You are on page 1of 10

‫جامعة المسيلة‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬

‫محاضرات في مقياس مقارنة األنظمة‬

‫مقدمة لطلبة السنة الثالثة‬


‫قانون عام وقانون خاص‬

‫إعداد الدكتورة بلعيد جميلة‬


‫السنة الجامعية ‪2022/2021‬‬

‫‪1‬‬
‫نشأة ومفهوم القانون املقارن‬
‫أوال‪ .‬نشأة القانون املقارن‬
‫ندرس نشأة القانون املقارن عند الاغريق ثم عند الرومان ثم في عصر التنوير والقرن التاسع عشر بما‬
‫يمكن أن نعبر عنه باملراحل التاريخية التي ساهمت في ظهور القانون املقارن(‪ )1‬مع دراسة مختلف‬
‫املدارس الفقهية التي ساهمت في ظهوره بدءا بمدرسة املوحشين واملوحشين ( ‪les glossateurs et‬‬
‫)‪ (l’école humanitaire‬وأخيرا مدرسة‬ ‫‪)les post glossateurs‬الالحقين ثم املدرسة الانسانية‬
‫القانون الطبيعي )‪ ) 2( (l’école du droit naturel‬بما مكن من تعريفه تعريفا جامعا مانعا يميزه عن‬
‫جميع فروع القانون ألاخرى سواء الداخلية أو الدولية وهو التعريف الذي يوضح مبادئه وأسسه‬
‫ومختلف التسميات التي اقترحت من الفقهاء‪ ،‬والتي لم تصمد منها إال تسمية القانون املقارن ( ‪le droit‬‬
‫‪.)3( )comparé‬‬
‫ثم نحدد مكانة القانون املقارن في املنظومة القانونية وكذا بعض التخصصات املتشابهة (ثانيا)‪.‬‬
‫يعد تحديد تعريف القانون املقارن خطوة اولى لتطوير الدراسات املقارنة و تشجيعها من أجل النهوض‬
‫باملعرفة القانونية ومسايرتها مع التطور الهائل في مجال القانون سواء الداخلي أو الدولي‪ ،‬مما جعل‬
‫القانون املقارن يحتل مكانة خاصة كفرع من فروع املعرفة القانونية بين تخصصات أخرى في مجال‬
‫العلوم وتحديد مكانته الخاصة املتميزة القانونية والنظرية ‪،‬وفي مجال فلسفة القانون‪،‬النظرية العامة‬
‫للقانون ‪.‬‬
‫أوال ‪.‬نشأة القانون املقارن واملدارس الفقهية التي ساهمت في ظهوره‬
‫‪ -1‬نشأة القانون املقارن عبر التاريخ‬
‫مرت نشأة القانون املقارن بمراحل محورية ساهمت في رؤية الدراسات املقارنة النور وذلك منذ قرون‬
‫خلت بدءا ب بالحضارة الاغريقية ومرورا بالحضارة الرومانية وانتهاءا بعصر التنوير والقرن التاسع‬
‫عشر‬
‫أ) الحضارة الاغريقية‬
‫قام الفيلسوف الاغريقي أفالطون بمقارنة قوانين املدن الاغريقية ‪،‬كما قام ارسطو بتحليل ‪157‬‬
‫دستور من الدساتير التي كانت تحكم املدن اليونانية ‪.‬‬
‫ب) عند الرومان ‪:‬‬
‫قام الرومان بدراسة "قانون صولون اليوناني " وذلك بارسال ثالثة ممثلين رومانيين الى اثينا في‬
‫سنة ‪ 453‬قبل امليالد‪،‬وتم تشكيل لجنة من قامت بوضح قانون ألالواح الاثني عشر‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ج ) عصر التنوير والقرن التاسع عشر ‪:‬‬
‫يمكن تمييز هنا عصر التنوير والقرن التاسع عشر‬
‫عصر التنوير ‪:‬قام العديد من الفقهاء بدراسة القانون الطبيعي دون أن يرتكزوا على القانون الوضعي‬
‫ودون أن يستعينوا باملقارنة في حين استعمل بعضهم القانون املقارن مثل قروتيوس(‪)Grotiuss‬‬
‫و"مونتيسكيو "(‪(Montesquieu‬‬
‫القرن التاسع عشر ‪ :‬قام بعض مشرعو بعض الدول الغربية بمقارنة التشريعات الوطنية لوضع‬
‫تشريعات موجهة لتوحيد القانون الداخلي مثل القانون املدني الفرنس ي الذي وضع في ‪ 1804‬تحت تاثير‬
‫القانون الطبيعي ‪ .‬وازدهرت الدراسات املقارنة بفضل الاملاني ميتريمر والفرنس ي فوليكس الذي أسس‬
‫املجلة ألاجنبية للتشريع ‪.‬‬
‫‪ -2‬املدارس الفقهية التي ساهمت في ظهور القانون املقارن‬
‫مر تطور القانون املقارن عبر مراحل ميزتها ظهور مدارس فقهية ساهمت في ازدهاره وازدهار القانون‬
‫بشكل أوسع نجد منها ‪ :‬مدرسة املوحشين التي تقوم بشرح القواعد القانونية بإضافة حواش ي وقد‬
