‫التراث والتجديد في فكر‬

‫حسن حنفي‬

‫التراث والتجديد في فكر‬

‫حسن حنفي‬
‫السأتاذ هاني السباعي‬
‫مدير مركز المقريزي‬
‫للدراسأات التاريخية‬
‫تقدمة ‪:‬‬
‫لقد فتح المعتزلة الوائل المجال للعلمانيين ومن سار علللى‬
‫دربهللم فللي النيللل مللن السلللما وعقيللدته‪ ،‬أطلقللوا سلللطة‬
‫التحسين والتقبيح على حساب الشرع‪ ،‬فقدموا العقل على‬
‫النقل‪ ،‬وقد نتج عن ذلللك أنهللم عطلللوا صللفات الللله وقللالوا‬
‫بخلق القرآن وأنكروا رؤية الله سبحانه وتعالى يوما القيامة‪،‬‬
‫وأنكللروا أحللاديث الشللفاعة فللي أهللل الكبللائر يللوما القيامللة‬
‫وقالوا مرتكب الكبيرة يخلللد فللي النللار‪ ،‬وقللالوا إن الللله لللم‬
‫يسللتو علللى عرشلله وأولوهللا بالسللتيلءا‪ ،‬وتطللاولوا علللى‬
‫الصحابة كأبي بكر الصديق وعثمان وعلللي وطلحللة والزبيللر‬
‫وجرير بن عبدالله بن مسعود وسمرة بن جندب‪ ،‬وكان لبي‬
‫هريرة نصيب السد من الطعن والتجريح رضلي اللله عنهلم‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫وقد تللولى كللبر هللذه المدرسللة الكلميللة واصللل بللن عطللاءا‬
‫وعمللرو بللن عبيللد وأبوالهللذيل العلفا والنظللاما والجللاحظ‬
‫والقاضي عبد الجبار وغيرهم‪ ،‬ثللم زيللن المستشللرقون آراءا‬
‫هذه الفرق الضالة‪.‬‬
‫فسار‪ -‬على تلك المنظومة وخاصة في القرنين المنصرمين‬
‫– قلللة مللن أبنللاءا المسلللمين المتسللمين بالسلللما فبعللد‬
‫الطهطاوي جاءا الرجل اللغز جمال الدين الفغاني وتلمللذته‬
‫محمد عبده ومحمد مصطفى المراغي شيخ الزهر السللبق‬
‫شلللتوت وعبللدالعزيزجاوي ومحمللد فريللد وجللدي وعلللي‬
‫عبدالرازق وغيرهم وعل صللوت هللذه المدرسللة وتللم تلميللع‬
‫أئمتهللا كالفغللاني ومحمللد عبللده‪ ،‬فصللارت فتللاواهم عمللدة‬
‫وتكللأة لراءا العلمللانيين ومللن يسللمون أنفسللهم بالسلللما‬
‫ب يتكلم في السلما كطه‬ ‫ب ود ّ‬‫المستنير!! وصار كل من ه ّ‬
‫حسين الذي لم يجد نقيصة إل ووصم بها السلما‪.‬‬

‫‪- 1-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫طه حسللين الللذي قللدما لنللا الداب الميتللة ولغتهللا المنللدثرة‬

‫كاليونانية وكان ينقب عن النشاز في الناريخ فيللبرزه كثللورة‬
‫الزنلللج والقرامطلللة تزلفلللا ً وعرفانلللا ً بالجميلللل لسلللياده‬
‫المستشرقين في ظل هللذا الجللو الكئيللب وسلليطرة الفكللر‬
‫العللترالي علللى جامعاتنللا ومراكللز الدراسللات كللان مللن‬
‫الطبيعي أن يفرز ذلك المناخ الللدكتور حسللن حنفللي أسللتاذ‬
‫الفلسللفة علللى الفكللر العللتزالي والمنظومللة الماركسللية‬
‫الحمراءا فأخرج لنا مؤلفاته التي تسير على غرار المنطومة‬
‫الماركسية ولما كللان مصللرا ً علللى الحتفللاظ باسللم مسلللم‬
‫فللإنه صللار علللى منهللج المتناقضللات بغيللة التوفيللق أو قللل‬
‫التلفيق فللي تأويللل الحللدث التللاريخي الطويللل مللن البحللث‬
‫والتنقيب ظهر سلخ جديد اسللمه اليسللار السلللمي‪ ،‬فصللار‬
‫التاريخ السلمي يسار ويمين فالمعتزلة يسللار‪ ،‬والشللاعرة‬
‫يمين‪ ،‬والفلسة بها يمين ويسار‪ ،‬فالفلسللفة عنللد ابللن رشللد‬
‫يسار‪ ..‬والفلسفة الشراقية عند الفارابي وابن سينا يمين‪..‬‬
‫والتشريع يمين ويسار‪ ..‬فالمالكية التي تقوما على المصالح‬
‫المرسلة يسار‪،‬والفقه الفتراضي عند الحنفيللة يميللن وفللي‬
‫التفسللير بللالمعقول يسللار والتفسللير بالمللأثور يميللن وفللي‬
‫ن )‪.(1‬‬ ‫التاريخ الفتنة الكبرى علي يسار ومعاوية يمي ٍ‬
‫نلحظ أنه صنف الحنافا يمين لن فقه الحنافا فللي نظللره‬
‫غير واقعي‪ ،‬ويتحدث عن أمور في المستقبل‪ ..‬أما التفسير‬
‫بالمأثور يمين لن الذين يفسرون بالمللأثور يحتملون بلالنص‬
‫والنص يعتمد على سلطة الكتاب وليس على سلطة العقللل‬
‫وحجة السلطة ليست حجة لن هنللاك كتبللا ً مقدسللة كللثيرة‬
‫في حين أنه يوجد واقع واحد وعقل واحد )‪.(2‬‬
‫هكذا بكل صراحة يعلن حسن حنفي معاداته للقرآن‪.‬‬
‫فخلصاة فكر هذه المدرسأة )اليسسسار السأسسلمي( ‪:‬‬
‫أنها امتداد للفكر العتزالي ومايسمى بالمدرسة الصلللحية‬
‫بزعامة الفغاني ومحمد عبده ومن رجال هذا التيار اليسللار‬
‫السلللمي فتحللي عثمللان ومحمللد عابللد الجللابري وغيرهللم‬

‫العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب – محمد‬ ‫‪1‬‬

‫حامد الناصر‪ -‬مكتبللة الكللوثر‪ -‬الريلاض الطبعللة الولللى‪ ،‬ص‬

‫‪330‬و ‪. 331‬‬
‫العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب – محمد‬ ‫‪2‬‬

‫حامد الناصر‪ -‬مكتبللة الكللوثر‪ -‬الريلاض الطبعللة الولللى‪ ،‬ص‬

‫‪330‬و ‪331‬‬

‫‪- 2-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫ويركلز هلذا التيلار عللى الثلورة وابنلي الشلتراكية والعلدل‬

