Professional Documents
Culture Documents
1 كتاب الصحة النفسي سيد ابو النيل
1 كتاب الصحة النفسي سيد ابو النيل
الصحة النفسية
إعداد
أ.د .محمود السيد ابو النيل
أستاذ علم النفس بكلية اآلداب
جامعة عين شمس
القاهرة
1024 / 1023
رقم اإليداع4001 / 44611 :
2
بسم هللا الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب
يتضمن الكتاب أثني عشر فصالً ،يتعلق الفصل األول بمعني الصحة النفسية والسواء
والالسواء ويتناول مصطلح الصحة النفسية بالتفسير والتوضيح ومكونات هذا المصطلح من
توافق ذاتي وتوافق اجتماعي وشروط التوافق السوي وعالمات التوافق الالسوي ويتناول كذلك
عالقات العمل المرتبطة بالتوافق كعالقة العامل بعمله وزمالئه ورؤسائه ،كما يعرض الفصل
أيضا ألساليب التوافق السوي وأساليب التوافق الالسوي والحيل الدفاعية وأنواع الصراع ومعايير
السواء والالسواء كالمعيار الثقافي والمعيار الباولوجي والمثالي .وفي الفصل الذي يختص بتاريخ
الصحة النفسية ثم تقديم عرض لكيفية تناول اإلنسان لفكرة المرض عبر العصور التاريخية
المختلفة كالعصر اليوناني والذي تميز بأعمال ابقراط ابو الطب ،والعصر الروماني والذي مألت
فيه شهرة جالينوس اآلفاق ثم العصر المسيحي والذي تميز بالربط بين المرض والشيطان،
والعصر اإلسالمي الذي أنشئت فيه البارستيمانات في بغداد والقاهرة لرعاية المريض النفسي ،ثم
حركة بيرز طالب الطب الذي دخل المستشفى وخرج منها وألف كتاباً عنوانه " عقل وجد نفسه".
وفي نهاية الفصل تم تقديم العديد من اإلحصائيات التي تبين مدي انتشار االنحرافات النفسية
وآثارها االجتماعية واالقتصادية .واختص الفصل الثالث بالصحة النفسية والنمو النفسي ومواجهة
مشكالت سوء التوافق لدي األطفال كالبتول الالإرادي والسرقة والكذب والتخلف في القراءة
والضعف العقلي ،وكذلك اهتم هذا الفصل بمظاهر سوء التوافق لدي المراهقين وآثرها علي
تحصيله ومن هذه المظاهر الهروب والجناح والتدخين وينتهي الفصل بدور أخصائي الصحة
النفسية في مواجهة مشكالت سوء التوافق .أما الفصل ال اربع فقد تناول صور االنحراف مثل
الذهان ( المرض العقلي) والعصاب ( المرض النفسي) ،والسلوك المضاد للمجتمع كاإلدمان
ودور أخصائي الصحة النفسية في الوقاية والعالج .ويتعلق الفصل الخامس بتفسير السلوك
الالسوي أي العوامل واألسباب التي تقف وراء هذه االنحرافات كالوراثة والبيئة في االضطرابات
النفس ية والعقلية وفي السلوك اإلجرامي وعالقة انتشار االضطرابات النفسية ببعض النواحي
الديموجرافية .ويختص الفصل السادس باألمراض السيكوسوماتية (النفسجسمية) وجوانبها
التاريخية وحجم ومدي انتشار هذه االمراض .وأما تصنيف هذه االضطرابات الضطرابات في
القلب أو الجهاز المعيد معوي كقرحة الهضم واإلمساك وعسر الهضم ،أو السرطان ونظريات
تفسيره وأنواع مرض السرطان والعوامل النفسية فيه واستخدام الوسائل النفسية في التنبؤ باإلصابة
بالسرطان وأثر دراسة علم النفس في المعرفة بمرض السرطان فقد تمت معالجتها في الفصل
السابع .وأما الفصل الثامن فقد قدم عرضا لنظريات تفسير االضطرابات السيكوسوماتية
كالنظريات الفسيولوجية والنظريات النفسية والتفاعلية .وفي الفصل التاسع من الكتاب عرضت
3
العالقة بين التحديث واالضطرابات السيكوسوماتية .وفي الفصل العاشر قدمت األساليب
واالختبارات التي تستخدم في قياس الصحة النفسية كقائمة كورنل .واختص الفصل الحادي عشر
بالعالج النفسي وأهم مفاهيمه وخصائص العالج النفسي االجتماعي والطرق العالجية .أما
الفصل األخير وهو الفصل الثاني عشر فقد تناولت تطبيقات الصحة النفسية والمتمثلة في
اإلجراءات الفعلية التي تتخذها المجتمعات من أجل نشر الصحة النفسية والوقاية من االنحرافات
النفسية والعقلية.
4
األهداف العامة للكتاب
يهدف الكتاب إلي تعريف القارئ بمفهوم الصحة النفسية وكيف أنه يتضمن التوافق
النفسي واالجتماعي لدي الفرد كما يهدف الكتاب إلي تعريف القارئ بالمظاهر والعالقات التي
يستدل عليها من سلوك اآلخرين وتدل علي السواء النفسي أو تدل علي الالسواء .واضافة إلي
ذلك يمد الكتاب القارئ باألسس والقواعد التي يتم االعتماد عليها في الحكم علي سلوك اآلخرين
عما إذا كان عاديا أو غير عادي .كما يهدف الكتاب إلي تعريف القارئ بأن الصحة النفسية
المرض العقلي قد تم تناوله عبر العصور اإلنسانية المختلفة وأن هذا التناول في كل عصر
تراكماً أضاف الكثير للعصور التالية قد مثل كما هدف الكتاب إلي تعريف القارئ بأن بذور
المرض النفسي توجد منذ السنوات األولي من النمو النفسي للفرد وأن هناك مظاهر لسوء التوافق
التي تظهر في مراحل النمو المختلفة خاصة الطفولة والمراهقة كما أنه يمكن مواجهة هذه
المشكالت من خالل أخصائي الصحة النفسية .ويهدف الكتاب كذلك إلى أن يعرف القارئ أن
االنحرافات النفسية لها صور متعددة منها ما يختص بالمرض النفسي ومنها المرض العقلي
والسلوك المضاد للمجتمع كالجريمة واإلدمان وأن لكل انحراف من هذه االنحرافات مظاهره وله
أعراضه وتكمن وراء هذه األعراض عوامل واسباب يمكن من خاللهما تفسير هذه األعراض.
ويعرف الكتاب القارئ بكيفية االكتشاف المبكر لهذه االنحرافات .ويهدف الكتاب إلى وضع يد
القارئ علي كثير من العوامل التي تقف وراء السلوك الالسوي وعلي رأس هذه العوامل الوراثة
والبيئة ،وتأثير البيئة الرحمية ،وأن ما يصيب األم أثناء الحمل من مرض وسوء تغذية وانفعاالت
مؤلمة تصيب الجنين في بطنها ،وعند هذه النقطة تنشأ الكثير من االنحرافات والسلوك الالسوي.
ويهتم الكتاب بأن يعرف القارئ األساس النفسي لنشأة كثير من االضطرابات الجسمية كقرحة
المعدة وضغط الدم المرتفع والربو الشعبي ومدي انتشار هذه االمراض بين فئات المجتمع وكيف
أن الضغوط االجتماعية واالقتصادية تلعب دو اًر في زيادة االضطراب االنفعالي عند اإلنسان مما
يرافق ذلك اضطراب البدن في جهاز القلب واألوعية الدموية مثل الشريان التاجي وضغط الدم،
والجهاز المعدي معوي كاإلمساك ،وعسر الهضم وقرحة الهضم وكذلك السرطان والعوامل
النفسية المرتبطة به كالمشقة وضغوط الحياة ،وكيفية تفسير تلك االضطرابات النفسية .وتعريف
القارئ أيضا أن هذه األمراض السيكوسوماتية هي نتاج عمليات التحضر والتحديث السريع الذي
يعم المجتمعات اإلنسانية .كما يهدف الكتاب إلي تعريف القارئ باإلجراءات المستخدمة في قياس
الصحة النفسية والحكم علي الفرد هل هو سوي أم غير سوي وفي أي الجوانب يكون سوء توافقه.
كما يعرف الكتاب القارئ بطرق العالج النفسي كتعلم اجتماعي وتقديم أمثلة لذلك .ومن األهداف
األخيرة للكتاب أنه يعرف القارئ باإلجراءات التي تتخذها المجتمعات ويكون من شأنها زيادة
توافق األفراد في المجتمع كإنشاء مكاتب للزواج لفحص المقبلين للزواج للتأكد من سالمتهم
النفسية واالجتماعية والجسمية ،وكتطبيق الطريقة العلمية في اختيار المتقدمين للعمل في
5
الوظائف بالحكومة والمؤسسات الصناعية للتأكد من ممارستهم ألعمال تتالئم مع ما لديهم من
استعدادات وقدرات تتضمن توافقهم في العمل وتتضمن زيادة أدائهم وكفاءتهم اإلنتاجية.
6
الفهرس
-4الفصل األول
02 األهداف
02 المحتوي
00 مقدمه
03 التوافق الذاتي
7
02 عالقة العامل بالرؤساء
02 مقدمه
33 الخالصة
32 األسئلة
8
32 مصادر تعليم أخرى
-4الفصل الثاني
30 تاريخ الصحة النفسية ومدي انتشار االنحرافات
30 األهداف
30 المحتوي
30 مقدمه
51 األسئلة
9
51 مصادر أخرى
-3الفصل الثالث
33 الصحة النفسية والنمو النفسي ومواجهة مشكالت سوء التوافق
53 األهداف
53 المحتوي
53 مقدمه
01
22 خامساً ًَ :بالنسبة للجانب الوقائي والتنظيمي
22 األسئلة
-1الفصل الرابع
20 األهداف
20 المحتوي
20 مقدمه
23 مقدمة
20 القلق
23 الهستيريا
00
23 ثالثاً :السلوك المضاد للمجتمع ومواجهته
23 مقدمة
25 اإلدمان
25 مقدمه
02
22 أوالً :الوقاية
22 األسئلة:
-5الفصل الخامس
123 األهداف
123 المحتوي
123 مقدمة
122 الوراثة
03
110 ثالثاً :الغذاء
113 البيئة
واالجتماعية
113 مقدمة
112 الدراسات
04
112 الفصام بين الوراثة والبيئة
النواحي الديموجرافية
103 األسئلة
-6الفصل السادس
102 األهداف
102 المحتوي
05
102 أعمال االنثروبولوجيين
131 تعليق
135 المهنة
القومي
133 األسئلة
-7الفصل السابع
06
(النفسية جسمية)
132 األهداف
132 المحتوي
132 مقدمة
122 األسئلة
07
121 مراجع الفصل السابع
-4الفصل الثامن
123 األهداف
123 المحتوي
123 مقدمة
120 األسئلة:
08
120 مصادر تعلم أخرى
09
الفصل األول
معىن الصحة النفسية :السواء والالسواء
األهداف :يهدف هذا الفصل إلى تعريف القارئ بالمقصود بالصحة النفسية ومكوناتهما
من توافق الفرد نفسياً واجتماعياً .وكذلك تعريف القارئ بسوء التوافق واألسباب التي تؤدي إلي
عدم توافق اإلنسان في الحياة وكذلك االسباب التي تؤدي إلي سعادة اإلنسان وتوافقه في الحياة
إضافة إلى إمداد القارئ باألسس والقواعد التي تمكنه من التمييز بين السلوك السوي وغير
السوي.
معني الصحة النفسية :أطلق ماير وكليفورد بيرز اسم الصحة النفسية علي المجهودات
الثابتة المخططة التي تبذل للمحافظة علي الصحة النفسية والوقاية من المرض العقلي ،باعتبارها
جهوداً تؤدي إلى نتائج تؤثر علي الحياة الشخصية واالجتماعية واالقتصادية لبني البشر.
وتدعيماً لذلك أنشئت في عام 1222بأمريكا اللجنة القومية للصحة النفسية ،كما أقيمت
كذلك معاهد منفصلة خاصة بالصحة النفسية ،وأخي اًر عرفت الجمعية األمريكية للصحة النفسية
هذا المفهوم (الصحة النفسية) بأنه يشمل :اإلجراءات التي تتخذ لخفض انتشار األمراض العقلية
بالوقاية والعالج المبكر (كوفيل وآخرون.)22 :1222 ،
ويري أصحاب نظرية التحليل النفسي أن الصحة النفسية تتمثل في قدرة "األنا" علي
التوفيق بين أجهزة الشخصية المختلفة ومطالب الواقع أو التوصل للصراع الذي ينشأ ين هذه
األجهزة وهذه األجهزة هي :األنا – الهي – األنا األعلي حيث يمثل األنا الواقع وتمثل الهي
الغرائز ،ويمثل األنا األعلي ،القيم االجتماعية (عبد السالم عبد الغفار.)32 ،32 :1222 ،
ومن ناحية أخري فلقد حاول البعض االقتصار في تعريفهم لمفهوم الصحة النفسية علي:
خلو الفرد من األعراض المرضية :كالقلق والتوتر ،والصراع والوساوس إال إن مثل هذا التعريف
ال ينطوي علي شئ من الواقعية ،ألنه ال يوجد إنسان عادي خالي من قدر من القلق والتوتر
والصراع ،هذا من جهة ،ومن جهة أخري فإن هذا التعريف ال يتناول إال الجانب النفسي من
حيث عالقته بالصحة النفسية مهمالً الجانب االجتماعي واالختالفات مع اآلخرين ودورها في
الصحة النفسية ،إال أنه في مقابل ذلك يري البعض أن ارتفاع القلق ال يمكن أن يكون عالمة
علي سوء التوافق فكثي اًر ما يكون ارتفاع القلق عالمة علي بغض الحياة وتحدياً لصعابها وعدم
21
تقبل لالستسالم .فاألمم تعاني من القلق بقدر ما يكون حظها من التقدم بينما تبتعد األمم عن
القلق بقدر ما يكون نصيبها من التخلف (صالح مخيمر.)5 :1222 ،
ولقد انبثق عن النقد الذي وجه لهذا التعريف تعريف أعم واشمل لمفهوم الصحة النفسية،
ويركز هذا التعريف علي أن الصحة النفسية تعني :توافق الفرد ذاتياً وتوافقاً اجتماعياً ويتمثل
التوافق الذاتي في قدرة الفرد علي حل صراعاته وتوتراته الداخلية باستمرار حالً مالئما ،ويقصد
بالتوافق االجتماعي قدرة الفرد علي إقامة عالقات مناسبة ومسايرة ألعضاء الجماعة التي ينتمي
إليها ويحظى في نفس الوقت بتقدير وتكريم واحترام الجماعة آلرائه واتجاهاته.
ويضيف البعض إلى مفهوم الصحة النفسية عملية التطور ال التوافق أ ،التكيف فيقول:
أن الصحة النفسية تقتضي القدرة علي التكيف والتطور معاً .فالفرد أو المجتمع أو الكائنات
الحية بوجه عام في إطار هذا التعريف تحتاج علي مر الزمان إلى قدر من التوافق والتكيف مع
قدر من التطور وذلك ألن التكيف التام يؤدي إلي درجة من الجمود والملل قد تنتهي بالموت أو
تتساوي معه .ففي عالم الحيوان عندما وصلت بعض األنواع إلى قمة التكيف فتوقفت عن
التطور وترقب علي هذا التوقف أن صارت في حالة من الجمود جعلتها ال تستطيع أن تواجه
الظروف الجديدة ،فانقرضت كالديناصور الذي وصل إلى قمة التكيف من حيث حجم الجسم
والعضالت والقوة البدنية إال أنه لم يستطيع أن يواجه (بالتطور) تغير الظروف من قلة الغذاء أو
النقل السريع من مكان لمكان فانقرض .لكن اإلنسان يختلف عن سائر الحيوانات ألنه يستطيع
عمل التغيير والتجديد اللذان يمكنانه من مواجهة الظروف المختلفة (محمد شعالن:1222 ،
.)03
ونظ اًر ألن كال من التوافق النفسي واالجتماعي من المكونات األساسية لمفهوم الصحة
النفسية فالبد أن نبين بصورة مفصلة للمقصود بكل منها .وفي هذا الصدد نجد أن اإلنسان يلجأ
حين يواجه عقبات أو مشاكل ال يستطيع حلها بما لديه من خبرات وبما زود به من سلوك ،إلي
20
تعديل سلوكه حتي يتناسب مع هذا الظرف الجديد ويسمي هذا التعديل في السلوك بالتوافق .وكل
فرد يختلف عن اآلخرين من حيث قدرته علي التوافق ،فمنهم من يسلك سلوكاً سوياً فيحاول حل
المشكلة بطريقة سوية ،فإن لم يستطيع بحث عن مخارج أو بدائل أخرى إلشباع حاجاته ودوافعه
التي أعيقت عن االشباع ،ومن الناس من يستجيب للمشكالت بطرق ملتوية أو شاذة كاالندفاع،
أو االعتداء واالنطواء علي النفس أو كاألحتماء بمرض جسمي يبعده عن المشكلة.
وعملية التوافق إذا هي نشاط يقوم به الفرد نتيجة دافع من الدوافع فإذا واجهته عقبة
تحول دون اإلرضاء المباشر لهذا الدافع ،يقوم بمحاوالت متعددة حتي يصل في النهاية إلي حل
ما ،قد يرضي الدافع غير المشبع بالفعل ،أو يكون حالل جزئيا ال يرضي الفرد إرضاء تاماً أو
يعجز الفرد عن تحقيق ما يريد وعن معرفة ما يجب عمله إلزالة العقبة فيعاني من أزمة نفسية.
إما إذا استطاع الف رد بحكم بنائه البيولوجي وتنشئته االجتماعية أن يعيش الحياة عيشة
راضية ناجحة في نطاق قدراته واستعداداته قيل أنه سوي التوافق .أما إذا لم يستطيع علي الرغم
مما يبذله من جهود قيل أنه سئ التوافق (أحمد عزت راجح.)322 :1252 ،
ونجد في العرض السابق لما نعنيه بالتوافق العام أن هناك عدة مفاهيم البد أن نوضح ما
نعنيه بها وهي:
التوافق :التوافق هو قدرة الفرد علي التواؤم مع ذاته مع الحياة االجتماعية التي يعيش
فيها من جميع النواحي األسرية واالقتصادية واالجتماعية والدينية ،وعرف توافق الفرد مع نفسه
والتوافق النفسي أو الذاتي ،كما يعرف توافق الفرد مع المجتمع بالتوافق االجتماعي.
التوافق الذاتي :هو رضا الفرد عن نفسه وأن تكون حياته النفسية خالية من التوترات
والصراعات النفسية المصحوبة بمشاعر الذنب والقلق والشعوب بالنقص .ومن العوامل األساسية
التي تساعد علي التوافق الذاتي إشباع الفرد لدوافعه المختلفة بصورة ترضي المجتمع وتوافق
معاييره وترضي الفرد في آن واحد .كما أن الفرد غير المتوافق مع نفسه شخص يواجه صراعاً
بينه وبين نفسه يستنفذ الكثير من طاقاته والتي كان من الممكن أن تستخدم في مواجهة الحياة.
لذا نجد مثل هذا الفرد سريع التعب ،عاج اًز عن االستمرار في العمل واألداء واإلنتاج وبذل
الجهد.
التوافق االجتماعي :هو قدرة الفرد علي أن يقيم عالقات اجتماعية سوية مع من يعيش
معهم أو يعملون معه من الناس ،عالقات ال تتصف بالصراع أو الشعور باالضطهاد ،ودون أن
يشعر الفرد بحاجة ملحة إلي السيطرة أو العدوان علي من يقترب منه ،والمتوافق مع المجتمع
تكون لديه القدرة علي ضبط النفسي في المواقف اليت تتطلب ذلك فال يثور ألسباب صغيرة
واهية.
22
التوافق والصحة النفسية :الصحة النفسية حالة يخبرها الفرد بنفسه وتبدو في عمله
وانتاجه وعالقاته مع اآلخرين أي تبدو في " توافقه الذاتي" "وتوافقه االجتماعي"
سالمة الجسم بوجه عام وخاصة حالتي الجهاز العصبي والجهاز الغدي. -1
خلو الشخصية إلى حد كبير من التوترات والصراعات النفسية المستمرة. -0
سواء البيئة االجتماعية الخاصة بالفرد فيما تطلبه منه وعدم تطرفها في وسائل -3
الحرمان.
سوئ التوافق :إذا استطاع الفرد أن يعيش مع اآلخرين حياة ناجحة منتجة قيل أنه "سوي
التوافق" فإن عجز عن ذلك بالرغم مما يبذله من جهد للتكيف قيل أنه " سئ التوافق" أو أنه
يعاني اضطرابا في الشخصية والذي يأخذ صو اًر متعددة كالعصاب ،والذهان ،واألمراض الجسمية
النفسية المنشأ ،والجناح والجريمة واالنحرافات الجنسية.
عوامل سوء التوافق :إن لم يكن لسوء التوافق أساس عضوي كتلف في األنسجة
العصبية ،أو اضطراب في الغدد أو تسمم ناتج من تلوث بعض المعادن كالكربون كما يحدث
أحياناً في صناعة البطاريات أو النسيج ،كانت العوامل النفسية االجتماعية هي العوامل الجوهرية
الغالبة في إحداث االضطراب ،وسمي االضطراب وظيفياً كما هو الحال في األمراض النفسية ،
وبعض األمراض العقلية ،واألمراض السيكوسوماتية ،واالنحرافات الجنسية ،واإلجرام.
( )1العوامل الممهدة أي العوامل التي تهيئ الفرد للوقوع في االضطراب مثل العوامل
الوراثية ،والتربية الالسوية أو عدم الشعور باألمن في الحياة.
( )0العوامل المعززة التي تتوسط الطفولة ومرحلة الكبر فتوجد في الفرد أزمات تدعم
أزمات الطفولة ومرحلة الكبر فتوجد في الفرد أزمات تدعم أزمات الطفولة ،فتزيد من
حساسية الفرد وتضعف من مقاومته مثل الرضا المهني ،أو الخوف من افقد المكانة
أو المركز االجتماعي.
( )3العوامل المباشرة أو المعجلة فهي العوامل التي يحدث بعدها االنهيار مباشرة وقد
تكون جسمية كاإلجهاد والضعف والمرض الجسمي ،أو تكون صدمات نفسية
كخسارة مالية أو موت أو فشل عاطفي أو طالق.
إذن فالعوامل المختلفة المؤدية لسوء التوافق بمختلف أنواعه يمكن أن ترجع إلي وجود
عقبات وعوائق مادية أو جسمية أو نفسية أو اجتماعية أو مهنية تقف أمام إرضاء الدوافع
23
األساسية للفرد وبلوغ أهدافه ،عقبات ينجم عنها صراع بين الفرد ونفسه (احمد عزت راجح،
.)322 :1221
ويعرف سكوت وزمالؤه Scottالتوافق المهني بأنه :توافق الفرد مع بيئة عمله ،فهو
يشمل توافق الفرد لمختلف العوامل البيئة التي تحيط به في العمل ،وتوافقه للتغيرات التي تط أر
علي هذه العوامل بمرور الزمن ،وتوافقه لخصائصه الذاتية .وهكذا فإن توافق الفرد مع صاحب
العمل ،ومع المشرف عليه ،ومع زمالئه ،يعتبر هذا جميعه متضمناً في مفهوم التوافق المهني
(فرج طه.)155 :1222 ،
كذلك فإن هناك مجموعة من العالقات في مجال العمل يتيح توفرها للعامل األمن
النفسي والتوافق الصحيح مع أفراد المؤسسة وآالتها وظروف العمل وهي:
24
(أ) عالقة العامل بعمله :فبازدياد التوسع الصناعي يزداد تنوع المهن ويتسع التخصص
فيها ،ونجد أن الكثير من العمال يتنقلون من عمل آلخر في أوقات قصيرة لعجزهم
عن االستقرار في عمل معين هم هؤالء العمال الذين لم يجدوا العمل الذي يناسبهم
منذ البداية ولذا فهم يعانون من كثرة التنقل بين األعمال كما يعانون من شعور
باليأس وفقد الثقة بالنفس ،وما ينتج عن ذلك من تحويل العدوان الناجم عما
يصادفه من إحباط متكرر إلى عالقاته مع زمالئه ومع المؤسسة نفسها.
(ب) عالقة العامل بنظام المؤسسة :أن العامل المتوافق توافقاً سوياً مع عمله عادة يكون
علي عالقة حسنة بنظام المؤسسة ولوائحها اإلدارية .وأن الخبير بشكاوي العمال
يجد أن أغلبها يصدر عن الفاشلين في أعمالهم ،فالذي ال يجد الرضا النفسي عن
طريق العمل يرضي نفسه عادة بتقديم الشكاوي ضد اآلخرين وبالقيام باالضطرابات
داخل المؤسسة ،وبذلك ينجح في صرف غيره عما فشل هو فيه ويرضي اعتباره
لذاته عن طريق تزعمه هذه الحركات.
(ج) العالقة بالرؤساء :وكثي ار ما تكون الشكاوي ناتجة في أساسها عن تعسف المشرف
بالعمال الذي يشرف عليهم بينما تتخذ الشكوي مظاهر مختلفة أخرى وليست هذه
الظاهرة بالمؤسسة الصناعية وحدها ،بل إن عالقة الرئيس بالمرؤوسين عامل هام
في إشاعة األمن النفسي في كل بيئته .فالرئيس االستبدادي يشيع بين مرؤوسيه
السلوك العدواني ،أما الديمقراطي فيشيع التفاهم والصداقة بينه وبين الذين يعملون
معه.
(د) عالقة العامل بزمالئه :إن طبيعة العمل الصناعي تقتضي دائماً تكوين عالقة
نفسية بين كل عامل وزمالئه وبين المشرف وزمالئه ،فالمجال النفسي لكل فرد في
جو المؤسسة الصناعية يتضمن غيره من األفراد وخاصة الزمالء .والتفاعل النفسي
ينبيني علي عالقة ذات طرفين هما األخذ والعطاء.
(ه) عالقة العامل بظروف العمل :ويقصد بظروف العمل الشروط المادية التي يعلم
فيها من ضوء وتهوية ورطوبة ونظام فترات العمل والراحة ...الخ ،فقد يختار
العامل اختيا اًر نفسياً صحيحاً فيوضع في المهنة التي تناسبه من حيث الميول
واالستعدادات والسمات اإلنفعالية ،وقد يدرب تدريباً ناجحاً علي استخدام قدراته
علي أحسن وجه لصالحه وصالح المؤسسة بحيث تتاح له اكبر فرصة ممكنة
للتوافق الصحيح مع بيئة العمل.
ولكن ينبغي فضالً عن ذلك أن تهيأ له أسلوب االحتفاظ بهذا التوافق الصحي بتوفير
الظروف للبيئة الطبيعية لدوام هذا التوافق وتحسنه.
(و) عالقة العامل باآلت العمل :باإلضافة إلى اللوائح واألشخاص الذين يتعامل
العامل معهم ،فإنه يحتك باآلالت واألدوات التي يستخدمها والتى يتوقف إنتاجه
25
وتوافقه العام علي سيرها وزيادة علي ذلك فإن سالمته وأمنه يتوقفان علي حسن
استعمالها بحيث نضمن بذلك عدم تعرضه للحوادث.
(ز) عالقة العامل ببيئته خارج المؤسسة :فليس العامل عضواً في مؤسسة العمل
فحسب ،بل هو عضو في جماعات كثيرة متعددة األهداف ووجهات النظر.
ويختلف مركزه في كل منها عن األخرى فهو عضو في اسرة يسيطر عليها ،ثم هو
فرد في جماعة الشارع أو النادي ..وهكذا وهو محتاج في كل هذه الجماعات
لدرجة كافية من التوافق النفسي حتي يكون مع كل فرد من هذا العدد الكبير من
األفراد الذين يتعامل معهم عالقات صحية خالية من الشذوذ ويصادف العامل في
سبيل الحصول علي هذا التوافق صعوبات متنوعة .وبقدر تغلبه أو نجاحه في
التغلب علي هذه الصعوبات يشعر العامل براحة نفسية عامة تنعكس علي
(سيد خيري.)53 :1252 ، المظاهر المختلفة لحياته واهمها العمل.
مقدمه :تعتبر حياة اإلنسان سلسلة من العمليات التوافقية والتي يقوم فيها بتغيير سلوكه
عند االستجابة للمواقف المختلفة من أجل إشباع حاجاته ،لكن الظروف المحيطة باإلنسان تحول
بينه وبين إشباع هذه الحاجات أحياناً ،فيحاول اإلنسان تبعاً لذلك البحث عن بديل يؤدي به إلى
الحصول علي تلك الحاجات مما يقلل من التوتر.
وقد يميل اإلنسان خالل العملية التوافقية إلى الحلول البديلة التى ال تصل به إلى الحل
كأن يوجه اللوم لغيره علي ما حدث له من فصل في عمله مثالً أو يرجع سبب فصله لسوء
النظام االقتصادي والوظيفي.
أسلوب الحياة :وأمر عادي علي أن يلجأ اإلنسان حينما يواجه صعوبة أو عقبة ال
يصلح في حلها السلوك المألوف والخبرات السابقة إلى تحرير سولكه لكي يتكيف مع المواقف
الجديدة .ولكل إنسان أسلوبه في التوافق أو أن لكل إنسان ما يسمي " أسلوب في الحياة" Life
Styleوهي طريقة الفرد وأسلوبه في األخذ والعطاء مع الناس في تعامله االجتماعي ،وفي حل
مشاكله وفي تغلبه علي ما يواجهه من عقبات .وتبعاً لذلك األسلوب يختلف الناس من حيث
قدرتهم وأسلوبهم في التوافق اختالفاً كبي اًر .فمنهم من يسلك أساليب موفقة سليمة بإزالة العقبة أو
حل المشكلة بطريقة إيجابية إنشائية فإن لم يوفقوا لمثل هذا الحل بحثوا عن حلول بديلة أو غيروا
من حاجاتهم ودوافعهم التي لم تشبع ،ويستجيب بعض الناس لما يواجههم من مشكالت
باستخدام اساليب ملتوية فيعتدي بالضرب علي أبنائه أو يثور بغضبه فيهم أو أن يستسلم ألحالم
اليقظه.
26
أنواع الصرع :وبطبيعة الحال فإن اإلحباط ينتج من التصادم بين دافعين يخرجان في
اتجاهين متعارضين فينشأ عن ذلك حالة من الصراع وأنواع الصراع ثالثة هي:
أ -صرع األحجام المزدوج Double avoidance :حيث يجب علي الفرد أن يختار
بين ضررين كأن يقوم الفرد بممارسة عمل غير مرغوب فيه أو أن يخسر كل ما
لديه من نقود.
ب -صرع األحجام اإلقدام Approach avoidance :مثل تكبد الفرد الكثير من
المشاق والتعب عن االقتراب من هدف سار مثل السعي لمجد بطولي مع ما في
ذلك من تعرض للخطر (كوفيل)22 :1222 ،
مصادر عقبات تحقيق الهدف :تتمثل مصادر العقبات التي تحول دون تحقيق الفرد
ألهداف فيما يلي:
-1البيئة االجتماعية.
-0القصور الجسمي والعقلي.
-3اضطراب التكوين النفسي.
أوالا :البيئة االجتماعية :تعزي الكثير من العقبات التي تقف دون إشباع الفرد لحاجاته
إلى الضوابط والقيود التي تضعها البيئة االجتماعية .وتعتبر البيئة االجتماعية من أهم
مصادر ألتزمت الشدة ،وذلك لما تقيمه من قوانين ،وقيود تحيط بالفرد وتعوقه عن
إشباع مطالبه وحاجاته.
ثاني ا -القصور الجسمي والعقلي :وينشأ الحرمان لدي بعض األفراد نتيجة النقص في
إمكانياته العقلية والحركية .فقد ال يمتلك الشخص مستوي الذكاء الذي يمكنه من دخول
كلية الهندسة ليتحقق هدفه في أن يصبح مهندساً معمارياً أو ميكانيكياً ،كما أنه قد ال
يمتلك البنيان البدني الذي يجعله رياضياً فتحقق ما يحلم به من شهرة .وهكذا يصبح
القصور الجسمي والعقلي سبباً في شعور الفرد بالحرمان.
ثالثا – اضطراب التكوين النفسي :أن فصل دوافع اإلنسان وحاجاته عن بعضها البعض
أمر صعب .فغالباً ما تتشابك هذه الحاجات ببعضها نظ اًر لما يوجد بينها من رباط عام،
وعلي هذا االساس تتصف الدوافع والحاجات بشدة التعقيد .ويتضح التضارب أو
التعارض عندما تشبع حاجة علي حساب حرمان حاجة اخري كأن يرضي رغبات والديه
دون أن يرضي حاجاته.
أساليب التوافق السوي :من حيل وأساليب التوافق السوي في حالة اإلحباط والصراع نجد
أنها تتمثل في المحاوالت الشعورية التالية:
27
-1زيادة الجهد للتغلب علي العقبات.
-0النظر للمشكلة من جميع األوجه وتحليل جوانبها السلبية واإليجابية واعطاء وزن
لكل جانب.
-3تخفيض الهدف أو تعديله.
-3التوفيق بين العوامل المتصارعة بتأجيل إشباع أحدها أو تفضيل أحدها علي اآلخر.
-5أن يقوم الفرد باستبدال حاجة بحاجة أخرى غيرها كأن يلجأ لزمت (المكبوت)
جنسياً إلى الرياضة البدنية أو الرسم.
أساليب التوافق الالسوي :عندما يعاني الفرد من اإلحباط الشديد لمدة طويلة من الزمن
فإن عدم تمكنه من تحقيق هدفه قد يؤدي إلي شعوره بالقلق والفشل ويستبدل سلوك حل المشكلة
بسلوك يهدف إلي الدفاع عن الذات وعما يهدد مكانته وتقدير اآلخرين واحترامهم له ،وينشأ عن
ذلك أن تكون لدي الفرد ردود أفعال أو استجابات أو حيل دفاعية ال شعورية والحيل الدفاعية :
هي المحاوالت الالشعورية التي يخفف بها الفرد قلقة وتوتراته الناجمة عن اإلحباطات
والصراعات التي لم تحل.
ويحاول بعض علماء النفس تصنيف بعض هذه الحيل في فئات كبري علي النحو
التالي:
أ -الحيل االعتدائية ويدخل في نطاقها:
-1العدوان
-0اإلسقاط
28
ب -الحيل الهروبية ويدخل تحتها:
-1النكوص
-0التبرير
ج -حيل استبداليه غير موفقة مثل:
-1التعويض
-0النقص
-1العدوان :ينفس التوتر الشديد المستمر المترتب عن اإلحباط عن نفسه بما يقوم به الفرد
من عدوان وللعدوان صور مختلفة فقد يكون عن طريق العنف الجسمي أو العدوان
بالقذف اللفظي كالتشهير واإليقاع بين الناس والكيد لهم .وقد يأخذ العدوان صورة النقد
والتندر والتهديد ،كما قد يأخذ صورة الغضب واألفعال المتصفة بالتهيج والعنف.
وقد ال يوجه العدوان علي األفراد أو المواقف التي أنتجت اإلحباط ،ولذلك ينصب
العدوان علي أول " كبش فداء" يجده الفرد أمامه .فالموظف الذي يلقي من رئيسه نه اًر أو
ذماً أ أي صورة من صورة اإليذاء ،وفي نفس الوقت ال يستطيع أن يدفع عن نفسه ذلك
فإنه عندما يذهب إلى منزله بعد انتهاء عمله يثور في أوالده ويوجه لهم كافة النقد .وقد
ال يستطيع الفرد توجيه العدوان للعالم الخارجي فيوجه العدوان إلى داخله فيقوم بإيذاء
نفسه.
ولقد وجدت شارلين ت .ماير Charlene T . Mayerفي دراستها للعالقة بين سلوك
اآلباء وعدوان األبناء أن التدخل في تهذيب وتأديب األطفال يرتبط ارتباطا موجباً
بدرجات عدوان الطفل فيبلغ 2،52أي أن التدخل في تأديب الطفل والخالفات المنزلية
ترتبط بالعدوان ارتباطاً موجباً يصل إلي 2،31أي أن التدخل في تأديب الطفل
والخالفات المنزلية يؤديان إلى زيادة العدوان لدي األبناء ،وفي مقابل ذلك فإن فهم
مشكالت األبناء واستخدام الديمقراطية كأسلوب في تربية الطفل يؤديان إلى خفض درجة
العدوان لدي األبناء ( لورانس شافز.)325 :1255 ،
-0النكوص :يعتبر النكوص من الحيل التي يعود فيها الفرد إلى استعمال أساليب تشير إلى
التكيف غير الناجح كان يستخدمها الفرد في مرحلة سابقة من مراحل نموه ،وهذا ما نراه
لدي البعض عندما يواجهون مصاعب في حياتهم فنجدهم يلجاون إلى اإلفراط في
الحنين إلى الماضي حيث كانوا ينعمون بالراحة والنعيم دون تحمل لمسؤوليات وواجبات
تقضيها الظروف الراهنة.
وقد نلمس استخدام األطفال لمثل هذه الحيل فعندما يجد ابن من األبناء أن أمه قد
وجهت حنانها وعطفها إلى أخيه األصغر منه فإنه يأخذ في التبول الالإرادي أو يقوم
بمص أصابعه أو قضم األظافر كما سبق أن بينا.
29
-3األنسحاب :يذهب كرتش وزمالئه Krech and othersإلى أن الموقف اإلحباطي
الذي يتعرض له الفرد قد يؤدي إلى االنسحاب منه ،وذلك بإقامة الحواجز النفسية التي
تعزلة كلية عن االتصال بهذا الموقف .والمثال علي ذلك أصحاب الرأي واالتجاهات
السياسية فعندما تعاق آرائهم واتجاهاتهم وال تجد المنافذ المعروفة للتعبير عنها لرفض
المجتمع لها فإن هؤالء األفراد قد يفقدون كل الميل ويرفضون المشاركة بنشاط في العمل
السياسي وتتكون لدي هؤالء األفراد تبعاً لذلك السلبية في سلوكهم فيصبحون غير منتجين
وال يستفيد منهم المجتمع بشئ.
-3الكبت :هناك فرق بين الكبت والقمع Suppressionفالقمع محاولة الفرد السيطرة
الشعورية علي الدوافع والمشاعر والخبرات غير المرغوبة من قبل المجتمع .أما في
الكبت فإن الفرد يقوم بإخضاع حاجاته المحبطة لقوي تجعلها صعبة المنال في الواقع
ونتيجة لذلك فإن الفرد ينسب أو يكبت هذه الرغبات غير المشبعة.
-5تكوين رد الفعل :أو التكوين العكسي ويعبر ذلك عن قيام الفرد بسلوك مخالف لما يود
ويرغب أن يحققه مثل مبالغة األم في العناية بأبنائها ،فإن ذلك قد يعكس كراهية شديدة
نحوهم ألنهم نتاج زواج غير سعيد.
-2التبرير :يعني قيام الفرد بتبني أسباباً معقولة لما يقوم به من أخطاء أو لما ينتج عنه من
فشل دراسي أو لما يعتنقه من قيم ومعتقدات أو آراء تتصل بالسياسة ،فالتلميذ الذي يغش
في االمتحان يذهب إلى القول بأن االمتحانات آساليب تقليدية ال تصلح في المقارنة بين
الناجحين والفاشلين أو بين األذكياء وغير األذكياء .وبهذا فإن التبرير من الحيل التي
يدفع بها اإلنسان عن ذاته ما يسبب لها األذى واأللم.
-2اإلسقاط :ويتمثل اإلسقاط في قيام الفرد بنسبة ما لديه من صفات وخصائص غير
مرغوب فيها إلي اآلخرين ،وذلك كالشخص الذي يشعر بذنب بسبب تصرفاته غير
األخالقية فيعكسها علي اآلخرين واجداً فيهم أسباب خطئه أو خطيئته ،كذلك الزوج
الذي لدية رغبة ال شعورية في خيانة زوجته يميل إلى اتهامها بالخيانة.
-2التعويض :يلجأ الفرد لهذه الحيلة محاوالً التغلب علي شعوره بالعجز سواءاً كان هذا
العجز حقيقياً أو متخيال ،وقد يكون التعويض مباش اًر أو غير مباشر ،ويبدو التعويض
المباشر في رغبة اإلنسان النجاح في مجال من مجاالت الحياة كعمل أو مهمة تعوض
الفرد من الفشل أو العجز .أما العويض غير المباشر فهو محاولة الفرد النجاح في
ميدان آ خر غير الميدان الذي سبق له الفشل فيه كالطالب الذي فشل في التعليم فيحاول
تعويض هذا الفشل في النجاح في النشاط االجتماعي.
31
-2التحول :عندما يعجز اإلنسان عن مواجهة موقف من المواقف الخارجية فإن الفرد
يهرب من هذه المواقف إلي الكسب عن طريق المرض في احد حواس الجسم أو أحد
اعضائه .كالطالب الذي لم يستذكر دروسه نجده يوم االمتحان لم يستطع اإلجابة علي
األسئلة فيحدث له شلل في يده التي يكتب بها ليعزو فشله لمرض يده وكالجندي الذي ال
يقدر علي مواجهة المعركة فتشل قدمه وال تقوي علي السير لكي يحمله زمالئه ألقرب
مستشفي بالميدان.
-12اإلنكار :من خالل اإلنكار يستطيع الفرد أن يتجنب العوامل المسببة لأللم ،وذلك باإلنكار
ال شعورياً لما لدي الفرد من رغبات أو أفكار أو أي موضوع خارجي ومن صور اإلنكار
أن يلجأ الفرد إلي التجاهل التام لما في الواقع من جوانب مؤلمه.
-11اإل زاحة :في هذه الحيلة يتم توجيه ما لدي الفرد من مشاعر مكبوتة نحو األفكار أو
موضوعات أو أفراد غير تلك التي كانت األساس في نشوء هذه االنفعاالت ويتضح ذلك
في شعور الحب الذي ال يستطيع الفرد أن يوجهه لصاحبه فيقوم بتوجيهه ألحد أقاربه أو
ألحد أبنائه.
-10التوحد :ويعني بالتوحد رغبة اإلنسان ال شعورياً في القيام بإدماج شخصيته في شخصية
فرد أخر يود أن يتصف بصفاته وسماته ألنه يشعر بالعجز والنقص بالنسبة لهذه
الخصائص والسمات .وفي مجال االضطرابات النفسية نجد بعض المرضي النفسيين
يتقمصون شخصية نابليون أو الملك مينا فيتشبهون بهما في مشيتهما .ويحدث التوحد
في جميع األعمار ففي الطفولة يتوحد الطفل بأبيه ،وفي المدرسة بمدرسه ،وبهذا فإن
التقمص مصدر سوي لإلشباع التوافقي ،ولكنه يري أيضاً في أكثر حاالت عدم السواء
تطرفاً كما سبق أن رأينا (لورانس شافر.)325 :1255 ،
الخالصة :وهكذا نجد أن هذه الحيل واألساليب التوافقية ال تستطيع أن تحل المشكلة
التي يقع فيها الفرد وأن عملت علي خفض التوتر كاالنزواء الذي يجعل الفرد يشعر بأنه غير
فاشل في صالته مع الناس ،لكنه ال يؤدي إلى تحسن في هذه الصالت .أي أن هذه االساليب
تشبع الدوافع بشكل وهمي ،وال تحل المشاكل بل تزيدها سوءاً .ويكتسب اإلنسان تلك األساليب
بالمحاولة والخطأ وعن طريق معايشته وتشربه لألشكال السلوكية المختلفة التي يقومون بها
فيعمل علي تنفيذها مرة تلو األخري حتي تصبح هذه األساليب شيئاً ثابتاً لديه وجزءاً من
شخصيته.
السواء والالسواء
30
( )1شدة المعاناة من االعراض المرضية.
( )0استمرار األعراض فترة طويلة.
( )3عدم تناسب االستجابة مع المثير.
ويقصد " بالشدة" أن األعراض كالقلق والتوتر واالكتئاب قد تعمقت في الذات وأصبح
تأثيرها واضحاً وبشكل بارز يظهر في معاناة الشخص منها .ويعني "باالستمرار" أن هذه
األع ارض موجودة لدي الفرد منذ مدة طويلة ومازال يعاني منها .أما ما يقصد " بعدم تناسب
االستجابة مع المثير" فهو أن الفرد في استجاباته المختلفة لمن يحيطون به ولكافة المثيرات
الموجودة في البيئة ال تكون هذه االستجابات مناسبة للمثير وذلك لعدم مسايرة هذه االستجابات
لما هو متفق عليه بين أعضاء الجماعة أو ي المجتمع أو في الثقافة.
وفي فصل آخر عن :الحياة العقلية العادية يقول ستافورد كالرك في أن ما يقبل علي أنه
"سواء" في مجتمع يختلف بصورة كبيرة في مجتمع أخر فال يقبل علي أنه كذلك.
محكات الشخصية السوية :ونضيف لما سبق أن ذكرناه عن شروط التوافق أن الكثير
من علماء النفس ( كوفيل – متلمان – مازلو) يتفقون علي أن الشخص السوي يتمتع
بالخصائص التالية:
أ -شعور مرتفع باألمن :ويتمثل ذلك في سعي اإلنسان سعياً كبي اًر م أجل حماية ذاته
وتأمينها ،والوقاية من األخطار المحيطة به.
سواء كانت هذه األخطار في البيئة أو في األشخاص والمؤسسات المختلفة.
ب -قدرة عالية من االستبصار وفهم تقويم الذات :ويتضح ذلك في وصول الفرد إلي درجة
عالية من الرضي الذاتي عما يقوم به من أعمال وما يرغب في القيام به من أفعال.
ت -عدم وجود فجوة وهوة كبيرة بين أهداف الحياة التي يضعها الفرد لنفسه وبين قدراته
وفاعلية عالقاته اإلنسانية باآلخرين.
ث -ثبات الفرد في أقواله.
ج -االستفادة من الخبرة السابقة.
ح -تناسب انفعاالت اإلنسان مع المثيرات والمنبهات التي قد يتعرض لها.
خ -قدرة الفرد علي الموازنة بين تلبيته لحاجات الجماعة وبين استقالله الذاتي.
د -إشباع الحاجات الفسيولوجية بشكل مقبول ( كوفيل وآخرون.)22 :1222 ،
وفي ضوء الخصائص السابقة فإن الشخص السوي هو الذي يرسم لنفسه مستوي من
الطموح مناسباً لقدراته وامكانياته الشخصية ،وهو الشخص الذي يتحمل مسئولية أعماله ويتمسك
برأيه واستقالله الذاتي بصورة تساير أهداف الجماعة ومثلها وقيمها .كما أنه في نفس الوقت
32
يكون قاد اًر علي التفاعل والتعاون مع اآلخرين وتلبية حاجاته الفسيولوجية بشكل ال يتعارض مع
المعايير السائدة وحب وتقدير الجماعة له.
إن ما ينظر إليه علي أنه " سوي" في مجتمع قد ينظر إليه علي أنه " ال سوي" في
مجتمع أخر ،بل أنه داخل الثقافة الواحدة تتعد الثقافات الفرعية Subculturesويختلف "
السواء" و"الالسواء" في مفهومه ومعناه في كل ثقافة من هذه الثقافات الفرعية عن باقي الثقافات.
ولقد اختلفت اآلراء ووجهات النظر فيما يتعلق بتحديد "السواء" و "الالسواء" ويطلق في
نهاي األمر علي هذه اآلراء ووجهات النظر المتعلقة بالسواء والالسواء اسم" معايير السواء
والالسواء " وأهم هذه المعايير:
33
والتوزيع االعتدالي النموذجي من أهم خواصة اإلحصائية أنه متماثل أي أن نصفه األيمن
نطبق علي نصفه االيسر وأن متوسطه يساوي صف اًر (فؤاد البهي)1221:023 ،
ويفيد منحني التوزيع بالصورة السابقة في معرفة السواء والالسواء (العادي والشاذ)
بالنسبة للسمات والخصائص العقلية المختلفة فلو قمنا بتطبيق اختبار مناسب من اختبارات
الذكاء علي عينة ممثلة للمجتمع ونعني " بممثلة " أن تمث العينة فئات العمر والتعليم الختلفة
والمستويات االجتماعية االقتصادية والمناطق الجغرافية والجنسين ،فلو طبقنا هذا االختبار علي
هذه العينة فإننا نتوقع أن يحصل معظم أفراد العينة علي درجة ذكاء متوسطة أي أنهم يقعون في
المنتطقتين ( )3( ،)0من التوزيع وهي المنطقة التي تشمل معظم مساحة هذا التوزيع أي المنطقة
" المتوسطة" ونتوقع كذلك أن تحصل قلة من هذه العينة علي درجات " أقل " من المتوسط
ويقعون في المساحة رقم ( )3من التوزيع.
ومن وجهة نظر " المعيار اإلحصائي" فإن األفراد الذين يقعون في المنطقتين ()3( ، )0
هم األسوياء واألفراد الذين يقعون في المنطقتين ( )3( ، )1هم غير األسوياء.
ويتفق توزيع الدرجات الخاصة بالذكاء بهذه الصورة مع رؤيانا لتوزيع الذكاء بين من
نصادفهم من الناس في حياتنا اليومية فغالباً ما نقابل أفراداً تستطيع التفاهم معهم ،كما أنهم
يستطيعون التفاهم معنا ،كما أنه من النادر أيضاً أن نقابل أفرداً ال نسطيع التفاهم معهم
النخفاض مستوي ذكائهم أو نقابل أفراد ذوي ذكاء مرتفع وذلك ألن هاتين الفئتين األخيرتين
نادرتين في المجتمع أي أن "منخفضي الذكاء" " و "مرتفعي الذكاء" قلة وليسوا بكثرة " متوسطي
الذكاء".
واذا كان هذا المعيار اإلحصائي يصلح في تحديد السواء والشذوذ بالنسبة لبعض
السمات الجسمية كالطول ووزن الجسم حيث نجد أن كال من "القصر البالغ" و "الطول البالغ" من
34
الخصائص غير المرغوبة والتي تـعتبر "شاذة" للدرجة التي أصبحت األمثلة الشعبية السائدة
تتطابق معها فيقال في الطول البالغ والقصر البالغ :كل طويل هبيل وكل قصير مكير"
والوصف الموجود في هذا المثل عن كل من الطول والقصر يشير إلي أنهما صفتان غير
مرغوبتان أي "شاذة" ...ومايقال علي الطول يقال علي وزن الجسم فالنحافة والبدانة صفتان غير
مرغوبتان.
إال إن ما يمكن أن يوجه من نقد لهذا المعيار هو أنه ال يمكن أن يصلح لكل
الخصائص والسمات .فلو أخذنا الذكاء أو درجة اإلبصار وقمنا بعمل توزيع درجات عينة ممثلة
من األفراد كل علي حدة فإننا ال نستطيع أن نقل أن األفراد الذين يقعون في المنطقة رقم ( )3من
التوزيع وهم "مرتفعو الذكاء" بالنسبة لصفة الذكاء وهم "حادو اإلبصار" بالنسبة لصفة اإلبصار
أنهم "شواذ" وذلك ألن ارتفاع الذكاء وحدة اإلبصار من الصفات المرغوبة والمحبوبة من قبل
المجتمع.
وتختلف تلك المجموعة من القيم والعادات من ثقافة ألخرى ونتيجة لهذا االختالف فإن"
المقياس" الذي يقاس علي أساسه انحراف سولك األفراد أو تطابقه مع تلك المعايير والقيم يختلف
من ثقافة ألخري أيضاً.
