You are on page 1of 13

Journal home page: https://sej-lagh.

com ‫مجلـة التمكين االجتماعي‬


ASJP: https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/644 109 - 97 ‫ ص ص‬/ 2021‫ ديسمبر‬/04 ‫ الع ــدد‬/ 03 ‫املجلد‬

‫ أسبابها ونتائجها‬:‫العزوبية في الجزائر‬

Celibacy in Algeria: causes and consequences

‫راشدي خضرة‬
Rachedi khadra
kha-dra@hotmail.fr :‫ البريد االلكتروني‬،)‫ (الجزائر‬2‫ وهران‬.‫جامعة محمد بن أحمد‬

2021/12/15 :‫تاريخ النشر‬ 2021/10/30 :‫تاريخ القبول‬ 2021/07/19 :‫تاريخ االستالم‬

:‫ملخص‬
‫يهدف البحث الحالي إلى ابراز واقع العزوبة في الجزائر واسبابها واثارها حيث اشارت الكثير من الدراسات إلى انتشار العزوبة والعنوسة بشكل‬
‫ ارتفاع املستوى التعليمي للمرأة املقرون بارتفاع سنوات تمدرسها وكذا ولوجها‬،‫ ارتفاع املهور وتكاليف األعراس‬،‫ أزمة السكن‬،‫مقلق بسبب البطالة‬
.‫مليادين العمل تغير نظرة األفراد للزواج كأولوية واهتمامهم أوال بتحسين أوضاعهم قبل التفكير في ذلك‬
‫واعتمادا على مجموعة من املعطيات تبين أن نسبة العزوبة ارتفعت بشكل كبير عند كال الجنسين خاصة عند االناث مما أدى إلى ارتفاع سن‬
‫ ولذا من جملة اقتراحات البحث االهتمام بدعم‬.‫الزواج وتفاقم العنوسة باإلضافة إلى ظهور أنماط جديدة من االسر قد تؤثر على النسق االجتماعي‬
.‫الشباب نفسيا وماديا لتشجيعه على الزواج‬
.‫ نتائج العزوبية‬،‫ أسباب العزوبية‬،‫ العنوسة‬،‫ العزوبية‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract:
Current research aims to show the reality, causes and effects of celibacy in
Algeria. Numerous studies have highlighted the alarming rise in celibacy due to unemployment,
the housing crisis, the high cost of dowry and marriage costs, the high level of education of women,
their years of schooling and their access to work.
On the basis of a series of data, it has been shown that the proportion of single people has
increased significantly in both sexes, particularly among women, resulting in a higher age of
marriage, a worsening of spinsterhood, and the emergence of new types of families that can affect
social harmony. Therefore, one of the research proposals is to provide psychological and material
support to young people to encourage them to marry
Keywords: celibacy, spinsterhood, reasons of celibacy, consequences of celibacy.

kha-dra@hotmail.fr :‫ البريد االلكتروني‬،‫ خضرة راشدي‬:‫ املؤلف املرسل‬-


ISSN: 2676-234X 2019 ‫ مارس‬:‫رقم اإليداع القانوني‬ EISSN: 2716-9006
‫خضرة راشدي‬

‫‪ -1‬مقدمة‪:‬‬
‫يعتبر الزواج رباطا شرعيا واجتماعيا مقدسا في املجتمع الجزائري‪ ،‬يبنى على قواعد محددة ومشروطة تضمن حقوق الزوجين‬
‫وتحدد واجباتهما تجاه بعضهما البعض وتجاه أطفالهما‪ ،‬وال يعترف بالعالقات الجنسية واإلنجاب إال في إطاره‪ .‬و حتى وقت قريب‬
‫كان الزواج شامال حيث ال تتعدى العزوبة النهائية بعد سن الخمسين ‪℅1‬بالنسبة للجنسين أي أن الجزائريين تقريبا ينتهي كلهم‬
‫إلى الزواج ‪ ،‬و لئن كانت العزوبية أمرا عاديا بالنسبة للرجل أو على األقل ليست هناك نظرة سلبية تجاه الرجل األعزب‪ ،‬فان األمر‬
‫يختلف بالنسبة للمرأة ‪ ،‬ففي املجتمع الجزائري تنعت املرأة التي لم تتزوج و تقدمت في السن بأوصاف قاسية تنم عن نظرة احتقار‬
‫وازدراء تجاهها فتنعت مثال ﺑ املسكينة" أو "البايرة" وأول ما تسأل عنه األسرة في حال بلوغ بناتهن هل تمت خطبتهن هل تزوجن مما‬
‫يعني أهمية الزواج للفتاة اجتماعيا و ارتباط ظاهرة العنوسة باملرأة ال بالرجل‪..‬‬
‫في السنوات األخيرة ومع تعقد الحياة وتزايد املؤثرات االقتصادية واالجتماعية والثقافية ارتفع سن الزواج األول كثيرا عند‬
‫النساء وتعدى ‪ 30‬سنة في املتوسط وبقي فارق السن بين الزوجين في حدود الخمس سنوات مع توازن نسبي بين عدد اإلناث والذكور‬
‫بالنسبة إلجمالي عدد السكان ولكن مع اختالل كبير بالنسبة لعدد العزاب‪ .‬فهل فعال أصبحت العزوبية ومن ثم العنوسة ظاهرة‬
‫مقلقة؟ وإلى أي مدى؟ وهل كل عزباء هي عانس؟ ومتى تعتبر املرأة عانسا؟ وما انعكاساتها على سوق الزواجية؟ وهل لذلك أثر على‬
‫تكوين وبنية األسرة الجزائرية؟‬
‫وقبل التطرق للموضوع بالتفصيل سنعرف أوال العزوبة وأنواعها وأهم أسبابها ثم نتناول تطورها اعتمادا على أهم‬
‫اإلحصائيات املتوفرة مركزين خاصة على السكان اإلناث وأهم املؤشرات الديموغرافية املتعلقة بهن واألهمية العددية للعازبات‬
‫وأخيرا سنحاول أن نرى أثرها على الفرد وتكوين وبنية األسرة‪.‬‬
‫أهمية البحث‪ :‬ومبرراته‪:‬‬
‫تنبع أهمية البحث من أهمية الظاهرة املدروسة‪ ،‬فما من شك أن العزوبية تعرف في السنوات األخيرة ارتفاعا كبيرا بسبب‬
‫عوامل اجتماعية واقتصادية ساهمت في تأخر الزواج‪ ،‬وأصبح لها اثار واضحة على الفرد واملجتمع‪ .‬واهتمامنا بهذا املوضوع راجع‬
‫ألسباب ثالث‪ ،‬أولها أننا الحظنا في الجزائر أن األرقام املتداولة حول العنوسة‪ ،‬واملرتبطة أساسا بالعزوبة‪ ،‬مبالغ فيها وهذا ال ينفي‬
‫وجود املشكلة ولكن يحدد على األقل درجتها‪ .‬وثانيا أن املفاهيم املتعلقة بالعنوسة تبقى غامضة وغير متفق عليها خاصة سنها وثالثا‬
‫أن العزوبية ترتبط ارتباطا وثيقا بأهم الظواهر الديموغرافية واألكثر تأثيرا في الحركة الطبيعية للسكان وهي اإلنجاب الذي ال‬
‫يحدث إال في إطار الزواج‪ .‬وفي هذا سنوضح بعض األمور املتعلقة بهذين السببين بمقاربة ديموغرافية بسبب ارتباط هذه الظاهرة‬
‫بالزواجية واإلنجاب وبالتالي تكوين وبنية األسرة‪.‬‬
‫أهداف البحث‬
‫يهدف هذا البحث‪ ،‬وبمقاربة ديموغرافية‪ ،‬إلى ابراز واقع العزوبية في الجزائر‪ ،‬واسبابها واثارها على الفرد واملجتمع‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫تصحيح املغالطات املتداولة بشأن الرقم الحقيقي لعدد العوانس في الجزائر‪.‬‬
‫املنهج املتبع والبيانات املستخدمة‪ :‬استجابة ألهداف الدراسة أعاله‪ ،‬اعتمدنا على املنهج الوصفي باستخدام مجموعة من‬
‫البيانات املستقاة من التعدادات واملسوح السكانية أهمها بيانات اخر مسح عنقودي (‪.2019) Mics6‬‬
‫‪-‬مفاهيم البحث‬
‫‪-‬العزوبية‪ :‬العزوبية تخص كل فرد بالغ عاقل لم يسبق له الزواج أي أنها ' حالة عدم الزواج وتنطبق بنوع خاص على الفرد الذي‬
‫قرر عدم الزواج '(بدوي‪ ،1978 ،‬ص ‪ .)54.‬وهي نوعان‪:‬‬