‫الجتماعي وتجديد التراث وغير ذلك‪.‬‬
‫ويقللول حسللن حنفللي‪) :‬إننللا فللي غيللاب البللديل السلللمي‬
‫الثوري لجأنا بالضرورة إلى الماركسية لحل قضللية العدالللة‬
‫الجتماعيللة وإلللى الليبراليللة – الديمقراطيللة – لحللل القمللع‬
‫المسلط على شعوبنا وإلى القوميللة لنهللاءا حللال التشللرزما‬
‫وإلى ديكارت لتأكيد العقلنية‪ ،‬لقد لحط اليسللار السلللمي‬
‫أن في التراث الغربللي بعللض الجللوانب النسللانية المضلليئة‬
‫ليمكن إهمالها وليمكللن القيللاما بنهضللة فكريللة واجتماعيللة‬
‫مالم نستفيد من هذه الجوانب التي يلخصونها في العقلنية‬
‫والعدالة الجتماعية والحرية والوحدة القومية )‪.(3‬‬
‫ويعتبر حسن حنفي أن اليسار السلللمي هللو النقللد الللذاتي‬
‫للحركة السلمية وهو التيار المعارض والمصحح داخل هذه‬
‫الحركة السلمية‪ ،‬كما أنه يجب إخياءا الجوانب الثوريللة فللي‬
‫الدين وتأويل كل حدث علللى أنلله ثللورة‪ ،‬إذ يقللول‪) :‬ومهمللة‬
‫اليسار السلمي الكشف عن العناصر الثورية في الللدين أو‬
‫تأويل الدين على أنه ثورة‪ ،‬فالللدين فللي ذاتلله ثللورة وكللانت‬
‫النبياءا ثوارا ً مصلللحين ومجللددين فقللد مثللل إبراهيللم ثللورة‬
‫العقللل ضللد التقاليللد وثللورة التوحيللد ضللد التجسلليم‪ ،‬ومثللل‬
‫موسللى ثللورة التحللرر ضللد الطغيللان‪ ,‬وكللان محمللد ثللورة‬
‫الفقللراءا والعبيللد والمضللهدين ضللد الغنيللاءا وسللادة قريللش‬
‫وطغاتهللا مللن أجللل إقامللة مجتمللع حريللة وإخللاءا ومسللاواة‪،‬‬
‫ويؤرخ القلرآن للنبلوة عللى أنهلا ضلد المفاسلد الجتماعيلة‬
‫والخلقية )‪ (..‬وقد ذخر التاريخ السلللمي بللالثورات الدينيللة‬
‫والجتماعية والسياسية مثل ثلورة القرامطلة وثلورة الزنلج‬
‫فلللي تاريخنلللا القلللديم والحركلللات الصللللحية كاملهديلللة‬
‫والسنوسية وثورة الجزائر وعمر المختار( )‪..(4‬‬
‫هذه خلصة أفكار اليسار السلمي تلك المدرسة التي يريد‬
‫أن يفرضها علينللا حسللن حنفللي ومللن علللى شللاكلته للخللذ‬
‫بأيللدي المسلللمين للفللوز بالسللعادة الماركسللية الحمللراءا‬
‫وللمزيد من اليضاح سنلقي الضوءا بعون الللله تعللالى علللى‬
‫أهللم ركللائز فكللر حسللن حنفللي التللدميري وذلللك مللن خلل‬
‫قراءاة في كتابه )التراث والتجديد(‪..‬‬

‫المرجع السابق‪ /‬ص ‪330‬و ‪331‬‬ ‫‪3‬‬

‫المرجع السابق‪/‬ص ‪334‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪- 3-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫وقد اخترت هذا الكتاب بص فة خاصلة علن سلائر كتبله لنله‬

‫أوضللح عبللارة وأخطللر طرحللا ً فللي إفصللاحه المباشللر عللن‬
‫اطروحته اليسارية ول تحتاج عباراته إلللى تأويللل أو غمللوض‬
‫يحتللاج إلللى تفسللير‪ ..‬فلكللي ل يتهمنللا أحللد بالتحامللل علللى‬
‫الدكتور حسللن حنفللي حيللث نفسللر أقللواله بمللا ل تحتمللل‪..‬‬
‫لذلك رشحت هذا الكتاب الذي لم يتب مؤلفه حسن حنفللي‬
‫ولم يعلن ذلك على المل بل إنه يعتز به وينادي بكل مافيه‪..‬‬
‫هذا الكتاب يحتوي على أبرز القضايا التي يدعو لها الللدكتور‬
‫حسن حنفي ويدندن حولها في كتبه ومقالته وخاصة مؤلفه‬
‫الضخم‪) :‬ملن العقيلدة إللى الثلورة محاوللة لعلادة أصلول‬
‫الللدين(‪ ..‬وكتللابه‪) :‬الللدين والثللورة فللي مصللر(‪ ..‬وكتبللابه‪:‬‬
‫)مقدمة في علم الستغراب(‪..‬‬
‫وللكاتب مقالت أخرى في فلسفة اليسار السلمي غالبهللا‬
‫يدور حول نفللس الفكللار الللتي سللنطرحها مللن خلل كتللابه‬
‫التراث والتجديد في هذه المقالة وأهم هذه الفكار الهدامة‬
‫هي‪:‬‬
‫أولً‪ :‬العقل أسأاس النقل‪:‬‬
‫يقول حسن حنفي مؤكدا ً للفكر العللتزالي‪) :‬وقللد ظهللر أن‬
‫العقل أساس النقل وأن كل ما عارض العقل فللإنه يعللارض‬
‫النقل‪ ,‬وكل ما وافق العقل فإنه يوافللق النقللل‪ ،‬ظهللر ذلللك‬
‫لللدى المعتزلللة وعنللد الفلسللفة وظهللرت لغلة التخيللل فللي‬
‫الوحي‪ ،‬ومنطق البرهللان فللي الفكللر‪ ،‬ولللم نسللر فللي هللذه‬
‫الرؤيا ورجعنا إلى التشبيه والتجسيم والتقليد وجعلنا النقللل‬
‫أساس العقل‪ ،‬وآمنا بالوقائع الحسية الماديللة وراءا التصللوير‬
‫الفني‪ ،‬واعتمدنا على سلطة الكتاب في البرهان( )‪..(5‬‬
‫ويتهكم حسن حنفي مقتبسا ً تعبيرا ً من شطر بيت للشللاعر‬
‫العلمللاني الفلسللطيني محمللود درويللش‪) :‬واحتمللى أبللوك‬
‫بالنصوص فجاءا اللصوص(‪ ..‬ورجعنا إلى النص الول نعطللي‬
‫له الولوية على الواقع )احتمينا بالنصوص فجللاءا اللصللوص(‬
‫)‪..(6‬‬
‫هكللذا يعتقللد حسللن حنفللي فللانص الول هللو طبعللا ً القللرآن‬
‫الكريم‪.‬ز فالتمسك بالقرآن يأتي باللصوص!! سبحانك هللذا‬
‫بهتان عظيم‪.‬‬

