You are on page 1of 7

‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.

ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬


‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬


‫نخش َ‬
‫ال َ‬
‫علي‌رضا بناهیان‬

‫الزمان‪ :‬أيام الفاطمية‬


‫التاريخ‪ 11 :‬جمادى األولى ‪1441‬‬
‫المكان‪ :‬جامعة طهران‬
‫غير الله (المحاضرة ‪)1‬‬
‫نخش َ‬‫الموضوع‪ :‬ال َ‬

‫‪1‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫العنصر االستراتيجي في كل عملية إيصال فكرة هو "الرؤية" ‪ /‬تغيير رؤية البشر هي‬
‫إحدى مهام إبليس المهمة ‪ /‬الله سبحانه وتعالى في القرآن ينقل وجهة نظره إلينا ‪/‬‬
‫رؤية الفنان المتميزة للظواهر واألحداث هي لب ف ّنه‬

‫فسدت!‬
‫َ‬ ‫نتحمل أحياناً الكثير من اآلالم والمصاعب لتصحيح رؤيتنا إذا ما‬
‫ّ‬ ‫ال بد أن‬
‫وقد يريد الله أن يقول لعبده "إن مشكلتك الفالنية ليست كبيرة"‪ ،‬لكن العبد ال يقبل‬
‫فيو ِقعه الله بمشكلة كبيرة ليدرك معنى المشكلة‬
‫ويصر على أنها كبيرة جداً! ُ‬
‫ّ‬ ‫بذلك‬
‫الكبيرة! فلعلّك ال تدرك أن رؤيتك كانت خاطئة وال بد من تصحيحها إال عبر بالء عسير‪.‬‬

‫يتوقف جزء من لذة إدراك الحقائق على زاوية رؤيتنا‬


‫ــاس» فهــو‬ ‫ال قيمــة للمعرفــة دون زاويــة رؤيــة صائبــة‪ .‬حتــى القــرآن الكريــم هــو «بَصائِــ ُر لِل َّن ِ‬
‫يحــ ّدد وجهــة النظــر الصائبــة‪ .‬وإن جــزءا ً مــن لــذة اإلنســان الناجمــة عــن إدراك الحقائــق يتوقــف‬
‫عــى زاويتــه يف الرؤيــة‪ ،‬فنوعيــة نظرتنــا اىل الفــرح والــرح يف الحيــاة والنعــم والنقــم وأمثالهــا‬
‫تتوقــف عــى زاويــة رؤيتنــا‪ .‬وإن صحــة زاويــة الرؤيــة أمــر هــام للغايــة‪ ،‬ألن هــذه الرؤيــة‬
‫ترتســخ يف الــذات مبــرور الزمــن ونعتــاد عليهــا اىل درجــة رمبــا نعجــز عــن تغيريهــا فيــا بعــد‪.‬‬
‫كل مــن الروايــة أو الشــعر أو الفلــم يعرفّــك بالزاويــة التــي ينظــر منهــا‪ .‬فــا يكفــي أن نطّلــع عــى‬
‫موضــوع ذلــك الفلــم أو الشــعر أو تلــك الروايــة‪ ،‬بــل ال بــد مــن معرفــة املؤلــف أو الناظــم أو‬
‫املنتــج وزاويــة رؤيتــه‪ .‬فالجــزء األول واألعظــم مــن فــن أي فنــان يكمــن يف «منــط رؤيتــه» املم ّيــزة‪.‬‬

‫لب الفن لدى الف ّنان‬ ‫المميزة لألحداث والظواهر هي ّ‬ ‫ّ‬ ‫النظرة‬
‫الزاويــة التــي ينظــر الف ّنانــون مــن خاللهــا إىل األمــور هــي عــى قــدر عــال مــن األهميــة‪ ،‬فمــن‬
‫هنــا يتكــون الجــال‪ .‬فــأن يســتطيع الفنــان أن يعكــس رؤيتــه اىل اآلخريــن أو ال فهــذا أمــر ثانــوي‪.‬‬
‫التقنيــة واملضمــون والعديــد مــن الفاهيــم األخــرى ليســت حاســمة يف تقديــم الفــن‪ ،‬بــل‬
‫ُــب الفــن»‪ .‬فالعامــل الــذي‬ ‫إن «الرؤيــة املميّــزة لألحــداث والظواهــر» هــي التــي تعتــر «ل ّ‬
‫يعطــي للفنــان قــوة يف إيصــال رؤيتــه لآلخريــن هــو رؤيتــه بعينهــا‪ ،‬فالرؤيــة الرائعــة املميّــزة‬

