You are on page 1of 32

‫‪1‬‬

‫س خصائص القانون الفرعوني ؟؟ من ‪ 11‬الى ‪. 20‬‬


‫خصائص القانون المصرى الفرعونی‬
‫نقطة البداية مع تاريخ القانون المصري كان مع القانون الفرعونی الذى امتد حسب حساب‬
‫التاريخ من عام ‪۳۲۰۰‬ق‪.‬م ( حكم الملك مينا) وانتهى مع مجيء اإلسكندر األكبر فاتحا‬
‫البالد عام ( ‪۳۲‬ق‪.‬م أي حوالي ثالثين قرنا من الزمان هو عمر هذا القانون‪.‬‬
‫قسم مانيتون الكامن السمنودي تاريخ مصر الفرعونية إلى أسر ما بين ‪ 31‬أسرة أو ‪۳۲‬‬
‫أسرة‪ .‬وقسمت البالد إلى عصور سادت فيها النزعة الفردية وأخری ساد فيها النظام‬
‫اإلقطاعي ( سواء كان إقطاعا دينيا أو مدنيا أو عسكريا »‬
‫إال أن البالد انتهت إلى سيادة النزعة الفردية ‪ -‬الذي بدأ بها التاريخ وأنتهى إليها ) وكان‬
‫الفضل إلى الملك المصلح بوكخوريس بإعالنه القضاء الميرم على « امتيازات » و «‬
‫سيادة » رجال الدين ‪ .‬فكانت المساواة الطبقية ‪ ،‬والكل أمام القانون سواء‪.‬‬
‫وقانون بوكخوريس هو الذي سجل لتاريخ القانون المصرى الفرعونى عبر العصور‬
‫الالحقة‪.‬‬
‫إذن البد من نظرة شمولية فوقية تقدم صياغة القانون الفرعوني في ثوبه القانوني‪.‬‬
‫في منتهى اإليجاز نفتح معالم تاريخ القانون المصرى الفرعونی تحت مجهر المعرفة‬

‫القانون والحضارة اإلنسانية‬


‫القانون ‪ -‬في كل زمان ومكان ‪ -‬جزء ال يتجزأ من الحضارة اإلنسانية‪ ،‬تلك التي ترسم‬
‫التطور الفكري واالقتصادي واالجتماع والسياسي في بلد ما وفي عصر ما‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن مصر الفرعونية بلغت شاوة عظيمة وعلوا كبيرا على درج الحضارة‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫هذه اآلثار وتلك الوثائق التاريخية‪ .‬واألهرام معجزة األجيال خير دليل على فن وهندسة‬
‫وتنظيم إداري فذ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫عقول مصرية صنعت الحضارة‪ .‬وحياة المصريين على ضفاف النيل حيث الهدوء‬
‫واالستقرار واألمن واألمان والنظام‪.‬‬
‫كل هذا كون « قانونا حضاريا » في المقام األول‪ ،‬قانون فيه عظمة الفكر الفرعوني‪ ،‬فجاء‬
‫قانونا مسجال كامال للتقدم الحضاري للبالد‪ ،‬ومن هنا كانت دهشة المؤرخين قاطبة لعظمة‬
‫هذا القانون وسبقه الحضاري‪.‬‬
‫***‬
‫القانون وصناعته‬
‫القانون صناعة « العقل البشري »‪ .‬وقدرة الصناعة الفكرية المرتبطة بالحضارة ‪ -‬كما‬
‫رأينا حاال ‪ -‬هي التي صاغت مبادىء القانون وشكلت قواعده‪.‬‬
‫عاشت مصر ‪ -‬قديم ‪ -‬في عزلة شبه تامة عن باقي المدن والمجتمعات البشرية القديمة‪،‬‬
‫ومن هنا ومن قلب المجتمع المصرى صنع العقل المصرى تلك القواعد القانونية التي‬
‫نظمت عالقة األفراد بعضها بالبعض االخر‬
‫دون االخذ باى قوانين أخرى كان مولد ونشأة وتطور القانون المصرى الفرعوني‬
‫فهر إذن ‪ :‬قنةن نقي في مبادئه‪ ،‬صاف في قواعده « صنعه العقل المصرى من ظروف‬
‫المجتمع المصرى ونمط حياته »‬
‫***‬
‫القانون فن الخير والعدل كان القانون يخرج من فم اإلله أوزوريس إله الخير ومن‬
‫دارحوريس الكبري ‪ ..‬دار العدالة ‪ ..‬ثم إن الفرعون باعتباره « الها‪ ،‬فكان الديون قد خرج‬
‫من فم اإلله‪ ،‬واإلله هو « الخير والحق والعدل ‪.‬‬
‫انصهر القانون في نار « العدالة المقدسة ‪ ،‬إذ المعلوم أن المصريين القدماء عبدوا االلهة‬
‫«معات » إلهة الحقيقة و العدالة‪ ،‬واتخذوا منها نبعا من ينابيع القانون‪ ،‬وكنا نري قضاة‬
‫المحكمة العليا «دار حوريس كان كل قاضي يضع حول عنقه تمثال االلهة «معات لتذكره ‪:‬‬
‫أنه يخكم بين الناس بالعدل هذا في القانون الخاص ‪ .‬و األمر كلك بالنسبة للقانون العام‬
‫حيث سادت القاعدة « التي هي صناعة مصريةفي المقام األول » ‪« :‬العدل أساس الملك »‬
‫‪3‬‬

‫قاعدة‬
‫العدل أساس الملك‬
‫اتصف القانون المصرى الفرعوني ألن الفرعون كان الهه واالله من خصائصه العدل۔‬
‫ولما كان القانون يستمد وجوده من الفرعون باعتباره صاحب السلطة التشريعية االول‬
‫إذن ما علينا إال أن نشير في عجالة إلى أبعاد هذه الصفة المقدسة للقانون‬
‫" ــ إذ يتم اختيار الملك الصالح ‪ -‬هكذا تقول النصوص‪ -‬ينبع الخصب في الحقول ‪ .‬وتأتي‬
‫االنتصارات في الحروب ‪ -‬وعلى الشعب ان يعيش في خير وهناء مقيم‬
‫إن الفرعون إله حي‪ ،‬إنه ال يموت ‪ :‬أنه يحي باعماله‬
‫* الفرعون يفعل ما يحب أما ما اليحب‪ ،‬ال يفعله‬
‫ــ وهذه رسالة من أحد ملوك األسرة الثانية عشرة إلى أحد وزرائه بمناسبة تعيينه‬
‫‪ ((,‬والذي يجب عليك عمله في كل األحوال أن تحافظ علي القانون ‪ ،‬و عندما يأتي‬
‫صاحب شکوی‪ ،‬فاحرص على أن يتم كل شيء طبقا لما يقضي به وما يقضي به نظامه‬
‫حتى يصل كل شخص الى حقه ))‬
‫أول تقنين لمبدأ « سيادة القانون »‬
‫* ومشی قضاة مصر على الدرب العدالة وطريقه المستقيم‪ ،‬كان كل منهم يضع تمثال اآللهة‬
‫معات » حول عنقه في مجلس القضاء لتذكره بتحقيق العدالة‪.‬‬
‫وامتد العدل من الحاكم إلى قضاته ‪:‬‬
‫يقول القاضي «رمنوکا » في عهد الملك « منكاورع» في نقوش وجدت على قبره تذكارا‬
‫لما كان يحكم به ‪:‬‬
‫« إن الذي يحب الملك واإلله أنوبيس على قمة جبله‪ ،‬ال يأتي باذي لمحتويات هذا القبر‪ ،‬من‬
‫القوم الذين سيصعدون إلى الغرب «الدار األخره‪ ،‬أما من جهة هذا القبر األبدي فإني قد‬
‫أقمته ألني كنت مقربا لدى الملك والناس‪ ،‬ولم يحدث قط أني اغتصبت أي شيء من أي‬
‫إنسان لهذا القبر‪ ،‬ألني أذكر يوم الحساب في الغرب « الدار اآلخرة »‬
‫‪4‬‬

‫إذن كانت العدالة مبدأ وعقيدة وأسلوب حكم وحياة‪.‬‬


‫‪ -‬يقول اإلله «رع» لكل الملوك ‪:‬‬
‫قل العدالة‪ ،‬اصنع العدالة‪ ،‬ألن العدالة قادرة‪ ،‬إنها عظيمة‪ ،‬إنها سرمدية ‪.‬‬
‫‪ -‬جاء بتعاليم الملك « خيتي الرابع » ( رابع ملوك األسرة العاشرة ) الموجهة إلى ابنه‬
‫األمير «مريكاورع ولي العهد‪ ،‬قال له وهو يعظه ‪:‬‬
‫« يا بنی تحل بالفضائل حتى يثبت عرشك على األرض ‪ ...‬هدىء من روع الباكي ‪ ..‬ال‬
‫تظلم األرملة ‪ ..‬ال تجرد أحدا مما يملك ‪ ..‬ال تطرد موظفا من عمله ‪ ..‬ال تكن فظا بل كن‬
‫رحيم القلب ‪ ..‬ال ترفع ابن الشخص العظيم على ابن الشخص المتواضع ‪ ،‬بل قرب يد‬
‫اإلنسان حسب كفائته ‪.‬‬
‫‪ -‬في عهد الملك « بيبي الثاني » ( خامس ملوك األسرة السادسة ) قامت ثورة في البالد‬
‫وأنت على األخضر واليابس‪ ،‬وانتهكت القوانين والنظام ‪ ,,‬تاسي الحكيم المصري الذي‬
‫سجل لهذه الثورة ‪ :‬الحكيم العجوز ايبوور « حقا لقد ديست القوانين في المحاكم باألقدام » ‪.‬‬
‫وفي أتون الثورة نادي بالعدالة التي كانت والتي انتهكت‪ ،‬نادى بالعودة إلى سيادة القانون‬
‫ومحو الظلم‪ ،‬وماذا قال ‪:‬‬
‫(إن العدالة هي رحمة اآللية المهداة إلى البشر أجمعين )‬
‫‪ -‬بعدها فتحت البالد صفحة جديدة مع مولد األسرة الحادية عشرة وعاد عهد الملوك‬
‫المصلحين‪ ،‬و « القوانين العادلة ‪ ،‬والتي ترجمها «الفالح الفصيح» (خونانوب) في شکاياته‬
‫التسع إلى الملك ‪ -‬وكان قد قبض عليه ظلما ‪ -‬قال صارخا من « سجنه » موجها شکاياته‬
‫مباشرة إلى الجالس على عرش البالد ‪ :‬في إحداها والدموع تبلل عينيه ‪:‬‬
‫« أقم حياة الصدق ‪ ..‬أجب داعی الحق ‪ ..‬اطرح الشر ارضا ‪..‬‬
‫أقم العدالة أيها الحميد الذي يثني عليه كل حميد » وفي شكاية أخرى يتألم أكثر ‪ :‬كن رحيما‬
‫محسنا‪ ،‬ونقب عن الحقيقة ‪ ..‬ال تكن ظالما حتى ال تدور عليك الدوائر يوما ‪ ..‬ال تسلب فقيرا‬
‫ماله ‪ ،‬وال تهب ضعيفا ‪ ..‬إن مال الفقير حياته ‪ ..‬ومن أخذ مال الفقير فقد خنقه ‪..‬‬
‫‪5‬‬

