You are on page 1of 27

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد لمين دباغين‪-‬سطيف‪2‬‬


‫كلية العلوم االنسانية واالجتماعية‬
‫قسم‪ :‬علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية‪.‬‬
‫شعبة النشاط البدني الرياضي الترب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوي‬
‫تخصص‪ :‬نشاط البدني الرياضي المدرسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫المستوى‪ :‬السنة األولى م ـ ـ ــاستـر‬

‫مقياس‪:‬منهجية البحث العلمي‬


‫الدكتور‪:‬بن عمارة كمال‬
‫العام الدراسي‪2023-2022‬‬
‫المحاضرة‬
‫الثامنة‬
‫بعنوان‪:‬منهج تحليل‬
‫المحتوى والمضمون‬
‫مقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪ :‬لقد شاع استخدام منهج تحليل المحتوى والمضمون في‬
‫مجال االختبارات المدرسية فيما يتصل بأمر تحديد درجة صدق االختبارات‬
‫التحصيلية فقبل المباشرة في بناء أي اختبار تحصيلي البد من القيام بعملية تحليل‬
‫محتوى المادة الدراسية ذات الصلة قي ضوء األهداف المتوقع تحقيقها حتى‬
‫تجئ أسئلة االختبار شاملة وممثلة لذلك المحتوى‪.‬‬
‫ويعتبر أسلوب تحليل المحتوى أحد األساليب العلمية الشائعة االستخدام في‬
‫مجال دراسة مواد االتصال ويهدف هذا األسلوب إلى التعرف بطريقة علمية‬
‫منظمة على اتجاهات المادة التي يتم تحليليها وكذلك الوقوف على خصائصها‬
‫بحيث يتم كل ذلك بعيدا عن االنطباعات الذاتية أو المعالجة العشوائية‪.‬‬
‫نشأة منهج تحليل المحتوى‪ :‬ظهر اهتمام الباحثين بمنهج تحليل المحتوى‬
‫واستخدامه كوسيلة للبحث في منتصف الثالثينيات من القرن العشرين‪ ،‬حيث قام‬
‫كل من جري(‪ )GRAY‬وليري (‪ )LEARY‬عام ‪ 1935‬بوضع أساليب‬
‫ومعايير محددة للحكم على درجة مقروئية الكتب المدرسية‪ .‬وقد تم اختيار‬
‫خمسة معايير كان يعتقد أنها تصلح لهذا الغرض من بين ما يقرب ‪ 82‬معيار‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1944‬توصل لورج (‪ )LORGE‬إلى تحديد ثالثة معايير فقط لهذه‬
‫الغاية من بينها عدد الكلمات الصعبة وطول الجمل وصعوبة التراكيب اللغوية‪.‬‬
‫ورغم تعدد هذه المعايير فقد اتضح أنها غير قابلة للتعميم‪ ،‬إذ أن كل واحد‬
‫يقيس المقروئية في حالة نوع معين من الكتب المدرسية دون غيرها‪ ،‬كما أن‬
‫بعضها يهتم بمسائل هامشية و يهمل أمورا هامة مثل أسلوب الكتابة أو اتجاهها‬
‫والتي تؤثر بشكل ما على درجة المقروئية‪ .‬وقد أسهم بلوم(‪ )BLOOM‬كثيرا‬
‫في تسهيل تحليل محتوى المواد الدراسية عندما نشر عام ‪ 1956‬تصنيفاته‬
‫لألهداف المعرفية والتي تالها تصنيفات لألهداف الوجدانية واألهداف النفس‬
‫حركية‪.‬‬
‫ومع بداية النصف الثاني من القرن الحالي تم استخدام أسلوب تحليل‬
‫المحتوى في مجال تفسير االختبارات النفسية‪ ،‬خاصة نتائج االختبارات‬
‫اإلسقاطية وفي هذا النوع من االختبارات يعرض على المفحوص صورة أو شكل‬
‫ناقص ويطلب عليه االستجابة بطريقة حرة لذلك المثير وفي أعقاب ذلك يقوم‬
‫الفاحص بتصنيف االجابة المعطاة ضمن عدد محدد من الفئات ليتسنى له‬
