Professional Documents
Culture Documents
com
أسباب
مغفرة الذنوب
لفضيلة الشيخ
عبد ال بن عبد الرحمن السعد
أعتني به
فعلي كل مسلم أن يسعى إلي تحقيق هذه المغفرة له من قبل ال عز وجل وذلك بفعل
السباب التي جعلها ال عز وجل سببا لغفران الذنوب والتجاوز عن السيئات والعيوب ،وهذه
السباب )(1هي:
والتوبة هي :رجوع العبد إلي ال والنابة إليه من ذنب قد ارتكبه أو واجبا تركه ،ولها
شروط ثلثة وهي :الندم والقلع عن الذنب والعزيمة على عدم العودة ،وإن كان ذلك في حق
مخلوق فترد عليه حقه أو تتحلل منه.
والتوبة من أفضل العمال وأجل القربات التي يتقرب بها العبد إلي ربه عز وجل،
وقد بين الرسول صلي ال عليه وسلم مكانة هذه العبادة عند ال عز وجل بقوله (( :ل أشد
فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض مهلكة دوية ،عليها طعامه وشرابه ،فطلبها
حتى إذا أيس من حصولها نام في أصل شجرة ينتظر الموت ،فاستيقظ ،فإذا هي على رأسه،
قد تعلق خطامها بالشجرة ،فال أفرح بتوبة عبده من هذا براحلته)) متفق عليه.
وقد شرع ال لعباده الستغفار بعد العمال الصالحة كالصلة والحج ،حتى يكون ذلك
حيْثُ َأفَاضَ النّاسُ
ن َ
جبارا لما قد يحصل فيها من النقص ،قال تعاليُ ( :ثمّ َأفِيضُوا مِ ْ
ن اللّهَ غَفُورٌ َرحِيمٌ) (البقرة ،)199:وعن ثوبان رضي ال عنه قال (( :كان س َتغْ ِفرُوا اللّ َه إِ ّ
وَا ْ
صلي ال عليه وسلم إذا أنصرف من صلته استغفر ال ثلثا)) .رواه مسلم.
•* *
ن آ َمنُوا وََلمْ يَ ْل ِبسُوا إِيمَا َن ُهمْ ِبظُ ْلمٍ أُوَل ِئكَ َل ُه ُم ا ْلَأمْنُ وَ ُهمْ ُم ْه َتدُونَ)
قال تعالي( :اّلذِي َ
(النعام ، )82:أي :آمنوا بال ولم يلبسوا إيمانهم بشرك ،فلهم المن في الخرة ،وهم مهتدون
في الدنيا.
( (1انظر للفائدة كلم المام ابن تيمية في مكفرات الذنوب حيث عدها عشراً ،وللشيخ عبد ال بن عقيل نحو ذلك،
وما فيها نحو ما ذكر هنا.
Islamway.com
فالتوحيد هو أساس الدين ،وهو الشرط الول لقبول القربات والطاعات ومغفرة
الذنوب ،وتحقيقه يكون بتخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي ،فيكون
بإفراد ال عز وجل بالعبادة وإثبات ما أثبته ال لنفسه ،والتيان بالركان والواجبات وتكميل
ذلك بالسنن والمستحبات.
وترك ما ينافي ذلك كله من الشرك الكبر الذي ينافي أساس التوحيد وأصله ،وترك
الشرك الصغر والكبائر والتي تنافي كمال التوحيد الواجب ،وترك كل ما ينافي كماله
المستحب من السترقاء – وهي طلب الرقية من الغير ، -ومثله الكتواء ،كما جاء في حديث
ابن عباس رضي ال عنه -عند مسلم – في السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بل حساب.
ومما يحقق التوحيد محبته -محبة التوحيد وأهله والذود عن أعراضهم والرد على
مخالفتهم ،-قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه ال :من لم يحب التوحيد لم يكن موحدا؛
لنه هو الدين الذي رضيه ال لعباده ،كما قال تعاليَ ( :و َرضِيتُ َل ُكمُ ا ْلِأسْلمَ دِينا ) .
وقال المام ابن تيمية – رحمه ال : -من أحب ال دينه ،وما ل فل.
ش َركُوا
كما أن الشرك أعظم سبب يمنع العبد من مغفرة الذنوب ،قال تعالي ( :وََلوْ َأ ْ
ش َركَ بِهِ َو َيغْ ِفرُ مَا دُونَ
ن اللّ َه ل َيغْ ِفرُ َأنْ ُي ْ
ع ْن ُهمْ مَا كَانُوا َي ْعمَلُونَ)(النعام )88 :وقال( :إِ ّ
حبِطَ ََل َ
ن َيشَاءُ)(النساء.)48 : ذَِلكَ ِلمَ ْ
فتحقيق التوحيد واجتاب الشرك من أعظم السباب التي يتحقق من خللها المغفرة
للعبد ،فقد أخرج مسلم عن أبي ذر رضي ال عنه قال :سمعت رسول ال صلي ال عليه وسلم
يقول (( :قال ال تعاليك يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الرض خطايا ،ثم لقيتني ل تشرك بي
شيئا ،لتيتك بقرابها مغفرة)).
