You are on page 1of 7

‫‪Islamway.

com‬‬

‫أسباب‬

‫مغفرة الذنوب‬
‫لفضيلة الشيخ‬
‫عبد ال بن عبد الرحمن السعد‬

‫أعتني به‬

‫سعد بن محمد القحطاني‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬


‫إن الحمسد ل نحمده ونسستعينه ونسستغفره ونعوذ بال مسن شرور أنفسسنا وسسيئات‬
‫أعمالنسا‪،‬مسن يهده ال فل مضسل له ومسن يضلل فل هادي له‪ .‬واشهسد أن ل إله إل ال وحده ل‬
‫شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله‪.‬‬

‫أما بعد ‪...‬‬


‫فإن مغفرة الذنوب غاية كل مسلم ومطلب كل مؤمن لنه عندما تغفر ذنوب العبد من‬
‫قبل ربه عز وجل فإن هذا سعادته في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫‪Islamway.com‬‬
‫عدّتْ‬ ‫ض أُ ِ‬‫سمَاوَاتُ وَا ْلَأرْ ُ‬ ‫ع ْرضُهَا ال ّ‬ ‫جنّةٍ َ‬‫ن َر ّبكُمْ َو َ‬‫قال تعالي‪َ ( :‬وسَارِعُوا إِلَى َمغْ ِفرَ ٍة مِ ْ‬
‫س ّيئَاتِ َي ْو َمئِ ٍذ فَ َقدْ َرحِ ْمتَهُ‬
‫س ّيئَاتِ َو َمنْ َتقِ ال ّ‬
‫لِ ْل ُمتّقِينَ) (آل عمران‪ ، )133:‬وقال تعالي‪َ ( :‬و ِق ِهمُ ال ّ‬
‫َوذَِلكَ ُهوَ ا ْلفَ ْوزُ ا ْل َعظِيمُ) (غافر‪.)9:‬‬

‫فعلي كل مسلم أن يسعى إلي تحقيق هذه المغفرة له من قبل ال عز وجل وذلك بفعل‬
‫السباب التي جعلها ال عز وجل سببا لغفران الذنوب والتجاوز عن السيئات والعيوب‪ ،‬وهذه‬
‫السباب ‪ )(1‬هي‪:‬‬

‫أولً‪ :‬التوبة إلي ال عز وجل‪:‬‬

‫والتوبة هي‪ :‬رجوع العبد إلي ال والنابة إليه من ذنب قد ارتكبه أو واجبا تركه‪ ،‬ولها‬
‫شروط ثلثة وهي‪ :‬الندم والقلع عن الذنب والعزيمة على عدم العودة‪ ،‬وإن كان ذلك في حق‬
‫مخلوق فترد عليه حقه أو تتحلل منه‪.‬‬

‫والتوبة من أفضل العمال وأجل القربات التي يتقرب بها العبد إلي ربه عز وجل‪،‬‬
‫وقد بين الرسول صلي ال عليه وسلم مكانة هذه العبادة عند ال عز وجل بقوله‪ (( :‬ل أشد‬
‫فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض مهلكة دوية‪ ،‬عليها طعامه وشرابه‪ ،‬فطلبها‬
‫حتى إذا أيس من حصولها نام في أصل شجرة ينتظر الموت ‪ ،‬فاستيقظ‪ ،‬فإذا هي على رأسه‪،‬‬
‫قد تعلق خطامها بالشجرة ‪ ،‬فال أفرح بتوبة عبده من هذا براحلته)) متفق عليه‪.‬‬

