You are on page 1of 14

‫‪1‬‬

‫آليات اشتغال السخرية في الخطاب الصحفي‪ :‬عمود شوف تشوف نموذجا‬

‫تقديم‪:‬‬
‫تخبرنا العلوم المعرفية أن الخطاب في عملية إنتاجه وتأويله ال يتوقف على منطوق الكالم فحسب‪،‬‬
‫بل يستند كذلك إلى العديد من المعارف والمواقف والمعتقدات واإليديولوجيات المشتركة اجتماعيا‪ .‬إن‬
‫الخطاب‪ ،‬كما وصفه فان ديك (‪ )2000‬ليس سوى رأس جبل جليدي‪ ،2‬يوحي ويتضمن ويشير إلى العديد‬
‫من التمثيالت االجتماعية‪ .‬فإن كان هذا حال الكالم العادي فما بالنا بالسخرية التي تعتمد اعتمادا أساسيا على‬
‫عوامل غير معجمية في اكتمال فهمها‪ .‬ونتوصل إلى معنى السخرية انطالقا من كون الساخر يوحي‬
‫"باإلشارة أو النبر أو القرائن السياقية النصية أو الخارج نصية إلى الفحوى من" (شايب‪)120 :2004 ،‬‬
‫كالمه والمقصدية من خطابه‪ .‬ونفهم من هذا الكالم أن السخرية لها بعد داللي معجمي مكمل للبعد التداولي‬
‫السياقي‪ ،‬فهناك آليات لغوية وبارالغوية تشير إلى السخرية وتعلن حضورها لتكمل المعلومات السياقية هذه‬
‫الداللة وتغنيها‪ ،‬فتنتج األثر الساخر‪ ،‬أو الوظيفة المتغياة من السخرية‪.‬‬

‫انطالقا من هذا الفهم سنحاول أن نبحث في آليات اشتغال السخرية في خطاب غير أدبي هو الخطاب‬
‫الصحفي‪ ،‬وبالضبط عمود 'شوف تشوف" للصحفي المغربي رشيد نيني‪ ،‬انطالقا من إيماننا أن الخطابات‬
‫الجماهيرية هي التي يجب أن تولى اهتماما كبيرا نظرا لتأثيرها في عدد كبير من القراء‪ ،‬وتأديتها دورا هاما‬
‫في توجيه صناعة الرأي العام والمواقف العامة حول القضايا السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪،‬‬
‫إلخ‪ .‬وسنركز على األدوات اللغوية التي تشير إلى السخرية‪ ،‬مستعينين بالسياق اللغوي بصفة خاصة والسياق‬
‫العام بصفة عامة لتأويل معنى الملفوظات الساخرة التي سنتوقف بها‪ ،‬ساعين إلى تحديد وظيفة السخرية‬
‫لدى نيني‪.‬‬

‫وينقسم هذا العمل إلى قسمين؛ قسم نظري ننظر فيه إلى األعمال النظرية التي حاولت فهم السخرية‬
‫ووظائفها وطرائق اشتغالها‪ .‬وقسم ثان عملي نبرز فيه اشتغال السخرية في عمود شوف تشوف في بعدها‬
‫اللغوي‪ .‬قبل أن ننتهي إلى خالصات هذا المقال‪.‬‬

‫‪ - 1‬بكار‪ ،‬سعيد (‪' .)2019‬آليات اشتغال السخرية في الخطاب الصحفي‪ :‬عمود شوف تشوف نموذجا'‪ .‬ضمن أبحاث في الفكاهة والسخرية‬
‫(مجموعة مؤلفين)‪ .‬الورشة التاسعة‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بأكادير‪.‬‬
‫‪ - 2‬يرى تون فان ديك أن "بعض المعلومات قد تترك ضمنية في إنتاج الخطاب‪ ،‬مؤدية من ثم إلى ما ندعوه عادة باالقتضاءات‪ .‬بهذا المعنى الخطابات‬
‫شبيهة بالجبال الجليدية حيث جزء صغير فقط من المعاني (القضايا) يعبر عنه فعليا‪ ،‬ومعظم المعلومات األخرى قد تكون مقتضا ٍة على نحو ضمني‪،‬‬
‫ومن ثم تظل ضمنية‪ ،‬لكون المتلقين هم ببساطة من الثقافة نفسها وهم قادرون على إنتاج هذه المعلومات بأنفسهم أثناء بناء نماذجهم الخاصة للحدث"‬
‫(‪)van Dijk, 2000: 24f‬‬
‫‪ -1‬تداولية السخرية‪:‬‬
‫هناك أدبيات كثيرة كتبت حول السخرية‪ ،‬ونسعى من خالل هذا السند النظري إلى تلخيص هذه‬
‫األدبيات تلخيصا موجزا‪ ،‬متوقفين بالنظريات التي حاولت فهم السخرية وإدراكها ووظائفها‪ ،‬ثم نقف بعد‬
‫ذلك بالجهود اللسانية التي بذلت في مقاربة السخرية‪ ،‬معتمدين عليها في فهم آليات اشتغال السخرية في‬
‫عمود "شوف تشوف"‪.‬‬

‫نظريات السخرية‪:‬‬ ‫‪-1 -1‬‬


‫عرف مسرد مصطلحات الداللة والتداولية ألالن كروز السخرية بكونها "صنفا من أصناف اللغة‬
‫المجازية يكون فيه المعنى المقصود لعبارة عادة نقيض المعنى الحرفي‪ ..‬وأن المعنى الحرفي للعبارة‬
‫الساخرة هو باألساس صدى للكلمات أو اآلراء المفترضة لشيء آخر (‪ .)Cruse, 2006: 97‬فإذا قال‬
‫شخص ما في يوم غزير األمطار كثير العواصف‪" :‬يا له من جو جميل"‪ ،‬فإنه ال يقصد المعنى الحرفي‬
‫للعبارة‪ ،‬بل العبارة تكون صدى لرأي يفترضه السامع‪ ،‬وهو كون المتلفظ إنما يود قول إن الجو فظيع‪ .‬لكن‬
‫لماذا يستعمل المتلفظ العبارة األولى دون العبارة الثانية؟ وكيف يتم االنتقال من المعنى الحرفي إلى المعنى‬
‫المقصود؟ هذان السؤاالن كان سببا في ظهور نظريات عديدة حاولت تفسير هذا التعبير المجازي‪ .‬وبغية‬
‫عرض نظريات السخرية‪ ،‬سنتبع طريقة راشيل جيورا ‪ Rachel Giora‬في ذلك‪ ،‬حيث انطلقت من األمثلة‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫‪ )1‬ذهبنا في نزهة‪ ،‬وبدأت السماء تمطر‪ ،‬فقلت‪' :‬يا له من يوم جميل للخروج في نزهة"‪.‬‬
‫ُّ‬
‫فالتفت إليك وقلت‪:‬‬ ‫‪ )2‬وجدنا بالصدفة زبونا يشتكي في متجر وقد ثارت ثائرته‪ ،‬وبدأ يفعل أشياء غبية‪،‬‬
‫'يمكنك أن تقول إنه غاضب"‪.‬‬
‫‪ )3‬تقول لشخص يستعرض معارفة بغطرسة وبعدوانية‪' :‬أنت تعرف الكثير في الحقيقة'‪.‬‬
‫‪ )4‬كنا نمشي في حي راق جدا‪ ،‬وصادفنا سيارات فيراري وجاغوار‪ ،‬فقلت‪' :‬يا لها من خردوات'‪.‬‬
‫‪ )5‬شكرا لميكرونيسيا‪.‬‬