‫‪98‬‬
‫العزوبية في الجزائر‪ :‬األسباب والنتائج‬

‫اختيارية‪ :‬ويكون الشخص في هذه الحالة هو من يقرر‪ ،‬وبإرادته‪ ،‬عدم الزواج ويظل على هذه الحال مدة تطول أو تقصر أو قد‬
‫ينتهي أعزبا طول حياته‪ .‬وهذا االختيار يكون العتبارات وقناعات شخصية ونفسية دون أن تكون هناك أسباب وعوامل خارجية‬
‫تؤثر فيه‪ .‬كأن يفضل االستقالل الذاتي أو قناعته بثقل املسؤولية أو تشاؤمه نتيجة تجارب فاشلة ‪....‬‬
‫اضطرارية يكون الشخص في هذه الحالة مجبرا على عدم الزواج ألسباب خارجة عن إرادته كاألسباب الدينية (كما هو سائد في‬
‫بعض املجتمعات والديانات التي تمنع فئة الكهان وخدمة املعابد من الزواج‪ )...‬أو اقتصادية كتفاقم البطالة وضعف الدخل الذي‬
‫يحول دون تكوين أسرة أو اجتماعية كاحترام نوع من التقاليد واألعراف في الزواج (كضرورة الزواج من نفس العائلة أو املنطقة أو‬
‫املستوى االجتماعي‪ )...‬وما إن تزول هذه العوائق فان الشخص سيتزوج في حينها‪.‬‬
‫‪ -‬العنوسة‪ :‬وهي ظاهرة مرتبطة بالعزوبة وعدم الزواج وتخص اإلناث دون الذكور والعانس لغة كما جاء في قاموس املحيط‪ :‬نقول‬
‫عنست الجارية عنوسا وعناسا أي طال مكثها في أهلها بعد إدراكها‪ ،‬حتى خرجت من عداد األبكار ولم تتزوج قط (قاموس املحيط‪،‬‬
‫حرف العين)‪ .‬وهذا يعني أن الفتاة ال تعد عانسا إال إذا تعدت سنا معينة هي في الواقع غير محددة‪ ،‬وهذه السن تخضع حتما‬
‫للعوامل االجتماعية والثقافية (وحتى الزمنية)‪ ،‬والتي بدورها تحدد خصائص كل مجتمع وعليه ال توجد سن معينة للعنوسة ولكن‬
‫ما نتفق عليه هو أنه كلما تقدمت الفتاة في السن ولم تتزوج كلما كانت أقرب إلى العنوسة‪ .‬ومصطلح العنوسة يستعمل في الدراسات‬
‫االجتماعية أكثر من الدراسات الديموغرافية التي تستعمل مصطلح العزوبية والتي تقابلها الزواجية حيث تتناولها الديموغرافيا‬
‫من منظور ديناميكي له تأثير ذو داللة معنوية على تكوين وبنية األسرة‪.‬‬
‫‪-2‬أسباب العزوبية‪:‬‬
‫والعزوبية ظاهرة مقلقة تهدد استقرار األسرة واملجتمع تعود إلى جملة من األسباب أهمها‪:‬‬
‫‪-1-2‬ثقل املسؤوليات املادية واملعنوية للزواج‪ :‬إن عزوف الشباب عن الزواج سببه خاصة تلك الصورة النمطية املسبقة‬
‫والتشاؤمية عن مشاكل الزواج وتبعاته‪ ،‬وكذا ثقل املسؤوليات املادية واملعنوية التي يجبر على تحملها ومواجهتها تجاه الزوجة‬
‫واألطفال ومتطلبات البيت‪‘ .‬وفي بعض األحيان يتخذ الشباب موقفا سلبيا تجاه الزواج [‪ ]...‬ويفضلون عدم التفكير فيه ‘( ‪Brahimi,,‬‬
‫‪.)1994, p.517‬‬
‫‪ -2-2‬زيادة املشاكل االقتصادية واالجتماعية ‪ :‬نتيجة تطور الحياة وزيادة تعقيداتها خاصة في املناطق الحضرية‪.‬‬
‫‪ -3-2‬االختالط واالنفتاح‪ :‬والذي تعرفه املجتمعات ساهم كثيرا في تغير النظرة تجاه األخر وتغير املفاهيم املرتبطة بالزواج‪ ،‬كإعادة‬
‫النظر أكثر من مرة في اختيار الشريك وتحديد مواصفاته وفق ما تمليه عليه ظروفه النفسية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ -4-2‬العادات والتقاليد‪ :‬تبقى الصعوبات املتعلقة بالعادات والتقاليد ‪-‬وإن تراجعت‪ -‬وأهمها الزواج الداخلي واملغاالة في املهور من‬
‫األسباب الرئيسة التي تدفع إلى العزوف عن الزواج‪.‬‬
‫‪ -5-2‬تعقيدات الحياة العصرية‪ :‬والتي تستوجب الحصول وبشكل صعب على عمل ومسكن قار ومناسب تساهم وبشكل حاد في‬
‫تأخير الزواج‪ '.‬وفي وضع اقتصادي صعب يعبر عنه ببطالة الشباب وندرة السكن‪ ،‬يظهر جليا صعوبة تحمل األعباء الضرورية‬
‫لتأسيس أسرة جديدة‪ ،‬والتي تتطلب في أحيان كثيرة سنوات طويلة من العمل واالدخار '(‪)Ajbilou, 1997, p.652‬‬
‫‪ -6-2‬أولويات تسبق الزواج‪ :‬اصيح الشباب أكثر تفكيرا في أمور أخرى قبل تفكيرهم بالزواج كأولويات أهمها الحصول على مراتب‬
‫تعليمية وتكوينية عالية تتطلب سنوات طويلة‪ ،‬وبعدها عمل يناسب ذلك والحصول على كل متطلبات الحياة الضرورية وحتى‬
‫الكمالية تشغل اهتمام الشباب أكثر من فكرة الزواج‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫خضرة راشدي‬

