You are on page 1of 84

‫المحتويات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫‪5‬‬ ‫احملتويات‬
‫‪7‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪9‬‬ ‫أشعر باخلجل‪ . . .‬ال أستطيع املواجهة‬
‫‪12‬‬ ‫اضطراب الوسواس القهري ‪2-1‬‬
‫‪14‬‬ ‫اضطراب الوسواس القهري ‪2-2‬‬
‫‪17‬‬ ‫البكترييا والصحة النفسية (املايكروبيوتا)‬
‫‪21‬‬ ‫التباعد االجتماعي واالنعزال االجتماعي‬
‫‪24‬‬ ‫التغذية العصبية الراجعة‬
‫‪26‬‬ ‫الشخصيات السامة‬
‫‪29‬‬ ‫الشخصيات املنتجة وغري املنتجة‬
‫‪31‬‬ ‫الشخصية النّرجسية‬
‫‪34‬‬ ‫أنواع اضطراب الشخصية النرجسية‬
‫‪37‬‬ ‫الصيام املتقطع‬
‫‪40‬‬ ‫الطعام والصحة النفسية‬
‫‪42‬‬ ‫القهم العصيب‬
‫‪45‬‬ ‫النهم العصيب‬
‫‪47‬‬ ‫سيجموند فرويد (‪)1939-1856‬‬
‫‪52‬‬ ‫علم النفس اجملهري‬
‫‪54‬‬ ‫فيتامني د‬
‫‪57‬‬ ‫كيف نربي النّرجسية يف أبنائنا؟‬
‫‪60‬‬ ‫مفاهيم مبسطة عن مضادات االكتئاب‬
‫‪63‬‬ ‫نصائح صحية ونفسية ملواجهة القلق املتعلق بفريوس كورونا املستجد (كوفيد‪)19-‬‬
‫‪68‬‬ ‫هل ميكن أن يساعد الغذاء يف عالج الصدمات النفسية؟‬
‫‪71‬‬ ‫املثلية اجلنسية‬
‫‪75‬‬ ‫املرونة النفسية‬
‫‪80‬‬ ‫مفاهيم خاطئة حول التنفس‬

‫‪5‬‬
‫المقدمة‬
‫اهتم علم النفس منذ بداياته مبعرفة مكنونات العقل الباطن‪ ،‬وكيفية عمل كل جزء من الدماغ‬
‫ودراسة سلوكياتنا اليت نقوم بها بشكل يومي ومشاعرنا اليت دائماً ما نوجهها حنو ما نظن أنه درب‬
‫السعادة والرضى لكنها ختذلنا بعض األحيان‪ ،‬وسبب اختالف ردود األفعال من شخص آلخر واملبالغة‬
‫أحياناً فيها وعالقتها بنوعية ومنط الشخصية‪ ،‬وطعامنا الذي نتناوله بشكل غريزي ودوره الكبري يف‬
‫التأثري على احلالة املزاجية‪ ،‬وكم التفاعالت الكيميائية اهلائلة اليت يسببها داخل اجلسم‪.‬‬

‫كل ذلك وغريه من األسئلة اليت سبقنا إليها أطباء وعلماء النفس قدمياً وحديثاً‪ ،‬وها حنن ذا نقوم‬
‫مبناقشتها من جديد‪ ،‬حيث قام الدكتور خالد العويف مشكوراً بإعداد هذا العمل الذي صاغه يف‬
‫قالبٍ ممتعٍ مبسط‪ ،‬بعيداً عن تعقيدات املصطلحات الطبية حتى يتمكن اجلميع من مشاركتنا هذا‬
‫العمل القيّم‪ .‬ولكن ورغم احلرص على عدم اخلوض يف تفاصيل املسائل الطبية مل يفقد احملتوى قيمته‬
‫العلمية‪ ،‬ولنا القول أنه استطاع أن يقوم بالسهل املمتنع‪ ،‬حيث أوصل ما هو مفيد ضمن صياغة ميسرة‪،‬‬
‫وهو ما حرص املركز الوطين لتعزيز الصحة النفسية على تقدميه ضمن أسلوب راقٍ حماكٍ حلياتنا‬
‫اليومية‪ ،‬وذلك ضمن اخلطة اليت انتهجها املركز حنو نشر املعرفة املستندة إىل العلم احلديث حول‬
‫كل ما يهم شؤون الصحة العقلية للفرد واجملتمع‪ ،‬مبا يروي ظمأ كل متعطش للمعرفة سائلني اهلل‬
‫عز وجل أن ينفع به‪ ،‬وجيعله لسان صدقٍ يف اآلخِرين‪.‬‬

‫املركز الوطين لتعزيز الصحة النفسية‬

‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬
‫أشعر بالخجل‪ ...‬ال أستطيع المواجهة‬
‫أشعر خبجل دائم‪ ،‬وال أستطيع حضور العديد من املناسبات العائلية الكبرية‪ ،‬أشعر أن مجيع‬
‫احلاضرين ينظرون إلي‪ ،‬فأصاب بتعرق يف اليدين ولعثمة يف احلديث‪ . .‬ماذا أفعل؟‬
‫الرهاب االجتماعي أو ما يسمى باضطراب القلق االجتماعي عبارة عن حالة شديدة من اخلوف أو القلق‬
‫املتعلق باملواقف االجتماعية‪ ،‬اليت يكون فيها الشخص عرضة للتدقيق واملالحظة من قبل اآلخرين‪،‬‬
‫كإلقاء كلمة أمام اجلمهور‪ ،‬أو مقابلة الغرباء أو التحدث إليهم‪ ،‬أو االكل والشرب أمام اآلخرين‪.‬‬
‫فيشعر الشخص باخلوف من التصرف حبيث يظهر عليه القلق‪ ،‬وبالتالي خيشى أن يُقيّم سلبياً من قبل‬
‫اآلخرين‪ ،‬مما يُشعره باإلحراج أو الرفض‪.‬‬
‫يؤدي الرهاب االجتماعي إىل جتنب الشخص املواقف االجتماعية كاملناسبات والتجمعات‪ ،‬والتقليل‬
‫من اختالطه باآلخرين أو التعبري عن ذاته أمامهم‪ ،‬مما يزيد من عزلته النفسية واالجتماعية‪ ،‬وقد يؤدي‬
‫ذلك إىل تدهور أو اخنفاض مستواه يف اجملاالت املختلفة‪ ،‬كالعمل والتعليم‪ .‬هذه األعراض‬
‫والسلوكيات تستمر عادة لفرتة تصل إىل ستة أشهر أو أكثر حتى يتم التأكد من تشخيصها‪.‬‬
‫ترتاوح نسبة انتشار الرهاب االجتماعي من ‪ 3‬إىل ‪ %13‬وعادة ما تظهر األعراض يف سن املراهقة‪،‬‬
‫وتصاب اإلناث أكثر من الذكور‪ ،‬رغم تغري نسبة اإلصابة لدى اجلنسني يف السنوات األخرية‪ .‬كما‬
‫قد يصاحب حاالت الرهاب االجتماعي بعض االضطرابات النفسية األخرى‪ ،‬ال سيما اضطرابات املزاج‬
‫كاالكتئاب أو استعمال بعض العقاقري املهدئة اليت تؤدي لإلدمان كمحاولة يائسة للتعامل مع هذه‬
‫األعراض‪.‬‬
‫هنالك عدة عوامل تلعب دوراً هاماً يف نشأة هذا االضطراب ونذكر من أهمها‪:‬‬
‫عوامل وراثية‪ :‬وجدت الدراسات أن احتمال إصابة أقارب الدرجة االوىل للمصاب بالرهاب االجتماعي‬
‫أكثر ثالث مرات مقارنة بغريهم‪ .‬كما أكدت دراسات التوائم أهمية اجلوانب الوراثية عند املقارنة‬
‫بني السياميني وغري السياميني‪.‬‬
‫عوامل نفسية‪ :‬تفسر بعض النظريات السلوكية الرهاب االجتماعي على أنه ليس سوى نوع من االرتباط‬
‫الشرطي الالواعي‪ ،‬مبواقف حياتية معينة مشابهة ملا تعرض له الشخص سابقاً من مواقف حمرجة‪.‬‬
‫كما لوحظ أن بعض األطفال لديهم مسات بارزة من اخلجل الشديد الذي يتعزز مع الوقت خالل فرتة‬
‫البلوغ‪.‬‬
‫عوامل اجتماعية وبيئية‪ :‬تشري بعض الدراسات إىل أن آباء وأمهات بعض املصابني كانوا يعاملونهم أثناء‬
‫الطفولة بالرفض وقلة االهتمام‪ ،‬أو محايتهم واخلوف عليهم بشكل زائد مقارنة بغريهم‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫عوامل عضوية‪ :‬تلعب النواقل العصبية الكيميائية دوراً هاماً يف ظهور أعراض القلق يف العديد من‬
‫اضطرابات القلق‪ ،‬مبا فيها الرهاب االجتماعي كمادة األدرينالني أو النورأدرينالني أو السريوتونني‪.‬‬
‫ويف الرهاب االجتماعي حيدث خلل يف مستوى إفراز وتركيز هذه املواد يف الدماغ واجلهاز العصيب‬
‫مما يفاقم من أعراض القلق واخلوف‪.‬‬
‫العالج‪:‬‬
‫غالباً ما يرتكز عالج الرهاب االجتماعي على جانبني؛ هما اجلانب السلوكي واجلانب الدوائي‪ ،‬فقد‬
‫أشارت الدراسات إىل أن دمج هذين النوعني من العالج يزيد من احتمال التحسن والتعايف بإذن اهلل‪.‬‬
‫فاجلانب السلوكي يعتمد على مشاركة املريض يف جلسات العالج املعريف السلوكي‪ ،‬الذي يركز‬
‫على طريقة التفكري وعلى األفكار الذاتية السلبية والتشوهات املعرفية لدى املريض‪ ،‬وكيفية‬
‫كشفها والتأكد من صحتها وتصحيحها‪ ،‬فهذه األفكار هلا تأثري متبادل يف املشاعر النفسية من‬
‫خوف وقلق وتوتر وغضب وحزن‪ ،‬كما أنها تؤثر يف األعراض اجلسدية من تسرع النبض وارتفاع‬
‫الضغط الشرياني والتعرق ورعشة الصوت واجلسم والرغبة يف التبول‪ ،‬وغريها من األعراض اليت تؤثر‬
‫يف النهاية على سلوك املريض وجتعله يتجنب املواقف االجتماعية‪ .‬ودور العالج هنا هو مساعدة املريض‬
‫على إدراك واختبار صحة هذه املعتقدات واملشاعر‪ ،‬وتقييمها واكتساب مهارات معرفية وسلوكية‬
‫جديدة أكثر تكيفاً للتغلب على اجلوانب السلبية‪.‬‬
‫ويعترب اجلانب الدوائي هاماً يف عالج الرهاب االجتماعي‪ ،‬فأغلب األدوية املضادة للقلق ال تسبب اإلدمان‬
‫بل تساعد يف خفض مشاعر اخلوف والقلق النفسية واألعراض اجلسدية‪ ،‬وتقلل من احتمال االستمرار‬
‫يف السلوكيات التجنبية‪ ،‬وتساعد يف حتسني املزاج‪ ،‬كما تقلل من احتمال النكس أو عودة‬
‫األعراض‪ ،‬وعادة ما تصرف ملدة معينة حسب تقييم الطبيب النفسي املعاجل‪ ،‬ومدى وجود اضطرابات‬
‫نفسية مصاحبة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫اضطراب الوسواس القهري ‪2-1‬‬
‫يتميز اضطراب الوسواس القهري بوجود (أفكار‪ ،‬صور‪ ،‬أو دوافع) اقتحامية متكررة ومزعجة يصعب‬
‫التحكم بها‪ ،‬يصاحبها مشاعر غري مرحية كالقلق‪ ،‬واخلوف‪ ،‬وعدم التيقن‪ ،‬وحتمية القيام بعمل ما‪.‬‬
‫تستهلك األفعال أو السلوكيات "الطقوس" القهرية الناجتة عن هذه الوساوس وقتاً طويالً أثناء القيام‬
‫ببعض األنشطة مما يؤثر على جوانب كثرية يف حياة املصاب‪ .‬هذه العالمات وغريها من األعراض‬
‫ص من قبل الطبيب النفسي وبناءً عليها تُحَدد اخلطة العالجية الدوائية واملعرفية السلوكية‪.‬‬
‫تُشخَ ُ‬
‫ختتلف الوساوس والسلوكيات القهرية املصاحبة هلا من شخص آلخر‪ ،‬فتظهر على سبيل املثال يف‬
‫وسواس النظافة سلوكيات النظافة والوضوء وجتنب اللمس‪ ،‬ويف وسواس التأكد تظهر سلوكيات‬
‫الفحص والتأكد‪ ،‬ويف وسواس فقدان السيطرة تظهر سلوكيات التجنب لعدم اإليذاء‪ ،‬ويف وسواس‬
‫األفكار والصور جند سلوكيات التجنب‪ ،‬ويف وسواس العد والتكرار جند سلوكيات العد‪ ،‬ويف‬
‫وسواس الرتتيب جند سلوكيات الرتتيب‪ ،‬ويف وسواس التشبث بالروتني تظهر سلوكيات الروتني‪،‬‬
‫ويف وسواس طلب التطمني جند سلوكيات التطمني‪ ،‬وغريها من الوساوس والسلوكيات القهرية‬
‫الناجتة عنها‪.‬‬
‫قبل عدة عقود قام علماء النفس بإجراء حبث حول الوساوس والسلوكيات القهرية‪ ،‬حيث قرروا تنويم‬
‫مريض يعاني من سلوكيات الفحص والتأكد لقياسها يف بيئة منضبطة‪ .‬وقد فوجئوا باختفاء معظم‬
‫هذه السلوكيات وعودة املريض إىل حياته الطبيعية دون قلق‪ .‬يف البداية مل يكن السبب واضحاً‪،‬‬
‫ولكن عندما عاد املريض إىل منزله الحقاً‪ ،‬عادت السلوكيات املرضية ورمبا بشكل أسوأ من قبل!‬
‫واتضح األمر فيما بعد‪ ،‬فألقت هذه احلالة الضوء على أحد أهم العوامل النفسية اليت تسبب‬
‫السلوكيات القهرية وحتافظ على استمراريتها‪.‬‬
‫حتدث العديد من السلوكيات القهرية نتيجة اعتقاد املريض بأن هذه السلوكيات ستمنع حدوث شيء‬
‫سيئ‪ .‬فمثالً فحص الفرن ما إذا كان مغلقاً أم ال‪ ،‬مينع انفجاراً حمتمالً للغاز‪ ،‬وفحص األبواب والنوافذ‬
‫ما إذا كانت مقفلة مينع سرقة البيت‪ ،‬وغسل اليدين بكثرة مينع التلوث وانتشار األمراض احملتملة‪.‬‬
‫تضفي هذه السلوكيات على املريض "مسؤولية" كبرية لضمان عدم حدوث هذه األشياء السيئة‪ ،‬مما‬
‫يثري الشعور بالذنب واخلجل إلمكانية حدوث أشياء سيئة إذا مل يتم إكمال هذه السلوكيات بالشكل‬
‫الصحيح والكامل‪.‬‬
‫ميكننا تتبع بدايات الوساوس والسلوكيات القهرية اليت قد تظهر‪ ،‬فهي قد تتبع أحداثاً ضاغطة يف‬
‫احلياة‪ ،‬أو تلي تغيُراً مينح الشخص "مسؤوليات" أكرب (وظيفة جديدة‪ ،‬والدة طفل‪ ،‬بلوغ‪ . . .‬اخل)‪ .‬حيمل‬
‫العديد من األشخاص مسؤولياتهم اجلديدة على حممل اجلد املبالغ فيه‪ ،‬ويصبح لديهم "تضخم يف‬
‫املسؤولية" مما يولد القلق والرغبة يف السيطرة للتأكد من أنهم لن يسمحوا بوقوع األشياء السيئة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫فشلت معظم الدراسات املبكرة للوسواس القهري يف جعل املرضى ينسجمون مع وساوسهم‬
‫وسلوكياتهم داخل املختربات النفسية بنفس الطريقة اليت حتدث معهم يف منازهلم‪ ،‬وذلك ألن املرضى‬
‫داخل املختربات يقومون "بنقل املسؤولية" عن أي سوء حظ حيدث إىل الباحثني يف املخترب! لذلك كانت‬
‫هناك حاجة أقل لالنسجام يف السلوكيات القهرية‪ .‬وهذا ما قد يفسر سلوك مريضنا املذكور أعاله‪،‬‬
‫والذي انتكس مبجرد خروجه من املستشفى وعودته للمنزل‪ ،‬حيث أدى التنويم إىل نقل املسؤولية عن‬
‫أي نتائج سيئة احلظ ملوظفي املستشفى بدالً من املريض‪.‬‬
‫تضخم "املسؤولية" هو أحد أهم اخلصائص املعرفية الكامنة وراء الوسواس القهري‪ ،‬وهو أحد أهم‬
‫العوامل وراء سلوكيات النظافة والفحص والتأكد وغريها‪ .‬كما أن األفكار االقتحاميَّة حول األشياء‬
‫السيئة جتعل املرضى يعتقدون بأنهم مسؤولون متاماً عن وجود هذه األفكار‪ ،‬رغم عدم سيطرتهم‬
‫عليها‪ ،‬وهذا ما يثري لديهم مستويات عالية من القلق والشعور بالذنب واخلجل‪.‬‬
‫العالج الدوائي والعالج املعريف السلوكي الذي يستهدف تضخم املسؤولية وحماوالت احلد من الشعور‬
‫باملسؤولية يؤدي إىل مكاسب عالجية كبرية واخنفاض ملحوظ يف أعراض الوسواس القهري‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫اضطراب الوسواس القهري ‪2-2‬‬
‫يعتقد مريض اضطراب الوسواس القهري أحياناً أنه قد يؤذي شخصاً آخر جملرد وجود فكرة‪ ،‬مما‬
‫جيعله يعتقد أنه خطري وبالتالي يشعر بالقلق واالنزعاج! وهذا ما يسمى "بانصهار التفكري والفعل‬
‫"‪ Thought-Action-Fusion‬وهي مسة شائعة لدى مرضى الوسواس القهري‪ ،‬فاالعتقاد بأن‬
‫األفكار واألفعال مرتبطة ببعضها البعض‪ ،‬وأن جمرد وجود فكرة غري مقبولة ميكن أن يؤثر أيضاً‬
‫على الواقع‪ ،‬وهذا يعين أنه (جمرد وجود فكرة لدى الشخص للقيام بعمل معني‪ ،‬فكأنه قام بالعمل‬
‫فعالً)‪.‬‬
‫مع انصهار التفكري والفعل‪ ،‬وعندما يتم تقييم األفكار غري املرغوبة على أنها ذات معنى‪ ،‬فإن هذا‬
‫يزيد الشعور بالضغط واملسؤولية ويزيد من الرغبة يف حتييد وقمع هذه األفكار‪ .‬ال يزال من غري الواضح‬
‫ملاذا يُظهر بعض األشخاص انصهار التفكري والفعل‪ ،‬بينما البعض اآلخر ال يفعل ذلك! لكن بعض‬
‫الدراسات تشري إىل أن األمر قد يكون مرتبطاً ببعض أمناط التفكري‪ ،‬كالتفكري السحري حيث‬
‫يؤمن الشخص مبعتقدات قوية يف الظواهر النفسية (مثل الشعور بأنه يستطيع التواصل عرب التخاطر‬
‫مع أشخاص آخرين) ويعتقد أن بعض األشياء ميكن أن تؤثر على أشياء أخرى بطرق غري معروفة بعد‬
‫للعلم‪.‬‬
‫تشري الدراسات إىل أنه ميكن عالج انصهار التفكري والفعل بنجاح‪ ،‬من خالل فنيات إعادة اهليكلة‬
‫املعرفية‪ ،‬وهذا يساعد املرضى على تعلم كيفية التعرف على عدم منطقية انصهار التفكري والفعل‬
‫واالستجابة لفكرة غري عقالنية (على سبيل املثال؛ قد أجتول يف الطرقات وأسبب حادثاً) بفكرة أكثر‬
‫عقالنية وقائمة على األدلة (كانت لدي مثل هذه األفكار‪ ،‬ولكنين كنت أجتول دوماً يف الطرقات‬
‫ومل أتسبب حبادث قط)‪.‬‬
‫مثال؛ ختيل أن هنالك أرنباً أخضر شبه شفاف جيلس على رأسك‪ .‬هل تشعر بأنه جالس هناك؟ هل‬
‫ميكنك تصور لونه األخضر الشفاف؟ ركز اآلن على أذنيه الطويلتني اخلضراوين الشفافتني‪ .‬حسناً‪،‬‬
‫بعد ذلك عد من ‪ 1‬إىل ‪ ،5‬وعندما تفعل ذلك‪ ،‬أريدك أن تقضي الستني ثانية التالية دون التفكري بأي‬
‫طريقة يف األرنب األخضر شبه الشفاف الذي كان جيلس على رأسك للتو‪.‬‬
‫هل وجدت صعوبة يف قمع األفكار عمداً عن األرنب اخليالي‪ ،‬وهل واجهت صوراً لألرنب وهو يقفز‬
‫تلقائياً داخل أفكارك؟ هذا ما الحظه عامل النفس "دان وجينر"‪ .‬حيث طلب من املشاركني يف جتاربه‬
‫حماولة عدم التفكري يف دب أبيض ولكنه وجد أنهم بعد تلقي هذه التعليمات‪ ،‬مل يتمكنوا من التوقف‬
‫عن التفكري يف الدببة البيضاء‪ .‬يبدو أن حماولة قمع الفكر له آثار معاكسة كاسرتاتيجية للتحكم‬
‫بالنفس‪ ،‬وغالباً ما ينتج عنها الوسواس أو االنشغال الشديد املوجه بشكل معاكس‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫هذه النتيجة هلا عالقة خاصة بالوسواس القهري عندما حياول األشخاص عمداً التحكم يف أفكارهم‬
‫االقتحامية عن طريق جتاهلها أو حتييدها أو قمعها‪ .‬يرى عامل النفس السريري "بول سالكوفسكي"‬
‫أن األفكار غري املرغوبة واملزعجة ميكنها أن تتحول إىل وساوس عندما يزيد قمع الفكرة من‬
‫ارتدادها وتكرارها بعد فرتة من القمع‪ .‬فالفشل امللحوظ يف قمع أفكار معينة بعد فرتة من حماوالت‬
‫القمع له أيض ًا تأثري يف زيادة الضغط والقلق‪.‬‬
‫وأخرياً‪ ،‬يُعرف الوسواس القهري كثرياً باسم "املرض االرتيابي"‪ Doubting Disease‬حيث غالباً ما‬
‫يدعي املصابون باضطراب الوسواس القهري أنهم عندما يقومون بفحص األشياء أو غسلها أو تنظيمها‬
‫بشكل منهجي‪ ،‬سيحتاجون إىل االستمرار يف القيام بذلك‪ ،‬ألن األشياء تبدو "غري صحيحة متاماً"‪.‬‬
‫هذا الشعور االرتيابي يعترب دافعاً للسلوكيات القهرية كي حتاول اإلتقان والوصول إىل الكمال‪.‬‬
‫لسنوات عديدة‪ ،‬افرتض أن هذا الشك قد يكون مدعوماً ببعض مشاكل الذاكرة لدى مرضى‬
‫الوسواس القهري‪ .‬ولكن من املفارقات أنه وبدالً من أن يكون عجز الذاكرة الذي يتسبب يف الفحص‬
‫املتكرر‪ ،‬فإن الفحص املتكرر يبدو أنه هو الذي يسبب شكوكاً يف الذاكرة‪ .‬مثالً‪ ،‬سيقضي‬
‫األشخاص الذين يعانون من أعراض الوسواس القهري الكثري من الوقت يف التحقق من األشياء ذات‬
‫الصلة وغري ذات الصلة بشكل يومي‪ ،‬وهذا يزيد من عبء العمليات التنفيذية للدماغ ويؤدي إىل تشفري‬
‫ضعيف للمعلومات وضعف االهتمام باملعلومات ذات الصلة‪ ،‬وكالهما معاً سيسببان عجزاً يف الذاكرة‪.‬‬
‫ويف الواقع‪ ،‬كلما حتقق شخص ما بشكل أكثر‪ ،‬كلما قلت الثقة بشأن ما قام بفحصه! لذا‪ ،‬فمن‬
‫املفارقات أن أحد أعراض الوسواس القهري قد أصبح أحد أسبابه‪ ،‬مما خيلق ما قد يكون حلقة‬
‫مفرغة وسامة من الشك والتدقيق الذي يليه‪ .‬هذه هي بعض العمليات النفسية اهلامة اليت تؤدي إىل‬
‫ظهور أعراض الوسواس القهري وكثرياً ما جيب معاجلتها أثناء فرتة العالج‪ .‬مرة أخرى‪ ،‬نرى أن‬
‫املشاكل القائمة على القلق تدور بانتظام حول التفكري املشوه والطريقة اليت يفسر بها كل منا‬
‫أفكاره اخلاصة‪ .‬كما يوضح الطريقة اليت تؤثر بها األفكار على األفعال (مثل مشاعر املسؤولية اليت‬
‫تولد السلوكيات القهرية املعقدة)‪ ،‬وتؤثر األفعال أيضاً على األفكار (ميكن أن تولد السلوكيات‬
‫القهرية الشك)‪ ،‬وميكن هلذه العالقات أن تصبح حلقة مفرغة حتافظ على استمرار سلوكياتنا‬
‫وأفكارنا القهرية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫البكتيريا والصحة النفسية (المايكروبيوتا)‬
‫حتتضن الكائنات احلية عديدة اخلاليا كاإلنسان واحليوان والنبات جتمعات بكتريية مفيدة تسمى‬
‫مايكروبيوتا ‪ Microbiota‬أو "البكترييا الصديقة" وهي تشمل (البكترييا‪ ،‬الفطريات‪،‬‬
‫الفريوسات‪ ،‬والطفيليات) واليت توجد يف مناطق متعددة من جسم اإلنسان (سطح اجللد‪ ،‬الفم‪ ،‬األنف‪،‬‬
‫األغشية املخاطية‪ ،‬األذن‪ ،‬اجلهاز اهلضمي "القولون"‪ ،‬الرئتني‪ ،‬األعضاء التناسلية‪ ،‬الغدد اإلفرازية يف‬
‫الثدي‪ .) . . . .‬أما مصطلح (مايكروبيوم) فيقصد به املايكروبيوتا وجيناتها‪.‬‬
‫حتتوي مايكروبيوتا األمعاء على عشرات الرتيليونات من البكترييا‪ ،‬كما يوجد أكثر من ثالثة ماليني‬
‫جني ميكروبي يف مايكروبيوتا األمعاء‪ ،‬ووجد أن إمجالي وزن املايكروبيوتا قد يصل إىل ‪ 2‬كلجم‪.‬‬
‫كما يوجد أكثر من ألف فصيل بكتريي متنوع يف مايكروبيوتا األمعاء‪ .‬وما مييز الشخص عن غريه هو‬
‫أن حوالي ثلثي املايكروبيوتا يف جسمه خمتلف عن غريه وثلثها يشابه مايكروبيوتا اآلخرين‪.‬‬
‫وحتى تعيش هذه املايكروبيوتا يف جسم اإلنسان بسالم حتتاج إىل أن تدرب جهاز املناعة على كيفية‬
‫تقبلها وحتملها‪ .‬فجهاز املناعة يراقب بقاء هذه البكترييا الصديقة يف األمعاء وعدم دخوهلا الدورة‬
‫الدموية‪ ،‬واملايكروبيوتا بدورها تفرز أمحاضاً دهنية لتسكني اخلاليا املناعية وضمان عدم مهامجتها‪.‬‬
‫تلعب املايكروبيوتا دوراً هاماً يف التوازن (املناعي‪-‬اهلرموني‪-‬األيضي)‪ ،‬حيث ميكن تلخيص فوائدها كالتالي‪:‬‬
‫• تساعد املعدة واألمعاء يف هضم األطعمة اليت ال تستطيع هضمها‪.‬‬
‫• تساعد يف إنتاج بعض الفيتامينات (ب‪ ،‬ك)‪.‬‬
‫• حتارب البكترييا الضارة يف األمعاء‪.‬‬
‫• يبدأ تكونها منذ حلظة الوالدة وتنمو إىل سن ثالث سنوات حيث تصبح مثل بكترييا الكبار‪.‬‬
‫فقدان التوازن ملايكروبيوتا األمعاء حيدث حالة تسمى اختالل امليكروبيوم (‪ )Dysbiosis‬اليت ترتبط‬
‫مبشاكل صحية كالقولون العصيب‪ ،‬احلساسية‪ ،‬السمنة‪ ،‬والسكر‪.‬‬