‫التوصل على حكم أو استنساخ بشأنها ومن االعالم في هذا المجال نذكر‬
‫ماكليالند(‪)MECLEELAND‬‬
‫ولم يقتصر استخدام أسلوب تحليل المحتوى على المجال التربوي أو النفسي‬
‫بل شاع استخدامه أيضا في مجال الدراسات االجتماعية خاصة في مجال دراسة‬
‫مواد االتصال الجماهيري من صحف ومجالت ونشرات إذاعية أو تلفزيونية وكان‬
‫من أوائل من أعطاه تعريفا محددا في هذا المجال هو كل من ليتس وبول عام‬
‫‪ 1943‬إذ حصرا تعريفهما بالوظائف التالية التي يغطيها تحليل المحتوى وهي‪:‬‬
‫‪ o‬تحليل الخصائص اللغوية أو الداللية للرموز االتصالية المستخدمة‪.‬‬
‫‪ o‬تحديد تكرارات ظهور أو ورود أو حدوث هذه الخصائص بدرجة عالية من‬
‫‪ o‬إمكانية تمييز هذه الخصائص بمصطلحات ذات صيغة عامة‪.‬‬
‫‪ o‬إمكانية تمييزها باصطالحات ذات صلة بطبيعة فروض الدراسة ومجاالتها‪.‬‬
‫‪ o‬الضبط الدقيق المحكم لهذه االصطالحات المستخدمة في إمكانية التعرف‬
‫على الخصائص الرمزية التي تمت دراستها‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1980‬قدم كلوز كريندوف تعريفا محددا لتحليل المحتوى = هو‬
‫أحد األساليب البحثية التي تستخدم في تحليل المواد اإلعالمية بهدف التوصل‬
‫إلى استدالالت واستنتاجات صحيحة ومطابقة في حالة إعادة البحث أو‬
‫التحليل= ‪.‬‬
‫مفهوم تحليل المحتوى‪ :‬لدى مراجعته للتعريفات المختلفة التي أعطيت لتحليل‬
‫المحتوى يرى سمير حسين أن تحليل المحتوى في مجال الدراسات اإلعالمية‬
‫يمكن تعريفه على النحو التالي‪ :‬تحليل المضمون أو المحتوى هو أسلوب أو‬
‫أداة للبحث العلمي يمكن أن يستخدمه الباحثون في مجاالت بحثية متنوعة‬
‫وعلى األخص في علم االعالم لوصف المحتوى الظاهر والمضمون الصريح‬
‫البحث أو فروضه األساسية طبقا للتصنيفات الموضوعية التي يحددها الباحث‬
‫وذلك بهدف وذلك بهدف استخدام إما في وصف هذه المواد اإلعالمية التي‬
‫تعكس السلوك االتصالي العلني للقائمين باالتصال أو الكتشاف الخلفية الفكرية‬
‫او السياسية أو العقائدية التي تنبع منها الرسالة اإلعالمية وللتعرف على مقاصد‬
‫القائمين باالتصال من خالل الكلمات والجمل والرموز والصور واألساليب‬
‫التعبيرية شكال ومضمونا والتي يعبر بها القائمون باالتصال على أفكارهم‬
‫ومفاهيمهم على أن تتم عملية التحليل بصورة منتظمة ووفق أسس منهجية‬
‫ومعايير موضوعية وان استند الباحث في عملية جمع البيانات وتبويبها وتحليلها‬
‫على األسلوب الكمي بصفة أساسية‪.‬‬
‫ويري جري (‪ )GREY‬أن تحليل المحتوى هو بمثابة وصف كمي ومنتظم‬
‫لمادة ما ويستخدم هذا األسلوب في تحليل مضمون أشياء مثل الكتب والوثائق‬
‫واألعمال‬
‫الفنية من موسيقى ورسم وصور وغيرها وفي حالة تحليل محتوى الكتب‬
‫الموجودة في طريقة عرض مادتها‪ .‬وقد تكون دراسات تحليل المحتوى ال تعدو‬
‫ان تكون تعداد لبعض األمور المطلوبة وقد تكون في الوقت ذاته معقدة عندما‬
‫تحاول الكشف عن درجة التحيز في مثل هذه الكتب‪.‬‬
‫ويرى بيرلسون (‪ )BERLSSON‬أن تحليل المحتوى هو أحد أساليب‬
‫البحث العلمي التي تهدف إلى الوصف الموضوعي والمنظم والكمي للمضمون‬