‫أدانت كل دول العالم إسرائيل لعمليات البناء في القدس‪ ،‬بما أنها تخرق معاهدة أسلو‪ ،‬وتعيق عملية السالم‪،‬‬
‫إال دولتان لم تفعال ذلك هما‪ :‬الواليات المتحدة وميكرونيسيا‪.‬‬

‫علينا أن نكون ممتنين لفدرالية الجزر هاته المتواجدة في المحيط الهادئ‪ ،‬والتي ال تتجاوز ساكنتها ساكنة‬
‫مدينة بني براك [مدينة إسرائيلية دينية صغيرة] التي لم تدفعها جماعة ضغط يهودية لتحول دون االستبعاد‬
‫الجماعي إلسرائيل من العائلة الدولية‪.‬‬

‫أقترح أن نقوم برفع علم ميكرونيسيا في يوم االستقالل‪.‬‬


‫‪ )6‬أ‪ :‬ابنتي مالك‬

‫ب‪( :‬بازدراء)‪ :‬هي مالك بالفعل! (‪)Giora, 1998: 2-5‬‬

‫إن النظرية الكالسيكية للسخرية تع ُّد السخرية موصلة لنقيض ما تقوله‪ .‬وقد تحديت هذه النظرة من‬
‫قبل التداوليين وعلماء النفس العرفانيين على السواء (‪ .)ibid., p: 1‬ويمكن إيجاز هذا التحدي في‬
‫النقط‪/‬النظريات اآلتية‪:‬‬

‫أوال‪ -‬يفترض 'النموذج التداولي المعيار' (‪)Grice, 1975; Haverkate, 1990; Searl, 1979‬‬
‫أن السخرية شكل خاص من أشكال استعمال اللغة‪ ،‬حيث يستخدم ما يقال (معنى الجملة) إليصال ما لم يقل‬
‫(معنى المتكلم)‪ .‬ويرى غرايس أن استعمال اللغة يتطلب تعاونا بين المشاركين في استعمال اللغة‪ .‬وهو ما‬
‫أشار إليه بمبادئ التواصل األربعة‪ .‬والمتمثلة في‪:‬‬

‫أ‪ .‬أن تكون المعلومات (جديدة) وكافية‬


‫ب‪ .‬أن تكون المعلومات صحيحة وقابلة ليتثبت من صحتها‬
‫ج‪ .‬أن تكون المعلومات مالئمة للموضوع المناقش‬
‫د‪ .‬أن تكون المعلومات واضحة وغير ملتبسة (‪)Giora, 1998; 2‬‬

‫وفقا لغرايس‪ ،‬ينبغي للمتلكم ليوصل قصدا ساخرا أن يخرق مبدأ الصدق‪ .‬وينبغي للمخاطب أن يتوصل‬
‫إلى المعنى المقصود انطالقا من استنتاج نقيض ما قيل (االستلزام التخاطبي)‪ .‬ومن ثم ينظر إلى هذه الطريقة‬
‫في الحديث بكونها شكال من أشكال التأدب‪.‬‬

‫وترى غيورا أن المثالين (‪ )1‬و(‪ )4‬يوفيان بشروط غرايس‪ ،‬حيث يخرقان بوضوح مبدأ الصدق‪،‬‬
‫ويمكن النظر إليهما بوصفهما يتضمنان نقيض ما قيل‪ .‬لكن نظرية غرايس ال تفسر مع ذلك الخطابين‬
‫الساخرين في (‪ )2‬و(‪ ،)3‬اللذان هما شكالن من التصريح الملطف ‪ understatement‬اللذين ال يخرقان‬
‫مبدأ الصدق‪ ،‬والمثال (‪ ) 5‬الذي يتحدث عن سياسة دولة إسرائيل وينتقدها دون أي تضمين لنقيض ما يقوله‬
‫هذا المثال (‪.)ibid., p: 3‬‬

‫ثانيا‪ -‬أعاد أتاردو (‪ )Attardo, 1996, 1999‬توجيه النظرة العامة للسخرية غير المالئمة سياقيا‪،‬‬
‫باقتراحه أن السخرية تخترق مبدأ المالئمة السياقية والنصية‪ ،‬بدال من اختراق مبدأ الصدق لدى غرايس‪.‬‬
‫فالمثال (‪ )1‬مثال لو قاله مزارع تعاني أرضه من الجفاف‪ ،‬سيكون ساخرا رغم أن كالمه حقيقي‪ ،‬وذلك نظرا‬
‫لعدم المالءمة السياقية )‪. (ibid‬‬

‫ثالثا‪ -‬اقترح كالرك وغيريج (‪ )Clark, 1996; Clark and Gerrig, 1984‬أن الساخر يدعي أنه‬
‫يتحدث إلى مخاطب متخيل أو ضمني بينما هو يخاطب في الحقيقية مخاطبا فعليا‪ ،‬ويفترض الساخر أن‬
‫المخاطب المتخيل عليه أن يأخذ الكلمات على ظاهرها‪ ،‬بينما المخاطب الفعلي يفترض أن يكون قادرا على‬
‫إدراك االدعاء واإلشارة إلى المعنى الساخر الذي يقصده المتكلم‪.‬‬

‫ترى غيورا أن نظرية االدعاء يمكن أن تفسر كل األمثلة المذكورة أعاله‪ ،‬مع ذلك قد يكون المثال‬
‫(‪ )4‬استثناء لذلك‪ .‬فالساخر وفق هذه النظرية شخص متفائل نوعا ما‪ ،‬يرى العالم انطالقا من منظار وردي‪.‬‬
‫والمثال (‪ )4‬ال يخضع لهذا األمر‪ .‬إذ هو فعل تواصلي مصطنع ‪ .staged‬عندئذ ينخرط المتكلمون في ادعاء‬
‫مشترك (‪.)ibid‬‬

‫رابعا‪ -‬ترى غيورا (‪ )Giora, 1995‬أن السخرية شكل من أشكال النفي غير المباشر‪ .‬وأنها تخرق‬
‫مبدأ اإلخبار المتدرج ‪( graded informativeness‬بدال من مبدأ الصدق)‪ ،‬حيث يقوم الساخر بنفي شيء‬
‫دون استخدام أداة نفي‪ .‬وترى الباحثة أن رؤية السخرية على أنها نفي غير مباشر يفترض أن السخرية‬
‫تحتفظ بالرسالتين الصريحة والضمنية‪ ،‬من ثم يمكن قياس الفرق بينهما‪ .‬وترى أن هذه النظرية تفسر األمثلة‬
‫كلها بما في ذلك المثال (‪)ibid., p: 4( .)4‬‬