‫الربويبيوتك ‪:Prebiotics‬‬
‫عبارة عن غذاء للمايكروبيوتا (ألياف‪ ،‬كربوهيدرات) ال يستطيع هضمها إال البكترييا النافعة‪.‬‬
‫متوفرة كمكمالت غذائية ويف بعض األطعمة (كالبصل‪ ،‬الثوم‪ ،‬الكراث‪ ،‬اجلزر‪ ،‬اخلرشوف‪،‬‬
‫نبات اهلندباء)‪ ،‬وهي تساعد يف تغذية ومنو ونشاط املايكروبيوتا‪.‬‬

‫املُعينات احليوية الربوبيوتك (‪:)Probiotics‬‬


‫عبارة عن غذاء للمايكروبيوتا (سكريات معقدة ميكن استخدامها تعويضاً لنقص األلياف يف الغذاء)‬
‫ال يستطيع هضمها إال البكترييا النافعة‪ .‬متوفرة كمكمالت غذائية ويف بعض األطعمة اليت حتتوي‬

‫‪17‬‬
‫على مزارع البكترييا (الزبادي‪ ،‬اجلبنة القدمية‪ ،‬املخلالت‪ . . .‬اخل)‪ ،‬وهي أيضاً تساعد يف تغذية ومنو‬
‫ونشاط املايكروبيوتا‪.‬‬

‫السينبيوتك ‪:Synbiotics‬‬
‫عبارة عن خليط من الربيبيوتك والربوبيوك‪.‬‬

‫السايكوبيوتك ‪:Psychobiotics‬‬
‫عبارة عن جمموعة من الربوبيوتك اليت تؤثر على وظائف اجلهاز العصيب‪ ،‬واليت يقوم بها حمور األمعاء‬
‫والدماغ ‪ GBA‬من خالل العوامل املناعية واهلرمونية والعصبية واأليضية اليت ال تقوم فقط بتحسني أداء‬
‫اجلهاز اهلضمي‪ ،‬بل تقوم حتى بتحسني حاالت االكتئاب والقلق‪ .‬بعض أنواع السايكوبيوتك متنع‬
‫االلتهابات وتقلل مستوى الكورتيزول‪ ،‬مما ينقص الشعور باالكتئاب والقلق‪ .‬كما أشارت بعض‬
‫الدراسات إىل دور السايكوبيوتك يف عالج بعض االضطرابات النمائية كاضطراب طيف التوحد‪،‬‬
‫وغريها من األمراض كالشلل الرعاشي‪ ،‬والزهامير‪.‬‬
‫يتأثر مزاجنا باألفكار واهلرمونات واملناعة واألغرب من ذلك هو مايكروبيوتا األمعاء‪ .‬فقد الحظت‬
‫بعض الدراسات اخنفاض عدد البكترييا من نوع (‪ )Bifidobacteria‬الشقيّات أو‬
‫(‪ )Lactobacillus‬العصيات اللبنية يف حاالت االكتئاب‪ .‬إضافة إىل اخنفاض النوع األول يف اجلهاز‬
‫اهلضمي ملرضى الزهامير‪.‬‬
‫يلعب اجلهاز املناعي أيضاً دوراً هاماً يف الضغوط‪ ،‬ففي جتربة خمربية مت وضع فأر طبيعي مع فأر متنمر‬
‫بضع دقائق يومياً ملدة أسبوع‪ ،‬أصيب الفأر الطبيعي بالتهابات واخنفاض يف كريات الدم البيضاء‬
‫(اللمفاويات) والقلق‪ ،‬بالتالي الفئران القلقة وغري االجتماعية لديها مستوى منخفض من املناعة‪ .‬وعندما‬
‫حُقن الفأر القَلِق بكريات دم بيضاء (ملفاويات) من الفأر املتنمر اخنفض لديه االلتهاب والقلق وأصبح‬
‫أكثر اجتماعية‪.‬‬
‫وميكن ملضادات االكتئاب والعالج املعريف السلوكي أيضاً أن ختفض من العوامل الوسيطة لاللتهاب‬
‫وبالتالي ختفض من مستوى االلتهابات‪.‬‬
‫تؤثر املايكروبيوتا املعوية على حمور الغدة النخامية ‪ -‬الغدة الكظرية (‪ ،)HPA‬وهي تنتج مواد نشطة‬
‫عصبياً مثل محض جابا (‪ )GABA‬وهو محض مهم للجهاز العصيب واحلالة النفسية ويلعب دوراً يف‬
‫الشعور باالسرتخاء والتوتر واالختالجات‪ ،‬إضافة إىل إنتاج األمحاض الدهنية قصرية السلسلة‬
‫(‪ )SCFAs‬كما تساعد املايكروبيوتا املعوية على إنتاج ما يقدر بنحو ‪ %90‬من سريوتونني اجلسم يف‬
‫األمعاء‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫البكترييا اليت حتسن املزاج ‪ Lactobacillus‬و ‪ Bifidobacteria‬اليت ختفض أيضاً من مستوى‬
‫الكورتيزول؛ تسمى أيضاً ‪ Psychobiotics‬ومتثل كذلك عالجاً حمتمالً لالكتئاب؛ حيث حتسن‬
‫الوظائف املعرفية وتقلل األفكار السلبية وختفف من أعراض القولون العصيب‪ .‬ميكن للميكروبات‬
‫أن تؤثر على حجم احلصني واللوزة الدماغية اليت تُعنى باملزاج واخلوف والشهية‪ .‬كما أن العصب احلائر‬
‫أو املبهم ميكن أن يستثري بكترييا األمعاء‪ ،‬كما يتم استثارتها من خالل حمور الغدة النخامية‪-‬الغدة‬
‫الكظرية (‪ .)HPA‬وال ننسى تأثري الغذاء على البكترييا والذي قد يغري تركيبتها‪ ،‬مما قد يزيد‬
‫تكيف النفس ومرونتها جتاه الضغوط‪.‬‬
‫ومن الوسائل اليت ميكن اتباعها للتأثري إجياباً على البكترييا النافعة‪:‬‬

‫• تناول االلياف‪:‬‬
‫معظم البكترييا تعتمد على األلياف (البصل‪ ،‬اخلرشوف‪ ،‬نبات اهلليون‪ . . .‬إخل)‪ .‬مشكلة الوجبات‬
‫السريعة أنها جتوع البكترييا‪.‬‬

‫• جتنب املضادات احليوية‪:‬‬


‫جتنب املضادات احليوية إال للضرورة وبوصفة الطبيب ألنها قد تقتل البكترييا النافعة‪.‬‬

‫• الربوبيوتك‪:‬‬
‫وقد ورد التعريف بها سابقاً‪ ،‬وميكن استخدامها تعويضاً عن نقص األلياف يف الغذاء‪.‬‬

‫• الرياضة‪:‬‬
‫الرياضة عامل مهم للصحة النفسة والصحة العامة‪ ،‬فهنالك عبارة تقول‪:‬‬
‫(‪ )sitting on your butt is not good for your gut‬أن اجللوس ليس جبيدٍ لألمعاء‪.‬‬

‫• احرص على ضوء الشمس‪:‬‬


‫استيقظ نهاراً مع ضوء الشمس ونّظم نومك‪ ،‬فهناك ساعة بيولوجية للمايكروبيوتا‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫التباعد االجتماعي واالنعزال االجتماعي‬
‫خيلط الكثري من الناس بني مفهوم التباعد االجتماعي ومفهوم االنعزال االجتماعي لذلك حناول يف‬
‫هذه السطور تسليط الضوء على بعض الفروقات البسيطة‪:‬‬

‫التباعد االجتماعي ‪:Social Distancing‬‬


‫حفظ مسافة مكانية بينك وبني اآلخرين حوالي مرتين (ستة أقدام) بهدف تقليل ومنع العدوى‬ ‫•‬
‫وانتشار اإلصابة بفريوس كورونا املستجد (كوفيد‪ )19-‬واليت تنتشر عرب الرذاذ كالسعال أو‬
‫العطاس‪.‬‬
‫يهدف أيضاً إىل منع انتقال العدوى عرب املصافحة أو التالمس أو التجمعات البشرية‪ ،‬وحتسني‬ ‫•‬
‫التهوية الطبيعية‪.‬‬
‫االبتعاد عن اآلخرين ال يعين االنفصال عنهم وعدم التواصل معهم من خالل وسائل التواصل‬ ‫•‬
‫االجتماعي املختلفة‪.‬‬
‫مسمى التباعد االجتماعي قد يسبب لغطاً عند البعض حيث أن التسمية األدق هي التباعد‬ ‫•‬
‫املكاني ‪ Geographical Distancing‬أو التباعد اجلغرايف أو كما تفضل منظمة الصحة العاملية‬
‫تسميته بالتباعد اجلسدي‪ ، Physical Distancing‬فكلمة التباعد االجتماعي متيل إىل اجلانب‬
‫املعنوي بينما التباعد املكاني أو اجلسدي متيل إىل اجلانب الفيزيائي‪.‬‬
‫احلجر الصحي ‪ Quarantine‬يستخدم للحفاظ على األشخاص املشتبه بتعرضهم لفريوس كورونا‬ ‫•‬
‫بعيداً عن اآلخرين حتى يتم التأكد إذا ما كانوا مصابني أم ال‪.‬‬
‫العزل الصحي ‪ Isolation‬يستخدم لعزل األشخاص املصابني بفريوس كورونا ملنعهم من نقل العدوى‬ ‫•‬
‫لآلخرين‪.‬‬
‫كما قد تصل أقصى اإلجراءات االحرتازية للتباعد االجتماعي أو اجلسدي إىل حظر التجول‬ ‫•‬
‫والسفر وإغالق املدارس وأماكن العمل وغريها وإلغاء املناسبات والتجمعات بشكل كامل‪.‬‬
‫من سلبيات التباعد االجتماعي أو اجلسدي هو الشعور بالوحدة‪ ،‬واخنفاض مستوى التفاعل‬ ‫•‬
‫املباشر واإلنتاجية نتيجة إجراء بعض التغيريات يف البيئة احمليطة‪ ،‬ومع هذا كله فإن فوائد التباعد‬
‫تطغى على سلبياته‪.‬‬
‫هناك مشاعر سلبية قد تعرتي البعض أثناء احلجر أو العزل كالقلق أو اخلوف‪ ،‬العصبية‪،‬‬ ‫•‬
‫الغضب‪ ،‬اإلحباط‪ ،‬احلزن‪ ،‬امللل‪ ،‬أو غريها من املشاعر‪ ،‬ورمبا يكون هناك استثارة ألية أعراض‬
‫أو اضطرابات نفسية سابقة أو حمتملة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ومن أهم النصائح يف مثل هذه الظروف هي التقيد باإلجراءات االحرتازية واتباع توجيهات اجلهات‬ ‫•‬
‫املعنية واالبتعاد عن الشائعات‪ ،‬ممارسة األنشطة الرياضية والرتفيهية‪ ،‬النوم الصحي والتغذية‬
‫اجليدة‪ ،‬ممارسة متارين االسرتخاء‪ ،‬التواصل مع اآلخرين عرب وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬العمل‬
‫عن بعد‪ ،‬وطلب االستشارة الطبية أو النفسية اهلاتفية عند الضرورة‪.‬‬