‫‪ -7-2‬ظهورالنزعة الفردية‪ :‬حيث يفكر الشاب في استغالل فترة شبابه في تحقيق طموحاته ورغباته وفق الحياة العصرية التي تعطي‬
‫لبعض الكماليات (بالنسبة لطبيعة مجتمعاتنا) أولويات تسبق الزواج كالتمتع والسياحة‪.‬‬
‫‪ -8-2‬ظهور بدائل للزواج‪ :‬سمح االختالط واالنفتاح على الجنس اآلخر بتأجيل فكرة الزواج الذي يراه البعض مقيدا للحريات ما‬
‫دام أن أمورا كثيرة متاحة وبشكل أبسط وبدون التزامات‪ ،‬وإن كان األمر ليس باألهمية‪ ،‬إال أنه وارد في غياب دراسات خاصة بذلك‬
‫(ونعني هنا املساكنة)‪.‬‬
‫وقد تجتمع هذه األسباب كلها أو بعضها في نفس الشخص فتمنعه عن الزواج‪.‬‬
‫‪-3‬تطورالعزوبية في الجزائر‪:‬‬
‫إن الحديث عن تطور العزوبية في الجزائر يرتبط بظاهرة الزواجية وتطورها‪ ،‬ذلك أن الزواج هو الخطوة األولى واألساسية‬
‫لتأسيس أسرة‪ ،‬وإحالل العالقات الجنسية واإلنجاب املعترف به دينا وعرفا وما خال ذلك فانه منافي لهما وال يتقبله املجتمع‪ .‬ولم‬
‫تصبح العزوبة ظاهرة لها أهميتها وانعكاساتها السلبية إال بعدما بدا سن الزواج في االرتفاع عند كال الجنسين ليتعدى ‪30‬سنة في‬
‫املتوسط‪ .‬فحتى أواخر القرن املاض ي كان الجزائريون يتزوجون في سن صغيرة خاصة عند الفتيات‪.‬‬
‫الجدول رقم ‪ :1‬تطور سن الزواج األول في الجزائر ‪2019-1966‬‬
‫الجزائر‬ ‫حضر‬ ‫ريف‬ ‫املنطقة‬
‫التعداد‪/‬الجنس ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث‬
‫‪18.3 23.8‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪1966‬‬
‫‪20.9 25.3‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪1977‬‬
‫‪23.7 27.6 24.9 28.8 22.3 26.4‬‬ ‫‪1987‬‬
‫‪27.6 31.3 27.9 31.8 27.0 30.3‬‬ ‫‪1998‬‬
‫‪29.1 32.9 29.5 33.1 28.9 32.4‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪27.1 33.9 27.3 34.3 27.0 33.3‬‬ ‫‪2019‬‬
‫املصدر‪,ONS : annuaire statistique de l’Algérie n°26 p31, Mics6,p129:،‬‬
‫في سنة ‪ 1966‬كان سن الزواج األول في املتوسط يقدر ب‪ 18.3‬سنة عند اإلناث و‪ 23.8‬سنة عند الذكور ارتفع سنة ‪2019‬‬
‫ليصل إلى ‪ 27.1‬سنة و‪33.9‬سنة على التوالي مع مالحظة أن هذه السن لم تتوقف عن االرتفاع بالنسبة للذكور في حين استمرت‬
‫كذلك بالنسبة لإلناث حتى سنة ‪ 2008‬لتعاود االنخفاض سنة ‪ .2019‬وهذا االرتفاع يعني ارتفاع في عدد السنوات التي يقضيها‬
‫الجزائريون في العزوبة حيث أن متوسط سن الزواج األول ارتفع من الفئة العمرية األولى ‪ 19-15‬سنة إلى الفئة العمرية الرابعة ‪-30‬‬
‫‪ 35‬سنة وهو يعني املزيد من العزاب في هذه الفئات املعنية أكثر بالزواج الرتباطها بالفترة األخصب لإلنجاب خاصة بالنسبة لإلناث‪.‬‬
‫لكنه وحسب مسح ‪ ،Mics6.2019‬صرحت النساء املبحوثات أن أفضل سن لزواج الرجل هو ‪ 30‬سنة في املتوسط و‪ 24.2‬سنة‬
‫بالنسبة لإلناث وهي اعمار اقل بكثير من تلك املسجلة في هذا السمح‪.‬‬
‫وبعدما كان هناك فرق واضح بين الحضريين والريفيين يكاد هذا الفرق يتالش ى بين الريفيات والحضريات ابتداء من ‪1998‬‬
‫حيث ال يتعدى سنة واحدة ويتساوى تقريبا في سنة ‪ ،2019‬وهو ما يعني أن الظاهرة عامة في كل مناطق الوطن وال تخص فقط‬
‫املناطق الحضرية والتي عادة تشجع ظروف الحياة فيها إلى تأخر الزواج‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫العزوبية في الجزائر‪ :‬األسباب والنتائج‬

‫في حين نالحظ ارتفاع فارق السن بين الزوجين إلى حوالي ‪ 6‬سنوات في الريف و‪ 7‬سنوات في الحضر وهو فارق كبير جدا لم‬
‫يحدث ابدا‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :1‬تطور فارق السن بين الزوجين بين ‪ 1966‬و‪.2019‬‬
‫‪8‬‬
‫‪6,8‬‬
‫‪7‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪5,5‬‬ ‫‪5,3‬‬
‫الفارق بالسنوات‬

‫‪5‬‬ ‫‪4,4‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3,8‬‬
‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪0‬‬
‫‪1966‬‬ ‫‪1977‬‬ ‫‪1987‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2019‬‬
‫السنوات‬

‫املصدر‪ :‬التعددات السكانية ومسح ‪.2019‬‬


‫ومع وجود عدد كبير من األشخاص في سن الزواج وبسبب هذا الفارق بين الزوجين ونظرا لزواج الرجل من امرأة اقل منه‬
‫سنا‪ ،‬فإن عزوبية الفتيات خاصة ستتفاقم في ظل هذا الوضع الديموغرافي‪.‬‬
‫وبسبب هذا االرتفاع في سن الزواج‪ ،‬ترتفع نسبة العزاب بشكل متواصل وفي كل األعمار (األكثر من ‪ 15‬سنة) كما نالحظه في الجدول‬
‫أسفله‪ .‬حيث ارتفعت نسبة العزاب من الذكور من ‪ % 37.1‬إلى حوالي ‪ %44‬في حين ارتفعت نسبة العازبات من ‪ % 21.8‬إلى حوالي‬
‫‪ %32‬بين ‪ 1977‬و‪ ،2019‬ويمكن استنتاج سرعة تطور عدد العازبات مقارنة بها عند العزاب (‪ % 46‬مقابل ‪.)% 18‬‬
‫الجدول رقم ‪ :2‬تطور نسبة العزاب حسب السن والجنس‬
‫مسح‪2019‬‬ ‫تعداد‪1977‬‬ ‫السنة‬
‫إناث‬ ‫ذكور‬ ‫إناث‬ ‫ذكور‬ ‫السن‬
‫‪96.3‬‬ ‫‪99.6‬‬ ‫‪76.4‬‬ ‫‪97.5‬‬ ‫‪19-15‬‬
‫‪75.0‬‬ ‫‪98.7‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪24-20‬‬
‫‪41.9‬‬ ‫‪85.8‬‬ ‫‪10.9‬‬ ‫‪29.7‬‬ ‫‪29-25‬‬
‫‪25.8‬‬ ‫‪55.9‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪8.5‬‬ ‫‪34-30‬‬
‫‪23.3‬‬ ‫‪30.0‬‬ ‫‪1.8‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪39-35‬‬
‫‪20.9‬‬ ‫‪17.0‬‬ ‫‪1.3‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪44-40‬‬
‫‪15.3‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1.9‬‬ ‫‪49-45‬‬
‫‪31.9‬‬ ‫‪43.9‬‬ ‫‪21.8‬‬ ‫‪37.1‬‬ ‫املجموع‬
‫املصدر‪RGPH1977,MICS6.2019:‬‬
‫وما يمكن مالحظته هو أنه في سنة ‪ 2019‬حوالي ‪ %42‬من اإلناث األقل من ‪30‬سنة غير متزوجات وأكثر من نصف الذكور األقل‬
‫من ‪ 35‬سنة غير متزوجين في حين وفي هذه األعمار بالذات لم تتعدى هاتين النسبتين على التوالي ‪ %11‬و‪ %9‬سنة ‪ .1977‬وهذا يدل‬
‫على وجود تحوالت عميقة في سلوكيات الجزائريين تجاه الزواج وارتفاع كبير لعدد العزاب من الجنسين‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫خضرة راشدي‬