‫خامسا‪ -‬يرى سبربر وويلسون (‪ )Sperber and Wilson, 1986‬أن السخرية تمثيل لتلميح‬
‫‪ allusion‬صدوي لملفوظ شخص ما‪ ،‬أو آلراء شخص ما‪ ،‬أو لحكمة شعبية‪ ،‬بطريقة متهكمة على نحو‬
‫ظاهر أو بطريقة توبيخية‪ .‬بناء على هذا التفسير يقول المتكلمون ما يرفضونه في الواقع من أجل إبعاد‬
‫أنفسهم عما يذكرونه‪.‬‬

‫ترى غيورا أن نظرية المالءمة تفسر السخريات الموجودة أعاله باستثناء المثال (‪ .)4‬ففي غياب‬
‫سياق قبلي للسماح بصدى واضح ال تمثل العبارة المنفية حكمة شعبية أو فكرة خاصة لشخص ما‪ .‬من ثم هي‬
‫ليست صدى‪ ،‬بما أن مصدر الصدى ال يمكن تعقبه (‪.)ibid, p: 4-5‬‬

‫سادسا‪ -‬اقترحت سيرسو )‪ (Curco, 1997‬بناء على نظرية سبربر وويلسون أن الساخر يفصل نفسه‬
‫عما يقوله‪ ،‬ويصبح شخصا آخر‪ .‬كما في المثال (‪ )6‬الذي يتضمن فصال عما هو مقتضى من االستعارة‬
‫(المعنى غير الحرفي‪ :‬طيبة)‪ ،‬بدال مما هو مقول صراحة (المعنى الحرفي‪ :‬كائن غير بشري)‪ibid., p: ( .‬‬
‫‪)5‬‬

‫فهم السخرية‪:‬‬ ‫‪-2 -1‬‬


‫في الفصل األول من كتاب "السخرية واللغة والفكر" للباحثين الرائدين في السخرية رايموند غيبز‬
‫وهربرت كولستون ‪ ،)2007( Raymond Gibbs and Herbert L. Colston‬والمعنون ب"تاريخ‬
‫موجز للسخرية"‪ ،‬يتحدث هذا الباحثان عن كون فهم السخرية من المواضيع األساسية التي أثارت اهتمام‬
‫الباحثين في السخرية‪ ،‬مشيرين إلى كتاب إلنر وينر "‪ )Winner, 1988( "point of word‬الذي انتهى‬
‫إلى أن األطفال يستطيعون فهم االستعارة قبل فهم السخرية‪ ،‬وذلك راجع إلى كون الطور البدئي لفهم الفرق‬
‫بين جملة ومعنى المتكلم وكشفه أكثر صعوبة في فهم السخرية‪ ،‬وهكذا فاألطفال غير قادرين على فهم‬
‫السخرية قبل عمر ست سنوات‪ ،‬بينما ورقة هانكوك دونهام وبيردي ( ‪Hancock, Dunham and‬‬
‫‪ )Purdy, 2000‬فحصت قدرة أطفال تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات وست سنوات على كشف الطبيعة‬
‫غير الحرفية والمعنى المقصود لالنتقادات الساخرة والمدح الساخر‪ ،‬وانتهت مع بحوث أخرى إلى أن كشف‬
‫عدم الحرفية يسبق القدرة على االستدالل الصحيح على المقاصد الساخرة للمتكلم‪ .‬ويشير الباحثان إلى‬
‫دراسات أخرى توسعت في هذا المجال‪ ،‬دارسة أنماطا من السخرية (المدح الساخر‪ ،‬والنقد الساخر‪،‬‬
‫والشكوى الساخرة) (‪)Gibbs and Colston, 2007: 14ff‬‬

‫وتشير غيورا (‪ )1998‬إلى أن موضوع فهم السخرية يمكن التمييز فيه بين موقفين اثنين‪ :‬موقف أول‬
‫تسميه نظرة الوصول المباشر ‪ ،direct access view‬الذي يقول به غيبس وسبربر وويلسون‪ ،‬الذين‬
‫يفترضون أن السياق يؤثر بشكل مهم في فهم السخرية‪ .‬بناء على هذا األمر ليس على المخاطب إال أن يختار‬
‫السياق األمثل لفهم السخرية أو يصل إلى افتراضات سياقية تجعل افتراضا معينا مالئما بصورة مثلى‪ .‬وبما‬
‫أن المعنى الحرفي غير مالئم سياقيا فليس هناك حاجة إلى معالجته‪ .‬وتبعا لهذه النظرة اللغة الحرفية ال ينبغي‬
‫أن تستغرق وقتا طويال في فهمها خالفا للغة المجازية (‪.)Giora, 1998: 5-6‬‬

‫يعكس الموقف الثاني أنصار النموذج التداولي المعيار‪ ،‬من قبيل‪ :‬سيرل وغرايس وداسكال وبريدن‪.‬‬
‫(‪ )Bredin, 1997; Dascal, 1987; Grice, 1975; Searl, 1979‬وفقا لهؤالء يعالج المخاطبون‬
‫المعنى الحرفي للجملة أوال‪ ،‬بغض النظر عن األثر السياقي‪ ،‬ويرون هل هو منسجم مع الموقف‪ ،‬فإن كان‬
‫كذلك يتقبل بوصفه المعنى المقصود‪ ،‬ويتوقف البحث‪ ،‬وإن لم يكن كذلك يرفض ويستبدل بمعنى غير حرفي‬
‫منسجم مع الموقف‪ .‬يتمتع المعنى الحرفي‪ ،‬في هذا الموقف‪ ،‬بمكانة متميزة؛ إنه دائما يفعل ودائما يكون‬
‫األول‪ .‬وهكذا تتطلب اللغة المجازية التي تتضمن السخرية على عملية متوالية‪ ،‬مما يأخذ وقتا أكبر في‬
‫معالجتها (‪.)Giora, 1998: 7‬‬

‫تقترح غيورا وآخرون (‪ )Giora, Fein and Schwartz, 1998‬رؤية عامة لفهم اللغة تفترض‬
‫أولوية المعاني البارزة بدال من المعاني الحرفية‪ .‬والمعاني البارزة هي المعاني المشفرة في المعجم الذهني‪،‬‬
‫وقد تتأثر درجة بروزها باأللفة أو التواتر أو الطرازية‪ .‬وترى غيورا أن المعاني البارزة ينبغي الوصول‬
‫إليها دوما وأوال بغض النظر عن المعلومات السياقية (‪.)Giora, 1998: 5-7‬‬

