Professional Documents
Culture Documents
02 CH 5
02 CH 5
الــزواج
أهم حدث اجتماعى وثقافى فى حياة البدو المتريف
مقدمة
تتعدد تعريفات الزواج فى كتب التراث النثروبولوجى
والسوسيولوجى نتيجة لختلف الثقافات التى تم على أساسها تعريف
الزواج .وهذا ما تؤكده "شارلوت سيمور-سميث" بأنه ل يوجد تعريف
واحـد عام ومقبول للزواج بسبب الختلف الشديد بين الثقافات فى
تنظيمها الجتماعى للعلقة النوعية بين الذكور والناث .وقد حاول بعض
الكتاب أن يعرفوا الزواج من خلل الشارة إلى الوظائف الجوهرية
العامة لتلك المؤسسة والتى تتعلق فى العادة بالتحكم فى النشاط
الجنسى وفى حقوقه ،وكذلك فى شرعية الطفال.
ويؤكد جوف Goughعلى القواعد الشرعية ذاكرا ً أن الزواج
مؤسسة اجتماعية منتشرة عالميا ً تؤسس شرعية الطفال .فى حين
يركز جودنف Goodenoughعلى علقة الزواج بوصفها علقة تعاقدية
تخول الحق للممارسة الجنسية مع المرأة) .(1ويميل الباحث إلى تعريف
الزواج على أنه "علقة تعاقدية بين الرجل والمرأة تتم وفق
عادات وتقاليد وطقوس المجتمع وتحدد حقوقها وواجباتها
الثقافة السائدة ،وتنال رضا أفراد المجتمع .وتمنح العلقة
الجنسية بين الرجل والمرأة الشرعية الكافية لضمان تحقيق
انتماء الطفال النتماء القرابى لعشيرتى الزوج والزوجة".
5-1الزواج
الزواج هو أهم حدث اجتماعى وثقافى تمارسه الجماعة البدوية
محل الدراسة ،لذلك حرصت الدراسة على التعامل مع الزواج بشئ
من التفصيل ،لنه يعكس بشكل واضح آثار استقرار الجماعة البدوية
فى الريف .كما تكشف الدراسة الميدانية عن حدوث بعض التغيرات
فى الممارسة الظاهرية ،مثل شكل احتفالية الزفاف أو جهاز
العروسين أو حتى بعض الغانى ،فى حين أن هناك تفاصيل جوهرية
مازالت مستمرة مثل "الصله" وطريقة التعامل مع غشاء البكارة،
التى لم تتأثر الجماعة البدوية المتريفة فيها بالثقافة الريفية .وكذلك
هناك مناطق تزاوجت فيها النماط البدوية مع النماط الريفية ليجمع
النمط المعاصر الذى يمارس الن فى المجتمع ما بين الخصائص
البدوية وبين الريفية فى وقت واحد.
كما تحاول الدراسة الميدانية الكشف عن العلقة بين التغيرات
التى طرأت على نظام الزواج البدوى فى ظل تغيرات النشاط
القتصادى والستقرار ،وهى على النحو التالى:
5-2الستعداد للزواج:
يصور رأى الخبارى رقم ) (1فى الزواج نظرة المجتمع لعملية
()1شارلوت سيمور-سميث ،موسوعة علم النسان :المفاهيم والمصطلحات
النثروبولوجية ،ترجمة محمد الجوهرى وآخرون ،المجلس العلى للثقافة،
المشروع القومى للترجمة ،القاهرة ،1998 ،ص .413
73
الزواج ،فنجده يقول" :الجواز دستور العرب" .ويعنى بذلك أن
الزواج أهم العمليات التى تطبق فيها الحكام العرفية البدوية ،وأنه
يحتوى على معظم القواعد القانونية البدوية على اعتبار أنه أهم حدث
اجتماعى وثقافى فى حياة الفرد داخل الجماعية البدوية .أما عن
مراحل الستعداد للزواج فتبدأ مع مرحلة البلوغ ،فمجرد بلوغ الشاب أو
الفتاة يجعلهما مؤهلين للزواج فى أية لحظة تحددها السرة -وخصوصا ً
الفتيات -لن المجتمع محل الدراسة يفضل زواج الفتيات فى سن
صغيرة تبدأ من 14سنة ،كما أن أفراد المجتمع ل يهتمون بزواج
فتياتهم حسب ترتيبهن العمرى ،بمعنى أنه من الممكن أن تتزوج أصغر
فتاة قبل أختها الكبر ،ويقول فى ذلك "اللى يجيلها عدلها تروح ،وإن
جالك الفرح عجل به".
أما الشباب فتحدد السن المناسبة لزواجهم عدة عوامل أهمها:
وضعهم القتصادى بما يضمن المقدرة على إعالة السرة الجديدة.
وكذلك ترتيبهم وعددهم ،بمعنى أنهم يحرصون على زواجهم من الكبر
إلى الصغر .وفى هذا يقول الخبارى" :إذا كان فى واحد عنده
عّيل واحد وعايز يفرح بيه يجوزه صغير .أما لو راجل عنده
كذا عّيل يجوز الكبير ،والكبير يساعده فى جواز إخواته".
وكشفت الدراسة أن عملية الستقرار أثرت كثيرا ً فى فكرة السن
المناسبة للزواج ،فمثل ً ارتفع سن زواج الفتيات خلل السنوات الخيرة
نسبيًا ،فبعد أن كان زواج الفتاة مرتبطا ً بوصولها لمرحلة البلوغ،
أصبحت الفتاة الن ل تتزوج فى سن أقل من 16إلى 18سنة لن
الجماعة البدوية اتجهت الن لتوثيق العقود الخاصة بالزواج ،مما يتطلب
رفع سن الزواج .وإن كانوا يتحايلون على هذا الموضوع بأكثر من
طريقة ،منها إعادة القيد وتسنين الفتاة بسن أكبر .ومعظمهن يتزوج
بدون توثيق من خلل "الصله" ،وبعد ذلك يوثق العقد.
كما أسهم فى ارتفاع السن المناسبة للزواج عند الفتيات ارتفاع
حدود السن المناسبة للزواج بالنسبة للشباب بسبب اتجاههم لداء
الخدمة العسكرية ،وسفر بعضهم للعمل بالسعودية .هذا فضل ً عن أن
ارتفاع تكلفة الزواج بعد الستقرار ممل خلق وجود عقبات اقتصادية
أمام الشباب جعلته يحتاج إلى فترة من الوقت للتغلب عليها.
5-2-1الزواج المفضل:
كشفت الدراسة الميدانية داخل مجتمع البحث عن وجود جميع
أنواع الزواج المتعارف عليها فى المجتمعات البدوية ،إل أنها كشفت
عن تغير ترتيب هذه النواع فى مرحلة الستقرار عنها فى مرحلة
الترحال ،فبعد أن كان الزواج الداخلى وخصوصا ً من أبناء العمومة هو
الزواج المفضل لدى أفراد الجماعة لسباب عديدة منها :أسباب
اقتصادية كالحفاظ على ممتلكاتهم المتمثلة فى الغنام ،وأسباب
اجتماعية تتمثل فى رغبتهم فى الحفاظ على النقاء العصبى والنتماء
للقبيلة.
وبعد الستقرار أصبح الزواج الختيارى هو الكثر انتشارا ً وخصوصا ً
فى السنوات الخمس الماضية .كما اتجه عدد كبير من أفراد المجتمع
للزواج الخارجى .وأصبح من حق الشاب أن يختار من يحب بشرط أن
تكون فى نفس مستوى قبيلته ،كما أصبح من حق الفتاة رفض من ل
ترغب فى الزواج منه.
74
وأكد الخباريان ) (7 ،6أنهما اختارا زوجاتهما برغبتهما من خارج
المجتمع بعد أن حصل على موافقة والديهما ،وأنهما حرصا على أن
يتزوجا من نفس المتداد القبلى .كما أوضح الخبارى رقم ) (1أنه
أعطى الحق لبناته فى رفض أكثر من شاب تقدموا لخطبتهن بسبب ما
حدث مع ابنته الكبيرة التى تزوجت دون رغبتها من ابن عمتها ولم تكن
مرتاحة معه ،فيقول "بعد ماجوزت الكبيرة على كيفى وبقت
مش مرتاحة قلت آخد رأيهم علشان مشلش ذنبهم".
كما كشفت الدراسة الميدانية أن هناك تفاوتا ً فى ترتيب الفضلية
فى نوعية الزواج بين عرب عمران وعرب رفيع؛ فأبناء عمران يفضلون
زواج أبناء العمومة العاصبة فى المرتبة الولى ثم الزواج من العرب
من خارج المجتمع ووفق رغبة الهل ،ولم يجد الباحث حالة للزواج
الختيارى فى عرب عمران .أما عرب رفيع فيتجهون بالساس للزواج
من خارج المجتمع ،كما يعطون حق اختيار شريك الحياة .وهناك -من
ناحية أخرى -أسباب وراء هذه التفضيلت منها أسباب ديموجرافية،
أهمها أن فتيات عرب رفيع وخصوصا ً من جيل البناء كانت أعمارهن
أكبر من الشباب ،ولذلك لم تكن مناسبات لهم .وهناك أسباب
اقتصادية ،فعرب رفيع إمكاناتهم القتصادية متواضعة مقارنة بعرب
عمران؛ لذلك يسعى الهل دائما ً لعمل حراك اقتصادى وتزويج بناتهم
لشباب من خارج المجتمع ،ولكنهم فى نفس الوقت يرفضون تزويج
فتياتهم للسعوديين على عكس عرب عمران .إلى جانب أن الجد رفيع
له إخوة أبناء عمومة فى منطقة قريبة من المجتمع اسمها )السبخايه(
ومعظم زيجات عرب رفيع تتم بينهم وبين أطراف من هذه المنطقة.
ويسجل الباحث مجموعة من الملحظات أهمها رفض أفراد
المجتمع الن لفكرة زواج البدل؛ رغم أنها كانت منتشرة فى جيل
الباء ،وبعض من تزوجوا بهذه الطريقة يرفضون تزويج أبنائهم بنظام
زواج البدل .ويفسرون ذلك بأنه يظلم إحدى الزيجتين ،فعندما تخطئ
المرأة فى بيت زوجها تعاقب الخرى فى البيت الخر .ويقولون "جواز
البدل ده ظلم يبقى واحدة طيبة والتانية ردّية ،ودى تشيل
وزر دى حرام ،والبدل بيزعل الناس من بعضهم".
كما لحظ الباحث أن تنوع أنماط الزواج فى عرب عمران أكثر منه
فى عرب رفيع فهم يعرفون نظام التسمية من الصغر ،وإن كانت فى
حالة واحدة فقط فيقولون "إن مرعى بعد ماتولد قالوا هياخد
حنان بنت عطيه وهى بنت عمه وفضلوا كده لحد ما
جوزوهم" .كما لوحظ أن عرب عمران يميلون لتزويج بناتهم فى
السعودية من بعض العرب هناك ،فى حين أن عرب رفيع يرفضون هذه
الفكرة تماما ً ويقولون "إحنا منبعش عيالنا لحد".