‫الظاهر لمادة من مواد االتصال‪ .‬وقد استخدم بيرلسون عام ‪ 1912‬هذا‬
‫األسلوب في التعرف على الموضوعات التي تهم الطلبة المتفوقين في أمريكا‬
‫وذلك من خالل تحليل المقاالت العلمية التي قام بتحضيرها للطلبة الذين‬
‫تقدموا آنذاك بطلبات للحصول على منح دراسية من الدولة‪.‬‬
‫ويرى ترافير أن تحليل خصائص المادة اللفظية هو ما يطلق عليه غالبا اسم‬
‫تحليل المحتوى وعندما يحول تحليل المحتوى نحو الكتب المدرسية أو أية‬
‫مادة تعليمية يتعرض لها األطفال فإنه يكون الهدف من وراء ذلك التعرف على‬
‫المتغيرات المثيرة أما عندما يحول إلى تحليل النتائج الكتابية الذي يقدمه‬
‫فيكون الهدف من وراء ذلك حينئذ التعرف على المتغيرات الجوابية‪.‬‬
‫تحليل المحتوى هو أسلوب للوصف الموضوعي للمادة اللفظية(مادة‬
‫االتصال) بحيث يقتصر عمل الباحث على تصنيف المادة اللفظية التي يحللها‬
‫وفق فئات محددة بغية تحديد خصائص كل فئة منها واستخراج السمات العامة‬
‫التي تتصف بها واالنتهاء من كل ذلك بتفسير موضوعي دقيق لمضمونها‬
‫والموضوعية في هذا السياق ستعني النظر إلى الموضوع نفسه دون تأثر كبير‬
‫بالذات المدركة وللوصول إلى هذه الموضوعية البد أن تكون فئات التحليل‬
‫واضحة أن تكون حدودها غير قابلة لالختالف حولها أو تأويلها‪.‬‬
‫وتحليل المحتوى هو أسلوب كمي منتظم وهذا يعني أن التحليل يجب أن يتم‬
‫وفق فئات محددة متفق عليها وعندئذ يكون دور الباحث أن يجد عدد‬
‫الحاالت أو التكرارات الواقعة في كل فئة منها ليستخلص من ذلك في النهاية‬
‫وصفا محددا ودقيقا لها وهذا الوصف سيكون كميا في النهاية ألنه يعتمد على‬
‫عدد التكرارات‬
‫أن تكون عملية تحديد الفئات منتظمة بحيث يتم حصر كل الفئات الممكنة من‬
‫جهة وتحديد العناصر الفرعية الخاصة بكل فئة منها من جهة ثانية‪.‬‬
‫ويتصدى تحليل المحتوى عادة لكل من مضمون المادة اللفظية وطريقة عرضها‬
‫كما يحدث في حالة اإلعالنات إذ أن طريقة عرض المادة اللفظية في اإلعالن‬
‫لها أهميتها في التأثير على الفرد المستقبل لها بغض النظر عن نوعية المادة‬
‫المعروضة‪ .‬وفي العادة فإن الباحث يقوم بالتطرق لظاهر المحتوى وال يعني نفسه‬
‫كثيرا بدراسة األمور التي تقف وراء النص من مثل نوايا الكاتب ومقاصد الحقيقة‬
‫ألن ذلك يجعل من عملية التحليل أمرا معقدا وصعبا كما أنه يقلل من مصداقية‬
‫عملية التحليل ومستوى ثباتها نظرا لكونه يفتح المجال أمام االجتهادات الفردية‬
‫والتأويالت الخاصة‬
‫استخدامات تحليل المحتوى‪ :‬يحدد بيرلسون مجاالت عدة الستخدامات‬
‫تحليل المحتوى من بينها‪:‬‬
‫‪ -1‬وصف االتجاهات السائدة في المحتوى‪ :‬أي انه يساعد تحديد االتجاهات‬
‫مر السنين‪.‬‬
‫‪ -2‬تتبع تطور الدراسات األدبية والعلمية‪ :‬أي أن هذا االستخدام يختص بتتبع‬
‫اهتمامات وأوجه نشاط المشتغلين بالدراسات األدبية والعلمية‪.‬‬
‫‪ -3‬الكشف عن االختالفات بين مضمون االتصال في الدول المختلفة‪ ،‬أن‬
‫يستطيع التحليل المنظم لمواد االتصال من الكشف عن اوجه االختالف بين‬
‫الدول في نظرتها وتفسيرها لمواد االتصال‪ ،‬ويبرز لنا مثل هذا التحليل القضايا‬