‫وظائف السخرية‪:‬‬ ‫‪-3 -1‬‬


‫تعد وظائف السخرية من المواضيع الهامة التي شغلت بال الباحثين في السخرية‪ ،‬إذ لم يختار المتكلم‬
‫التعبير بطريقة غير مباشرة أو ساخرة حول موضوع ما رغم أن الطرائق اإلخبارية الواضحة ال تعوزه؟‬
‫تتحدث غيورا (‪ )1998‬عن مجموعة من الوظائف التي تؤديها السخرية‪ ،‬فتبعا لها تستعمل السخرية‬
‫لتذكيرنا بعدم االنسجام أو التضارب بين ما هو متوقع وما مقدم‪ .‬كما أنها إستراتيجة تأدب؛ فهي شكل من‬
‫أشكال االنتقاد الملطف‪ .‬إنها أيضا تعزز االتهام الموجه لشخص بدال من تحقيقه‪ ،‬كما أنها تتميز بالعدوانية‪.‬‬
‫وتستعمل لحماية الناس ألنفسهم‪ .‬تتحدث غيورا أيضا عن وظائف تحدي االفتراضات الثقافية واإلعالم‬
‫والمفاجأة والتسلية‪ ،‬مميزة بين السخرية النقدية والسخرية الصديقة التي تستعمل إليصال االختالف ( ‪Giora,‬‬
‫‪.)1998: 9-12‬‬

‫أما غيبز وكولستون فتحدثا عن الوظائف اآلتية‪:‬‬

‫‪ ‬تقليل النقد أو اإلدانة المقصودة من لدن المتكلم‬


‫‪ ‬وظيفة تسلية خاصة بعد استيعاب الملفوظ الساخر‬
‫‪ ‬الهزل أو الفكاهة‬
‫‪ ‬تأكيد المعنى )‪.(Gibbs and Colston, 2007: 11-14‬‬

‫إن هذه الفهوم التداولية مهمة جدا في فهم السخرية وفي بيان طرق فهمها وغايات استعمالها‪ .‬بيد أننا‬
‫نرى أنها تحتاج أن تطعم ببعد داللي لغوي وبارالغوي يشير إلى السخرية‪ ،‬ويمكن القراء من إدراكها‪،‬‬
‫خصوصا في الخطاب الصحفي المكتوب‪ ،‬الذي يغيب العديد من المشيرات التي يمكن أن تساعد على فهم‬
‫السخرية لو كانت تجري في مقام معين‪ .‬ولتحقيق ذلك سنستعين بدراسات اللسانيين وما قدموه من أدوات‬
‫لسانية قادرة على كشف الملفوظات الساخرة في النصوص المكتوبة‪ .‬وينبني هذا المنزع الذي نميل إلى إليه‬
‫على فهمنا للسخرية وتعريفنا لها‪ ،‬أي بكونها ظاهرة تداولية تحفزها عناصر داللية‪.‬‬

‫‪ -4-1‬األدوات اللغوية بوصفها إشارة إلى السخرية‪:‬‬


‫يرى أتاردو ‪ Attardo‬أن السمات الداللية والتداولية للسخرية مرتبطان ببعضهما بعضا‪ ،‬وال يمكن‬
‫تمييزهما حين استعمالها بسبب كون المعنى الداللي للملفوظ الساخر يعتمد دائما على تأويل تداولي للملفوظ‬
‫(‪ .)Attardo, 2005‬بيد أن هناك بعض األدوات الداللية إلى السخرية‪ ،‬وبتعبير غيورا معاني بارزة‪ ،‬تسهم‬
‫في استكشاف السخرية وتأويلها التأويل الصحيح‪ .‬وهي أدوات نلخصها في قسمين‪:‬‬

‫‪ /1‬أدوات جملية‪ ،‬من قبيل‪ :‬قلب المعنى‪ ،‬والتقاطب‪ ،‬واالستعارة‪ ،‬واألسئلة البالغية‪ ،‬والمبالغات‪،‬‬
‫واألفعال الكالمية غير المتوقعة‪.‬‬

‫‪ /2‬أدوات معجمية‪ ،‬من قبيل‪ :‬العبارات المؤكدة‪ ،‬الطباق‪ ،‬واألوكسيمورون‪ 3‬واالشتراك الداللي‪.‬‬

‫‪ - 3‬األوكوسيمورون ‪ oxymoron‬عبارة عن صورة بالغية تمزج فيها كلمتان متناقضتان‪ ،‬من قبيل‪ :‬تفاؤل محزن‪.‬‬
‫وقد اعتمدنا في هذا التصنيف على دراسة ستانيل تينا بعنوان "المقاربات اللسانية للسخرية" ( ‪Stanel‬‬
‫‪ ،)Tina, 2006‬بما أنها توجز إسهامات اللسانيين في فهم السخرية‪ .‬وهي إسهامات لخصناها في األدوات‬
‫أعاله‪.‬‬

‫‪ -2‬اآلليات اللغوية الشتغال السخرية في عمود "شوف تشوف"‪.‬‬


‫نشير بدءا إلى ضرورة التمييز بين الخبر الجاد ‪ hard‬والخبر الناعم ‪soft‬؛ ألن التميز بينهما يجعل‬
‫من السهل تفهم حضور السخرية في خبر دون اآلخر‪ .‬في هذا الصدد تميز بريتستين ‪ Prestin‬بين األخبار‬
‫الجادة واألخبار الناعمة؛ حيث تتسم األخبار الجادة باألسلوب المحايد للكتابة‪ ،‬مقدمة معلومات حول ما وقع‪،‬‬
‫لمن‪ ،‬ومتى وأين‪ .‬أي أنها تتجنب التقييمات الذاتية والغموض‪ .‬أما األخبار الناعمة فهي أيضا إخبارية‪ ،‬لكنها‬
‫تهدف إلى إقناع القارئ من ثم تستعمل األدوات اللغوية والصور البالغية لخلق صيغة غير رسمية ومرحة‬
‫للتواصل (‪.)Prestin, 2000: 168ff in Tina, 2006: 57‬‬

‫يتميز عمود "شوف تشوف" لرشيد نيني بهذه النزعة المرحة‪ ،‬ومن ثم نصنف عموده في إطار األخبار‬
‫الناعمة‪ ،‬التي تنساب من خالل عباراتها الساخرة إلى ذهن القارئ‪ ،‬محاولة إقناعه بمضمونها‪ .‬هذه النزعة‬
‫اإلقناعية تكملها نزعة أخرى دعائية للمجلة بغية استقطاب عدد كبير من القراء‪ ،‬في هذا الصدد يرى توماس‬
‫ألبرت ‪ Thomas Albert‬أن العمود الصحفي يتميز بالذاتية‪ ،‬والجرأة‪ ،‬واألسلوب المشرق والجدير‬
‫بالمتابعة (ألبرت‪ .)344 :1964 ،‬هذه السمة األخيرة ترتبط بتصنيف هذا الباحث للعمود الصحفي من حيث‬
‫األسلوب‪ ،‬وبالضبط باألسلوب الساخر الذي يعتمده كتاب األعمدة الصحفية الستقطاب القراء‪ ،‬وهذا أيضا‬
‫يعتمده نيني للبحث عن شرائح واسعة من القراء لعموده‪.‬‬

‫وقد اعتمدنا عمود شوف تشوف لرشيد نيني‪ ،‬نظرا لكونه من األعمدة الساخرة في الصحافة المغربية‬
‫الحديثة‪ ،‬حيث من اليسير إدراك النبرة الساخرة التي يكتب بها مقاالته‪ ،‬واقتصرنا على ما ينشره الصحفي‬
‫نفسه‪ ،‬في موقع جريدة األخبار على األنترنت‪ ،‬من أعمدة منتقاة‪ ،‬إذ ال ينشر فيها كل أعمدته‪.‬‬