‫ظهرت في القرون الوسطى ‪،‬ثم مدرسة املوحشين الالحقيين التي ظهرت في القرن الثاني عشر والتي‬
‫حاولت تصحيح أخطاء مدرسة املوحشين ‪.‬‬
‫ثم ظهرت املدرسة الانسانية في القرن السادس عشر والتي عكفت على دراسة القانون الروماني‬
‫دراسة علمية بحتة ‪.‬ثم ظهرت بعدها مدرسة القانون الطبيعي والتي حاولت تطبيق القانون الطبيعي‬
‫والاجتهاد من أجل وضع قانون عالمي يكون مستمدا من القانون الطبيعي ‪.‬‬
‫‪ -3‬تعريف القانون املقارن‬
‫تمكن الفقهاء من وضع تعريف جامع للقانون املقارن على الرغم من كون الدراسات املقارنة قديمة‬
‫العهد بينما القانون املقارن كفرع من فروع املعرفة القانونية حديث النشأة ‪،‬وذلك على الرغم من‬
‫بعض الاختالفات في املفهوم إال أن التعريف ألارجح له هو " املقارنة بين الشرائع القانونية‬
‫العاملية الرئيسية بما في ذلك مختلف القوانين التي تحتوي عليها كل شريعة "‬
‫كما ظهرت عدة تسميات للقانون املقارن والتي لم تنجح في الاخير في الحلول محل اصطالح القانون‬
‫املقارن ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تحديد مكانة القانون املقارن وهدفه ألاساس ي وعالقاته ببعض التخصصات املشابهة‬
‫ندرس املكانة املتميزة جدا للقانون املقارن في املنظومة القانونية الداخلية والدولية (‪ )1‬والهدف‬
‫ألاساس ي للقانون املقارن (‪ )2‬ثم عالقات بالتخصصات ألاخرى التي يمكن ان تختلط به (‪. )3‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -1‬مكانة القانون املقارن‬
‫‪-‬في مجال العلوم القانونية والنظرية ‪:‬هو تاريخ القانون وفلسفته ‪،‬والنظرية العامة للقانون وعلم‬
‫الاجتماع‬
‫‪-‬في مجال فلسفة القانون ‪ :‬تحقق الدراسة املقارنة فائدة كبيرة تتمثل في الدعوة الى فكرة القانون‬
‫العالمي ‪،‬فالقانون املقارن وهو يبين أثر الفلسفة على القانون فال يكفي بتقسيم النظم بل يعمل على‬
‫تقييم ما تضمنته من افكار ومبادئ ‪.‬‬
‫‪ -‬في مجال تاريخ القانون ‪ :‬تظهر أهميته في مجال تاريخ القانون في اظهاره لكيفة تأثر الفقهاء او‬
‫الباحثين بمذهب من املذاهب ‪،‬وكذا دراسة تاريخ وعادات وأعراف القبائل والجماعات البشرية ‪.‬‬
‫‪ -‬في مجال النظرية العامة للقانون‪ :‬تبين الدراسة املقارنة ألاصل التاريخي لتقسيمات القانون‬
‫والخصائص التي تتميز بها مفاهيمه عن املفاهيم في البالد ألاخرى‪،‬وبالدراسة املقارنة تستطيع التمييز‬
‫بين القانون العام والخاص ‪،‬و بين القانون التجاري واملدني ‪....‬الخ ‪.‬‬
‫‪ -‬في مجال علم الاجتماع ‪ .‬تبين الدراسة املقارنة أثر الظروف الاجتماعية لقانون كل مجتمع من‬
‫املجتمعات ‪.‬‬
‫‪ -2‬الهدف ألاساس ي للقانون املقارن ‪:‬‬
‫الهدف ألاساس ي للقانون املقارن هو توحيد القوانين وهو أكبر حلم تطلع اليه الفالسفة واملفكرون على‬
‫الرغم من كونه صعب املنالر‪،‬كما يستجيب القانون املقارن الحتياجات كثيرة نذكر منها على سبيل‬
‫املثال ‪ -.‬التفتح نحو العالم املعقد في أوج التحول والتغير – التهذيب من أجل فهم أكال الحياة‬
‫والعالقات بين ألافراد – املقارنة كحتمية ملحة لتهذيب وتصحيح القواعد القانوني لتساير التطور‬
‫الحاصل في جميع املجاالت ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫طبيعة القانون املقارن‬
‫نظرا للتعقيد الظاهري للطبيعة الخاصة للقانون املقارن ظهرت عدة اتجاهات فقهية حاولت تحديد‬
‫طبيعته فمنها من يرى أن القانون املقارن على انه علم قائم بذاته (‪ )1‬وهناك من يعتبره مجرد طريقة‬
‫مقارنة (‪ )2‬ومنها من يرى أن له طبيعة مزدوجة أي هو علم و طريقة مقارنة (‪. )3‬‬
‫‪ - 1‬الاتجاه الذي يرى أن القانون املقارن هو علم قائم بذاته‬

