You are on page 1of 8

‫جامعة التكوين المتواصل ‪-‬الجزائر‬

‫فرع علوم انسانية‬

‫وحدة‪ :‬مدخل إلى الفلسفة العامة‬

‫األستاذ المحاضر‪ :‬رابح عيسو‬

‫المحور الثاني‪ :‬مباحث الفلسفة (المعرفة)‬

‫المحاضرة الرابعة‪ :‬مبحث المعرفة (االبستمولوجيا)‬

‫‪ -1‬تمهيد‪:‬‬

‫إلدرك العالم في صورته الكلية بوسيلة الفكر (النظري)‪ ،‬فإن‬


‫إذا كانت الفلسفة محاولة ا‬
‫مجالها أعم المجاالت وأكثرها تجريدا‪ ،‬ألن مشاكل الفلسفة هي معاني األفكار األساسية‬
‫وحقيقتها‪ ،‬والعالقات المنطقية بين األفكار في هذه المشكالت التي يستعصي على العلوم‬
‫التجريبية الوصول لحل لها‪ ،‬ذلك أن كل علم يخصص جزء من الواقع موضوعا لبحثه‪ ،‬أما‬
‫الفلسفة كما عرفها أرسطو فإنها " البحث في الوجود بما هو موجود " ‪ ،‬بحيث ال تتقيد بقسم‬
‫يزل صالحا إلى‬
‫واحد من الوجود كما تفعل العلوم‪ ،‬هذا التعريف الذي يمكن القول عنه أنه ال ا‬
‫غاية اآلن‪ ،‬فهو يجعل من موضوع الفلسفة المبادئ القصوى لهذا الوجود وغاياته البعيدة أيضا‪،‬‬
‫أي المبدأ الذي يبدأ منه هذا الوجود والغاية التي ينتهي إليها‪ ،‬وإذا كان هذا هو حال الفلسفة‬
‫الزل إلى غاية اآلن فإنه يمكن حصر القضايا التي تعالجها فيما يلي‪:‬‬
‫و ا‬

‫‪1‬‬
‫أ‪ -‬مبحث المعرفة (االبستمولوجيا)‪ Epistémologie:‬وفيها تطرح الفلسفة تساؤالت متعلقة‬
‫بالمعرفة االنسانية من حيث إمكانها‪ ،‬مصادرها‪ ،‬طبيعتها‪ ،‬حدودها‪ ،‬قيمتها‪ ،‬وسائلها‬
‫وأنواعها‪...‬الخ‪.‬‬

‫ب‪ -‬مبحث الوجود (األ نطولوجيا) ‪ Ontologie:‬ويبحث الفكر الفلسفي في هذه القضايا تلك‬
‫المشاكل المتعلقة بالوجود مثل‪ :‬هل الوجود واحد أم متعدد؟ كما تبحث الفلسفة هنا فيما يسمى‬
‫بحقيقة الموجودات وأدلة الوجود والعدم والحرية ومسائل ما بعد الطبيعة‪...‬الخ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬مبحث القيم (األ كسيولوجيا) ‪ Axiologie:‬وهنا تتناول الفلسفة المشاكل المتعلقة بالقيم‪،‬‬
‫مثل البحث في صحيح الفكر وفاسده (علم المنطق)‪ ،‬والسلوك ونتائجه من حيث الخير والشر‬
‫(علم األخالق)‪ ،‬وأخي ار تبحث الفلسفة في ذوق االنسان من حيث الجميل والقبيح (علم الجمال)‪.‬‬

‫سنتطرق إلى المبحث األول في هذه المحاضرة أما المبحثين المتبقين سنعالجهم في‬
‫المحاضرات الالحقة‪.‬‬

‫‪ -2‬ماهية االبستمولوجيا‪:‬‬

‫‪ - 1.2‬مفهوم االبستمولوجيا‬

‫يختلف مدلول مصطلح االبستمولوجيا من لغة إلى أخرى‪ ،‬مما خلق عدم االتفاق على ضبط‬
‫مفهومه‪ ،‬بل تجاوز األمر إلى االختالف حول حدود موضوع االبستمولوجيا‪ ،‬أي في أي مجال‬
‫تبحث فيه‪ ،‬وعموما المعرفة هي في حد ذاتها موضوعاً لإلبستمولوجيا‪ .‬فما دام المصطلح غير‬
‫مازلت موضوع‬
‫واضح المعالم بالشكل الكافي‪ ،‬وأن طبيعة القضايا التي يجب أن يتناولها ا‬
‫خالف‪ ،‬وهذا ما فسح المجال واسعاً للخلط وعدم الدقة في استعمال هذا المصطلح‪ .‬غير أن‬
‫شيوعه في مجال العلم والفلسفة المعاصرة دليل على أن هناك فعالً مشاكل غير واضحة المعالم‬
‫ودرستها‪.‬‬
‫في تحديدها‪ ،‬هل تندرج تحت مجال العلم أم مجال الفلسفة‪ ،‬ومن ثم تحديد مجالها ا‬

