Professional Documents
Culture Documents
دراسة تحليلية لواقع تأخر سن الزواج في الوطن العربي -الجزائر أنموذجا
دراسة تحليلية لواقع تأخر سن الزواج في الوطن العربي -الجزائر أنموذجا
Résumé:
Le mariage est considéré comme l’unité de base de la vie sociale parce qu’il fait le maintien,
l’équilibre et la stabilité de la société. Il organise les relations sexuelles et renforce les liens
sociaux .En dépit de son importance et ses avantages, les sociétés arabes souffrent en ces
dernières années d’une hausse augmentation au niveau des taux de personnes non mariées
(l’âge tardif du mariage) et ce pour les deux sexes.
Selon des statistiques officielles, on remarque que le nombre de filles non mariées en
Tunisie entre la tranche d’âge ( 20 à 40 ans) dépasse 79.9%, en Egypte atteint les neufs
millions et en Algérie est au quatre millions.
2- Exposer quelques études qui ont traités cette problématique dans le monde arabe,
253
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
3- Analyser le phénomène en Algérie en s’appuyant sur les statistiques fournies par des
sources officielles,
-1م ـقــدمــة:
يعد موضوع األسرة من حيث البحث في نشأتها وتكوينها ومشكالتها من بين أهم
املواضيع التي استحوذت على حصة األسد في الدراسات النفسية واالجتماعية والتربوية.ولبناء
األسرة البد من الزواج ،حيث يمثل نظام الزواج تلك العالقة املشروعة القائمة بين الرجل
واملرأة في إطار قيم ومعايير يضبطها املجتمع.
فلوال وجود نظام الزواج الذي نظم الفطرة اإلنسانية املشتركة لتساوى اإلنسان مع غيره
من الكائنات األخرى في سبيل تلبية هذه الفطرة عن طريق الفوض ى والشيوع ،وحينها ال يكون
وسخر له عوالم كونه وهيأاإلنسان ذلك املخلوق الذي سواه هللا ومنحه العقل والتفكير ّ
له مبادئ الروابط السامية التي يرتفع بها من حضيض الحيوانية وتدعوه إلى التعاون مع
بني نوعه في عمارة الكون وتدبير املصالح وتبادل املنافع.
وعلى هذا األساس ،يعد الزواج من أهم النظم االجتماعية ومن أخطرها شأنا في حياة اإلنسان
واملجتمع؛ فهو يتعدى كونه نظاما تعاقديا بين الجنسين يؤطره املجتمع معياريا ليسمح
من خالله باإلشباع الجنس ي بطريقة مشروعة ومقبولة اجتماعيا ،وهو األمر الذي يوفر
جوا مقبوال من التضامن والدفء العاطفي والنفس ي بين أعضاء هذه الوحدة البنائية.
أوضح مصطفى الخشاب ( )1985أن هذا النظام ُي ّعبر عن نسق من املعايير والسلوكيات وقد ّ
ُ
الضبطية والتي بدورها ت ّعبر عن موروثات املجتمع الثقافية ،والتي من أهم عناصرها غريزة
ّ
تتجسد في الزواج كآلية بنائية تعاقدية وظيفية. االستمرار والديمومة التي
ويشير موس ى أبو حوسة ( )2001إلى أن الزواج هو أهم العقود شأنا وأعظمها أثرا
يثبت النسب والتوارث وتنشأ روابط املصاهرةعلى اإلطالق في حياة اإلنسان ،فبالزواج ّ
254
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
بين األسر ويخلق التواد بين املرء وزوجه ،إذ قال هللا عز وجل" :وهللا جعل لكم من أنفسكم
أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات"( سورة النحل ،اآلية .)27
ومن هنا جاءت حكمة مشروعية الزواج ألن للشارع الحكيم في شريعة الزواج حكما سامية
وإغراضا نبيلة من أهمها:
-الزواج هو املقوم األول لألسرة ،واألسرة هي اللبنة األولى في بناء املجتمع فإذا صلحت
صلح املجتمع وإذا فسدت فسد املجتمع.
-باإلضافة إلى حفظ النوع اإلنساني من أن تفتك بها األمراض وأن تختلط
األنساب.من أجل ذلك كله حث اإلسالم على الزواج ودعا إليه في كثير من نصوصه.
غير أن الزواج كظاهرة اجتماعية تعرض لسيرورات التغير االجتماعي والثقافي واالقتصادي
والحضاري وذلك بإفراز ظاهرة جديدة تجلت بظاهرة تأخر سن الزواج أو العزوبة لدى
الشباب ،حيث أوضح وافي ( ،1999ص )19بشأنها "أنها تكون على ضربين :عزوبة يوجبها
ويفرضها نظام اجتماعي وديني ،وعزوبة ال عالقة لها بنظام اجتماعي؛ إنما نتيجة للتغيرات
والتطورات الحديثة التي اعترت وأصابت البناء االجتماعي".
ومن هذا املنطلق ،نتساءل عن جملة املسببات التي عملت على إفراز مثل هذه الظاهرة
في املجتمعات العربية وتحديدا في املجتمع الجزائري؟ وعن الكيفيات التي نقي بها الشرائح
الشبانية من اآلثار السلبية لهذه املشكلة؟.
-كونها دراسة تبحث في مسببات هذه الظاهرة والعمل على تحليلها وتشخيصها في البلدان
العربية بناء على مرجعية علمية.
255
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
-التعرض إلى إبراز املساحة الواسعة التي احتلها ظاهرة تأخر سن الزواج في الوطن
العربي باالعتماد على إحصائيات رسمية مستمدة من مختلف الهيئات الحكومية
والدولية.
-السعي إلى تقديم بعض التوصيات التي قد تساعد في معالجة الظاهرة والوقاية منها ومن
مختلف آثارها سواء على الفرد أو األسرة واملجتمع.
.1.2مفهوم الزواج:
يعد الزواج نظام اجتماعي الذي ارتضاه املجتمع اإلنساني منذ القديم لتقوم عليه
عالقة الرجل باملرأة منظما لحدود هذه العالقة ومداها وأثرها بااللتزامات الـمتبادلة والحقوق
ّ
املزدوجة لكل واحد منهما.حيث عرفه ميشل دنكن(،1981ص )138بأنه"مؤسسة
اجتماعية مهمة لها نصوصها وأحكامها وقوانينها التي تختلف من حضارة إلى أخرى ،فهو
العالقة الجنسية التي تقع بين شخصين مختلفين في الجنس يشرعها ويبرر وجودها املجتمع.".
وفي قانون األسرة الجزائري ( )1984في املادة األولى منه تنص على أن":الزواج هو عقد يتم بين
رجل وامرأة على الوجه الشرعي من أهدافه تكوين أسرة أساسها املودة والرحمة والتعاون
وإحصان الزوجين واملحافظة على األنساب".
256
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
عرف قاموس املحيط (بدون سنة ،ص )141العزوبة "أنها من وجهة نظر القانونيةّ ،
الحالة الخاصة بغير الـمتزوجين ،وعندما تطول هذه الحالة عند األنثى وتكبر في السن
تستخدم في املجتمع العربي كلمة "العنوسة" بمعنى عزوبية اإلناث اللواتي تخطين سن
الزواج العادي".
وحدد قانون األسرة الجزائري ( )1984في املادة السابعة السن التي تؤهل الفرد لتحمل أعباء
الزواج والتي تنص على "أن تكتمل أهلية الرجل في الزواج بإتمام 21سنة واملرأة بإتمام
18سنة وللقاض ي أن يرخص بالزواج قبل ذلك ملصلحة أو ضرورة.
وتنقسم العنوسة إلى عنوسة قسرية وعنوسة اختيارية حيث يقصد بالعنوسة القسرية
حالة عدم الزواج بسبب ضغوط قاهرة تمنع الفتاة من الزواج رغم رغبتها فيه بينما العنوسة
االختيارية فتظهر في الرغبة الذاتية للمرأة في عدم الزواج دون خضوعها لضغوط قاهرة
وتتغذى هذه الوضعية من العديد من العوامل (الطموح العلمي ،الحرية الفردية ،الشخصية
النرجسية).