‫وانتهت حكاية الفالح الفصيح بعودته إلى أهله سالما‪ ،‬وأجزل عليه الملك العطاء العظيم‪،‬‬
‫وحاكم كبار موظفي الدولة الذين ظلموه وأوقع عليهم عظيم الجزاء‪ .‬وبذلك انتصر القانون‬
‫وساد العدل ربوع البالد‬
‫القانون والمساواة‬
‫كما كان القانون قد كتبت كلماته ہمداد الحق والعدل‪ ،‬فكانت غايته تحقيق ذلك ايضا‪ ،‬إذ الكل‬
‫كان أمام القانون سواء‬
‫ا) جاء القانون ليساوي بين الطبقات االجتماعية‪ ،‬هذه هي قاعدته العامة ‪ ،‬وإن كان في‬
‫بعض عصوره قد خضع إلى حين إلى سيادة «اإلقطاع‪ ،‬سواء «اإلقطاع االجتماعي» أو‬
‫«اإلقطاع العسكريه أو اإلقطاع الديني» إال أنه سرعان ما كان يعود التاريخ إلى سيرته‬
‫األولى وتم المساواة بين الناس جميعا‪ .‬وكل بمقدار ما يعمل‬
‫فال طبقية في المجتمع المصري والقاعدة األصولية «سيادة النزعة الفردية ‪..‬‬
‫‪ )2‬وصورة أخرى من صور المساواة تلك التي قررها القانون المصري وتوجه قانون‬
‫الملك بوكخوريس « األسرة الخامسة والعشرون * تلك المساواة الكاملة بين « الرجل‬
‫والمرأة ‪.‬‬
‫كان القانون المصرى الفرعوني ‪ -‬دون قوانين العالم قاطبة ‪.‬قد أقر المساواة بين‬
‫حقوق المرأة و الرجل ‪ :‬إذ المراة الفرعونية كانت تتمتع بالشخصية قانونية الكاملة ‪:‬‬
‫كان لها أن تمتلك األموال المنقوالت والعقارات ومنها األراضي وتستطيع أن تتصرف فيها‬
‫بمقابل « البيع » أو بدون مقابل « الهبة » وسواء كانت تصرفاتها أثناء الحياة أو‬
‫مضافة إلى ما بعد الموت الوصية »‬
‫وكانت لها أرادتها الكاملة في الزواج واختيار زوج المستقبل‪ ،‬قبوال أو رفضا دون وصاية‬
‫من أهلها وذويها‪.‬‬
‫وتساوت في الحقوق اإلرثية » األخت كأخيها تماما على قدم المساواة ‪...‬‬
‫وللزوجه حق إرث زوجها ‪...‬‬
‫وتستطيع المرأة أن تدافع عن حقوقها في المحاكم سواء كانت مدعية أم مدعي عليها ‪...‬‬
‫‪6‬‬

‫وسنری بعد قليل ‪ -‬خالل العصر البطلمی ‪ -‬كيف أن البطالمة أصابتهم الدهشة لهذا المركز‬
‫القانوني واالجتماعي للمرأة المصرية‪.‬‬
‫القانون وصياغته الفنية‬
‫كتب القانون الفرعونی بصياغة بالغية في منتهى اإلتقان ‪...‬‬
‫عبارات واضحة سليمة ومختصرة ‪ ...‬كان يصاغ في «دار حوريس الكبرى ‪ ،‬وهي محكمة‬
‫العدل ‪ ..‬وكان النص القانونی محاطا بالقدسية بمعني مثال في عقد من البيع يقول البائع ‪،‬‬
‫قسما بحياة الملك سأعطي ما هو حق ‪...‬‬
‫وفي عقد الزواج ‪ :‬يقول الزوج معلنا رضاؤه بالزواج ‪ « :‬أنت زوجتي منذ اآلن ‪...‬‬
‫وعرف القانون المصرى الفرعوني كل صور العقود المسماة وغير المسماة‪ ،‬الرضائية و‬
‫الشكلية‪ ،‬وأيضا عرف التأمينات العينية والشخصية‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬كان ألموال الزوجة قبل زوجها في عدم الوفاء بحقوقها حق الزمن ‪ ..‬وهو حق‬
‫امتياز على أمواله » يعطيها الحق في األولوية على سائر الدائنين المرتهنين ‪...‬‬
‫‪ -‬وكانت اآللهة شاهدة على العقود الخاصة والعامة و االتفاقيات والمعاهدات الدولية »‬
‫كضمان لتنفيذها ‪.‬‬
‫‪ -‬وكانت الرضائية هو المبدأ السائد في شتى التصرفات القانونية أي سيادة قاعدة « العقد‬
‫شريعة المتعاقدين »‬
‫‪ -‬وجاءت تصرفات األفراد نبعا من « الروح العامة و التي سادت المجتمع المصري‬
‫ورسمت أبعاد القانون‪ ،‬تری سيادة المبادىء القانونية التي خلد بها القانون المصري والقي‬
‫ظالله على قوانين العالم القديم قاطبة بدءا من القانون اليوناني « قانون صولون » والقانون‬
‫الروماني في بدنه ونشأته « قانون األلواح اإلثني عشر » وعند نهايته قانون أو « موسوعة‬
‫» أخر أباطرة الرومان « جوستنيان » حيث كانت مصر والية رومانية وتعايش القانون‬
‫الروماني مع القانون المصرى ‪ -‬كما سنرى ذلك بعد قليل ‪ -‬وكان للقانون المصري الفضل‬
‫العظيم واألثر الكبير في القانون الروماني في نهاية تطوره‪ .‬و من المبادىء السائدة ‪ :‬مبدأ‬
‫الرضائية ‪ ،‬مبدأ سلطان اإلرادة ‪ ،‬مبدا حسن النية في التعاقد‪ ،‬وسيادة فضيلة « الثقة » و «‬
‫األمانة ‪ ،‬والوفاء بالعقود والعهود ‪ « :‬إن العهد كان مسئوال »‬
‫‪7‬‬

‫وخالصة القول‬
‫كان القانون المصرى الفرعوني صافيا في قواعده و أحكامه له رسالته األخالقية و أيضا‬
‫نزعته )( العالمية ) فقد كتب له البقاء عبر عصور تاريخ القانون المصرى جميعا ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س‪ 2‬العالقات الدولية الرومانية ؟؟‬
‫من ص ‪70‬ل ص ‪88‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫العالقات الدولية الرومانية‬
‫وندرس هنا على التوالى ‪ ،‬الموضوعات التي تتمشي مع دراستنا عن حلقات التاريخ‬
‫المتعاقبة‪ ،‬ودخول مصر في ذلك اإلمبراطورية الرومانية كوالية من والياتها وينطبق‬
‫عليها لفظة « األجنبي » واألجنبي عند الرومان ‪ -۱ :‬أجنبي عادی‪ -۲ ،‬أجنبي مستسلم «‬
‫وكما عرفه الفقيه جايوس " األجنبي المستسلم هو الذي دخل في حرب مع روما وانتهی به‬
‫األمر إلى االستسالم " » ومصر تدخل في فلك روما ضمن األجانب المستسلمين‪ ،‬ولكن‬
‫ليس بالمفهوم الذي ارتآه جايوس‪ .‬ولذلك و إيضاحا للمعرفة الشاملة في هذا الخصوص‬
‫تناقشة تباعا ‪:‬‬
‫‪ -۱‬المطلب األول ‪ :‬نظرة الرومان صوب األجانب وتطورها‪ -۲ .‬المطلب الثاني ‪ :‬معالم‬
‫العالقات الدولية الرومانية‪ -۳ .‬المطلب الثالث ‪ :‬دور بريتور األجانب وقانون الشعوب‪- 4 .‬‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬القانون الروماني ‪ :‬من اإلقليمية إلى العالمية‪.‬‬
‫***‬
‫المطلب األول نظرة الروماني صوب األجانب وتطورها‬
‫مثل سائر الشعوب القديمة قاطبة كانت نظرة الرومان إلى «األجنبي»‪.‬‬
‫لقد كان األجنبي ‪ -‬بصفة عامة في نظر الشعوب القديمة وأيضا في روما ‪ -‬ال يتمتع باي حق‬
‫من الحقوق‪ ،‬وال توجد أية وسيلة قانونية لحمايته‪ ،‬فهو في نظرهم جميعا بمثابة « عدو » ‪-‬‬
‫‪8‬‬

‫وبهذه الصفة كان يقتل كما يقتل األعداء ‪ -‬حيث دمهم مباح ‪ -‬أو إذا أبقرا على حياته فإنما‬
‫يعامل كأنه من «الرقيق ‪ ( ،‬ومن هنا جاء الرق بديال للموت )‪.‬‬
‫والعبد عند الرومان وباقي الشعوب القديمة ‪ -‬كان شيئا من األشياء أو حيوانا من الحيوانات‪،‬‬
‫يکون ليسيده عليه « حق الحياة والموت » وهو كعبد ال أسرة له‪ ،‬وال مجتمع ياويه‪ ،‬فال‬
‫حق له وال واجب عليه فان السيد کل دنياه‪ ،‬هو اسرته وقانونه وحياته‪ ،‬فإذا ما اكتسب ماال‬
‫عاد اول الذمة المالية لسيده‪ ،‬وإذا ارتكب جرما كانت العودة علي سيده وسيده ينوب عنه‬
‫قضائيا سواء كان مدعيا أم مدعى عليه‪.‬‬
‫هذه هي الصورة الحزينة للعبد عند الرومان‪.‬‬
‫وهي نفس الصورة لألجنبي في روما ‪ :‬هو « عدو » ‪ :‬ال حق له في روما‪ ،‬وال قانون‬
‫يحميه‪ ،‬وال مجتمع ياويه ‪ :‬ال دين له‪ ،‬وال أسرة له‪ ،‬حرمان كامل من كل الحقوق الخاصة‬
‫والعامة على حد سواء‪.‬‬
‫إال أن هذه الصورة األليمة الحزينة تطورت مع الزمن‪ ،‬على أساس أخالقي وإنساني وتبادل‬
‫المصالح والمنافع بين روما وجيرانها ‪ ،‬ومن هنا ‪ -‬وعلى جسر التطور ‪ -‬بدأت دائرة العداء‬
‫تتحسر عن األجانب في روما‪ ،‬وقد مرت بمراحل على النحو اآلتي ‪ :‬أ) مرحلة الحماية‬
‫القانونية الخاصة ب) مرحلة الحماية القانونية العامة‪ ،‬ج) مرحلة االتفاقيات والمعاهدات‬
‫الدولية‪.‬‬
‫***‬
‫مرحلة الحماية القانونية الخاصة‬
‫منذ زمن قديم في روما ‪ ،‬جرت عادة بعض األسر الرومانية على ابرام اتفاقات خاصة »‪،‬‬
‫تتضمن منح ضمانات إلقامة األجنبي في روما في إقامة مؤقتة سواء بقصد السياحة أو‬
‫التجارة في أسواق روما لمدة معلومة و محدودة ‪ -‬وهذا هو « حق االستضافة » وكان‬
‫يطلق علي األجانب الجوابون أو السياح »‪ .‬وكان مقصدهم ليس بقصد اإلقامة في روما‪،‬‬
‫وإنما بقصد المتاجرة وتبادل المنافع‬
‫ولما كان األجنبي ‪ -‬في األصل ‪ -‬ال يتمتع بأي حق من الحقوق في روما‪ ،‬ففي حالة‬
‫االستضافة هذه – بناء على االتفاقات الودية ‪ -‬بين العائالت الرومانية واألجنبية‪ ،‬تكون‬
‫‪9‬‬