‫وما هو مقلق حقا هو ارتفاع هذه النسبة أيضا في باقي الفئات العمرية خاصة عند اإلناث‪ ،‬حيث نالحظ في سنة ‪ 2019‬أن حوالي‬
‫‪ %26‬من النساء بين ‪ 30‬و‪ 35‬سنة هن عازبات وتفوق ‪ %23‬في الفئة املوالية ‪ 39-35‬سنة بعدما لم تكن تتعدى ‪ %4‬و‪ %2‬على‬
‫التوالي سنة ‪ 1977‬أي أن كلهن تقريبا كن متزوجات في هذه السنة مقارنة بسنة ‪ ،2019‬وهو أمر خطير يهدد االستقرار االجتماعي‬
‫والنفس ي لهذه الفئات إذا ما استمرت هذه الظاهرة‪.‬‬
‫كما أن العزوبية النهائية (أي في الفئات العمرية األخيرة ابتداء من ‪ 50‬سنة) هامة جدا مقارنة بالسنوات املاضية إذ أنها تصل إلى‬
‫حوالي ‪ %8‬بعدما كانت ال تتعدى ‪ %2‬بالنسبة للذكور وأكثر من ‪ %15‬بعدما كانت ‪ %1‬فقط بالنسبة لإلناث بين ‪ 1977‬و‪ .2019‬وهي‬
‫تخص األجيال القديمة والتي تزوجت تقريبا كلها وفي أعمار صغيرة‪ .‬وهي ظاهرة جديدة على املجتمع الجزائري الذي كان يتميز بزواج‬
‫شامل حتى بالنسبة لألرامل واملطلقين والذين كان إعادة زواجهم ال يطرح أي اشكال‪ .‬ويمكن أن تتولد عنها ظهور أنماط جديدة من‬
‫األسر خاصة األسر من فرد واحد‪ .‬وللتقرب أكثر من الظاهرة سنراقب سوق الزواجية عن طريق حساب عدد الذكور إلى عدد‬
‫اإلناث في سن الزواج‪ .‬حيث افترضنا أن فارق السن بين كل زوجين هو ‪ 5‬سنوات حيث يتزوج الذكور من فئة عمرية معينة من‬
‫اإلناث في الفئة العمرية التي تسبقها بخمس سنوات وقمنا بحساب عدد العازبات إلى ‪ 100‬أعزب فتحصلنا على البيانات التالية‪:‬‬
‫الجدول رقم ‪ :3‬عدد العازبات إلى ‪ 100‬أعزب سنة ‪2019‬‬
‫القيمة‬ ‫املؤشر‬
‫‪98‬‬ ‫إ‪/19-15‬ذ‪24-20‬‬
‫‪87‬‬ ‫إ‪/24-20‬ذ‪29-25‬‬
‫‪75‬‬ ‫إ‪/29-25‬ذ‪34-30‬‬
‫‪86‬‬ ‫إ‪/34-30‬ذ‪39-35‬‬
‫‪137‬‬ ‫إ‪/39-35‬ذ‪44-40‬‬
‫‪255‬‬ ‫إ‪/44-40‬ذ‪49-45‬‬
‫‪319‬‬ ‫إ‪/49-45‬ذ‪54-50‬‬
‫املصدر‪MICS6.2019 :‬‬
‫حتى السن ‪ 35‬سنة تبقى عدد النساء العازبات اقل من عدد العزاب الذكور وهذا يعني أن التوازن في سوق الزواجية في هذه‬
‫االعمار الزال قائما رغم تراجع نسبة املتزوجات في هذه االعمار‪ .‬ويبدأ االختالل بعد هذا العمر‪ .‬حيث كلما تقدمت الفتيات في السن‬
‫كان عددهن يفوق عدد العزاب الذي (فرضا) يناسبوهن سنا‪ ،‬وهو يعكس تراكم األجيال املتعاقبة من اإلناث خاصة تلك الناتجة‬
‫عن االنفجار الديموغرافي (تعدى معدل النمو السكاني في هذه املرحلة ‪ %3‬وكان من أعلى املعدالت في العالم) أي يخص العازبات‬
‫اللواتي ولدن قبل سنة ‪ 1984‬وتتراوح أعمارهن في سنة ‪ 2019‬بين ‪ 35‬و‪50‬سنة‪ .‬وما قلل فرص زواجهن هو التحاق عدد كبير من‬
‫األجيال الجديدة والتي تعتبر أصغر سنا واألوفر حظا للزواج‪ .‬كما أن هذه الفئة يشكل عددها ثالث مرات عدد العزاب وهو رقم‬
‫مخيف سيزيد من نسبة العزوبية النهائية للنساء ويفاقم من ظاهرة العنوسة مستقبال‪.‬‬
‫هذا االختالل في التوازن العمري والعددي للنساء مقارنة بالذكور ليس بسبب ميالد عدد إناث أكثر من الذكور ألنه طبيعيا يولد‬
‫الذكور بعدد أكبر بقليل من عدد اإلناث (إال في حاالت اإلجهاض املتعمد لإلناث كما في الصين والهند) ولكنها نتيجة للوفيات في‬
‫أعمار معينة تصيب الذكور خاصة وبسبب أن اإلناث يتزوجن في سن أصغر من الذكور‪ .‬وعموما 'يلخص )‪Dixon (1978‬العوامل‬
‫املؤثرة في الزواجية [وهي نفسها املشجعة على ارتفاع العزوبية إن غابت] في ثالث و هي‪ :‬توفر الشريك‪ ،‬الظروف االقتصادية التي‬
‫تساعد على الزواج وأخيرا العوامل السلوكية' ‪. ) Tapinos.1985,p.89(.‬‬
‫كما يمكن إيعاز التفوق العددي للنساء عامة والعازبات خاصة كما الحظنا إلى مجموعة من األسباب أهمها‪:‬‬

‫‪102‬‬
‫العزوبية في الجزائر‪ :‬األسباب والنتائج‬

‫‪ -1‬إن الرجال أكثر عرضة للحوادث وبالتالي الوفاة مقارنة بالنساء‪.‬‬


‫‪ -2‬يعتبر الرجال من الناحية البيولوجية أفضل للزواج واإلنجاب في كل األعمار مقارنة بالنساء حيث كلما تقد م الرجل في السن‬
‫كان أفضل له للزواج عكس النساء كلما تقدمن في السن كانت حظوظهن اقل في الزواج واإلنجاب معا‪.‬‬
‫‪ - 3‬تتزوج النساء برجال يكبرهن سنا وكلما كن أصغر سنا كلما كن مرغوبات في الزواج أكثر حيث 'أظهرت نتائج ست دراسات في‬
‫هذا املجال أن االختيار الزوجي يتأثر بتقدم العمر بالنسبة للرجال‪ ،‬ففي البداية يفضلون زوجة أصغر منهم قليال‪ ،‬ثم مع التقدم‬
‫في العمر يتجهون لتفضيل أن يكون الفارق أكبر‪ ،‬أما النساء فهن يفضلن أن يكون الزوج أكبر قليال وال يتغير هذا االتجاه في االختيار‬
‫مع تقدمهن في العمر (‪ Kenrich.DT .1992‬نقال عن كلثم ‪ ،2010،‬ص‪.)46.‬‬
‫‪ -4‬طبيعيا وفطريا‪ ،‬النساء هن املطلوبات للزواج وبالتالي هن مجبرات على انتظار من يطرق بابهن وبالتالي فان زواجهن محدد بالفترة‬
‫التي يخطبن فيها ويصبح زواجهن مرتبط بها وهن في الحقيقة غير مخيرات في تحديد هذه السن عكس الرجل الذي يمكن له أن‬
‫يحدد السن التي يرغب الزواج فيها‪.‬‬
‫‪ -5‬يمكن أن يكون للهجرة‪ ،‬خاصة في املراحل الشابة‪ ،‬أثر واضح على عدم التوازن بين الجنسين واملهاجرون عادة هم عزاب في‬
‫األعمار املناسبة للزواج خاصة أن أكثر أسباب الهجرة هي البحث عن فرص العمل والكسب وتحسين ظروف املعيشة‪ .‬وهي تخص‬
‫أيضا األشخاص الذين عانوا ملدة طويلة من البطالة وتردي أوضاعهم االجتماعية وهي نفسها األسباب املشجعة على عدم الزواج‪.‬‬
‫‪ - 6‬تميل النساء في السنوات األخيرة إلى العمل على الحصول على مستوى تعليمي واجتماعي قبل الزواج‪ .‬ولو عدنا مثال إلى عدد‬
‫السنوات التي تقضيها الفتاة في التعليم ثم البحث عن عمل تشرطه غالبا بعد الزواج لالحظنا أنها تستنزف أفضل السنوات من‬
‫عمرها واملرحلة التي تكون فيها مطلوبة للزواج أكثر من أي مرحلة أخرى لألسباب أعاله‪ .‬حتى إذا ما تمتعت بمستوى تعليمي هام‬
‫وعمل محترم فإنها في أغلب الحاالت ال تفضل إال زوجا يماثلها في نفس املستوى‪ .‬وهكذا فإن سنوات العزوبية عندها تكون أطول‬
‫كلما ارتفع مستواها التعليمي وزاد ولوجها للحياة العملية ألن العمل يسمح للمرأة ب' الخروج من اإلطار التقليدي‪ ،‬اختيار شريكها‪،‬‬
‫الطموح إلى نموذج زواجي جديد‪ ،‬الحصول على سلطة الحوار داخل األسرة والتي تمكنها من تقلد ادوار جديدة'( ‪Mahfoud,‬‬
‫‪.)1990,p73‬‬
‫وكما هو موضح في الجدول أسفله كلما ارتفع املستوى التعليمي كلما ارتفع متوسط سن الزواج األول عند كال الجنسين وهناك‬
‫عالقة واضحة بين هذين املتغيرين‪ ،‬والحظ كيف أن هذه السن تقفز إلى مستوى جد مرتفع عند اإلناث اللواتي يتمتعن بمستوى‬
‫تعليمي عالي‪ .‬حيث يصل الفارق في املتوسط بين األشخاص بدون مستوى تعليمي والعالي إلى أكثر من ‪ 4‬سنوات عند كال الجنسين‪’.‬‬
‫إذن‪ ،‬للتعليم اثرين‪ ،‬ليس فقط على تأخير سن الزواج ولكن أيضا يطور لدى الشباب سلوكيات جديدة تجاه الزواج'(‪Ouddah-‬‬
‫‪.)bdidi.Z.2005.p13‬‬
‫الجدول رقم ‪ :5‬سن الزواج حسب الجنس واملستوى التعليمي‬
‫إناث‬ ‫ذكور‬ ‫املستوى التعليمي‬
‫‪26.1‬‬ ‫‪32.2‬‬ ‫بدون مستوى‬
‫‪23.2‬‬ ‫‪33.7‬‬ ‫ابتدائي‬
‫‪24.4‬‬ ‫‪34.0‬‬ ‫متوسط‬
‫‪24.9‬‬ ‫‪33.5‬‬ ‫ثانوي‬
‫‪27.0‬‬ ‫‪34.1‬‬ ‫عالي‬
‫املصدر‪Mics6.2019. P .129 :‬‬