ويعني املفهوم في مضمونه تجاوز السن املحددة واملالئمة للزواج التي يفرضها املجتمع.
-3السياق التحليلي:
شهدت املجتمعات العربية في اآلونة األخيرة تزايدا ملحوظا في نسبة العنوسة والتي
لم تكن موجودة في السابق بمثل هذا الشكل املرعب خاصة وأن الـمجتمعات العربية
تفضل الزواج املبكر.
وقد أوضحت كل من هدى رشاد وماجد عثمان( )2005أنه كثيرا ما ركز االنتباه إلى توقيت
الزواج في العالم العربي بصفة عامة على اإلناث ألن تأخر زواجهن يترتب عليه انخفاض
معدالت الخصوبة لكن في اآلونة األخيرة أثيرت مخاوف تتعلق باآلثار االجتماعية الناجمة
بسبب ارتفاع تكاليف الزواج وما يترتب عن ذلك من تأخر الزواج عند الشباب من الذكور،
وأضاف سينجرمان( )2007أن ذلك أذى إلى اجبار الشاب املقبل على الزواج وأسرته على
257
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
تحمل حوالي %70من إجمالي تكاليف الزواج وساهم ارتفاع التكاليف مقارنة بدخول الشباب
في تأخر زواجهم.
ومن أجل إلقاء الضوء بصورة موضوعية على هذه الظاهرة ،سنعمل على رصدها من
جذورها ونحددها في إطارها األكاديمي العلمي .وعلى هذا األساس ،يعد االطالع على الدراسات
السابقة مرجعية معرفية وإطارا ال غنى عنه ،حيث يساعدنا على معرفة واقع الظاهرة
واإلحاطة بتفاصيلها خاصة وأننا سندعم ذلك بالكثير من املعطيات اإلحصائية في مختلف
دول الوطن العربي.
عملنا على مستوى عرضنا لبعض الدراسات السابقة على تبويبها وفق صدورها الكرونولوجي
وأن نقدمها في شكل فسيفسائي ُيظهر مدى تواجد ظاهرة تأخر سن الزواج في البلدان
العربية (سوريا ،مصر ،تونس ،اإلمارات ،الجزائر )...آخذين بعين االعتبار أهم نتائج تلك
الدراسات.
-دراسة عبد الرب نواب الدين آل نواب( )1987من الجامعة السعودية "تأخرسن
الزواج أسبابه وطرق عالجه على ضوء القرآن الكريم والسنة املطهرة".
تكونت عينة البحث من 200طالب وطالبة وخلصت إلى وجود مجموعة متفاعلة من
األسباب في تفجير الظاهرة :أسباب اجتماعية (عدم الرغبة في االقتران بالقريب ،قلة
الشباب امللتزم)...أسباب ثقافية(طول مدة التعليم ،حب املفاخرة ،)...أسباب نفسية
(الخوف من املستقبل،الهروب من تحمل املسؤولية )..وأسباب اقتصادية (غالء املهور ،غالء
املعيشة ،البطالة.)...وخلصت الدراسة إلى تعزيز وترسيخ املعايير الشرعية الختيار الزوج
والتعاون االجتماعي واألسري وتعدد الزوجات وتخفيف املهور.
أوضح عبد املنعم عبد هللا ( )2005أن الدراسات التي أقيمت في السعودية ومن جهتهّ ،
تشير إلى أن أهم األسباب التي تؤدي إلى تأخر سن الزواج يمكن جمعها في العناصر التالية:
-إقبال املرأة على التعليم حيث تشكل نسبة النساء في مراحل التعليم املختلفة واللواتي
تجاوزن سن العشرين بدون زواج حوالي % 70من السعوديات،
258
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
-انشغال املرأة بالوظيفة حيث تمثل نسبة النساء املوظفات املتزوجات واللواتي تزيد
أعمارهن عن 28سنة حوالي ،%44
-إصرار األهل على تزويج بناتهم من شباب يماثلونهن من حيث املستوى االجتماعي واالقتصادي.
-دراسة عبد الخالق يوسف الختانة( )1997من الجامعة األردنية "تأخرسن الزواج
عند الشباب الذكور-دراسة ميدانية على عينة من األسباب في مدينة الحص في األردن".
شملت عينة البحث 324شخصا تجاوزت أعمارهم السابعة والعشرين عاما ولم يتزوجوا.
وخلصت إلى أن % 71.90من أفراد العينة يقعون في الفئة العمرية ( )30-27وأن % 70
من العينة ترى أن تكاليف الحياة سبب في تأخر الزواج.كما ترى نسبة %35أن ارتفاع املستوى
التعليمي لدى الفتاة سبب في تأخر سن الزواج.
-دراسة منصور الرفاعي عبيد( )2000من جامعة مصر "العنوسة رؤية إسالمية
اجتماعية لحل مشكلة الفتاة العانس".
تناولت هذه الدراسة األسباب املؤدية النتشار العنوسة في املجتمع املصري والتي تسببت
في انتشار الخرافات واتجاه الناس نحو العرافين بحثا عن الحل.وترجع الدراسة أسباب
املشكلة إلى عزوف الشباب عن الزواج وتفضيله للحياة العزوبية.إضافة إلى غالء املهور
وعدم قدرة الشاب على الحصول على شقة وتدني األجور واملرتبات وانتشار البطالة وتفضيل
الزواج من األجنبيات للحصول على تأشيرة اإلقامة وسهولة الزواج من حيث التكاليف.
-دراسة ناقوال جهاد دياب( )2003من جامعة سوريا "العوامل املؤثرة في تأخرسن الزواج
عند الشباب و انعكاساته".
259
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
ربطت الباحثة الظاهرة بارتفاع تكاليف الزواج وقلة فرص العمل وتدخل األهل ،إضافة
إلى ارتفاع سنوات التعليم.كما أكدت إلى أن للعوامل املادية تأثير كبير ال يستهان به في توليد
املشكلة.
تعالج هذه الدراسة النظرية الظاهرة في الوطن العربي.وخلص الباحث إلى أن املجتمع
الجزائري عرف تحوالت عميقة مست مختلف جوانبه وأفرزت العديد من األشكال والتناقضات
على جميع األصعدة ،وأهمها تلك التي طرأت على نظام الزواج ،حيث شهد هذا األخير
تغيرا ملحوظا من حيث السن وأسلوب االختيار واملراسيم واملسكن وغيرها.وتغيرت نظرة
الجزائري إلى الزواج من حيث معناه وداللته في خضم التحوالت التي شهدتها األسرة واملرأة في
حد ذاتها.وهو األمر الذي أدى إلى تفاقم نسبة العنوسة في املجتمع.
-دراسة جالل السناد( )2007من جامعة سوريا "تأخرسن الزواج لدى السباب
الجامعي"
أعطى أفراد العينة (400طالب وطالبة) األهمية الكبرى ملشكلة السكن وغالء اإليجار،
يلي ذلك إيمانهم بان الزواج قسمة ونصيب ،وارتفاع تكاليف املعيشة والحياة وفقدان
الوالدين أو أحدهما ومسؤولية الفتى أو الفتاة عن تربية األخوة ،وعدم رغبة الزوجة بالسكن
مع أهل الزوج وغالء املهور ومواصلة التحصيل العلمي.
-دراسة أماني مسعودة ( )2007من جامعة سوريا "العنوسة أسبابها وتأثيراتها على شخصية
املرأة"
من بين أهم نتائج هذه الدراسة أنها خلصت إلى أن عدم تناسب متطلبات الحياة املادية
مع دخل الفرد خاصة فيما يتعلق بتكاليف الزواج والسكن يعد من األسباب الرئيسية
النتشار العنوسة؛ بل أن لألسرة دور في العنوسة من حيث أنها تسمح باالختيار الشخص
للفتاة إال أنها تفرض مهر غالي على الشاب املتقدم.إضافة إلى ذلك ما تفرزه العنوسة من
آثار سيكولوجية سلبية على العانس.