‫‪2‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫مــن زاويــة خاصــة بإمكانهــا خلــق قــدرة عاليــة عــى التعبــر عــن ذلــك املوضــوع وإيصالــه إىل اآلخريــن‪.‬‬
‫وأحيانـاً هــذه الرؤيــة نفســها تجعــل املــرء فنانـاً!‬

‫جل وعال في القرآن ينقل نمط رؤيته إلينا ‪ /‬تعالوا ننظر إلى العالم من زاوية رؤية الله!‬ ‫الله ّ‬
‫الــيء الرائــع جــدا ً الــذي يحــدث يف القــرآن هــو أن اللــه ســبحانه يفاتحنــا بنمــط رؤيتــه للقضايــا‬
‫املختلفــة لكــن لألســف يبــدو أن هــذا املوضــوع عديــم األهميــة بالنســبة للكثــر منــا! عــادة مــا تكــون‬
‫املقابلــة مــع ممثــل معــروف أو محبــوب مــن أكــر برامــج التلفــاز جاذبيــة‪ ،‬ويــو ّد الكثــر مــن النــاس‬
‫معرفــة وجهــة نظــره تجــاه القضايــا املختلفــة عــر هــذه املقابلــة‪ .‬حسـ ٌن‪ ،‬ملَ يــا تــرى يرغبــون يف معرفــة‬
‫وجهــة نظــره؟ الجــواب هــو أنهــم استأنســوا بــه يف مواقــف مــا‪ ،‬هــذا كل مــا يف األمــر! فيقولــون لــه‪:‬‬
‫تحــدث مبــا عنــدك دومنــا حــرج‪ ،‬فيجلــس أمــام الكام ـرا ويقــول مث ـاً‪« :‬أنــا ال أحــب مــرق اللحــم‪»...‬‬
‫رص يف‬ ‫إننــا نجلــس لنشــاهد مــن أي زاوية ينظر املشــاهري كاملمثّلني وغريهــم‪ ،‬لكننا ال نهتم بالله تعــاىل إذ يُ ّ‬
‫القــرآن الكريــم عــى أن يبـ ّـن لنــا وجهــة نظــره! تعالوا كبــر وكباحثــن وانظروا ملـ ّرة واحــدة وبدافع حب‬
‫اإلســتطالع كيــف تكــون رؤيــة اللــه تجــاه الظواهــر؟ انظــروا اىل رؤى اللــه يف القــرآن‪ .‬يبدأ تعــاىل يف القرآن‬
‫باإلفصــاح عــن رؤيتــه‪ ،‬فيعـ ّـر‪ ،‬عــى ســبيل املثــال‪ ،‬عــن بعــض أصحــاب العلــم والثقافــة الذيــن ال ينتفعون‬
‫بعلمهــم بالقــول‪« :‬کَ َمثَــلِ ال ِْحـ َـا ِر یَ ْح ِمـ ُـل أَ ْس ـفَارا ً» (الجمعــة‪)5/‬؛ أي‪ :‬إنهــم أشــبه بحــا ٍر َح َّملــوه كُتُب ـاً‪.‬‬

‫تغيير رؤية الناس هي من مهام إبليس االستراتيجية‬


‫وإن إحــدى مهــام إبليــس االس ـراتيجية هــي تغيــر رؤيــة النــاس‪ .‬فلكونــه عاج ـزا ً عــن تغيــر الحقائــق‬
‫والحــوادث املزعجــة واملريحــة ت ـراه يحــاول تغيــر رؤيتنــا‪ .‬قــال تعــاىل يف القــرآن الكريــم‪َ « :‬وإِ ْذ َزیَّ ـ َن‬
‫لَ ُه ـ ُم الشَّ ـ ْیطَا ُن أَ ْع َملَ ُه ـ ْم» (األنفــال‪ )48/‬وقــال تعــاىل يف آيــة كرميــة أخــرى‪« :‬ألُ َزیِّ َن ـ َّن لَ ُه ـ ْم ِفــی األَ ْر ِض»‬
‫(الحجــر‪ ،)39/‬وهــذا يعنــي أن إبليــس يقــول‪ :‬أنــا أجعــل األمــور التافهــة ذات قيمــة يف أعــن النــاس‪.‬‬
‫«ألُ َزیِّ َن ـ َّن» يعنــي أين أزيّــن العمــل القبيــح ل ـراه اإلنســان جمي ـاً‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫الفضائيات أيضاً تشتغل على نمط رؤية الناس‬