‫ننتقل بعد هذا التأسيس النظري إلى البحث في آليات إنتاج السخرية في عمود شوف تشوف‪ ،‬وسنتوقف‬
‫بكل آلية على حدة محددين إياها ومبرزين طرق اشتغالها وإنتاجها للمعنى الساخر‪ ،‬مقتصرين على مثال‬
‫واحد فقط‪ ،‬نظرا لحيز المقال‪.‬‬

‫االستعارة آلية من آليات إنتاج السخرية‪:‬‬ ‫‪-1 -2‬‬


‫نستعمل االستعارة هنا بمعنى التفكير في موضوع ما انطالقا من موضوع آخر ( ‪Lakoff and‬‬
‫‪ .)Johnson, 1980‬وكمثال فإن حديث رئيس الحكومة عن األعداء السياسيين بعبارة التماسيح والعفاريت‪،‬‬
‫نعتبرها استعارة؛ إذ يفكر بنكيران في أعدائه انطالقا من حقل حيواني‪ ،‬هو التمساح؛ والمعروف بعيشه في‬
‫الوحل والمياه الراكدة‪ ،‬وافتراسه‪ ،‬وغدره‪ ،‬وحقل روحاني هو العفاريت المتسمة باألساس بعدم الظهور‬
‫والقدرة على الفعل‪ ،‬ومن ثم فهؤالء الخصوم يحتاجون إلى مراقب يح ُّد من خطورة التماسيح‪ ،‬وفقيه يطرد‬
‫شر العفاريت ويبطل مفعولها‪.‬‬

‫ووفقا لبارب ‪ )1995( Barbe‬يمكن أن تستعمل االستعارة كأداة سخرية حينما يستعملها المرء بطريقة‬
‫مبالغ فيها ومتنافرة‪ ،‬ومن ثم تبدو هزلية أو نقدية (‪Barbe, 1995: 85ff cited in Tina, 2006: 42-‬‬
‫‪ .)43‬ونأخذ مثاال الستعمال االستعارة إلنتاج السخرية‪ ،‬قول رشيد نيني‪ ،‬في عمود "خطاب الديكتاتور"‪:‬‬

‫"والحقيقة أن السؤال الثاني هو بالضبط ما يجب طرحه على حكومتنا شبه اإلسالمية شبه العلمانية‪،‬‬
‫تلك الحكومة التي تشبه «دربالة الهداوي» بجمعها في سلة واحدة بين دعاة اإلجهاض ومناهضيه‪ ،‬وبين‬
‫دعاة إلغاء عقوبة اإلعدام والمتمسكين بها‪ ،‬وبين دعاة التعدد في الزوجات ومعارضيه‪ ،‬وبين دعاة الحرية‬
‫الفردية وممارسيها"‪.4‬‬

‫إن هذا المقتطف الذي وردت فيه عبارة 'تلك الحكومة التي تشبه دربالة الهداوي'‪ ،‬تشير إلى استعمال‬
‫استعارة هزلية مثيرة للضحك‪ ،‬نظرا لما تثيره في الذهن من تشابهات بين الحكومة وبين اإلنسان المجذوب‪.‬‬
‫وهو ما يمكن أن نوضحه في الشكل اآلتي‪:‬‬

‫الهدف‪ :‬الحكومة‬ ‫اإلسقاطات‬ ‫المصدر‪ :‬دربالة الهداوي‬


‫الحكومة‬ ‫المجذوب‬
‫مكونات الحكومة‬ ‫دربالة المجذوب‬
‫عدم االنسجام‬ ‫الفقر‬
‫الجدول ‪ :1‬إسقاطات استعارة الحكومة دربالة للهداوي‪.‬‬
‫إن هذه التشابهات بين دربالة الهداوي والحكومة هي التي تثير موقفا ساخرا‪ ،‬مؤدية إلى في البداية‬
‫إلى الضحك‪ ،‬ثم في ما بعد إلى اتخاذ موقف سلبي من الحكومة‪ .‬هذا المعنى السلبي هو معنى ناتج عن المزج‬
‫بين مجالي المصدر والهدف‪ ،‬فبما أن الحكومة غير منسجمة وغير متناسقة‪ ،‬فإنها لن تعمل بشكل جيد‪ ،‬إذ‬
‫لن تتفق مكوناتها بخصوص القضايا االجتماعية والثقافية التي تتعلق بمصالح المواطنين‪ ،‬وهذا ما عبر عنه‬
‫نيني في المقتطف أعاله حينما قال "بجمعها في سلة واحدة بين دعاة اإلجهاض ومناهضيه‪ ،‬وبين دعاة إلغاء‬
‫عقوبة اإلعدام والمتمسكين بها‪ ،‬وبين دعاة التعدد في الزوجات ومعارضيه"‪ .‬ونرى أن هذه االستعارة عبرت‬
‫عن سخرية نقدية عدوانية هدفها إبراز موقف سلبي من التحالف الحكومي‪ ،‬بل التكهن بسهولة تفككه‪ ،‬وهكذا‬
‫تتنبأ هذه االستعارة بسقوط هذه الحكومة أو حلها‪.‬‬

‫‪ - 4‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/2M4lrRB :‬تاريخ الدخول‪ ،2014/08/23 :‬على الساعة‪.23:10 :‬‬
‫‪ -2-2‬السؤال البالغي آلية من آليات إنتاج السخرية‪:‬‬
‫يعد السؤال البالغي إحدى التقنيات القادرة على تهديد وجه المخاطب‪ ،‬وهو من اإلستراتيجيات المنتجة‬
‫للسخرية معية االستعارة وغيرهما‪ ،‬كما أنه إستراتيجية حجاجية‪ .‬ويتضمن السؤال البالغي جواب السؤال‬
‫أو إظهار استحالة تحقيقه أو تضمنه في االفتراضات الخلفية التي يمتلكها القارئ أو السامع لهذه السؤال‬
‫البالغي‪ .‬ومن األمثلة الواردة في عمود شوف تشوف‪ ،‬ما جاء في عمود بعنوان "من لحيتو لقم ليه"‪:‬‬

‫"فبعدما قال يتيم إن نقابته هي النقابة الوحيدة المتبقية في المغرب ها هو يشيد بمشروع بنكيران الرامي‬
‫إلى رفع سن التقاعد إلى ‪ 65‬سنة ومضاعفة االقتطاعات ويشكره على ذلك‪ .‬هل سمعتم نقابة عمالية واحدة‬
‫في العالم تشكر رئيس الحكومة على رفس حقوق العمال؟"‪.5‬‬