‫االنعزال االجتماعي ‪:Social Isolation‬‬


‫اإلنسان اجتماعي بطبعه والتواصل االجتماعي هو حاجة إنسانية أساسية لتعزيز صحته النفسية‬ ‫•‬
‫واجلسدية حيث تقع هذه احلاجة يف املستوى الثالث من هرم ماسلو لالحتياجات اإلنسانية‪.‬‬
‫وجدت الدراسات أن األشخاص السعداء لديهم ارتباط اجتماعي باآلخرين‪ ،‬كما أن الشخص‬ ‫•‬
‫يشعر بسعادة أكرب عندما يقوم بعمل شيء لآلخرين (معنوياً أو مادياً) مقارنة بعمل شيء ما لنفسه‪.‬‬
‫يشكل االنعزال االجتماعي خطراً على الصحة النفسية واجلسدية وتبعاته النفسية أخطر من‬ ‫•‬
‫تبعات التباعد االجتماعي أو اجلسدي‪ ،‬حيث أشارت بعض الدراسات إىل أنه يعترب من أكرب‬
‫العوامل املعرضة للوفاة‪ ،‬فهو أخطر على اإلنسان من عدم ممارسة الرياضة أو السمنة أو حتى‬
‫التلوث اهلوائي‪.‬‬
‫االنعزال االجتماعي مرتبط بشكل كبري باالضطرابات النفسية وبالتحديد االكتئاب وسوء‬ ‫•‬
‫التأقلم أو التكيف‪.‬‬
‫خيتلف االنعزال االجتماعي عن التباعد االجتماعي أو اجلسدي يف أن األول تتوفر حول من يعاني‬ ‫•‬
‫منه وسائل التواصل االجتماعي أو فرص التفاعل االجتماعي أو األنشطة الرتفيهية وغريها‪ ،‬لكن‬
‫ليس لديه الشعور باملتعة أو الرغبة يف االندماج والتواصل مع اآلخرين‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫التغذية العصبية الراجعة‬
‫تعترب التغذية العصبية الراجعة ‪ Neurofeedback‬نوعاً من أنواع التغذية احليوية الراجعــــــــــــــــــــــة‬
‫‪ Bio-Feedback‬وتسمى أيضاً ‪ ،EEG feedback‬كما يطلق عليها البعض املعاجلة العصبية‬
‫‪Neuro-Therapy‬رغم أن هذا املسمى غري منتشر يف األوساط العلمية‪.‬‬
‫التغذية العصبية احليوية هي تدخل عالجي يعطي تغذية "معلومات" راجعة فورية من خالل برامج‬
‫حاسوبية تقيّم نشاط املوجات الدماغية لدى املريض‪ ،‬وتعطي إشارات عن مناطق اخللل بالدماغ املتعلقة‬
‫باالضطراب أو املشكلة‪ .‬يتعلم املريض من هذا التدخل كيفية تنظيم وحتسني الوظائف الدماغية‬
‫وختفيف العديد من األعراض النفسية والعصبية‪.‬‬
‫يقوم املعاجل بتثبيت حساسات على فروة الرأس‪ ،‬تقوم بالتقاط ترددات املوجات الدماغية أثناء مشاهدة‬
‫الفرد لشاشة الفيديو أو مساع املوسيقى‪ ،‬وأثناء استقبال الدماغ واجلهاز العصيب إلشارات راجعة من‬
‫الربنامج‪ ،‬يقوم الربنامج بتوجيه نشاط املوجات الدماغية إىل أمناط أكثر قبوالً وسيطرة‪ ،‬يستقبل‬
‫املريض بعدها تغذية راجعة عند حتسن منط املوجات الدماغية‪.‬‬
‫أثبتت الدراسات حدوث تغريات يف شكل اخلاليا العصبية بعد تدريب موجات الدماغ يف جلسات التغذية‬
‫العصبية الراجعة‪ .‬كما يعترب تدريب ألفا ‪ -‬بيتا أحد اشكال التغذية العصبية الراجعة اليت تُستخدم‬
‫يف التدريبات‪ ،‬وتتكون جلساتها من جلسة واحدة يف األسبوع على مدى عشرين أسبوعاً (عشرين‬
‫جلسة) وقد تزيد أو تنقص‪ ،‬ويراقب املريض بني اجللسات مدى التغري يف احلالة الذهنية واملزاج‬
‫والضغوط والنوم‪.‬‬
‫تستخدم التغذية العصبية الراجعة يف احلاالت التالية‪:‬‬
‫اضطرابات النوم‪.‬‬ ‫•‬ ‫التدريب على االسرتخاء وقد وافقت‬ ‫•‬
‫متالزمة توريت‪.‬‬ ‫•‬ ‫عليه إدارة الغذاء والدواء األمريكية‪،‬‬
‫)‪(FDA-approved‬‬
‫بعض حاالت اإلدمان‪.‬‬ ‫•‬
‫اضطراب فرط احلركة ونقص االنتباه‪.‬‬ ‫•‬
‫إصابات الدماغ واجللطات‪.‬‬ ‫•‬
‫التوحد‪.‬‬ ‫•‬
‫مشاكل الذاكرة‪.‬‬ ‫•‬
‫االكتئاب‪.‬‬ ‫•‬
‫الصرع‪.‬‬ ‫•‬
‫القلق‪.‬‬ ‫•‬
‫الصداع‪.‬‬ ‫•‬
‫اضطراب ما بعد الصدمة‪.‬‬ ‫•‬
‫األمل‪.‬‬ ‫•‬

‫‪24‬‬
‫الشخصيات السامة‬
‫من خيون اآلخرين من السهل أن خيونك‪ ،‬فاخليانة تسبب أملاً شديداً يصعب نسيانه‪ .‬لذلك كن حريصاً‬
‫يف انتقاء أصدقائك‪ ،‬وابتعد عن األشخاص السّامني ألنهم يقوضون سعادتك ويسببون لك التعاسة‬
‫واملعاناة‪ .‬هنالك أربعة أنواع من الشخصيات السّامة حسب تصنيف عامل النفس املعروف ثيودور ميلون‪:‬‬

‫النرجسي العدواني ‪:Narcissistic-Aggressive‬‬


‫أناني وعدواني‪.‬‬ ‫•‬
‫حيب املغامرة واجملازفة‪.‬‬ ‫•‬
‫لطيف ظاهرياً‪.‬‬ ‫•‬
‫طليق وسليط اللسان‪.‬‬ ‫•‬
‫مييل إىل التملك والسيطرة‪.‬‬ ‫•‬
‫مييل إىل التهديد‪.‬‬ ‫•‬
‫يبحث عن األصدقاء من اجلنس اآلخر الذين غالباً ما يكونون حمتاجني إليه أو يبحثون عنه‪.‬‬ ‫•‬
‫لديه شعور باالستحقاق‪.‬‬ ‫•‬
‫يسلب حقوق اآلخرين وخيالف األنظمة‪.‬‬ ‫•‬
‫يستغل األشخاص ذوي التقدير الذاتي املنخفض‪.‬‬ ‫•‬

‫الصديق العدو ‪:Frenemy‬‬


‫يبدو كأنه صديق ويلعب دوره بإتقان وقد يساعدك أحياناً‪.‬‬ ‫•‬
‫ال يساعدك كنوع من االهتمام الصادق أو اإليثار بل ليستمد اإلحساس باالستحقاق الذاتي عند‬ ‫•‬
‫مساعدة اآلخرين األسوأ حاالً منه‪.‬‬
‫يكشف عن نفسه عندما تشعر بالسعادة والنجاح‪.‬‬ ‫•‬
‫تظهر عليه الغرية والسلوك السليب العدواني‪.‬‬ ‫•‬
‫ال يتحمل رؤية اآلخرين سعداء ناجحني‪.‬‬ ‫•‬
‫قد حياول إفساد سعادتك أو ينسحب ويبتعد‪.‬‬ ‫•‬
‫يشعر بعدم األمان ويعزز تقديره الذاتي من خالل إحاطة نفسه بأشخاص أسوأ حاالً منه‪.‬‬ ‫•‬

‫‪26‬‬
‫املشتكي السليب ‪:Negative-Complaining‬‬
‫ال تبدو عليه السعادة‪.‬‬ ‫•‬
‫ال يعجبه شيء‪.‬‬ ‫•‬
‫دائم الشكوى‪.‬‬ ‫•‬
‫على املستوى السطحي يبدو لطيفاً‪.‬‬ ‫•‬
‫مع الوقت يظهر سلوكه الغريب الذي يتخلله العناد والتالعب‪.‬‬ ‫•‬
‫متشائم وساخر‪.‬‬ ‫•‬
‫يبدو أن السلوك السليب العدواني وسيلة جلعل اآلخرين يشعرون بعدم السعادة مثله‪.‬‬ ‫•‬
‫السلوك السليب العدواني عبارة عن عدوان مغلف لتجنب االنتقام‪ ،‬مثال (أنا فعالً أحب مظهرك‪،‬‬ ‫•‬
‫لكن هذه املوضة كانت منتشرة قبل عشرة أعوام‪ ،‬أليس كذلك؟!)‬

‫املغري الدرامي ‪:Seductive-Dramatic‬‬


‫مثري ومرح‪.‬‬ ‫•‬
‫جذاب وفاتن‪.‬‬ ‫•‬
‫يبحث عن جذب االنتباه (بسبب عدم األمان)‪.‬‬ ‫•‬
‫مغرٍ جنسياً وشكلياً‪.‬‬ ‫•‬
‫مندفع وجمازف‪.‬‬ ‫•‬
‫سطحي وقد يدمر ذاته‪.‬‬ ‫•‬
‫أكثر عرضه ألزمة منتصف العمر‪.‬‬ ‫•‬

‫‪27‬‬
‫الشخصيات المنتجة وغير المنتجة‬
‫صنّف (إريك فروم) الشخصيات بشكل رئيسي إىل شخصيات منتجة وغري منتجة‪ ،‬وفصّل يف كل نوع‬
‫من الشخصيات غري املنتجة حسب السمات اليت تطغى عليها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪-١‬الشخصية املنتجة ‪:Productive‬‬


‫تبحث عن احللول يف احلياة‪ ،‬تتمتع باملرونة‪ ،‬متفتحة الذهن‪ ،‬حتب التعلم‪ ،‬لديها القدرة على تغيري‬
‫املعتقدات وفقاً لألدلة‪ ،‬لديها ميل اجتماعي‪ ،‬وحتب األشخاص لذاتهم‪.‬‬

‫‪-٢‬الشخصيات غري املنتجة ‪:Non-productive‬‬


‫جمموعة من الشخصيات اليت يتسم أصحابها بتجنب حتمل املسؤولية احلقيقية ألفعاهلم مما مينع‬
‫اإلنتاجية والنمو النفسي‪ .‬كل شخصية من هذه الشخصيات هلا جوانب إجيابية وسلبية‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫الشخصية املتلقية ‪:Receptive‬‬


‫تعيش الوقت الراهن بسلبية‪ ،‬تقبل ما تُعطى‪ ،‬تتبع وال تقود‪ ،‬ليس لديها رأي أو خيار‪ ،‬تعتمد على‬
‫غريها‪ ،‬تعيش دور الضحية‪ ،‬تتجنب الصراعات‪ .‬أما من الناحية اإلجيابية فهي تتسم بالوفاء واإلخالص‪.‬‬

‫الشخصية االستغاللية ‪:Exploitive‬‬


‫عدوانية‪ ،‬متمركزة حول ذاتها‪ ،‬تستمتع باألخذ من اآلخرين‪ ،‬تأخذ ما حتتاج بدالً من االجتهاد‪ ،‬تتجسد يف‬
‫شخصية األرستقراطيني الذين أخذوا السلطة والثروة من الضعفاء‪ .‬أما من الناحية اإلجيابية فتتسم بالثقة بالنفس‪.‬‬

‫الشخصية االكتنازية ‪:Hoarding‬‬


‫تناضل للحفاظ على ما لديها‪ ،‬ودائماً ما تبحث عن املزيد‪ ،‬تبحث عن أصدقاء من املناصب العليا وتنظر‬
‫إليهم على أنهم ملكها‪ ،‬متثل الطبقة الوسطى أو الربجوازية‪ .‬أما من الناحية اإلجيابية فهي عملية واقتصادية‪.‬‬

‫الشخصية التسويقية ‪:Marketing‬‬


‫تبيع كل شيء‪ ،‬لديها وسواس يتعلق باملظهر‪ ،‬وشغف بالدعاية والتسويق الناجح لنفسها‪ .‬تقوم بتقييم كل‬
‫اختيار حسب الوجاهة من (مالبس‪ ،‬سيارات‪ ،‬سكن‪ ،‬حتى العائلة اليت تتزوج منها)‪ .‬يف أسوأ حاالتها تكون‬
‫انتهازية وضحلة وتنقصها اللباقة‪ .‬وهي يف أحسن حاالتها مفعمة بالدافع والنشاط وتعرف أهدافها جيداً‪.‬‬

‫الشخصية ال ِرمّية ‪:Necrophilous‬‬


‫متشائمة‪ ،‬حتب التحدث عن املرض واملوت‪ ،‬تسعى إىل التدمري‪ ،‬ختشى بشدة عدم السيطرة على جمريات األمور‪ ،‬لديها هاجس‬
‫باحلاجة لتطبيق األوامر‪ ،‬وتفضل اجلماد أكثر من البشر‪ .‬ويعد هتلر من أكثر الشخصيات اليت تتسم بهذه الصفات‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫الشخصية النرجسية‬
‫يتعلق مفهوم كلمة النّرجسية بأسطورة يونانية وهي شخصية (نرجس) وهو شاب مجيل وقع يف غرام‬
‫صورته‪ ،‬اليت شاهدها تنعكس على سطح النهر‪ ،‬فغرق فيه عندما حاول اعتناق صورته اليت أُغرم بها‪.‬‬
‫تعترب الشخصية النّرجسية ‪ Narcissistic Personality‬من الشخصيات اليت تتسم بنمط سائد من‬
‫التكرب والغرور والغطرسة والتعجرف وتبدو عليها املشاعر والسلوكيات اليت تتصف بالعظمة واألنانية‬
‫وحب الذات وحب إعجاب اآلخرين واإلحساس بأهمية الذات واملبالغة والتفاخر بإجنازاتها‪ .‬يعتقد‬
‫النرجسيون بتميزهم وتفردهم عن غريهم‪ ،‬وبأن الشخصيات اهلامة فقط هي من تستطيع فهمهم‪ ،‬كما‬
‫يعتقدون أنهم حباجة إىل معاملة خاصة متيزهم عن غريهم من البشر‪ ،‬كما يطمحون إىل الشهرة وعمل‬
‫األصداء‪ ،‬وينشغلون دائماً باإلسهاب يف ختيل ذاتهم وجناحاتهم وقوتهم ومجاهلم‪ ،‬بل وحتى ينشغلون‬
‫باحلب املثالي الذي يعتقدون واهمني باستحقاقه‪.‬‬
‫وهم يبحثون عن اإلعجاب بشكل مستمر‪ ،‬ويفتقدون إىل الشعور بالتعاطف مع اآلخرين‪ ،‬بل وقد‬
‫يتصنعون العطف والشفقة جتاههم لتحقيق أهدافهم‪ ،‬كما أنهم ميالون إىل حسد اآلخرين على‬
‫إجنازاتهم وجناحاتهم‪ ،‬والغريب يف األمر أنهم يعتقدون أنهم حمسودون من قبل اآلخرين‪ .‬هذه‬
‫الشخصيات متيل إىل استغالل إجنازات ومميزات اآلخرين والصعود على أكتافهم‪ ،‬وغالباً ما تكون‬
‫عالقاتهم الشخصية هشة وقد ال تستمر لوقت طويل‪ ،‬فهم يتعاملون مع االنتقاد بشكل سيء وقد‬
‫يغضبون عندما جيرؤ أحد ما على انتقادهم‪ ،‬أو قد يبدون أحياناً غري مبالني باالنتقاد‪ ،‬كما قد‬
‫يستفزون اآلخرين بأسلوبهم ومقاومتهم لألنظمة واألوامر بسهولة‪.‬‬
‫جتد هذه الشخصيات صعوبة يف التعامل مع اآلخرين وميالً لعدم تقبلهم‪ ،‬ورفضاً هلم على املستوى‬
‫الشخصي واالجتماعي وحتى الوظيفي‪ ،‬ذلك بسبب سلوكهم املتغطرس‪ .‬كما أنهم قد يعانون من أزمة‬
‫منتصف العمر‪ ،‬والتغريات الشكلية والبيئية أكثر من غريهم‪ .‬وقد تكون نرجسيتهم فكرية‪ ،‬أي‬
‫تتعلق بالثقة املبالغ بها‪ ،‬واإلحساس بتألق األفكار واملعتقدات‪ ،‬أو جسدية تتعلق بالشكل واملظهر‬
‫العام‪ ،‬أو قد تكون خليطاً من النوعني‪ .‬على الرغم من أن لدى هذه الشخصيات تضخم يف األنا‪ ،‬إال‬
‫أنها تعاني من اخنفاض التقدير للذات وامليل لإلِصابة باالكتئاب الحقاً‪.‬‬
‫هذه السمات الشخصية إذا افتقدت للمرونة وأصبحت غري قابلة للتكيف وأعاقت تواصل الشخص مع‬
‫احمليطني‪ ،‬عندها تنتقل من مرحلة السمات إىل مرحلة االضطراب‪.‬‬
‫وال ميكن تشخيص اضطراب الشخصية النّرجسية ‪ Narcissistic Personality Disorder‬إال‬
‫بعد اكتمال منو جوانب الشخصية يف سن الثامنة عشر‪ ،‬وتعترب نسبة احلاالت اليت تُشخص سريرياً‬
‫أقل من ‪ %1‬إىل ‪ %6‬من اجملتمع‪ .‬ومن حيث العوامل املسببة فقد حاولت عدة نظريات نفسية واجتماعية‬
‫تفسري هذا النمط السلوكي‪ ،‬إال أن أغلبها كانت متيل حنو وجود قصة لعدم إشباع االحتياجات‬

‫‪31‬‬
‫النفسية أثناء فرتة الطفولة الباكرة‪ ،‬باإلضافة إىل النظريات األخرى املتعلقة باضطرابات الشخصية‬
‫كمراحل النمو النفسي اجلنسي واملدارس املعرفية والسلوكية‪ ،‬حيث أشارت بعض الدراسات إىل أن‬
‫أبناء أصحاب هذه الشخصيات قد يكونون عرض ًة الكتساب هذه السلوكيات الحقاً‪.‬‬
‫ومبا أن سلوك هذه الشخصيات يتسم بالكِرب والغطرسة فإنها مُتعبةٌ يف التعامل‪ ،‬لذلك فإن التعامل‬
‫معها حيتاج إىل ضبط النفس وهدوء األعصاب وعدم إظهار التوتر والضعف‪ ،‬ألن ذلك يعزز من‬
‫نرجسيتها‪ .‬أثناء احلوار يتم تقليل استخدام األسئلة املفتوحة معها‪ ،‬ألنه يعطيها جماالً للتحدث باسرتسال‬
‫عن إجنازاتها واستعراض جناحاتها‪ ،‬كما أنها تتنظر الفرصة الستعراض قدراتها ومعلوماتها أمام‬
‫الطرف اآلخر‪ .‬هذه الشخصيات تبحث أثناء النقاش عن املدح واإلطراء على أسلوبها وتتجنب من‬
‫يعارضها أو يقول هلا ال‪ ،‬لذلك فإن أفضل طرق التحاور معها هو استخدام اسلوب (نعم‪ ،‬ولكن) مبعنى‬
‫نتفق معك يف جزء ونتحفظ على اجلزء اآلخر بلباقة‪.‬‬
‫عالج هذه الشخصيات غالباً ما يكون صعباً‪ ،‬ذلك ألنها متمسكة بتفكريها النرجسي مما جيعلها‬
‫تقاوم فكرة املرض من أساسه قبل أن تقتنع بالعالج‪ .‬رغم أنه مع تقدم العمر قد يصل بعضهم إىل شيء‬
‫من النضج يف التفكري والسلوك‪ .‬وإن من أبرز العالجات النفسية املستخدمة هو العالج النفسي التحليلي‬
‫للشخصية‪ ،‬الذي يتطلب فرتة زمنية طويلة‪ ،‬أو العالج اجلماعي الذي يهدف إىل تعليمهم كيفية‬
‫التعاطف مع اآلخرين واالهتمام مبشاعرهم‪ .‬وقد يتم استخدام بعض األدوية النفسية على نطاق ضيق‬
‫كمثبتات املزاج ومضادات القلق واالكتئاب‪ ،‬اليت تستخدم للتقلبات املزاجية واألعراض االكتئابية‬
‫الناجتة عن صعوبة تعاملهم مع رفض اآلخرين‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫أنواع اضطراب الشخصية النرجسية‬
‫تعددت التصنيفات يف العديد من األحباث حول أنواع ومسات اضطراب الشخصية النّرجسية ونذكر‬
‫من أبرزها النوعني التاليني‪:‬‬