كما لحظ الباحث أنه لم تتم أية زيجة بين الجماعتين المستقرتين
بمجتمع الدراسة رغم روابط القرابة التى تجمعهما .أما القانون الذى
يطبق فى فكرة الختيار الزواجى– كما أوضحوا– هى فكرة النتماء
القبلى ،فهم يفضلون أن يتزوجوا من نفس قبيلتهم وإن لم يكن فمن
قبيلة فى نفس مستوى قبيلتهم.
5-2-2موجبات وموانع الزواج:
أجمع الخباريون على أن المانع الول والساسى لتمام عملية
الزواج هو النتماء القبلى ،بمعنى أن الرجل ل يقبل بالزواج من فتاة
تنتمى لقبيلة ليس لها أصول بدوية تساوى قبيلته )ويطلقون على الفتاة
75
التى ليست لها أصول بدوية" :هتيم")*(( .وإن قبل الرجل ذلك فإن
والدته ترفض العيش مع امرأة "هتيم" .ويقول أحد الخباريين "الواحد
وز وحدها ملهاش أصل دا الصل بيونس. ما يقبلش يج ّ
وحتى لو كانت ملكة جمال العالم مخدهاش لنها هتخلى
أهلى يعايرونى بيها وعيالى ميبقلهمش خال .وحتى لو
شيه من البيت، واحد حب واحده ملهاش أصل أمه تم ّ
وهترفض تعيش مع واحده "هتيم" وتتساوى بيها".
كما أن أهل الفتاة الصيلة يرفضون الزواج من شاب "هتيمى"،
مهما كان ثريا ً أو متعلمًا ،ويعتبرون زواج الفتاة من شاب "هتيمى" عيبا ً
كبيرا ً قد يدفع والد الفتاة ثمنه طرده من القبيلة وخصوصا ًَ أن أبناء
المجتمع محل الدراسة من أبناء قبيلة الحويطات وهى إحدى أهم
القبائل فى العرب .وخلل الدراسة الميدانية شهد الباحث واقعة مهمة
فى هذا السياق تدور أحداثها حول شخص ينتمى لعرب عمران كان قد
ترك المجتمع منذ عدة سنوات واستقر فى منطقة أبوالمطامير
بالبحيرة .ولكن انتماءه القبلى مازال لعرب عمران ،وهو حويطى
ومعروف نسبه .وكانت لديه فتاة فى سن الزواج ،فتقدم لها رجل
"هتيم" ليس له أصل – على حد وصف الخباريين – فزوجها له ،فثار
أهله عليه ،وطلبوا اجتماع كل فروع الحويطات .وبالفعل جمعوا كبار
العرب واتفقوا على "تشميسه")*( أى طرده من القبيلة .ويعلق
الخباريون بأنهم "قطعوا الفرع اللى كان هيجيبلهم العار".
وبذلك تكون النتماءات القبلية أحد المؤهلت المهمة للزواج ،بحيث أن
*)*( الهتيم :لفظ يستخدمه أفراد الجماعة البدوية المتريفة لوصف الفراد الذين
ينتمون لعشائر أو قبائل ضعيفة النسب ،أو كما يصفونها بأنها "ليس لها أصل فى
تاريخ البدو" .والهتيم إما أصلهم غجر أو بربر وإذا زوج رجل بدوى من قبيلة أصيلة-
مثل الحويطات -ابنته من رجل هتيم يطرد من قبيلته .ويحكى أفراد المجتمع أن
الرجل الذى يتزوج من فتاة أصلها هتيم ل يمكن أن تقبل أخرى بالزواج منه حتى ل
تتساوى بالهتيمية ،ول يقبل البدو على الرتباط بأبنائه.
*)*( التشميس :يعنى الطرد من القبيلة ومقاطعة الشخص الذى يحكم عليه
بالتشميس .وفسر عدد من الخباريين الكلمة بأنها تعنى أن الشخص الذى يحكم
عليه بهذا الحكم يخرج من ظل القبيلة ويصبح وكأنه معرض للشمس بل حماية أو
وقاية .هم عموما ً ل يعرفون أصل الكلمة تحديدًا .ويحكم على الفرد بالتشميس فى
حالة إتيانه فعل ً يجلب العار على قبيلته وخصوصا ً فيما يتعلق بأمور نسب القبيلة
ووضعها بين القبائل كأن يزوج ابنته من رجل ليس له أصل قبلى محترم أو من يقل
نسبا ً عن قبيلته .وأضاف أحد الخباريين أن من يزوج ابنته فلحا ً قد يلقى نفس
المصير .ويتم الحكم بالتشميس باجتماع كبراء ومشايخ القبيلة فى جلسة عرفية
يتم العلن عنها ،ويحضرها أبناء القبيلة من كل مكان .وقد يتسبب فرد واحد فى
تشميس عشيرته بأكملها .وخلل الدراسة الميدانية تم تشميس فرد وأسرته بسبب
تزويجه ابنته من أحد الشخاص الذين يعرفهم أفراد المجتمع "بالهتيم" أى ليس له
أصل فى البدو .واجتمعت "بطون" القبيلة من كل النحاء وحكموا على هذا الرجل
وعشيرته بالتشميس والتى تضم عرب عمران ،إل أن عشيرته أعلنت تبرأها منه
ومن أبنائه .ولذلك عقد بعد ذلك مجلس عرفى آخر وُأعلن تشميسه وحده هو
وأولده ورفع التشميس عن عشيرته .وتسبب ذلك المر فى تعطل الدراسة
الميدانية فى عرب عمران ما يزيد على ثلثة أشهر حتى حسم المر ،وتأكد عدم
تشميس عرب عمران جميعهم وأن التشميس للفرد الذى زوج ابنته فقط .وبالفعل
خرج من القبيلة وهو يعيش حاليا ً فى منطقة أبوالمطامير بمحافظة البحيرة على
حسب رواية الخباريين.
76
الشاب والفتاة الذين ينتمون لقبائل كبيرة تكون فرص زواجهم من أية
قبيلة أخرى فرصا ً كبيرة .ولحظ الباحث أن الفروق القتصادية بين
العريس والعروس ل تمثل عائقا ً أمام الزواج مهما بلغت فإنه من
الممكن مواجهتها والتغلب عليها ،لن كلفة الزواج ليست عالية ويمكن
لى شاب تحملها.
5-3الخطوبة
لم يعرف أفراد المجتمع كلمة الخطوبة أثناء ترحالهم ،وكانوا
يطلقون على هذه الفترة فترة "التفاق" .ولكن بعد الستقرار
استخدموا كلمة الخطوبة ومشتقاتها مثل خطيبة فلن وخطيب فلنة.
ويبادر الشباب دائما ً بالخطوات الولى فى الخطوبة ،ولم يحدث قبل
ذلك سواء قبل الستقرار أو بعده أن سعى أهل العروس لتزويجها من
شاب معين ،بل إن الخباريين اعتبروا ذلك عيبا ً كبيرا ً فى حق الفتاة
وقالوا "دى العيلة اللى ترفض واحد بيبقى شرف ليها وأهلها
يقولوا دا فلن جالنا وإحنا رفضنا ويتحاكوا بيها مش
الواحدة أو أهلها )يسوى()*( فعل العريس" .ولكن الخباريين
أكدوا أن خطوات الخطوبة ومراحلها وشكل العلقة بين الخطيبين
تغيرت كثيرا ً فى مرحلة الستقرار عنها قبل ذلك ،وهذا ما سنوضحه
فى السطور القادمة.
5-3-1الخطوبة قبل الستقرار:
يقول الخباريون إن الشاب كان يعرف الفتيات من أزيائهن،
وعندما يصل لمرحلة البحث عن عروس كان يتربص بالفتيات ويحاول
أن يختار منهن دون أن يشعر به أحد .فإذا رأى فتاة تضع الشال على
أنفها عرف أنها بنت بنوت ،ويراقبها حتى يعرف بيتها أو أهلها وبعدين
"ياخد أبوه أو أخوه" ويذهب لهل الفتاة دون وسيط أو سابق إنذار
ويجلسون معًا ،وإذا اتفقوا يعلنون "التفاق" .وبعدها بعدة أيام يذهب
العريس ووالدته ومعه شاه وبعض القطع الذهبية التى توضع فى
الخمار أو البرقع ،لنها بعد التفاق سوف تبدأ ترتدى البرقع وتضع فيه
القطع الذهبية التى يهديها لها العريس .وبعد ذلك يحضر والد العريس
وأهله ويجتمع بأهل العروس فى جلسة "مدادة الصله" ويدفع
"سياقها" ،وهو المهر وسنتحدث عنه بالتفصيل فى موضع آخر.
وكان الشاب ل يرى الفتاة التى خطبها ول يتحدث معها فى منزلها أو
خارجه ،حتى فى المناسبات التى تجمعهما حتى ولو كانت بنت عمه.
وبالرغم من أنه يمكن أن يتحدث معها قبل الخطوبة ،أما أثناء
الخطوبة -وخصوصا ً أمام الناس -فل يتحدثان ول يسلم عليها .وإذا زار
أهلها فى المنزل ل يراها ،ول تظهر أمامه لنه يجلس مع أخيها أو
والدها فى المكان المخصص للرجال.
وكان الرجال يجلسون فى مكان يطلقون عليه "المقعد" هو المكان
المخصص لستقبال الضيوف والغرباء .كما يستخدم فى الحتفالت أو
الجتماعات التى يتشاورون فيها فى أمر العشيرة .وبالتالى تكون هذه
الماكن بعيدة عن مجالس النساء التى يتواجد بها الخطيبة فيصعب أن
تلتقى بخطيبها.
كما أن العروس لم يكن مسموحا ً لها بأن تبدى رأيها فى عريسها ،وكان
*)*( يسوى :أى يفعل الشئ ،وهو لفظ يساوى فعل ويسبق معظم تصرفاتهم
فيقولون سويت لك خدمه أى خدمتك ،وسوى الشئ الفلنى أى أنجزه.
77
قرار رفضه أو قبوله هو قرار أهلها ،ولكنها كانت تملك آلية أخرى
للرفض تتمثل فى "النزالة" وتتم بعد الزواج وسنتعرض لها فى موضع
آخر.
ولم تكن هناك هدايا تقدم من العريس أكثر من الذبائح وبعض القطع
الذهبية ،ويقال عليها "دهبات" ،تستخدم فى تزين الخمار الذى ترتديه
العروس يوم الزفاف ،وبعدها يزين بها البرقع الذى ترتديه فى حياتها
اليومية.
"والدهبات" -كما يسمونها -عبارة عن قطع ذهبية تشبه الجنيه الذهب،
ولكن وزن الواحدة منها ل يزيد عن نصف جرام ،ويسمونها "دهبات"
حتى ولو كانت مصنوعة من الفضة أو النحاس المطلى بماء الذهب.
ومع ارتفاع أسعار الذهب والتخلى عن ارتداء البرقع بشكله التقليدى-
بعد أن حل محله الخمار -لم يعد هناك مجال لن تتضمن الشبكة هذه
"الدهبات".