‫س َتغْ ِفرْ ِل َذ ْن ِبكَ‬


‫وقد أمره ال عز وجل بذلك‪ ،‬فقال تعالي‪ ( :‬فَاعَْلمْ َأنّ ُه ل إَِلهَ إِلّا اللّهُ وَا ْ‬
‫ن َلعَّل ُكمْ‬
‫جمِيعا َأ ّيهَا ا ْل ُم ْؤ ِمنُو َ‬ ‫وَلِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ وَا ْلمُ ْؤ ِمنَاتِ)(محمد‪ ، )19 :‬وقال تعالي‪َ ( :‬وتُوبُوا إِلَى اللّ ِه َ‬
‫تُفِْلحُونَ)(النور‪.)31 :‬‬
‫وقد كان صلي ال عليه وسلم يكثر من الستغفار والتوبة إلي اله عز وجل حتى أنه في‬
‫المجلس الواحد يتوب إلي ال ويستغفره سبعين مرة‪ ،‬فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة‬
‫رضي ال عنه أنه صلي ال عليه وسلم قال‪ (( :‬يا ايها الناس توبوا إلي ال‪ ،‬فوال إني لتوب‬
‫إلي ال في اليوم أكثر من سبعين مرة)) رواه البخاري‪.‬‬
‫وفي حديث الغر بن يسار رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلي ال عليه وسلم ‪ (( :‬يا‬
‫أيها الناس توبوا إلي ال واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة)) رواه مسلم‪.‬‬

‫وقد شرع ال لعباده الستغفار بعد العمال الصالحة كالصلة والحج‪ ،‬حتى يكون ذلك‬
‫حيْثُ َأفَاضَ النّاسُ‬
‫ن َ‬
‫جبارا لما قد يحصل فيها من النقص‪ ،‬قال تعالي‪ُ ( :‬ثمّ َأفِيضُوا مِ ْ‬
‫ن اللّهَ غَفُورٌ َرحِيمٌ) (البقرة‪ ،)199:‬وعن ثوبان رضي ال عنه قال‪ (( :‬كان‬ ‫س َتغْ ِفرُوا اللّ َه إِ ّ‬
‫وَا ْ‬
‫صلي ال عليه وسلم إذا أنصرف من صلته استغفر ال ثلثا))‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫•* *‬

‫ثانيا‪ :‬تحقيق التوحيد واجتناب الشرك‪:‬‬

‫ن آ َمنُوا وََلمْ يَ ْل ِبسُوا إِيمَا َن ُهمْ ِبظُ ْلمٍ أُوَل ِئكَ َل ُه ُم ا ْلَأمْنُ وَ ُهمْ ُم ْه َتدُونَ)‬
‫قال تعالي‪( :‬اّلذِي َ‬
‫(النعام‪ ، )82:‬أي ‪ :‬آمنوا بال ولم يلبسوا إيمانهم بشرك‪ ،‬فلهم المن في الخرة ‪ ،‬وهم مهتدون‬
‫في الدنيا‪.‬‬

‫(‪ (1‬انظر للفائدة كلم المام ابن تيمية في مكفرات الذنوب حيث عدها عشراً‪ ،‬وللشيخ عبد ال بن عقيل نحو ذلك‪،‬‬
‫وما فيها نحو ما ذكر هنا‪.‬‬
‫‪Islamway.com‬‬
‫فالتوحيد هو أساس الدين ‪ ،‬وهو الشرط الول لقبول القربات والطاعات ومغفرة‬
‫الذنوب‪ ،‬وتحقيقه يكون بتخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي ‪ ،‬فيكون‬
‫بإفراد ال عز وجل بالعبادة وإثبات ما أثبته ال لنفسه‪ ،‬والتيان بالركان والواجبات وتكميل‬
‫ذلك بالسنن والمستحبات‪.‬‬

‫وترك ما ينافي ذلك كله من الشرك الكبر الذي ينافي أساس التوحيد وأصله‪ ،‬وترك‬
‫الشرك الصغر والكبائر والتي تنافي كمال التوحيد الواجب ‪ ،‬وترك كل ما ينافي كماله‬
‫المستحب من السترقاء – وهي طلب الرقية من الغير‪ ، -‬ومثله الكتواء ‪ ،‬كما جاء في حديث‬
‫ابن عباس رضي ال عنه‪ -‬عند مسلم – في السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بل حساب‪.‬‬

