You are on page 1of 32

‫البعثة النبوية‪ :‬مراحل تطور الدعوة‬

‫نسب الرسول صلى هللا‬


‫عليه وسلم‬
‫• هو محمد بن عبدهللا بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف‬
‫بن قصي ابن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن‬
‫فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن‬
‫إلياس بن مضر بن نزار بن معد ابن عدنان‪.‬‬
‫• أخرج هذا القدر من نسبه البخاري في صحيحه‪ ,‬وهو‬
‫المجمع عليه بين العلماء‪ ,‬أما بعد ما بعده إلى آدم (عليه‬
‫السالم) فمختلف فيه كثيرا‪ ,‬وليس فيه ما يعتمد عليه‪ .‬ولكن‬
‫مما ال خالف فيه أن عدنان من نسل إسماعيل ابن إبراهيم‬
‫(عليهما السالم)‪.‬‬
‫• وأخواله من بني زهرة‪ ,‬ألن أمه آمنه بنت وهب كانت منهم‪.‬‬
‫ويل‪M‬تقي نسبه بنسبها في كالب بن مرة‪.‬‬
‫• وشاء هللا أن يكون من أعلى وأطهر أهل األرض نسبا وأشرفهم‬
‫قوما وقبيلة وفخذا‪ .‬وفي هذا يقول الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫إن هللا اصطفى كنانة من ولد إسماعيل‪ ,‬واصطفى قريشا من‬
‫كنانة‪ ,‬واصطفى من قريش بني هاشم‪ ,‬واصطفاني من بني هاشم‪.‬‬
‫ويقول ‪(( :‬إن هللا (عز وجل) يوم خلق الخلق جعلني في خيرهم‪,‬‬
‫ثم حين فرقهم جعلني في خير الفريقين‪ ,‬ثم حين جعل القبائل‬
‫جعلني في خير قبيلة‪ ,‬ثم حين جعل البيوت جعلني في خير بيوتهم‪,‬‬
‫فأنا خيرهم نسبا‪ ,‬وخيرهم بيتا‪.‬‬
‫• ولم يستطع أبو سفيان أن ينكر علو وسمو نسب الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم على الرغم مما كان له من عداء للرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم قبل إسالمه‪ ,‬فقال‪ (( :‬هو فينا ذو نسب))‪.‬‬
‫• ذلكم هو نسب محمد صلى هللا عليه وسلم الذي سماه جده‬
‫عبدالمطلب بهذا االسم رغبة منه عن أسماء أهل بيته‪ ,‬وأراد أن‬
‫يحمده هللا في السماء وخلقه في األرض‪.‬‬
‫حكم وفوائد م‪M‬ن هذا‬
‫االصطفاء‪:‬‬
‫• مادامت العرب ال تسمع إال لذوي األنساب العالية فيهم‪,‬‬
‫فقد اقتضت حكمة هللا تعالى أن يكون نبيه محمد صلى‬
‫هللا عليه وسلم من أعالهم نسبا حتى ال يكون ألعداء‬
‫اإلسالم سالح في أيديهم للصد عن سبيل هللا‪ ,‬وحتى ال‬
‫يتوهم متوهم أن رسالته ماهي إال وسيلة ل‪M‬غاية وهي‬
‫تغيير وضعه االجتماعي‪.‬‬
‫• إن اختيار هللا تعالى لنبيه محمد صلى هللا عليه وسلم من‬
‫العرب من دالئل حب هللا تعالى لهم‪ ,‬وهذا يقتضي من‬
‫المسلم أن يحبهم من حيث الجنس ‪,‬ال من حيث األفراد‬
‫ألن األفراد قد ينحرفون عن اإلسالم‪ ,‬فينبغي هنا كره‬
‫أفعالهم المنحرفة ال كره جنسهم ال‪M‬عربي‪.‬‬
‫• اختلف العلماء في أمر ختانه‪ ,‬فمنهم من قال إنه ولد مختونا‪,‬‬
‫ومنهم من قال‪(( :‬ختنه جده عبدالمطلب يوم سابعه‪ ,‬وصنع له‬
‫مأدبة‪ ,‬وسماه محمدا)) والذي رجحه بعض كبار العلماء القدماء‬
‫أنه ولد مختونا‪ .‬وعندما سأل‪M‬ه قومه عن سبب رغبته عن أسماء‬
‫أهل بيته‪ ,‬أ‪M‬جابهم بأنه يريد أن يحمده هللا في السماء ويحمده خلقه‬
‫في ا‪M‬ألرض‪.‬‬
‫• وعرف الرسول صلى هللا عليه وسلم بأسماء أخرى‪ .‬فقد قال‪ :‬إن‬
‫الختان والتسمية‬ ‫لي أسماء‪ :‬أ‪M‬نا محمد‪ ,‬و أنا أحمد‪ ,‬وأنا الماحي الذي يمحو هللا بي‬
‫الكفر‪ ,‬وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي‪ ,‬و أنا‬
‫العاقب))‪.‬‬
‫• وقد وردت أخبار بأن أمه آمنه سمته أحمد‪.‬‬
‫• ولما كان والده قد توفي وهو في بطن أمه‪ ,‬فينصرف القائم‬
‫بالتسمية إلى األم‪ .‬ويشهد لذلك ما رواه ابن سعد من طريق‬
‫الواقدي بسنده إلى أبي جعفر محمد بن علي‪ ,‬قال‪ :‬أمرت آمنة‬
‫وهي حامل برسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن تسميه أحمد‪.‬‬
‫اليتم ورعاية الجد ثم العم‬