‫التراث والتديد‪/‬ص ‪104‬‬ ‫‪5‬‬

‫السابق‪/‬ص ‪104‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪- 4-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫ثانيًا‪ :‬العلمانية أسأاس الوحي‪:‬‬

‫وحول هذا يتساءال حسن حنفي ويفتري علللى الللله الكللذب‬
‫ويقول‪) :‬فإن قيل إن التراث والتجديللد سلليؤدي حتمللا ً إلللى‬
‫حركللة علمانيللة وفللي العلمانيللة قضللاءا علللى تراثنللا القللديم‬
‫وموروثاتنللا الروحيللة وآثارنللا الدينيللة‪ ،‬قيللل قللد قللد نشللأت‬
‫العلمانية في الغللرب إسللتجابة لللدعوة طبيعيللة تقللوما علللى‬
‫أساس رفض الصور الخارجية وقسمة الحياة إلللى قسللمين‬
‫واسللتغلل المؤسسللات الدينيللة للجمللاهير وتوطينهللا مللع‬
‫السلطة وحفاظها علللى النظملة القائملة نشلأت العلمانيلة‬
‫استردادا ً للنسان لحريته في السلوك والتعبير وحريته فللي‬
‫الفهللم والدراك ورفضلله لكللل أشللكال الوصللاية عليلله ولي‬
‫سلطة فوقه إل من سلطة العقللل والضللمير‪ ،‬العلمانيللة اذن‬
‫رجللوع إلللى المضللمون دون الشللكل وإلللى الجللوهر دون‬
‫العرض‪ ،‬وإلى الصدق دون النفاق‪ ،‬وإلى وحدة النسان دون‬
‫ازدواجيتلله وإلللى النسللان دون غيللره‪ .‬العلمانيللة إذن هللي‬
‫أساس الوحي‪ ،‬فالوحي علماني في جوهره والدونية طارئة‬
‫عليلله مللن صللنع التاريللخ‪ ،‬تظهللر فللي لحاظللات تخلللف‬
‫الممجتمعللات وتوقفهللا عللن التطللور‪ ،‬ومللا شللأننا بللالكهنوت‬
‫والعلمانية ماهي إل رفض له؟ العلمانية فللي تراثنللا وواقعنللا‬
‫هي الساس واتهامها باللدونية تبعيللة لفكللر غريللب وتللراث‬
‫مغاير وحضارة أخرى( )‪..(7‬‬
‫ونلحظ فللي الفقللرة السللابقة بيانللا ً صللريحا ً لللدعوة حسللن‬
‫حنفي اللحادية‪ ..‬فالصور الخارجية!! المرفوضة هللي علللم‬
‫الغيب وهي الجنة والنار والملئكة‪ ..‬فللالوحي أي القللرآن أو‬
‫الللدين بصللفة عامللة اغتصللب حللق النسللان فللي السلللوك‬
‫والحرية حسب زعم حسن حنفي‪ ،‬وأن العلمانيللة اسللتردت‬
‫هذا الحق المغصوب وأعادته للنسان!!‬
‫فالعلمانية تؤدي إلى الصدق!! أما اللدين واللوحي والقلرآن‬
‫فيؤدي كل منهما إلى النفاق والكذب!!‬
‫العلمانيلللة ترفلللض أي أشلللكال الوصلللاية عللللى النسلللان‪،‬‬
‫والوصاية المقصودة هنا هي نصوص القرآن والللدين بصللفة‬
‫عامة فالقرآن يضيق علللى تعللبير وحريللة النسللان‪ ،‬كمللا أن‬
‫هذه العلمانيلة ترفلض أي سللطة‪ -‬أي النلص القرآنلي‪ -‬أملا‬
‫العقل فهو وحده رب العلمانية وإلهها‪ ..‬ويخلص حنفي إلللى‬
‫أن العلمانية جوهر والدونية طارئة عليلله فالللدين مللن صللنع‬
‫التاريخ!!‬

‫السابق‪/‬ص ‪63‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪- 5-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫بمعنى أوضح فلالقرآن واللدين السللمي نتلاج بشلري ملن‬

‫صللنع التاريللخ ووليللد ظللروفا اجتماعيللة متخلفللة لن الللدين‬
‫ليظهللر إل فللي مجتمعللات متخلفللة تللوقفت عللن التطللور‬
‫والعلمانية ترفض هذا الكهنللوت – أي الللدين‪ -‬ثللم بعللد ذلللك‬
‫يقرر هذه الحتمية التاريخية التي ليعرفهللا إل حسللن حنفللي‬
‫ومللن علللى شللاكلته‪) :‬العلمانيللة فللي تراثنللا وواقعنللا هللي‬
‫الساس واتهامها باللدونية تبعية لفكر غريب وتللراث مغللاير‬
‫وحضارة أخرى(!! فأي دونية يقصد حسن حنفلي؟!! أعتقلد‬
‫أنه يقصد أن العلمانية هي الدين لنها أساس الوحي حسللب‬
‫زعمه!!‬
‫ثالثًا‪ :‬الوحي ليس دينًا‪:‬‬
‫من المعللوما بداهلة أن المقدملة إذا كللانت باطللة فلبللد أن‬
‫تكون النتيجة باطلة تبعا ً لذلك‪ ..‬ولمللا كللانت العلمانيللة هللي‬
‫أساس الوحي حسب زعم حنفي‪ ..‬فالنتيجة أن الوحي ليس‬
‫دينا ً وهذا ما سنجده في الفقرة التاليللة‪) :‬يثللار بيننللا الجللدل‬
‫عن الحكومة الدينية خلفة أما علمانيللة؟ ووتتصللارع الهللواءا‬
‫وتتضارب الغايات دون أن يحاول أحللد تحليللل الواقللع الللذي‬
‫يمكنه أن يبدد كل هذا الجدل‪ ،‬فالواقع ل يوصف بما هو أقل‬
‫منه كما أن له بناءاه المثالي في الوحي‪ ،‬والوحي ليللس دينللا ً‬
‫بل هو البناءا المثالي للعالم( )‪..(8‬‬
‫فالكاتب يفللترض أن هنللاك جللدال ً قائمللا ً يصللوره للله خيللاله‬
‫الفلسفي! فمن هؤلءا العلماءا الثقللات الللذي أثللاروا الجللدل‬
‫وتسللاءالوا عللن الحكومللة الدينيللة سللواءا كللانت خلفللة أما‬
‫علمانية؟!! فهذا التساؤل لم يدر إل في خلللد حسللن حنفللي‬
‫ومن يحذو حذوه! أما العلماءا الربانيون فإنهم لم يثيروا مثل‬
‫هذا الجدل وطبيعة المنظومة السلمية‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬طعنه في آيات التحريم‪:‬‬
‫يعتبر حسن حنفي أن من أسباب فشل تغيير الواقع بالقديم‬
‫–أي القرآن‪ -‬هللو الهتمللاما بتحريللم المحرمللات‪ ،‬وفللي ذلللك‬
‫يقللول‪) :‬البدايللة بالمحرمللات‪ ،‬والتشللديد فللي العقوبللات‪،‬‬
‫وإصدار قوائم للممنوعات‪ ،‬وجعل السلوك النساني تحقيقا ً‬
‫للنواهي دون ذكر للمباحات التي يمكن أن يتصل من خللها‬
‫بالطبيعة‪ ،‬وجعل العالم مواطن للشللبهات ل يجللوز للنسللان‬