‫‪4‬‬
‫من دعاته نجد "سالي "و"المبير" اللذين يريان أن القانون املقارن هو علم قائم بذاته يهدف الى وضع‬
‫قانون عالمي مشترك ‪،‬لكن عيب هذا الاتجاه هو اختالف دعاته في هذا القانون املشترك العالمي ‪،‬اذ‬
‫يرى "سالي" ان هذا القانون العاملي مثالي يكون صالح لحكم الدول املتحضرة ‪،‬في حين ذهب" ال مبير"‬
‫الى فكرة مغايرة وهى ان هذا القانون العاملي املشترك يكون صالحا للتطبيق على مجموعة‬
‫محصورة من الدول تربط بينها روابط قد تكون تاريخية ‪،‬اقتصادية ‪،‬ثقافثة ‪،‬ويرى سالي أن‬
‫القانون املقارن هو علم أساس ي مستقل ‪.‬‬
‫نقد ‪ :‬انتقد هذا الاتجاه الختالف مذهب كل من "سالي" و"ال مبير" في غاية القانون املقارن ‪،‬اذ يرى‬
‫"سالي" أنه قانون يهدف الى وضع قانون عاملي مثالي ‪،‬وهو غاية وهدف صعب املنال ‪،‬في حين أن" ال‬
‫مبير " وان كان قد أيده العديد من الفقهاء إال انه انتقد ألنه اعتبر أن القانون املقارن يحتوي على‬
‫شقين هما التاريخ املقارن الذي اعتبره علم قائم بذاته والشق الثاني هو التشريع املقارن الذي هو فن‬
‫‪،‬وعلى اثر عدم تمكن هذا الاتجاه من تحديد الطبيعة الصحيحة للقانون املقارن ظهر الاتجاه الثاني‬
‫الذي اعتبر القانون املقارن مجرد طريقة للمقارنة ‪.‬‬
‫‪ -2‬اعتبار القانون املقارن مجرد طريقة للمقارنة‬
‫من أنصار هذا الاتجاه نجد "هارولد جوترج " و"روني دايفيد " وينظرون الى القانون املقارن على أنه‬
‫مجرد طريقة للمقارنة ‪،‬بحيث يرى" جوترج " ان القانون املقارن مجرد طريقة للمقارنة قابلة للتطبيق‬
‫في كافة مجاالت البحث في القوانين الاجنبية ‪،‬وينقسم حسب رأيه الى قانون مقارن وصفي يستعمل‬
‫ألجل الحصول على معلومات في القوانين الاجنبية محل املقارنة وآخر تطبيقي يستعين به فالسفة‬
‫القانون لوضع نظريات للوقوف على أصل نشأة املفاهيم املختلفة ‪.‬‬
‫‪élémentaire du‬‬ ‫بينما يرى "روني دايفيد " في مؤلفه " امليثاق ألاساس ي للقانون املقارن‬
‫)‪ (le traité droit comparé‬أن القانون املقارن ال وجود له فعال ‪ ،‬وإنما املوجود هو الطريقة‬
‫املقارنة التي تستخدم ألغراض مختلفة ‪.‬‬
‫‪ -3‬الطبيعة املزدوجة للقانون املقارن‬
‫تزعم هذا الاتجاه كل من" روني دايفيد " و"أندري تانك " وذلك كمحاولة منهما للتوفيق بين الرأيين‬
‫السابقين ‪،‬اذ نجد ان" روني دايفيد "بعد أن كان من أنصار الاتجاه الثاني الذي يعتبر القانون املقارن‬
‫مجرد طريقة للمقارنة ‪،‬نجده يقرر في مؤلفه " الانظمة الكبرى للقانون املقارن "( ‪les grands‬‬
‫‪ )systèmes du droit comparé‬أنه اذا القانون املقارن ال يعدو أن يكون مجرد طريقة للمقارنة ‪،‬فانه‬
‫يمكن ان يفهم الى جانب ذلك ان القانون املقارن يعد علما قائما بذاته او فرعا مستقال من فروع‬