‫• اختلف أهل المغازي والسير في تاريخ وفاة والده‪.‬‬


‫والذي قالع ا‪M‬بن إسحاق ورجحه ابن سعد‪ ,‬ان ذل‪M‬ك كان‬
‫وهو في بطن أمه‪ ,‬وهو المشهور‪ ,‬الذي رجحه كثير من‬
‫العلماء‪ ,‬أمثال‪ :‬الذهبي‪ ,‬وابن كثير‪ ,‬وهو الذي قطعت به‬
‫االية القرآنية الكريمة‪ ( :‬ألم يجدك يتيما فآوى)‪.‬‬
‫لقد شاء هللا (عز وجل) أن ينشأ الرسول صلى هللا عليه‬ ‫‪.1‬‬
‫وسلم يتيما‪ ,‬بعيدا عن تربية أبيه وأمه وجده ‪ ,‬إذ أن‬
‫والده قد توفي وهو في بطن أمه‪ ,‬وقضى معظم فترة‬
‫طفولته األولى ببادية بني سعد‪ ,‬بعيدا عن أسرته كلها‪,‬‬
‫ثم ما لبث أن توفيت أمه‪ ,‬ولم يمكث معها سوى مدة‬
‫يسيرة‪ ,‬وبعدها بمده يسيرة توفي جده عبدالمطلب‪ .‬كل‬
‫ذلك لحكم‪ ,‬لعل من أبرزها أن ال يكون للمبطلين سبيل‬
‫حكمة يتم الرسول‬ ‫إلى إدخال الريبة في القلوب أو إيهام الناس بأن محمدا‬
‫إنما رضع لبان دعوته ورسالته منذ صباه بإرشاد‬
‫صلى هللا عليه وسلم‬ ‫وتوجيه من أبيه وجده ليصل إلى جاه الدنيا باصطناع‬
‫النبوة‪ .‬فقد كان لجده مكانه مرموقة في قومه‪ ,‬فلقد‬
‫كانت إليه الرفادة والسقاية‪ ,‬أي إطعام الحجاج‬
‫وسقايتهم‪.‬‬
‫ولعل في يتمه أسوة لأليتام في كل زمان ومكان‪,‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ليعرفوا أن اليتم ليس نقمه‪ ,‬وانه ال يجب أن يقعد‬
‫بصاحبه عن بلوغ أسمى المراتب‪.‬‬
‫من إرهاصات النبوة عند‬
‫ميالده‪:‬‬