‫الحماية الخاصة لهؤالء األجانب ويتم ذلك عن طريق « الحماية المتبادلة »‪ ،‬أي يكون‬
‫للروماني نفس الحماية الخاصة إذا يمم وجهه صوب بلد اجنبی‪.‬‬
‫وهذه الحماية تتوالها « آلهة » البلدين بالعناية والرعاية والضمان‬
‫وفي ضوء ذلك يقوم الروماني بتوفير وسائل الراحة وتيسير سبل اإلقامة‪ ،.‬وتسهيل‬
‫إجراءات التعامل بين األجنبي والروماني خاصة في مجال البيع والشراء ‪ -‬وعدم معرفة‬
‫األجنبي بالصياغة الرومانية‪ ،‬فيكون الروماني كفيال بتسهيلها لضيفه من األجانب‪.‬‬
‫وكان األمر يصل إلى حد أن يمثل الروماني بنفسه أمام القضاء بموجب كفالته لألجنبي‪.‬‬
‫***‬
‫ثانيا‬
‫مرحلة الحماية القانونية العامة‬
‫وعلى جسر التطور حلت الدولة محل األفراد في مسألة الحماية لألجنبي‪ ،‬فكانت «‬
‫االتفاقيات » تبرم ما بين الدولة الرومانية والدول األجنبية‪ ،‬وبموجب تلك االتفاقيات كانت‬
‫تأخذ كل مدينة على عاتقها تقديم كافة الضمانات للرعايا األجانب‪.‬‬
‫ومن أهم الحقوق التي منحها الرومان لألجانب ‪ :‬حق الزواج ‪ -‬حق التعامل ‪ -‬وحق االلتجاء‬
‫إلى القضاء‪.‬‬
‫ومعنى حق القضاء هو في إمكانية األجانب في عرض منازعاتهم على « هيئة محكمين‬
‫» يتم اختيارهم بمعرفة األجانب ‪ -‬وتتولى هذه الهيئة الفصل في المنازعات سواء تلك التي‬
‫تحدث بين األجانب وبين الرومان أو بين األجانب أنفسهم‪.‬‬
‫ومن الجدير بالتتويه أن األجانب حتى في ظل الحماية العامة لم يتمتعوا بعد بتطبيق القانون‬
‫الروماني عليهم‪ ،‬ألنه ظل حساب نشأته وطبيعته ‪ « :‬قانون خاص بالرومان وحدهم‪ ،‬وال‬
‫يطبق إال على الرومان أنفسهم دون سواهم »‬
‫وهكذا نرى أن الحماية بصورتها الخاصة أو العامة» لم تكن كافية بالنسبة لألجانب‪ ،‬إال أنه‬
‫مع التطور‪ ،‬وتزايد وفود األجانب على مدينة روما‪ ،‬كان البد من حماية جديدة لتوكيد هذا‬
‫‪10‬‬

‫الزحف صوب مدينة روما‪ .‬فكان هذا دور « الحاكم القضائي » لمدينة روما على النحو‬
‫اآلتي‪:‬‬
‫**‬
‫دور الحاكم القضائي « البريتور المدني » واستخدام نظام الحيلة القانونية‬
‫في تطور النظرة صوب األجانب‬
‫كما وصفت النصوص الرومانية « البريتور المدني » في روما بأنه‪ « :‬اللسان المعبر عن‬
‫القانون المدني وصوته الحي »‬
‫فقد كان البريتور هو األمين على تطبيق أحكام القانون بما له من سلطة قضائية‪ ،‬وبهذه‬
‫الصفة كان يلمس أكثر من غيره مدى عدم مالءمة احكام القانون المدني القديم لحالة‬
‫المجتمع الروماني وهو يشاهد تطوره ‪ -‬من هنا تمكن البريتور من سد النقص الظهر في‬
‫أحكام القانون المدني وتعديل أحكامه بما يتالءم مع التطور الجديد‪.‬‬
‫وابتغاء مسايرة التطور الذي أصاب البالد استخدم « البريتور وسيلة من أهم وسائل تطور‬
‫القوانين في العالم القديم‪ ،‬وهي «الحيلة»‪ ..‬ما هي الحيلة؟ هي تلك الوسيلة القانونية التي‬
‫استخدمها البريتور لمسايرة التطور ‪ -‬وفي مجال تغير النظرة صوب األجنبي ‪ ،‬فقد‬
‫استخدمها إلضفا) حماية قانونية على األجنبي ‪ -‬الذي ال يخضع لتطبيق القانون المدني ‪ -‬فقد‬
‫« تحيال البريتور » على هذا الوضع ( وافترض أن األجنبي رومانی ‪ -‬خالف الواقع طبعا‬
‫– ابتغاء تطبيق القانون الروماني عليه )‬
‫ثم كان هذا الطريق موصال إلى مزيد من الحماية القانونية لألجانب بعدما أصبحت روما‬
‫مدينة عالمية‪ ،‬ودخلها األجانب من كل فج عميق ليشهدوا مصالح حالة لهم‪.‬‬
‫***‬
‫معالم العالقات الدولية الرومانية‬
‫على جسر التطور وتتويجا له‪ ،‬انتهى األمر بالرومان إلى االعتراف الكامل باألجانب‪،‬‬
‫وأصبح ما لهم وما عليهم تماما مثل الرومان على أراضيهم ‪ -‬فكانت االتفاقات والمعاهدات‬
‫الدولية التي أبرمتها روما مع جيرانها ومع تلك الدول المطلة على حوض البحر األبيض‬
‫المتوسط‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫وانتقلت روما من « حياة العزلة القديمة إلى بناء وتأسيس االمبراطورية العالمية» وتدعمت‬
‫العالقات الدولية مع روما وانتهى األمر باعتبار « روما عاصمة الدنيا‪ ،‬والقانون الروماني‬
‫قانون العالم أجمعين »‬
‫االمطلب الثالث‬
‫دور بريتور األجانب و مولد قانون الشعوب‬
‫أوال دور بريتور األجانب‬
‫على جسر التطور أيضا‪ ،‬وتدعيما لتغير نظرة الرومان صوب األجانب‪ ،‬ومع الدور‬
‫اإليجابي الذي قام به بريتور المدينة على طريق تطور القانون واستخدامه « الحيلة‬
‫الشرعية » لخلق حماية لألجانب‪ ،‬ومع حتمية اإلعتراف باألجانب ودورهم اإليجابي في‬
‫روما من ناحية االقتصاد بصفة خاصة‪ ،‬وكان البد من « حماية خاصة » تدعم وجودهم‬
‫واالعتراف بهم كحقيقة دولية‪.‬‬
‫فما كان من الرومان إال أن أنشأوا وظيفة جديدة لمحاكم قضائي جديد يتولى شئون األجانب‬
‫والعمل على حمايتهم فكان مولد وظيفة « بريتور األجانب »‬
‫لقد ازدادت العالقات التجارية بين الرومان واألجانب‪ ،‬وازداد عدد األجانب في روما‪،‬‬
‫ومنهم كما رأينا فيما سبق من ارتبط بروما بمعاهدة تحالف وصداقة تسمح لهؤالء األجانب‬
‫بالتمتع بقدر كاف من الحقوق‪ ،‬فكان البد من خلق وظيفة لحاكم يتولى هذه الشئون جميعا‪.‬‬
‫ولم تعد روما تلك المدينة المنعزلة بل أصبحت المدينة العالمية التي يؤمها األجانب من كل‬
‫فج عميق‪.‬‬
‫وكان الفضل لعضو مجلس الشيوخ «لوتاتيوس » باقتراحه الشهير ء وظيفة « بريتور‬
‫األجانب »‬
‫وكان على عاتق بريتور األجانب مواكبة التطور الذي أصاب المدينة برمتها‪ ،‬وحاول إيجاد‬
‫مواءمة ما بين التطور وأسبابه والنظم القانونية السائدة في البالد‪ ،‬واألخذ بها صوب آفاق‬
‫جديدة لمواكبة التطور الذي عم البالد‪ ،‬واالنفتاح االقتصادي الذي أصبح سمة من أهم‬
‫سماتها ‪.‬‬
‫وعن التطور الذي قام به بريتور األجانب وكان له الفضل فيه ‪ ،‬يتمثل في اآلتي ‪:‬‬
‫‪12‬‬

‫أنشأ كثيرا من القواعد القانونية الجديدة‪ ،‬المتصفة بالعدالة والمتسمة بالعموم والشمول في‬
‫التطبيق‪ ،‬يستظل في ظلها الرومان واألجانب على حد سواء‪.‬‬
‫ولما كانت وظيفية « بريتور األجانب » جاءت في ظل االنفتاح االقتصادي والتجاري‬
‫العالمي‪ ،‬وزحف األجانب صوب مدينة روما فقد اختص بشتى المنازعات التي تحدث بين‬
‫األجانب الوافدين على مدينة روما أو المقيمين بها أو المنازعات التي تتم بينهم وبين‬
‫الرومان أنفسهم‪.‬‬
‫وكانت اإلجراءات الجديدة السهلة واضحة ولم تكن معقدة كما هي في القانون الروماني‬
‫العتيق‪ ،‬ثم بدأت تتحلل من قيود الشكلية‪.‬‬
‫وكان البديل هو إنشاء « نظام المحكمين » ‪.:‬‬
‫حيث كان الخصوم يحضرون أمام « بريتور األجانب » و يشرحون دعواهم في عبارات‬
‫خالية من كل صيغة رسمية بأية طريقة ويأية لغة‪ ،‬ثم يتولى بريتور األجانب إحالة النزاع‬
‫إلى هيئة من المحكمين ( وهم ثالثة أو خمسة يختارون بالتساوی من بين مواطني الخصمين‬
‫مع رئيس محايد ) ‪ ..‬وذلك بعد إثبات إدعاءات الطرفين في « برنامج مكتوب ‪ ،‬يبين فيه‬
‫للمحكمين حدود مهمتهم في فحص الوقائع والفصل فيها وأيضا القاعدة القانونية واجبة‬
‫التطبيق‬
‫بجانب هذه االختصاصات الرئيسية لبريتور األجانب تمتع بحكم وظيفته الدولية‬
‫باختصاصات أخرى محلية ودولية ومنها ‪:‬‬
‫أ )كانت له سلطات سياسية متعددة‪ ،‬ومنها أن له الحق في دعوة مجلس الشيوخ إلى االنعقاد‪.‬‬
‫ب ) وكان له حق رئاسة بعض المجالس الشعبية‪.‬‬
‫ج) وطبقا لقرار صدر من مجلس الشيوخ «‪ » 169 - 585‬نقل أعباء التخطيط الحربي‬
‫من على كاهل القناصلة وأوكل لبريتور األجانب القيام به‪.‬‬
‫د) وعلى الصعيد الدولي كان له دور ‪ -‬بجانب القناصلة ‪ -‬في اختيار السفراء األجانب‪ ،‬و‬
‫أيضا في االعتراض على تواجدهم في روما حال خطئهم‪.‬‬
‫هـ ) وجاءت النصوص التشير إلى أن كثيرا من الحكام القضائيين لألجانب « بريتور‬
‫األجانب » جمعوا بين هذه الوظيفة و وظيفة « بريتور المدينة »‬
‫‪13‬‬