260
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
توصلت الدراسة إلى أن % 81.82من مجموع املبحوثات يعتبرن أن غالء املعيشة له
دخل في العنوسة ،ونسبة % 86.78ترى أن حفالت الزواج مبالغ فيها ،كما احتلت البطالة
وأزمة السكن املراتب األولى من حيث أنها اعتبرت من بين معوقات للزواج وذلك بنسب %71.07
و % 61.65على التوالي.
نالحظ أنه رغم بعض خصوصية الـمجتمعات إال أنها تعاني من هذه الظاهرة بنفس
املستوى وحتى وان اتفقنا مبدئيا على أهمية الجانب املادي في إقامة وإقرار الزواج ،فإننا
نعيد ونذكر أن بعض املجتمعات التي تعرف تحسنا ملحوظا في الدخل مقارنة بدول عربية
أقل دخال فإنها بدورها تعاني مشكلة تأخر سن الزواج؛ وهو األمر الذي يدفعنا إلى التفكير
في متغيرات أخرى ضمن تفسيرنا للظاهرة وااللتفات لعوامل أخرى نفسية واجتماعية،
ألن العالم العربي لم يعرف منذ فترات خلت ارتفاعا ورفاها وبذخا ومع هذا لم يعرف العنوسة
بهذا الشكل الرهيب ،ومعنى ذلك أن العوامل االجتماعية أصبحت تأخذ النصيب األكبر
في تفسير هذا العزوف عن الزواج خاصة وأن الدول العربية مرت بتقلبات متالحقة مست
ّ
عمليات التكيف الصحيح والذي ال محالة قد اثر على تصورات ورؤى الشباب للزواج أيضا.
فمع نهاية االستعمار -كل الدول العربية أخذت استقاللها في فترات متفاوتة -ومرورا باإلصالحات
التي تلتها ،ثم وصوال إلى العوملة ودخول السوق العاملية لم يفلح العالم العربي في تشرب
وإدماج هاته التغيرات.حيث أصبح الفرد يولي أهمية للماديات على أساس املنفعة واملصلحة؛
يعبر عن ضعف تكيف املواطن العربي عموما مع هذه التغيرات ولالنفتاح وهو األمر الذي ّ
الذي من املفروض جاء ُلي ّسهل حياة الناس ال أن يزيدها سوءا ،وهو األمر الذي انعكس
على مشروع الزواج الذي لم يعد من أولويات اهتمامات الشباب ألنه ضعف معناه كمنظم
للتناسل وحافظ لالستقرار وموحد للعالقات ،وأصبح عدم الفهم الذي يشوب الحياة
قنع وأغلبيلقي بضالله على االختيا ات الشخصية ألن هذا العزوف أغلبه اختاري ُم ّ
ر
التفسيرات هي حجج لعدم االلتزام كما ظهر ذلك جليا في معظم الدراسات وهذا ما انطوى
على حلول أخرى ترقيعية لسد العجز الظاهر في مواجهة تأثيرا التغير حتى أن أحالم الشباب
-بسبب قسوة املعيشة -تمركزت في الهجرة والبحث عن سبل أفضل لتحسين الـمعيشة
وغالبا ما يلجئون قصد تحقيق ذلك لوسائل غير مشروعة.
261
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
تعتبر اإلحصائيات ضرورة أساسية لرصد واقع الظواهر االجتماعية ،فهي تعكس
مدى تواتر الظاهرة التي نحن بصدد دراستها (سن تأخر الزواج).وعلى األساس ،سنعمل على
تقديم بعض األرقام حسب املسوح املتوفرة في الوطن العربي من املصادر الرسمية والهيئات
الدولية.
وفي هذا السياق ،أشار حسن صديق( )2000إلى أن عدد الذين لم يتزوجوا في مصر وصل
9ماليين وكذلك في السعودية ،ووصلت النسبة إلى % 85في العراق بسبب الحروب ،وبلغت
في لبنان لدى الذكور الذين لم يتزوجوا إلى ،% 65.1وفي سوريا وصلت إلى %50ووصل
عدد اإلناث اللواتي لم يتزوجن في الجزائر إلى 4ماليين فتاة.
تونس:
ّ
حسب إحصائيات مسح السكان في تونس عام ،2000ذكر عبد الرب آل نواب ()1987
أنه بلغت نسبة اإلناث غير املتزوجات واللواتي أعمارهن من 20إلى 40سنة %79. 9من
مجموع هذه الفئة العمرية في حين انتقلت نسبة اإلناث العازبات في الفئة العمرية 25
و 29سنة من % 24 .6سنة 1984إلى %37. 7سنة 1994لتصل الى % 43 .75سنة 2000
أي أنه خالل ستة سنوات ارتفعت العنوسة بنسبة %10كما تأخر سن الزواج عند الشباب
إلى حدود 32سنة وعند اإلناث إلى 29سنة.
وأشار عبد املنعم عبد هللا ( )2005إلى وجود دراسة أنجزها الديوان الوطني لألسرة والعمران
ُ
التونس ي تظهر أن نسبة العزاب في تونس في ارتفاع مستمر بين الذكور واإلناث حيث ارتفعت
هذه النسبة من % 44 . 5سنة 1994الى % 48. 5سنة 2001عند الذكور وارتفعت هذه
النسبة عند اإلناث من %35إلى قرابة % 40خالل نفس الفترة.
وفي مجلة القدس العربي ( )2005كشفت آخر اإلحصائيات الرسمية التي وردت للتعداد العام
للسكان في أواخر سنة 2004بأن العنوسة في تونس بلغت 30لترتفع عدد العازبات إلى
262
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
أكثر من مليون و 300ألف امرأة من مجموع 4ماليين و 900ألف أنثى مقارنة مع نحو 990ألف
عازبة عام .1994
مصر:
مع زيادة عدد السكان في مصر وزيادة املشاكل االقتصادية والبطالة تزايدت أيضا
العنوسة بين الفتيات والشباب ،حيث يشير إحصاء السكان لعام 2000إلى أن عدد العزاب
قد تجاوز تسعة ماليين شابا.
وأكد عبد املنعم عبد هللا ( )2005أن تقرير تابع إلحصاء الجهاز املركزي للتعبئة العامة
ّ
واإلحصاء أقر بوجود في مصر 8.6مليون فتاة ما بين 18و 35سنة غير متزوجة من بين
هذه النسبة هناك 3.5مليون فتاة في املرحلة العمرية من 25إلى 30سنة ،وتجاوز عدد
الفتيات غير املتزوجات في املرحلة العمرية من 30إلى 35سنة 2.5مليون فتاة ،وكان نصيب
العاصمة (القاهرة) من هذه النسبة حوالي % 88من العدد اإلجمالي للفتيات غير املتزوجات.
كما كشفت دراسة رسمية أعدها الجهاز املصري للتعبئة العامة واإلحصاء ارتفاع نسبة
غير املتزوجين بين الشباب املصري إلى % 37وأن عدد الذين تجاوزوا سن الخامسة والثالثين
وصل إلى أكثر من 9ماليين من تعداد السكان البالغ 64مليون نسمة ،بينهم 3ماليين و 773فتاة
وقرابة 6ماليين شاب غير متزوج (*).
وملزيد من التوضيح ،فقد ارتفع متوسط سن زواج الشباب في مصر خالل النصف األخير
من القرن املاض ي من حوالي 24سنة إلى 29سنة واإلناث من 18سنة إلى 23سنة.وأثار
هذا االرتفاع قلق املجتمع املصري الذي ينظر إلى الزواج على أنه املؤشر الرئيس ي الذي يدل
على وصول الشاب إلى سن الرشد.ويرفض بشدة العالقات الجنسية خارج نطاق الزواج.