‫السابق‪/‬ص ‪101‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪- 6-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫أن يحوما حولها خشية التردي فيها‪ ،‬هذا كله يمنع الثقللة بيللن‬
‫النسان والعالم‪ ،‬ويضع في النسان الخوفا بدل الشللجاعة‪،‬‬
‫والحجللاما بللدل القللداما‪ ،‬ويجعللل النسللان متشللككا ً فللي‬
‫سلوكه‪ ،‬متهما ً لنفسه‪ ،‬نادما ً على ما فعللل ممللا يرسللخ فللي‬
‫نفسه الحساس بالذنب الناتج عللن القللتراب مللن التللابو أو‬
‫مجرد التفكير فيه‪ ،‬والوعي السياسي يتطلب القضللاءا علللى‬
‫كل هللذه المحرمللات الللتي تخضللع لتحليللل العقللل ولوصللف‬
‫الواقع‪ ،‬مما يعيد الثقة للنسان بينه وبين العالم( )‪..(9‬‬
‫هذه دعوى صريحة لرفض حكم الله والطعن في آيات الللله‬
‫وقرآنه‪ ..‬فالبداية بالمحرمللات –حسللب زعملله‪ -‬هللي سللبب‬
‫فشل تغيير الواقع بللالقرآن!! فحسللن حنفللي يقصللد بقللوله‬
‫)البداية بالمحرمللات(‪ ..‬قللول الللله تعللالى‪) :‬حرمللت عليكللم‬
‫الميتة والدما ولحم الخنزير و ما أهل لغير الله به والمنخنقة‬
‫والموقوذة والمتردية والنطيحة و ما أكل السبع إل ما ذكيتم‬
‫ومللا ذبللح علللى النصللب و أن تستقسللموا بللالزلما ذلكللم‬
‫فسق(‪..‬‬
‫ويتمادى حسن حنفي في جرأته على النص القرآنللي قللائلً‪:‬‬
‫)البداية بقوانين العقاب أو تطللبيق الحللدود‪ ،‬وكللأن السلللما‬
‫يأتي بالرجم والقتل وقطع اليد( )‪..(10‬‬
‫ويقصد حنفي بقوله التشديد بالعقاب‪ ..‬قللوله تعللالى‪) :‬إنمللا‬
‫جللزاءا الللذين يحللاربون الللله ورسللوله ويسللعون فللي الرض‬
‫فسادا ً أن يقتلوا أو يصلللبوا أو تقطللع أيللديهم وأرجلهللم مللن‬
‫خلفا أو ينفوا من الرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في‬
‫الخللرة عللذاب عظيللم(‪ ..‬وقللوله تعللالى‪) :‬الزانيللة والزانللي‬
‫فاجلدوا كل واحد منما مائة جلدة ول تأخذكم بهما رأفة فللي‬
‫دين الله‪ (..‬وقللوله تعللالى‪) :‬والسللارق والسللارقة فللاقطعوا‬
‫أيديهما جزاًءا بما كسبا نكال ً من الله والله عزيز حكيم(‪..‬‬
‫فهللذه اليللات البينللات الكريمللات لتعجللب أسللتاذ الفلسللفة‬
‫دكتور حسن حنفي‪ ،‬بل هي فللي زعملله سللبب فشللل تغييللر‬
‫الواقع عن طريق القديم!! أي عللن طريللق النللص القرآنللي‬
‫بمعنى أن الشريعة السلمية فللي نظللره ل تصلللح للواقللع‪..‬‬
‫)كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إل كذبا(‪..‬‬

‫السابق‪/‬ص ‪42‬‬ ‫‪9‬‬

‫السابق‪/‬ص ‪42‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪- 7-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫خامسًا‪ :‬لفظ الجللسسة )اللسسه( وألفسساظ )الرسأسسول‪..‬‬

‫الدين الجنة‪ ..‬النار‪..‬إلخ( لم تعد عند حسسسن حنفسسي‬
‫قادرة على التعبير عن مضامينها‪:‬‬
‫لم تسلم شللعائر الللدين السلللمي مللن طعنلله‪ ،‬ولللم يسلللم‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ول حتى ذات الله واسللمه‬
‫العظم مللن افللتراءاات أسللتاذ الفلسللفة‪ ،‬حيللث يقللول‪) :‬إن‬
‫العلوما الساسية في تراثنا القديم مازالت تعبر عللن نفسللها‬
‫باللفللاظ والمصللطلحات التقليديللة الللتي نشللأت بهللا هللذه‬
‫العلللوما والللتي تقضللي فللي الللوقت نفسلله علللى مضللمونها‬
‫ودللتها والتي تمنع أيضا ً إعللادة فهمهللا وتطويرهللا‪ ،‬يسلليطر‬
‫على هذه اللغة القديمة اللفاظ والمصطلحات الدينية مثل‪:‬‬
‫الله‪ ،‬الرسول‪ ،‬الدين‪ ،‬الجنة‪ ،‬النار‪ ،‬الثواب‪ ،‬العقاب )‪ (..‬هذه‬
‫اللغة لم تعد قادرة علللى التعللبير عللن مضللامينها المتجللددة‬
‫طبقا ً لمتطلبللات العصللر نظللرا ً لطللول مصللاحبتها للمعللاني‬
‫التقليدية الشائعة التي تريد التخلص منها‪ ،‬ومهمللا أعطيناهللا‬
‫معاني جديدة فإنها لن تؤدي غرضها لسيادة المعنى العرفي‬
‫الشائع على المعنى الصطلحي الجديد‪ ،‬ومللن ثللم أصللبحت‬
‫لغة عاجزة عن الداءا بمهمتها في التعبير واليصال( )‪..(11‬‬
‫انظر إلى هذا الفللتراءا وإلللى هللذه الجللرأة الوقحللة مللع رب‬
‫العزة سبحانه وتعالى‪ ،‬فلفظ الجللة ما هللو إل لفللظ قاصللر‬
‫ليس له واقللع ول يعللبر عللن شللئ والرسللول والجنللة والنللار‬
‫ماهي إل ألفاظ جوفاءا قاصرة ل تعبر عن واقع ول عن شللئ‬
‫بل يدعو حسن حنفللي إلللى التخلللص منهللا أي رفللض الللدين‬
‫جملة وتفصيلً!!‬
‫فالمر إذن دعوة لللحاد بالمعنى الفصيحح‪.‬‬
‫سأادسأًا‪ :‬لفظ الجللة )اللسه( يحتسوي علسى تنساقض‬
‫حسب افتراءات حسن حنفي‪:‬‬
‫فحاشا لله أن يحتوي اسمه العظم علللى تنللاقض‪ ..‬يشللرح‬
‫حنفي أسللباب قصللور اللغللة القديمللة _أي النللص القرآنللي_‬
‫فيقول‪) :‬إنها لغة إلهية تدور اللفاظ فيها حللول "الللله" ولللو‬
‫أنه يأخذ دللت متعددة حسب كل علم‪ ،‬فهو "الشارع" فللي‬
‫علم أصول الفقه‪ ..‬وهو "الحكيم" فللي علللم أصللول الللدين‪،‬‬
‫وهو "الواحد" في التصوفا‪ ،‬لفظ "الللله" يسللتعمله الجميللع‬
‫دون تحديد سابق لمعنى اللفظ إن كان له معنى مستقل أو‬
‫لمللا يقصللده المتكلللم مللن اسللتعماله‪ ،‬بللل إن لفللظ "الللله"‬