‫ذات االهتمام المشترك بين الدول والشعوب في تفسير هذه القضايا‪ ،‬إضافة إلى‬
‫أن استخدام تحليل المحتوى يمكننا من الكشف عن أشكال التفاوت بين‬
‫الدول والشعوب نحو قيم أو اتجاهات معينة‪.‬‬
‫‪ -4‬المقارنة بين وسائل االتصال‪ :‬وهذا التحليل يمكن له أن يبين لنا الفروق بين‬
‫وسائل االتصال في عرضها لقضية معينة‪.‬‬
‫‪ -5‬الكشف عن أساليب الدعاية‪ :‬فدراسة االتجاهات السائدة في مادة من مواد‬
‫االتصال تساعد في الكشف عن أساليب الدعاية في المادة المدروسة‪.‬‬
‫‪ -6‬قياس مقروئية الكتب المدرسية‪ :‬أي قياس سهولة أو صعوبة النص وذلك‬
‫بدراسة العوامل التي تؤثر في هذا المستوى مثل المفردات والتراكيب اللغوية‬
‫والمفاهيم والطباعة وغيرها‪.‬‬
‫‪ -7‬الكشف عن المالمح األسلوبية‪ :‬أي الكشف عما تتسم به األجناس‬
‫األدبية شعرا أو نثرا من خصائص مميزة تعبر عن كاتبها أو العصر الذي أنتجت‬
‫فيه أو المكان الذي صدرت منه‪.‬‬
‫‪ -8‬الكشف عن االهتمامات أو الميول أو القيم االجتماعية‪ :‬ويقصد بذلك‬
‫التعرف على األنماط الثقافية الشائعة في مجتمع معين وقد يستخدم تحليل‬
‫المحتوى في دراسات تعكس القيم واالتجاهات العامة لمجتمعات وليس األفراد‬
‫ومثل هذه الدراسات التي تستخدم تحليل المحتوى تستند إلى منطق مؤداه أن‬
‫القيم الثقافية التي تتجسد في بعض أشكال العمل بالمؤسسات االجتماعية‬
‫تمثلها بوضوح مواد االتصال الصادرة عن أفراد ذوي صلة بهذه المؤسسات‪.‬‬
‫‪ -9‬الكشف عن بؤرة االهتمام‪ :‬إذ من الممكن التعرف على المواضيع والقضايا‬
‫تشغل الجماهير أو قطاعات منها في فترة زمنية معينة وذلك بتحليل بعض المواد‬
‫اإلعالمية التي تنشر فيها هذه القضايا‪.‬‬
‫‪ -10‬مطابقة المحتوى العلمي في الكتب الدراسية لألهداف التربوية المتوخاة‬
‫فمن خالل عملية تحليل المحتوى في ضوء األهداف التربوية المختلفة يمكن‬
‫أن يتضح أي األهداف جرى التركيز عليها وأيها لم يحظ بمثل هذا النوع من‬
‫التركيز‪ ،‬ويعتبر تحليل المحتوى الكتب المدرسية في ضوء األهداف التربوية‬
‫المرسومة خطوة أولى ورئيسية في سبيل بناء االختبارات التحصيلية‪.‬‬
‫يستخدم أسلوب تحليل المحتوى لدراسة المواد اللفظية والمواد غير اللفظية‬
‫على حد سواء ولكن المر الشائع هو استخدامه في دراسة المواد اللفظية‬
‫ويعرف ترافرز تحليل المحتوى بأنه مصطلح يشير إلى مجموعة من األساليب‬
‫مناسبة لتحليل مجموعة كبيرة من هذه المواد بما في ذلك تلك التي تشتمل‬
‫عليها الكتب المدرسية والمحاضرات وأشكال التفاعل غير الرسمي بين المعلم‬
‫وطالبه وموضوعات التعبير التحريرية التي يكتبها الطالب وغيرها‪.‬‬
‫األساليب المتبعة في تحليل المحتوى‪ :‬األسلوب الشائع في تحليل المحتوى‬
‫هو محاولة وضع فئات تصنيفية محددة األطراف لتتم عملية التحليل بموجبها‪،‬‬
‫وتكون هذه الفئات بالعادة بنود رئيسية أخرى فرعية ناتجة عنها‪ .‬فإذا كنا بصدد‬
‫تحليل محتوى أحد الكتب المدرسية لنرى مدى تحقيق ذلك المحتوى للتربي‪،‬‬
‫فإن الفئات التصنيفية في هذه الحالة تكون عبارة عن كل من األهداف المعرفية‪،‬‬