‫‪103‬‬
‫خضرة راشدي‬

‫‪-4‬األهمية العددية للعازبات في الجزائر‪:‬‬


‫من خالل البيانات اإلحصائية التي اعتمدنا عليها و تخص آخر مسح (املسح العنقودي متعدد املؤشرات ‪ ،)2019‬اتضح أن ظاهرة‬
‫العزوبية في ارتفاع متواصل ومخيف و تخص كل الفئات العمرية بدون استثناء ‪ ،‬لكن ما يجب اإلشارة إليه أن العزوبية التي تشكل‬
‫فعال هاجسا اجتماعيا و ديموغرافيا هي تلك التي تخص الفئات العمرية املتوسطة والكبرى ‪.‬إذ ال يمكن أن نتخوف من عزوبية‬
‫األفراد في الفئة ‪ 19-15‬سنة مثال حتى بالنسبة لإلناث لعدة أسباب موضوعية أهمها أن في هذه السن الزال األفراد متمدرسون‬
‫(غالبا في الثانوي ) أو في مراحل التكوين ‪ ،‬والسن القانونية للزواج حسب آخر قانون لألسرة حددت ب ‪ 19‬سنة بالنسبة للجنسين ‪،‬‬
‫كما أن األولياء ال يفضلون زواج أبنائهم في هذه السن والتي يعتبرون أنها دون النضج لتحمل مسؤوليات الزواج عكس ما كان سائدا‬
‫عند آبائهم‪ .‬باإلضافة إلى أن القوانين الدولية تعتبر الزواج في هذه السن انتهاكا لحقوق األطفال ونوعا من العنف ضدهم‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس فإنه إحصائيا سيتقلص عدد العازبات إذا ما استثنينا هذه الفئة (رغم وجود زيجات تتم فيها بنسبة‬
‫قليلة) وجزء قد ال يكون هاما من الفئة الثانية ‪ 24-20‬سنة (ونعني خاصة املتمدرسات في الجامعات واملعاهد العليا) ويصبح العدد‬
‫الحقيقي للعازبات واملصنفات كعوانس أقل بكثير من ذلك املصرح به من قبل الجمعيات ووسائل اإلعالم‪.‬‬
‫وعلى فرض أن البيانات املستعملة هي على درجة مقبولة من الصحة والدقة في التصريح باألعمار والعدد‪ ،‬وعلى اعتبار أن‬
‫نتائج املسح قابلة للتعميم بسبب أن اختيار العينة وحجمها ومفرداتها تم بطريقة احتمالية‪ ،‬حيث قدرت نسبة العزاب الذكور ب‬
‫‪ %43.9‬ونسبة العازبات ب ‪ (Mics6.2020,p.84)%31.9‬واعتمادا على تقديرات السكان حسب العمر والجنس لسنة ‪ 2019‬التي‬
‫قدرت عدد السكان الذكور ب ‪ 15203666‬وعدد السكان االناث ب ‪ ) ONS,2019a , p.11 (14997989‬وبحساب بسيط‪ ،‬نجد أن‬
‫عدد العزاب سنة ‪ 2019‬هو ‪ 6674410‬بالنسبة للذكور و‪ 4784359‬بالنسبة لإلناث وهذا بالنسبة للسكان في العمر ‪ 15‬سنة فأكثر‪.‬‬
‫فإن عدد العازبات الصحيح إذن يقل عن ‪ 5‬ماليين فتاة‪ ،‬ولو تحدثنا عن العنوسة باملوازاة مع هذا‪ ،‬سيتقلص عدد العوانس أكثر‬
‫ويقل بكثير عن األرقام املتداولة فليست كل عازبة عانس‪ ،‬إذ ال يعقل أن تعتبر الفتيات دون ‪ 25‬سنة عوانس خاصة أن السكان‬
‫اإلناث كما هو الشأن ملجموع السكان الجزائريين يزيد عددهن أكثر في الفئات العمرية الصغرى للبالغات األقل من ‪ 25‬سنة (وصلت‬
‫نسبتهن إلى ‪ )%20‬وفي هذه الحالة فان نسبة النساء العازبات اللواتي يفوق سنهن ‪ 25‬سنة فأكثر (إذا ما اعتبرناهن عوانس في هذه‬
‫الحالة) يصل إلى حوالي ‪ 4‬ماليين فتاة‪ ،‬وهو رقم بعيد جدا عن املصرح به إعالميا و تتداولها حتى بعض الدراسات االكاديمية حيث‬
‫اشارت إلى وجود حوالي ‪ 12‬مليون عانس ( انظر مثال احدث االحصائيات في جريدة العرب‪ )2020،‬ولو عالجنا هذا الرقم احصائيا‬
‫نجد أنه بعيد جدا عن الواقع كما اشارت حساباتنا‪ .‬ولو تمعنا فيه مقارنة بعدد سكان الجزائر من االناث لوجدناهم قد قاموا‬
‫باحتساب حتى البنات في مرحلة الطفولة وغير البالغات ممن سنهن اقل من ‪ 15‬سنة‪ .‬فالرقم املتداول إذن أكثر بكثير من عدد‬
‫العازبات اللواتي ال تصنف كلهن إلى عوانس‪.‬‬
‫ولكنه اجتماعيا وديمغرافيا رقم خطير وهو ما يعني استفحال الظاهرة‪ ،‬وأنها ستأخذ منحى خطير في السنوات املقبلة مع‬
‫تراكم األجيال املتعاقبة من النساء في سن الزواج وهو ما يستدعي االهتمام والبحث عن حلول اجتماعية وقانونية ملواجهتها‬
‫مستقبال قبل تفاقمها‪.‬‬
‫وللتذكير فان األهمية العددية للعازبات في الجزائر ترجع إلى العامل الديموغرافي بالدرجة األولى ألنه كما هو معلوم فان‬
‫عدد السكان يفوق ‪ 43‬مليون نسمة يشكل فيها اإلناث حوالي ‪ % 49‬وهي نسبة هامة جدا‪ .‬كما أن هؤالء السكان يتمتعون بالشباب‪،‬‬
‫إذ تصل نسبة األشخاص األقل من ‪ 30‬سنة إلى أكثر من النصف (‪ )% 53‬باإلضافة إلى أن التصريح بالزيجات يبقى بعيد عن واقع‬
‫اإلحصائيات الحقيقية وكل هذا يفسر ذلك االرتفاع في نسبة العزوبة‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫العزوبية في الجزائر‪ :‬األسباب والنتائج‬