يتضح من هذا الكالم لو استعرضنا بعض الظواهر وتأملناها وكأنها علي ذلك "المقياس"
في عدة ثقافات .فالجنسية المثلية أي ممارسة الجنس مع نفس النوع Homosexualityيعتبر
سلوكاً "شاذاً" في كثير من الثقافات لكنه يعتبر سلوكاً سوياً في ثفافات أخرى.
وفي الثقافة الواحدة نجد أن المعايير والقيم السائدة فيها تتغير من وقت آلخر نتيجة
لعوامل التغير والتطور فما كان يعتبر "شاذاً" في يوم من األيام بأحد الثقافات يعتبر اليوم "سواء"
فالسفر وخروج المرأة لمجال العمل بل واشتراكها في الحياة السياسية اعتبر في أواخر القرن
الماضي وأوائل القرن الحالي سلوكاً شاذاً لكن خروج المرأة وسفورها أصبح اليوم سلوكاً مرغوباً
فيه وسوي.
وهكذا نجد أن حتي في الثقافة الواحدة ال يمكن أن توجد مقاييس ،ثابتة دائمة علي مر
الزمان وذلك ألن هذه المقاييس تخضع للتطور وللتغير.
35
وليس ذلك فقط بل أننا نجد أنه داخل الثقافة الواحدة تنتشر الثقافات الفرعية
Subculturesوتتعدد وقد يكون هناك اتفاق عام بين هذه الثقافات الفرعية علي ما هو " سوي"
وما هو "شاذ" بالنسبة لبعض الظواهر والمسائل السائدة إال إن هناك ظواهر أخرى يختلف الحكم
علي سوائها وانحرافها من ثقافة فرعية ألخري والمثال علي ذلك ما نجده في مصر بالنسبة
لظاهرة األخذ بالثأر فهذه الظاهرة تعتبر أم اًر عادياً في الوجه القبلي فاإلبن البد أن يأخذ بثأر أبيه
ويقتل من قتله ،هذا حين أن هذا السلوك يعتبر "شاذا في الوجه البحري حيث يترك األمر للعدالة
لتصدر حكمها في القاتل عند حودث مثل هذه الظواهر.
المعيار الباثولوجي :يعتبر الشخص شاذاً في ضوء هذا المعيار إذا وجدت لديه ()3
أعراض وشكاوي مرضية كالقلق واالكتئاب والتوتر والصراعات النفسية المختلفة
ويعتبر الشخص سوياً إذا خال من هذه األعراض إذ أن الشخص السوي هو شخص
بال أعراض .إال أن الخلو من األعراض ال نجده لدي أحد فمن الصعوبة بمكان أن
نجد شخصاً خالياً من األعراض المرضية ،ومع هذا فإنه عندما يغلب وجود تلك
األعراض المرضية في شخص ما فإنه يعتبر "شاذاً"
ويوجه نقد لهذا المعيار في اختفاء الدرجة التي ينبغي أن تكون عليها تلك االضطرابات
واألعراض المرضية حتي يمكن أن يحكم عليها بأنها مرضية حيت ال يختلط السواء بالشذوذ.
المعيار النموذجي أو المثالي :عند الكالم عن المعيار اإلحصائي وجد أن هذا ()3
المعيار ال يصلح لكل السمات والخصائص وذكرنا أننا ال يمكن أن تعتبر الزيادة في
الذكاء شذوذاً أو أنحرافاً حيث أن هذه الحالة أمر مرغوب فيه ومطلوب من أجل بناء
المجتمع والذي يقوم بالدرجة األولي علي ما يقدمه األذكياء فيه من تخطيط وتنفيذ،
كذلك األمر بالنسبة للعديد من الخصائص األخرى كالصحة البدنية والجمال والقوة.
ولقد أشار ايزنك إلي أنه في ضوء ذلك فإننا البد أن نضع معيا اًر أخر بديال للمعيار
اإلحصائي أال وهو المعيار المثالي أو النموذجي وهو المعيار الذي يأخذ كل فرد علي عاتقه
االحتذاء به ومحاولته باستمرار االقتراب منه يجعل سلوكه يتطابق معه .وبناء علي هذا المعيار
فإننا نطلق علي الشخص بأنه سوي كلما اتفق سلوكه مع المثل األعلي ونطلق علي الشخص
بانه شاذ كلما كان سلوكه غير متفق وبعيداً عن المثل األعلي.
إال أن أهم ما يؤخذ علي هذا المعيار أن الشئ المثالي أمر ال وجود له في الثقافة التي
يعيش فيها اإلنسان ويعتبر هذا المعيار تطرفاً في تحديد السواء وأن كان هناك اتفاق جماعي.
علي أن ارتفاع مستوي الجمال وارتفاع مستوي الذكاء يعتبر مثالية ،ومن الناحية العملية نجد أن
األخذ بهذا المعيار يحيل أفراد الثقافة – باستثناء قلة – إلى أفراد غير اسوياء.
36
المعيار الطبيعي :ويري البعض إطالق اسم " معيار السلوك الجنسي" علي المعيار ()5
الطبيعي لتطابقه واتفاه مع مضمون هذا المعيار .ومن خالل هذا المعيار يعتبر
الشخص سوياً لقيامه بالدور المناسب لجنسه مثل أن يكون الولد الذكر مباد اًر والبنت
األنثى خاضعة والقيام بالدور الجنسي الغيري Heterosexualtyأسلوب سوي
بالنسبة للحياة الجنسية لدي بني البشر ،كما تعتبر في نفس الوقت الجنسية المثلية
Homosexualityأي ممارسة الجنس مع فرد من نفس النوع أم اًر شاذاً.
المعيار الذاتي :ويعتمد هذا المعيار علي أن الفرد يجعل من ذاته إطا اًر مرجعي ًا ()2
Frame of referenceيتخذه كأساس للحكم علي السوك بأنه سوي أو غير سوي
واإلطار المرجعي ،كما أظهرت التجارب األولي في تاريخ علم النفس (آشي –
شريف) ماهو إال اجتماع آراء الجماعة ذاتها أي أنه يتضمن اإلطار االجتماعي
الممثل لعمليات التنشئة االجتماعية .وعلي الرغم من ذلك فإننا نجد أن اعتماد الفرد
علي ذاته وعلي اإلطار المرجعي في الحكم علي السلوك يخضع لألحكام السابقة
لدي الفرد ولدفاعات األنا (صالح مخيمر.)5 :1222 ،
المعيار التواؤمي :يعتبر كولمان 1223 Colmanصاحب هذا المعيار في تحديد ()2
السواء والالسواء فالسواء والالسواء في نظره ال يتحد من خالل تقبل المجتمع لكن
من خالل مقدار ما يوفره هذا السلوك من نمو وتحقيق إلمكانات الفرد والجماعة
فمسايرة الفرد للجماعة أن أدت إلي نمو الفرد والجماعة اعتبر السلوك عادياً .إما
إذا لم تؤد لذلك اعتبر السلوك مرضياً (عبد السالم عبد الغفار.)25 :1222 ،
األسئلة:
37
-2فرج طه ( – )1222سيكولوجية العامل المشكل في الصناعة – دكتوراه غير منشورة
قدمت آلداب عين شمس.
-2فؤاد البهي السيد ( – )1221علم النفس اإلحصائي وقياس العقل البشري – دار الفكر
العربي.
-2كوفيل وآخرون ( – )1222تأليف – محمود الزيادي – ترجمة علم النفس الشواذ – دار
النهضة العربية.
-2لورانس شافر ( – )1255تأليف – علم النفس المرضي واالضطرابات الصغري في
كتاب "ميادين علم النفس" تأليف بإشراف جيلفورد – وترجمة بإشراف يوسف مراد – المجلد
األول – دار المعارف.
-12محمد شعالن ( – )1222االضطرابات النفسية في األطفال – الجهاز المركزي للكتب
الجامعية.
-11متغسل ملتن ( )1252تأليف – رياض عسكر – ترجمة – وجهة تظر التكيف مع البيئة
– في ميادين علم النفس – المجلد الثانى.
38
الفصل الثاني
تاريخ الصحة النفسية
ومدى انتشار االحنرافات النفسية االجتماعية
األهددداف :يهــدف هــذا الفصــل إلــى تعريــف القــارئ بتطــور تنــاول ظــاهرة المــرض النفســي
عبـ ــر عصـ ــور التـ ــاريخ منـ ــذ اإلنسـ ــان البـ ــدائي مـ ــرو اًر بالعصـ ــر اليونـ ــاني والرومـ ــاني والمسـ ــيحي
واإلسـالمي حتـى عصـر النهضـة فــي أوروبـا وبدايـة النظـرة العلميــة للمـرض النفسـي .كمـا يهــدف
الفصـل إلـى تعريـف القـاري أيضــا بمـدي انتشـار المـرض بـين فئــات النـاس فـي الصـناعة والحيــاة
المدنية والعسكرية واآلثار التي تنجم عن ذلك اجتماعياً واقتصادياً.
المحتددو :يتضــمن هــذا الفصــل الوحــدات اآلتيــة :تــاريخ الصــحة النفســية فــي العصــور
اليوناني والروماني والمسيحي واإلسالمي وعصر النهضة والتفسير النفسي ،مـدي انتشـار وآثـار
االنحراف عن الصحة النفسية.
مقدمه :لقد وجـدت معظـم أنـواع االنح ارفـات والشـذوذ ،واألمـراض النفسـية المعروفـة لنـا
اآلن منــذ القــدم بــين جميــع الشــعوب ،فالهســتيريا وعتــه الشــيخوخة والصــرع عرفــت فــي القبائ ــل
البدائيــة ،ولــدي المصـريين القــدماء وعنــد العــرب فــي العصــر الجــاهلي وأرجعوهــا للســحر ،ولعبــت
هذه االنحرافات دو اًر هاماً في النظام االقتصادي للبدائيين من خالل احتراف رجل التطيب مهنة
الطـب ،والــذي كـان يســتخدم التمــائم إلبطـال مفعــول السـحر المســبب للمــرض .ونتنـاول فيمــا يلــي
تطور تناول تلك االنحرافات عبر العصور وانتشارها في المجتمعات حالياً.
ا
أوال :تطور تناول االحنرافات عرب العصور
العصددر اليوندداني :وان المتتبــع لتــاريخ الصــحة النفســية يجــد أن القــدامى اعتبــروا الشــذوذ
العقلي ناتجاً عن قوى فوق طبيعية .ولقد بذلت محاوالت كثيرة لتحريـر الفكـر اإلنسـاني مـن هـذه
النزعة وهي ربط المرض النفسي بالقوى الخارقة .ويعد أبقراط في القرن الخامس قبل الميالد من
العلماء واألطباء الذ ي عارضوا تسمية الصرع بالمرض المقدس إذ قرر أبقراط أنه مرض عقلي،
وأن المرض العقلي مركزه المخ وأنه من الممكن عالج هذه األمراض بدرجة كبيرة بوضع هـؤالء
المرضى في جو مناخي معين وتقديم التغذ ية المناسبة لهم .والى جانـب هـذا يعتبـر أبقـراط مـن
أوائــل مــن عضــدوا فك ـرة تــدرج ح ـدوث المــرض ا لعقلــي بمعنــى أن الفــرق بــين الس ـواء والالس ـواء
Normal & Abnormalكما أي فرق فـي الدرجـة ولـيس فـي النـوع ،أي أنمـه لـيس هنـاك خـط
فاصــل محــدد بــين السـواء والالسـواء وعلــى الــرغم ممــا قدمــه أبقـراط للصــحة النفســية إال أنــه تــرك
كتابات كثيرة تشير إلى الخلط والغموض في فكره وذلك العتقاده األكيد في الطباع األربعة تلـك
التـي تــزعم أن دم اإلنســان تجــري بــه مـواد شـديدة الصــلة بالعناصــر األربعــة وهــي :الهـواء والمــاء
والنار والتراب وال طباع التي اعتقد فيها أبقراط هي :البلغمي والصفراوي والدموي والسوداي.
39
العصر الروماني :وفي مدينة اإلسكندرية في العصر الروماني نجد أن عالج األمراض
العقلية قد أخذ مجراه بشكل يلفت األنظار كغيره مما ازدهر مـن علـوم ونبـغ مـن علمـاء فـي هـذه
المدينة من أمثال جالينوس ذلك العالم الذي سارت شـهرته اآلفـا ق لمـدة تزيـد علـى ألـف عـام لمـا
اشتهر في أبحاثه بالربط بين النواحي اللجسمية والعقلية على نحو لم يسبق إليه أحـد فـي مجـال
األمراض المختلفة ومنها األمراض العصبية.
المسيحية :وبظهـور المسـيحية أدخلـت الفكـرة التـي سـيطرت ومـاتزال علـى عقـول النـاس
والتي تتمثل في نسبة األمراض ا لعقلية إلى الجن والعفاريت ذكرت هذه الفكرة في "العهد الجديد"
متمثلة في طرد الشيطان من الجسد.
ولقد كانت الطرق التي استعملت في ذلك الوقـت وأن كانـت تنبـدو لنـا اآلن غيـر رحيمـة
وقاسية فإنها تعد محاوالت لعالج هذه الفئة من المرضـى الـذين كـانوا يمـرون بـبالم مبرحـة أثنـاء
هذه العمليات العالجية .ولقـد شـملت اإلجـراءات الطبيـة فـي ذلـك الوقـت وسـائل إلشـاعة الخـوف
والرعــب فــي نفــوس المرضــى الــذي يظهــر علــيهم االنط ـواء والتبلــد وذلــك بهــدف تنبــيههم .كمــا
اســتعملت طــرق ووســائل أخــرى م نهــا الك ارســي التــي كــان يجلــس عليهــا المرضــى وتــدار بســرعة
كبيرة ،كذلك استخدمت طريقة إلقاء المرضى من األماكن العاليـة فـي حمامـات بـاردة جـداً وكـان
يطلق عليها اسم " "Surpriseولقد ابتدع بعض األطباء عمليـة "التربنـة" وكانـت هـذه العمليـة ال
تجري بهدف طبي عالجي بل إلخـراج األرواح الشـريرة مـن الجمجمـة كمـا كـان يعامـل المرضـى
كحيوانات ضاربة فيسلسون إلى الحوائط في الحجرات التي ينزلـون بهـا .ولقـد اسـتعمل فـي تقييـد
حركــة المرضــى كــل وســيلة يمكــن التفكيــر فيهــا ،لدرجــة أن ظهــر محترفــون ألداء هــذه المهمــةو
كالحدادين الذين يقومـون بعمـل األصـفاد والـى جانـب ذلـك كـان المرضـى يوضـعون فـي حجـرات
مظلمة لعدة سنوات كثي اًر ما كانوا يموتون أثناءها.
العصور الوسطى في أوروبا :ولقد انتشرت فكرة طرد الشيطان في أوروبا في العصـور
الوسطى وفي بعض األحيان كان يجتاح أوروبا موجة من الهياج الهستيري وكانوا يطلقون عليه
في ذلك الوقـت "مـرض الشـيطان" ونظـ اًر ألن دور اإليحـاء لـم يكـن متبلـو اًر فـي تسـبيب الهسـتيريا
في تلك العصور فإنه كان في إمكانية مريض هستيري أن يوحى لنزالء دير بأكمله فيحولهم إلى
هستيريين .ولقد ارتبطت الهستيريا في ذلك العهد بالسحر والشعوذة ارتباطاً كبي اًر.
العصددر اإلسدددالمي :وال يفوتنــا أن نــذكر أن العــرب فــي مص ـرال وفــي غيرهــا مــن المــدن
العربيــة كدمنش ــق وبغــداد ل ــم يفــتهم العناي ــة بمرض ــى العقــول فباإلض ــافة إلــى إنش ــاء مستش ــفيات
خاصــة بهــم فقــد قامــت خدمــة نفســية علــى مســتوى عــال مــن المهــارة واالهتمــام وخاصــة فــي أيــام
العباسيين وعصر المأمون .وفـي مصـر اشـتهر مستشـفى قـالوون ألنـه كـان يهـتم بعـالج ورعايـة
فئات مختلفة من المرضى من بينهم ذوي العقول المضطربة.
41
ولقــد انشــأ هــذا المستشــفى قــالوون ســنة 1032م وســمي "المارســتان الكبيــر المنصــوري"
وفاء بنذر أخذه على نفسه عندما شفى مـن مـرض بـالقولون .وكـان المستشـفى يقبـل للعـالج فيـه
المرضـى مــن الجنسـين ومــن جميــع المسـتويات االقتصــادية .وقــد خصصـت بالمستشــفى حجـرات
خاص ــة أو خلـ ـوات لمرض ــى العق ــل ،ولق ــد أنش ــأ أحم ــد اب ــن طول ــون قب ــل ذل ــك ع ــام 223م أق ــدم
مستشــفى بالقــاهرة وخصــص فيهــا أيض ـاً قســماً لعــالج المرضــى العقليــين وكــان يــزور كــل يــوم
مرضـي المستشـفي حتـي جـاء يـوم تقــدم منـه مـريض عقلـي وطلـب مــه رمانـه فرمـي بهـا وجـه بــن
طولون بدالً من أن يأكلها فامتنع بعد ذلك عن زيارة المستشفي (براون ادوارد.)1222:102 ،
عصدددر النهضدددة :وف ــي الق ــرن الس ــادس عش ــر نبع ــت فكـ ـرة إحي ــاء الط ــب الق ــديم " ط ــب
ابق ـراط" .زمــن أشــهر الكتــب التــي تــم تأليفهــا كتــاب "تش ـريح المالنخوليــا" لبيرتــون Anatomy
Meancholia by – Birtonوعلــي الــرغم ممــا وجــد فــي هــذا الكتــاب مــن عــدم تمييــز بــين
العوامــل الطبيعيــة والعوامــل فــوق الطبيعيــة " الميتافيزيقيــة " فــي تســبب األم ـراض العقليــة إال أن
الكتاب قد قدم تصنيفاً ووصفاً دقيقاً لألمراض العقلية.
ولق ــد ح ــدث ف ــي الق ــرن الس ــابع عش ــر تق ــدم كبي ــر ف ــي وص ــف األمـ ـراض العقلي ــة وص ــفاً
موضوعياً ويرجع ذلك إلي ما حدث في ذلك الوقت من أحداث هامة كـان رد فعلهـا شـامالً كافـة
جوانــب الحيــاة وفــروع المعرفــة وعلــي رأس هــذه األحــداث قــانون الجاذبيــة لنيــوتن والــذي تــأثر بــه
كافة الباحثون في ذلك الوقت تأثي اًر كبيـ اًر وانتهـي القـرن السـابع عشـر بنجـاج العلمـاء ،وتمكـنهم
من تصـنيف األمـراض العقليـة ال علـي أسـاس أنهـا مجموعـة مـن الكـوارث التـي تصـيب اإلنسـان
وانمـا علـي أسـاس أنهـا مجموعـة مـن األنمـاط المرضـية والشـذوذ عـن السـواء Normalityوأن
هذه األنماط يمكن تعيينها وتحديدها من خالل أعراضها المتباينة.
وظهــرت فــي القــرن الثــامن عشــر حركــات إنســانية علميــة فــي ميــدان األم ـراض العقليــة.
فمن الناحية اإلنسانية تزعم بينل في فرنسا ،ورسل في انجلترا ،وكيبوك في أمريكا حركـة تحريـر
مرضي العقول من األغالل التي تكبلهم .وكثي اًر ما كان يلح الدكتور فيبليب بينيل F.Pinelفي
عــام 1223علــي الحكومــة الفرنســية لكــي تصــبح معاملــة المرضــي العقليــين معاملــة رحيمــة وقــد
كان بينل مدي اًر لمستشفي بيستر ،ولقد طلب من الح كومة أن تسمح له بخلع األغـالل مـن أيـدي
المرضي وأرجلهم ،ولقد سمح له بأن يبدأ تجربته بنزع األغـالل عـن مـريض واحـد ولقـد واجهـت
تجربتــه معارضــة شــديدة الم ن المســؤولون فقــط بــل ومــن زمالئــه األطبــاء الــذين تنبــأوا لــه بنتــائج
سيئة .وكان أول من قام بنزع أغاللـه قبطـان بـاخرة " انجلتـ ار الحبشـة" وكـان مربوطـاً فـي أغاللـه
لمدة أربع سنوات .ولقد نجحت التجربة بعد أسبوع وأعيدت التجربة مع 52مريضاً.
وفــي النهايــة تبــين أن الرحمــة فــي معاملــة المرضــي وعــدم تقييــد المـريض قــد اتيــا بنتــائج
مشــجعة ،وانتهــي علــي أثــر ذلــك نظــام قيــد المرضــي فــي المستشــفي .وبعــد ذلــك بربــع قــرن تقريبـاً
جاء أحد تالميذ بينل فعمم هذه اإلجراءات وظهرت آثـار هـذه الحركـة بعـد ذلـك ف انجلتـ ار وأخـذ
األطبــاء اإلنجليــز يحضــرون إلــي فرنســا ليــروا بأنفســهم نتــائج ذلــك متمــثالً فيمــا تقــوم بــه النســاء
40
المريضـات مــن أعمــال الحياكــة والســلوك الجمعــي الترفيهـي .كمــا امتــاز هــذا القــرن بهــذه الصــورة
(تحرير المريض) بمناهضة الفكرة المسيحية التي تقوم بـأن اإلنسـان حقيـر ومخطـئ .وعلـي أثـر
ذلـك ظهــرت حركـة اإلصــال ح اإلجتمـاعي ،التــي نــادت بضـرورة علــم مستشـفيات إليـواء مرضــي
العقول.
حركة بيرز Cliford Bearasذلك الطالب في كلية الطب والذي مرض بمرض عقلـي
(حـ ـواز انتح ــار) دخ ــل المستش ــفي ث ــم ش ــفي وخ ــرج منه ــا وكت ــب كتابـ ـاً بعنـ ـوان عق ــل وج ــد نفس ــه
Amind that found it selfوكتـب أحـد األطبـاء العقليـين (السـكاتريين) فـي أمريكـا مقدمـه
له ــذا الكت ــاب وذل ــك ف ــي ع ــام .1222وق ــد س ــجل بي ــرز ف ــي ه ــذا الكت ــاب م ــا ك ــان يح ــدث ف ــي
المستشفي.
ويمكــن تلخــيص الحركــة التــي تزعمهــا بيــرز فــي ثالثــة أهــداف :األول العلــم علــي تغييــر
االعتقـاد الســائ بـأن األمـراض العقليـة ال يمكــن عالجهــا ،والثـاني العلــم علـي اكتشــاف األمـراض
العقليــة فــي مراحلهــا األولــي للوقايــة منهــا قبــل أن تصــحب مستعصــية ،والثالــث تحســين الظــروف
الموجودة بالمستشفي ( محمد عماد الدين إسماعيل.)023: 1252 ،
ولقد أمتاز القرن التاسع عشر باألبحـاث العلميـة عـن مختلـف األمـراض وعلـي أثـر ذلـك
انتشــر الــوعي بــاألمراض الع قليــة فظهــر فــي ألمانيــا فــي منتصــف القــرن التاســع عشــر الطبيــب
جرزنجر Gerzingerالذي تعمق فـي د ارسـة وتصـنيف األمـراض العقليـة وتبعـه آخـرون فكانـت
حصــيلة أبحــاثهم ود ارســاتهم الــتمكن مــن تصــنيف األ مـراض العقليــة إلــى ثالثمائــة تصــنيف .وفــي
أحد المدن البلجيكية (مدينة تمبل) يوجد قبر ألح د القديسات التي فرت من محاولة أحد أقربائها
اغتصابها إلي هذه المدينة لتستقر فيها حتي دفنت وأقاموا لها قبر بها يزوره النـاس .ولقـد أثـرت
قص ــتها ف ــي أه ــل ه ــذه المدين ــة ج ــيالً بع ــد جي ــل حت ــي أش ــتهروا ب ــالطرق اإلنساس ــنة ف ــي معامل ــة
المرضي العقليين.
وظهر في هذا القرن أيضاً تصـنيف كـربيلين Kraplinلألمـراض العقليـة والـذي تضـمن
عشرون تصنيفاً مازالت سارية حتي اآلن .وبعد كـربيلن بـدأ البحـث فـي الجهـاز العصـبي حـوالي
عام 1252يعطي نتـائج هامـة مكنـت البـاحثين مـن معرفـة العالقـة الموجـودة بـين أمـراض المـخ
واألمراض العقلية ووضع في ذلك الوقت وصف مبدئي للشلل العام لدي المجانين.
وفي نهايـة القـرن التاسـع أجريـت فحـوص ميكروسـكوبية علـي المـخ أفصـحت عـن وجـود
دالئل فسيولوجية ساعدت في الكشف عن أسباب االضطراب العقلي في حاالت الشيخوخة وفي
حاالت التسمم واإلصابات العضوية وحاالت الصرع .كما قـام علمـاء األعصـاب والطـب العقلـي
الفرنســيون فــي الربــع الثالــث مــن القــرن التاســع عشــر 12بوصــف فك ـرة اإليحــاء وبين ـوا عالقــة
اإليحاء بالهستيريا ،ما ظهر في باريس الطبيب شاركوه Charkoetواتباعه الـذين أوضـحوا أن
42
هناك بعض الوظائف التي يمكن أن تسير في نشاطها مستقلة ،أي أن بعض األفعال قد تحدث
ال شعورية مثل التجوال النومي.
التفسير النفسي :ولقد بدأ بعد ذلك التفسير السيكولوجي الصـرف لألمـراض العقليـة فـي
كتابـات برويـر ،وفرويـد عـام 1222وهمـا يفترضـان وجـود صـراع ينشـأ بـين الـدوافع فينـتج عـن
ذلك الصراع كبت أو إنكار لهذه الدوافع ،وهذه الرعبات المبكوتة تستمر في نشاطها حتـي علـي
الرغم من أنها ال تحتل أي مكان فـي الشـعور ألنهـا فـي نضـال لكـي تجـد تعبيـ اًر عنهـا ولقـد وجـد
ذل ــك الصـ ـراع ف ــي أعـ ـراض الهس ــتيريا وبع ــض األمـ ـراض العقلي ــة وك ــام مح ــور الد ارس ــة االح ــالم
وبعض الظواهر النفسية اليومية التي كانت غامضة كالهفوات وغيرها.
وفــي عــام 1222ظهــر علــم الــنفس المرضــي نتيجــة حــدوث ارتبــاط بــين الطــب العقلــي
وعلــم الــنفس التجريبــي علــي يــد ك ـربيلين الــذي بــذل جهــداً كبي ـ اًر فــي الســنوات األخي ـرة مــن القــرن
التاسع عشر في عمل المقارنات بين العمليات العقلية السوية والعمليات العقلية الشاذة ،كما قام
بعمــل د ارســات تجريبيــة عــن الشــذوذ العقلــي النــاتج عــن التعــب والجــوع وتنــاول العقــاقير وتعــاطي
المخدرات وذلك تحت ظروف مضبوطة علمياً.
القددرن العشددرين :ولقــد جــاء القــرن العش ـرين 1222والد ارســات التجريبيــة علــي الش ـواذ
آخــذة فــي التقــدم .وقــد ســاعد علــم نفــس الطفــل هــذه الد ارســات مســاعدة فعالــة ،فالد ارســات الدقيقــة
للنمو النفسي لدي الطفل تحت ظروف علمية نسبياً في الحضانة قد أضاقت قد اًر كبي اًر جداً من
المعرفــة لمــا توص ــل إليــه األطب ــاء العقليــون م ــن نتــائج وال ــذين يهتمــون بالكش ــف عــن األس ــباب
المختلفة التي تكمن وراء مشكالت األطفال خاصـة أن نسـبة كبيـرة جـداً مـن سـوء توافـق الشـباب
والبالغين ناتج عن الخبرات النفسية وال معاملة القاسية التي عوملوا بها أثناء طفولتهم ،وقد أسهم
هــذا التعــاون بــين الطــب والعقلــي وعلــم الــنفس الطفــل فــي الوقايــة مــن االنح ـراف والكشــف عــن
المظـ ــاهر المختلفـ ــة للشـ ــذوذ واالضـ ــطراب النفسـ ــي ( حسـ ــن السـ ــاعاتي وعبـ ــد المـ ــنعم المليجـ ــي،
)1 :1222
ا
ثانيا :مدى انتشار وآثار االحنراف عن الصحة النفسية
إذا كنا قد أوضحنا في البداية أن الصحة النفسية كما عرفتها هيئة الصحة العالمية هي
كافة اإلجراءات التي تتخذ من أجل الوقاية والعالج لالضطرابات النفسية ،وكافة صـور السـلوك
التي يطلق عليها مفهـوم " سـوء التوافـق" فإنـه يجـدر بنـا تقـديم عـرض وفـي ألشـكال هـذا السـلوك
وصوره المختلفة ،والتي يصفها لورانس شافر بأنها " شذوذ فـي اإلدراك والتفكيـر والتوافـق" وذلـك
بعد أن نعرض لمدي انتشار وآثار هذه االنحرافات علي األفراد والجماعات في بالد العالم.
مــدي االنتشــار واآلثــار االجتماعيــة واالقتصــادية :تبــذل جميــع الــدول الكثيــر مــن الجهــد
والمــال فــي ســبيل القيــام بكافــة اإلج ـراءات التــي تعمــل علــي الوقايــة مــن وقــوع أبناءهــا فــي هــذه
االضطرابات واالنح ارفـات .وتعتبـر الواليـات المتحـدة األمريكيـة مـن أكثـر الـبالد التـي تتفـق علـي
43
برامج الصحة النفسية ،ويوجـد فـي الواليـات المتحـدة فـي أي فتـرة حـوالي خمسـمائة وثمـانين ألـف
م ـريض فــي مستشــفيات األم ـراض العقليــة .وفــي خــالل العــام الواحــد يــدخل المستشــفيات 130
( مائة واثنين وأربعين ألف مريض مرة أخري لحاجتهم إلي الرعاية ثانية .كما تذكر اإلحصاءات
أن من يموتون داخل مستشفي األمراض العقلية عددهم ( 32ستة وأربعون ألف مريض) ويدخل
فيهم الذين يعانون من مرض " عته الشيخوخة".
واألرقام السابقة مأخوذة من اإلحصاءات الرسمية لكنه يجب إال يخفـي علـي أذهاننـا أن
هناك نسبة من المرضـي العقليـين يلقـون الرعايـة فـي منـازلهم أو فـي العيـادات الخاصـة لألطبـاء
النفسيين ،وال يخفي علينا حجم هذه المشكلة بإضافة النسبتين علي بعضهما.
ويرجع األمريكان الزيادة في عـدد المرضـي فـي مستشـفيات األمـراض العقليـة والـذي بلـغ
352أربعمائة وخمسين ألـف فـي عـام 522 ،1235وخمسـمائة وثمـانين ألـف فـي عـام 1235
ال إلي الضغط المطر بشدة في الحياة الحديثة لكن إلي توفير الرعاية داخـل المستشـفيات والتـي
يحتاجون لها ،والي الت حسن في قبول الجهود للتسهيالت التي تم إدخالها علي تلك المستشفيات
(لورانس شافر.)325 ،332 :1225 ،
أما في انجلت ار وويلز فقد بلـغ فـي نهايـة عـام 1232نـزالء مستشـفيات األمـراض العقليـة
فيهمــا 152.222مائــة وخمســون ألــف مــن المرضــي ،كمــا بلــغ عــدد مــن يعــانون مــن الضــغط
العقلـ ــي 322.222ثالثمائـ ــة ألـ ــف وذلـ ــك فـ ــي نفـ ــس الفت ـ ـرة ،ويتلقـ ــي الرعايـ ــة مـ ــن المؤسسـ ــات
35.222خمسة وأربعين ألف منهم .ويتضح مـن خـالل تحليـل تلـك اإلحصـائيات أن ثالثـة مـن
كــل ألــف مــن عــدد الســكان يــدخلون كمرضــي فــي المستشــفي العقلــي ،وواحــد مــن كــل ألــف مــن
السكان يدخل مؤسسة ضعاف العقول ،كما أنه ممـ ا يشـير إلـي حجـم المشـكلة فـي هـذين البلـدين
(انجلت ار وويلز) أن ثلثي ( )%22عدد االسرة التي في المستشـفيات سـواء كانـت خاصـة بمـرض
عضــوي أو ح ـوادث أو جــروح يشــغلها مرضــي عقليــون .وتلــك األرقــام ال تشــمل نســبة العصــاب
النفســي بــين األف ـراد والــذين يشــكلون مــن 11-2فــي األلــف مــن الســكان .ويــذكر دكتــور بليكــر
Blacker C.Bفـي كتابــه " العصـاب وخـدمات الصـحة النفســية عـام 1232أن عـدد العيــادات
المختصة باإلضطرابات االنفعالية عند األطفـال فـي إنجلتـ ار وويلـز وشـمال إيرلنـدا يصـل إلـي مـا
بــين 02 ،125-152ســتة وعشــرون فــي لنــدن و 103فــي بــاقي انجلت ـ ار 2 ،ســبعة فــي ويلــز
(.)Ckark, 1959:259
العالقة بين مدة اإلصابة باالضطرابات العقلية وبين مجمـوع السـكان :قـام النـدر ،وبـيج
Landis& Pageفــي مؤلفهمــا Modern Society and Mental Diseasseالمجتمــع
الحديث واألمـراض العقليـة عـام 1232بمحاولـة للـربط بـين مـدة اإلصـابة باالضـطرابات العقليـة
وبين مجموع السكان فتوصال لما يأتي:
-1حوالي خمسة من كل ألف ينزلون بأحد المستشفيات العقلية خالل فترة ما من كل عام.
44
-0حوالي خمسة عشرة من كل ألف في حاجة جديـة إلـي الرعايـة الطبيـة العقليـة إمـا داخـل
المستشفيات أو خارجها.
-3من كل ألف يولدون سينزل خمسـون مـنهم بأحـد المستشـفيات العقليـة خـالل فتـرة مـا مـن
حياتهم (لورانس شافر.)332 :1255 ،
وفي تقدير آخر للكشف عن العالقة بـين انتشـار هـذه االنح ارفـات وبـين مجمـوع السـكان
وجد ما يلي:
-1واحــد مــن بــين كــل عشــرن ســيؤدي بــه األمــر للمستشــفي العقلــي وستضــطرب الحالــة
النفسية لواحد آخـر مـنهم فـي يـوم مـا .ومعنـي ذلـك أن %12ممـن يولـدن سـيعانون
من انحرافات عقلية شديدة.
-0س ــوف تلج ــأ اسـ ـرة واح ــدة م ــن ب ــين ك ــل خم ــس أس ــر س ــنوياً للطبي ــب العقل ــي طلبـ ـاً
لمساعدته مما يلحق أفرادها من انحراف عن الصحة النفسـية ( عبـدالمنعم المليجـي،
.)35 ،12 :1252
اآلثددار االقتصددادية :وممــا يشــير إلــي أن االنح ـراف عــن الصــحة النفســية ينــتج خســائر
اقتصادية كبري مـا انفـق بالواليـات المتحـدة األمريكيـة فـي عـام 1235للوقايـة والعـالج مـن هـذه
االنح ارفــات فبل ــغ إجم ــالي مــا انف ــق 125ملي ــون دوالر لنســبة %25م ــن المرض ــي ألن النس ــبة
الباقيــة وه ــي %15تع ــالج تب ــع المج ــالس المحلي ــة والريفيــة .كم ــا أن ع ــدد األسـ ـرة الت ــي يش ــغلها
المرضي العقليون تصل إلي النصف من حوالي المجموع الكلي لعـدد هـذه األسـرة .كمـا أن عـدد
الم ــوظفين ال ــذين يقوم ــون بالخدم ــة ف ــي ه ــذه المستش ــفيات بل ــغ ع ــددهم 23ثالث ــة وس ــتون أل ــف
موظف (لوارنس شافر.)332 :1255 ،
وفي الجيش األمريكي بلغت ميزانية بحوث التدريب واألفراد 322أربعمائة مليون دوالر
( ، )Allusi, 1987كمــا يصــل عــدد األخصــائيين النفســيين المــدنيين الملتحقــين بــالجيش للقيــام
بالخدمات النفسية ستمائة أخصائي نفسي في معامل الجيش والبحرية والطيران إضافة إلي عدد
آخر من األخصائيين الذين يعملون بعقود.
هـ ــذا بالنسـ ــبة لالنح ـ ـراف الشـ ــديد فـ ــي الصـ ــحة ا لنفسـ ــية كالـ ــذهان والمـ ــرض العقلـ ــي أمـ ــا
االنحراف البسيط عـن الصـحة النفسـية أي العصـاب فيـذهب الكثيـر إلـى أنـه مـن الصـعب تقـدير
ه ــذه الفئ ــة كم ــا س ــبق تق ــدير الفئ ــة الس ــابقة ألن م ــن يع ــانون ه ــذه االنح ارف ــات ال ي ــذهبون إل ــى
المستشفيات فالناس جميعاً يعانون من حالة عصاب في فترة ما من حياتهم ،وأن حوالي %12
مــن الســكان يعــانون باســتمرار مــن العصــاب .ولقــد ذهــب اندرســون Andersonفــي كتابــه عــن
الطـ ــب النفسـ ــي والصـ ــناعة ( )1202أن نسـ ــبة مـ ــن %02-10مـ ــن المـ ــوظفين فـ ــي المحـ ــالت
التجارية تعوقهم الحالة االنفعالية وغيرها من العصاب.
وبصرف النظر عما ينفق في سبيل الوقاية والعال ج من االنحرافات النفسية فـإن هـذا ال
يعدل ما يعانيه هؤالء من الشقاء وسوء التوافق في حياتهم اليومية والتي تتمثل فـي عـدم قـدرتهم
45
علــي االحتفــاظ بأعمــالهم كمــا أنهــم ال يســتطيعون الحيــاة حيــاة ســعيدة مــع أزواجهــم أو أبنــائهم
ويكونــون فــي حالــة شــقاء دائــم .وان د ارســتنا لتلــك األشــك ال مــن االنح ارفــات ليفيــد فــي فهمهــا كمــا
يفيد في كيفية ضبطها وشفائها ( لورانس شافر.)332 :1255 ،
وفي الصـناعة األمريكيـة وجـد أن ثلثـي المتغيبـين مـن العمـال الصـناعيين يرجـع غيـابهم
ألم ـراض عصــابية وتقــدر اإلحصــائيات أن تــأثير أشــكال األنح ـراف عــن الصــحة النفســية علــي
االقتصاد يصل في امريكا إلى 1252دوالر سبعمائة وخمسين مليون دوالر سنوياً ًَ من األرباح
المتوقعة نتيجة سوء التوافق.
وف ــي الج ــيش األمريك ــي اس ــتبعد %12م ــن المتق ــدمين للخدم ــة العس ــكرية ف ــي الح ــرب
العالمية الثانية ألنهم غير الئقين انفعالياً وعقلياً .وقبـل نهايـة الحـرب وجـد أن ثلـث ()%33،3
األشخاص الذين طردوا من الخدمة العسكرية ألنهم سئ التوافق.
أمــا فــي الجــيش األلمــاني فقــد تــم االهتمــام بد ارســة الكثيــر مــن النـواحي النفســية والعوامــل
المرتبطة بها كالغياب والروح المعنوية والحاالت االنفعالية المختلفة
).(Hoffman, 1992:264
46
ولقــد نشــر منظمــة الصــحة العالميــة WHOعــام 0223تقــدي اًر لنســب الكأبــة فــي بعــض
بالد العالم علي النحو التالي:
األسئلة:
ب ـراون أدوراد – تــأليف ،أحمــد شــوقي حســن – ترجمــة ( )1222الطــب العربــي – -1
األلف كتاب ،مؤسسة سجل العرب بإشراف إبراهيم عبده – القاهرة.
حس ــن الس ــاعاتي وعب ــد الم ــنعم المليج ــي ( – )1222محاضـ ـرات غي ــر منش ــورة ف ــي -0
الصــحة النفســية – قســم الد ارســات النفســية واالجتماعيــة (فــرع الد ارســات النفســية) –
كلية اآلداب جامعة عين شمس.
47
) عل ــم ال ــنفس1255( ل ــورانس ش ــافر – ت ــأليف – يوس ــف مـ ـراد – ترجم ــة بإشـ ـراف -3
– المرضي واالضطرابات الصغري – في كتاب ميادين علم النفس – المجلد األول
. القاهرة- دار المعارف
) – الشخص ــية والع ــالج النفس ــي – النهض ــة1252( محم ــد عم ــاد ال ــدين إس ــماعيل -3
.العربية – القاهرة
5- Driskeil games F. & O'msted Beckett, (1989) psychology and
Military Research Applications and Treads, American
psychologist, January.
6- Hoffman Louise E. (1992), American psychologist and
wartime research of Germany: 1941 - 1945, American
psychologist, Vol. 47, No
7- John spark (2004) World Health organizing, National
Institute of mentai health, from: News Week, 2004, 22
June, N.210.
48
الفصل الثالث
الصحة النفسية والنمو النفسي
المحتو :يتضمن هذا الفصل الوحدات التالية التوافـق والنمـو ومظـاهر سـوء التوافـق عنـد
الطفل كمص األصابع وقضم األظافر والتخلف في القـراءة ،وكـذلك يتضـمن الفصـل مظـاهر سـوء
التوافق لدى الطفل يقتضي منا تتبع عملية النمـو الطويلـة التـي تطـ أر علـى الطفـل منـذ نشـأته خليـة
في بطن أمه حتى يصير ناضجاً.
والنمو عبارة عن تغيرات تقدميه تتجه نحو تحقيق غرض ضمني هو النضج .ويعني هذا
الكالم بصورة أخرى أن هذه التغيرات تسير إلى األمام ال إلى الوراء وأنها تسير وفق نظـام معـين.
وليس حسب الصدفة البحتة ،كما أن كل مرحلـة مـن م ارحـل النمـو هـذه ال تنفصـل عـن أي مرحلـة
تليه ــا أو تس ــبقها ألن جمي ــع مرح ــل النم ــو تخ ــدم غرضـ ـاً نهائيـ ـاً واح ــداً تس ــعى للوص ــول إلي ــه وه ــو
النضج.
-1إننا نستطيع من خالل دراسة النمو الوقوف على ما نتوقعه بالنسبة لعمليـات
النمــو لــدى الطفــل فــي كــل عمــر مــن األعمــال ،فنعــرف مــا يجــب أن يكــون عليــه إد اركــه
وفهمـه ولغتــه وانفعالـه فــي عمـر معــين أي أننـا بفضــل د ارسـة النمــو نـتمكن مــن معرفـة فــي
أي عمر يرتقي نشاط الطفل وفي أي ناحية من النواحي إلى صورة النضج.
-0ال يختلف إطار النمو من شخص آلخر وتلك الصفة التي يتصف بها النمو
تجعلنــا نعــرف مســتوى نضــج أي طفــل مــن األطفــال بالنســبة لمجمــوع األطفــال فــي نفــس
الســن وفــي نفــس الوقــت يتضــح تــأخر أي وظيفــة عقليــة أو جســمية لــدى الطفــل فــي ضــوء
انحراف هذه الوظيفة (بتأخر ظهورها هذا) عن مجموع األطفال.
-3وهذا الجانب هو الذي يعنينا هنا فالبيئة هي التي ترعى عملية النمو .ولذلك
فــإن التوصــل لعمليــات النمــو الســوية يفيــد األمهــات واآلبــاء والقــائمين بعمليــة التربيــة حتــى
يستطيعوا رعاية عملية النمو رعاية سليمة ،تسير في طريق السواء وتبعد بذلك عن طريق
االنحراف.
49
ا
أوال :التوافق والنمو
وتجمع كافة آراء علماء النفس على أن سنوات الطفولة لها تأثير كبيـر فـي تحديـد مالمـح
الشخصية في سوائها وفي انحرافها .فعندما يولد الطفل ينتقل إلى بيئة اجتماعيـة وطبيعيـة تختلـف
اختالفاً شاسعاً عن تلك البيئة التي كان يعيش فيها طوال فتـرة الحمـل .فبعـد أن كـان الوليـد يعـيش
في بيئة بسيطة سهلة يتعرض فيها لعدد قليل من المثيرات كـالح اررة والضـوء وانفعـاالت األم وكـان
سلوكه الحركي أيضاً قاص اًر علـى القيـام بعـدد مـن الحركـات المقيـدة بمحـيط الـرحم ،نجـده بعـد ذلـك
ينتقل إلـى بيئـة طبيعيـة اجتماعيـة أهـم مـا تتميـز بـه كثـرة المثيـرات والمنبهـات السـارة وغيـر السـارة،
وهــذه المثي ـرات أحيان ـاً تكــون هوجــاء مضــطربة ومتغي ـرة باســتمرار وأحيان ـاً أخــرى تكــون مجلبــة للــذة
والسرور .وباإلضافة لذلك فإننا نجد الطفـل عرضـة للضـوء والضوضـاء ودرجـات الحـ اررة المتقلبـة،
وليس ذلك فقط بل إن الطفل يخضع في هذا كله لتأثير الوالدين عليه وللعالقة التي بينهما.
وفي هذا كله يحاول الطفل الصـغير أن يتكيـف للبيئـة الجديـدة وال تـتم عمليـة التكيـف هـذه
إال بعـد األســبوع ال اربـع عنــدما يعتـاد علــى هـذه البيئــة .وفـي أثنــاء هـذه المــدة يكـون نشــاطه مقتصـ اًر
على النواحي الفسيولوجية كالطعام والراحة والنوم وعمليات اإلخراج فهذه الفترة الزمنيـة مـا هـي إال
إعداد للحياة وتكيفاً على ما بها من متغيرات شامالً ذلك مـا يحـدث مـن تعـديالت مـن جانـب الفـرد
في هذه البيئة.
وسنسوق فيما يلي بعض الخبرات التي يمر بها الطفل والتـي لهـا عالقـة بعمليـات التكيـف
والتوافق في حياته اليومية ،وبالطبع يدخل في نطاق ذلك فتـرة الحمـل ومـا يتعـرض لـه الجنـين مـن
مؤثرات ،وهذه الخبرات هي:
ب -الرضاعة.
ج -الفطام.
وســيتم تنــاول كــل خب ـرة مــن هــذه الخبـرات بالتفصــيل فــي الفصــل الخــاص بتفســير الســلوك
الالسوي.
ا
ثانيا :مظاهر سوء التوافق لدى الطفل
للطفل حاجات البد من إشباعها فالطفل في حاجـة إلـى أن يشـعر بأنـه مقـدر ومحتـرم مـن
اآلخرين (الحاجة إلى احتـرام الـذات) وكلمـا نمـا الطفـل يومـاً بعـد يـوم كلمـا رغـب فـي تحمـل الكثيـر
م ــن المســـئوليات واألمـــور والشـــئون الخاصـ ــة بـــه (الحاج ــة إلـ ــى االس ــتقالل) ،وفـــي ك ــل األح ـ ـوال
51
والظــروف يســعى الطفــل إلــى إشــباع الحاجــة إلــى الحــب أي إحساســه دائمـاً بأنــه محبــوب ومرغــوب
فيــه مــن قبــل كــل مــن حولــه فــي األس ـرة وفــي جماعــات اللعــب والرفــاق (الحاجــة إلــى الحــب) .وال
يقتصــر بــالطبع إشــباع هــذه الحاجــات وغيرهــا علــى طفــل مــا قبــل المدرســة بــل وتمت ـد الحاجــة إلــى
إشباع هذه الحاجات إلى األعمار األخرى ،وأم افتقاد الطفل للحـب والـى إهمـال اآلخـرين لـه وعـدم
احترامهم وتقديرهم له ،يترتب عليه انسحاب الطفل من المجتمع الذي يعيش فيه وشعوره باإلحبـاط
وينتج عن كل ذلك وقوعه فـي كثيـر مـن المشـاكل التـي تشـير إلـى سـوء التوافـق وسـنتكلم فيمـا يلـي
عن أهمها:
الكذب. -5
السرقة. -2
( )4مص األصابع :يجد الطفل لذة كبيرة واشباعها فمياً في مص ثدي أمه .فـإذا
فطم تبقي رغبته في المص مستمرة لديه تلح عليه ليحققها بأي صـورة مـن الصـور ،فيلجـأ
إلى مص أصابعه ومحاولة األم منع طفلها من القيام بمص أصابعه يزيده عناداً واصـ ار اًر
علــى القيــام بعمليــة مــص اصــبعه ،ومحاولــة منــع الطفــل مــن مــص أصــبعه فــي حــد ذاتهــا
تثيـر غضـبه وصـياحه وبكائـه وتعمـل علـى بعـث القلـق فـي نفسـه لتهديـد اآلخـرين لـه كلمـا
اقترب بأصبعه من فمه.
( )4التبول الالإرادي :تعرف نيفين زيور التبـول الـالإرادي بأنـه تبـول يحـدث دون
إرادة الطفـ ــل بشـ ــكل متكـ ــرر أو متقطـ ــع بعـ ــد سـ ــن الـ ــتحكم فـ ــي التبـ ــول وفـ ــي أثنـ ــاء النـ ــوم
( ،)1222وتميز بين التبول الالإرادي األولى حيث يفقد الطفل في أي مرحلة من م ارحـل
النمو القدرة على ضبط التبـول ويحـدث ذلـك بنسـبة مـن %22 – 25مـن حـاالت البـوال،
وبين التبول الالإرادي الثانوي والذي يشير لتراجع القدرة على التبول بعد اكتسابها .وتشير
نيفــين زي ــور إلــى أن المكس ــب األولــى ف ــي ح ــاالت التبــول ال ــالإرادي يتمثــل ف ــي أن البل ــل
واإلحساس بالدفء ويبول ينساب على الجلد يستثير لذة اإلحساس بأخذ حمـام دافـئ لـدى
الرضــيع ،أمــا المكســب الثــانوي فهــي تســاهم فــي اإلبقــاء علــى العــرض والــذي يتضــح مــن
تجنب الطفل الذهاب للمدرسة والبقاء بجوار األم .ويعـزي التبـول الـالإرادي إلـى عامـل ذل
50
قطبين االعتمادية خاصة علـى األم ،والعـدوان حيـث يسـمح التبـول بـالتعبير عـن العـدوان.