‫ومما يحقق التوحيد محبته‪ -‬محبة التوحيد وأهله والذود عن أعراضهم والرد على‬
‫مخالفتهم ‪ ،-‬قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه ال ‪ :‬من لم يحب التوحيد لم يكن موحدا؛‬
‫لنه هو الدين الذي رضيه ال لعباده ‪ ،‬كما قال تعالي‪َ ( :‬و َرضِيتُ َل ُكمُ ا ْلِأسْلمَ دِينا ) ‪.‬‬

‫وقال المام ابن تيمية – رحمه ال‪ : -‬من أحب ال دينه‪ ،‬وما ل فل‪.‬‬

‫ش َركُوا‬
‫كما أن الشرك أعظم سبب يمنع العبد من مغفرة الذنوب‪ ،‬قال تعالي‪ ( :‬وََلوْ َأ ْ‬
‫ش َركَ بِهِ َو َيغْ ِفرُ مَا دُونَ‬
‫ن اللّ َه ل َيغْ ِفرُ َأنْ ُي ْ‬
‫ع ْن ُهمْ مَا كَانُوا َي ْعمَلُونَ)(النعام‪ )88 :‬وقال‪( :‬إِ ّ‬
‫حبِطَ َ‬‫َل َ‬
‫ن َيشَاءُ)(النساء‪.)48 :‬‬ ‫ذَِلكَ ِلمَ ْ‬

‫فتحقيق التوحيد واجتاب الشرك من أعظم السباب التي يتحقق من خللها المغفرة‬
‫للعبد‪ ،‬فقد أخرج مسلم عن أبي ذر رضي ال عنه قال‪ :‬سمعت رسول ال صلي ال عليه وسلم‬
‫يقول‪ (( :‬قال ال تعاليك يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الرض خطايا‪ ،‬ثم لقيتني ل تشرك بي‬
‫شيئا‪ ،‬لتيتك بقرابها مغفرة))‪.‬‬

‫وأخرج الترمذي من حديث عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال عنه قال ‪ :‬سمعت‬
‫رسول ال صلي ال عليه وسلم يقول‪ (( :‬إن ال سيخلص رجلً من أمتي على رؤوس الخلئق‬
‫يوم القيامة ‪ ،‬فينشر عليه تسعة وتسعين سجلً‪ ،‬كل سجل مثل مد البصر‪ ،‬ثم يقول ‪ :‬أتكر من‬
‫هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ يقول‪ :‬ل يا رب ‪ ،‬فيقول‪ :‬أفلك عذر؟ فيقول ‪ :‬ل يا رب ‌‌‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬بلي‪ ،‬إن لك عندنا حسنةً ‪ ،‬فإنه ل ظلم عليك اليوم ‪ ،‬فيخرج بطاقة فيها‪ :‬أشهد أن ل إله‬
‫إل ال‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬فيقول ‪ :‬احضر وزنك ‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب ما هذه‬
‫البطاقة مه هذه السجلت؟ فقال‪ :‬فإنك ل تظلم ‪ .‬قال‪ :‬فتوضع السجلت وثقلت البطاقة‪ ،‬ول‬
‫يثقل مع اسم ال شيء)) إسناده جيد‪ ،‬وقد صححه ابن حبان والحاكم‪.‬‬

‫قال أبو الفرج ابن رجب‪ :‬من جاء مع التوحيد بقراب الرض خطايا لقيه بقرابها‬
‫مغفرة ‪000‬إلي أن قال ‪ :‬فإن كمل توحيد العبد وإخلصه ل تعالي فيه‪ ،‬وقام بشروطه بقلبه‬
‫ولسانه وجوارحه ‪ ،‬أو بقلب ولسانه عند الموت أوجب ذلك مغفرة ما قد سلف من الذنوب‬
‫كلها‪ ،‬ومنعه من دخول النار بالكلية‪ ،‬فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل من سوى‬
‫ال محبة وتعظيما ‪ ،‬وإجللً ومهابة‪ ،‬وخشية وتوكلً‪ ،‬وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها‪ ،‬وإن‬
‫كانت مثل زبد البحر ‪.‬ا‪ .‬هس ملخصا‬