‫• صاحبت والدته بعض اإلرهاصات الدالة على نبوته‪.‬‬


‫وما ثبت منها بطرق صحيحة‪ ,‬قوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪((:‬أنا دعوة أبي إبراهيم‪ ,‬وبشرى عيسى‪ ,‬رأت‬
‫أمي حين حملت بي كأن نورا خرج منها أضاءت له‬
‫قصور بصرى من أرض الشام ))‪.‬‬
‫وما لم يثبت بطرق صحيحة‪ ,‬ولكنه اشتهر‪ ,‬مثل قولهم‪ :‬إنه‬
‫حين ولد سقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى‪,‬‬
‫وخمدت النار التي كان يعبدها المجوس‪ ,‬وغاصت بحيرة‬
‫((ساوة)) وانهدمت المعابد التي كانت حولها‪.‬‬
‫اشتهر عند أهل المغازي والسير ان ممن أرضعنه‬
‫حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية‪ ,‬حين أخذته معها إلى‬
‫بادية قومها‪ ,‬فأقام معها نحو أربع سنين‪ ,‬ثم ردته إلى‬
‫أمه‪.‬‬

‫رضاعة الرسول‬ ‫حكمة الرضاعة في البادية‪:‬‬


‫صلى هللا عليه وسلم‬ ‫كانت عادة الحضر من العرب أن يسترضعوا أبناءهم‬
‫في البدو‪ ,‬ابتعادا بهم عن أمراض المدن‪ ,‬ورغبة في‬
‫تقوية أجسادهم‪ ,‬وتعويدا وتربية لهم على االعتماد على‬
‫النفس منذ الصغر‪ ,‬بعيدا عن تدليل األمهات والجدات‬
‫وبقية األقارب‪ ,‬وتقويما أللسنتهم من اللحن وغيره من‬
‫مفسدات اللغة‪.‬‬
‫حادثة شق الص‪M‬در‪:‬‬
‫• وقعت للرسول صل‪M‬ى هللا عليه وسلم وهو في بادية بني سعد‬
‫حادثة شق الصدر‪ ,‬كما جاء ذلك صريحا في رواية أبي‬
‫نعيم عند ابن كثير‪ ,‬وروى قصة هذا الشق مسلم‪,‬‬
‫باختصار‪ ,‬ولم يصرح بمكان وقوعها‪ ,‬ونصه عن أني‬
‫(رضي هللا عنه)‪(( ,‬إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أتاه‬
‫جبريل (عليه السالم) وهو يلعب مع الغلمان‪ .‬فأخذه‬
‫فصرعه فشق عن قلبه‪ .‬فاستخرج القلب‪ .‬فاستخرج منه‬
‫علقه‪ .‬فقال‪ :‬هذا حظ الشيطان منك‪ .‬ثم غسله في طست من‬
‫ذهب بماء زمزم‪ .‬ثم ألمه‪ .‬ثم أعاده في مكانه‪ .‬وجاء الغلمان‬
‫يسعون إل‪M‬ى أمه ( مرضعته) فقالوا‪ :‬إن محمدا قد قتل‪.‬‬
‫فاستقبلوه وهو منتقع اللون‪ .‬قال أنس‪ :‬وقد كنت أرى أثر‬
‫ذلك المخيط في صدره))‪.‬‬
‫• ولقد تكرر حادث شق صدر الرسول صلى هللا عليه وسلم مرات أخرى غير هذه التي في بادية‬
‫بني سعد‪.‬‬
‫• ومن أوجز ما قيل في حادثة شق الصدر قول ابن حجر‪ (( :‬إن جميع ماورد من شق الصدر‬
‫واستخراج القلب وغير ذلك من األمور الخارقة للعادة مما يجب التسليم له دون التعرض‬
‫لصرفه عن حقيقته لصالحية القدرة‪ ,‬فال يستحيل شيء من ذلك‪.)).‬‬
‫• وينبغي على المسلم أن يعلم بأن ميزان قبول الخير إنما هو صحة الرواية‪ ,‬فإذا صحت فال‬
‫يجدي البحث بعد هذا عن صرف الكالم إلى غير حقيقته أو تأويله عقليا ممجوجا كما يفعل‬
‫أصحاب المدرسة العقلية‪.‬‬
‫يبدو أن هذه الحادثة كانت إعالنا ألمر الرسول صلى‬ ‫‪.1‬‬
‫هللا عليه وسلم والتهيئة للعصمة والوحي منذ صغره‬
‫بوسائل مادية‪ ,‬ليكون ذلك أقرب إلى إيمان الناس به‬
‫وتصديقهم برسالته‪ .‬إنها إذا عملية تطهير معنوي‪,‬‬
‫حكمة شق الص‪M‬در‬ ‫ولكنها اتخذت هذا الشكل المادي الحسي‪ ,‬ليكون فيه‬
‫ذلك اإلعالن اإللهي بين أبصار الناس وأسماعهم‪.‬‬
‫فيها بيان إعداد هللا تعالى عبده‬ ‫‪.2‬‬
‫رعيه الغنم في ص‪M‬باه‬
‫• روى الب‪M‬خاري بسنده إلى أب‪M‬ي هريرة (رضي هللا عنه) قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬ما من نبي إال وقد‬
‫رعى الغنم‪ ,‬قالوا‪ :‬وأنت يا رسول هللا؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬كنت‬
‫أرعاها على قراريط ألهل مكة‪)).‬‬