‫‪-5‬الخصائص السوسيو اقتصادية للعزاب‪:‬‬


‫باالعتماد على بيانات اخر مسح وطني ‪ ،Mics6.2019‬تمكنا من معرفة بعض الخصائص االجتماعية واالقتصادية للعزاب في‬
‫الجزائر وقد تبن أن نسبة العزاب عند كال الجنسين ترتفع بارتفاع املستوى التعليمي‪ ،‬إذ يقض ي االفراد سنوات طويلة في الدراسة‬
‫ويضطرون إلى البقاء عزاب خاصة إذا ما انهوا املرحلة الجامعية‪ ،‬وبنهايتها يقضون وقتا أطول في البحث عن عمل حيث تبين أن‬
‫أكثر العاطلين عن العمل هم حاملي الشهادات التي تصل نسبة بطالتهم إلى ‪ % 18‬أكثر من النسبة الكلية املقدرة ب ‪%11.4‬‬
‫(‪ .)ONS,2019b,p.7‬وهو ما يفسر أيضا ارتفاع العزاب الذكور في الفئات غير النشيطة (‪ )% 51.7‬وهذا راجع لتحمل الذكور‬
‫مسؤوليات الزواج وتبعاته وبالتالي ال يتزوجون مادام انهم عاطلون عن العمل‪ ،‬إذ بينت االحصائيات أن ‪ % 62.5‬من البطالين الذكور‬
‫تقل أعمار هم عن ‪ 30‬سنة) ‪ .)ONS,2019b,p.7‬وهو ما يعني أن مشكلة البطالة تعد أهم عائق أمام الشباب للزواج وتكوين اسرة‬
‫وبالتالي مغادرة حياة العزوبة‪.‬‬
‫في حين االمر مختلف بالنسبة لإلناث اين ترتفع عزوبتهن عند النشيطات (‪ .)% 48.5‬حيث يعتبر النشاط االقتصادي من‬
‫محددات زواجهن‪ ،‬إذ اثبتت الكثير من الدراسات (مثال دراسة ‪ ،Ouddah-bedidi.2005‬معهد الدوحة الدولي لالسرة‪ )2019،‬أنه‬
‫كلما ارتفع ولوج املرأة للعمل كلما ارتفع سن زواجها‪ ،‬خاصة أن أكثر النساء العامالت يتمتعن بمستويات تعليمية عالية‪ .‬حيث يقدر‬
‫معدل النشاط االقتصادي عند ذوات الشهادات الجامعية ب ‪ )ONS,2019b,p.5( %62.2‬أي انهن استنفذن الكثير من أعمارهن في‬
‫التعليم والبحث عن عمل‪ .‬وعادة ما تتزوج النساء من يالئمها تعليما‪ ،‬مما يقلص من فرص زواجها خاصة ان أكثر العازبات أعلى‬
‫مستوى من العزاب‪.‬‬
‫الجدول رقم ‪ :6‬الخصائص السوسيواقتصادية للعزاب في الجزائر سنة ‪2019‬‬
‫اناث‬ ‫ذكور‬ ‫الخصائص‬
‫‪9.0‬‬ ‫‪8.8‬‬ ‫بدون مستوى‬ ‫املستوى التعليمي‬
‫‪16.7‬‬ ‫‪25.8‬‬ ‫ابتدائي‬
‫‪32.4‬‬ ‫‪54.2‬‬ ‫متوسط‬
‫‪45.7‬‬ ‫‪54.0‬‬ ‫ثانوي‬
‫‪61.0‬‬ ‫‪61.0‬‬ ‫جامعي‬
‫‪48.5‬‬ ‫‪35.5‬‬ ‫عامل(ة)‬ ‫الحالة الفردية‬
‫‪29.2‬‬ ‫‪51.7‬‬ ‫غير عامل(ة)‬
‫‪32.8‬‬ ‫‪44.2‬‬ ‫حضر‬ ‫مكان االقامة‬
‫‪30.2‬‬ ‫‪43.3‬‬ ‫ريف‬
‫‪31.9‬‬ ‫‪43.9‬‬ ‫املجموع‬
‫املصدر‪Mics6.2019,p84 :‬‬
‫أما بالنسبة ملنطقة اإلقامة‪ ،‬فالظاهر أن االختالفات غير موجودة بالنسبة للذكور ولكنها تظهر بالنسبة لإلناث‪ ،‬فعدد‬
‫العازبات في الحضر أكثر بقليل منه عند الريفيات‪ .‬بسبب ان الحضريات يتمتعن بمستويات تعليمية اعلى ويلجن سوق العمل أكثر‬
‫من الريفيات‪.‬‬
‫‪-6‬اثارالعزوبة على الفرد واملجتمع‬
‫‪-1-6‬اثارالعزوبة على العازب‪:‬‬