‫‪2‬‬
‫بالنظر إلى التقليد الفلسفي‪ ،‬ماذا تعني االبستمولوجيا؟ هل هي نظرية جديدة في المعرفة؟‬
‫ما هي الجدة فيها؟ وما هي األسس النظرية الجديدة التي تمنح لها هذه ِّ‬
‫الجدة؟ إن النظرية‬
‫الفلسفية في المعرفة ال يمكنها أن تؤسس قوال حول العلوم أو الممارسة العلمية إال من أجل‬
‫اخضاعها إلى متطلبات المنظومات الفلسفية المنخرطة في الهيئة العامة للتاريخ االجتماعي‪.‬‬
‫ومن ثم فهي ايديولوجيا تقوم قاعدتها األساسية على عملية تجاهل جوهرية آلليات وقوانين‬
‫االنتاج المعرفي العلمي‪ .‬ولما كانت هذه العملية قد تحددت بنيويا داخل الحقل الذي ينتظم فيه‬
‫الروح «ذات‪/‬موضوع» فإن أي نظرية في المعرفة‪ ،‬مهما كانت تالوينها‪ ،‬ال يمكنها إال أن تكون‬
‫فلسفة ايديولوجية في المعرفة العلمية‪ ،‬وبالتالي فليس ثمة ما هو جديد فيها يمكن أن يسمى‬
‫«ابستمولوجيا»‪.‬‬

‫‪ -2.2‬بداية استعمال مفهوم االبستمولوجيا‬

‫يتحدث "دانيال باروشيه ‪( Daniel Parrochia‬أستاذ بجامعة جون موالن ليون‪("3‬‬


‫في مقاله‪ :‬هل توجد فلسفة فرنسية للعلوم؟ حول مصطلح االبستمولوجيا‪ ،‬بحيث شاع "استعماله‬
‫موري ‪( Dictionnaire de Murray‬الجزء‬
‫في المفردات االنجليزية‪ ،‬وباألخص في "معجم ا‬
‫‪ ،1897 ، 3‬ترجم مصطلح االبستمولوجيا في سنة ‪ 1856‬من طرف "جيمس فريدريك فيري‬
‫‪ )1864-1808( James Frederick Ferrier‬في ‪،Institutes of Metaphysics‬‬
‫نظرية المعرفة والكائن ‪ )1854( ،The Theory of Knowing and Being‬في الفقرة‬
‫اآلتية ‪:‬‬

‫‪» This section of the science is properly termed Epistemology […] It‬‬

‫“?‪answers the general question: „what ist the knowing and the known‬‬

‫«“?‪Or more shortly, „what is knowledge‬‬

‫‪3‬‬
‫« هذا الفرع من العلم يمكن تسميته باالبستمولوجيا‪ ،‬التي تعني بصفة عامة االجابة عن سؤال‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫المعرف وماذا نعرف؟ وباختصار ماهي المعرفة؟»‬
‫ما هو ُ‬
‫وفي "معجم أوكسفورد" االنجليزي أخذ بعين االعتبار بتحديد مصطلح االبستمولوجيا كأنه‬
‫«نظرية أو علم المنهج أو أسس المعرفة» (‪ )2‬يجيب على هامش "جيمس فريدريك فيري" ويعطي‬
‫التعريف التالي لالبستمولوجيا‪ :‬نظرية أو علم المنهج أو أسس المعرفة التي تبرر اختيار لهذا‬
‫المصطلح الذي يتوافق مع ‪ .Erkenntnistheorie‬يجمع على أن الكلمة االنجليزية‬
‫إال لهذا الجزء من الفلسفة التي أنتجت‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪ Epistemology‬لم تشير إلى أي شيء آخر‬
‫طبيعة المعرفة‪ ،‬بما جاءت به وطبيعة التبرير ما كنا نعرفه ‪، Claims to knownledge‬‬
‫حتى لو كانت طبيعة تطهير هذه العائلة من المشاكل وتتحول إلى سؤال‪ ،‬أكثر عمومية ما‬
‫هي المشاكل التي أظهرها العلم أو العلوم الفرعية(‪ .)4‬استعمل " ارلف كودوورث ‪Ralph‬‬
‫‪ )1688-1617( )5( Cudworth‬في سنة ‪ 1668‬مصطلح انجليزي ‪ epistemonical‬من‬
‫اللغة اليونانية ‪ επιστημονικός‬يستطيع أن يعرف (‪.)6‬‬