‫يريــد اللــه أن يشــتغل عــى منــط رؤيتنــا‪ .‬كــا أن إبليــس أيضـاً يشــتغل عــى هــذا الصعيــد‪ .‬والفضائيــات‬
‫هــي األخــرى تعمــل يف هــذا االتجــاه‪ ،‬فبعــض القنــوات الفضائيــة مــن قبيــل ‪ BBC‬و‪ VOA‬تشــتغل عــى‬
‫أذهــان النــاس عــر أفالمهــا وبرامجهــا‪ .‬بالطبع هــذه الفضائيــات ضعيفة ولذلك فــإن قضيتنــا األوىل واألهم‬
‫ليســت عــدم مشــاهدتها‪ ،‬بــل إننا نقول بأنــك إذا تف ّرجت هذه الربامج دون أن تعلم أســلوبها يف االشــتغال‬
‫عــى ذهنــك ورؤيتــك‪ ،‬فســيلحق بــك األذى جـراء ذلــك‪ .‬بعبــارة أخــرى‪ ،‬هــذا املوجــود الضعيــف العاجــز‬
‫نفســه ســيطرحك أرضـاً‪ .‬عــى ســبيل املثال‪ ،‬ذكــرت قنــاة ‪ BBC‬قبل بضع ســنوات يف يوم‬ ‫العديــم الكفــاءة ُ‬
‫عاشــوراء‪« :‬يف مثــل هــذا اليــوم يقيــم النــاس العـزاء عــى أيب الفضــل الع ّبــاس(ع) «األخ غري الشــقيق» أليب‬
‫عبــد اللــه الحســن(ع)»! وهــي تعلــم أنــك حــن تســتخدم مصطلــح «األخ غــر الشــقيق» يف ثقافتنــا فإنك‬
‫يف الحقيقــة تقلّــل مــن أ ُخـ ّوة األخ درجــة ! ويف نفــس الوقــت هــذه حقيقــة أيضـاً‪ ،‬لكـ ّن أحــدا ً طيلــة هذه‬
‫الســنني مل ينظــر إىل هــذه القضيــة مــن هــذه الزاويــة! هــذه القنــاة تريــد أن تأخــذك خطــوة خطــوة اىل‬
‫مرحلــة تحـ ّط فيهــا مــن جــال وروعــة رؤيتــك اىل حقائــق العــامل الجميلــة وتلهمــك زاويــة رؤيــة خاطئــة‪.‬‬

‫العنصر االستراتيجي في كل عملية إيصال فكرة هو "الرؤية"‬


‫العنــر االســراتيجي يف كل عمليــة إيصــال فكــرة هــو «الرؤيــة» ‪ .‬لنســأل اللــه تعــاىل أن يحفــظ‬
‫رؤيتنــا مــن االنحــراف وأن يجعــل لنــا أشــخاصاً يص ّححونهــا‪ .‬هنــاك ميــزة يتميــز بهــا أبــو الفضــل‬
‫ـاس ب ـ ُن‬
‫الع ّبــاس(ع) فيــا يتصــل بالرؤيــة الصائبــة‪ ،‬وهــو قــول أمئــة الهــدى(ع) فيــه‪« :‬كا َن َع ُّم َنــا ال َع َّبـ ُ‬
‫ـي نَا ِف ـ َذ ال َبصی ـ َر ِة» (مقتــل الحســن أليب مخنــف‪ /‬ص‪ ،)176‬أي إن رؤيتــه كانــت صائبــة جــدا ً‪ .‬كانــت‬ ‫َعـ ِ ٍّ‬
‫بصــرة أيب الفضــل العبــاس عــى درجــة عاليــة بحيــث يغبطــه جميــ ُع شــهداء كربــاء عــى مقامــه‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫مؤشراً لنضج اإلنسان‬ ‫تغيير الرؤية ربما يكون ّ‬