وقد بينت النتائج التي توصلت إليها نيفين زيور على 12من األطفال من 11 – 2سنة
بتطبيق الرورشاخ والمقابلة واختبار رسم األسـرة علـى تواجـد العـدوان والسـلبية واالعتماديـة
فــي كــل الحــاالت إال أن كــل طفــل يتميــز عــن اآلخــر الخــتالف معنــى العــرض مــن طفــل
آلخر (نيفين زيور.)2 :1222 ،
( )3قضددم األظددافر :إن ســلوك قضــم األظــافر تعبيــر عــن التــوتر والقلــق وتعتبــر
األظـافر لـدى الطفـل أقـوى سـالح لديـه فـإذا قـام بقضـم أظـافره بأسـنانه فـإن ذلـك يعبـر عـن
محاولتــه ك ــبح جم ــاح الجان ــب الع ــدواني ف ــي شخصــيته ،وينش ــأ ل ــدى الطف ــل س ــلوك قض ــم
األظــافر كلمــا وجــد نفســه فــي موقـف يشــير إلــى نـزاع أو شــجار بــين الكبــار كأمــه وأبيــه أو
بــين أخوتــه األكبــر منــه وفــي هــذا الموقــف قــد يعتــري الطفــل شــعو اًر معينـاً تجــاه المتنــازعين
فقد يغضب بشدة تجاه أحدهما ،ويشعر بالعطف إزاء األخير وازاء هذه الثنائيـة يشـعر أنـه
يجــب عليــه أن يخفــض مــن حــدة الكراهيــة والغضــب فيلجــأ لقضــم أظــافره .وتختفــي عــادة
قضم األظافر بزوال األسباب التي تسبب التوتر (سوزان ايزاكس.)20 :1251 ،
( )1اضددطرابات التواصددل :يتمثــل االتصــال الشــفاهي عنــد األطفــال (محــي الــدين
أحمــد حســين )1222 ،فــي القــدرة علــى التعامــل اللغــوي الشــفاهي مــع اآلخ ـرين ،والحــديث
بشكل يسمح لهم أن يكونوا معنى عن العالم المحيط بهـم .ويشـار فـي هـذا الصـدد إلـى مـا
أوضحه بانجز )1222( Bangsمن أن عادة ما يكشف األطفال المعوقون عـن ضـرورة
ضـ ــعفهم فـ ــي االتصـ ــال الشـ ــفاهي بـ ــين عمـ ــر الثانيـ ــة والثالثـ ــة .ويـ ــأتي التمييـ ــز هنـ ــا بـ ــين
اض ــطرابات اللغ ــة واض ــطرابات الك ــالم .فاض ــطرابات اللغ ــة تش ــير لالض ــطرابات المتعلق ــة
باستقبال اللغة أي يجد الطفـل صـعوبة فـي فهـم مـا يقـال لـه ،كمـا تتمثـل اضـطرابات اللغـة
فـي التعبيــر اللغــوي حيــث ال يتـوافر للطفــل محصــوله لغــوي وافــر إذا مــا قــورن بأطفــال مــن
نفــس عم ـره ،واضــافة لمــا ســبق يتمثــل اضــطراب اللغــة فــي أن يجــد الطفــل صــعوبة مــن
التتابع اللغوي فيعجز عن سرد قصة معينة بترتيب صحيح .أما اضطرابات الكالم فتتمثل
في االضطرابات الصوتية أي ارتفاع الصوت بشكل غير سوي ،واضطرابات التلقط حيث
يسـقط الطفــل بعــض المقــاطع الصــوتية أو يشــوهها .ويتمثــل اضــطراب الكــالم فــي اللجلجــة
وه ــي اض ــطراب ف ــي الك ــالم يأخ ــذ ص ــورة اخ ــتالل يص ــبح مع ــه ت ــدفق الك ــالم غي ــر متس ــم
بالسالسة نظ اًر لتدخل ضروب سلوكية أخرى فيه (محي الدين حسين.)123 :122 ،
ومن اضطرابات النطق والكالم األخرى التلعثم فعندما يبدأ الطفـل تعلـم الـتحكم فـي كالمـه
فإن األفكار تتداعى لديه بسرعة ال يمكن لشفتيه مجاراتها ويترتب على ذلك أن يتلعثم الطفل.
وقــد يرجــع التلعــثم لــدى بعــض األطفــال إلــى االضــطراب االنفعــالي الشــديد أو ال الــبغض
والغضب الشديد ،والذي ال يتمكن الطفل من أن يعبر عنه تعبي اًر سليماً فيقع في التلعثم في الكالم
(سوزان ايزاكس.)20 :1251 ،
52
( )3الكذب :ينتج عن قيام الطفل بالكذب وعد ذكر الحقيقة مما يعانيـه مـن قسـوة
في المعاملة من والديه ،فكذبه يكون دائما تعبي اًر عن شعوره بالخوف من أن يعاقب عقاباً
شديداً لسوء ذكر الحقيقة ،فالطفل إذا فقد منه شيء وعـرف أنـه سيضـرب تخلـى عـن ذكـر
الحقيقة واضطر إلى الكذب (سوزان ايزاكس.)20 :1251 ،
ويـرى البـاحثون أن الكـذب قـد ال يكـون شـائعاً ســن الخامسـة لعـد قـدرة الطفـل علـى التمييــز
بين الحقيقة والكذب ،ولذا فهناك الكذب الخيالي ،والكذب اإلدعائي كـأن يـدعي الطفـل أنـه مـريض
لجـذب االنتبــاه ،والكـذب االنتقــامي ليــتهم غيـره بأفعــال ممنوعــةن وقـد يلجــأ الطفــل للكـذب كنــوع مــن
الدفاع خوفاً من العقاب الذي سيوقع عليه (هانم علي ابراهيم.)32 :1252 ،
ولق ــد ق ــام "اندرس ــون Anderson of Andersonع ــام 1252بإع ــداد سلس ــلة م ــن
القصــص الناقصــة أعــدت مــن أجــل معرفــة القــيم لــدى األطفــال فــي عــدة بــالد .وكانــت أداة الد ارســة
عبــارة عــن قصــة عنوانهــا "اللحمــة المفقــودة" تحكــي قصــة طفــل أرســلته أمــه للبقــال لشـراء كميــة مــن
اللحم وبدالً من ان يعود للمنزل مباشرة لعب مع أصدقائه ،فأكل كلب اللحم ،وبعد ذلك قـام الطفـل
بأخذ البـاقي وعـاد إلـى المنـزل .وبعـد أن قـ أر األطفـال فـي عـدة بـالد هـذه القصـة وجـه إلـيهم السـؤال
اآلتي :ما الذي قاله الطفل لوالدته؟
وهذا السـؤال اسـقاطي ويهـدف الـى معرفـة مـا الـذي فعلـه المجيـب فـي موقـف مماثـل .ولقـد
وجد أندرسون وأندرسون ان األطفال الذين ينتمون لبالد فيهـا قسـوة وتسـلطية فـي المعاملـة يجيبـون
بــأن الطفــل ســيكذب علــى أمــه بينمــا األطفــال الــذين يتبعــون ثقافــات تتشــبع فــي المعاملــة الطيبــة
والديمقراطية في السلوك وعدم الخوف من األبوين مالو لقول الصدق.
وتبـــين لنـ ــا هـ ــذه الد ارسـ ــة عالقـ ــة نـ ــوع معاملـ ــة األطفـ ــال بانتشـ ــار الكـ ــذب والصـ ــدق بيـ ــنهم
(.)Lingren, 1968: 433
( )6النشاط الزائد والسلوك االندفاعي :ويقصد بالنشاط الزائد مجموعة الحركـات
العضـلية ال ازئــدة عـن الحــد والتـي يقــوم بهـا الطفــل دون أن يكـون لهــا هـدف محــدد ،ويكــون
انتبــاه الطفــل فيهــا محــدوداً كمــا يجــد صــعوبة فــي النمــو .أمــا الســلوك االنــدفاعي فيقــوم بــه
األطفــال تحــت ضــغط أو تفكيــر غيــر متوقــع وال يضــع الطفــل فــي اعتبــاره مــا يترتــب مــن
نتائج على فعله (فتحي السيد.)100 ،1220 ،
ويذهب محمـد شـعالن ( )1222إلـى أن النشـاط ال ازئـد عـن الحـد قـد يكـون نتيجـة إلصـابة
بالمخ حيـث يجـد الطفـل صـعوبة فـي الـتحكم فـي حركتـه ،أو يكـون راجعـاً لعـدم قـدرة الطفـل الـتحكم
فــي رغباتــه أو تأجيلهــا فيميــل إلــى اإلشــباع الفــوري ممــا يــؤدي إلــى اصــطدامه بالبيئــة فــي ح ـوادث
تـؤدي إلــى اصـطدامه بالبيئــة فــي حـوادث تــؤدي إلـى اضـرار جســيمة (هـانم علــي ابـراهيم:1225 ،
.)32
53
( )7السددرقة :بعــد أن تعلــم الطفــل اختـرام مــا يملكــه الغيــر فــال يجــب أن تمتــد يــده
إليه وبعد أن يعرف ما يخصه من أشياء وما يخص غيره فال يجب أن يعتدي عليه فتنعد
لديه األمانة (سوزان اسزاكس.)20 :1251 ،
والس ـرقة لــدى األطفــال بســيت غاي ــة فــي حــد ذاتهــا لكــن ق ــد يكــون هــدفها الرئيســي الث ــأر
واالنتقـام مـن اعتـدى علـيهم وخاصـة الوالـدين (هـانم علـي )32 :1225 ،كمـا أن الطفـل قـد يســرق
بهــدف الغي ـره مــن أق ارئــه مــن األطفــال فســوف أقالمهــم وكتــبهم .وقــد يكــون شــعور الطفــل بــالنقص
لعيــب فيــه دافع ـاً قوي ـاً لقيامــه بالس ـرقة فيــوزع مــا س ـرقه علــى زمالئــه وأصــدقائه فيعــوض ول ـو قلــيالً
بعــض الــنقص الــذي لديــه مــن خــالل مــا كســبه مــن مكانــه لــديهم .وبــالتفهم وعــدم التشــهير بالطفــل
الذي يقوم بالسرقة وبدراسة الـدوافع واألسـباب الكامنـة وراء ذلـك يمكـن عـالج السـرقة لـدى األطفـال
(سوزان ايزاكس.)20 :1251 ،
( )4العددددوان :وهــو الفعــل الــذي يكــون هدفــه التخريــب والتــدمير وجلــب األضــى
والضرر لآلخرين ،ويعبر العدوان عن مواقـف الفشـل واإلحباطـات التـي يقابلهـا الطفـل فـي
حياتــه اليوميــة .وقــد وجــدت انتصــار يــونس وأحمــد العــادلي ( )1222فــي د ارســتهما علــى
مائــة طفــل مــا بــين 3 – 3ســنوات عــدم وجــود ارتبــاط لــه داللــة بــين المســتوى االجتمــاعي
االقتصادي والسلوك العدواني بصفة عامـة ،لكـن يوجـد ارتبـاط بـين بعـض أشـكال العـدوان
كالعناد وعدم إطاعة األوامر وبين المستوى الجتماعي االقتصادي المرتفع.
وقـد كشـفت أن معــدل انتشـار اضـطراب الســلوك والعـدوان %2.23وأن األنمـاط العدوانيــة
أكثر من غير العدوانية.
وفــي د ارســة مقارنــة للعــدوان بــين أطفــال الحضــر فنســبة الدرجــة لــدى أطفــال الريــف %53
ولــدى أطفــال الحضــر %32ويفســر الباحــث ذلــك بــأن تقبــل وتشــجيع الوالــدين فــي الريــف للطاقــة
العدوانية هو التصريف خارج األسرة فتقل بذلك درجة العدوان الموجه نحو الـذات ،أمـا فـي المدينـة
فيحرص األباء على مستقبل أبناءهم فيعملـون علـى الحـد مـن السـلوك العـدواني ال بالعقـاب البـدني
كما في الريف لكن بإثارة القلق بالتهديد والحرمان من الحب (حسن الفنجري.)113 :1222 ،
( )9التخلف في القراءة :هناك الكثير مـن األطفـال المتخلفـين فـي القـراءة فيكـون
مســتواهم فيهــا أقــل مــن المســتوى العــادي لقرنــائهم وقــد يكــون ذلــك فـي راجعـاً لعيــب خــاص
لــدى الطفــل .وقــد يكــون ذلــك بســبب تغييــر الطفــل لمدرســته أكثــر مــن مـرة عنــد بدايــة تعلــم
القراءة فيترتب علـى ذلـك اضـطراب حياتـه الد ارسـية لعـدم تواجـده فـي مدرسـة واحـدة بصـفة
مســتمرة كــذلك فــإن عــدم مواظبــة الطفــل وغيابــه المســتمر عــامالً مــن عوامــل تخلفــه فــي
القراءة.
هذا باإلضافة إلى بعض العيوب الجسمية كالسمع واإلبصار والتي تكون سبباً فـي عرقلـة
تقديم الطفل في مراحله األولى من تعلم القراءة (سوزان ايزاكس.)20 :1251 ،
54
ويوصف الطفل بأنه يتأخر في القراءة إذا كان اقل عاماً أو أكثر عن المسـتوى العـام كمـا
يقاس باختبار المقننة التي وضعت لمن هم في نفس
( )4المهددددارات اإلكلينيكيددددة :بـ ــأن تكـ ــون لـ ــدى األخصـ ــائي النفسـ ــي القـ ــدرة علـ ــى إج ـ ـراء
المقــابالت المختلفــة س ـواء الح ـرة أو المقيــدة علــى التالميــذ وال ارشــدين ،ويكــون قــاد اًر علــى تشــخيص
انفعاالتهم ومشاعرهم وتفسـيرها ،ومسـاعدتهم علـى فهـم جوانـب شخصـياتهم ،كمـا يكـون قـاد اًر علـى
تكوين المواقف التجريبية المختلفة.
( )3المهارات المساندة :فيكون األخصائي النفسي المدرسي قاد اًر على مساعدة المعلمين
والوالدين والتالميذ على تحمل مشكالتهم والتعامل معها وذلك بتبني نماذج سلوكية جديدة.
( )1مهدددارات الجماعدددة :ب ــأن تك ــون ل ــدى األخص ــائي الق ــدرة عل ــى العم ــل م ــع الجماع ــة
كالوالدين والمعلمين وذلـك بتنـاول المواقـف التعليميـة ،والمعرفـة بطـرق توضـيحها بـأن بـأن يسـتطيع
استخدام األفالم والشرائط وكل وسائل اإليضـاح .كمـا يكـون قـاد اًر علـى الحركـة فـي ميـدان الد ارسـة
سواء من أجل المالحظة أو العمل مع األطباء واألخصائيين االجتماعيين والموجهين.
( )3المهارات التنظيمية :اي تكون لديه القدرة على ترتيب وتنظيم وادارة عمله لتمكن من
استخدام إمكانياته ألقصى حد واتخاذ الق اررات المناسبة لسعادة وصحة التلميـذ ( Labon, 1974:
.)186
األسس التي يقوم عليها دور األخصائي النفسي المدرسدي فدي التوجيده :لقـد تبـع انشـاء
المــدارس اإللزاميــة فــي القــرن 12ظهــور حركــة التوجيــه Guidanceللتالميــذ الــذي يلتقونــه فــي
المدارس إضافة لتوجيه الوالدين لهم .وفي المدارس يلتقي التالميذ الكثيـر مـن التعليمـات المدرسـية
والدينيــة لتنميــة ســلوكهم وشــخياتهم كمــا يتــدربون علــى رياضــة أجســامهم لتحســين قــدراتهم البدنيــة.
ولقـ ــد انشـ ــئ عـ ــام 1222قسـ ــم طبـ ــي للتفتـ ــيش علـ ــى صـ ــحة التالميـ ــذ ،ودخـ ــل التوجيـ ــه المهنـ ــي
Occupational Guidanceبعد ذلك المدارس في ضوء ما يمتلمه التالميذ مـن قـدرات جسـمية
وذهنيــة ومــدى إســهام هــذه القــدرات فــي الحــرف والمهــن المختلفــة لتــاركي الد ارســة والمنتقلــين مــن
مرحلة تعليمية إلى مراحل أخرى متنوعة توجيههم إليها حسب ميولهم وقدراتهم.
وقــد عنــي تقريــر هــادو )1202( Hadow Reportبحاجــة كــل التالميــذ فــي المــدارس
الثانويــة لنمــوذج جديــد مــن التوجيــه يعتمــد علــى أن التالميــذ يختلفــون فيمــا يمتلكــون مــن مواهــب
موروثة (الفروق الفرديـة) ممـا يتطلـب ذلـك تعليمـا مختلفـاً بعـد التعلـيم العـام ،وتوجهـات مختلفـة فـي
طـرق وأسـاليب حيـاتهم .واألمـر باختصـار يتعلـق بـالنظر للتوجيـه علـى أنـه عمليـة تتضـمن القيـاس
والتصنيف في مدارس مختلفة .ولقد أدت حركة القياس العقلي إلى زيادة وتحسين األساس العلمـي
لتقــدير وقيــاس قــدرات التالميــذ واســتعداداتهم للمســاعة فــي تــوجييهم للمــدارس المختلفــة ثــم بعــد ذلــك
لتوجيههم للمهن المناسبة لهم ولقد كان هـذا النـوع مـن التوجيـه الـذي تمثـل فـي تجميـع التالميـذ فـي
فئــات حســب قــدراتهم معمـوالً بــه أوربــا وسويسـرا ،وفــي الــدول االســكندنافية حيــث يشــير التوجيــه فــي
55
هــذه الــبالد إلــى أســاليب مــن التعلــيم االجتمــاعي ،Social Educationوالتوجــه المهنــي يكــون
متمركـ اًز حـول الفـرد Individual – Centeredبصـورة كبيـرةReuchlin, 1964, Roder ( .
.)1967, Vaoughan, 1975
ويؤكــد التوجيــه علــى مســئولية المدرســة بالنســبة للتنميــة الشخصــية الشــاملة للتالميــذ ولــيس
فقـط االهتمــام بنمـوهم الــذهني أو نمــوهم الخلقـي .كــذلك يؤكـد التوجيــه علــى فرديـة وخصوصــية كــل
تلميذ واهتمام التعلـيم بتقـدم التلميـذ وتحقيقـه لذاتـه .كمـا يعتـرف التوجيـه بأهميـة العالقـة بـين المعلـم
والتلميـذ حيـث يكـون هــدفهما واحـداً ويتمثـل فــي المزيـد مـن اإلنجــاز واألداء المدرسـي لتكـين التلميــذ
من تحمل مسئولية ما يقوم به من ردود أفعال وليقـرر بنفسـه مـا يرغـب أن يفعلـه فـي حياتـه ويقـوم
بــه مــن إدارة لشــئونه ،وينظــر للتوجيــه حســب رأي هافيجهرســت )1253( Havighurstعلــى أنــه
عملية تعليمية شاملة (.)Dawvis Peter, 1967: 474
( )1أن علم النفس يختص بدراسة اإلنسان وكذلك فإن دور األخصائي النفسي المدرسي يستهدف
التالميذ بالدرجة األولي ،ولسي تطبيق االختبارات واالستبيانات.
( )0أن دور األخصائي النفسي فن Artفي جانبه التطبيقي أكثر من الجانب النظري إذ يتضمن
التدخل الماهر في الشئون اإلنسانية باستعمال االستبصار وما لديه من خبرة.
( )3يهــتم األخصــائي النفســي بــاألفراد ومشــاكل التالميــذ أ ،ب ،ج ولــيس بمجمــوع التالميــذ ويمكــن
تقديم النصح والتوجيه بوجه خاص ،وبوجه عام.
( )3يكــون لــدى األخصــائي النفســي المدرســي اكتفــاء ذاتــي فــي تطبيقــه ألفكــاره وال يعنــي أن يكــون
منعزالً عن اآلخرين.
( )5ان مهنــة األخصــائي النفســي المدرســي فــي جانبهــا التطبيقــي تتمثــل فيمــا تقدمــه مــن مســاعدة
التالميذ.
وفـي ضــوء مـا ســبق علــى األخصـائي النفســي المدرسـي ان يقــاوم تلــك األفكـار التــي تحــدد
دوره ف ــي قي ــاس نس ــبة ال ــذكاء فيتح ــول ب ــذلك إل ــى أخص ــائي اختب ــارات ،إذ علي ــه أن يق ــوم بالقي ــاس
اإلكلينيكي الكامل ليس نسبة الذكاء فقط ،كـذلك عليـه أن يسـتخدم المقابلـة بصـورة ديناميـة متعمقـة
(.)Fawcett R. 1974:200
56
يعم ـ ــل األخص ـ ــائي النفس ـ ــي المدرس ـ ــي م ـ ــع فري ـ ــق يتض ـ ــمن الطبي ـ ــب والن ـ ــاظر والم ـ ــدرس
واألخصــائي االجتمــاعي والوالــدين ،حيــث يــتم مناقشــة مشــكالت التلميــذ والتــي قــد تكــون تعليميــة أو
نفسـية أو طبيـة أو مشـكالت جماعيـة كالتـدخين أو الغيـاب ( National Swedish Board of
)Education, 1944ويشـير فيليـبس )1223( Philips C.J.إلـى أن عمـل األخصـائي النفسـي
يتطلب منه أن تكون له عالقة مهنيـة باألطبـاء النفسـيين واألخصـائيين النفسـيين .كمـا يكـون علـى
اتص ــال بكاف ــة مؤسس ــات المجتم ــع الت ــي له ــا عالق ــة بالخ ــدمات النفس ــية كالمستش ــفيات ،وم ارك ــز
البحــوث ويوطــد عالقتــه بالمســئولين ( )Philips C.J, 1974: 221ويتمثــل الــدور الــذي يقــوم بــه
األخصـائي النفســي المدرســي فــي التصــدي لكثيــر مــن المشــكالت الفرديــة والجمعيــة س ـواء بالبحــث
والدراسة ،أو التشخيص أو العالج.
هذا إلى جانب دوره فـي إعـداد االختبـارات وتقنينهـا واجـراء الثبـات والصـدق لهـا ،والتمسـك
بتوحيــد تطبيقهــا مــن ناحيــة الظــروف والتعليمــات علــى الحــاالت التــي تحــول إليـه مــن المدرســين أو
التي يكتشفها هو بنفسه أن لديها مشكالت انفعالية أو ذهنية أو سلوكية تحتاج إلى خدماته.
ونذكر فيما يلي بعض الخدمات التي يقدمها األخصائي النفسي المدرسي.
أوالا :في التوجيده التربدوي للتالميدذ :يبـدأ دور األخصـائي النفسـي المدرسـي قبـل المدرسـة
الثانوي ــة أي ف ــي المدرس ــة اإلعدادي ــة ب ــل وف ــي المدرس ــة االبتدائي ــة أيضـ ـاً إذ يج ــب ان ي ــتم توجي ــه
التالميذ بعد المرحلة اإلعداديـة إلـى نـوع التعلـيم الثـانوي والمهنـي التـالي (ثـانوي صـناعي ،ز ارعـي،
تجاري) ليس فقط وفقاً لمجموع المواد الدراسية بل يجب أن يوضع في االعتبار ميولهم واهتمامهم
واسـتعدادتهم وقــدراتهم ومســتوى ذكــائهم فلكــل نــوع مــن أنـواع التعلــيم الثــانوي مــن متطلباتــه مــن هــذه
النواحي .ويسير توجيه التالميذ وفقاً للخطوات اآلتية:
( )4تحليـل المنــاهج الد ارسـية فــي كــل نـوع مــن أنـواع التعلــيم الثــانوي للوقـوف علــى أهدافــه
ومضمونة النظري والعملي وما يحتوي مـن هـذين الجـانبين وذلـك لتحديـد القـدرات العقليـة المتطلبـة
فــي كــل نــوع مــن التعلــيم إذ مــن المعــروف أن محتويــات منــاهج التعلــيم الثــانوي تركــز علــى اللغــات
والرياضــيات وغيــر ذلــك مــن النـواحي العلميــة واألدبيــة .بينمــا التعلــيم الصــناعي يركــز علــى أعمــال
الـورش والرسـم الهندسـي ،والتعلــيم التجـاري يهـتم بـالنواحي الكتابيــة واآللـة الكاتبـة والحسـابات وغيــر
ذلك .ولهذا فمن المتوقع أن تكـون لكـل نـوع مـن أنـواع التعلـيم الثـانوي قد ارتـه الخاصـة بـه بـل ومـن
المتوقع أيضـاً يكـون هنـاك اختالفـاً فـي القـدرات المتطلبـة داخـل التخصـص فـي كـل نـوع مـن أنـواع
التعليم الثانوي وهذا ما سيأتي الكالم عنه بعد ذلك.
( )4عم ــل المبي ــان النفس ــي Psychopfileلكـ ــل م ــن أنـ ـواع التعل ــيم يح ــدد في ــه القـــدرات
والميول وجوانب الشخصية المتطلبة ومستواها.
( )3يــتم تطبيــق بطاريــة االختبــارات علــى التالميــذ الحاصــلين علــى اإلعداديــة ويمكــن أن
يتع ــاول األخص ــائيون النفس ــيون عل ــى مس ــتوى ك ــل منطق ــة تعليمي ــة ف ــي تطبيقه ــا بع ــد امتحان ــات
57
اإلعدادية فـي المـواد الد ارسـية وتوضـع نتـائج االختبـارات النفسـية المختلفـة إلـى جانـب نتـائج المـواد
الدراسية ويتم التشاور مع المسئولين في التعليم لعمل القواعد المختلفة لتوجيه التالميـذ إلـى التعلـيم
الثانوي العام أو الصناعي أو التجاري أو الزراعي باالعتماد على نتائج االختبـارات النفسـية نتـائج
امتحانــات اإلعداديــة بإعطــاء وزن نســبي لكــل منهمــا ويــوفر مثــل هــذا النــوع مــن التوجيــه قــد اًر أكبــر
مــن التوافــق والسـواء للتالميــذ لالعتمــاد علــى ميــولهم واســتعداداتهم لــذلك النــوع مــن التعلــيم أو ذلــك،
بدالً من االعتماد على جانب واحد والذي يطبق حالياً وهو التحصيل الدراسي.
( )1يــتم إنشــاء نظــام البطاقــة المجمعــة الخاصــة بكــل تلميــذ والتــي تتضــمن كــل البيانــات
الصـحية والد ارســية والنفســية وتنتقــل هــذه البطاقــة أو صـورة منهــا لكــل مرحلــة تعليميــة أو نــوع تعلــيم
ينتقل إليه التلميذ لالستفادة مما فيها من بيانات في توجيه التلميذ وليضاف إليها أيه بيانات أخرى
جديدة.
( )3تستخدم بيانات البطاقة المجمعة في التعليم الثانوي الذي وزع إليه التلميذ في التوجـه
التربوي على النحو اآلتي:
(أ) يـ ــتم اس ـ ــتخدام البيان ـ ــات الخاص ـ ــة باالختبـ ــارات النفس ـ ــية( ،ال ـ ــذكاء والق ـ ــدرات)
واالعتمـاد عليهـا كـامالً فـي توزيـع التالميـذ إلـى الفصـول فـي الفرقـة الد ارسـية الواحـدة حتـى
يتم استخدام الطريقة التدريسية ووسائل اإليضاح المناسبة لقدرات هؤالء التالميذ.
(ب) تسـتخدم االختبـارات النفسـية فـي توزيـع التالميـذ إلـى علمـي والـى أدبـي علــى
أساس ان متطلبات الدراسة فـي الشـعبة األدبيـة تختلـف عـن متطلبـات الد ارسـة فـي الشـعبة
العلمية .وذلك باالعتماد على االختبارات التي تقيس النواحي اللفظية واللغوية في التوزيـع
فــي التخصــص األدبــي ،واالختبــارات التــي تقــيس الن ـواحي العلميــة والعدديــة فــي التوزي ــع
للتخصص العلمي.
يــتم االســتعانة بالبيانــات التــي فــي البطاقــة المجمعــة والخاصــة باالختبــارات النفســية ،والتــي
إذا تطلب األمر تطبيق اختبارات أخرى لقياس المزيد مـن القـدرات التـي قـد تكـون متطلبـه فـي ذلـك
النــوع مــن التعلــيم أو غيـره وفقـاً لتحليــل العمــل كمــا ســيأتي فيمــا بعــد فــإن علــى األخصــائي النفســي
القي ــام بقياس ــها ل ــدى التالمي ــذ وتس ــتخدم نت ــائج ه ــذه االختب ــارات جميعـ ـاً ف ــي توزي ــع التالمي ــذ إل ــى
التخصص ــات المختلف ــة ف ــي المدرس ــة الص ــناعية م ــن بـ ـراد وميكانيك ــا ونج ــارة وزخرف ــة عل ــى النح ــو
اآلتي:
(أ) تحليددل العمدددل :Job analysisللوقــوع علــى الواجبــات التفصــيلية فــي كــل
تخصص (كهرباء ،ميكانيك) الستخالص القدرات الذهنية المتطلبة.
58
(ب) عمل مبيان نفسي :Psychographلكل تخصص من هـذه التخصصـات
لالســتعانة بــه فــي توجيــه التلميــذ للتخصــص المناســب ويتضــمن المبيــان النفســي القــدرات
والميول المتطلبة فيه.
(ج) المواءمة بدين قددرات التلميدذ :وبـين البيانـات الخاصـة بالقـدرات فـي المبيـان
النسي لتحديد التخصص المناسب من خالل المطابقـة بـين قد ارتـه وبـين القـدرات التـي فـي
المبيان النفسي.
(د) يددتم توجيدده التلميددذ إلددى التخصددص :الــذي يكــون أكثــر تطابق ـاً فــي القــدرات
المتطلبة له مع القدرات المتوفرة لدى التلميذ.
فدددي التوجيددده للتعلددديم الجدددامعي :يمكــن أن يمتــد دور األخصــائي الــنفس للتوجيــه للتعلــيم
الجامعي باستخدام بيانات البطاقة المجمعة في توجيه في توجيه تالميذ الشـعبتين األدبـي والعلمـي
في الثانوي العام إلى الكلية التي تتفق وما تتطلبه من قدرات مع ما لدى التلميـذ مـن قـدرات ذهنيـة
باإلضافة إلى مجموع الثانوية العامة.
ثانيد ا :بالنسددبة لحداالت صددعوبات الددتعلم :فمــن أنـواع صـعوبات الــتعلم وهـي كثيـرة ،وعلــى
سبيل المثال اضطرابات التواصل أي اإلتصال الشفاهي كأن يجد التلميذ صعوبة في فهم ما يقـال
لــه أو ال يوجــد لديــه المحصــول اللغــوي الــالزم للتعبيــر (اضــطرابات اللغ ـة) أو كــأن يســقط التلميــذ
بعض المقاطع الصوتية أو يشوهها (اضطرابات الكالم) ،أو عدم تـدفق الكـالم بسالسـة (اللجلجـة)
إض ــافة إل ــى التلع ــثم تل ــك االض ــطرابات والت ــي ق ــد تمت ــد إل ــى م ــا بع ــد مرحل ــة الطفول ــة (أب ــو الني ــل،
)50 :1223ويــدخل فــي دور األخصــائي النفســي المدرســي االهتمــام بحــاالت ص ـعوبات الــتعلم
المختلفة والذين يحتاجون لتعليم خاص وكذلك حاالت اإلعاقة المختلفة والمشكالت المتضمنة فـي
هــذه الحــاالت قــد تكــون ذهنيــة أو انفعاليــة أو اجتماعيــة أو طبيــة أو بعض ـاً مــن هــذه المشــكالت
مجتمع ــة .ويتمث ــل دور األخص ــائي النفس ــي إزاء توجي ــه ه ــذه الح ــاالت ف ــي اتخ ــاذ القـ ـرار الخ ــاص
بإلحــاق التلميــذ فــي الفصــول الخــاص بحالتــه Special Classوذلــك مــن خــالل إج ـراء الفحــوص
النفســية والتــي تتضــمن بشــكل عــام المقابلــة واالختبــارات واالتصــال بالوالــدين .وبطبيعــة الحــال فإنــه
لــيس مــن المعتــاد أن يلحــق التلميــذ بالفصــل علــى غيــر رغبتــه .وتقــدم هــذه الخــدمات فــي العيــادة
بالتعاون مع مدرس الفصل.
ويتصــل بعمــل األخصــائي النفســي الســابق قيامــه باالتصــال بمدرســي الفصــول الخاصــة
لمساعدتهم في وضع البرامج التعليمية الخاصة بالتلميذ الفرد أو كـل تالميـذ الفصـل ،أو المسـاعدة
فــي عمــل التعــديالت الالزمــة أو تطــوير هــذه الب ـرامج ذلــك أن ممارســتها والتــدرب عليه ـا وتعلمهــا
يعتمد على ذكاء وقدرات هؤالء التالميذ.
ثالث ا :بالنسبة للمجال العالجي :لألخصائي النفسـي دور كبيـر فـي فريـق العمـل المدرسـي
(المدرس -األخصائي االجتماعي – الطبيـب – الطبيـب النفسـي) الخـاص بتقـديم الحلـول والعـالج
59
لمش ــكالت التالمي ــذ .ودور األخص ــائي النفس ــي ف ــي الع ــالج أكب ــر حي ــث يقض ــي وقتـ ـاً ط ــويالً ف ــي
العمليــات المتطلبــة للعــالج أكثــر مــن التشــخيص الــذي قــد يســتغرق يوم ـاً أو يــومين أو أن يكــون
حسب الحالة ويتصل بدور األخصائي النفسي في مجال العالج قيامه بتوجيه مجموعات التالميـذ
لمساعدتهم على مساعدة بعضهم للبعض .To help them to help another one
رابع ا :بالنسبة للمشكالت السلوكية :يرافق التغيرات البدنية للمراهق تلميذ المرحلة الثانوية
تغي ـرات ف ــي النـ ـواحي االنفعالي ــة والم ازجي ــة كالخج ــل م ــن إد ارك ــه لنم ــوه الب ــدني عل ــى أن ــه ش ــذوذ أو
مرض ،وشعوره بالذنب ،إزاء ما يعتبر المراهق من صراعات ممكن أن تلحظ بعض مظـاهر سـوء
التوافــق لديــه كــالهروب مــن المدرســة والغيــاب والــذي يعتبــر شــكل مــن أشــكال التمــرد علــى األس ـرة
األسرية.
ويمثل الغياب أهم المشكالت التي يهتم بها األخصائي النفسي المدرسي لما يلي:
وقــد أعــد كــارول )1222( Carrol H.C.Mد ارســة تخــتص بالغيــاب فــي المدرســة حيــث
أختيــر مــن بــين 013تلميــذ عشــرون تلميــذاً ضــعيفاً ،وعشــرون تلميــذاً ناجح ـاً وذلــك وفــق بعــض
المحكات المدرسية والمنزلية .وقد تم إجراء فحص على هؤالء التالميذ في المجمـوعتين مـن خـالل
ملف ــات غي ــابهم ومـ ـواظبتهم فوج ــد فرقـ ـاً داالً بينهم ــا حي ــث كان ــت نس ــبة المـ ـواظبين ل ــدى التالمي ــذ
النـاجحين %22ولــدى الضــعاف %22.5وتشــير معظــم نتــائج الد ارســة أن المرتفــع يصــبح إنجــاز
ضعيف وسوء توافق وجناح(.)Carrol H.C.M., 1977:574
ويــتلخص دور األخصــائي النفســي فــي د ارســة مســتوى ذكــاء وقــدرات وشخصــية التالميــذ
الذين يكثر غيابهم للوقوف على التوجيه التربوي المناسـبة سـواء فيمـا يتعلـق بالمشـكالت االنفعاليـة
أو التعليمي ــة .وال يقتص ــر دور األخص ــائي النفس ــي عل ــى ذك فيمت ــد للم ــدرس ال ــذي يعتب ــر ب ــدوره
عنص اًر أساسياً في العالج التصاله بالتلميذ وقتاً أطول من أي فرد آخر فينظم األخصائي النفسـي
لهــم االجتماعــات المختلفــة فقــد يحتــاج المــدرس لمناقشــة بعــض المشــكالت مــع األخصــائي والــذي
يساعده في تقديم بعض الحلول واألفكار المتصلة بذلك.
ويح ــول التالمي ــذ ال ــذين يع ــانون م ــن مش ــكالت نفس ــية ص ــعبة م ــن مدارس ــهم إل ــى أق ــرب
مستشــفى أو مؤسســة خاصــة بخــدمات الصــحة النفســية وذلــك بعــد الق ار ارلــذي يتخــذه فريــق العمــل
المدرسي المتضمن التلميذ أو الوالدين والصحة المدرسية واألخصائي النفسي.
61
خامسدددددا :بالنسدددددبة للجاندددددب الوقدددددائي والتنظيمدددددي :وفـ ــي الجانـ ــب الوقـ ــائي والتنظيمـ ــي
Preventive work and organizational workيشـارك األخصـائي النفسـي فـي التخطـيط
لكل جوانب العمل المدرسي والبيئة المحيطة ولذلك إلعداد الخطط الكفيلـة بالوقايـة مـن المشـكالت
االنفعاليــة وكافــة المشــكالت األخــرى وذلــك مــن خــالل إلحــاق أصــحاب هــذه المشــكالت بفصــول
التهيئـة Readiness classesوذلـك للوقايـة مـن هـذه المشـكالت بعـد ذلـك فـي المدرسـة .واضـافة
لــذلك يكــون متوقع ـاً مــن األخصــائي النفســي المدرســي أن يبــذل جهــداً مــؤث اًر فــي تشــكيل وصــياغة
البيئـة المدرسـية نفسـها )National Sweden Board of educational, 1975( .ولقـد أشـار
فيلي ــبس )1223( Philips C.J.لل ــدور اإلداري والتنظيم ــي لألخصـ ــائي النفس ــي ف ــي مجـ ــاالت
الخدمات النفسية المدرسية ،وخدمات التوجيه ويدخل في إطار ذلك كتابة التقـارير عـن المشـكالت
الشائعة بين التالميذ ،واالتصال المستمر والدائم بالمدرسين وتقديم المشورة لهم على النحو السابق
ذكـ ـ ـره ،ويتمرك ـ ــز األخص ـ ــائي النفس ـ ــي ف ـ ــي اس ـ ــتخدام االختب ـ ــارات النفس ـ ــية واألس ـ ــاليب المعرفي ـ ــة،
والتشخيص التعليمي ،والتحصيلي ويضاف لما سبق ما يلي:
( )3عمـ ـ ــل الد ارسـ ـ ــات المسـ ـ ــبقة باسـ ـ ــتخدام االختبـ ـ ــارات الجمعيـ ـ ــة واالسـ ـ ــتبيانات وغيرهـ ـ ــا
(.)Philips C.J., 1974: 221
وقـد ركـز البـون )1223( D. Labonفـي ذكـره لـدور األخصـائي النفسـي المدرسـي علـى
الكثي ــر م ــن الجوان ــب ،لعم ــل الن ــدوات والم ــؤتمرات المرتبط ــة بالمش ــكالت المدرس ــية واإلس ــهام فيه ــا
بالمناقشــة وغيــر ذلــك مــن الجوانــب كمــا يشــارك فــي مشــروعات البحــث س ـواء فــي تصــميم خطــة
البحـ ــث أو ف ـ ــي الممارسـ ــة الميداني ـ ــة أو المعالجـ ــات اإلحص ـ ــائية أو تفسـ ــير النت ـ ــائج كمـ ــا يش ـ ــارك
األخصائي في تقديم الخطط العالجية والتوجه لذوي الحاجات والمشاكل الخاصة ،وأن يكون على
اتص ــال مس ــتمر بالمدرس ــين ال ــذين ل ــديهم تالمي ــذ متخلف ــين م ــن جوان ــب التعل ــيم ك ــالقراءة والكتاب ــة.
ويض ــاف لم ــا س ــبق عم ــل الخ ــدمات التص ــنيفية الخاص ــة بالتالمي ــذ ال ــذين ل ــديهم ص ــعوبات تعل ــم
Learning Difficultiesوكذلك تقديم العمل العالجي في العيادة للحاالت المرضـية ( Labon.
.)D., 1974: 191
وفـي تقيــيم كورنـوال )1223( Cornwall K.F.لـدور األخصــائي النفســي المدرســي ذكــر
أن خدمات التوجيه مازالت في طور التكوين وتحتاج إلى تقديم إسـهامات مميـزة .كـذلك فـإن مهمـة
60
األخصـائي النفسـي قـد ت ازيـدت فـي اآلونـة األخيـرة نتيجـة مـا حـدث مـن تغيـرات تعليميـة ولـذلك فـإن
األخص ــائي النفس ــي يحت ــاج لمه ــارات متقدم ــة لتمكين ــه م ــن القي ــام ب ــدوره عل ــى أحس ــن وأكم ــل وج ــه
(.)Cornwall K.F., 1974: 209
األسئلة:
اشرح كيفية تأثير سوء التوافق لدى المرهق على تقدمه الدراسي. ()0
مصادر تعلم أخر :أفالم توضح طرق التنشئة التي تؤدي للسلوك المرضي.
62
مراجع الفصل الثالث
-1الجمعية المصرية للطب النفسي ( )1222الدليل المصري لتقسيم األمراض النفسية.
-0الحســين عبــد المــنعم ( – )1223االتجــاه العــام النتشــار الم ـواد النفســية بــين الطــالب –
الندوة القومية لمكافحة المخدرات – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان.
-3حســن الفنجــري ( – )1222العــدوان لــدى األطفــال د ارســة مقارنــة فــي الريــف والحضــر –
مجلة علم النفس – العدد الخامس – الهيئة العامة للكتاب.
-3خالد عبد المحسن بدر ( )1223العالقة بين تعاطي المواد النفسية واالضـطراب النفسـي
– الندوة القومية لمكافحة المخدرات – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان.
-2فتحـي السـيد عبـد السـتار ( – )1220سـيكولوجية األطفـال غيـر العـاديين (الجـزء الثــاني)
– دار القلم – الكويت.
-2فــرج طــه – علــم الــنفس والمدرســة – فــي كتــاب علــم الــنفس وقضــايا العصــر لفــرج طــه –
مكتبة سعيد رافت – القاهرة.
-2مايسـ ــة أنـ ــور المفتـ ــي ( )1225د ارسـ ــة مقارنـ ــة ألداء المصـ ــابين والمنجـ ــوليزم واألطفـ ــال
المصــابين بتلــف فــي المــخ علــى بعــض االختبــارات الســيكولوجية – رســالة دكتــوراه بــبداب
عين شمس.
-12محم ــد ص ــالح ال ــدين مجـ ــاور وآخـ ـرين ( – )1222س ــيكولوجية القـ ـراءة – دار النهضـــة
العربية – القاهرة.
-10محـ ــي الـ ــدين أحمـ ــد حسـ ــين ( – )1222التنشـ ــئة األس ـ ـرية واألبنـ ــاء الصـ ــغار – الهيئـ ــة
المصرية العامة للكتاب.
63
) – د ارس ــة متعمق ــة ف ــي دينامي ــات التب ــول ال ــال ارادي – مجل ــة عل ــم1222( نيف ــين زي ــور-13
.النفس – الهيئة العامة للكتاب – العدد العاشر – القاهرة
) الس ــلوك المش ــكل ل ــدى أطف ــال م ــا قب ــل المدرس ــة1225( ه ــانم عل ــي ابـ ـراهيم الش ــبيني-15
وعالقتــه ب ــبعض المتغيـ ـرات األس ـرية – رس ــالة ماجس ــتير غيــر منش ــورة بمعه ــد الد ارس ــات
.العليا للطفولة بجامعة عين شمس
) – الوقاي ـ ــة األولي ـ ــة معناهـ ــا واجراءاته ـ ــا – الن ـ ــدوة القومي ـ ــة لمكافح ـ ــة1223( هنـ ــد ط ـ ــه-12
.المخدرات المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان
22- La bon Don (1977) A field work program for trainee educational
psychologist, occasional paper of the division of educational and
child psychology of the British psychological society, Five-Spring.
64
24- Philips C.J., (1974) Report on A questionnaire on the training of
educational and child psychology of the British psychological
society, Five-Spring.
65
الفصل الرابع
األهداف :يهدف الفصل الرابع إلى تعريف القارئ بصور الالسواء أي االنحراف عن
الصحة النفسية وتصنيف هذه االنحرافات وفقاً للبناء النفسي للمستوى االنفعالي والعقلي والسلوك
وتعريف القارئ أيضاً بأعراض هذه االضطرابات سواء كانت نفسية أو عقلية أو سلوكية
كالعصاب والذهان واإلدمان ،وتعريف القارئ أيضاَ بدور أخصائي الصحة النفسية في مواجهة
اإلدمان وتدريب األخصائي لتلك المواجهة من الناحيتين الوقائية والعالجية.
المحتو :يحتوي الفصل على الوحدات التالية :الذهان والعصاب والسلوك السيكوباتي
والسلوك المضاد للمجتمع ويحتوي أيضاً على دور األخصائي النفسي في مجال اإلدمان.
مقدمة :يشار في الكتب والمراجع الخاصة باألمراض النفسية والصحة النفسية إلى كثير
من التقسيمات والتصنيفات .والتي بدأت بتصنيف "كريبلين" ،)1232 – 1252( Karephinثم
تصنيف الجمعية األمريكية للطب النفسي عام 1212والذي عدل في عام 1233للحاجة
لتصنيف يالئم االنحرافات المتصلة بصدمات الحروب ،ثم أخي اًر التصنيف النهائي للجمعية
األمريكية للطب النفسي عام ،1250والذي قسمت االضطرابات العقلية لفئتين األولى المرتبطة
بتلف في الدماغ العضوية والثانية المرتبطة بسوء التوافق (كوفيل وآخرون.)1222:13 ،
وبناء على توجيه المؤتمر العربي األول للطب النفسي المنعقد في القاهرة في ديسمبر
1222تأكدت ضرورة توحيد المصطلحات والتعريفات العلمية بما يشمل ذلك إعداد دليل
لألمراض النفسية (الدليل المصري.)1222:100 ،
ولقد أشار تقرير الجمعية المصرية للطب النفسي الخاص بذلك الموضوع إلى وجود
العديد من التصنيفات التالية:
66
-3التقسيم األمريكي الثالث لألمراض النفسية .1222
أسس التصنيف :أما في هذا الفصل فسنسير على أساس التصنيف التالي لالنحراف
عن الصحة النفسية:
-1الذهان.
-0العصاب.
-3السلوك المضاد للمجتمع كالجناح والجريمة والسيكوباتية.
-3االضطرابات السكوسوماتية.
ويقوم هذا التصنيف على أساس أن كل انحراف من االنحرافات السابقة يمثل اضطراباً
في جانب من جوانب البناء النفسي لإلنسان وهذه الجوانب هي:
-1الجانب العقلي.
-4الجانب االنفعالي.
-3الجانب السلوكي.
-1النفس جسم.
حيث يمثل الذهان اضطراباً في الجانب العقلي ،ويمثل العصاب في الجانب االنفعالي،
والسلوك المضاد للمجتمع يعكس اضطراباً في الفعل أو السلوك ،واألمراض السكوباتية تشير
لالضطراب في النفس جسم.
ا
أوال :الذهان
مقدمة :يعرف "الدليل العصري لتقسيم األمراض النفسية" الذي أعدته الجمعية المصرية
للطب النفسي والسابق اإلشارة إليه ،يعرف هذا الدليل الذهان" :بأن الشخص حيث يوصف بأنه
ذهاني Psychoticفإن ذلك يعني وجود تغير نوعي أكيد ،أو تغير كمي شديد للشخص ويكون
هذا التغير معوقاً لوظائفه العقلية .ويشير الذهان إلى األمراض العقلية الشديدة التي تختل فيها
الوظائف العقلية لدرجة جسيمة تعوق قدرة الشخص على أن يعيش بشكل متوازن كما اعتاد أن
يفعل أو بالنسبة للطفولة كما نتوقع له أن يفعل وينتج هذا الخلل عما يأتي:
67
-1خلل Impairmentشديد في القدرة على التعرف على الوقائع أو على اختياره أو
تقييمه.
-3نقص شديد في اإلدراك واللغة والذاكرة ،يعوق بشدة قدرة المريض على االستيعاب
الذهني لموقفه.
وفي ضوء معنى الصحة النفسية ومقتضيات الوقاية والعالج لألمراض العقلية ،يشير
الدليل السابق إلى أنه أصبح من الواجب عدم االنتظار حتى يصل المرض لدرجة االستقرار
والشدة .بل أن الذهان ينبغي أن يشخص في بداية التغير النوعي في الشخص وذلك بهدف
إجهاض تقدم المرض ،وبالتالي تغيير المسار .وبهذه الصورة وعلى هذا األساس فإن بداية
الذهان تتصف بسوء تأويل اإلدراك في حين يكون تأثر الشخصية لم يظهر بعد (الدليل
المصري.)1222:100 ،
68
الشعور باالنشراح والمرح والمرضى المصحوب بالضحك والكالم الصاخب والنشاط الحركي
الزائد .والمريض في هذه الحالة يكون مسرفاً في السعادة دون أن يعرف السبب ،ويطلق على هذه
الحالة اسم "الهوس" في حالة اصطحاب هذه الحالة بالنشاط الحركي الزائد.
( )4الهذيانات (الهذاءات) :ويعرفها ستافورد كالرك بأنها عبارة عن معتقدات شاذة
غريبة خاطئة Morbid false beliefsتغلب على الصورة اإلكلينيكية وعلى سلوك المريض
(.)Clark, 1959 :83
وتثبت هذه الهذيانات Delusionsفي عقل المريض بشكل غير قابل للتغيير (كوفيل،
.)35: 1222وهناك نوعين منها :الهذيانات المنظمة والهذيانات الغير منظمة .وتتصف األولى
بالتماسك واإلتقان والقبول في الظاهر ،وتتطلب فحصاً دقيقاً لمحتواها الكتشاف ما بها من زيف
وسخف وأخطاء .أما الثانية فهي غير متماسكة ومتقلبة من حين لحين ،وشفافة في زيفها أي أن
زيفها ظاهر وواضح وال يحتاج لعناء في اكتشافه.
-4الهذيانات السوداوية :حيث يعتقد المريض أنه يخطئ منبوذ من المجتمع الرتكابه
الخطيئة التي ال تغتفر ،وكذلك يعتبر أنه أهل ألي عقاب يوقع عليه.
-4الهذيانات االضطهادية :يكون األمر على العكس مما في الهذيانات السوداوية حيث
يرجع السبب إلى المؤامرات التي يدبرها اآلخرون من كبار رجال الدولة فهم سيقتلونه وهو بدوره
يضع الخطط الدفاعية لردع ذلك .ويتطور مضمون هذه الهذيانات تبعاً للتغير التكنولوجي
فالشركات ترسل موجات من الصدمات اإللكترونية التي تصيب أجسامهم.
-3هذيانات العظمة :وفي هذيانات العظمة يعتقد المريض أنه شخصية عظيمة
ويتصف هذا النوع من الهذيانات بأنه أقل تنظيماً فيسلك المريض كما لو كان قائداً في المنفى أو
مخترعاً سرقت مخترعاته.
وقد يحدث أن تتسلسل إصابة المريض بهذه األنواع الثالثة من أعراض الهذيانات حسب
تسلسل سردنا السابق لها .ففي بادئ األمر يحدث للمريض حالة من التفكير واليأس فتظهر عنده
69
الهذيانات السوداوية ،وبعد ذلك ينسب ما أصابه من بؤس وشقاء إلى غيره فتتضح لديه هذيانات
االضطهاد ،ولكي يبرر المريض ما يوجه إليه من اضطهاد فيعزو ذلك إلى تفرده عن غيره بفعل
المخترعات وغير ذلك من هذيانات العظمة.
( -)1عدم التعرف على المكان والزمان واألشخاص :يوجد لدى كثير من المرضى
الذهانيين من ال يعرف اسم اليوم أو التاريخ (الزمان) وال يعرف أين يوجد اآلن (المكان) ،وال
يعرف أسماء أقرب المقربين له (األشخاص).
أ -انحالل الذاكرة :وفيه ينسى المريض المعلومات العامة بالحياة والسابق تعلمه لها
بصورة رسمية أو غير رسمية .وقد يبلغ عدم التذكر حداً ينسى المريض أسماء أقرب المقربين له
وقد ينسى اسمه.
ب -انحالل القدرة على التعلم :حيث ال يستطيع المريض تعلم مهارات كلن في
استطاعته تعلمها فيما مضى من عمره.
( -)6التفكك :ويقصد بالتفكك Disassociationعدم قدرة المريض على الربط بين
خبراته وأفكاره بصورة متماسكة ،وبتعبير آخر ال يستطيع المريض أن يدرك العالقة بين خبراته
الماضية وأفكاره الحالية فال يستطيع التفكير بوضوح.