5-3-2الخطوبة بعد الستقرار:
لحظ الباحث -من خلل أقوال الخباريين -أن تفاصيل الخطوبة تغيرت
كثيرا ً بعد الستقرار .وكانت أهم العوامل التى أثرت فى ذلك هى
التعليم وخروج الفتيات إلى المدارس إلى جانب الحتكاك والتصال
المباشر بالفلحين ومشاركتهم احتفالتهم بالزواج والخطوبة .ويقول
الخبارى رقم )" (6البنات دلوقت بيروحوا المدارس وإحنا
عرفينهم وكل واحد عايز واحدة بيبقى عارف هى عايزاه
ول ل ،والتليفزيون عّرف البنات كل حاجة" .كما اختلفت
الطقوس والترتيبات وعرف المجتمع-حديثًا -وسيط الزواج أو المرسال،
وإن كان "المرسال" أو الوسيط ليس محترفا ً لهذه المهنة .ولكنه
شخص يختاره العريس ليكون واسطة بينه وبين العروس وأهلها ،وغالبا ً
ما يكون شخصا ً تجمعه علقة مشتركة بين السرتين .
وتبدأ خطوات الخطوبة بإرسال "مرسال" إلى أهل العروس يعرض
عليهم رغبة الشاب فى الزواج من ابنتهم ،فإذا وافقوا يسألهم على
شروطهم وينقلها لهل العريس .إذا كانت مناسبة لهم أكملوا خطوات
الزواج ،وإن لم تكن مناسبة إما أن يتفاوضوا فيها أو يسحبوا عرضهم
بالزواج.
ويعد ظهور الوسيط فى عملية الزواج أحد المظاهر التى انتقلت
من المجتمع الريفى إلى الجماعة البدوية .فقبل الستقرار لم تكن
الجماعة البدوية تعرف وسيط الزواج أو "المرسال" ،ولكنهم عرفوه
مع استقرارهم فى مجتمع الدراسة ومع وجود "الخاطبة" فى المجتمع
الريفى .ولكنهم لم يلجأوا إلى الخاطبة الريفية بسبب عدم إلمامها
اللمام الكافى بمفهومات الختيار ولن الخاطبة الريفية ليست ملمة
بكل بنات وأبناء الجماعة البدوية التى تعيش فى المجتمع كما أنهم ل
يرغبون فى استخدام وسيط فى الزواج مقابل أجر .لهذا لم تظهر
الخاطبة بشكلها التقليدى ،وإنما ظهرت صورة مختلفة لها هى ما
يطلقون عليه "المرسال" .وهو فى الغالب رجل يختاره الشاب الراغب
فى الزواج ليكون وسيطا ً فى زواجه .وقد تبدأ عملية الوساطة بتوسط
ذلك الشخص بين الشاب وأسرته ،كأن يطلب الشاب من هذا الوسيط
أن يحيط أهله برغبته فى الزواج من فتاة معينة ،أو مجرد أن يلفت
انتباه أسرة الشاب أن ابنهم يرغب فى الزواج.
78
ويجرى التفاق على الشروط التى غالبا ً ما تكون متعلقة بالمهر
وجهاز العروس وتفاصيل قائمة الجرد)*(؛ وكلها أمور لم تكن معروفة
قبل الستقرار ولم يعرفها المجتمع إل بعد الستقرار والتصال
بالمجتمع الريفى ،وهى نفس الطريقة التى تتم بها الخطبة فى
المجتمع الريفى .وبعد نجاح الوسيط فى الوصول إلى اتفاق يذهب
العريس وأهله ومعهم هدايا للعروس -وتسمى "الزيارة" -وتكون فى
الغالب ملبس للعروس ووالدتها وفاكهة .ويعطى كل من العريس
ووالده مبلغا ً ماليا ً للعروس يتراوح ما بين خمسين إلى مائتى جنيه.
ويفسر البعض اختلف نوع الهدايا عما كان فى السابق بأن الذبائح
الن باتت غالية الثمن ،ويصل ثمن الخروف إلى ألف جنيه وهو مبلغ
أكثر بكثير من قيمة الهدايا والمبالغ التى يعطيها العريس وأهله
للعروس الن ،كما أنه لم يعد للقطع الذهبية التى كانت توضع فى
البرقع أية فائدة لن النساء الن ل يرتدين البراقع وبعضهن استبدلها
بالنقاب .وبعد الزيارة الولى للعريس وأهله يتفق الطرفان على موعد
قراءة "الفاتحة" و"مدادة الصله" .وفى هذا اليوم يقوم العريس
بإحضار مشغولت ذهبية على حسب قدرته ،وتكون فى الغالب خاتما ً
أو غوايش أو فروع زيتونة )وهو عقد من الذهب( .ويمكن أن يشترى
دبلة خطوبة أو ل يشترى فل يهتم أفراد المجتمع بالدبلة .ولحظ الباحث
أن الفتيات المخطوبات حاليا ً يرتدين الدبلة فى اليد اليسرى ،وهو ما
يدل على أن الدبلة ليس لها نفس الدللة الرمزية لمرحلة الخطوبة
والزواج كما هو المر بالنسبة للمجتمع الريفى .ولكن ظهور الدبلة فى
حد ذاته يمثل نوعا ً من التغير ،كما أن المشغولت الذهبية تمثل تجديدا ً
فى نوعيات الهدايا.
وفى "قراءة الفاتحة" يحضر أهل العروسين ،وبعد قراءة الفاتحة
يحصل العريس على "الصله")*( ،وهو تقليد يحرص عليه البدو حتى
الن .ومن هذه اللحظة يصبح من حقه التردد على منزل العروس
والجلوس معها فى حضور محرم )أبيها أو أخيها الكبير( .وأصبحت
طبيعة المسكن الن تسمح بمثل هذا اللقاء مع وجود المنازل وغرف
استضافة الضيوف ووجود الرجال والنساء فى مكان واحد ،المر الذى
سهل فكرة التصال بين الخطيبين .وأصبح من حق العريس أن يتحدث
مع عروسه ويسلم عليها .وعلوة على ذلك ومع انتشار وسائل التصال
فى بعض المنازل أصبح بوسع الخطيبين أن يتبادل الحاديث التليفونية.
كما أنهما يستطيعان أن يلتقيا فى المناسبات المختلفة ويتحدثان معا ً
أمام الناس.
*)*( قائمة الجرد :هى قائمة تتضمن كل محتويات جهاز العروسين التى اشتراها
العريس وأهله والعروس وأهلها وكذلك الشبكة .ويوقع عليها العريس وتعد
مسئوليته عنها مسئولية قانونية .وإذا ما حدث طلق تطالب الزوجة بها ويكون
الزوج مطالبا ً بردها كاملة .ولم يعرف البدو المتريف قائمة الجرد إل بعد الستقرار
وتوثيق عقود الزواج والحتكاك بالفلحين الذين يحرصون على قائمة الجرد لضمان
حق الزوجة.
لصلة :يعتقد أفراد الجماعة البدوية أن مسمى "الصلة" هو اسم لشجرة *)*( ا ً
تنبت فى الجزيرة العربية تبقى أغصانها خضراء طوال العام وحتى بعد أن يتم
قطعها تبقى خضراء لفترة طويلة .ويرمز اللون الخضر هنا لبركة الحياة الزوجية
واستمرارها .كما أن الزوج يضع العود الخضر الذى يطلق عليه "الصلة" فى
عمامته أى على رأسه أو فى جيبه تعبيرا ً عن احترامه وحفاظه على زوجته،
وفسرها البعض بأنه نوع من الفخر بزوجته.
79
5-4الشبكة والمهر
يعبر أفراد الجماعة المتريفة عن كلمة المهر بكلمة "السياء" )أى
السياق()**( ويقولون" :العريس بيسوق فيها فلوس" أى يدفع
مهرا ً لعروسه .ويحرص أفراد المجتمع على دفع المهر منذ مرحلة
الترحال وحتى الن بنفس الدرجة .وقد يكون الختلف الوحيد الذى
اعترى المهر هو قيمته ،فبعد أن كانت قيمة المهر ل تتجاوز عشرين
جنيها ً فى نهاية فترة الترحال؛ وصلت إلى مائتى جنيه عند بداية
الستقرار ،وهى الن تتراوح ما بين ثلثة آلف إلى ستة آلف جنيه.
ويلتزم والد العريس بدفعه لوالد العروس أو ولى أمرها فى جلسة
مدادة الصله ،أو بعدها بشرط أن يكون دفع المهر قبل الزفاف بوقت
كاف .وغالبا ً ما يأخذ والد العروس المهر ويشترى به ذهبا ً للعروس وقد
يزيد عليه مبلغا ً إضافيًا .فمثل ً إذا كان مهر العروس ثلثة آلف جنيه
يذهب والد العروس إلى الصائغ ويشترى لها مشغولت ذهبية بثلثة
آلف وخمس مائة جنيه ،وكلما زاد فى الرقم الذى يضيفه إلى المهر
تزيد قيمته وشرفه ومفاخرته أمام أهل العريس.
ولذلك ل يعرف أفراد المجتمع الشبكة كما هى فى المجتمع
الريفى؛ فمثل ً المشغولت الذهبية التى يهديها العريس لعروسه ل
تخضع لى اتفاق مسبق ،ول يمكن أن تعتبرها شبكة .كما أنهم ل
يحتفلون باحتفالية "لبس الشبكة" كما هو الحال فى المجتمع الريفى
مث ً
ل.
5-5عقد القران
إذا كان الزواج يمثل أهم حدث اجتماعى وثقافى فى الجماعة
البدوية ،فعقد القران هو أهم ما فى الزواج .ولعقد القران طقوس
وأسلوب لم يتغير ،وإن كانت قد أدخلت عليه بعض الضافات .فقبل
الستقرار كان أفراد الجماعة يكتفون "بالصله" كعقد للزواج ،ولكن مع
الستقرار أصبحوا يوثقون عقود زواجهم إلى جانب "الصله".
5-5-1مدادة الصلة
ويروى الخباريون – واتفقوا فى روايتهم – أن أهل العروسين
يجتمعون فى منزل أهل العروس أو المكان الذى تستقبل فيه عشيرتها
ضيوفها ،ويمسك والد العروس بعود أخضر -قد يكون من فرع شجرة
أو عود برسيم -ولبد وأن يكون جزءا ً من نبات أخضر ،ويتفاءلون بأنه
أخضر وليس جافًا .ويقرأ الفاتحة والجميع يقرأون معه ،ثم يقول:
"بنتى طلعت من ذمتى وبقت فى ذمتك" ،ويمد يده بالعود
الخضر الذى يسمى "الصلة" .ويمسكها منه العريس ويقول له:
"بنتكم فى ذمتى" ،ويأخذ الصلة ويضعها فى عمامته على رأسه أو
فى جيبه ويحتفظ بها فترة حتى تجف .وأثناء جلسة "مدادة الصلة"
يخرج العريس من جيبه مبلغا ً معينا ً )غير محدد سلفًا( ،ويرسل أحد
الشخاص لشراء بعض المأكولت أو المشروبات ،وحاليا ً يحضر صندوق
*)**( السياء أو السياق :يقصد أفراد الجماعة البدوية المتريفة بهذه الكلمة ما
يدفعه العريس للعروس وأهلها ليحصل عليها .أى أنها تساوى كلمة المهر ولكنها
أشمل لنها تتضمن الهدايا وما يحضره العريس فى جلسة مدادة الصلة وما يهديه
للعروس فى المناسبات المختلفة .وعندما تفشل الزيجة قبل الدخول سواء لرفض
أهل العروس أو لدخول أحد أبناء عمومتها معلنا ً رغبته فى الزواج بها يرد للعريس
سياقه أو كل ما دفعه للعروس وأهلها.