‫قال العلمة ابن القيم – رحمه ال تعالي‪ :-‬ويعفي لهل التوحيد المحض الذي لم‬
‫يشوبوه بالشرك‪ ،‬مال يعفي لمن ليس كذلك‪ ،‬فلو لقي الموحد الذي لم يشرك بال شيئا البتة ربه‬
‫بقراب الرض خطايا أتاه بقرابها مغفرة‪ ،‬ول يحصل هذا لمن نقص توحيده ‪ ،‬فإنه التوحيد‬
‫‪Islamway.com‬‬
‫الخالص الذي ل يشوبه شرك ل يبقي معه ذنب؛ لنه يتضمن من محبة ال وإجلله وتعظيمه‬
‫وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب‪ ،‬ولو كانت قراب الرض‪ ،‬فالنجاسة عارضة ‪،‬‬
‫والدافع له قوي ‪.‬ازهس‪.‬‬

‫***‬

‫ثالثا ‪ :‬العمال الصالحة‪:‬‬

‫وهذا السبب من السباب العظيمة التي يحصل بها مغفرة الذنوب سواء كان العمل من‬
‫الواجبات أو المستحبات ‪ ،‬والدلة على ذلك كثيرة جدا منها‪:‬‬

‫جنّةَ ِبمَا ُك ْن ُتمْ َت ْعمَلُونَ)(النحل‪ )32 :‬فل يدخلون الجنة إل بغفران‬


‫قوله تعالي‪ ( :‬ا ْدخُلُوا ا ْل َ‬
‫ذنوبهم‪.‬‬
‫ن ِإذَا ُذ ِكرَ اللّ ُه َوجِلَتْ قُلُو ُب ُهمْ وَِإذَا تُِليَتْ عََل ْي ِهمْ آيَاتُهُ‬ ‫وقوله تعالي‪ّ ( :‬نمَا ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ اّلذِي َ‬
‫ن الصّلةَ َو ِممّا َرزَ ْقنَاهُمْ ُينْ ِفقُونَ) (‪)3‬‬ ‫ن يُقِيمُو َ‬ ‫زَادَ ْت ُهمْ إِيمَانا َوعَلَى َر ّبهِمْ َي َت َوكّلُونَ) (‪( )2‬اّلذِي َ‬
‫ق كَرِيمٌ) (لنفال ‪2‬س ‪ ، )4‬فإقامة‬ ‫ع ْندَ َر ّب ِهمْ َو َمغْ ِفرَةٌ َو ِرزْ ٌ‬
‫أُوَل ِئكَ ُه ُم ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ حَقّا َل ُهمْ َدرَجَاتٌ ِ‬
‫الصلة في وقتها وبأركانها وواجباتها وإخراج الزكاة وغير ذلك من العمال الصالحة سبب‬
‫لمغفرة الذنوب والرزق الكريم‪.‬‬
‫عن عمرو بن عبسة السلمي رضي ال عنه قال‪ :‬سمعت رسول ال صلي ال عليه‬
‫وسلم يقول‪ (( :‬ما منكم رجل يقرب وضوءه فيمضمض ويستنشق فينثر إل خرت خطايا وجهه‬
‫وفيه وخياشميه ‪ ،‬ثم إذا غسل وجهه كما أمر ال إل خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع‬
‫الماء‪ ،‬ثم يغسل يديه إلي المرفقين إل خرت خطايا يديه مع أنامله مع الماء‪ ،‬ثم يمسح رأسه إل‬
‫خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء‪ ،‬ثم يغسل قدميه إلي الكعبين إل خرت خطايا‬
‫رجليه مع أنامله مع الماء‪ ،‬فإن قام فصلي فحمد ال مع خطيئته كهيئة يوم ولدته أمه)) رواه‬
‫مسلم‪.‬‬