‫إن هذا المقتطف يتضمن سؤاال بالغيا يشير إلى تنافر واضح بين وظيفة النقابة العمالية التي هدفها‬
‫الدفاع عن حقوق العمال‪ ،‬ونقابة يتيم التي شكرت بنكيران على رفعه لسن التقاعد للموظفين ومضاعفة‬
‫االقتطاعات من أجورهم‪ .‬وهذا ما يوحي بتناقض صارخ غير مبرر في نظر نيني‪ ،‬الذي لم يجد إال السخرية‬
‫منه انطالقا من آلية السؤال البالغي‪ .‬إن السؤال الذي يطرحه نيني هنا ال يتوقع إجابة عنه‪ ،‬وإنما يهدف من‬
‫خالله إلى التشكيك في مصداقية نقابة يتيم وإقناع القارئ بأنها بعيدة كل البعد عن كونها نقابة بما أنها تتحالف‬
‫مع الحكومة ضد حقوق العمال ومصالحهم‪ .‬وتغذو السخرية هنا عن طريق السؤال البالغي ذات وظيفة‬
‫اتهام بالخيانة والتبعية لرئاسة الحكومة‪ ،‬وباألساس أداة لرسم التناقض‪ ،‬بينما يقع‪ ،‬وكان من المفترض أن‬
‫يقع‪.‬‬

‫التهكم (‪ )sarcasm‬آلية من آليات إنتاج السخرية‪:‬‬ ‫‪-3 -2‬‬


‫يشير أتاردو (‪ )Attardo, 2000‬إلى أن التهكم نوع من السخرية السلبية بما أنه يحتوي خطابا فظا‬
‫نوعا ما‪ ،‬وفيه نبرات اتهام مباشرة‪ ،‬بل قد يضم الشتم كذلك‪ .‬أما مويك (‪ )Muecke, 1980‬فيعتبر التهكم‬
‫"الشكل الخام للسخرية"‪ ،‬بمأ أنه أكثر تهديدا للوجه من السخرية‪ .‬إنه يأتي بقصد إيذاء السامع وإظهار عدم‬
‫الموافقة‪ .‬وقد اعتبر بارب (‪ )Barbe, 1995‬التهكم النوع األكثر ورودا للسخرية واألكثر عدائية وعنفا‬
‫(انظر في هذا الصدد‪ .)Tina, 2006: 19-21 :‬ولنأخذ مثاال عنه في عمود بعنوان "الطنز العكري"‪ ،‬حيث‬
‫يقول نيني‪:‬‬

‫"السياسيون عندنا منافقون بالفطرة‪ ،‬متلونون كالحرباء‪ ،‬ويمارسون الكذب كرياضة وطنية‪ ،‬وأنكى‬
‫من ذلك أنهم يعتقدون أنفسهم أذكى الناس وأقدرهم على استغباء الرأي العام وتوظيف اإلعالم واستبدال‬
‫المعاطف وتغيير البندقية من كتف إلى كتف حسب تغير مواقع األهداف‪ .‬قبل أسابيع‪ ،‬وفي برنامج تلفزيوني‬

‫‪ - 5‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/2AXiywC :‬تاريخ الدخول‪ ،2016/01/10 :‬على الساعة‪.22:24 :‬‬
‫تم تخصيصه للتعيينات في مناصب المسؤولية‪ ،‬قالت البرلمانية أمينة ماء العينين‪ ،‬عن حزب العدالة والتنمية‪،‬‬
‫إن إسناد منصب إداري بالرباط لزوجها الذي كان يشتغل مدرسا بتزنيت‪ ،‬يدخل في خانة لم الشمل األسري‬
‫والعائلي‪ ،‬واعتبرت أن األمر يتعلق بإلحاق وليس بتوظيف"‪.6‬‬

‫نلمح في هذا المقتطف تهجما واضحا على سياسيي المغرب الذين يغيرون مواقفهم كل حين‪ ،‬ويبررون‬
‫تصرفاتهم الالمسؤولة بأكاذيب باهتة‪ .‬والتهكم هنا يهدف إلى إظهار تناقض السياسيين‪ ،‬ومن ثم التشكيك في‬
‫أقوالهم وتصريحاتهم ووعودهم‪ ،‬التي ال تمت للصدق بصلة‪ ،‬ومن خالل ذلك يعمل نيني على خلق هوة بين‬
‫السياسي والمواطن؛ فالسياسي تاجر كالم وحربائي في مواقفه‪ .‬إن التهكم إستراتيجية هجومية تهدد وجه‬
‫السياسيين وتنزع الشرعية منهم‪ ،‬وتقدمه في صورة عدو للشعب‪ ،‬وهذا المنحى في الخطاب يشبه النزعة‬
‫الشعبوية لدى السياسيين الذين يعدون أنفسهم إلى جانب الشعب ويدافعون عنه‪.‬‬

‫التلقيب بوصفه استراتيجية إلنتاج السخرية‪:‬‬ ‫‪-4 -2‬‬


‫اعتبر لوفلر ‪ LÖffler‬أن التلقيب إضافة إلى المسكوكات والجناس التام ‪ equivocal‬سمات ومقوالت‬
‫دالة على البعد الساخر في الملفوظات‪ .‬فهي تعكس إيحاءات سلبية تجاه المتحدث عنه أو األشخاص‬
‫الملقبين )‪ .(LÖffler, 1975 cited in Tina, 2006: 34‬ومن أمثلتها في عمود شوف تشوف‪ ،‬األلقاب‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫عمود بعنوان وزير الهزل جاء فيه‪:‬‬

‫"ما ال يعرفه وزير «العزل» وما تبقى من الحريات‪ ،‬المصطفى الرميد‪ ،‬هو أن معاليه قد دخل‬
‫التاريخ من بابه الواسع‪ ،‬وأنه سيصبح موضوع مناقشات ودراسات جامعية معمقة في القانون‪ ،‬وربما في‬
‫علم النفس أيضا‪ ،‬ليس بفضل مساهمته في محاولة إصالح منظومة الغذاء بوزارة العدل‪ ،‬عفوا إصالح‬
‫منظومة العدل كما يعتقد‪ ،‬بل بسبب تتبعه المحموم لكل ما يكتب حول شخصه على صفحات الفيسبوك‪،‬‬
‫وسعيه الحثيث إلى متابعة القاضي الهيني‪ ،‬وحرصه على محاكمته وعزله قبل استكمال الهياكل التنظيمية‬
‫للمجلس األعلى للسلطة القضائية الذي جاء به دستور ‪.7"2011‬‬

‫وعمود بعنوان "تكلم لكي أراك" جاء فيه‪:‬‬

‫"مثل الوزير الميني شيوعي عبد السالم الصديقي‪ ،‬الذي صرح في حوار صحفي بأنه كان يسرح‬
‫الغنم فأصبح اليوم يسرحنا نحن المغاربة‪ ،‬أو مثل مهزلة رفيقته الوزيرة التي تعتقد نفسها حسناء‪ ،‬شرفات‬
‫اليدري أفيالل‪ ،‬التي ما إن تكلمت حتى اكتشف الجميع أنها فرشات وليس شرفات‪ ،‬ورآها الجميع في كامل‬

‫‪ - 6‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/2vxF8GZ :‬تاريخ الدخول‪ 2016/03/31 :‬الساعة ‪.19:10‬‬