‫والهداف الوجدانية‪ ،‬واألهداف النفس حركية‪ ،‬ويتم تجزئة كل بند من هذه البنود‬
‫الرئيسية إلى بنود فرعية كما يجري تجزئة البنود الفرعية من مستوى أقل حتى‬
‫ييسر ذلك عملية التحليل‪.‬‬
‫هذا ومن الجدير بالذكر أن فئات التصنيف ال تكون دائما محددة وإنما يضطر‬
‫الباحث إلى تحديدها بنفسه بحسب المشكلة التي يحاول دراستها واألبعاد‬
‫الهامة بالنسبة إليه فإذا أراد باحث أن يحدد صورة اإلنسان العربي في الصحف‬
‫والمجالت البريطانية مثال‪ ،‬فعليه أن يحدد الجوانب المختلفة لتلك الصورة حتى‬
‫يبحث عنها في الكتابات الواردة في تلك الصحف والمجالت‪ .‬الشيء نفسه‬
‫أن نجد مستوى تحيز وسائل االتصال في بلد من البلدان ضد قضية معينة فعلينا‬
‫أن نحدد المقصود بالتحيز وأن نحدد بناء على ذلك المظاهر والسلوكيات أو‬
‫االتجاهات أو األلفاظ والعبارات تدل على ذلك النوع من التحيز ومن ثم نحاول‬
‫أن نجد من النصوص المتوفرة تكرار تلك األمور ودرجة شدتها حتى نتوصل من‬
‫ذلك إلى أحكام موثوقة‬
‫إن األسلوب الشائع لتحليل المحتوى أيا كان هدفه أو مستواه يتمثل في إيجاد‬
‫عدد من الفئات التصنيفية التي إما تكون محددة في دراسات مماثلة أو يقوم‬
‫الباحث نفسه بإيجادها وتحديدها ومن ثم القيام باستعراض النص وتحليله في‬
‫ضوء تلك الفئات درجة التكرار في كل حالة منها‪.‬‬
‫األسس التي يقوم عليها تحليل المحتوى‪ :‬يستند أسلوب تحليل المحتوى إلى‬
‫افتراض مؤداه أننا نستطيع التعرف على اتجاهات الكاتب وخصائص النص من‬
‫خالل عملية التحليل الكمي لمحتوى ذلك النص أي أن فهم النص واإلحاطة به‬
‫ليس من المفروض أن يأتي دائما عن طريق الفكرة االجمالية التي يحملها إذ أن‬
‫واتجاهات ونقاط التركيز عند كلها مؤشرات يجب أن تؤخذ بالحسبان عند‬
‫محاولة فهم ودراسة ذلك النص لما كل ذلك من انعكاسات عديدة على طبيعة‬
‫الرسالة التي يحملها بالنسبة للشخص الذي يقوم باستقبالها‪.‬‬
‫كما أن تحليل المحتوى يؤدي بنا إلى أفضل للنص الذي نتناوله فإننا نستطيع‬
‫بشكل أو بآخر أن نوجه تحليل المحتوى إلى الحكم على صالحية النص في‬
‫إيصال الرسالة التي يريد الكاتب إيصالها للمستقبل‪.‬لذلك فإن هناك معايير‬
‫يمكن وضعها في حالة أي مادة لغوي وبالتالي يمكن مقارنة النص مع هذه‬
‫المعايير لنرى مدى قيامها بالهدف المرجو من خاللها ومثل هذا التحليل بال‬
‫شك يستند على افتراض مؤداه أن الكاتب أو صاحب النص البد أن يراعي‬
‫أمورا معينة في كتابة النص وتحضيره وأن درجة نجاعة في هذا المضمار يمكن‬
‫الوقوف عليها من خالل تحليل النص وفق تلك المعايير‪.‬‬
‫هذا ويعتقد الكثيرون أن الكتابات األدبية والسياسية واالجتماعية وغيرها‬
‫تعكس الكثير من صورة العصر الذي يعيشه الكاتب بما في ذلك األحداث‬
‫والعادات واالهتمامات والمشاكل وغيرها وأن مثل هذه األمور يمكن الكشف‬
‫عنها بأسلوب علمي دقيق من خالل تحليل تلك الكتابات والنصوص هذا إذا‬
‫أحسن وضع أسئلة بحثية للكشف عنها وإذا أحسن وضع الفئات التصنيفية‬
‫الخاصة بها‪.‬‬
‫لذلك فإنه إذا كانت النصوص المكتوبة هي بمثابة مرايا تعكس ما يدور في‬
