لرؤيتنا‬ ‫ّ‬


‫االتصــاف بالرؤيــة الصحيحــة الصائبــة‪ ،‬والتــي تدعــى يف القــرآن الكريــم بـ»البصــرة»‪ ،‬هــي عــى قــدر‬
‫عــال مــن األهميــة بحيــث يقـ ّدر اللــه ســبحانه وتعــاىل الكثــر مــن مقدراتنــا يف الدنيــا والثــواب والعقــاب‬
‫يف اآلخــرة وفق ـاً لرؤيتنــا‪ .‬وأن يق ـ ّدر اللــه الكثــر مــن مقدراتنــا بنــاء عــى رؤيتنــا ألمــر عجيــب جــدا ً!‬
‫ــرة»‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫ويعــر عنهــا بـ»الفــأل الســ ّيئ» أو ِ‬
‫«الط َ‬ ‫َّ‬ ‫«الرؤيــة الســلبية» هــي منــوذج مــن الــرؤى‬
‫َــأل ال َح َســ َن ویَكــ َر ُه‬ ‫النبــي صلــی اللــه علیــه وآلــه کا َن یُ ِح ُّ‬
‫ــب الف َ‬ ‫َّ‬ ‫نهــى رســول اللــه(ص) عنــه‪« :‬إ ّن‬
‫«ل َعــ ْد َوى َوال ِط َیــ َرةَ‪( » ...‬الجعفریــات‪ /‬ص‪.)168‬‬ ‫الطِّ َیــ َرةَ» (مــکارم‌االخــاق‪ /‬ص‪ .)350‬وقــال(ص)‪َ :‬‬
‫عــى أن هنــاك نوع ـاً مــن املغــاالة حــول مفهــوم «الرؤيــة اإليجابيــة» يف بعــض العلــوم املنتــرة أخ ـرا ً‬
‫يف عرصنــا ف ُيقــال مث ـاً‪« :‬كيفــا تكــون رؤيتــك ســيتغري العــامل وفق ـاً لهــا!» بينــا ليــس األمــر كذلــك‪،‬‬
‫فاللــه ســبحانه ال يكـ ّـف عــن اختبــار عبــده‪ .‬ال يكـ ّـف اللــه جـ ّـل وعــا عــن عقوبــة أو مكافــأة عبــده يف‬
‫الدنيــا ‪ -‬حتــى وإن كان هــذا األمــر مصاحبـاً للتعقيــد ‪ -‬بيــد أن رؤيــة اإلنســان مؤثــرة جــدا ً يف النهايــة‪.‬‬

‫كيفية انطباعك بالنسبة لله تؤثر في كيفية تعامل الله معك‬


‫وبالنســبة ألهميــة الرؤيــة يكفــي القــول «إن كيفيــة انطباعــك بالنســبة للــه تؤثــر يف كيفيــة تعامــل اللــه‬
‫معــك»‪ .‬يقــول تعــاىل ضمــن حديــث قــديس‪« :‬أَنَــا ِع ْنـ َد ظَـ ِّن َع ْبـ ِـدي ِب فَلْ َیظُـ َّن ِب َمــا شَ ــا َء یَ ِجـ ُد ِن ِع ْنـ َده‏»‬
‫نرســخ قيمة‬ ‫(الفقــه املنســوب لإلمــام الرضــا(ع)‪ /‬ص‪ ،)361‬فكيف ظ ّنك يب؟ ســأعاملك وفقاً لذلك! علينا أن ّ‬
‫الرؤيــة والبصــرة وزاويــة الرؤيــة ومنطهــا وأن ندرك املكانــة املم ّيزة لرؤية اإلنســان يف نفســه ويف الكائنات‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫ظن أنه لن يتمكن من بلوغ أعلى الدرجات فقد ابتلي بكيد إبليس‬ ‫من ّ‬
‫ر عــى أن‬ ‫جــاء يف القــرآن الكريــم أن إبليــس قــال‪« :‬ألزیّنـ ّن لهــم مــا يف األرض» (الحجــر‪ ،)29/‬فإبليــس يـ ّ‬
‫يعــرض علينــا الدنيــا بهيــأة أجمــل مــن حقيقتهــا‪ ،‬أي يريــد أن يشـ ّوه نظرتنــا ويجعلهــا غــر واقعيــة! ومن‬
‫األفعــال الخبيثــة إلبليــس هــذا إلقــاء اليــأس مــن رحمــة اللــه يف قلــوب جميــع النــاس! فلكونــه هو يائسـاً‬
‫مــن رحمــة اللــه‪ ،‬أقســم أن يلقــي هــذا اليــأس يف نفــوس الجميــع‪ ،‬وبالطبــع حقــق نجاحـاً باهـرا ً يف هــذا‬
‫املضــار! جميعنــا نحمــل نســبة مــن اليــأس يف ذواتنــا‪ .‬وكل مــن يظــن أنــه لــن يتمكــن مــن بلــوغ أعــى‬
‫الدرجــات فقــد ابتُــي بكيــد إبليــس‪ ،‬حتــى لــو أل َبس يأســه هــذا لبــاس «التواضــع» قائـاً‪« :‬أنا لســت الئقاً‬
‫وال مؤهـاً!» فلــاذا ال تســتطيع بلــوغ أســمى املقامــات املعنويــة؟! فمن يا تــرى الذي أوصــل الذين بلغوا‬
‫أعــى الدرجــات إىل هــذا املســتوى؟ ال شــك أن اللــه ســبحانه هــو الــذي ألحقهــم بهــذه املقامــات العاليــة‪.‬‬