‫وفي ((الصحيحين )) ‪ (( :‬من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) ‪،‬‬
‫وفي رواية‪ (( :‬من قام ليلة القدر))‪.‬‬

‫يكفر السنة الماضية‬ ‫((‬ ‫وسئل صلي ال عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال‪:‬‬
‫والباقية))‪.‬‬

‫يكفر السنة الماضية))‪.‬‬ ‫((‬ ‫وسئل صلي ال عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء فقال ‪:‬‬

‫والدلة في هذا كثيرة من القرآن والسنه‪ ،‬وهذا أمر معلوم لدى كل مسلم‪ ،‬فعلي كل أحد‬
‫أن يكثر من العمال الصالحة قولية كانت أم فعلية‪.‬‬

‫***‬

‫رابعا ‪ :‬اجتناب السيئات والذنوب‪:‬‬

‫ن َكبَائِرَ ا ْلِأ ْثمِ‬


‫ج َت ِنبُو َ‬
‫ن َي ْ‬
‫سنَى)(‪( )31‬اّلذِي َ‬
‫سنُوا بِا ْلحُ ْ‬
‫حَ‬‫ج ِزيَ اّلذِينَ َأ ْ‬
‫قال تعالي‪َ ( :‬و َي ْ‬
‫ن َر ّبكَ وَاسِعُ ا ْل َمغْ ِفرَةِ)(لنجم ‪31‬س ‪.)32‬‬ ‫وَالْ َفوَاحِشَ إِلّا الّل َممَ إِ ّ‬
‫‪Islamway.com‬‬
‫س ّيئَا ِتكُمْ َو ُن ْدخِ ْلكُمْ ُم ْدخَلً‬
‫ع ْن ُكمْ َ‬
‫عنْ ُه ُنكَ ّفرْ َ‬
‫جتَ ِنبُوا َكبَائِرَ مَا ُت ْنهَوْنَ َ‬
‫ن َت ْ‬
‫وقال تعالي‪( :‬إِ ْ‬
‫َكرِيما) (النساء‪.)31:‬‬

‫فهذا وعد من ال لعباده أنهم إذا اجتبوا كبائر المنهبات غفر لهم جميع الذنوب‬
‫والسيئات ‪ ،‬وأدخلهم مدخلً كريما س كثير الخيرس وهي الجنة المشتملة على ما ل عين‬
‫رأت ‪ ،‬ول أذن سمعت‪ ،‬ول خطر على قلب بشر‪.‬‬

‫ويدخل في اجتناب الكبائر‪ :‬فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا للكبائر‪ ،‬كما أخرج‬
‫المام مسلم في (( صحيحه)) من حديث أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال النبي صلي ال‬
‫عليه وسلم ‪ (( :‬الصلوات الخمس ‪ ،‬والجمعة إلي الجمعة ‪ ،‬ورمضان إلي رمضان‪ ،‬مكفرات‬
‫لما بينهن ‪ ،‬ما اجتنب الكبائر)) ‪ ،‬فاجتناب السيئات والذنوب بشتى أنواعها سبب لغفران‬
‫الذنوب‪.‬‬

‫•* *‬

‫خامسا‪ :‬الحسان إلي الناس وكف الذى عنهم‪:‬‬

‫َنس يُ ْؤتُوا أُولِي الْ ُقرْبَسى وَا ْلمَسسَاكِي َ‬


‫ن‬ ‫َالسسعَ ِة أ ْ‬
‫ُمس و ّ‬ ‫قال تعالي‪( :‬وَل َي ْأتَلِ أُولُو الْ َفضْلِ ِم ْنك ْ‬
‫ن أَ نْ َيغْ ِفرَ اللّ ُه َلكُ مْ وَاللّ هُ غَفُورٌ َرحِي مٌ)‬
‫حبّو َ‬
‫سبِيلِ اللّ هِ وَ ْل َيعْفُوا وَ ْليَ صْ َفحُوا أَل ُت ِ‬
‫جرِي نَ فِي َ‬
‫وَا ْل ُمهَا ِ‬
‫(النور‪. )22:‬‬