وأوضح سينجرمان ( )2007في هذا السياق أن البحوث أكدت أن تكاليف الزواج هي إحدى
املعوقات الرئيسية للزواج في مصر خصوصا تكاليف الحصول على سكن التي تكلف حوالي
ثلث إجمالي تكاليف الزواج.
السعودية:
263
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
كشفت أرقام رسمية عن وزارة التخطيط -حسب ما ذكره عبد املنعم عبد هللا (-)2005
أن املجتمع السعودي بدأت تتفش ى فيه بشكل كبير ظاهرة تأخر سن الزواج إضافة إلى
تزايد حاالت الطالق ،وأرجعت هذه التقارير ذلك إلى ارتفاع تكاليف الزواج واملهور فضال
عن تراجع فرص العمل وتزايد البطالة.
ومن جهتها ،أشارت صبيح إنصاف ( )2003إلى أن اإلحصائيات الرسمية التي أصدرت
أظهرت أن ثلث عدد الفتيات السعوديات بلغن سن الزواج وأن عدد من تجاوزن سنة ّ 1999
سن الزواج (30سنة) قد بلغ حوالي مليون و 529ألفا و 418فتاة ،واحتلت منطقة مكة املكرمة
أعلى نسبة في عدد العوانس بوجود 396248فتاة ثم منطقة الرياض بـ 32427فتاة.
وفي املنطقة الشرقية 228093فتاة ضم منطقة عسير بـ 130812فتاة ،تليها املدينة املنورة
بـ 95542فتاة.
كما بينت اإلحصائيات أن عدد املتزوجات في السعودية بلغ مليونيين و 638ألف و 574امرأة
من مجموع عدد اإلناث البالغ أربعة ماليين و572ألفا أنثى.كما وجد أن ما بين عشر وخمس
عشر حالة زواج السعوديين من أندونيسيات شهريا وتبلغ أحيانا 25زيجة)**( .
سوريا:
كشفت األرقام املنشورة أن أكثر من %50من الشباب السوري الذين وصلوا إلى سن
الزواج عازفون عنه أو أنهم في حالة عجز بسبب ضعف قدرتهم املادية على توفير
املسكن املالئم للزواج)*( .
وحسب عبد املنعم عبد هللا ( )2005فقد جاء عن أرقام املجموعة اإلحصائية السورية
لسنة 1995أن % 82.4من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن 20و 40سنة لم يتزوجن
أبدا و% 60من الفتيات اللواتي تتـراوح أعمارهن ما بين 25و 29سنة لم يتـزوجن أبدا
أيضا .بينما بلغت نسبة الالئي تخطين 34سنة دون زواج %37.2ووصلت نسبة اللواتي
تجاوزن 39سنة بدون زواج %21.3وهو ما يعني أن أكثر من نصف النساء غير متزوجات.
ونفس الوضع نجده في مختلف األقطار العربية بخصوص ظاهرة تأخر سن الزواج ،فحسب
إحصائية منشورة "املستقبل" سنة ، 2001أكد عبد املنعم أسابيع ( )2006وجود في املجتمع
العراقي مليون امرأة غير متزوجة يتعدى سنها 35سنة ،وفي األردن أظهرت جريدة "العفاف
264
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
الخيرية" ارتفاع نسبة العنوسة بين اإلناث وصلت إلى نحو 1661120فتاة غير متزوجة يزيد
أعمارهن عن 30سنة.
من خالل كل ما سبق نستنتج أن الظاهرة أخذت فضاءات جد واسعة في األوطان العربية
برغم بعض الفوارق في اإلحصائيات وذلك تبعا للظروف التي تعيشها تلك الـمجتمعات
على املستوى االقتصادي واالجتماعي والثقافي.
ّ
سنعرج إلى إبراز حجم بعد أن قدمنا حجم الظاهرة في مختلف األوطان العربية إحصائيا،
ظاهرة تأخر سن الزواج في الجزائر بنوع من التفصيل والتحليل على اعتبارها أنموذجا نسعى
إلى طرحه في هذا املقام.
الوضع في الجزائر:
تشير أرقام الديوان الوطني لإلحصائيات وكذا الصحف الوطنية إلى وجود أزيد من تسعة
ماليين فتاة عانس بلغت سن الزواج وأن % 93منهن بلغن سن اليأس وتجاوزن 35سنة.
وهو ما يجعل الجزائر في مقدمة الدول العربية التي تعاني من الظاهرة حسب ما أشار إليه
عبد الحكيم أسابيع(.)2005
كما أن العنوسة في الجزائر تختلف من والية إلى أخرى تتصدر والية الجزائر الصدارة ،إذ أحص ى
الديوان الوطني لإلحصائيات أكثر من مليون ونصف في العاصمة وحدها من كال الجنسين.
في حين تشهد الواليات التي ينتشر فيها املذهب االباض ي (غرداية وورقلة والوادي) انخفاضا
في نسبة العنوسة وهو أمر مرتبط بعادات هذه املناطق التي تشجع الزواج املبكر والزواج
الجماعي .ويوضح جدول ( )01سن الزواج حسب مختلف املناطق سنة :1998
265
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
27.60 31.30 املعدل الوطني
يوضح لنا هذا الجدول سن الزواج لدى الذكور واإلناث حسب الـمناطق الـمختلفة،
إذ نجد أن هناك ارتفاع مهم في معدل سن الزواج بالـمدن الداخلية مقارنة بالـمناطق
املبعثرة حيث نجد 31.79سنة مقابل 29.97سنة بالنسبة للذكور ونجد 27.90سنة مقابل
26.86سنة بالنسبة لإلناث خالل سنة .1998وبتالي نجد أن معدل الزواج مرتفع باملدن
مقارنة باألرياف لدى الجنسين.
وهذا التفاوت راجع إلى أن املناطق املبعثرة أي أن الريف ليس به مشكل للسكن وكذا الزواج
أقل تكلفة من الزواج املوجود في املدن.
وفي هذا السياق ،نقدم الجدول ( )02الخاص بتطور معدل الخام للزواج (أي نسبة عدد
الزيجات على العدد الوسيطي للسكان خالل سنة معينة) من 1990إلى ،2005وذلك حسب
ما ورد عن املعطيات اإلحصائية لسنوات 1998و:)Donne Statistique,1998,2003( 2003
266
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
8.50 - 2005
*معدل الزواج يحسب :عدد الزيجات في سنة ما ،على عدد السكان في منتصف السنة.
ُ
تظهر القراءة األولية للجدول ( )02أن املعدل الخام للزواج عرف بالفعل تراجعا خالل
التسعينات إذ انتقل من 5.97باأللف سنة 1990إلى 5.38باأللف سنة .1994
ُ
وخالل سنة 1998بلغ معدل الخام للزواج حوالي 5.36باأللف مسجال بذلك تراجعا قدر
بحوالي 0.21نقطة ويمكن إرجاع هذا إلى ارتفاع متوسط العمر عند الزواج لدى النساء
حيث بلغ 27.7سنة خالل عام .1998ثم نجد أن عدد الزيجات ارتفعت في الفترة املمتدة
ما بين 1999إلى غاية 2005زيادة قدرها 3.05نقطة خالل 6سنوات ،وقد يعود ذلك إلى
الحالة األمنية املستمرة وانخفاض في معدل البطالة.