‫ـؤشا ً لنضــج اإلنســان‪ .‬فرمبــا تقــول يوم ـاً مــا‪« :‬برأيــي يجــب أن تتصــف‬ ‫تغيــر الرؤيــة رمبــا يكــون مـ ّ‬
‫زوجتــي بهــذه املواصفات‪...‬فهــذه الصفــات هامــة جــدا ً بالنســبة يل» لكــن بعــد مــي فــرة مــن الزمــن‬
‫تعــود لتقــول‪« :‬إنهــا مواصفــات جيــدة بالطبــع‪ ،‬لكــن اليــوم هنــاك أمــور أخــرى أهــم برأيــي‪ .‬ليتنــي‬
‫نظــرتُ نظــرة صحيحــة منــذ البدايــة!» يهتــم البعــض كثـرا ً بنظــرة النــاس إليهــم‪ ،‬وينبغــي عــى هــؤالء‬
‫أن يحاولــوا تغيــر رؤيتهــم‪ .‬فليفكّــروا يف هــذا املوضــوع مثــاً‪« :‬إىل متــى ســته ّمهم نظــرة النــاس؟»‬
‫كــم ســنة نعيــش؟ ســبعني عامــاً أو مئــة عــام! ال بــد أن يصــل اإلنســان اىل هــذه الرؤيــة وهــي أن‬
‫ــاس نِ َیــا ٌم فَــ ِإذَا َماتُــوا‬
‫العمــر الــذي يــدوم مئــة ســنة قصــر للغايــة وأن يتقبــل حقــاً مقولــة‪« :‬ال َّن ُ‬
‫انْتَ َب ُهــوا» (مجموعــة ورام‪/‬ج‪/1‬ص‪ُ .)150‬ســئل النبــي نــوح(ع)‪ :‬مــا هــي رؤيتــك بالنســبة لعمــرك‬
‫وخرجــت مــن بــاب آخــر! فــا‬ ‫ُ‬ ‫دخلــت مــن بــاب‬
‫ُ‬ ‫الــذي قضيتــه؟ فأجــاب أنــه كان كغرفــة ببابــن‪،‬‬
‫هــي نظرتنــا اآلن للعمــر؟ إننــا إن مل ننظــر إليــه عــى أنــه «قصــر فعــاً» فــإن رؤيتنــا خاطئــة دون‬
‫ـاب صيـ َغ‬‫شــك‪ .‬مــا أكــر حاجتنــا إىل الفــن لتغيــر زاويــة رؤيتنــا واكتســابنا نظــرة صائبــة! إن القــرآن كتـ ٌ‬
‫بأســلوب فَ ّنــي فائــق‪ ،‬فهــو كتــاب بصــرة ويريــد أن يعلمنــا الرؤيــة الصائبــة‪ .‬قــال أمــر املؤمنــن(ع)‪:‬‬
‫ِیــب َوال ک ُُّل ِذي َســ ْمعٍ ب َِســ ِمیعٍ َوال ک ُُّل ِذي نَ ِاظــ ِر َع ْیــنٍ ِب َب ِصیــرٍ» (الــکايف‪/‬ج‪/8‬‬ ‫« َمــا ک ُُّل ِذي قَل ٍ‬
‫ْــب ِبلَب ٍ‬
‫ـر أَ ْه ـ َو ُن ِم ـ ْن فَ ْقـ ِـد الْ َب ِصی ـ َرة» (عیون‌الحکــم‪ /‬ص‪.)358‬‬ ‫ص‪ )64‬ويقــول (ع) يف مــكان آخــر‪« :‬فَ ْق ـ ُد الْ َبـ َ ِ‬

‫البد أن نفوض أمرنا الى الله لضبط زاوية رؤيتنا‬


‫مــن أجــل ضبــط زاويــة رؤيتنــا ال بــد أن نفــ ّوض أمرنــا اىل اللــه كل تفويــض وأن نتقــرب مــن‬
‫صاحــب الزمــان(ع) كل تقــ ّرب‪ .‬وأن نســلّم أبصارنــا ألهــل البيــت(ع)‪ ،‬ولصاحــب الزمــان(ع)‬
‫ونقــول‪ :‬يــا بــن الحســن(ع)‪ ،‬أرِنــا األمــور كــا تراهــا أنــت! أعلــن شــخص لإلمــام الباقــر(ع) أنــه لــو‬
‫يعطــوين الدنيــا مبــا فيهــا لــن أتنــازل عــن مح ّبتكــم‪ .‬فبــان الغضــب عــى اإلمــام(ع) أنْ‪ :‬لِــ َم تقيــس‬
‫محبتنــا بالدنيــا؟ ومــا قيمــة الدنيــا مقابــل مو ّدتنــا التــي ألقاهــا اللــه يف قلبــك؟! إنــك ســتفوز‬
‫بالنعيــم األبــدي وج ّنــة رضــوان اللــه جــزا ًء عــى هــذه املــودة فهــل تعلــم عظمــة هــذه النعــم؟‬