‫‪105‬‬
‫خضرة راشدي‬

‫مما ال شك فيه أن االنسان بطبعه ميال إلى الحياة االجتماعية التشاركية‪ ،‬وال يمكن ان تستمر الحياة ويتكاثر االفراد‬
‫ويستقر املجتمع إال بتلك العالقة التي تجمع بين الرجل واملرأة وتضمن لهما التكامل النفس ي واالجتماعي واملادي في إطار اسرة‬
‫يمارسان فيها حقوقهما وواجباتها ليكتمل دورهما في استمرار النوع والحفاظ على النفس والعالقات‪.‬‬
‫وعادة ال يتقبل املجتمع (مجتمعاتنا العربية واإلسالمية) فكرة أن يبقى الفرد بدون زواج‪ ،‬فغالبا ما نرى الوالدين أكثر حرصا‬
‫على زواج ابنائهما ببلوغهم مرحلة عمرية مناسبة‪ ،‬كما نجد أن الكثير من الشباب يجد ويكد من أجل زواجه كمشروع ذو أولوية‪.‬‬
‫لكن مع التغير االجتماعي وتعقد الحياة وزيادة متطلباتها مقابل شح املوارد املالية وارتفاع البطالة والعادات املعرقلة للزواج‪ ،‬ارتفعت‬
‫العزوبة بشكل رهيب وأصبحت لها اثار نفسية واجتماعية على الفرد وتتعمق هذه االثار عندما يكون هذا الفرد انثى‪.‬‬
‫وقد اشارت الكثير من الدراسات إلى الصورة النمطية السلبية التي تعاني منها العازبة خاصة إذا تقدمت بها العمر والتحقت‬
‫بمصاف العانسات‪ .‬حيث توصلت دراسة عباس (‪ )2016‬إلى أن نظرة املجتمع للمرأة العازبة تتميز بالعنف والدونية‪ ،‬وال تأخذ مكانة‬
‫اجتماعية الئقة إال أذا تزوجت وأصبحت أما‪ ،‬ولكن هذا ال يمنع من أن النظرة لألعزب تبقى أقل حدة إال أن املجتمع ال يرى اكتمال‬
‫الرجل لرجولته ومكانته إال بزواجه‪.‬‬
‫إن هذه النظرة النمطية للعازبة من قبل املجتمع تتأكد قسوتها من خالل الكثير من االمثال الشعبية التي تدعو إلى ضرورة‬
‫تزويج البنت وعدم إضاعة أي فرصة لذلك كقولهم' ‪ ...‬وابنتك اذا كبرت اعطيها ‪ ،‬راهو بالها في الدار يزيد' وغيرها من االمثال ذات‬
‫العنف الرمزي والذي يجعل الفتاة غير املتزوجة تعاني ضغطا نفسيا واجتماعيا كبيرا ‪ .‬وال يقتصر االمر على هذا‪ ،‬فطبيعة املجتمع‬
‫الجزائري‪ ،‬تجعل الفتيات أكثر ارتباطا ماديا باسرهن حيث الرجل (أبا او اخا) عادة ما يتكفل برعايتهن وتوفير متطلباتهن‬
‫واستمرارهن في بيت اسرتها يجعلها تحس انها عبء عليها مالم تكن تعمل‪ .‬وفي دراسة للعزوبة من منظور جندري (الغزاوي‬
‫وآخرون‪ )2020،‬وجدت الباحثات أن النظرة السلبية والشعور بالوحدة هي من أهم االثار االجتماعية للعزوبة عند كال الجنسين‪.‬‬
‫في حين وجدن أنه من الناحية اإليجابية‪ ،‬أصبح العزاب أكثر اعتمادا على أنفسهم‪.‬‬
‫إن ارتفاع عدد العزاب وصعوبة تكوين اسرة‪ ،‬قد يؤدي إلى الحرمان العاطفي والجنس ي وقد يؤدي باألعزب إلى املعصية‬
‫والخطأ وان طالت فترة العزوبة‪ ،‬فقد تؤدي إلى اضطرابات نفسية كالغيرة والحسد والشعوذة والعزلة والخوف من املواجهة بسبب‬
‫النظرة الدونية خاصة عند الفتاة‪.‬‬
‫‪-2-6‬أثرالعزوبة على تكوين وبنية األسرة‪:‬‬
‫إن الحديث عن أثر العزوبة على تكوين وبنية األسرة يجر إلى الحديث عن أثر ارتفاع سن الزواج وعدم الزواج على تكوين‬
‫األسرة من جهة وعلى الخصوبة التي تعتبر إحدى محددات حجم هذه األسرة‪ .‬وبما أن تكوين أسرة ال يتم إال بالزواج فان العزوبة‪،‬‬
‫وخاصة إن طالت مدتها‪ ،‬فإنها تمنع أو تؤجل تكوين أسر جديدة وهو ما يؤثر على النسق االجتماعي للمجتمع وهيكله الذي يضمن‬
‫استمراره بشكل طبيعي ويحافظ على خصوصياته‪ ،‬وتسمح بظهور أنواع وأنماط جديدة من األسر تجمع أفرادها عالقات وروابط‬
‫خاصة دخيلة عن طبيعة املجتمع الثقافية والدينية وهو ما يولد تغييرا في املفاهيم والسلوكيات القادرة بدورها على تغيير مفهوم‬
‫األسرة املتعارف عليه‪.‬‬
‫ولعل أهم هذه األنواع هي تلك األسر املكونة من شخص واحد (األعزب(ة)) أو مجموعة من العزاب تربطهم عالقة صداقة‪،‬‬
‫عمل‪ ،‬دراسة‪ ،‬أو أي رابطة تختلف عن القرابة واملصاهرة‪ ،‬وهي أنواع تفرضها العزوبة وتشجع على ظهورها ظروف اجتماعية‬
‫واقتصادية تحتم تجمع هؤالء األفراد تحت سقف واحد‪ .‬وهذين النوعين نجدهما شائعين وبنسبة هامة في الدول الصناعية حيث‬
‫فرضت طبيعة الحياة العصرية املعقدة وتنامي الحريات الفردية التي تكفلها القوانين املدنية ظهورهما وبشكل موسع على حساب‬

‫‪106‬‬
‫العزوبية في الجزائر‪ :‬األسباب والنتائج‬

‫األسرة املبنية خاصة على الزواج‪ .‬وما من شك أن هذا يؤثر على بنيتها ووظائفها ويمارس ضغطا على الضبط االجتماعي الذي تتصف‬
‫به والذي يسمح بإرساء قواعد محددة (الطاعة‪ ،‬التكافل والتضامن‪ ،‬الحماية واألمن‪ ،‬اإلشباع النفس ي واالجتماعي‪ ،‬التنشئة‪،‬‬
‫العالقات املتبادلة‪ )...‬تضمن استمرار املجتمع واستقراره في حدود الكل ال الجزء‪.‬‬
‫إن وصول نسبة كبيرة من األفراد إلى سن معينة دون زواج مصحوبة باالستقالل املادي واالجتماعي‪ ،‬تؤدي إلى تغيير‬
‫املواقف واملعايير التي تبنى عليها العالقات االجتماعية‪ ،‬وتؤدي إلى ظهور أساليب وتطلعات جديدة تصل إلى حد رفض التقاليد وتبني‬
‫أفكار وقيم جديدة تتعلق بالزواج واألسرة واألدوار داخلها وكذا اإلنجاب‪ .‬كما أن تراكم عدد من العزاب في سن متقدمة في نفس‬
‫األسرة قد يتولد عنه ظهور صراعات حادة داخل هذه األسرة نتيجة األفكار السابقة وتلك الضغوطات الناتجة عن عدم الزواج‪،‬‬
‫والتي تؤدي إلى تفككها والذي يؤدي بدوره إلى ظهور أنماط جديدة من األسر أحادية الوالد أو مكونة من اإلخوة أو أحدهم‪ .‬فقد‬
‫أشار مسح‪ ،2019‬إلى أن ‪ % 15.7‬من االسر املكونة من فرد واحد من جنس انثى هي لعازبات حوالي نصفهن من املستويات التعليمية‬
‫العالية‪.‬‬
‫كما أن بقاء الفرد ملدة طويلة أعزبا يجعله اقل تقبال لطرف أخر يفرض عليه التزامات ومسؤوليات محددة تجعله أكثر‬
‫ارتباطا وتقيدا‪ ،‬ويكون األمر أكثر تعقيدا إذا كان هذا الفرد امرأة‪ .‬ويرى أن الحياة األسرية ستجبره على تغيير نمط حياته املتصف‬
‫بالحرية واالستقاللية إلى نمط أكثر ارتباطا باآلخرين (الزوجة‪ ،‬األبناء‪ )...‬والذي يفرض عليه أعباء وواجبات تجعل حياة العزوبة أكثر‬
‫راحة من الحياة الزواجية‪ .‬ورغم أننا لم نصل في بالدنا إلى الحد الذي يجعل هذا األمر منتشرا (في انتظار دراسات اجتماعية‬
‫وديموغرافية من هذا النوع) إال أن إمكانية حدوثه غير مستبعدة‪ ،‬ذلك أن وسائل االتصال واإلعالم الحديثة والتنقل تساهم بدور‬
‫كبير في انتشار ثقافة الفردية‪ ،‬والتشجيع على تحقيق الطموحات والرغبات الشخصية‪ ،‬والتعريف بالحقوق والحريات‪ .‬كما أن‬
‫التقنيات الحديثة تحمل ثقافات ضمنية تؤثر على األفكار والتصرفات بشكل غير مرئي وغير مباشر نظرا لقدرتها على تجاوز الحدود‬
‫الجغرافية وحدود الضوابط واملراقبة مما يوسع رقعة االهتمام بالتوجهات الفردية وبالذات وإعطاء األولوية لها على حساب بناء‬
‫أسرة وتوسيعها عن طريق الزواج واإلنجاب‪.‬‬
‫إن من االنعكاسات السلبية للعزوبية على النسق االجتماعي هو تراجع عدد األسر املبنية على الزواج‪ ،‬وألن األسرة هي 'الخلية‬
‫البنائية للتركيب االجتماعي '(القصير‪ ،1999،‬ص‪ )6.‬فإن هذا التراجع سيخل بهذا التركيب نتيجة ظهور أنواع جديدة من الزواج‬
‫والعالقات (املسيار‪ ،‬الفرند‪ ،‬املساكنة‪ )،‬تختلف شكال ومضمونا عن الزواج املتعارف عليه وهو ما يهدد املفهوم الطبيعي واالجتماعي‬
‫للعالقات والحقوق والواجبات‪.‬‬
‫كما أثبتت الدراسات الديموغرافية‪ ،‬منذ نهاية السبعينيات‪ ،‬أن لتراجع الزواج دور كبير في تراجع الخصوبة التي تلعب دورا كبيرا‬
‫في الحفاظ على معدل إحالل األجيال وعلى حجم األسرة‪ .‬إذ وصلت نسبة تدخل الزواجية في انخفاض الخصوبة العامة إلى أكثر‬
‫من ‪ %50‬في بعض فترات الدراسة وبقيت هامة منذ ‪.)Boumghar et Amokrane ,2007(1998‬‬
‫ونشير في األخير إلى أن تغير األفكار واالتجاهات لم يدع فقط إلى التخلي عن العادات واملوروث الثقافي وحتى الديني لبعض‬
‫السلوكيات املتعلقة بالزواج‪ ،‬ولكنه أيضا دعا في جانب معاكس إلى العودة إلى بعض املظاهر التي كانت و ال تزال تلقى اعتراضا‬
‫شديدا وأهمها على اإلطالق التعدد‪ .‬حيث أشارت إحدى الدراسات إلى أن ‪ %81‬من العازبات ضد منع التعدد وأن ‪ %38‬منهن ال‬
‫يمانعن العيش ضمن زواج متعدد‪ .‬وقد يدل هذا على الظروف النفسية واالجتماعية التي تواجهها العازبات مما يضطرهن إلى‬
‫املوافقة على التعدد (‪.)CIDDEF,2009‬‬