80
مياه غازية وسجائر ومعسل وتسمى هذه الشياء "تحية مدادة الصلة".
وُيعقد المجلس الذى تتم فيه عملية "مدادة الصلة" بأحد ديار أهل
العروس .وقد ُتعقد هذه الجلسة فى منزل والدها أو عمها أو فى
"مقعد" الضيوف تبعا ً لظروف وإمكانيات منزل والد العروس .ويفضل
أن تتم هذه العملة فى مكان خارج منزل والد العروس لن النساء ل
يحضرنها كما أن الب يكون حريصا ً على إتاحة الفرصة لهل بيته
للحتفال "بمدادة الصلة" وخصوصا ً أن العريس يحرص على إحضار
أخته أو والدته لزيارة العروس فى هذا اليوم .كما أن والد العروس
يحرص على أن يتم مجلس مدادة الصلة خارج منزله كنوع من الشهار
لزوج ابنته .وفى نفس الوقت يشرك جماعته القرابية فى هذا المر
ويقول أحد الخباريين" :الناس فى اليوم ده بتجامل بعض وأبو
العروسة بيكبر أخوه أو ابن عمه ويقول نقعد عندك علشان
نعطيهم أصلة البنت" )يقصد العروس( .ومنذ لحظة مدادة الصلة
تصبح العروس حلل ً لزوجها حتى ولو لم يتم الزفاف .وله أن يأخذ
عروسه بدون زفاف إذا رغب فى ذلك على حسب رواية الخباريين.
ولكنهم أكدوا أن هذا لم يكن يحدث إل فى حالة المرأة المطلقة أو
الرملة ،لنه ل يقام بمناسبة احتفال بالزفاف أو الحنة" .وكان العريس
يأخذ عروسه إذا كانت مطلقة أو أرملة من بيت أبيها يوم ما يأخذ
أصلتها".
ويوضح الخباريون أنهم يعتبرون أن العروس منذ هذه اللحظة
زوجة العريس ،يقال" :رسنها مع أصلتها" ،أى أنه عندما يحصل
على الصلة ،وكأنه حصل على الحبل الذى تربط به الشاه ،فإذا أمسك
الرجل بحبل الشاه فقد أخذها .ول يسمح لى امرأة بحضور جلسة
"مدادة الصلة" بما فى ذلك العروس نفسها .ويؤكد الخباريون أن
العروس هى حلل العريس بعد "مدادة الصله" ،ول يمنعه عنها إل أن
تكون "مدخلة" ،و"الدخل" هو أن يكون أحد أبناء عمومتها يرغب فى
الزواج منها وسوف نتعرض لها بالتفصيل فى موضع آخر.
5-5-2عقد القران
مع استقرار الجماعة البدوية وتعرفهم على عادات وتقاليد المجتمع
الريفى واحتياجهم لستخراج أوراق رسمية مثل شهادات الميلد
وجوازات السفر وبطاقات التموين كان لبد أن يأخذوا بممارسة
الفلحين القائمة على توثيق عقود الزواج بشكل رسمى على يد مأذون
شرعى .وكان أول عقد زواج تم توثيقه أو كتابته على يد مأذون كان
فى بداية الثمانينيات .وظل البدو المتريف يعقد جلسات الصلة
بالتوازى مع توثيق العقود .وكان السبب فى ذلك أن الزواج بالصلة ل
يشترط سن زواج محدد للعروسين فى حين أن القسائم الموثقة
تشترط بلوغ الزوجين للسن المقرر .فكان البدوى يتزوج من الفتاة
التى يقل عمرها عن السن القانونى ،وبعدها ينتظر حتى تبلغ السن
القانونى وبعدها يوثق العقد.
وفى حالت أخرى يقومون بعملية التسنين على يد طبيب الوحدة
الصحية ويستخرجون شهادات ميلد تسمح للعروس بالزواج .وكل هذه
الطرق توضح حرص البدوى على الزواج زواجا ً موثقا ً على يد مأذون
بمقتضى قسيمة رسمية يمكنه أن يستخدمها أمام الجهات الرسمية
سواء لقيد أبنائه أو لستخراج بطاقة عائلية وغيرها من الوراق
الرسمية .والعائق الوحيد أمام عقد القران بشكل رسمى هو تكلفة
81
هذه العقود ،فالبدو المتريف يتعامل مع اثنين من المأذونين المحليين
وأقل أجر يطلبه المأذون لتمام العقد هو 200جنيه فى حالة أن تكون
العروس مستوفية شروط السن .أما إذا كانت أصغر من السن
القانونى فيطلب المأذون أجرا ً أعلى قد يصل إلى 500جنيه ،وهى
مبالغ كبيرة بالنسبة للبدوى .وقد لجأ بعض الشباب المتزوج حديثا ً
للدفع بالتقسيط أو تأجيل الدفع للمأذون إلى ما بعد يوم الحنة حتى
يجمع نقوطه ثم يسدد أجر المأذون.
ول تأخذ جلسة توثيق عقد الزواج رسميا ً أى شكل طقوسى ،إذ تنفذ
بمجرد أن يحضر العريس ومعه المأذون ووالده أو وكيله والشهود إلى
منزل والد العروس .ويتم تحرير العقد مرفقا ً به صور للعريس
والعروس .ويمكن أن تحضر هذه الجلسة أم العريس أو أم العروس أو
العروس نفسها ،على عكس ما كان يحدث فى مجلس "مدادة
الصلة" .وبسؤال أحد المأذونين أفاد أن البدو المتريف عرف "كتب
الكتاب" أو توثيق العقود منذ فترة قريبة وأنهم فى حالت كثيرة ل
يوثقون عقود زواجهم إل بعد فترة من الزواج بسبب صغر سن
العروس .وأضاف أن البدوى ل يحرص على الحصول على وثيقة الزواج
أو القسيمة إل بعد فترة طويلة من الزواج قد تصل لعامين على عكس
الفلحين الذين يحرصون على الحصول على القسيمة بمجرد إنهاء
الجراءات المتعلقة بتوثيق العقد.
ويفسر الخباريون اتجاههم لتوثيق العقود بأنهم الن مستقرون
وأبناءهم يتجهون للتعليم ،ولكى يلتحق البناء بالمدارس لبد من
شهادات الميلد التى ل تستخرج إل بقسيمة الزواج .كما أن البدو الن
يحتاجون لقسيمة الزواج فى أمور كثيرة وخصوصا ً مع اتجاه البعض
للسفر إلى الخارج واستخراج جوازات السفر وغيرها من الوراق
الرسمية.
وهناك تفسير آخر يطرحه البعض ،وهو أنه إذا فشلت الزيجة
وحدث الطلق يمكن أن تلجأ الزوجة للمحكمة لتطالب بحقها ،كما أن
هناك آخرين موظفين بالحكومة ،وتحتاج زوجاتهم لقسيمة الزواج
للحصول على المعاش والتأمينات.
5-6الزفاف
احتفالية الزفاف لها عناصر كثيرة وتتضمن أكثر من مرحلة،
وسوف نتناولها على مستويين ،المستوى الول :ما قبل الستقرار ،ثم
نرصد ما تم من تغيرات فى هذه الحتفالية بعد الستقرار ،ونحاول أن
نتلمس آثار الستقرار الثقافية على الجماعة البدوية .وقد شارك
الباحث أثناء الدراسة الستطلعية بحضور احتفالية زفاف ليتمكن من
تعميق فهمه وتدقيق وصفه لهذه الحتفالية بالشكل الذى تتم به الن،
وإن كانت احتفالية الزفاف الن تتخذ أكثر من شكل.
5-6-1الزفاف قبل الستقرار:
كان الستعداد للزفاف يبدأ قبل يوم الزفاف الذى يطلقون عليه
"يوم الدخلة" بفترة طويلة كانت تصل إلى 20يومًا .وفى كل يوم
يجتمع أصدقاء العريس وأهله وجيرانه ويشعلون النيران فى موقد كبير
يطلق عليه "المنقد أو الراكية")*( يعدون عليها الشاى ويتجمعون حولها
*)*( المنقد أو الراكية :هى مكان إشعال النيران التى يجتمع حولها الجماعة البدوية
التى تقيم الحتفال ويستخدمونها فى عدة أمور أهمها عمل الشاى والتدفئة عليها
82
يتسامرون ويتبادلون الحاديث .وكانت النساء تحضر هذه الجلسات
ولكنها ل تشارك فى أحاديث الرجال وغالبا ً ما كانت جماعات الرجال
تجلس بجوار "راكية" النار وعلى بعد منهم تتجمع النساء.
وخلل اليام التى كانت تسبق الزفاف كان البدو يحرصون على إقامة
الحتفالت وإحيائها بالغناء والرقص البدوى ويطلقون على هذه
الحتفالت "السامر" .وهو يعرفون نوعين من الغناء :الول يطلقون
عليه "الكف" أو "السامر" .ويحرص الشباب على المشاركة فى الغناء
على الكف وأطلق عليه هذا السم لن الغناء يتم وفق إيقاع التصفيق
على الكف فيتجمع مجموعة من الشباب )ما بين عشرة إلى 20شابا(ً
ويتراصون فى صف واحد واقفين متلصقة أكتافهم ويصفقون بشكل
جماعى ،وبإيقاع سريع مرددين بعض الغانى مثل "الريح الغربى
واللى فيه طراوه والزين محليه" ،و"ياما خلق ياما صور كعب
البت ريال مدور" ،و"حلوة بيضه فى الميزان" ،و"الميه جات
فى وادى النيل واحنا غلبه ومساكين" .وفى الغالب تقسم كل
أغنية من هذه الغانى إلى شطرين وينقسم المؤدون من الشباب
المتراص فى الصف إلى قسمين وكل قسم منهم يرد شطر من
شطرى الغنية فيقول القسم الول من الشباب الواقف "الريح
الغربى واللى فيه" ،فيرد عليه القسم الخر "طراوه والزين
محليه".