‫‪5‬‬
‫املعرفة القانونية ‪،‬ونكون بالتالي أمام فريقين من الفقهاء فقهاء في مختلف فروع القانون يستخدم‬
‫الطريقة املقارنة في أغراض عديدة وفقهاء القانون املقارن ينحصر دورهم في تمهيد الطريق للفريق‬
‫ألاول لتمكينه من استخدام الطريقة املقارنة استخداما متميزا وفعاال (فريق يستخدم القانون املقارن‬
‫كعلم للبحث في القوانين الاجنبية ‪ ،‬وفريق يستخدمه كطريقة للمقارنة ) ‪.‬‬
‫نقد ‪ :‬انتقد هذا الاتجاه على أساس ان افتراض الطريقة املقارنة طريقة جاهزة للتطبيق افتراض‬
‫خاطئ الن املقارنة بين القوانين ال تأتي ثمارها ملجرد املقارنة واملطابقة بين القانون الوطني والقوانين‬
‫ألاجنبية وبين القواعد املوضوعية ‪،‬فالفهم الكامل لهذه القواعد املوضوعية ال يتم إال في ضوء املعرفة‬
‫السابقة بالخصائص السابقة للشريعة التي ينتمي اليها كل قانون من القوانين موضوع املقارنة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ .‬عالقة القانون املقارن بفروع القانون ألاخرى‬
‫ندرس على سبيل املثال ال الحصر عالقاته ببعض الفروع املتداخلة جدا معه وهى القانون الدولي‬
‫الخاص (‪ )1‬والقانون الدولي العام (‪ )2‬وتاريخ القانون وعلم الاجتماع القانوني ( ‪. )3‬‬
‫عالقة القانون املقارن بالقانون الدولي الخاص‬ ‫‪-1‬‬
‫تظهر هذه العالقة من خالل دور القانون املقارن في مواضيع القانون الدولي والتي تتمثل في دوره في‬
‫موضوع تنازع القوانين (أ) ودوره في تطبيق القانون ألاجنبي (ب) ‪.‬‬
‫دور القانون املقارن موضوع قواعد تنازع القوانين‬ ‫أ)‬
‫يعتبر القانون املقارن املقارن والقانون الدولي الخاص قانونين مرتبطين ومتكاملين ‪،‬وتظهر عالقتهما من‬
‫خالل التقائهما في القانون الاجنبي‪ ،‬لكن تعاملهما معه ‪،‬في حين ان القانون الدولي الخاص يبحث عن‬
‫القانون الاجنبي الواجب التطبيق على نزاع فيه عنصر اجنبي ‪ ،‬بينما القانون املقارن يتخذ القانون‬
‫الاجنبي موضوعا له ‪.‬‬
‫بالنسبة ملوضوع قواعد تنازع القوانين فقد استطاعت التشريعات وذلك عن طريق استرشاد املشرع‬
‫الوطني بالقانون املقارن لوضع القانون الوطني ‪،‬وهذا ما ادى الى خلق نوع من التقارب بين قواعد تنازع‬
‫قوانين وطنية لقواعد اسناد مماثلة ‪،‬بما نتج عنه استقرار املعامالت ‪.‬‬
‫كما حقق فرع من فروع القانون املقارن وهو القانون الدولي الخاص املقارن في الدول التي استعانت‬
‫به توحيدا بين قواعد تنازعها ‪.‬‬
‫دور القانون املقارن في تطبيق القانون ألاجنبي‬ ‫ب)‬