71
المريض في نمطية االستجابة فيقول عن صحته إذا سئل عنها" :بأنها كويسة" وعن المستشفى
"بأنها كويسة أيضاً".
-4الذهان العضوي :وهو تلك االضطرابات العقلية الخطير التي ترجع لعوامل
فسيولوجية معروفة لحد كبير مثل الشيخوخة وتصلب الشرايين في الدماغ ،والتسممات الناتجة
عن تناول الكحوليات وزهري الجهاز العصبي ،واصابات الدفاع والصرع.
ويصنف الدليل العضوي لتقسيم األمراض النفسية هذه المجموعة من الذهان العضوي
إلى عدة فئات نذكر هنا الفئات الهامة والشائعة منها وهي:
(أ) عته الشيخوخة وما قبل الشيخوخة :وتتمثل أع ارضها في ضعف الذاكرة
القريبة ،وثراء الذاكرة البعيدة ،ونسيان المريض األشياء التي تعلمها ،كما تظهر عالمات
الهذاء ،وتصاب الحواس بالتدهور.
(ب) الذهان العضوي المصاحب لعدو بالدماغ :كالجنون الشللي العام والذي
يتصف بوجود أعراض وعالمات اإلصابة العضوية بالزهري في الجهاز العصبي ،كما
توجد تغيرات مزاجية ،ويفقد المريض القدرة على كف نوازعه ،وتدهور في النواحي
الحركية والعقلية ،ويكون العالج ببث ميكروب الحمى في المريض لرفع ح اررته.
(جد) الذهان المصاحب لحاالت مخية أخر :كالذهان المصاحب لحالة تصلب
شرايين المخ ،ومن الصعب تمييز هذا المرض عن عته الشيخوخة وألن تصلب الشرايين
يرجع لعوامل غذائية فإن العالج يتركز في رعاية المرضى غذائياً باالبتعاد عن المواد
الغذائية التي تساعد على تصلب الشرايين.
70
(د) الذهان الصرعي :وتتمثل الخاصية األساسية للصرع في نوبة تشنجية وقبل
حدوث النوبة يصاب المريض بعالمات ممهدة تشمل حالة قصيرة من الغثيان ،وومضات
من الضوء ،وتبدأ النوبة الحقيقية عندما يصبح المريض متصلباً ،ويقع فاقد الحس ،وبعد
ذلك تحدث الحالة التشنجية في شكل انقباضات كما تخرج رغاوي من فم المريض ،وقد
يعض لسانه وتأخذ النوبة بضع دقائق.
نوبات الصرع :ثالثة ( )1النوبة الكبرى ويصاب بها %22من مرضى الصرع ،حيث
تسبق النوبة "فوحة "auraقرب حدوث النوبة ،كما يحدث تخدير في أطراف الجسم ودوار في
الرأس وارتعاش في الجسم وقد يعض المريض لسانه )0( ،والنوبة الصغرى ويصاب بها %2من
الحاالت ويستمر فقدان الشعور فيها من عدد الثواني إلى دقيقة وال تؤدي هذه النوبة لخلط عقلي،
وقد تحدث عدة مرات في اليوم )3( ،النوبة النفسية الحركية ،ويصاب بها %0ويفقد المريض
الشعور ومع هذا يكون قاد اًر على القيام بأعمال موجهة ،وقد يرتكب المريض بعض الجرائم ،وقد
تستمر النوبة عدة أيام وقد تقتصر على عدة ثواني.
أسباب الصرع :قد تكون وراثية ،أو بيولوجية متمثلة في عسر الوالدة أو نقص السكر في
الدم مما يؤدي إلى اضطرابات في عمليات األيض.
تشخيص الصرع :يسهل تشخيص بعض أنواع الصرع كما في حالة أعراض التشنج
،Convulsionsوفي حالة نوبات الصراع الكبرى .Grand Mal Fits
وهناك أنواع من الصرع يصعب تشخيصه (حتى مع توفر رسام المخ الكهربائي) لوجود
خلط بينه وبين الحاالت النفسية أو العقلية كالهستيريا ،وصرع الفص الصدغي ،أو الصرع
النفسي الحركي والذي يحدث نتيجة وجود بؤرة نشطة خارج الفص الصدغي كما وجد في %02
من الحاالت ويتميز بالتبلد االنفعالي ،واضطرابات إدراكية كالهالوس ،وفي التفكير كالوساوس،
واضطرابات في الذاكرة ،واضطرابات في الجهاز العصبي الالإرادي كاألحاسيس غير السوية في
البلعوم أو البطن ،ونظ اًر لتشابه أعراض الصرع الحركي مع اضطرابات نفسية عقلية أخرى ،وكما
سبق أن ذكرنا فإن التشخيص المبكر لهذا النوع من الصرع يحتاج إلى مقياس قام بإعداده سامي
عبد القوي علي ( )1220يتكون من فئات األعراض اآلتية:
72
التركيز والذاكرة. ()1
األعراض الوجدانية. ()0
األعراض الحسية. ()3
أعراض الجهاز العصبي المستقل. ()3
األعراض اإلدراكية. ()5
اضطراب التفكير. ()2
وقد أجرى التحليل العاملي للمقياس (والذي حسبت له أيضاً الدرجة الكلية) على 122
مريضاً والذي كشف عن بنية عاملية مكونة من ثالثة عوامل تعكس األعراض األكثر شيوعاً لدى
مرضى هذا النوع من الصرع والمميزة له عن الفئات اإلكلينيكية األخرى كالقلق والفصام (سامي
عبد القوي.)22 :1223 ،
عالج الصرع :يشخص الصرع بالرسم الكهربائي للمخ ،وتستخدم عقاقير الميزانتون
،Mesantonوالديالنتين Delantinالذي وجد أن له مفعول كبير في عالج %22من
الحاالت.
(هد) ذهان اإلدمان الكحولي وحاالت االعتماد على العقاقير :في حالة التسمم الخفيفة
تحدث للمريض حاالت مرح Elationفتتدفق األفكار لديه بشكل كبير ،واستغراق المريض في
تناول الكحوليات يقلبه من الصورة السابقة إلى حالة غير عادية من التهيج والتشكك أو الحزن،
كما تقل قدرته على كف سلوكه السابق ،وتضعف ذاكرته .وفي حاالت الذهان الكحولي الحاد
تحدث للمريض هلوسات بصرية كما في الحاالت المزمنة ارتجافات جسمية وعدم القدرة على
النوم.
ويرتبط بحالة الذهان الكحولي الحاد حالة يطلق عليها اسم "ذهان كورساكوف" والذي
يحدث نتيجة نقص فيتامين "ب" Vitamin Bلسوء التغذية لديهم .ويفقد مرضى "ذهان
كورساكوف" ذاكرتهم بشكل كبير ،ويملئون الثغرات المنسية في الذاكرة بتأليف قصص عن خبرات
ال وجود لها (الدليل العصري .)100 :1222
73
والعالج األساسي لحاالت اإلدمان الكحولي ليس بالوسائل الفسيولوجية بل من الضروري
عالج المشكالت النفسية االجتماعية وسوء التوافق االنفعالي التي دفعت بالشخص لإلدمان.
وبالنسبة لعالج ذهان كوساكوف فإن زيادة الغذاء للمريض واضافة فيتامين "ب" يساعد على إزالة
بعض أعراض المرض الظاهرية (.)Clark, 1959: 101
(و) أمراض نفسية مهنية أو الذهان المهني :وهي تلك األمراض أو الذهانات أو
االضطرابات العقلية الناتجة عن التعرض للغازات واألتربة والضوضاء مما أثمر عن طرح ميدان
جديد من البحث ( )1220يسمى باسم"علوم السموم السلوكي .Behavioral toxicology
()Irgren, 1992: 205-206
تصنيف الذهان الوظيفي :ويصنف الدليل العصري لتقسيم األمراض النفسية هذه
المجموعة من الذهان الوظيفي إلى عدة فئات هي:
(أ) أمراض الهوس واالكتئاب :ويشمل عدة أنواع كالنوع االكتئابي والنوع الهوسي ،والنوع
الدائري ،والنوع المختلط ،والميالنخوليا الرجوعية.
(ب) الفصام :وهو عدة أنواع كفصام النوبة الحادة غير المتميزة ،والفصام المبتدئ،
والفصام االنفعالي ،والفصام البارانوي ،والفصام المتاتوني ،والفصام الطفلي.
(جد) حاالت البا ارنويا :ومنها نوبة البارانويا الحادة ،وحالة البارانويا الضاللية المزمنة،
وحاالت البارانويا الهلوسية المزمنة (الدليل العصري.)100 :1222 ،
ذهان الهوس واالكتئاب :أطلق كريبلين ( )1222اسم ذهان الهوس واالكتئاب على
الحاالت الوجدانية المرحة والهائجة والمكتئبة .ويعرفه لورانس شافر باسم "مرض المبالغات
74
االنفعالية" فالمريض أما أن يكون في حالة من الهوس والهياج أو يكون مكتئباً خامداً .أما الدليل
العصري فإنه يعرفه بأنه اضطراب شديد في المزاج تنشأ عنها بقية األعراض بصورة تبدو
مباشرة ،فإذا كانت هناك اضطرابات في التفكير والسلوك فإنها تناسب للمزاج السائد بصفة عامة.
العالج :العالج بالعمل هو أهم ما يوصى به لعالج حاالت الهوس لتوجيه النشاط الزائد
لديهم في نواحي بناءة ،هذا إلى جانب العالج الطبي والعالج النفسي.
الفصام :يطلق اسم الفصام على المجموعة الثانية من االضطرابات العقلية الوظيفية،
وهذا االسم اطلقه بلويلر Bleulerعام 1211على كل حاالت االضطراب العقلي الوظيفي ما
عدا حاالت االضطراب العاطفي .ويذهب ستافورد كالرك إلى أن كلمة الفصام مستخرجة من
كلمتين يونانيتين تعنيان تقسيم الشخصية ،والقسم األول المألوف وهو ،Schismوالثاني هو
الحجاب الحاجز Diaphragmوالذي كان يعتبره أطباء اليونان مركز اإلحساس .ويذهب كالرك
Clarksإلى أن الفصام قد يحدث في الطفولة أو في المراهقة حسب كريبلين الذي أطلق عليه
اسم "الخبل المبكر" كما أنه قد يحدث بعد ذلك.
وحسب لويس Lewisيذهب ستافورد كالرك إلى أن أعراض الفصام األساسية تتمثل في
( )1اضطراب التفكير )0( ،عدم التناسب االنفعالي )3( ،الهلوسات )3( ،الدفعات أو األفعال
المضطربة .ويتمثل اضطراب التفكير في أفكار اإلشارة Ideas of referenceفالدخان
المتصاعد من مدفأة الجيران عالمة على األصدقاء أو األعداء .ومن أمثلة أفكار اإلشارة أيضاً
صوت حركة المرور وأصوات السيارات وساعي البريد الذي يتجه للجيران .ومن أمثلة التداخل
في عمليات التفكير لديهم عمليات توقف التفكير thought blockingفمجرى التفكير لديهم
يتوقف فجأة فينسون كل ما في ذهنهم ،وقد يتم التواصل بعد ذلك بأفكار ال عالقة لها بالسابقة.
75
ومن األعراض األخرى المصاحبة للفصام الهذاءات أي المعتقدات العقلية الخاطئة والتي
تتضمن التعصب واالضطهاد ،واألنشطة المرتبطة بالنازية والشيوعية والصهيونية .وتعتبر
الهلوسات أيضاً من األعراض المميزة للفصام سواء كانت هلوسات سمعية أو بصرية.
البارانويا :وتتمثل في فئتين كبيرتين هما بارانويا العظمة وبارانويا االضطهاد ( Clark
.)D.S, 1959: 101
ثانيا :العصاب
يعيش الذهاني في عالم من الخيال بينما العصابي يعيش في عالم الواقع ،ولديه
مصاعب أكبر مما لدى العاديين لكنها نفس المصاعب التي لدى كل منا .أما المصاعب التي
لدى الذهاني فتنبع من حقيقة أنه يعيش في عالم آخر ال يخضع لقوانين الطبيعة العادية.
وهناك وجهة نظر أخرى تذهب إلى عدم وجود فرق بين الذهان والعصاب فالفرق كمي
في الدرجة وعلى هذا األساس فإن القرار في أي حالة يعتمد على شدة األعراض ،ونوع العالج
المتطلب ،ومدى تعاون المريض مع العالج .وفي هذا اإلطار فإن الذهاني ال يمكنه التعاون في
العالج ويحتاج لترتيبات خاصة يتعلق بالعناية به وحمايته.
تصنيف العصاب :تقع فئتان أساسيتان داخل االضطرابات التي في المستوى االنفعالي
أو االضطرابات العاطفية هما االكتئاب والقلق ،يضاف لهما الهستيريا وعصاب الوسواس.
القلق :ويتمير القلق بالشعور الدائم بالتوتر ،والقلق الذي ال يعرف المريض له سبباً،
حيث يكون الفرد خائفاً من أي شيء لكنه ال يعرف مما يخاف وال كيف يخاف ،وال يختلف القلق
الذي يواجهة المريض عن القلق الذي يواجهه الناس عندما يكونون في ظروف شدة أو مشقة.
ويصاحب القلق اضطرابات فسيولوجية تتمثل في ارتفاع معدل النبض وجفاف الحلق ،وعدم
76
وجود شهية للطعام ،كما يكون نوم المريض مضطرباً .ويدخل في إطار القلق ما يسمى بالقلق
الموضوعي الذي يعرفه سببه ،والقلق العصابي الذي ال يعرف الذي ال يعرف الشخص سببه كما
سبق اإلشارة ،وهناك المخاوف المرضية Phobiasكالخوف من األماكن المزدحمة واألماكن
المرتفة.
االكتئاب :ويذكر ستافور كالرك أن االكتئاب من نفس فئة القلق ،وكل منا يخضع
لتقلبات المزاج فأحياناً يكون اإلنسان مبتهجاً وأحياناً يكون بائساً .ويحدث االكتئاب لدى اإلنسان
العادي عندما يكون في حالة شديدة من الحزن أو عندما ال يكون موفقاً في بعض أمور الحياة.
واذا زاد االكتئاب في الشدة واستمر لفترة طويلة من الزمن .تصل ألكثر من عام وأثر في
اتجاهات الفرد وعالقته مع اآلخرين فإنه ينظر إله على أنه مرض عقلي ويعالج من هذا
المنطلق.
ويحدث االكتئاب نتيجة ظروف ضاغطة واذا كان الفرد على علم بالظروف المصاحبة
لالكتئاب سمي اكتئاباً خارجياً أو رجعياً Reactive depressionأما إذا كان غير معروف
األصل والمصدر سمي اكتئاباً داخلياً Endogenous depressionوباإلضافة لحالة الحزن
المميزة لكال النوعين من االكتئاب والتي تميز مشاعر المريض فإن المريض يتصرف بحالة من
البالدة Bluntingوالعزلة وعدم االهتمام بما حوله ،كما أن استجاباته لآلخرين تكون بطيئة
وبصعوبة وتتم بعد مقاومته ،كما يتميز بالتردد والتأخر في الحركات كما في حالة التفكير.
واألعراض الفسيولوجية المصاحبة تتمثل في تعبيرات حزينة على الوجه ،وتكون شهيته
لألكل ضعيفة ،كما أن وزنه يبدأ في النقصان ويشكو باستمرار من اإلمساك ،وقلة النوم ويستيقظ
مبك اُر ويجلس لعدة ساعات مستغرقاً في أفكار كثير تشغل باله (.)Clark D.S, 1959 :94
دراسات عربية على االكتئاب :وقد وجد عمر السيد الشوربجي ( )1222أن أطفال األم
التي تعاني من االكتئاب يكونون أكثر عرضة لإلصابة باالكتئاب وكثي اًر ما تتعرض األم المكتئبة
لمشاكل صحية أثناء فترة الحمل ،وقد يرجع ذلك إلى إصابتها بالمرض أو إلى تعاطيها األدوية.
وفي دراسة على 002حالة تتراوح أعمارهم بين 03 – 2عاماً وبمقابلة األمهات تبين أن اثني
77
عشر أماً من المصابات باالكتئاب كن تعانين من عدة مشاكل صحية أثناء الحمل ،وأن 30كم
تتعاطين أدوية وعالج أثناء فترة الحمل (عمر السيد.)102 :1222 ،
وتشير ممدوحة سالمة ( )1222إلى أن المعرفيين يذهبون (ومنهم بيك ،1222 Beck
)1222أيضاً أن االكتئاب اضطراب في التفكير ،فالمريض باالكتئاب يتسم نمط تفكيره
بالتحريف والتشويه ،فهو يستخلص استنتاجات غير منطقية ،كما يحرف تفسير الوقائع واألحداث
بما يتفق مع اعتقاداته السلبية عن ذاته ،ويركز انتباهه على الجوانب السلبية للموقف .وقد أجرت
ممدوحة سالمة دراسة طبقت فيها مقياس االكتئاب لبيك ترجمة غريب عبد الفتاح ( )1225مع
عدد آخر من المقاييس وذلك على مجموعتين من الطلبة ببداب الزقازيق أحدها مرضى ،واألخرى
أسوياء أعمارهم بين 32 – 12عاماً .وقد وجدت أن تعميم الفشل هو أحد متغيرات التشويه
المعرفي الذي يمكن بموجبها التمييز بين المكتئبين وغير المكتئبين ،وبالنسبة لمضمون
االسترجاع وجدت أن للمكتئب يركز تلقائياً على األحداث السلبية (ممدوحة سالمة:1222 ،
.)31
ويذهب رشاد عبد العزيز ( )1222إلى أن سبب عدم وجود فروق بين الجنسين في
االكتئاب ربما يعكس أن هذه الدراسات اعتبرت االكتئاب أحادي البعد ولذا فإنه يسعى في بحثه
للكشف عن أن البنية العاملية لألعراض االكتئابية لعينة اإلناث تختلف عن البنية العاملية
لألعراض االكتئابية لدى الذكور على المتغيرات التالية والمرتبة تنازليا حسب التشبع بالنسبة
للذكور )1( :نوبات البكاء ( )0حدة الطبع ( )3اضطراب الشهية للطعام ،وبالنسبة لإلناث ()1
االهتياج ( )0فقدان الوزن ( )3اضطراب النوم (رشاد عبد العزيز.)10 :1222 ،
الهستيريا :تتميز الهستيريا بأعراضها الدرامية التمثيلية كالعمى والشلل ،وفقدان الذاكرة
والتي ال يكون لها أساس عضوي .ويعتبر فرويد العرض الهستيري مظهر رمزي كنوع كامل من
الصراع لم يجد له حالً ويتصل ذلك بأحداث وقعت في الطفولة .ومن أنواع الهستيريا "الهستيريا
الجماعية" والتي ظهرت في أول ابريل 1223وانتشرت في إحدى عشر مدرسة بسبع محافظات
في صور إغماء جماعي بدأ في محافظة البحيرة بين طالبات المدارس الثانوية واإلعدادية وقد
أكد األطباء النفسيون بعد كافة التحاليل التي أجريت على تلك الحاالت ( 0222حالة) وأكد وزير
78
الصحة أنها حالة نفسية عابرة تنتقل باإليحاء ساعد على سرعة انتشارها الشائعات ووسائل
اإلعالم .ولم تكن هذه هي المرة األولى التي تحدث فيه تلك الحاالت من اإلغماء بل حدثت عند
وفاة الرئيس جمال عبد الناصر والفنان عبد الحليم حافظ .وقد ربط البعض بين وقوع حاالت
اإلغماء وبين ظروف الفتيات االقتصادية ونظرتهن لمستقبلهن غير الواضح ولتوترات الزلزال
الذي حدث في مصر في أكتوبر .1223
عصاب الوسواس القهري :الوسواس أفكار مزعجة تقطع على الفرد سلسلة أفكاره،
والقهري أفعال البد أن يقوم بها العصابي .وكثي اًر ما يظهر الوسواس القهري معاً.
ا
ثالثا :السلوك املضاد للمجتمع
مقدمة :ويشمل تلك الفئة التي ال يكون االضطراب فيها في العقل أو االنفعال لكن يكون
االضطراب في السلوك ويتعلق بتوافقهم مع أنفسهم أو مع باقي العالم ،وهم هؤالء األفراد الذين
يرتكبون الجريمة وغير ذلك من صور السلوك المضاد للمجتمع كالنصب واالحتيال على اآلخرين
ويسمى هؤالء "بالسيكوباتيين" .Psychopaths
ويتميز السيكوباتيين بعدم النضج االنفعالي وباالندفاع ،ويكونون غير قادرين على
االستفادة من الخبرة السابقة ،وعدم القدرة على المثابرة ،كما يتميزون بالالمباالة ،وعدم
اإلخالص .وتوجد لديهم انحرافات جنسية ويتسمون بعدم النضج الجنسي .وتوجد فئتين من
السيكوباتيين األولى العدوانيين المشاغبون الساديون الكحوليون ،والثانية هي المجموعة التي
تتصف بعدم الكفاءة كالجناحين ( ،)Clarks D.S, 1959: 116وفي رأينا (محمود أبو النيل،
)1223أن مما يتصف به السيكوباتي ايضاً ( )1ابتذاذ نقود اآلخرين )0( .ابتذاذ عواطفهم
للعفو والتغاضي عما اقترفه تمهيداً للعودة مرة أخرى.
وفيما يختص بانتشار نسبة الجريمة من سرقة وقتل وخالفه والسلوك المضاد للمجتمع
وبلوغه مستويات أصبحت تشكل قلقاً مستم اًر للمجتمعات أفراداً وهيئات حاكمة أشار تقري اًر أعده
طريف شوقي ( )1220عن اآلثار النفسية للعقوبات السالبة بقسم بحوث العقوبة بالمركز القومي
للبحوث االجتماعية والجنائية إلى أنه على الرغم من ضخامة عدد الجرائم كما تشير لذلك
79
اإلحصاءات الرسمية .فكما يذهب أيزنك Eysenck H.وفقاً إلحصائيات الجريمة في بريطانيا
فإن من المستحيل تقديم أية احصائيات دقيقة حول نسبة الجرائم التي ترتكب إذ أن غالبيتها ال
تبلغ للشرطة وبالتالي ال عرف (طريف شوقي.)02 :1220 ،
ومن الدراسات التي أجريت على جريمة القتل تلك التي قام بها جالل عبد العال
( )1222على القاتالت وغير القاتالت .ولقد وجد الباحث أن شخصية القاتالت تتميز بصفات
مثل االندفاعية ،والجمود بعد اتخاذ القرار ،والمرونة أحياناً في الوسائل التنفيذية ،واالستقاللية.
كما وجد الباحث أنه في غير الحاالت العصابية تتميز الشخصيات السوية للقاتالت باالنفاعية
والتي تتصاعد إلى اللحظة الذهانية والتي تؤدي إلى سرعة اتخاذ القرار والوقوف عنده في جمود.
وتوقيت التنفيذ يتوقف على االرتفاع النسبي لكل من المازوخية والسادية .فإذا كان ارتفاع السادية
متواكباً مع االندفاعية فإن اتخاذ القرار يعقبه مباشرة ويكون التنفيذ بوسائل من التي يستخدمها
الذكور كالخنق واالسلحة النارية .أما إذا كان ارتفاع المازوخية متواكباً مع االندفاعية فيتم تأجيل
التنفيذ لحبك اإلخراج ويكون القتل بالوسائل التي تستخدمها اإلناث كالسم والمخدر (جالل عبد
العال.)21 :1222 ،
األدمان
مقدمة :استعملت المخدرات قديم الزمان لتخفيف آالم الناس مما يواجهونه من ضغوط
الحياة .وتؤثر المخدرات في الجهاز العصبي لإلنسان وتحدث حالة من السرور لديه .وكانت
المخدرات تصنع من عصير من عصير أشجار الخشخاش حيث يتم صناعة األفيون من السائل
اللبني لهذه األشجار ،أما الكوكايين فتتم صناعته من أوراق أشجار الكونجا ،ويصنع الحشيش
من القنب .وهناك الكثير من األنواع األخرى مثل الهيروين والحبوب المهدئة والتي تستخرج
بطرق معملية وبأساليب كيميائية من بعض المخدرات البنائية (محمود أبو النيل-1 :1221 ،
.)32
االنتشار :وتتركز مناطق انتاج الهيروين في منطقة الهالل الذهبي وهي أفغانستان
وايران وباكستان ،ومنطقة المثلث الذهبي وهايورماوالوس وتايالند باإلضافة إلى الهند ولبنان
والمكسيك.
81
ويذهب كل من سبوتس ،Spottsوشونتز Shontsإلى أن أعداد المدمنين في تزايد
مستمر .وأصبح اإلدمان منتش اًر اآلن في كل طبقى اجتماعية ،وأن من بين كل عشرة أشخاص
يوجد تسعة أشخاص تمثل أنماط حياتهم االعتماد الكامل على تعاطي الكوكايين.
وتعتبر مصر من الدول المستهلكة بصورة أكثر للحشيش العتقاد الناس انه غير محرم
دينياً ،وكانت بعض مساحات األراضي تزرع بالخشخاش في صعيد مصر ،وفي نهاية الحرب
العالمية األولى دخل الكوكايين مصر ،وينتشر اآلن الهيروين المكسيكي بين األغنياء لرخص
سعره .وقد وجد أن معظم مدمني الهيروين من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 32 – 02
سنة ،أما الحشيش فإنه غالباً ما يبدأ الشباب التعاطي قبل سن العشرين ،وسبب ذلك مجموعة
األصدقاء والبحث عن النشوة وحب االستطالع.
وتعتبر جرائم المخدرات عبر السنوات المختلفة مؤش اًر على مدى انتشارها بالنسبة إلى
جملة الجنايات كما في الجدول (.)0
عن عدد جرائم المخدرات وعدد الجرائم الجنائية عامة ونسبة جرائم المخدرات
إلى الجنايات العامة.
% الجنايات المخدرات السنة % الجنايات المخدرات السنة
ويتضح من الجدول ( )0أن نسبة جرائم المخدرات إلى جملة الجنايات العامة في زيادة
مستمرة ففي عام 1225تصل نسبتها %31وبعد ثمانية وعشرون عاماً أي في عام 1222
تتضاعف النسبة لتصل إلى .%20
80
ليس ذلك فقط ففي تقرير لقسم اإلحصاء باإلدارة العامة لمكافحة المخدرات عام 1222
أن عدد قضايا المخدرات وعدد المهتمين بها في زيادة كما بين الجدول.
وكما يتبين من الجدول ( )0نجد أن عدد القضايا يرتبط بعدد من المهتمين فكلما زاد
عدد القضايا عدد المتورطين في الجريمة.
ويبين الجدول ( )3ما تم ضبطه من مواد مخدرة خالل أعوام .1222 ،1222 ،1225
% ن % ن % ن % ن % ن
51778 184 089 18114 2 1824 024 1857 288 9888 51075 0985
40137 1810 115 18115 2 1809 79 1850 200 41741 41741 0987
37941 1815 109 18121 6 1805 58 1824 91 37767 37767 0989
ويبين الجدول ( )3أن انتشار الحشيش عبر ثالث سنوات تكاد نسبته تكون ثابتة مما
يشير إلى أن يكاد يكون مادة اإلدمان الشائعة .أما باقي المواد فإن النسب المئوية لما تم ضبطه
82
غير ثابتة في األفيون لكنها تعكس انخفاض نسبة المضبوط من عام لعام ،2.51 ،2.52
2.203وكذلك األمر بالنسبة للهيروين ( 2.15 ،2.12 ،2.03مجدي رزق.)2 :1225 ،
معنى اإلدمان :شخص اإلدمان على أنه يرتبط باضطراب في الشخصية دون أن يكون
هذا االضطراب مصحوباً بأية أعراض ذهانية .ويتمثل بهذه الصورة في المبالغة في تعاطي
المخدر حتى يبطل فعل مراكز الكف في الجهاز العصبي المركزي فيقوم الفرد بعمل أشياء وأمور
غير مقبولة من حيث القيم والتقاليد االجتماعية .وال تتفق هذه األعمال وال تتناسب مع طبيعة
الموقف الموجود فيه الفرد إذا تتسم بالغرابة والشذوذ واذا وصل الفرد إلى حالة االعتياد أو
اإلدمان الفسيولوجية في تعاطي المخدر فإن هذه الظاهرة بال شك ترجع الضطراب في شخصية
الفرد.
وتنتج حالة اعتياد المخدر Habituationلحاجة الفرد إليه من الناحية الجسمية أو
النفسية أو كليهما .وتستخدم كلمة "اعتياد" كمرادف لكلمة "أدمان" addictionوذلك ألنه في
حاالت إدمان العقاقير قلما يقف الفرد عند االعتياد فقط بل يقع بعد ذلك في اإلدمان ومع هذا
فهناك فرق بينهما.
"فاإلدمان فسيولوجية يستجيب بها الفرد لحاجة الجسم وتستثار لديه حاجة Neesلنوع
معين من المخدر ويزيد المدمن الجرعة يوماً وراء يوم حتى يصل لهدف النشوة والتخدير إلى أن
ينتشر في كل أجهزة الجسم نوعاً من التكوين البيوكيميائي".
وفي هيئة الصحة العالمية استقر األمر على التخلي عن المفهومين السابقين (التعود،
اإلدمان) وحل محلهما مصطلح جديد هو "االعتماد" لجمعه بين النواحي المشتركة لهذين
المفهومين ،وضرورة ربطه بالمواد المؤثرة في األعصاب (حسين فايد.)12 :1220 ،
إدمان المخدرات :يعتبر إدمان العقاقير المختلفة ذات األثر التخديري داءاً خطي اًر ومشكلة
نفسية اجتماعية هدامة وصورة كبرى من صور االنحراف عن الصحة النفسية السوية ،وذلك ألن
العقاقير يسهل الحصول عليها وتكون في متناول فئات كثير من الناس منهم األحداث الصغار.
وبمرور الزمن يصبح التعود على تناول هذه العقاقير أمر ال مفر منه ويكون األثر الذي يتركه
83
تعاطي المخدر ثواباً Rewardيساعد على تدعيم العادة لدى المتعاطي حتى بعد زوال الظروف
التي أدت لذلك.
-1المسكنات :وهذه العقاقير تعمل على اإلقالل من استجابة الجسم لأللم ،خاصة
األعصاب .ومن هذه العقاقير األفيون ومستخرجاته كالمورفين والهيروين والكوكايين.
-0العقاقير والمخدرات الخاصة بزيادة االستثارة :التي يتناولها المتعاطي للتخلص من
حالة االكتئاب التي تكون لديه ،وتزيد هذه العقاقير درجة النشاط لدى الرد ،وتؤثر على الجهاز
العصبي السمبتاوي ومن هذه العقاقير الكوكايين.
(أ) المسكنات :ومنها األفيون (نبات السرور :اسمه قديماً) وتشتق منه مخدرات
مثل المورفين وقد أمكن عزله من األفيون ،ويحدث حالة تسكين قوية قد تسبب تكوين
السعادة .ويشتق من المورفين أيضاً الهيروين وهو أقوى.
وتحدث هذه العقاقير أي المورفين والهيروين لدى المتعاطي حالة من السرور والنشاط،
وبزيادة الجرعات تختل الذاكرة ويضطرب اإلدراك البصري وقدرات الفرد الحركية Motor
،Abilitiesكما تضطرب حالة النوم ويضعف االهتمام بالحياة الجنسية كما يرتفع ضغط الدم
لدى المتعاطي ،وتزداد ضربات القلب لديه ،كما يحدث نتيجة المنع فجأة ودون تدريج آالم في
عضالت الجسم وزيادة في حدة األعصاب ،وقد يرتكب المتعاطي سلوكاً إجرامياً .ومن الناحية
االجتماعية فمنها كان رقي المستوى االجتماعي للمتعاطي فإنه ال مانع لديه من مصاحبته
للمستويات االجتماعية األقل.
84
حالة استرخاء عقلي وشعور بنشوة مؤقتة ،وزيادة الكمية يؤدي إلى سرعة الثورة وعدم
اإلتزان االنفعالي ،كما تضعف الذاكرة ويتعطل التفكير.
تفسير اإلدمان :هناك تفسيران يقفان وراء عملية اإلدمان ،أولهما ( )1التفسير
الفسيولوجي حيث تحدث العقاقير المخدرة تغيرات هامة .ما اتضح في وظائف أعضاء الجسم
بحيث أن اعتياد الجسم على هذه الحالة الجديدة يشعر الفرد بالضيق إذا عاد لحالته الطبيعية أو
أجبر على االمتناع مؤقتاً عن الخدر أو قام بإيقافه نهائياً .وقد تكون المجارة االجتماعية أو غير
ذلك هو الدافع وراء أول جرعة .ولكن األثر االنتشائي يجعل الفرد لكريقة آلية Automatic
يكرر تناول المخدر فإذا قل في جسمه بعد ذلك الحد المطلوب للنشوة واالرتياج شعر ببالم ترجع
اختالل التوازن الكيميائي والحيوي وال يزيلها إال العودة إلى المخدر .وثانيهما ( )0التفسير النفسي
حيث يعتبر علماء النفسأن تأثير حالة النشوة والسرور والتخدير لآلثار التي تعزز عادة التعاطي
واإلدمان ألنها تخفف التوتر واأللم النفسي وال يمكن ان نذكر أن هناك تفسي اًر ثالثاً ( )3التفسير
االجتماعي لإلدمان ،والمتمثل في المجاراة والصحبة والظروف االجتماعية المواتية.
ظروف اإلدمان :يحدث اإلدمان نتيجة توفر ظروف عدة منها غياب األب لمدة طويلة
عن األسرة ،أو أن يكون األب مكروهاً من األبناء ألنانيته أو لقسوته في معاملتهم ،وكذلك للتفكك
في العالقة بين الوالدين والشجار المستمر بينهما دور رئيسي في اإلدمان ،وفي دراسة على
مؤسسة عقابية قررت مجموعة من السجينات أنهن تعلمن االعتماد على تلك المواد وكيفية
استخدامها والحصول عليها من السجينات القدامى (( )Gender & Plager 1968ظريف
شوقي.)02 :1220 ،
العالج :يكون بتغيير جماعات االصدقاء للمرضى وبإعادة تاهيل شخصية المدمن
بتغيير مفهومة عن ذاته وتوفير أنشطة بديلة (لورانس شافر.)332 :1255 ،
85
وتوجد في مصر كثير من الجهات التي تتولى العالج من اإلدمان كاإلدارة العامة
لمكافحة المخدرات والجمعية المركزية لمنع المسكرات ومكافحة المخدرات وأندية الدفاع
االجتماعي .ويبين الجدول ( )5عدد المدمنين المتقدمين للعالج من اإلدمان خالل إحدى عشر
سنوات نكتفي بست سنوات منها.
وقد بلغ مجموع المتقدمين خالل اإلحدى عشر عاماً والذي حسبت منه النسبة 10220
متقدماً للعالج .ويتضح من الجدول ( )5أن نسبة اإلقبل على العالج من اإلدمان في زيادة
مستمرة إذ بلغت %0.3في العام 1222وبلغت %05.3عام 1222أي أن الزيادة بلغت
( %03.1مجدي رزق.)12 :1225 /
فيما يلي تعرض لخمس دراسات األولى أجريت عن التدخين والثانية عن تعاطي
الحشيش والثالثة عن إدمان المخدرات والرابعة عن المواد النفسية المؤثرة في األعصاب،ـ
والخامسة عن عالقة التعاطي بالصحة النفسية والتنشئة االجتماعية.
86
فقد أجرات مديحة العزبي ( )1222دراسة عن التدخين على طلبة الجامعات فذهبت إلى
أن عدد المدخنين في ازدياد مستمر بين الفئات المختلفة ذكو اًر واناثاً أطفاالً وكبار مثقفين وعمال
من مستويات اجتماعية اقتصادية مختلفة حيث كشفت الدراسات (عبده ميخائيل )1233أن سن
ابتداء التدخين كان 10عاماً ،ونسبة التدخين بين آباء التالميذ المدخنين ،%22وبين آباء غير
المدخنين %52والسبب األول لتدخين هو الشعور بالزهو والرجولة ،كما وجد (هند سيد طه
)1223من العوامل التي تقف وراء التدخين تغيب األب عن المنزل وضغوط األصدقاء
المدخنيني والميل للسلوك اإلجرامي .وقد هدفت دراسة مديحة العزبي إلى الكشف عن ما هو
الشخص الذي يدخن وتكونت العينة من 322طالباً من جامعتي عين شمس والقاهرة .وقد
وجدت الباحثة أن التدخين يعبر عن وجود حاجة أو مجموعة معقدة من الحاجات تدفع الفرد الى
هذا السلوك .كما أن التقليد سواء للكبار أو الزمالء يحتل مكاناً هاماً فالتدخين والرغبة في تجربته
يعتمد على محاولة تقليد نموذج سواؤ واقعي أو متخيل ،كما أن الشخص يدخن لكي يشعر
باالسترخاء والهدوء (مديحة العزبي .)2 :1222 ،ويمكن أن يسجل هنا أن دراسة سامي عبد
القوي ( )1222قد توصلت قبل ذلك لنفس النتائج ،فيما يختص بدوافع التدخين ووجود نماذج،
وعوامل االستمرار واإلقالع عن التدخين وسمات الشخصية المرتبطة بالتدخين لدى الطالبات
كانت اكثر انبساطية (سامي عبد القوي.)132 :1222 ،
وقد قام أحمد عبد اهلل محمد السعيد بإجراء دراسة ( )1222على 122متعاطي مسجون
بالسعودية والذين ضبطوا من قبل رجال األمن في حالة تعاطي حشيش وكان العينة التجريبية
122مسجون بتهم أخرى غير التعاطي وكانت العينة الضابطة 122من األسوياء في نسيان
الهموم وتحسين المزاج واطالة العملية الجنسية ومجاراة األصدقاء (أحمد عبد اهلل:1222 ،
.)133
وبالنسبة للدراسات اإلكلينيكية نذكر دراسة حالة اإلدمان التي قام بها عبد الرحيم بخيت
عبد الرحيم ( )1222طبق فيها اختبار التات لقياس الشخصية ،والمقابلة وتوصل إلى أن المدمن
بتصف بالميول االكتئابية والتي تضهر من فشله في الزواج ،واليأس الذي ظهر في أحالمه،
وبالوساوس والقهر والذي بدأ في محاولة المريض القفز من سطح المنزل (عبد الرحيم بخيت،
.)51 :1222
87
وأجرت هبة اهلل أبو النيل ( )1222دراسة هدفت فحص العالقة بين أسلوب الحياة
وتعاطي المواد النفسية المؤثرة في األعصاب لدى عينة من طالب الجامعة من خالل توضيح
إلى أي حد يختلف أسلوب حياة المتعاطين عن نظرائهم من غير المتعاطين .واختيرت عينة من
طالب الجامعة عددهم ،332نصفهم تقريباً من بعض الكليات العملية (ن = )123ونصفهم
اآلخر من بعض الكليات النظرية (ن= )122قسمت إلى مجموعتين ،األولى مجموعة من تعاطوا
أي مادة نفسية ولو لمرة واحدة (المتعاطون) ،أما الثانية فهي مجموعة ضابطة من غير
المتعاطين .وقد طبق على كل مجموعة بطارية من االختبارات وهي :المقاييس المتعلقة بأسلوب
الحياة (أنشطة وعاداة الحياة اليومية ،أنشطة وقت الفراغ ،االتجاهات نحو الذات ونحو العناصر
المختلفة للسياق االجتماعي ،مشكالت الحياة اليومية وطرق مواجهتها ،مقياس فعالية التعامل مع
الوقت وتنظيمه) والمقاييس المتعلقة بالتعاطي (مصادر المعلومات عن التعاطي ،االتجاه نحو
التعاطي) ثم مقاييس الشخصية (التطرف كأسلوب لالستجابة ،مركز التحكم في التدعيم).
وقد كشفت النتائج عن وجود فروق لها داللة إحصائية بين المتعاطين وغير المتعاطين
على المتغيرات المختلفة ألنشطة الخياة اليومية فأظهر المتعاطون أنه أقل التزاماً بالعادات
الصحية في التغذية وبأنهم أقل التزاماً بممارسة العادات اإليجابية المتصلة بنظام النوم .وتتسم
تفاعالتهم داخل السياق األسري بالسلبية ،كما أنهم ينمون عادات معوقة لالستذكار الفعال ،كما
اظهر المتعاطون أنهم أقل استفادة من أوقات فراغهم مقارنة بغير المتعاطين ولم تظهر فروق بين
المتعاطين وغير المتعاطين في االتجاهات نحو الذات ،أو نحو الدراسة والعمل .واقتصرت
الفروق فقط على االتجاهات نحو األسرة وكذلك أيدت النتائج توقعنا بأن يكون المتعاطون أكثر
تعرضاً للمشكالت المثيرة للمشقة وأكثر معاناة من االضط اربات النفسية مقارنة بغير المتعاطين
(هبة اهلل أبو النيل.)22 :1222 ،
وفي دراسة مجدي رزق ( )1225عن أثر تعاطي اآلباء للمخدرات على الصحة النفسية
والتنشئة االجتماعية لدى األبناء ،سعت للكشف عن:
88
يتسمون بخصائص شخصية معينة. ()3
( )4وفيما يختص بالخصائص العامة ألبناء المتعاطين :وجد أن اعمارهم تتراوح بين
02 – 00عاماً وأنهم يتوزعون على المستويات التعليمية المختلفة ،أغلبهم في مستوى التعليم
المتوسط وبنسبة %32وذوي التعليم العالي %32أما بالنسبة لمستوى تعليم األب فقد كان
منخفضاً إذ بلغت نسبة الذي يعرفون القراءة والكتابة منهم %52كما أن أبناء المتعاطين
للمخدرات ينتمون إلى أسر كبيرة العدد .ووجد في الدراسة أنه يغلب أن يكون ترتيب المتعاطي
من أبناء المتعاطين للمخدرات هو األول بين األخوة واألخوات بنسبة .%22
إدراك سلوب األب :سلوك األب يتسم بعدم الضبط والتقبل التام لكل ما يؤتيه الطفل من
سلوك ال سوي والمشوب أحياناً بالسيطرة العدوانية على الطفل ،إذ يتسعر األبناء القلق وعدم
األمن الذي يؤدي إلى االضطراب االنفعالي .أما نفس السلوك من جانب األم فإن أثره على
سلوك األبناء يكون أخطر وأشد وطأة على البناء النفسي لألبناء .إذ يؤدي إلى العصيان والتمرد
وألوان من السلوك المضاد للمجتمع.
إدراك أبناء المتعاطين للتعارض بين الوالدين في التنشئة :أما إدراك أبناء المتعاطين
للتعارض الكبير بين اآلباء واألمهات في نمط التنشئة األجتماعية فيما يتعلق بنمط التقبل اى
التساهل الشديد مع الطفل من جانب احد الوالدين فى مقابل التقييد الشديد لرغباته من جانب
الوالد من الجنس االخر ،فإن التذبذب بين التقييد والسماحة يعتبر شديد اإلرباك ،حيث ال يستطيع
الطفل أن يستنتج ما هو مرغوب وما هو ممنوع كما يتفق الكثير من العلماء على أن عدم
االتساق بين أالب واألم في نمط التنشئة ااجتماعية يعتبر عامل أساسي وفعال في تكوين السلوك
المضاد للمجتمع.
( )3وبالنسبة للخصائص العقلية ألبناء المتعاطين للمخدرات :أوضحت نتائج الدراسة
الميدانية انخفاض أداء أبناء المتعاطين للمخدرات عموماً على مقياس وكسلر بلفيو لذكاء
الراشدين والمراهقين ،فقد كان أداءهم أقل من أداء أبناء غير المتعاطين للمخدرات بشكل دال
إحصائياً ،إذ كانت نسب الذكاء اللفظي والعملي والكلي ومعامل الكفاءة لديهم منخفضة بشكل
89
ملحوظ مما يشير إلى انخفاض مستوى كفاءة الوظيفة العقلية لدى أبناء المتعاطين للمخدرات
بصورة عامة.
أبناء المتعاطين للمخدرات :أوضحت نتائج ( )1وبالنسبة للخصائص الشخصية لد
الدراسة من خالل الختبار الشخصية االسقاطي الجمعي ان أبناء المتعاطين للمخدرات ستمون
بعدم النضج االنفعالي ويفتقرون إلى الصحة النفسية ،كما أن لديهم قابلية عالية للنجاح ،وذلك
خالل ارتفاع "الدرجة الكلية" على االختبار لديهم (مجدي رزق.)032،032 :1225 ،
وقد وجد مجدي رزق ( )4993أن البناء النفسي ألبناء المتعاطين للمخدرات يتسم
بالخصائص اآلتية:
(أ) صورة الذات :تتسم بالعجز والسلبية في مواجهة مواقف الحياة الضاغطة والتعلق
الطفلي باألم والمسل إلى اإلشباع الفوري للرغبات مع عدم القدرة على تحمل اإلحباط أو اإلغراء
أو تأجيل إشباع الرغبات .وتبدو هذه الصورة أكثر وضوحاً لدى المتعاطين من أبناء المتعاطين
للمخدرات.
(ب) الصورة الوالدية :غالباً ما يدرك أبناء المتعاطين للمخدرات صورة الوالد على أنها
شاذة ،شريرة .أما صورة األم فيتعلق يها أبناء المتعاطين للمخدرات تعلقاً يتسم بالخضوع والطاعة
وان كانت تبدو أحياناً مسيطرة إال أن صورتها الخاضعة والخانعة والمطيعة كانت هي األكثر
شيوعاً.
(ج) الصراع :أوضحت النتائج أن الصراعات لدى أبناء المتعاطين للمخدرات تدور حول
الرغبات الجنسية مع امتثال افرد لها وعجزه عن التعامل بكفاءة معها.
(د) كفاءة األنا :اتضح لدى أبناء المتعاطين للمخدرات ضعف األنا وعجزه عن مواجهة
صراعاته وحل مشكال ته بطريقة توافقية ،فاألنا ال يتحمل اإلحباط واإلغراء وال يستطيع تأجيل
اإلشباع ويسوده مبدأ اللذة ويتسم بالتردد والسلبية.
(ه) األنا األعلى :أظهرت النتائج أن االنا األعلى لدى أبناء المتعاطين للمخدرات يبدو
كثير الثغرات متساهالً أما انسياق الفرد وراء رغباته.
91
العدوان :توضح النتائج أن العدوان لدى أبناء المتعاطين للمخدرات يتجه نحو السلطة
الوالدية والمجتمع (مجدي رزق.)032 :1225 ،
مقدمة :بعد أن تضاءل دول األسرة في توجيه األبناء نحو اكتساب العادات السوية
النشغال الوالدين في العمل بدأت أجهزة اإلعالم في تولي مد جمهور الناس بالمعلومات عن
كثير من أمور الحياة من أجل اإلقناع واالقتناع بمعتقدات معينة .وان نجحت أجهزة اإلعالم
والموجهة لجميع فئات المجتمع في إقناعهم واقتناعهم ببعض األمور الثقافية والمشكالت الخاصة
بضغوط الحياة إال أن دورها بالنسبة لمشكلة اإلدمان من زاوية االحتواء والمكافحة لم يصل
للمستوى المطلوب بعد وذلك لسخونة معالجة البرامج الظاهرة في البداية ثم يحدث بعد ذلك القتور
في المواجهة .هذا إضافة إلى أن أجهزة اإلعالم تلجأ إلى غير المتخصصين لمد جماهير
المستمعين (الراديو) والمشاهدين (التلفزيون) والقراء (الصحف والمجالت) بالمعلومات عن
الظاهرة إلرشادهم إلى أضرار التعاطي حيث الحق الناس الكثير من األضرار نتيجة االستعانة
بغير المتخصصين .هذا إذا أضفنا أن البرامج اإلعالمية ال يوجد تنسيق بينها كما أنه ال توجد
ثقافة عامة لدى مقدمي هذه البرامج مما يفرغ البرنامج من هذفه نتيجة تسطيحهم للظاهرة.
تهدف هذه المقدمة إلى توضيح أن الفرد قد خضع من حيث التأثير في سلوكه
بالمؤسسات اآلتية:
( )1األسرة.
ونجد أن دور االسرة قد تقلص واقتصر دور المدرسة على التعليم وأن الفرد يتعر لوسائل
غالم غير هادفة ال يوجد تكامل بين برامجها مما يجعل من الضرورة بمكان أن يكون ألخصائي
الصحة النفسية دور كبير في مواجهة ومكافحة ظاهرة التعاطي (محي الدين حسين.)1223 ،
يرتكز – كما أسلفنا – دور أخصائي النفسية في مواجهة ظاهرة التعاطي على:
90
( )1معايشته لألفراد.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المواجهة تتطلب إعداداً ألخصائي الصحة النفسية
وتدريبه على مواجهة الظاهرة لكي يستطيع القيام بدوره ولديه المعلومات الكاملة عن الظاهرة .كما
تتلطب المواجهة أن يتوفر في أخصائي الصحة النفسية الذي يتم اختياره للقيام بدور المواجهة
شرطين أساسيين:
وذلك ألنه إذا كان العمل مع األسوياء من الناس يتطلب أن يكون القائم بهذا العمل
متصفاً بسمات تتركز في أي يكون متوافقاً نفسياً واجتماعياً فإن من باب أولى ان يتصف من
يواجه ظاهرة التعاطي بالصحة النفسية السوية وأن يكون تقبله لآلخرين صفة من الضروري أن
تتوفر فيه كما أن قدرته على فهم اآلخرين تصبح ذا أهمية كبرى في مواجهة أخصائي الصحة
النفسية السوية وان يكون تقبله لآلخرين صفة من الضروري أن تتوفر فيه كما أن قدرته على فهم
اآلخرين تصبح ذا أهمية كبرى في مواجهة أخصائي الصحة النفسية لهذه الظاهرة (جمعة سيد
يوسف.)22 :1233 ،
تدريب أخصائي الصحة النفسية :يجب ان تلقى عملية تدريب أخصائي الصحة النفسية
عناية شديدة من الناحيتين النظرية والعملية في موضوع التعاطي بصفة عامة لكي يكسب
معلومات عن المخدرات وتعاطيها وانتشارها وتوزيعها وانتشارها وأنواعها وكيفية عالجها والوقاية
منه حتى يصبح قاد اًر على اإلفادة في مواجهة الظاهرة لدى األفراد .ويقترح في هذا الصدد إعداد
برنامج لهذا الغرض لتدريب أخصائي الصحة النفسية على مواجهة ظاهرة التعاطي.
إعداد برنامج التدريب :ينبغي أن يتوفر في برنامج التدريب إعداد أخصائي الصحة
النفسية لمواجهة ظاهرة التعاطي:
92
( )1تحديد الهدف من البرنامج.
( )0عمل توصيف للظاهرة إلعداد مراد البرنامج.
( )3التوصل للمهارات المطلوبة من أخصائي الصحة النفسية واكتسابها من
البرنامج.
( )3عمل تقييم ومتابعة للبرنامج من حيث تحقيقه للهدف.
93
أسس إعداد الربنامج
يؤسس البرنامج في محتواه على اإلفادة من المعلومات والمهارات التي أمكن ()1
تحصيلها من فروع علم النفس والطب النفسي واالجتماع والقانون وذلك بهدف
زيادة كفاءة الخدمة التي تقدم للمتعاطي من قبل األخصائي في مجاالت
المواجهة المختلفة.