‫وكان لذلك فيما بعد أثر في انتقال قواعد قانون الشعوب الذي أنشاه بريتور األجانب عام‬
‫‪ 242‬ق‪.‬م ليأخذ طريقه صوب القانون المدني المطبق في روما‪.‬‬
‫و ) وجاء مولد قانون الشعوب ‪ :‬قانون عام التطبيق بالنسبة للرومان واألجانب ‪ -‬قانون اتسم‬
‫بالمرونة ‪ -‬بعيدا كل البعد عن الشكلية – وقائم على الثقة واألمانة في المعامالت‬
‫والتصرفات القانونية‪ ،‬تلك التي وجب توافرها في الناس الشرفاء‪.‬‬
‫ز) ولقد أجمع الفقهاء على أن دور « بريتور األجانب » لم ينته إال وقد أثمرت مجهوداته‬
‫في خلق « المدينة العالمية » كما سنرى بعد حين ‪.‬‬
‫ثانيا قانون الشعوب‬
‫اتفق فقهاء الرومان على قانون الشعوب اتفق فقهاء الرومان على تعريف « قانون الشعوب‬
‫« بأنه ذلك ‪ :‬القانون الذي يستمد قواعذه من المبادية المشتركة بين كافة الشعوب التي ينتمي‬
‫إليها الجنس البشري »‬
‫وهو بهذه الصفة يحكم كافة الناس باعتبارهم بشرا عاقلين ومميزين ‪ -‬وينتسبون كمواطنين‬
‫في « المدينة العالمية »‬
‫ومن ثم فإنه يطبق على كل الناس بغض النظر عن اختالف جنسياتهم ‪ :‬أمي على المواطنين‬
‫واألجانب‪.‬‬
‫رأينا أن مولد قانون الشعوب جاء إثر تطور عظيم أصاب المجتمع والقانون الروماني‪،‬‬
‫وتغير النظر‪ :‬تصويب األجنبي إذ بعدما كان األجنبي بمثابة عدو في نظر الرومان يستحل‬
‫قتله أو استرقاقه‪ ،‬بدأ يفد على أرض روما ويرتبط معها بروابت اقتصادية وأصبح من ثم ال‬
‫مندوحة من االعتراف بوجوده ‪ ،‬ولكن المشكلة الحالية والرئيسية تمثلت في خضوعه ( ألي‬
‫القوانين ) ‪ ،‬إذ أن القانون الروماني منذ نشأته األولى كان قانونا ( عنصرية ) بمعنى أنه ال‬
‫يطبق إال على كل من هو رومانی ‪ ،‬واألجنبي ال قانون يحميه وال حماية له‪ ،‬إال أنه وقد‬
‫اعترف بوجوده كان البد من وجود وسيلة لحمايته‪ ،‬فما كان من البريتور إال أن استخدم‬
‫الحيلة القانونية‪ ،‬وافترض أن األجنبي رومانی وبذلك يمكن تطبيق القانون الروماني عليه‪،‬‬
‫ومع تصاعد المصالح وحتمية وجود األجنبي كان البد من خلق قانون يحميه‪ ،‬فكان أن‬
‫أنشئت في روما وظيفة « بريتور » خاص لألجانب وكلف بصياغة قانون لهم فكان قانون‬
‫الشعوب عام ‪ 242‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪14‬‬

‫ولم يتبع بريتور األجانب ما كان يقوم به زميله بريتور المدينة من إجراءات‪ ،‬إذ كان بريتور‬
‫المدينة يلجا إلى نظام دعاوى القانون حيث يلتزم المتخاصمون بالتفوه بألفاظ معينة والقيام‬
‫بطقوس خاصة إال أن بريتور األجانب كان يعطى لألجانب الحرية في توضيح وجهة‬
‫نظرهم بأية وسيلة وباية لغة‪ ،‬ثم يقوم بصبها في برنامج مكتوب « الفورميال » ثم يحيلها‬
‫إلى هيئة المحكمين ( وهم ثالثة أو خمسة يختارون بالتساوی من بين مواطنى الخصمين‬
‫وعليهم وباتفاقهم اختيار رئيس حيادي )‪.‬‬
‫وأما عن مصادر قانون الشعوب فكانت عدة ‪:‬‬
‫بداية لم يكن بريتور األجانب ملتزما بنصوص قانونية معينة‪ ،‬إذ في إمكانه وطبقا لحريته‬
‫في االختيار أن ينتقي أي القوانين وأي المصادر حسب مشيئته من القوانين األجنبية‪ .‬ويمكنه‬
‫أن يلجأ إلى التقاليد العرفية التي سادت حوض البحر األبيض المتوسط‪ ،‬وعليه أيضا أن‬
‫يستأنس بقواعد القانون المدني الروماني‪ ،‬حتى قيل في رأي مهجور أن قانون الشعوب كان‬
‫هو القانون الروماني في نهاية تطوره‪. .‬‬
‫وقد استمد كما قلنا بريتور األجانب مصادره من قوانين الشعوب التي تعاملت مع روما‪،‬‬
‫ومن هنا جاءت تسميته « قانون الشعوب »‬
‫وكل الذي يمكن قوله أن بريتور األجانب كان يتوخى العدالة في اختياره لهذه القوانين‬
‫والبعد جهده عن اإلجراءات المعقدة والشكليات التي کانت سمة كثير من القوانين القديمة‪.‬‬
‫يبقى السؤال الجوهري اآلن‪ ،‬ما هي إذن خصائص قانون الشعوب ومدى عالقته بالقانون‬
‫الروماني العتيق ؟؟‬
‫نالحظ بادىء ذي بدء‪ ،‬من حيث التطبيق أنه وإن كان القانون الروماني ال يطبق إال على‬
‫الرومان وحدهم‪ ،‬فإن قانون الشعوب كان من حيث األصل ال يطيق اال على األجانب ثم‬
‫امتد تطبيقه على األجانب والرومان‪.‬‬
‫وبالمناسبة فإن األمر على األرض الرومانية ظهر كاالتي‪ ،‬لقد تصارع القانون الروماني‬
‫وقانون الشعوب وكانا کفرسی رهان ‪ ،‬انتهى األمر بانتصار قانون الشعوب‪ ،‬وانحسار‬
‫القانون الروماني من دائرة التطبيق حتى أن الرومان أنفسهم بدأوا يطبقون قانون الشعوب‪.‬‬
‫فما علة ذلك هذا هو موضوع خصائص قانون الشعوب ؟؟‬
‫‪15‬‬

‫خصائص قانون الشعوب‬


‫‪ - 1‬استقى قانون الشعوب أحكامه ومبادئه من العدالة والقانون الطبيعي‪.‬‬
‫‪ -۲‬وقد أسست قواعده على احترام الكلمة المعطاه والثقة واألمانة و الصدق وحسن النية في‬
‫التعاقد وأيضا احترام العهود والمواثيق وسيادة قاعدة « أن العهد كان مسئوال »‬
‫‪ -۳‬جاء قانون الشعوب خاليا من الكليات‪ ،‬بعيدا عن القواعد ذات العالقة بالدين‪ ،‬حتى يسري‬
‫على الجميع أيا كانت جنسيته أو عقيدته‪.‬‬
‫‪4‬ـ عرف قانون الشعوب دور اإلرادة في إبرام العقود وترتيب اآلثار القانونية عليها‪،‬‬
‫هاجرا –مادة الشكلية الذي ساد التصرفات القانونية الرومانية هجرانا جميال‪..‬‬
‫‪5‬ـ وظهرت معه « العقود الرضائية » وسيادة مبدأ الرضائية‪ ،‬حيث كانت الرضائية في‬
‫عالم المعامالت التجارية ودنيا األعمال هي السمة البارزة في صياغة هذه العقود ‪ ،‬وفي‬
‫العقود الرضائية األربعة الشهيرة ‪ « :‬عقد البيع‪ ،‬عقد الوكالة‪ ،‬عقد اإلجارة وعقد الشركة *‬
‫وأخذ من التسليم وسيلة أصلية لنقل الملكية بعيدا عن اإلجراءات الشكلية المعقدة التي سادت‬
‫القانون الروماني وهي اإلشهاد والدعوي الصورية‪.‬‬
‫وبهذه المواصفات كتبت الغلبة لقانون الشعوب على شتى القوانين األجنبية بل على القانون‬
‫الروماني نفسه‪ ،‬والذي تواری وانحسر دوره ليفسح الطريق أمام تطبيق قانون الشعوب‬
‫المؤسس على « المنطق الطبيعي » وقواعد العدالة بالنسبة للعالم أجمعين‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫س‪ 3‬دستور االمبراطور كراكال ؟؟‬


‫اإلجابة ص ‪ 81‬ل ‪85‬‬
‫دستور االمبراطور أنطونين كراكال‬
‫االمبراطور إنساني االتجاه‪ ،‬عالمي النزعة‪ ،‬شرقي الجذور‪ ،‬الذي حكم فعدل‪ ،‬إنه‬
‫اإلمبراطور الروماني أنطونين کراکال‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫على درج التطور وسلم الصعود من «قاع اإلقليمية إلى ذروة العالمية »‪ ،‬ومع االتفاق مع‬
‫خطوات التدرج جنبا إلى جنب مع المسيرة التشريعية عند الرومان‪ ،‬حيث بدأت النظرة‬
‫تتبدل وتتغير صوب األجانب‪ ،‬اعترافا بوجودهم ثم أعترافا بقوانين تحميهم ويستظلون بظلها‬
‫الظليل‪ ،‬بدءا من صور الحماية حتى كان قانون الشعوب عام ‪242‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ومرت القرون‪ ،‬وروما تفتح مصراعيها إلى األجانب‪ ،‬حتى كان علم ‪۲۱۲‬م وجاء حكم‬
‫اإلمبراطور کراکال وإصداره الدستوره الشهير الذي دعم ‪ -‬في مجال حقوق األجانب ‪-‬‬
‫المسيرة التشريعية للرومان‪.‬‬
‫لقد تمثل االتجاه السياسي واإلنساني نحو اإلغداق للجنسية الرومانية على األجانب بصفة‬
‫فردية ثم يصفة جماعية‪ ،‬وكانت منذ القرون األولى كما علمنا صعبة المنال‪.‬‬
‫وظهر على القمة اإلجراء التشريعي الذي استه االمبراطور كراكال ليتوج به اعمال من‬
‫سبقوه‪ ،‬ولكنه كان واضحا وصريح العبارة والبيان والمدلول‪ ،‬فقد أصدر دستوره عام ‪۲۱۲‬م‬
‫(وهو الرأي السديد‪ ،‬رغم أن البعض اشار إلى عام ‪ ۲۱۳‬أو ‪ )214‬وقد تضمنته بردية‬
‫جيسين رقم ‪ 40‬بالمانيا ونشرت باللغة اليونانية عام ‪ ،۱۹۱۰‬وقد كشفت اللثام عما أحاط هذا‬
‫الدستور من غموه من مضمونه األساسي خاصة فيما يتعلق بنوع « األجانب المستسلمون‬
‫» وهم حسب تعريف فقهاء الرومان ) انظر تعريف الفقيه جايوس ) ‪ « :‬هؤالء الذين‬
‫حملوا السالح ضد الرومان وألقوا في النهاية سالحهم بعد استسالمهم »‬

‫***‬
‫مضمون نص الدستور ‪.‬‬
‫بقي أن تتعرف على مضمون النص ونشير إلى أهم أسبابه الدافعة إلى وضعه ‪ :‬والنص‬
‫حسب « بردية جيسين » ينص على ‪:‬‬
‫أمنح الرعوية ( الجنسية ) الرومانية جميع األجانب على األرض جميعا ( يقصد األحرار‬
‫الذين يدخلون نطاق االمبراطورية ويقيمون بها فعال‪ ...‬ثم سقطت بعض الكلمات بعد هذا‬
‫‪17‬‬