‫ورد في مقدمة كتاب الفالسفة والعلم ل "بيار فاجنر‪)-1963( Pierre Wagner‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Daniel Parrochia, Y’a-t-il une philosophie française des sciences ?, In: Philosophie des‬‬
‫‪sciences, expériences, théories et méthodes, remis par: Sandra Langier et Pierre Wagner,‬‬
‫‪éd. Librairie philosophique, J. VRIN, Paris, 2004, p. 241.‬‬

‫‪- Ibild, p. 241.‬‬


‫‪2‬‬

‫‪- Pierre Wagner, Les philosophes et la science, édition Gallimard, 2002, P 38.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪- Ibild, p. 39.‬‬


‫‪4‬‬

‫‪ -5‬فيلسوف انجليزي وعضو في المدرسة األفالطونية في كمبريدج‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪- Lucien R. Karhausen, Les flux de la philosophie des sciences au 20e siècle, Le‬‬
‫‪Harmattan, 2001, p. 179.‬‬

‫‪4‬‬
‫بأن االبستمولوجيا حرفيا ال تعني إال الخطاب حول العلم‪ ،‬ولكن من جهة‪ ،‬المصطلح لم يستخدم‬
‫ألي نوع بأنه موضوع العلم‪ .‬من أجل توضيح هذه النقطة‪ ،‬في الوقت نفسه هذا الكتاب –‬
‫الفالسفة والعلم‪ -‬ال يستعمل في هذه المقدمة للقول ببعض الكلمات بتحفظ في مجال استعمالها‬
‫شرح «فلسفة العلوم»‪« ،‬االبستمولوجيا» أو «نظرية المعرفة»‪ ،‬أيضا بعض التوضيحات‬
‫المرتبطة بما هو موجود باإلنجليزية أو األلمانية ‪ Philosophy of science‬أو‬
‫‪ ،Wissenschaftslehre ،Erkenntnistheorie ،Epistemology‬التي ليست بالضرورة‬
‫أنها مساوية مع ما هو بالفرنسية (‪.)7‬‬

‫المالحظة األولى على هذه النقطة‪ ،‬بأنه ليس من كل التوضيحات موحدة في الفلسفة حاليا‪،‬‬

‫لم يستعمل قبل القرن ‪ ،19‬وللتوضيح أكثر (االبستمولوجيا كان ظهورها في بداية القرن ‪20‬‬

‫وذلك في محاورة "أفالطون" «ثيثياتيوس»‪ ،‬بحيث كان " ا‬


‫سقرط" يسأل‪« ،‬العلم ‪،επιστήμη‬‬
‫مبررت كافية لتأكيد‬
‫ا‬ ‫مركز على هذا السؤال‪ ،‬اذن ال توجد‬
‫ا‬ ‫بماذا يكون؟» وبأن كل حوار كان‬

‫سقرط" وحتى للوقت‬


‫على أن فلسفة العلوم تعود للعهد القديم‪ .‬طبعا‪ ،‬أغلبية الفالسفة بعد " ا‬
‫الحاضر بأنه طرح عليهم السؤال حول العلم‪ ،‬فلسفة العلوم‪ :‬حقيقة يقال بأنها نظام جديد وأنه‬

‫الوحيد لتقييم العالقة الممكنة بين العلم والفلسفة‪ .‬ومن وجهة النظر الصحيحة تحدث "بيار‬
‫الفترت التاريخية لفلسفة العلوم لـ "أفالطون"‪ ،‬ولـ "أرسطو" أو لـ "ديكارت"‬
‫ا‬ ‫فاجنر" عن بعض‬
‫بالتحديد‪ ،‬ألنه في ذلك العصر كان هناك ُكتاب ومؤلفين لهذه العالقة بعيدين عن معاصريهم‪.‬‬
‫فليس من المستحيل البحث في نصوص "أفالطون" أو "أرسطو" أو "ديكارت"‪ ،‬فالحل بأن هذه‬
‫الفلسفات احتماال أنها أفرزت لهم المشاكل المطروحة اليوم في فلسفة العلوم‪ ،‬مثال‪ ،‬واقع‬
‫النظريات العلمية‪ :‬هل يوجد معنى بأن نقول أن هذه النظريات صحيحة‪ ،‬أو أنها مثال بنيتها‬
‫قابلة للتنبؤ؟ شريطة أال نهمل النظر ألكبر عدد من هذه األسئلة التي يستطيع المؤلفين طرحها‬