كما يعد متوسط األعمار عند الزواج األول مؤشرا يسمح بمعرفة مدى تقدم أو تأخير سن
الزواج ،وهذا ما سنعمل على تقديمه في الجدول ( )03الذي يوضح تطور سن الزواج األول
حسب الجنس خالل فترة 1948و:2002
267
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
04.00 23.70 27.70 1987
04.40 25.80 30.20 1992
03.70 27.60 31.30 1998
نالحظ على مستوى هذه اإلحصائيات املقدمة في الجدول ( )03أن النمط العام للزواج
عرف تغيرات هامة ،فبعدما كان يتميز بزيجات مبكرة إلى غاية الثمانيات سجلنا فيما بعد
تأخرا معتبرا في متوسط األعمار عند الزواج األول .كما أن سن الزواج كان في حدود 20
25سنة لذكور ذلك في سنة 1954أما اإلناث فقد بلغ سن الزواج لديهن في نفس السنة
19.70سنة لينخفض هذا السن إلى 23.80سنة لدى الذكور و 18.40سنة لدى اإلناث
في 1966ليصل في 1970إلى 24.40سنة لذكور و 19.30سنة لإلناث.
تميزت هذه الفترة( )1970-1954بانخفاض في السن عند الزواج األول لدى الجنسين ،وما يفسر
ذلك هو ارتفاع عدد املواليد.
يظهر تأخر سن الزواج بحوالي 4سنوات خالل عشرية واحدة ( :)1998-1987فبعدما كان
سن الزواج األول لدى النساء في 23.7سنة 1987ارتفع في سنة 1998إلى 27.6سنة .وانتقل
هذا املؤشر بالنسبة للرجال من 27.7إلى 31.3سنة خالل نفس الفترة.ونجد أنه خالل
سنة 2002قد بلغ متوسط العمر عند الزواج لدى اإلناث بحوالي 29.6سنة وعند الرجال
بحوالي 33.0سنة وهو ارتفاع ملحوظ في الوثيرة.
ومن املؤكد أن هذا التأخر في سن الزواج لدى الشباب الجزائري هو تعبير عن جملة من
املشكالت التي يعاني منها (البطالة ،السكن )....والتي أثرت بطريقة سلبية على تفكيره واتجاهاته
نحو الزواج وتكوين أسرة.
268
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
ولتدعيم هذه األفكار ،نعرض جدول ( )04الذي يمثل متوسط عمر العزوبية عند الزواج
حسب الجنس طبقا لتعدادات سنوات 1966و1977و 1987واملسح الجزائري لصحة األم
والطفل لسنة ،1992وذلك حسب ما جاء عن الديوان الوطني لإلحصاء:
نالحظ من الجدول ( )04أن عمر العزوبية عند الزواج قد اظهر تغيرات واضحة منذ
سنة 1966إلى غاية 1992حيث ارتفع بين اإلناث من 18إلى 26سن ،وبين الذكور من 24إلى
30سنة.ويعتبر هذا االرتفاع طبيعيا في ضوء التغيرات الثقافية واالجتماعية التي حدثت في
تلك الفترة الزمنية مثل زيادة نسبة املتعلمات واألزمة االقتصادية ومشكلة البطالة.
وحسب معطيات الحالة املدنية للسكان على املستوى الوطني يتضح أن ظاهرة الزواج في
تغير مستمر ،حيث تتميز بارتفاع نسبة العزوبة وبالتالي انخفاض معدالت الزواج ،إذ في
سنة 1977كان هناك ثالثة عزاب مقابل عازبة واحدة وفي سنة 1989أصبح مقابل كل
عازب عازيتين.
ومن خالل املعطيات الواردة عن وزارة الصحة ( )2003وبعض املسوح ( )ENSPسنة 1971
( )ENAFسنة )EASME( 1986سنة )EASF( 1992سنة ،2002يظهر جليا زيادة نسبة
العزوبة عبر الزمن بالنسبة للذكور واإلناث معا وهو ما ُيظهره الجدول (.)05
الحالة املدنية
األرامل املطلقون املتزوجون العازبون
الجنس الجنس الجنس الجنس املتغيرات
ذكر أنثى فارق ذكر أنثى ذكر أنثى ذكر أنثى
15.9 1.5 3.8 1.2 63.8 63.6 17.2 16.5 33.7 )ENSP(1970
269
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
10.0 1.0 2.5 0.7 57.2 55.2 12.8 30.3 43.1 )ENAF(1986
10.0 0.7 2.0 0.4 46.4 43.7 11.5 43.6 55.2 )RGPH(1987
7.8 0.6 1.9 0.4 42.4 40.0 10.9 48.1 59.0 EASE(1992
)M
5.1 0.4 1.2 0.3 31.8 30.0 7.2 61.8 69.0 )RGPH(1998
7.2 0.8 2.0 0.4 46.2 45.2 8.9 44.7 53.6 )EAST(2002
قراءة الجدول ( )05تبرز مدى ارتفاع نسبة العزوبة لدى النساء من حوالي % 16.5
سنة 1970إلى %61.8سنة 1998أي أنها تضاعفت ثالث مرات بالتقريب ،وانتقلت عند
الرجال من %33.7إلى %69خالل نفس الفترة.
ويترجم ارتفاع العزوبة بانخفاض نسبة األشخاص املتزوجين خاصة لدى الرجال ،فقد
انخفضت النسبة من % 63.6سنة 1970إلى %47.8سنة 1998لتصل إلى نسبة % 45.2
سنة . 2002أما عند النساء فقد انتقلت نسبة النساء املتزوجات من % 63.8إلى %49.6
سنة 1998لتصل إلى %48.1سنة .2002
ومن جهة أخرى ،شهدت الجزائر خالل الفترة املمتدة ما بين 1987إلى غاية 2002ارتفاعا
ملحوظا في نسبة العزاب ،وهو ما نوضحه في الجدول (:)06
إناث ذكور
2002 1998 1992 1987 2002 1998 1992 1987 الجنس
العمر
98.1 97.4 96.4 90.3 99.8 99.9 99.8 99.2 19-15
83.4 76.5 70.4 52.1 98.4 97.2 95.7 98.1 24-20
57.5 45.3 34.8 22.1 85.3 77.7 77.7 49.3 29-25
33.7 22.4 13.2 9.1 53.6 37.9 37.9 16.2 34-30
16.16 11.2 6.45 4.3 18.9 12.7 12.7 5.9 39-35
9.2 5.4 3.1 2.1 4.3 4.4 4.4 2.9 44-40
270
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
3.8 3.1 1.9 1.4 2.3 2.3 2.3 2.4 49-45
- 1.7 1.6 1.3 1.3 1.5 1.5 2.4 54-50
- 1.2 0.6 1.2 0.9 1.1 1.1 1.9 59-55
- 1.0 0.4 1.5 0.3 1.0 1.0 2.2 64-60
- 1.0 0.8 3.0 - 1.0 1.0 65فما فوق 3.9
- 40.5 48.1 43.6 - 51.1 51.1 55.1 مجموع
يتضح أن عدد العزاب في تزايد مستمر عبر كل السنوات املسجلة :ففي الفئة
العمرية ( 29-25سنة) انتقلت نسبة العزاب من % 49.3سنة 1987إلى % 85.3سنة
2002عند الذكور.
كما أنه يمكن أن نرجع ارتفاع نسبة النساء العازبات في فئتي ( )24-20و( )29-25إلى اهتمام
كل من الجنسين برفع مستواهم التعليمي ثم السعي للحصول على عمل مناسب.إضافة
إلى مجموع التحوالت التي تعيشها منظومة القيم في املجتمع الجزائري وكذا تدني الدخل
الشهري وأزمة السكن؛ وهي أمور تمثل عائقا أمام إقبال الشباب على الزواج وهذا من
شأنه أن يتسبب بالضرورة في تأخر سن زواج املرأة وتعنيسها.
ما يمكن بلورته بخوص الوضع في الجزائر ،أن مجموع املشكالت االجتماعية واالقتصادية
والسياسية التي عرفتها الجزائر خالل السنوات األخيرة أثرت تأثير سلبيا على سلوكات األفراد
والجماعات خاصة فيما يتعلق بقضايا الزواج والحياة األسرية .فانتشار البطالة
وانخفاض الرواتب واألجور الذي صاحب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين كانت
بمثابة معوقات أمام رغبة الشباب في االستقرار وبناء أسرة خاصة وأن تكاليف الزواج في
ارتفاع محسوس جدا بما فيه مهر العروس والهدايا املقدمة لها ونفقات العرس وغيرها
من املصاريف التي تثقل كاهل الشاب.