‫المبدأ ولم يظهر منها إال كلمة المقيمون» ‪ ...‬وبعدها ظهرت عبارة « عدا األجانب‬
‫المستسلمين وينتهی عندها مضمون النص‪.‬‬
‫وتعليقنا على النص ‪ :‬من حيث المبدأ واضح تماما أن االمبراطور کراكال منح الجنسية‬
‫الرومانية إلى « كل األجانب ‪ ،‬الذين يقيمون فعال داخل حدود االمبراطورية الرومانية‪،‬‬
‫وذلك توكيدا لالتجاه الذي ساد روما نحو اعتراف المنح الفردية والعامة لألجانب‪.‬‬
‫وعن االستثناء ‪ ،‬قال بعض الشراح أنه تضمن « األجانب المستسلمين » أنهم ال يتمتعون‬
‫بالجنسية الرومانية‪ ،‬ألنهم كانوا في مركز أدنى من باقي األجانب‪.‬‬
‫وجاء رأي يعارض السابق ويقول أن االستثناء ال ينصب على تت األجانب المستسلمين‬
‫بالجنسية الرومانية (تلك التي تمتع بها األجانب كافة ) وإنما االستثناء ورد فيما يتعلق بعدم‬
‫احتفاظ هؤالء األجانب بنظمهم البلدية وما عليها من التزامات مالية‪.‬‬
‫وتجدر المالحظة أن هذه الفئة من األجانب كانت قليلة العين كما أنها کانت تهجر المدن‬
‫لتستقر بعيدا ومنزوية في الريف‪ .‬ثم مع الزمن جاءت الوثائق لتدل على تمتع هؤالء‬
‫األجانب‪ ،‬حتى منأقام منهم بالريف بالجنسية الرومانية التي عمت الجميع‪ ،‬ومما تجدر ‪:‬‬
‫اإلشارة اليه أن األجانب سواء كانوا «عاديين » أم من و المستسلمين تمتعوا بتطبيق قانون‬
‫الشعوب عليهم‪.‬‬
‫وأيا ما كان األمر فإن عدد األجانب المستسلمين في نطاق االمبراطورية بدأ في النقصان مع‬
‫إغداق الجنسية الرومانية بصفة مطلقة مع االمبراطور دقلديانوس عام ‪ 284‬م‪ ،‬وفي عام‬
‫‪530‬م أعلن اإلمبراطور المشرع جوستنيان انتهاء الوجود الفعلي والقانوني لألجانب‬
‫المستسلمين نهائيا من االمبراطورية الرومانية »‬
‫***‬
‫موقف مصرفي ظل الدستور‬
‫وأما عن موقف مصر‪ ،‬حال االحتالل الروماني لها‪ ،‬فإنه من المعروف أن مصر كانت‬
‫ضمن من أطلق عليهم و األجانب المستسلمين ) وأنه طبقا للرأي الراجح والتفسير الذي‬
‫قدمناه فإنها تمتعت بالجنسية الرومانية‪ ،‬إال أن ذلك لم يحرمهم من جنسيتهم األصلية‪ ،‬فقد‬
‫تسامح الرومان مع المصريين حتى يضمنوا بقاءهم في البالد‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫ومن هنا فإنه كان للمصري الخيار ‪ -‬بعد تمتعه بالجنسية الرومانية ‪ -‬أن يختار بين تطبيق‬
‫القانون ( المصري ‪ -‬اإلغريقي ) أو القانون الفرعونی ‪ -‬قانون بوكخوريس ‪ :‬الذي لم‬
‫تطمس قواعده في من التطبيق ) أم تطبيق القانون الروماني و للجنسية أم في النهاية‬
‫القانون عام التطبيق على الناس جميعا وهو « قانون الشعوب‬
‫أسباب إصدار الدستور‬
‫ما بقي لنا إال أن نتساءل عن األسباب التي دفعت االمبراطور کراکال إلصدار هذا الدستور‬
‫قيلت آراء عدة‪ ،‬يمكن إيجازها في اآلتي ‪:‬‬
‫أ) ذهب رأي إلى القول بأن كراكال وضع هذا الدستور عام ‪ 212‬ميالدية وكان يعالج‬
‫سكرات الموت وأراد بذلك أن يقدم مخلصين جدد إلى مدينة اآللهة‪ ،‬إرضاءا لآللهة‪.‬‬
‫ب) البعض نظر إلى الدستور نظرة « إدارية » أراد بمنح الجنسية لألجانب تدعيم المرافق‬
‫اإلدارية وتنظيمات اإلمبراطورية باالكفاء من الموظفين واالمتيازات التي يتمتعون بها حال‬
‫لباسهم رداء الجنسية الرومانية‪.‬‬
‫ج) نادي البعض بسبب «اقتصادي »‪ ،‬إذ أنه حينما تبوأ کراکال مقاليد الحكم وكانت‬
‫الضريبة على التركات‪ ،‬وهی ‪ «% ۲۰‬الضريبة العشرينية » من قيمة التركة هي السائدة‪،‬‬
‫فما كان منه اال أن خفضه يجعلها ‪ ۱۰٪‬تخفيفا على األعباء العائلية‪ ،‬إال أن ذلك أثر في‬
‫انخفاض ايرادات الميزانية‪ ،‬فما كان منه ‪ -‬حسب ظن البعض ‪ -‬إال أن هنا األجانب الجنسية‬
‫الرومانية‪ ،‬وبذلك يزداد عدد دافعي هذه الضريبية وتزد حصيلتها‪.‬‬
‫د) وهذا الرأي هو الذي نعنعتقده ونراه أصوب األراء‪ ،‬و أكثرها عمقا‪ ،‬وهو أن « الباعث‬
‫الفلسفي » كان ورا صدور دستور االمبراطور كراكال فى اإلغداق على منح الجنسية‬
‫الرومانية اذ اننا نعلم أن الفلسفة اليونانية اإلنسانية و الممثلة في الفلسفة الرواقية التي نادت‬
‫بالوحدة العالمية‪ ،‬وأن العالم يعش أسرة واحدة‪ ،‬وال توجد بينها حواجز أو حداد أو سدود‬
‫‪ ،‬إنها المدينة العالمية التي يصبح فيها كل مواطن أخا للمواطن األخر أيا كان موقعه‪ ،‬وهذه‬
‫هي «األخوة العالمية ‪ ،‬وهذه الفلسفة ‪ -‬كما نعلم ‪ -‬التي راج سوقها بين الرومان ‪ ،‬وتأثر بها‬
‫حكام روما ‪ ،‬ومنهم ‪ -‬بكل تأكيد ‪ -‬األمير اطور أنطونين کراكال الذي أراد أن يقدم لألله‬
‫‪19‬‬

‫مخلصين جددا‪ ،‬أي مواطنين جددا‪ ،‬يتمتعون بالجنسية الرومانية‪ ،‬ويدخلون ‪ -‬باسم الدستور‬
‫الذي أصدره ‪ -‬تحت مظلتها أفواجا أفواجا‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ 4‬القانون الروماني من اإلقليمية الى العالمية ؟؟ ص ‪ 85‬ل ‪88‬‬
‫القانون الروماني من االقليمية إلى العالمية‬
‫كان القانون الروماني ‪ -‬كما رأينا في دراستنا السابقة ‪ -‬قانونا إقليميا‪ ،‬بمعنى أنه ال يتخطى‬
‫الحدود الجغرافية لروما‪ ،‬وفي الوقت نفسه كان قانونا « عنصريا » بمعنى أنه ال يطبق إال‬
‫على من هو رومانی‪.‬‬
‫ثم رأينا فيما رأينا نظرة الرومان صوب األجنبي وكيف تطورت مع الزمن‪ ،‬فبعد أن كان‬
‫األجنبي « عدوا » يستحل قتله أو إذا أبقوا عليه كان « عبدا »‪ .‬و العبد عند الرومان شیء‬
‫من األشياء أو حيوان من الحيوانات‪ ،‬ويوضع في التقسيم القانون تحت باب « األشياء»‬
‫وليس في منزلة األشخاص» ‪ ...‬ولم يكن للعبد أي حق من الحقوق في روما‪ ،‬ال مال له وال‬
‫أسرة ينتسب إليها‪ ،‬وزواجه عبارة عن « اختالط مادی » وإذا أنجب تماما « کنتاج‬
‫الحيوان » ‪ ...‬عالمه كله في « سيده ‪...‬‬
‫نظرة الرومان تغيرت تماما قبل « األجانب ‪ ،‬ورأينا أبعاد هذاالتطور‪.‬‬
‫واآلن ‪ -‬وحتى تستقيم الصورة في شمولها وبهائها ما علينا إال أن نوضح األسباب العامة‬
‫التي أخذت بالقانون الروماني من مرحلة اإلقليمية إلى مرحلة العالمية‪ ،‬وهي ‪ -‬في نظرنا ‪-‬‬
‫کاالتی ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬الدور اإليجابي والخالق الذى قام به ( بريتور المدينة) في مواجهة التطور‬
‫باستخدامه وسيلة الحيلة ‪ ،‬وطبقها كالتى بأن اعتبر األجنبي رومانيا خالف الواقع و علي‬
‫وجة االفتراض حتى يتسنى تطبيق القانون الروماني عليه ‪...‬‬
‫ثانيا ‪ :‬زحف األجانب صوب مدينة روما بدءا من السواح والجوابين إلى تكاثر رجال‬
‫األعمال وازدهار األسواق في روما ومكاتب الصيارفة‪ ،‬ومعها انتقل االقتصاد الزراعي و‬
‫الذي اتصف به االقتصاد الروماني‪ ،‬حيث كان يحكم مجتمعا مغلقا إلی اقتصاد تجاری‬
‫يتصف باالنفتاح‪ ،‬ومع االقتصاد التجاري سادت و التجارة الدولية ومن خصائص التجارة‪،‬‬
‫‪20‬‬

‫سهولة المعامالت بال شكليات او تعقيدات وسيادة مبادئ « الثقة في التعامل » واألمانة‬
‫وحسن النية والبعد عن التشكلية والوفاء بالعهود وبالعقود ‪ ،‬واحترام الكلمة المعطاة «أن‬
‫‪ ..........‬وهذا هو الجانب االقتصادي و تطورة‬ ‫العهد كان مسئوال »‬
‫ثالثا ‪ :‬دور « بريتور األجانب » ونشأة « قانون الشعوب » عام ‪ 242‬ق‪.‬م وكان له أثر في‬
‫إضفاء الحماية القانونية لألجانب وما اتى به سواء البريتور أو ما ضمنه قانونه من نظم‬
‫قانونية تدور حول الشمول والعموم والعالمية‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬وانضم إلى األسباب‪ ،‬سالفة الذكر ‪ ،‬عامل كان له عظيم األثر في إحداث ثورة في‬
‫القانون الروماني ونقله نقلة تاريخية من األقليمية األولى إلى العالمية‪ ،‬وكان ذلك بفضل و‬
‫الفلسفة اليونانية ‪ ،‬وما قام بها الفالسفة من تحريك الجمود الذي ران على القانون الروماني‬
‫القديم‪ ،‬وکان فتحا جديدا لتدعيم قواعد العدالة واإلنصاف وسيادة دور االراده في التصرفات‬
‫القانونية وكان أهم اثر قامت به بالذات والفلسفة الرواقية التي نالت باالخوة العالمية في ظل‬
‫المكدينة العالمية ‪ ،‬وانتقل هذا اللون من الفكر االنسانى العالمى من عالم الفلسفة الى الواقع‬
‫فظهرت روما بفضل االباطرة و الفقهاء الرومان الذين تأثروا بهذا اللون من الوان الفلسفة‬
‫هي ) امبراطورية العالم اجمعين )‬
‫خامسا ‪ :‬ويضاف إلى ما تقدم‪ ،‬وكان له أثر روحانی فی نقاء المجتمع الرومانى کله‪ ،‬وازره‬
‫في دعوته العالمية‪ ،‬وهو ظهور المسيحية واتخاذ االباطرة لها دين رسمي لعموم البلد‪.‬‬
‫وقد قيل بحق ‪ :‬ان الرواقية بمبادئها السامية واألخالقية حيث كانت ترى في الفلسفة محبة‬
‫الحكمة ومزاولتها ‪ ،‬وأن الحكمة في نظرها « علم األشياء االلية واإلنسانية » قد مهدت‬
‫الطريق إلى تقبل المسيحية قبوال حسنا‪ ،‬حيث المحبة واألخوة العالمية و العدل والمساواة‬
‫بين البشر جميعا ‪.‬‬
‫وفي ظل هذا التطور العالمي‪ ،‬جاءت الوثائق لترسم صورة روما في ظل العالمية كاتی ‪:‬‬
‫لقد أصبح األورونتيس"نهر من أنهار سوريا " يصب ماءه في نهر التيبر "الروماتي" ‪-‬‬
‫وكانت بالد الشام قد خضعت للسيادة الرومانية ‪ -‬وستظل أرض "الرين" ‪ -‬بألمانيا ‪ -‬تحرث‬
‫دائما من أجل روما‪ ،‬كما سيظل "نهر النيل " ‪ -‬مصر ‪ -‬يفيض على جانبيه من أجلها ‪.‬‬
‫لقد ثبت إذن بالدليل العلمي ‪ -‬كما قال هومير ‪« -‬أن األرض ملك الجميع‪ ،‬ألنها كما ردد‬
‫الشعب الروماني «أم الجميع» وكما ردد روتيليوس كلوديوس» ‪ -‬فی مناجاته لآللهة «‬
‫‪21‬‬