‫‪7‬‬
‫‪- Pierre Wagner, op.cit., p. 11.‬‬

‫‪5‬‬
‫على أنفسهم‪ ،‬بكل بساطة من أجل أخذ الحاالت التي وردت وذلك لم يكن لديها في ذلك الوقت‬
‫أي شيء للمقارنة بما هو لدينا اليوم والذي نسميه «النظرية العلمية»‪.‬‬

‫المؤشرت التي تحدد اختالف المشاكل التي أشار إليها الفالسفة والمتعلقة بموضوع‬
‫ا‬ ‫ماهي‬
‫العلم والحلول التي جاءوا بها؟ أوال‪ ،‬االستعمال لكلمة «علم» والمعنى الذي أعطي له‪ ،‬لكن‬
‫التغيرت الداللية التي حولت الكلمات من اللغة األجنبية كالتي ترجمت بـ«علم»‬
‫أيضا الدرجة و ا‬
‫بالفرنسية (‪.)8‬‬

‫‪ -3‬نظرية المعرفة‪:‬‬

‫إن نظرية المعرفة هي المشكلة التي تميزت بها المذاهب الفلسفية بحلها‪ ،‬والتي تتميز‬
‫بميزتين بارزتين‪ ،‬أوالهما‪ :‬ترتبط نظرية المعرفة بجملة مواقف المذهب الفلسفي التي تصدر‬
‫عنه‪ ،‬بحيث يرتبط حلها من حيث طبيعته بطبيعة الحلول التي يقدمها ذلك المذهب للمشكالت‬
‫الفلسفية األخرى‪ ،‬والتصور الذي يقدمه لنا‪ ،‬أي مذهب فلسفي عن المعرفة يوجد دائما في‬
‫عالقة جدل التأثر والتأثير بجملة تصورات هذا المذهب عن مجموع المسائل التي ينتدب نفسه‬
‫القتراح حلول عنها‪.‬‬
‫والميزة الثانية‪ :‬حيث إنه يوجد في الوعي كل مذهب فلسفي شعور ال ُيعبر عن نفسه صراحة‬
‫إال في النادر بأن الحلول المقترحة من لدنه هي حلول نهائية للمسائل التي يتناولها بالدرس‪،‬‬
‫فإن كل نظرية في المعرفة تقدم إلينا كما لو كانت تتضمن االجابات الحاسمة والنهائية عن‬
‫كل األسئلة المتعلقة بمسألة المعرفة كمشكلة فلسفية (‪.)9‬‬

‫‪8‬‬
‫‪- Pierre Wagner, op.cit., p. 12-13.‬‬

‫‪- 9‬أنظر‪ :‬رابح عيسو‪ ،‬مقاربة تحليلية لمفهوم االبستمولوجيا من خالل نموذج نظرية الكوانتم‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،2018-2017 ،2‬ص ‪.67‬‬

‫‪6‬‬
‫االستنتاج‪:‬‬

‫االبستمولوجيا هي كل تلك األبحاث المعرفية‪ :‬فلسفة العلوم‪ ،‬نظرية المعرفة‪ ،‬مناهج‬