‫السابق ‪110‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪- 8-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫يحتوي عللى تن اقض داخللي فلي اسلتعماله باعتبلاره ملادة‬

‫لغوية لتحديد المعاني أو التصورات‪ ،‬مطلقا ً يراد التعبير عنه‬
‫بلفظ محدود( )‪..(12‬‬
‫ويزيد حسن حنفي شرحه للفظ الجللة‪) :‬يعبر عللن اقتضللاءا‬
‫أو مطلب‪ ،‬ول يعبر عن معين أي أنه صللرخة وجوديللة‪ ،‬أكللثر‬
‫منه معنى يمكن التعبير عنه بلفظ مللن اللغللة أو بصللور فللي‬
‫العقل‪ ،‬وهو رد فعل على حالة نفسية أو عن إحسللاس أكللثر‬
‫منه تعبيرا ً عن قصد أو إيصال لمعنى معين‪ ،‬فكل ما نعتقده‬
‫ثم نعظمه تعويضا ً عن فقد‪ ،‬يكون في الحللس الشللعبي هللو‬
‫الله‪ ،‬وكل ما نصبو إليه ول نستطيع تحقيقلله فهللو أيضللا ً فللي‬
‫الشللعور الجمللاهيري هللو الللله‪ ،‬وكلمللا حصلللنا علللى تجربللة‬
‫جمالية قلنا‪ :‬الله! الللله! وكلمللا حفللت بنللا المصللائب دعونللا‬
‫الله‪ ،‬وحلفنا له أيضا ً بالله( )‪.(13‬‬
‫وماذا بعد كل هذه الفتراءاات حول لفللظ الجللللة؟! يخلللص‬
‫حنفي إلى التي‪) :‬فالله لفلظ نعلبر ب ه علن صلرخات الللم‬
‫وصيحات الفرح أي أنه تعبير أدبي أكللثر منلله وصللفا ً لواقللع‪،‬‬
‫وتعبير إنشائي أكثر منه وصفا ً خيريللًا‪ ،‬ومللا زالللت النسللانية‬
‫كلها تحاول البحث عن معنى للفظ الله( )‪..(14‬‬
‫انظر إلى قوله )فمللا زالللت النسللانية كلهللا(‪ ..‬فلمللاذا كلهللا‬
‫وليس بعضها؟!‬
‫فهل هذا خطاب علمللي موضللوعي لرجللل يزعللم أنلله أفنللى‬
‫عمللره فللي البحللث والتنقيللب‪ ،‬فكللأنه يخوفنللا بتعميمللاته –‬
‫النسانية كلهللا‪ -‬لكللن المسلللمين وحللتى أصللحاب الللديانات‬
‫الخرى ضد هللذه الطروحللة اللحاديللة‪ ..‬أليللس المسلللمون‬
‫وأصحاب اللديانات الخلرى ملن النس انية؟!‪ ..‬ب الطبع هلذا‬
‫هراءا علمي! وهذه طريقة الخطاب الماركسي في التعللتيم‬
‫والحتمية لرهاب القارئ بأن ما يكتب مسلمة تاريخية!!‬
‫وفللي تطللاوله المسللتمر علللى لفللظ الجللللة يقللول حنفللي‪:‬‬
‫)فالله عند الجائع هو الرغيف‪ ،‬وعند المسللتعبد هللو الحريللة‪،‬‬
‫وهند المظلوما هو العدل‪ ،‬وعند المحروما عاطفيا ً هو الحب‪،‬‬
‫وعنلد المكبلوت هللو الشلباع‪ ،‬أي أنله فلي معظللم الحللالت‬
‫صرخة المضطهدين‪ ،‬والله في مجتمللع يخللرج ملن الخرافللة‬