‫جوبيتر ‪ :‬إله الكابيتول »‪ « ،‬مارس جر اديفوس » ‪ -‬مؤلف االسم الروماني ‪ -‬فاستا ‪-‬‬
‫حارسة اللهب المقدس ‪ -‬كل ذلك ‪« :‬تحول إلى ( مدينة واحدة ) ما كان من قبل مدارا للعالم‬
‫» وفوق قمة السلطة في تلك « المدينة العالمية » تبوأ االمبراطور عرشه باعتباره « سيد‬
‫العالم أجمعين »‬
‫إنه كذلك كما قال عنه الفيلسوف األخالقي « سينيك »‪ « :‬أليس هو المواطن األول » ؟ بل‬
‫« إنه أب الوطن قاطبة »‬
‫وبذلك مثلت «روما» من جانبها « عاصمة تلك المدينة العالمية » وأصبحت كما أكدت‬
‫النصوص‪ :‬وطن العالم أجمعين»‪ ،‬ويحكمه « القانون الروماني في صياغته العالمية »‬
‫للناس كافة‪.‬‬
‫وبذلك تحققت « االمبراطورية العالمية » وإلقانون العالمي ألول مرة على جسر التاريخ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ : 5‬الطبقات االجتماعية في مصر البطليمية و حقوق كل طبقة ؟ من ص ‪ 109‬ل ‪115‬‬
‫الطبقات االجتماعية في مصر البطلمية وحقوق كل طبقة‬
‫فتحت البالد أبوابها لكافة الجنسيات‪ ،‬وتعددت الجاليات األجنبية من اغريق ومقدونيين‬
‫وأخرى من الفرس واليهود والفينيقيين و السومريين‪.‬‬
‫وقد رأينا أن السياسة البطلمية كان «ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب ‪ ،‬فقد حرم المصريون‬
‫من تولي المناصب اإلدارية العليا‪ ،‬و أيضا من تلك األراضي الزراعية فكانوا ‪ -‬أي‬
‫المصريون ‪ -‬أدوات لالسغالل وليسو أدوات الملكية األراضي »‬
‫وحرم المصريون من ممارسة الحقوق السياسية‪ ،‬وجرت سياسة البطالمة على عدم إشراك‬
‫المصريين في إدارة شئون الحكم‪ ،‬حيث كان المصريون في نظر البطالمة ‪ ،‬وطبقا لفلسفة‬
‫كبير الفالسفة «أرسطو»‪ « ،‬غير مهيئين للحياة السياسية ‪ ،‬تلك التي تأتي من وجود «مدن‬
‫حرة » يمارس فيها المواطنون حرية القول والعمل‪.‬‬
‫وقد رأينا أن سياسة البطالمة اتجهت صوب استغالل البالد اقتصاديا‪ ،‬وأيضا محاولة تدعيم‬
‫الحكم في البالد في ظل هدوء مطلق فما كان منهم لتحقيق ذلك كله أن آثروا رجال الدين‬
‫باالمتيازات حتى يضمنوا والء الشعب كله‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫وفي ظل النظرة االجتماعية والقانونية التركيبة االجتماعية لمصر البطلمية‪ ،‬فإنه يمكن‬
‫الحديث عن الطبقات االجتماعية اآلتية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ طبقة الكهنة‪ -۲ .‬طبقة المحاربين‪ -3 .‬طبقة الموظفين‬
‫‪ 4‬ـ طبقة العامة أسفل السلم االجتماعي وهي مكونة من « العمال والفالحين وصغار‬
‫التجار »‬
‫وما علينا إال أن نلقي بعض أضواء المعرفة على هذه الطبقات االجتماعية التي سادت‬
‫إبان الحكم البطلمی وحقوق كل طبقة‪.‬‬
‫***‬
‫طبقة الكهنة‬
‫يأتي في ذروة الطبقات االجتماعية في مصر البطلمية‪ ،‬طبقة الكهنة هؤالء الذين تربعوا‬
‫بحق على عرش سائر الطبقات االجتماعية‪ ،‬هي بمثابة طبقة األشراف في البالد بل هي‬
‫طبقة األرستقراطية الدينية‪ ،‬وقد حاول الملوك البطالمة وحكام البالد التقرب زلفي من‬
‫هذه الطبقة ليضمنوا والءهم من جهة لما لهم من مكانة عليها في قلوب المصريين‪،‬‬
‫وليعطوا حكمهم الصبغة الشرعية من جهة أخرى‬
‫من هنا أغدق الحكام البطالمة االمتيازات على هؤالء الكهنة وفي ا الوقت نفسه أعفوهم‬
‫من شتى االلتزامات وأهمها أعمال السخرة‪ ،‬وأحتفظوا لهم بدخولهم من األراضي‬
‫المقدسة « حقول اآللهة » و أيضا دخولهم من انتاج مصانع الدولة التي ألحقت بالمعايد‪.‬‬
‫و حينما كانت تهب رياح األعاصير والغضب من جانب الشعب المصرى ضد الحكام‬
‫البطالمة كان هؤالء يوجهون وجهتهم صوب الكهنة إلسكات غضبة الجماهير ‪ ،‬لما لهم‬
‫عندهم من تقديس وآيات السمع والطاعة‪.‬‬
‫ثانيا‬
‫طبقة المحاربين‬
‫في البداية لم يكن المصري محاربا ‪ ،‬هذه هي فطرته التي فطر عليها وإنما حينما كتب‬
‫عليه قدره خوض الحروب‪ ،‬خاصة إبان حرب المصريين ضد الهكسوس‪ ،‬وفي الحرب‬
‫‪23‬‬

‫الكبرى التي تمخض عنها الجنود و الضباط الشجعان بقيادة القائد المصري « احمس »‬
‫وتعلم المصريون فن النزال القتال « انقلب حسب وثائق التاريخ اإلنسان المصري من‬
‫حامل الفأس إلى حامل الرمح والسهم »‪ .‬وقد ظهرت في البالد خاصة خالل بداية‬
‫عصر الدولة الحديثة في مصر الفرعونية إبان حكم رمسيس الثاني وتحتمس الثالث‬
‫ومن قبلهما إبان حكم أحمس طبقة المحاربين » التي تمتعت بامتيازات متعددة جزاءا‬
‫وفاقا » لبالئهم في الحروب‪.‬‬
‫إال أنه مع مقدم البطالمة ومحاولتهم القضاء على كل قوة في البالد‪ ،‬فما كان منهم إال أن‬
‫وجهوا ضربتهم القاصمة لجنود مصر وضباطها فقد حرموهم من االنخراط بين فيالق‬
‫الجيش واعتمدوا في تكوين الجيش على العناصر األجنبية وخاصة الجنود المقدونيين‬
‫واإلغريق الذين نزحوا معهم‪ ،‬وأنعموا عليهم بشتى أنواع االمتيازات ومنها «‬
‫اإلقطاعيات العسكرية » أما الجنود المصريون وضباطهم فلم يكن لهم إال األعمال‬
‫اإلدارية أو الكتابية و الهامشية أو الثانوية ‪.‬‬
‫إال أن األمور تبدلت تماما مع حدث هام في تاريخ العسكرية المصرية‪ ،‬وذلك بعد‬
‫معركة رفح الشهيرة عام ‪ ۲۱۷‬ق‪.‬م التي خاضها البطالمة وكانوا على شفا الهزيمة إال‬
‫أنهم وقت المحنة استعانوا بالجنود والضباط المصريين ‪ -‬تحت السالح ‪ -‬وبفضل‬
‫شجاعة هؤالء واستبسالهم كتب النصر للبطالمة‪.‬‬
‫وهذا الحد الفاصل جعل البطالمة يمنحون العسكر من المصريين بعض االمتيازات‬
‫ولكن دون مبالغة وبعد تردد وعلى استحياء ‪ ،‬وإن تحسن مركز هؤالء إال أنه لم يصل‬
‫إلي مصاف ما وصل إليه الجنود األجانب قاطبة من امتيازات وكان الشعور بالظلم‬
‫الناجم عن سوء المعاملة هذه هو المحرك الشتراك الجنود المصريين في الثورات‬
‫القومية التي اشتعل لهيبها في البالد طوال وعرضا ‪ ،‬ضد الحكم البطلمی‪.‬‬
‫***‬
‫طبقة الموظفين‬
‫عرف الموظف المصرى بكفاعته النادرة‪ ،‬وكان النظام الوظيفي الفرعوني من أعظم‬
‫االنظمة اإلدارية في العالم القديم والحديث على حد سواء‬
‫‪24‬‬