وتشارك النساء فى هذا اللون من الغناء والحتفال بالرقص ورغم
ما يحاول البدوى من إثبات تحفظه على خروج المرأة أو احتكاكها
بالخرين إل أنهم ل يعتبرون أن الرقص فى "الكف" وأمام الشباب عيبا ً
أو فيه ما ينتقص من وضع المرأة أو يمس هيبة زوجها أو والدها إن
كانت لم تتزوج بعد .والمرأة التى تشارك بالرقص تمسك بعصا فى
يدها وتربط حزام حول وسطها وتبدأ تتمايل مع إيقاع التصفيق
وتستخدم حركة بسيطة من قدمها مع تحريك خصرها وتتحرك شمال ً
ويمينا ً ملوحة بالعصا التى فى يدها .ولن المرأة التى ترقص تضع حزام
حول وسطها)*( ليساعدها فى أداء الحركات الراقصة فيتبع نساء مجتمع
وسيلة أخرى لتحديد إذا كانت المرأة التى ترقص متزوجة أو غير
متزوجة من خلل استخدام غطاء للوجه .فالمرأة المتزوجة تكشف عن
وجهها أثناء الرقص أما غير المتزوجة فتغطى وجهها .كما يحرص
الشباب من الرجال على المشاركة فى "الكف" ويعتبرونه اللون
الغنائى المفضل لديهم لسرعة إيقاعه وسهولة كلماته وأداءه فكل
أغنية فى الكف ل تزيد عن الجملة الواحدة .تميل أيضا ً الفتيات والنساء
إذا كان الحتفال شتاًء .كما كانوا يعتمدون عليها فى الضاءة قبل أن تصل الكهرباء
للمجتمع .وبالرغم من أن المنقد والراكية يعبران عن مكان إشعال النيران إل أن
الفرق بينهما كبير ،فالمنقد هو وعاء كبير يتكون من ثلثة أجزاء :الجزء العلى هو
القرصة وهى عبارة عن قطعة دائرية مفرغة من الوسط وملتحمة بالجزء الوسط
)وهو اسطوانة مفرغة( ،والجزء السفلى هو القاعدة وهى دائرية الشكل .وهناك
أكثر من نوع من المنقد منتشرة هناك منها المنقد الفخار وهناك أنواع مصنوع من
النحاس والحديد .أما الراكية فهى عبارة عن حفرة عميقة فى الرض توضع بداخلها
قطع الخشب ويتم إشعال النيران فيها ثم تزود بالمزيد من الخشاب على نحو
يترك فراغات بين قطع الخشب تسمح بخلخلة الهواء فتزداد النيرات توهجًا.
*)*( معروف لدى أفراد المجتمع أن المرأة ل تربط حزام حول وسطها إل إذا كانت
متزوجة .ولكن عندما ترقص البنت البكر فى "الكف" تضطر لوضع الحزام
ليساعدها فى الرقص فتل>ا لخفاء وجهها لتظهر أنها غير متزوجة.
83
صغيرات السن على المشاركة فى "الكف" من خلل الرقص لن
إيقاعه سريع ويساعد على الرقص ول يحتاج لحركات صعبة.
أما اللون الثانى من الغناء فهو غناء "الدحية" ويبدأ بأن يقف
المؤدين وهم فى الغالب من كبار السن فى صف واحد يشبه الصف
فى "الكف" ولكن العدد فى "الدحية" يكون أقل ول يزيد على عشرة
أشخاص .وتبدأ "الدحية" بموال يقوله أحد المؤدين وهو جالس ثم يأخذ
مقطع منه ويردده الباقون وهم واقفون ثم يقف صاحب الموال
ويشاركهم ترديد هذا المقطع مع صقفة خفيفة وتكرارها بشكل أبطأ
مما هى عليه فى "الكف" ثم بعد ذلك ينقسم المؤدين إلى قسمين،
يقف أحدهم ويجلس بجوارهم القسم الثانى ويبدأ الجالسون فى اختيار
أحدهم لغناء موال ويرددون وراءه كل كلمة يقولها ثم يقفون مرة
أخرى ليرددون جزء من هذا الموال ،وبعدها يجلس القسم الذى كان
واقفا ً فى المرة الولى فيقولون موال ..وهكذا .وفى كثير من الحيان
يتم ارتجال هذه المواويل وهى ليست ثابتة فقد يبدأ المؤدى الموال ثم
بعد ذلك يبدأ يرتجل حسب الموقف والجماعة التى تشاركه "الدحية"
وكثيرا ً ما تأخذ عملية الرتجال شكل تنافسى بين المؤدين.
وطوال أداء "الدحية" تكون هناك سيدة تقوم بحركات راقصة
وممسكة فى يدها عصا ويطلقون عليها "البوش" وإذا ما بدأت
"الدحية" بدون امرأة ترقص أمام المؤدين ينادون عليها "هو هاى يا
بوش" فتقوم إحدى السيدات لترقص مع "الدحية" ولكن رقص
"الدحية" أصعب لنه ل يعتمد على إيقاع تصفيق المؤدين ،ولكن هناك
حركات معروفة ومعقدة تؤديها الراقصة فضل ً عن أنها ترتدى "شال"
كبير أو "قعنه" تغطى بها وجهها ومعظم أجزاء جسدها وكل ما تقوم به
بيدها أو من خلل التحرك بقدميها شمال ً ويمينا ً وللمام وللخلف .كما
تختلف رقصات "الدحية" عن رقصات "الكف" فى أن الراقصة أو
المرأة التى تؤدى رقصات "الدحية" تكون بعيدة عن المؤدين بمسافة
ل تقل عن عشرة أمتار بينما فى "الكف" تقف المرأة التى تؤدى
الرقصة أمام المؤدين مباشرة لدرجة أنها قد تضرب أحدهم بالعصا
التى فى يدها وهذا يحدث غالبا ً مع زوجها أو أخيها إذا كان من بين
المشاركين فى "الكف" .وتعتبر الغانى التى تؤدى فى "الكف" أو
"الدحية" مؤشر على ثقافة الجماعة البدوية وإن كانت معظمها تدور
فى إطار من العزل سواء العفيف أو الصريح ولكنها تعبر عن نظرة
الرجل للمرأة فى المجتمع البدوى .كما أنها تعكس نوعا ً من التحرر فى
الحديث ل نجده فى الحاديث اليومية؛ بل إن إقدام المرأة على الرقص
فى "الكف" أو "الدحية" ينافى ما يحاول البدوى تأكيده على رفضه
للختلط بين الرجال والنساء لدرجة أن المرأة بعدما ترقص أمام
الرجال سواء فى "الكف" أو "الدحية" تذهب لتجلس مع الخريات ول
تقدر على القتراب من مجالس الرجال.
وتبدأ احتفالية الحنة بذبح الذبائح ،وكانت الذبائح قبل الستقرار
عبارة عن الخراف والماعز ،بينما كان البعض يذبح جم ً
ل .وكانوا
يحرصون على أن يتم الذبح فى مكان ظاهر وواضح للضيوف ،وبالرغم
من أن عملية الطهى فى اليام العادية هى مسئولية أصيلة من
مسئوليات المرأة البدوية ،إل أن فى احتفالية "الحنة" كانت تسند
للرجال .وقد أرجع الخباريون ذلك لعدة أسباب أهمها أن عملية الذبح
والطهى كانت تتم فى أماكن ظاهرة وكثيرا ً ما كانت تتم فى نفس
المكان الذى يجلس فيه الرجال وبالتالى إذا أسندت عملية الطهى
للنساء يصعب تواجدهم وسط الرجال .كما أن صاحب الفرح يحرص
84
على أن يشاهد الحاضرين ذبائحه وطعامه لبراز مدى كرمه .لدرجة أن
صاحبا الفرح يحرص على أن تلطخ دماء الذبائح ملبسه حتى يراها
الحضور ويتأكدوا أنه ذبح لهم وأعد لهم الطعام) .انظر الصورة رقم
(15،14
كما أضاف الخباريون أن كثيرا ً من الرجال يعتبرون النساء ل
يحافظون على الطعام ولحم الذبائح ويقولون" لو المره مسكت
الكل هتديه للعيال والرجاله مش هيفضلها حاجه أو كل
واحد بخيلة يعيلها هتعرف لها والرجال ماتكلش" .كما أوضحت
إحدى الخباريات بقولها "الرجاله بيقولوا المره بتعفرت الكل
والنسوان يقلوا من بركه اللحمة وعشان كده النسوان ل
تدبح ول تطبخ فى الفراح" .وهذا يكشف عن بعد عقائدى فى
أذهان الرجال البدوى فى تلك المرحلة وأنه كان يعتقد أن المرأة تقلل
من بركة الكل وخصوصا ً أنهم يتشائمون من المرأة فى فترة "الدورة
الشهرية" ويعتبرونها نجسة وقد ل يرغبون فى إسناد إعداد الطعام
للنساء فى الفراخ خوفا ً من أن تكون إحداهن على هذه الحالة.
ويسبق حضور العروس إلى عريسها احتفاليتها الخاصة فى بيتها،
التى كانت تبدأ يوم الحنة فقط ،وليس كما يتم عند العريس .وتبدأ
احتفاليتها بحمام العروس وكان "حمام العروس" يتم على يد أختها
ووالدتها بإزالة الشعر الزائد من جسدها وتحديد الحواجب ووضع الزينة
والعطر .وأثناء الحمام تتعرف العروس على الخبرة فى التعامل مع
عريسها أو زوجها وخصوصا ً فى عملية فض غشاء البكارة .وبعد حمام
العروس الذى يتم يوم الحنة يأتى إليها جيرانها وبنات عشيرتها
ويجلسن معها ويغنين لها ،وترتدى فى هذا اليوم ملبسها العادية .وفى
يوم الدخلة صباحا ً تبدأ فى جمع ملبسها وأغراضها وتحزمها فى
صندوق ،وترتدى زى الفرح وكان عبارة عن فستان أبيض من الحرير
يسمى "البدله" وعلى وجهها برقع يزين بقطع ذهبية يسمى "خمارًا"
ويبدأ من رأسها وحتى قدميها .وكان أخو العروس أو عمها يذهبون بها
إلى بيت العريس ويستقبلهم أهل العريس ويأخذون العروسة إلى
مكانها حيث يجلسونها فى انتظار عريسها ،ول يدخل معها إل أمها أو
أختها .ويقوم أهل العريس بإطعام القادمين مع العروس .ول يحضر
العريس هذه اللحظات بل يحرص على أل يشاهده أحد عند دخوله إلى
خيمته أو ما كانوا يسمونه "البرزة")*( وعندما يدخل تخرج كل من كانت
مع العروس.
5-6-2الزفاف بعد الستقرار:
ما نقصده هنا ليس الزفاف بعد الستقرار مباشرة ولكن ما هو موجود
الن ،أى نقصد الزفاف الن كيف يتم ،وإلى أى مدى تغير ،وكيف تأثرت
هذه الممارسة الثقافية بعملية التريف؟ يبدأ الستعداد للزفاف الن
قبل يوم الحنة بثلثة أيام على الكثر ،وتجرى خلل هذه اليام
ممارسات تشبه ما كان يحدث قديما ً من إشعال للنيران وإعداد الشاى،
وإن كان أفراد المجتمع الن يميلون إلى غناء الكف أو السامر ،وقليل
*)*( البرزة :هى المكان الذى يجهز لدخول العريس بعروسه وهى عبارة عن خيمة
أو بيت شعر ويطلقون عليها اسم "البرزة" من كونها دائما ً ما توضع فى مكان بعيد
نسبيا ً عن باقى خيام أو بيوت العشيرة فتكون بارزة .وأوضح أحد الخباريين أنه
تزوج فى البرزة ولكن فى مجتمع الدراسة وقام أهله بإقامتها من بيت شعر
وأقاموها فى منطقة الجسر الوسطانى المواجهة لمنازل عشيرته.