‫السابق‪112/‬‬ ‫‪12‬‬

‫السابق‪113/‬‬ ‫‪13‬‬

‫السابق‪113/‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪- 9-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫هو العلم‪ ،‬وفي مجتمع آخر هو التقدما‪ ،‬فإذا كان الله هو أعز‬
‫مالينا فهو الرض‪ ،‬والتحرر‪ ،‬والتنمية‪ ،‬والعدل‪ ،‬وإذا كان الللله‬
‫هلو م ا يقيلم أودنلا وأسلاس وجودنلا ويحفظنلا فهلو الخلبز‪،‬‬
‫والرزق‪ ،‬والقوت‪ ،‬والدارة‪ ،‬والحرية‪ ،‬وإذا كان الله مللا نلجللأ‬
‫إليه حين الضللرر‪ ،‬ومللا نسللتعيذ بلله مللن الشللرر فهللو القللوة‬
‫والعتاد‪ ،‬والستعداد‪ ،‬كللل إنسللان وكللل جماعللة تسللقط مللن‬
‫احتياجاتها علي‪ ،‬ويمكن التعرفا على تاريخ احتياجات البشر‬
‫بتتبع معاني لفظ "الله" على مختلف العصور )‪ (..‬ومللن ثللم‬
‫فتوحيللدنا هللو لهللوت الرض‪ ،‬ول هللوت الثللورة‪ ،‬ول هللوت‬
‫التنمية‪ ،‬ول هوت النظاما‪ ،‬ول هوت التقللدما‪ ،‬كمللا هللو الحللال‬
‫في العديد من الثقافات المعاصللرة فللي البلد الناميللة الللتي‬
‫نحن جزءا منها( )‪..(15‬‬
‫أقول‪ :‬هكذا يفتري هللذا الرجللل علللى الللله تخرصللا ً )ومللن‬
‫أظلم ممن افترى على الله كذبًا(‪ ..‬يفتري علللى اسللم الللله‬
‫العظم‪ ..‬تعالى الله عما يقول حنفي علوا ً كبيرًا‪ ..‬أهللذا مللا‬
‫يريد اليسار السلمي لديننا!! أهكللذا يكتللب رجللل عللن رب‬
‫العزة سبحانه وتعالى‪ ..‬بكل هذه الوقاحللة!! خبرونللا إن لللم‬
‫يكللن مللا كتبلله حسللن حنفللي فللي الفقللرة السللابقة إلحللادا ً‬
‫وإنكللارا ً لوجللود الللله؟!! فمللاذا يكللون إذن؟!! أهكللذا يصللل‬
‫الخطاب تحت مظلة البحث العلمي بحق الللله تعللالى! فللي‬
‫منتهى السخف والستهزاءا بجنللاب رب العللزة‪ ..‬فضللل ً عللن‬
‫السللتهزاءا بعقيللدة أهللل التوحيللد‪) ..‬سللبحانك هللذا بهتللان‬
‫عظيم(‪..‬‬
‫لللو طلللب مللن حسللن حنفللي أن يكتللب بحثللا ً أو مقالللة فللي‬
‫فرعون من الفراعين مللا اجللترأ أن يتحللدث بهللذه الطريقللة‬
‫اللحادية التي تدل على زندقة سافرة‪) ..‬الله هو الرغيف!!‬
‫والحب والتنمية والرض والحرية و الرزق والقوت!!(‪..‬‬
‫والله لقد قال هذا الزنديق الذي يصر على أنه مسلللم قللول ً‬
‫)تكاد السموات يتفطرن منه وتنشللق الرض وتخللر الجبللال‬
‫هدا(‪ ..‬ورغللم هللذا الكفللر البللواح يتبجللح حسللن حنفللي عللبر‬
‫وسائل العلما مدعيا ً أنلله مسلللم يقللدما مشللروعا ً حضللاريا ً‬
‫لينقذ به أمة السلما!!‬
‫سأابعًا‪ :‬السلما أفضل من السألما‪:‬‬

‫السابق‪/‬ص ‪ 113‬وص ‪139‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪-10-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫حللتى السلللما الللذي اختللاره الللله لنبيللائه وأوليللائه بقللوله‬

‫سبحانه وتعالى‪) :‬إن الدين عند الللله هللو السلللما(‪ ..‬وقللوله‬
‫سبحانه‪) :‬هو سماكم المسلمين من قبل(‪ ..‬والللذي ل يقبللل‬
‫الله دينا ً سواه )ومن يبتغ غير السلما دينا ً فلن يقبل منلله(‪..‬‬
‫حتى هذا اللفظ المبارك الذي يعتز به المسلللمون يضللن بلله‬
‫حسن حنفي علينا ويزيللن للله خيللاله الفلسللفي الللذي أورده‬
‫مهالك الزندقة واللحاد إلللى تفضلليل لفللظ "السلللما" علللى‬
‫"السلما"‪ ،‬حيث يقول‪) :‬ولفظ السلما أيضا ً يعبر أكللثر عللن‬
‫مضمون السلما من اللفظ ذاته لن السلما هو الذي يحقق‬
‫السلما الداخلي للنسان بعللد تحللرره مللن كللل قيللود القهللر‬
‫والسلتعباد‪ ،‬ثلم هلو اللذي يحقلق المجتملع الواحلد اللذي ل‬
‫طبقات فيه ول استغلل ول احتكللار ومللن ثللم ينشللأ السلللما‬
‫في المجتمع‪ ،‬وهو أيضا ً الذي ينظم علقات المم بعضها مع‬
‫البعض الخر علللى أسللاس مللن السلليادة المتبادلللة وأحلفا‬
‫السلما( )‪..(16‬‬
‫يستين لنللا مللن الفقللرة المللذكورة آنفللا ً أن الللدكتور حسللن‬
‫حنفي يجهل اللغة العربية أو يتجاهللل قللواميس العللرب وأن‬
‫لفللظ السللما أحلد مكونلات السللما وهلو جلزءا ملن بعللض‬
‫معاني السلما فالسلما أعم وأشمل من هذا الفهم الضلليق‬
‫القاصر‪ ..‬ولو كان السلما بمعنى السلما الضيق الذي يريده‬
‫حسن حنفي لما وصل السلللما إلللى المعمللورة ولمللا خللرج‬
‫السلما من جزيرة العرب!!‬
‫ثامنًا‪ :‬اللفاظ الصاولية توحي بأن النسان آلة‪:‬‬
‫لم تسلم بالطبع مصطلحات اصول الفقه التي اتفللق عليهللا‬
‫علماءا المة السابق منهم واللحق من طعنه‪ ،‬حيللث يقللول‪:‬‬
‫)الواجب والحراما والمندوب والمكروه والمباح فهي ألفللاظ‬
‫توحي بأن النسان ما هو إل آلة للتطبيق وأنلله فاقلد حريتله‪،‬‬
‫في حين أن التعبير بألفللاظ أخللرى مثللل الطبيعللة والنطلق‬
‫والزدهللار فيهللا تأكيللدا للللذات وإثبللات لحريتهللا وتحقيللق‬
‫وجودها( )‪..(17‬‬
‫تاسأعًا‪ :‬الحديث عن اللسسه وصاسسفاته هسسو حسسديث عسسن‬
‫النسان الكامل في الشعور‪:‬‬

‫السابق‪116/‬‬ ‫‪16‬‬

‫السابق‪118/‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪-11-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫الله سبحانه وتعالى في نظر حسن حنفي عبارة عن صللورة‬