‫‪ .1‬نرجسيو العظمة ‪:Grandiose-Narcissists‬‬


‫يعترب هذا النوع امتداداً الضطراب الشخصية النّرجسية ‪ NPD‬املتعارف عليه‪ .‬حيث يظهر هؤالء‬
‫األشخاص الصورة اخلارجية للكِرب والعظمة والغطرسة والثقة اليت تتماشى مع أحاسيسهم الداخلية‬
‫بالعظمة‪ .‬وتنطوي مساتهم على ما يلي‪:‬‬
‫منفتحني‪.‬‬ ‫•‬
‫أقل قلقاً‪.‬‬ ‫•‬
‫لديهم تعبري واضح عن مشاعر الفوقية واالستخفاف‪.‬‬ ‫•‬
‫لديهم تقدير مرتفع للذات‪.‬‬ ‫•‬
‫ال يتأثرون بالتغذية الراجعة السلبية أو االنتقاد‪.‬‬ ‫•‬

‫‪ .2‬نرجسيو التأثر ‪:Vulnerable-Narcissists‬‬


‫يُسمَّــــــــــــون أيضــــــــــــاً بالنرجسيني (احلساسني ‪ ،Sensitive‬املقنعني ‪ ،Masked‬أو املنكمشني‬
‫‪ )Deflated‬وهم يظهرون الصورة اخلارجية للقوة ولكنهم يشعرون بالضعف والصغر داخلياً‪.‬‬
‫وتنطوي مساتهم على التالي‬
‫متمركزين حول ذاتهم‪.‬‬ ‫•‬
‫منطوين‪.‬‬ ‫•‬
‫أكثر قلقاً‪.‬‬ ‫•‬
‫دفاعيني‪.‬‬ ‫•‬
‫جتنبيني‪.‬‬ ‫•‬
‫حساسني جتاه االنتقاد‪.‬‬ ‫•‬
‫خجولني يف حقيقتهم‪.‬‬ ‫•‬
‫يقلقون من نظرات اآلخرين‪.‬‬ ‫•‬
‫يبالغون يف انفعاالتهم‪.‬‬ ‫•‬

‫‪34‬‬
‫حيتاجون إىل التطمني‪.‬‬ ‫•‬
‫مقتنعني بأنهم أفضل من اآلخرين‪.‬‬ ‫•‬
‫لديهم انشقاق يف صورة الذات (صورة إجيابية مرتبطة باالعتزاز الزائد‪ ،‬وصورة سلبية مرتبطة‬ ‫•‬
‫باخلجل واملذلة)‪.‬‬
‫إذا حصلوا على تغذية راجعة إجيابية فإنهم خيفون صورة الذات السلبية حتت مستوى الوعي‪.‬‬ ‫•‬
‫وإذا واجهوا انتقاداً فإنهم يواجهون صورة الذات السلبية ويشعرون باخلجل العميق‪.‬‬ ‫•‬

‫‪35‬‬
‫الصيام المتقطع‬
‫انتشر يف اآلونة األخرية مفهوم قديم متجدد هو الصيام املتقطع ‪ Intermittent Fasting‬كوسيلة‬
‫لتخفيف الوزن‪ ،‬ومقاومة كِبَر السن والشيخوخة‪ ،‬والتمتع حبياة أطول‪ ،‬إضافة إىل تعزيز جوانب‬
‫الصحة النفسية واجلسدية‪.‬‬
‫والصيام املتقطع عبارة عن تعيني أوقات حمددة بشكل منتظم‪ ،‬يتم فيها التوقف عن األكل أو استهالك‬
‫عدد قليل جداً من السعرات احلرارية‪ .‬وكما هو معروف فالصيام يريح اجلهاز اهلضمي‪ ،‬ويساعد‬
‫اجلسم على إصالح ذاته على املستوى اخللوي‪ ،‬كما أنه حيفز اجلسم على االستفادة من الدهون‬
‫املخزنة إلنتاج الطاقة‪ ،‬مما يساعد يف خفض الوزن‪ .‬كما جيب أال ننسى أن فرتة النوم تعترب فرتة صيام‬
‫طبيعية يغفل عنها الكثري وحتتاج إىل إعادة تنظيم‪.‬‬
‫يف الصيام املتقطع يسمح للشخص بتناول الطعام خالل ست أو مثان أو عشر ساعات يف اليوم‪ ،‬ويكمل‬
‫صيامه خالل األربع عشرة إىل الثماني عشرة ساعة املتبقية من اليوم‪ .‬ويفضّل البعض صيام يوم كامل‪،‬‬
‫أربع وعشرين ساعة (يشرب خالهلا املاء والسوائل فقط) ويكرر هذا يوماً أو يومني يف األسبوع‪ .‬كما‬
‫أن البعض يفضل النظام الروتيين الذي يسمى (صيام ‪ )2 :5‬وهنا يتم حتديد أيام معينة يتم فيها ختفيض‬
‫السعرات احلرارية (تناول حوالي مخسمئة سعرة حرارية) كل يومني إىل ثالثة أيام مع تناول الطعام‬
‫بشكل عادي يف األيام األخرى‪.‬‬
‫أشارت الدراسات احلديثة لوجود العديد من الفوائد املتنوعة واهلامة يف الصيام املتقطع‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫• خفض الوزن‪.‬‬
‫• حتسني احلالة املزاجية‪.‬‬
‫• حتسني اإلحساس باإلجناز والسيطرة‪.‬‬
‫• خفض الشعور باألمل املزمن‪.‬‬
‫• خفض مستوى االلتهابات‪.‬‬
‫• حتسني استجابة اجلسم لألنسولني‪.‬‬
‫• خفض الدهون الضارة والكوليسرتول‪.‬‬
‫• خفض مستوى ضغط الدم‪.‬‬
‫• التحكم بالشهية وتقليل االشتياق للسكريات‪.‬‬
‫• إبطاء عملية الشيخوخة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫• حتسني كفاءة اجلهاز املناعي‪.‬‬
‫• احتمال عالج بعض السرطانات وبعض األمراض العصبية كالزهامير والشلل الرعاشي‪.‬‬
‫• تقليل احتمال اإلِصابة باألورام السرطانية‪.‬‬
‫• تعزيز قدرة اجلسم على إصالح اخلاليا واحلمض النووي‪.‬‬
‫• جتديد خاليا اجلسم والتخلص من اخلاليا امليتة والتالفة املليئة بالسموم‪.‬‬
‫• تعزيز إفراز اجلسم هلرمون النمو الذي يساعد على حرق الدهون واحلفاظ على كتلة العضالت‪.‬‬
‫• تعزيز قدرة اجلسم على محاية نفسه من اإلجهاد التأكسدي الذي يعد أحد العوامل املهمة يف‬
‫الشيخوخة واملرض‪.‬‬
‫• تنظيم أوقات الساعة البيولوجية لألكل يساعد على تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية للنوم‪.‬‬
‫يف الصيام صحة نفسية وجسدية وفضل كبري (صوموا تصحوا)‪ .‬واجلدير بالذكر‪ ،‬ضرورة استشارة‬
‫الطبيب وأخصائي التغذية ملن يعاني من مشكالت صحية‪ ،‬فقد يناسب الصيام البعض وال يناسب‬
‫البعض اآلخر لظروف صحية أو نفسية‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الطعام والصحة النفسية‬
‫يؤثر الطعام على صحتنا النفسية بشكل عام‪ ،‬من حيث احلالة املزاجية والنشاط والوظائف املعرفية‬
‫كالذاكرة والرتكيز وغريها من اجلوانب النفسية‪ ،‬ومن هذا املنطلق نستعرض بعض ما أشارت اليه‬
‫الدراسات يف هذا اجملال‪:‬‬
‫األغذية الغنية بالفواكه واخلضروات الطازجة واحلبوب الكاملة والربوتينات اخلالية من الدهون‬ ‫•‬
‫تساعد يف حتسني احلالة املزاجية وزيادة مشاعر السعادة وتقلل من أعراض االكتئاب‪.‬‬
‫الوجبة الكيتونية اليت تقلل من استخدام الكربوهيدرات وتركز على السعرات احلرارية من‬ ‫•‬
‫الدهون والربوتينات تقلل من نوبات االختالج لدى األطفال الذين يعانون من الصرع‪.‬‬
‫نقص فيتامني (ب ‪ )12‬يرتبط بالكسل‪ ،‬واخلمول‪ ،‬وضعف الذاكرة والرتكيز‪ ،‬واالكتئاب‪،‬‬ ‫•‬
‫ونوبات اهلوس والذهان‪.‬‬
‫نقص محض الفوليك لدى احلوامل قد يؤدي إىل صعوبات يف النمو عند األجنة واحتمال إصابتهم‬ ‫•‬
‫باالكتئاب الحقاً‪.‬‬
‫نقص النياسني ميكن ان يؤدي إىل عته (أو خرف الشيخوخة) وإسهال وحكة جلدية‪.‬‬ ‫•‬
‫فيتامني د مهم للجهاز العصيب‪ ،‬حيث وجدت الدراسات أن مستقبالت فيتامني د منتشرة يف اجلسم‬ ‫•‬
‫والدماغ‪ ،‬خاصةً مناطق الدماغ املسؤولة عن الفيزيولوجيا املرضية لالكتئاب كالفص اجلبهي‪،‬‬
‫التلفيف احلزامي‪ ،‬املهاد‪ ،‬حتت املهاد‪ ،‬احلصني‪ ،‬واملادة السوداء‪.‬‬
‫محية البحر املتوسط اليت تركز على األطعمة الكاملة والربوتينات اخلالية من الدهون‪ ،‬وتقلل‬ ‫•‬
‫من األطعمة املعاجلة والسكريات تساعد على حتسني مستوى الوظائف املعرفية‪ ،‬بينما الوجبات‬
‫الغنية بالسكريات والدهون‪ ،‬تؤدي إىل أمراض القلب واألوعية الدموية واضطرابات االستقالب‬
‫مما يؤثر على الوظائف املعرفية‪.‬‬
‫استخدام املكمالت الغذائية أو استبعاد بعض األغذية‪ ،‬تؤيدها العديد من الدراسات (الغري‬ ‫•‬
‫مؤكدة حتى اآلن) لعالج حاالت فرط احلركة وتشتت االنتباه‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫القهم العصبي‬
‫يعترب القهم العصيب (فقد الشهية العصيب) أحد االضطرابات النفسية اليت تتميز بالتجويع الذاتي‬
‫الشديد واخلوف من البدانة‪ ،‬وهو أكثر شيوعاً يف سن املراهقة خاصة لدى املراهقات (‪،)%1-0.5‬‬
‫وتزيد إِصابة اإلناث عشرة أضعاف عن الذكور‪ ،‬وأكثرهن من اللواتي يعملن يف اجملاالت اليت تتطلب‬
‫الرشاقة كالباليه واألزياء‪.‬‬
‫ولالضطرابات النفسية املرافقة نصيب من القهم العصيب‪ ،‬حيث أن ‪ %65‬منهم يعاني من االكتئاب‪،‬‬
‫‪ %35‬يعاني من القلق االجتماعي‪ %25 ،‬يعاني من الوسواس القهري‪ .‬أما العوامل املسببة فهي متنوعة‬
‫وتشتمل على عوامل وراثية‪ ،‬نفسية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬وبيولوجية‪.‬‬
‫ميكن اختصار عالمات هذا االضطراب يف كلمة (أكل) وهي كالتالي‪:‬‬
‫أ) اضطراب يف إدراك وزن اجلسم أو صورته‪:‬‬
‫مما يؤثر على التقييم الذاتي أو عدم اإلدراك خلطورة اخنفاض الوزن‪.‬‬
‫ك) كمية من اخلوف من زيادة الوزن أو البدانة‪:‬‬
‫أو سلوكيات حتد من زيادة الوزن رغم اخنفاضه‪.‬‬
‫ل) جلوء إىل تقليل الوارد من الطاقة بالنسبة لالحتياج‪:‬‬
‫مما يؤدي إىل اخنفاض الوزن يف سياق العمر واجلنس والنمو والصحة البدنية‪.‬‬
‫هنالك نوعان شائعان هلذا االضطراب‪:‬‬

‫‪ .1‬النوع النَهِم أو التطهريي‪:‬‬


‫خالل الثالثة أشهر املاضية‪ ،‬سبق للشخص االخنراط يف نوبات من األكل النهم أو السلوك‬
‫التطهريي (كتقيؤ ذاتي‪ ،‬استخدام امللينات‪ ،‬مدرات البول‪ ،‬أو املسهالت)‪.‬‬

‫‪ .2‬النوع املقيد‪:‬‬
‫خالل الثالثة أشهر املاضية‪ ،‬مل ينخرط الشخص يف نوبات األكل النهم أو السلوك التطهريي‪،‬‬
‫وإمنا يتم استخدام احلمية‪ ،‬الصيام‪ ،‬أو املبالغة يف الرياضة‪.‬‬
‫شدة االضطراب‪:‬‬
‫بسيط‪ :‬مؤشر كتلة اجلسم أكثر من ‪ 17‬كلجم‪/‬م‪.²‬‬ ‫•‬
‫متوسط‪ :‬مؤشر كتلة اجلسم ‪ 17-16‬كلجم‪/‬م‪.²‬‬ ‫•‬

‫‪42‬‬
‫شديد‪ :‬مؤشر كتلة اجلسم ‪ 16-15‬كلجم‪/‬م‪.²‬‬ ‫•‬
‫مفرط‪ :‬مؤشر كتلة اجلسم أقل من ‪ 15‬كلجم‪/‬م‪.²‬‬ ‫•‬

‫العالج‪:‬‬

‫التنويم يف املستشفى‪:‬‬
‫يتم اختاذ القرار من قبل الطبيب بناءً على احلالة الطبية‪ ،‬الستعادة تغذية اجلسم وتعويض وتصحيح‬
‫مستوى السوائل فيه‪ ،‬وعالج التجفاف الذي قد يؤدي إىل الوفاة‪ ،‬إضافة إىل املراقبة والعالج الدوائي‬
‫والسلوكي‪.‬‬