‫المجتمعات من أحداث واهتمامات وغيرها فإن أسلوب تحليل المحتوى يمكنه‬
‫الكشف عن كل ذلك بأسلوب موضوعي موثوق ومنتظم‪.‬‬
‫خطوات منهج تحليل المحتوى‪ :‬يعتمد الباحث خطوات البحث العلمي في‬
‫تحليل المحتوى وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬تحديد مشكلة البحث‪ -2.‬وضع فرضيات البحث‪ -3.‬وضع فئات‬
‫التحليل ووحداته‪ -4.‬بناء أداة التحليل والتأكد من خصائصها السيكومترية‪.‬‬
‫‪ -5‬اختيار عينة المحتوى المراد تحليلها‪ -6.‬جمع البيانات وتحليلها ونشرها‪.‬‬
‫وفيما يلي نقوم بشرح كل خطوة على حدا‪:‬‬
‫‪ -1‬مشكلة البحث‪ :‬تحديد مشكلة البحث بدقة ووضوح هي أول خطوة في أي‬
‫بحث علمي ألنها توجه الباحث ويستطيع بناء خطواته الالحقة بناء على ذلك‬
‫من جهة ثانية وأفضل هيئة لتحديد مشكلة البحث هو وضعها على هيئة سؤال‬
‫يحتاج إلى إجابة‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع فرضيات البحث‪ :‬الفروض هي عبارة عن توقعات الباحث لإلجابة‬
‫على أسئلة الدراسة وينظر إلى الفرض على أنه يفسر العالقة القائمة بين متغيرات‬
‫الدراسة وتكتب الفروض عادة من خالل خبرة الباحث بموضوع الدراسة بناء‬
‫على ما اكتسبه عنها من دراسات سابقة‪.‬‬
‫‪ -3‬وضع فئات التحليل ووحداته‪ :‬يعتمد نجاح عملية تحليل المحتوى على‬
‫عوامل عدة في مقدمتها التحديد الدقيق لفئات التحليل والتي يقصد بها العناصر‬
‫الرئيسية والثانوية التي يتم وضع وحدات التحليل فيها‪ ،‬ومن المفروض أن تكون‬
‫هذه الفئات شاملة لمختلف الجوانب التي يتعرض لها الباحث في تحليله‬
‫للمضمون المعين وان تكون الحدود بينهما واضحة دون تداخل وأن تبتعد عن‬
‫وبعد االنتهاء من فئات التحليل تأتي مشكلة وحدات التحليل وهناك وجهات‬
‫نظر متعددة إلى هذا المر فإذا أخذنا بيرلسون فإنه يفرق بين نوعين من وحدات‬
‫التحليل أوالهما وحدة التسجيل ووحدة السياق فحيثما يمكن اعتبار الكلمة‬
‫على انها وحدة التسجيل تكون الجملة هي وحدة السياق‪ ،‬فإذا كنا مثال بصدد‬
‫معرفة عدد المرات التي وردت فيها كلمة إسرائيل في القرآن الكريم فإن وحدة‬
‫التسجيل هنا هي الكلمة ولكننا في الوقت ذاته قد نكون مهتمين بمعرفة طبيعة‬
‫السياق ووردت قيه تلك الكلمة في األماكن المختلفة من القرآن الكريم هل هو‬
‫في معرض الذم أم المدح؟‪.‬‬
‫وتعتبر وحدات التحليل أساس للتحليل الكمي في مجال تحليل المحتوى لذلك‬
‫فإن بيرلسون يزودنا في هذا المجال بوحدات التحليل الخمسة التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الكلمة‪ :‬وهي أصغر وحدات التحليل وقد تكون الكلمة رمزا أو مصطلحا‬
‫وتستخدم الكلمة الواحدة كوحدة لتحليل المحتوى في مواقف مختلفة من بينها‬
‫دراسة المفاهيم السياسية واالقتصادية واالجتماعية وغيرها‪ ،‬ومنها أيضا تحليل‬
‫‪ -2‬الموضوع‪ :‬ويقصد بالموضوع هنا جملة بسيطة أو فكرة تدور حول قضية‬
‫محددة وهي من أهم التحليل‪.‬‬
‫‪ -3‬الشخصية‪ :‬وتستخدم هذه الوحدة في التحليل عند دراسة القصص‬
‫والروايات والكتب التاريخية وكتب السير الذاتية وقد تكون الشخصية سياسية أو‬
‫تاريخية أو خيالية‪.‬‬