‫العلوم‪ ،‬منظور إليها من ازوية علمية معاصرة أي من خالل المرحلة الراهنة لتطور الفكر‬
‫العلمي والفلسفي‪ .‬كما أنها علم المعرفة التي تختص ببحث العالقة بين «الذات والموضوع»‪.‬‬
‫«إن االنسان يبني معرفته بهذا العالم من خالل نشاطه العملي والذهني‪ .‬والبناء الذي يقيمه‬
‫االنسان بواسطة هذا النشاط هو ما نسميه العلم‪ -‬أو المعرفة‪ .‬أما فحص عملية البناء نفسها‬
‫أجزئها‪ ،‬محاولة الكشف عن ثوابتها‪ ،‬صياغتها‬
‫تربط ا‬
‫مرحلها‪ ،‬نقد أساسها‪ ،‬بيان مدى ا‬
‫) تتبع ا‬
‫صياغة تعميمية‪ ،‬محاولة استباق نتائجها‪ ...‬إلخ) فذلك ما يشكل موضوع االبستمولوجيا»(‪.)10‬‬
‫االبستمولوجيا انعكاس حول المعرفة البشرية‪ ،‬وتهتم على األقل بالمحتوى مثل المناهج‬
‫االجرءات المعرفة‪ .‬تدرس المناهج التي توضح طرق‪ :‬كيف للعقل أن يكون ا‬
‫قادر على التكيف‬ ‫و ا‬
‫مع الواقع انطالقا من وجهات النظر والصيغ المتعددة؟ كيف تنتظم الحياة الفكرية من دخولها‬
‫بطرق مختلفة في مجاالت مختلفة أيضا؟ العقل البشري له القدرة على معرفة كل شيء مهما‬
‫يكن‪ ،‬ويمكنه أيضا معرفة ما يعرفه‪ .‬لقد عرف العقل وعرف ما عرفه‪ .‬يمكنه تبيان ما يملكه‬
‫من طرق المعرفة وما يقدمه‪ .‬االبستمولوجيا هي انعكاس ثانوي حول المعارف التي تأسست‪،‬‬
‫تدرس األحداث مثل حياة الفكر البشري (‪.)11‬‬
‫باعتبار أن االبستمولوجيا هي تفكير في العلوم وليس في المعرفة «بوجه عام» فإن‬
‫االبستمولوجيا في دالالتها الفرنسية تتميز عن االبستمولوجيا بمعنى نظرية المعرفة‪ .‬ففي الوقت‬
‫الذي مازالت عبارة‪ epistemology‬االنجليزية تلك التي ابتكرها سنة ‪ 1854‬الفيلسوف‬
‫الفيختي "جيمس فريدريك فيري" ‪ ،James Frederick Ferrier‬أو تلك العبارة األلمانية‬
‫‪Erkenntnistheorie‬التي روجها سنة ‪ 1862‬مؤرخ الفلسفة "ادوارد تسيلر ‪" Eduard‬‬
‫‪ ،)1908-1814( Zeller‬في كتابه «الفلسفة اليونانية المعتبرة في تطورها التاريخي الجزء‬
‫األول الفلسفة اليونانية ما قبل سقراط» ‪La Philosophie des Grecs Considérée‬‬

‫‪ - 10‬محمد عابد الجابري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.47‬‬

‫‪11‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Albert Chapelle, Epistémologie, préface d’Emmanuel Tourpe, Lessius, Bruxelles, 2008,‬‬
‫‪p. 20.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪Dans son développement Historique Partie 1 La philosophie Grecs‬‬
‫‪ )1877( avant Socrate‬ترجمه من األلمانية "ايميل بوترو‪ " Emile Boutroux‬تحتفظ‬
‫عرَفي المنهج أو علم‬
‫بمعنى نظرية المعرفة‪ .‬وكذلك األمر لدى "أوجيست كونت "عندما انتقد َم َ‬
‫النفس‪ .‬ففي رأى "كونت"‪ ،‬ليس من الممكن معرفة «قوانين الفكر البشري» «مباشرة»‪ .‬فهذه‬
‫القوانين ال يمكن أن تُعرف إال بد ارسة النتائج الفعلية للفكر البشري وهو بصدد العمل‪ ،‬أي‬
‫بد ارسة العلوم وتاريخها‪ .‬وكذلك األمر لدى "أبل اري" ‪ )1940-1873( Abel Rey‬الذي‬
‫أكد‪ ،‬في مفتتح أول عدد لمجلة "طاليس ‪ ،Thalés‬وهي مجلة معهد تاريخ العلوم والتقنيات‪،‬‬
‫«إن نظرية المعرفة ليست إال ايديولوجيا غامضة أو جدلية كالمية بال تاريخ فلسفي للعلوم»(‪.)12‬‬

‫جون فرانسوا برونشتاين‪ ،‬باشالر‪ ،‬كانغالم‪ ،‬فوكو‪ ،‬األسلوب الفرنسي في االبستمولوجيا‪ ،‬ترجمة هدى الكافي‪ ،‬مراجعة‬ ‫‪- 12‬‬
‫محمود بن جماعة‪ ،‬من‪ :‬مقاالت في النمذجة وفلسفة العلوم‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار سيناترا‪ ،‬ط ‪ ،2‬تونس ‪ ،2012‬ص ‪. 17‬‬

‫‪8‬‬

You might also like