‫العالج النفسي‪:‬‬
‫أثبتت الدراسات فعالية العالج املعريف السلوكي يف عالج القهم العصيب‪ ،‬إضافة لوجود دراسات متعددة‬
‫تدعم العالج الدينامي‪ ،‬العالج األسري‪ ،‬والعالج الدوائي‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫النهم العصبي‬
‫يعترب النهم العصيب أو البوليميا العصبية أحد أنواع االضطرابات النفسية املتعلقة باألكل‪ ،‬وهو يتسم‬
‫بوجود نوبات متكررة من الشراهة عند األكل‪ ،‬مييزها (أكل كمية أكرب مما يأكله اآلخرون أثناء‬
‫نفس الفرتة وحتت نفس الظروف‪ ،‬إضافة إىل إحساس بفقدان السيطرة على األكل أثناء النوبة)‪.‬‬
‫كما يالحظ على املريض بعض السلوكيات التعويضية ملنع اكتساب الوزن (كالتقيؤ الذاتي‪،‬‬
‫استخدام امللينات‪ ،‬مدرات البول‪ ،‬املسهالت‪ ،‬الصيام‪ ،‬واملبالغة يف الرياضة)‪.‬‬
‫حيدث الشره عند األكل والسلوكيات التعويضية مرة يف األسبوع على األقل ملدة ثالثة أشهر‪ ،‬كما‬
‫ترتاوح شدة أعراض هذا االضطراب كما يلي‪:‬‬
‫بسيط‪ :‬مبعدل نوبة إىل ثالث نوبات من السلوكيات التعويضية خالل األسبوع‪.‬‬ ‫•‬
‫متوسط‪ :‬مبعدل أربع إىل سبع نوبات من السلوكيات التعويضية خالل األسبوع‪.‬‬ ‫•‬
‫شديد‪ :‬مبعدل مثان إىل ثالث عشرة نوبة من السلوكيات التعويضية خالل األسبوع‪.‬‬ ‫•‬
‫مفرط‪ :‬مبعدل أربع عشرة نوبة أو أكثر من السلوكيات التعويضية خالل األسبوع‪.‬‬ ‫•‬
‫كما يعاني البعض من (النهم العصيب السكري) أو ما يسمى بالداي بوليميا "مشتقة من بداية كلمة‬
‫السكري ‪ "Diabetes‬وهو عبارة عن اضطراب أكل حيدث ملرضى السكري من النوع األول الذين‬
‫يعطون أنفسهم جرعات أقل من األنسولني املطلوب‪ ،‬أو يتجنبون بعض اجلرعات بهدف إنقاص الوزن‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫سيجموند فرويد (‪1856‬م‪1939-‬م)‬
‫ولد عامل التحليل النفسي (سيغموند شلومو فرويد) عام ‪ 1856‬يف بريبور مبنطقة مورافيا اليت تعترب‬
‫اآلن جزءاً من مجهورية التشيك‪ .‬كان والده تاجر أخشاب يهودياً‪ ،‬وقد كان سيغموند الطفل املفضل‬
‫ألمه حيث كانت تسّميه (سيجي الذهيب)‪ .‬عندما بلغ الرابعة من عمره انتقلت أسرته إىل فيينا عاصمة‬
‫النمسا حيث حتول امسه من (سيغيسموند إىل سيغموند)‪ .‬خترج من كلية الطب من جامعة فيينا عام‬
‫‪ ،1881‬وأكمل ختصصه يف املخ واألعصاب عام ‪ ،1886‬تزوج من (مارثا برينز) وأجنب منها ستة‬
‫أطفال من بينهم (إيرنست وآنا فرويد)‪ .‬ويف عام ‪ 1908‬بدأ بتطوير أسلوبه اجلديد يف التحليل النفسي‪،‬‬
‫كما أسس (فرويد) مجعيته التحليلية اليت ضمنت استمرار مدرسته وأفكاره‪ ،‬وأثناء احلرب العاملية‬
‫الثانية قام النازيون حبرق أعماله يف العلن‪ ،‬فتوجه بعدها إىل لندن‪ ،‬وتويف باالنتحار املدعوم بعد إصابته‬
‫بسرطان الفم عام ‪ .1939‬من أعماله الرئيسية (تفسري األحالم ‪ ،1900‬املِراضة النفسية للحياة اليومية‬
‫‪ ،1904‬ثالث مقاالت يف النظرية اجلنسية ‪ ،1905‬ما فوق مبدأ اللذة ‪ ،1920‬قلق يف احلضارة‬
‫‪1930‬م)‪.‬‬
‫كانت بداية (فرويد) الفعلية مع العقل الالواعي عام ‪ 1885‬عندما شاهد أعمال طبيب املخ واألعصاب‬
‫الفرنسي (جان مارتن شاركو) الذي عاجل مرضاه النفسيني بالتنويم اإلحيائي‪ ،‬والذي كان ينظر إىل‬
‫اهلسترييا على أنها اضطراب عصيب نتيجة اختالالت عصبية‪ .‬وعندما عاد (فرويد) إىل النمسا كان‬
‫متحمساً الستخدام أفكار (شاركو) لكنه عانى من إجياد تطبيقات عملية هلا‪.‬‬
‫ثم قابل طبيب األعصاب املشهور النمساوي املعروف (جوزيف بروير) والذي عَلِم باهتمام فرويد باجلانب‬
‫التحليلي فأخربه عن حالة غريبة لديه لسيدة تعاني من أعراض هستريية "امسها املستعار آنا" واليت وجد‬
‫صعوبة يف عالجها على مدى عام ونصف‪ ،‬فاستطاع خفض شدة األعراض من خالل طلبه منها وصف‬
‫ختيالتها وهالوسها! باستخدام التنويم اإلحيائي لتسهيل الوصول إىل ذكرياتها املؤملة‪ ،‬وبعد جلستني‬
‫أسبوعياً من هذا االسلوب اخنفضت أعراضها بشكل كبري مما جعله يستنتج بأن األعراض كانت‬
‫نتيجة ذكريات مدفونة يف العقل الالواعي وأن صوت األفكار هو الذي أوصلها للعقل الواعي‪.‬‬
‫أصبح (بروير) بعدها صديقاً وزميالً (لفرويد)‪ ،‬وقاما بتطوير طريقة عالجية لتحرير واستدعاء ومواجهة‬
‫اخلربات والذكريات املكبوتة ذهنياً وانفعـالياً‪ ،‬استناداً إىل فكرة أن العديد من االضطرابات‬
‫النفســية (القلق‪ ،‬اخلوف غري املربر‪ ،‬اهلسترييا‪ ،‬الشلل واألمل النفسي‪ ،‬وأنواع معينة من البارانويا)‬
‫كانت نتيجة خربات مؤملة حدثت يف املاضي وخمتبئة بعيداً عن العقل الواعي‪ .‬لكن (بروير) اختلف مع‬
‫(فرويد) وافرتق عنه‪ ،‬بسبب تركيزه على األساس واحملتوى اجلنسي للعصاب‪( ،‬املشكالت اليت‬
‫تسببها الصراعات النفسية)‪ ،‬واستمر (فرويد) يف تطوير أفكاره وفَنيّاته النفسية التحليلية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫منوذج فرويد‪:‬‬
‫عندما نكون مغمورين بأفكارنا وذكرياتنا ودوافعنا‪ ،‬أو تكون غري مالئمة للعقل الواعي وال يستطيع‬
‫حتملها‪ ،‬يتم كبتها ️⬅ ختزن يف العقل الالواعي مع الدوافع الغريزية حيث ال يستطيع العقل الواعي‬
‫الوصول إليها على الفور ️⬅ يوجه العقل الالواعي أفكارنا وسلوكياتنا ️⬅ يُحدث االختالف بني‬
‫األفكار الواعية والالواعية شيئاً من التوتر ️⬅ ال ميكن حترير املكبوتات إال من خالل الوصول‬
‫للعقل الواعي من خالل التحليل النفسي‪.‬‬
‫شبّه (فرويد) اجلهاز النفسي جببل اجلليد‪ ،‬حيث تقبع اهلُو والدوافع البدائية يف العقل الالواعي‪،‬‬
‫وتتعامل (األنا) مع األفكار الواعية‪ ،‬وتنظم اهلُو واألنا العليا صوتنا الناقد واحلاكم‪ .‬كما شبّه العقل‬
‫الواعي بالدمية بني يدي العقل الالواعي‪ ،‬وأنه عبارة عن كرة بداخله وجبانبه ما قبل الوعي‪ .‬وأن كل‬
‫شيء واعٍ وندركه كان ال واعياً يف األصل قبل أن يصل إىل الوعي‪ .‬مع ذلك ال يصبح كل شيء معروفاً‬
‫بشكل واعٍ فالكثري من الالوعي يبقى هناك‪ .‬فالذكريات اليت ال نعيها يومياً يف ذاكرتنا العاملة‪،‬‬
‫واليت مل تكبت تبقى يف اجلزء من العقل الواعي الذي أمساه (فرويد) "ما قبل الوعي"‪ ،‬حيث نستطيع‬
‫استدعاء هذه الذكريات بشكل واعٍ يف أي وقت‪.‬‬
‫يعمل العقل الالواعي كوعاء لألفكار أو الذكريات القوية‪ ،‬واملؤملة‪ ،‬أو اليت ال يستطيع العقل الواعي‬
‫معاجلتها‪ .‬كما يعتقد أنه عندما تطغى أفكار أو ذكريات معينة‪ ،‬فإنها تنشق عن الذاكرة اليت‬
‫ميكن الوصول إليها‪ ،‬من خالل العقل الواعي وتُخَزن يف العقل الالواعي‪.‬‬
‫كما تأثر (فرويد) بعامل الفيزيولوجيا (آرنست بروك)‪ ،‬الذي كان يعتقد أن لإلنسان نظام طاقة‬
‫كباقي الكائنات احلية‪ ،‬وخيضع لقانون حفظ الطاقة‪ .‬يشري هذا القانون إىل أن كمية الطاقة يف‬
‫نظام معني تبقى ساكنة مع مرور الوقت‪ ،‬فال تفنى ولكن تنتقل أو تتحول‪ ،‬فطبق (فرويد) هذه‬
‫الفكرة على العمليات الذهنية مما أوصله إىل مفهوم (الطاقة النفسية)‪ ،‬فإذا كانت لدينا أفكار ال‬
‫يتقبلها العقل الواعي (كاالعتداءات أو احلوادث)‪ ،‬فإنه يعيد توجيهها بعيداً عن األفكار الواعية إىل‬
‫العقل الالواعي‪ ،‬وأطلق عليها عملية (الكبت)‪.‬‬
‫كما توجد يف العقل الالواعي الدوافع البيولوجية الفطرية‪ ،‬اليت توجه سلوكنا وتليب احتياجاتنا‬
‫األساسية‪ ،‬اليت حتافظ على النوع والبقاء (كاألكل‪ ،‬والشرب‪ ،‬واجلنس‪ . . .‬إخل)‪ ،‬إضافة إىل الغرائز‬
‫املتناقضة (كغريزة املوت املدمرة للذات ‪ Thanatos‬والعدوان جتاه الذات كالغضب ونقد الذات‬
‫واالكتئاب واالنتحار‪ ،‬أو العدوان جتاه اآلخرين كالغضب والتمييز‪ .‬إخل‪ ،‬وغريزة احلياة ‪ Eros‬اليت‬
‫تولد طاقة الشهوة ‪ Libido‬كاحلب‪ ،‬واجلنس‪ ،‬والتعاون‪ ،‬واالنتماء‪ ،‬واملبادرة وغريها‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫ويف أعماله األخرية‪ ،‬ابتعد (فرويد) عن فكرة وتركيبة (العقل الواعي‪ ،‬العقل الالواعي‪ ،‬ما قبل‬
‫الوعي) ليفرتض تركيبة جديدة وهي الرتكيبة الذهنية (األنا‪ ،‬األنا العليا‪ ،‬اهلو) حيث اهلو يتكون‬
‫من دوافع بدائية ختضع ملبدأ املتعة ‪ Pleasure Principle‬وهو التلبية الفورية للرغبات والنزوات‪ .‬أما‬
‫األنا فتخضع ملبدأ الواقعية ‪ Reality Principle‬الذي يقول بأننا ال نستطيع احلصول على كل ما‬
‫نريد وجيب أن نفكر يف العواقب‪ ،‬كما أنه يتفاوض مع اهلو حملاولة إجياد طرق منطقية لتلبية‬
‫احتياجاته دون عواقب سلبية‪ .‬وتتحكم األنا العليا (الصوت الداخلي للوالدين واألخالق اجملتمعية)‬
‫باألنا‪ ،‬فهي القوة احلاكمة ومصدر الضمري والشعور بالذنب واخلجل‪ .‬وتعد الصراعات بني هذه القوى‬
‫مصدر الصراع النفسي املسبب للمعاناة النفسية‪.‬‬

‫العالج النفسي التحليلي‪:‬‬


‫مبا أن العقل الالواعي ال ميكن الوصول إليه مباشرة‪ ،‬فإن الطريقة الوحيدة ملعرفة الصراعات هي من‬
‫خالل األعراض املوجودة يف العقل الواعي‪ ،‬كما أن املعاناة العاطفية هي نتيجة الصراعات الالواعية‪،‬‬
‫فال ميكننا االستمرار مبناهضة املواد املكبوتة اليت حتاول الظهور ومناهضة قوة املوت دون معاناة‬
‫نفسية‪ .‬إن التحليل النفسي عملية طويلة وليست بالسهلة‪ ،‬فهي حتتاج إىل التدريب على األسلوب‬
‫الفرويدي‪ ،‬الذي يتم فيه متديد املريض على األريكة والسماح له بالتحدث بينما ال يكون املعاجل يف‬
‫جمال رؤية املريض‪ ،‬وهي عبارة عن عدة جلسات متتد أحياناً إىل ساعات‪ ،‬عدة مرات يف األسبوع‪،‬‬
‫ولعدة سنوات‪ .‬حيث يعمل املعاجل كوسيط أو مُيّسر ليسمح لألفكار أو املشاعر غري احملكية بالظهور‪.‬‬
‫ويقوم احمللل بتفسري الرسائل والرموز اليت تربز من الصراع بني العقل الواعي والالواعي‪ ،‬باستخدام‬
‫أدوات التحليل النفسي مثل حتليل األحالم ‪ Dream Analysis‬حيث يعتقد فرويد أن احللم ميثل‬
‫حتقيق رغبة‪ ،‬وكلما كانت الرغبة غري مستساغة للعقل الواعي كلما كانت خمفية أو مشوهة يف‬
‫احللم‪ ،‬مثال (عندما يرى احلامل نفسه عارياً فإن املصدر األولي هلذا احللم عند أغلب الناس‪ ،‬هو‬
‫ذكريات الطفولة املبكرة حينما ال يكون هناك استهجان للتعري أو شعور باخلجل جتاهه)‪ .‬من‬
‫الفنيات املستخدمة يف كشف حمتوى العقل الالواعي (زالت اللسان الفرويدية) أي األخطاء اللفظية‬
‫اليت يصدرها الشخص دون قصد‪ ،‬وهي تعكس األفكار واملعتقدات أو املشاعر املكبوتة‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل املثال الرجل الذي يريد ان يشكر امرأة على العشاء يقول (‪)the breast dinner ever‬‬
‫كذلك هنالك فنيات أخرى متعددة يطول ذكرها منها ما يسمى بالتداعي احلر ‪Free Association‬‬
‫والتحويل ‪.Transference‬‬
‫يف اخلتام‪ ،‬حاول (فرويد) التأثري على جمتمع الصحة النفسية من خالل تدريبهم وتأسيس مجعية علم‬
‫النفس التحليلي البارزة يف فيينا‪ .‬لكن مع الوقت أجرى العديد من تالمذته وعدد من املهنيني بعض‬
‫التعديالت على أفكاره إىل أن انشقت اجلمعية إىل ثالث جمموعات‪ :‬الفرويديون (الذين استمروا على‬
‫أفكاره األساسية)‪ ،‬الكالنيني (الذين اتبعوا أفكار كالين ميالني)‪ ،‬والفرويديون اجلدد (الذين‬

‫‪49‬‬
‫دجموا أفكار فرويد يف ممارساتهم األوسع)‪ .‬ومن هنا تضمنت مدرسة التحليل النفسي احلديثة أكثر‬
‫من ‪ 22‬مدرسة خمتلفة يف أفكارها وتشعباتها واليت يتبناها بعض املعاجلني اليوم‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫علم النفس المجهري‬
‫علم النفس اجملهري أو املايكرو سيكولوجي ‪ Micro-Psychology‬هو من علوم النفس اليت تتعامل‬
‫مع املعلومات األساسية املتعلقة باآلليات اليت يستخدمها الدماغ‪ ،‬حيث أن هذه اآلليات جينية يف أساسها‬
‫وال تعتمد على معنى املعلومات املتداولة‪.‬‬
‫وتعد اآلليات األساسية اليت تشفر املعلومات وختزنها يف تركيبات معلوماتية؛ وتسرتدها وتطبقها يف‬
‫األنشطة الذهنية واجلسدية؛ وتكوّن معلومات جديدة من املوجودة؛ من األمور املتعلقة بعلم النفس‬
‫اجملهري‪.‬‬
‫علم النفس بشكل عام‪ ،‬وعلم النفس اجملهري حياوالن فهم اآلليات القابعة خلف السلوك اإلنساني‪.‬‬
‫وبينما يتسم أسلوب علم النفس عموماً بشكلٍ من الرتكيز يتجه من األعلى إىل األسفل ‪Top-Down‬‬
‫(حتليلي) حبيث يبدأ بسلوك ما‪ ،‬ثم ينظر إىل أي سلوكيات فرعية أو قوى ذهنية تسببه‪ ،‬بينما يتسم‬
‫أسلوب علم النفس اجملهري برتكيزٍ يتجه من األسفل إىل األعلى ‪( Down-Top‬جتميعي) حبيث يبدأ‬
‫بالعناصر األساسية جداً‪ ،‬املتعلقة مبعاجلة الدماغ الروتينية للمعلومات ليبين من خالهلا السلوك‪.‬‬
‫اهلدف الرئيسي لعلم النفس اجملهري هو فهم مجيع اآلليات الفيزيولوجية األساسية‪ ،‬املتعلقة بتعامل‬
‫الدماغ مع املعلومات‪ ،‬وتبيان كيفية بناء مجيع األنشطة الذهنية‪.‬‬
‫يستطيع علم النفس اجملهري حالياً الرتكيز فقط على املنظور العملياتي لآلليات الفيزيولوجية‬
‫األساسية‪ ،‬وتوضيح كيفية إسهامها يف عمليات ذهنية معقدة‪.‬‬
‫أخرياً‪ ،‬يوجد أسلوب جديد يف علم االجتماع‪ ،‬يسمى علم االجتماع اجملهري أو املايكرو سوسيولوجي‬
‫‪ Micro-Sociology‬والذي يتشابه مع أسلوب وتوجه علم النفس اجملهري‪ ،‬من حيث األسلوب‬
‫التجميعي من األسفل إىل األعلى‪ ،‬أي من التفاعالت بني األشخاص وجهاً لوجه إىل التفاعالت‬
‫االجتماعية األوسع‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫فيتامين د‬
‫يعترب (فيتامني د) من الفيتامينات املهمة اليت تعزز الوظائف احليوية يف اجلسم‪ ،‬فهو يساعد األمعاء‬
‫على امتصاص الكالسيوم والفوسفات الضروريني لصحة العظام‪ .‬بالتالي‪ ،‬فإن نقص فيتامني د قد‬
‫يسبب ليونة أو هشاشة العظام حيث حيدث الكساح عند األطفال‪ ،‬وترقق العظام عند البالغني‪،‬‬
‫وهشاشة العظام عند كبار السن‪.‬‬
‫هذا الفيتامني مهم للعضالت واألعصاب واجلهاز املناعي ولضبط االلتهابات ومنو اخلاليا (بعض‬
‫الدراسات تربط بني نقص فيتامني د واألورام؛ كأورام الثدي والقولون والربوستات)‪.‬‬
‫وهو مهم أيضاً للدماغ واجلهاز العصيب‪ ،‬فرغم أنه ال توجد عالقة واضحة بني نقص فيتامني د واإلِصابة‬
‫باالكتئاب‪ ،‬إال أن بعض الباحثني وجدوا أن مستقبالت فيتامني د منتشرة يف الدماغ واجلسم‪ ،‬خاصة‬
‫مناطق الدماغ املسؤولة عن فيزيولوجيا االكتئاب كالفص اجلبهي‪ ،‬والتلفيف احلزامي‪ ،‬واملهاد‪،‬‬
‫وحتت املهاد‪ ،‬واحلصني‪ ،‬واملادة السوداء اليت هلا وظائف متعددة ومتعلقة بالدوبامني‪.‬‬
‫يتم صناعة فيتامني د داخل اجللد من خالل تعرض كولسرتول اجللد ديهيدروكوليستريول‬
‫(‪ )Dehydrocholestrol‬إىل أشعة الشمس فيتحول إىل فيتامني د‪( 3-‬كوليكالسيفريول)‪ .‬كما‬
‫وجد الباحثون أن الشكل النشط من فيتامني د كالسيرتيول (‪ )Calicitriol‬ينشط اجلينات لتصنيع‬
‫تريوسني هيدروكسيالز الذي يلعب دوراً يف صناعة الدوبامني واألدرينالني والنورأدرنالني (اختالل األول‬
‫والثاني قد يسبب االكتئاب)‪ ،‬وعلى الرغم من هذا فإن نقص الكالسيرتيول ال يؤثر بشكل واضح‬
‫على تصنيع هذه النواقل العصبية ألنها ميكن أن تصنع من مصادر أخرى‪.‬‬
‫كما أن االكتئاب ميكن أن يؤدي إىل نقص فيتامني د‪ ،‬فالذي حيدث هو أن املصاب باالكتئاب تقل‬
‫شهيته للطعام وينعزل وال خيرج للشمس فينقص لديه فيتامني د‪ .‬وباملقابل فإن دراسات أخرى تتحدث‬
‫عن تأثري نقص فيتامني د‪ ،‬على مستوى مادتي السريوتونني وامليالتونني املسؤولتني عن الساعة‬
‫البيولوجية للنوم‪ ،‬مما قد يسبب اضطراب النوم الذي قد يعّكر املزاج ويؤثر على الصحة النفسية‪،‬‬
‫لذلك فقد يؤدي نقصه إىل اإلِصابة باالكتئاب عند املستعدين لذلك‪.‬‬
‫تتضارب نتائج الدراسات حول العالقة بني نقص فيتامني د واإلِصابة باالكتئاب‪ ،‬فبعضها وجدت عالقة‬
‫إجيابية وبعضها مل جتد أية عالقة‪ ،‬ويف بعض الدراسات حتسن مرضى االكتئاب بإعطائهم فيتامني‬
‫د‪ ،‬ويف بعضها اآلخر مل يتحسنوا‪ .‬كما أن بعض الدراسات وجدت حتسناً عند إعطاء مضادات‬
‫االكتئاب وفيتامني د معاً‪ ،‬أفضل منه عند إعطاء مضادات االكتئاب لوحدها‪ .‬ووجدت بعض‬
‫الدراسات ارتباط ًا بني نقص فيتامني د وأمراض القلب واملناعة والسكر والضغط ومشاكل احلمل‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫جيري تدعيم معظم املنتجات الغذائية بهذا الفيتامني‪ ،‬مثل احلليب واحلبوب والعصائر كالربتقال‬
‫وغريها‪ ،‬حتى املشروم (الفطر) واللحوم احلمراء وصفار البيض‪ ،‬لكن املصدر الغذائي وحده قد ال‬
‫يكفي‪.‬‬
‫ميكن احلصول على فيتامني د بشكل أكرب‪ ،‬من خالل تعريض اجللد ألشعة الشمس فوق‬
‫البنفسجية‪ ،‬ملدة ‪ 20 – 10‬دقيقة يف منتصف النهار (‪ 3-11‬ظهراً) على الوجه والذراعني والساقني‪.‬‬
‫علماً أن ذوي البشرة السمراء حيتاجون إىل مدة تعرض أطول‪.‬‬
‫االحتياج اليومي من فيتامني د هو حوالي ‪ 600‬وحدة دولية (‪ 15‬ميكروجرام)‪ ،‬وقد حيتاج كبار السن‬
‫إىل جرعات أعلى‪ .‬حيتوي كوب احلليب (قياس ‪ 8‬أونصات) على ‪ 100‬وحدة دولية‪ ،‬كما أن األمساك‬
‫الدهنية كالسلمون والتونا حتتوي على كميات تصل إىل ‪ 450‬وحدة دولية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫كيف نربي النرجسية في أبنائنا؟‬
‫النّرجسية يف حد ذاتها مسة شخصية طبيعية وصحية‪ ،‬فكيف ميكن االستمتاع برعاية الذات‪،‬‬
‫واحرتامها‪ ،‬والتعاطف معها‪ ،‬وحتقيق األمن الذاتي دون وجود نرجسية معتدلة؟ تتطلب القدرة على‬
‫تكوين عالقات جيدة مع اآلخرين‪ ،‬أن يكون الشخص قادراً على حتقيق التوازن بني احتياجاته‬
‫واحتياجاتهم‪ ،‬حيث يقع األزواج الذين يفتقرون إىل النّرجسية الصحية يف أمناط من احلميمية املزيفة‬
‫ودورات من العنف والعدوانية‪ ،‬فدون نرجسية آمنة مبا فيه الكفاية‪ ،‬فإن عقالنية العالقة غري واردة‪.‬‬
‫مت إجراء دراسات يف كيفية تربية النّرجسية يف األبناء وركزت على أبعاد ومقاييس متعددة منها‪:‬‬