كما أنه يمكن أن توضع في هذا الصدد برامج تدريب محدودة تقتصر على ()0
الجوانب الرئيسية لرعاية المتعاطي على أن يلحق ذلك دورات تدريب متتابعة
حتى يمكن تجديد معلومات األخصائي بصفة مستمرة.
برنامج مقترح :يجب أن يتضمن البرنامج مواداً في علم النفس واالجتماع والطب كما
أسلفنا بحيث يكون لدى األخصائي معرفة عن التكامل البيولوجي النفسي االجتماعي والذي يشكل
الشخصية وأن الفرد المتعاطي إنسان أي "وحدة بيولوجية نفسية اجتماعية" متفاعلة ومتكاملة وأن
هذه العوامل الثالثة تؤثر في بعضها البعض.
( )3الطب.
( )3القانون.
( )2عرض شرائط فيديو تعتمد على استخدام طرق للعالج السائدة في ذلك
المجال.
94
دور أخصائي الصحة النفسية
الوقاية. ()1
أوالا :الوقاية :وذلك بأن بتم عمل مخطط لمواجهة ظاهرة التعاطي وتتمثل تلك الوقاية في
منع وقوع تعاطي المواد للنفسية أي اإلعاقة الكاملة لظهور المشكلة وذلك لدى األفراد المحتمل
تورطهم في سلوك التعاطي .أي أن يكون احتمال التعاطي لديهم بدرجة أعلى من لدىأي جماعة
أخرى ويسهم في ذلك االحتمال عدة عوامل نشير لها فيما بعد.
( )1التعرض للمعلومات الخاصة بالمواد النفسية حيث أشارت البحوث بوجود ارتباط
مرتفع بين التعرض للمعلومات الخاصة بالمواد النفسية (سواء من خالل الرؤيا المباشرة أو
األقارب أو األصدقاء المتعاطين) وارتفاع احتمال إقبال األفراد على تعاطي هذه المواد.
( )0التدخين فقد كشفت الدراسات عن وجود عالقة وثيقة بين تدخين السجائر واحتمال
التورط في التعاطي.
( )3ارتفاع حجم المصروف :وجدت عالقة قوية بينه وبين التورط في التعاطي (هند
طه.)031 :1223 ،
( )1وجود مظاهر فسيولوجية على المتعاطي كانتفاخ العين وارتخاء عضالت الوجه.
( )3وجود مؤشرات للسلوك المرضي كالسرقة لإلنفاق على شراء المخدر.
95
ثالث ا :تدريب المدمن على اإلدراك الواضح لمشكلته:
يكون دور األخصائي النفسي دو اًر مسانداً للمتعاطي وذلك بتدريبه على المالحظة الدقيقة
لنفسه للوصول به لإلدراك الواضح للجوانب العقلية والبدنية التي تاثرت بسلوكه اإلدماني والتي
تتمثل في:
وتعتبر مالحظة ورصد السوابق التي تثير الدافع إلى التعاطي ثم مالحظة ورصد
اللواحق التي تدعم فعل التعاطي نقاط ارتكاز أساسية في إدراك المدمن لذاته إدراكاً واضحاً حتى
يمكن تطهير الجسم من السموم وذلك بان يتم في نفس العالج باألدوية حتى ال تحدث انتكاسة
لدة المتعاطي (محي الدين حسين.)051 :1223 ،
األسئلة:
96
مراجع الفصل الرابع
-4أحمد عكاشة ( )1223الوقاية من الدرجتين الثانية والثالثة في الندوة القومية لمكافحة وعالج
اإلدمان – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان – القاهرة.
-4أحمد عبد اهلل محمد السعيد ( )1222دراسة لبعض النواحي النفسية لمتعاطي الحشيش
بمنطقة الرياض – مجلة علم النفس – الهيئة العامة للكتاب.
-3جمعة سيد يوسف ( )1223تدرب األخصائيين النفسيين اإلكلينيكيين لمواجهة مشكلة تعاطي
المخدرات في الندوة القومية لمكافحة المخدرات وعالج اإلدمان – المجلس القومي لمكافحة
وعالج اإلدمان – القاهرة.
-1جالل عبد العال ( )1222دراسة للعوامل النفسية التي تكمن وراء جريمة القتل عند القاتالت
– مجلة علم النفس – العدد الثاني – الهيئة العامة للكتاب.
-3حسين فايد ( )1220دراسة مقارنة لديناميات شخصية متعاطي الهيروين ومتعاط الحشيش –
رسالة ماجستير غير منشورة ببداب عين شمس .
-6رشاد عبد العزيز ( )1222النوع كمحدد سلوكي في االكتئاب النفسي دراسة عاملية – مجلة
علم النفس العدد ( )11الهيئة العامة للكتاب.
-7سامي عبد القوي ( )1222خصائص الشخصية المرتبطة بتدخين السجائر دراسة في الفروق
بين الجنسين لدي طالب الجامعة– رسالة ماجستير ببداب عين شمس.
-4ظريف شوقي ( )1220اآلثار النفسية للعقوبات سالبة الحرية المركز القومي للبحوث
االجتماعية والجنائية.
-9عبد الرحيم بخيت عبد الرحيم ( – )1222الدالالت اإلكلينيكية الستجابات مدمن المخدرات
(دراسة حالة) – مجلة علم النفس العدد ( )3الهيئة العامة للكتاب.
-40عمر سيد الشوربحي ( )1222أخطار اكتئاب األم علي الطفل مجلة:علم النفس العدد ()3
الهيئة العامة للكتاب.
97
-44كوفيل وآخرون – تأليف محمود الزبادي – ترجمة – علم نفس الشواذ – دار النهضة العربية
– القاهرة.
-44لورانس شافر – تأليف – علم النفس المرضي واإلضطرابات الصغرى في :ميادين علم
النفس تأليف بإشراف جيلفورد وترجمة بإشراف يوسف مراد المجلس األول دار المعارف
القاهرة.
-43محمود أبو النيل ( )1221اإلدمان محاضرة ألقيت ضمن برنامج تدريب الضباط بكلية
شرطة دبي.
-43مجدي رزق ( )1225دراسة عن آثر تعاطي اآلباء للمخدرات علي الصحة النفسية والتنشئة
االجتماعية لألبناء – رسالة دكتوراه ببداب عين شمس.
-46محي الدين أحمد حسين ( )1223إعادة التأهيل والدمج االجتماعي لمتعاطي المخدرات،
في :الندوة القومية لمكافحة المخدرات وعالج اإلدمان – المجلس القومي لمكافحة وعالج
اإلدمان – القاهرة.
-47محي الدين أحمد حسين ( )1223تدريب اإلعالميين وترشيد اإلعالم ،في :الندوة القومية
لمكافحة المخدرات وعالج اإلدمان – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان – القاهرة.
-44هبه أبو النيل ( )1222العالقة بين أسلوب الحياة واالستهداف لتعاطي المواد النفسية المؤثرة
في األعصاب لدي طلبه الجامعة رسالة ماجستير غير منشورة كلية اآلداب – جامعة
القاهرة.
-49هند طه ( )1223الوقاية األولية معناها واجراءاتها ،في :الندوة القومية لمكافحة المخدرات
وعالج اإلدمان – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان – القاهرة.
98
20- Clark Daived Stafford (1959) Psychiatry Today, Apelican Book,
London.
99
الفصل اخلامس
العوامل واألسباب
األهداف :يهدف هذا الفصل إلى مد القارئ بالمعرفة التي تتعلق بالعوامل واألسباب التي
تقف وراء حدوث اللوك الالسوى والتي تتركز في كل من الوراثة والبيئة وفي هذا اإلطار يتم
تعريف القارئ بالوراثة وتأثير البيئة الرحمية وما يحدث لألم من انفعاالت وتأثيرها كذلك يعرف
القارئ بدور الغدد الصماء في السلوك الالسوى عند زيادة أو نقصان إفرازها كذلك يهدف الفصل
إلى تعريف القارئ بدور البيئة والوراثة في السلوك اإلجرامي وفي الفصام.
المحتو :يشتمل على العديد من الوحدات ومن أهمها :الوراثة تأثير البيئة الرحمية
وتأثير العوامل االنفعالية والمواد المخدرة والغدد الصماء والغذاء والبيئة ،والتفاعل بين الوراثة
والبيئة دور الوراثة في السلوك اإلجرامي والتحضر والهجرة والسلوك اإلج ارمي والفصام بين الوراثة
والبيئة.
مقدمة :إن ما حدث في تاريخ علم النفس عام 1222في القرن الماضي يعتبر نقطة
تحول من االعتماد على التفسيرات الواحدة إلى االعتماد على التفسيرات المتعددة والتي تتضمن
كل العوامل الوراثية والبيئة ويحاول العلماء التوفيق بين كل هذه العوامل فيلجأون لنظام في
ال تفسير من شأنه أن تقلل من عدد العوامل إلى الحد األدنى ولذلك فإنه بالنسبة لالضطرابات
النفسية واالجتماعية أي الصحة النفسية فإن أسبابها توحد في التخصيب بين البيولوجيا وعلم
النفس وعلم االجتماع وعلم الصحة واألنثروبولوجيا ونتناول فيما يلي العوامل البيولوجية والعمليات
التوافقية ثم ننتقل للكالم بالتفصيل عن الوراثة والبيئة.
ا
أوال :العوامل البيولوجية والعمليات التوفقية
األساس البيولوجي:
أي انه يجب االبتداء بالفرد ككائن حي منذ البداية وكأساس لها .وتعتبر العوامل دون
أدنى شك األساس في تحديد السلوك ،وخاصة إنها من المحددات الهامة في نمو شخصية
اإلنسان ،على هذا يجب البدء في النظر للسلوك الالسوى وعند تناول موضوعاته بالنظر للفرد
ككائن حي individual organismمنذ البداية وذلك على الرغم من اجدل والنقاش الذي يتعلق
011
بمشكلة الوراثة في مقابل البيئة ،ولقد الزمت هذه المناقشات أن يعطي للوراثة البيولوجية لإلنسان
قد اًر من األهمية وأن ينظر للسلوك الالسوى على أساس أنه نتيجة تفاعل اإلمكانيات الموروثة
والتأثيرات االجتماعية الثقافية فاألبنية البيولوجية لدى اإلنسان مسئوله جزئياً على ما يحدث له
من اضطرابات نفسية أي أن لها دو اًر في استعدادات الفرد لإلصابة بالمرض النفسي
(.)proshansky, 197:3
وبالنسبة لعالقة النواحي البيولوجية بالشخصية ،فإنه نظ اًر ألن الشخصية عبارة عن نظام
شديد التعقيد فإنه من الممكن النظر للعوامل البيولوجية ال على أنها عوامل مسببة causative
،factorsبل على أنها عوامل محددة ، limiting factorأي أنها أحد العوامل التي لها عالقة
بنمو الشخصية وليس هي العامل الوحيد وانطالقاً من ذلك فإنه يعطي وزن للعوامل الفسيولوجية
والتكوينية التي يفترض أنها تلعب دو اًر في السلوك كالجهاز العضلي ،والجهاز العصبي،
والحاجات األساسية للكائن الحي ،والنشاط الغدي .ونتكلم فيما يلي عن هذه النواحي:
-1الجهاز العضلي :أن الدور الذي يلعبة الجهاز العضلي musculatureوالعضالت له
عالقة بدرجة اتزان أو اضطراب الشخصية فخالل الخوف أو التهيج ،يزداد نشاط العضالت
خاصة الملساء في المعدة واألثنى عشر ،وعندما تنقبض العضالت فإنها تحرك الجسم
وتطرد الهواء وتستقبله وتعمل على اهتزاز األحبال الصوتية ،كما تساعد على مواجهة
الموقف ،وعلى االتصال باآلخرين.
-4الجهاز العصبي :يوجد جهازان عصبيان هما :الجهاز العصبي المركزي control
nervous systemوالجهاز العصبي الالإرادي autonomicويتكون الجهاز العصبي
المركزي من المخ والحبل الشوكي spinal cordوهو مركز كل الممرات والتوصيالت التي
تنتقل من خاللها للحركات أما الجاز الالإرادي فإنه يتحكم في نشاط الغدد والقلب والكبد
والمعدة واألمعاء ويعتبر الجهاز العصبي المركزي أساس الذكاء والفهم واللغة واإلدراك
والتعلم ،كما أنه يساعد الفرد على التوافق والنجاح .أبما الجهاز العصبي الالإرادي فيلعب
دو اًر أساسياً في التوافق الفسيولوجي للكائن الحي أثناء مواجهته للمخاطر والمخاوف
المختلفة.
-3الحاجات األساسية للكائن الحي :تشير الحاجة إلى حالة من النقص الذي يعتري الجسم ،أو
إلي االضطراب الذي يصيب النفس ،واذا لم يقم الفرد بإشباع هذه الحاجة ،فإنه يثير لديه
حالة من التوتر والضيق الذي ينتهي بإشباع هذه الحاجة .وتصنف الحاجات إلى ناحيتين
رئيسيتين :األولى تلك الحاجات التي تكفل المحافظة على بقاء النوع ،كالحاجة إلى الطعام
010
والراحة والنوم ،والثانية تلك الحاجات التي تكفي للمحافظ على بقاء النوع ،كالحاجة إلى
الجنس ،والحاجة إلى األمومة .ويميل اإلنسان من تلقاء نفسه إلى االحتفاظ بتوازنه الداخلي
الفيزيقي الكيميائي وذلك بالقيام بالعمليات الالزمة الستعادة توازنه ،فإن ارتفعت درجة حرار
الجسم زاد إفراز العرق ،وان فشل الفرد في استعادة توازنه العضوي مرض أو مات وعندما
يكون الفرد في حاجة إلى الماء أثارت هذه الحاجة توت اًر يحمله على أن يقوم بالسلوك
المناسب إلرضائها وازالة ما يعانيه من توتر ومن استعادة التوازن أن يعمل على المستوي
النفسي االجتماعي أيضاً كما يعمل على المستوى الفسيولوجي فاإلنسان يميل إلى االحتفاظ
بحالة توازن في عالقته بالبيئة المادية واالجتماعية فإن اختل هذا التوازن شعر الفرد بحالة
من التوتر تدفعه بنوع من السلوك الظاهر كالمشي ،أو الباطن كالتفكير أو بهما معاً.
ولكل ما سبق فإن عالم النفس يعطي أهمية لدور الحاجات األساسية في السلوك
اإلنساني فاألطفال الذي ينتمون لمستوى اجتماعي اقتصادي منخفض أقل ذكاء من األطفال ذوي
المستوى االجتماعي االقتصادي المرتفع .وذلك ألنه من المعروف أن األطفال ذوي المستوي
االقتصادي المنخفض ال تتوافر لهم نفس ظروف األطفال األغنياء الذين يمكنهم إشباع حاجاتهم
األساسية ،وعلى رأسها الطعام الذي يلعب دو ًار هاماً في عملية النمو وتكوين بنية الجسم ،وتزويد
الجسم بالطاقة التي يحتاجها كما يصلح الخاليا التالفة ويعيد بنائها ويكون خالليا جديدة كما أن
الطعام يزيد من مناعة الجسم ضد بعض األمراض ،بوقايته منها .وعندما تفوق عملية الهدم
البناء بسبب التغذية ينشأ عن ذلك إصابة الكيان النفسي بالوهن والهزال والنقص مما يقلل ذلك
من قدرته على التوافق النفسي االجتماعي.
(ب) العمليات التوافقية :لقد جاءت مدارس جديدة في علم النفس ،وتوارث من الوجود
مدارس أخرى ،لكن المشكلة األساسية في علم النفس وموضوعة الرئيسي الزال باقياً كما هما
وهو دراسة خصائص الفرد في الجماعة وعمليات التوافق التي يكتسب بها أهدافه أو يقلل من
تواتراته كما يدرس سلوك الجماعة نفسها ويستند علم النفس المعاصر في إقامة صرح موضوعاته
على العمليات النفسية ومبادئ علم النفس ،كما يؤكد في نفس الوقت على الشخصية ككل ،وذلك
امتداداً لوجهة نظر الطب النفسي psychomedicineالذي ينظر لإلنسان ككل .كما يعتبر
الفرويديون الجدد من أمثال هاري ستاك سولفيان وكارني هورني ،وأريك فورم مصد اًر خصباً
وغير محدود في دراسة السلوك االجتماعي وعلم النفس اليوم ال يركز على االستجابة للمنبه بل
على التفاعل بين اإلنسان واإلنسان وبين اإلنسان والجماعة وبين الجماعات ،وتعتبر التفاعلية
012
interactionismاكتشافاً أساسه اجتماعي إلى حد كبير ونجده في الكثير من كتابات ميد
(.)bruner,j.s,119
ولقد استفاد علم النفس من كل هذه اآلراء واالكتشافات والدراسات الطب نفسيه،
واألنثروبولوجية ،وذلك في نظرته لتوافقات الفرد ،على أساس أنه وحده بيولوجية نفسيه اجتماعية،
وذلك منذ بداية حياته جنيناً في بطن أمه يتأثر بالعديد من المؤثرات مثل انفعاالت األم ومرضها
وادمانها على المهدئات وما تتناوله من غذاء وحتى يصير كائنا اجتماعياً متفاعالً ( broun
.)foger,1965:8
ا
ثانيا :الوراثة والبيئة
الوراثة :تعني الوراثة كافة الخصائص والصفات التي توجد لدى الفرد عندما يبدأ الحياة.
013
-2والمالحظ في هذا الشكل الذي يبين تكوين الخلية ما يوجد بداخل النواة من شبكة من
الخيوط الرفيعة تسمى باسم الكروموزومات عليها بقع صغيرة تسمى الجينات وهي حملة
االستعداد الوراثي ويوضح الشكل ( ) هذه الجينات أي الموروثات.
شكل ( ) بتوضيحي بين الجينات أي الموروثات الذكرية" "1من األب والموروثات األنثوية
" "0من األم.
-2وتحمل الخلية الواحدة التي تبدأ بها الحياة 03زوجاً من الكروموزومات بعضها من
األب وبعضها من األم كما يالحظ أن الشكل التوضيحي السابق.
وأن كل زوج من الكروموزومات مقسم إلى عدد كبير من الجينات وهي التي -12
تميز كل فرد عن اآلخر من حيث الطول والوزن ولون الشعر والبشرة ودرجة الذكاء
والشعور واالنفعال.
014
أوالا :تأثير البيئة الرحمية على االستعدادات الوراثية :تتأثر الموروثات حملة االستعداد
الوراثي بالبيئة الرحمية على النحو األتي:
-4تأثير العوامل االنفعالية :تؤثر العوامل االنفعالية من صراع وتوتر وقلق وعدم أمن نفسي
والتي تحدث لألم خالل الحمل تأثي اًر سيئاً في الجنين ويعمل على صعوبة توافقه مستقبالً
مع البيئية الخارجية التي يعيش فيها ،ولقد وجد سونتاج )1233( sontag. L.Wأن
األم التي تعاني من أزمات انفعالية وتوترات نفسية حادة خالل الحمل فإن ذلك يكون له
تأثيره على الطفل فيصبح أكثر استعداداً للتهيج واالستثارة ويكون دائب الحركة والصراع
مما يترتب على هذه العمليات كثرة في الطفل لما تناوله من غذاء فتزداد صحته سوءاً.
-4انتقال عدو المرضى من األم للجنين :على الرغم من وجود مانع بين أنواع الجراثيم
والفيروسات لدى األم وبين الجنين إال أن هناك حاالت ولد األطفال فيها وهم مصابون
بأمراض الحصبة والتهاب الغدد النكفية والجدري منقولة بالعدوى من األم .ولقد مرضت
بعض األمهات بالحصبة األمانية أثناء شهور الحمل األولى فأصيب أطفالهن بالصم
والبكم واصابات قلبية وحاالت من الضعف العقلي ،ولقد وجد في إحصاء أن %10من
األمهات يمرضن بالحصبة األلمانية توجد في أطفالهن ولديهم تشوهات عند والدتهن .
ولقد وجدر ديبل )1223( DIPPELمرض الزهري لدى 12جنيناً من 22أما مصابة
بالزهري ويساوى هذا العدد نسبة %03ولقد وجد ديبل أن الطفل إذا ظل حياً ولم يمت فإما أن
يحدث له ضعف عقلي أو عيوب خلقية أو تشوهات.
-3تأثير المواد المخدرة والتدخين :لوحظ أن كثير من الدراسات والبحوث أن األم التي
تتعاطي مواد مخدرة خالل المخاض ( فترة ما قبل الوالدة) تظهر على مواليدهن أعراض
التخدير الزائد عن الحد ،كما تظهر على موالديهن أعراض التخدير الزائد عن الحد ،كما
تظهر عليهم اضطرابات في التنفس وعالمات الخمول والرغبة في النوم المستمر إال أن
هذه العالمات تختفى في اليوم الثالث .أما بالنسبة للتدخين فإن تدخين الحامل يؤثر في
الجنين لوجود مادة النيكوتين في الدخان ولقد وجد أن الجنين تزداد سرعة ضربات القلب
لديه عقب تدخين األم الحامل .وهكذا نرى أن المواد المخدرة سواء التي يتم تناولها يقصد
أو التي تكون ضمن األدوية والعقاقير الطبية كذلك التدخين الذي يحتوى على مادة
النيكوتين تؤثر على األجهزة الحيوية لدى الجنين والوليد البشري وهذا بدوره يؤثر على
استجاباته المختلفة مما يؤخر ويعطل أساليب التكييف للبيئة الخارجية عنده.
015
-3عدم مناسبة طعام األم لظروف الحمل :يتغذى الجنين وهو في بطن األم من خالل
األغشية التي تنفذ إلى المشيمة والحبل السري ،ولذلك فالبد أن تتغذى األم بالطعام
المناسب الخالي من المواد التي تؤدي إلى تهيج الجنين واستثارته وزيادة حركاته في
بطن األم ،كما يجب أن يكون الطعام مليئاً بالمواد الغذائية التي تعوض األم عما تفقده
من دم يذهب إلطعام الجنين ،ولقد أجرى أبس apsوآخرين ( )1230دراسة على 012
من السيدات الحوامل حيث أن كل منهن لم تتناول الغذاء المناسب خالل الخمسة شهور
األولى من الحمل وفي باقي مدة الحمل أي األربعة أشهر األخيرة قسمت عينة الدراسة
إلى مجموعتين:
المجموعة األولى :تتكون من 22سيدة حصلن على طعام كاف ومناسب لظروف
الحمل.
ولقد وجد في الدراسة التتبعية للمجموعتين أن المجموعة األولى قد عاشت فترة حمل
خالية من األنيميا واإلجهاض وتسمم الدم تلك النواحي التي شاعت بين األمهات في المجموعة
الثانية ،كذلك وجد أن أطفال السيدات في المجموعة األولى كانوا أصحاء عن أبناء سيدات
المجموعة الثانية والتي انتشرت لديهم أمراض البرد والكساح وفقر الدم ومما ال شك فيه أن
اعتدال الصحة الجسمية نتيجة سوء التغذية لألم يؤثر على توافق الطفل ونظرته إلى نواحي
القصور البدنية التي قد تكون لديه.
ثاني ا الغدد الصماء :لقد أشرنا إلى الغدد في كالمنا السابق لكن بصورة مختلفة عندما
تكلمنا عن الخاليا ،وتتضح الصورة كاملة إذا عرفنا أن الوظيفة األساسية للغدد تتركز في تكوين
مركبات كيميائية خاصة يحتاج إليها الجسم ويطلق عليها اسم الهرمونات والغدد عبارة عن
أعضاء موجودة داخل الجسم وتنقسم الغدد إلى قسمين رئيسيين هما:
الغدد القنوية :وهي الغدد التي تفرز إف ارزات خارجية كالغدد الدمعية ،والغدد العرقية
والغدد اللعابية حيث تقوم بتجميع المواد األولية كالماء واألمالح المعدنية من الدم عند مروره بها
ثم تخلطهما ليتكون من ذلك الدموع والعرق واللعاب.
الغدد الصماء :وهي الغدد التي تقوم بتجميع مواردها األولية من الدم مباشرة ،ثم تحويلها
إلى موارد كيميائية معقدة للتركيب تسمى الهرمونات (كما سبق أن بينا) ثم تصبها مباشرة في الدم
016
دون االستعانة بقناة خاصة تسير فيها الهرمونات ،ولذلك تسمى أحياناً الغدد غير المقناة.
ويتضمن الجسم البشري عدداً من الغدد الصماء توجد في نصفه العلوي كما يلي وبالترتيب.
-4الغدة الصنوبرية والغدة التيموسية :كما سبق أن ذكرنا وكما شاهدنا في الشكل السابق
فإن للغدة التيموسية تقع فوق القلب والغدة الصنوبرية تقع في قاع المخ خلف الغدة
النخامية :وقد تتعرض الغدتان للضمور قبل مرحلة البلوغ ليتيح ذلك الفرصة للغدد
التناسلية لكي تعمل وتقوم بدورها .وعدم ضمور الغدتين يؤدي إلى بقاء الفرد كالطفل في
سلوكة ويعيش ضعيف اإلرادة كالطفل ،أما حدث الضمور في وقت مبكر فإن ذلك ينشط
الغدد التناسلية ويحدث النضح الجنسي المبكر.
-4الغدة النخامية :وهي غدة صغيرة جدًا في الحجم وتوجد في قاع المخ وتتكون من
جزئين :الفص األول (األمامي) والفص الخلفي ويفرز األمامي مجموعة من الهرمونات
عددها 10أهمها هرمون النمو وحدوث نقص في هذا الهرمون قبل البلوع يسبب وقف
نمو العظم لدى الطفل فيصبح بذلك قزماً طول حياته كما يؤثر هذا النقص في القوى
العقلية والتناسلية فيضعفها كما يؤدي إلي السمنه المفرطة ،كذلك فإن آية زيادة في نسبة
017
هذا الهرمون في الدم تحدث قبل البلوغ أيضاً فإنها تؤدي إلي استمرار النمو حتى يصبح
الطفل عمالقاً .كما أن حدوث الزيادة بعد البلوغ يؤدي إلى تضخم األطراف والي تشوه
عظام اليد والوجه.
-3الغدة الدرقية :وموضعها أسفل الرقبة أمام القصبة الهوائية ووظيفتها إفراز هرمون
الثيروكسين الذي يؤثر في تنشيط األعصاب ،والنقص في إفراز هذا الهرمون يؤدي إلى
تأخر المشي والكالم والقدرة على تحريك األطراف ،ويجعل العظام معوجه وبالتالي
الهيكل الجسمي ،كما يؤدي إلى خشونة الجلد وعدم انتظام األسنان ،والزيادة في إفراز
هذا الهرمون ينتج عنه أيضاً مرض يسمى مرض جريفر وأعراضة بروز في العينين
وسرعة في التنفس وتتابع ضربات القلب وحساسية شديدة في الناحية االنفعالية .وهو
مرض يورث البالهة ولقد بينت األبحاث أن %22من البلهاء أيضاً أمهاتهم مصابات
بمرض تضخم الغدة الدرقية ومن أعراضه كذلك الكسل والخمول واإلمساك وفقدان
الشهية للطعام.
-1المجاورة للدرقية :وتتكون من أربعة فصوص يقع كل زوج منها إلى جوار فص من
فصي الغدة الدرقية .وتقوم هذه الغدد بعملية ضبط ومراقبة نسبة الكالسيوم والفسفور في
الدم حيث أن النسبة العادية للكالسيوم تتراوح بين % 2.212.2.222وهبوط هذه النسبة
إلى 2.222أو أقل يؤدي إلى :
أ -شعور الفرد بالصداع الحاد والهبوط العام واأللم في االطراف.
ب -الشعور بالضيق والبالدة والخمول العقلي.
ج -الثورات االنفعالية الحادة والميل إلى المقاتلة العنيفة .وتمزيق المالبس والصراخ الحاد
المتواصل ألنفة األسباب.
-3الغدة الكظرية :وتسمى بالغدة اإلدرينالية نسبة السم الهرمون الذي تفرزه وهي عبارة عن
غدتان موقعهما فوق الكليتين وتتكون كل غدة منهما من جزئين.
أ -جزء خارجي يفرز هرمونات لها عالقة بالمهارة العضلية والنواحي الجنسية.
ب -جزء داخلي واف ارزه له عالقة بالجهاز العصبي السمبتاوي على النحو التالي:
يؤثر هرمون اإلدريناليين في الدم ويوجه نسبة كبيرة منه نحو المخ والنخاع الشوكي
والعضالت ليساعد الفرد على التفكير القوى في مواقف الخطر.
يزيد هذا الهرمون :نسبة السكر في الدم حتى يؤدي احت ارق هذا السكر إلى زيادة الطاقة
التي يستعيد بها الفرد نشاطه في تلك المواقف الخطرة.
018
-2الغدد التناسلية :يؤثر نشاط هذه الغدد على النمو حسب جنس الشخص ذك اًر كان أم
أنثى ويؤثر أيضاً على نشاط الجهاز العصبي وعلى عمليات الهضم والتمثيل الغذائي.
ويؤثر نشاط الغدد التناسلية على الصفات الجنسية للذكر واألنثى وهذه الصفات تنقسم
لقسمين أساسية ،وصفات ثانوية ،وتتمثل الصفات األساسية في شكل ووظيفة األعضاء
التناسلية وفي قدرة الشخص على التناسل أما الصفات الثانوية فتتمثل في تمييز الرجل
بضخامة تكوينه ،وقوة عضالته والجرأة والغلظة ،وفي تمييز المرأة بنمو صدرها وبتركز
الدهن في أماكن أخرى من جسمها وباالستحياء والرقة وتتكون الغدد التناسلية الذكورية
في نوعين من الخاليا نوع يقوم بإفراز الحيوان المنوي ونوع يقوم بإفراز الهرمونات
الذكرية :وتتكون الغدة التناسلية األنثوية أو المبيض من قشرة خارجية ،ولب داخلي وتقوم
القشرة بإفراز البيضة األنثوية.
خاتمة في الغدد :تسيطر الهرمونات على وظائف األعضاء المختلفة وتتأزر معاً على
تحديد شكل الجسم بتأثيرها على نمو الجنين وعلى تطوره وتؤثر هذه الهرمونات منفردة ومجتمعة
في تنظيم الوظائف المختلفة للجسم اإلنساني وفي تكييف الفرد جسمياً ونفسياً واجتماعياً.
ثالثا :الغذاء :تتلخص وظيفة الغذاء في تزويد الجسم بالطاقة التي يحتاجها نشاطه ما
يصلح الغذاء لخاليا التالفة ويعيد بنائها ويكون خاليا جديدة ،كما أن الغذاء يزيد من مناعة
الجسم ضد ألمراض ويقوم بوقايته منها.
-1المواد الدهنية.
-0المواد السكرية والنشوية.
-3المواد الزاللية.
-3بعض األمالح المعدنية.
-5الفيتامينات والماء.
فالمواد الدهنية تزود الجسم بالطاقة التي تجعله يحافظ على درجة ح اررته وعلى تأدية
وظائفه المختلفة .أما المواد الزاللية فتقوم ببناء الخاليا التي تلف كخاليا الدم الحمراء والتي تتلف
كل شهر تقريباً وتساعد الفيتامينات بوجه عام وتحول بين الفرد وبين اإلصابة ببعض األمراض
كالكساح وضعف اإلبصار .أما الماء فهو الوسط الذي تحدث فيه التفاعالت الكيميائية الحيوية
019
كالهضم .وفي نهاية األمر فإن السلوك الالسوي يخضع إلتزان المواد الغذائية من حيث تأثيرها
على الجسم فاإلفراط في أحدهما يؤدي إلى خلل في هذا االتزان.
-1األسرة ( :الوالدين).
-0األخوة\ .
-3الثقافة والمجتمع.
فاألسرة هي الوحدة االجتماعية األولى والبيئة التي تساعد الفرد وترعى وتوجه نموه وهو
طفل وفي األسرة تبدأ عالقة الطفل بأمه حيث تقوم بإشباع حاجاته البيولوجية األساسية من طعام
ونوم ودفء .وشيأ فشيأ تتطور هذه العالقات إلى عالقات نفسية واجتماعية يكون امتداداً لها ما
يربط الطفل بأبيه واخوته ثم ينتقل بعد ذلك إلقامة عالقات بينه وبين زمالئه وأصدقائه ثم
بالمجتمع .ويلعب ترتيب الطفل داخل أسرته دو اًر كبي اًر في نوع المعاملة وصورة العالقة التي
تربط ه بأمه وبباقي أفراد أسرته وبطبيعة الحال يتأثر نمو الطفل بترتيبه الميالدي في األسرة.
وتبعاً لذلك تختلف سرعة النمو من أخ إلى آخر ويتمثل ذلك في تقليد الطفل الثاني ألخية األول،
ويظهر ذلك واضحاً في النمو اللغوي والذي يعتمد أول ما يعتمد على المحاكاة والتقليد كما أن
الطفل األخير في الميالد يحظى من باقي أخوته بعطف ورعاية وتدليل زائدين مما يثير هذا في
أخوته خنقهم وعدوانهم الخفي نحوه.
ويتأثر الطفل بطبيعة الحال بالثقافة والمجتمع الذي يعيش فيه فيتشرب منه التقاليد والقيم
والمعايير االجتماعية والمحركات ،وبهذه الكيفية ينشأ الطف ويتطور نموه في إطار الثقافة
والمجتمع الذي يؤثر فيه ويتفاعل معه .وتؤثر الثقافة في الفرد من خالل كثير من المؤسسات
كاألسرة والمدرسة ،وهو يحاول باستمرار التوافق والتكيف معها حينما يقلد لتعلم األساليب العامة
للحياة التي يرتضيها لنفسه .وعندما تصل خاصية من خصائص النمو كالمشي أو الكالم لدرجة
معينة من النضج ،فإن المؤسسات السابقة تتناول هذه الخاصية بالمرين والتعليم في الوقت
001
المالئم لكي تصل إلى نهاية نموها في وقت مالئم ،فالطفل يبدأ المشي بتحريك رجله حركة عامة
ثم تنضج هذه المهارة عنده ثم تتميز حركة القدم ثم األصابع ،وكل هذه النواحي تنمو بالتدريب.
مقدمة :لقد سبق أن أوضحنا أن الوراثة تشمل كل العوامل التي تكون موجودة في الفرد
عندما يبدأ الحياة عند الحمل ، CONCEPTIONأي قبل تسعة شهور تقريباً من الميالد في حين
أن البيئة تشمل كل العوامل الخارجية التي تؤثر على الفرد منذ ذلك الوقت أي منذ الحمل
وتتفاعل كل من الوراثة والبيئة بحيث يصعب التمييز بين أثر كل منهما.
التفاعل بين الوراثة والبيئة :تتضمن الوراثة عدداً من االستعدادات التي تختص بالطول
والوزن ولون العين ،وتعتمد هذه االستعدادات التي تختص بالطول والوزن ولون العين ،وتعتمد
هذه االستعدادات في نموها على البيئة فاالستعداد الوراثي الخاص بتكوين العضالت لن ينمو إذا
لم تمده البيئة بالغذاء والطعام ،كما أن العضالت لن تشتد وتقوي إذا لم تتح البيئة لها الفرصة
للتمرين ،وعلى هذا األساس فإن عضالت الراشد ما هي إال نتاج الوراثة والبيئة متضامنين.
كذلك األمر بالنسبة للنبات ،فالوراثة الخاصة به تتضمن الحبوب ،في حين أن العوامل
البيئية تتكون من التربة ،والرطوبة وضوء الشمس ،وغيرها فإذا زرع الزارع بذو اًر طماطم مثالً إلى
جانب بذور البامية فإنه سيحصل على طعام من البذور األولى وعلى باميه من البذور األخرى
رغماً من وضع بذور هذين النوعين من الخضار في نفس البيئة ،ونعرض فيما يلي للجوانب التي
تشير لذلك التفاعل.
(أ) األهمية النسبية للوراثة والبيئة :يتساءل الناس أحياناً أيهما أهم الوراثة أم البيئة؟
ويستوى هذا التساؤل مع تساؤل آخر هو أيهما أهم للعربة ماكينة الموتور أم البترول؟
ولقد تناولنا فيما بسبق مثال البذور وزراعتها ،وفي ضوء األهمية النسبية للوراثة والبيئة
نجد أنه بدون بيئة سليمه ال تنبت البذور ،وبدون وجود البذور لن يكون هناك شيئاً.
ولذلك فإن كال من الوراثة والبيئة أساس في عملية النمو ،وفي القيام بالدور الرئيسي في
الفروق بالنسبة لكافة الخصائص سواء كانت جسمية أو عقلية.
وعادة عندما يتساءل أحد األفراد أيهما أهم الوراثة أم البيئة فإنه يشير بسؤاله لفروق بين
األفراد أو بين الجماعات أي أنه يريد أن يعرف هل يختلف الناس بعضهم عن بعض
ألن الوراثة لديهم مختلفة أم ألنهم ينتمون لبيئات مختلفة ويتضح األمر لو أشرنا مرة
أخرى لموضوع العربة ،فهناك عربة أو سيارة تسير بسرعة أو في حالة أحسن من
000
األخرى ويرجع ذلك إما ألن ماكينة الموتور التي بنها أحسن أو ألن البترول الذي بها
أجود .كذلك األمر بالنسبة لإلنسان .فإننا نجد فردان (أخان) من وراثة واحدة لكنهما
يكونان مختلفان في النمو ،وذلك ألنهما تربياً في بيئات مختلفة ،كذلك األمر فإننا نجد
شخصان تربياً وعاشا في بيئة واحدة لكنهما يكونان مختلفان في كثير من الخصائص
الجسمية والنفسية واالجتماعية وذلك بسبب أنهما من بيئات مختلفة.
(ب) الفرد نتاج الوراثة والبيئة :أن العالقة بين الوراثة والبيئة ليست عالقة إضافة بل عالقة
تضاعف ،فالفرد ال يساوي الوراثة +البيئة بل يساوى الوراثة × البيئة .فالفرد نتاج االثنين
من العوامل ،وليس هو مجموعة من أجزاء معينة تعزي الوراثة ،ومجموعة أخرى من
األجزاء التي تنسب للبيئة ويمكنننا أن نمثل الوراثة هنا بقاعدة أحد المستطيالت والبيئة
بارتفاع هذا المثلث والفرد بمساحة المثلث التي هي نتاج القاعدة واالرتفاع.
ويشير الخط غير المتصل إلى أن زيادة التنبيه البيئي المتمثل في ارتفاع المستطيل
يتبعه زيادة في مساحة المستطيل لكن العوامل الوراثية تظل كما هي.
وعندما نقارن بين فردين أو أكثر بإجراء نفس المثال السابق وهو المستطيل فإننا نجد
أنهما قد يختلفان في عامل الوراثة وحده أو في عامل البيئة وحده ،أو في االثنين فالفرد أ ،ب
يعيشان في بيئة واحدة سواء كان غنيه أو فقيرة لكنهما يختلفان لعدم
تساويهما في الوراثة ،هذا في حين أن ب ،ج الوراثة لديهما واحدة لكنهما يختلفان لعدم تساويهما
في البيئة.
002
وبالدراسة األعمق لهذه المستطيالت نجد أن تحسين البيئة بالنسبة للمجتمع يؤدي إلى
تساوى هؤالء األفراد ،وال يقلل من الفروق الفردية لديهم بل من المحتمل أن يؤدي إلى زيادتها.
فمثالُ نجد أن بعض األطفال يكون لديهم االستعداد الموسيقى أكثر من غيرهم ،لكن إذا عاشوا
في بيئة يوجد بها أفرادها من يدعم ويعزز هذا االستعداد فإنهم لن يصبحوا موسيقيين
(.)WODWORTH,1974
كما سبق أن أوضحنا تعني الوراثة كافة دور الوراثة في السلوك اإلجرامي:
الخصائص والصفات التي توجد لدى الفرد عندما يبدأ الحياة وليس المقصود ببدء الحياة ميالد
الفرد لكن يعني بها وقت الحمل .أي عندما يحدث التخصيب بين الحيوان المنوي للذكر وبويضة
األنثى ،وليس هناك مجال للحديث عما يحدث بعد عملية التخصيب سوى أن البويضة بعد
التخصيب تنقسم لخاليا وتحمل كل خلية 03زوجاً من الكرموزومات بعضها من األب وبعضها
من األم ومجموعها 32كرموزوما منها اثنين أحدهما الكرموزوم Xالخاص باألنوثة والثاني
الكرمزون Yوالخاص بالذكر.
وفي المرأة تنقسم الخلية إلى خليتين في كل منهما Xكروموزوم ،وفي الرجل تنقسم
الخاليا فتكونه هناك خاليا Xكرموزوم وخاليا Yكروموزوم ،فإذا اجتمعت خلية Xمع Xكان
النتاج أنثى ( )XXوالصورة السابقة هي العادية .NORMAL
أ -دراسات الكرموزومات :وأما عن دور الوراثة في السلوك اإلجرامي فيتمثل في خروج
اجتماع الكرموزومات عن الصورة العادية السابقة فقد وجد لدى بعض األشخاص ومنهم
مجرمين كان توزيع الكرموزومات في خالياهم ( )XYYويتميز هؤالء بالعدوانية والعنف
والميل للمشاجرة.
كما وجد أن األفراد الذين تتكون خاليا جسمهم من كرموزومات ( )XXXلديهم نزعة نحو
التخشن وفقدان الرجولة .وقد وجد الباحثون في أدنبرة بانجلت ار أن بين 122سجيناً
فحصوا في المستشفى سبعة منهم يحملون خاليا ( )XYYوواحد يحمل خاليا ()XXYY
ولذلك ربط العلماء بين الشواذ في توزيع الكرموزومات وبين السلوك االجرامي.
-1األولى دارت حول أسرة جوكس JUKESإذ وجد جوادارد في هذه األسرة خمس شقيقات
أنجين أطفاالً شرعيين وغير شرعيين وقد تبين من متابعة اثنين من الباحثين أنه من
003
أصل 0202فرد من هذه األسرة أن حوالي نصفهم يعاني من التأخر العقلي ،وارتكب
عدد كبير منهم جرائم خطيرة كالبغاء وغيره.
-0والدراسة الثانية كانت تتعلق بأسرة كاليكاك والذي تزوج من اثنين أحدهما سوية واألخرى
لديها تأخر عقلي .وقد تمت متابعة األبناء من الزوجتين فوجد أن األبناء من الزوجة
غير السوية (التي لديها تأخر عقلي) لديهم انحرافات أخالقية وكثير منهم لديه تخلف
عقلي .أما أبناء الزوجة السوية فلم توجد مظاهر شاذة لديهم.
ج -الغدد والسلوك اإلجرامي :أكد كثير من الباحثين أن زيادة إفراز الغدة النخامية تؤدي
بالشخص ألن يصبح كثير الحركة واالنفعال أنانياً مستعداً دائماً للمشاجرة والتعدي،
أي تكون لديه ميوالً عدوانيه مع ارتكاب بعض السرقات .وفي دراسة للمركز القومي
للبحوث االجتماعية والجنائية عام 1252على البغاء وجد أن %25منهن كن
مصابات باضطرابات في إفرازهن الهرموني وقد قام الطبيب اإلنجليزي "جيبنز"
بدراسة على السارقات وذهب في تقريره عام 1222أن معظمهن كن يشكين أثناء
السرقة أو قبلها من الضطرابات هرمونية ناتجه عن وجودهن في فترة الحيض
(مصطفى العوجي.)025 ،
الجهاز العصبي والسلوك اإلجرامي :وجد أن إيقاع الموجات الصوتية الصادرة عن المخ
من النواحي الفسيولوجية التي تميز الجانحين .وتتضح هذه اإليقاعات بواسطة الرسام الكهربائي
للمخ E.E.Gفقد تبين أن هناك نشاطاً غير عادي لتلك الموجات في مناطق معينة في المخ.
كشف دراسات التوائم أن السيكوباتيين يرثون ميالً لخرق القانون دراسات التوائم:
(ميشيل أرجايل. )22 :1223 ،
ثالثا :البيئة والسلوك اإلجرامي المضاد للمجتمع :يشمل موضوع عالقة البيئة بالسلوك
اإلجرامي والجانح ما يلي من نواحي.
-1تأثير البيئة الرحمية :ويتضمن ذلك العوامل االنفعالية التي تؤثر على األم أثناء الحمل،
وانتقال عدوى المرض من األم للجنين وتأثير المواد المخدرة والتدخين وعدم مناسبة طعام
األمر لظروف الحمل على الجهاز النفسي والسلوكي لألبناء.
-0تأثير البيئة بعد الرحمية :ويتمثل تأثير البيئة بعد الرحمية في دور األسرة والوالدين
واألخوة والمجتمع .ومن جوانب التنشئة االجتماعية التي ترتبط بالسلوك الجانح والسلوك
اإلجرامي.
004
أ -اإلهمال :يرتبط بالسلوك السيكوباتي كاإلدمان والتشرد واحتراف الدعارة واالنحراف
الجنسي.
ب -الحماية الزائدة :ترتبط بعجز الطفل عن أ ،يكون مستقالً كما يفقد اهتمامه بالعالم
المحيط به.
ج -الخالفات الزوجية.
د -السلطة والفطام.
ه -العالقات باألشقاء.
-4دراسات بيرت عام 4911واهتم فيه بالكشف عن أثر الظروف المنزلية والجل ،والقسوة
في المعاملة على الجناح ولقد وجد ارتباط الجناح بالكثافة السكانية أي بحجم األسرة
وبالتساهل مع األبناء في المعاملة وبعدم وجود نظم يسير األبناء وفقاً له في المنزل.
-4دراسة بولبي 4916على 33ولد جانح ومثله من غير الجانحين وهدفت لدراسة أثر
العال قة بين الوالدين وأبنائهم فوجد أن السلوك الجانح له عالقة بابتعاد الطفل عن أمه
مدة كبيرة في السنوات الخمس األولى (محمود أبو النيل. )50 :1225 ،
الهجرة والسلوك اإلجرامي :أجرى محمد خيري محمد عن ( )1222دراسة على الهجرة
والجريمة في مصر ،وعني بالهجرة انتقال األفراد من مناطق إقامتهم إلى مناطق أخرى .وكانت
عينة البحث من نزالء السجون المهاجرين فوجد ارتباط الجرائم بالعمر ،وغير المتزوجين فهم
يبتعدون أكثر من موطنهم األصلي ،وأن أكثر من نصف العينة ينتمون ألسر يزيد عدد أفرادها
005
عن خمسة أشخاص ومعدل الهجرة بين األميين أكثر كما وجد أن أغلب العينة لم ينتابها الحنين
للعودة للوطن األصلي (محمد خير محمد على .)333 :1222 ،
الفصام بين الوراثة والبيئة :وبالنسبة ألسباب الفصام فإن العوامل الوراثية تلعب دو اُر
كبي اًر في حدوثة إذ أن %12من األطفال الذين لهم أحد الوالدين فصامي يصبحون فصامين وأن
%22.1من األطفال من أب وأم فصامين يصبحون فصاميين ويبين الجدول ( )2نسبة وقوع
الفصام في أٌقرباء المرضى الفصاميين.
%لإلصابة بالفصام القــــرابة رقم
%8558 توائم متماثلة (بويضة واحدة) 1
%1557 توائم غير متماثلة (بوضتين) 2
%1453 أخوة أشقاء 3
%7 أخوة غير أشقاء 4
%158 أخوة بالتبنى 5
%251 عالقة زواج 6
ونجد في الجدول ( )2أن كلما كان دور العوامل الوراثية في درجة القرابة كبي اًر كلما
ارتفعت نسبة وقوع الفصام لدى أقرباء المرضى .واضافة إلى العوامل الوراثية وكذلك االستعداد
التكويني يضاف إلى أسباب الفصام النفسية في الطفولة والتي تفترض أن الفصامي قد تعرض
لصدمة نفسية عنيفة في طفولته المبكرة جعله غير قادر على تحمل الضغوط التالية التي تحدث
له ،لذا فكلما زادت الضغوط عليه ازداد اضطراباً حتى أنه يلجاً إلى النسحاب من عالم الواقع
إلى عالم الخيال ليحقق فيها إشبعاته التي حرم منها في الحقيقة.
كما أن الحماية الزائدة للطفل في المحيط العائلي تعزله عن المؤثرات التربوية التي
يقدمها المجتمع فال يعرض نفسه بشكل كاف للتفاعل االجتماعي والنتيجة النهائية هي الفشل في
تطوير مهاراته للقيام بأدواره في مجاالت الحياة المختلفة مما يؤدي إلى مزيد من فقدان االهتمام
بالعالم المحيط به.
كما تلعب العالقات العائلية دو اًر كبي اًر في حدوث ونشأة الفصام كالرعاية األموية الزائدة،
وتصدع العالقات داخل األسرة له تأثير كبير كذلك من األسباب الهامة في تطور الفصام تلك
األحداث التي تقلل من تقدير الفرد لنفسه أو التي تتحدى كفاءته.
006
وقد ربطت مجدة السيد على ( )0220في دراسة لها على طالب جامعة أسيوط بين
انتشار االضطرابات النفسية كما تقاس باختبار الشخصية المتعدد األوجة وبين بعض النواحي
الديموجرافية مثل نوع التعليم ،ريف حضر ،مهنة والد الطالب ،دخل األسرة عدد األخوة عدد أفراد
األسرة ،الترتيب الميالدي ،وفيما يلي بعض نتائج هذه الدراسة:
-4نوع التعليم :ففي الكليات العملية تكون أعلى نسبة انتشار في المثلث العصابي بنسبة
%53.2وأقل نسبة انتشار في االنحراف السيكوباتي بنسبة ،%33أما الكليات النظرية فقد
كانت أعلى نسبة انتشار لديهم في االنحراف السيكوباتي بنسبة %22وأقل نسبة في المثلث
العصابي .%32.0
-4ريف – حضر :وبالنسبة لمتغير ريف – حضر وجدت أن أعلى نسبة انتشار لدى طالب
الريف االنطواء االجتماعي بنسبة %30.22وأقل نسبة في المثلث العصابي بنسبة %15.3
وأقل نسبة في االنطواء االجتماعي بنسبة %02.52ونجد فيما سبق من نتائج أن العصاب
يكون أكثر انتشا اًر بين طالب الحضر بينما يكون األكثر انتشا اًر في الريف االنطواء
االجتماعي.
-3مهنة والد الطالب :وكشفت النتائج أيضاً بالنسبة لعالقة نسب االنتشار بمهنة والد الطالب
أنه في مهنة العمال الحرفيين توجد أعلى نسبة في االنطواء االجتماعي بنسبة %13.3وأٌقل
نسبة انتشار في المثلث الذهابي بنسبة %11.23وبالنسبة لعمال الخدمات كانت أعلى
نسبة انتشار في االنطواء االجتماعي بنسبة %02.2وأقل نسبة انتشار في المثلث العصابي
بنسبة %2.2وأما الموظفون فقد كانت أعلى نسبة انتشار لديهم في االنطواء االجتماعي
بنسبة %30.22وأقل نسبة انتشار %12.02وفي الوظائف اإلدارية العليا كانت أعلى
نسبة في المثلث العصابي بنسبة %32.5وأقل نسبة في المثلث الذهابي نسبة .%03.05
ونلمح في النسب المئوية السابقة أن االنطواء االجتماعي هو الذي يكون أعلى انتشا اًر لدى
الطالب الذين يعمل أباؤهم في مهن منخفضة المستوى بينما يكون العصاب هو األعلى
انتشار لدى الطالب الذين يعمل أباؤهم في المهن اإلدارية العليا.