‫سبب نزول هذه ال ية أن أ با ب كر ر ضي ال ع نه كان يت صدق على م سطح بن أثا ثة‪،‬‬


‫فعندما حصل منه ما حصل تجاه عائشة رضي ال عنها امتنع من الحسان إليه‪ ،‬فنزلت الية‬
‫الكريمة‪ ،‬كما في (( الصحيحين )) من حديث عائشة رضي ال عنها‪.‬‬

‫و عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه عن ال نبي صلي ال عل يه و سلم قال‪ (( :‬بين ما ر جل‬


‫يمشي بطريق س وفي رواية امرأة بغيا س أشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم‬
‫خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل‪ :‬لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل‬
‫الذي كان بلغ مني فنزل البئر فمل خفه ماء‪ ،‬ثم مسكه بفيه حتى رقي فسقي الكلب فشكر ال له‬
‫فغ فر له)) قالوا‪ :‬يا ر سول ال‪ ،‬وإن ل نا في هذه البهائم ل جر ‪ .‬فقال ‪ (( :‬في كل ك بد رط بة‬
‫أجر)) ‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬

‫فغفر لهذه المرأة بسبب إحسانها لهذا الكلب ‪ ،‬فكيف بمن يحسن إلي الناس‪ ،‬ويسعى إلي‬
‫تفريج كربهم؟!‬
‫و عن حذي فة بن اليمان ر ضي ال ع نه قال‪ :‬سمعت ر سول ال صلي ال عل يه و سلم‬
‫يقول‪ (( :‬مات رجسل فقيسل له‪ :‬مسا كنست تقول؟ قال ‪ :‬كنست أبايسع الناس فاتجوز عسن الموسسر‪،‬‬
‫وأخفف عن المعسر ‪ ،‬فغفر له)) رواه البخاري‪.‬‬

‫وك ما أن أذى الناس من ال سباب المان عة لمغفرة الذنوب‪ ،‬قال تعالي‪( :‬وَاّلذِي نَ ُي ْؤذُو نَ‬
‫ح َتمَلُوا ُب ْهتَانا وَِإثْما ُمبِينا) (الحزاب‪. )58:‬‬
‫سبُوا فَ َقدِ ا ْ‬
‫ت ِب َغيْرِ مَا ا ْكتَ َ‬
‫ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ وَا ْلمُ ْؤ ِمنَا ِ‬

‫وعن أبي هريرة رضي ال عنه أن النبي صلي ال عليه وسلم قال ‪ (( :‬إن المفلس من‬
‫أم تي من يأ تي يوم القيا مة ب صلة و صيام وزكاة‪ ،‬ويأ تي وقد ش تم هذا‪ ،‬وقذف هذا‪ ،‬وأ كل مال‬
‫‪Islamway.com‬‬
‫هذا‪ ،‬وسفك دم هذا‪ ،‬وضرب هذا‪ ،‬فيعطي هذا من حسناته‪ ،‬وهذا من حسناته‪ ،‬فإن فنيت حسناته‬
‫قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه‪ ،‬ثم طرح في النار)) رواه مسلم‪.‬‬

‫فالحسان إلي الناس‪ ،‬والتخفيف عنهم ‪ ،‬وتفريج كربهم‪ ،‬وقضاء حوائجهم‪ ،‬وكف الذى‬
‫عنهم‪ ،‬سبب لمغفرة ال للعبد‪.‬‬