‫‪ - 7‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/2vujXWk :‬تاريخ الدخول‪ ،2016/04/05 :‬بتوقيت‪.21:20 :‬‬
‫عريها الفكري والسياسي وهي تدافع بشراسة القطط عن الريع البرلماني وعن توريث تقاعد الوزراء‬
‫والبرلمانيين ألوالدهم‪ ،‬معتبرة أن ‪ 8000‬درهم كتقاعد للبرلمانيين ما هي إال «جوج فرانك»"‪.8‬‬

‫وفي عمود "سكارى وما هم" جاء فيه‪:‬‬

‫"من الشعارات الرنانة التي يرفعها الوزير بوصندالة مصطفى الخلفي‪ ،‬واحد يقول إنه يريد أن يمنع‬
‫إشهار القمار والخمور من الصحافة‪ ،‬في قانونه الجديد"‪.9‬‬

‫وفي عمود بعنوان "من سرق الجامع وأين ذهب يوم الجمعة؟" نقرأ النص اآلتي‪:‬‬

‫"ولم يعد يكتفي وزير البيصارة بلبس «تي شورت» شركة «لوطو» للقمار‪ ،‬بل إن نائبه في المجلس‬
‫البلدي‪ ،‬أي هو قانونيا‪ ،‬أعطى موافقته لفتح محل للقمار والمراهنة على الخيل في حي سكني‪ ،‬مما دفع السكان‬
‫إلى االحتجاج على تقريب عزيز رباح لمحل الرهان من أبنائهم"‪.10‬‬

‫كما نجد عمودا بعنوان 'عبد اإلله كريستين بنكيران'"‪.11‬‬

‫يؤدي التلقيب هنا دورا ساخرا‪ ،‬إذ يسمي الوزراء بأسماء مثيرة للسخرية لسلوكاتهم (فالعزل‬
‫والخضوع لتوصيات كريستين لكارد) يمثل سلوكا منحرفا في نظر نيني يجب تقويمه؛ فبدال من أن يهتم‬
‫وزير العدل بإرساء منظومة العدل بالمغرب اكتفى بعزل القاضي الهيني‪ .‬وقد ساعد الجناس غير التام نيني‬
‫في اإلمعان في نبرة ساخرة لعنوان عموده‪ ،‬أما سلوك بنكيران فهو اندماج وطاعة عمياء لتوصيات صندوق‬
‫النقد الدولي الذي يبرز ضعف هذه الحكومة وغياب برنامج مستقل لها‪ ،‬ومن ثم فالشعارات التي نادت بها‬
‫للوصول إلى كرسي المسؤولية والقرار كانت شعارات جوفاء ال غير‪.‬‬

‫أما اللقبان اآلخران‪ ،‬الوزير بوصدندالة والوزير مول البيصارة‪ ،‬فهما أيضا ساخران لكونهما ينتقدان‬
‫السلوك الشعبوي الذي مارسه الوزيران بظهورهما بمظهر شعبي من خالل لبس الصندالة أو أكل البيصارة‪،‬‬
‫هذا طبعا قبل أن ينعما بما هو أفضل‪ ،‬فنسيا ذلك‪ .‬ونيني يعمل على تذكيرهما بتلك الممارسات األولى ليظهر‬
‫شدة التناقض بين تلك الممارسات والممارسات الحالية لهما‪ .‬أما الوزيرة شرفات‪ ،‬فتصبح فرشات عن طريق‬
‫جناس القلب‪ ،‬القريبة من المعنى الدارج "تفرشات"‪ ،‬الذي يعني أن حقيقتها ظهرت للجميع‪ ،‬خصوصا لما‬
‫صرحت أن البرلمانيين ال تيقاضون تقاعدا مريحا‪ ،‬وهذا يبرز جشعها‪ .‬ومن ثم ينزع الشعرية عنها‪.‬‬

‫‪ - 8‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/2vtuHEy :‬تاريخ الدخول‪ ،2016/01/17 :‬بتوقيت‪.21:22 :‬‬


‫‪ - 9‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/2M8Bm0W :‬تاريخ الدخول‪ ،2016/02/21 :‬بتوقيت‪.21:24 :‬‬
‫‪ - 10‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/1KhxcXO :‬تاريخ الدخول‪ ،2015/09/27 :‬بتوقيت‪.15:33 :‬‬
‫‪ - 11‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/2vvx5up :‬بتاريخ‪ ،2015/12/18 :‬بتوقيت‪.01:15 :‬‬
‫االشتراك الداللي ‪ :polysemy‬بوصفها آلية من آليات إنتاج السخرية‪:‬‬ ‫‪-5 -2‬‬
‫يعد االشتراك الداللي عبارة تنطق النطق نفسه وتكتب الكتابة نفسها إال أن لها معنيان مختلفان‪ .‬ويعتبرها‬
‫كلين ‪ Clyne‬وسيلة أساسية لصياغة اللعب بالكلمات ( ‪Clyne, 1974: 350 cited in Tina, 2006:‬‬
‫‪ .)35‬ونأخذ مثاال لها من عمود "عندكم الزهر"‪ ،‬حيث جاء فيه‪:‬‬

‫"وقد كان رئيس البلدية السابق كريما مع الوزيرة عندما جدد لشركتها عقد «المصاحبة التقنية» مع‬
‫البلدية قبل ذهابه‪ ،‬فهذه هي المصاحبة… التقنية وإال فال"‪.12‬‬

‫فكلمة "المصاحبة" هنا لها معنيان اثنان؛ واحد قريب وهو المصاحبة التقنية أي المساعدة التقنية‪،‬‬
‫وآخر باللهجة المغربية ويعني ارتباط ذكر بأنثى في عالقة غرامية‪ .‬وما يدل أن الكاتب قصد المعنى الثاني‪،‬‬
‫مؤشران طباعيان اعتمدهما‪ :‬األول هو وضعه لكلمة المصاحبة التقنية بين مزدجتين‪ ،‬والمزدوجتان آلية من‬
‫آليات إنتاج السخرية‪ ،‬ويكونان كذلك إذا قصد منهما أن الكالم الموجود بينهما يجب عدم أخذه مأخذ الجد‪.‬‬
‫والمؤشر الطباعي الثاني هو وضعه ثالث نقط للحذف بين المصاحبة والتقنية‪ ،‬وهي أيضا مؤشر على‬
‫السخرية ومولد لها‪ .‬إن االشتراك الداللي يكون له أثر قوي لدى السامع؛ فهو من جهة يحدث أثرا مرحا لدى‬
‫قارئه‪ ،‬ثم يسخر من الممارسات التدبيرية في الوزارات والمصالح التي تدبر أمور المواطنين‪ .‬وهذا األمر‬
‫يحرك المواقف واآلراء في أذهان القراء حول طريقة تسيير األمور اإلدارية والصفقات التجارية‪ .‬مما يطعن‬
‫في مصداقية رئيس البلدية‪ ،‬وينزع الشرعية عنه‪.‬‬