‫‪ -4‬المفردة‪ :‬وهي ما تسمى أحيانا بالوحدة الطبيعية وتختلف باختالف الدراسة‬
‫فمنها ما يكون كتابا أو مجلة أو مقالة أو قصة أو برنامجا إذاعيا أو تلفزيونيا أو‬
‫عمودا في صحيفة أو افتتاحية وما شابه ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬مقاييس المساحة والزمن‪ :‬وهنا يكون الحيز الذي تشغله مادة التحليل هو‬
‫األساس كأن يكون عدد الصفحات المخصصة له أو األعمدة أو السطور وما‬
‫شابه وقد يكون أيضا الزمن الذي تستغرقه مادة التحليل وهذا البعد هام بشكل‬
‫خاص في مجال الدراسات االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -4‬بناء أداة التحليل والتأكد من خصائصها السيكومترية‪ :‬أداة التحليل هي‬
‫االستمارة التي يصممها الباحث لتساعده في جمع البيانات المطلوبة ورصدها‬
‫إليجاد معدالت تكرارها وتحتوي هذه االستمارة في العادة على البنود الرئيسة‬
‫التي سيشملها التحليل وكذلك على عناصرها الفرعية بحيث توضع جميعها في‬
‫عمود يقع في يمين الصفحة ويليها عدد من األعمدة تبين درجة تواجد كل‬
‫عنصر منها في المحتوى الذي يجري تحليله وتحدد درجة التواجد عادة بعدد‬
‫من المستويات تمتد من مستويين إلى ثالثة وأحيانا إلى أكثر من ذلك حسب‬
‫درجة الدقة التي يريدها الباحث ويتوخاها كما أن إدارة التحليل مفيدة للباحث‬
‫حيث أنها تساعده على استكمال عناصر التحليل من جهة لتجعل عمله منظما‬
‫وهادفا من جهة ثانية كما أنها تجعله يركز اهتماماته على البنود الموجودة فيه‬
‫وبذلك ال تشتت أفكاره ويوفر على نفسه الكثير من الوقت والجهد‪.‬‬
‫وبعد أن يتم بناء االستمارة البد من التأكد من درجة صدقها ودرجة ثباتها‬
‫ونقصد بالصدق في هذا المقام شمول االستمارة لكل العناصر التي يجب أن‬
‫تدخل في التحليل من ناحية ووضوح فقراتها ومفرداتها من ناحية أخرى بحيث‬
‫أما بالنسبة للثبات فيقصد به إمكانية الحصول على النتائج نفسها في ما لو أعيد‬
‫استخدام االستمارة نفسها ثانية لتحليل المحتوى نفسه أما الصدق فيتم التأكد‬
‫منه في مثل هذه الحاالت من خالل آراء المحكمين الذين تقدم لهم االستمارة‬
‫باإلضافة إلى وصف كامل للمشكلة المراد إيجاد جواب لها‪ ،‬أما عن الثبات فإنه‬
‫غالبا ما يتم التأكد منه بطرق إحصائية تكشف عن درجة التوافق بين نتائج‬
‫التحليل‪.‬‬
‫يجب أن تكون االستمارة مصممة بشكل يساعد الباحث للتعرف على اتجاهات‬
‫الكاتب وتحديدها ويمكن الوصول إلى هذا الهدف بشكل جزئي إذا قام‬
‫الباحث بمحاولة الربط بين العبارات والفقرات التي يحللها وبين السياق التي‬
‫قيلت فيه ففصل الفقرات عن السياق العام لها يحرم الباحث من التعرف على‬
‫اتجاهات البحث فيؤدي به إلى تبني استنتاجات خاطئة‪.‬‬
‫‪ -5‬اختيار عينات المحتوى‪ :‬يستحسن أن يتم تحليل المحتوى على جميع‬
‫مفردات المجتمع األصلي للمضمون اللغوي ولكن لما كلن مثل هذا األمر‬
‫عليها وهناك بعض التوجيهات التي يستحسن اإللمام بها عند اختيار العينة‪:‬‬
‫‪ -1‬مستوى العينة الخاصة لمصدر النوع الوسيط‪.‬‬
‫‪ -2‬مستوى العينة الخاصة لألعداد المختارة من المصدر‪.‬‬