‫• من أبرز الحكم والعبر في هذا الرعي‪:‬‬


‫• الحكمة في إلهام األنبياء من رعي الغنم قبل النبوة أن‬
‫يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر‬
‫أمتهم ‪.‬‬
‫• اقتضت حكمة هللا أن تعلمنا ان خير مال االنسان ما اكتسبه‬
‫بجهده‪ ,‬وان قيمة االنسان هي فيما يقدمه لمجتمعه من‬
‫خدمات قدر طاقته‪.‬‬
‫• لقد شارك الرسول صلى هللا عليه وسلم في إعادة بناء‬
‫الكعبة عندما تهدمت‪ .‬فكان ينقل معهم الحجارة للبناء‬
‫وعليه إزاره‪ .‬فاقترح عليه عمه العباس أن يجعل إزاره‬
‫على منكبيه ليقيه الحجارة‪ .‬وعندما فعل ذلك‪ ,‬سقط مغشيا‬
‫عليه‪ ,‬فما رئي بعد ذلك عريانا‪.‬‬

‫عناية هللا له وحفظه‬


‫• من أبرز الحكم والعبر من أخبار عناية هللا وحفظه من‬
‫من بعض أمور‬ ‫أمور الجاهلية‪:‬‬

‫الجاهلية‬ ‫• أن هذه األخبار دليال على أن الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫كان مصونا عما يستقبح من أمور الجاهلية قبل البعثة‬
‫وبعدها‪.‬‬
‫• إن من األمور المستقبحة عند هللا التعالي بحضرة الناس‪.‬‬
‫• إن عصمة هللا تعالى له من ممارسة أفعال الجاهلية لدليل‬
‫على تهيئة هللا تعالى ألمر جليل‪.‬‬
‫حرب الفجار‪:‬‬
‫• سميت الحرب التي دارت بين كنانة وقريش من جهة‪,‬‬
‫وقيس عيالن من جهة أخرى بحرب الفجار ألنهم استحلوا‬
‫المحارم بينهم‪ .‬زكان سببها تافها‪ ,‬لم يعد قتل رجل من‬
‫قريش‪ ,‬تداعى بعده األحالف للقتال‪.‬‬
‫• ذكر ابن إسحاق ان هذه الحرب عندما هاجت كان لرسول‬
‫صلى هللا عليه وسلم عشرون سنة‪ .‬وقال ابن هشام ‪ ,‬إنها‬
‫هاجت ولرسول هللا صلى هللا عليه وسلم أربع عشرة سنة‬
‫أو خمس عشرة سنة‪ ,‬وان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫شهد بعض أيامهم مع أعمامه‪ ,‬وقال (( كنت أنبل على‬
‫أعمامي))‪-‬أي أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموها بهم‪.‬‬
‫• ومما يلفت النظر أنه لم يرد ذكر الشتراك الرسول صلى‬
‫هللا عليه وسلم مباشرة في الحرب وقد كان بلغ سن القتال‪,‬‬
‫كما في رواية ابن إسحاق‪.‬‬
‫• كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن‬
‫قصي بن كالب امرأة حازمة شريفة لبيبة‪ ,‬من أوسط‬