‫کانت الوظائف العليا ‪ -‬حكرا على األجانب من إغريق ومقدونيين والحرمان في جنب‬
‫المصريين أصحاب البالد الحقيقين حيث شغلوا رغم كفائتهم أدنى الوظائف في سلم‬
‫الوظيفة في البالد‪..‬‬
‫ولم يقف المصريون صامتين إزاء هذه السياسة غير الحكيمة ‪ ،‬وإنما حولوا كدأبهم‬
‫وعادتهم إتقان األعمال المكلفين بالقيام بها‪ ،‬ثم أثبتوا جارتهم بتعلم اللغة اإلغريقية‬
‫ومعرفة فن الكتابة ونظام المحاسبات‪ ،‬وكانت هذه اإلجادة السبيل نحو تغير نظرة الحكام‬
‫البطالمة إليهم قليال فقد عين بعضهم حكاما للقرى « نظام العمدة » وكان لهم في النهاية‬
‫دورا مشهودا في تكوين األساس الحقيقي للنظام اإلداري والمالي و االقتصادى في البالد‬
‫وبهذا تمكن نفر قليل من المصريين من تولى بعض المناصب الرئيسية إال أنها قلة قليلة‬
‫لم يكن لها وجود في مجال المقارنة مع الموظفين األجانب‪.‬‬
‫وأيضا هؤالء ترسبت في نفوسهم مشاعر الظلم وحرك فيهم وقود الثورة التي اشتعلت في‬
‫البالد ضد االحتكار الوظيفي الذي استن البطالمة في البالد‬
‫***‬
‫رابعا طبقة العمال‬
‫في قاع التنظيم االجتماعي أو السلم االجتماعى ازدحم الماليين من المصريين عبر‬
‫القرى والمدن‪ ،‬وهم خليط من الزراع والصناع وصغار التجار‪ ،‬وهؤالء منذ العصر‬
‫الفرعوني اشتهر عنهم « تفانيهم في عملهم » مهما كان القهر واقعا عليهم‪ ،‬وتقول‬
‫الوثائق المصرية « هذا عملنا ونحن نحبه وسوف نجزى في اآلخرة عنه الجزاء األوفي‬
‫»‬
‫انهم بحق عماد الحياة االقتصادية في البالد وفي كل العصور‪.‬‬
‫وكان منطقيا أن يتأثروا تماما بذلك النظام االقتصادي الصارم الذي عزة الحكام‬
‫البطالمة‪.‬‬
‫كانت الغاية المثلى أن يكون « الملك غنيا قويا » وكل أدوات اإلنتاج‪ ،‬األيدي العاملة‪،‬‬
‫في خدمته‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫كان عمل العمال إذن لصالح خزانة الدولة سواء كان العامل يعمل في المزرعة الملكية‬
‫التي شملت « أراضي الدولة » كلها‪ ،‬أو كانوا في المصانع الملكية » أو عماال في‬
‫المصانع‪ ،‬أم صيادين أو رعاة عماال في النقل البري أو البحرى‬
‫وكانت تفرض عليهم الضرائب‬
‫وتحدد لهم « أماكن عملهم ال يغادرونها طيلة العام وكانت تفرض على العمال ‪ :‬ترك‬
‫اعمالهم المعتادة‪ ،‬والتوجه للقيام باألعمال الجبرية في الجسور و حفر القنوات ام في‬
‫المحاجر و المناجم » وذلك الستغاللهم بشتى طرق االستغالل النتعاش االقتصاد‬
‫الموجه لصالح الحكام البطالمة‪.‬‬
‫ويثار االن تساؤل جوهرى‬
‫عن طبيعة العالقة بين هؤالء العمال والدولة ؟؟ ما طبيعة الرابطة القانونية التي تربط‬
‫العمال بالدولة في ظل هذا النظام و االحتكار‬
‫جاء رأي يقول بانها ‪ -‬أي تلك الرابطة ‪ -‬أسست على أساس تعاقدر فيما بين الدولة‬
‫والعمال ولكنها رابطة تميزت بطابع خاص ‪ ،‬اذ بموجبها يشترط في حالة عدم وفاء‬
‫العمال بالتزاماتهم ‪ -‬أي بقيامهم بالعمل ‪ -‬الذين كلفوا به لصالح الدولة‪ ،‬تقوم الدولة‬
‫بالتنفيذ على جسم المدين العامل» إما بسجنه أو استرقاقه «اإلكراه البدني » وفاءا‬
‫لحقوقها‪.‬‬
‫إال أن هذا اإلكراه البدني كوسيلة من وسائل التنفيذ ال يفهم منه أن طبقة العمال في‬
‫العصر البطلمى كانوا من « العبيد » وبرهان ذلك فإنه لم يفرض على العامل المصري‬
‫مزاولة حرفة معينة كما لم يفرض عليه البقاء على وجه العموم في مكان عمله‪.‬‬
‫وتمتع العمال في مصر البطلمية بجانب ذلك على قدر من الحريه االجتماعية « حرية‬
‫الزواج من حرة » والحرية االقتصادية « حرية اختيار العمل و اإلنتاج »‪ ،‬وحرية‬
‫التنقل من مكان إلى آخر‪.‬‬
‫وفي الحقيقة المرة أن هؤالء العمال الذين أفنوا حياتهم في خدمة الحاكمين األجانب لم‬
‫يكونوا أحرارا بكل معنى الحرية » فقد كان محظورا عليهم ترك عملهم او مقر العمل‬
‫إبان موسم العمل‪ ،‬بجانب قيود أخرى شكليه فرضت عليهم من قبل الدولة كانت عائقا‬
‫في وجه حريتهم االنتاجية‬
‫‪26‬‬

‫الخاتمة‬
‫اننا رأينا ان نعيم الحياة كانت من نصيب الحكام األجانب‪ ،‬وأن القدر اليسير من خيرات‬
‫البالد كان من نصيب أبنائها و أصحابها الحقيقيين‪ُ ،‬زراعا كانوا أم موظفيين أم محاربين‬
‫كل هذا رسب عوامل الغضب وبذور الثورة في نفوس المصريين كافة‪ ،‬ألن الحقيقة‬
‫المؤكدة المدونة على جدار التاريخ أن الشعور بالظلم ال الظلم نفسه هو المولد الثورات‬
‫و كان أن قامت الفورة تلو الثورة في عموم البالد تعبيرا عن الظلم االجتماعی و‬
‫االقتصادى و االداری‬
‫كانت البداية لتحك الثورة إثر انتصار البطالمة في معركة رفح عام ‪ ۲۱۷‬ق ‪.‬م بفضل‬
‫الجنود والضباط المصريين‪ ،‬وإثر عودة هؤالء منتصريين بدوا بالشعور بثقتهم بأنفسهم‬
‫وشجاعتهم‪ ،‬وأنهم ليسوا أقل كفاءة من األجانب ومن هنا بدأت الثورة تتحرك ودامت‬
‫سنوات عدة سجلت أحداثها على جدران معبد ادفوا اذ جاء بالنقوش ‪:‬‬
‫ان عمال البناء في هذه المعبد العظيم و غيره من وسائل العمران قد توقفت تماما بسبب‬
‫الثورة‪ ،‬وكان الثوار يلوذون بالمعابد »‬
‫وكان لهذه الثورات نتائج طيبة أهمها أن اتسعت سياسة البطالمة بالمرونة و العطاء‬
‫وحاولوا من جديد كسب ود المصريين‪ ،‬فقاموا بمنحهم بعض االمتيازات و خففوا من‬
‫قسوة النظام االقتصادى وفتحت أبواب الوظائف العليا أمام المصريين بشروط خاصة‪،‬‬
‫إال أن ذلك كله لحيض الحقيقة التاريخية‬
‫أن الخير كله كان من نصيب الحكام األجانب ‪ ،‬إغريق ومقدونيين والشقاء والعدم في‬
‫جانب المصريين‪ ،‬أصحاب البالد الحقيقيين ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س ‪ / 6‬تكلم عن كل ما يتعلق بالجالية اليهودية ؟؟ من ص ‪ 137‬ل ص ‪144‬‬
‫الجالية اليهودية‬
‫كما رأينا فقد كانت مصر مضيافة فتحت أبوابها لكثير من الجنسيات األجنبية‪ ،‬وللتاريخ فقد‬
‫تم جذب األجانب صوب مصر إلى ما غرف عن مصر من التسامح الديني‪ ،‬وثرائها‪،‬‬
‫والطابع الحر في االقتصاد‪ ،‬وطبيعة المصريين في حق الضيافة‪ ،‬كل ذلك جذب األجانب‬
‫نحو مصر ابتغاء تكوين ثروات ضخمة‪ ،‬ومن ناحية اخرى فقد شجعهم البطالمة على ذلك‬
‫ابتغاء االستفادة بخبرتهم اإلدارية واالقتصادية‪ ،‬فزحف إلى مصر أفواجا أفواجا من‬
‫‪27‬‬

‫السوريين والفينيقيين والكاربين والبابليين واألعراب واليهود والفرس و غيرهم وغيرهم‪،‬‬


‫وهؤالء جميعا شكلوا جاليات خاصة بهم حسب جنسيتهم‪.‬‬
‫إال أنه لوحظ من خالل الوثائق التاريخية التي سجلت لهذا العصر البطلمي أن أقوى‬
‫الجاليات في مصر ‪ -‬بعد الجالية اإلغريقية ‪ -‬كانت « الجالية اليهودية ‪.‬‬
‫والمالحظة الجوهرية األخرى‪ ،‬أن هؤالء اليهود ‪ -‬بطريقة غير معروفة ‪ -‬تمكنوا من التجمع‬
‫داخل المدينة الحرة الرئيسية وهي مدينة اإلسكندرية‪ ،‬واما الباقون فقد انتشروا عبر المدن‬
‫والقرى المصرية‪ ،‬وكانت تجارة المال والفوائد الباهظة اسلوبهم في التعامل‪ ،‬وتدخلوا في‬
‫المناصب العسكرية والمدنية والكهنوتية‪ ،‬وكانت لهم قيادة خاصة بهم‪.‬‬
‫وجهة نظر‬
‫عن التاريخ الحقيقي لليهود في مصر ( أ ) مقدمة‬
‫قبل الحديث عن التاريخ الرسمي والموثق بالكتب المقدسة اليهود في مصر‪ ،‬فإنه من المتعين‬
‫اإلشارة إلى واقعة حديثة تمت ابان حكم الرئيس المصري محمد أنور السادات حينما أبرم‬
‫صلحا مع اإلسرائليين بعد انتصار الجيش المصري في معركة السادس من أكتوبر والمساه‬
‫«حرب العاشر من رمضان » على جيش إسرائيل‪ ،‬وتم ذلك الصلح بكامب ديفيد األمريكية‪.‬‬
‫بعدها جاء رئيس وزراء إسرائيل المدعو « ميناحيم بيجين » وطلب من الرئيس المصري‬
‫زيارة األهرام وقال ‪ « :‬إنه يريد أن يرى األهرام التي بناها آباؤه اليهود »‬
‫ولقد كان لهذا االدعاء ‪ -‬غير المسبوق ‪ -‬أثره في مشاعر المصريين جميعا‪ ،‬وتقدم الباحثون‬
‫بأبحاث تكذب هذا االدعاء‪ .‬وهو ‪ -‬في نظرنا ‪ « -‬كذبة تاريخية كبری » فلم يثبت أبدا أن‬
‫اليهود كانت لهم « يد » في بناء األهرام سواء كانوا عماال أم من المهندسين الفنيين‪ ،‬وقد‬
‫أكد ذلك المؤرخون‪ ،‬ومنهم العالم التاريخي « والون » صاحب نظرية الرق في العالم القديم‬
‫وضرب مثال بالعمال الذين اشتركوا في بناء األهرام‪ ،‬ولم يذكر أن يهوديا كان له أي دور‬
‫في هذا البناء‪.‬‬
‫وأكد « والون » بالوثائق أن بناء األهرام تم بفضل مهارة وكفاءة المهندسين المصريين‪.‬‬
‫وأيضا فقد قطع العالم االجتماعي والقانوني اإليطالى «أرانجو رويز ) استاد القانون بجامعة‬
‫روما‪ ،‬وكان زار مصر وألقى محاضرات بكلية الحقوق جامعة فؤاد‪ ,‬القاهرة حاليا » لطلبة‬
‫‪28‬‬

‫الدراسات العليا والف کتابا الفرنسية» عن دور القانون العام في مصر الفرعونية ‪ ،‬ومن‬
‫خالله تحدث عن النظام اإلداري في مصر الفرعونية‪ ،‬ومن خالله أعلن أن مصر الفرعونية‬
‫عرفت أعظم نظام إداري في العالم القديم ويكاد يتشابه مع أقوى و أعظم النظم اإلدارية‬
‫الحديثة‪ ،‬كما أنها عرفت كافة الوزارات والمرافق اإلدارية كمثيالتها في العصر الحديث‪.‬‬
‫ومن خالل هذه الدراسة تحدث عن بناء األهرام الذي نني بناها على تخطيط من و عقول‬
‫مصرية هندسية ‪ ،‬تبع وزارة ما يمكن أن يضت عليه وزارة األشغال ‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬كان المصريون بإجماع الباحثين ‪ -‬في كل زمان ومكان ‪ -‬هم الذين – بعقولهم‬
‫وعلومهم والذين تخرجوا من «بير عنخ أي دار الحياة و أعظم المؤسسات العلمية ‪ :‬علما‬
‫وعمال هم الذين بنوا الحضارة المصرية‪ ،‬حجرا حجرا وإبداعا بعد ابداع)‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك أن اليهود يمكن أن يكونوا قد أتوا إلى مصر عابرين « برزخ السويس =‬
‫قناة السويس ‪ ،‬ولكن ذلك كان يتم فردی وليس هجرة جماعية ‪ ،‬وباعتبار أن مصر تفتح‬
‫ذراعها لكل أجنبي من فجر التاريخ وتمتعت البالد ‪-‬حسب أصالتها التاريخية والحضارية‪.‬‬
‫اذن كان اليهودي يعمل في التجارة تارة‪ ،‬أو يختار مكانا قصيا في ريف مصر ويربح عن‬
‫طريق قرض النقود بفوائد باهضة و الربا ‪ ،‬وكثيرا ما كانوا يختلطون بالمصريين دون أي‬
‫امتياز كباقي الغرباء ‪ .‬حتى كانت قصتهم الحقيقية مع نبي هللا يوسف ومن بعده موسی‪.‬‬