‫حقّق إبليس نجاحاً باهراً في تشويه رؤيتنا بالنسبة لله‬


‫إبليــس ناجــح جــدا ً يف تشــويه رؤيتنــا بالنســبة للــه‪ .‬عــى ســبيل املثــال جــاء يف الروايــات أنــه مــن ارتكــب‬
‫ذنبــاً فاســتغفر اللــه دون تأخــر‪ ،‬غفــر اللــه لــه ومل يســ ّجل ذلــك الذنــب يف صحيفــة أعاملــه بتاتــاً!‬
‫ش ٌء»‬ ‫ـب َعلَ ْی ـ ِه َ ْ‬‫ات فَ ـ ِإنِ ْاس ـتَ ْغ َف َر الل ـ َه لَ ـ ْم یُ ْكتَـ ْ‬ ‫ـب َذنْب ـاً أَ َّجلَ ـ ُه الل ـ ُه َس ـ ْب َع َســا َع ٍ‬
‫«الْ َع ْب ـ ُد الْ ُم ْؤ ِم ـ ُن إِذَا أَ ْذنَـ َ‬
‫(الــکايف‪ /‬ج‪ /2‬ص‪ .)437‬وهــذا لطــف عظيــم جــدا ً لكــن معظــم النــاس عــادة ال يســتفيدون مــن هــذه‬
‫الفرصــة وال يســتغفرون برسعــة‪ .‬فرمبــا يتصــورون أن اللــه غاضــب عليهــم اآلن بســبب ذنبهــم‪ ،‬قائــل‬
‫لهــم بلســان الحــال‪« :‬أال تخجــل مــن هــذا الــكالم وقــد اقرتفــت ذنبـاً للتـ ّو؟» ولهــذا الســبب ينتظــرون‬
‫أن ينقــي مثـاً عــام كامــل ليســتغفروا‪ ،‬ظنـاً منهــم بــأن اللــه قــد نــي ذنوبهــم أو خ ّفــت حـ ّدة غضبــه!‬
‫مــن ال يســتغفر اللــه فــورا ً بعــد ارتكابــه الذنــب فهــو مبتــى بكيــد إبليــس ورؤيتــه بالنســبة للــه غــر‬
‫ـب َذنْبـاً فَ َعلِـ َم أَ َّن اللـ َه ُمطَّلِـ ٌع َعلَ ْیـ ِه‪ ،‬إِ ْن شَ ــا َء َع َّذبَ ُه‬‫حســنة! جــاء يف الروايــة أن اللــه تعــاىل قــال‪َ « :‬مـ ْن أَ ْذنَـ َ‬
‫َوإِ ْن شَ ــا َء َغ َف ـ َر لَ ـ ُه‪َ ،‬غ َف ـ َر لَ ـ ُه َوإِ ْن لَ ـ ْم یَ ْس ـتَ ْغ ِف ْر»(الكايف‪ /‬ج‪ /2‬ص‪ .)427‬كــا ورد يف روايــة عــن اإلمــام‬
‫ـب َذنْب ـاً‬ ‫الصــادق(ع) أن اللــه ســبحانه خاطــب النبــي داوود(ع)‪« :‬يــا َدا ُو ُد‪ ،‬إِ َّن َع ْبـ ِـد َي الْ ُم ْؤ ِم ـ َن إِذَا أَ ْذنَـ َ‬
‫ـب َو ْاس ـتَ ْح َیا ِم ِّنــي ِع ْن ـ َد ِذکْ ـر ِِه َغ َف ـ ْرتُ لَ ـ ُه‏» (ثــواب‌ االعــال‪ /‬ص‪)130‬‬ ‫ـاب ِم ـ ْن َذلِـ َـك ال َّذنْـ ِ‬
‫ث ُـ َّم َر َج ـ َع َوتَـ َ‬