وأخرج الترمذي من حديث عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال عنه قال :سمعت
رسول ال صلي ال عليه وسلم يقول (( :إن ال سيخلص رجلً من أمتي على رؤوس الخلئق
يوم القيامة ،فينشر عليه تسعة وتسعين سجلً ،كل سجل مثل مد البصر ،ثم يقول :أتكر من
هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ يقول :ل يا رب ،فيقول :أفلك عذر؟ فيقول :ل يا رب ،
فيقول :بلي ،إن لك عندنا حسنةً ،فإنه ل ظلم عليك اليوم ،فيخرج بطاقة فيها :أشهد أن ل إله
إل ال ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،فيقول :احضر وزنك ،فيقول :يا رب ما هذه
البطاقة مه هذه السجلت؟ فقال :فإنك ل تظلم .قال :فتوضع السجلت وثقلت البطاقة ،ول
يثقل مع اسم ال شيء)) إسناده جيد ،وقد صححه ابن حبان والحاكم.
قال أبو الفرج ابن رجب :من جاء مع التوحيد بقراب الرض خطايا لقيه بقرابها
مغفرة 000إلي أن قال :فإن كمل توحيد العبد وإخلصه ل تعالي فيه ،وقام بشروطه بقلبه
ولسانه وجوارحه ،أو بقلب ولسانه عند الموت أوجب ذلك مغفرة ما قد سلف من الذنوب
كلها ،ومنعه من دخول النار بالكلية ،فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل من سوى
ال محبة وتعظيما ،وإجللً ومهابة ،وخشية وتوكلً ،وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ،وإن
كانت مثل زبد البحر .ا .هس ملخصا
قال العلمة ابن القيم – رحمه ال تعالي :-ويعفي لهل التوحيد المحض الذي لم
يشوبوه بالشرك ،مال يعفي لمن ليس كذلك ،فلو لقي الموحد الذي لم يشرك بال شيئا البتة ربه
بقراب الرض خطايا أتاه بقرابها مغفرة ،ول يحصل هذا لمن نقص توحيده ،فإنه التوحيد
Islamway.com
الخالص الذي ل يشوبه شرك ل يبقي معه ذنب؛ لنه يتضمن من محبة ال وإجلله وتعظيمه
وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب ،ولو كانت قراب الرض ،فالنجاسة عارضة ،
والدافع له قوي .ازهس.
***
وهذا السبب من السباب العظيمة التي يحصل بها مغفرة الذنوب سواء كان العمل من
الواجبات أو المستحبات ،والدلة على ذلك كثيرة جدا منها:
وفي ((الصحيحين )) (( :من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) ،
وفي رواية (( :من قام ليلة القدر)).
يكفر السنة الماضية (( وسئل صلي ال عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال:
والباقية)).
يكفر السنة الماضية)). (( وسئل صلي ال عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء فقال :
والدلة في هذا كثيرة من القرآن والسنه ،وهذا أمر معلوم لدى كل مسلم ،فعلي كل أحد
أن يكثر من العمال الصالحة قولية كانت أم فعلية.
***
فهذا وعد من ال لعباده أنهم إذا اجتبوا كبائر المنهبات غفر لهم جميع الذنوب
والسيئات ،وأدخلهم مدخلً كريما س كثير الخيرس وهي الجنة المشتملة على ما ل عين
رأت ،ول أذن سمعت ،ول خطر على قلب بشر.
ويدخل في اجتناب الكبائر :فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا للكبائر ،كما أخرج
المام مسلم في (( صحيحه)) من حديث أبي هريرة رضي ال عنه قال :قال النبي صلي ال
عليه وسلم (( :الصلوات الخمس ،والجمعة إلي الجمعة ،ورمضان إلي رمضان ،مكفرات
لما بينهن ،ما اجتنب الكبائر)) ،فاجتناب السيئات والذنوب بشتى أنواعها سبب لغفران
الذنوب.
•* *
فغفر لهذه المرأة بسبب إحسانها لهذا الكلب ،فكيف بمن يحسن إلي الناس ،ويسعى إلي
تفريج كربهم؟!
و عن حذي فة بن اليمان ر ضي ال ع نه قال :سمعت ر سول ال صلي ال عل يه و سلم
يقول (( :مات رجسل فقيسل له :مسا كنست تقول؟ قال :كنست أبايسع الناس فاتجوز عسن الموسسر،
وأخفف عن المعسر ،فغفر له)) رواه البخاري.
وك ما أن أذى الناس من ال سباب المان عة لمغفرة الذنوب ،قال تعالي( :وَاّلذِي نَ ُي ْؤذُو نَ
ح َتمَلُوا ُب ْهتَانا وَِإثْما ُمبِينا) (الحزاب. )58:
سبُوا فَ َقدِ ا ْ
ت ِب َغيْرِ مَا ا ْكتَ َ
ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ وَا ْلمُ ْؤ ِمنَا ِ
وعن أبي هريرة رضي ال عنه أن النبي صلي ال عليه وسلم قال (( :إن المفلس من
أم تي من يأ تي يوم القيا مة ب صلة و صيام وزكاة ،ويأ تي وقد ش تم هذا ،وقذف هذا ،وأ كل مال
Islamway.com
هذا ،وسفك دم هذا ،وضرب هذا ،فيعطي هذا من حسناته ،وهذا من حسناته ،فإن فنيت حسناته
قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ،ثم طرح في النار)) رواه مسلم.
فالحسان إلي الناس ،والتخفيف عنهم ،وتفريج كربهم ،وقضاء حوائجهم ،وكف الذى
عنهم ،سبب لمغفرة ال للعبد.
***
•* *
فإن دعاء ال عز وجل سبب عظيم لمغفرة الذنوب والتجاوز عن العيوب والسيئات.
أمله
)(1
عبد ال بن عبد الرحمن السعد
( (1وأمرني بتكميل ما بقي من هذا الموضوع ،فأضفت إليه ما يتعلق به ،وعرضته على الشيخـ حفظه ال ـ فأقره .
كتبه سعد بن محمد القحطاني في /27رمضان.1427/