‫***‬

‫سادسا ‪ :‬المصائب والبلء الذي يصيب المسلم في الحياة الدنيا‪.‬‬

‫س ُكمْ‬ ‫ن َيمْ سَ ْ‬ ‫ن ُك ْنتُ مْ مُ ْؤ ِمنِي نَ) (‪()139‬إِ ْ‬ ‫ن إِ ْ‬


‫قال تعالي‪( :‬وَل َت ِهنُوا وَل َتحْ َزنُوا وََأ ْنتُ مُ ا ْلأَعَْلوْ َ‬
‫ح فَ َقدْ مَ سّ الْ َقوْ مَ َقرْ حٌ ِمثْلُ هُ َوتِلْ كَ ا ْلَأيّا مُ ُندَاوُِلهَا َب ْي نَ النّا سِ وَِل َيعْلَ مَ اللّ ُه اّلذِي نَ آ َمنُوا َو َي ّتخِ َذ ِم ْنكُ مْ‬ ‫قَرْ ٌ‬
‫ص اللّ ُه اّلذِي نَ آ َمنُوا َو َي ْمحَ قَ ا ْلكَا ِفرِي نَ) ( ‪( )141‬أَ مْ‬ ‫شهَدَاءَ وَاللّ هُ ل ُيحِبّ الظّاِلمِي نَ) (‪( )140‬وَِل ُي َمحّ َ‬ ‫ُ‬
‫ن جَا َهدُوا ِم ْنكُ مْ َو َيعْلَ مَ ال صّا ِبرِينَ) (آل عمران‪ 139:‬س‬ ‫جنّةَ وََلمّا َيعْلَ مِ اللّ هُ اّلذِي َ‬
‫سبْ ُتمْ َأ نْ َت ْدخُلُوا ا ْل َ‬
‫حَ ِ‬
‫‪. )142‬‬

‫صبَرُوا إِنّ َربّ كَ‬


‫ن َب ْعدِ مَا فُ ِتنُوا ُثمّ جَا َهدُوا وَ َ‬
‫جرُوا ِم ْ‬
‫وقال تعالي‪ُ ( :‬ثمّ ِإنّ َربّ كَ لِّلذِي نَ هَا َ‬
‫ن َبعْدِهَا َلغَفُورٌ َرحِيمٌ) (النحل‪. )110:‬‬
‫مِ ْ‬
‫و عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬قال ر سول ال صلي ال عل يه و سلم ‪ (( :‬ما من م صيبة‬
‫تصيب المسلم إل كفر ال بها عنه حتى الشوكة يشاكها)) ‪.‬رواه البخاري‪.‬‬
‫وعن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة رضي ال عنهم عن النبي صلي ال عل يه‬
‫و سلم قال‪ (( :‬ما ي صيب الم سلم من ن صب‪ ،‬ول و صب ‪ ،‬ول هم و صب‪ ،‬ول هم‪ ،‬ول حزن‪،‬‬
‫ول أذى‪ ،‬ول غم‪ ،‬حتى الشوكة يشاكها إل كفر ال بها من خطاياه))‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫و عن أ بي هريرة ر ضي ال ع نه قال ‪ :‬قال ر سول ال صلي ال عل يه و سلم ‪ (( :‬ما‬
‫يزال البلء بالمؤ من والمؤم نة في نف سه وولده وماله ح تى يل قي ال و ما عل يه خطيئة))‪ .‬رواه‬
‫الترمذي وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬

‫•* *‬

‫سابعا ‪ :‬دعاء ال عز وجل ‪.‬‬

‫فإن دعاء ال عز وجل سبب عظيم لمغفرة الذنوب والتجاوز عن العيوب والسيئات‪.‬‬

‫ن آ ِمنُوا بِ َر ّبكُ مْ فَآمَنّ ا َربّنَا فَاغْ ِفرْ لَنَا‬


‫ن أَ ْ‬‫س ِم ْعنَا ُمنَادِيا ُينَادِي لِ ْلإِيمَا ِ‬
‫قال تعالي‪َ ( :‬ربّنَا ِإنّنَا َ‬
‫خ ِزنَا‬
‫ع ْد َتنَا عَلَى رُسُلِكَ وَل ُت ْ‬ ‫س ّيئَا ِتنَا َوتَ َو ّفنَا مَ َع ا ْلَأبْرَارِ) (‪َ ( )193:‬ر ّبنَا وَآ ِتنَا مَا وَ َ‬‫عنّا َ‬ ‫ُذنُو َبنَا َوكَ ّفرْ َ‬
‫عمَلَ عَامِلٍ ِم ْن ُكمْ مِنْ‬ ‫ب َلهُمْ َر ّبهُمْ َأنّي ل ُأضِيعُ َ‬ ‫س َتجَا َ‬
‫يَ ْومَ الْ ِقيَامَ ِة ِإنّكَ ل ُتخْلِفُ ا ْلمِيعَادَ) (‪( )194‬فَا ْ‬
‫سبِيلِي َوقَاتَلُوا‬ ‫ن ِديَارِهِ مْ وَأُوذُوا فِي َ‬ ‫خ ِرجُوا مِ ْ‬ ‫جرُوا وَُأ ْ‬ ‫ن َبعْ ضٍ فَاّلذِي نَ هَا َ‬ ‫َذكَرٍ َأ ْو ُأ ْنثَى َب ْعضُكُ مْ مِ ْ‬
‫ع ْندِ اللّ هِ وَاللّ هُ‬
‫ح ِتهَا ا ْلَأ ْنهَارُ ثَوَابا ِم نْ ِ‬
‫ن َت ْ‬‫جرِي مِ ْ‬ ‫جنّا تٍ َت ْ‬
‫س ّيئَا ِت ِهمْ وََلُأدْخَِل ّنهُ مْ َ‬
‫ع ْنهُ مْ َ‬
‫َو ُقتِلُوا َلُأكَ ّفرَنّ َ‬
‫حسْنُ الثّوَابِ) (آل عمران‪193:‬س ‪.)195‬‬ ‫ع ْندَ ُه ُ‬
‫ِ‬

‫و عن أ بي ب كر ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قلت يا ر سول ال صلي ال عل يه و سلم علم ني‬


‫دعاء أدعوا به في صلتي‪ .‬قال‪ (( :‬قل‪ :‬اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا‪ ،‬ول يغفر إل أنت‪،‬‬
‫فاغفر لي مغفرة من عندك‪ ،‬وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم))‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪Islamway.com‬‬
‫فعلي العبد أن يكثر من دعاء ال عز وجل أن يغفر له ذنوبه ويتجاوز عن عيوبه ‪ ،‬ل‬
‫سسيما فسي أوقات الجابسة ‪ ،‬كجوف الليسل الخسر‪ ،‬وآ خر سساعة من يوم الجم عة‪ ،‬وب ين الذان‬
‫والقامة ‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫ع ْرضُهَا َك َعرْض ِس السّسمَاءِ وَا ْلَأرْض ِس‬ ‫جنّةٍ َ‬


‫وقال تعالي‪( :‬سسَابِقُوا إِلَى َمغْ ِفرَةٍ مِن ْس َر ّبكُم ْس َو َ‬
‫ت لِّلذِينَ آ َمنُوا بِاللّهِ َورُسُلِ ِه ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ ُي ْؤتِي ِه مَنْ َيشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْ َفضْلِ ا ْل َعظِيمِ) (الحديد‪:‬‬
‫عدّ ْ‬
‫أُ ِ‬
‫‪. )21‬‬
‫ف يا أي ها الم سلم عل يك بال سعي بتح صيل أ سباب المغفرة وخا صة في الزم نة الفاضلة‪،‬‬
‫والماكن المعظمة ‪ ،‬قبل أن ينزل بك الجل‪.‬‬
‫هذا وصلي ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫أمله‬
‫‪)(1‬‬
‫عبد ال بن عبد الرحمن السعد‬

‫(‪ (1‬وأمرني بتكميل ما بقي من هذا الموضوع ‪ ،‬فأضفت إليه ما يتعلق به‪ ،‬وعرضته على الشيخـ حفظه ال ـ فأقره ‪.‬‬
‫كتبه سعد بن محمد القحطاني في ‪/27‬رمضان‪.1427/‬‬

You might also like