‫قريش نسبا‪ ,‬وأعظمهم شرفا‪ ,‬وأكثرهم ماال‪ ,‬وكان‬
‫رجال قومها يحرصون على الزواج منها‪ .‬وكانت‬
‫تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء‬
‫تجعله لهم‪ .‬فلما بلغها عن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫زواجه من خديجة‬ ‫وسلم ما بلغها‪ ,‬من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم‬
‫أخالفه‪ ,‬بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها‬
‫تاجرا إلى الشام‪ ,‬وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره‬
‫من التجار ‪ ,‬فوافق‪ ,‬وخرج مع غالم لها يدعى‬
‫ميسرة‪ .‬ومن خالل معاشرة ميسرة للرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم رأى من اآليات والمعجزات ماحكاه‬
‫لسيدته خديجة‪ ,‬فرغبت في الزواج منه‪.‬‬
‫التحنث في غار حراء‬

‫• كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ينفرد إلى نفسه‬
‫متقربا إلى هللا (عز و جل) في غار معروف بغار‬
‫حراء‪ .‬وقد حبب هللا إليه ذلك‪ ,‬لم يأمره بذلك أحد‪ .‬فكان‬
‫يبقى في هذا‪ M‬الغار األيام والليالي إلى أن اتاه الوحي فيه‪,‬‬
‫وكانت سنه آنذاك أربعين سنة‪.‬‬

‫• وكان يمكث في حراء شهرا من كل سنه ‪ ,‬وكان ذلك‬


‫مما تتحنث به قريش في الجاهلية‪ ,‬كما ذكر ابن إسحاق‪,‬‬
‫ويطعم من جاءه من المساكين‪ .‬وإذا قضى جواره من‬
‫شهره هذا‪ ,‬كان أول ما يبدأ به الطواف بالكعبة‪.‬‬
‫• قالت عائشة (رضي هللا عنها)‪(( :‬إن أول ما بدئ به‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من الوحي الرؤيا‬
‫الصادقة في النوم فكان ال يرى رؤيا إال جاءت مثل‬
‫فلق الصبح‪ ,‬ثم حبب إليه الخالء‪ ,‬فكان يخلو بغار‬
‫حراء يتحنث – يتعبد‪ -‬فيه الليالي ذوات العدد قيل أن‬
‫من إرهاص‪M‬ات النبوة‬ ‫يرجع إلى أهله ويتزود لذلك‪ .‬ثم يرجع إلى خديجة‪,‬‬
‫قبيل البعثة‬ ‫فيتزود لمثلها حتى فج‬
‫• اه الحق وهو في غار حراء‪.))...‬‬
‫• وروي أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪ (( :‬إني‬
‫ألعرف حجرا بمكة‪ ,‬كان يسلم غلي قبل أن أبعث‪.‬‬
‫إني ألعرفه اآلن))‪.‬‬
‫مراتب الوحي‪:‬‬