‫‪5‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫ـس لَـوِلَ ِئ لَ ُکـ ْم َو َمــا َع َّرفَ ِنــي اللـ ُه‬ ‫ـال لَـ ُه یُونُـ ُ‬ ‫يف الحقيقــة أراد اإلمــام(ع) إصــاح رؤيــة ذلــك الشــخص‪« .‬قَـ َ‬
‫ـس‬ ‫ـال(ع) یَــا یُونُـ ُ‬ ‫ـب ِفیـ ِه ثُـ َّم قَـ َ‬ ‫ـت الْ َغ َضـ َ‬‫ـس فَتَ َب َّی ْنـ ُ‬ ‫ـال یُونُـ ُ‬ ‫ِمـ ْن َح ِّق ُکـ ْم أَ َحـ ُّ‬
‫ـب إِ َل ِمـ َن ال ُّدنْ َیــا ِب َحذَا ِفی ِر َهــا قَـ َ‬
‫ـر َعـ ْو َر ٍة َوأَنْـ َ‬
‫ـت لَـ َـك بِ َ َح َّب ِت َنــا الْ َح َیــا ُة‬ ‫ـاس َمــا ال ُّدنْ َیــا َو َمــا ِفی َهــا َهـ ْـل ِهــي إِ َّل َسـ ُّد فَـ ْو َر ٍة أَ ْو َسـ ْ ُ‬
‫ِق ْسـتَ َنا ِب َغ ْیـ ِر ِق َیـ ٍ‬
‫ال َّد ِائَ ـ ُة» (تحف‌العقــول‪/‬ص‪.)380‬‬

‫ينبغي علينا مجالسة العلماء وأصحاب الرؤى الصائبة‬


‫لقــد أوصونــا بلــزوم التعلّــم مــن العلــاء‪ ،‬فــأن يتعلــم املــرء مــن معلّمــه وأســتاذه العلــو َم أم ـ ٌر جيــد‬
‫جــدا ً‪ ،‬بيــد أن مجالســة العلــاء أيضــا أمــر رضوري بالنســبة لنــا إىل درجــة أن اللــه يعاقــب اإلنســان‬
‫الــذي ال يعــارش العلــاء! وقــد جــاء يف فقــرة مــن دعــاء أيب حمــزة الثــايل‪« :‬أَ ْو لَ َعلَّـ َـك فَ َق ْدتَ ِنــي ِم ـ ْن‬
‫َــا ِء فَ َخ َذلْتَ ِنــي‏» (مصباح‌املته ّجــد‪/‬ج‪ /2‬ص‪ .)588‬وبالطبــع ليــس املقصــود مــن العلــاء‬ ‫َم َجالِ ِ‬
‫ــس الْ ُعل َ‬
‫بالــرورة رجــال الديــن فحســب‪ ،‬بــل كل شــخص ميتلــك رؤيــة صحيحــة صائبــة‪ .‬مــاذا يفعــل‬
‫العرفــاء؟ إنهــم مي ّيــزون رؤيتهــم عــن غريهــم‪ .‬فرمبــا تكــون معلومــات العــارف بقــدر معلوماتــك‬
‫لكــن رؤيتــه صائبــة‪ .‬قــد ننظــر أحيانــا اىل بــاب مــن زاويــة فــراه ُمغلقــاً‪ ،‬بينــا لــو نظرنــا إليــه‬
‫مــن زاويــة أخــرى فســراه مفتوحــاً عــى مرصاعيــه بحيــث يتمكــن فيــل مــن املــرور مــن خاللــه!‬