‫‪ -3‬مستوى العينة الخاصة بمادة التحليل‪.‬‬
‫ويقصد بالمستوى في حالة وجود أكثر من نوع واحد من أنواع مصادر المضمون‬
‫أن يتم اختيار بعضها بالطريقة العشوائية‪ ،‬وعند اختيار العينة البد من القيام‬
‫بتحديد اإلطار العام للمجتمع ومن ثمة يتم اختيار العينة المطلوبة منه هذا ومن‬
‫المعلوم أن من الصفات الرئيسية لعينة البحث أن تكون كافية ومماثلة أي أن‬
‫تستوفي كافة الشروط الموجودة في المجتمع األصلي وان تكون معبرة عن‬
‫خصائص‪ ،‬ومن المشاكل التي تواجه الباحث عند اختيار العينة هو تحديد‬
‫حجمها ومع أن حجم العينة ليس هو العامل الهام في هذا االتجاه وإنما قدرتها‬
‫على تمثيل المجتمع األصلي الذي استخلصت منه إال أن هناك بعض األمور‬
‫التي يجب أخذها بعين االعتبار عند تحديد حجم العينة من بينها حجم‬
‫المراد ضبطها وبالتالي إمكانات الباحث والزمن المتاح لالنتهاء من الدراسة‪.‬‬
‫‪ -6‬جمع البيانات وتحليلها وتفسيرها‪ :‬البيانات التي يتم جمعها في العادة هي‬
‫بيانات كمية أي أنه يتم التعبير عن المحتوى بدالالت رقمية على شكل جداول‬
‫تساعد الباحث في أمور ثالثة هي‪:‬‬
‫‪ -1‬المعالجة اإلحصائية للبيانات‪.‬‬
‫‪ -2‬إبراز االتجاهات السائدة في المحتوى وتحديد مدى شدتها‪.‬‬
‫‪ -3‬المقارنة بين البيانات وبين بيانات من دراسات أخرى‪.‬‬
‫والخطوة األولى في التسجيل الكمي للمحتوى هي اختيار وحدة العد ويتوقف‬
‫هذا بالطبع على طبيعة الدراسة وأهدافها وما يتوقع أن تخدمه من مجاالت‪.‬‬
‫ويأخذ التسجيل في العادة شكلين أحدهما حساب التكرارات ويقصد بذلك‬
‫عدد المرات التي تظهر فيها وحدة التحليل وثانيهما حساب الكمية الذي يقصد‬
‫منه تقدير أوزان للمتغيرات الخارجية للمحتوى مثل مساحة النشر وزمن العرض‬
‫وحجم العنوان واستخدام الصور اإليضاحية إذ أن هذه الوحدات تعتبر مقاييس‬
‫وزن قيمة المحتوى‪.‬‬
‫ومتى تم التعبير عن المحتوى بدالالت رقمية ووضع ذلك في جداول مناسبة‬
‫نتساءل هل نكتفي من عملية التحليل بهذا القدر ونترك األمر لآلخرين‬
‫ليستفيدوا منها بالشكل الذي يرونه ومع أن بعض الباحثين قد يميلون على ترك‬
‫التحليل عند هذا الحد إال انه يفضل تعدي عملية العرض ألجدولي لنتائج‬
‫التحليل إلى عملية الوصف الكيفي الذي يبرز وراء األرقام من مبررات وما لها‬
‫من دالالت وقد يكون المبرر الذي يستند إليه من يتقيدون بالوصف الكمي‬
‫للمحتوى دون التعمق في تفسيره أن عملية التفسير قد تفتح الباب واسعا أمام‬
‫االجتهادات الذاتية واالنطباعات الشخصية إال انه يمكن اللجوء على بعض‬
‫الضوابط التي يمكنها أن تحدد من عملية االجتهادات هذه من بينها محاولة‬
‫ربط النتائج بالمقدمات في حدود األطر النظرية والتجريبية التي تحكم حركة الظواهر‬
‫االجتماعية والنفسية واإلعالمية التي سبق التأكد منها باإلضافة إلى ذلك هنالك ضرورة ألن‬
‫تتم صياغة التفسيرات واالستدالالت والتنبؤات في عبارات واضحة قابلة لالختبار من خارج‬
‫فريق البحث وان تكون أيضا قابلة للتجريب واالختبار في حدود األطر االجتماعية والنفسية‬
‫شكـ ـ ــرا على حسـن‬
‫االصغاء والمتابع ــة‬

You might also like