-1دخل األسرة :وبالنسبة لدخل أسرة الطالب وعالقته بانتشار االضطرابات النفسية لديهم
وجدت الباحثة أن :
أ -الدخل األقل من :022وجدت أعلى نسبة في االنحراف السيكوباتي بنسبة %12.22
وأقل نسبة في المثلث العصابي بنسبة .%2.2
007
ب -الدخل :322 -022وجدت أعلى نسبة في االنطواء االجتماعي بنسبة %02.2وأقل
نسبة في المثلث العصابي بنسبة %2.2
ج -الدخل : 222 -322وجدت أعلى نسبة في المثلث العصابي بنسبة %03.1وأقل
نسبة في المثلث الذهاني بنسبة %2.3
د -الدخل من :222 -222وجدت أعلى نسبة انتشار في االنحراف السيكوباتي بنسبة
%12.22وأقل نسبة في المثلث الذهاني بنسبة .%2.3
ه -الدخل من :1222 – 222وجدت أعلى نسبة انتشار في االنطواء االجتماعي بنسبة
%02.2وأقل نسبة انتشار في المثلث الذهاني بنسبة . %11.23
و -الدخل من :0222 -1222أعلى نسبة انتشار في المثلث العصابي بنسبة %03.1
وأقل نسبة انتشار في المثلث الذهاني بنسبة .%3.25
ويالحظ في النتائج السابقة أن كال من الطالب الذين ينتمون ألسر مرتفعة ومنخفضة
الدخل ينتشر بينهم االنطواء االجتماعي بنسبة أعلى %02.2 ،%02.2وينتشر بينهم االنحراف
السيكوباتي بنسبة أقل .%12.22 ،%12.22وفي حين ركون المثلث العصابي انتشاره أٌقل لدى
الطالب ذوي الدخل المنخفض نجد أن المثلث الذهاني هو األقل انتشا اًر لدى الطالب ذوي الدخل
المرتفع .وقد قمنا بضم فئات أسرة الطالب في ثالث فئات وتم أيضاً حساب النسبة المئوية
النتشار االضطرابات النفسية كما تقاس باختبار الشخصية المتعدد األوجه في كل فئة من هذه
الفئات كما يتضح ذلك من الجدول (.)2
008
وتعتبر الفئة األولى في الجدول ( )2المنخفضة الدخل والثانية المتوسطة الدخل والثالثة
المرتفعة الدخل ،ونجد أن االنطواء االجتماعي هو األكثر انتشا اًر بين الطالب المنخفضي الدخل
وأن االنحراف السيكوباتي األكثر انتشا اًر بين الطالب المتوسطي الدخل وأن العصاب هوا ألكثر
انتشا اًر بين الطالب المرتفعي الدخل.
-3عدد األخوة :وبالنسبة لعدد األخوة وعالقته بنسبة انتشار االضطرابات النفسية لدى الطالب
وجد:
أ -عدد األخوة من : 3 -0وجد أن أعلى نسبة انتشار في االنحراف السيكوباتي بنسبة
%33.33وأقل نسبة في االنطواء االجتماعي بنسبة .%02.52
ب -عدد األخوة من : 5- 3وجد أن أعلى نسبة انتشار في المثلث العصابي بنسبة
%32.5وأقل نسبة انتشار في المثلث الذهاني بنسبة .%02.2
ج -عدد األخوة من :2-2وجد أن أعلى نسبة انتشار في االنطواء االجتماعي بنسبة
% 02.52وأقل نسبة انتشار %02.2في المثلث الذهاني.
د -عدد األخوة من : 2-2وجد أن أعلى نسبة انتشار في االنطواء االجتماعي بنسبة
%13.02وأقل نسبة انتشار في المثلث الذهاني بنسبة .%2.22
ويتضح من الجدول ( )2أن االضطراب األكثر انتشا اًر لدى الطالب في المجموعة الصغيرة ،وأن
العصاب هو األكثر انتشا اًر لدى الطالب في المجموعة المتوسطة وأن االنطواء االجتماعي
األكثر انتشا اًر لدى الطالب في المجموعة الكبيرة العدد.
009
-2حجم األسرة :وبالنسبة لعدد أفراد األسرة وعالقة بانتشار االضطرابات النفسية وجد:
أ -أن في فئة عدد أفراد األسرة من 5-3تكون اضطرابات المثلث العصابي هي األكثر
انتشا اًر بنسبة %03.1واضطرابات المثلث الذهاني هي األقل انتشا اًر نسبة .%13.25
ب -أن في فئة عدد أفراد األسرة من 2-2يكون االنحراف السيكوباتي هو األكثر انتشا اًر
بنسبة %52والمثلث العصابي األقل انتشا اًر بنسبة .%2.2
ج -أن في فئة عدد أفراد األسرة من 2-2تكون اضطرابات المثلث العصابي هي األكثر
انتشا اًر بنسبة %53.2وأن اضطرابات المثلث الذهاني تكون األقل انتشا اًر وبنسبة
.%03.05
د -أنه في فئة عدد أفراد األسرة من 11-12يكون االنحراف السيكوباتي هو األكثر انتشا اًر
بنسبة %12.22واضطرابات الذهان األقل انتشا اًر وبنسبة .%13.25
-7الترتيب الميالدي :وبالنسبة للترتيب الميالدي وعالقة بانتشار االضطرابات النفسية وجد:
أ -أن الطالب الذين يكون ترتيبهم الميالدي األول والرابع يكون االنحراف السيكوباتي هو
األكثر انتشا اًر لديهما بنسبة %33.33لدى األول ،وبنسبة %12.22لدى الرابع كما أن
الذهان هو األقل انتشا اًر لديهما وبنسبة %03.05لدى األول وبنسبة %3.25لدى
الرابع.
ب -أن الطالب الذين يكون ترتيبهم الميالدي الثالث والسابع يكون العصاب هو األكثر
انتشار لديهما بنسبة %15.3لدى الثالث وبنسبة %2.2لدى السابع وأن الذهان األقل
انتشا اًر لديهما أيضاً وبنسبة %2.22لدى الثالث وبنسبة %2.22أيضاً لدى السابع.
ويستخلص من النتائج السابقة أن الطالب الذين يقع ترتيبهم الميالدي في األول يغلب
انتشار االنحراف السيكوباتي واالنطواء االجتماعي لديهم وأن الذين يقع ترتيبهم الميالدي
في الوسط يغلب انتشار العصاب لديهم وأن الذين يقع ترتيبهم الميالدي بعد ذلك يغلب
انتشار االنحراف السيكوباتي والذهان لديهم (مجدى السيد على.)22-22 :0220 ،
األسئلة:
-1قارن بين تأثير كل من البيئة الرحمية والبيئة بعد الرحمية ،في االضطرابات النفسية
واالجتماعية؟
-0الزيادة والنقصان في إفراز الغدد يؤدى إلى اضطرابات نفسية – اشرح هذه العبارة؟
021
020
مراجع الفصل اخلامس
-1عمر السيد الشوربجي ( )1222أخطار اكتئاب األم على الطفل – مجلة علم النفس
العدد ( )3الهيئة العامة للكتاب القاهرة.
-0محمود أبو النيل ( )1225علم النفس االجتماعي – دار النهضة العربية – بيروت.
-3محمد خيري محمد على ( )1222الهجرة والجريمة في كتاب علم النفس االجتماعي في
البالد العربية – إعداد لويس كامل – الهيئة العامة للكتاب.
-3مجدى السيد على ( – )0220قدرة االختبارات النفسية الحركية على التمييز بين الفئات
اإلكلينيكية باختبار الشخصية المتعدد األوجة -دراسة على طالب جامعة أسيوط –
رسالة دكتوراه غير منشورة قدمت لكلية اآلداب جامعة أسيوط تحت إشراف محمود أبو
النيل.
-5كوفيل وزمالؤه ( – )1222تأليف – محمود الزيادي – ترجمة – الصحة النفسية –
مكتبة األنجلو المصرية – القاهرة.
6- Proshansky, Harold & Seidenberg (1970), basic studies in social
psychology, holt rinehart and wiston, London.
7- Brown roger (1965), social psychology collier macmillan limited
london.
8- Brown i.s., social psychology and group process, annual review of
psychology & cp. Stone editor.
9- Woodworth robert & marquis donald g. (1974) psychology, henry
holt & company.
022
الفصل السادس
األهداف :يمد هذا الفصل القارئ بعدد مـن المعـارف المرتبطـة بماهيـة األمـراض الجسـمية
الناتجة عن أسباب نفسية كالصداع النصفي وارتفاع ضغط الدم وقرحـة المعـدة واسـهامات العلمـاء
الغـربيين والعلمـاء العـرب فـي تفســير هـذه األمـراض وفـي عالجهـا .كمــا يهـدف الفصـل إضـافة إلــى
ذلك تعريف القارئ بمدى انتشار هذه األمراض في العصر الحديث.
المحتو :يتضمن الفصل الجوانب التاريخية لنشأة األمراض السيكوماتية – إسهام علماء
الغرب القدامى ،أعمال األنثروبولوجين حجم المشكلة ومـدى االنتشـار – األمـراض السيكوسـوماتية
والحضارة – مرض الشريان التاجي – الحرب العالمية واألمـراض السيكوسـوماتية -حـاالت القلـق
واألمراض السيكوسوماتية لدى رجال األعمال.
ونتنــاول فيمــا يلــي تعريــق السيكوســوماتيك ثــم الجوانــب التاريخيــة وبعــد ذلــك حجــم وانتشــار
هذه االضطرابات.
ا
أوال :تعريف السيكوسوماتيك (النفسي جسمي)
وقـ ــد الحظـ ــت الجمعيـ ــة األمريكيـ ــة للطـ ــب النفسـ ــي عـ ــام 1250إلـ ــى مـ ــا يتضـ ــمنه هـ ــذا
المصــطلح م ــن غم ــوض وال ــى ع ــدم تحدي ــد المقصــود بن ــوع الم ــرض األم ــر ال ــذي أدى إل ــى اتف ــاق
أعضــاء جمعيــة الطــب النفســي إلــى اســتخدام مصــطلح "نفــس فســيولوجي" عنــدما يكــون المقصــود
باالضطرابات الجسمية الناشئة عـن أسـباب نفسـية وبهـذا ال تعتبـر الهسـتريا ضـمن هـذه المجموعـة
من االضطرابات (عمر شاهين.)0 :1222 ،
023
ثاني د ا الجوانددب التاريخيددة :ســنعالج فيمــا يلــي إســهام العلمــاء الغـربيين والعلمــاء العــرب فــي
النظـر للعالقــة بـين الــنفس والجسـم وتفاعلهمــا وتــأثير ذلـك فــي الفـرد نتيجــة الضـغوط التــي يتعــرض
لها في صور غير سوية تتمثل في أمراض القرحة المعدية وارتفاع الضغط والصداع النصفي.
إسهام علماء الغرب :أن العالقة بـين الـنفس والجسـم قديمـة قـدم تـاريخ الفكـر اإلنسـاني إذ
يرجـع أثـر العوامـل النفسـية فـي الجسـم بالـذات إلـى زمـن قـديم فقـد أشـار بريـل A. A. Brillإلـى أن
هيبوقراط (أبـو الطـب) Hippocratsقـد اسـتطاع أن يشـفي "بـرد يكـاس" ملـك مقـدونيا مـن مرضـه
الجسمي وذلك عنـدما قـام بتحليـل أحالمـه (يوسـف كـرم ،)153 ،13 :1252 ،ويعكـس ذلـك دون
شك أن إدراك هيبوقراط للعالقة بين النفس والجسم .ويذهب أرسطو ( 300 – 323ق.م) إلـى أن
االنفعاالت مثـل الغضـب والخـوف والرجـاء والفـرح والمجـد ال يمكـن أن تصـدر عـن الـنفس وحـدها.
ففي نفس الوقت الذي يحدث فيه انفعال نفسي يحدث تغير في الجسـم ( .)153 :51وهكـذا نلمـح
في اعمال كل من أبقـراط وأرسـطو مـا يشـير إلـى أن أثـر الـنفس فـي الجسـم يـؤدي إلـى سـوء توافـق
اإلنسان في حياته.
وج ــاءت بع ــدهما ف ــي الق ــرن الث ــاني الم ــيالدي نظري ــة ج ــالينوس والت ــي فس ــرت بمقتض ــاها
الظواهر الحيوية في الجسم اإلنساني والصلة بينهما وبين بعض الظواهر النفسية.
وظه ــرت بع ــد ذل ــك نظري ــة أخ ــرى ه ــي نظري ــة المـ ـواراة ب ــين الجس ــم وال ــنفس والت ــي تعتب ــر
الظواهر البدنية ظروفاً أو شـروطاً للظـواهر النفسـية ،كمـا أن الزيـادة فـي التغيـر فـي أحـدهما يتبعـه
زيادة في اآلخر.
ولقــد دعــم مــاديو القــرن التاســع عشــر آراءهــم عــن الصــلة بــين الــنفس والجســم بنظريــات
أبســتمولوجية (أي فــي طبيعــة المعرفــة) تظهــر أول آثارهــا فــي قــول ""فوجــت" :بــأن المــخ هــو األداة
التــي بواســتطها يــؤدي العقــل وظيفتــه .ويــأتي بعــد ذلــك مولشــت فــي كتابــه المســمى :دور الحيــاة
( )1222ليقول باتحاد الجسم والعقل.
إسددهام العلمدداء العددرب :وال يقتصــر تنــاول موضــوع العالقــة بــين الــنفس والجســم علــى آراء
الفالســفة اليونــانيين القــدامى وغيــرهم مــن الفالســفة اإلنجليــز والفرنســيين المحــدثين ،بــل كــذلك فطــن
العــرب مــا لألع ـراض النفســانية مــن أثــر فــي إحــداث تغي ـرات بدنيــة وأم ـراض جســمية ،وفــي إعاقــة
الشــفاء أو تعجيلــه ،ممــا يهــدد ذلــك توافــق اإلنســان ،وأهــم مــن أشــار لــذلك مــن األطبــاء ابــن عيســى
المجوسي (223م) فيذهب في كتباه "كامل الصناعة الطبية" أن األمراض النفسية كالغم والغضب
024
والهم والحسد تغير مزاج البـدن وتـؤدي إلـى انهاكـه وتولـد هـذه األعـراض الحميـات الرديئـة (يوسـف
مراد.)132 ،132 :1253 ،
وليس رأي ابن عيسى المجوسي فقـط هـو الـرأي الوحيـد بـل إننـا نـرى أن التطبيـق الخـاص
للمبــادئ المتضــمنة فــي التشــخيص الطبــي والعــالج فــي أيامنــا ال يعتبــر جديــداً ،ونستشــهد بمــا ذكــر
فـي الكتــاب الفارســي المسـمى "أخــالق الجاللــي" The Akhlaq – i – galaliعــن أن الطبيــب
الـرازي العظـيم Rhazesقــد دعـى إلـى ترانسواكســيانا ليعـالج األميــر منصـور الـذي كــان يشـكو مــن
أم ـراض روماتيزميــة فــي مفاصــله ،فلمــا وصــل نهــر أوكســيس خــاف عبــوره إلــى القــارب مــع جنــود
االمير فاضطروه للعبور .ولما دخل الرازي بخـاري بلـد األميـر جـرب طرقـاً عديـدة لعالجـه دون أن
ينجح .وقال له آخر األمر "سأجرب غداً طريقة جديدة ولكنها ستكلفك خير حصان وخير بغل في
حظيرتــك" .وفــي اليــوم التــالي ركــب الـرازي واألميــر وذهــب إلــى حمــام ســاخن خــارج المدينــة ،وربــط
الحصــان والبغــل خارجــه ثــم دخــل الحج ـرة الســاخنة وحــده مــع مريضــه الــذي وضــعه تحــت المــاء
الساخن عدة مرات وسقاه جرعة كان قد أعـدها "ليسـقيها لـه" كمـا يقـول الـرازي "عنـدما يجـئ الوقـت
الـذي تنضــح فيـه األخــالط التـي فــي مفاصـله" .ثــم خــر ولـبس ثيابــه ،ودخـل ثانيــة وفـي يــده ســكين،
ووقف برهة يسب األمير قائالً" :لقد أمرت أن أقيد وأن ألقى في القارب ،متبم اًر بذلك على حياتي،
وان لــم أقتلــك عقاب ـاً لــك علــى ذلــك فلســت محمــد بــن زكريــا فغضــب األميــر غضــباً شــديداً وثــارت
ثائرمة وهب واقفاً على قدميه مدفوعاً بالغضب من جهة ،والخوف مـن جهـة أخـرى ،فأسـرع الـرازي
هارب ـاً ثــم أرســل رســالة لألميــر قــائالً "بأنــه عمــد للعــالج النفســي ،ولمــا تعرضــت األخــالط الفاســدة
لح ـ اررة الحمــام الســاخن إلــى الحــد الكــافي أثرتــك عامــداً حتــى أزيــد مــن ح اررتــك الطبيعيــة ،وبــذلك
اكتسبت من القوة ،ما يكفي إلذابة األخالط التي كانت قد النت"........
وجاء في كتاب ان سينا "األصل والعودة" عام (222م) شيء شبيه بعمل الـرازي ،وكانـت
المريض ــة جاري ــة ف ــي ب ــالط المل ــط إذ كان ــت منحني ــة ألس ــفل لرف ــع األكـ ـواب واألطب ــاق ،فأص ــيبت
بتصــلب مفــاجئ فــي المفاصــل وصــارت غيــر قــادرة علــى أن تاخــذ الوضــع الطبيعــي ،ولــم يســتطع
أطباء الملك حيالها شـيئاً ،فرجعـوا للعـالج النفسـي ،وجعـل ابـن سـينا انفعـال الخجـل أحـد مسـاعداته
وبـدأ برفــع مالبســها بادئـاً بــالبرقع حتــى الخمــاء وهكـذا ،فــانتج ذلــك وهجـاً مـن الحـ اررة أوقفــت المـزاج
الرومــاتيزمي ،Dissolved the Rheumatic Humourووقفــت المريض ــة معتدلــة كامل ــة
العالج .وتشير هاتين الحادثتين إلى أن معرفة المبادئ التي تحكم الجسم والعقل مفهومة ومعروفة
منذ القدم .وتشكل هذه المبادئ العالج األساسي للطرق الحديثة في الكشف عن الوجع.
025
أعمدددال األنثروبولدددوجين :كمــا نالحــظ أن مــا ظهــر علــى عــالج حــديث ممكــن أن يرجــع
لمئات بل آلالف السنين عند بني البشر الذين ننظر إليهم على أنهم بدائيين .وقد يكون ذكر عـن
موضــوع العالقــة بــين الــنفس والجســم فــي هــذه اللحظــة مــن واقــع مــا هــو مــدون فــي الم ارجــع وكتــب
الفلسفة والتاريخ .ولعل في مالحظـات ومشـاهدات األنثروبولـوجين مثـاالً يوضـح الطـرق المسـتعملة
لديهم في الكشف عن السلوك اإلجرامي ،فلقد ذبح شـيح أخـد القبائـل ،و ُشـك فـي خمـس رجـال كـان
قــد أصــابهم ضــرر فــي الماضــي منــه ،والكتشــاف المــذنب قــام الطبيــب العـراف بعمــل احتفــال كبيــر
وسط دقات الطبـول المنتظمـة ،وأخـد التـوتر يظهـر لـدى الرجـال الـذين وقفـوا أمـام القبيلـة وظهـورهم
للنهــر ،وقــد وضــع العـراف خمــس أكـوام مــن األرز أمــامهم ،وأخــذ يخطــب عــن الظلــم والجــور الــذي
وقــع باغتيــال رئــيس القبيلــة ،وعــن الســحر الــذي سيكشــف المغتــال .فالشــخص المــذنب لــن يســتطيع
بلع األرز وغير المذنب سيأكل األرز دون صعوبة .واستطرد العراف يسـرد م ازيـا طريفتـه هـذه فـي
كشــفها لمجــرمين اعترف ـوا مــن قبــل .ثــم قــام بعــرض أطبــاق األرز علــى المتهمــين بطريقــة مســرحية
وقــال :انظــر وشــاهد وتقــدم أربعــة مــنهم ألكــل األرز دون أن يظهــر عالمــات خارجيــة للســرور أو
الرعب .أما الخامي فيوجـه لـه تغيـر فـي اللـون وبصـعوبة وقـف علـى رجلـين مـرتعبتين وأخـذ يحـرك
فكيه ،وبال جدوى حاول ابتالع بعض األرز دون نجاح ،واعترف بقتل رئيس القبيلة .ويتضح فيما
حــدث بــين الع ـراف والمتهمــين حقيقــة التفاعــل بــين الــنفس والجســم ،فــنحن نعــرف الفــم الجــاف مــن
الخــوف وأن االنفعــال الشــديد يكــف الهضــم ،واف ـراز اللعــاب الــذي يتصــل اتصــاالً وثيق ـاً بالهضــم،
فبـدون اللعــاب يصــبح مــن الصــعوبة مضـغ وبلــع الطعــام ،فالجــاني فــي هـذه الحادثــة خــاف مــن قــوة
الطبيـب العـراف وقدرتـه علــى كشـف الحقيقــة ،وهكـذا فعنــدما ظهـر األرز لــم يكـن الجــاني فـي حالــة
نفسية مالئمة ألكله وبلعه.
والى جانب األحداث الثالثة السابة نسوق تلك الحادثة األخيرة البن سينا والتي ذكرت في
أفضل ما عمل من أعمال وهو كتاب "القانون" .The Qanunففي القسم الخاص بالحب ،والذي
يقع تحت األمراض العقلية والمخية ،فعندما هرب ابن سينا من محمود الغزنوي M. of Ghazna
متنك اًر إلى مدينة هايركانيا Hyrcaniaعن طريق نهر كاسـيبان Casippanوجـد أن أحـد أقـارب
حاكم ذلك اإلقليم مريضاً بمرض حيـر كـل األطبـاء المحليـين ،وفحـص ابـن سـينا المـريض بعنايـة،
وطلــب أن يــأتي معــه بعض ـاً ممــن يعرفــون أحيــاء المدينــة والمــدن الموجــودة بــاإلقليم وقــاموا بــذكر
أســمائها ،بينمــا ابــن ســينا واضــعاً يــده علــى نــبض الم ـريض .وعنــدما ذكــر اســم مدينــة معينــة شــعر
بزيــادة فــي نــبض الم ـريض وفــي الحــال قــال ابــن ســينا :إن ـي فــي حاجــة لــبعض ممــن يعرفــون كــل
البيــوت والشـوارع واألحيــاء فــي هــذه المدينــة ،ومـرة أخــرى وجــد زيــادة فــي نــبض المـريض عنــد ذكــر
026
شـارع معــين ،كــذلك وجـد عــن ذكــر القـاطنين فــي منــزل معـين زيــادة فــي نـبض المـريض ،فقــال ابــن
سينا بعد ذلك إن هذا الشاب واقع في حـب بنـت تسـكن فـي ذلـك المنـزل مـن ذلـك الشـارع مـن ذلـك
الحي من تلك المدينة ،واكتمل عالج الشاب بزواجه منها في ساعة حددها ابن سينا ( Eysenck,
.)1962: 71
وهكذا نجد أن اإلنسان قـد عـرف منـذ زمـن طويـل كمـا سـبق ،أن "األنفعـاالت النفسـية" لهـا
عالقــة بالحالــة الجســمية ،والجســد عامــة ،فالمثــل اإلغريقــي الــذي يقــول :العق ـل الســليم فــي الجســم
الســليم ،يعتــرف ضــمناً بــأن كليهمــا ي ـرتبط بــاآلخر ارتباط ـاً وثيق ـاً ومــع ذلــك فــإن الكثيــر مــن النــاس
يجدون صعوبة كبيرة في اإلعتراف بذلك حتى ولو بينهم وبين أنفسهم .ولقد أتاحت المتاعب التـي
القيــت علــى الفــرد أثنــاء الحــرب للكثي ـرين مزيــداً مــن الــوعي والتقــدير العظــيم للعالقــة بــين أفكرنــا
ومشــاعرنا وطريقــة الجســم فــي القيــام بوظيفتــه ،كمــا اكتشــفوا أمــو اًر عديــدة عــن انفعــاالتهم وأثــر هــذه
االنفعاالت على أجسامهم وهي حقائق لم يسبق لهم أن عرفوا شيئاً عنها.
ومــن أكثــر األمــور شــيوعاً ممــا تعلمــه هـؤالء الرجــال أنــه عنــدما كانــت الحيــاة عنيفــة بشــكل
غريــب لفت ـرة طويلــة كــانوا علــى وشــك أن تظهــر علــيهم أع ـراض جســمانية فكــان يحــدث أال يقــوم
عض ــو م ــن أعض ــاء الجس ــم بوظيفت ــه خي ــر قي ــام كالقل ــب أو الـ ـرئتين أو الع ــين أو المع ــدة (منج ــر
منرولي ــف .)120 ،23 :1222 ،ولق ــد وص ــل برات ارن ــد ارس ــل ،وج ــون دي ــوي وهم ــا م ــن المفكـ ـرين
المحــدثين التفــاق أن الفصــل بــين الجســم والعقــل ال معنــى لــه أساسـاً ،ألنــه مــن الخطــأ التفرقــة بــين
العقـل فـي المحـل األول ،وتصــو ار أنهمـا عمليـة مســتمرة مـن نـواحي عقليــة ونـواحي جسـمية كالهمــا
يخضع للدراسة العملية (.)Floydl, 1967: 437
تعليق :يتضح من العرض السابق أن مشكلة العالقـة بـين الـنفس والجسـم سـارت فـي عـدة
اتجاهــات .فهنــاك مــن يعتبــر الــنفس والجســم شــيئان منفصــالن ،وهنــاك مــن يعتبرهــا شــيئاً واحــداً أو
مظه ـران لكــل واحــد هــو اإلنســان .وهنــاك مــن يعتبرهمــا شــيئاً واحــداً ثــم يعــود فيقــول أنهمــا شــيئان
منفصـ ــالن ولعـ ــل ذلـ ــك يرجـ ــع فـ ــي حقيقـ ــة األمـ ــر للظـ ــروف التـ ــي كانـ ــت تحـ ــيط به ـ ـؤالء المفك ـ ـرين
والفالســفةن والعصــور التــي كــانوا يعيشــون فيهــا ،فــالرأي الــذي كــان يقــول بانفصــال الــنفس والجســم
يعك ــس تزمتـ ـاً دينيـ ـاً واض ــحاً ل ــدى هـ ـؤالء المفكـ ـرين حي ــث كان ــت تعط ــى األهمي ــة للنـ ـواحي الديني ــة
والروحية ،وتنكر النواحي المادية والجسمية.
ولقد التقت آراء أبقراط "أبـو الطـب" وأرسـطو وابـن عيسـى المجوسـي والطبيـب الـرازي وابـن
ســينا واإلنثروبولــوجيين ،فــي الكشــف عــن أن اثــر االنفعــاالت فــي الجســم أمــر يهــدد تكيــف اإلنســان
027
ويشــير إلــى أن التوافــق الــذي كــان محققـاً بــين اإلنســان وبيئتــه قــد فقــد .ولقــد تكلــم أرســطو عــن ذلــك
بوجه عام .أما محاولة أبقراط القيام بتحليل أحالم ملك مقدونيا لشفائه من مرضـه الجسـمي فتشـير
إلى أن المرض لم يهدد التوافق العام للمريض فقط بل وافقه المهني ،فهو كملك مسؤول عن رعية
لــو أزمــن المــرض لديــه لســاء توافقــه فــي تصـريف أمــور النــاس .ونفــس الشــيء ينطبــق علــى األميــر
المنصــور الــذي كــان شــفاؤه علــى يــد الطبيــب الـرازي ،وعلــى جاريــة الــبالط الملكــي والتــي كــان ابــن
سينا سبباً لشفائها.
مــن أيــن نعلــم أن هــذه األم ـراض التــي أصــابت ملــك مقــدونيا ،واألميــر المنصــور ،وجاريــة
الــبالط الملكــي "اض ــطرابات سيكوســوماتية"؟ إن األجاب ــة علــى ه ــذا التســاؤل وض ــحت فــي س ــردنا
ألخداث تلك الحاالت التي طال المرض بهـا واحتـار األطبـاء فـي عالجهـا ،فطـول المـرض ،وعـدم
جــدوى العــالج الطبــي وحــده فــي شــفائها مــن العالمــات التــي تســتخدم اآلن فــي الكشــف عــن هــذه
األمراض إلى جانب الوسائل األخرى.
ثالثددا :حجددم المشددكلة ومددد اإلنتشددار :اتضــح مــن العــرض التــاريخي الســابق مــدى مــا
تشــكله االضــطرابات السيكوســوماتية مــن خطــورة علــى حيــاة األفـراد سـواء فــي تـوافقهم العــام أو فــي
ت ـوافقهم المهنــي ،وســنحاول هنــا أن نوضــح أهميــة هــذه المشــكلة ومــدى خطورتهــا أو بمعنــى آخــر
مدى انتشارها بين الناس ( ديوبولد.)011 :1222 ،
028
جــداً بــين العمــال المصـريين .وممــا يجــب ذكـره أن هنــاك فارقـاً إحصــائياً داالً بــين ضــغط الــدم لــدى
الزنوج الذين يعيشون بالواليات المتحدة ،وقد تأكد أنه فارق يرجـع للحضـارة ال للسـاللة .كمـا لـوحظ
أن ضغط الدم لدى األجانب المقيمين في الصين والمناطق الحـارة أقـل مـن الضـغط لـديهم أنفسـهم
وهــم يعيشــون ف ــي المنــاطق المعتدل ــة ،وأن التــاجر األميرك ــي ذا الحيــاة القلق ــة الصــاخبة إذا ذه ــب
ليعــيش بــين قــوم هــادئين انخفضــت عمليــات األيــض لــديهم – أي عمليــات التحــول الكيميــائي فــي
الجســ ــم – يظـ ـ ــل فـ ـ ــي مكانـ ـ ــه كأنـ ـ ــه معرض ـ ـ ـاً فـ ـ ــي أغلـ ـ ــب الظـ ـ ــن لإلصـ ـ ــابة بأحـ ـ ــد االضـ ـ ــطرابات
السيكوسوماتية نتيجة لقلقه الزائد (أحمد عزت راجح.)322 :1221 ،
حاالت الوجه المألوف والملف السدميك :ولقـد بلغـت مشـكلة االضـطرابات السيكوسـوماتية
حجمـ ـ ـاً متض ـ ــخماً لدرج ـ ــة أن األطب ـ ــاء الممارس ـ ــون العمومي ـ ــون يش ـ ــكون م ـ ــن أن هن ـ ــاك مرض ـ ــى
يستشيرونهم باستمرار ،وهذا يؤثر في الخدمة التي يمكن أن يؤدونها لباقي المرضى ،ويصطلحون
علــى تســمية ه ـؤالء المرضــى بحــاالت "الملــف الســميك" " "Thick-Fileلكث ـرة مــا بــه مــن فحــوص
وروشــتات خاصــة بالتشــخيص والعــالج .كمــا يســمونهم أيض ـاً بحــاالت أع ـراض "الوجــه المــألوف"
".)Kemp, 1963( "Familiar Face
مددرض الشددريان التدداجي لددد أعضدداء البرلمددان :وفــي د ارســة شــملت 1312عضـواً مــن
أعضاء البرلمان االنجليزي رجاالً ونسـاءاً مـن عـام 1235حتـى نهايـة 1222سـواء الـذين مـازالوا
أعضاء أم ال ،حيـث تـوفرت معلومـات عـن كـل عضـو أهمهـا تـاريخ وسـبب الوفـاة حيـث كـان ذلـك
األخيــر هــو هــدف الد ارســة فوجــد أن أســباب الوفــاة :مــرض الشـريان التــاجي حيــث تــوفى 21بــذلك
الم ــرض ف ــي ح ــين أن المتوق ــع ،22.0وأمـ ـراض أوعي ــة القل ــب الدموي ــة حي ــث م ــات به ــا 22م ــن
األعضاء في حين أن المتوقع .)Pincherle, 72( 135
الحدرب العالميددة واألمدراض السيكوسددوماتية :وتزخـر الم ارجــع باإلحصـائيات التــي توضــح
خطــورة المشــكلة فقــد بلــغ عــدد الوفيــات مــن أم ـراض القلــب فــي الواليــات المتحــدة لكــل 122.222
مائة ألف شخص 130فـي عـام 1223فـارتفع الـى 002فـي عـام ،1233كمـا ارتفعـت حـاالت
الوف ــاة م ــن القرح ــة المعوي ــة ف ــي اس ــكتلنده م ــن ع ــام 1232 – 1212إل ــى ثالث ــة أض ــعاف ،وف ــي
انجلت ـ ار إلــى أربعــة أضــعاف ،كــذلك فــإن عــدد الجنــود الــذين أعف ـوا مــن الخدمــة العســكرية بســبب
إصابتهم بالقرحـة المعويـة فـي الخمسـة عشـر شـه اًر األولـى فـي الحـرب العالمـة األولـى ،252وفـي
حين وصل هذا العدد من السبعة والعشرين شه اًر األولى في الحـرب العالميـة الثانيـة إلـى 03523
(يوسف مراد.)112 :1253 ،
029
إحصددائيات التددأمين واألم دراض السيكوسددوماتية :كمــا أنــه بــالنظر فــي إحصــائيات شــركة
متروبوليتان األمريكية للتأمين علـى الحيـاة يتضـح أن شخصـاً مـن كـل اثنـين فـي الواليـات المتحـدة
ممت تجاوزوا الخمسين يموت بفعل األمراض القلبيـة – الوعائيـة – "Renal Cardio-vascular
ويـدل البحـث علــى ان نصـف هـذه الحــاالت يرجـع إلـى ارتفــاع ضـغط الجـوهري ،ومــن ثـم فـإن ربــع
السـ ــكان تقريب ـ ـاً ممـ ــن جـ ــاوزوا الخمسـ ــين يموتـ ــون مـ ــن أثـ ــر ارتفـ ــاع ضـ ــغط الـ ــدم .واذا عرفنـ ــا أن
اإلحصــائيات تــدل مــن ناحيــة أخــرى علــى أن غالبيــة الســكان فــي ســبيل أن يصــبحوا تــدريجيا مــن
المتقــدمين فــي العمــر ،وتبــين لنــا خطــورة المشــكلة .ويؤكــد تلــك الخطــورة وطائفــة االنجليــز هالليــدي
Hallideyعام ،1232حيث يقول أن األمراض العصبية وطائفـة مـن األمـراض العضـوية مثـل:
فق ـ ــر الــ ــدم والرومــ ــاتيزم والتهــ ــاب غشــ ــاء المع ـ ــدة ،وقرحــ ــة المع ـ ــدة وه ـ ــي المس ـ ــامه باضـ ـ ــطرابات
سيكوسوماتية زيادة مطردة كما أنها لدى الشباب أكثر منها لدى الشيوخ (مصطفى زيور:1235 ،
.)13
ولـيس ذلــك فقــط بــل أن تكــاليف عــالج فئــة واحـدة مــن هــذه األمـراض وهــي الصــداع يبلــغ
22مليونـاً مــن الــدوالرات بالواليــات المتحــدة األمريكيــة ســنوياً ( )Laird, 1958: 337كمــا يقــرر
األطبــاء النفســيون أن مــن %25 – 52مــن الشــكاوي البدنيــة والتــي يــذهب مــن أجلهــا النــاس إلــى
الطبيــب نفســية المنشــأة ( .)Marraw, 1957: 227ويؤيــد ولــيم ك.مننجــر منروليــف ذلــك حيــث
يذكر أن نسبة عالية من األمراض التي نجدها في نصف المرضـى الـذي نـراهم فـي حياتنـا العامـة
اضطرابات سيكوسوماتية ،كما يـذكر أنـه أعفـى مـن الخدمـة العسـكرية أكثـر مـن نصـف مليـوم مـن
الرجال والذين يكونون %32مـن مجموعـة الـذين أعفـوا مـن الجـيس بسـبب اضـطراب نفسجسـمي.
وكــان بســبب إعطــائهم عــد قــدرتهم علــى الوصــول إلــى درجــة التوافــق المطلوبــة (ولــيم منروليــف،
.)22 ،25 :1222
نسددبة الوفدداة فددي األم دراض السيكوسددوماتية :ويــذكر بـراون أن نســبة الوفيــات فــي إنجلتـ ار
بســبب تســمم الغــدة الدرقيــة (الجــويتر) مــا بــين عــامي 1232 ،1222ازدادت إلــى %322ف ــي
الذكور %032 ،في اإلناث على الرغم من تحسـم وسـائل العـالج .كمـا تبـين أنـه فـي عـام 1203
قد توفى بالواليات المتحدة حوالي 132222مائة وأربعون ألفاً نتيجة لضغط الدم المرتفـع ،إال أن
هــذا الـ ـرقم ق ــد ارتف ــع ع ــام 1232إل ــى 325222ثالثمائ ــة وخمس ــة وس ــبعين ألفـ ـاً ،وف ــي اس ــتكلندا
أوضحت اإلحصائيات بين عامي ( 1232 ،1231الفترة التي بلغ التعطل فيها القمة) ازدياداً في
نسبة قرحة المعدة من %132 – 132والوهن العصـبي مـن %122 – 22والتهـاب المعـدة مـن
.%102 – 112ويقول براون أنه ال يمكننا تجاهل األخطاء المنطقية العديدة التي تتضمنها هذه
031
األرق ــام .ولك ــن سـ ـواء كان ــت االرق ــام مض ــبوطة أم ال ف ــإن حقيق ــة ازدي ــاد األمـ ـراض الناتج ــة ع ــن
الضــغوط االنفعاليــة أمــر ال شــك فيــه وخاصــة فــي األقطــار الصــناعية ،وهــي نــادرة فــي المجتمعــات
البدائية غير المصنعة .كما بـدأت تظهـر فـي الهنـد وغـرب أفريقيـا بـدخول التصـنيع فيهـا .وال يـزداد
حدوث مثل هذه األمراض كمياً فقط بل إن التكرار األفقـي لهجماتهـا متجـه اآلن تجـاه المجموعـات
األصغر سناً كلما كانت ظروف األفراد في طفولتهم عسرة.
المهندددة واألمدددراض السيكوسدددوماتية :وق ــد انتش ــر مكت ــب بي ــع الكت ــب ع ــام 1251تقريـ ـ اًر
"ال ــدول" Doll R.وآخ ــر "لج ــونز" Jones A.ع ــن "العوام ــل المهني ــة ف ــي تس ــبب قرح ــة المع ــدة
واألمعاء" حيث لفت هذان الباحثان النظر إلى حقيقة أن %2من األسـرة التـي يبلـغ تعـدادها أكثـر
من 32222سرير في الجراحة والطب عامـة تشـغلها حـاالت قرحـة ببسـينية (هضـمية) وأن 125
مــن المرضــى المتــرددين علــى العيــادات الخارجيــة هــم حــاالت تعــاني مــن ســوء الهضــم ،وأنــه فــي
سلسلة متتابعة من التشريحات الكشـفية أوضـحت أن %2.55مـن الحـاالت قرحـة عاجلـة أو آثـار
قرحة ملتئمة .وهذه الحاالت ال تنشر عشـوائياً فـي المجتمـع بـل إنهـا تقـع فـي بعـض المهـن بصـورة
أكثــر مــن المهــن األخــرى ،وقــد وجــد أن المهــن التــي يــزداد فيهــا وقــوع هــذه األمـراض هــي األطبــاء،
والمشرفون ،ورؤساء التنفيذ .وهاتان المجموعتان األخيرتان تتضمنان أولئك الذين يسند إليهم أكثر
الم اركــز مســؤولية فــي الصــناعة ،وقــد وجــدت نســبة منخفضــة لوقوعهــا كمــا هــو متوقــع بــين العمــال
الزارعين (براون.)022 :1252 ،
030
حــاالت االضــطرابات المعديــة المزمنــة .لكنــه أضــاف إلــى أنــه فــي الطــب العــام قــد ال تزيــد النســبة
المئوية عن %12ن واشار إلى االضطرابات المعدية المنعكسة عن أحشاء البطن بخالف المعـدة
مسؤول عن مـن %32 – 32مـن كـل الحـاالت ،وهـذا فـي أريـه هـو العصـاب الـذي يشـكل %05
مــن المجمــوع الكلــي .هــذا باإلضــافة إلــى أن مــن %02 – 15مــن االضــطرابات المعديــة تعــزي
ألمراض أعضاء بعيدة عن المعدة (.)Weiss, 1950: 350
األمراض السيكوسوماتية لد رجال األعمال :ويتضح لنـا أمـ اًر مشـابهاً لمـا سـبق أن ذكـره
ب ـراون ،يتمثــل فــي تك ـرار وقــوع أولئــك الــذين يتحملــون ضــغط الصــناعة فريســة المــرض ويموتــون
بــأمراض األوعيــة الدمويــة .ولقــد كتــب ج ـراي G. W. Grayفــي هــذا الصــدد قــائالً :إن ض ـريبة
المـوت لرجـال األعمـال الـذي يقعـون فريسـة امـراض القلـب فـى العقـد ال اربـع والخـامس مـن اعمــارهم
إنما هو شـئ مرعـب ،لدرجـة أن المؤسسـات الكبـرى تصـر علـى الفحـص الطبـى السـنوي لمـديريها
الكبار ،وذلـك لكـى تكتشـف هـذه األمـراض فـى مرحلـة مبكـرة .وليسـت أمـراض القلـب واألوعيـة هـى
فقط السائدة فى الصناعة بل أن هنـاك مشـكلة اخـرى خطيـرة خاصـة باإللتهـاب الجلـدى فـى مجـال
الصناعة والتى وصـفها تويسـتون دافيـز J.H. Twiston Davisفـى مقـال بعنـوان "أمـراض الجلـد
فى الصناعة" بالمجلة البريطانية للطب بأنها اضطراب فـى الشخصـية .وعلـى الـرغم مـن أنـه لـيس
هنــاك شــك فــى أن بعــض الم ـواد الصــناعية قــد تــؤدى الــى تلــف بالجلــد عنــد اى فــرد يلمســها فــان
الغالبيــة العظمــى مــن حــاالت االلتهــاب أدت اليــه الــروح المعنويــة المنخفضــة مــن العمــل أو القلــق
بالبيت ،وضاعفته السياسة الرسمية ،ومن المعتقد ان اكثـر مـن 322.222حالـة التهـاب جلـدي
تظهر كل عام يعتقد أن سببها الظروف الخارجية مثل الرطوبة ،والسوائل ،والبخر الذي تمتلـئ بـه
الصناعة (براون.)022 :1252 ،
وتـذكر الـدكتوره فالنـدرز دنبـار Dunbar F.أن المفقـود مـن الوقـت بسـبب أمـراض القلـب
بمثل %02من كل الوقت بسـبب المـرض عامـة .وتأخـذ هـذه األمـراض رجـاالً مـن العمـل يقـدرون
بمليون رجل فـي السـنة أو ب ـ 052.222.222يـوم رجـل فـي السـنة ،كمـا تـذكر أن الـدكتور شـارز
Nurturtion Dr.المـ ــدير العلمـ ــي لمؤسسـ ــة التغذي ـ ـة Charles جلنكـ ــنج glennking
Foundationقد كتـب بـأن األشـخاص الـذين يزيـدون فـي الـوزن %15عـن معـدلهم يكـون نسـبة
موتهم %00فوق المتوسط ،وهؤالء الذين يزيدون في الوزن %15عن معدلهم يكون نسبة موتهم
%00فوق المتوسط .وتشير دنبار إلى أن مرضى الشريان التاجي من المتوقـع أن يظهـر بأعـداد
أكبر من سن العشرين واألربعين وبين الشيوخ الكبار.
032
ولقد سجلت اإلحصاءات في الواليات المتحدة أن أمراض القلب بمختلـف أنواعهـا ارتفعـت
نسبة اإلصابة بها من %2عام 1222إلى %30.2عـام 1232أي بزيـادة أكثـر مـن ،%322
وأن ازديــاد الوفيــات مــن أمـراض القلــب ترجــع فــي المقــام األول إلــى الزيــادة المذهلــة فــي اإلصــابات
بأمراض الشريان التاجي .كما دلت نفي اإلحصاءات إلى أن نسبة الوفيات باألمراض التاجيـة فـي
إنجلت ار أقل منها في إنجلت ار لمنها ال تزداد .
ولقــد كــان الضــعف العصــبي الوعــائي Neuro circulatoryمشــكلة أقــل فــي الحــرب
العامي ــة الثاني ــة م ــن األول ــى ولق ــد بلغ ــت الح ــاالت الت ــي تق ــدمت لمرك ــز العص ــاب بمستش ــفى لن ــدن
للطوارئ 0.303حالة .كذلك يذكر كل من فيس وانجلش أن ارتفـاع ضـغط الـدم اضـطراب مـالزم
للحضارة الغربية .فتشير الدراسات التي أجريت على أهالي أفريقيا والصينيين والعمـال المصـريين،
إلى أن ضغط الدم نادر جداً بينهم .ولقـد وجـد كـل مـن شـولز وشـواب Schulze & Schwabأن
حــدوث ارتفــاع ضــغط الــدم بــين الزنــوج األمريكــان الجنــوبيينن كمــا ســبق أن اش ـرنا ،بكــون مرتفع ـاً
مرتين ونصف علن البيض الجنوبيين .كما بين شولز وشواب ومساعديهم هـاينز وبـراون Hines
& Brownأن الميــل الرتفــاع ضــغط الــدم كمــا تأكــد باعتبــار المــاء المــثلج Ice Water Test
يوجــد بدرجــة أعلــى بــين الزنــوج واألمريكــان الجنــوبيين .وهــذا يشــيؤ لعــدم وجــود أثــر للو ارثــة إذ أن
أجداد هؤالء الزنوج في أفريقيا قبل أن يأتوا ألمريكا لم يكن لديهم ضغط دم ٍ
عال بدرجـة أعلـى مـن
البـيض األمريكـان ( )Wess, 1950: 35وتواصـل دنبـار رأيهـا فتقـول أن ارتفـاع ضـغط الـدم أعـم
وأكثر مواتاً مـن السـرطان ويعتبـر أكبـر مشـكلة صـحية لـذوي األعمـال المتوسـطة ويقتـل واحـداً مـن
كل اربع رجال ونساء فوق الخمسين.
مشكلة االضطرابات السيكوسدوماتية علدى المسدتو القدومي :يقـدر بعـض كبـار األطبـاء
في مدينة القاهرة نسبة هذه االضطرابات بـ %52من بـين مرضـاهم وهـي فـي التقـدير االحصـائي
بالخــارج ال تقــل عــن هــذا ال ـرقم إن لــم تتجــاوزه كمــا تبــين (صــبري جــرجس ،)1252 ،وهــذا ال ـرقم
يتجاوز بالفعل مثيله في الخارج بمراحل ونعتقد أن هؤالء األطباء أدخلوا في حسابهم االضطرابات
العضوية المؤقتة والتي تزول بزوال أو انتهاء العوامل االنفعالية المسببة لها.
وق ـ ــد قمن ـ ــا بتطبي ـ ــق اس ـ ــتبيان عل ـ ــى األطب ـ ــاء لتحدي ـ ــد العم ـ ــال ال ـ ــذين ل ـ ــديهم اض ـ ــطرابات
سيكوسوماتية وتهدف أسئلة االستبيان إلى التعرف على حجم المشكلة من خالل رأي األطبـاء فـي
ضوء تعريفنا لالضطرابات السيكوسوماتية ونستعرض فيما يلي نتائج اإلجابة على هذه األسئلة:
033
أوالا :نتائج اإلجابة على السؤال األول وهدو :مـن بـين كـم مـن العمـال تـم بالتقريـب تحديـد
العم ــال ال ــذين ل ــديهم اض ــطرابات سيكوس ــوماتية؟ ويوض ــح الج ــدول ( )2نت ــائج اإلجاب ــة عل ــى ه ــذا
السؤال.
جــدول ( )2يوضــح عــدد العمــال المتــرددين وعــدد الحــاالت التــي تــم تحديــدها مــن بيــنهم
ويتضح من الجدول ( )2بالنسبة لكل من الشركتين ما يلي:
(أ) بالنسبة لشركة الحديد والصلب :نجد أن من بـين كـل 1252عامـل تقريبـاً يوجـد 12
مريض ـ ـاً بهـ ــذه االضـ ــطرابات وذلـ ــك فـ ــي ضـ ــوء المفهـ ــوم المقـ ــدم لألطبـ ــاء فـ ــي البحـ ــث عـ ــن هـ ــذه
االضــطرابات .واذا عممنــا تلــك النتيجــة علــى مجمــوع العــاملين بالشــركة نجــد أن بالشــركة مــا يقــرب
من 512مريضاً باالضطرابات السيكوسوماتية.
(ب) بالنسددبة شددركة النصددر للسدديارات :نجــد أنــه مــن بــين كــل 1222حالــة يوجــد 125
مريضاً بهذه االضطرابات واذا عممنا تلك النتيجة على مجموع العاملين بالشركة نجـد أن بالشـركة
ما يقرب من 332مريضاً باالضطرابات السيكوسوماتية.
ثالثددا :نتددائج اإلجابددة علددى السددؤال الثدداني وهددو :كــم نســبة انتشــار هــذه األم ـراض بــين
العمال؟ وقد قصدنا من هذا السؤال التأكد من دقة تحديد األطباء للعدد الذي تم من بينه تحديـدهم
للعمال المضطرين فكانت إجاباتهم كما هو موضح في الجدول (:)12
034
مجموووا النسووبتين متوسووط النسووبة
النسبة الشركة الطبيب رقم
في كل شركة في كل شركة
ويتضــح م ــن الج ــدول ( )11الع ــدد المق ــدر بالتقريــب م ــن العم ــال المض ــطرين بن ــاءاً عل ــى
السؤال األول والعدد المحسوب بناء النسبة المئوية في السؤال الثاني على النحو اآلتي:
جدول ( )11عن العدد المقدر بالتقريب للعمال الذين لديهم اضطرابات سيكوسوماتية.
035
ويرجــع الفــرق بــين المتوســطين إلــى أن العــدد كــان تقــديرياً ،كمــا أن أحــد األطبــاء لــم يقــم
بتحديد النسبة على السؤال الثالث ،إال أنه على الرغم من ذلك فإن هذا الفرق ليس كبي اًر.
تشــير النتــائج التــي تــم التوصــل إليهــا خاصــة مــا أشــار إليــه األطبــاء عــن العــدد الــذي تــم
تحديد هؤالء العمال المضطرين من بينه وتعميم النسبة على العدد اإلجمالي للعمالين والتي تصل
إلى نسبة %5.5في الشركتين .ومنذ البداية فنحن نحتاط من هذا التعميم لما يلي:
-0أن ه ــذه النس ــبة مق ــدرة ع ــن العم ــال بالش ــركتين الم ــذكورتين وهم ــا يم ــثالن ص ــناعات
معدني ــة وص ــناعات هندس ــية كم ــا أن ه ــاتين الص ــناعتين تقع ــان تح ــت ب ــاب الص ــناعات
التحويلية (الكتاب السنوي لإلحصاءات.)20 ،21 :1222 ،
-3أن هــذا التقــدير قــد ينطبــق علــى المجــال الصــناعي وهــو أحــد المجــاالت التــي يتكــون
منها المجتمع.
-3أن تقــدير األطبــاء كــان فــي ضــوء التعريــف المقــدم لهــم والــذي اســتخرجنا منــه وقــائع
كانــت بمثابــة ضـ ـوابط ال يخــرج عنهــا الطبي ــب فــي تحديــده للحال ــة التــي لــديها اض ــطراب
سيكوسوماتي.