ولتأكيد هذه العالقة ،فان الجدول ( )07يوضح توزيع معدل البطالة تبعا للحالة
املدنية والجنس( )%حسب املعطيات املقدمة من طرف الديوان الوطني
لإلحصائيات(:)2006
271
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
نالحظ ،إذن ،أن الجزائر تشهد ارتفاعا ملحوظا لظاهرة العنوسة ،فحسب اإلحصائيات
فانه توجد 200ألف فتاة عانس سنويا .وفي حاالت غياب الوازع الديني واألخالقي وضعف
الشخصية قد تتجه هؤالء الفتيات إلى ممارسة العالقات غير الشرعية.
ومن خالل دراسة أنجزها ( )CENEAPحول األمهات العازبات والوالدات خارج مؤسسة الزواج
نجد توزيع األمهات العازبات حسب السن وفق ما ُيظهره الجدول (:)08
يبدو من خالل الجدول ( )08أن نسبة األمهات العازبات تبدأ في االرتفاع بداية من الفئة
العمرية ( 25-21سنة) وهو السن املناسب لزواج الفتاة ،ونجد نسبة % 23.60من الوالدات
272
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
غير الشرعية كانت أمهات عازبات ينتمين للفئة العمرية ( 30-26سنة) ،ونجد % 21.31
من الوالدات غير الشرعية كانت ألمهات عازبات تنتمي لفئة (34-30سنة) .وقد تكون قراءة
هذه املعطيات أن بعض الفتيات وخوفا من معاناتها من العنوسة تسعى إلى إقامة عالقات
مع الجنس اآلخر بغرض ركوب قطار الزواج قبل فوات األوان.
-4االستنتاج العام:
أظهرت مختلف الدراسات والتعدادات الرسمية الكثيرة املقدمة على مستوى هذا التحليل
جملة من األسباب التي عملت على توليد الظاهرة في الوطن العربي (بما فيها الجزائر) ،ويمكننا
بلورتها في أسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية ونفسية كلها شكلت عائقا أمام زواج الفتى
والفتاة ،وعدم زواج الفتى وتأخيره لسن زواجه يؤدي ال محالة إلى تعنيس الفتاة.
.1-4األسباب االجتماعية:
تلعب بعض العادات االجتماعية دورا بارزا في تفش ي ظاهرة العنوسة في املجتمعات
العربية ،ومن بين تلك العادات أال تتزوج القبلية من الحضري وال الشريفة من غير األشراف
حفاظا على األنساب ،أو اشتراط زواج األخت الكبرى قبل الصغرى .وهي من األعراف التي
عفا عنها الزمن وتتنافى مع ما جاء به الدين إال إن هذا لم يمنع الشعوب العربية من أن
تتشبث بها رغم ارتفاع نسبت التعليم الظاهري ،حيث يتصرف الفرد العربي وفق ما تربى
عليه وما تشربه من أسرته وليس بناء على ما تعلمه من مدرسته .وبهذا الـمنطلق نحن
نفتح لنا بابا أخرا لذهنية الشعوب العربية التي أصبحت مرتعا لآلفات وللظواهر االجتماعية
بما فيها تأخر سن الزواج بحيث أصبح االهتمام بكيف وأين يتم الزواج على حساب مفهوم
الزواج كرباط مقدس.
وكذلك قد يتولى االبن األكبر تحمل مسؤولية العائلة بأكملها األمر الذي يتطلب منه ماال
ووقتا كبيرين ولهذا يتأخر سن زواجه لسنوات عديدة.كما أن املجتمع يرفض فكرة زواج
الرجل بمن تكبره سنا.وقد يكون من أسباب تعنيس البنت حاجة الوالد لها من أجل خدمته.
وظهر أيضا الزواج من األجنبيات الذي أصبح اتجاها يسود بين شباب العالم العربي ،وقد غذته
273
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
وسائل اإلعالم وما تشهده املجمعات من فساد خلقي وسهولة تصريف الطاقة الجنسية
خارج مؤسسة الزواج ،ولعل غياب الوازع األخالقي ثم الديني الذي فشلت في تغذيته مؤسسات
التنشئة االجتماعية من بين أسباب االنحالل الخلقي الذي أصبح مدعاة للقلق عند جيل
الشباب الذي لم يعد يعطي أهمية لهاته القيود وأصبح رباط الزواج هو رباط مادي مكلف،
فالشاب يجد ضالته الجنسية في متنفس أخر تحظ عليه وسائل اإلعالم الوطنية غير املوجهة
أو العاملية املنافية لضوابطنا وعاداتنا ومستوى انفتاحنا.
.2-4األسباب االقتصادية:
نستخلص أن املشكالت االقتصادية أثرت سلبا على حياتهم االجتماعية وخاصة فيما
يتعلق بمسألة الزواج .ولعل من أبرز ذلك املغاالة في املهور وتكاليف الزواج لدرجة أصبحت
مظهرا للتباهي والتفاخر.إضافة إلى مشكلة البطالة وأزمة السكن.
تعكس دراسة عادات وتقاليد الزواج عادات وتقاليد املجتمع إلى حد ما فعندما يتعرض
املجتمع إلى تغيرات فان عادات الزواج وتقاليد هي األخرى تتأثر بهذا التغير ،فتحت تأثير
التطور التكنولوجي والتغيرات االجتماعية بدأت بعض العادات االجتماعية في االنحالل
والزوال لتظهر عادات وقيم اجتماعية جديدة فمسالة املهر في الجزائر تغيرت عما كانت
عليه حسب تغير ذهنية األفراد والظروف املعيشية ،وسوء ظهور بعض العوامل ،كالتباهي
والتفاخر واألزمات التي يميزها املجتمع وعلى هذا األساس يمكننا القول أن املهر في الجزائر
يعكس واقع اجتماعي واقتصادي لألسرة الجزائرية.
انطالقا من التباهي والتفاخر بين األسر ،أصبح غالء املهور ضرورة اجتماعية تحولت قيمة
املهر الدينية الرمزية إلى قيمة مرتفعة تحمل في طياتها مجموعة من املظاهر االجتماعية
كالتباهي والتفاخر،ففي كثير من األسر الجزائرية تزال ملتزمة بدفع مهور مرتفعة في الزواج
وقد يصل األمر في بعض األحيان إلى االستدانة من اآلخرين حرصا على ظهور بصفة التقدير
والهيبة.
ُ
كما نالحظ من خالل هذه العوامل أن الدفع في املهور أصبح سبب من األسباب التي تؤخر
تزويج الشباب الذي يعانى من غالء املعيشة وغالء جهاز العروس أمام نقص الدخل.
274
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
وعلى الرغم من تقارب املستوى املعيش ي ألغلب الدول العربية ،فإن أغلب حفالت األعراس
تقام بشكل يتفاوت مع الوضع االقتصادي لعائلة العريسين ،ألن ظاهر األمور تصبغ بحب
الظهور والتفاخر التي تطبع أغلب العالقات االجتماعية .ومن جهة أخرى ،يمثل هذا السلوك
ميكانيزما دفاعيا ُيعرف في علم النفس بـ"التكوين العكس ي" الذي يستعمله الفرد لخفض
التوتر بتبنيه لعكس ما هو كائن ،أما حين يعتمد الكثير من أفراد املجتمع إستراتيجية كهذه
فهنا يجب التساؤل عن مدى صحة الوضع.