‫أي كان‬‫لنعي عملية انتقال الرؤية وال نكتسب أسلوب رؤية ٍّ‬
‫ال بــد أن نعــي عمليــة انتقــال الرؤيــة وال نكتســب أســلوب رؤيــة أي شــخص كان‪ .‬وال بــد أن نعــرف‬
‫مــن هــو الشــخص الــذي يز ّودنــا برؤيتــه ومــا هــي الرؤيــة التــي يريــد تزويدنــا بهــا؟ حــن تشــاهدون‬
‫برامــج الفضائيــات أو التلفــاز أو حــن تطالعــون الكتــب والصحــف واألشــعار والروايــات ال بــد وأن‬
‫تنتبهــوا اىل هــذا املوضــوع‪ .‬يســتغرق البعــض يف مطالعــة قصــة أو روايــة مــا غاف ـاً عــن زاويــة الرؤيــة‬
‫التــي تنتقــل إليــه عربهــا‪ .‬عــى ســبيل املثــال مــا هــي وجهــة النظــر التــي تنقلهــا إليــك مؤلفــات أمثــال‬
‫«كافــكا وصــادق هدايــت»؟ أنــت تتسـ ّـى بروايتــه وال تنتبــه إىل أن زاويــة رؤيــة مع ّينــة تنتقــل إليــك‪،‬‬
‫فتجعلــك ‪ -‬شــيئاً فشــيئا ‪ -‬تنظــر إىل الدنيــا بنفــس الرؤيــة ورمبــا تتجــه نحــو االنتحــار بعــد فــرة!‬

‫‪6‬‬
‫لترجمــة ‪arabic.bayanmanavi.ir‬‬ ‫مؤسســة بيــان معنــوي‬
‫ونشــر أعمال ســماحة الشیخ بناهیان‬

‫النْســا ُن إِىل‏ طَعا ِمـه‏» (عبــس‪ .)24/‬ويف تفســر اإلمــام الباقر(ع)‬ ‫يقــول تعــاىل يف القــرآن الكريــم‪« :‬فَلْ َی ْنظُـ ِر ْ ِ‬
‫لآليــة يشــر إىل أن الطعــام ال ينحــر باملأكــوالت التــي تدخــل عــن طريــق الفــم‪ ،‬بــل يشــتمل عــى كل‬
‫ـت‪َ :‬مــا طَ َعا ُمـ ُه؟ قَـ َ‬
‫ـال‪:‬‬ ‫«‏ف قَـ ْو ِل اللـ ِه‏ فَلْ َی ْنظُـ ِر ا ِإلنْســا ُن‏ إِىل‏ طَعا ِمـ ِه قَـ َ‬
‫ـال‪ :‬قُلْـ ُ‬ ‫مــا يســمعه اإلنســان ويبــره‪ِ .‬‬
‫ِعلْ ُمـ ُه الَّـ ِـذي یَأْ ُخـذ ُُه ِم َّمـ ْن یَأْ ُخـذ ُُه‏» (املحاســن‪/‬ج‪/1‬ص‪.)220‬‬

‫يصحح الله رؤيتنا عبر بالء أو سلب نعمة‬ ‫أحياناً ّ‬


‫يعمــل إبليــس جاهــدا ً إلفســاد نظرتنــا حتــى آخــر أعامرنــا‪ .‬ال بــد أن نتو ّخــى الحــذر يك ال تفســد رؤيتنــا‪،‬‬
‫ألن تصحيــح الرؤيــة الخاطئــة قــد يتطلــب منــا تح ّمــل الكثــر مــن اآلالم الجســيمة والشــاقة‪ .‬أحيانــا‬
‫يريــد اللــه أن يقــول لعبــده «أن مشــكلتك الفالنيــة ليســت بعظيمــة»‪ ،‬لكنــه ال يتق ّبــل األمــر ويــر عــى‬
‫أنهــا عظيمــة جــدا ً! فيوقعــه اللــه مبشــكلة كبــرة ليفهــم معنــى املشــكلة الكبــرة! إذن فقــد ال تــدرك أن‬
‫رؤيتــك كانــت خاطئــة وال بــد مــن تصحيحهــا إال عــر بــاء عســر‪ .‬قــد نكــون أحيان ـاً متن ّعمــن بنعمــة‬
‫عظيمــة جــدا ً‪ ،‬لك ّننــا نكــون رافضــن لهــا أو غافلــن عنهــا! لــذا فقــد يغـ ّـر اللــه رؤيتنــا عــر ســلب تلــك‬
‫النعمــة لنــدرك آنــذاك بأنهــا كانــت نعمــة عظيمــة حقـاً‪.‬‬

‫‪7‬‬

You might also like