‫‪6‬‬
‫لزيادة حجم العالقات التي تربط بين الدول املختلفة ‪،‬أدى ذلك الى زيادة حجم العالقات ذات العنصر‬
‫ألاجنبي ‪،‬وتزايدت بذلك ضرورة معرفة القاض ي الوطني بالقوانين ألاجنبية ‪،‬وضروة ان يكون مزودا‬
‫بأكبر قدر ممكن من ألافكار حول القوانين ألاجنبية ‪.‬‬
‫‪ -2‬عالقة القانون املقارن بالقانون الدولي العام‬
‫يسمح القانون املقارن باستخراج املبادئ العامة املشتركة بين الامم املتحضرة التي تعتبر من مصادر‬
‫القانون الدولي العام حسب املادة ‪ 38‬من النظام ألاساس ي ملحكمة العدل الدولية ‪.‬‬
‫‪ -3‬عالقة القانون املقارن بتاريخ القانون وبعلم الاجتماع‬
‫عالقة القانون املقارن بتاريخ القانون‬ ‫أ)‬
‫القانون املقارن يدرس الانظمة القانونية املعاصرة في املكان ‪،‬بينما تاريخ القانون يدرسها عبر الزمن‬
‫‪،‬فاملؤرخ للقانون مدعو لكي يقوم باملقارنة ‪،‬وال يمكن له أن يستعمل املفاهيم القانونية املعاصرة‬
‫لفهم القديمة إال باملقارنة ‪.‬‬
‫عالقة القانون املقارن بعلم الاجتماع القانوني‬ ‫ب)‬
‫يدرس علم الاجتماع القانوني كيف يؤثر القانون على السلوك الانساني ‪،‬وكيف تؤثر التغيرات‬
‫الاجتماعية على القانون ‪،‬ويجب على الشخص الذي يقوم باملقارنة أن يدرس املجتمع وتاريخ ألامم حتى‬
‫يفهم الاختالفات في الحلول والقوانين املعتمدة فيها ‪.‬‬
‫خالصة ‪ :‬نستنتج في ألاخير أن القانون املقارن هو علم قائم بذاته يستخدم الطريقة املقارنة كوسيلة‬
‫للحصول على ألاهداف املتوخاة منه ‪،‬فهو ال يقتصر على املقارنة فقط بين القواعد املوضوعية لقانون‬
‫ما‪،‬بينما يجب الرجول الى أصول املفاهيم واملبادئ الاساسية الخاصة باالنظمة القانونية املختلفة‬
‫‪،‬وعندما يقترن اصطالح القانون املقارن بفرع من فروع القانون كالقانون املدني مثال فنقول القانون‬
‫املدني املقارن ‪ ،‬القانون التجاري املقارن ‪....‬الخ ‪.‬‬
‫كما يرتبط القانون املقارن بعالقات وطيدة بين مختلف فروع القانون سواء القانون الداخلي أو‬
‫الدولي ‪.‬‬
‫أهمية القانون املقارن‬

‫يتمتع القانون املقارن بأهمية ال يستهان بها سواء على املستوى الداخلي (أوال)أو على املستوى الدولي‬
‫(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال ‪.‬أهمية القانون املقارن على املستوى الداخلي أو الوطني‬