‫• مقياس النّرجسية املرضية‪:‬‬


‫النّرجسية الضعيفة اليت تتسم باخنفاض تقدير الذات‪ ،‬نرجسية العظمة اليت تتسم بأفكار العظمة‬
‫واالستغالل‪.‬‬

‫• احلماية املفرطة (والدية الطائرة املروحية)‪:‬‬


‫تتعلق مبدى تدخل الوالدين وميلهم لتقليل احتمال األخطار العادية عن أبنائهم‪.‬‬

‫• التقدير املفرط‪:‬‬
‫يتعلق بالتقدير املبالغ لإلجنازات وتقديم الثناء غري املناسب ودون مقابل‪.‬‬

‫• السلطوية والتساهل‪:‬‬
‫تتعلق مبدى تقييد األبوين مقابل مقدار احلرية اليت يوفرونها‪ ،‬وامليل إىل التساهل‪.‬‬

‫• سوء املعاملة وصدمات الطفولة‪:‬‬


‫تتعلق مبدى إهمال األطفال وإساءة معاملتهم‪ ،‬اإلساءة العاطفية‪ ،‬اإلهمال العاطفي‪ ،‬اإلهمال‬
‫اجلسدي‪ ،‬األمل اجلسدي‪ ،‬االعتداء اجلنسي‪.‬‬

‫النتائج‪:‬‬
‫• احلماية املفرطة‪:‬‬
‫احلماية املفرطة من قبل األبوين (خاصة األمهات) ترتبط بالنّرجسية الضعيفة ونرجسية العظمة لدى‬
‫األطفال‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫• التقدير املفرط‪:‬‬
‫التقدير املفرط من قبل األمهات كان مرتبطاً بنرجسية العظمة لدى األبناء‪ ،‬وكذلك التقدير‬
‫املفرط من قبل اآلباء (املتساهلني) كان مرتبطاً بنرجسية العظمة لدى األطفال (يبدو أن تساهل‬
‫األب يلعب دوراً يف منو نرجسية العظمة لدى الطفل)‪.‬‬

‫• التساهل‪:‬‬
‫تساهل األم وإساءة معاملتها وإهماهلا للطفل مرتبط بالنّرجسية الضعيفة (إساءة املعاملة واإلهمال‬
‫من قبل األب كان دوره أقل "رمبا كان أكثر ارتباط ًا بالشخصية احلدية")‪.‬‬
‫تعترب األمهات مقدمات للرعاية األولية بينما اآلباء هم مقدمون للرعاية الثانوية‪ ،‬لكن إحدى‬
‫الدراسات تقول إن اآلباء واألمهات الذين يقضون وقتاً أطول يف األبوة واألمومة يظهرون تغريات يف‬
‫نشاط الدماغ والغدد الصماء‪ .‬لذلك وبغض النظر عن اجلنس‪ ،‬فإن سلوك وشخصية مقدم الرعاية‬
‫األولي يساهم يف تطوير النّرجسية‬

‫‪58‬‬
‫مفاهيم مبسطة عن مضادات االكتئاب‬
‫بدأ انتشار مضادات االكتئاب احلديثة اليت تسمى مثبطات اسرتداد السريوتونني االنتقائية ‪ SSRIs‬عام‬
‫‪ 1987‬مع انطالق دواء (بروزاك)‪ ،‬ومن ثم تتاىل ظهور مضادات االكتئاب والقلق احلديثة األخرى‪.‬‬
‫ومنذ ذلك احلني أصبحت هذه النوعية من أكثر أنواع مضادات االكتئاب شيوعاً يف االستخدام بني‬
‫األمريكيني‪ ،‬حيث أن ما يقرب من ‪ ٪70‬ممن يتناولون مضادات االكتئاب يف الواليات املتحدة‪،‬‬
‫يستخدمون مثبطات اسرتداد السريوتونني االنتقائية ‪.SSRIs‬‬
‫وعلى مدى العقود الثالثة املاضية‪ ،‬أصبحت هذه األدوية هي اخلط األول لعالج االكتئاب‪ ،‬مقارنة‬
‫باجملموعات األخرى مثل مضادات االكتئاب ثالثية احللقة ‪ TCAs‬ومثبطات األكسيداز أحادي األمني‬
‫(‪ ،)MOIs‬وذلك ألن مضادات االكتئاب احلديثة هلا آثار جانبية أقل‪ ،‬وتعترب أقل خطورة يف حاالت‬
‫اجلرعة الزائدة مقارنة بغريها‪.‬‬
‫حتتوي أدمغتنا على خاليا مرسلة (ترسل السريوتونني)‪ ،‬وخاليا مستقبلة (تستقبل السريوتونني)‪،‬‬
‫ويسمى الفراغ بينهما املشبك العصيب ‪Synapse.‬يف االكتئاب‪ ،‬هناك اخنفاض يف إرسال السريوتونني‬
‫إىل اخللية املستقبلة‪ ،‬حيث تقوم اخللية املرسلة بإعادة امتصاص السريوتونني الصادر منها قبل أن يصل‬
‫إىل اخللية املستقبلة‪ .‬تعمل مثبطات اسرتداد السريوتونني االنتقائية على منع اخلاليا املرسلة من إعادة‬
‫امتصاص مادة السريوتونني الصادرة منها‪ ،‬حتى تتوفر هذه املادة بكمية جيدة يف املشبك العصيب مما‬
‫ميكن اخلاليا املستقبلة من امتصاصها‪ ،‬وهكذا يتم انتقال هذه املادة بني اخلاليا‪.‬‬
‫يف حاالت االكتئاب تكون (اخللية املستقبلة) متعطشة جداً للسريوتونني‪ ،‬مما جيعلها تزيد من عدد‬
‫مستقبالتها العصبية المتصاصه‪ ،‬وهذا ما يسمى بعملية (التنظيم التصاعدي)‪ ،‬علماً بأن الزيادة ليست‬
‫مقتصرة على عدد املستقبالت العصبية فقط‪ ،‬ولكن هناك زيادة يف نوعية هذه املستقبالت أيضاً‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن بعض أنواع املستقبالت هذه مرتبطة باملزاج‪ ،‬إال أن بعضها يتعلق بالنوم والشهية‬
‫والنشاط اجلنسي وغريها‪ ،‬وهذا يعترب من العوامل اليت جتعل الطبيب النفسي يبدأ بإعطاء املريض‬
‫جرعات منخفضة ومتدرجة‪ ،‬فإذا مت اعطاء املريض جرعة عالية جداً أو مت رفعها بسرعة‪ ،‬فسيكون‬
‫هناك فيضان من السريوتونني جلميع أنواع املستقبالت‪ ،‬مبا يف ذلك تلك املستقبالت اليت ليس هلا عالقة‬
‫باملزاج‪ ،‬وهذا ميكن أن يؤدي إىل بعض األعراض اجلانبية‪ .‬إضافة إىل أن تدفق السريوتونني لألعداد‬
‫الكبرية واملتنوعة من املستقبالت العصبية اليت تكاثرت بسبب االكتئاب (التنظيم التصاعدي) قد‬
‫يكون سبباً يف األعراض اجلانبية‪.‬‬
‫ولكن خالل أسابيع قليلة تنخفض مستقبالت السريوتونني املتنوعة نتيجة لوفرة السريوتونني يف املشبك‬
‫العصيب‪ ،‬وهذا ما يسمى بعملية (التنظيم التنازلي)‪ ،‬وخالل هذه الفرتة قد تبدأ اآلثار اإلجيابية واجلانبية‬
‫للدواء باالخنفاض‪ .‬حيدث التنظيم التنازلي خالل األسبوعني إىل األربعة أسابيع األوىل بعد بدء مضادات‬

‫‪60‬‬
‫االكتئاب احلديثة‪ ،‬وهلذا السبب غالباً ما يكون هناك تأخري يف بدء مفعوهلا ملدة اثنني إىل أربعة‬
‫أسابيع‪ .‬بعد استقرار عملية التنظيم التنازلي‪ ،‬يقوم الطبيب النفسي عادةً بزيادة جرعة الدواء ببطء إىل‬
‫أن يالحظ تأثرياً إجيابياً أكثر تناسقاً للدواء على احلالة املزاجية والسلوكية‪ .‬ميكن أن حيدث‬
‫اخنفاض يف مفعول الدواء (حتمل) ولكن ليس بنفس درجة األدوية األخرى‪ .‬عندما حيدث هذا‪ ،‬قد‬
‫يقوم الطبيب باستخدام دواء إضايف من نفس اجملموعة وبنفس آلية العمل أو من جمموعات دوائية أخرى‬
‫بآلية عمل خمتلفة‪.‬‬
‫أخرياً‪ ،‬هذه األدوية ال تسبب اإلدمان وال التعود‪ ،‬كما أنها ال تعترب مسكنات كما يعتقد البعض بل‬
‫هي أدوية عالجية أثبتت فعاليتها من خالل العديد من الدراسات والرباهني العلمية‪ .‬لذلك‪ ،‬أود هنا أن‬
‫أقدم النصيحة ملن خيضع للعالج بهذه األدوية وهي كما يلي‪ :‬يفرتض أن حيافظ املريض على املتابعة‬
‫املنتظمة يف العيادة مع طبيبه النفسي؛ وأن يستمر باستخدام الدواء كما هو موصوف يومياً ويف موعده‬
‫بانتظام؛ وإذا نسي اجلرعة ميكنه أخذها عند تذكرها؛ أما إذا كانت اجلرعة قريبة من اجلرعة‬
‫التالية فيمكنه جتاهل اجلرعة الفائتة وااللتزام باجلرعة الالحقة‪.‬‬
‫اسأل طبيبك املعاجل عن التفاعالت مع األدوية األخرى خاصة تلك اليت ميكن أن تزيد من مستوى‬
‫السريوتونني بالدم كأدوية الشقيقة أو الصداع النصفي أو الرتامادول وغريها‪ ،‬فقد يتسبب التداخل يف‬
‫حدوث (متالزمة السريوتونني)‪ .‬ال تقم بإيقاف الدواء من تلقاء نفسك ‪ -‬حتى لو شعرت بالتحسن ‪ -‬دون‬
‫استشارة طبيبك املعاجل‪ .‬كما أنه يف حالة استقرار األعراض احلادة والشديدة قد يقوم الطبيب بعد‬
‫فرتة من الوقت بتخفيض اجلرعة إىل جرعة حمافظة متوسطة‪ ،‬وإذا وصل املريض إىل مرحلة التعايف‬
‫فقد يقرر الطبيب إيقاف الدواء تدرجيياً لتجنب االنتكاسة أو األعراض اجلانبية‪ .‬كما ال ننسى أن‬
‫الدراسات والرباهني العلمية أثبتت فعالية العالج النفسي الال دوائي‪ ،‬ودجمه مع مضادات االكتئاب‬
‫والقلق‪ ،‬مما يضاعف الفعالية العالجية‪ ،‬ويزيد من فرص التعايف والوقاية من االنتكاسة بإذن اهلل‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫نصائح صحية ونفسية لمواجهة القلق المتعلق‬
‫بفيروس كورونا المستجد (كوفيد‪)19-‬‬
‫التعليمات الصحية‪:‬‬
‫• التزم البقاء باملنزل واخلروج عند الضرورة‪.‬‬
‫• التزم بعدم التجول حسب التعليمات‪.‬‬
‫• التزم باستخدام الكمامة حسب التعليمات‪.‬‬
‫• جتنب املصافحة وطبق مقولة (السالم نظر)‪.‬‬
‫• جتنب التجمعات وأبقِ مسافة ال تقل عن مرت ونصف بينك وبني اآلخرين‪.‬‬
‫• اغسل يديك باملاء والصابون بشكل دوري ملدة أربعني ثانية أو عقم يديك باملعقمات ملدة عشرين‬
‫ثانية‪.‬‬
‫• استخدم املناديل أو املرفق أثناء الكحة أو العطاس‪.‬‬
‫• ابتعد عن املصابني بالكحة والعطاس‪.‬‬
‫• جتنب ملس الوجه إال بعد غسل اليدين أو تعقيمهما‪.‬‬
‫• احرص على طهي الطعام جيداً‪.‬‬

‫اإلرشادات النفسية‪:‬‬
‫• استمتع بوقتك مع األسرة‪:‬‬
‫استمتع بقضاء وقتك مع أسرتك وحتدث إليهم‪ ،‬وحاول إضفاء جو إجيابي يف املنزل‪.‬‬
‫• خفف قلق األسرة‪:‬‬
‫ساعد يف ختفيف القلق والتوتر عند أفراد أسرتك وتوعيتهم‪ ،‬فظهور عالمات القلق املبالغ بها عليك‬
‫قد تستثري قلقهم أيضاً‪ .‬طمئن األطفال وحاول إيصال املعلومات إليهم بشكل مبسط وهادئ‪.‬‬
‫• عبّر عن مشاعرك‪:‬‬
‫عبّر عن مشاعرك وحتدث لشخص موثوق به لتخفيف القلق والضغوط‪ ،‬استمرار القلق يزيد من‬
‫مستوى بعض اهلرمونات اليت قد تؤدي إىل إضعاف جهاز املناعة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫• النوم اجليد‪:‬‬
‫احصل على ساعات نوم كافية خالل اليوم‪ ،‬فالنوم يساعد يف رفع مستوى املناعة‪.‬‬
‫• الغذاء الصحي‪:‬‬
‫تناول الغذاء الصحي كاخلضار والفواكه وغريها‪ ،‬فهناك أغذية غنية بالفيتامينات ومضادات‬
‫األكسدة املفيدة يف تعزيز املناعة وحتسني املزاج‪.‬‬
‫• مارس الرياضة‪:‬‬
‫مارس الرياضة اخلفيفة بشكل دوري وفق اإلمكانات املتاحة يف املنزل‪ ،‬فالرياضة تساعد يف حتسني‬
‫املزاج‪.‬‬
‫• مارس هوايات‪:‬‬
‫مارس األنشطة اليت كنت تستمتع بها سابقاً (كالكتابة‪ ،‬القراءة الفردية أو اجلماعية‪ ،‬الرسم‪،‬‬
‫الشعر‪ ،‬األشغال اليدوية‪ ،‬الرياضة‪ ،‬الزراعة املنزلية‪ ،‬األلعاب الرتفيهية‪ ،‬تعلم لغة جديدة‪ ،‬تابع دورات‬
‫عرب االنرتنت‪ . . .‬اخل)‪.‬‬
‫• حافظ على التهوية‪:‬‬
‫احرص على التهوية اجليدة يف املنزل ودخول ضوء الشمس والتعرض ألشعة الشمس يومياً إن أمكن‪.‬‬
‫• توقف عن التدخني‪:‬‬
‫تعترب هذه األزمة فرصة للتوقف عن التدخني جبميع أشكاله أو أية مادة مبدلة للمزاج وذلك للمحافظة‬
‫على رئتيك ومناعتك وسالمة من حولك‪.‬‬
‫• قلل متابعتك لإلحصائيات‪:‬‬
‫قلل متابعة اإلحصاءات املتعلقة بكورونا يف وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وإذا اضطررت لذلك فتابع‬
‫التصريح اإلعالمي للمتحدث الرمسي لوزارة الصحة وركز على جانب التعايف أكثر من اإلصابة‪.‬‬
‫• تواصل مع أحبابك‪:‬‬
‫تواصل مع املقربني واألصدقاء عرب اهلاتف أو االتصال املرئي أو وسائل التواصل االجتماعي وتبادل‬
‫معهم النقاشات‪.‬‬
‫• جتنب املبالغة‪:‬‬
‫جتنب املبالغة يف لبس الكمامات دون داعٍ لذلك‪ ،‬فقد يزيد ذلك من قلقك ويثري قلق اآلخرين‪،‬‬
‫استخدام الكمامات يكون فقط ملن يعاني من الكحة أو العطاس‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫• ميّز بني احلرص والقلق‪:‬‬
‫خيلط كثري من الناس بني مفاهيم احلرص والقلق واخلوف‪ ،‬أو الوسوسة املتعلقة باإلِصابة‪ ،‬فاحلرص‬
‫عادة ما يكون مربراً وغري مبالغ فيه‪ ،‬كاختاذ اإلجراءات االحرتازية املعقولة‪ ،‬كما أنه ال يؤثر على‬
‫نوعية حياة الشخص وال يتسبب مبشاعر سلبية مزعجة‪ ،‬بينما القلق عكس ذلك‪.‬‬
‫• عزز اجلانب الروحي‪:‬‬
‫اجلانب الروحي يؤثر إجياباً على اجلوانب النفسية‪ ،‬لذا مارس شعائرك الدينية يف املنزل وتضرع إىل‬
‫اهلل بأن يزيل هذه الغمة‪.‬‬
‫• حدد طبيعة مشاعرك‪:‬‬
‫حدد طبيعة املشاعر النفسية واألساسات اجلسدية اليت تشعر بها وموقعها‪ ،‬وأعطها مسمى خمتصر‬
‫(مثالً أشعر بالتوتر)‪.‬‬
‫• امسح ببعض الغموض‪:‬‬
‫ذكر نفسك بأنه من الطبيعي أن تشعر أحياناً ببعض التوتر والغموض‪ ،‬وتقبّل أنك ال تعرف املستقبل‪.‬‬
‫• مارس االسرتخاء‪:‬‬
‫مارس االسرتخاء الذهين أو التنفسي كالتنفس البطيء العميق أو التأمل‪ ،‬وركز على احلاضر‬
‫فاملستقبل بيد اهلل‪.‬‬
‫• اصرف ذهنك‪:‬‬
‫اصرف أو شتت ذهنك بعيداً عن األفكار السلبية أو املثرية للقلق‪ ،‬من خالل جتاهلها والبدء يف القراءة‬
‫مثالً أو الوضوء أو الصالة أو ممارسة اي نشاط ذهين أو جسدي‪.‬‬
‫• قارن بني املزايا والعيوب‪:‬‬
‫قارن بني مزايا وعيوب االستمرار يف التفكري يف األمور اليت تثري القلق‪ ،‬وحاول إدراك العيوب‬
‫والعواقب السلبية للقلق املبالغ به‪.‬‬
‫• ركّز على اإلجيابيات‪:‬‬
‫حتدث عن األخبار واألمور اإلجيابية اليت حدثت هذا اليوم أو يف األيام السابقة‪ ،‬تفاءل باحلاالت اليت‬
‫متاثلت للشفاء وانظر إىل اجلانب املمتلئ من الكأس‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫• عاجل املشكالت أو االضطرابات النفسية‪:‬‬
‫بعض األشخاص يعانون من اضطرابات نفسية (كالقلق املعمم‪ ،‬الرهاب احملدد‪ ،‬اهللع‪ ،‬توهم املرض‪،‬‬
‫الوسواس القهري‪ . . . .‬إخل) وهذه االضطرابات تتطلب العالج‪ ،‬والبعض قد تظهر عليه أعراض‬
‫االنتكاس مما يتطلب مراجعة الطبيب أو املعاجل‪.‬‬
‫• ال تكن جسرًا لإلشاعات‪:‬‬
‫أحيانا تكون اإلشاعات أخطر من املشكلة نفسها‪ ،‬فهي تتسبب يف تشويه وتضخيم الواقع مما يعيق‬
‫قدرة الشخص على التعامل معه بفعالية‪.‬‬
‫• خذ املعلومة من مصدرها‪:‬‬
‫خذ املعلومة الصحية والنفسية من مصادرها املوثوقة حتى ميكنك أخذ االحتياطات املنطقية‪ ،‬وجتنب‬
‫نشر املعلومات املغلوطة عرب وسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫• تواصل مع املستشار النفسي‪:‬‬
‫تواصل مع املستشار النفسي أو االجتماعي عرب الرقم اخلاص للمركز الوطين لتعزيز الصحة النفسية‬
‫‪.920033360‬‬
‫• تواصل مع ‪:937‬‬
‫تواصل مع اخلط الساخن لوزارة الصحة للحصول على االستشارة الطبية عند وجود ارتفاع بدرجة‬
‫احلرارة أو كحة‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫هل يمكن أن يساعد الغذاء في عالج الصدمات النفسية؟‬
‫يعترب الطبيب النفسي املختص يف عالج الصدمات د‪ .‬جيمس جوردن من الرواد الذين أجروا دراسات‬
‫متنوعة حول دور الغذاء يف الصحة النفسية‪ ،‬وكان أحد أهم مؤلفاته يف هذا اجملال (التحول)‬
‫‪ .Transformation‬وقد أشارت الدراسات إىل أن الغذاء ميكن أن يساعد يف حتسني احلالة املزاجية‬
‫واالكتئاب (جتربة ‪ ،SMILES‬دراسة ‪ )HELFIMED‬وقد وجدت بعض الدراسات أن املكمالت‬
‫الغذائية ميكن أن تقلل القلق واالكتئاب وأعراض الكرب ما بعد الصدمة‪.‬‬
‫ويعد الغذاء عنصراً هاماً يف الشفاء‪ ،‬خاصة بعد الصدمات النفسية‪ ،‬وذلك الحتياج اجلسد للتغذية‬
‫حتى يستطيع التعايف‪ .‬ومن أبرز الرواد يف هذا اجملال (جوليا ركليدج) اليت أجرت دراسات عن تأثري‬
‫الغذاء على الصحة بعد الصدمات النفسية‪ .‬فيمكن للموقف الصادم أن يؤثر سلباً على أجزاء متعددة‬
‫من اجلهاز اهلضمي‪ ،‬وأهم هذه األجزاء الزغابات املبطنة لألمعاء ‪ Villi‬واليت حيدث هلا تلف بعد‬
‫الصدمات مما يضعف عملية امتصاص الغذاء‪.‬‬
‫وميكن للصدمات أن تسبب حالة تسمى باألمعاء املسربة ‪ Leaky Gut‬حيث تسمح اخلاليا املبطنة‬
‫لألمعاء بعبور وتسرب الربوتينات (كاجللوتني‪ ،‬احلليب‪ . . .‬إخل) إىل الدم مما يسبب تفاعالت التهابية‬
‫يف أجزاء متنوعة من اجلسد مبا فيها الدماغ‪.‬‬
‫كما الحظ جورون أن الصدمة ميكن تسبب اختالالً يف امليكروبيوم (تريليونات البكترييا النافعة‬
‫اليت حتدثنا عنها سابقاً وعن أهميتها لصحة األمعاء)‪ ،‬مما قد يتسبب يف حدوث مشاكل صحية بعد‬
‫الصدمة‪ ،‬فعندما نصاب بالصدمة قد ال نرغب يف أكل أي شيء‪ ،‬أو نبدأ يف أكل املأكوالت املرحية‬
‫‪( Comfort Food‬كاملأكوالت السكرية‪ ،‬الدهنية‪ ،‬املاحلة‪ ،‬الوجبات السريعة‪ ،‬الغازيات‪،‬‬
‫واملثلجات) واليت قد تؤثر على بعض النواقل العصبية كالسريوتونني‪ ،‬الدوبامني‪ ،‬واألندورفينات اليت‬
‫قد تكبح مجاح الذكريات الصادمة إىل حد ما‪ ،‬لكن سرعان ما تنخفض هذه النواقل ويزداد مستوى‬
‫الكورتيزول‪ ،‬وتعود الذكريات مرة أخرى ونعود هلذه املأكوالت (احللقة املفرغة)‪.‬‬