‫‪107‬‬
‫خضرة راشدي‬

‫‪-7‬خاتمة‬
‫تشير اإلحصائيات ومختلف الدراسات الديموغرافية إلى ارتفاع متواصل للعزوبية خاصة عند اإلناث وفي كل األعمار لعدة‬
‫أسباب أهمها انتشار التعليم وطول مدته‪ ،‬وكذا تغير سلوكيات واهتمام الشباب بالزواج وتبعاته تحت مجموعة من املؤثرات أهمها‬
‫وسائل اإلعالم واالتصال والتقنيات الحديثة‪ .‬وبارتفاع سن الزواج وعدد العازبات ظهرت العنوسة كظاهرة اجتماعية تهدد استقرار‬
‫األسر واملجتمع نظرا النعكاساتها االجتماعية والنفسية على الفتيات‪ .‬ورغم أن األرقام املتوفرة والرسمية تؤكد عدم صحة تلك التي‬
‫تتداولها بعض الدراسات واإلعالم‪ ،‬إال أن هذا ال يخفي أهميتها وال يمنع من التخوف منها مستقبال وهو ما يدعو إلى ضرورة البحث‬
‫عن حلول قبل تفاقمها‬
‫إن أكبر خاسر من تصاعد هذه املشكلة هو األسرة حيث سيتسبب عدم الزواج في تراجع األسر املبنية على الزواج من‬
‫جهة‪ ،‬وزيادة املشاكل والصراعات داخل األسر التي يتراكم فيها عدد العزاب من جهة أخرى‪ .‬وهو ما قد يؤدي مستقبال إلى ظهور‬
‫اختالل في التوازن العمري والجنس ي للسكان‪ ،‬وبالتالي تغيرات في التركيب والوظائف االجتماعية وأهمها وظيفة اإلنجاب بما يكفي‬
‫للمحافظة على تجدد األجيال‪.‬‬
‫والن للعزوبة اثار سلبية على الفرد واملجتمع‪ ،‬فإن من جملة ما يمكن اقتراحه هو‪:‬‬
‫‪ -‬تشجيع الشباب على الزواج عن طريق الزواج الجماعي وصناديق الزواج‬
‫توعية العائالت بضرورة التخلي عن العادات واملغاالة في املهور والشروط املعيقة للزواج‬ ‫‪-‬‬
‫خلق فرص العمل واملساعدات على تمكين الشباب من تحقيق مشاريعهم لدعم مواردهم املالية لتوفير السكن ولتسهيل‬ ‫‪-‬‬
‫زواجهم وتكوين اسر‪.‬‬
‫اقامة دورات للدعم النفس ي واالجتماعي‪ ،‬خاصة للفتيات غير املتزوجات لتجاوز النظرة السلبية للمجتمع‪ ،‬والتخلي عن‬ ‫‪-‬‬
‫األفكار السلبية والسلوكيات تجاه الزواج واختيار الشريك والتي تمنعهم من الزواج‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫ األسباب والنتائج‬:‫العزوبية في الجزائر‬

:‫ قائمة املصادرواملراجع‬-
.‫ مكتبة بيروت‬.‫ لبنان‬.‫ معجم مصطلحات العلوم االجتماعية‬.)1978( .‫ أحمد زكي‬،‫بدوي‬ .1
،‫ انسانيات‬.‫ املجتمع املحلي بالجزائر انموذجا‬.‫ العزوبة النسوية في الخطاب املجتمعي املتداول بالجزائر‬.)2016( .‫ فريال‬،‫عباس‬ .2
.40-9 .71‫العدد‬
.‫ دار الحديث‬.‫ القاهرة‬.‫ القاموس املحيط‬.)2008( .‫ مجد الدين محمد بن يعقوب‬،‫الفيروزابادي‬ .3
.‫ لبنان‬.‫ دراسة ميدانية في علم االجتماع الحضري واألسري‬،‫ األسرة املتغيرة في مجتمع املدنية العربية‬.)1999( .‫ عبد القادر‬،‫القصير‬ .4
.‫دار النهضة العربية‬
‫ املجلس‬.‫ قطر‬.‫ دراسة استطالعية على عينة من الشباب القطري‬،‫ اتجاهات الشباب نحو قضايا الزواج‬.)2010( .‫ علي الغانم‬،‫كلثم‬ .5
.‫األعلى لشؤون األسرة‬
.‫ دار جامعة محمد بن خليفة للنشر‬.‫ قطر‬.)1‫ حالة الزواج في الوطن العربي(ط‬.)2019( .‫معهد الدوحة الدولي لألسرة‬ .6
.‫ دراسة ميدانية تحليلية في مدينة عمان‬:‫ العزوبية من منظور جندري‬.)2020( .‫ عبير‬،‫ ودبابنة‬،‫ أمل‬،‫ والعواودة‬،‫ منال‬،‫الغزاوي‬ .7
.1224-1198.)7(34‫ املجلد‬،)‫مجلة جامعة النجاح لألبحاث (العلوم اإلنسانية‬
.‫ العرب‬.‫ تفاقم العنوسة في الجزائر يطلق أجراس االحتماء بالدولة من ظلم املجتمع‬.)2020/10/04( .‫ صابر‬،‫بليدي‬ .8
https://alarab.co.uk
9. Ajbilou. Aziz (1997). Crise et monté du célibat en Afrique du Nord. Tabutin, Dominique et
autres, Théories, paradigmes et courants explicatifs en démographie (639-660). Chaire
Quételet, L’Harmattan,
10. Boumghar, Amel et Amokrane, Faouzi. (2007). Nuptialité et Fécondité en Algérie. ONS, LEA
et MSPRH, Enquête algérienne sur la santé de la famille 2002(35-95). Etude approfondies.
11. Brahimi, Rabeh. (1994). Monté du célibat et fécondité en Algérie. AMEP, démographie :
problèmes de la jeunesse et de l’enfance maghrébine, 8éme colloque de l’AMEP, 13-15 oct.
1991(511-534). Alger.
12. CIDDEF. (2009). Connaissances des droits des femmes et des enfants en Algérie. Alger.
13. Mahfoud, Dora. (1990). La famille tunisienne aujourd’hui : quelles formes de conjugalité ?
CERES, L’avenir de la famille au moyen orient et en Afrique du Nord, série psychologique,
n° 7, Tunis.
14. Ouddah –Bedidi. Zahia. (2005). Avoir 30 et être encore célibataire : une catégorie émergente
en Algérie. Autre part .2005/2n°34. 29-49.
15. ONS. (2010). Annuaire statistique de l’Algérie n°26. Résultats :2006-2008.
16. ONS. (2019a). Démographie algérienne. N°890/Bis.
17. ONS. (2019b). Activité, emploi et chômage en Mai2019.N° 879.
18. ONS et MSPRH (2020) : Enquête nationale à indicateurs multiples (MICS2019). Rapport
principal
19. Tapinos, George. (1985). Eléments de démographie, déterminants socioéconomiques et
histoires de population. Paris. Armant Colin. Collections u.

109

You might also like