85
منهم يحفظ أغانى الدحية .وحتى الغانى التى يغنونها فى الكف
تغيرت .فأغانى الكف كانت تدور حول القيم التى يعتز بها المجتمع
البدوى مثل إكرام الضيف وحسن الضيافة والستقبال فكانوا يقولون
التاكسى اللى جاب البيه هات الورد ورش عليه" .وكانت هذه
الغنية دائما ً تتردد فى حالة حضور أحد الضيوف الكبار من مشايخ البدو
لحفل "السامر" أو "الكف" .كما أنهم كانوا يغنون عن مشاكلهم
الحياتية فمثل ً يقولون "الميه جات فى وادى النيل واحنا غلبه
ومساكين" دليل ً على أنهم من سكان الصحارى ولم تكن لهم علقة
بوادى النيل ويعتبرون أنفسهم مساكين لحرمانهم من الستفادة من
هذه المياه وبالطبع تغير الوضع مع استقرارهم واشتغالهم بالزراعة
أصبحوا من سكان وادى النيل ويستفيدون بمياهه .كما أن أغانيهم كانت
تعكس ما يعانونه من حر شديد فى الصحراء وأن أفضل مكان بالنسبة
لهم هو المكان الظليل حيث تنخفض درجة الحرارة فيه فكانوا يقولون
"الريح الغربى واللى فيه طراوه والزين محليه" أى المكان
الغربى "طراوه" أى به هواء بارد و"الزين" المقصود به الحبيب
"محليه" أى زاده حلوة.
ولكن الن -وعلى حسب رواية الخباريين -أصبحت أغانى "الكف" أكثر
انفتاحا ً وتتناول موضوعات فى معظمها غزلية واستقوها من شرائط
الكاسيت فيقول مثل ً "داريت همى ونواره حبها فى دمى"،
و"شارى وانت بعتنى بالوهم وعشمتنى" ،و"انت يا بنت
المير حبيتك وأنا الفقير" ،و"عل يا عل حرام البهدله انت
ساكنه المدينه وأنا ساكن فى الخل" ،و"ينستتنى فيك
بنستنى تخدنا بيدك للجنه" .وهناك مجموعة من المطربين البدو
المحترفين المعروفين لبناء الجماعة البدوية المتريفة أشهرهم حامد
الفرجانى وصالح أبوخشيم وخميس ناجى وميلد القذافى وأيمن أبوزيد
وفيصل العربى .وهناك أغنيات يتم ارتجالها أثناء أداء الكف فمثل ً هناك
أغنية قالها أحد الخباريين للباحث ارتجلها أثناء أداءه للكف تقول
"عشانك لزيد الكف وأعملك طابور وصف" ،وكانت عبارة عن
غزل فى الفتاة التى كانت ترقص فى "الكف".
وتبدأ احتفالية الحنة مع بداية النهار ،والن ل يقوم أفراد المجتمع بذبح
الذبائح كما كان فى السابق ،وأصبح صاحب الفرح يشترى لحوما ً من
الجزارين فى القرية ،وغالبا ً ما يقوم بشراء مائة كيلو جرام لحم.
ويفسر الخباريون ذلك بأنه راجع للظروف القتصادية ويقولون
"الناس الوقت مايقدروش يدبحوا دبايح زى زمان .كان
زمان الواحد يدبح عشرة خرفان مايهموش ،لكن الوقت
مافيش حد عنده عشرة خرفان للدبيح .ولو عنده مايقدرش
يدبحهم .الخروف دلوقت تمنه يعدى اللف جنيه ،الواحد
يروح يجيب مائة كيلو جرام لحمة من الجزار بألفين ونصف
يعنى تمن خروفين ويقضوا الفرح".
وهنا نرصد تغيرات طرأت على الممارسة الثقافية متأثرة بالتغيرات
القتصادية التى طرأت على المجتمع مع اتجاههم للزراعة وانحسار
عمليات الرعى ،مما أدى إلى قلة عدد الغنام الموجود وارتفاع
أسعارها .ولم يعد الن الرجال من أقارب العريس هم الذين يعدون
الطعام للضيوف ،ولكن يستقدمون طباخا ً متخصصًا .وهذه العملية
انتقلت إليهم من المجتمع الريفى .ويقوم الطباخ بإعداد الرز
والمكرونة والسلطة ويطهو اللحم بعد أن يقطعه إلى شرائح صغيرة.
وتوضع "سفرة" )مائدة( طويلة داخل أحد المنازل أو فى مكان محاط
86
بقطع من "الصوان والفراشة" .وتمتد السفرة وتستقبل أكثر من
عشرين فردا ً فى كل مرة ،ويستمر الكل من بعد العصر يوم الحنة
وحتى بعد دخول العريس.
أما ليلة الحنة فتتم الن بأكثر من شكل فى السر الفقيرة ،حيث يكون
احتمال استمرار حفلت السامر والكف ،وذلك فى وجود عدد أكبر من
الحضور .أما الحتمال الخر ،فهو أن يحضر شباب من العرب معروف
عنهم إجادتهم للغناء ويقومون بقيادة الكف والسامر دون أجر.
أما فى السر الميسورة اقتصاديا ً نسبيا ً فيستقدمون مطربا ً بدويا ً
محترفًا .وهناك أسماء بعينها يتم استقدامها منها حامد الفرجانى وسالم
الحلوسى ،وكثيرا ً ما يلجأ أفراد الجماعة البدوية لستقدام هؤلء
المطربين كنوع من التفاخر والعتزاز ببداوتهم وتأكيد هويتهم البدوية.
وفى أحد الفراح التى حضرها الباحث قبل البدء فى الدراسة الميدانية
– أثناء الدراسة الستطلعية -أحياه مطرب بدوى ومعه راقصة محترفة
ترتدى بدلة رقص ،رغم أن أفراد المجتمع يرفضون هذا النمط من
الحتفال .وتأكد الباحث أثناء الدراسة الميدانية أنهم كانوا غير راضين
عن استقدام هذه الراقصة وأنهم لن يكرروا هذا المر .وعلم الباحث
أن المطرب والراقصة التى كانت معه كانوا " نقوط " لصاحب الفرح
من أحد رجال العمال الذى يعمل لديه والد العريس ،وليس للجماعة
البدوية علقة باستقدامهم .ويستخدمون الن مكبرات الصوت فى
الفراح ويطلقون النيران كما يحدث فى الفراح الريفية رغم أنهم ل
يمتلكون أسلحة؛ إل أنهم يستعيرونها من الفلحين .ويشارك الفلحون
فى أفراح العرب أو الجماعة البدوية والعكس بالعكس .واستعارة البدو
للسلحة النارية من الفلحين وخصوصا ً البنادق اللية والمسدسات
يعكس عمق العلقة بين الفلحين والبدو كما أنه يعكس حرص البدو
على إظهار أنهم متساويين مع الفلحين فى كل شئ حتى فى
استخدامهم للسلحة النارية للحتفال بأفراحهم وتتم عملية الستعارة
بشكل شائع حيث يعطى الفلح الذى يملك سلح نارى سواء مرخص أو
غير مرخص ويقوم البدوى بشراء الذخيرة .وأوضح معظم الخباريين أن
موضة "ضرب النار" الن أصبحت أقل بسبب ارتفاع أسعار الذخيرة
والخوف من أن تتسبب هذه السلحة فى إصابة المدعوين وخصوصا ً
بعد أكثر من حادث تعرضت له أفراح الفلحين فى السنوات الماضية.
كما أصبح أفراد الجماعة البدوية يعرفون الن "النقوط" ،حيث يضع
صاحب الفرح منضدة وعليها دفتر وكاتب يجلس ويجمع النقوط ويكتبها.
وعلى صاحب الفرح أن يرده لمن أعطاه النقوط فى أقرب مناسبة
تحدث عنده سواء فرح أو حادث آخر من ختان أو خطوبة وأما النقوط
"بالعشا" فيرد فى أى مناسبة حتى ولو كانت وفاة أو سفر إلى الخارج.
ورد النقوط أمر واجب ل يمكن أن يخل به صاحب الفرح .ويعلق
دى لبعض الخباريون على عملية النقوط بقولهم "زمان كنا نو ّ
دبايح ،إنما الوقت الواحد بيروح يدفع عشرين جنيه وخلص.
ولما يكون عنده فرح بترجعله أربعين لكن محدش يقدر
يودى دبايح إل إذا كان هيودى عشا" .ويقصدون "بالعشا" نوعا ً
من النقوط ذا شكل عينى .ويتضمن "العشاء" كميات من الرز والسكر
والمكرونة والخضروات إلى جانب ذبيحة )تكون فى الغالب خروفًا(.
والنقوط بالعشا عادة معروفة فى المجتمع الريفى.
وتتم الدعوة الن لحضور الفراح من خلل بطاقات دعوة مطبوعة
يقوم العريس وأصدقاؤه بتوزيعها على من يرغبون فى دعوتهم ،على
87
عكس ما كان يحدث قديمًا ،حيث كانت تتم الدعوة شفاهيًا .ولم يكن
مطلوبا ً من العريس وأهله أن يدعوا الناس بشكل فردى ،ولكن يمكن
أن يتم إخطار فرد واحد فى كل مجتمع ،ويكلف بإعلن الخبر بين
عشيرته .كما يستخدمون الن التليفون للدعوة إلى الفراح.
أما "يوم الدخلة" فتغير كليا ً وأصبح نسخة من يوم الفرح عند
الفلحين ،فيبدأ يوم الدخلة "بحلقة العريس" على يد حلق القرية.
ويجلس العريس مع أصدقائه الذين يقدمون النقوط للحلق ،وذلك فى
منزل العريس وأمام والده وأهله .ثم يستحم العريس ويرتدى ملبسه
الجديدة ،وهى عبارة عن جلباب أبيض وسروال أبيض وعمامة بيضاء.
ويجمع مجموعة من الشباب ،ويأخذون السيارات بعد صلة العصر
متوجهين إلى منزل العروس ويصحبها إلى بيته .ويقوم أهله بعمل زفة
له ويجلس معها فى "الكوشة" ويلتقطون الصور .وبعد ذلك يأخذها
ويدخل إلى حجرته أمام الجميع ويعلق الخبارى رقم )" (1دلوقت
الدنيا غير زمان خالص الوقت الواحد يفضل واقف فى وش
أبوه طول النهار .وبعدين العريس دلوقت هو اللى بيروح
يجيب العروسة زى الفلحين ويقعد جنبها على الكرسى
ويصورها كمان قدام الناس وياخدها ويدخل .وده كله غير
اللى إحنا كنا فيه زمان".