‫صنعها النسان في عقله للنموذج المثل كأن الله أمنيللة أو‬
‫صورة جميلة صنعها النسان لنفسه لصفات الرجل الكامللل‬
‫الخللالي مللن العيللوب‪ ،‬حيللث يقللول‪) :‬ويعللبر لفللظ النسللان‬
‫الكامل عن علم التوحيد وعلم التصوفا معًا‪ ،‬فمع أن علمللاءا‬
‫أصول الدين يتحدثون عن الله ذاته وصلفاته وأفعلاله فلإنهم‬
‫في الحقيقة يتحدثون عن النسان الكامل‪ ،‬فكل ما وصللفوه‬
‫على أنه الله إن هللو إل انسللان مكللبر إلللى أقصللى حللدوده(‬
‫)‪..(18‬‬
‫)تعالى الله عما يقولون علوا ً كبيرًا(‪ ..‬أليس هذا إلحادا ً فللي‬
‫أسماءا الله وصفاته وأفعاله؟!!‬
‫يقول الله تعالى متوعدا لمثال حنفللي‪) :‬إن الللذين يلحللدون‬
‫في آياتنا ل يخفون علينا(‪ ..‬لكن حسن حنفي تجللاوز اللحللاد‬
‫في اليللات والسللماءا والصللفات فالرجللل ينكللر وجللود الللله‬
‫أصلً‪..‬‬
‫عشرًا‪ :‬ل تقديس للقرآن والسنة‪:‬‬
‫قد تناول حنفي في طعنه أعظم ما تعتز به هللذه المللة مللن‬
‫شعائر دينها والعاصم لها مللن الضلللل بعللد الهللدى ومصللدر‬
‫شريعتها إذ يقول‪) :‬نشأ التراث من مركز واحد وهو القللرآن‬
‫والسنة ول يعني هذان المصدران أي تقللديس لهمللا بللل هللو‬
‫مجرد وصف لواقع( )‪..(19‬‬
‫حادي عشر‪ :‬الدعوة إلى التخلي عن اللغة المغلقة‬
‫إلى لغة أكثر عقلنية‪:‬‬
‫يقول حسن حنفي‪) :‬التخلي عن لغة اللهللوت الخاصللة مللن‬
‫إله‪ ،‬ورسول‪ ،‬وثواب‪ ،‬وعقاب‪ ،‬وملك‪ ،‬وشيطان‪ ،‬وهي اللغة‬
‫المغلقة التي مازالت خاضعة للرمز الديني‪ ،‬واستعمال لغللة‬
‫أكثر عقلنية وانفتاحللا ً وإنسللانية يمكللن لي فللرد أن يعقلهللا‬
‫مثل النسان‪ ،‬والعقل‪ ،‬والنظر‪ ،‬والفضيلة‪ ،‬في حين أن علللم‬
‫الكلما ظل خاصًا‪ ،‬وعبر عن مضمونه بلغة خاصة في مقابل‬
‫الفلسفة التي استطاعت أن تتجلله نحللو العللالم‪ ،‬ونحللن الن‬

‫السابق‪126/‬‬ ‫‪18‬‬

‫السابق ‪154‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪-12-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫للور‪ ،‬وآثرنللا‬‫قد رجعنا خطوة أخرى إلى الللوراءا‪ ،‬وألغينللا التط‬

‫لغة اللهوت المغلق على لغة الفكر المفتوح( )‪..(20‬‬
‫أقول‪ :‬هكذا حققت الفلسفة على حد زعمه ما للم يحققله‬
‫علم التوحيد ‪ -‬علم الكلما ‪ -‬فعلللم التوحيللد يحللوي نظريللات‬
‫مبعثرة!!‬
‫والكاتب يتأسف ويتحسللر لننللا رجعنللا إلللى الللوراءا‪) :‬ونحللن‬
‫الن قد رجعنا خطوة أخرى إلى الوراءا بإيثارنللا البقللاءا علللى‬
‫نظريات مبعثرة دون تصور كوني عاما وشامل نعرضه علللى‬
‫مستوى الشعور دون أن نتركه يعمل في اللشعور( )‪.(21‬‬
‫ثاني عشر‪ :‬اسأتعداؤه للسألما ومقدسأاته وتملقسسه‬
‫سألطات اليوما‪:‬‬
‫في الوقت الذي يشن فيه حسن حنفللي الحللرب علللى الللله‬
‫وعلى مقدسات المسلمين وعلللى الرسللل وعلللى الملئكللة‬
‫بجرأة فجة‪ ..‬وعلى الجانب الخر نجده شللفوقا ً حنونللا ً ليللن‬
‫الجانب في الحديث عن الحكومللات الحاليللة!! فقللد هربللت‬
‫شجاعته العلمية التي يزعمها وطفللق يسللتعدي الحكومللات‬
‫ضد السلما!!‬
‫فحسن حنفي يطمئن هذه الحكومات حللتى ل تفهملله خطللأ‬
‫عندما يستخدما مصطلح الثورة في كتاباته‪ ..‬فيقول لهللم إن‬
‫الثورة التي يقصدها هي ثورة ضد الدين ضد الللله ل ضللدكم‬
‫أنتم!! فل تصادروا كتبي لنني أدافع عنكم وأثبت عروشللكم‬
‫بهللدمي لمعتقللدات المسلللمين إذ يقللول ‪) :‬تغييللر الواقللع‬
‫بالوثوب على السلطة دون انتظار لتجنيد الجماهير –مصللدر‬
‫السلطة‪ -‬ومن ثم كانت هذه الدعوات أقرب إلى محللاولت‬
‫النقلبات منها إلى تغيير اجتماعي بالفعل( )‪..(22‬‬
‫ويؤكد حنفي في فقرة أخللرى‪) :‬العتمللاد علللى التنظيمللات‬
‫السرية وغالبا ً ما تكون مسلحة مما يقوي العقلية المتآمرة‪،‬‬
‫والحساس بالضطهاد‪ ،‬والنفصللال عللن الخريللن‪ ،‬والرغبللة‬
‫في السيطرة( )‪..(23‬‬

‫السابق‪15/‬‬ ‫‪20‬‬

‫السابق‪158/‬‬ ‫‪21‬‬

‫السابق‪40/‬‬ ‫‪22‬‬

‫السابق‪41/‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪-13-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫وإذا أنزلنللا مللا يقللوله علللى المنظومللة الماركسللية نجللد أن‬