‫‪7‬‬
‫يلعب القانون املقارن دورا في استكمال القانون الوطني في جميع فروعه ‪،‬وذلك عن طريق‬ ‫‪‬‬
‫القياس والاستنباط من أحكام مماثلة في قوانين الدول الاخرى ‪،‬وبهذا ال يقتصر الباحث بقانون دولة‬
‫واحدة ‪،‬بل يجب أن يجري املقارنة بين قوانين الدول الاجنبية ‪،‬و أن يستعين بالقوانين التي يكون لها‬
‫ارتباط ديني أو تاريخي مشترك ‪،‬وبالتالي يمكن تحسين وتطوير قواعد القانون الداخلي ‪.‬‬
‫يساهم القانون املقارن في تنوير املشرع ومساعدته اليجاد القواعد القانونية ألاجدر وألانفع‬ ‫‪‬‬
‫لحكم دولته (‪ )1‬كما يساعد القاض ي في فهم بعض الاحكام املطروحة أمامه بالرجوع الى املصدر‬
‫التاريخي لها (‪ )2‬كما يقود وينير توجهات الفقهاء حتى تكون قيمة في مجال القانون والفكر القانوني (‪.)3‬‬
‫‪-1‬دور القانون املقارن بالنسبة للمشرع‬
‫يظهر دور القانون املقارن بالنسبة للمشرع في مرحلتين هما مرحلة سن التشريع (أ) ومرحلة تعديل‬
‫التشريع ‪.‬‬
‫مرحلة سن التشريع‬ ‫أ)‬
‫يجب أن يكون املشرع على درجة كبيرة من الذكاء لسن التشريع ‪،‬اذ يفرض عليه التطور الضخم في‬
‫مجال القانون والفكر القانوني أن يكون على معرفة باالتجاهات العاملية ‪،‬اذ يجب عليه الاطالع على‬
‫مختلف التشريعات الاجنبية بما يسمح له باستخالص ألاجدر وألانفع من القواعد وتجنب العيوب‬
‫واملساوئ التي وقع فيها التشريع ألاجنبي ‪.‬‬
‫مرحلة تعديل القانون الوطني‬ ‫ب)‬
‫يتدخل املشرع الوطني لتعديل التشريع باالستعانة بالقانون املقارن لتصحيح ما يشوبه من عيب حتى‬
‫يساير التطور الهائل في مجال القانون والفكر القانوني على املستوى العالمي ‪.‬‬
‫‪ -2‬دور القانون املقارن بالنسبة للقاض ي‬
‫يجد القاض ي نفسه أمام مشكل فهم بعض ألاحكام الغامضة ‪،‬هذا ما يؤدي به الى الرجوع الى املصدر‬
‫التاريخي التي استمدت منه ‪،‬فيرجع الى القانون الاجنبي الذي اقتبس منه املشرع الوطني منه تلك‬
‫الاحكام ‪،‬وفي حالة عدم وجود حل للمسألة املطروحة ‪،‬عادة ما تحيل التقنينات الى مصادر احتياطية‬
‫منها القانون الوضعي وقواعد العدالة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪.‬دور القانون املقارن على املستوى الدولي‬
‫ندرس دور القانون املقارن في توحيد وانسجام القوانين بين الدول (‪ )1‬وكذا دوره في استخالص املبادئ‬
‫القانونية املشتركة بين الدول املتحضرة (‪ )2‬وفي ألاخير دوره في املفاوضات الدولية والتمثيليات‬
‫الدبلوماسية (‪.)3‬‬