‫ب ـ التاريخ الحقيقي اليهود في مصر‬


‫لعل الوثائق التاريخية المعتمدة ترجع التاريخ الحقيقي ومجيئهم إلى مصر ‪ -‬ارض الكنانة ‪-‬‬
‫في تلك الفترة التي اقترنت بحكم الهكسوس إلى مصر‪ ،‬إذ المعلوم أن الهكسوس جماعة من‬
‫المحاربين جاءوا من مكان مجهول من شمال شرق آسيا‪ ،‬وأرادوا احتالل مصر والبقاء بها‬
‫بعسكرهم وأسلحتهم المتطورة ومنها «العربات الحربية»‪،‬‬
‫اال أن المصريين بقيادة األمير المصري أحمس جهز جنده ‪ -‬خير جنود األرض ‪ -‬وأخذوا‬
‫من العدو معرفتهم للسالح واستخدام العرية الحربية‪ ،‬وبعد معارك عدة دامت سنين عددا ‪،‬‬
‫كتب النصر للمصريين على جحافل الهكسوس‪ ،‬وأجلوهم من البالد‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫وتخلف عن الهكسوس نفر من اليهود كانوا قد تخلفوا عن الركب وتعاملوا مع المصريين‬


‫في القرى عن طريق الربا والمدن الكبرى ودخولهم في الجيش أو القيام بالعبادات في‬
‫المعابد وشئون الدين‪.‬‬
‫المهم‪ ،‬أن وفدا من اليهود دخل مصر بعد ذلك بعد بيع نبي هللا يوسف عن طريق التجار‬
‫الذين عثروا عليه بالبئر واصطحبوه معهم إلى مصر وبيعه لعزيز مصر وصار يوسف بعد‬
‫ذللك أمين عام خزائن الفرعون‪ ،‬وفي الوقت نفسه جاء أبوه يعقوب وإخوته إلى مصر «‬
‫ودخلوها آمنين » ‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك كانت قصة نبي هللا موسي الذي تربي في قصر فرعون مصر‪ ،‬وعاش وعايش‬
‫اليهود بمصر‪ ،‬ثم كان رحيله عن مصر مع اليهود وعبر البحر األحمر‪ ،‬ومكثوا أربعين‬
‫عاما بصحراء سيناء المصرية‪ ،‬وتكلم على جبل الطور مناشدا ربه‪ ،‬وسمي كليم هللا‪ ،‬وتلقى‬
‫الوصايا العشر التي أصبحت دستورا لليهود‪.‬‬
‫ويقال في التاريخ أن موسى عليه السالم ذهبت روحه إلى بارها دون أن تطأ قدمه أرض‬
‫فلسطين‪.‬‬
‫وتقص علينا الوثائق التاريخية أن اليهود زحفوا أفواجا أفواجاصوب مصر ( بلد العسل‬
‫واللبن » وكان ذلك خالل العصر الصاوی‪ ،‬كان ذلك بتشجيع من قبل ملوك مصر لألجانب‬
‫‪ -‬ومنهم اليهود ‪ -‬للقدون الى مصر ‪ « :‬الشغال بالتجارة واالنخراط في سلك الجندية »‬
‫ومن المعروف تاريخيا أن اليهود يجيدون فنون التجارة‪ ،‬وكما يجيدون الحروب وهذه‬
‫صناعتهم منذ فجر التاريخ‪.‬‬
‫ودأب ملوك بني إسرائيل على « أستبدال الخيول بجنود مع مصر خالل القرن السابع قبل‬
‫الميالد ‪-‬‬
‫وفي عهد بسماتيك األول والثاني انخرط اليهود في جيش الفرعون وحاربوا بين صفوفه‬
‫ضد الجيوش النوبية‪.‬‬
‫إال أن جديدا قد ظهر‪ ،‬وقلب ظهر المجن ضد اليهود في مصر‪ ،‬وكان وراء ذلك موقف‬
‫الجالية الفارسية‪ ،‬فقد تقرب الفرس الموجودون في مصر من اليهود وعطفوا عليهم ومجدوا‬
‫ديانتهم وأعلنوا في كل مناسبة احترامهم لها‪ ،‬ولكنهم على الوجه اآلخر انتهكوا حرمة‬
‫المعابد المصرية ‪ -‬األمر الذي أثار حفيظة المصريين ‪ -‬وهم أكثر شعوب العالم تمسکا‬
‫‪30‬‬

‫بأهذاب الدين فكرا أو عقيدة وممارسة « كما قال عنهم المؤرخ اليوناني هيرودوت ‪ ،‬ومن‬
‫هنا صبوا جام غضبهم على الفرس واليهود على حد سواء‪.‬‬
‫وجاء اإلسكندر األكبر فاتحا لمصر‪ ،‬وفتح صفحة جديدة لليهود‪ ،‬و اكرم وفادتهم بل ازداد‬
‫في كرمه لهم وهيأ لهم حياة رغدة في عموم البالد‪ .‬واألكثر بل واألخطر أنه « أسكنهم فی‬
‫شی خاص بهم بمدينة االسكندرية ‪ .‬وهي المدينة الحرة األولى ‪ ،‬والتي حرم منها‬
‫المصريون ‪ ،‬وتمتع باإلقامة فيها اليهود‪ ،‬في حي من أهم أحيائها وهو الحي التجارى‬
‫وفي عهد بطليموس الثاني ‪ -‬فيالدلفيوس ‪ -‬والذي أطلق عليه صديق اليهود»‪ .‬وكان‬
‫عصرهم الذهبي في مصر وقويت شوكتهم و انتشروا في ربوع البالد تحت حماية‬
‫بطليموس الثاني‪ ،‬الذي رعاهم و أجزل لهم العطاء‪.‬‬
‫***‬
‫جـ ‪ -‬ماذا عن اليهود في مصر‬
‫ما هي أهم األعمال التي مارسوها بمصر؟‬
‫مارس اليهود في مصر شتى الحرف على اختالف أنواعها‪ ،‬وكافة المهن ‪ ،‬مثل الزراعة‬
‫ومشتقاتها من تربية الماشية‪ ،‬واستصالح األراضي البور‪ ،‬وتفننوا في إدارة المصارف‬
‫المالية‪ ،‬والتزام الضرائب والجندية وأعمال الحراسة على النيل‪ ،‬هذا عن عموم اليهود‬
‫العاديين‪.‬‬
‫إال أن نفرا منهم تمكن من الترقي في المناصب اإلدارية الرفيعة في البالد‪ ،‬منهم كان‬
‫الضابط وقائد الكتائب ورئيس الشرطة‪ ،‬وسكرتير الملك وتقص علينا وثائق تلك الحقبة من‬
‫الزمن أن أحد اليهود تولى منصب حاكم إقليم (هليوبوليس) » ‪.‬‬
‫بما مفاده تغلغل اليهود في شتى مرافق الدولة‪ .‬وبقى القول الذي يصنف اليهود بأنهم كانوا‬
‫مرابين‪.‬‬
‫قد جاءت البرديات األرامية أن اليهود الذين جاءوا مصر قبل العصر البطلمى كانوا ‪ -‬رجاال‬
‫ونساء ‪ -‬يقرضون األموال بفوائد قد تصل أحيانا إلى ‪.٪60‬‬
‫‪31‬‬

‫إال أن ما تحت أيدينا من وثائق بردية تشير إلى أن العمل الرئيسي لليهود لم يقتصر على‬
‫االشتغال بالتجارة و إقراض األموال بفائدة ‪ ،‬وإنما امتدت ساحته إلى كثير من مرافق الدولة‬
‫‪ ،‬كما أشرنا إلى ذلك حاال‪.‬‬
‫وكما رأينا فيما سلف أن اليهود انتشروا بأنحاء وأحياء مصر المختلفة ‪ ،‬إال أن البطالمة‬
‫فتحوا لهم مدينة االسكندرية على مصراعيها واستقروا بأهم حي من أحيائها‪ ،‬وهو « الحي‬
‫الرابع ‪ ،‬وهو الحي التجاري‪.‬‬
‫من المعلوم أن االسكندرية كانت مقسمة ‪ -‬في العصر البطلمي ‪ -‬إلى خمسة أحياء ‪ ،‬وكان‬
‫الحي الرابع ‪ -‬كما رأينا ‪ -‬من نصيب اليهود ‪ ،‬إال أنهم مع ذلك تمكنوا من االنتشار في باقي‬
‫أحياء المدينة‪.‬‬
‫أمام هذه االمتيازات التي منحت لليهود في هذا العصر‪ ،‬قد تكاثر عددهم في البالد‪ ،‬ووصلوا‬
‫إلى ما يقرب من المليون شخص‪ ،‬وكونوا األنفسهم جالية‪ ،‬منحت قسطا كبيرا من الحكم‬
‫الذاتي لم يمنح ألية جالية أخرى في أي مدينة من المدن اإلغريقية‪.‬‬
‫وتولى مجلس أطلق عليه « مجلس الشيوخ » شئون اإلدارة وتولی مصالح اليهود‪ ،‬كما‬
‫أنشئت محاكم خاصة لليهود طبقوا فيها القانون اليهودي « القانون الموسوی » نسبة إلى‬
‫سيدنا موسى عليه السالم‪.‬‬
‫وثمة مالحظة هامة تخلص في أن هؤالء اليهود سواء منهم من ولد بمدينة االسكندرية أو‬
‫الذين وفدوا إليها فيما بعد‪ ،‬ال يعتبرون مواطنين من مواطني المدينة الحرة‪ ،‬ومن هنا لم‬
‫يتمتعوا بالحقوق السياسية لمواطني المدن الحرة‪ ،‬وهؤالء كانوا يشتركون في عبادة آلهة‬
‫المدينة‪ ،‬األمر الذى رفضه اليهود اصال‪ ،‬حيث اعتبر اليهود ذلك كفرا ال يتفق مع اعتزازه‬
‫وتمسكهم بأهداب دينهم‪،‬‬
‫هذا عن يهود الجاليات الذين استوطنوا بمدينة االسكندرية‪ ،‬اما اليهود الذين انتشروا عبر‬
‫البالد ‪ ،‬فلم تشر إلينا الوثائق شيئا عن أحوالهم في البالد او عن طبيعة رابطتهم بجالية‬
‫اليهود الكبرى بمدينة االسكندرية‪ .‬هل كانت لهم تجمعات أو تنظيمات إدارية مستقلة خاصة‬
‫بهم‪ .‬إال أننا نرى من واقع طبيعة اليهود وسياستهم في تلك البالد التي أوتهم عبر تاريخهم‬
‫انهم كانوا يشكلون تجمعات في أحياء خاصة بهم‪ ،‬يجتمعون فيها كجماعة واحدة « الجيتو‬
‫‪32‬‬

‫»‪ ،‬وكانت لهم أنشطتهم المختلفة خاصة في مسائل التجارة و اإلقراض بفوائد کبری‪،‬‬
‫وشراء األراضي الزراعية وغيرها والتي كانوا يتوارثونها جيال بعد جيل‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

You might also like