‫بعض النصائح اهلامة‪:‬‬


‫• الرتكيز على األغذية الصحية‪:‬‬
‫حنتاج إىل تناول املأكوالت األقل تأثرياً على األمعاء كاألغذية العضوية‪ ،‬أمحاض أوميجا‪ ٣-‬املوجودة‬
‫يف األمساك‪.‬‬
‫• تقليل األغذية املسببة لاللتهابات‪:‬‬
‫يفضل جتنب بعض األغذية كاألغذية املكررة أو السكريات املعاجلة أو الربوتينات كاجللوتني‬
‫واحلليب ملدة شهر أو شهرين وذلك إلعطاء األمعاء فرصة للتعايف‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫• استخدام املكمالت الغذائية كالفيتامينات واملعادن‪.‬‬
‫• تعويض البكترييا النافعة لألمعاء من خالل تناول الربوبيوتك‪.‬‬
‫• خفض التوتر‪:‬‬
‫اهلضم اجليد حيدث من خالل نشاط اجلهاز العصيب نظري الودي والذي يسمى جمازاً جهاز الراحة‬
‫واهلضم (‪ )rest & digest‬أي املسؤول عن اهلضم اجليد واالسرتخاء‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫المثلية الجنسية‬
‫يف عام ‪1973‬م صُنفت املثلية اجلنسية ‪ Homosexuality‬كفئة تشخيصية من قبل رابطة األطباء‬
‫األمريكيني‪ ،‬ويف عام ‪1980‬م أزيلت من الدليل التشخيصي لالضطرابات العقلية ( ‪DSM).‬كما يرى‬
‫التصنيف الدولي لألمراض ( )‪ICD-10‬أن جمرد "التوجه اجلنسي لنفس اجلنس" ال يعترب يف حد ذاته‬
‫اضطراباً‪ .‬هذه التعديالت تعكس التغري يف مفهوم املثلية اجلنسية واليت أصبح ينظر إليها اآلن يف‬
‫الغرب‪ ،‬كنوع من "النشاط اجلنسي" وليس كاضطراب مرضي‪ .‬يقول ديفيد هاوكنز (وجود املثلية‬
‫اجلنسية ال يبدو أنه مسألة اختيار‪ ،‬ولكن التعبري عنها هو مسألة اختيار)‪.‬‬
‫مصطلح املثلية اجلنسية يصف السلوك الواضح للشخص‪ ،‬وميله اجلنسي جتاه نفس اجلنس‪ ،‬وإحساسه‬
‫بهويته الشخصيـــــــــة أو االجتماعيـــــــــــــــــة‪ .‬خيتلف هذا املفهــــــــــــــوم عن اضطراب اهلويــــــــــــــــــــــة‬
‫اجلندري‪ Gender Identity Disorder‬الذي تغري مسماه يف الدليل التشخيصي اخلامس ‪DSM-5‬‬
‫إىل االنزعاج أو عدم الرضا اجلندري ‪ Gender Dysphoria‬ويطلق عليه يف التصنيف الدولي‬
‫لألمراض ‪ ICD‬مسمى (‪ )Transsexualism‬أو التحوّل اجلنسي عند الذين يعانون من عدم الرضا‬
‫واالنسجام بني جنسهم عند الوالدة وخربتهم اجلندرية‪ ،‬فهو إحساس بهوية الفرد الذكورية أو األنثوية‪.‬‬
‫يفضل العديد من املثليني استخدام مصطلحات اخرى كالسحاقية ‪ Lesbian‬أو اللوطي ‪ Gay‬بدالً من‬
‫كلمة مثلي اليت يعتقدون أنها تشري إىل املرض‪.‬‬
‫ذكر هاوكنز بأن مصطلح ‪ Gay‬أو ‪ Lesbian‬يعود إىل اإلدراك الذاتي واالجتماعي للهوية‪ ،‬مبعنى‬
‫أنها تعكس احساس الفرد بانتمائه إىل جمموعة توسم بنفس التسمية‪ .‬ويعاكسها التوجه املختلف‬
‫‪ Heterosexuality‬وهو ميل الذكر لألنثى والعكس‪ .‬كما أن مصطلح ‪ Homophobia‬يُقصد‬
‫به اخلوف من املثلية‪ ،‬وهو عبارة عن خوف أو توجه سليب جتاه املثليني‪.‬‬
‫ويبلغ معدل انتشار املثلية اجلنسية حوالي ‪ %4-2‬من اجملتمع‪ .‬ونسبة االضطرابات النفسية واإلدمان‬
‫لديهم هي ثالثة أضعاف املعدل الطبيعي‪ ،‬كما أن نسبة االنتحار لديهم تبلغ ستة أضعاف املعدل‬
‫الطبيعي‪ ،‬وحوالي ‪ %70‬منهم قد يكونون مصابني باإليدز‪.‬‬
‫بعض املثليني ( )‪Gays & Lesbians‬وخاصة اللوطيني ‪ Gays‬أفادوا بأنهم كانوا واعني باالجنذاب‬
‫العاطفي جتاه نفس اجلنس قبل سن البلوغ‪ .‬وحسب دراسات (كنزي) فإن حوالي نصف الذكور قبل‬
‫سن البلوغ كان لديهم بعض اخلربات العضوية مع شريك من نفس اجلنس‪ ،‬هذه اخلربات غالباً ما‬
‫تكون استكشافية خاصة عندما يتم مشاركتها مع األقران يف نفس السن‪ ،‬وهي تفتقر إىل املكون‬
‫االنفعالي القوي‪ .‬معظم الشاذين يتذكرون بداية االجنذاب العاطفي واجلنسي جتاه الشريك من نفس‬
‫اجلنس أثناء املراهقة املبكرة‪.‬‬

‫‪71‬‬ ‫‪71‬‬
‫بالنسبة لإلناث فإن بداية املشاعر العاطفية جتاه الشريك من نفس اجلنس قد تكون أيضاً قبل سن‬
‫املراهقة‪ ،‬ولكن الفهم الواضح جتاه التفضيل للشريك من نفس اجلنس حيدث يف نهاية املراهقة وبداية‬
‫سن البلوغ‪.‬‬
‫الشاذات (السحاقيات) لديهن خربات جنسية خمتلفة مع اجلنس اآلخر أكثر من الشاذين‪ .‬ففي إحدى‬
‫الدراسات‪ ،‬كان لدى حوالي ‪ ٪55‬من السحاقيات خربات جنسية خمتلفة قبل خربتهن املثلية‪ ،‬مقارنة‬
‫حبوالي ‪ ٪20‬من الشاذين ممن كان لديهم خربات جنسية خمتلفة‪.‬‬
‫هنالك ثالثة أنواع من (احنرافات) املثلية اجلنسية‪:‬‬
‫‪ .A‬االجنذاب لنفس اجلنس (‪)SSA‬‬
‫لديه ميول جنسية واجنذاب لنفس اجلنس‪ ،‬ولكن ال ميارس وقد يقاوم ذلك‪.‬‬
‫‪ .B‬مواجهة نفس اجلنس )‪(SSE‬‬
‫لديه ميول جنسية واجنذاب لنفس اجلنس‪ ،‬وميارس معه (مثل قوم لوط)‪.‬‬
‫‪ .C‬حماولة نفس اجلنس )‪(SST‬‬
‫ليس لديه ميول جنسية أو اجنذاب لنفس اجلنس‪ ،‬ولكن ميارس معه‪.‬‬
‫العوامل املسببة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬نفسياً‬
‫يعتقد فرويد بأن املثلية اجلنسية ما هي إال توقف (للنمو النفسي اجلنسي)‪ ،‬يصاحبها قلق اإلخصاء ما‬
‫قبل املرحلة األوديبية للنمو النفسي اجلنسي‪ .‬إضافة إىل التثبيت القوي مع األم‪ ،‬وفقدان الرعاية األبوية‬
‫املؤثرة‪ ،‬وتثبيط النمو الذكوري من قبل الوالدين‪ ،‬التثبيت أو النكوص ملرحلة النّرجسية‪ ،‬واخلسارة‬
‫عند التنافس مع اإلخوان واألخوات‪ .‬أما بالنسبة لإلناث‪ ،‬فيعزى لعوامل فقدان اإلحالل من غرية‬
‫القضيب‪ ،‬باإلضافة إىل عدم احنالل الصراعات األوديبية‪.‬‬
‫مل يعترب فرويد املثلية اجلنسية اضطراباً نفسياً‪ ،‬فقد كتب يف كتابه (ثالث مقاالت عن النظرية‬
‫اجلنسية) أن املثلية اجلنسية توجد يف األشخاص الذين يظهرون عدم وجود احنرافات خطرية عن‬
‫الطبيعة‪ ،‬والذين مل تتعطل كفاءتهم‪ ،‬والذين يتميزون بارتفاع مستوى النمو الذهين والثقافة األخالقية‪.‬‬
‫وكتب فرويد يف (رسالة ألم امريكية) أن (من املؤكد أن املثلية اجلنسية ليس هلا مزايا‪ ،‬ولكن ال‬
‫يوجد ما يدعو للخجل منها‪ ،‬وال تعترب خزياً أو رذيلة‪ .‬فال ميكن تصنيفها كمرض‪ ،‬وحنن نعتربها‬
‫نوعاً من الوظائف اجلنسية نتيجة توقف النمو اجلنسي)‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫أما املفاهيم احلديثة يف مدارس التحليل النفسي‪ ،‬فتقول أن بعض احملللني النفسني قد طوروا مفاهيم‬
‫دينامية جديدة تتعارض مع النظرية الكالسيكية القدمية لفرويد‪ .‬حيث يقول (رتشارد آيسى) أن‬
‫الشاذين لديهم ختيالت جنسية لنفس اجلنس يف سن ‪ 5-3‬سنوات (وهي نفس فرتة التخيالت اجلنسية‬
‫جتاه اجلنس اآلخر)‪ ،‬وقال أن التخيالت اجلنسية لنفس اجلنس عند الشاذين ترتكز على صورة األب‬
‫أو من يقوم مقامه من الذكور‪ .‬إضافة إىل أن بعض السمات األنثوية قد حتدث نتيجة التماهي مع األم‬
‫أو من يقوم مقامها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬طبياً‬
‫أشارت الدراسات احلديثة إىل وجود مكون جيين وبيولوجي يؤثر على التوجه اجلنسي‪ .‬وظهر ذلك يف‬
‫دراسة التوائم السيامية‪ ،‬ولكن حتى اآلن مل يتم حتديد كروموسومات املثليني رغم إمكانية حدوث‬
‫املثلية يف األخوة بنسبة أعلى من غريهم من متنوعي اجلنس‪ .‬كما أن إحدى الدراسات وجدت أن خاليا‬
‫حتت املهاد كانت صغرية احلجم لدى الشاذين كما هو احلال يف اإلناث‪ .‬ولوحظ اخنفاض مستوى‬
‫هرمونات الذكورة عند الشاذين‪ .‬كما لوحظ أيضاً أن هذا اهلرمون يف فرتة محل األم يلعب دوراً مهماً‬
‫يف تنظيم اجلهاز العصيب‪ ،‬حيث أن توفره يؤدي إىل توجه الذكر حنو اإلناث وأن اخنفاضه أو قلة‬
‫حتسس األنسجة له يؤدي إىل توجه الذكر حنو الذكور‪.‬‬
‫كما أن اإلناث الالتي يتعرضن لكميات كبرية من اهلرمونات الذكورية قبل الوالدة يظهر عليهن قبل‬
‫سن املراهقة سلوكيات عدوانية‪ ،‬أما الذكور الذين يتعرضون للهرمونات األنثوية قبل الوالدة يظهر‬
‫عليهم قلة اللياقة اجلسدية‪ ،‬قلة احلزم‪ ،‬وقلة العدوانية مقارنة بالذكور اآلخرين‪.‬‬
‫كما أن السيدات الالتي يعانني من " متالزمة كوشينغ " قد يصبحن سحاقيات أو خمتلفات يف اجلنس‬
‫مقارنة بعامة السيدات‪ .‬كما وجدت بعض الدراسات أن استمرارية واستقرار عالقات السحاقيات مع‬
‫بعضهن أكثر منها يف عالقات الشاذين الذكور‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫المرونة النفسية‬
‫كلنا نعرف أن ظروف احلياة متقلبة وال تسري على خط مستقيم‪ .‬ولسوء احلظ يتحتم علينا أحياناً‬
‫التعامل مع األحداث والتجارب الصعبة يف احلياة‪ .‬ولكن كيف وملاذا يزدهر بعض الناس ويتطورون‬
‫بشكل أفضل نتيجة لسوء احلظ؟ بينما يتدهور آخرون وينهارون عند أبسط عقبة أو مشكلة؟ هل‬
‫هناك طريقة لزيادة قدرتنا على التغلب على العقبات غري املتوقعة وإدارتها بشكل أفضل؟‬
‫إن تنمية وتطوير املرونة النفسية "البعض يسميها املعاودة النفسية" هي العنصر األساسي يف علم النفس‬
‫اإلجيابي منذ بداية إسهامه يف السعادة والرفاهية النفسية‪ .‬إننا عندما نتحدث عن املرونة النفسية فنحن‬
‫نتحدث عن قدرتنا على مواجهة الصعوبات‪ ،‬على االرتداد واملعاودة أثناء احملن‪ ،‬وعلى إدارة مشاعرنا‬
‫السلبية بشكل فعال بدالً من أن تسلبنا إرادتنا وطاقتنا‪.‬‬
‫غالباً ما نظن أن املرونة النفسية هي جمرد مسة من مسات الشخصية‪ ،‬أو صفة تولد مع بعض األشخاص‬
‫ويفتقدها البعض اآلخر‪ .‬وستندهش حني تعرف ‪-‬عزيزي القارئ‪ -‬أن املرونة النفسية هي مهارة ميكن‬
‫تعلمها! ففي الواليات املتحدة األمريكية يتم تدريب اجلنود والضباط يف اجليش على فنيات املرونة‬
‫النفسية من خالل برامج تدريبية مكثفة‪.‬‬
‫فوائد املرونة النفسية‬
‫املرونة النفسية هلا فوائد نفسية وجسدية متعددة‪ ،‬حيث يتميز أصحابها مبا يلي‪:‬‬
‫‪ ‬استقرار انفعالي "عاطفي" كبري‪.‬‬
‫‪ ‬ينظرون إىل التحديات والعقبات على أنها أمر ميكن إدارته‪.‬‬
‫‪ ‬جتدهم شغوفني ومتفتحني للتجارب واخلربات اجلديدة‪.‬‬
‫‪ ‬لديهم نشاط ومحاس وطاقة كبرية للحياة‪.‬‬
‫‪ ‬لديهم القدرة على التعامل مع ضغوط احلياة اليومية‪.‬‬
‫‪ ‬لديهم امليل ملساعدة ودعم اآلخرين‪.‬‬
‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن املرونة النفسية تساعد يف موازنة التأثريات اجلسدية للضغوط‪ .‬ختيل لو طلب‬
‫منك إلقاء كلمة أمام اجلمهور وأمامك وقت قصري جداً للتحضري‪ ،‬كيف يكون أداؤك؟ يف مثل هذه‬
‫الظروف‪ ،‬أغلبنا سيشعر بالتوتر وقد يتسارع نبضنا ويرتفع ضغط الدم لدينا بعض الشيء‪ ،‬حتى وإن‬
‫أعددنا اجلو املالئم هلذا‪ .‬يف التجارب املخربية‪ ،‬وُجد أن معدل نبض القلب وضغط الدم يعودان إىل‬
‫املستوى الطبيعي بسرعة خالل هذه املواقف لدى أصحاب املرونة النفسية مقارنة بغريهم‪ ،‬مبعنى أن‬
‫املرونة النفسية تساعد يف التخلص من التأثري اجلسدي للمشاعر السلبية والضغوط‪.‬‬