‫‪3‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫حاجة الناس إلى المعرفة أقل من حاجتهم إلى ضبط الرؤية!‬


‫حاجــة النــاس إىل املعرفــة أقــل مــن حاجتهــم إىل ضبــط الرؤيــة أساسـاً‪ .‬فبإمكاننــا تغيــر وجهــة نظرنــا عرب‬
‫معلوماتنــا الثابتــة والقليلــة‪ .‬أي دون أن نكتســب معــارف ومعلومــات جديــدة‪ ،‬نســتطيع رص معلوماتنــا‬
‫الســابقة نفســها إىل جنــب بعــض والتفكــر فيهــا بحيــث تتغــر وجهــة نظرنــا إثــر ذلــك‪ .‬عــى ســبيل املثال‬
‫نحــن نعلــم جميعـاً أننــا ال نع ّمــر أكــر مــن مئــة ســنة‪ ،‬فكيــف تكــون يــا تــرى رؤيتنــا بالنســبة لهــذه املئة‬
‫ســنة؟ هــل هــي طويلــة جــدا ً أم قصــرة؟ يف الحقيقــة إن رؤيتنا ملــدة الحياة التي نعيشــها خاطئــة ونتصور‬
‫أنهــا طويلــة جــدا ً! لكننــا ســندرك يف لحظــة املــوت أن أعامرنــا كانــت قصــرة للغايــة (حتــى لو ع ّمرنــا مئة‬
‫ـيغي أســلوب حياته؛ مثالً ســوف ال يعــود يض ّيع‬ ‫ســنة)‪ .‬مــن أخــذ ينظــر إىل عمــره عــى أنه قصــر فعالً‪ ،‬فسـ ّ‬
‫وقتــه‪ ،‬وســيجتهد باســتمرار‪ ،‬وال يؤاخــذ أحــدا ً وال يتنــازع‪ .‬وســوف ال يقــي وقتــه يغــار مــن هــذا ويتكــر‬
‫عــى ذاك‪ .‬كــا أنــه ســوف ال يــدع قلبــه يــرح هنــا وهنــاك أو يتعلــق بأمــور الدنيــا التافهــة والعابــرة‪.‬‬

‫يمتلك الف ّنانون فرصاً جيدة لتغيير رؤية الناس‬


‫يف غالــب األحيــان يكــون تغيــر الرؤيــة أهــم مــن تعلّــم املواضيــع الجديــدة وميتلــك الفنانــون‬
‫فرصــاً جيــدة جــدا ً لتغيــر نظــرة النــاس‪ .‬فــكل مــن رســام الكاريكاتــر ومص ّمــم الجرافيــك ّ‬
‫والرســام‬
‫واملصــ ّور‪ ،‬كل منهــم قــادر عــى تغيــر رؤيتنــا لظواهــر العــامل وإعطائنــا وجهــة نظــر صائبــة‪.‬‬
‫يســتطيع كل مــن منتــج األفــام أو صانــع األفــام الوثائقيــة تغيــر رؤانــا وضبطهــا نوعــاً مــا‪ ،‬هــذا‬
‫بالطبــع إذا متتــع كل منهــا برؤيــة صحيحــة‪ ،‬ووهبــه اللــه الفــن الــذي يتمكــن بــه مــن تغيــر رؤيتنــا‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like