-5أن التقديرات السابقة التي ذكرها أطباء القاهرة من المحتمل أن تكون قد وضـعت فـي
حسابها العالقة المتبادلة بين النفس والجسم بينمـا اقتصـرنا نحـن فـي مفهومنـا لالضـطراب
السيكوسوماتية على التركيز على أثر العوامل النفسية في الجسم بالدرجة األولى.
ومــع ذكــر االحتياطــات الســابقة فــإن تعمــيم تلــك النســبة علــى جميــع العــاملين فــي المجــال
الصناعي حسب تعداد عام 1222وهـو 222ألـف عامـل نجـد أن عـدد العمـال المضـطرين بهـذه
األمراض 32.232ألف حالة بنسبة .%12ويشير هذا الرقم دون شك إلـى خطـورة هـذه المشـكلة
وأنها تستحق الدراسة باإلضافة إلى أننا نتوقع زيادتهـا نظـ اًر للتطـور الصـناعي المت ازيـد ،ومـا يتبعـه
مــن تطــور تكنولــوجي يتمثــل فــي التعــديل المســتمر فــي تصــميم اآلالت والــذي يســتلزم توافقـاً وتكيفـاً
جديــداً مــن جانــب العامــل لمثــل هــذه الظــروف .كمــا أن عــدد العــاملين فــي المجــال الصــناعي حتــى
036
إجـراء هــذه الد ارســة أصــبح يفــوق فــي العــدد المليــون عامــل ممــا يجعــل التقــدير يختلــف ويفتــرب مــن
الخمسين ألف عامل.
ويجب أن نوجه النظر إلى أن هذا العدد به نسبة من الحاالت التي لم يفطن لها األطبـاء
-وهــذا أمــر لهــم عــذرهم فيــه – والتــي ترجــع ال ألســباب نفســية بــل لعوامــل خارجيــة وعضــوية ولقــد
وجدنا في دراستنا نسبة %13من الحاالت ترجع إما لعوامل انفعالية مؤقتة أو لعوامل مهنيـة فـإذا
عزلنا هذه النسبة من هذا العدد اإلجمالي 32.232ألف حالة فإننا نجد أن عدد المعزولين يصـل
إلى 2222حالة وبذلك يكون الباقي 32.223عامل.
مناقشة وتعليق
-1نلمس فيما قدمنا إحصاءات وبيانـات أن التقـدم التكنولـوجي وعمليـات التحضـر قـد لعبـت
دو اًر كبيـ اًر فـي وجـود االضـطرابات إذ وجـد أن نسـبتها فـي المجتمـع اآلخـذ بالتصـنيع قـدر
المجتمــع األصــلي خمــس مـرات ،كمــا تأكــد أن هــذا االنتشــار ارجــع فعـالً لعمليــات التقــديم
التكنول ــوجي .وتب ــين أيضـ ـاً أن ض ــغط ال ــدم ل ــدى زن ــوج أفريقي ــا والزن ــوج ال ــذين بالوالي ــات
المتحدة ليس راجعاً للساللة بل للحضارة ،وقد أيد كالً من فيس ولـنجلش ذلـك فـذهبا إلـى
أن ارتفاع الضغط اضطراب مصاحب للحضارة.
وال يقتصــر هــذا علــى ضــغط الــدم فقــط بــل نجــد أن %25مــن أم ـراض الجلــد ،نــاتج عــن
الروح المعنوية المنخفضـة فـي الصـناعة ،كـذلك األمـر بالنسـبة ألمـراض القلـب فهـو الضـريبة التـي
يدفعها رجال األعمال في الصناعة.
-0نجـ ــد كـ ــذلك أن هـ ــذه االضـ ــطرابات تنتشـ ــر بـ ــين ذوي المهـ ــن والم اركـ ــز العليـ ــا كأعضـ ــاء
البرلمان وذوي المسؤولية الكبيرة ،وتنخفض بين العمال الزراعيين.
-3يشير ما سبق أن ذكرناه أن هذه االضطرابات ال تقتصر على سن معين بل تنتشر بين
الشــباب والشــيوخ ،كمــا أشــارت إحصــاءات شــركة متروبوليــان مــن أن فــرداً واحــداً مــن كــل
اثنين ممن تجاوزوا سن الخمسين يموت بسبب ضغط الدم وهذا يساوي ربع من يموتـون
في هذه السن .ويؤكد البعض (هاليدي) أن هذه األمراض بين الشباب أكثر من الشيوخ،
ومما يؤكد ذلك ما ذكره من أنه كلما كانت ظروف الطفولـة عسـرة كلمـا زاد انتشـارها فـي
سن الشباب.
037
-3بـالنظر للسـنوات التــي عرضـت فيهــا اإلحصـاءات الســابقة نجـد أنهــا بـين عــامي ،1233
1232وهي السنوات التي سبق وتخللت وتبعـت الحـرب العالميـة الثانيـة أي كـان النـاس
يسمعون أنباء عن قرب انـدالع هـذه الحـرب فيقـع مـن يقـع صـريع المـرض لمجـرد سـماع
نبأ عن قرب الحرب ،ومنهم مـن تحمـل أنـاه حتـى وقعـت الحـرب فلـم يصـمد فكـان توافقـه
على نحو اضطراب نفسي ،ومنهم مـن تحمـل ويـالت الحـرب وتراكمـت علـى كاهلـه شـدة
الظروف حتى خر في نهايتها صريع االضطراب السيكوماتي( .)وهذا ما تحمله لنا تلك
اإلحصـ ــاءات التـ ــي أش ـ ـرنا إليهـ ــا فلقـ ــد ازداد انتشـ ــار أم ـ ـراض القلـ ــب بالواليـ ــات المتحـ ــدة
األمريكي ــة ع ــام 1233وازداد انتش ــار قرح ــة المع ــدة ف ــي الس ــنتين األولت ــين م ــن ان ــدالع
الحــرب إذا بلــغ 03523حالــة .ويؤكــد ذلــك مــا ذك ـره ولــيم ك .منجــز منروليــف مــن أن
%32ممـ ــن أعف ـ ـوا مـ ــن الجـ ــيش بسـ ــبب اضـ ــطرابات نفسـ ــية جسـ ــمية .كمـ ــا أن معظـ ــم
اإلحصاءات الباقية تؤكد ذلك وتجعلها فـي ازديـاد نسـبة الوفيـات بتسـمم الغـدة الدرقيـة مـا
بين عامي 1232 – 1222إلى %322بين الذكور %03 ،بين اإلناث وعام 1232
كان العالم خالله فـي حالـة حـرب ،وزيـادة حـاالت ضـغط الـدم فـي الواليـات المتحـدة عـام
1232إلى 32،522بينما كانت عام 132222 ،1203كما أن نسبة أمـراض القلـب
بالواليــات المتحــدة ارتفعــت نســبة اإلصــابة بهــا مــن %2عــام 1222إلــى %30.2عــام
1232أي بزيــادة .%322ونحــن ال نســتطيع أن ننكــر أن الحــرب ليســت هــي العامــل
الوحيــد فــي هــذه الزيــادة بــل هنــاك عوامــل أخــرى ســبق أن قــدمناها ومــا الحــرب إال مــن
العوامل المساعدة أو من ظروف الشدة التي أدت إلى زيادة تلك االضطرابات.
-5كذلك نجد أن ما يمر به المجتمع من ظروف شدة كالبطالـة يزيـد مـن هـذه االضـطرابات
وممــا يشــير إلــى ذلــك مــا حــدث فــي اســكتلندا بــين عــامي 1232 ،1231حيــث بلغــت
البطالة القمة فزادت القرحة والوهن العصبي والتهاب المعدة.
-2وفـ ـي اإلحص ــاءات م ــا يش ــير إل ــى ان الم ــرض السيكوس ــوماتي يك ــون مص ــاحباً ل ــبعض
االضــطرابات النفســية وممــا يؤكــد ذلــك مــا تبــين مــن أن مــن بــين 022مـريض عصــابي
توج ــد ل ــدى %31.5م ــنهم ش ــكاوي م ــن أعـ ـراض معدي ــة معوي ــة كم ــا ي ــذكر المس ــؤولون
بمستشــفيات األم ـراض العقليــة مــن أن مــن %22 – 32مــن المرضــى الــذين يتــرددون
على األطباء يعانون من اضطرابات سيكوسوماتية.
أوالا :المفقود من الوقت بسبب هذه األمراض يقدر بعشرات الماليين من الرجال كل عام.
ثاني ا :أن هنـاك قطاعـات كبيـرة مـن البشـر فـي أعمـار الشـباب والشـيوخ وفـي مهـن مختلفـة
قد فقدوا توافقهم نتيجة لهذه االضطرابات.
ثالث د ا :أنــه نتيجــة لمــا جــاء فــي أوالً وثانيـاً فــإن هــذا المشــكلة جــديرة بالبحــث والد ارســة علــى
المستوى القومي.
تعليددق :وممــا يشــير إلــى زيــادة االضــطرابات السيكوســوماتية فــي مصــر مــا أشــارت إليــه
جريدة األخبار المصرية في 13يونيو 0223العدد 12022أن معهد القلـب بإمبابـة بالقـاهرة قـد
بلــغ عــدد المتــرددين عليــه خــالل مــايو 0223مــن المرضــى 30ألــف م ـريض تكلــف عالجهــم 3
ماليين جنيه كما بلغ عدد حـاالت االسـتقبال بالمعهـد 3113حالـة بمـا يمثـل حالـة كـل 12دقـائق
وأجــرى المعهــد 132عمليــة قلــب مفتــوح .كمــا يســتقبل المعهــد ســنوياً نصــف مليــوم مـريض بتكلفــة
عالجية 32مليون جنيه موزعه بين األدوية واألدوات واإلعاشة بالمعهد.
األسئلة:
مصادر تعليم أخر :شفافات الحصائيات عن انتشار ضغط الدم والصداع والقرح.
039
مراجع الفصل السادس
-1ب ـ ـراون أ – .تـــأليف – ســـيد محمـــد خيـ ــري وآخـ ــرون – ترجم ــة ( – )1252علـــم الـــنفس
االجتماعي في الصناعة – دار المعارف – القاهرة.
-0دبو بولد فان والين – تأليف – محمد نبيـل نوفـل وآخـرون – ترجمـة ( – )1222منـاهج
البحث في التربية وعلم النفس – األنجلو – القاهرة.
-3ص ــبري ج ــرجس ( – )1252االنفع ــال والم ــرض العض ــوي – مجل ــة الص ــحة النفس ــية –
مجلد ( )1العدد (.)0
-5عم ــر ش ــاهين ( )1222الط ــب النفس ــي الجس ــمي – مجل ــة الص ــحة النفس ــية – الجمعي ــة
المصرية للصحة العقلية – القاهرة.
-2وليم مننجـز منروليـف – تـاليف – محمـد أحمـد غـالي – ترجمـة ( )1222أضـواء الطـب
النفسي على الشخصية والسلوك – القاهرة الحديثة.
والتركوفي ــل وآخ ــرون – ت ــاليف – محم ــود الزي ــادي – ترجم ــة ( – )1222دار النهض ــة -2
العربية.
يوســف كــرم ( – )1252تــاريخ الفلســفة اليونانيــة – لجنــة التــأليف والترجمــة والنشــر – -2
القاهرة.
041
12- Eysenck, H. J. (1967) Sense & Nonsense in psychology, Penguin
Book, London.
040
الفصل السابع
نظريات تفسري االضطرابات السيكوسوماتية
(النفس جسمية)
األهدددداف :يه ــدف ه ــذا الفص ــل إل ــى تق ــديم ع ــرض للق ــارئ ع ــن النظري ــات المفسـ ـرة لنش ــأة
وح ـ ــدوث االض ـ ــطرابات السيكوس ـ ــوماتية كالنظري ـ ــات الفس ـ ــيولوجية والنظري ـ ــات السيكوفس ـ ــيولوجية
والنظريات النفسية والنظريات االجتماعية والبيئة والسلوكية.
المحتدو :يحتــوي هــذا الفصـل علــى نظريـة الضــعف الجســمي ونظريـة االســتجابة النوعيــة
ونظريتــي كــانون ونظريــة الضــغوط لهانزســلي ونظريــة التحليــل النفســي ،ونظريــة ســمات الشخصــية
ونموذج االستهداف للمشقة.
مقدمددة :تعدددد التفسدديرات الخاصددة باالضــطرابات النفســية جســمية وتمثلــت فــي النظريــات
الفســيولوجية لنظريــة الضــعف الجســمي ونظريــة االســتجابة النوعيــة ،والنظريــات السيكوفســيولوجية
الت ــي ب ــدأها بـ ــافلوف ونش ــأ عنهـ ــا نظريت ــي ك ــانون المهاريـــة واالتـ ـزان الي ــومي ،ونظري ــة الضـ ــغوط
االنفعالي ــة لس ــيلي ،ونظري ــة القل ــق الم ــؤدي لزي ــادة إفـ ـراز الهرمون ــات لول ــف ،ث ــم النظري ــات النفس ــية
كالتحليل النفسي والتعليم وسمات الشخصية ،وأخي اًر النظريات االجتماعية والبيئـة والسـلوكية وفيمـا
يلي عرض ألهم محاور هذه النظريات.
-4النظريدددة الفسددديولوجية :ت ـوازن االهتمــام بد ارســة العوامــل الفســيولوجية وأثرهــا فــي اإلصــابة
النفس جسمية ،مع االهتمام بالعوامل النفسية واالجتماعية األخرى ومن أهم هذه النظريات:
أ -نظرية الضعف الجسمي :تشير هذه النظرية إلى أن االضطرابات النفس جسـمية تحـدث
نتيجــة الضــعف الجســمي ،سـواء كــان فــي عضــو معــين مــن أعضــاء الجســم (مثــل المعــدة،
مســبباً م ــرض القرحــة) أو ف ــي فس ــيولوجي معــين ( مث ــل جه ــاز القلــب واألوعي ــة الدموي ــة،
مسـ ــبباً مـ ــرض ضـ ــغط الـ ــدم األساسـ ــي) .ويفتـ ــرض ه ــذا أن العوامـ ــل الوراثيـــة ،واألم ـ ـراض
الجسمية المبكرة في حياة الشخص ،ونوعية الغذاء الذي يتناوله قد تؤدي في مجملها إلـى
اضطراب في وظيفة هـذا العضـو (أو الجهـاز) ممـا يجعـل هـذا العضـو األضـعف واألكثـر
اس ــتهدافاً للم ــرض فف ــي حال ــة تع ــرض الف ــرد لض ــغوط ش ــديدة .وعل ــى ه ــذا ف ــإن الض ــعف
الجســمي فــي إطــار هــذه النظريــة – قــد يكــون موروثـاً ،أو قــد يــزداد نتيجــة للمــرض (مثــال
العـ ــدوى فـ ــي الجهـ ــاز التنفسـ ــي التـ ــي تجعـ ــل الفـ ــرد مهيئ ـ ـاً لمـ ــرض البـ ــو) ( gatchel,
.)r.j.,1993,p2
ويصعب االعتماد على هذه النظرية في تفسير االضطرابات النفس جسمية نظ اًر لصعوبة
تحديــد مــدى تــأثير كــل مــن عامــل الو ارثــة ،أو عامــل اإلصــابة المكتســبة فــي الوقــوع فــي المــرض
النفس جسمية (أمال عبد الحليم .) 43 :1222
042
ب -نظريدددة االسدددتجابة النوعيدددة :ويعن ــي ه ــذا المنح ــى ب ــأن األفـ ـراد يميل ــون إل ــى االس ــتجابة
فسيولوجياً للمواقـف الضـاغطة بطـريقتهم الخاصـة أي وفقـاً السـتعداداتهم الذاتيـة الخاصـة،
فأحـد األفـراد قـد يظهــر زيـادة فـي ضـربات القلـب ،ومسـتوى ضـغط الــدم ،وقـد اًر ضـئيالً مــن
التوتر في العضالت ،بينمـا شـخص آخـر ،يسـتجيب للموقـف نفسـه مظهـ اًر زيـادة قليلـة فـي
معدالت ضربات القلـب ،ومسـتوى ضـغط الـدم ،مـع زيـادة كبيـرة فـي تـوتر العضـالت ،هـذا
االخــتالف فــي أنمــاط االســتجابة يســمى ( نمــط اســتجابة الفــرد) تأكيــداً لوجــود فــروق فرديــة
فــي الطريقــة النمطيــة لالســتجابة للمواقــف ووفق ـاً لهــذا المنحنــى فــإن العضــو الفســيولوجي
النـ ــوعي األكثـ ــر نشـ ــاطاً .وتـ ــوت اًر يكـ ــون أكثـ ــر قابليـ ــة للتـ ــأثر والنتيجـ ــة هـ ــي نمـ ــو وزيـ ــادة
االضـ ــطرابات الـ ــنفس حيويـ ــة (السيكوفسـ ــيولوجية) .فالشـ ــخص الـ ــذي يسـ ــتجيب باسـ ــتمرار
للمواقــف الضــاغطة بارتفــاع كبيــر فــي مســتوى ضــغط الــدم ،يكــون عرضــه للضــغط علــى
جهـاز القلـب الوعـائي ،بمـا ينـتج عنـه مـن اخـتالل آلليـات االتـزان الحيـوي .وبالتـالي يكـون
أكثر قابلية لإلصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم.
والنقــد األساســي الــذي يوجــه لهــذا المنحنــى العــام ،هــو افتقــاده للصــدق التنبــؤي فــال يمكــن
تفسير لماذا ال يصاب كل األفـراد الـذين يسـتجيبون بدرجـة دالـة للتنشـيط القلبـي الوعـائي بـأمراض
القلب الوعائية :مثل مرض ارتفاع ضغط الـدم حيـث لـم يركـز المنحنـى علـى دور العوامـل النفسـية
في تحديد من سيصاب بالمرض ومن لن يصاب به (.)GATCHEL, R.J.,1993,P15
وقــد دعمــت افت ارضــات بــافلوف بالد ارســات التــي أج ارهــا كــانون )1202( Cannonعــن
المصاحبات الفسيولوجية لالنفعال .مثل الخوف والغضـب فقـد وجـد كـانون أن الحيوانـات تسـتجيب
لأللم والخوف والجوع عن طريق تغيرات في إف ارزات الغدد ،باإلضـافة إلـى حـدوث اضـطرابات فـي
نشاط العضالت ،وفي األجهزة الوعائية القلبية ،والمعدية ،والمعوية ،وكل ذلك يكون تحت سيطرة
الجهاز العصبي الذاتي (أبو طيرة.)52 :1222 ،
-4نظريتدي كددانون :فـي ضــوء التصـورات الســابقة ،قـدم كــانون نظـريتين حــاول مـن خاللهمــا
أن يفسر فسيولوجية االضطرابات النفسجسمية:
األولدى :النظريدة المهاديددة لكدانون :أوضـح كـانون فــي هـذه النظريـة أن الجـزء الســمبثاوي
مــن الجهــاز العصــبي الــذاتي يقــوم بــدو مميــز فــي اســتعداد الكــائن الحــي لمواجهــة حــاالت الطـوارئ
ففي الحاالت التـي تسـتثير الخـوف أو الغضـب تحـدث تغيـرات جوهريـة فـي الجسـم مثـل منـع إفـراز
043
اللعاب ،والحركة المعوية ،وافراز العصارة المعدية ،وسرعة ضـربات القلـب ،واعـادة توزيـع الـدم فـي
الجهاز العضلي ،وزيادة ضغط الدم ،واستعادة الجسم للقيام بنشاط عضلي قوي ،مما جعـل كـانون
يستنتج أن التوتر االنفعالي يصـل إلـى معظـم أجـزاء الجسـم بواسـطة الممـرات األتونوميـة ،وممـرات
القشرة المهادية.
الثانيدددة :االتـ ـزان الحي ــوي :أش ــار ك ــانون – ف ــي ه ــذه النظري ــة – إل ــى أن اس ــتثارة الجه ــاز
العصــبي الســمبثاوي مــع زيــادة إفـراز االدرينــالين يعنــي وجــود الكــائن الحــي فــي حالــة رد فعــل تجــاه
موق ــف ط ــارئ ،وأن الجه ــاز العص ــبي الس ــمبثاوي يق ــاوم الض ــغوط البيئي ــة بينم ــا الوظيف ــة الرئيس ــية
للجه ــاز البا ارس ــمبثاوي ه ــو إع ــادة بن ــاء المص ــادر الخاص ــة بالك ــائن الح ــي ،وعل ــى ه ــذا ف ــالتغيرات
الجســمية المرتبطــة باالنفعــاالت القويــة تنــتج عــن الجهــاز العصــبي الســمبثاوي وتهــدف إلــى إعــادة
التوازن الحيوي فهي بمثابة مؤشرات لنقص هذا التوازن مما حفز الجسم علـى إعادتـه مـرة أخـرى (
أبو طيرة ،منى ،1222ص .)55
ج -نظرية الضغوط االنفعالية لسيلي :أوضح سيلي في هذه النظريـة أن الضـغوط التـي يقـع
اإلنسان تحت وطأتها تمثل حجر الزاوية في كافة االضطرابات النفس جسمية ،وهـو يـرى
أن اإلنسان يستجيب للضغوط عبر ثالث مراحل هي :مرحلة استجابة اإلنذار ،ثـم مرحلـة
المقاومة ،ثم مرحلة االنهاك.
فدي المرحلدة األولددى :يسـتدعي الجسـم كــل قـواه الدفاعيـة فــي صـورة تغيـرات فســيولوجية-
كزيادة إفراز اإلدرينالين ..الخ – نتيجة التعرض المفاجئ لمنبهات لم يكن الكائن مهيئـاً لهـا ،فـإذا
اســتمر الموقــف الضــاغط فــإن مرحلــة اإلنــذار تتبعهــا مرحلــة مقاومــة هــذا الموقــف ،وتشــمل هــذه
المرحلــة األعـراض الجســمية التــي يحــدثها التعــرض المســتمر للمنبهــات ،والمواقــف الضــاغطة التــي
يكــون الكــائن قــد اكتســب القــدرة علــى التكيــف معهــا ،ولــذلك تعتبــر هــذه المرحلــة هامــة فــي نشــأة
أع ـراض التكيــف واألمـ ـراض الــنفس جســمية ،وخاص ــة عنــدما تعج ـزه ق ــدرة اإلنســان علــى مواجه ــة
المواق ــف ع ــن طري ــق رد فع ــل تكيف ــي كاف ــة ،وي ــؤدي التع ــرض المس ــتمر للض ــغوط إل ــى اض ــطراب
التوازن الداخلي مما يؤدي إلى مزيـد مـن اإلفـ ارزات الهرمونيـة التـي تتسـبب فـي اضـطرابات التـوازن
الداخلي ممـا يـؤدي إلـى مزيـد مـن اإلفـ ارزات الهرمونيـة التـي تتسـبب فـي اضـطرابات عضـوية ،فـإذا
استمر التعرض لمزيد من الضغوط تضـطرب أجهـزة الجسـم إلـى الدرجـة التـي قـد ينـتج عنهـا – إذا
تزايدت واستمرت على هذ النحو – الوفاة ( عبد القوي .) 005 ، 005 :1225 ،
نظريدة عالقددة القلددق بالهرمونددات :وقــد أجــرى وولـف wolfعــدة أبحـاث ،امتــدت حـوالي
ثالثين عاماً ،اهتمت بالعالقة بين المتغيرات الفسيولوجية والمتغيرات النفسية ،وارجع االضطرابات
النفسجسمية إلى القلق والتوتر الذي يؤدي إلـى زيـادة إفـ ارزات الهرمونـات وعصـارات الغـدد بقـدر ال
تتحمله األجهزة الجسمية الداخليـة ،فتضـطرب الوظـائف وتصـاب األعضـاء كمـا يحـدث فـي حالـة
قرحة المعدة وقرحة القولون (منى ابو طيرة :1222 ،ص .)52
044
-4النظريات النفسية :يشير عدد من الباحثين إلى أن تعرض الفرد لمثيرات المشقة وللضـغوط
stressربما يـؤدي إلـى ارتفـاع درجـة اسـتهداف لإلصـابة بـاألمراض النفسجسـمية ( wayner
)et al,1979وتنقســم النظريــات النفســية التــي ســعت لتفســير االضــطرابات النفسجســمية إلــى
نظرية التحليل النفسي ونظرية التعلم ونظرية سمات الشخصية وذلك كما يلي:
أ -نظرية التحليل النفسي :يرى ف ارنـز الكسـندر f. alexanderأن الصـراعات الحاليـة التـي
يعــاني منهــا المـريض ترجــع إلــى صـراعات ال شــعورية رمزيــة ،مرتبطــة بم ارحــل مبكـرة مــن
النمو النفسي – الجنسي ،وعندما ال تحل هـذه الصـراعات بطريقـة مرضـية تتـدخل آليـات
الدفاع ،وتؤدي إلـى زيـادة فـي التـوتر الجسـدي ثـم تظهـر علـى هيئـة اضـطرابات عضـوية،
أي أن االنفعاالت إن لم يـتم التعبيـر عنهـا تعبيـ اًر حـ اًر فإنـه تنشـأ عـن ذلـك تـوترات مزمنـه،
مما يؤدي إلى اضطرابات نفسجسمية متباينة ومزمنة
-3النظرية الفسيولوجية :توازن االهتمام بدراسة العوامل الفسيولوجية وأثرها في اإلصابة النفس
جسمية ،مع االهتمام بالعوامل النفسية واالجتماعية األخرى ومن أهم هذه النظريات:
د -نظرية الضعف الجسمي :تشير هذه النظرية إلى أن االضطرابات النفس جسـمية تحـدث
نتيجــة الضــعف الجســمي ،سـواء كــان فــي عضــو معـين مــن أعضــاء الجســم (مثــل المعــدة،
مســبباً م ــرض القرحــة) أو ف ــي فس ــيولوجي معــين ( مث ــل جه ــاز القلــب واألوعي ــة الدموي ــة،
مسـ ــبباً مـ ــرض ضـ ــغط الـ ــدم األساسـ ــي) .ويفتـ ــرض ه ــذا أن العوامـ ــل الوراثيـــة ،واألم ـ ـراض
الجسمية المبكرة في حياة الشخص ،ونوعية الغذاء الذي يتناوله قد تؤدي في مجملها إلـى
اضطراب في وظيفة هـذا العضـو (أو الجهـاز) ممـا يجعـل هـذا العضـو األضـعف واألكثـر
اس ــتهدافاً للم ــرض فف ــي حال ــة تع ــرض الف ــرد لض ــغوط ش ــديدة .وعل ــى ه ــذا ف ــإن الض ــعف
الجســمي فــي إطــار هــذه النظريــة – قــد يكــون موروثـاً ،أو قــد يــزداد نتيجــة للمــرض (مثــال
العـ ــدوى فـ ــي الجهـ ــاز التنفسـ ــي التـ ــي تجعـ ــل الفـ ــرد مهيئ ـ ـاً لمـ ــرض البـ ــو) ( gatchel,
.)r.j.,1993,p2
ويصعب االعتماد على هذه النظرية في تفسير االضطرابات النفس جسمية نظ اًر لصعوبة
تحديــد مــدى تــأثير كــل مــن عامــل الو ارثــة ،أو عامــل اإلصــابة المكتســبة فــي الوقــوع فــي المــرض
النفس جسمية (أمال عبد الحليم .) 43 :1222
ه -نظريدددة االسدددتجابة النوعيدددة :ويعنــي هــذا المنحن ــى بــأن األف ـراد يميل ــون إلــى االس ــتجابة
فسيولوجياً للمواقـف الضـاغطة بطـريقتهم الخاصـة أي وفقـاً السـتعداداتهم الذاتيـة الخاصـة،
فأحـد األفـراد قـد يظهــر زيـادة فـي ضـربات القلـب ،ومسـتوى ضـغط الــدم ،وقـد اًر ضـئيالً مــن
التوتر في العضالت ،بينمـا شـخص آخـر ،يسـتجيب للموقـف نفسـه مظهـ اًر زيـادة قليلـة فـي
معدالت ضربات القلـب ،ومسـتوى ضـغط الـدم ،مـع زيـادة كبيـرة فـي تـوتر العضـالت ،هـذا
االخــتالف فــي أنمــاط االســتجابة يســمى ( نمــط اســتجابة الفــرد) تأكيــداً لوجــود فــروق فرديــة
فــي الطريقــة النمطيــة لالســتجابة للمواقــف ووفق ـاً لهــذا المنحنــى فــإن العضــو الفســيولوجي
النـ ــوعي األكثـ ــر نشـ ــاطاً .وتـ ــوت اًر يكـ ــون أكثـ ــر قابليـ ــة للتـ ــأثر والنتيجـ ــة هـ ــي نمـ ــو وزيـ ــادة
045
االضـ ــطرابات الـ ــنفس حيويـ ــة (السيكوفسـ ــيولوجية) .فالشـ ــخص الـ ــذي يسـ ــتجيب باسـ ــتمرار
للمواقــف الضــاغطة بارتفــاع كبيــر فــي مســتوى ضــغط الــدم ،يكــون عرضــه للضــغط علــى
جهـاز القلـب الوعـائي ،بمـا ينـتج عنـه مـن اخـتالل آلليـات االتـزان الحيـوي .وبالتـالي يكـون
أكثر قابلية لإلصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم.
والنقــد األساســي الــذي يوجــه لهــذا المنحنــى العــام ،هــو افتقــاده للصــدق التنبــؤي فــال يمكــن
تفسير لماذا ال يصاب كل األفـراد الـذين يسـتجيبون بدرجـة دالـة للتنشـيط القلبـي الوعـائي بـأمراض
القلب الوعائية :مثل مرض ارتفاع ضغط الـدم حيـث لـم يركـز المنحنـى علـى دور العوامـل النفسـية
في تحديد من سيصاب بالمرض ومن لن يصاب به (.)GATCHEL, R.J.,1993,P15
وقــد دعمــت افت ارضــات بــافلوف بالد ارســات التــي أج ارهــا كــانون )1202( Cannonعــن
المصاحبات الفسيولوجية لالنفعال .مثل الخوف والغضـب فقـد وجـد كـانون أن الحيوانـات تسـتجيب
لأللم والخوف والجوع عن طريق تغيرات في إف ارزات الغدد ،باإلضـافة إلـى حـدوث اضـطرابات فـي
نشاط العضالت ،وفي األجهزة الوعائية القلبية ،والمعدية ،والمعوية ،وكل ذلك يكون تحت سيطرة
الجهاز العصبي الذاتي (أبو طيرة.)52 :1222 ،
-3نظريتدي كددانون :فـي ضــوء التصـورات الســابقة ،قـدم كــانون نظـريتين حــاول مـن خاللهمــا
أن يفسر فسيولوجية االضطرابات النفسجسمية:
األولدى :النظريدة المهاديددة لكدانون :أوضـح كـانون فــي هـذه النظريـة أن الجـزء الســمبثاوي
مــن الجهــاز العصــبي الــذاتي يقــوم بــدو مميــز فــي اســتعداد الكــائن الحــي لمواجهــة حــاالت الطـوارئ
ففي الحاالت التـي تسـتثير الخـوف أو الغضـب تحـدث تغيـرات جوهريـة فـي الجسـم مثـل منـع إفـراز
اللعاب ،والحركة المعوية ،وافراز العصارة المعدية ،وسرعة ضـربات القلـب ،واعـادة توزيـع الـدم فـي
الجهاز العضلي ،وزيادة ضغط الدم ،واستعادة الجسم للقيام بنشاط عضلي قوي ،مما جعـل كـانون
يستنتج أن التوتر االنفعالي يصـل إلـى معظـم أجـزاء الجسـم بواسـطة الممـرات األتونوميـة ،وممـرات
القشرة المهادية.
الثانيدددة :االتـ ـزان الحي ــوي :أش ــار ك ــانون – ف ــي ه ــذه النظري ــة – إل ــى أن اس ــتثارة الجه ــاز
العصــبي الســمبثاوي مــع زيــادة إفـراز االدرينــالين يعنــي وجــود الكــائن الحــي فــي حالــة رد فعــل تجــاه
موق ــف ط ــارئ ،وأن الجه ــاز العص ــبي الس ــمبثاوي يق ــاوم الض ــغوط البيئي ــة بينم ــا الوظيف ــة الرئيس ــية
للجه ــاز البا ارس ــمبثاوي ه ــو إع ــادة بن ــاء المص ــادر الخاص ــة بالك ــائن الح ــي ،وعل ــى ه ــذا ف ــالتغيرات
046
الجســمية المرتبطــة باالنفعــاالت القويــة تنــتج عــن الجهــاز العصــبي الســمبثاوي وتهــدف إلــى إعــادة
التوازن الحيوي فهي بمثابة مؤشرات لنقص هذا التوازن مما حفز الجسم علـى إعادتـه مـرة أخـرى (
أبو طيرة ،منى ،1222ص .)55
و -نظرية الضغوط االنفعالية لسيلي :أوضح سيلي في هذه النظريـة أن الضـغوط التـي يقـع
اإلنسان تحت وطأتها تمثل حجر الزاوية في كافة االضطرابات النفس جسمية ،وهـو يـرى
أن اإلنسان يستجيب للضغوط عبر ثالث مراحل هي :مرحلة استجابة اإلنذار ،ثـم مرحلـة
المقاومة ،ثم مرحلة االنهاك.
فدي المرحلدة األولددى :يسـتدعي الجسـم كــل قـواه الدفاعيـة فــي صـورة تغيـرات فســيولوجية-
كزيادة إفراز اإلدرينالين ..الخ – نتيجة التعرض المفاجئ لمنبهات لم يكن الكائن مهيئـاً لهـا ،فـإذا
اســتمر الموقــف الضــاغط فــإن مرحلــة اإلنــذار تتبعهــا مرحلــة مقاومــة هــذا الموقــف ،وتشــمل هــذه
المرحلــة األعـراض الجســمية التــي يحــدثها التعــرض المســتمر للمنبهــات ،والمواقــف الضــاغطة التــي
يكــون الكــائن قــد اكتســب القــدرة علــى التكيــف معهــا ،ولــذلك تعتبــر هــذه المرحلــة هامــة فــي نشــأة
أع ـراض التكيــف واألمـ ـراض الــنفس جســمية ،وخاص ــة عنــدما تعج ـزه ق ــدرة اإلنســان علــى مواجه ــة
المواق ــف ع ــن طري ــق رد فع ــل تكيف ــي كاف ــة ،وي ــؤدي التع ــرض المس ــتمر للض ــغوط إل ــى اض ــطراب
التوازن الداخلي مما يؤدي إلى مزيـد مـن اإلفـ ارزات الهرمونيـة التـي تتسـبب فـي اضـطرابات التـوازن
الداخلي ممـا يـؤدي إلـى مزيـد مـن اإلفـ ارزات الهرمونيـة التـي تتسـبب فـي اضـطرابات عضـوية ،فـإذا
استمر التعرض لمزيد من الضغوط تضـطرب أجهـزة الجسـم إلـى الدرجـة التـي قـد ينـتج عنهـا – إذا
تزايدت واستمرت على هذ النحو – الوفاة ( عبد القوي .) 005 ، 005 :1225 ،
ز -نظريددة عالقددة القلددق بالهرمونددات :وقــد أجــرى وولــف wolfعــدة أبحــاث ،امتــدت ح ـوالي
ثالثــين عام ـاً ،اهتمــت بالعالقــة بــين المتغي ـرات الفســيولوجية والمتغي ـرات النفســية ،وارجــع
االضــطرابات النفسجســمية إلــى القلــق والتــوتر الــذي يــؤدي إلــى زيــادة إف ـ ارزات الهرمونــات
وعصـ ــارات الغـ ــدد بقـ ــدر ال تتحملـ ــه األجه ـ ـزة الجسـ ــمية الداخليـ ــة ،فتضـ ــطرب الوظـ ــائف
وتصــاب األعضــاء كمــا يحــدث فــي حالــة قرحــة المعــدة وقرحــة القولــون (منــى ابــو طي ـرة،
:1222ص .)52
-1النظريات النفسية :يشير عدد من الباحثين إلى أن تعرض الفرد لمثيرات المشقة وللضـغوط
stressربما يـؤدي إلـى ارتفـاع درجـة اسـتهداف لإلصـابة بـاألمراض النفسجسـمية ( wayner
)et al,1979وتنقســم النظريــات النفســية التــي ســعت لتفســير االضــطرابات النفسجســمية إلــى
نظرية التحليل النفسي ونظرية التعلم ونظرية سمات الشخصية وذلك كما يلي:
ب -نظرية التحليل النفسي :يرى ف ارنـز الكسـندر f. alexanderأن الصـراعات الحاليـة التـي
يعــاني منهــا المـريض ترجــع إلــى صـراعات ال شــعورية رمزيــة ،مرتبطــة بم ارحــل مبكـرة مــن
النمو النفسي – الجنسي ،وعندما ال تحل هـذه الصـراعات بطريقـة مرضـية تتـدخل آليـات
الدفاع ،وتؤدي إلـى زيـادة فـي التـوتر الجسـدي ثـم تظهـر علـى هيئـة اضـطرابات عضـوية،
أي أن االنفعاالت إن لم يـتم التعبيـر عنهـا تعبيـ اًر حـ اًر فإنـه تنشـأ عـن ذلـك تـوترات مزمنـة،
047
مما يؤدي إلى اضطرابات نفسجسمية متباينة ومزمنة يرتبطان باالضطرابات النفسجسـمية
وهم ــا ال ــنمط أ المرض ــى abnormalال ــذي يجع ــل الف ــرد مس ــتهدفاً لإلص ــابة ب ــأمراض
الشريان التاجي ،والـنمط (ب) السـوي normalويتميـز أصـحاب الـنمط (أ) بسـمات مـن
قبي ــل :التن ــافس الش ــديد ،والرغب ــة ف ــي اإلنج ــاز ،والتنبي ــه ال ازئ ــد ،وس ــرعة الح ــديث ،وت ــوتر
عضــالت الجبهــة ،والشــعور بضــغط الوقــت ،والغضــب ،والعــداء ،وعــدم التــأني ،أمــا الــنمط
الثاني – النمط (ب) فهو نمط سوي ال تتوافر لديه تلك الخصال ،وبالتالي يكون أصحابه
غيـ ــر مسـ ــتهدفين لإلصـ ــابة بـ ــاألمراض النفسجسـ ــمية ( rosenman& Chesney,
.)1985,p549
بعـ ــد ذلـ ــك اقتـ ــرح جريـ ــر ومـ ــوريس نمطـ ــب آخـ ــر يصـ ــف الشخصـ ــية المسـ ــتهدفة لإلصـ ــابة
بالســرطان أطلقــا عليــه الــنمط (ج) ويوصــف الشــخص مــن الــنمط (ج) بانــه دمــث لخلــق ،ومثــابر،
واجتمــاعي كمــا أن لديــه الميــل للعطــاء أكثــر مــن روح المنافســة والتحــدي ،ويعتقــد الباحثــان أن هــذا
النمط يرتبط جوهريـاً بتطـوير مـرض السـرطان وسـرعة انتشـاره ويتسـم أفـراد هـذا الـنمط بسـمات مـن
قبيــل :العجــز عــن التعبيــر عــن الغضــب ،الميــل للموافقــة ،عــدم تأكيــد الــذات ،والتضــحية بالــذات
الهدوء ،والصبر مما ينتج عنه العجز عن تفريغ التوتر ،وعدم اإلفصاح عن االنفعاالت ،والشعور
بالتفاهة ...الخ (بدر األنصاري.)223 :1222 ،
ويتســق هــذا الوصــف لــنمط الشخصــية المســتهدفة لإلصــابة بالســرطان مــع مــا يشــير إليــه
إيزنك حيث يرى أن الشخصية المستهدفة للسرطان تتميز بخاصيتين أساسيتين هما:
048
أمــا التونوفســككي antonovsky,1979فــأهتم بد ارســة ســمات األشــخاص البــاقين علــى
قيــد الحيــاة مــن المرضــى فوجــد أن لــديهم نوع ـاً مــن الشــعور بالتماســك وعــرف أنتونوفســكي ثالثــة
مكونات لمفهوم الشعور بالتماسك وهي:
ويشــير مفهــوم القــدرة علــى الفهــم ،إلــى وعــي الفــرد بمــا يحــدث فــي الحيــاة أمــا القــدرة علــى
التحكم فتشير إلى الشعور بأن الفـرد لديـه مصـادر مالئمـة لمواجهـة مطالـب الحيـاة .ويشـير مفهـوم
إضفاء المعنى إلى الشـعور ،بـأن مطالـب الحيـاة ،تحـديثات تسـتحق أن تسـتثمر وتمـارس ،وأوضـح
انتونوفســكي أن األفـ ـراد ذوي الش ــعور الق ــوي بالتماس ــك يض ــفون ق ــد اًر م ــن البس ــاطة عل ــى المواق ــف
الس ــيئة ،كم ــا أنه ــم يش ــعرون باالطمئن ــان إل ــى أنه ــم ق ــادرون عل ــى ال ــتحكم ف ــي الض ــغوط ،أو ف ــي
اســتجاباتهم لهــا ،فهــم قــادرون علــى إدارة الضــغوط بشــكل أفضــل مــن غيــرهم ،وهــم أكثــر توافقـاً مــن
المشاق الناتجة عن مشكالت غير قابلة للحل (.) Sheridan & radmacher, 1992,p161
ولقد أوضحت المؤسسة القومية للسرطان أن أسـلوب لحيـاة والعوامـل البيئيـة مسـئوله عـن
%22مــن حــدوث أم ـراض الســرطان ،كمــا أوضــحت أن %32مــن المــوت بالســرطان ترجــع إلــى
تــدخين الســجائر ،وأن مــن %05إلــى %35مــن المــوت بالســرطان يرجــع إلــى أســباب غذائيــة،
وعوامل بيئية تتمثل في تلوث المياه والهواء والتربة والمحيطة بنا.
وفي إطار تأكيد دور أسدلوب الحيداة اهتمدت دراسدة هبدة ا أبدو النيدل ( .)4004بالكشـف عـن
الفــروق فــي أنمــاط أســلوب الحيــاة بــين المـرتفعين والمنخفضــين فــي االضــطرابات النفسجســمية مــن
ناحية ،والكشف – من ناحية ثانية – عن الفروق في أنماط أسلوب الحياة بـين فئتـين مـن مرضـى
االضطرابات النفسجسمية ( مرضى القلـب والشـريان التـاجي – مرضـى سـرطان الثـدي) ،ولإلجابـة
عن أسئلة الدراسة طبقت بطارية اختبارات ،على ثالث فئات من العينات.
049
األولى :عينة ممن يعانين مـن اضـطرابات نفسجسـمية (بدرجـة مختلفـة) ،وشـملت ()0:5
م ــن اإلن ــاث الالت ــى قس ــمن – وفقـ ـاً ل ــدرجاتهن عل ــى قائم ــة كورن ــل – إل ــي مجم ــوعتين متك ــافئتين
(مجموعة المرتفعات على االضطرابات النفسجسمية مقابل المنخفضات على هذه االضطرابات).
والثالثددة :عينــة األســوياء ،والتــي تكونــت مــن مجمــوعتين ضــابطتين مــن غيــر المصــابات
بأي مرض عضوي أو نفسي ،واللتين روعي عند اختيارهما أن تكون المجموعـة الضـابطة األولـى
منهما مضاهية تماماً -في السن والعدد والحالـة االجتماعيـة – لمجموعـة مرضـى الشـريان التـاجي
(ن= )05أم ــا المجموع ــة الض ــابطة الثاني ــة ،فروع ــي أن تك ــون مض ــاهية تمامـ ـاً -ف ــي المتغيـ ـرات
السابقة – لمجموعة مرضى السرطان (ن=.)12
وقد تكونت بطارية الدراسة من خمسة مقـاييس – أربعـة مـنهم مـن أعـداد الباحثـة شـملت:
مقيــاس أســلوب الحيــاة الشــاق ،مقيــاس أســلوب الحيــاة االنســحابي ،مقيــاس التعــرض للمشــكالت،
مقي ــاس مواجه ــة المش ــكالت ،قائم ــة كورن ــل لإلضـ ـرابات النفسجس ــمية .وق ــد ج ــاءت النت ــائج مؤي ــده
لمعظــم فــروض الد ارســة حيــث وجــد ارتبــاط إيجــابي دال بــين االضــطرابات النفسجســمية وكــل مــن
أسلوب الحياة الشاق وأسلوب الحياة االنسحابي ،والتعرض للمشكالت الضاغطة.
كما أظهرت مجموعة المرتفعـات فـي االضـطرابات النفسجسـمية زيـادة دالـة عـن مجموعـة
المنخفضات في حجم ما تتبناه من عادات وأنشطة شاقة (أسلوب الحياة الشاق) ،وكذلك في حجم
ما تتبناه من عادات وأنشطة انسحابيه ( أسلوب الحياة االنسحابي) .كما أنهـا تعرضـت علـى نحـو
أكبر من مجموعة المنخفضات للمشكالت الضاغطة ،ولكن لم تظهر فروق بـين المجمـوعتين فـي
طــرق مواجهتهمــا لهــذه المشــكالت (س ـواء أكانــت هــذه المواجهــة ســلبية – شــاقة أو انســحابيه – أم
كانت مواجهة إيجابية إقداميـه) كمـا وجـدت فـروق دالـة بـين مريضـات القلـب والشـريان التـاجي مـن
ناحية ،وغير المريضات من ناحية ثانية في أسلوب الحياة الشاق وأسلوب الحياة اإلنسحابي ،في
اتج ــاه المجموع ــة األول ــى كم ــا وج ــدت ف ــروق ب ــين المجم ــوعتين ،ف ــي حج ــم التع ــرض للمش ــكالت
الضاغطة فتزيد عدد المشكالت التي يتعرض لها المريضات عن غيـر المريضـات ووجـدت فـروق
دالة بين مريضات سرطان الثـدي مـن ناحيـة ،ومريضـات القلـب والشـريان التـاجي مـن ناحيـة ثانيـة
علــى أســلوب الحيــاة االنســحابى حيــث كانــت مريضــات الســرطان أكثــر معانــاة مــن أســلوب الحيــاة
االنس ــحابي م ــن مريض ــات الشـ ـريان الت ــاجي ،ولك ــن ل ــم تظه ــر الف ــروق الدال ــة – المتوقع ــة – ب ــين
المجمــوعتين علــى أســلوب الحيــاة الشــاق .أو علــى حجــم التعــرض للمشــكالت الضــاغطة أمــا طــرق
مواجهة هذه المشكالت فظهرت فروق بـين المجمـوعتين عليهـا .حيـث تميـل مريضـات القلـب إلـى
051
المواجهــة الشــاقة غيــر التكيفيــة للمشــكالت فــي حــين أن مريضــات الســرطان يملــن علــى المواجهــة
االنسحابية ( هبة اهلل أبو النيل .)121 :0220
أمــا بالنســبة للعوامــل الحضــارية فقــد وجــد أن ضــغط الــدم المرتفــع بــين الســود فــي أمريكــا
ضـ ــعفه بـ ــين البـ ــيض علـ ــى األقـ ــل ووجـ ــده أيض ـ ـاً شـ ــائعاً بـ ــين السـ ــيدات مـ ــن الطبقـ ــة االجتماعيـ ــة
االقتصادية المنخفضة بنسبة 3 :0مقابل السيدات من الطبقة المتوسطة ،وفي دراسة عن الفروق
الحض ــارية ف ــي االس ــتجابة لألل ــم ظه ــرت ف ــروق ل ــدى المرض ــى م ــن الش ــعوب المختلف ــة ،فبالنس ــبة
للمرضــى مــن أصــل يهــودي غالبـاً مــا يكــون لــديهم قلــق متصــل بمعنــى األعـراض وذلــك الهتمــامهم
الزائد بالصحة العامة (نجالء سليمان .)31 :0222
النظريات التفاعليدة :للوصـول إلـى نظـرة أكثـر تكـامالً لتفسـير االضـطرابات النفسجسـمية
حاول بعض الباحثين اقتراح عدد من النماذج التي توضح كيفيـة التفاعـل بـين المتغيـرات الفنسـية،
والفسيولوجية ،كمكونات أساسية في العملية التـي تـؤدي إلـى االضـطراب الـوظيفي وبـالرغم مـن أن
بعــض هــذه النمــاذج يخــتص بــأمراض معينــة مثــل ارتفــاع ضــغط الــدم ،أو مــرض الس ـرطان ،فــإن
أغلـ ــب هـ ــذه النمـ ــاذج تتسـ ــم بمقـ ــدار كبيـ ــر مـ ــن العموميـ ــة ،بحيـ ــث يمكـ ــن تعميمهـ ــا علـ ــى مختلـ ــف
االضطرابات النفسجسمية وفيما يلي أمثله هذه النماذج.
نموذج االستهداف للمشقة :يمثل هذا النموذج الذي لقي تأييداً كبي اًر مـن البـاحثين مثـاالً
لتوضيح التوجه الذي يهتم بضرورة أخذ مختلف العوامل المسببة لألمراض النفسجسـمية (النفسـية،
واالجتماعية ،والبيئية ،والجينية ،والفسيولوجية) في الحسبان عند وصف هذه األمراض مع التركيز
علـ ــى مـ ــا يحـــدث بـــين هـــذه العوامـ ــل مـــن تـ ــأثير متبـ ــادل .ويشـــير النم ــوذج إل ــى أن االســـتعدادات
الفسـ ــيولوجية السـ ــابقة علـ ــى حـ ــدوث المـ ــرض مثـ ــل الضـ ــعف الجينـ ــي وعـ ــدم الت ـ ـوازن البيولـ ــوجي،
والمتغيرات النفسية واالجتماعية المصاحبة له مثل المشقة ،وكيفية التكيف معها ،واالسـتجابة لهـا،
والمواقف البيئية التي يخبرهـا الفـرد تتفاعـل معـاً ،مسـببة عديـداً مـن األمـراض النفسجسـمية وهـو مـا
يعن ــي أن ــه رغ ــم أهمي ــة العوام ــل البيولوجي ــة ف ــي اإلص ــابة به ــذه األمـ ـراض ،ف ــإن العوام ــل النفس ــية
واالجتماعيــة لهــا تأثيرهــا الحاســم فــي ذلــك ويبنــي النمــوذج علــى وجــود شــقين يشــكالً اســتجابة الفــرد
للضغوط.
أولهمــا الجــزء االس ـتعدادي أو االســتهداف ،ويفتــرض هنــا وجــود عــاملين رئيســين يحــددان
اســتعداد الفــرد لالســتجابة للمشــقة ،األول :االســتجابة النمطيــة والمعتــادة للفــرد ،والتــي ينظــر إليهــا
بوصــفها اســتعداداً بنائي ـاً فــي الجســم لالســتجابة الفســيولوجية بطــرق محــددة لمواقــف متنوعــة ،مــع
تنشــيط ثابــت لــبعض أعضــاء وأجه ـزة الجســم ،والثــاني هــو االضــطراب فــي االت ـزان الحيــوي للجســم
الناتج عن ضعف في مستوى تحمل الفرد العصبي لمواجهة أحداث الحياة الشـاقة والـذي قـد يكـون
انعكاس ـاً الســتعداد جينــي ،أو مــرض عضــوي ،أو التعــرض لالنهيــار العصــبي أكثــر مــن م ـرة أمــا
الجــزء الثــاني فهــو موقــف التعــرض للمشــقة ،ويبــرز فيــه أهميــة المحــددات الموقفيــه مثــل الظــروف
االجتماعية والفيزيقية ،في تشكيل استجابة الفرد للمشقة .