وتأتى هذه التغيرات التى رصدتها الدراسة الميدانية ومن خلل
روايات الخباريين نتيجة لعملية انتقال العناصر الثقافية من الثقافة
الريفية إلى الثقافة البدوية فيما يتعلق باحتفالية الزواج .فكل ما سرده
الخباريون وذكرناه سابقا ً هو بالضبط ما يحدث فى المجتمع الريفى
الملصق لمجتمع الدراسة .وهو ما تفسره الرؤية النظرية للدراسة
فيما يتعلق بالتصال والستهلك الثقافى .فاحتفالية الزواج كانت تتم
فى مرحلة البداوة والترحال وفق الظروف اليكولوجية والقتصادية
التى كانت تعيشها الجماعة البدوية فى تلك الفترة ومع تغير الظرف
اليكولوجى والقتصادى مع الستقرار انتقلت العناصر الثقافية الخاصة
باحتفالية الزواج من الثقافة الريفية التى تعد فى هذه المرحلة هى
الثقافة المستقرة والقوى فى الموقف التصالى الثقافى .وبالتالى
كانت هى المأخوذة عنها أو المستهلك منها ثقافيا ً إلى الثقافة الوافدة
فى هذه الحالة وهى الثقافة البدوية ليظهر النمط المتريف الذى يجمع
بين البداوة والثقافة البدوية فيما يتعلق باختيار العروس والحرص على
النقاء العرفى وبين عناصر الثقافة الريفية فيما يتعلق بالحتفاليات
والممارسات المتعلقة باحتفالية الزواج فضل ً عن ذلك فالظرف
اليكولوجى الن لم يعد يسمح بأن تتم احتفالية الزواج وبالتحديد
"الدخلة" كما كانت قبل ذلك فمع تحديد إقامة المجتمع وتحديد شكل
ملكية الراضى المحيطة به لم تعد هناك فرصة لقامة "البرزة" فى
مكان بعيد عن منزل أهل العريس ولم يعد هناك مجال لختباء العريس
كما أن تغير نمط المسكن لم يجعل "للبرزة" وجود وبالتالى لم يكن
هناك داعى لختفاء العريس مع تمثله بالثقافة الريفية وفى ظل وجود
وسائل التصال والمواصلت أصبح يحرص على أن يحضر عروسه
بنفسه وأن يصطحب معه أقاربه وأصدقاؤه.
كما أن هذه الممارسات الحتفالية بهذا الشكل تشعر البدوى
بمساواته الكاملة بالفلحين .كما أنها تعطيه ثقة فى أن وجود على هذه
الرض أصبح وجودا ً كامل ً وأنه متساوٍ مع أبناء القرية الصليين فى كل
شئ .وهذا ما يكشفه الخبارى بقوله "زى الفلحين" كما أننا ل
يمكننا أن نغفل دور وسائل العلم فجميع المسلسلت والفلم وأغانى
88
الفيديو كليب تصور العريس وهو مع عروسه فى سيارة فارهة صاعدا ً
بها إلى غرفة نومه وهو مشهد يتكرر فى وسائل العلم عشرات
المرات فى اليوم وبالطبع يؤثر فى ثقافة البدوى المتريف بل أن
وسائل العلم كان لها دورا ً أساسيا ً فى أن ينتشر السائد حاليا ً من
احتفاليات خاصة بالزواج فى المجتمع الريفى الخالص الذى ينقل عنه
المجتمع المتريف.
كما أن هذه التغيرات ليست من طرف العريس وحده ،ولكن من
ناحية العروس أيضا ً فأصبحت ليلة حنة العروس تتم فى احتفالية كبيرة،
ترتدى فيها العروس فستانا ً سواريه وهو عبارة عن فستان يصنع من
قماش لمع أو يتم تطريزه بالخرز "والترتر" بحيث يحصل على مظهر
لمه وتحرص الفتيات على أن يكون طويل يغطى الجسد من أسفل
الرقبة وحتى القدمين وتتميز الفساتين السواريه بأنها ضيقة فى الجزء
العلى من الجسم ثم تتسع كلما اتجهنا لسفل ويحرصن على أن يكون
الفستان أقرب لفساتين الزفاف البيضاء التقليدية ولكنه يكون من لون
مختلف عن البيض .وسهل الحصول على هذه النوعية من الفساتين
انتشار المحلت التى تقوم بتأجيرها فى قرية أبورجوان ومركز
البدرشين ويبدأ إيجار الفستان من 50جنيه حسب حالة الفستان
وقيمته .ول تغطى شعرها وتضع المكياج وتجلس على كرسى مرتفع
وأهلها وأصدقاؤها يغنون لها أغان من أغانى الفلحين .وفى بعض
المرات يحضرون كاسيتا ً كبيرا ً ويديرون عليها أغانى حكيم وفاطمة عيد
وغيرهم من المطربين الشعبيين .أما "يوم الدخلة" فشهد تغيرا ً كبيرا ً
بالنسبة للبدو وهو أن العروس أصبحت الن تذهب "للكوافير"
المتخصص فى تزيينها وتعود منه بمفردها إلى منزل والدها تنتظر
العريس .وكانت العروس فى الماضى -فى مرحلة بداية الستقرار-
تعتمد على أن تقوم بزينتها إحدى الفلحات من صديقاتها أو أى امرأة
تملك أدوات التجميل وتجيد عملية إزالة الشعر من الوجه ووضع الكحل
بشكل مناسب دون أن تكون محترفة أو تمتهن هذه المهنة وكانوا
يطلقون على علب "المكياج" أو أدوات الزينة "علب التواليت" وتقول
إحدى الخباريات "كانت العروسة تبقى مصاحبة فلحة عندها
علبة توالت ونجيلها يوم فرحها نعملها وشها وتحطلها
الحمير والرميل" وتقصد "بالحمير" أحمر الشفاه أما "الرميل" فهو
مسحوق أزرق اللون يوضع أسفل العين أو مع الكحل .وترتدى العروس
الن فستان زفاف أبيض وطرحة ،وتضع تاجا ً على رأسها وتمسك ببوكيه
ورد فى يدها .وتعلق الخبارية رقم ) (8أن الفتيات الن غير زمان
"الواحده النهارده بتروح الكوافير وتلبس فستانا ً أبيض .وفيه
كمان بنات بتجيب فستان الفرح يوم الحنة وده كله بسبب
الفساتين اللى بتتأجر ،وفى بنات بيجيبوا فساتين من
الفلحين" .وفى احتفالية الزفاف يبدو تأثير الجماعة البدوية بالمجتمع
الريفى واضحًا ،بل إن التعاون والختلط بين الجماعة البدوية والريفية
يكون أقوى ما يكون فى الفراح) .انظر الصورة رقم (16
5-7فض غشاء البكارة
تختلف قبيلة الحويطات عن قطاع كبير من القبائل البدوية فيما
يتعلق بعملية فض غشاء البكارة أو أخذ الشرف ،فيقول الخباريون
"فى كتير من العرب بيرفعوا الريه وياخدوا شرفهم وهما
واقفين ..قال يعنى كده شرف ..ده أكبر عيب إحنا عندنا
عيب كبير مجرد الكلم فى هذا الموضوع ،وبعدين إذا كان
89
فى حاجه أهو الستر مطلوب" .وهذا يعنى أن عملية فض غشاء
البكارة تتم بسرية تامة ولم تختلف الطقوس المرتبطة بهذه النقطة
فى مجتمع الدراسة قبل الدراسة أو بعده.
وتبدأ هذه العملية مع انفراد العريس بعروسه فى مسكنهما -أو ما كان
يطلق عليه "البرزة" قديمًا -ول يستعين العريس بأحد فى فض غشاء
البكارة سواء كانت سيدة متخصصة فى ذلك أو من تعرف "بالداية أو
الماشطة" والتى تقوم بعملية التوليد فى المجتمع ،ويعتبرون ذلك عيبا ً
فى حق رجولته.
ويضيف أحد الخباريين أن عملية فض غشاء البكارة تتوقف على طبيعة
العلقة بين الزوجين ،فإذا كانت علقتهما حميمة ويرغبان فى بعضهما
البعض يتم الموضوع بسهولة ،ويقول "أما لو كان واخدها غصبا ً
عنها هيبقى الموضوع صعب ،كما أن بنات العرب ميعرفوش
حاجه وبيتعبوا العريس فى هذا الموضوع".
ويؤمن أفراد المجتمع بالممارسات السحرية ويحرصون على أن يكون
مع العريس حجاب "التحويطة" ،ويؤكدون إذا فشل العريس فى فض
غشاء البكارة ليلة الدخلة فهو "مربوط" ،أى أنه مسحور بشكل يجعله
ل يستطيع إنجاز هذه العملية .ويتم التعامل مع هذه العملية بحساسية
شديدة وسرية كاملة .وبعد إتمام عملية فض غشاء البكارة يمكث
العريس وعروسه ،ول يراهما أحد قبل شروق الشمس ،ويبقيان داخل
مكان إقامتهما أسبوعا ً على القل .ورغم أن جميع الخباريون أكدوا أن
عملية الربط للعروسين لم تحدث بالمجتمع من قبل إل أنهم يحرصون
على عمل "التحويطات" لما يسمعوه عن حدوث مثل هذه العمليات
فى مجتمعات مجاورة سواء فى البدو أو الفلحين .وأوضح عدد من
الخباريين أنهم يلجأون لعدد من المشايخ من الفلحين فى قريتى
أبورجوان ومزغونه لعمل هذه "التحويطات" وهى عبارة عن حجاب
ورقى مكتوب به آيات قرآنية على ما يعتقدون.
أما من يقوم بعملية الربط فجميعهم أشاروا لعدد من الحره فى قرية
دهشور وقرية أبورجوان يمارسون هذه العمال ومن "يربط" العريس
أى يقوم بعمل سحرى يفقه قدرته الجنسية وبالتحديد قدرته على جماع
زوجته أو إتمام الجماع فيقول أحد الخباريين "الراجل اللى يتربط
بيبقى عادى مع أى واحدة إل مراته وحتى مع مراته ممكن
يعمل معاها كل حاجة إل أنه يكمل جماعه بها واللى يعمل
فى واحد كده حاجه من اتنين إما كان يريد يتجوز مراته
ومقدرش أو بيكره الراجل ده عشان كده عايز يذله" .ويوضح
هذا الخبارى أن الدوافع التى قد تدفع أحد أفراد الجماعة لعمل مثل
هذه العمال السحرية تكون إما رغبته فى الحصول على الزوجة التى
تزوجها غيره ولذلك يحاول أن يؤذيه أو أنه يكرهه لمر آخر .ولكن
إحدى الخباريات أضافت بقولها "ممكن واحده تربط راجل فمثل ً
الواحده تربط جوزها لو اتجوز عليها واحدة مش عجباها أو
ممكن واحده كانت مخطوبة لواحد وسابها تربطه عشان
تذله وفى كمان حريم يبقى عايزه تئذى العروسه فتربط
العريس" وبالتالى يمكن أن تكون الغيره أو الرغبة فى النتقام هى
الدافع لمثل هذه الممارسات.
وحاول الباحث كثيرا ً فى الكشف عن أى فرد من أفراد الجماعة
يكون قد تعرض لهذه العمال إل أنه تأكد أن هذه العمال غير شائعة
90
بالجماعة رغم أنها شائعة بالمجتمع الريفى الملصق لهم وأن انتشارها
فى المجتمع الريفى هو سبب اعتقادهم الشديد فيها وحرصهم على
اتقاء شرورها وخوفهم من أن تصيبهم.