‫الكلمات العامية والسخرية‪:‬‬ ‫‪-6 -2‬‬


‫يعتبر إيراد الكلمات العامية واألسلوب العامي في لغة رسمية وأسلوب رسمي آلية من آليات إنتاج‬
‫السخرية‪ ،‬فهي وفق ويليس وغروبين خرق لشروط تماسك العالقات المالئمة بين الوحدات‪ ،‬مما يترتب عنه‬
‫انزياح وخرق للمألوف (‪ .)Willis and Groeben, 1980‬وتحضر الكلمات العامية على نحو يلفت االنتباه‬
‫في عمود شوف تشوف؛ إذ يكاد يكون سمة ثابتة في كتاباته الصحفية‪ ،‬ففي عمود بعنوان "فكها يا من‬
‫وحلتيها" يكتب نيني‪:‬‬

‫"من يريد السلطة عليه أن يقبل بسلبياتها وإيجابياتها‪ .‬وليس أن يصعد كل المنصات لكي ينسب لنفسه‬
‫كل شيء إيجابي بما في ذلك األمطار التي ظل بنكيران ينسب سقوطها ألقدام حزبه المباركة‪ ،‬فبقي «يقوس»‬
‫عليها إلى أن أتت به حتى نهاية واليته وقالت له «صب نتا»"‪.13‬‬

‫في العمود نفسه يواصل نيني قائال‪:‬‬

‫‪ - 12‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/2OlIaFq :‬بتاريخ‪ ،2016/01/24 :‬بتوقيت‪.01:14 :‬‬


‫‪ - 13‬انظر الرابط اآلتي‪ https://bit.ly/2M7vFR5 :‬بتاريخ‪ ،2016/02/09 :‬بتوقيت‪.01:23 :‬‬
‫"إن المسؤولية الحكومية ليست الئحة طعام في فندق مصنف تختار منها ما تريد أكله وما تريد تجنبه‪،‬‬
‫و«اللي بغا سيدي علي يبغيه بقاللشو»"‪.‬‬

‫فالمقتطفان السابقان يشيران إلى نبرة ساخرة برزت من االنتقال من سجلين لغويين واحد رسمي‬
‫واآلخر غير رسمي‪ .‬وهو ما يخلق تعارضا بين هذين السجلين‪ ،‬ويولد السخرية من سلوكات بنكيران وبعض‬
‫المسؤولين السياسيين في البلد‪ ،‬الذين ينسبون كل ما هو جيد لهم ويصمتون عن كل ما هو سيء‪ .‬كما نلحظ‬
‫االستعمال الذكي لألمثال المغربية وبدرجة مترددة كثيرا‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫انطلقنا في هذا المقال من االدعاء بأن السخرية قضية تداولية باألساس‪ ،‬ويمكن الوصول إليها عن‬
‫طريف بعض اآلليات الداللية‪ .‬وهو ما انتهت إليه أيضا غيورا (‪ )1998‬حينما ذهبت إلى أن إدراك المعنى‬
‫الساخر يعتمد باألساس على المعاني البارزة التي تعتمد على المعجم الذهني لمعرفة المعنى المقصود‪ .‬وبما‬
‫أننا اشتغلنا على السخرية اللفظية‪ ،‬فإن االستعانة بالمعاني المعجمية أمر حتمي نظرا لغياب السياق‪ .‬وقد‬
‫استعنا في هذا الصدد بإسهامات اللسانيين في دراسة السخرية بعد أن مهدنا بإطار نظري تناول قضية‬
‫السخرية إنتاجا وفهما وتفسيرا‪ .‬وتوقفنا ببعض اآلليات الداللية التي تشير إلى السخرية في عمود شوف‬
‫تشوف لرشيد نيني‪.‬‬
‫الحظنا أثناء تحليلنا لتلك اآلليات أن نيني يستخدم السخرية من أجل نزع الشرعية عن الحكومة‪ ،‬من‬
‫خالل توجيه االتهام بعدم الكفاءة لمكوناتها وزراء ورؤساء مصالح‪ .‬وقد استعان نيني في فعل ذلك بالعديد‬
‫من اإلستراتيجيات البالغية وبالمخزون اللغوي الشعبي‪ ،‬حتى إلننا نزعم إنه صحفي شعبوي‪ ،‬بالمعنى الذي‬
‫يصنف نفسه ضمن الشعب مدافعا عنه ضد نخبة فاسدة ال كفاءة لها‪.‬‬
‫وتحقق السخرية‪ ،‬في عمود شوق تشوف بعدين أساسيين هما التسلية والدعاية؛ فهي تسلي القارئ من‬
‫خالل نبرتها المرحة‪ ،‬وفي اآلن نفسه تعكس رؤية نيني الشخصية تجاه الحكومة‪ ،‬وكيف أنه ينصب نفسه‬
‫مدافعا عن الشعب ومصالحه تجاه هذه النخبة الفاسدة‪ .‬وهذا ما يضع‪ ،‬كما أسلفنا‪ ،‬عموده ضمن أعمدة األخبار‬
‫الناعمة الهادفة إلى استقطاب القراء عبر األسلوب المرح والساخر‪.‬‬

‫الئحة المصادر والمراجع‪:‬‬


‫‪ -1‬الئحة المصادر‪:‬‬
‫)‪1‬‬ ‫‪https://bit.ly/2M4lrRB‬‬
‫)‪2‬‬ ‫‪https://bit.ly/2AXiywC‬‬
‫)‪3‬‬ ‫‪https://bit.ly/2vxF8GZ‬‬
‫)‪4‬‬ ‫‪https://bit.ly/2vujXWk‬‬
‫)‪5‬‬ ‫‪https://bit.ly/2vtuHEy‬‬
‫)‪6‬‬ ‫‪https://bit.ly/2M8Bm0W‬‬
‫)‪7‬‬ ‫‪https://bit.ly/1KhxcXO‬‬
8) https://bit.ly/2vvx5up
9) https://bit.ly/2OlIaFq
10) https://bit.ly/2M7vFR5
:‫ الئحة المراجع‬-2
.1964 ،‫ بيروت‬،‫ مؤسسة بدران‬،‫ تطورها وتطبيقاتها العلمية‬:‫ الصحافة اليوم‬:‫ بيري توماس‬،‫ ألبرت‬.1
‫ دار أبي رقراق‬،‫ دراسة في وظائف الهزل وأنواعه وطرق اشتغاله‬:‫ الضحك في األدب األندلسي‬: ‫ أحمد‬،‫ شايب‬.2
.1.‫ ط‬،2004 ،‫ الرباط‬،‫للطباع النشر‬
3. Cruse; A. (2006) A Glossary of Semantics and Pragmatics. UK: Edinburgh University
Press.
4. Gibbs, R. and H.L. Colston (2007) Irony in Language and Thought; A Cognitive Science
Reader. New York and London: Lawrence Erlbaum Associates.
5. Giora, R. (1998) Irony. In Verschueren, J. et al., (1998) Handbook of Pragmatics.
Amsterdam/Philadelphia: John Benjamins Publication. Pp(1-20).
6. Tina, S. (2006) Linguistic Approaches to Irony: an Analysis of British Newspaper
Comments. Chemnitz.
7. Van Dijk, T. (2000) Ideology and Discourse: A Multidisciplinary Introduction. English
version of an internet course for the Universitat Oberta de Catalunya (UOC). July 2000.

You might also like