050
كما يفترض ستيرنباك والذي يمثل هـذا النمـوذج أن اسـتمرار التعـرض للتنبيـه أو المواقـف
الض ــاغطة يجع ــل الف ــرد ي ــدرك المواق ــف واألح ــداث الطبيعي ــة كض ــغوط ،ويس ــتجيب له ــا اس ــتجابة
فسيولوجية شديدة (.)gatchel, r.j., 1993,p15
نمدددوذج تفاعدددل العوامدددل البيولوجيدددة والنفسدددية واالجتماعيدددة :وف ــي هــذا النمــوذج اه ــتم
كــونتراداد وزميلــه بــدور العوامــل النفســية – االجتماعيــة ،والعوامــل البيولوجيــة ،والفســيولوجية ،التــي
تتفاعـ ــل مـ ــع عوامـ ــل الشخصـ ــية ،وتسـ ــهم فـ ــي اإلصـ ــابة بـ ــالمرض الجسـ ــمي (خاصـ ــة السـ ــرطان)
( .)contrada leventhal & oleary 1990وأوضـح الباحثـان أن التعـرض للضـغوط النفسـية
مث ــل الفق ــد بأنواع ــه وأس ــاليب المواجه ــة القائم ــة عل ــى الكب ــت والتنف ــيس االنفع ــالي يوال ــدان الش ــعور
باالكتئــاب ،الــذي يــؤدي بــدوره إلــى ممارســات أو ســلوكيات غيــر صــحية تــؤثر بشــكل غيــر مباشــر
على أداء الخاليا الطبيعية القاتلة فـي جهـاز المناعـة ممـا يجعـل الفـرد مسـتهدفاً لإلصـابة بـالمرض
الجسمي .ويوضح كونتراداد أن الطرق التي يتشكل من خاللها مرض السرطان قد تأخذ اتجاهين
هما:
االتجاه األول :ويبدأ بتعـرض الفـرد لضـغوط نفسـية ناتجـه عـن أنـواع الفقـد المختلفـة مثـل
فقـد شـخص عزيـز أو فقـد الشـخص الحت ارمـه لذاتـه أو شـعور الشـخص بالفقـد النـاتج عـن التغيـرات
البدنية ،والنفسية واالجتماعية مع مرور العمر وأي من مواقف الفقد تلك تسبب الشعور باالكتئـاب
الــذي يــؤدي بصــورة إلــي إف ـراز هرمــوني وممــا ارســات صــحية يجتمعــان ليشــكالً ســبباً يــؤدي إلــى
اختالف في جهاز المناعة مما يجعله مهيئا لإلصابة بمرض السرطان.
أما االتجاه الثاني :فيبدأ مـن الكبـت وعـدم التنفـيس االنفعـالي اللـذين يمـثالن عـامالً غيـر
مباشر يتسبب في جهاز المناعة فضالً عن التأخر في طلـب الرعايـة الصـحية الالزمـة ممـا يـؤدي
إلى بداية الورم السرطاني وتطوره وانتشاره.
ويتفــق هــذا التصــور النظــري للنمــوذج مــع معظــم الد ارســات التــي عرضــت للعوامــل النفســية المهيئــه
لإلصــابة بمــرض الســرطان حيــث أشــارت تلــك الد ارســات إلــى ارتبــاط ظهــور الســرطان بمتغي ـرات
نفسية من قبيل الفقد وتجنب السراع ،وعدم التنفيس االنفعالي ومشاعر االكتئاب.
األسئلة:
مصددادر تعليمددة أخددر :إحصــائيات عــن أنمـاط أســلوب الحيــاة والمعــرض السيكوســوماتي،
وأفالم لحاالت سرطان قبل وبعد العالج.
052
مراجع الفصل السابع
053
medicine, physical aspects: pain, stress, diagnosis and organic
damage, London: academic dress.
13- Wolman, B.B (1988), psychosomatic disorders, London: plenum
medical book company.
054
الفصل الثامن
تطبيقات الصحة النفسية في المجتمع
األهداف :يهدف هذا الفصل إلى تعريف القارئ باإلجراءات التي تتخذها المجتمعات من
لوائح وقوانين وانشاءات من شأنها أن تقلل من انتشار األمراض النفسية واالجتماعية.
المحتدو :الدســتور والصــحة النفسـية – مكاتــب الـزواج والصــحة النفسـية ،المــدن الجديــدة
والص ـ ــحة النفس ـ ــية – مكات ـ ــب األسـ ـ ـرة والس ـ ــكان والص ـ ــحة النفس ـ ــية – الع ـ ــالج األس ـ ــري – تعي ـ ــين
األخصائي النفسي بالمدرسة – تصنيف المجندين والصحة النفسية.
مقدمدددة :ي ــرى الكثي ــرون أن الص ــحة النفس ــية – ه ــي مجموع ــة اإلجـ ـراءات الت ــي تتخ ــذها
المجتمعــات مــن أجــل الوقايــة مــن الوقــوع فــي االضــطرابات النفســية والعقليــة واالنح ارفــات الســلوكية
من جريمة وادمان وغير ذلك والتي تمثل خروجاً على قيم المجتمع.
وتتمثــل تلــك اإلج ـراءات فــي التش ـريعات والق ـوانين واقامــة المــدن الجديــدة وبنــاء العيــادات
النفســية والمستشــفيات ومؤسســات رعايــة األحــداث ومالجــئ األيتــام وغيــر ذلــك ونوضــح فيمــا يلــي
أمثل ــه م ــن ه ــذه اإلجـ ـراءات وال ــدور ال ــذي تلعب ــه ف ــي نش ــر الس ــلوك الس ــوي والص ــحة النفس ــية ف ــي
المجتمع.
الدسدددتور والصدددحة النفسدددية :يــنص الدس ــتور ف ــي كــل دول الع ــالم علــى كفال ــة الص ــحة
والتعل ــيم لك ــل مـ ـواطن .وم ــن منطل ــق أن "ف ــي المعرف ــة الش ــفاء" نج ــد أن نش ــر التعل ــيم ال ــذي ي ــنص
الدســتور علــى كفالتــه ألف ـراد المجتمــع لــه عالقــة بنشــر الــوعي باألســس التــي يعتمــد عليهــا الســلوك
السـوي فــي تنشــئة األفـراد فــي األسـرة .ولقــد وجــد فــي كثــر مـن البحــوث أن األمـراض العقليــة تنتشــر
بين األميين ومحدودي التعليم ،كذلك تنتشر الجرائم بينهم ولذا قامت مصـر بإنشـاء الجامعـات فـي
صعيد مصر .ومن أجل التنميـة فـي المقـام األول ومـن أجـل نشـر الـوعي باآلثـار الماديـة والبشـرية
لجرائم األخذ بالثأر والتطرف واإلرهاب.
إنشدداء مكاتددب للمقبلددين علددى الددزواج والصددحة النفسددية :أنشــأت الكثيــر مــن دول العــالم
مكاتب للتأكد من سالمة الصحة النفسية والجسمية للمقبلين على الزواج .إذ يتم فـي هـذه المكاتـب
الكش ــف عل ــى ك ــل م ــن الرج ــل والمـ ـرأة لإلطمئن ــان إل ــى خلوهم ــا م ــن األمـ ـراض المعدي ــة والوراثي ــة
ولالطمئنــان مــن عــدم وجــود عوامــل وراثيــة فيهمــا يــؤدي اتحادهــا إلــي إنجــاب أطفــال لــديهم عاهــات
جسمية أو عقلية.
كذلك يتم في هذه المكاتب تقديم صـورة نفسـية (بروفيـل) بهـا درجـة ذكـاء لكـل مـن الرجـل
واألنثــى ،وبهــا بعــض الســمات الشخصــية التــي تســاعد كــل منهمــا علــى التعــرف علــى خصــائص
اآلخر لمواءمتها مع خصائصه قبل الزواج .ومن المفيد أن نـذكر أن انتشـار هـذه المكاتـب يسـاعد
المقبلين على الزواج للتعرف على بعضهما مما يزيد من توافقهما الزواجي ،كما سبق ،إضافة إلى
أنــه ســيتجنب المجتمــع وجــود حــاالت مــن ذوي العاهــات والمضــطربين عقليـاً وممــا يقلــل كــذلك مــن
نسبة األفراد المتخلفين عقلياً في المجتمع.
055
تطبيدددق األسدددس العلميدددة فدددي اختيدددار األفدددراد المتقددددمين للعمدددل بالوظدددائف المختلفدددة
والصحة النفسدية :إنـه ممـا ال شـك فيـه أن وضـع الشـخص المناسـب فـي المكـان المناسـب يـؤدي
إلــى زيــادة توافــق الفــرد وســعادته ورضــاه فــي عملــه ويعتمــد األســلوب العلمــي علــى تحديــد القــدرات
العقلية ومستوي الذكاء وصفات الشخصية الواجب أن تتوفر في الفرد الذي سيشـغل الوظيفـة التـي
أعلنـت المؤسسـة أو الشـركة عــن حاجتهـا ألفـراد يعملــون بهـا وبعـد ذلـك يقــوم أخصـائي علـم الــنفس
بإعـداد االختبـارات النفسـية التـي تقــيس تلـك القـدرات والصـفات وتطبيقهــا علـى األفـراد الـذين تقــدموا
بطلبــاتهم لشــغل تلــك الوظيفــة وبعــد ذلــك يقــوم األخصــائي ترتيــب هـؤالء األفـراد وفق ـاً لــدرجاتهم مــن
األعلى إلى األدنى ليتم تعيين الحاصرين على أعلى الدرجات ويترتب على ذلك:
وللتــدليل علــى األثــر الــذي تحدثــه الطريقــة العلميــة فــي حســن اختيــار الفــرد علــى زيــادة
اإلنتاج تبين فيما يلي مقارنة بين إنتاج أفراد أحد اختيارهم وأضرتين كـم تتبـع معهـم طريقـة مـا فـي
االختيار .كما يبين الجدول (. )32
الجدول ()36
المقارنة بين إنتاج العاملين المختارين وفق األسس العلمية والذين لم تستخدم طريقة علمية
انتاج من لم يتبع معهم طريقة ما انتاج المختارين بالطريقة العلمية الحرفة رقم
3.2ساعة إلكمال نفس العمل 2.2من الساعة إلكمال عمل ما أعمال النجارة 3
056
ويتضح من الجدول ( )32مقدار الزيادة من خالل مقارنة في اإلنتـاج لـدى األفـراد الـذين
اختيروا بالطريقة العملية عن الفريق لم تتبع معهم طريقـة فـي اختيـارهم ويمكـن أن نتوقـع ان يكـون
األف ـراد الــذين أحســن اختيــارهم أن يكون ـوا أكثــر أمن ـاً وزيــادة فــي التوافــق فــي عملهــم مــن المجموعــة
األخــرى .وال ــذين يتوق ــع له ــم االطمئنــان ف ــي االس ــتمرار ف ــي العمــل واحتم ــال قي ــام ص ــاحب العم ــل
بفصــلهم منــه وبالتــالي تظهــر علــيهم عالمــات ســوء التوافــق وأغ ـراض االضــطراب النفســي (الســيد
خيري.)3 – 0 :1220 ،
إنشاء وزارة للبيئة والصحة النفسية :ازدادت نسبة التلـوث فـي البيئـة فـي الهـواء والمـاء
نتيجة زيادة عدد السـيارات ونتيجـة إنشـاء كثيـر مـن الصـناعات كصـناعة الغـزل والنسـيج وصـناعة
بطاري ــات الس ــيارات والت ــي يترت ــب عل ــى ه ــاتين الص ــناعتين انتش ــار كثي ــر م ــن الغ ــازات سـ ـواء ف ــي
صـناعة الحريــر والتــي يـدخل فيهــا مــادة السـليلوز أو صــناعة بطاريــة السـيارة ويترتــب علــى تعــرض
العاملين في هذه الصناعات وغيرها لفترة طويلة استنشاق تلك الغازات مما يؤثر على خاليـا المـخ
ويؤدي إصابة بعض األماكن به وتسممه إلى وجـود خلـل فـي الوظـائف العقليـة كالـذاكرة واإلدراك.
ولـذا أنشــئت و ازرة البيئـة فــي مصـر للمحافظــة علــى الصـحة البدنيــة والعقليـة بالحــد مـن التلــوث مــن
خالل سن التشريعات التـي تجـرم السـلوك أو اإلجـراء الـذي مـن شـأنه أن يـؤدي إلـى التلـوث كإلقـاء
المخلفات الناتجة عن الصناعة في مياه النيل ،وضرورة أن تقوم المصانع بعمل الفالتر التي تقلل
مــن الــدخان أو العــادم المتصــاعد مــن مــداخنها كمـا فــي صــناعة األســمنت وكمــا فــي تطبيــق التأكــد
من عدم تجاوز عادم السـيارة عـن حـد معـين قبـل إعطـاء صـاحبها الرخصـة لسـيارته .ويسـهم الحـد
مــن التلــوث البيئــي فــي زيــادة توافــق النــاس فــي حيــاتهم نتيجــة عــدم إصــابتهم بــاإلمراض الجســمية
والعقلية.
ومــن الد ارســات التــي تشــير إلــى ذلــك تلــك التــي قــام بهــا محمــود أبــو النيــل عــن األمـراض
السيكوسـوماتيه فـي شـركتين صـناعيتين أحـدهما ترتفـع فيهــا نسـبة التلـوث كثيـ اًر وهـي شـركة الحديــد
والصلب واألخرى التي يقل فيها التلوث وهي شـركة النصـر لصـناعة السـيارات وفيمـا يلـي الجـدول
( )32يوضح نتائج هذه الدراسة على مجموعتين من العمال في هاتين الشركتين.
مستو الداللة عينة النصر للسيارات عينة الحديد والصلب األعراض السيكوسوماتيه رقم
ويتضح من نتائج الجدول ( )32بالنسبة لمقدار تأثير التلوث في شـركة الحديـد والصـلب
في زيادة األعـراض السيكوسـوماتيه لـديهم بالنسـبة للخـوف علـى الصـحة وأعـراض الجهـاز المعـدي
057
معــوي عــن مجموعــة النصــر للســيارات وذلــك كمــا يتضــح فــي زيــادة متوســط درجــات عينــة الحديــد
والصلب على تلك األعراض (محمود أبو النيل .)032 :1223 ،
إنشاء المدن الجديدة والصدحة النفسدية :يهـدف إنشـاء المـدن الجديـدة كمدينـة 2أكتـوبر
ومدينة العاشر من رمضان ومدينة 15مايو ومدينة السادات إلى اإلقالل من الكثافة السكانية في
المــدن األخــرى كمدينــة القــاهرة واإلســكندرية والتــي أصــبحت الخــدمات فيهــا مــن طــرق ومواصــالت
وميــاه وكهربــاء ومــدارس وجامعــات ال تتناســب مــع عــدد ســكان هــذه المــدن لــيس ذلــك فقــط بــل إن
الزحام والزيادة العددية لدى أفراد األسر في هذه المدن يسـاعد علـى نشـر كثيـر مـن صـور السـلوك
الالسـوي كالجريمــة والبغـاء وغيــر ذلــك مـن االضــطرابات النفسـية والعقليــة ولــذلك فـإن إنشــاء المــدن
الجديــدة يفــتح المجــال أمــام الشــباب لوجــود مســاكن صــحية كمــا يعمــل علــى اســتقطاب كثيــر مــن
األســر فــي المــدن القديمــة للعــيش فــي المــدن الجديــدة يتمتــع فيــه الســكان بمنــاخ صــحي يجــدون فيــه
أماكن للترفيه وممارسة الرياضة باألندية المختلفة.
إنشاء مكاتب تنظيم األسدرة والصدحة النفسدية :تقـوم الدولـة كـل عـام بإنشـاء كثيـر مـن ا
لمشروعات واقامة الصناعات الجديدة وذلك من أجل إيجاد وظائف جديـدة للخـريجين مـن المعاهـد
التعليميــة والجامعــات .إال أن مــا يترتــب علــى إقامــة تلــك المشــروعات والصــناعات مــن زيــادة فــي
نسبة التنمية تلتهما أوالً بأول تملك الزيادة السكانية .ولذلك أنشأت الدولة مكاتـب تنظـيم األسـرة بـل
وأطلقــت علــى و ازرة الصــحة أســماً جديــداً هــو و ازرة الصــحة والســكان والتــي يتبعهــا مكاتــب تنظــيم
األسرة والتي تساعد األسر على تنظيم نسلها في نطاق عدد معين مما يسـهل علـى الوالـدين تربيـة
أبنــائهم تربيــة ســوية وتعلــيمهم تعليم ـاً مناســباً يضــمن لهــم مســتقبالً ازه ـ اًر .واألس ـرة الصــغيرة يــنعم
أفرادها بدرجة عالية من التوافق النفسي االجتماعي والصحة النفسية ،وندرة وجود المشكالت التي
تهيئ المناخ للسلوك الالسوي بين األبناء.
إنشدداء محدداكم ل سددرة والصددحة النفسددية :أنشــأت مصــر فــي بدايــة عــام 0223محــاكم
لألس ـرة للنظــر فــي المشــاكل التــي تحــدث بــين الــزوج والزوجــة .وتتشــال مح ـاكم األس ـرة إلــى جانــب
القاضـ ــي مـ ــن األخصـ ــائي النفسـ ــي واألخصـ ــائي االجتمـ ــاعي لد ارسـ ــة كـ ــل الظـ ــروف التـ ــي ي ـ ـرتبط
بمشكالت االنفصال بين الزوجين أو الطالق بحيث ال يكون الفصل في ذلك متقص اًر على جانـب
واحد وهو القانون بل يوضع في االعتبار األحوال النفسـية واالجتماعيـة لكـل مـن الـزوجين ممـا قـد
يؤدي ذلك إلى خفض نسبة الطالق في األسرة نتيجة ما يقـوم بـه األخصـائي النفسـي واالجتمـاعي
من تعديل في اإلدراك للمشكلة التي بين الزوجين .ويترتـب علـى ذلـك الـدور الـذي تقـوم بـه محـاكم
األس ـرة إل ــى إعــادة التواف ــق ب ــين الــزوجين بم ــا يض ــمن لجميــع أفــراد األســرة واألبنــاء حي ــاة متوافق ــة
يتمتعون فيها بصحة نفسية جيدة.
تعيددين أخصددائي نفسددي فددي المدرسددة الثانويددة :قامــت مصــر فــي أواخــر القــرن العشـرين
بتعيين أخصائي نفسي في كل مدرسة ثانوية من خريجـي أقسـام علـم الـنفس بكليـات اآلداب وذلـك
نتيجة انتشار كثير من المشكالت الدراسية والنفسية واالجتماعية لدى تالميذ هذه المدارس .ويقـوم
األخصـ ــائي النفسـ ــي فـ ــي المدرسـ ــة بـ ــدور وقـ ــائي وعالجـ ــي ويتمثـ ــل الـ ــدور الوقـ ــائي فـ ــي مسـ ــاعدة
المسؤولين على الوقوف على المشكالت الدراسية والنفسية واالجتماعية والسلوكية المحتمل أن يقع
058
فيهــا التالميــذ لكــي تق ــوم إدارة المدرســة باتخــاذ القـ ـ اررات التــي تســاعد علــى ع ــدم الوقــوع فــي تل ــك
المشكالت ويستفيد األخصائي في تشخيصه لهذه المشكالت بقيامه بعمل الدراسات المسحية على
التالميذ باستخدام االختبارات النفسية التي تحدد له التالميذ المستهدفين للوقع في اضطراب معـين
بــاقتراب درجــاتهم علــى هــذه االختبــارات مــن درجــة االس ـواء النفســي .كم ـا يتمثــل الــدول العالجــي
لألخص ــائي النفس ــي المدرس ــي ف ــي تق ــديم اإلرش ــاد أو الع ــالج النفس ــي للتالمي ــذ ال ــذين يش ــكون م ــن
اضطرابات نفسية أو لديهم مشاكل حولتهم اإلدارة نتيجة ذلك إلى األخصائي النفسي لعلـم الد ارسـة
الالزمــة علــيهم تمهيــداً لعالجهــم بالتعــاون مــع الفريــق المدرســي مــن مــدرس وأخصــائي اجتمــاعي
وطبيــب .وال شــك أن قيــام مصــر بتقــدم هــذه الخدمــة فــي المدرســة الثانويــة بالتالميــذ الــذين يمــرون
بمشكالت المراهقة في هـذه السـن سـيؤدي إلـى خفـض نسـبة التالميـذ المشـكلين والمضـطرين نفسـياً
مما يزيد من نسبة التوافق والصحة النفسية لدى هؤالء التالميذ في المدارس الثانوية.
عددالج أسددرة المددريض النفسددي :أنشــأت الدولــة فــي مصــر كثيـ اًر مــن المستشــفيات ودور
االستشــفاء النفســي والتــي يقــيم فيهــا المرضــى النفســيون ط ـوال فت ـرة عالجهــم بهــا وترعــاهم الدولــة
ويتعهــ ــدهم األطبــ ــاء واألخصــ ــائيون النفســ ــيون واالجتمــ ــاعيون بتق ـ ــديم ال ـ ــدواء والمش ـ ــورة النفسـ ـ ــية
واالجتماعيــة والطبيــة حتــى يتمــاثلوا للشــفاء ويرجعــون إلــى أســرهم إال أنــه وجــد أن كثي ـ اًر مــن ه ـؤالء
المرضى يعودون مرة أخرى للمستشفى نتيجة عودة األعراض المرضية النفسية فترة أخرى.
ولق ــد وج ــد المع ــالجون واألخص ــائيون واألطب ــاء النفس ــيون أن المـ ـريض يع ــود بع ــد ش ــفاؤه
بالمستشفى إلى نفس البيئة التي أسهمت بصـورة مـا وفـي وجـود المـرض النفسـي لديـه ،و أروا نتيجـة
ذلــك أن مــن الضــروري تغيــر هــذه البيئــة والتــي تشــتمل علــى الوالــدين بوجــه خــاص وذلــك بتقــديم
اإلرشاد والعالج النفسي للوالدين من خالل تغيير اتجاهاتهم نحو المرض النفسي واكسابهم الطرق
والوسائل الفعالة في كيفية معاملة ابنهم المريض معاملة سوية بعد خروجه من المستشفى وال شك
أن عالج أسرة المريض النفسي حتى يمكن أن تستقبل إنها بعد خروجـه مـن المستشـفى باتجاهـات
إيجابية تساعد على دعم السلوك السوي لديه يقلل من نسبة المرضى العـود إلـى المستشـفى ويرفـع
من نسبة السواء النفسي والصحة النفسية في المجتمع.
التعليم المفتوح والصحة النفسدية :يصـاب اإلنسـان بالفشـل واإلحبـاط وتضـطرب حالتـه
النفسية إذا لم يستطع أن يحقق أماله وطموحاته في مجاالت الحياة المختلفـة وذلـك لوجـود عقبـات
في طريقه لم يكن قاد اًر على مواجهتها أو إيجاد حلول لها في أي مرحلة من مراحل حياته.
ولقــد قامــت الدولــة فــي مصــر فــي الســنوات األخي ـرة مــن القــرن العش ـرين بافتتــاح التعلــيم
المفتوح إلتاحة الفرصة لكثير من العاملين في الدولة الحاصلين على الثانوية في التعليم والذين لم
يستكملوا تعليمهم الجامعي والذين لم يتح لهم ذلك في حينه.
059
والتــوتر واإلحبــاط لديــه بتحقيقــه لهــدف اســتكمال تعليمــه الجــامعي ،والثــاني أنــه مــن خــالل التعلــيم
المفتــوح ســترتفع مهــارات الفــرد العلميــة والعمليــة والمعرفيــة وبالتــالي ســينتقل أثــر ذلــك علــى عملــه
فتزداد كفاءته اإلنتاجية ومن خالل ما سبق يمكن القول أن من خـالل التعلـيم المفتـوح نسـتطيع أن
نتوقــع زيــادة األف ـراد والمت ـوافقين نفســياً واجتماعي ـاً فــي المجتمــع مــن تلــك الش ـريحة التــي لــم تكــن قــد
أكملت دراستها الجامعية ،وتلتحق به لتحقيق طموحاتها.
إنشدددداء الخددددط السدددداخن للمدددددمنين والصددددحة النفسددددة :يعتب ــر إدمـ ــان المخ ــدرات مـ ــن
المشكالت التي يعاني منها المجتمع النتشاره بين كثير مـن الفئـات خاصـة الشـباب ،وتبـذل الدولـة
الكثي ــر م ــن المجه ــودات لع ــالج الم ــدمنين .وذل ــك م ــن خ ــالل اإلدارة العام ــة لمكافح ــة المخ ــدرات،
والجمعية المركزية لمنع المسكرات ومكافحـة المخـدرات وأنديـة الـدفاع االجتمـاعي .وقـد قـام المركـز
القــومي للبح ــوث االجتماعيــة والجنائي ــة بإنشــاء الخ ــط الســاخن لمس ــاعدة المــدنيين وتق ــديم النص ــح
واإلرشاد من خالل خطوط تليفونية يعمل عليها أخصائيون نفسـيون لمـدة 03سـاعة يتغيـرون كـل
فترة عمل على مدى اليوم وقد تم تـدريب االخصـائيون النفسـيين علـى كيفيـة تقـديم الخدمـة النفسـية
والتــي أعلــن المركــز عنهــا .ويتلقــى االخصــائيين عبــر الخــط الســاخن المكالمــات التــي تــأتيهم مــن
المـواطنين ويقومــون بــالرد علــى استفســاراتهم التــي تتعلــق بتــورطهم فــي التعــاطي وذلــك دون معرفــة
بأسمائهم حتـى يمكـنهم التحـدث بصـراحة عـن شـكواهم فيسـتطيع األخصـائي أن يتعـرف مـن خـالل
الحــديث التليفــوني علــى أبعــاد مشــكلته وظروفــه المحيطــة بالتعــاطي وآثــار التعــاطي علــى صــحته
الجسمية والعقلية ،فيجيـب بالتـالي علـى أسـئلته ويعـرض مـن خاللهـا عليـه العـون والـذي يكـون مـن
بينه ــا اللج ــوء للع ــالج بالمص ــحات والت ــي يك ــون الم ــدمن ف ــي الع ــادة ال يع ــرف عنه ــا ش ــئياً بالنس ــبة
ألماكنهــا وبالنســبة لترتيبــات الــدخول وتكــاليف العــالج وأنــه ســيكون أمنــا فــال يــتم القــبض عليــه إذا
تقدم بنفسه للعالج وبهذه الخدمة التـي يقـدمها الخـط السـاخن ورغبـة المـدمن فـي تلقـى هـذه الخدمـة
طواعية يؤدي إلى إعادة التوافق النفسي واالجتماعي والصحة النفسية للمدمنين وبهذا يلعب الخط
الساخن درواً كبي اًر في انتشار الصحة النفسية والتوافق في المجتمع وعلى المستوى الرسـمي أيضـاً
قام مجلس الوزراء إلى جانب المركز القومي للبحـوث االجتماعيـة والجنائيـة بإنشـاء الخـط السـاخن
في صندوق مكافحة وعالج اإلدمان والتعاطي ويوجه في إعالناته نداء إلى اآلباء واألمهات على
النحو اآلتي:
عزيزتي األم...........؟
عزيزي األب..........؟
من أجل حفظ ابنك أو ابنتك من الوقوع في دائرة اإلدمان نرجو أن تالحظ هذه التغيـرات
التي تط أر على من يقع في هذه الدائرة الجهنمية.
-1تغير سلوكيات االبن حيث يصبح أكثر انفعاالً وانـدفاعاً فـي تصـرفاته مـع اللجـوء للكـذب
عند محاولة مواجهته.
-0اصفرار وشحوب بالوجه ،مع تغير لون العينيين حيث يزداد احمرارهما.
-3فقدان الشهية والهزل ،ونقص الوزن بدرجة ملحوظة.
061
تغير مواعيد العودة من المؤسسة التعليمية أو من العمل للمنزل. -3
تغير مواعيد النوم ،وكثرة الشكوى من الدوار والغثيان ورغبة األطراف. -5
تكرار فقدان بعض األشياء الثمينة واألموال من المنزل. -2
تغير األصدقاء القدامى ،وظهور أصدقاء في جدد في حياة الشباب أو الفتا. -2
إذا كنت أصبت بلعنة المخدرات ،أو إذا كان أحد أفـراد اسـرتك أو قريبـك أو صـديقك قـد
أصيب بها فاتصل فو اًر بالخطر السـاخن 3231232 -3251231اتصـل بـدون تـردد فـي سـرية
تامه بالخط الساخن " خبراء المشورة"
وفكـ ـرة الخ ــط الس ــاخن ال تقتص ــر عل ــى ح ــاالت اإلدم ــان ب ــل تمت ــد لك ــل ص ــورة الس ــلوك
الالسوى وقد أنشأ عدد من المعالجين النفسيين في عياداتهم الخاصة هذا الخطر.
تصددنيف التالميددذ فددي المراحددل الدراسددية وفقد ا لقدددراتهم والصددحة النفسددية :مــن منطلــق
مبـدأ الفـروق الفرديـة بـين النـاس وأنهـم يختلفــون فيمـا يمتلكـون مـن قـدرات ذهنيـة وبدنيـة وتحصــيلية
وأنهـم يختلفـون فـي الميــول واالهتمامـات وأنـه كلمـا تــم توزيـع التالميـذ فـي نهايــة كـل مرحلـة د ارســية
إلى المرحلة التالية وفقاً لمستوى تحصيلهم والذي يعكس في الغالب النتاج النهائي لمستوى ذكائهم
وميــولهم وقــدراتهم العقليــة كلمــا ضــمناً زيــادة تـوافقهم النفســي واالجتمــاعي ولــذلك تقــوم الدولــة وو ازرة
التربية والتعليم بعد حصول التالميذ علـى شـهادة المرحلـة اإلعداديـة يـتم تـوزيعهم علـى نـوع التعلـيم
المناســب لمســتوى تحصــيلهم فالتالميــذ الحاصــلون علــى درجــات عاليــة يلحقــون بــالتعليم الثــانوي ثــم
الفن ــي والتج ــاري والز ارع ــي وهك ــذا .وتوزي ــع التالمي ــذ وفقـ ـاً لمس ــتواهم التحص ــيلي عل ــى اعتب ــار أن ــه
محصــلة عمليــات التفكي ـر واإلدراك والــذاكرة وكــذلك الميــول ال شــك أنــه ســيزيد مــن ت ـوافقهم النفســي
واالجتماعي وسيساعد على نشر الصحة النفسية في جانبها اإليجابي لدى هـؤالء التالميـذ إذ أنهـم
يلتحقــون بنــوع التعلــيم الثــانوي المناســب لقــدراتهم الد ارســية تطبيق ـاً لمبــدأ الفــروق الفرديــة مــن جهــة،
ومــن جهــة أخ ـرى ســيتلقى التلميــذ فــي نــوع التعلــيم الــذي وزع لــه (ثــانوي ،فنــي ،ز ارعــي ،تجــاري)
مجموعة المواد والمناهج التي تتناسب مع قدراته فيواصل التقدم فيها دون فشل أو إحباط.
تصنيف المجنددين بدالقوات المسدلحة ل سدلحة المختلفدة والصدحة النفسدية :للعمـل فـي
أســلحة الق ـوات المســلحة متطلبــات نفســية وعقليــة تختلــف مــن ســالح ألخــر فــالفرد والــذي يجنــد فــي
سالح الطيران وما به من طائرات شديدة التعقيد وأسلحة متقدمـة غيـر الفـرد الـذي يجنـد فـي سـالح
المشاة والذي يتعامل مع أسلحة أقل تعقيداً لكنها في نفـس الوقـت تمكنـه مـن السـيادة علـى األرض
وهكذا يختلف كل سالح من حيث الواجبات والمسئوليات المتطلبة في الفرد الذي يلتحق به ولذلك
تقوم شعبة االنتقاء والتوجيه في كـل جيـوش العـالم بقيـاس القـدرات العقليـة والمهـارات الحركيـة لـدى
المتقدمين للتجنيد بالقوات المسـلحة .ويـتم بعـد ذلـك تصـنيفهم لألسـلحة المختلفـة وفقـاً لتلـك القـدرات
وتوزيع الجنود حسب مستوى ذكائهم وقدراتهم يزيـد مـن أدائهـم وكفـاءتهم القتاليـة وبالتـالي بزيـد مـن
تـوافقهم النفســي واالجتمــاعي خــالل فت ـرة التجنيــد .واســتخدام االختبــارات النفســية فــي توزيــع الجنــود
060
يــؤدي إلــى رفــع الــروح المعنويــة لــديهم لشــعور كــل جنــدي بأنــه قــد التحــق فــي الســالح الــذي يحبــه
ويناسب مواهبة وقدراته.
خاتمه:
ويسبق تطبيق هذه اإلجراءات توفير المتخصصين في مجال علم النفس خاصـة ،وتعـين
األخص ــائي النفس ــي ف ــي المدرس ــة اإلعدادي ــة والثانوي ــة ب ــل وف ــي كلي ــات الجامع ــة للقي ــام بمس ــؤولية
عمليـات اإلرشـاد والتوجيـه ،وكـذلك أن يكــون فـي كـل شـركة مــن شـركات الصـناعة أخصـائياً نفســياً
لكــل خمســمائة موظــف وعامــل وأن تنتشــر مكاتــب التوجيــه للــزواج والتوجيــه لنــوع التعلــيم والتــدريب
المهني واإلداري وأن يكون من بين القائمين على هذه المكاتب أخصائياً نفسياً مسؤوالً عن تطبيق
اختب ــارات عل ــم ال ــنفس ومس ــؤوالً ع ــن عملي ــات اإلرش ــاد والتوجي ــه واالختب ــار إل ــى جان ــب الطبي ــب
والطبيب النفسي السيكاتري واألخصائي االجتماعي.
األسئلة:
مصددادر تعلدديم أخددر :أفددالم عددن تددأثير التلددوث فددي الجهدداز العصددبي وأفددالم عددن تددأثير
اإلدمان.
مراجع الفصل الثامن
-1الســيد محم ــد خي ــري ( – )1220االختي ــار المهنــي – و ازرة الص ــناعة – مص ــلحة الكفاي ــة
االنتاجية والتدريب المهني – المطابع األميرية – القاهرة.
-0سيد محمد غنيم ( – )1225سيكولوجية الشخصية – النهضة العربية.
-3عماد الدين اسماعيل ( – )1222الشخصية والعالج النفسي – النهضة العربية– .
القاهرة.
-3محمود أبو النيل ( – )1223االمراض السيكوسوماتية – المجلد الثاني – دار النهضة
العربية – بيروت.
062
المراجع العامة للكتاب
أحمد عبد اهلل محمد السعيد ( )1222دراسة لبعض النواحي النفسية لمتعاطي الحشيش بمنطقة -12
الرياض – مجلة علم النفس – الهيئة العامة للكتاب.
أحمد عزت راجح ( )1221علم النفس الصناعي – المطبوعات الحديثة اإلسكندرية. -12
أحمد عزت راجح ( – )1225أصول علم النفس – مطبعة جامعة اإلسكندرية. -12
لمكافحة أحمد عكاشة ( )1223الوقاية من الدرجتين الثانية والثالثة في الندوة القومية -02
وعالج اإلدمان – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان – القاهرة.
أمال عبد الحليم ( – )1221عالقة االضطرابات السيكوسوماتيه بأحداث الحياة ووجه الضبط -01
دراسة مقارنة لحاالت مرضى ضغط الدم والقرحة المعدية – رسالة ماجستير غير منشورة بكلية
اآلداب جامعة عين شمس.
بدر األنصاري ( )1222الشخصية المستهدفة لإلصابة بالسرطان في :مجلد البحوث العلمية -00
المقدمة للمؤتمر األول حول مرض السرطان بين الحقيقة والوهم – الكويت – الجمعية الكويتية
لمكافحة التدخين والسرطان.
براون أ – .تأليف – سيد محمد خيري وآخرون – ترجمة ( – )1252علم النفس االجتماعي في -03
الصناعة – دار المعارف – القاهرة.
براون أدوراد – تأليف ،أحمد شوقي حسن – ترجمة ( )1222الطب العربي – األلف كتاب، -03
مؤسسة سجل العرب بإشراف إبراهيم عبده – القاهرة.
جالل عبد العال ( )1222دراسة للعوامل النفسية التي تكمن وراء جريمة القتل عند القاتالت – -05
مجلة علم النفس – العدد الثاني – الهيئة العامة للكتاب.
جمعة سيد يوسف ( )1223تدرب األخصائيين النفسيين اإلكلينيكيين لمواجهة مشكلة تعاطي -02
المخدرات في الندوة القومية لمكافحة المخدرات وعالج اإلدمان – المجلس القومي لمكافحة
وعالج اإلدمان – القاهرة.
الجمعية المصرية للطب النفسي ( )1222الدليل العصري لألمراض النفسية-القاهرة. -02
حسن الساعاتي وعبد المنعم المليجي ( – )1222محاضرات غير منشورة في الصحة النفسية -02
– قسم الدراسات النفسية واالجتماعية (فرع الدراسات النفسية) – كلية اآلداب جامعة عين
شمس.
حسن الفنجري ( – )1222العدوان لدى األطفال دراسة مقارنة في الريف والحضر – مجلة علم -02
النفس – العدد الخامس – الهيئة العامة للكتاب.
الحسين عبد المنعم ( – )1223االتجاه العام النتشار المواد النفسية بين الطالب – الندوة -32
القومية لمكافحة المخدرات – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان.
حسين فايد ( )1220دراسة مقارنة لديناميات شخصية متعاطي الهيروين ومتعاط الحشيش – -31
رسالة ماجستير غير منشورة ببداب عين شمس .
خالد عبد المحسن بدر ( )1223العالقة بين تعاطي المواد النفسية واالضطراب النفسي – الندوة -30
القومية لمكافحة المخدرات – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان.
دبو بولد فان والين – تأليف – محمد نبيل نوفل وآخرون – ترجمة ( – )1222مناهج البحث -33
في التربية وعلم النفس – األنجلو – القاهرة.
063
رشاد عبد العزيز ( )1222النوع كمحدد سلوكي في االكتئاب النفسي دراسة عاملية – مجلة علم -33
النفس العدد ( )11الهيئة العامة للكتاب.
سامي عبد القوي ( )1222خصائص الشخصية المرتبطة بتدخين السجائر دراسة في الفروق -35
بين الجنسين لدي طالب الجامعة– رسالة ماجستير ببداب عين شمس.
سامى عبد القوي ( – )1225علم النفس الفسيولوجي – مكتبه النهضة المصرية – القاهرة. -32
سوزان ايزاكس ( – )1251تأليف – محمد محتار المتولي وآخرين – ترجمة – الطفل في -32
المدرسة االبتدائية – سلسلة كلية المعلمين بإشراف اسماعيل القباني – لجنة التأليف والترجمة –
القاهرة (.)1222
السيد محمد خيري ( )1252الصحة النفسية في الصناعة – مجلة الصحة النفسية – العدد -32
(.)1
السيد محمد خيري ( – )1220االختيار المهني – و ازرة الصناعة – مصلحة الكفاية االنتاجية -32
والتدريب المهني – المطابع األميرية – القاهرة.
سيد محمد غنيم ( – )1225سيكولوجية الشخصية – النهضة العربية. -32
صبري جرجس ( – )1252االنفعال والمرض العضوي – مجلة الصحة النفسية – مجلد ()1 -31
العدد (.)0
صالح مخيمر ( – )1222مفهوم جديد للتوافق – مكتبة األنجلو المصرية. -30
ظريف شوقي ( )1220اآلثار النفسية للعقوبات سالبة الحرية المركز القومي للبحوث -33
االجتماعية والجنائية.
عبد الرحيم بخيت عبد الرحيم ( – )1222الدالالت اإلكلينيكية الستجابات مدمن المخدرات -33
(دراسة حالة) – مجلة علم النفس العدد ( )3الهيئة العامة للكتاب.
عبد السالم عبد الغفار ( – )1222مقدمة في الصحة النفسية -دار النهضة العربية. -35
عبد المنعم المليجي ( – )1252خبراء النفوس – مكتبة مصر الفجالة – القاهرة. -32
عماد الدين اسماعيل ( – )1222الشخصية والعالج النفسي – النهضة العربية – .القاهرة. -32
عمر السيد الشوربجي ( )1222أخطار اكتئاب األم على الطفل – مجلة علم النفس العدد ()3 -32
الهيئة العامة للكتاب القاهرة.
عمر شاهين ( )1222الطب النفسي الجسمي – مجلة الصحة النفسية – الجمعية المصرية -32
للصحة العقلية – القاهرة.
فؤاد البهي السيد ( – )1221علم النفس اإلحصائي وقياس العقل البشري – دار الفكر العربي. -52
فتحي السيد عبد الستار ( – )1220سيكولوجية األطفال غير العاديين (الجزء الثاني) – دار -51
القلم – الكويت.
فرج طه – علم النفس والمدرسة – في كتاب علم النفس وقضايا العصر لفرج طه – مكتبة سعيد -50
رافت – القاهرة.
فرج طه ( – )1222سيكولوجية العامل المشكل في الصناعة – دكتوراه غير منشورة قدمت -53
آلداب عين شمس.
الكتاب السنوي لإلحصاءات العامة في ج.م.ع – الجهاز المركزي لإلحصاء – القاهرة. -53
064
كوفيل وآخرون ( – )1222تأليف – محمود الزيادي – ترجمة علم النفس الشواذ – دار النهضة -55
العربية.
كوفيل وزمالؤه ( – )1222تأليف – محمود الزيادي – ترجمة – الصحة النفسية – مكتبة -52
األنجلو المصرية – القاهرة.
لورانس شافر – تأليف – يوسف مراد – ترجمة بإشراف ( )1255علم النفس المرضي -52
واالضطرابات الصغري – في كتاب ميادين علم النفس – المجلد األول – دار المعارف
القاهرة.
لورانس شافر ( – )1255تأليف – علم النفس المرضي واالضطرابات الصغري في كتاب -52
"ميادين علم النفس" تأليف بإشراف جيلفورد – وترجمة بإشراف يوسف مراد – المجلد األول –
دار المعارف.
مايسة أنور المفتي ( )1225دراسة مقارنة ألداء المصابين والمنجوليزم واألطفال المصابين -52
بتلف في المخ على بعض االختبارات السيكولوجية – رسالة دكتوراه ببداب عين شمس.
متغسل ملتن ( )1252تأليف – رياض عسكر – ترجمة – وجهة تظر التكيف مع البيئة – في -22
ميادين علم النفس – المجلد الثانى.
مجدى السيد على ( – )0220قدرة االختبارات النفسية الحركية على التمييز بين الفئات -21
اإلكلينيكية باختبار الشخصية المتعدد األوجة -دراسة على طالب جامعة أسيوط – رسالة
دكتوراه غير منشورة قدمت لكلية اآلداب جامعة أسيوط تحت إشراف محمود أبو النيل.
مجدي رزق ( )1225دراسة عن آثر تعاطي اآلباء للمخدرات علي الصحة النفسية والتنشئة -20
االجتماعية لألبناء – رسالة دكتوراه ببداب عين شمس.
محمد خيري محمد على ( )1222الهجرة والجريمة في كتاب علم النفس االجتماعي في البالد -23
العربية – إعداد لويس كامل – الهيئة العامة للكتاب.
محمد شعالن ( – )1222االضطرابات النفسية في األطفال – الجهاز المركزي للكتب -23
الجامعية.
محمد صالح الدين مجاور وآخرين ( – )1222سيكولوجية القراءة – دار النهضة العربية – -25
القاهرة.
محمد عماد الدين إسماعيل ( – )1252الشخصية والعالج النفسي – النهضة العربية – -22
القاهرة.
محمود أبو النيل ( )1225علم النفس االجتماعي – دار النهضة العربية – بيروت. -22
محمود أبو النيل ( )1221اإلدمان محاضرة ألقيت ضمن برنامج تدريب الضباط بكلية شرطة -22
دبي.
محمود أبو النيل ( – )1223االمراض السيكوسوماتية – (المجلد الثاني) – دار النهضة العربية -22
– بيروت.
محمود أبو النيل ( – )1223األمراض السيكوسوماتية (المجلد األول) – مكتبة النهضة العربية -22
– بيروت.
محي الدين أحمد حسين ( – )1222التنشئة األسرية واألبناء الصغار – الهيئة المصرية العامة -21
للكتاب.
065
محي الدين أحمد حسين ( )1223إعادة التأهيل والدمج االجتماعي لمتعاطي المخدرات ،في: -20
الندوة القومية لمكافحة المخدرات وعالج اإلدمان – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان –
القاهرة.
مصطفى زيور ( )1235فصول في الطب السيكوسوماتي مجلة علم النفس – يونيو – القاهرة. -23
مصطفى سويف ( – )1222علم النفس الحديث – األنجلو المصرية. -23
منى أبو طيرة ( )1222عالقة االضطرابات السيكوسوماتيه بالشخصية والتنشئة االجتماعية لدى -25
طالب الجامعة – رسالة دكتوراه غير منشورة – كلية اآلداب – جامعة عين شمس.
نجالء سليمان ( )0222سيكولوجية البدائية وعالقتها بالشخصية في ضوء الفروق بين الجنسين -22
– رسالة ماجستير غير منشورة – بكلية اآلداب – جامعة المنوفية.
نيفين زيور ( – )1222دراسة متعمقة في ديناميات التبول الال ارادي – مجلة علم النفس – -22
الهيئة العامة للكتاب – العدد العاشر – القاهرة.
هانم علي ابراهيم الشبيني ( )1225السلوك المشكل لدى أطفال ما قبل المدرسة وعالقته ببعض -22
المتغيرات األسرية – رسالة ماجستير غير منشورة بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين
شمس.
هبة اهلل أبو النيل ( – )0220الفروق في أنماط أسلوب الحياة بين بعض فئات مرضى -22
االضطرابات السيكوسوماتيه – رسالة دكتوراه غير منشورة – قدمت بكلية اآلداب – جامعة عين
شمس.
هبه أبو النيل ( )1222العالقة بين أسلوب الحياة واالستهداف لتعاطي المواد النفسية المؤثرة في -22
األعصاب لدي طلبه الجامعة رسالة ماجستير غير منشورة كلية اآلداب – جامعة القاهرة.
هند طه ( )1223الوقاية األولية معناها واجراءاتها ،في :الندوة القومية لمكافحة المخدرات -21
وعالج اإلدمان – المجلس القومي لمكافحة وعالج اإلدمان – القاهرة.
والتركوفيل وآخرون – تاليف – محمود الزيادي – ترجمة ( – )1222دار النهضة العربية. -20
وليم مننجز منروليف – تاليف – محمد أحمد غالي – ترجمة ( )1222أضواء الطب النفسي -23
على الشخصية والسلوك – القاهرة الحديثة.
يوسف كرم ( – )1252تاريخ الفلسفة اليونانية – لجنة التأليف والترجمة والنشر – القاهرة. -23
يوسف مراد ( – )1253مبادئ علم النفس العام – دار المعارف – القاهرة -25
066
86- A new survey of universal knowledge encyclopedia, William
Benton, Vol. 18.
87- Bardon Jackl. (1982) The future of school psychology Journal of
professional Psychology, vol 13 N.6.
88- Brown i.s., social psychology and group process, annual review of
psychology & cp. Stone editor.
89- Brown roger (1965), social psychology collier macmillan limited
london.
90- Carrol H.C.M. (1977) Absence From secondary school, occasional
papers of the Division of education and child. Psychology of the
British psychological society Twelve – Summer>
91- Clar, David Stafford (1959) Psychiatry to day,
Apelican Book. London.
92- Contrad, r.j., leventhal H.O. leary A., (1990), personality and health:
L.A. persin (Eds) handbook of personality theory and research, new
york> Guilford press.
93- Cornwall K.F. (1974) Post - experience Training and specialization,
occasional papers of the division of education and child psychology
of the British psychology society, Five – spring.
94- Daws perter. (1967) Pupil counseling Anew element in the guidance
provision for children occasional Papers of the division of
educational and child psychology of the British psychological
society, Eleven-Autumn.
95- Driskeil games F. & O'msted Beckett, (1989) psychology and
Military Research Applications and Treads, American
psychologist, January.
96- Eysenck, H. J. (1967) Sense & Nonsense in psychology, Penguin
Book, London.
97- Fawcett R. (1974) some desirable New Emphases in the training of
education of educational psychologists occasional papers of the
division of educational and child psychology of the British
psychological society, Five-Spring.
98- Feder Carol Z. (1968), relationship Between self-Acceptance
and adjustment, repression sensitization and social competence
Journal of Abnormal psychology, Vol. 73, N4.
067
99- Gambberai Francsco (1992), Monitoring for health in
the Workers environment: Beyond pathology and occupational
Disease, applied psychology an interracial review, 41.
100- Gatcel, R.L., (1993) psychophysiological disorders, past an present
perspective, in: gatchel, R.J. & Blanchard, E.B.(Eds)
psychophysiological disordes, amcriacn psychological association
(APA) first edition .
101- Gilmer B. Von Haller (1960), Industrial psychology, Mc Grow Hill
Book Comp. New York.
102- Gilmer B.von Haller (1961), Industrial psychology, Me Graw
Hill Book Comp. New York.
103- Hoffman Louise E. (1992), American psychologist and wartime
research of Germany: 1941 - 1945, American psychologist, Vol.
47, No
104- Irgren Andres & Serber Andrea (1992) psychologist Approaches in
Neurotoxichology: some introductory Remarks, Applied
psychology: An international Review.
105- John spark (2004) World Health organizing, National
Institute of mentai health, from: News Week, 2004, 22 June,
N.210.
106- La bon Don (1977) A field work program for trainee educational
psychologist, occasional paper of the division of educational and
child psychology of the British psychological society, Five-Spring.
107- Laird Ronald & -Laird Eleanor, (1958) practical business
psychology, Me Graw Hill, New York
108- Larid Donald & Lawird Eleanor (1950), Practical Business
psychology, Mc Grow Hill Book Comp. New York.
109- Lindgren H.C.P. Byme of L. (1968), An introduction to a behavioral
Acience Joney son. London.
110- Marrow, Alfred (1957), Making management Human, Mc Grow
Hill Book Comp. New York.
111- Philips C.J., (1974) Report on A questionnaire on the training of
educational and child psychology of the British psychological
society, Five-Spring.
112- Pincherel G., Mortality of Members of parliament, British Journal of
preventive of social Medicine, Vol. 23, N.2.
068
113- Proshansky, Harold & Seidenberg (1970), basic studies in social
psychology, holt rinehart and wiston, London.
114- Rosenman. R.H., Chesny., M.A. (1982), stress type (A) behavior
and coronary disease in Goldberger leo, breznitag. Sholomo (Eds)
handbook of stress theoretical and clinical aspects, new york.
Macmillan, P. Co Inc.
115- Santrock,j., (2000), psychology, new york Mc grow hill, six edition .
116- Sherdan C. radmacher, S. (1992) health psychology, canda john
wiley &sons inc.
117- Wayner L., Cox T.& mackay C.(1979) " stress immunity and cacer"
in : obrone D.j. etal., (Eds) research in psychology and medicine,
physical aspects: pain, stress, diagnosis and organic damage,
London: academic dress.
118- Weiss Edward & English O., Spurgeon, (1950), Psychosomatic
Medicine, W. W. B. Saunder, London.
119- Wolman, B.B (1988), psychosomatic disorders, London: plenum
medical book company.
120- Woodworth robert & marquis donald g. (1974) psychology, henry
holt & company.
069