5-8بيت الزوجية
عرف البدو أثناء ترحالهم بيت الزوجية تحت اسم "البرزة" ،وكانت
عبارة عن خيمة صغيرة يقيمها أهل العريس بالقرب من مساكنهم
ويتكون أثاثها من قطعة من صوف الغنام ينام عليها العروسان تسمى
"الفرشة أو الحرام" ،وقطعة أخرى يتغطيان بها ،وصندوق خشبى
يعرف باسم "السحارة" توضع فيه الملبس وعدة الشاى .كانت هذه
هى مكونات بيت الزوجية قديما ً وكل جهاز العروسين ،وخصوصا ً أنهم
كانوا يتلقون الطعام من منزل والد العريس طوال فترة وجودهما
بالبرزة ،وبعدها يخرج العريس وعروسه لتناول الطعام فى منزل
والده.
وكان أهل العريس يجهزون له "البرزة" فى مكان بعيد عن منزل
والده ،لنه كان من العيب أن يرى الرجل ولده المتزوج حديثًا ،بل إن
العريس يخجل أن يراه والده فى أسبوع الفرح .ولهذا السبب كان يأخذ
أصدقاءه ويختفى عن النظار فى يوم الدخلة .وكان نمط المسكن
قديما ً فى وجود الخيام يسمح بذلك ،ومن السهل تجهيز "البرزة" فى
يوم واحد وبتكلفة بسيطة ،وانفصال العروسين فى "البرزة" ل يعنى
انفصالهما عن السرة الم.
ولكن بعد الستقرار وتغير نمط المسكن أصبح بيت الزوجية جزءا ً
من بيت والد العريس ،وغالبا ً ما يكون غرفة يتم تجهيزها للعروسين.
ويتم تجهيز غرفة العروسين بغرفة نوم مكونة من الدولب والسرير
و"التسريحة" .ويقوم والد العريس بشرائها من أحد معارض الثاث
المنتشرة بالقرى المجاورة وبعضهم يشتريها بالتقسيط .ولم تعد هناك
استخدامات للمفروشات المصنوعة من صوف الغنام ،ولكنهم يشترون
الن بطاطين ومعظمها يتم جلبه من السعودية ،وكذلك الملءات
والمراتب والوسائد .ويتم تجهيز غرفة النوم كاملة بمعرفة العريس
وأهله.
كما أن العروس لم يعد كل ما تحضره ينحصر فقط فى ملبسها
وعدة الشاى ،ولكنها الن تحضر معها أدوات المطبخ وأوانى الطبخ.
وبعض العرائس تم تجهيزهن بجهاز البوتاجاز وأوانى "تيفال" .وتحرص
العرائس الن على إحضار هدايا لم العريس تتمثل فى بعض
المفروشات أو قطعة قماش.
5-9قائمة الجرد
عرف المجتمع حديثا ًَ "قائمة الجرد" منذ عدة سنوات فقط على حد
تعبير الخباريين ،وهى عبارة عن قائمة تضم كل محتويات بيت
الزوجية ،وثمن المشغولت الذهبية التى أهداها العريس لعروسه ،وثمن
المشغولت الذهبية التى قام والدها بشرائها من قيمة "السياق" الذى
دفعه العريس .ولم تشهد الجماعة البدوية حتى الن خلفا ً على قائمة
الجرد ولم تستخدم بشكل قانونى ضد أحد ،ولكنهم يقرونها ويعتبرونها
ضمانة لحقوق الزوجة.
91
5-10أمور متعلقة بالزواج
5-10-1النزالة:
"النزالة" آلية لرفض العروس لعريسها وتعرفها معظم القبائل
العربية ،وهى عبارة عن فرار الزوجة من زوجها والنزول على أحد كبار
العائلت ،وتطالبه بأن يحصل لها على طلقها من زوجها .والنزالة
معروفة فى المجتمع وحدثت مع إحدى السيدات منذ ما يقرب من 25
عاما ً عندما ضغط عليها والدها لتزويجها من ابن عمها ،وكانوا يعرفون
أنها ل تريده .وعندما دخلت "البرزة" وقبل دخول العريس بها هربت
ونزلت على خالها وقالت له "أنا نازلة عليك ول أغادرك إل لما
ة ،وأخبر والدها وعريسها ،وتم تطليقها، تريحنى" .وبالفعل ذبح لها شا ً
ورد للعريس "سياقه" الذى دفعه فيها .وبعد ذلك زوجت العروس
وتزوج العريس أيضًا .ومع أن المجتمع يعرف "النزالة" إل أنهم ل
يعرفون "الشرد" ،وهو أن تخرج الفتاة من المجتمع قبل أن يعقد
قرانها وتطلب أل يعقد القران وأل يتم الزواج.
5-10-2الدخل:
"الدخل" يعرفه التراث فى الدراسات البدوية بعادة مسك بنت
العم ،بمعنى أن من حق الرجل أن يتزوج بنت عمه ،وأنه أولى بها من
أى شخص آخر .فإذا أقدم شاب على خطبة فتاة ،وكان ابن عمها
يريدها فيقابل الشاب المتقدم ويقول له فلنة التى تريد الزواج منها
"مدخلة" ،ويختار ثلثة من الرجال العدول ويذكرهم أنها مسئولة منهم
وأنه أودع مصير زواجها منه أمانة لديهم .ول يجب أن يتم الزواج إل
باجتماع المدخلين وابن عم العروس والشاب المتقدم .وإذا كان الشاب
المتقدم قد دفع السياق أو حتى حصل على "الصلة" يرجع كل شئ
إلى الصل ول يعتد بالصلة أو "السياق" .وإذا حدث خلف وتمسك
الرجل ببنت عمه يدفع ما دفعه الشاب المتقدم لخطبتها ويقول "من
نقيصتك وجاى" أى خذ مهرك واتركها.
ولو كان الشابان من أبناء عمومة العروس يكون القرب فى خط
نسب الب هو الولى ،فمثل ً إذا كان الشاب المتقدم ابن خال العروس
مباشرةً ومن يريدها من أبناء "عمومتها الدائرة")*( يفضل ابن العمومة
والقرب فالقرب .وإذا تساويا فى درجة القرابة يكون الفضلية لمن
ل ،وقد يأخذ رأى والدها فيمن يفضل منهم .ولم تشهد زيجات تقدم أو ً
المجتمع فى السنوات الخيرة مثل هذه الحالت وإن كانت قد حدثت
قديمًا.
5-11الصباحية:
فى فترة ما قبل الستقرار كانت وسائل المواصلت غير متوفرة
فكان ضيوف العريس وأهل العروس يبيتون من "ليلة الدخلة" حتى
شروقابتهاجا ًَ صباح اليوم التالى أو ما يطلقون عليه "الصباحية" .ومع
الشمس كان أهل العريس ووالده يحضرون الطعام للضيوف
بالعروسين وفى نفس الوقت يودعون ضيوفهم .وأوضح الخبارى رقم
)" :(1زمان كان المداعى وأهل العروسه يباتو للصبح ويقوم
*)*( يقسم الفراد فى المجتمع أبناء العمومة إلى قسمين :العمومة العاصبة وهم
أبناء أخوة الب الشقاء ،أما العمومة الدائرة فهم أبناء أقارب الب وأبناء عمومته
العاصبة.
92
أبو العريس واخواته يجيبوا اللبن أو الكل اللى يفضل من
الفرح ويوكلوا الضيوف وأهل العروسه قبل ما يرجعوا على
ديارهم".
ولكن الن – كما يوضح الخباريون – بمجرد أن يدخل العريس
بعروسه فإن المدعوين يغادرون ول يبقى منهم أحد .أما ما يحدث فى
الصباحية فيزور أهل العروس العروسين ومعهم بعض الهدايا ،وغالبا ً ما
تكون بعض المأكولت والحلويات .ول يحضر من أهل العروس إل
ة،
السيدات ،لنه من العيب أن يرى الرجل ابنته بعد زواجها مباشر ً
وحتى تلد أول مولود لها لدرجة أنهه قديما ً كانت السيدة إذا قابلت
والدها فى الطريق وهى حامل تجلس فى الرض حتى ل يراها.
أما الن ،فل يذهب والد العروس لبنته حتى تزوره فى منزله أول
مرة ،وقد يحدث بعد الربعين أو ثلثة أشهر من الزواج .وفى بعض
الحيان يذبح والد العريس ذبيحة يوم الصباحية ويوزع لحومها على
جيرانه من الفلحين والعرب ابتهاجا ً بإتمام الزواج وخصوصا ً إذا نجح
ابنه فى إتمام عملية فض غشاء البكارة وتأكد الب من أن ابنه غير
من على ابنه مربوط .ويقول أحد الخباريين "الواحد ساعة ما يط ّ
الصبح بيبقى عايز يعمل أى حاجة يفّرح بيها الناس حبايبه
ممكن يدبح أو يفرق حاجة لله".
ويكشف هذا الكلم أن أقصى درجات القلق التى تصيب الجماعة
البدوية تكون على فحولة الرجل وليس بكارة الفتاة وذلك لعدة أسباب
أهمها أن الفحولة الجنسية تعد أحد أبرز سمات الرجولة فى المجتمع
البدوى كما أن عجز الرجل عن القيام بدوره كزوج يفقده احترام
زوجته ويقلل من فرصه فى الزواج بأخرى كما أنه يعطى الزوجة الحق
فى طلب الطلق أو القيام بـ "النزالة" .أما فيما يتعلق بالبكارة
فالمجتمع يحرص على عدم إفشاء أمر الفتاة كنوع من الستر إن لم
تكن بكرا ً ويصعب أن يعلن العريس ذلك حى يوم "الصباحية" .كما أن
الجماعة تحاول من خلل هذا الجراء -وحسب تحليل الباحث -على
الحفاظ على وحدة الجماعة لنه إذا أعلن العريس عن أن عروسه
ليست بكرا ً قد يتسبب فى عملية قتل أو الدخول فى دائرة ثأرية فضل ً
أنه فى ظل التقاليد البدوية سيكون من الصعب إثبات إدعاءه .فيفضل
معظمهم أن يتم الطلق بعد الزواج بفترة خيرا ً من أن يكشف عن
حقيقة المر .وجدير بالذكر أن لم تحدث مثل هذه الحوادث بالمجتمع
ولكن هذه وجهات النظر التى جمعها الباحث من خلل الخباريين وعبر
مناقشتهم فى أمور عديدة متعلقة بالزواج والثأر والجرائم.
93
العملية بشكل تدريجى حتى تنخرط الزوجة بشكل كامل فى أسرة
زوجها .وُتعامل زوجة البن على أنها واحدة من السرة مثلها مثل
أخوات الزوج البنات ،وتنادى على حماها بكلمة يا أبى والم وكأنها أمها.
أما أهم التغيرات التى تطرأ على المرأة هى زيها ،حيث ترتدى مع أول
مرة تخرج فيها من بيت الزوجية جلبابا ً أسود وتربط حزاما ً حول
خصرها ،والزى السود والحزام هو علمة ورمز ثقافى على أنها
متزوجة.
94