‫‪8‬‬
‫دور القانون املقارن في توحيد وانسجام القوانين بين الدول‬ ‫‪-1‬‬
‫بواسطة القانون املقارن تستطيع الدول الاطالع على مختلف ألانظمة ألاجنبية ‪ ،‬بما ادى الى ابرام عدد‬
‫ضخم من املعاهدات الدولية لتوحيد الانظمة القانونية التي تحكم شتى املجاالت من بينها اتفاقيات‬
‫املجال البحري (أ) واتفاقيات املجال الجوي (ب) كما يظهر التوحيد أيضا من خالل انسجام القواعد‬
‫املنظمة لقانون ألاعمال في الدول الافريقية الفرنكفونية(ت) وتوحيد وانسجام قواعد القانون املدني‬
‫في اطار ما يعرف بتوحيد القانون بالنسبة للدول ألاروبية(ث) اضافة الى توحيد قوانين الصرف (ج)‪.‬‬
‫فيما يخص النقل البحري‬ ‫أ)‬
‫نذكر بعض الاتفاقيات املبرمة في هذا املجال على سبيل املثال ال الحصر وهى ‪:‬‬
‫‪ -‬الاتفاقية الدولية لتوحيد قواعد املساعدة وإلانقاذ ‪،‬‬
‫‪ -‬الاتفاقية الدولية الخاصة بتوحيد القواعد الخاصة بسندات الشحن ‪....‬الخ‬
‫ب) فيما يخص النقل الجوي ‪،‬نذكر كذلك هذه الاتفاقيات على سبيل املثال ال الحصر وهى ‪:‬‬
‫‪ -‬الاتفاقية الدولية الخاصة بالطيران املدني‬
‫الاتفاقية الخاصة باألضرار التي تصيب الغير على سطح ألارض بسبب سقوط مركبة جوية أجنبية‬
‫‪......‬الخ ‪،‬‬
‫ت) دور القانون املقارن في انسجام القواعد املنظمة لقانون ألاعمال في الدول الافريقية‬
‫الفرنكفونية‬
‫أدمجت الدول الافريقية الناطقة بالفرنسية قيم العائالت القانونية املسيطرة ‪،‬بما أدى خلق تفاهم‬
‫اعتمدته الدول الافريقة الستة عشر أعضاء التنظيم بهدف انسجام وتوحيد قانون الاعمال في افريقا‬
‫والذي يهدف الى تأسيس اتحاد ومجموعة افريقية لضمان ألامن القانوني والقضائي وتنسيق قانون‬
‫ألاعمال ‪.‬‬
‫تحقيق الانسجام فيما يعرف باملعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (‪)unidroit‬‬ ‫ت)‬
‫ج) يعتبر مؤتمر الهاي املنعقد في ‪ 1910‬بالهاي بدعوة من الدول املنخفضة لتوحيد قانون الصرف أول‬
‫مؤتمر في هذا املجال حضرته ‪ 32‬دولة ‪ .‬وبموجب املؤتمر الثاني املنعقد في ‪ 1912‬تم وضع نظام مشترك‬
‫وموحد للسفتجة وسند ألمر واملصادقة عليه من طرف الدول الاعضاء ‪.‬‬
‫‪ -2‬دور القانون املقارن في استخالص املبادئ القانونية املشتركة بين الدول املتحضرة‬
‫تعتبر الدراسة املقارنة هى الوسيلة املثلى الستخالص املبادئ القانونية املشتركة بين ألامم املتحضرة‬
‫التي تعتبر من مصادر القانون الدولي التي كرستها املادة ‪ 38‬من النظام ألاساس ي ملحكمة العدل الدولية‬

‫‪9‬‬
‫‪،‬وهى املبادئ املستمدة من القانون الخاص ‪،‬وبالتحديد القانون املدني والتي ال تطبق في حكم‬
‫العالقات الدولية بنفس الصورة التي تطبق بها لحكم العالقات املدنية تتمثل في ‪:‬‬
‫مبدأ سلطان الارادة‬ ‫أ)‬
‫مبدأ الاشتراط ملصلحة الغير‬ ‫ب)‬
‫مبدأ تفسير الشك ملصلحة املدين‬ ‫ت)‬
‫‪-3‬دور القانون املقارن في املفاوضات الدولية والتمثيليات الدبلوماسية‬
‫يلعب القانون املقارن دورا مهما في املفاوضات الدولية بقصد ابرام املعاهدات ‪،‬فهو يسمح للمفاوض‬
‫باإلملام باألفكار القانونية الرئيسية السائدة لدى الدول ألاجنبية‪.‬‬
‫كما أن دراسة القوانين ألاجنبية تسمح للمفاوض أن تكون له فكرة عن عادات وتاريخ تلك الدول ‪،‬ألامر‬
‫الذي يمكنه من استعمال ذلك في املفاوضات للتأثير وجلب نظر ألاطراف ألاخرى‪.‬‬
‫أما فيما يخص الجانب القانوني فغالبا ما يختار شاغلو الوظائف الدبلوماسية من رجال القانون‬
‫‪،‬فتمكنهم الجيد للجانب القانوني يشكل مفتاحا وجسرا لإلملام بعادات وتقاليد وأعراف الدول التي‬
‫يشتغلون فيها ‪.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like