‫• قال اين القيم إن هللا تعالى قد كمل لنبيه من مراتب الوحي مراتب عديدة‪ :‬أحدها الرؤيا الصادقة‪ :‬وكانت مبدأ وحي هللا إليه‪.‬‬
‫• الثانية‪ :‬ما كان يلقيه ال‪M‬ملك في روعه وقلبه من غير أن يراه‪.‬‬
‫• الثالثة‪ :‬أنه صلى هللا عليه وسلم كان يتمثل له الملك رجال‪ ,‬فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له‪ ,‬وفي هذه المرتبة كان يراه‬
‫الصحابة أحيانا‪.‬‬
‫• الرابعة‪ :‬أ‪M‬نه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس‪.‬‬
‫• الخامسة‪ :‬أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها‪ ,‬فيوحي إليه ما شاء هللا أن يوحيه‪.‬‬
‫• السادسة‪ :‬ما أوحاه هللا وهو فوق السموات ليلة المعراج من فرض الصالة وغيرها‪.‬‬
‫• السابعة‪ :‬كالم هللا له منه إليه بال واسطة ملك‪.‬‬
‫مراتب الدعوة ومراحلها‪:‬‬
‫أ\ مراتب الدعوة‪:‬‬
‫ذكر لها ابن القيم خمس مراتب‪:‬‬
‫األولى‪ :‬النبوة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إنذار عشيرته األقربين‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬إنذار قومه‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬إنذار قوم ما أتاهم من نذير قبله‪.‬‬
‫الخامسة‪ :‬إنذار جميع من بلغته دعوته من الجن واإلنس‬
‫إلى آخر ال‪M‬دهر‬
‫ب\ مراحل الدعوة خالل حياة الرسول صلى هللا‬ ‫•‬
‫عليه وسلم‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬الدعوة سرا‪ ,‬واستمرت ثالث سنين‪.‬‬ ‫•‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬الدعوة جهرا والكف عن القتال‪.‬‬ ‫•‬
‫واستمرت إلى الهجرة‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬الدعوة جهرا مع قتال المبتدئين‬ ‫•‬
‫بالقتال‪ ,‬واستمرت إلى صلح الحديبية‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة‪ :‬الدعوة جهرا‪ ,‬مع قتال كل من يقف‬ ‫•‬
‫في سبيل سير الدعوة‪.‬‬
‫أساليب المشركين في محاربة الدعوة اإلسالمية‪:‬‬