‫‪75‬‬ ‫‪75‬‬
‫كما وجدت الدراسات أن املرونة النفسية يف جمال من جماالت احلياة (كالعمل) ميكن أن تساعد‬
‫يف جمال آخر (كالعالقات مثالً)‪ .‬لذلك‪ ،‬جيب أن نعرف األمور اليت نستطيع القيام بها لدعم مستوى‬
‫املرونة النفسية لدينا‪ ،‬وميكن أن تضعنا على املسار الصحيح للتعايف بعد اإلحباط ومواجهة العقبات‬
‫والضغوط‪ .‬شيء آخر مهم دائماً ما ننساه‪ ،‬وهو أننا منلك ثروة كبرية من التجارب واخلربات الكامنة‬
‫اليت تراكمت عرب السنني‪ ،‬فكلنا واجهنا الكثري من العقبات والرفض‪ ،‬والتحديات املختلفة يف مرحلة‬
‫ما من مراحل حياتنا‪ ،‬لذا فإنه من املفيد أن نفكر فيما جربناه بنجاح سابقاً للعودة مرة أخرى لوضعنا‬
‫الطبيعي‪.‬‬
‫يساعد التفكري بهذه الطريقة يف تعزيز املفهوم بأننا منتلك بالفعل موارد حتت تصرفنا‪ ،‬سواء كان‬
‫ذلك من خالل السمات والصفات الداخلية اخلاصة بنا كاإلبداع واملثابرة‪ ،‬أو املوارد اخلارجية كالدعم‬
‫واملساندة من العائلة واألصدقاء‪ .‬وسنذكر أدناه بعض االسرتاتيجيات والفنيات اليت قد تسهم يف حتسني‬
‫مستوى املرونة النفسية‪ ،‬البعض منا قد يستفيد من إحدى هذه االسرتاتيجيات‪ ،‬والبعض اآلخر قد‬
‫حيتاج إىل أكثر من أسلوب لتنمية هذه املرونة‪.‬‬
‫اسرتاتيجيات النجاة‪:‬‬
‫أعط نفسك مخس إىل عشر دقائق من التفكري يف التحديات واملواقف الصعبة اليت استطعت التغلب‬
‫عليها بنجاح (كالرفض من قبل اآلخرين‪ ،‬أو الرسوب يف امتحان‪ . . . .‬اخل)‪ ،‬وانظر أياً من هذه األحداث‬
‫والذي قد يعترب أرضاً خصبة لتعلم املرونة النفسية واملعاودة للوضع الطبيعي‪ .‬اخرت حدثاً واحداً جنحت‬
‫يف جتاوزه سابقاً وركز عليه وسجل ذلك يف سجل الرفاهية النفسية اخلاص بك واكتب ما يلي‪:‬‬
‫ما الذي حدث باختصار؟‬
‫كيف تعاملت مع املوقف يف ذلك الوقت‪ ،‬ما األمر الذي فعلته وساعدك يف إدارة مشاعرك السلبية‬
‫ومكنك من العودة إىل طريق النجاح؟‬
‫كيف شعرت يف ذلك الوقت‪ ،‬وكيف ترى الفرق يف مشاعرك اآلن؟‬
‫ما الذي تعلمته من تلك التجربة؟‬
‫املذكرة اليومية‬
‫تشري الدراسات النفسية إىل أن األشخاص الذين يكتبون عن جتاربهم احلياتية الصعبة هم أكثر‬
‫رفاهية نفسية وجسدية‪ ،‬من حيث حتسن مستوى الرضا جتاه احلياة والصحة بشكل عام‪ ،‬مقارنة‬
‫باألشخاص الذين يفكرون فقط بهذه التجارب‪ .‬قد يكون السبب هو أن الكتابة تتطلب منا تنظيم‬
‫وترتيب أفكارنا بعناية وتسمح لنا مبعاجلة املشاعر السلبية اليت صاحبت هذه األحداث‪ ،‬بينما جمرد‬
‫التفكري يف هذه األحداث هو أمر عشوائي قد يؤدي إىل االجرتار السليب هلا‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫فنيات التشتيت‬
‫صرف االنتباه أو التشتيت هو القيام بعمل سريع لتهدئة الصوت السليب الداخلي قبل أن يتطور‪ .‬عادة ما‬
‫يستخدم املتشائمون بعض الكلمات عندما يتحدثون عن األشياء السيئة (أنا‪ ،‬دائماً‪ ،‬كل شيء)‪ .‬فنيات‬
‫التشتيت كرتكيز االنتباه على أجسام ملموسة حولنا أو القول لنفسك بصوت عالٍ "قف" غالباً ما تعيق‬
‫األفكار السلبية قبل تفاقمها وجتمعها مثل كرة الثلج‪ .‬ميكنك أيضاً االخنراط يف اجللوس مع‬
‫اآلخرين‪ ،‬ممارسة هواياتك املفضلة‪ ،‬أو ممارسة أي نشاط كاملشي أو الرياضة مثالً‪.‬‬
‫فنيات اإلبعاد‬
‫يقصد بها تذكري نفسك بأن طريقة تفسريك لألمور واألحداث اليت تدور حولك هي جمرد تفسريات‬
‫شخصية ولكنها ليست صحيحة بالضرورة‪ .‬فما ندركه كواقع ليس بالضبط كما هو يف الواقع‪،‬‬
‫فقد تكون لدى اآلخرين تفسريات أكثر واقعية من تفسرياتنا‪ .‬تذكر هذا األمر ميكن أن خيفف‬
‫االحتقان االنفعالي جتاه الرفض أو اإلخفاقات‪ .‬اسأل نفسك هذه األسئلة‪:‬‬
‫هل هذه األحداث السلبية تستحق أن أمضي من وقيت ساعات‪ ،‬أياماً‪ ،‬أسابيع‪ ،‬أشهراً‪ ،‬أو سنوات‬
‫للتفكري بها؟‬
‫هل هناك من يشعر أنه أسوأ مين يف هذه اللحظة؟‬
‫ما األسوأ الذي كان ميكن حدوثه أيضاً؟‬
‫ما الذي أملكه يف هذه احلياة (أسرة‪ ،‬أصدقاء‪ ،‬صحة‪ ،‬وظيفة‪ . . . .‬إخل) ومل يتأثر بهذا األمر؟‬
‫كيف ميكنين إعادة تفسري هذا األمر بطريقة إجيابية؟‬
‫ماذا لو كان شخص آخر يف مكاني‪ ،‬كيف ميكن أن يفسر هذا األمر؟‬
‫فنيات املناهضة‬
‫هي البحث عن دليل مضاد لألفكار أو التفسريات السلبية‪ ،‬ومن ثم إجياد البديل األكثر منطقية يف‬
‫التفسري‪ .‬البعض يستخدم سجالً لألفكار ويضع عمودين (عموداً لألفكار الداعمة للفكرة السلبية‪،‬‬
‫وعموداً آخر لألفكار املناهضة هلا)‪ .‬ميكنك كتابة هذه الطريقة يف سجل الرفاهية النفسية اخلاص‬
‫بك‪.‬‬
‫إغالق األبواب وفتح األبواب‬
‫غالباً‪ ،‬عندما حيدث أمر سليب تتفاقم مشاعر الندم واإلحباط لدينا لدرجة أنه تعرتينا "حالة من العمى"‬
‫وعدم القدرة على رؤية الفرص اليت تظهر أمامنا‪ .‬بعض االختصاصيني النفسيني يسمون هذا األسلوب‬

‫‪77‬‬ ‫‪77‬‬
‫"البحث عن الفائدة"‪ .‬األشخاص الذين يتمتعون باملرونة النفسية هم أكثر مهارة يف "البحث عن الفائدة"‬
‫وإجياد األبواب املفتوحة‪.‬‬
‫حدد موقفاً ما جنحت يف جتاوزه سابقاً (كاألمثلة املذكورة يف اسرتاتيجيات النجاة أعاله)‪ ،‬وحدد ما‬
‫هي الفرص اجلديدة اليت ظهرت لك بعد انغالق هذ األبواب‪ .‬سجل ذلك يف سجل الرفاهية النفسية‬
‫اخلاص بك‪ ،‬وأجب عما يلي‪:‬‬
‫كم استغرقت من الوقت لرؤية الفرصة اجلديدة؟‬
‫ماذا لو منعك شيء ما من رؤية الفرص اجلديدة؟‬
‫ما الذي تستطيع فعله لتحسني قدرتك على مالحظة الفرص اجلديدة؟‬
‫كيف أثر تغلبك على هذا احلدث السليب على حياتك إجياباً؟ حدد موقف ما جنحت يف جتاوزه سابقاً‬
‫(كاملثال املذكور يف اسرتاتيجيات النجاة اعاله)‪ ،‬وحدد ما هي الفرص اجلديدة اليت ظهرت لك بعد‬
‫انغالق هذا الباب‪ .‬سجل ذلك يف سجل الرفاهية النفسية اخلاصة بك‪ ،‬واجب عما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬كم استغرقت من الوقت حتى ترى الفرصة اجلديدة؟‬
‫‪ ‬ماذا لو منعك اي شيء من رؤية الفرص اجلديدة؟‬
‫‪ ‬ما الذي تستطيع فعله لتحسني قدرتك على مالحظة الفرص اجلديدة؟‬
‫‪ ‬كيف أثر اجياب ًا تغلبك على هذا احلدث السليب على حياتك؟‬

‫‪78‬‬
‫مفاهيم خاطئة حول التنفس‬
‫الفكرة من وراء أخذ نفس عميق أثناء الضغوط النفسية هو احلصول على أكرب نسبة من‬
‫األوكسجني‪ ،‬وهنا يكمن املفهوم اخلاطئ! حيث أننا ال حنتاج إىل مزيد من األوكسجني ما مل نقم‬
‫جبهد بدني‪ .‬فلو كنت جالساً على كرسي أو مستلقياً على سرير أو كنت تتحدث إىل شخص ما‬
‫عندها لن حتتاج إىل مزيد من األوكسجني‪ .‬نسبة األوكسجني يف اهلواء الذي تستنشقه هي ‪%21‬‬
‫تقريباً‪ ،‬أما اهلواء الذي خترجه بالزفري فنسبة األوكسجني فيه حوالي ‪ .%15‬لذا‪ ،‬فأنت حتصل على‬
‫كمية كبرية من األوكسجني أثناء التنفس وال حتتاج جمهوداً لذلك‪ .‬ولكن ما حتتاجه فعالً هو‬
‫التأكد ما إذا كانت أعضاء اجلسم تستفيد من األوكسجني الذي تستنشقه أم ال‪ ،‬وهنا تكمن‬
‫الفكرة!‬
‫املعدل الطبيعي للتنفس عند البالغني هو ‪ 20-12‬دورة تنفسية يف الدقيقة‪ .‬يتم قياس معدل التنفس من‬
‫خالل وضع يد الفاحص على معصم املفحوص وقياس معدل نبضه ملدة ثالثني ثانية (حتى ال يؤثر وعي‬
‫املريض على معدل التنفس أثناء املراقبة)‪ ،‬ثم تتم مراقبة ارتفاع واخنفاض حركة الصدر ملدة ثالثني‬
‫ثانية ثم يتم ضرب العدد الناتج باثنني "الدورة التنفسية = ارتفاع واحد واخنفاض واحد للصدر"‪.‬‬
‫هنالك مرحلتان يف الدورة التنفسية‪:‬‬
‫الشهيق‪ :‬يعترب إجيابياً (أو فاعالً) بسبب استخدام عضالت الصدر أثناء الشهيق‪ ،‬وهو أقصر مدة من‬
‫الزفري بسبب استخدام العضالت‪ ،‬وانتفاخ الرئتني الناتج عن دخول األوكسجني يؤدي إىل اخنفاض‬
‫احلجاب احلاجز وضغطه على أحشاء البطن‪.‬‬
‫الزفري‪ :‬يعترب سلبياً (أو منفعالً) بسبب حدوثه تلقائياً دون استخدام العضالت‪ ،‬وهو أطول مدة من‬
‫الشهيق "ضِعفان"‪ ،‬حيث تتقلص الرئتان خبروج ثاني أكسيد الكربون مما يؤدي إىل ارتفاع احلجاب‬
‫احلاجز وختفيف الضغط على أحشاء البطن‪.‬‬
‫توجد حاالت خمتلفة للتنفس‪ ،‬فمنها التنفس الطبيعي ‪ Eupnea‬واخنفاض معدل التنفس ‪Hypopnea‬‬
‫وزيادته ‪ Hyperpnea‬وتوقفه ‪Apnea.‬كما يتأثر نقل األوكسجني إىل أعضاء اجلسم بفقر الدم‬
‫"األنيميا" وتسمم الدم بأول أكسيد الكربون وغريها من العوامل‪.‬‬
‫هنالك ثالث مراحل رئيسية لوصول األوكسجني ألعضاء اجلسم‪:‬‬
‫التهوية ‪ :Ventilation‬دخول اهلواء إىل الرئتني‪.‬‬
‫الرتوية ‪ :Perfusion‬تدفق الدم إىل األوعية القريبة من احلويصالت اهلوائية يف الرئتني‪.‬‬

‫‪80‬‬ ‫‪80‬‬
‫االنتشار ‪ :Diffusion‬تبادل الغازات بدخول األوكسجني إىل اخلاليا وخروج ثاني أكسيد الكربون‪،‬‬
‫وهنا حيدث ما يسمى بالتنفس الداخلي أو اخللوي (استخدام امليتوكوندريا لألوكسجني لتوليد‬
‫الطاقة)‪ .‬أي خلل يف هذه املراحل يؤدي إىل نقص األكسجة ‪.Hypoxia‬‬
‫وليست الوظيفة الرئيسية للرئتني إدخال األوكسجني بقدر ما هي طرد ثاني أوكسيد الكربون‪ .‬حيث‬
‫أن ثاني أوكسيد الكربون له درجة انتشار أو إذابة أكرب مقارنة باألوكسجني ‪ ،1 :20‬كما أن حياة‬
‫الفرد ترتبط بدرجة محوضة وقلوية الدم ‪ PH‬املرتبطة بثاني أكسيد الكربون‪ ،‬ومستــوى ‪PH‬الطبيعــي‬
‫هو بني (‪ 7‬إىل‪ )7 .7‬فعندما يكون أقل من ‪ 7‬منوت من احلموضة‪ ،‬وعندما يكون أكثر من ‪7 .7‬‬
‫منوت من القلوية‪.‬‬
‫حتى حتصل أعضاء اجلسم على األوكسجني الذي حتتاجه‪ ،‬فأنت ال حتتاج إىل مزيد من األوكسجني‬
‫بل حتتاج إىل احلفاظ على ثاني أكسيد الكربون‪ .‬وتنتج اخلاليا ثاني أكسيد الكربون بعد العمليات‬
‫االستقالبية‪ ،‬ويف حال عدم وجود كمية كافية منه يف الدم فلن تتحرر كمية كافية من األوكسجني‬
‫وسينحرم منه الدماغ والعضالت واألعضاء األخرى‪.‬‬
‫ينظم معدل ‪( PH‬احلموضة والقلوية) توزيع األوكسجني يف اجلسم‪ ،‬فعندما يدخل األوكسجني إىل‬
‫الدم عرب الرئتني يرتبط باهليموجلوبني الذي حيمله إىل اخلاليا‪ ،‬وبناءً على االحتياجات االستقالبية‬
‫للجسم يقوم اهليموجلوبني بتحرير األوكسجني‪ ،‬فعندما يكون الشخص نشيطاً يزداد االستقالب لديه‬
‫ويزداد إنتاج اخلاليا لثاني أكسيد الكربون (احلمضي) مما يرفع محوضة الدم‪ ،‬وهذا جيعل الرئتني‬
‫تتنفسان بسرعة لطرد ثاني أكسيد الكربون احلمضي وتقوم الكليتان بإفراز البيكربونات ملعادلة‬
‫احلموضة‪.‬‬
‫جتعل احلموضة اهليموجلوبني حيرر كمية أكرب من األوكسجني يف الدم‪ ،‬فإذا أخرجت بالتنفس‬
‫السريع كميات كبرية من ثاني أكسيد الكربون يصبح دمك قلوياً بشكل أكرب (مما يسبب‬
‫انقباضاً لألوعية الدموية املغذية للدماغ)‪ ،‬وهذا يعطي إشارة خاطئة للهيموجلوبني بأنك ال حتتاج إىل‬
‫مزيد من األوكسجني‪ ،‬وينتج عن ذلك نسبة عالية من األوكسجني يف الدم غري حمررة ال يستفيد منها‬
‫الدماغ أو أعضاء اجلسم‪ .‬وعندما تنحرم هذه األعضاء من األوكسجني تشعر بالدوار‪ ،‬ضيق النفس‪،‬‬
‫تسارع ضربات القلب‪ ،‬الغثيان‪ ،‬عدم الراحة باملعدة‪ ،‬تنميل يف األطراف واألصابع‪ ،‬تبلد ذهين‪ ،‬وصعوبة‬
‫يف الرتكيز‪.‬‬
‫يفسر كثري من الناس هذه األحاسيس على أنها أعراض قلق‪ ،‬فعندما تشعر بالقلق رمبا حتاول أخذ‬
‫أنفاس عميقة للحصول على كمية أكرب من األوكسجني‪ ،‬وعندها تصل كمية كبرية من‬
‫األوكسجني (ال حتتاجها)‪ ،‬وعندما تطرد كل هذا اهلواء بسرعة فإنك تطرد كميات كبرية من ثاني‬

‫‪81‬‬
‫أكسيد الكربون‪ ،‬فينخفض مستواه يف الدم وحيصل اجلسم على أوكسجني أقل وتزداد األعراض‬
‫السابقة سوءاً‪.‬‬
‫الطريقة الصحيحة هي أن تتنفس ببطء وبكمية أقل ‪ Low & Slow‬وهذه الطريقة يف التنفس ستسمح‬
‫للجسم باحلصول على الكمية الكافية من األوكسجني واحملافظة على كمية ثاني أكسيد‬
‫الكربون الضرورية لتحرير األوكسجني‪ .‬ويتم ذلك بتطبيق اخلطوات التالية‪:‬‬
‫توقف عن التنفس من خالل الصدر وتنفس من خالل البطن ببطء وبكمية أقل (ختيل بطنك وكأنه‬
‫بالون‪ ،‬عند الشهيق ينتفخ‪ ،‬وعند الزفري ينكمش)‪ .‬البعض يضع يداً شبه ثابتة على الصدر ويداً أخرى‬
‫على منطقة السرة تتحرك مع التنفس‪.‬‬
‫خذ كمية عادية من الشهيق (تذكر ال حاجة ألنفاس عميقة ألن التنفس من خالل البطن يعّمق التنفس‬
‫بشكل طبيعي وكاف)‪.‬‬
‫اطرد اهلواء بالزفري ببطء ولفرتة أطول‪ ،‬واجعل الزفري أطول من الشهيق‪ ،‬ميكن إخراج اهلواء كما لو‬
‫أنك تنفخ على مشعة (هذا يبطئ خروج ثاني أكسيد الكربون ويعطي اجلسم الوقت لتعويضه‬
‫واحملافظة على مستواه يف الدم)‪.‬‬
‫ال تستعجل الشهيق الثاني‪ ،‬دع رئتك تستنشق عندما تكون جاهزة‪ ،‬كرر هذه العملية ملدة مخس‬
‫دقائق‪.‬‬

‫‪82‬‬

You might also like