‫حنفللي يكيللل بمكيللالين‪ ..‬فهللل قللامت الثللورة البلشللفية‬
‫الشيوعية عاما ‪ 1917‬من دون أن تمر بللالتنظيم السللري أو‬
‫الدعوة السرية؟!!‬
‫وهلل الوثلوب علللى السللطة دون انتظللار تجنيللد الجملاهير‬
‫حلل للماركسللية ومللن علللى حمرتهللا‪ ،‬وحللراما علللى بنللي‬
‫السلما؟!! أحراما علللى بلللله الللدوح حلل للطيللر مللن كللل‬
‫جنس‪.‬‬
‫ثالث عشر‪ :‬الحجاب كبت جنسي‪:‬‬
‫لم يترك حسن حنفي أي شعيرة أو فضلليلة فللي السلللما إل‬
‫نقضها وطعن فيها وتطاول وافترى علللى المشللرع الحكيللم‬
‫الللذي فللرض الحجللاب وأمللر بلله!! فيقللول حنفللي‪) :‬سلليادة‬
‫التصور الجنسي للعالم‪ ،‬البدايللة بالحجللاب وعللدما الختلطا‪،‬‬
‫والمر بغض البصر‪ ،‬وخفض الصللوت‪ ،‬وكلمللا ازداد الحجللاب‬
‫ازدادت الرغبة فللي معرفللة المسللتور‪ ،‬والللدعوة السياسللية‬
‫الجتماعية أرحب وأوسع عن هذا التصور الجنسي للعلقات‬
‫الجتماعيللة‪ ،‬ولمللاذا يصللنف المللواطن إلللى رجللل وامللرأة؟‬
‫ولماذا ينظر إلى النسان باعتباره ذكللرا ً أما أنللثى؟ إن تأكيللد‬
‫النظرة النسانية أو العلن عن الثورة السياسية من شللأنه‬
‫إحللداث ثللورة فللي السلللوك الفللردي دون ماحاجللة إلللى‬
‫التصنيف الجنسي للمواطنين‪ ،‬خاصة وإن كان ل يللدل علللى‬
‫فضيلة بل يدل على رغبة جنسية مكبوتة أو حرمان جنسللي‬
‫في حالة من التسامي والعلءا( )‪..(24‬‬
‫انظر إلى هذا الميزان المقلوب الذي يزن به حسللن حنفللي‬
‫أسباب فشل تغيير الواقع بالقديم أي عن طريللق القللرآن!!‬
‫فهناك تناسب طردي بين الحجللاب والرذيلللة!! فكلمللا ازداد‬
‫الحجاب زادت الرذيلة!! فالحجاب في نظره رغبللة جنسللية‬
‫مكبوتللة!! والحجللاب سللبب تفشللي الرذيلللة والفوضللى‬
‫الجنسية في العالم!!‬
‫ويتطاول حسن حنفي على النللص القرآنللي )يوصلليكم الللله‬
‫في أولدكللم للللذكر مثللل حللظ النللثيين(‪ ..‬ويتسللاءال حنفللي‬
‫لماذا ينظر إلى النسان باعتبللاره ذكللرا ً أما أنللثى؟!! ولمللاذا‬
‫يصنف المواطنون إلى رجل وامرأة؟!!‬

‫السابق‪42/‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪-14-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫صافوة القول‪:‬‬
‫هكللذا ظهللر المخبللوءا وانكشللف المسللتور‪ ،‬واسللتبان لكللل‬
‫منصف كذب الدكتور حسللن حنفللي وضلللله بللل وزنللدقته‪..‬‬
‫فبعد كل هذا الفك والفتراءا على الله وعلى رسوله وعلللى‬
‫دينلله يزعللم حسللن حنفللي أنلله مسلللم!!! أي إسلللما يريللده‬
‫حسن حنفي والسلما في نظره عبللارة عللن ألفللاظ جوفللاءا‬
‫لوصف واقع فقط!!‬
‫أعتقد بعد هذا التطوافا في أحد كتب حسن حنفي )الللتراث‬
‫والتجديد( أن السلما الذي يقللدمه لنللا مللن خلل مشللروعه‬
‫اليساري لم ينزل على محمد بن عبد الله رسول الله صلللى‬
‫الله عليه وسلم‪ ..‬هذا الدين الذين يدعونا إليه حسن حنفللي‬
‫لم يعرفه الصحابة رضوان الله عليهم وسلف هذه المة!!‬
‫أما الدكتور أستاذ الفلسفة حسن حنفللي ‪ :‬فنحللن بللراءا مللن‬
‫مشروعك اليساري فكن صريحا ً مع نفسك وأفصح بإلحادك‬
‫ول تتمحك في النتساب إلللى السلللما!! فمحللاول التلفيللق‬
‫والتزوير وزعمك أن العلمانية هي أسللاس الللوحي‪ ..‬حللديث‬
‫خرافة!!‬
‫وقد كان الكاتب العلماني عادل ضاهر أكثر جللرأة ووضللوحا ً‬
‫منك ومن غيرك في إفصاحه عن علمانيته بالمعنى الغربللي‬
‫الدقيق‪-‬اللتيني‪ -‬فقد أساءاه كتابت هؤلءا العلمانيين العللرب‬
‫الذين يسيرون على منهللج التوفيللق والتلفيللق فنقللدهم فللي‬
‫مقدمة كتابه )أسس الفلسللفة العلمانيللة( قللائلً‪) :‬والخطللر‬
‫من هذا تدليل ً على تراجع الفكر العلمللاني عنللدنا مانشللهده‬
‫من محاولت حثيثللة ملن قبللل المفكريللن العلملانيين للدعم‬
‫موقفهم عللن طريللق اللجللوءا إلللى السلللما نفسلله‪ -‬القللرآن‬
‫والسنة‪ -‬غير مدركين أنهم إنما يقدمون بهذا أكبر التنللازلت‬
‫للحركللة المناوئللة للعلمانيللة وأنهللم –وهللذا هللو الخطللر‪-‬‬
‫يناقضللون أنفسلهم أيملا تنلاقض إذا يجعللون النللص الللديني‬
‫مرجعهم الخير فللي مجللال دفللاعهم عللن علمللانيتهم‪ ،‬بينمللا‬
‫العلمانية تقوما في المقاما الول علللى مبللدأ أسللبقية العقللل‬
‫على النص( )‪..(25‬‬
‫أقسسول‪ :‬هكللذا أراحنللا عللادل ضللاهر وأراح نفسلله وأعلللن‬
‫مفاصلته الكاملة للللدين بمعنللى أوضللح أعلللن إلحللاده‪ ..‬أمللا‬

‫راجع مقدمة كت اب‪ :‬الس س الفلس فية للعلماني ة‪/‬ع ادل‬ ‫‪25‬‬

‫ضاهر‪/‬دار الساقي لندن‬

‫‪-15-‬‬
 ‫التراث والتجديد في فكر‬
‫حسن حنفي‬

‫الدكتور حسن حنفي فإنه لم يملك هللذه الجللرأة‪ ..‬والنتيجللة‬

‫واحدة فللي كل الرجليللن‪ ..‬فكلهمللا يهللدما السلللما وكلهمللا‬
‫ليسا على شئ‪..‬‬
‫لكن مهما لفق حسن حنفي وزور وزيف‪ ..‬ومهمللا طبللل للله‬
‫العلما المعادي للسلما‪ ..‬فإنه لن يكون في نهاية المطللافا‬
‫إل زنديق من الزنادقة الذين يحاولن هدما السلللما الشللامخ‬
‫على مر العصور‪ ..‬ومصيرهم معروفا‪ ..‬في مزابل التاريخ‪..‬‬
‫ولللن يفلحللوا إن شللاءا الللله‪ ..‬فالسلللما أصلللب مللن معللاول‬
‫هدمهم ‪..‬‬
‫السأتاذ هاني السباعي‬
‫مدير مركز المقريزي‬
‫للدراسأات التاريخية‬

‫تم تنسزيل هذه‬

‫المادة من‬
‫منبر التوحيد‬
‫والجهاد‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬

‫‪-16-‬‬