‫• لم تزل أصداء تلك الصيحة – وأنذر عشيرتك األقربين‪ -‬مدوية في جنبات أم القرى‪ ,‬فقام‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم مشمرا عن ساعد الجد‪ ,‬صادعا بالحق‪ ,‬داعيا إلى هجر األوثان‪,‬‬
‫مسفها عقول المؤمنين بها‪ ,‬مبينا حقائق اإلسالم‪ ,‬داحضا األباطيل العقدية التي تعشعش في‬
‫عقول أهل الجاهلية‪.‬‬
‫• عندما رأت قريت أن أثر هذه لم يكن محدودا كما كان الحال مع من دعا إلى نبذ األصنام قبل‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ,‬قامت في وجه محمد ومن تبعه‪ ,‬وأخذت تمارس شتى أساليب‬
‫ووسائل الترغيب والترهيب‪ ,‬لصدهم عن هذا الطريق الذي هدد مصالهم‪ ,‬التي يجنونها من‬
‫وجود الحرم في أرضهم‪ ,‬وحط من تكبرهم على غيرهم‪ ,‬ووقف أمام شهواتهم في السيطرة‬
‫واقتراف السيئات والموبقات‪ .‬وقد كان أكثر هؤالء من أصحاب النفوذ والمصالح‪.‬‬
‫ومن أبرز تلك األساليب‪:‬‬
‫• األسلوب األول‪ :‬كان أول أسلوب لجؤوا اليه هو محاولة التأثير‬
‫على عمه أبي طالب حتى يكفه عن الدعوة أو تجريده من جواره‬
‫–أب حمايته‪. -‬‬
‫• األسلوب الثاني‪ :‬التهديد بمنازلة الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫وعمه أبي طالب‪.‬‬
‫• األسلوب الثالث‪ :‬االتهامات الباطلة لصد الناس عنه‪.‬‬
‫• ومن تلك االتهامات‪:‬‬
‫أ\ اتهموه بالجنون‪.‬‬
‫ب\ اتهموه بالسحر‪.‬‬
‫ج\ اتهموه بالكذب‪.‬‬
‫د\ ا‪M‬تهموه باإلتيان باألساطير‪.‬‬
‫ه\ قالوا إن القرآن ليس من عند هللا وإنما هو من عند البشر‪.‬‬
‫و\ اتهموا المؤمنين بالضاللة‪.‬‬
‫األسلوب الرابع‪ :‬السخرية واالستهزاء والضحك والغمز واللمز والتعالي على المؤمنين‪.‬‬ ‫•‬
‫األسلوب الخامس‪ :‬التشويش‪.‬‬ ‫•‬
‫األسلوب السادس‪ :‬طلبهم أن تكون للرسول صلى هللا عليه وسلم معجزات أو مزايا ليست عند البشر‬ ‫•‬
‫العاديين‪.‬‬
‫األسلوب السابع‪ :‬المساومات‪.‬‬ ‫•‬
‫األسلوب الثامن‪ :‬سب القرآن ومنزله ومن جاء به‪.‬‬ ‫•‬
‫األسلوب التاسع‪ :‬االتصال باليهود لإلتيان منهم بأسئلة تعجيزية للرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫•‬
‫األسلوب العاشر‪ :‬الترغيب‪.‬‬ ‫•‬
‫األسلوب الحادي عشر‪ :‬الترهيب‪.‬‬ ‫•‬
‫األسلوب الثاني عشر‪ :‬االعتداء الجسدي‪.‬‬ ‫•‬
‫األسلوب الثالث عشر‪ :‬مالحقة المسلمين خارج‬ ‫•‬
‫مكة والتحريض عليهم‪.‬‬
‫األسلوب الرابع عشر‪ :‬المقاطعة العامة‪.‬‬ ‫•‬
‫األسلوب الخامس عشر‪ :‬محاولة قتل الرسول‪.‬‬ ‫•‬
‫مكان التقاء الرسول بالمسلمين‪:‬‬

‫• كان الرسول صلى هللا عليه وسلم يلتقي سرا بالداخلين في اإلسالم‪ ,‬ليعلمهم ما ينزل به الوحي من‬
‫تعاليم الدين‪ ,‬وفي السنة الخامسة من ابتداء الدعوة اختار الرسول منزل أحد المسلمين‪ ,‬وهو‬
‫األرقم بن أبي األرقم‪ ,‬ليلتقي بأكبر عدد منهم‪ ,‬وحافظوا على كتمان سرية هذا المكان‪ ,‬ألن عامة‬
‫الصحابة كانوا يخفون إسالمهم‪ ,‬ولذل فمن الحكمة اتباع السرية لما فيها من صالح للمسلمين‬
‫ولإلسالم‪.‬‬
‫• وعندما شك الكفار في وجود مكان يلتقي فيه المسلمون‪ ,‬كان كل الذي توصلوا إليه أنه يلتقي بهم‬
‫في دار عند الصفا‪.‬‬
‫• إن مراعاة السرية والكتمان في حياته صلى هللا عليه وسلم واضحة في مواقف كثيرة منها هذا‬
‫الموقف‪.‬‬
‫الهجرة األولى إلى الحبشة‪:‬‬