3-4األسباب الثقافية:
ّ
يشكل التعليم والطموح العلمي سببا آخرا إلى جانب األسباب السالفة الذكر بخصوص
انتشار العنوسة في املجتمعات العربية.يضاف مؤثرات الثقافة الغربية بما فيها من قيم الحرية
وعدم االلتزام والالمسؤولية في تضخيم الظاهرة ،فالثقافة الغربية برغم أنها ال تشجع
على الزواج باعتبار أن كل ما يمكن أن يكون داخل الزواج يعاش بأريحية خارجه ،فإنها
بهذا التصور لم تقدم غير املثال السيئ للمجتمعات العربية التي ترفض كليا هاته الثقافة
وباملقابل تراها مرادفا للحرية الشخصية والحضارة املدنية ،كما أن االستثمارات التي تقام
خارج الزواج -أي استثمار يصرف فيه لشخص طاقة سواء كانت مادية أو معنوية لتحقيق
أهداف ما -أصبحت منازعا لالستثمار األساس ي الذي ُيفترض أن ُيقام في العالقة الزوجية.
.4-4األسباب النفسية:
يمكن أن ندمج فكرة املبالغة في مواصفات الشريك(ة) ،ومعايشة تجارب زواج فاشلة
ضمن العوامل النفسية التي تؤثر بالسلب على فكرة الزواج .كما أن تأخر سن الزواج يبين
مدى عزوف الشباب على الدخول في ارتباطات مسؤولة تفسر على أنها عدم جاهزية نفسية
تعزى إلى عدم اكتمالهم ونضجهم والذي جاء نتيجة البناء االجتماعي الجديد .ففي السابق
كان الذكر يدخل مجال العمل مبكرا حتى إذا وصل إلى البلوغ كان في كامل استوائه الذي
يكلل طبيعيا بالزواج ،بينما كانت األنثى تنضج على الـمستوى النفس ي بشكل أسرع فهي
من الطفولة إلى البلوغ الذي يقرن في الغالب بالزواج واألمومة وبالتالي ال يسعها الـمجال
للدخول في تجارب تفقدها معنى الزواج.
275
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
نشير كل هذه املعطيات إلى أن تأخر سن الزواج أصبح ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا العربية،
وأصبحت بالفعل مشكلة تستدعي الدراسة الستقصاء حجمها وأسبابها وآثارها وكذا البحث
في سبل معالجتها.
-5آثارالعنوسة:
بعد أن أظهرنا أن مشكلة تأخر سن الزواج لها مسبباتها املوضوعية والذاتية،
سنعمل في هذا املقام على إبراز أهم اآلثار السلبية التي تفرزها هذه الظاهرة على املستوى
االجتماعي واالقتصادي والنفس ي.
فمما ال شك فيه أن اإلنسان اجتماعي بفطرته؛ فهو يحتاج لغيره وغيره محتاج إليه على
اعتبار أن املجتمع نسق كلي يضم أنساق فرعية ،وبما أن العنوسة تعد من املعضالت
التي ظهرت في عصرنا هذا فهي تعكس كيف أن األفراد يفكرون في أنفسهم وال يهمهم غيرهم،
فلو تضافرت مجهودات املجتمع بهدف محاربة هذه اآلفة لقلصت نسبة العنوسة .فارتفاعها
يساهم في ظهور الفواحش ،لذلك جاء عن البخاري أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
أمر الشباب بالزواج لغض البصر وإحصان الفرج ،فعن عبد هللا قال :كنا مع النبي صلى
هللا عليه وسلم شبابا ال نجد شيئا فقال لنا رسول هللا (ص) ":يا معشر الشباب من استطاع
الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر واحضن للفرج ومن لم يستطع الباءة فعليه بالصوم
فإنه له وجاء".
فرق اإلسالم بين الزواج والزنا وجعل له عقوبة الرجم والجلد ونظرا أضف إلى ذلك ،فقد ّ
لكون اإلنسان مزود بشهوة البد أن تصرف فان وجدت املوضع الحالل كان زواجا وإن
لم تجد لجأ صاحبها لصرفها في الحرام ومن بين هذه الفواحش اللواط والسحاق والزنا
واالستمناء .ومن ثمة تعد العنوسة ظاهرة تهدد استقرار املجتمع وتماسكه ،لن اآلثار املترتبة
عنه ال تمس املرأة فحسب بل األسرة واملجتمع بصفة عامة.
كما قد يكون االستغالل من اآلثار الناجمة عن العنوسة فأحيانا يلجأ بعض الشباب إلى
محاولة االرتباط بالفتاة العانس ويستغلها استغالال يزيد من معاناتها واالستغالل الذي
تواجه الفتاة العانس يتنوع على أنواع من االستغالل املالي إلى االستغالل االستمتاعي أو الجنس ي.
276
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
ومن جهة أخرىُ ،يجمع املختصون في علم النفس واالجتماع على أن آثار العنوسة ال ترتبط
بالفتاة فحسب تتعداها للفتى والى األسرة ،فقد ينصاع الوالد لزوجته بالبحث عن عريس
البنته فيلجأ لعرض ابنته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وإذا فشل يلجأ إلى أساليب ال شعورية
تخفف عنه فيبلغ اآلخرين بأن ابنته تقدم لها الكثير لكنه رفض أو رفضت هي؛ فتكبر في
نفسه هذه األكاذيب إلى أن يصل إلى درجة أنه يعتقد بأن ما يقوله صحيحا وحقيقيا .كما
أنه بسبب انتشار العقائد الفاسدة الذي يعود إلى نقص الوازع األخالقي والديني لدى
الكثيرات ،فتلجأ للدجالين والكهنة.
إن مشكلة العنوسة ال تشمل األبعاد االجتماعية والنفسية فحسب بل أيضا لها أبعاد
صحية جسمانية مثل مشاكل وتغيرات صحية ،حيث أنه من املشاكل الصحية التي تواجهها
املرأة جراء تقدمها في السن عدم التوازن خاصة بعد سن اليأس فتبدأ حالتها النفسية
باالضطراب ويمكن تلخيص هذه املشكالت الصحية على النحو الذي قدمه عبد املنعم
عبد هللا (بدون تاريخ):
-قلة نسبة الخصوبة بسبب التقدم في السن.
-االضطرابات الهرمونية التي تحدث في سن اإلنجاب وبذلك تزيد نسبة عقم
املرأة كلما كبرت سنا.
-زيادة نسبة الوالدة العسيرة في حالة زواجها املتأخر.
-6خالصة:
إن ظاهرة العنوسة أو تأخر سن الزواج في املجتمعات العربية ينذر بوجود الكثير
من املشاكل واآلفات االجتماعية التي تفرزها وتهدد استقرار النفس ي لألفراد والألمن
االجتماعية وسالمة األجيال.ألن عدم إشباع هذه الغزيرة الطبيعية في اإلنسان قد يفتح له
أبوابا أخرى إلشباعها خارج األطر الشرعية واملتفق عليها اجتماعيا ،وهو ما يولد
مجتمعات فاسدة بسبب انتشار الرذائل واملفاسد واالنحالل الخلقي ،إضافة إلى أن الزواج
يحفظ العالقات فهو يفتح مجال للتعارف بين العائالت الختالط األنساب وتبادل املنافع
مصداقا لقوله تعالى'' وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" (سورة الحجرات ،اآلية ،)13وهو
الهدف األسمى للزواج ،إال أن املجتمعات العربية قد كشفت عن عجزها في مجابهة التغيرات
277
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
االجتماعية املتالحقة التي عاشتها خالل العقود األخيرة والتي واجهتها بنوع من الصالبة
انعكس على الرباط األول في هذا البناء االجتماعي وهو الزواج.
ومن هذا الباب ،فانه توجد سبل ملعالجة هذه املشكلة ،يمكن اختصارها في عملية التنمية
االجتماعية الشاملة وتحقيق العدالة االجتماعية وتكافؤ الفرص بين املواطنين ،وقد يكون
تعدد الزوجات حال من الحلول املقترحة.
فقد أوضح موس ى أبو حوسة ( ،2001ص )63أن نظام تعدد الزوجات في اإلسالم قد شرع
ملجموعتين من األسباب ،وهما:
-أسباب خاصة دعت إليها ظروف املجتمع اإلسالمي في بدء ظهور اإلسالم :حيث أن هذا
النظام سمح لكثير من املسلمين أن يعولوا أرامل إخوانهم الذين استشهدوا دفاعا على
العقيدة ،كما سمح هذا النظام بتعزيز أواصر الوحدة بين القبائل املتفرقة فإذا تزوج
رؤساء العشائر والقبائل األخرى كان ذلك عامال على اتحادهم وتوحيد كلمتهم.إضافة إلى
أن هذا النظام قد تدرج باملجتمع اإلسالمي من حالة الفوض ى الشاملة في الزواج إلى حالة
من التنظيم؛ فالتشريع الحكيم ال ينتقل بالناس من اإلباحة املطلقة إلى التحريم ،وإنما
يتدرج بهم في الخطوات حتى ال يتخذ صبغة التعسف والظلم.
-أسباب إنسانية عامة تنطبق على النفس البشرية في جميع العصور :راعى نظام تعدد
الزوجات أن الطبيعة اإلنسانية ال تظل على حالة واحدة ،فقد تدب الكراهية بين الرجل
وزوجته ،وفي هذه الحالة بدال من أن يطلقها ويتركها مع أوالدها يستطيع أن يتزوج بأخرى.
وفي بعض الحاالت ،قد ال تنجب الزوجة أوالدا ،فيستطيع الرجل أن يتزوج من زوجة
أخرى إذا كان يحرص على أن تكون لد ذرية ترث ماله من بعده.كما أن نظام تعدد الزوجات
ُ ّ
قد نظم العالقات بين الرجل واملرأة على أسس عادلة ،بدال من أن تترك هذه العالقات
خارج نطاق الزواج.
قيد اإلسالم تعدد الزوجات بشرط العدالة التامة بين وبالرغم من كل هذه األسباب ،فقد ّ
الزوجات" :وان خفتم أال تعدلوا فواحدة" (سورة النساء ،اآلية.)3حيث اعتبر موس ى أبو حوسة
( )2001أن املآخذ املوجهة إلى نظام تعدد الزوجات هي قائمة في الواقع على فهم خاطئ
لهذا النظام ،فليس صحيح ما يزعمونه من أن نظام التعدد اإلسالمي يؤدي حتما إلى اإلضرار
278
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
بالزوجات وإهدار كرامتهن واإلجحاف بحقوقهن؛ فاإلسالم ال يجبر امرأة ما على قبول الزواج
برجل متزوج ،بل يدع لها وألهلها في حالة خطبتها من رجل متزوج مطلق الحرية في قبول
الزواج به أو رفضه .وقد أجاز للمرآة إذا أصابها ضرر واضح من جراء التعدد نفسه أو من جراء
إهمال الزوج لحقوقها الزوجية أن ترفع أمرها إلى القضاء ليعمل على وقايتها من هذا الضرر.
يتبين أن اإلسالم قد أقام نظام التعدد على قواعد تصون كرامة الزوجات ومن هذا كله ّ
وتحفظ حقوقهن وتقيهن الضرر والضرار.وأن هذا النظام ال يكون شرا إال حيث يعجز
الرجل عن القيام بنفقات أسرته؛ فاإلسالم ينهي عن التعدد بل ينهي عن الزواج نفسه
في حالة عدم القدرة على القيام بهذه األعباء.
قائمة املراجع:
-القرآن الكريم
-الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،وزارة العدل ،قانون األسرة الجزائري ( ،)1994ديوان
املطبوعات الجامعية.
-إبراهيم مبارك الجوير( )1995تأخرالشباب الجامعي في الزواج:املؤثرات واملعالجة ،ط ،1الرياض ،مكتبة
العبيكان.
-البخاري كتاب النكاح ،باب :من لم يستطع الباءة ،فتح الباري ،مجلد ،11ص.11
-الفيروز أبادي (بدون سنة) قاموس املحيط؟ ،طبعة جديدة ،دار الكتاب الحديث ،القاهرة ،الكويت ،الجزائر.
-الخشاب مصطفى ( )1985علم االجتماع العائلي ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بيروت.
-آمال بن عيس ى(" )2008ظاهرة العنوسة في املجتمع الجزائري" ،كلية اآلداب والعلوم االجتماعية،
قسم علم االجتماع والديموغرافيا ،جامعة البليدة بالجزائر ،رسالة ماجستير غير منشورة.
-أماني مسعود ( )2007العنوسة أسبابها وتأثيراتها على شخصية املرأة دمشق نموذجا ،دمشق للتأليف
والنشر والترجمة.
-جامعة الدول العربية ،وزارة الصحة والسكان ،املسح الجزائري حول صحة األم والطفل ،الديوان الوطني
لإلحصائيات.1994 ،
-جالل السناد(" )2007تأخر سن الزواج لدى الشباب الجامعي" ،مجلة جامعة دمشق ،املجلد ،23العدد األول.
279
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 املجلد ، 2العدد( ،3جانفي)2014
والدو افع" ،مجلة التربية ،العدد.503 صديق(" )2000ظاهرة العنوسة :األسباب -حسن محمد ّ
-عبد الحكيم أسابيع( )2006العنوسة تهدد األسرة العربية األسباب اآلثارالحلول ،ط ،1دار الهدى ،الجزائر.
-صبيح إنصاف (" )2003العوامل املؤثرة في تأخرسن الزواج" ،رسالة مقدمة لنيل درجة مساعد مجاز
في الخدمة االجتماعية ،معهد الخدمة االجتماعية ،دمشق.
-عبد الخالق يوسف الختانة (" )1997تأخر سن الزواج عند الشباب الذكور" ،مجلة الفكرالعربية ،العدد
،87معهد اإلنماء العربية،بيروت.
-عبد املنعم عثمان عبد هللا ( )2005العنوسة رؤية إسالمية اجتماعية لحل مشكلة الفتاة العانس،
ط ،1دار اآلفاق العربية ،القاهرة.
-عبد املنعم عثمان عبد هللا ( )2005العنوسة أسبابها آثارها وعالجها ،ط ،1دار اآلفاق العربية.
-عبد الرب نواب الدين آل نواب ( )1987تأخرسن الزواج أسبابه أخطاره وطرق عالجه على ضوء القرآن
الكريم والسنة املطهرة ،ط ،1دار العاصمة للنشر والتوزيع ،الرياض.
-ميشل دنكن ( )1981معجم علم االجتماع ،ترجمة:إحسان محمد حسن ،ط،1دار الطليعة للطباعة والنشر.
-منصور الرفاعي عبيد( )2000العنوسة رؤية إسالمية اجتماعية لحل مشكلة الفتاة العانس ،ط،1
دار الفكر ،القاهرة.
-موس ى محمود أبو حوسة( )2001دراسات في علم االجتماع األسري ،منشورات عمادة البحث
العلمي ،الجامعة األردنية.
-ناقوال جهاد دياب(" )2003العوامل املؤثرة في تأخر سن الزواج عند الشباب وانعكاساته" دراسة
لنيل درجة املاجستير ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،قسم علم االجتماع ،دمشق.
-هدى رشاد وماجد عثمان( )2005الزواج في الوطن العربي ،موجز سياسات مكتب مراجع السكان ،مصر
-وافي علي عبد الواحد( )1999قصة الزواج والعزوبة في العالم ،دار النهضة ،مصر ،القاهرة.
280
ISSN : 2353-0502 مجلة الحكمة للدراسات التربوية و النفسة
EISSN : 2602-5248 )2014 (جانفي،3 العدد، 2املجلد
- Attout, N & al(2001) Education, Fécondité et Nuptialité, CENEAP, Alger.
- CENEAP : « Population et développement en Algérie », Actes des journées d’études, Alger le 07 et 08,
1997.
-ONS, Collection Statistique, Enquête Emploi auprès ménager, No 126, Janvier (2006).
egyptiangreens.com
281