‫• كانت بداية االضطهادات في أواسط أو أواخر السنة الرابعة من النبوة‪ ,‬بدأت ضعيفة‪ ,‬ثم لم تزل في‬
‫ازدياد يوما لجوا وشهرا شهرا‪ ,‬حتى اشتدت وتفاقمت في أواسط السنة الخامسة‪ ,‬حتى نبا بهم المقام في‬
‫مكة‪ ,‬وأعوزتهم أن يفكروا في حيلة تنجيهم من هذا العذاب األليم‪ ,‬ثم في هذا الوقت العصيب نزلت‬
‫سورة الكهف ردودا على أسئلة طرحها المشركون على النبي ‪ ,‬ولكنها اشتملت على ثالث قصص‪,‬‬
‫فيها إشارات بليغة من هللا تعالى إلى عباده المؤمنين‪.‬‬
‫• فقصة أهل الكهف ترشد المؤمن إلى الهجرة من مراكز الكفر والعدوان حين مخافة الفتنة على الدين‬
‫متوكال على هللا‪.‬‬
‫• وقصة الخضر وموسى تفيد ان الظروف ال تجري وال تنتج حسب الظاهر دائما‪ ,‬بل ربما يكون األمر‬
‫على خالف الظاهر‪ ,‬ففيها إشارة لطيفة إلى أن الحرب القائمة ضد المسلمين ستنعكس تماما‪ ,‬وسيصادر‬
‫هؤالء الطغاة المشركون –إن لم يؤمنوا – أما هؤالء الضعفاء المدحورين من المسلمين‪.‬‬
‫• وقصة ذي القرنين تفيد أن األرض هلل يورثها من‬
‫عباده من يشاء وأن الفالح إنما هو في سبيل‬
‫اإليمان دوم الكفر‪ ,‬وأن هللا ال يزال يبعث من‬
‫عباده –بين اونه وأخرى‪ -‬من يقوم بإنجاء‬
‫الضعفاء من يأجوج ومأجوج ذلك الزمان‪ ,‬وأن‬
‫األحق بإرث األرض إنما هو عباد هللا الصالحون‪.‬‬
‫• ثم نزلت سورة ((الزمر)) تشير إلى الهجرة‬
‫وتعلن بأن أرض هللا ليست بضيقة‪.‬‬
‫• في هذه الظروف كانت هجرة المسلمين إلى‬
‫الحبشة‪ ,‬فرارا بدينهم من بالد الفتنة إلى بالد‬
‫األمان‪.‬‬
‫• عندما عاد بعض من هاجر الهجرة األولى‬
‫إلى الحبشة‪ ,‬ووجدوا أن االبتالء الواقع على‬
‫الهجرة الثانية إلى‬ ‫المسلمين أصبح أشد مما كان‪ ,‬ولما رأى‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حالهم‪ ,‬أذن‬
‫الحبشة‪:‬‬ ‫لهم بالهجرة مرة ثانية‪.‬‬
‫حكم وعظات من هذا‬
‫الجزء‪:‬‬

‫• إن في هجرة بعض المسلمين إلى الحبشة دليال على‬


‫مشروعية الهجرة‪.‬‬
‫• إن من أسس ودعامات الدين التضحية بالمال والوطن‬
‫والنفس في سبيله‪.‬‬
‫• يجوز للمسلمين أ‪M‬ن يدخلوا‪ M‬في حماية غير المسلمين‪.‬‬
‫• ذكر ابن إسحاق في رواية له أن النجاشي لما مات‬
‫كان يتحدث أنه ال يزال يرى على قبره نور‪ .‬ويفهم‬
‫من هذه الرواية الصحيحة أنه قد أسلم‪.‬‬

‫إسالم النجاشي‪:‬‬ ‫• وذكر في رواية أخرى أن قومه خرجوا عليه ألنه‬


‫أسلم ‪ ,‬وقبل أن يخوض حربا ضدهم هيأ للمسلمين‬
‫سفنا ليركبوها إذا انهزم ‪ ,‬وكتب كتابا يشهد فيه‬
‫بإسالمه‪ ,‬وبلغ ذلك النبي صلى هللا عليه وسلم‪ .‬فلما‬
‫مات النجاشي استغفر له‪.‬‬
‫^‪ ^-‬شكراً لمشاهدتكم‬

You might also like